صومِ التطوُّعِ.
[size=24]المبحث الأول: تعريفُ التطوُّعِ
التطوع لغةً: التبرُّعُ
التطوع اصطلاحًا: التقرُّبُ إلى اللهِ تعالى بما ليس بفَرضٍ من العباداتِ
التطوع اصطلاحًا: التقرُّبُ إلى اللهِ تعالى بما ليس بفَرضٍ من العباداتِ
المبحث الثاني: فضلُ صَومِ التطوُّعِ
1. عن سَهلٍ رَضِيَ الله تعالى عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ في الجنَّةِ بابًا يقال له: الريَّانُ، يدخُلُ منه الصَّائِمونَ يومَ القيامةِ، لا يدخُلُ منه أحدٌ غَيرُهم. فيقال: أين الصَّائِمونَ؟ فيقومونَ، لا يدخُلُ منه أحدٌ غَيرُهم، فإذا دخَلُوا أُغلِقَ، فلم يدخُلْ منه أحدٌ ))
2. عن أبي سعيدٍ رَضِيَ الله تعالى عنه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((من صام يومًا في سبيلِ الله، باعَدَ اللهُ وَجهَه عن النَّارِ سَبعينَ خريفًا ))
المبحث الثالث: أحكامُ النيَّةِ في صومِ التطوُّعِ
المطلب الأول: حُكمُ النيَّة في التطوُّع
تُشترَط النيَّةُ في صومِ التطوُّع.
الدَّليل من الإجماعِ:
نقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ رشدٍ
، وابنُ قدامة، والنوويُّ
تقدَّم الكلامُ عليه في حُكمِ تَبييتِ النيَّةِ مِن اللَّيلِ في صيامِ التطوُّع.
المبحث الرابع: أنواعُ صَوم ِالتطوُّعِ الدَّليل من الإجماعِ:
نقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ رشدٍ
، وابنُ قدامة، والنوويُّ
المطلب الثاني: وقتُ النيَّةِ
تقدَّم الكلامُ عليه في حُكمِ تَبييتِ النيَّةِ مِن اللَّيلِ في صيامِ التطوُّع.
المطلب الأول: صومُ التطوُّعِ المُطلَق
يُستحَبُّ صَومُ التطوُّعِ المُطلَق، ما عدا الأيامَ التي ثبت تَحريمُ صِيامِها.
الدَّليل منَ السُّنَّة:
عن أبي سعيدٍ رَضِيَ الله تعالى عنه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((من صام يومًا في سبيلِ اللهِ، باعَدَ اللهُ تعالى وَجْهَه عن النَّارِ سَبعينَ خريفًا ))
المطلب الثاني: صَومُ التطوُّعِ المُقَيَّد
الفرع الأول: صومُ سِتَّةِ أيامٍ مِن شَوَّال
يُسَنُّ صَومُ سِتَّةِ أيامٍ من شوَّال بعد صومِ رَمضانَ، وهو مذهَبُ الشَّافعيَّةِ، والحنابلةِ، وهو قَولُ بعضِ الحَنَفيَّة، وداودَ، وقولُ كثيرٍ من أهلِ العِلمِ
الأدِلَّة منَ السُّنَّة:
1- عن أبي أيوبَ رَضِيَ الله تعالى عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((من صامَ رَمَضانَ، ثم أتبَعَه ستًّا من شوَّال، كان كصيامِ الدَّهرِ ))
2- عن ثوبانَ رَضِيَ الله تعالى عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((صيامُ شَهرِ رَمَضانَ بِعَشرةِ أشهُرٍ، وسِتَّةُ أيَّامٍ بَعْدهُنَّ بِشَهرينِ، فذلك تمامُ سَنَةٍ ))
الفرع الثاني: الأيَّامُ الثَّمانيةُ الأُوَلُ مِن ذي الحِجَّة
يُستحَبُّ صَومُ الأيَّامِ الثَّمانِيَةِ الأُوَلِ مِن شهرِ ذي الحِجَّة، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة، وهو قول الظَّاهرية
الدليل: مِن السُّنَّةِ:
حديث: ((ما العمَلُ في أيَّامِ العَشرِ أفضَلُ مِن العمَلِ في هذه)) قالوا: ولا الجهادُ؟ قال: ((ولا الجهادُ، إلا رجلٌ خرج يخاطِرُ بنَفسِه ومالِه فلم يرجِعْ بِشَيءٍ ))
وجه الدلالة:
اندراجُ الصَّومِ في العَمَلِ الصالحِ الذي يُستحَبُّ في هذه الأيَّامِ
الفرع الثالث: صَومُ يومِ عَرَفةَ لغَيرِ الحاجِّ
يستحَبُّ لغَيرِ الحاجِّ صَومُ يومِ عَرَفةَ، وهو اليومُ التَّاسِعُ مِن ذي الحجَّةِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة، وهو قَولُ الظَّاهرية
الدَّليل منَ السُّنَّة:
عن أبي قتادةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((صيامُ يومِ عرفةَ، أحتسِبُ على اللهِ أن يُكَفِّرَ السَّنةَ التي قَبْلَه، والسَّنةَ التي بَعْدَه ))
الفرع الرابع: صومُ شَهرِ اللهِ المُحَرَّم
يُستحَبُّ صَومُ شَهرِ اللهِ المُحَرَّم، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة
الدَّليل منَ السُّنَّة:
عن أبى هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه يرفَعُه، قال: ((سُئِلَ- أي النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- أيُّ الصَّلاةِ أفضَلُ بعد المكتوبةِ؟ وأيُّ الصِّيامِ أفضَلُ بعد شَهرِ رمضانَ؟ فقال: أفضَلُ الصَّلاةِ بعد الصَّلاةِ المكتوبةِ، الصَّلاةُ في جَوفِ اللَّيلِ. وأفضَلُ الصِّيامِ بعد شَهرِ رَمَضانَ، صِيامُ شَهرِ اللهِ المُحَرَّم ))
الفرع الخامس: صَومُ يومِ عاشوراءَ
يُستحَبُّ صَومُ يومِ عاشُوراءَ، وهو اليومُ العاشِرُ مِن شَهرِ اللهِ المُحَرَّم.
الأدِلَّة:أوَّلًا: منَ السُّنَّة
1- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَدِمَ المدينةَ فوجَدَ اليهودَ صيامًا يومَ عاشُوراءَ، فقال لهم رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ما هذا اليومُ الذي تصومُونَه؟ فقالوا: هذا يومٌ عظيمٌ أنجى اللهُ فيه موسى وقَومَه، وغَرَّقَ فِرعَونَ وقَومَه، فصامَه موسى شُكرًا؛ فنَحن نصومُه، فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فنَحنُ أحَقُّ وأَوْلى بمُوسى منكم، فصامَه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأمَرَ بِصيامِه ))
2- عن أبي قَتادةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صيامُ يومِ عاشُوراءَ، أحتسِبُ على اللهِ أن يكَفِّرَ السَّنةَ التي قَبْلَه ))
ثانيًا: من الإجماعِ
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ رُشدٍ، والنوويُّ، وابنُ حجر، والعينيُّ
الفرع السادس: صومُ يومٍ قَبْلَ عاشوراءَ (تاسوعاءَ)
يُستحبُّ مع صيامِ عاشوراءَ صَوْمُ يومٍ قَبلَه، وهو اليومُ التَّاسِعُ مِن شَهرِ اللهِ المحرَّمِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة
الدَّليل منَ السُّنَّة:
- عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاس رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لئِن بقيتُ إلى قابلٍ، لأَصُومنَّ التَّاسِعَ ))
الفرع السابع: صَومُ أكثَرِ شَهرِ شَعبانَ
يُسَنُّ صَومُ أكثَرِ شَهرِ شَعبانَ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، وطائفة من الحَنابِلة
الأدِلَّة منَ السُّنَّة:
1. عن عائشةَ رَضِيَ الله تعالى عنها قالت: ((ما رأيتُ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أكثَرَ صيامًا منه في شَعبانَ ))
2. عن أبي سَلَمةَ قال: ((سألتُ عائشة رَضِيَ اللهُ عنها عن صيامِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالت: كان يصومُ حتى نقولَ قد صام، ويُفطِرُ حتى نقولَ قد أفطَرَ، ولم أرَهُ صائمًا من شَهرٍ قَطُّ أكثَرَ مِن صيامِه مِن شَعبانَ؛ كان يصومُ شَعبانَ كُلَّه، كان يصومُ شَعبانَ إلَّا قليلًا ))
الفرع الثامن: صومُ الاثنينِ والخميسِ
يُستحَبُّ صَومُ يَومَيِ الاثنينِ والخَميسِ مِن كلِّ أسبوعٍ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة، وهو قول الظاهرية
الأدِلَّة منَ السُّنَّة:
1- عن أسامةَ بنِ زَيدٍ رَضِيَ اللهُ عنهما ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يصومُ يومَ الاثنينِ والخَميسِ، فسُئِلَ عن ذلك، فقال: إنَّ أعمالَ العِبادِ تُعرَضُ يومَ الاثنينِ والخَميسِ، وأُحِبُّ أن يُعرَضَ عملي وأنا صائِمٌ ))
2- عن أبي قتادة رَضِيَ اللهُ عنه ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سُئِلَ عن صَومِ الاثنينِ، فقال: فيه وُلِدْتُ، وفيه أنزِلَ عليَّ ))
الفرع التاسع: صومُ ثلاثةِ أيَّامٍ مِن كلِّ شَهرٍ
يُستحَبُّ صِيامُ ثلاثةِ أيَّامٍ مِن كلِّ شَهرٍ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة، وهو مذهبُ الظَّاهرية، وقولُ عامَّةِ أهلِ العِلمِ
الأدِلَّة منَ السُّنَّة:
1- عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((أوصاني خليلي بثلاثٍ لا أدَعُهنَّ حتى أموتَ: صومِ ثلاثةِ أيَّامٍ مِن كلِّ شَهرٍ، وصلاةِ الضُّحى، ونومٍ على وِترٍ ))
2- عن مُعاذةَ العَدَويَّةِ أنَّها سألت عائشةَ زَوجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أكان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يصومُ مِن كُلِّ شَهرٍ ثلاثةَ أيَّامٍ؟ قالت: نعم. فقُلتُ لها: من أيِّ أيَّامِ الشَّهرِ كان يصومُ؟ قالت: لم يكُنْ يُبالي من أيِّ أيَّامِ الشَّهرِ يَصومُ ))
3- عن مُعاويةَ بنِ قُرَّةَ عن أبيه قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صيامُ ثلاثةِ أيَّامٍ من كلِّ شَهرٍ: صِيامُ الدَّهرِ وإفطارُه ))
الفرع العاشر: استحبابُ صِيامِ أيَّامِ البِيضِ
استحَبَّ الجُمهورُ: الحَنَفيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة، وجماعةٌ من المالكيَّة أن يكون صيامُ ثلاثة أيامٍ مِن كلِّ شَهرٍ في الأيَّامِ البِيضِ
الدَّليل منَ السُّنَّة:
عن ابن مِلحان القيسيِّ، عن أبيه قال: ((كانَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يأمرُنا أن نصومَ البِيضَ: ثَلاثَ عشرةَ، وأربعَ عشرةَ، وخَمسَ عَشرةَ، قالَ: وقالَ: هُنَّ كَهَيئةِ الدَّهرِ ))
الدليل من الآثار:
- عن موسى بن سلمةَ أنَّه سأل ابنَ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما عن صيامِ أيَّامِ البِيضِ، فقال له ابنُ عبَّاسٍ: ((كان عُمَرُ يَصومُهنَّ))
الفرع الحادي عشر: صومُ يَومٍ وإفطارُ يَومٍ
يُستحَبُّ صِيامُ يومٍ وإفطارُ يومٍ، وذلك في الجملةِ
الأدِلَّة: اأوَّلًا: مِن السُّنَّةِ
1- عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عنهما قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أحَبُّ الصَّلاةِ إلى الله صلاةُ داودَ عليه السَّلامُ، وأحَبُّ الصِّيامِ إلى اللهِ صِيامُ داودَ: وكان ينامُ نِصفَ اللَّيلِ، ويقومُ ثُلُثَه، وينامُ سُدُسَه، ويصومُ يومًا ويُفطِرُ يَومًا ))
وجه الدلالة:
الحديثُ يدُلُّ على أنَّ صَومَ يومٍ وإفطارَ يَومٍ، أحَبُّ إلى اللَّهِ تعالى مِن غَيرِه، وإن كان أكثَرَ منه، وما كان أحَبَّ إلى اللَّهِ جَلَّ جَلالُه؛ فهو أفضَلُ، والاشتغالُ به أَوْلى
2- عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((أُخبِرَ رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنِّي أقولُ: واللهِ لأصومَنَّ النَّهارَ، ولأقومَنَّ اللَّيلَ ما عِشْتُ، فقُلتُ له: قد قلْتُه بأبي أنت وأمي، قال: فإنَّك لا تستطيعُ ذلك، فصُمْ وأفطِرْ، وقُمْ ونَمْ، وصُمْ مِن الشَّهرِ ثلاثةَ أيَّامٍ؛ فإنَّ الحَسَنةَ بعَشْرِ أمثالِها، وذلك مِثلُ صِيامِ الدَّهرِ. قلتُ: إنِّي أطيقُ أفضَلَ من ذلك. قال: فصُمْ يومًا وأفطِرْ يَومَينِ. قلتُ: إنِّي أُطيقُ أفضَلَ من ذلك. قال: فصُمْ يومًا وأفطِرْ يومًا؛ فذلك صيامُ داودَ عليه السَّلامُ، وهو أفضَلُ الصِّيامِ. فقُلتُ: إنِّي أُطيقُ أفضَلَ من ذلك. فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لا أفضَلَ مِن ذلك ))
ثانيًا: الإجماع:
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ حَزمٍ
الفرع الثاني عشر: التطوُّع بصومِ يومٍ واحدٍ
مَن صامَ يومًا واحدًا لله تعالى، أُجِرَ عليه، وذلك في الجُملة.
الدَّليل من الإجماعِ:
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حزمٍ
الدَّليل منَ السُّنَّة:
عن أبي سعيدٍ رَضِيَ الله تعالى عنه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((من صام يومًا في سبيلِ اللهِ، باعَدَ اللهُ تعالى وَجْهَه عن النَّارِ سَبعينَ خريفًا ))
المطلب الثاني: صَومُ التطوُّعِ المُقَيَّد
الفرع الأول: صومُ سِتَّةِ أيامٍ مِن شَوَّال
يُسَنُّ صَومُ سِتَّةِ أيامٍ من شوَّال بعد صومِ رَمضانَ، وهو مذهَبُ الشَّافعيَّةِ، والحنابلةِ، وهو قَولُ بعضِ الحَنَفيَّة، وداودَ، وقولُ كثيرٍ من أهلِ العِلمِ
الأدِلَّة منَ السُّنَّة:
1- عن أبي أيوبَ رَضِيَ الله تعالى عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((من صامَ رَمَضانَ، ثم أتبَعَه ستًّا من شوَّال، كان كصيامِ الدَّهرِ ))
2- عن ثوبانَ رَضِيَ الله تعالى عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((صيامُ شَهرِ رَمَضانَ بِعَشرةِ أشهُرٍ، وسِتَّةُ أيَّامٍ بَعْدهُنَّ بِشَهرينِ، فذلك تمامُ سَنَةٍ ))
الفرع الثاني: الأيَّامُ الثَّمانيةُ الأُوَلُ مِن ذي الحِجَّة
يُستحَبُّ صَومُ الأيَّامِ الثَّمانِيَةِ الأُوَلِ مِن شهرِ ذي الحِجَّة، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة، وهو قول الظَّاهرية
الدليل: مِن السُّنَّةِ:
حديث: ((ما العمَلُ في أيَّامِ العَشرِ أفضَلُ مِن العمَلِ في هذه)) قالوا: ولا الجهادُ؟ قال: ((ولا الجهادُ، إلا رجلٌ خرج يخاطِرُ بنَفسِه ومالِه فلم يرجِعْ بِشَيءٍ ))
وجه الدلالة:
اندراجُ الصَّومِ في العَمَلِ الصالحِ الذي يُستحَبُّ في هذه الأيَّامِ
الفرع الثالث: صَومُ يومِ عَرَفةَ لغَيرِ الحاجِّ
يستحَبُّ لغَيرِ الحاجِّ صَومُ يومِ عَرَفةَ، وهو اليومُ التَّاسِعُ مِن ذي الحجَّةِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة، وهو قَولُ الظَّاهرية
الدَّليل منَ السُّنَّة:
عن أبي قتادةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((صيامُ يومِ عرفةَ، أحتسِبُ على اللهِ أن يُكَفِّرَ السَّنةَ التي قَبْلَه، والسَّنةَ التي بَعْدَه ))
الفرع الرابع: صومُ شَهرِ اللهِ المُحَرَّم
يُستحَبُّ صَومُ شَهرِ اللهِ المُحَرَّم، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة
الدَّليل منَ السُّنَّة:
عن أبى هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه يرفَعُه، قال: ((سُئِلَ- أي النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- أيُّ الصَّلاةِ أفضَلُ بعد المكتوبةِ؟ وأيُّ الصِّيامِ أفضَلُ بعد شَهرِ رمضانَ؟ فقال: أفضَلُ الصَّلاةِ بعد الصَّلاةِ المكتوبةِ، الصَّلاةُ في جَوفِ اللَّيلِ. وأفضَلُ الصِّيامِ بعد شَهرِ رَمَضانَ، صِيامُ شَهرِ اللهِ المُحَرَّم ))
الفرع الخامس: صَومُ يومِ عاشوراءَ
يُستحَبُّ صَومُ يومِ عاشُوراءَ، وهو اليومُ العاشِرُ مِن شَهرِ اللهِ المُحَرَّم.
الأدِلَّة:أوَّلًا: منَ السُّنَّة
1- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَدِمَ المدينةَ فوجَدَ اليهودَ صيامًا يومَ عاشُوراءَ، فقال لهم رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ما هذا اليومُ الذي تصومُونَه؟ فقالوا: هذا يومٌ عظيمٌ أنجى اللهُ فيه موسى وقَومَه، وغَرَّقَ فِرعَونَ وقَومَه، فصامَه موسى شُكرًا؛ فنَحن نصومُه، فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فنَحنُ أحَقُّ وأَوْلى بمُوسى منكم، فصامَه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأمَرَ بِصيامِه ))
2- عن أبي قَتادةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صيامُ يومِ عاشُوراءَ، أحتسِبُ على اللهِ أن يكَفِّرَ السَّنةَ التي قَبْلَه ))
ثانيًا: من الإجماعِ
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ رُشدٍ، والنوويُّ، وابنُ حجر، والعينيُّ
الفرع السادس: صومُ يومٍ قَبْلَ عاشوراءَ (تاسوعاءَ)
يُستحبُّ مع صيامِ عاشوراءَ صَوْمُ يومٍ قَبلَه، وهو اليومُ التَّاسِعُ مِن شَهرِ اللهِ المحرَّمِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة
الدَّليل منَ السُّنَّة:
- عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاس رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لئِن بقيتُ إلى قابلٍ، لأَصُومنَّ التَّاسِعَ ))
الفرع السابع: صَومُ أكثَرِ شَهرِ شَعبانَ
يُسَنُّ صَومُ أكثَرِ شَهرِ شَعبانَ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، وطائفة من الحَنابِلة
الأدِلَّة منَ السُّنَّة:
1. عن عائشةَ رَضِيَ الله تعالى عنها قالت: ((ما رأيتُ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أكثَرَ صيامًا منه في شَعبانَ ))
2. عن أبي سَلَمةَ قال: ((سألتُ عائشة رَضِيَ اللهُ عنها عن صيامِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالت: كان يصومُ حتى نقولَ قد صام، ويُفطِرُ حتى نقولَ قد أفطَرَ، ولم أرَهُ صائمًا من شَهرٍ قَطُّ أكثَرَ مِن صيامِه مِن شَعبانَ؛ كان يصومُ شَعبانَ كُلَّه، كان يصومُ شَعبانَ إلَّا قليلًا ))
الفرع الثامن: صومُ الاثنينِ والخميسِ
يُستحَبُّ صَومُ يَومَيِ الاثنينِ والخَميسِ مِن كلِّ أسبوعٍ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة، وهو قول الظاهرية
الأدِلَّة منَ السُّنَّة:
1- عن أسامةَ بنِ زَيدٍ رَضِيَ اللهُ عنهما ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يصومُ يومَ الاثنينِ والخَميسِ، فسُئِلَ عن ذلك، فقال: إنَّ أعمالَ العِبادِ تُعرَضُ يومَ الاثنينِ والخَميسِ، وأُحِبُّ أن يُعرَضَ عملي وأنا صائِمٌ ))
2- عن أبي قتادة رَضِيَ اللهُ عنه ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سُئِلَ عن صَومِ الاثنينِ، فقال: فيه وُلِدْتُ، وفيه أنزِلَ عليَّ ))
الفرع التاسع: صومُ ثلاثةِ أيَّامٍ مِن كلِّ شَهرٍ
يُستحَبُّ صِيامُ ثلاثةِ أيَّامٍ مِن كلِّ شَهرٍ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة، وهو مذهبُ الظَّاهرية، وقولُ عامَّةِ أهلِ العِلمِ
الأدِلَّة منَ السُّنَّة:
1- عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((أوصاني خليلي بثلاثٍ لا أدَعُهنَّ حتى أموتَ: صومِ ثلاثةِ أيَّامٍ مِن كلِّ شَهرٍ، وصلاةِ الضُّحى، ونومٍ على وِترٍ ))
2- عن مُعاذةَ العَدَويَّةِ أنَّها سألت عائشةَ زَوجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أكان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يصومُ مِن كُلِّ شَهرٍ ثلاثةَ أيَّامٍ؟ قالت: نعم. فقُلتُ لها: من أيِّ أيَّامِ الشَّهرِ كان يصومُ؟ قالت: لم يكُنْ يُبالي من أيِّ أيَّامِ الشَّهرِ يَصومُ ))
3- عن مُعاويةَ بنِ قُرَّةَ عن أبيه قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صيامُ ثلاثةِ أيَّامٍ من كلِّ شَهرٍ: صِيامُ الدَّهرِ وإفطارُه ))
الفرع العاشر: استحبابُ صِيامِ أيَّامِ البِيضِ
استحَبَّ الجُمهورُ: الحَنَفيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة، وجماعةٌ من المالكيَّة أن يكون صيامُ ثلاثة أيامٍ مِن كلِّ شَهرٍ في الأيَّامِ البِيضِ
الدَّليل منَ السُّنَّة:
عن ابن مِلحان القيسيِّ، عن أبيه قال: ((كانَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يأمرُنا أن نصومَ البِيضَ: ثَلاثَ عشرةَ، وأربعَ عشرةَ، وخَمسَ عَشرةَ، قالَ: وقالَ: هُنَّ كَهَيئةِ الدَّهرِ ))
الدليل من الآثار:
- عن موسى بن سلمةَ أنَّه سأل ابنَ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما عن صيامِ أيَّامِ البِيضِ، فقال له ابنُ عبَّاسٍ: ((كان عُمَرُ يَصومُهنَّ))
الفرع الحادي عشر: صومُ يَومٍ وإفطارُ يَومٍ
يُستحَبُّ صِيامُ يومٍ وإفطارُ يومٍ، وذلك في الجملةِ
الأدِلَّة: اأوَّلًا: مِن السُّنَّةِ
1- عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عنهما قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أحَبُّ الصَّلاةِ إلى الله صلاةُ داودَ عليه السَّلامُ، وأحَبُّ الصِّيامِ إلى اللهِ صِيامُ داودَ: وكان ينامُ نِصفَ اللَّيلِ، ويقومُ ثُلُثَه، وينامُ سُدُسَه، ويصومُ يومًا ويُفطِرُ يَومًا ))
وجه الدلالة:
الحديثُ يدُلُّ على أنَّ صَومَ يومٍ وإفطارَ يَومٍ، أحَبُّ إلى اللَّهِ تعالى مِن غَيرِه، وإن كان أكثَرَ منه، وما كان أحَبَّ إلى اللَّهِ جَلَّ جَلالُه؛ فهو أفضَلُ، والاشتغالُ به أَوْلى
2- عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((أُخبِرَ رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنِّي أقولُ: واللهِ لأصومَنَّ النَّهارَ، ولأقومَنَّ اللَّيلَ ما عِشْتُ، فقُلتُ له: قد قلْتُه بأبي أنت وأمي، قال: فإنَّك لا تستطيعُ ذلك، فصُمْ وأفطِرْ، وقُمْ ونَمْ، وصُمْ مِن الشَّهرِ ثلاثةَ أيَّامٍ؛ فإنَّ الحَسَنةَ بعَشْرِ أمثالِها، وذلك مِثلُ صِيامِ الدَّهرِ. قلتُ: إنِّي أطيقُ أفضَلَ من ذلك. قال: فصُمْ يومًا وأفطِرْ يَومَينِ. قلتُ: إنِّي أُطيقُ أفضَلَ من ذلك. قال: فصُمْ يومًا وأفطِرْ يومًا؛ فذلك صيامُ داودَ عليه السَّلامُ، وهو أفضَلُ الصِّيامِ. فقُلتُ: إنِّي أُطيقُ أفضَلَ من ذلك. فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لا أفضَلَ مِن ذلك ))
ثانيًا: الإجماع:
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ حَزمٍ
الفرع الثاني عشر: التطوُّع بصومِ يومٍ واحدٍ
مَن صامَ يومًا واحدًا لله تعالى، أُجِرَ عليه، وذلك في الجُملة.
الدَّليل من الإجماعِ:
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حزمٍ
ما يُكرَهُ صَومُه
المبحث الأول: صَومُ الدَّهرِ
المطلب الأول: تعريفُ الدَّهر:
الدَّهرُ لغةً: هو الزَّمانُ، ويُجمَعُ على دهورٍ
صَومُ الدَّهرِ اصطلاحًا: سَرْدُ الصَّومِ في جميعِ الأيَّامِ، إلا الأيَّامَ التي لا يصِحُّ صَومُها، وهي العيدانِ، وأيامُ التَّشريقِ
المطلب الثاني: حُكمُ صَومِ الدَّهرِ
يكرَهُ صَومُ الدَّهرِ، وهو مذهَبُ الحَنَفيَّة، وقولٌ عند المالكيَّة، وقولٌ عند الشَّافِعيَّة وقولٌ لبعض الحَنابِلة، وهو اختيارُ ابنِ تيميَّةَ، وابنِ القَيِّمِ والشَّوكانيِّ
الأدِلَّة:أوَّلًا: مِن السُّنَّةِ
عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((قال لي النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّك لتصومُ الدَّهرَ وتَقومُ اللَّيلَ؟ فقُلتُ: نعم. قال: إنَّك إذا فَعلْتَ ذلك هَجَمتْ له العَينُ، ونَفِهَت له النَّفسُ، لا صام مَن صامَ الدَّهرَ، صومُ ثلاثةِ أيَّامٍ صَومُ الدَّهرِ كُلِّه. قلتُ: فإنِّي أُطيقُ أكثَرَ من ذلك. قال: فصُمْ صَومَ داودَ عليه السَّلامُ؛ كان يصومُ يومًا ويُفطِرُ يومًا، ولا يَفِرُّ إذا لاقَى ))
ثانيًا: لأنَّه يُضعِفُ الصَّائِمَ عن الفرائِضِ والواجباتِ، وعن الكَسْبِ الذي لا بدَّ منه
ثالثًا: لأنَّه يُصيِّرُ العبادةَ عادةً وطبعًا، ومبنى العبادةِ على مخالفةِ العادةِ
المبحث الثاني: صَومُ يَومِ عَرفةَ للحاجِّ
يُكرَهُ صَومُ يَومِ عَرَفةَ للحاجِّ، وهو مذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّة
، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة
الأدِلَّة :أوَّلًا: منَ السُّنَّة
1- عن أمِّ الفَضلِ بنت الحارِثِ رَضِيَ اللهُ عنهما ((أنَّها أرسلَتْ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بقَدَحِ لَبَنٍ، وهو واقفٌ على بعيرِه بعَرفةَ، فشَرِبَ ))
وجه الدلالة:
أنَّ شُربَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اللَّبَنَ أمامَ النَّاسِ في الموقِفِ؛ دليلٌ على استحبابِ فِطرِ هذا اليومِ للحاجِّ
2- عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما ((أنَّه حَجَّ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثم أبي بكرٍ، ثم عمَرَ، ثم عثمانَ، فلم يَصُمْه أحدٌ منهم ))
ثانيًا: وذلك لأنَّ الصَّومَ في هذا اليومِ يُضعِفُ الحاجَّ عن الوقوفِ والدُّعاءِ
المبحث الثالث: إفرادُ يومِ الجُمُعةِ بالصَّومِ
يُكرَه إفرادُ يومِ الجُمُعةِ بالصَّومِ إلَّا أن يوافِقَ ذلك صَومًا، مثل مَن يصومُ يومًا ويُفطِرُ يومًا، فيوافِقُ صومُه يومَ الجُمُعةِ، وذهب إلى ذلك الشَّافِعيَّةُ، والحَنابِلة، وبعض الحَنَفيَّة، وهو قولُ بعض السَّلَف، واختاره ابنُ القيم، والشوكاني، والشنقيطي
الأدِلَّة منَ السُّنَّة:
1- عن محمدِ بنِ عبَّادٍ، قال: ((سألتُ جابرًا رَضِيَ اللهُ عنه: نهى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن صَومِ يومِ الجُمُعةِ؟ قال: نعم ))
2- عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه قال: سمعْتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: ((لا يصومَنَّ أحدُكم يومَ الجُمُعةِ، إلَّا يومًا قَبْلَه أو بَعْدَه ))
3- عن جُوَيريةَ بنتِ الحارِثِ رَضِيَ اللهُ عنها ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دخل عليها يومَ الجُمُعةِ وهي صائمةٌ، فقال: أصُمْتِ أمسِ؟ قالت: لا، قال: تُريدينَ أن تصومي غدًا؟ قالت: لا، قال: فأفطِري ))
4- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا تختَصُّوا ليلةَ الجُمُعةِ بقيامٍ من بينِ اللَّيالي، ولا تخصُّوا يومَ الجُمُعةِ بصيامٍ من بين الأيامِ، إلَّا أن يكونَ في صومٍ يصومُه أحَدُكم ))
المبحث الرابع: حُكمُ صيامِ يومِ السَّبتِ
يجوزُ صيامُ يومِ السَّبتِ وَحْدَه لسَبَبٍ كيوم عرفة أو غيره، أو إذا وافَقَ عادَةً للصَّائِمِ، ويجوزُ صَومُه مقرونًا بغيره، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة
الأدِلَّةأولًا مِن السُّنَّةِ:
1- عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه قال: سمعتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: ((لا يصومَنَّ أحدُكم يومَ الجُمُعةِ إلَّا يومًا قَبلَه أو بَعدَه ))
وجه الدلالة:
أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أباح للنَّاسِ أن يصوموا يومًا بعدَه- يومًا بعد الجمعةِ- وهو يومُ السَّبتِ
2- عن جُوَيريةَ بنتِ الحارِثِ رَضِيَ اللهُ عنها ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دخل عليها يومَ الجُمُعةِ وهي صائمةٌ، فقال: أصُمْتِ أمسِ؟ قالت: لا، قال: تُريدينَ أن تصومي غدًا؟ قالت: لا، قال: فأفطِري ))
وجه الدلالة:
قوله: ((أتصومينَ غَدًا)) فيه الإذنُ في صَومِ يومِ السَّبتِ، فالغَدُ مِن يومِ الجُمُعةِ يكونُ يومَ السَّبتِ
3- عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَقَدَّموا رمضانَ بِصَومِ يومٍ ولا يَومَينِ، إلَّا رَجُلٌ كان يصومُ صَومًا فلْيَصُمْه ))
وجه الدلالة:
أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهى عن صيامِ يَومٍ أو يومينِ قبل رمضانَ، إلَّا مَن كان له عادةٌ أن يصومَ، فلا نهيَ، وهذا مِثلُه
4- عن أبي أيُّوبَ رَضِيَ الله تعالى عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((من صام رمضانَ، ثمَّ أتبَعَه سِتًّا من شوَّال، كان كصيامِ الدَّهرِ ))
5- عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((أُخبِرَ رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنِّي أقولُ: واللهِ لأصومَنَّ النَّهارَ، ولأقومَنَّ اللَّيلَ ما عِشْتُ، فقُلتُ له: قد قلْتُه بأبي أنت وأمي، قال: فإنَّك لا تستطيعُ ذلك، فصُمْ وأفطِرْ، وقُمْ ونَمْ، وصُمْ مِن الشَّهرِ ثلاثةَ أيَّامٍ؛ فإنَّ الحَسَنةَ بعَشْرِ أمثالِها، وذلك مِثلُ صِيامِ الدَّهرِ. قلتُ: إنِّي أطيقُ أفضَلَ من ذلك. قال: فصُمْ يومًا وأفطِرْ يَومَينِ. قلتُ: إنِّي أُطيقُ أفضَلَ من ذلك. قال: فصُمْ يومًا وأفطِرْ يومًا؛ فذلك صيامُ داودَ عليه السَّلامُ، وهو أفضَلُ الصِّيامِ. فقُلتُ: إنِّي أُطيقُ أفضَلَ من ذلك. فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لا أفضَلَ مِن ذلك ))
وجهُ الدَّلالةِ مِن الحديثينِ:
أنَّه لا بدَّ أن يصادِفَ صيامُه يومَ السَّبتِ.
ثانيًا: لأنَّه إذا صادف يومُ السَّبتِ يومَ عَرفةَ، أو العاشِرَ مِن شَهرِ مُحَرَّم، لم يَصُمْه لأنَّه يومُ السَّبتِ، بل يصومُ يومًا من الأيَّامِ التي يُشرَعُ صَومُها، دون أن يعتقِدَ أنَّ في السَّبتِ مَزِيَّةً عن غَيرِه
المبحث الخامس: تخصيصُ شَهرِ رَجَب بالصَّومِ
يُكرَهُ تخصيصُ شَهرِ رَجَب بالصَّومِ، نص عليه الحَنابِلة
، وهو قول طائفة من السلف، واختيارُ ابن تيمية، وابن القيم وابن عثيمين وبه أفتت اللجنة الدائمة
الأدِلَّة:أوَّلًا: من الآثار
عن خَرَشةَ بنِ الحُرِّ قال: ((رأيتُ عُمَرَ يَضرِبُ أكُفَّ النَّاسِ في رَجَبٍ، حتى يَضَعوها في الجِفانِ، ويقولُ: كُلُوا؛ فإنما هو شهرٌ كان يُعَظِّمُه أهلُ الجاهليَّةِ))
ثانيًا: أنَّه لم تثبُتْ فَضيلةُ تَخصيصِه بالصِّيامِ، ولا صيامِ أيامٍ منه، بل صيامُه كباقي الشُّهورِ، فمن كان له عادةٌ بصيامٍ، فهو على عادَتِه، ومن لم يكُنْ له عادةٌ، فلا وجهِ لِتَخصيصِ صَومِه، ولا صومِ أوَّلِه، ولا ليلةَ السَّابِعِ والعِشرين منه
ما يَحْرُمُ صَومُــــــــه
المبحث الأول: صَومُ يَومَيِ العيدينِ
يَحرُمُ صَومُ يَومَي العيدينِ: الفِطرِ والأضحى.
الأدِلَّة:أوَّلًا: مِن السُّنَّةِ
1- عن أبي عُبَيدٍ مولى ابنِ أزهَرَ، قال: ((شَهِدْتُ العيدَ مع عُمَرَ بن الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه فقال: هذان يومانِ نهى رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن صيامِهما: يومُ فِطْرِكم من صيامِكم، واليومُ الآخَرُ تأكلونَ فيه من نُسُكِكم ))
2- عن أبي سعيدٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((نهى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن صومِ يومِ الفِطرِ والنَّحرِ، وعن الصَّمَّاءِ، وأن يحتبيَ الرَّجُلُ في ثَوبٍ واحدٍ ))
ثانيًا: من الإجماعِ
نقل الإجماعَ على ذلك: أبو جعفر الطبريُّ، وابنُ المُنذِر، والطحاويُّ، وابن حزم، وابنُ عبد البر، وابنُ رشد، وابن قُدامة والنووي
المبحث الثاني: صومُ أيَّامِ التَّشريقِ
المطلب الأول: المرادُ بأيَّامِ التَّشريقِ
أيامُ التَّشريقِ هي: الحادِيَ عَشَرَ، والثَّانيَ عَشَرَ، والثَّالِثَ عَشَرَ، مِن شَهرِ ذي الحِجَّةِ
المطلب الثاني: حُكمُ صَومِ أيَّامِ التَّشريقِ
يحرُمُ صَومُ أيَّامِ التَّشريقِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة، وهو قَولُ الظَّاهريَّة، وقولُ أكثَرِ أهلِ العِلمِ، وحُكي الإجماعُ على ذلك
الأدِلَّة منَ السُّنَّة:
1- عن أبى الْمَلِيحِ عن نُبَيشةَ الهُذَليِّ، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أيَّامُ التَّشريقِ أيَّامُ أكْلٍ وشُربٍ ))
2- عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((لم يُرخَّصْ في أيَّامِ التَّشريقِ أن يُصَمْنَ، إلَّا لِمَن لم يجِدِ الهَدْيَ ))
المطلب الثاني: حُكمُ صَومِ أيَّامِ التَّشريقِ
يحرُمُ صَومُ أيَّامِ التَّشريقِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة، وهو قَولُ الظَّاهريَّة، وقولُ أكثَرِ أهلِ العِلمِ، وحُكي الإجماعُ على ذلك
الأدِلَّة منَ السُّنَّة:
1- عن أبى الْمَلِيحِ عن نُبَيشةَ الهُذَليِّ، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أيَّامُ التَّشريقِ أيَّامُ أكْلٍ وشُربٍ ))
2- عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((لم يُرخَّصْ في أيَّامِ التَّشريقِ أن يُصَمْنَ، إلَّا لِمَن لم يجِدِ الهَدْيَ ))
المبحث الثالث: صومُ يومِ الشَّكِّ
المطلب الأول: تعريفُ يومِ الشَّكِّ
يومُ الشَّكِّ: هو اليومُ الثلاثون مِن شعبانَ، إذا لم تثبُتْ فيه الرؤيةُ ثبوتًا شرعيًّا
المطلب الثاني: حُكمُ صومِ يومِ الشَّكِّ
يحرُمُ صَومُ يَومِ الشَّكِّ خوفًا من أن يكونَ من رَمَضانَ، أو احتياطًا، وهذا مذهَبُ: المالكيَّة، والشَّافِعيَّة، وروايةٌ عن أحمد، وهو قَولُ طائفةٍ مِن السَّلَفِ، واختاره الجصَّاصُ، وابنُ حزمٍ، وابنُ عبدِ البَرِّ، وابنُ عُثيمين
الأدِلَّة:أوَّلًا: من الكتاب
عمومُ قَولِه تعالى: فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ..... [البقرة: 185]
وهذا لم يَشهَدِ الشَّهرَ، وصامه؛ فهو متعدٍّ لحدودِ الله عز وجلَّ.
ثانيًا: منَ السُّنَّة
1- عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَقَدَّمُوا رمضانَ بِصَومِ يومٍ ولا يومينِ، إلَّا رجلٌ كان يصومُ صَومًا فلْيَصُمْه ))
2- عن صِلَةَ بنِ زُفَرَ: ((قال كنَّا عند عمار بن ياسر، فأُتِيَ بشاةٍ مَصْلِيَّةٍ فقال: كُلُوا، فتنحَّى بعضُ القَومِ، فقال: إنِّي صائِمٌ، فقال عمَّارُ: من صامَ اليومَ الذي يَشُكُّ به النَّاسُ، فقد عصى أبا القاسِمِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ))
3- عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((الشَّهرُ تسِعٌ وعِشرونَ ليلة، فلا تصومُوا حتى تَرَوْه، فإنْ غُمَّ عليكم فأكمِلُوا العِدَّةَ ثلاثينَ ))
وجه الدلالة:
قوله: ((أكمِلُوا العِدَّةَ ثلاثين)) أمرٌ، والأصلُ في الأمرِ الوُجوبُ، فإذا وجَبَ إكمالُ شَعبانَ ثلاثينَ يومًا، حَرُمَ صَومُ يَومِ الشَّكِّ
المبحث الرابع: صومُ المرأةِ نفلًا بدونِ إذْنِ زَوْجِها
المطلب الأول: حُكمُ صومِ المرأةِ نَفلًا بدون إذنِ زَوجِها
لا يجوزُ للمرأةِ أن تصومَ نفلًا وزوجُها حاضرٌ، إلَّا بإذنِه، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة
الدَّليل منَ السُّنَّة:
عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا يحِلُّ للمرأةِ أن تصومَ وزَوجُها شاهِدٌ إلَّا بإذنِه ))
المطلب الثاني: حُكمُ تفطيرِ الزَّوجِ لامرأتِه التي صامَتْ نفلًا بغيرِ إذنِه
إذا صامَتِ الزوجةُ تطوُّعًا بغيرِ إذن زَوجِها؛ فله أن يُفَطِّرَها إذا احتاجَ إلى ذلك، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة؛ وذلك لأنَّ حَقَّه واجبٌ، وهو مقدَّمٌ على صَومِ التطوُّعِ
وما زلنا أحبابنا تابعونا جزاكم الله خيرا
::
ولا تنسونا من صالح دعائكم
::
التالي
::. التتابُعُ والتراخي في القضاءِ
أمس في 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
أمس في 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد
» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» العبادة وأركانها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد
» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور
» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد
» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد
» هيئات السجود المسنونة
الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» (( - 2 -)) خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأربعاء نوفمبر 13, 2024 11:28 pm من طرف صادق النور