المبحث الأول: ما يُكرَهُ ويحرُمُ على الصَّائِم
المطلب الأول: المُبالغةُ في المضمضةِ والاستنشاقِ
تُكرَهُ المبالغةُ في المضمضةِ والاستنشاقِ للصَّائِمِ
الأدِلَّة:
أوَّلًا: منَ السُّنَّة
عن عاصمِ بنِ لقيطِ بنِ صبرةَ عن أبيه قال: ((قلتُ: يا رسولَ اللهِ، أخبِرْني عن الوضوءِ، قال: أسبِغِ الوُضوءَ، وبالِغْ في الاستنشاقِ، إلَّا أن تكونَ صائمًا ))
ثانيًا:من الإجماع
نقل الإجماعَ على ذلك ابنُ قُدامةَ
المطلب الثاني: الوِصالُ
يُكرَهُ الوِصالُ في الصَّومِ، وهو مذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والحَنابِلة، ووجه عند الشَّافِعيَّة، وعليه أكثرُ أهلِ العلمِ
الدَّليل منَ السُّنَّة:
عن أبي سعيدٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه سَمِعَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: ((لا تُواصِلوا، فأيُّكم إذا أرادَ أن يُواصِلَ فلْيُواصِلْ حتى السَّحَرِ. قالوا: فإنَّك تُواصِلُ يا رسولَ الله. قال: إنِّي لَسْتُ كَهَيئَتِكم؛ إني أَبِيتُ لي مُطعِمٌ يُطعِمُني وساقٍ يَسقِيني ))
وجه الدلالة:
أنَّ النَّهيَ في الحديثِ مَحمولٌ على الكراهةِ؛ لأنَّ النَّهيَ وقع رِفقًا ورحمةً وشَفقةً على الأمَّةِ، كيلا يشُقَّ عليهم، ولهذا واصَلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
المطلب الثالث: ذَوْقُ الطَّعامِ بِغَيرِ حاجةٍ
يُكرَهُ ذَوقُ الطَّعامِ بِغَيرِ حاجةٍ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة
وذلك لأنَّه ربَّما يَنزِلُ شَيءٌ من هذا الطَّعامِ إلى جَوفِه، من غيرِ أن يشعُرَ به، فيكونُ في ذَوقِه لهذا الطعامِ تَعريضٌ لِفَسادِ الصَّومِ، وأيضًا ربَّما يكونُ مُشتَهِيًا للطَّعام كثيرًا فيتذوَّقُه؛ لأجْلِ أن يتلذَّذَ به، وربما يمتَصُّه بقُوَّةٍ، ثم ينزِلُ إلى جوفه
المطلب الرابع: القُبلةُ
تَحرُمُ القُبلةُ على الصَّائِمِ، إذا لم يأمَن من الجِماعِ أو الإنزالِ وهو مذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّة والشَّافِعيَّة والحَنابِلة وحُكي الإجماعُ على ذلك
الأدِلَّة:
أولا مِن السُّنَّةِ:
عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُقَبِّلُ وهو صائِمٌ، ويُباشِرُ وهو صائِمٌ، ولكنَّه أمْلَكُكم لإِرْبِه ))
ثانيًا: لأنَّه إذا لم يأمَنْ أنَّه إذا قبَّلَ أنزَلَ، لم تَحِلَّ له؛ لأنَّها مُفسِدةٌ لِصَومِه، فحَرُمَت، كالأكلِ
المبحث الثاني: ما يُباحُ للصَّائِمِ
المطلب الأول: تأخيرُ الجُنُبِ والحائضِ إذا طَهُرَت الاغتسالَ إلى طُلوعِ الفَجرِ
الفرع الأول: تأخيرُ الجُنُبِ الاغتسالَ إلى طلوعِ الفَجرِ
يباحُ للجُنُبِ أن يؤخِّرَ الاغتسالَ مِن الجنابةِ إلى طُلوعِ الفَجرِ.
الأدِلَّة:أوَّلًا: مِن السُّنَّةِ
عن عائشةَ وأمِّ سلَمةَ: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يُدرِكُه الفَجرُ وهو جُنُبٌ مِن أهلِه، ثم يغتَسِلُ ويَصومُ ))
ثانيًا: من الإجماع
نقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ العربيِّ، وابنُ قُدامةَ، وابنُ حَجرٍ
الفرع الثاني: تأخيرُ الحائِضِ الاغتسالَ إلى طلوعِ الفَجرِ
يُباحُ للحائِضِ إذا طهُرَتْ أن تؤخِّرَ الاغتسالَ مِنَ الحيضِ إلى طلوعِ الفَجرِ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة؛ وذلك قياسًا على الجُنُبِ إذا أخَّرَ اغتسالَه إلى طُلوعِ الفَجرِ
يُباحُ للصَّائِمِ المضمضةُ والاستنشاقُ مِن غَيرِ مُبالغةٍ.
الأدِلَّة:أوَّلًا: من الإجماع
نقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ تيميَّة
ثانيًا: وذلك لأنَّ الفَمَ في حُكمِ الظَّاهر، لا يَبطُلُ الصَّومُ بالواصِلِ إليه، كالأنفِ والعَينِ
لا بأسَ أن يغتَسِلَ الصَّائِمُ، أو يصُبَّ الماءَ على رأسِه مِن الحَرِّ أو العَطشِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة
الأدِلَّة من السنة:
1- عن عائشةَ وأمِّ سَلمةَ رَضِيَ الله تعالى عنهما قالتا: ((نشهَدُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إن كان لَيُصبِحُ جُنُبًا، من غيرِ احتلامٍ، ثم يغتَسِلُ ثم يصومُ ))
2- عن بعض أصحابِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((لقد رأيتُ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بِالْعَرْجِ يصُبُّ الماءَ على رأسِه وهو صائِمٌ، مِن العَطَشِ، أو مِنَ الحَرِّ ))
يُباحُ للصَّائِمِ ذَوقُ الطَّعامِ عند الحاجةِ أو المصلحةِ، كمعرفةِ استواءِ الطَّعامِ أو مِقدارِ مُلوحَتِه، أو عند شرائِه لاختِبارِه، بِشَرطِ أن يَمُجَّه بعد ذلك، أو يغسِلَ فَمَه، أو يدلُك لِسانَه، وهذا مذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّة، والشَّافِعيَّة والحَنابِلة
الأدِلَّة:أوَّلًا: منَ السُّنَّة
عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((لا بأسَ أن يتطَعَّمَ القِدْرَ، أو الشَّيءَ))
ثانيًا: لِعَدمِ الفِطرِ صُورةً ومَعنًى.
ثالثًا: لأنه لم يدخُلْ إلى حَلْقِه شيءٌ، فأشبَهَ المَضمضةَ
يُباحُ للصَّائِمِ القُبلةُ والمباشَرةُ فيما دون الفَرجِ، بشرْطِ أن يملِكَ نَفسَه، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّة والشَّافِعيَّة والحَنابِلة
الدليل من السنة:
عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقبِّلُ وهو صائم، ويباشِرُ وهو صائِمٌ، ولكِنَّه أملَكُكم لإرْبِه
الفرع الأول: شَمُّ الطِّيبِ والرَّوائِحِ
يجوزُ للصَّائِمِ التطيُّبُ وشَمُّ الرَّوائِحِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ الصَّائِمَ لم يَنْهَ عن التطيُّبِ، فدَلَّ على جوازِه
ثانيًا: لأنَّه لا يتصاعَدُ إلى جسمِ الصَّائِم منها شيءٌ سوى مجرَّدِ الرَّائحةِ
ثالثًا: أنَّ الرَّوائحَ عِبارةٌ عن هواءٍ تطيَّبَ بريحِ المِسكِ وشِبهِه والرَّائحةُ لا جِسمَ لها
الفرع الثاني: حكمُ استنشاقِ البَخورِ
اختلف أهلُ العِلمِ في حُكمِ استنشاقِ البَخورِ للَّصائِمِ: هل يفطِرُ أم لا؛ على قولين:
القول الأول:
استنشاقُ البَخورِ يُفسِدُ الصَّومَ وهو مذهَبُ الحَنَفيَّةِ، والمالكيَّة؛ واختاره ابن عُثيمين؛ وذلك لأنَّ دُخانَ البَخورِ له جِرْمٌ ينفُذُ إلى الجَوفِ، فيكونُ مُفَطِّرًا كالماءِ
القول الثاني:
استنشاقُ البَخورِ لا يُفسِدُ الصَّومَ، وهو مذهَبُ الشَّافِعيَّة وقولُ ابنِ حَزمٍ واختاره ابنُ تيميَّةَ
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّه لم يَرِدْ دَليلٌ على كَونِه مُفطِّرًا.
ثانيًا: أنَّه لو كان هذا ممَّا يُفطِّرُ، لبَيَّنَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، كما بيَّنَ الإفطارَ بغيرِه، فلمَّا لم يُبَيِّنْ ذلك عُلِمَ أنَّه لا يُفطِّرُ
ثالثًا: لأنَّه ليس بأكلٍ ولا شُربٍ، ولا ممَّا يتغَذَّى به البدَنُ ويسْتَحيلُ في المَعِدةِ دمًا
الفرع الأول: حكمُ استعمالِ الصَّائِمِ للسِّواكِ
يُباحُ للصَّائِمِ استعمالُ السِّواكِ في أيِّ وقتٍ، سواءٌ كان قبل الزَّوالِ أو بعدَه؛ ذهب إلى ذلك الحَنَفيَّة، والمالكية، وحُكِيَ عن الشافعي، وهو قولُ بعضِ الشَّافعية، ورواية عن أحمد، وهو اختيارُ النووي، وابنِ تيمية، وابن القيِّم، والشَّوكاني، وابنِ باز، والألباني، وابنِ عُثيمين وهو قَولُ طائفةٍ مِن السَّلَفِ، وأكثَرِ العُلماء
وذلك للآتي:
أولًا: لعمومِ الأحاديثِ الواردةِ في استحبابِ السِّواكِ، ولم يُفَرِّق بين الصَّائِم وغيرِه
ثانيًا: أنَّه تطهيرٌ للفَمِ، فلا يُكرَهُ للصَّائِمِ، كالمضمضةِ
الفرع الثاني: حُكمُ استعمالِ الصَّائِمِ معجونَ الأسنانِ
يجوزُ أن يستعمِلَ الصَّائِمُ معجونَ الأسنانِ، لكنْ ينبغي الحَذَرُ مِن نَفاذِه إلى الحَلْقِ؛ وهو قولُ ابنِ باز، وابن عُثيمين، وذهب إلى هذا مَجمعُ الفِقهِ الإسلاميِّ، وذلك قياسًا على السِّواكِ
يُباحُ للصَّائِمِ الاكتحالُ، وهو مذهبُ الحَنَفيَّة، والشَّافِعيَّة، وقولُ طائفةٍ مِن السَّلَفِ، وهو قَولُ داودَ، واختيارُ ابنِ تيميَّةَ، والشَّوكانيِّ، وابنِ باز، وابنِ عُثيمين، والألبانيِّ
وذلك لأنَّ العَينَ ليست مَنفَذًا للجَوفِ، ولو لطَّخ الإنسانُ قَدَمَيه ووجد طَعمَه في حلْقِه لم يُفَطِّرْه؛ لأنَّ ذلك ليس مَنفذًا، فكذلك إذا اكتحلَ في عينِه
يُباحُ للصَّائِمِ استعمالُ قَطرةِ العَينِ، وقد ذهب إلى ذلك الحَنَفيَّة، والشَّافِعيَّة، وهو اختيار ابن باز، وابن عُثيمين
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ جَوفَ العَينِ لا يتَّسِعُ لأكثرَ مِن قطرةٍ واحدةٍ، والقطرةُ الواحدةُ حَجمُها قليلٌ جدًّا، وإذا ثبت ذلك فإنَّه يُعفى عنه، فهو أقلُّ مِن القَدرِ المعفوِّ عنه ممَّا يبقى من المضمضةِ
ثانيًا: لأنَّ هذه القطرةَ تُمتَصُّ جميعُها أثناء مُرورِها في القناةِ الدَّمعيةِ، ولا تصِلُ إلى البلعومِ، وعندما تُمتصُّ هذه القطرةُ تذهب إلى مناطِقِ التذوُّقِ في اللِّسانِ، فيشعرُ المريضُ بطَعمِها، كما قرَّرَ ذلك بعضُ الأطباء
ثالثًا: أنَّ القطرةَ في العين لم يُنَصَّ على كونِها من المفطِّرات، وليست بمعنى المنصوصِ عليه، ولو لطخ الإنسانُ قَدَميه ووجد طعمَه في حلْقِه لم يُفَطِّرْه؛ لأن ذلك ليس مَنفَذًا، فكذلك إذا قَطرَ في عينِه؛ فالعينُ ليست مَنفذًا للأكلِ والشُّربِ
المطلب العاشر: استعمالُ قَطرةِ الأذُنِ
يباحُ للصَّائِمِ استعمالُ قَطرةِ الأذُنِ، وهو قولُ ابنِ حَزمٍ، وابنِ عُثيمين، وابن باز؛ وذلك لأنَّ الأذُنَ ليست مَنفذًا للطَّعامِ والشَّرابِ
----------------------------------------------------------------يباحُ للجُنُبِ أن يؤخِّرَ الاغتسالَ مِن الجنابةِ إلى طُلوعِ الفَجرِ.
الأدِلَّة:أوَّلًا: مِن السُّنَّةِ
عن عائشةَ وأمِّ سلَمةَ: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يُدرِكُه الفَجرُ وهو جُنُبٌ مِن أهلِه، ثم يغتَسِلُ ويَصومُ ))
ثانيًا: من الإجماع
نقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ العربيِّ، وابنُ قُدامةَ، وابنُ حَجرٍ
الفرع الثاني: تأخيرُ الحائِضِ الاغتسالَ إلى طلوعِ الفَجرِ
يُباحُ للحائِضِ إذا طهُرَتْ أن تؤخِّرَ الاغتسالَ مِنَ الحيضِ إلى طلوعِ الفَجرِ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة؛ وذلك قياسًا على الجُنُبِ إذا أخَّرَ اغتسالَه إلى طُلوعِ الفَجرِ
المطلب الثاني: المضمضةُ والاستنشاقُ
يُباحُ للصَّائِمِ المضمضةُ والاستنشاقُ مِن غَيرِ مُبالغةٍ.
الأدِلَّة:أوَّلًا: من الإجماع
نقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ تيميَّة
ثانيًا: وذلك لأنَّ الفَمَ في حُكمِ الظَّاهر، لا يَبطُلُ الصَّومُ بالواصِلِ إليه، كالأنفِ والعَينِ
المطلب الثالث: اغتسالُ الصَّائِم وتبَرُّدُه بالماءِ
لا بأسَ أن يغتَسِلَ الصَّائِمُ، أو يصُبَّ الماءَ على رأسِه مِن الحَرِّ أو العَطشِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة
الأدِلَّة من السنة:
1- عن عائشةَ وأمِّ سَلمةَ رَضِيَ الله تعالى عنهما قالتا: ((نشهَدُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إن كان لَيُصبِحُ جُنُبًا، من غيرِ احتلامٍ، ثم يغتَسِلُ ثم يصومُ ))
2- عن بعض أصحابِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((لقد رأيتُ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بِالْعَرْجِ يصُبُّ الماءَ على رأسِه وهو صائِمٌ، مِن العَطَشِ، أو مِنَ الحَرِّ ))
المطلب الرابع: ذَوقُ الطَّعامِ عند الحاجةِ
يُباحُ للصَّائِمِ ذَوقُ الطَّعامِ عند الحاجةِ أو المصلحةِ، كمعرفةِ استواءِ الطَّعامِ أو مِقدارِ مُلوحَتِه، أو عند شرائِه لاختِبارِه، بِشَرطِ أن يَمُجَّه بعد ذلك، أو يغسِلَ فَمَه، أو يدلُك لِسانَه، وهذا مذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّة، والشَّافِعيَّة والحَنابِلة
الأدِلَّة:أوَّلًا: منَ السُّنَّة
عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((لا بأسَ أن يتطَعَّمَ القِدْرَ، أو الشَّيءَ))
ثانيًا: لِعَدمِ الفِطرِ صُورةً ومَعنًى.
ثالثًا: لأنه لم يدخُلْ إلى حَلْقِه شيءٌ، فأشبَهَ المَضمضةَ
المطلب الخامس: القُبلةُ والمُباشرةُ لِمَن مَلَكَ نَفسَه
يُباحُ للصَّائِمِ القُبلةُ والمباشَرةُ فيما دون الفَرجِ، بشرْطِ أن يملِكَ نَفسَه، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّة والشَّافِعيَّة والحَنابِلة
الدليل من السنة:
عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقبِّلُ وهو صائم، ويباشِرُ وهو صائِمٌ، ولكِنَّه أملَكُكم لإرْبِه
المطلب السادس: التطيُّبُ وشَمُّ الرَّوائحِ والبَخورِ
الفرع الأول: شَمُّ الطِّيبِ والرَّوائِحِ
يجوزُ للصَّائِمِ التطيُّبُ وشَمُّ الرَّوائِحِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ الصَّائِمَ لم يَنْهَ عن التطيُّبِ، فدَلَّ على جوازِه
ثانيًا: لأنَّه لا يتصاعَدُ إلى جسمِ الصَّائِم منها شيءٌ سوى مجرَّدِ الرَّائحةِ
ثالثًا: أنَّ الرَّوائحَ عِبارةٌ عن هواءٍ تطيَّبَ بريحِ المِسكِ وشِبهِه والرَّائحةُ لا جِسمَ لها
الفرع الثاني: حكمُ استنشاقِ البَخورِ
اختلف أهلُ العِلمِ في حُكمِ استنشاقِ البَخورِ للَّصائِمِ: هل يفطِرُ أم لا؛ على قولين:
القول الأول:
استنشاقُ البَخورِ يُفسِدُ الصَّومَ وهو مذهَبُ الحَنَفيَّةِ، والمالكيَّة؛ واختاره ابن عُثيمين؛ وذلك لأنَّ دُخانَ البَخورِ له جِرْمٌ ينفُذُ إلى الجَوفِ، فيكونُ مُفَطِّرًا كالماءِ
القول الثاني:
استنشاقُ البَخورِ لا يُفسِدُ الصَّومَ، وهو مذهَبُ الشَّافِعيَّة وقولُ ابنِ حَزمٍ واختاره ابنُ تيميَّةَ
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّه لم يَرِدْ دَليلٌ على كَونِه مُفطِّرًا.
ثانيًا: أنَّه لو كان هذا ممَّا يُفطِّرُ، لبَيَّنَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، كما بيَّنَ الإفطارَ بغيرِه، فلمَّا لم يُبَيِّنْ ذلك عُلِمَ أنَّه لا يُفطِّرُ
ثالثًا: لأنَّه ليس بأكلٍ ولا شُربٍ، ولا ممَّا يتغَذَّى به البدَنُ ويسْتَحيلُ في المَعِدةِ دمًا
المطلب السابع: استعمالُ السِّواكِ ومَعجونِ الأسنانِ ونَحوِهما
الفرع الأول: حكمُ استعمالِ الصَّائِمِ للسِّواكِ
يُباحُ للصَّائِمِ استعمالُ السِّواكِ في أيِّ وقتٍ، سواءٌ كان قبل الزَّوالِ أو بعدَه؛ ذهب إلى ذلك الحَنَفيَّة، والمالكية، وحُكِيَ عن الشافعي، وهو قولُ بعضِ الشَّافعية، ورواية عن أحمد، وهو اختيارُ النووي، وابنِ تيمية، وابن القيِّم، والشَّوكاني، وابنِ باز، والألباني، وابنِ عُثيمين وهو قَولُ طائفةٍ مِن السَّلَفِ، وأكثَرِ العُلماء
وذلك للآتي:
أولًا: لعمومِ الأحاديثِ الواردةِ في استحبابِ السِّواكِ، ولم يُفَرِّق بين الصَّائِم وغيرِه
ثانيًا: أنَّه تطهيرٌ للفَمِ، فلا يُكرَهُ للصَّائِمِ، كالمضمضةِ
الفرع الثاني: حُكمُ استعمالِ الصَّائِمِ معجونَ الأسنانِ
يجوزُ أن يستعمِلَ الصَّائِمُ معجونَ الأسنانِ، لكنْ ينبغي الحَذَرُ مِن نَفاذِه إلى الحَلْقِ؛ وهو قولُ ابنِ باز، وابن عُثيمين، وذهب إلى هذا مَجمعُ الفِقهِ الإسلاميِّ، وذلك قياسًا على السِّواكِ
المطلب الثامن: الاكتحالُ
يُباحُ للصَّائِمِ الاكتحالُ، وهو مذهبُ الحَنَفيَّة، والشَّافِعيَّة، وقولُ طائفةٍ مِن السَّلَفِ، وهو قَولُ داودَ، واختيارُ ابنِ تيميَّةَ، والشَّوكانيِّ، وابنِ باز، وابنِ عُثيمين، والألبانيِّ
وذلك لأنَّ العَينَ ليست مَنفَذًا للجَوفِ، ولو لطَّخ الإنسانُ قَدَمَيه ووجد طَعمَه في حلْقِه لم يُفَطِّرْه؛ لأنَّ ذلك ليس مَنفذًا، فكذلك إذا اكتحلَ في عينِه
المطلب التاسع: استعمالُ قطرةِ العَينِ
يُباحُ للصَّائِمِ استعمالُ قَطرةِ العَينِ، وقد ذهب إلى ذلك الحَنَفيَّة، والشَّافِعيَّة، وهو اختيار ابن باز، وابن عُثيمين
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ جَوفَ العَينِ لا يتَّسِعُ لأكثرَ مِن قطرةٍ واحدةٍ، والقطرةُ الواحدةُ حَجمُها قليلٌ جدًّا، وإذا ثبت ذلك فإنَّه يُعفى عنه، فهو أقلُّ مِن القَدرِ المعفوِّ عنه ممَّا يبقى من المضمضةِ
ثانيًا: لأنَّ هذه القطرةَ تُمتَصُّ جميعُها أثناء مُرورِها في القناةِ الدَّمعيةِ، ولا تصِلُ إلى البلعومِ، وعندما تُمتصُّ هذه القطرةُ تذهب إلى مناطِقِ التذوُّقِ في اللِّسانِ، فيشعرُ المريضُ بطَعمِها، كما قرَّرَ ذلك بعضُ الأطباء
ثالثًا: أنَّ القطرةَ في العين لم يُنَصَّ على كونِها من المفطِّرات، وليست بمعنى المنصوصِ عليه، ولو لطخ الإنسانُ قَدَميه ووجد طعمَه في حلْقِه لم يُفَطِّرْه؛ لأن ذلك ليس مَنفَذًا، فكذلك إذا قَطرَ في عينِه؛ فالعينُ ليست مَنفذًا للأكلِ والشُّربِ
المطلب العاشر: استعمالُ قَطرةِ الأذُنِ
يباحُ للصَّائِمِ استعمالُ قَطرةِ الأذُنِ، وهو قولُ ابنِ حَزمٍ، وابنِ عُثيمين، وابن باز؛ وذلك لأنَّ الأذُنَ ليست مَنفذًا للطَّعامِ والشَّرابِ
تابعونا أحبابنا جزاكم الله خيرا
ولا تنسونا من صالح دعائكم
::
التالي :: . ما يُستحَبُّ صَومُه (صوم التطوع)
أمس في 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
أمس في 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد
» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» العبادة وأركانها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد
» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور
» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد
» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد
» هيئات السجود المسنونة
الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» (( - 2 -)) خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأربعاء نوفمبر 13, 2024 11:28 pm من طرف صادق النور