من يُباحُ لهم الفِطرُ
المبحث الأول: حكمُ فِطرِ المريضِ
يُباحُ للمَريضِ الفِطرُ في رَمَضانَ، وذلك في الجملة.
الأدِلَّة:أوَّلًا: من الكتاب
قولُه تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184]
ثانيًا: من الإجماعِ
نقل الإجماعَ على ذلك ابنُ حَزمٍ، وابنُ قُدامةَ، والنَّوويُّ، وابنُ تيميَّةَ، والزَّركشيُّ، وابنُ عابِدينَ
-()- قال ابنُ حزم: وَاتَّفَقُوا على أنَّ مَن آذاه المَرَض وضَعفَ عَن الصَّوم، فله أن يُفطِرَ-- قال ابنُ قدامة: أجمعَ أهلُ العِلمِ على إباحةِ الفِطرِ للمَريضِ في الجملةِ -- قال ابنُ تيميَّة: فالمريضُ له أن يُؤخِّرَ الصَّومَ باتِّفاقِ المُسلمين -- قال الزركشيُّ: للمريضِ أن يُفطِرَ في الجملةِ بالإجماعِ، وقد شهِد له قولُه تعالى: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ [البقرة: 185]-- قال ابنُ عابدين: وأجمَعُوا على أنَّه لا يجِبُ على الحائِضِ والنُّفَساءِ والمَريضِ والمُسافِر --()
المطلب الأول: المرضُ الذي يزيدُ بالصَّومِ
إذا خاف المريضُ زيادةَ المَرَض بصيامِه أو كان يشُقُّ عليه ولا يضُرُّه؛ فله أن يُفطِر، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّة
، والمالكيَّة، والحَنابِلة، وهو قَولُ جُمهورِ العُلَماءِ
الدليل: من الكتاب
وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ البقرة: 185.
المطلب الثاني: المَرَضُ الذي يضُرُّ الصَّائِم ويَخافُ معه الهَلاك
إذا كان المَرَضُ يضُرُّ الصَّائِم، وخَشِيَ الهلاكَ بِسَبَبه؛ فالفِطرُ عليه واجبٌ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، وجزم به جماعةٌ من الحَنابِلة
الأدِلَّة: مِنَ الكتاب
1- قولُه تعالى: وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ [النساء: 29]
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّهيَ هنا يَشمَلُ ما فيه إزهاقٌ للنَّفسِ، وما فيه ضَرَرٌ؛ بدليلِ احتجاجِ عَمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللهُ عنه بهذه الآيةِ على تَرْكِه الاغتسالَ في شِدَّةِ البَرْدِ لَمَّا أجنَبَ؛ وإقرارِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم له
2- قولُه تعالى: وَلَا تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة: 195]
المطلب الثالث: المَرَضُ اليسيرُ
مَن مَرِضَ مرضًا لا يؤثِّر فيه الصَّومُ، ولا يتأذَّى به- مثل الزُّكام أو الصُّداع اليَسيرَينِ، أو وجَع الضِّرس، وما أشبه ذلك- فلا يحِلُّ له أن يُفطِرَ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة؛ وذلك لأنَّ المريضَ إذا لم يتأذَّ بالصَّومِ، كان كالصَّحيحِ فيَلْزَمُه الصِّيامُ؛ ولأنَّ المَرَضَ لَمَّا كان منه ما يَضُرُّ، ومنه ما لا يَضُرُّ، اعتُبِرَت حِكمَتُه، وهي ما يُخافُ منه الضَّرَرُ
إذا أفطَرَ مَن كان به مرضٌ يُرجى بُرْؤُهُ ثم شُفِيَ؛ وجب عليه قضاءُ ما أفطَرَه من أيَّامٍ.
الأدِلَّة:أوَّلًا: من الكتاب
قوله تعالى: فَمَن كَانَ مِنكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة: 184]
ففي قَولِه سبحانه: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ دليلٌ على وُجوبِ القَضَاءِ عليه إذا شُفِيَ.
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقل الإجماعَ على ذلك ابنُ حَزمٍ، وابنُ رُشدٍ، وابنُ قُدامةَ، وابنُ حجرٍ الهيتميُّ _()- قال ابنُ حزم: واتَّفقوا أنَّ مَن أفطر في سفرٍ أَو مرضٍ؛ فعليه قضاءُ أيَّامِ عدَدِ ما أفطَرَ، ما لم يأْتِ عليه رمضانُ آخَرُ -- قال ابنُ رشد: وأمَّا حُكمُ المُسافِرِ إذا أفطر، فهو القضاءُ باتِّفاق، وكذلك المريضُ؛ لقوله تعالى: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ -- قال ابنُ قدامة: ويلزم المسافرَ والحائضَ والمريضَ القضاءُ، إذا أفطَرُوا، بغير خِلاف-- قال ابنُ حجر الهيتميُّ: "وإذا أفطَر المسافرُ والمريضُ قضَيَا"؛ للآية، (وكذا الحائض) والنُّفَساء إجماعًا-- ()
إذا أفطَرَ من كان به مَرَضٌ لا يُرجى بُرْؤُهُ- كأن يكونَ مَرَضُه مزمنًا- فإنَّه يُطعِمُ عن كلِّ يومٍ مسكينًا، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة، وهو قولُ أكثَرِ أهلِ العِلمِ؛ وذلك إلحاقًا له بالشَّيخِ الكبيرِ والمرأةِ العجوز؛ لقوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ البقرة: 184 لأنَّه في معناهما
المطلب الأول: حُكمُ صومِ المريضِ إذا تحامَلَ على نفسِه
إذا تحامَلَ المريضُ على نفسه فصامَ؛ فإنه يُجزئهُ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك؛ وذلك لأنَّ الصَّومَ عزيمةٌ أُبِيحَ ترْكُها رُخصةً، فإذا تحمَّلَه، أجزَأَه؛ كالمريضِ الذي يُباحُ له تركُ الجُمُعة إذا حَضَرها، والذي يُباحُ له ترْكُ القِيامِ في الصَّلاةِ إذا قام فيها
المطلب الثاني: إذا أصبَحَ المريضُ صائمًا ثم بَرَأَ في النَّهارِ
إذا أصبَحَ المريضُ صائمًا ثم بَرَأَ في النَّهارِ؛ فإنَّه لا يُفطِرُ ويلزَمُه الإتمامُ؛ نصَّ عليه الحَنَفيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة؛ وذلك لانتفاءِ ما يُبيحُ له الفِطرَ.
المطلب الثالث: حُكمُ إمساكِ المُفطِرِ لمَرَضٍ إذا زال مرضُه أثناءَ النَّهارِ
إذا أفطَرَ المريضُ ثم زال مرَضُه أثناءَ النَّهارِ؛ فقد اختلف أهلُ العِلم في إمساكِه بقيَّةَ اليومِ على قولينِ:
القول الأول:
لا يلزَمُه إمساكُ بقِيَّةِ اليومِ، وهو مذهب المالكِيَّة، والشَّافِعيَّة، وروايةٌ عند الحَنابِلة، وهو اختيارُ ابنِ عُثيمين
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّه لا دليلَ على وُجوبِ الإمساكِ.
ثانيًا: لأنَّه لا فائدةَ مِن هذا الإمساكِ، وذلك لوُجوبِ القَضَاءِ عليه
ثالثًا: لأنَّ حُرمةَ الزَّمَنِ قد زالَتْ بِفِطرِه أوَّلَ النَّهارِ
القول الثاني:
يلزَمُه الإمساكُ، وهو مذهب الحَنَفيَّة، والحَنابِلة، ووجهٌ عند الشَّافِعيَّة، وهو قَولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ
وذلك لأنَّ المريضَ صار مِن أهلِ الوُجوبِ حين زوالِ مَرَضِه؛ فيُمسِكُ تشبُّهًا بالصَّائِمينَ وقضاءً لحَقِّ الوقتِ
المبحث الأول: حُكمُ فطرِ المُسافِرِ
يجوزُ للمُسافِرِ أن يُفطِرَ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة، وحُكِي الإجماعُ على ذلك
الأدِلَّة:أوَّلًا: من الكتاب
قوله تعالى: فَمَن كَانَ مِنكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة: 184]
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
عن أنسِ بنِ مالكٍ الكعبيِّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((أتيتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في إبلٍ كانت لي أُخِذَتْ، فوافَقْتُه وهو يأكُلُ، فدعاني إلى طعامِه، فقُلتُ: إنِّي صائِمٌ، فقال: اُدْنُ أُخبِرْك عن ذلك، إنَّ اللهَ وضَعَ عَن المُسافرِ الصَّومَ، وشَطْرَ الصَّلاةِ ))
المبحث الثاني: حكمُ صَومِ المُسافِرِ
المطلب الأول: حُكمُ صومِ المُسافِرِ الذي لا يشُقُّ عليه الصَّومُ
إذا لم يَشُقَّ الصَّومُ على المسافِرِ، واستوى عنده الصَّومُ والفِطْرُ، فاختلف أهلُ العِلمِ في الأفضَلِ له: الصَّومُ أم الفِطرُ، على قولين:
القول الأول:
الصَّومُ أفضَلُ له، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّة والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، واختاره ابنُ عُثيمين
الأدِلَّة:أوَّلًا: من الكتاب
عمومُ قَولِه تعالى: وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة: 184]
ثانيًا: منَ السُّنَّة
عن أبي الدرداء رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((خَرَجْنا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في بعضِ أسفارِه في يومٍ حارٍّ، حتى يضَعَ الرَّجُلُ يَدَه على رأسِه مِن شِدَّةِ الحرِّ، وما فينا صائِمٌ إلَّا ما كان مِن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وابنِ رواحةَ ))
وجهُ الدلالة:
فعلُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، حيث صام هذا اليومَ وهو مُسافِرٌ، وفِعلُهُ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ هو الأفضَلُ
ثالثًا: لأنَّ الصَّومَ أسرَعُ في إبراءِ الذِّمَّةِ؛ لأنَّ القضاءَ يتأخَّرُ
رابعًا: أنَّ الصَّومَ أسهَلُ على المُكَلَّفِ غالبًا؛ لأنَّ الصَّومَ والفِطرَ مع النَّاسِ أسهَلُ مِن أن يستأنِفَ الصَّومَ بعد ذلك، كما هو مجرَّبٌ ومعروفٌ
خامسًا: لأنَّ الصَّومَ عزيمةٌ، والفِطرَ رخصةٌ، ولا شَكَّ أنَّ العزيمةَ أفضَلُ
القول الثاني
الفِطرُ أفضَلُ له، وهو مذهَبُ الحَنابِلة، وطائفةٍ من السّلَفِ، وهو قَولُ ابنِ تَيميَّةَ، وابنِ باز
الدَّليل منَ السُّنَّة:
عمومُ ما جاء عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنه؛ حيث قال: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سَفَرٍ، فرأى زِحامًا ورجلًا قد ظُلِّلَ عليه، فقال: ما هذا؟ فقالوا: صائِمٌ، فقال: ليس مِنَ البِرِّ الصَّومُ في السَّفَرِ ))
المطلب الثاني: حُكمُ صومِ المُسافِرِ الذي يلحَقُه بالصَّومِ مشقةٌ
إذا شقَّ الصَّومُ على المسافِرِ، بحيث يكونُ الفِطرُ أرفَقَ به، فالفِطرُ في حقِّه أفضَلُ؛ وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة؛ وذلك لأنَّ ارتكابَ المَشقَّةِ مع وجودِ الرُّخصةِ يُشعِرُ بالعُدولِ عن رُخصةِ اللهِ عزَّ وجَلَّ
المبحث الثالث: إقامةُ المُسافِرِ التي يُفطِرُ فيها
لا يُفطِرُ المُسافِرُ إذا نوى الإقامةَ أربعةَ أيَّامٍ فأكثَرَ، وهذا مَذهَبُ المالكِيَّة، والشَّافِعيَّة، وروايةٌ عن أحمد،وبه قال بعضُ السَّلَف، واختارَه الطبريُّ
الدَّليل منَ السُّنَّة:
عن العلاءِ بنِ الحَضرميِّ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((يُقيمُ المُهاجِرُ بمكَّةَ بعد قضاءِ نُسُكِه ثلاثًا ))
وجهُ الدَّلالة:
أنَّ المُهاجِرينَ حُرِّمَتْ عليهم الإقامةُ بمكَّةَ قبل فَتحِها، فلمَّا صارت دارَ إسلامٍ، تحرَّجَ المسلمونَ مِن الإقامةِ فيها؛ ليكونوا على هِجرَتِهم، وكانوا لا يَدخُلونَها إلَّا لِقَضاءِ نُسُكٍ، فلما أذِنَ لهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الإقامةِ فيها ثلاثةَ أيَّامٍ؛ دلَّ ذلك على أنَّها في حُكمِ السَّفَرِ، وما زاد على الثَّلاثِ فهو في حُكمِ الإقامةِ
المبحث الرابع: حُكمُ صَومِ مَن سَفَرُه شِبْه دائِمٌ
يُباحُ الفِطرُ لِمَن كان سَفَرُه شِبْهَ دائمٍ، كسائِقِي الطَّائراتِ والقِطاراتِ والشَّاحنات ونحوِهم، إذا كان له بلدٌ يأوي إليه، وهذا اختيارُ ابنِ تَيميَّةَ، وابن عُثيمين
الدَّليل من الكتاب:
قولُه تعالى: فَمَن كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة: 184]
وجه الدَّلالة:
أنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ أطلَقَ إباحةَ الترخُّصِ بالسَّفَرِ، ولم يُقَيِّدْه بشيءٍ
--() قال ابنُ تيمية: ويُفطِرُ مَن عادَتُه السَّفَرُ إذا كان له بلدٌ يأوي إليه، كالتَّاجِرِ الجَلَّاب الذي يجلِبُ الطَّعامَ وغَيرَه مِنَ السِّلَع، وكالمكاري الذي يكري دوابَّه مِنَ الجلَّابِ وغيرهم، وكالبريدِ الذي يسافِرُ في مصالِحِ المسلمين ونحوهم، وكذلك الملَّاحُ الذي له مكانٌ في البَرِّ يسكُنُه، فأمَّا من كان معه في السفينةِ امرأتُه وجميعُ مصالِحِه ولا يزالُ مسافرًا، فهذا لا يَقصُرُ ولا يُفطِرُ. وأهل البادية: كأعرابِ العَرَب والأكراد والتُّرك وغيرهم الذين يَشتُونَ في مكانٍ ويصِيفونَ في مكانٍ إذا كانوا في حالِ ظَعْنِهم مِنَ المشتى إلى المَصيف ومِنَ المصيف إلى المَشتى، فإنَّهم يَقصُرون. وأما إذا نزَلوا بمشتاهم ومَصيفهم لم يُفطِروا ولم يَقصُروا، وإن كانوا يتتبَّعون المراعِيَ، والله أعلم-- قال ابنُ عُثيمين: يجوز له أن يُفطِرَ في هذه الحالِ، ولو كان دائمًا يسافِرُ في هذه السيارةِ؛ لأنَّه ما دام له مكانٌ يأوي إليه وأهلٌ يأوي إليهم، فهو إذا فارَقَ هذا المكانَ وأولئك الأهلَ فهو مُسافِرٌ، وعلى هذا فيجوزُ له أن يفعَلَ ما يفعَلُه المسافِرونَ؛ فإنَّ اللهَ تعالى قد أطلَقَ في الآيةِ، فقال: أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ولم يُقَيِّدْه بشيءٍ، فما أطلَقَه اللهُ تعالى ورسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فإنَّه يجِبُ العَمَلُ بِمُطلَقِه--()
المطلب الأول: قضاءُ المُسافِرِ الأيَّامَ التي أفطَرَها
إذا أفطَرَ المسافِرُ وجب عليه قضاءُ ما أفطَرَه مِن أيَّامٍ.
الأدِلَّة:أوَّلًا: من الكتاب
قوله تعالى: فَمَن كَانَ مِنكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة: 184]
في قوله سبحانه: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ دليلٌ على وُجوبِ القَضاءِ عليه إذا أفطَرَ.
ثانيًا: من الإجماع
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حَزمٍ، وابنُ رُشدٍ، وابنُ قُدامةَ، وابنُ حجر الهيتميُّ
المطلب الثاني: حُكمُ فِطْرِ المُسافِرِ إذا دخل عليه شهرُ رَمَضانَ في سَفَرِه
إذا دخل على المسافِرِ شهرُ رَمَضانَ وهو في سفَرِه، فله الفِطْرُ.
الدليل من الإجماع:
نقل الإجماعَ على ذلك ابنُ حَزمٍ، وابنُ قُدامةَ
المطلب الثالث: إذا سافر أثناءَ الشَّهرِ ليلًا
إذا سافر أثناءَ الشَّهرِ، وخرج مِن بلدَتِه قبل الفَجرِ، فله الفِطرُ في صبيحةِ اللَّيلةِ التي يخرُجُ فيها وما بَعدَها؛ باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة، وهو قولُ عامَّةِ أهلِ العلمِ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
الدَّليل من الكتاب:
قولُه تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أيَّامٍ أُخَرَ [البقرة: 184]
وجه الدلالة:
أنَّه مُسافِرٌ، فأُبيح له الفِطرُ كما لو سافَرَ قبل الشَّهرِ، والآيةُ تناولتِ الأمرَ بالصَّومِ لِمَن شهِدَ الشَّهرَ كلَّه، وهذا لم يَشهَدْه كلَّه
المطلب الرابع: حكمُ فِطرِ المُسافِرِ إذا سافَرَ أثناءَ نَهارِ رَمَضان
إذا سافَرَ أثناءَ نَهارِ رمَضانَ، وخرج من بلَدِه، فله أن يُفطِرَ، وهو مذهَبُ الحَنابِلة، وقَولُ المُزنيِّ من الشَّافعيَّة، وقولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ، واختارَه ابنُ المُنذِر، وابنُ عُثيمين
الأدِلَّة:أوَّلًا: من الكتاب
عمومُ قَولِه تعالى: وَمَنْ كَانَ مرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة: 185]
وجه الدلالة:
1- أنَّ مَن كان مريضًا أو على سَفَرٍ فأفطَرَ، فعِدَّةٌ مِن أيَّامٍ أُخَرَ، وهذا قد صار على سَفَرٍ؛ فيصدُقُ عليه أنَّه مِمَّن رُخِّصَ له بالفِطرِ، فيُفطِر
2- كما أنَّ السَّفَر أحدُ الأمرَينِ المنصوصِ عليهما في إباحةِ الفِطرِ بهما، فكما يُبيحُ المَرَضُ الفِطرَ أثناءَ النَّهارِ، فكذلك السَّفَرُ
المطلب الخامس: حُكمُ إمساكِ بقيَّةِ اليومِ إذا قَدِمَ المُسافِرُ أثناءَ النَّهارِ مُفطرًا
إذا قَدِمَ المسافِرُ أثناءَ النَّهارِ مُفطرًا، فقد اختلف أهلُ العِلمِ في إمساكِه بقيَّةَ اليومِ، على قولين:
القول الأول:
لا يجِبُ عليه إمساكُ بقيَّةِ النَّهار، وهو مذهب المالكيَّة، والشَّافِعيَّة، وروايةٌ عند الحَنابِلة، وهو اختيارُ ابنِ عُثيمين
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّه لا دليلَ على وُجوبِ الإمساكِ.
ثانيًا: أنَّه لا يستفيدُ مِن هذا الإمساكِ شيئًا لوُجوبِ القَضاءِ عليه
ثالثًا: لأنَّ حُرمةَ الزَّمَنِ قد زالَتْ بفِطْرِه المُباحِ له أوَّلَ النَّهارِ ظاهرًا وباطنًا، فإذا أفطَرَ كان له أن يستديمَه إلى آخِرِ النَّهارِ، كما لو دام العُذرُ
القول الثاني:
يلزَمُه الإمساكُ، وهو مذهب الحَنَفيَّة، والحَنابِلة، ووجهٌ عند الشَّافِعيَّة وطائفةٍ مِنَ السَّلَفِ، وهو اختيارُ ابنِ باز
وذلك لأنَّ المُسافِرَ صار من أهلِ الوُجوبِ حين قُدومِه؛ فيُمسِكُ تشبهًا بالصَّائِمين، وقضاءً لحقِّ الوقتِ
المطلب السادس: حُكمُ فِطرِ المسافِرِ إذا كان سَفَرُه بوسائِلِ النَّقلِ المُريحةِ
يُباحُ الإفطارُ للمُسافِرِ، ولو كان سَفَرُه بوسائِلِ النَّقلِ المريحة، سواءٌ وجَدَ مشقَّةً أو لم يجِدْها.
الدَّليل من الإجماعِ:
نقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ تيميَّة -- () قال ابنُ تيمية: ويجوزُ الفِطرُ للمُسافِرِ باتِّفاقِ الأمَّةِ، سواءٌ كان قادرًا على الصِّيامِ أو عاجزًا، وسواءٌ شَقَّ عليه الصَّومُ أو لم يشُقَّ؛ بحيث لو كان مسافرًا في الظِّلِّ والماءِ ومعه مَن يَخدمُه جاز له الفِطرُ والقَصرُ
المبحث الأول: حكمُ صَومِ الرَّجُلِ الكبيرِ والمرأةِ العَجوزِ الأدِلَّة:أوَّلًا: من الكتاب
قوله تعالى: فَمَن كَانَ مِنكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة: 184]
في قوله سبحانه: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ دليلٌ على وُجوبِ القَضاءِ عليه إذا أفطَرَ.
ثانيًا: من الإجماع
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حَزمٍ، وابنُ رُشدٍ، وابنُ قُدامةَ، وابنُ حجر الهيتميُّ
المطلب الثاني: حُكمُ فِطْرِ المُسافِرِ إذا دخل عليه شهرُ رَمَضانَ في سَفَرِه
إذا دخل على المسافِرِ شهرُ رَمَضانَ وهو في سفَرِه، فله الفِطْرُ.
الدليل من الإجماع:
نقل الإجماعَ على ذلك ابنُ حَزمٍ، وابنُ قُدامةَ
المطلب الثالث: إذا سافر أثناءَ الشَّهرِ ليلًا
إذا سافر أثناءَ الشَّهرِ، وخرج مِن بلدَتِه قبل الفَجرِ، فله الفِطرُ في صبيحةِ اللَّيلةِ التي يخرُجُ فيها وما بَعدَها؛ باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة، وهو قولُ عامَّةِ أهلِ العلمِ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
الدَّليل من الكتاب:
قولُه تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أيَّامٍ أُخَرَ [البقرة: 184]
وجه الدلالة:
أنَّه مُسافِرٌ، فأُبيح له الفِطرُ كما لو سافَرَ قبل الشَّهرِ، والآيةُ تناولتِ الأمرَ بالصَّومِ لِمَن شهِدَ الشَّهرَ كلَّه، وهذا لم يَشهَدْه كلَّه
المطلب الرابع: حكمُ فِطرِ المُسافِرِ إذا سافَرَ أثناءَ نَهارِ رَمَضان
إذا سافَرَ أثناءَ نَهارِ رمَضانَ، وخرج من بلَدِه، فله أن يُفطِرَ، وهو مذهَبُ الحَنابِلة، وقَولُ المُزنيِّ من الشَّافعيَّة، وقولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ، واختارَه ابنُ المُنذِر، وابنُ عُثيمين
الأدِلَّة:أوَّلًا: من الكتاب
عمومُ قَولِه تعالى: وَمَنْ كَانَ مرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة: 185]
وجه الدلالة:
1- أنَّ مَن كان مريضًا أو على سَفَرٍ فأفطَرَ، فعِدَّةٌ مِن أيَّامٍ أُخَرَ، وهذا قد صار على سَفَرٍ؛ فيصدُقُ عليه أنَّه مِمَّن رُخِّصَ له بالفِطرِ، فيُفطِر
2- كما أنَّ السَّفَر أحدُ الأمرَينِ المنصوصِ عليهما في إباحةِ الفِطرِ بهما، فكما يُبيحُ المَرَضُ الفِطرَ أثناءَ النَّهارِ، فكذلك السَّفَرُ
المطلب الخامس: حُكمُ إمساكِ بقيَّةِ اليومِ إذا قَدِمَ المُسافِرُ أثناءَ النَّهارِ مُفطرًا
إذا قَدِمَ المسافِرُ أثناءَ النَّهارِ مُفطرًا، فقد اختلف أهلُ العِلمِ في إمساكِه بقيَّةَ اليومِ، على قولين:
القول الأول:
لا يجِبُ عليه إمساكُ بقيَّةِ النَّهار، وهو مذهب المالكيَّة، والشَّافِعيَّة، وروايةٌ عند الحَنابِلة، وهو اختيارُ ابنِ عُثيمين
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّه لا دليلَ على وُجوبِ الإمساكِ.
ثانيًا: أنَّه لا يستفيدُ مِن هذا الإمساكِ شيئًا لوُجوبِ القَضاءِ عليه
ثالثًا: لأنَّ حُرمةَ الزَّمَنِ قد زالَتْ بفِطْرِه المُباحِ له أوَّلَ النَّهارِ ظاهرًا وباطنًا، فإذا أفطَرَ كان له أن يستديمَه إلى آخِرِ النَّهارِ، كما لو دام العُذرُ
القول الثاني:
يلزَمُه الإمساكُ، وهو مذهب الحَنَفيَّة، والحَنابِلة، ووجهٌ عند الشَّافِعيَّة وطائفةٍ مِنَ السَّلَفِ، وهو اختيارُ ابنِ باز
وذلك لأنَّ المُسافِرَ صار من أهلِ الوُجوبِ حين قُدومِه؛ فيُمسِكُ تشبهًا بالصَّائِمين، وقضاءً لحقِّ الوقتِ
المطلب السادس: حُكمُ فِطرِ المسافِرِ إذا كان سَفَرُه بوسائِلِ النَّقلِ المُريحةِ
يُباحُ الإفطارُ للمُسافِرِ، ولو كان سَفَرُه بوسائِلِ النَّقلِ المريحة، سواءٌ وجَدَ مشقَّةً أو لم يجِدْها.
الدَّليل من الإجماعِ:
نقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ تيميَّة -- () قال ابنُ تيمية: ويجوزُ الفِطرُ للمُسافِرِ باتِّفاقِ الأمَّةِ، سواءٌ كان قادرًا على الصِّيامِ أو عاجزًا، وسواءٌ شَقَّ عليه الصَّومُ أو لم يشُقَّ؛ بحيث لو كان مسافرًا في الظِّلِّ والماءِ ومعه مَن يَخدمُه جاز له الفِطرُ والقَصرُ
يُباح الفِطرُ للشَّيخِ الكبيرِ والمرأةِ العَجوزِ، اللَّذينِ لا يُطيقانِ الصَّومَ.
الأدِلَّة:أوَّلًا: من الكتاب
قولُه تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ [البقرة: 184]
قال ابنُ عبَّاسٍ: «ليسَتْ بمنسوخةٍ، هو الشَّيخُ الكبيرُ، والمرأةُ الكبيرةُ لا يستطيعانِ أن يصوما، فيُطعِمانِ مكانَ كُلِّ يومٍ مِسكينًا»
ثانيًا: من الإجماع
نقل الإجماعَ على ذلك ابنُ المُنذِرِ، وابنُ حَزمٍ، وابنُ عبدِ البَرِّ -- () قال ابنُ المنذر: وأجمعوا على أنَّ للشَّيخِ الكبيرِ، والعجوزِ؛ العاجزينِ عَنِ الصَّومِ أن يُفطِرَا -- ()
إذا أفطَرَ الرَّجُلُ الكبيرُ والمرأةُ العجوزُ؛ فعليهما أن يُطعِما عن كلِّ يومٍ مسكينًا، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّة
، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
الدَّليل:أوَّلًا: من الكتاب
قوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ [البقرة: 184]
قال ابنُ عبَّاسٍ: «ليسَتْ بمنسوخةٍ، هو الشَّيخُ الكبيرُ، والمرأةُ الكبيرةُ لا يستطيعانِ أن يصوما، فيُطعِمانِ مكانَ كُلِّ يومٍ مِسكينًا»
ثانيًا: من الآثار
عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه (أنَّه لَمَّا كَبِرَ حتى كان لا يُطيقُ الصِّيامَ، فكان يُفطِرُ ويُطعِمُ)
ثالثا: وذلك لأنَّ الأداءَ صَومٌ واجِبٌ، فجاز أن يَسقُطَ إلى الكفَّارةِ كالقضاءِ
تابعونا أحبابنا جزاكم الله خيرا
::
ولا تنسونا من صالح دعائكم
::
التالي :. حكمُ صَومِ الحامِلِ والمرضِعِ
أمس في 3:20 pm من طرف عبدالله الآحد
» وجوب الدعوة إلى توحيد الله سبحانه
الخميس نوفمبر 21, 2024 3:00 pm من طرف عبدالله الآحد
» كتاب الترجيح في مسائل الطهارة والصلاة
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد
» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» العبادة وأركانها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد
» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور
» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد
» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد