آل راشد



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

آل راشد

آل راشد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
آل راشد

ثقافى-اجتماعى

*** - اللَّهُمَّ اَنَكَ عَفْوٍ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعِفُو عَنَّا - *** - اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك . *** - اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ الْمَوْتِ وَ ارْزُقْنَا حُسْنَ الْخَاتِمَةِ . *** -

إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا شَابَتْ عَبِيدَهُمْ.. .. فِي رِقِّهِمْ عَتَقُوهُمْ عِتْقَ أَبْرَارٍ .. .. وَأَنْتَ يَا خَالِقِيُّ أوْلَى بِذَا كَرَمًا.. .. قَدْ شُبْتُ فِي الرِّقِّ فَأَعْتَقَنِي مِنَ النَّارِ .

المواضيع الأخيرة

» (_84 )_ مدينه العلا :- وطنا العربي الجميل - : السعوديه
أَعْلَى الرَّوْضَات رَوْضِه مَحَبَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلِّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ //ألمحبة شرط الإيمان//محبة الرسول مِن محبة الله//المحبة والاتباع//علامات المحبة//مُظَاهِر حُبِّ الرَّسُولِ//                                                             Ooou110أمس في 11:58 am من طرف صادق النور

» الْحُكْمُ فِي الْقُرْانِ الْكَرِيمِ .
أَعْلَى الرَّوْضَات رَوْضِه مَحَبَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلِّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ //ألمحبة شرط الإيمان//محبة الرسول مِن محبة الله//المحبة والاتباع//علامات المحبة//مُظَاهِر حُبِّ الرَّسُولِ//                                                             Ooou110السبت أغسطس 31, 2024 12:40 pm من طرف صادق النور

» الجامع الكبير بصنعاء
أَعْلَى الرَّوْضَات رَوْضِه مَحَبَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلِّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ //ألمحبة شرط الإيمان//محبة الرسول مِن محبة الله//المحبة والاتباع//علامات المحبة//مُظَاهِر حُبِّ الرَّسُولِ//                                                             Ooou110الأحد أغسطس 25, 2024 9:58 am من طرف صادق النور

» نسب راشد بن منصور في كتاب كتاب المشجر المبسط
أَعْلَى الرَّوْضَات رَوْضِه مَحَبَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلِّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ //ألمحبة شرط الإيمان//محبة الرسول مِن محبة الله//المحبة والاتباع//علامات المحبة//مُظَاهِر حُبِّ الرَّسُولِ//                                                             Ooou110الإثنين أغسطس 19, 2024 12:04 am من طرف اسماعيل صبري الرشدابي

» هام جدا شرح مراد كلام العلماء
أَعْلَى الرَّوْضَات رَوْضِه مَحَبَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلِّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ //ألمحبة شرط الإيمان//محبة الرسول مِن محبة الله//المحبة والاتباع//علامات المحبة//مُظَاهِر حُبِّ الرَّسُولِ//                                                             Ooou110السبت أغسطس 03, 2024 4:14 pm من طرف عبدالله الآحد

» اثبات علو الله وفوقيته على خلقه بالفطرة والرد على الشبهات
أَعْلَى الرَّوْضَات رَوْضِه مَحَبَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلِّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ //ألمحبة شرط الإيمان//محبة الرسول مِن محبة الله//المحبة والاتباع//علامات المحبة//مُظَاهِر حُبِّ الرَّسُولِ//                                                             Ooou110الجمعة أغسطس 02, 2024 4:36 pm من طرف عبدالله الآحد

» صَلُحُ الْحَدِيبِيهْ فَتْحَ وَإِنْتِصَارٌ
أَعْلَى الرَّوْضَات رَوْضِه مَحَبَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلِّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ //ألمحبة شرط الإيمان//محبة الرسول مِن محبة الله//المحبة والاتباع//علامات المحبة//مُظَاهِر حُبِّ الرَّسُولِ//                                                             Ooou110الخميس أغسطس 01, 2024 4:51 pm من طرف انهار الجنه

» المزيد من الأدلة على علو الله وفوقيته على خلقه سبحان الله العظيم
أَعْلَى الرَّوْضَات رَوْضِه مَحَبَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلِّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ //ألمحبة شرط الإيمان//محبة الرسول مِن محبة الله//المحبة والاتباع//علامات المحبة//مُظَاهِر حُبِّ الرَّسُولِ//                                                             Ooou110الخميس أغسطس 01, 2024 4:04 pm من طرف عبدالله الآحد

» كنوز الدعاء وأبتهال الصالحين
أَعْلَى الرَّوْضَات رَوْضِه مَحَبَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلِّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ //ألمحبة شرط الإيمان//محبة الرسول مِن محبة الله//المحبة والاتباع//علامات المحبة//مُظَاهِر حُبِّ الرَّسُولِ//                                                             Ooou110الخميس أغسطس 01, 2024 1:27 pm من طرف صادق النور

» أحد عشر إجماعا في إثبات علو الله على خلقه
أَعْلَى الرَّوْضَات رَوْضِه مَحَبَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلِّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ //ألمحبة شرط الإيمان//محبة الرسول مِن محبة الله//المحبة والاتباع//علامات المحبة//مُظَاهِر حُبِّ الرَّسُولِ//                                                             Ooou110الأربعاء يوليو 31, 2024 4:15 pm من طرف عبدالله الآحد

اهلا بكم

الثلاثاء نوفمبر 08, 2011 2:32 am من طرف mohamed yousef

أَعْلَى الرَّوْضَات رَوْضِه مَحَبَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلِّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ //ألمحبة شرط الإيمان//محبة الرسول مِن محبة الله//المحبة والاتباع//علامات المحبة//مُظَاهِر حُبِّ الرَّسُولِ//                                                             Ooousu10

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 33 عُضو متصل حالياً :: 1 أعضاء, 0 عُضو مُختفي و 32 زائر :: 3 عناكب الفهرسة في محركات البحث

صادق النور


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الأربعاء سبتمبر 15, 2021 4:26 am

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 9935 مساهمة في هذا المنتدى في 3317 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 296 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو محمود0 فمرحباً به.

دخول

لقد نسيت كلمة السر

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع


    أَعْلَى الرَّوْضَات رَوْضِه مَحَبَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلِّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ //ألمحبة شرط الإيمان//محبة الرسول مِن محبة الله//المحبة والاتباع//علامات المحبة//مُظَاهِر حُبِّ الرَّسُولِ//

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5323
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود أَعْلَى الرَّوْضَات رَوْضِه مَحَبَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلِّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ //ألمحبة شرط الإيمان//محبة الرسول مِن محبة الله//المحبة والاتباع//علامات المحبة//مُظَاهِر حُبِّ الرَّسُولِ//

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين يوليو 22, 2024 6:59 am



    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

    الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ مِنْ مَحَبَّتِهِ مَحَبَّة رَسُولِه، وَصَلَّى عَلَيْهِ وَمَلَائِكَتُهُ وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ،
    اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ أَشْرَفُ الْمُرْسَلِينَ، وَسَيِّدِ الْأَوَّلِينَ وَالْاخِرِينَ، وَعَلَى أَزْوَاجِهِ الطَّاهِرَاتِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ،
    وَعَلَى ذُرِّيَّتِهِ وَالِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ، وَعَلَى أَصْحَابِهِ الْغُرِّ الْمَيَامِينَ، وَعَلَى إخْوَانِهِ وَحِزْبِه أَمِين
    . .


    أَعْلَى الرَّوْضَات رَوْضِه مَحَبَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلِّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .


    نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم، وخاتم النبيين وأفضلهم، خصَّه الله تعالى بخصال وخصائص كثيرة،
    انفرد بها عن بقية الأنبياء عليهم الصلاة والسلام،
    فهو أول مَنْ يعبر على الصراط يوم القيامة، وله المقام المحمود، ولواء الحمد، والشفاعة، والكوثر، وأول من يقرع باب الجنة ويدخلها، والأنبياء جميعا تحت لوائه يوم القيامة .
    عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي) رواه أحمد.
    وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (آتِي باب الجنة فأسْتَفْتِح، فيقول الخازنُ: مَن أنت؟، فأقول: محمدٌ، فيقول: بك أُمرتُ ألا أفتح لأحدٍ قبلك) رواه الحاكم.

    ومِنْ فضل الله علينا أن جعلنا مِنْ أتباعه،
    ومِنْ ثم فمن أهم ما يجب علينا تجاه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن نحقق محبته اعتقاداً وقولاً وعملاً، ونقدمها على محبة النفس والولد والناس أجمعين،
    قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}(التوبة:24).

    قال القاضي عياض عن هذه الآية: "فكفى بهذا حضاً وتنبيها ودلالة وحجة على إلزام محبته، ووجوب فرضها، وعظم خطرها، واستحقاقه لها صلى الله عليه وسلم، إذ قرَّع - سبحانه - مَنْ كان ماله وأهله وولده أحب إليه من الله ورسوله، وأوعدهم بقوله تعالى: {فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ}، ثم فسَّقهم بتمام الآية، وأعْلمهم أنهم ممن ضل ولم يهده الله".

    وقال السعدي: "هذه الآية الكريمة أعظم دليلٍ على وجوب محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى تقديمها على محبةِ كلِّ شيءٍ، وعلى الوعيد الشديد والمقت الأكيد على مَن كان شيء مِن المذكورات أحبَّ إليه من الله ورسوله وجهادٍ في سبيله، وعلامة ذلك أنه إذا عُرض عليه أمران،
    أحدهما: يحبه الله ورسوله، وليس لنفسه فيها هوى،
    والآخر: تحبه نفسه وتشتهيه، ولكنه يفوِّت عليه محبوبًا لله ورسوله أو يُنقصه،
    فإنه إن قدَّم ما تهواه نفسه على ما يحبه الله، دلَّ على أنه ظالمٌ تاركٌ لما يجب عليه".

    وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يُؤْمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين) رواه مسلم.
    ولما قال عمر رضي الله عنه: (يا رسول الله! والله لأنتَ أحبّ إليّ من كل شيء إلا من نفسي، قال صلى الله عليه وسلم: لا، والذي نفسي بيده، حتى أكون أحب إليك من نفسك، فقال عمر للنبي صلى الله عليه وسلم: فإنك الآن والله لأنتَ أحب إليَّ من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الآن يا عمر) رواه البخاري.

    قال ابن حجر: "فجواب عمر أولا كان بحسب الطبع، ثم تأمل فعرف بالاستدلال أن النبي صلى الله عليه وسلم أحب إليه من نفسه لكونه السبب في نجاتها من المهلكات في الدنيا والأخرى، فأخبر بما اقتضاه الاختيار، ولذلك حصل الجواب بقوله: (الآن يا عمر) أي الآن عرفتَ فنطقتَ بما يجب".
    ومن لوازم محبته صلى الله عليه وسلم الأدب معه، وتعزيره وتوقيره،
    كما قال الله تعالى: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ}(الفتح:9).

    قال ابن تيمية: "التعزير اسم جامع لنصره وتأييده ومنعه من كل ما يؤذيه،
    والتوقير: اسم جامع لكل ما فيه سكينة وطمأنينة من الإجلال، وأن يُعامَل مِن التشريف والتكريم والتعظيم بما يصونه عن كل ما يخرجه عن حَدِّ الوقار
    ".


    ألمحبة شرط الإيمان


    محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض واجب على مَن آمن به وصدقه، وليست نفلا جائزا.
    محبته دينٌ مِن الدِّين، من صميمه لا مِن هامشه، محبته شرط الإيمان ودليله، قال عليه الصلاة والسلام: “لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده، والناس أجمعين”  
    أي حتى تتجاوز محبته محبة كل مخلوق يمكن حبه،

    فهو صلى الله عليه وسلم النعمة العظمى، والرحمة المهداة، والشَّفيع المشفَّع،
    وفي الحديث: “ما مِن مؤمنٍ إلا وأنا أَوْلى الناس به في الدنيا والآخرة، اقرؤوا إن شئتم:”النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم 6- ألأحزاب .

    من كان يحب محبوبا من الناس (الولد والوالد والصاحبة…) أكثر من محبته صلى الله عليه وسلم فليَبْكِ على جفائه وغلطه وتفريطه وبُعده، ولما يدخل الإيمان في قلبه،
    إذ بالإيمان الصادق يتعلق المؤمن الموفَّقُ بالعروة الوثقى ويفضل محبته على محبة نفسه وغيره.
    ونذكر في هذا السياق حينما رَفَع كفار قريش خُبَيْباً رضي الله عنه على الخَشبة في مكة ليقتلوه، فسألوه: أتحب أن محمدا مكانك؟ قال: لا والله العظيم ما أحب أن يفديني بشوكة يشاكها في قدمه)!

    أما من يظن أن طريقا توصل إلى الله غير طريقه صلى الله عليه وسلم فقد خرج من دين الإسلام،
    قال تعالى: (( ومَن يُشاقِق الرسول مِن بعد ما تبينَ له الهُدى ويتبع غير سبيلِ المؤمنين نُولِّهِ ما تَولى ونُصْلِه جَهنم وساءت مصيرا )) 115 - النساء .

    كيف لا نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونتذاكر في حبه الشريف في كل أيامنا وهو الشاهد علينا في الدنيا والآخرة،
    طاعته من طاعة الله تعالى، وهو الذي يستقبل أعمالنا كل إثنين وخميس فيحمد الله تعالى على خيرها ويستغفر الله لنا على تفريطنا، وهو الذي يسلم علينا في كل لحظة سلمنا فيها عليه، وهو البشير الذي حمل لنا البشرى والمبشرات،
    وهو النذير الذي بعث بين يدي عذاب شديد، وهو السراج الذي أضاء به الكون والقلب أنوارا وأزهارا،
    وهو الماحي الذي يمحو الله به الخطايا، وهو الرحمة العظمى والعروة الوثقى “إنما أنا رحمة مهداة”  ،
    وهو العاقب الذي ختمت به الرسالات، وهو الذي يعز عليه ما يعاني المؤمنون، وهو الحريص على هداية الخلق أجمعين،
    وهو قرآن كريم  ، وعلى خُلقٍ عظيم، وهو رءوف ورحيم، قال فيه الحق سبحانه =((- لقد جاءكم رسُول من أنفُسكم، عزيزٌ عليه ما عَنِّتم، حريصٌ عليكم، بالمؤمنين رءُوف رحيم _ )).

    محبة الرسول مِن محبة الله


    في قول الله عز وجل =(( - قُل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم مِن الله ورسوله وجهادٍ في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره - ))
    فاصل بين فريقين من الناس:
    فريق المتربصين الذين يفضلون الانغماس في حب الدنيا ومتاعها وإيثارها على الله والآخرة، سيطرت عليهم شهوات النفس والمال والسلطة ومنعتهم من محبة الله ورسوله والجهاد في سبيله، فكان سعيهم دنيا في دنيا. يفضلون إلف المعشر والمنكح والمتجر والمسكن والمركب على محبة الله تعالى ورسوله والجهاد في سبيله. ولا يفرحون إلا الفرح المذموم،
    قال تعالى = (( - ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأرض بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ - )) 75 - غافر،
    ومثال ذلك فرَحُ القاعدين عن الجهاد، المتخلفين عن الصحبة، المتصنعين للأعذار، الذين قال فيهم الله تعالى: = ((فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ -81- التوبه-  يفرحون بتخلفهم! بل ويعدونه إنجازا!!!

    فريق المؤمنين الصادقين الذين يوثرون الآخرة على الدنيا، والآخرة خير وأبقى، الذين أحبوا الله ورسوله من كل قلوبهم فهيمنت عليهم هذه المحبة وقلصت حظ الدنيا في قلوبهم، بل انتظمت دنياهم في سلك آخرتهم،
    ولم يأخذوا منها إلا ما يرضاه الله لهم، فنهضوا مقتحمين للعقبات يدعون إلى الله على بصيرة، لم يلبسوا إيمانهم بظلم، صابرين مصابرين مرابطين،
    قدوتهم الكاملة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم. هؤلاء يفرحون بالله وبفضله،
    ولا يفرحون بالأشياء في ذاتها. قال تعالى=((- قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ -)) 58- يونس .

    جاء في “الدر المنثورللإمام السيوطي منقولا عن ابن عباس في تفسير هذه الآية قوله: فضلُ الله العلم، ورحمتُه محمد صلى الله عليه وسلم  ، وهذا الفرح هو أفضل رُتب الفرح)
    كما قال سلطان العلماء العز بن عبد السلام رحمه الله. الفرح بالله ثم الفرح بنصر الله،
    قال سبحانه: (( ويَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُومِنُونَ بِنَصْرِ الل ))ه

    -- الآن يا عمر --


    أمر الله تعالى في كتابه المجيد بتعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوقيره، وتعزيره، والأدب البالغ في حضرته.
    وأُمر الصحابة في سورة الحجرات أن لا يرفعوا أصواتهم فوق صوته، وأن لا يجهروا له بالقول كجهر بعضهم لبعض،
    وأن لا ينادوه نداء بعضهم لبعض. وأعلمهم أن مبايعة رسول الله إنما هي مبايعة الله تعالى، وأن يد الله فوق أيدي المبايعين. فاجتمعت للصحابة عوامل التبجيل والإجلال والمحبة أمراً مُوحى به من السماء، وانبعاثا متوثبا من القلوب. لولا هذا الانبعاث لما تُلُقّيَ الأمر السماوي ولا البيان النبوي بالتقديس)  .

    روى البخاري عن عبد الله بن هشام قال: “كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب. فقال له عمر: يا رسول الله! لأنت أحبُّ إلي من كل شيء إلا نفسي! ““فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “لا والذي نفسي بيده، حتى أكونَ أحبَّ إليك من نفسك!” ““فقال عمر: فإنه الآن والله لأنْتَ أحبُّ إلي من نفسي! ““فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “الآن يا عمر” !”

    أي أن المحبة التي يقتضيها إيمان المؤمن والمؤمنة هي إيثار محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم على محبة من سواه من المخلوقين.

    قال القاضي عياض: اعلمْ أنّ من أحبّ شيئاً آثره وآثر موافقتَه؛ وإلا لم يكن صادقاً في حبّه وكان مدّعيا).

    وقسم ابن قيم الجوزية رحمه الله المحبين إلى ثلاثة أقسام: الذين يريدون مِن المحبوب،
    والذين يريدون المحبوب،
    والذين يريدون مع إرادتهم للمحبوب مُراد المحبوب  ، وذلك كمال الاتباع
    .

    ألا يا محب المصطفى زد صبابة .. وضمخ لسان الذِّكر منك بطيبه
    ولا تعبــأن بالـمُبطليـن فإنــما .. عــلامـة حُب الله حُب حبيبــه



    المحبة والاتباع


    ليس اتباع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ادعاءا باللسان، أو حديثا بالبيان،
    أو تظاهرا بالوجدان، إذ يُروى عن ذي النون المصري أنه كان في مجلسٍ يتحدث فيه عن محبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: اسكتوا لئلا تسمعها النفوس فتدعيها)  ، إنما هو تلمذة وشوق وسير وسلوك وجهاد،
    قال الله جل وعلا: (( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )) ،
    لهذا لم تَكن دلالة الرسول صلى الله عليه وسلم ودلالة إخوانه مِن قبلِه مِن النبيئين مجردَ تبليغ، وإن كان التبليغ ركنا من أركان الدلالة، وإنما كانت مُعَايشةً وسياسة وتلَطُّفا وخفضَ جناحٍ وقيادةً آلت إلى اتباع وإيمان،
    ورفع الاتباع إلى محبة الشخص الرسول، ورفعت محبة الرسول إلى محبة الله، وأوجبت محبة الله عبده المتقرب بالفرض والنفل، ومن الفرض الآكد اتباع الرسول وحبه، إلى مراتب الاصطفاء والفلاح)  .

    فلا يتحقق الاتباع حتى تصفو السريرة فيكون هوى المؤمن تبعا لما جاء به، وحتى تخلص المحبة فيحبه أكثر من نفسه التي بين جنبيه، وحتى تصدق التلمذة فيوثر محابه على محبوباته، وحتى تتحرر الوجهة فيتبع سبيل المؤمنين ويحبهم، ويحمل الحمل الثقيل معهم؛ حمل الدعوة على بصيرة، حتى يصير لله عبدا مخلِصا مخلَصا، قدمه على قدم الإمام الأعظم والمحبوب الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.

    أبْشِر أيها المحب، أنتَ مع مَنْ تُحِب:


    عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! كيف تقول في رجل أحب قوماً ولم يلحق بهم؟ فقال: المرء مع مَنْ أحب) رواه البخاري.
    وعن أنس رضي الله عنه أن رجلا أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال له: (متى الساعة؟ قال: ما أعددتَ لها؟ قال: ما أعددتُ لها من كثير صلاة ولا صيام ولا صدقة، ولكنّي أحبّ الله ورسوله، فقال: أنت مع من أحببتَ) رواه البخاري.

    قال أنس رضي الله عنه: "فأنا أحب النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر، وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم، وإن لم أعمل بمثل أعمالهم".

    وقال الصحابة رضوان الله عليهم: "ما فرحنا بعد الإسلام بشيء فرحنا بهذا الحديث "، وذلك لشدة حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم.

    علامات المحبة والاتباع


    لا تتحقق دعوى العبد محبة رسول الله واتباعه صلى الله عليه وآله وسلم حتى تتحقق فيه المواصفات التالية:

    1-- الاعتصام بالله تعالى ومحبته:

    وذلك بدوام التوبة والإنابة والرجوع إليه سبحانه، والوقوف ببابه والانكسار بين يديه، قال تعالى=(( ومَن يعتصِم بالله فقد هُدِي إلى صراطٍ مُستقيم ))،101- آل عمران  إن أردتَ أن ينصرك فانصره، إن أردت أن يذكرك فاذكره، إن أردت أن يستجيب لك فادعُه).

    2- - تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم والتأدب بآدابه ظاهرا وباطنا
    ،

    وحفظ حديثه ومدارسته، والإكثار من ذكره والصلاة عليه، فإن مَن أحب شيئا أكثر ذكره، والشوق للقائه، فكل حبيبٍ يحبّ لقاء حبيبه، وفي حديث الأشعريين لما قدموا المدينة أنهم كانوا يرتجزون: غداً نلقى الأحبّهْ! محمَّداً وصحبَهْ!)

    -3- تلاوة القرآن الكريم، التلاوة الخاشعة المتدبرة،


    بنِية الفهم عن الله العمل بمقتضى ما شرعه، قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: لا يسأل أحد عن نفسه إلا القرآن؛ فإن كان يحب القرآن فهو يحب الله ورسوله) ، بالتلاوة والتعلم والحفظ والتخلق والسلوك. وصرفِ العقل لاتباع الهُدَى المُنزَّل لا اتباع الهوى المسلط.

    -4- التمسك الصارم بسنته الكاملة:


    بجميع سننه صلى الله عليه وسلم، ما خف منها على النفس وما ثقل. ما رضيه الناس وما كرهوه؛ في صبره ومصابرته ومرابطته ومجاهدته وانتظار الفرج من ربه عز وجل)  .
    ومحبة آل البيت وأمهات المؤمنين والخلفاء الراشدين والأنصار والمهاجرين والصحابة والصحابيات والتابعين والتابعات والمؤمنين والمؤمنات، ونُصرتهم ومُواساتهم ومُؤازرتهم والدعاء لهم. وبالجملة: أُمرنا أن نأخذ ما أتانا، وأن ننتهي عما نهانا.

    -5- محبة محبوبات الحبيب:


    أي محبة ما يحبه صلى الله عليه وآله وسلم وما يحبه الصحابة المهديون،
    قال صلى الله عليه وآله وسلم: “عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجد”  ،

    علق ابن حجر رحمه الله بقوله: وفي الحديث: أن مَن أحب شيئا أحبَّ محبوباته، وما يُشبهه، وما يتعلق به)  .
    لهذا قيل: أصدق علامات أهل الله شغفهم بتقليد المحبوب في سُنته الكاملة).
    وفي مقابل ذلك اجتناب ما يكرهه صلى الله عليه وآله وسلم، قال الله تعالى=(( لا تجدُ قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يُوادُّون مَن حادَّ الله ورسوله ))22- المجادله .

    -6- الكينونة مع الصادقين:


    قال الله عز وجل=(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ))119- التوبه
    أهل الصدق واليقين والسبق، الربانيين، الذاكرين الله كثيرا والذاكرات، الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر.
    فمنهم ومعهم تتعلم معنى المحبة والشوق والاتباع. الذين أُمر صلى الله عليه وآله وسلم أن يصبر نفسه معهم.
    يقول الله عز وجل يوم القيامة: “أين المتحابون بجَلالي؟ اليوم أظِلُّهم تحت ظلِّي يوم لا ظلَّ إلا ظلِّي” .
    و“أوثق عُرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله”  .

    -7- التبليغ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:


    عملا بوصيته الخالدة: “بلِّغوا عَني ولَو آية” ، أي بلغوا كل الدِّين وبينوه ولا تتركوا منه شيئا، لتُبَيِنُنَّه للنَّاس ولا تكتُمُونَه
    ، بلغوا النبأ العظيم إلى الناس. مع الحرص على تأليف المؤمنين باللين والرفق، وتحبيبهم إلى الله وتحبيب الله إليهم،
    والشفقة على الأمة والسعي في مصلحتها. وقد أشهد صلى الله عليه وسلم الصحابة رضي الله عنهم عندما قال: “ألا هل بلّغت” قالوا: نعم، قال: “اللهم فاشهد، وليُبلِّغ الشاهد منكم الغائب
    ===================================
    التالي ؛
    مُظَاهِر حُبِّ الرَّسُولِ صَلّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

    ----------------------------
    تابعونا جزاكم الله خيرا --- ولا تنسونا من صالح دعائكم



    عدل سابقا من قبل صادق النور في الإثنين يوليو 22, 2024 5:37 pm عدل 1 مرات

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5323
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود مُظَاهِر حُبِّ الرَّسُولِ صَلّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين يوليو 22, 2024 12:21 pm

    ما قبله :

    مُظَاهِر حُبِّ الرَّسُولِ صَلّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

    - طاعة الرسول صل الله عليه وسلم واتّباعه -


    يُقصد بطاعة الرسول فعل المسلم لكلّ ما أمر به الرسول وترك كلّ ما نهى عنه، وذلك إن كان أمره يفيد الوجوب ونهيه يفيد التحريم، سواءً كان ذلك في القول أو العمل أو الاعتقاد، ولكن إن كان الأمر يدلّ على الندب والنهي يدلّ على التنزيه فلا يترتب أي إثمٍ أو حرجٍ في الفعل أو الترك.

    -
    حكم طاعة الرسول صل الله عليه وسلم -


    نصّت العديد من آيات القرآن الكريم على وجوب طاعة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم
    يُذكر منها:
    قال تعالى (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّـهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّـهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّـهِ وَرُسُلِهِ)-171 - النساء،
    فقد ورد الأمر من الله -تعالى- بالإيمان برسله، وتجدر الإشارة إلى أنّ الإيمان بالرسل يستلزم تصديقَهم والإيمان بكلّ ما يبلّغوه عن الله، مع الحرص على طاعتهم واتّباعهم وتنفيذ أوامرهم،
    والنبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم- واحدٌ من الرسل؛ ممّا يعني أنّه داخلٌ في مضمون الحكم العام بوجوب الإيمان بالرسل ممّا يستلزم على كل مسلمٍ طاعته.

    قال تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ ))136- النساء،
    فالله -تعالى- اختصّ نبيّه محمداً -عليه الصلاة والسلام- بالتأكيد على وجوب طاعته؛ فرسالته آخر الرسالات، ممّا يدلّ على كمال حكمة الله -تعالى-.
    قال تعالى= (قُلْ أَطِيعُوا اللَّـهَ وَالرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ)-32 - آل عمران،
    وقال أيضاً =(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ)59 - النساء ،
    فقد اقترن الأمر بطاعة الله بالأمر بطاعة رسول الله في الآية الأولى؛ ممّا يدلّ على الجمع بين الطاعتين،

    أمّا الآية الثانية فأكّدت على عموم الطاعة للنبي في كلّ ما يأمر به،
    ومن الجدير بالذكر أنّ طاعة الرسول -عليه الصلاة والسلام- وجبت على المسلمين في حياته وبعد وفاته؛ إذ إنّ النصوص التي أوجبت طاعته جاءت عامّةً لم تُقَيّد بأي زمنٍ.

    مظاهر طاعة الرسول صل الله عليه وسلم

    هناك العديد من المظاهر التي تدلّ على طاعة المسلم للرسول -صلّى الله عليه وسلّم-، يُذكر منها:
    الاهتداء بهديه والحرص على القيام بسنته، ومن سننه:
    صلاة الوتر، وصلاة الضحى، والسنن الرواتب، وغيرها. السعي في كسب وطلب الحلال في سائر الأمور والشؤون.
    الحرص على مساعدة الفقراء والمساكين والإحسان إليهم.

    أهمية طاعة الرسول صل الله عليه وسلم


    أمر الله -تعالى- بطاعة أنبيائه ورسله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّـهِ)64 - النساء؛
    وتجدر الإشارة إلى أنّ الغاية التي من أجلها أرسل الله الرسل تتمثّل في الطاعة، وتأكّدت طاعة الرسول عليه الصلاة والسلام-لأنّ رسالته كانت خاتمة الرسالات.
    وتكمُن أهمية طاعته في عدة أمورٍ، يُذكر منها أنّ طاعته:
    علامةٌ على محبة العبد لله -تعالى-، حيث قال سبحانه: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي)31- آا عمران .
    سببٌ في نيل الأمان من عذاب الله،
    فقد حذّر الله -تعالى- من مخالفة أمر رسوله بقوله= (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)63- النور
    ، فلا يمكن تقديم أي قولٍ غير قول الله -تعالى- على قول الرسول -عليه الصلاة والسلام-. مرتبطةٌ بطاعة الله -تعالى-، فطاعة الرسول في الحقيقة طاعةٌ لله -تعالى-،
    قال سبحانه- (مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّـهَ)80-النساء، ذلك أنّ أوامر الرسول ونواهيه من عند الله، لقوله سبحانه- (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى*إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)3- النجم.

    تعظيم الرسول وتوقيره


    يُقصد بتعظيم النبي -صلّى الله عليه وسلّم- اعتقاد المسلم بأنّ سنّته خير السنن فيحبّه ويتّبعه حقاً في الظاهر والباطن، مع الحرص على عدم تجاوز حدود الله أو الغلوّ أو التقصير،
    وهناك العديد من دلائل توقير النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، منها:
    الصلاة عليه، قال الله تعالى - (إِنَّ اللَّـهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
    والأمر بالصلاة عليه يقتضي الوجوب؛ لذا قال النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: (رغِمَ أنْفُ رجلٍ ذكِرْتَ عندهُ فلم يُصِلّ عليّ).

    نصرة الرسول صل الله عليه وسلم والدفاع عن سنته .
    إن من أوضح الأدلة التي تبيّن صدق محبة المسلم للرسول نصرته والدفاع عن سنته، قال الله تعالى- (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّـهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ أُولَـئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ)8 - الحشر،
    والقدوة في ذلك الصحابة -رضي الله عنهم- الذين قدّموا وبذلوا أعظم الأعمال الصادقة الدالّة على حبهم وإيثارهم له على أنفسهم وأموالهم وأولادهم للدفاع عنه وعن سنّته.

    حكم نصرة الرسول صل الله عليه وسلم


    من فضل الله -تعالى- وكرمه على نبيِّه أنّه تكفّل ابتداءً بالدفاع عنه وتأييده والوقوف معه، قال سبحانه= (إِنّا كَفَيناكَ المُستَهزِئينَ)95 - الحجر،
    كما أنّ الله ردّ كلّ الادّعاءات الباطلة حول النبي من اتّهامه بالجنون، فقال: (وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ)22 - التكوير،
    ومن اتّهامه بالسحر، فقال - (إِذ يَقولُ الظّالِمونَ إِن تَتَّبِعونَ إِلّا رَجُلًا مَسحورًا) 47 - ألإسراء،
    وقد توعّد -سبحانه- المستهزئين والمسيئين للرسول بقوله - (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَر)3 - الكوثر،
    لذا فمن الواجب على المسلم الدفاع عن النبي، مع الحرص على التحلّي بالأخلاق التي حثّ عليها، مع الدفاع عنه وردّ أي شبهةٍ قد تتعرّض له.

    وسائل نصرة الرسول صل الله عليه وسلم

    يمكن للمسلم الدفاع عن رسول الله ونصرته وردّ الشبهات عن سنّته بالعديد من الوسائل، يُذكر منها:
    التمسّك بما ورد عنه،
    ودراسة سنته والالتزام بها. إيثار محبته على محبة النفس والولد والأهل والمال.
    تعظيم سنة النبي -صلّى الله عليه وسلّم-
    ، والدفاع عنها بحفظها وحمايتها من التحريف وردِّ شبهات الكاذبين الطاعنين فيها.
    السعي في إظهار الصورة الحسنة للنبي -صلّى الله عليه وسلّم- وللإسلام بردّ الشبهات الباطلة الموجّهة إليهما.
    الاقتداء بالرسول صل الله عليه وسلم قال الله -تعالى- (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا) 21 - ألأحزاب،
    فقد أمر الله المسلمين بالاقتداء بالنبي، وجعل ذلك سبباً للهداية، فقال - (قُلْ أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا) 54 - النور،
    فإن اقتدى المسلم برسوله نال الاستقامة على طريق الهدى والحق، والثبات على أوامر الإسلام.

    صور الاقتداء به صل الله عليه وسلم في عبادته

    هناك الكثير من صور الاقتداء بالرسول -صلّى الله عليه وسلّم- في عبادته، يُذكر منها:

    المداومة على ذكر الله -تعالى- والإكثار منه،
    فكان الرسول من أكثر الناس ذكراً لله، وكان يحثّ عليه ويرغّب به أيضاً، قال -عليه الصلاة والسلام-: (مَثَلُ الذي يَذْكُرُ رَبَّهُ والذي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الحَيِّ والمَيِّتِ).

    قيام الليل،
    فكان النبي حريصاً على عبادة الله -تعالى- ليلاً، وفي ذلك رُوي عن عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هذا يا رَسولَ اللَّهِ، وقدْ غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ؟ قالَ: أفلا أُحِبُّ أنْ أكُونَ عَبْدًا شَكُورًا فَلَمَّا كَثُرَ لَحْمُهُ صَلَّى جَالِسًا، فَإِذَا أرَادَ أنْ يَرْكَعَ قَامَ فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ).

    شجاعته،
    فكان النبي أشجع الناس قلباً، وكان المسلمون في المعركة يحتمون به، ولم يرد أنّه تأخّر عن قتالٍ أو فرّ منه.

    صور الاقتداء به صل الله عليه وسلم في أخلاقه


    إن من صور الاقتداء بالرسول -صلّى الله عليه وسلّم- في أخلاقه ما يأتي:
    صدقه؛
    فلم يرد أنّ الرسول كذب في حياته أبداً، سواءً كان جادّاً أم مازحاً، قال الله -تعالى- واصفاً إياه- (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) 33 - الزمر.
    صبره؛
    فقد صبر الرسول صل الله عليه وسلم على اليتم والفقر، وعلى البُعد عن الأهل والوطن، وعلى الكثير من المصائب والمصاعب التي مرّ بها، فكان صابراً محتسباً،
    قال الله عز وجل - (وَاصبِر وَما صَبرُكَ إِلّا بِاللَّـهِ وَلا تَحزَن عَلَيهِم وَلا تَكُ في ضَيقٍ مِمّا يَمكُرونَ) 127 - النحل.

    جوده وكرمه؛
    فكان النبي -عليه الصلاة والسلام- كريماً جواداً دون خوف من الفقر أو ضيق العيش،
    قال -عليه الصلاة والسلام-: (مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ).

    محبة أصحاب الرسول صل الله عليه وسلم


    شرّف الله -سبحانه- الصحابة بصحبتهم للنبي والدفاع عن الإسلام، وبذلوا في سبيل ذلك الغالي والنفيس، فكان حقّاً على المسلمين حبّهم وتعظيمهم وإكرامهم والاقتداء بهم، وعدم الخوض فيما وقع بينهم من خلافات؛ فلا يصحّ أنْ يُنصّب المسلم نفسه حكماً بينهم.
    وقد وردت عدّة نصوصٍ تدلّ على وجوب حبّ الصحابة -رضي الله عنهم
    منها قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (آيَةُ الإيمانِ حُبُّ الأنْصارِ، وآيَةُ النِّفاقِ بُغْضُ الأنْصارِ).
    قال تعالى- (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)23 - الشوري، فقد أكرم الله -تعالى- نبيِّه محمداً صل الله عليه وسلم بمنح آل بيته مكانةً رفيعةً ومودتهم.
    قال تعالى- (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)- 33 - ألأحزاب، فقد طهّرهم الله من الصفات السيئة، وأنعم عليهم بصفات رسول الله.

    ثمرات محبة الرسول صل الله عليه وسلم

    هناك العديد من الثمار التي يجنيها المسلم من محبته للرسول -صلّى الله عليه وسلّم يُذكر منها:

    نيل الحياة الطيبة بتحقيق محبّة الله ورسوله في القلب، قال تعالى - (مَن عَمِلَ صالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً)- 97 - النحل.
    الدعوة لدين الإسلام والحرص على نشره بين الناس.
    تحقيق الاستقامة والثبات على الدين،
    فاتّباع المسلم للرسول بقوله وعمله واعتقاده من لوازم محبة النبي.
    نيل القرب من النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في الجنة،
    فقد روى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: (أنَّ رَجُلًا سَأَلَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَتَى السَّاعَةُ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: ما أعْدَدْتَ لَهَا قالَ: ما أعْدَدْتُ لَهَا مِن كَثِيرِ صَلَاةٍ ولَا صَوْمٍ ولَا صَدَقَةٍ، ولَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ ورَسولَهُ، قالَ: أنْتَ مع مَن أحْبَبْتَ).

    وسائل التربية على حب الرسول صل الله عليه وسلم


    إن من فضل الله -تعالى- على الأمة الإسلامية أن جعل نبيّها محمداً صل الله عليه وسلم أفضل الرسل وخاتمهم،
    كما جُعلت محبته عبادةً يتقرّب بها العبد إلى الله، لذلك كان لا بدّ من تنشئة النفس وتربيتها على حبّ الرسول بمختلف الوسائل،
    يُذكر منها:
    معرفة قدر ومكانة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- عند الله تعالى، فقد اصطفاه الله على سائر البشر، وزكّاه في كلّ شيءٍ.

    العلم بأنّ اتّباع سنّة النبي والاقتداء بهديه طريقاً من طرق دخول الجنة،

    اليقين بأنّ العبادة لا تُقبل إلّا إن وافقت ما ورد عن الرسول -عليه الصلاة والسلام-.

    تذكّر رحمة الرسول ورأفته بأمّته والإحسان إليها، إضافةً إلى شفاعته العظمى يوم القيامة،
    فقال -عليه الصلاة والسلام-: (
    لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجابَةٌ يَدْعُو بها، وأُرِيدُ أنْ أخْتَبِئَ دَعْوَتي شَفاعَةً لِأُمَّتي في الآخِرَةِ
    ).

    ====================================
    التالي :
    -
    صور من مسارعة الصحابة لطاعة النبي صلى الله عليه وسلم
    ---------------------------
    تابعونا جزاكم الله خيرا --- ولا تنسونا من صالح دعائكم -

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5323
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود صور من مسارعة الصحابة لطاعة النبي صلى الله عليه وسلم

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين يوليو 22, 2024 5:25 pm

    ما قبله :

    صور من مسارعة الصحابة لطاعة النبي صلى الله عليه وسلم


    "إن كان قال فقد صدق
    كلمة قالها أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم حين أخبر كفار قريش عن رحلة الإسراء والمعراج فكذبوه،
    وهي تعبر بصورة واضحة عن منهج الصحابة رضوان الله عليهم مع كلام وأوامر النبي صلى الله عليه وسلم،
    فإنه صلوات الله وسلامه عليه عندهم الصادق المصدوق، الذي لا ينطق عن الهوى،

    قال الله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}(النَّجم 4:3) .
    ولم يتوقف الصحابة رضوان الله عليهم عند حدود تصديق النبي صلى الله عليه وسلم وفقط، بل كانوا يتبعون التصديق بسرعة الاستجابة والعمل بما أمرهم به.وقد أمرنا الله عز وجل بالاستجابة لأمر نبيه صلى الله عليه وسلم، والانتهاء عما نهى عنه

    ، قال الله تعالى- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}(الأنفال:24)،
    قال السعدي: "يأمر تعالى عباده المؤمنين بما يقتضيه الإيمان منهم وهو الاستجابة لله وللرسول،
    أي: الانقياد لما أمرا به والمبادرة إلى ذلك والدعوة إليه، والاجتناب لما نهيا عنه، والانكفاف عنه والنهي عنه".
    وقال تعالى: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}(الحشر:7).
    قال ابن كثير: "أي: مهما أمركم به فافعلوه، ومهما نهاكم عنه فاجتنبوه، فإنه إنما يأمر بخير وإنما ينهى عن شر".
    والسيرة النبوية زاخرة بالكثير من الصور والأمثلة الدالة على سرعة استجابة الصحابة رضوان الله عليهم للنبي صلى الله عليه وسلم في أمره بالامتثال والطاعة، وفي نهيه بالاجتناب والبعد، ومن ذلك:

    ـ لا تسأل أحداً شيئا :

    عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال: (كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة أو ثمانية أو سبعة، فقال صلى الله عليه وسلم: ألا تبايعون رسول الله؟ وكنا حديث عهدٍ ببيعة، فقلنا: قد بايعناك يا رسول الله! فقال صلى الله عليه وسلم: ألا تبايعون رسول الله؟ قال: فبسطنا أيدينا وقلنا: قد بايعناك يا رسول الله! فعلام نبايعك؟ قال صلى الله عليه وسلم: على أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، والصلوات الخمس، وتطيعوا، وأسرَّ كلمة خفية، ولا تسألوا الناس شيئا. قال عوف: فلقد رأيتُ بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم، فما يسأل أحدا يناوله إياه) رواه مسلم.

    قال القرطبي: "وأخْذه صلى الله عليه وسلم على أصحابه في البيعة أن لا يسألوا أحداً شيئا، حمْلٌ لهم على مكارم الأخلاق، والترفع عن تحمل مِنَن الخَلق، وتعليم الصبر على مضض الحاجات، والاستغناء عن الناس، وعزة النفوس، ولما أخذهم بذلك التزموه في جميع الأشياء، وفي كل الأحوال حتى فيما لا تلحق فيه مِنَّة، طردًا للباب وحسْماً للذرائع".

    ـ فما زالت طعمتي بعد :

    فعنعمر بن أبي سلمة رضي الله عنه قال -(كنت غلاماً حجرالنبي صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا غلام، سمِّ الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك، فما زالت طعمتي بعد) رواه البخاري.
    قال ابن حجر: "أي لزمت ذلك وصار عادة لي ..
    وفيه منقبة لعمر بن أبي سلمة لامتثاله الأمر، ومواظبته على مقتضاه".

    ـ لا أَضرِب مملوكاً بعده أبدا :

    عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: (كنتُ أَضرِب غلامًا لي بالسوط، فسمعتُ صوتًا مِن خلفي: اعلم أبا مسعود، فلم أفهم الصوت مِن الغضب، قال: فلما دنا مني إذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يقول: اعلم أبا مسعود، اعلم أبا مسعود، قال: فألقيتُ السَّوط من يدي، فقال: اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام، قال: فقلت: لا أَضرِب مملوكًا بعده أبدا) رواه مسلم.
    أي: بعد هذا القول الذي سمعه وذلك امتثالا وطاعة للنبي صلى الله عليه وسلم.

    ـ فمما سَببتُ بعدَهُ حُرّاً ولا عَبْدا :

    عن أبى جُرَيّ جابر بن سليم الهجيمى رضي الله عنه قال: (رأيتُ رجلًا يَصدرُ النَّاسُ عن رأيه (يقبلون قوله ورأيهلا يقول شيئًا إلَّا صدروا عنه (أخذوا منه كل ما حكم به)، قلتُ: مَن هذا؟ قالوا: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلتُ: عليك السَّلام يا رسول اللَّه، مرَّتين، قال: لا تَقُلْ: عليكَ السّلام، فإنَّ عليك السلام تحيَّة الميِّت، قل: السَّلام عليك، قال: قلتُ: أنتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أنا رسولُ اللَّه الَّذي (وهو الله عز وجل) إذا أصابك ضرٌّ فدَعوتَه كشفَه عنك، وإن أصابك عامُ سَنةٍ (جدب وقحط) فدعوتَه، أنبتها لك، وإذا كنتَ بأرضٍ قَفراءَ أو فلاةٍ فضلَّت راحلتُك فدعوتَه، ردَّها عليك، قلتُ: اعهَد إليَّ (أوصني)، قال: لا تَسبَّنَّ أحداً، قال: فما سَببتُ بعدَه حُرًّا ولا عبدًا، ولا بعيرًا ولا شاة) رواه أبو داود وصححه الألباني.

    قال المباركفوري: "قال الخطابي: هذا يُوهِم أن السُنة في تحية الميت أن يقال له عليك السلام كما يفعله كثير من العامة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دخل المقبرة فقال السلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين، فقدَّم الدعاء على اسم المدعو له، كهو في تحية الأحياء، وإنما كان ذلك القول منه إشارة إلى ما جرت به العادة منهم في تحية الأموات،
    إذ كانوا يقدمون اسم الميت على الدعاء وهو مذكور في أشعارهم.. والسُنَّة لا تختلف في تحية الأحياء والأموات".
    وفي دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين: (فما سببْتُ بعده حرّاً ولا عبداً، ولا بعيراً ولا شاة): أشار به إلى كمال الامتثال (لأمر النبي صلى الله عليه وسلم)، وعدم المشاحنة في شيء من ذلك".

    ـ الاستجابة حتى في الجلوس ، وفي عدم الالتفات :

    عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (لما استوى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، قال: اجلِسوا، فسَمِع ذلك ابن مسعود فجلس على باب المسجد، فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: تعالَ يا عبد الله بنَ مسعود) رواه أبو داود وصححه الألباني،
    قال ابن حجر: "(فجلس على باب المسجد) مبادرة إلى الامتثال (الطاعة)".

    وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: (لأُعطينَّ الراية رجلاً يحب الله ورسوله، يَفتح الله على يديه، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما أحببتُ الإمارة إلا يومئذٍ، قال: فتساوَرتُ لها، رجاء أن أُدعَى لها، قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليَّ بن أبي طالب فأعطاه إياها وقال: امشِ ولا تَلتفِت حتى يَفتح الله عليك، فسار عليٌّ شيئًا ثم وقَف ولم يَلتفِت، فصرخ: يا رسول الله، على ماذا أقاتل الناس؟ فقال:قاتِلهم حتى يَشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فإذا فعلوا ذلك، فقد منَعوا منكَ دِماءهم وأموالهم إلا بحقِّها وحِسابُهم على الله) رواه مسلم.
    قال القاضي عياض: "(وقف ولم يلتفت) فيه: التزام أوامره صلى الله عليه وسلم، والأخذ بظاهرها ما أمكن ولم يصرفها عنه صارف".

    ـ لا آخذه أبدا ، وقد طرحه رسول الله :

    عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه: (أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتماً من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه، وقال: يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده، فقيل للرّجل بعد ما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذ خاتمك انتفع به، قال: لا والله لا آخذه أبدا، وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم) رواه مسلم.
    قال النووي: "فيه المبالغة في امتثال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، واجتناب نهيه، وعدم الترخص فيه بالتأويلات الضعيفة".

    المسلم يعرف حقيقة الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم وذلك بالتسليم لأمره،
    وطاعته في كل ما أمر به، والانتهاء عما نهى عنه، دون ريْبٍ أو تردد أو حرج، ولو كان أمره أو نهيه مخالفاً للنفس والعقل، والطبْع والعادة،
    قال الله تعالى- {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (الأحزاب:36)،
    قال السعدي في تفسيره: "أي: لا ينبغي ولا يليق، ممن اتصف بالإيمان، إلا الإسراع في مرضاة الله ورسوله، والهرب من سخط الله ورسوله، وامتثال أمرهما، واجتناب نهيهما، فلا يليق بمؤمن ولا مؤمنة
    {إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا} من الأمور، وحتَّما به وألزما به {أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} أي: الخيار، هل يفعلونه أم لا؟
    بل يعلم المؤمن والمؤمنة، أن الرسول أولى به من نفسه، فلا يجعل بعض أهواء نفسه حجاباً بينه وبين أمر الله ورسوله".

    وقال ابن القيم في كتابه مدارج السالكين: "رأس الأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم كمال التسليم له والانقياد لأمره".

    تعظيم الصحابة للنبي صلى الله عيه وسلم


    تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وإجلاله وتوقيره،
    شعبة عظيمة من شعب الإيمان، وحق واجب من حقوق نبينا صلى الله عليه وسلم علينا، وقد أمرنا الله عز وجل بذلك .
    فقال: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً}(الفتح:9:).

    قال ابن كثير: "قال ابن عباس وغير وَاحِدٍ: يُعَظِّمُوهُ، {وَتُوَقِّرُوهُ} مِنَ التوقير وهو الاحترام والإجلال والإعظام"،
    وقال ابن تيمية: "فالتسبيح لله وحده، والتعزير والتوقير للرسول، والإيمان بالله ورسوله".
    وقال السعدي: "أي: تعظموه وتُجِّلوه، وتقوموا بحقوقه صلى الله عليه وسلم".

    وقد أحبَّ وعظَّم الصحابة رضوان الله عليهم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم حُباً وتعظيما فاق كل حب وتعظيم،
    وقد سُئِل علي بن أبي طالب رضي الله عنه كيف كان حبكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: كان والله أحب إلينا من أموالنا وأولادنا، وآبائنا وأمهاتنا، ومن الماء البارد على الظمأ".
    وقد عبَّر عروة بن مسعود الثقفي ـ قبل إسلامه ـ عن مدى حب وتعظيم وتوقير الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم ـ حين رجع إلى قريش بعد مفاوضته مع النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية ـ فقال: (أي قوم! والله لقد وفَدْتُ على الملوك، ووَفَدْتُ على قيصر، وكسرى، والنجاشي، والله إنْ رأيتُ مَلِكاً قَطْ يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمدٍ محمدا، والله إن تنخمَّ نخامةً إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدُّون النظر إليه تعظيما له) رواه البخاري.

    ـ قصة ضيافة أبي أيوب الأنصاري وزوجته رضي الله عنهما للنبي صلى الله عليه وسلم .
    عند قدومه مهاجراً إلى المدينة المنورة مشهورة في كتب السنة والسيرة النبوية، وقد رواها مسلم في صحيحه عن أفلح مولى أبي أيوب عن أبي أيوب رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل عليه، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم في السُّفْلِ وأبو أيوب في العِلْوِ، قال: فانتبه أبو أيوب ليلة فقال: نمشي فوق رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فَتَنَحَّوْا فَبَاتُوا في جانب، ثم قال للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: السفل أرفق، فقال: لا أعلو سقيفة أنت تحتها، فتحول النبي صلى الله عليه وسلم في العُلُوِّ، وأبو أَيُّوب في السُّفْل).
    قال النووي: "أما نزوله صلى الله عليه وسلم أولا في السفل فقد صرح بسببه وأنه أرفق به وبأصحابه وقاصديه، وأما كراهة أبي أيوب فمن الأدب المحبوب الجميل، وفيه إجلال أهل الفضل، والمبالغة في الأدب معهم، والسفل والعلو بكسر أولهما وضمه لغتان".

    ـ وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: (وما كان أحدٌ أحب إليَّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أجلَّ في عينيَّ منه، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالًا له، ولو سُئِلْتُ أن أصِفَه ما أطقْتُ، لأني لم أكن أملأ عيني منه، ولو متُّ على تلك الحال لرجوتُ أن أكون من أهل الجنة) رواه مسلم.
    قال النووي في فوائد هذا الحديث: "وفيه ما كانت الصحابة عليه من توقير رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجلاله".

    ـ وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: (خرجنا مع الرسول صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله كأن على رءوسنا الطير).
    وعن بريدة بن الحصيب قال: (وكنَّا إذا قعَدْنا عندَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ نرفَعْ أبصارَنا إليه) رواه الطبراني. وروى البيهقي وغيره:

    (أن الصحابة إذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدّون النظر إليه تعظيما له).
    قال الطيبي: "كان أصحابه في مجلسه كأن على رءوسهم الطير، وذلك عزة منه لا كِبْر وسوء خلق، وإن تلك العزة ألبسها الله تعالي إياه صلوات الله عليه لا مِنْ تلقاء نفسه".

    ـ وعن أنس رضي الله عنه قال: (إنَّ أبواب النبيِّ صلى الله عليه وسلم كانت تُقرَعُ بالأظافير) رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني.
    وفي "تحفة الأحوذي" للمباركفوري: "وهذا محمول منهم على المبالغة في الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو حَسن لمن قرب محله من بابه، أما من بعد عن الباب بحيث لا يبلغه صوت القرع بالظفر فيستحب أن يقرع بما فوق ذلك بحسبه.
    وذكر السهيلي أن السبب في قرعهم بابه بالأظافير أن بابه لم يكن فيه حلق فلأجل ذلك فعله، والذي يظهر أنه إنما كانوا يفعلون ذلك توقيراً وإجلالاً وأدبا".

    وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: (أتيتُ (وكان غلاما صغيرا) رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو يُصلِّي من آخرِ الليل فصلَّيتُ خلفه، فأخذ بيدي فجرَّني فجعلني حذاءَه (بجانبهفلما أقبل رسولُ الله صلى اللهُ عليه وسلم على صلاتِه خنَسْتُ (تأخرت فصلَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فلما انصرف قال لي ما شأني.. فقلتُ: يا رسولَ الله أو ينبغي لأحدٍ أن يُصلِيَ حذاءَك، وأنت رسولُ الله الذي أعطاك الله، قال: فأعجبْتُه، فدعا اللهَ لي أن يزيدَني علمًا وفهْمَا) رواه أحمد وصححه الألباني.

    ـ وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (لقَدْ رَأَيْتُ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم وَالْحَلَّاقُ يَحْلِقُه، وأطافَ به أَصْحَابُه، فَما يُرِيدُون أَنْ تقع شعْرَةٌ إلَّا في يَدِ رَجُل) رواه مسلم.
    أي: يَتلَقَّفون شَعرَه قبل أن يَسقُطَ على الأَرْض، ويَحتَفِظون بِما يَلتَقطون مِن شَعرِه إكراما لشعر النبي صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك بيان لمدى حب وتعظيم الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم.

    المرأة الدينارية

    " ها هي المرأة الدينارية تسطر لنا قصة حب للنبى صل الله عليه وسلم  تفوق الخيال،
    فقد كان رسول الله صل الله عليه وسلم عائدا من غزوة أحد يملأ قلبه الحزن بسبب موت عمه حمزة بن عبد المطلب وما حدث له من تمثيل هند بنت عتبه له بعد موته فإذا بالمواساة تأتى له فى شكل إمرأة محبة لله ورسوله،

    فعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِامْرَأَةِ مِنْ بَنِي دِينَارٍ، وَقَدْ أُصِيبَ زَوْجُهَا وَأَخُوهَا وَأَبُوهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُحُدٍ،
    فَلَمَّا نُعُوا لَهَا، قَالَتْ: فَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالُوا: خَيْرًا يَا أُمَّ فُلَانٍ،
    هُوَ بِحَمْدِ اللَّهِ كَمَا تُحِبِّينَ، قَالَتْ: أَرُونِيهِ حَتَّى أَنْظُرَ إلَيْهِ".

    حتى الصحابيات حديثى السن ينهجن نفس المنهج، فقد خطَب رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على جُلَيبيبٍ (وقد كان شاباً فقيراً مغمور الذكر ) امرأةً مِن الأنصارِ إلى أبيها .
    قال: حتَّى أستأمِرَ أمَّها قال: فنَعم إذًا فذهَب إلى امرأتِه فذكَر ذلك لها فقالت: لا ها اللهِ إذًا وقد منَعْناها فلانًا وفلانًا، .
    قال: والجاريةُ في سترِها تسمَعُ فقالت الجاريةُ: أترُدُّونَ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمرَه إنْ كان قد رضيه لكم فأنكِحوه .
    قال: فكأنَّها حلَّت عن أبويها فقالا: صدَقْتِ فذهب أبوها إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: فقال: إنْ رضيتَه لنا رضيناه ؟ فقال: ( إنِّي أرضاه ) فزوَّجها، ورضيت بالخطبة طاعة لرسول الله.

    وهبت ابنها خادماً للرسول صل الله عليه وسلم .

    وها هي السيدة الرميصاء تهب لرسول الله صل الله عليه وسلم أحب الناس إليها خادما لرسول الله ابنها وهو الصحابى الجليل أنس بن مالك،

    ونرى السيدة أم عمارة تحكى موقفها ودفاعها عن رسول الله في غزوة أحد،
    فتقول : خرجت أول النهار إلى أحد وأنا أنظر ما يصنع الناس ومعي سقاء فيه ماء, فانتهيت إلى رسول الله صل الله عليه وسلم وهو في أصحابه والدولة والريح للمسلمين،
    فلما انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله صل الله عليه وسلم فجعلت أباشر القتال وأذب عن رسول الله بالسيف وأرمي بالقوس حتى خلصت إلي الجراح فكان على عاتقها جرحًا له غور أجوف، فقالت: أم عمارة : أقبل ابن قميئة وقد ولى الناس عن رسول الله يصيح دلوني على محمد فلا نجوت إن نجا,
    فاعترض له مصعب بن عمير وناس معه فكنت فيهم فضربني هذه الضربة, ولقد ضربته على ذلك ضربات ولكن عدو الله كان عليه درعان.


    من المعلوم أن نبينا صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء والمرسلين، وهو سيد الأولين والآخرين، وصاحب المقام المحمود، والحوض المورود،
    ومع علو منزلته وحبنا وتعظيمنا له صلوات الله وسلامه عليه، فإننا لا نغالي فيه،
    ولا نرفعه فوق منزلة النبوة التي رفعه الله إليها،

    فهو رسول الله وعبْد لله، وهو بَشر لا يعلم الغيب، ولا يملك لنفسه ولا لغيره ضراً ولا نفعاً، قال الله تعالى: {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللهِ وَلَا أَعْلَمُ الغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ}(الأنعام: 50)،

    وقال تعالى: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}(الأعراف: 188).
    وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تُطْروني (تبالغوا في مدحي) كما أطْرَتِ النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبدُه، فقولوا: عبد الله ورسوله) رواه البخاري.

    إن حقوق رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ ومنها:

    محبته وتعظيمه، وتوقيره والأدب معه، واتباعه وطاعته وعدم معصيته، وإنزاله مكانته بلا غلو ولا تقصير ـ أجَّل وأعظم،
    وألزم لنا وأوجب علينا من حقوق الآباء على أولادهم، فحق علينا أن نحبه ونعظمه ونوقره، وفي ذلك الفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة،
    قال الله تعالى: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(الأعراف: 157).

    قال ابن كثير: "وقوله: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ} أيْ: عَظَّمُوهُ وَوَقَّرُوه، {وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزلَ مَعَهُ} أي: القرآن والوحي الذي جاء به مُبَلغاً إلى الناس، {أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} أي: في الدنيا والآخرة".
    --
    -
    أسأل الله تعالى أن يرزقنا حبه وحب نبيه صلى الله عليه وسلم, وينفعنا بذلك الحب يوم أن نلقاه

    ================================
    ------------------------------------------------------
    لا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع


      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد سبتمبر 08, 2024 6:28 am