آل راشد



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

آل راشد

آل راشد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
آل راشد

ثقافى-اجتماعى

*** - اللَّهُمَّ اَنَكَ عَفْوٍ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعِفُو عَنَّا - *** - اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك . *** - اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ الْمَوْتِ وَ ارْزُقْنَا حُسْنَ الْخَاتِمَةِ . *** -

إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا شَابَتْ عَبِيدَهُمْ.. .. فِي رِقِّهِمْ عَتَقُوهُمْ عِتْقَ أَبْرَارٍ .. .. وَأَنْتَ يَا خَالِقِيُّ أوْلَى بِذَا كَرَمًا.. .. قَدْ شُبْتُ فِي الرِّقِّ فَأَعْتَقَنِي مِنَ النَّارِ .

المواضيع الأخيرة

» كتاب الترجيح في مسائل الطهارة والصلاة
  عاشراً : صَلاة الجَماعَةِ والإمامَةِ .  حُكمُ صلاةِ الجماعةِ . وعلى مَن تجِبُ، وشروطُها وآدابُها .الأعذارُ المُسقِطَةُ لصلاةِ الجماعةِ . شروط ألإمامه                                              Ooou110أمس في 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد

» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
  عاشراً : صَلاة الجَماعَةِ والإمامَةِ .  حُكمُ صلاةِ الجماعةِ . وعلى مَن تجِبُ، وشروطُها وآدابُها .الأعذارُ المُسقِطَةُ لصلاةِ الجماعةِ . شروط ألإمامه                                              Ooou110أمس في 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد

» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
  عاشراً : صَلاة الجَماعَةِ والإمامَةِ .  حُكمُ صلاةِ الجماعةِ . وعلى مَن تجِبُ، وشروطُها وآدابُها .الأعذارُ المُسقِطَةُ لصلاةِ الجماعةِ . شروط ألإمامه                                              Ooou110الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد

» العبادة وأركانها
  عاشراً : صَلاة الجَماعَةِ والإمامَةِ .  حُكمُ صلاةِ الجماعةِ . وعلى مَن تجِبُ، وشروطُها وآدابُها .الأعذارُ المُسقِطَةُ لصلاةِ الجماعةِ . شروط ألإمامه                                              Ooou110الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد

» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
  عاشراً : صَلاة الجَماعَةِ والإمامَةِ .  حُكمُ صلاةِ الجماعةِ . وعلى مَن تجِبُ، وشروطُها وآدابُها .الأعذارُ المُسقِطَةُ لصلاةِ الجماعةِ . شروط ألإمامه                                              Ooou110الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد

» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
  عاشراً : صَلاة الجَماعَةِ والإمامَةِ .  حُكمُ صلاةِ الجماعةِ . وعلى مَن تجِبُ، وشروطُها وآدابُها .الأعذارُ المُسقِطَةُ لصلاةِ الجماعةِ . شروط ألإمامه                                              Ooou110الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور

» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
  عاشراً : صَلاة الجَماعَةِ والإمامَةِ .  حُكمُ صلاةِ الجماعةِ . وعلى مَن تجِبُ، وشروطُها وآدابُها .الأعذارُ المُسقِطَةُ لصلاةِ الجماعةِ . شروط ألإمامه                                              Ooou110الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد

» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
  عاشراً : صَلاة الجَماعَةِ والإمامَةِ .  حُكمُ صلاةِ الجماعةِ . وعلى مَن تجِبُ، وشروطُها وآدابُها .الأعذارُ المُسقِطَةُ لصلاةِ الجماعةِ . شروط ألإمامه                                              Ooou110السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد

» هيئات السجود المسنونة
  عاشراً : صَلاة الجَماعَةِ والإمامَةِ .  حُكمُ صلاةِ الجماعةِ . وعلى مَن تجِبُ، وشروطُها وآدابُها .الأعذارُ المُسقِطَةُ لصلاةِ الجماعةِ . شروط ألإمامه                                              Ooou110الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد

» (( - 2 -)) خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
  عاشراً : صَلاة الجَماعَةِ والإمامَةِ .  حُكمُ صلاةِ الجماعةِ . وعلى مَن تجِبُ، وشروطُها وآدابُها .الأعذارُ المُسقِطَةُ لصلاةِ الجماعةِ . شروط ألإمامه                                              Ooou110الأربعاء نوفمبر 13, 2024 11:28 pm من طرف صادق النور

اهلا بكم

الثلاثاء نوفمبر 08, 2011 2:32 am من طرف mohamed yousef

  عاشراً : صَلاة الجَماعَةِ والإمامَةِ .  حُكمُ صلاةِ الجماعةِ . وعلى مَن تجِبُ، وشروطُها وآدابُها .الأعذارُ المُسقِطَةُ لصلاةِ الجماعةِ . شروط ألإمامه                                              Ooousu10

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 92 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 92 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحث

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الأربعاء سبتمبر 15, 2021 4:26 am

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 10128 مساهمة في هذا المنتدى في 3405 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 311 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو Pathways فمرحباً به.

دخول

لقد نسيت كلمة السر

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع


    عاشراً : صَلاة الجَماعَةِ والإمامَةِ . حُكمُ صلاةِ الجماعةِ . وعلى مَن تجِبُ، وشروطُها وآدابُها .الأعذارُ المُسقِطَةُ لصلاةِ الجماعةِ . شروط ألإمامه

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

      عاشراً : صَلاة الجَماعَةِ والإمامَةِ .  حُكمُ صلاةِ الجماعةِ . وعلى مَن تجِبُ، وشروطُها وآدابُها .الأعذارُ المُسقِطَةُ لصلاةِ الجماعةِ . شروط ألإمامه                                              Empty عاشراً : صَلاة الجَماعَةِ والإمامَةِ . حُكمُ صلاةِ الجماعةِ . وعلى مَن تجِبُ، وشروطُها وآدابُها .الأعذارُ المُسقِطَةُ لصلاةِ الجماعةِ . شروط ألإمامه

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين أكتوبر 17, 2022 10:29 pm

    صَلاة الجَماعَةِ والإمامَةِ


    الفَصلُ الأَوَّلُ: صَلاةُ الجَماعةِ
    المَبحَثُ الأوَّل: فَضلُ صلاةِ الجَماعه

    ورَدَ في فضْلِ صلاةِ الجماعةِ أحاديثُ كثيرةٌ، منها:
    1- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صلاةُ الجماعةِ تَفضُلُ على صلاةِ الفذِّ بسَبعٍ وعِشرينَ دَرجةً ))
    2- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((صلاةُ الرجُلِ في جماعةٍ تَزيدُ على صلاتِه في بيتِه وصلاتِه في سوقِه بِضعًا وعِشرينَ درجةً ))
    3- عن أبي سعيدٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صلاةُ الجماعةِ تَفضُلُ على صلاةِ الفذِّ بخمسٍ وعشرينَ درجةً ))
    4- عن عُثمانَ بنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن صلَّى العِشاءَ في جماعةٍ، فكأنَّما قامَ نِصفَ اللَّيل، ومَن صلَّى الصبحَ في جماعةٍ فكأنَّما صلَّى اللَّيلَ كُلَّه ))
    5- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((يَتعاقبونَ فيكم ملائكةٌ باللَّيلِ وملائكةٌ بالنَّهار، ويَجتمعون في صلاةِ الفجرِ وصلاةِ العَصرِ، ثم يَعرُجُ الذين باتوا فيكم، فيسألُهم ربُّهم- وهو أعلمُ بهم- كيف تركتُم عبادي؟ فيقولون: تَركناهُم وهم يُصلُّون، وأتيناهم وهم يُصلُّون ))
    6- عن عُثمانَ بنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن توضَّأَ للصلاةِ فأَسْبَغَ الوضوءَ، ثمَّ مشَى إلى الصَّلاةِ المكتوبةِ فصلَّاها مع الناسِ، أو مع الجماعةِ، أو في المسجِدِ، غَفَرَ اللهُ له ذُنوبَه ))
    7- عن أُبيِّ بن كَعبٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صلاةُ الرَّجُلِ مع الرَّجُلِ أَزْكى من صلاتِه وحْدَه، وصلاتُه مع الرَّجُلينِ أزْكى من صلاتِه مع الرجُلِ، وما كثُرَ فهو أحبُّ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ ))
    المَبحَث الثَّاني: الحِكمةُ من صَلاةِ الجماعةِ

    من حِكمِ صَلاةِ الجَماعةِ ما يلي:
    1- زرْعُ المودَّة والمحبَّة بين المسلمين، مع كونِها وسيلةً للتعارُفِ فيما بينهم.
    2- إظهارُ شَعيرةٍ من أعظمِ شعائرِ الإسلامِ.
    3- تعويدُ الأمَّةِ الإسلاميَّةِ على الاجتماعِ، وعدَمِ التفرُّقِ.
    4- تعويدُ المسلمِ على ضَبطِ النَّفسِ؛ فمتابعةُ الإمامِ في الصَّلاة يُدرِّبُه على ضبطِ النَّفْس.
    5- شعورُ المسلمينَ بالمساواةِ.
    6- تفقُّدُ أحوالِ المسلمين من الفُقراء والمرضَى؛ لمساعدتهم، والمتهاونينَ في الصَّلاةِ لنُصحِهم، والجاهلين بأحكامِ الصَّلاة؛ لتعليمهم.
    7- زيادةُ نشاطِ المسلمِ واجتهادِه في العبادةِ إذا رأى المجتهدين مِن المسلمين في العِبادَةِ.
    8- اجتماعُ المسلمين في أوقاتٍ مُعيَّنةٍ يُربِّيهم على المحافظةِ على الأوقاتِ.

    المَطلَب الأوَّل: حُكمُ صلاةِ الجماعةِ

    الفرعُ الأوَّل: حُكمُ صَلاةِ الجماعةِ للرِّجالِ
    صلاةُ الجماعةِ واجبةٌ وجوبًا عينيًّا على الرِّجال، وهو مذهبُ الحَنابِلَة
    ، وبعضِ الحَنَفيَّة، ووجهٌ عند الشافعيَّة، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلفِ، اختارَه البخاريُّ، وابنُ المنذرِ، وابنُ حَزْمٍ، وابنُ تيميَّة، وابنُ باز، وابن عُثَيمين
    الأدلَّة: أولًا: من الكِتاب
    1- قال اللهُ تعالى: وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ [النساء: 102]
    والدَّلالةُ مِن وَجْهَينِ:
    الوجه الأوَّل: أنه تعالى أمرَهم بصلاةِ الجماعة معه في صلاةِ الخوفِ، وذلك دليلٌ على وجوبها حالَ الخوفِ، وهو يدلُّ بطريقِ الأَوْلى على وجوبِها حالَ الأمنِ
    الوجه الثَّاني: أنَّه سنَّ صلاةَ الخوفِ جماعةً، وسوَّغَ فيها ما لا يجوزُ لغيرِ عُذرٍ، كاستدبارِ القِبلةِ، والعملِ الكثيرِ، ومفارقةِ الإمامِ قبلَ السَّلامِ، والتخلُّفِ عن متابعةِ الإمام، وهذه الأمورُ تُبطِلُ الصَّلاةَ لو فُعِلتْ لغيرِ عُذرٍ، فلو لم تكُنِ الجماعةُ واجبةً، لكانَ قدْ التزم فِعل محظورٍ مُبطِلٍ للصلاةِ؛ لأجْل فِعل مُستحبٍّ مع أنَّه قد كان من الممكنِ أن يُصلُّوا وُحدانًا صلاةً تامَّةً؛ فعُلِمَ أنَّها واجبةٌ
    2- قال الله تعالى: وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة: 43]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الله تعالى أمَرَ بالركوعِ مع الراكعينَ، وذلك يكونُ في حالِ المشاركةِ في الركوع؛ فكان أمرًا بإقامةِ الصَّلاة بالجماعةِ
    ثانيًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي هُرَيرَةَ، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((أثقلُ صلاةٍ على المنافقينَ صلاةُ العِشاءِ وصلاةُ الفجرِ، ولو يَعلمُونَ ما فيهما لأَتوهُما ولو حبوًا، ولقد هممتُ بالصَّلاةِ فتُقام، ثم آمُرُ رجلًا يُصلِّي بالناس، ثم أنطلقُ معي برِجالٍ معهم حُزمٌ من حطَبٍ إلى قومٍ لا يَشهدونَ الصَّلاةَ، فأُحرِّقُ عليهم بُيوتُهم بالنارِ ))
    2- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((أتَى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رجلٌ أعمى، فقال: يا رسولَ الله، إنَّه ليس لي قائدٌ يقودني إلى المسجِدِ، فسألَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يرخِّصَ له، فيُصلِّيَ في بيتِه، فرخَّص له، فلمَّا ولَّى دعاه، فقال: هلْ تَسمعُ النِّداءَ بالصَّلاةِ؟ قال: نعَم، قال: فأجِبْ ))
    3- عن أبي الدَّرداءِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: سمعتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: ((ما مِن ثلاثةٍ في قريةٍ، ولا بدوٍ، لا تُقامُ فيهم الصَّلاةُ، إلا استحوذَ عليهم الشيطانُ؛ فعليكم بالجماعةِ؛ فإنَّما يأكُلُ الذئبُ القاصيةَ ))
    ثالثًا:من الآثار
    عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ، قال: (مَن سرَّه أن يَلْقَى الله غدًا مسلمًا، فليحافظْ على هؤلاءِ الصلواتِ حيث يُنادَى بهنَّ؛ فإنَّ اللهَ شرَع لنبيِّكم صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سُننَ الهدى، وإنهنَّ مِن سُنَن الهدى، ولو أنَّكم صليتُم في بُيوتِكم كما يُصلِّي هذا المتخلِّفُ في بيته، لتركتُم سُنَّةَ نبيِّكم، ولو تركتُم سُنَّةَ نبيِّكم لضَلَلتُم، وما من رجلٍ يتطهَّرُ فيُحسِنُ الطُّهورَ، ثم يَعمِدُ إلى مسجدٍ من هذه المساجدِ، إلَّا كتَبَ الله له بكلِّ خُطوةٍ يخطوها حسنةً، ويرفعه بها درجةً، ويحطُّ عنه بها سيِّئةً، ولقد رأيتُنا وما يتخلَّف عنها إلَّا منافقٌ معلومُ النِّفاق، ولقد كان الرجلُ يُؤتَى به يُهادَى ) بين الرَّجُلينِ حتى يُقامَ في الصفِّ)
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    إخبارُ ابنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه لم يكُن يتخلَّفُ عنها إلَّا منافقٌ معلومُ النِّفاق، وهذا دليلٌ على استقرارِ وجوبِها عندَ المؤمنين، ولم يَعلَموا ذلك إلَّا مِن جِهةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومعلومٌ أنَّ كلَّ أمرٍ كان لا يتخلَّفُ عنه إلَّا منافقٌ كان واجبًا على الأعيانِ
    رابعًا: توارثُ الأمَّةِ على صلاتِها جماعةً؛ فالأمَّة من لَدُن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى يومِنا هذا واظبتْ عليها وعلى النَّكيرِ على تاركِها، والمواظبةُ على هذا الوجهِ دليلُ الوجوبِ
    الفرعُ الثَّاني: حُكمُ صلاةِ الجَماعةِ للنِّساءِ
    يُستحبُّ للنِّساءِ أن يُصلِّينَ جماعةً مع بعضهنَّ البعض، وهذا مذهبُ الشافعيَّة، والحَنابِلَة، وبه قالت طائفةٌ من السَّلف، واختاره ابنُ حَزمٍ، وابنُ القيِّم، واختارَه ابنُ باز
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    1- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صلاةُ الجماعةِ تَفضُلُ صلاةَ الفذِّ بسَبعٍ وعِشرينَ دَرجةً ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الحديثَ عامٌّ، فيدخل النِّساءُ في عُمومِه
    2- عن أمِّ ورقةَ بنتِ نوفلٍ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَزورُها في بيتِها، وجعَل لها مؤذِّنًا يؤذِّنُ لها، وأمَرَها أن تؤمَّ أهلَ دارِها ))
    ثانيًا: من الآثارِ
    1- عن عائشةَ أمِّ المؤمنينَ رَضِيَ اللهُ عنها: (أنَّها أمَّتِ النِّساءَ في صلاةِ المغربِ، فقامتْ وسْطهنَّ وجهَرَتْ بالقِراءةِ)
    2- عن حُجيرةَ بنتِ حُصينٍ، قالت: (أَمَّتْنا أمُّ سَلمةَ أمُّ المؤمنينَ في صلاةِ العَصر، وقامتْ بيننا)
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ عائشةَ وأمَّ سَلمةَ رَضِيَ اللهُ عنهما أَمَّتَا جماعة من النساء؛ فدلَّ ذلك على استحبابِ الجماعةِ للنِّساءِ
    ثالثًا: أنهنَّ مِن أهلِ الفَرضِ، فأشبهْنَ الرِّجالَ

    المَطلَب الثاني: حُكمُ المُمتنِعينَ عن إظهارِ صلاةِ الجَماعَةِ

    إذا تَمالَأَ أهلُ بلدٍ على ترْكِ إظهارِ صلاةِ الجَماعةِ قُوتِلوا، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة
    : الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
    وذلك للآتي:
    أولًا: القياسُ على مقاتلةِ أهلِ البلدِ إذا اجتَمْعوا على تَرْكِ الأذانِ
    ثانيًا: أنَّها من شعائرِ الإسلامِ، ومِن خصائصِ هذا الدِّينِ، وفي الاجتماعِ على ترْكها إماتةٌ لها

    المَطلَب الثالث: فَضلُ المَشيِ إلى المساجِدِ وانتظارِ الصَّلاةِ

    1- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن غدَا إلى المسجِدِ أو راحَ، أعدَّ اللهُ له نُزَلَه
    من الجَنَّةِ كلَّما غدَا أو راحَ
    ))
    2- عن أبي مُوسى الأشعريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أعظمُ الناسِ أجرًا في الصَّلاة أبعدُهم فأبعدُهم ممشًى، والذي ينتظرُ الصَّلاةَ حتى يُصلِّيَها مع الإمامِ أعظمُ أجرًا مِن الذي يُصلِّي ثم ينامُ ))
    3- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن تطهَّرَ في بيتِه، ثم مَشَى إلى بيتٍ من بيوتِ اللهِ؛ ليقضيَ فريضةً مِن فرائضِ اللهِ، كانتْ خُطواتُه: إحداهما تحطُّ خطيئةً، والأخرى ترفع درجةً ))
    4- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: كانتْ دِيارُنا نائيةً عن المسجدِ فأردْنا أن نَبيعَ بُيوتَنا، فنقربَ من المسجدِ، فنهانا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: ((إنَّ لكم بكلِّ خُطوةٍ درجةً))  
    5- عن أُبيِّ بن كعبٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: كان رجلٌ لا أعلمُ رِجالًا أبعدَ من المسجدِ منه، وكان لا تُخطيه صلاةٌ، فقيل له، أو قلت له: لوِ اشتريتَ حمارًا تركبه في الظَّلْماءِ وفي الرَّمْضاءِ! قال: ما يَسرُّني أنَّ منزلي إلى جنبِ المسجدِ؛ إني أُريدُ أن يُكتَبَ لي ممشاي إلى المسجدِ، ورُجوعي إذا رجعتُ إلى أهلي، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((قد جمَع اللهُ لك ذلِكَ كلَّه ))
    6- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: أراد بنو سَلِمةَ أن ينتقلوا إلى قُربِ المسجدِ، فبلَغَ ذلك رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال لهم: ((إنَّه بلَغَني أنَّكم تُريدون أنْ تَنتقِلوا قربَ المسجدِ، قالوا: نعمْ يا رسولَ الله، وقد أَرَدْنا ذلك، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يا بني سَلِمةَ، دِيارَكم تُكتَبْ آثارُكم! دِيارَكم تُكتَبْ آثارُكم ))
    7- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((سَبعةٌ يُظلُّهم اللهُ في ظِلِّه يومَ لا ظِلَّ إلَّا ظلُّه: الإمامُ العادلُ، وشابٌّ نشأ في عِبادة ربِّه، ورجلٌ قَلْبُه مُعلَّقٌ بالمساجدِ... ))
    8- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((ألَا أدلُّكم على ما يَمْحو اللهُ به الخطايا، ويرفعُ به الدرجاتِ؟ قالوا: بلي يا رسولَ الله، قال: إسباغُ الوضوءِ على المكارهِ، وكثرةُ الخُطا إلى المساجدِ، وانتظارُ الصَّلاةِ بعدَ الصَّلاةِ؛ فذَلِكُم الرِّباط، فذَلِكُم الرِّباط))
    9- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صلاةُ الرجُلِ في جماعةٍ تَزيدُ على صلاتِه في بيتِه وصلاتِه في سُوقِه بِضعًا وعِشرين درجةً؛ وذلك أنَّ أحدَكم إذا توضَّأ فأحْسَنَ الوضوءَ، ثمَّ أتى المسجدَ لا تُنهِزُه إلا الصَّلاةُ، لا يُريد إلَّا الصَّلاةَ، فلم يَخطُ خُطوةً إلَّا رفَعَ اللهُ له بها درجةً، وحطَّ عنه بها خطيئةً، حتى يدخُلَ المسجدَ، فإذا دخَلَ المسجدَ كان في صلاةٍ ما كانتِ الصَّلاةُ هي تحبسُه، والملائكةُ يُصلُّونَ على أحدِكم ما دامَ في مجلسِه الذى صَلَّى فيه، يقولون: اللهمَّ ارحمْه، اللهمَّ اغفرْ له، اللهمَّ تُبْ عليه، ما لم يُؤذِ فيه، ما لم يُحدِث فيه ))

    المَطلَب الرابع: آدابُ المَشي إلى المسجِدِ


    الفَرْعُ الأوَّل: المشيُ بسكينةٍ ووَقارٍ حالَ كَوْنِه مُتَوَضِّئًا
    يُستحبُّ أن يأتيَ المصلِّي إلى المسجدِ متوضئًا، وعليه السَّكينةُ والوقارُ
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي هُرَيرَةَ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أنَّه قال: ((إذا أُقيمتِ الصَّلاةُ فلا تأتوها وأنتم تَسعَونَ، ولكن ائتوها وأنتم تَمشُونَ وعليكم السَّكينةُ، فما أدركتُم فصلُّوا، وما فاتكم فأتمُّوا ))
    2- عن أَبي قَتادةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((بينما نحنُ نُصلِّي مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذ سمِعَ جَلبةَ رجالٍ، فلمَّا صلَّى
    قال: ما شأنُكم؟ قالوا: استعجلْنا إلى الصَّلاةِ، قال: فلا تَفْعَلوا؛ إذا أتيتُم الصَّلاةَ فعليكم بالسَّكينةِ، فما أدركتُم فصلُّوا، وما فاتَكم فأتمُّوا

    3- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صلاةُ الرجُلِ في جماعةٍ تَزيدُ على صلاتِه في بيتِه وصلاتِه في سُوقِه بِضعًا وعِشرين درجةً؛ وذلك أنَّ أحدَكم إذا توضَّأ فأحْسَنَ الوضوءَ، ثمَّ أتى المسجدَ لا تُنهِزُه إلا الصَّلاةُ، لا يُريد إلَّا الصَّلاةَ، فلم يَخطُ خُطوةً إلَّا رفَعَ اللهُ له بها درجةً، وحطَّ عنه بها خطيئةً، حتى يدخُلَ المسجدَ، فإذا دخَلَ المسجدَ كان في صلاةٍ ما كانتِ الصَّلاةُ هي تحبسُه، والملائكةُ يُصلُّونَ على أحدِكم ما دامَ في مجلسِه الذى صَلَّى فيه، يقولون: اللهمَّ ارحمْه، اللهمَّ اغفرْ له، اللهمَّ تُبْ عليه، ما لم يُؤذِ فيه ما لم يُحدِث فيه ))
    4- عن أبي هريرةَ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((من تطهَّرَ في بيتِه ثم مشَى إلى بيتٍ مِن بيوتِ اللهِ؛ ليقضي فريضةً مِن فرائضِ اللهِ، كانت خطوَتاهُ إحداهما تحطُّ خطيئةً، والأُخرى ترفعُ درجةً ))
    ثانيًا: أنَّ الذاهبَ إلى صلاةٍ عامدٌ في تحصيلِها، ومتوصِّلٌ إليها، فينبغي أن يكونَ متأدِّبًا بآدابها، وعلى أكملِ الأحوالِ
    الفَرْعُ الثَّاني: عَدَمُ تَشْبيكِ أصابِعِه
    يكره للمصلي التشبيك بين أصابعه وهو في طريقه إلى المسجد، وهذا مذهب الشافعية، والحنابلة، وهو اختيار ابن تيمية وابن باز، وابن عثيمين
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّةِ:
    عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن تَوضَّأ ثم خرَجَ يُريدُ الصَّلاةَ، فهو في صلاةٍ حتَّى يَرجِعَ إلى بيتِه، فلا تقولوا هَكَذا- يعني: يُشبِّكُ بيْنَ أصابعِه ))
    الفَرْعُ الثَّالِثُ: دخولُ المسجِدِ باليمينِ، وقَوْلُ الذِّكْرِ المأثورِ
    إذا دخَل المسجدَ يقدِّم رِجلَه اليُمنى، ويقولُ عندَ دخولِه بعدَ أن يُسلِّم على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أعوذُ بالله العظيمِ، وبوجهِه الكريمِ، وسلطانِه القديمِ، مِن الشَّيطانِ الرَّجيمِ، اللهمَّ افتحْ لي أبوابَ رحمتِك.
    الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:
    1- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه كان إذا دخَلَ المسجِدَ قال: أعوذُ باللهِ العظيمِ، وبوجهِه الكريمِ، وسلطانِه القديمِ، مِن الشَّيطانِ الرَّجيمِ. قال: أَقَطْ؟ قلتُ: نعم، قال: فإذا قال ذلك، قال الشيطان: حُفِظ مني سائرَ اليومِ
    2- عن أبي حُمَيدٍ، أو عن أبي أُسَيْدٍ، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا دخلَ أحَدُكم المسجِدَ، فلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ افتَحْ لي أبوابَ رَحْمَتِك، وإذا خَرَجَ فلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أسألُكَ مِنْ فَضْلِك ))
    وفي رواية: ((إذا دخل أحدُكم المسجدَ، فليسلِّمْ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثمَّ لْيَقُلْ: اللهمَّ افتحْ لي أبوابَ رحمتِك، وإذا خَرَجَ فلْيَقُلْ: اللهمَّ إنِّي أسألُك مِن فضلِك ))

    المَطلَبُ الخامِسُ: حُكْمُ حضورِ النِّساءِ للجماعَةِ في المَسْجِدِ، وشُروطُه


    الفَرْعُ الأَوَّل: حُكْمُ حضورِ النِّساءِ للجماعَةِ في المسجِدِ
    يُباحُ للنِّساءِ حضورُ الجماعةِ في المساجدِ، وإنْ كانتْ صلاتُها في بيتِها خيرًا لها وأفضلَ
    ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّةوالشافعيَّة والحَنابِلَة
    الأدلَّة:
    أَدِلَّةُ إباحَةِ حُضُورِ النِّساءِ للجَماعَةِ في المسجِدِ:
    1- عن ابن عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا تَمْنَعوا إماءَ اللهِ مساجدَ اللهِ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه يلزمُ من النَّهيِ عن منعهنَّ مِن الخروجِ إباحتُه لهنَّ؛ لأنَّه لو كان ممتنعًا لم يَنهَ الرِّجالَ عن منعهنَّ منه
    2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالتْ: ((إنْ كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ليُصلِّي الصبحَ فيَنصرِفُ النساءُ متلفِّعاتٍ بمُروطهنَّ، ما يُعرَفْنَ من الغَلَس ))
    3- عن أبي قَتادةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنِّي لأقومُ إلى الصَّلاةِ، وأنا أُريدُ أن أُطوِّلَ فيها، فأسمعَ بُكاءَ الصبيِّ، فأتجوَّزَ في صلاتي؛ كراهةَ أن أشقَّ على أمِّه ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ النساءَ كنَّ يَشهَدْنَ الصَّلاةَ خلفَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في المسجِدِ، وأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَعلمُ ذلك؛ فدلَّ على أنَّ حُضورهنَّ الجماعةَ معه غيرُ مكروهٍ، ولولا ذلك لنهاهنَّ عن الحضورِ معه للصَّلاةِ
    الأَدِلَّةُ على كونِ البيتِ أفضلَ للمرأةِ:
    1- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَمنعوا نِساءَكم المساجدَ، وبيوتُهنَّ خيرٌ لهنَّ ))
    2- عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((صلاةُ المرأةِ في مَخدعِها أفضلُ من صلاتِها في بيتِها، وصلاتُها في بيتِها أفضلُ من صلاتِها في حُجرتِها ))
    الفرعُ الثَّاني: شروطُ خروجِ المرأةِ إلى المسجدِ
    المسألةُ الأولى: ألَّا تخرُجَ مُتطيِّبةً أو متزيِّنةً
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أيُّما امرأةٍ أصابتْ بَخُورًا، فلا تَشْهَدَنَّ معنا العِشاءَ الآخِرةَ ))
    2- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((لا تَمْنَعوا إماءَ الله مساجدَ اللهِ، ولكن ليخرُجْنَ وهنَّ تَفِلاتٌ ))
    3- عن زَينبَ الثقفيَّةِ امرأةِ ابنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه وعنها، قالت: قال لنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا شهِدَتْ إحداكنَّ المسجدَ، فلا تمسَّ طِيبًا ))
    ثانيًا: أنَّ في خروجِ المرأةِ وهي متطيِّبةٌ أو عليها شيءٌ من الزِّينة، ما يُخشى معه الافتتانُ بها
    المسألة الثَّانية: أن تخرُجَ إلى المسجدِ بإذنِ زَوْجِها
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    1
    - عنِ ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا استأذَنتْ أحدَكم امرأتُه إلى المسجدِ، فلا يَمنعْها ))
    2- عنِ ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: كانتِ امرأةٌ لعُمرَ تشهَدُ صلاةَ الصَّبحِ والعِشاءَ في الجماعةِ في المسجدِ، فقيل لها: لِمَ تَخرُجينَ وقد تَعْلمينَ أنَّ عُمرَ يَكرهُ ذلك ويغارُ؟! قالت: وما يَمنَعُه أن ينهاني؟ قال: يمنَعُه قولُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لَا تَمنَعوا إماءَ اللهِ مساجِدَ اللهِ ))
    وجْهُ الدَّلالةِ من الحَديثينِ:
    فيه دليلٌ على أنَّ للزوج مَنْعَهنَّ من ذلك، وأنْ لا خُروجَ لهنَّ إلَّا بإذنه، ولو لم يكُن للرجل منْعُ المرأةِ من ذلك لخُوطِبَ النساءُ بالخروجِ، ولم يُخاطبِ الرِّجالُ بالمنعِ، كما خُوطِبَ النساءُ بالصَّلاةِ ولم يُخاطَبِ الرجالُ بأنْ لا يمنعوهنَّ منها
    ثانيًا: مِنَ الِإِجْماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ رجب
    ثالثًا: أنَّ حقَّ الزوج في ملازمةِ المسكنِ واجبٌ؛ فلا تتركُه للفضيلةِ
    فائدة: حُكم إذنِ الزوجِ لزوجتِه إذا استأذنتْه للخروجِ إلى المسجِدِ
    اختَلف أهلُ العِلمِ في إذنِ الزوجِ لزوجتِه إذا استأذنتْه للخروجِ إلى المسجِدِ، على قولين:
    القول الأوّل: يُستحبُّ للزوجِ أن يأذنَ لزوجتِه إذا استأذنتْه في الخروجِ إلى المسجدِ للصلاةِ إذا أُمِنتِ الفتنةُ، فإنْ منَعَها لم يحرُمْ عليه منعُها، وهو مذهبُ المالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكي أنَّه قولُ عامَّة العلماءِ
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَمْنعوا إماءَ اللهِ مساجِدَ اللهِ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ النهيَ للتَّنزيهِ
    وذلك لِمَا يلي:
    أولًا: لو كان إذنُ الزَّوجِ واجبًا لانْتفَى معنى الاستئذانِ؛ لأنَّ ذلك إنَّما يتحقَّق إذا كان المستأذنُ مخيَّرًا في الإجابةِ أو الردِّ
    ثانيًا: أنَّ حقَّ الزوجِ في ملازمةِ المسكنِ واجبٌ؛ فلا تتركه للفضيلةِ
    ثالثًا: لو كان المنعُ حرامًا لكان من حقِّ الزوجةِ أن تخرُجَ إلى المسجدِ دون إذنِ زَوجِها، شاءَ أو أبَى
    القول الثاني: يجبُ على الزوجِ أنْ يأذنَ لزوجتِه إذا استأذنتْه إلى المسجدِ للصلاةِ، إذا أُمِنت الفتنةُ، وهو قولُ ابنِ عبد البرِّ، وابنِ حزم، والشوكانيِّ، والشِّنقيطيِّ، وابنِ باز، وابنِ عُثَيمين
    الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:
    1- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا استأذنَتْ أحدَكم امرأتُه إلى المسجدِ فلا يَمنعْها))، وفي روايةٍ: ((إذا استأذنَكم نِساؤُكم باللَّيلِ إلى المسجدِ فأْذَنوا لهنَّ))، وفي روايةٍ: ((فقال بلالُ بنُ عبدِ اللهِ: واللهِ لنمنعهنَّ! قال: فأقْبَلَ عليه عبدُ اللهِ فسَبَّه سبًّا سيِّئًا ما سمعتُه سبَّ مِثلَه قطُّ، وقال: أُخبِرُكُ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وتقول: واللهِ لنَمْنَعُهنَّ؟!))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    هذا الفِعلُ مِن ابنِ عُمرَ يدلُّ على تحريمِ المنعِ
    2- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَمنعوا إماءَ اللهِ مساجدَ اللهِ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ النَّهي في الحديثِ للتحريم
    3- عنِ ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: كانتِ امرأةٌ لعُمرَ تَشهَدُ صلاةَ الصُّبحِ والعِشاءِ في الجماعةِ في المسجدِ، فقيل لها: لِمَ تَخرُجينَ وقد تَعلمين أنَّ عُمرَ يَكره ذلك ويَغارُ؟! قالت: وما يمنعُه أن يَنهاني؟ قال: يَمنعُه قولُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
    ((لا تَمنَعوا إماءَ اللهِ مساجدَ اللهِ ))

    المَطلَب السادس: فِعلُ ما تُشرَع له الجماعةُ في المَسجِد


    ما شُرِعت له الجماعةُ من الصَّلوات، ففِعْلُه في المسجِد أفضلُ، كصَلاةِ الكُسوفِ.
    الدَّليل من الإجماع:
    نقَل الإجماع على ذلك: ابنُ تَيميَّة

    المَطلَب السابع: العددُ الذي تَحصُلُ به الجماعةُ

    أقلُّ ما تحصُلُ به الجماعةُ اثنانِ: إمامٌ ومأمومٌ.
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي سعيدٍ الخدريِّ أنَّ رجلًا دخَلَ المسجدَ وقد صلَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأصحابِه، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن يَتصدَّقُ على هذا فيُصلِّي معه؟ فقامَ رجلٌ من القومِ فصلَّى معه ))

    2- عن مالكِ بنِ الحُوَيرثِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: أتَى رجلانِ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يريدان السفر، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا أَنتُما خرجتُما، فأذِّنَا، ثم أقيمَا، ثم لْيؤمَّكُما أكبرُكما ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه لَمَّا قال لهما: ((ولْيؤمَّكما أكبرُكما)) دلَّ على أنَّ أقلَّ صلاةِ الجماعةِ إمامٌ ومأموم
    ثانيًا: مِنَ الِإِجْماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: النوويُّ، وابنُ قُدامةَ
    ثالثًا: أنَّ الجماعةَ مِن الاجتماعِ، وأقلُّ ما يقَعُ به الاجتماعُ اثنانِ

    المَطلَب الثامن: المفاضلةُ بينَ الصَّلاةِ في مَسجدِ الحيِّ والمسجدِ الأكثرِ جَماعةً

    اختَلف أهلُ العلمِ في المفاضلةِ بين الصَّلاةِ في مسجدِ الحيِّ والمسجدِ الأكثرِ جماعةً، على قولين:
    القول الأوّل: أنَّ صلاتَه في مسجدِ حيِّه أفضلُ من صلاتِه في المسجدِ الجامعِ، وهو مذهبُ الحَنَفيَّة  ووجهٌ عند الشافعيَّة، واختيارُ ابن عُثَيمين
    وذلك للآتي:
    أولًا: أنَّ هذا سببٌ لعمارتِه
    ثانيًا: أنَّه يَحصُلُ به التأليفُ للإمامِ وأهلِ الحيِّ، ويَندفِعُ به ما قدْ يكونُ في قلبِ الإمامِ إذا لم تُصلِّ معه
    ثالثًا: أنَّ مسجدَ الحيِّ له حقُّ الجوارِ عليه
    القول الثاني: أنَّ المسجدَ الأكثرَ جماعةً مُقدَّمٌ على مسجدِ الجوارِ، وهو مذهبُ الشافعيَّة، والحَنابِلَة، وقولٌ للحنفيَّة
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن أُبيِّ بن كعبٍ، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صلاةُ الرَّجُلِ مع الرجُلِ أَزْكى من صلاتِه وَحْدَه، وصلاتُه مع الرجُلينِ أزكى من صلاتِه مع الرجلِ، وما كثُرَ فهو أحبُّ إلى الله عزَّ وجلَّ ))
    ----------------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا .. تابعونا جزاكم الله خيرا
    ::
    ولا تنسونا من صالح دعائكم



    عدل سابقا من قبل sadekalnour في الأربعاء أكتوبر 19, 2022 9:09 pm عدل 1 مرات

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

      عاشراً : صَلاة الجَماعَةِ والإمامَةِ .  حُكمُ صلاةِ الجماعةِ . وعلى مَن تجِبُ، وشروطُها وآدابُها .الأعذارُ المُسقِطَةُ لصلاةِ الجماعةِ . شروط ألإمامه                                              Empty المَبحَث الرابع: الأعذارُ المُسقِطَةُ لصلاةِ الجماعةِ

    مُساهمة من طرف صادق النور الثلاثاء أكتوبر 18, 2022 6:20 pm


    المَبحَث الرابع: الأعذارُ المُسقِطَةُ لصلاةِ الجماعةِ
    المَطلَبُ الأوَّل: المَطَرُ

    مِن الأعذارِ المسقطةِ لصلاةِ الجماعةِ
    : وجودُ المطرِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكي الإجماعُ على ذلك
    الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:
    1- عن نافعٍ، قال: ((أذَّن ابنُ عمرَ في ليلةِ باردةِ بضَجَنانَ، ثم قال: صلُّوا في رِحالكم، فأخبَرَنا أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يأمُرُ مؤذِّنًا يؤذِّن، ثم يقول على إثره: ألَا صَلُّوا في الرِّحال، في الليلةِ الباردةِ، أو المطيرةِ في السَّفر ))
    2- عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّه قال لمؤذِّنه في يومٍ مطيرٍ: (إذا قلتَ: أشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا الله، أشهدُ أنَّ محمدًا رسولُ الله، فلا تقُلْ: حيَّ على الصَّلاة، قلْ: صلُّوا في بُيوتِكم)، قال: فكأنَّ الناسَ استنكروا ذاك، فقال: (أَتَعْجَبونَ مِن ذا؟! قد فعَل ذا مَن هو خيرٌ منِّي "أي: رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"؛ إنَّ الجُمُعةَ عَزْمةٌ، وإنِّي كرهتُ أنْ أُحرجَكم فتمشوا في الطِّينِ والدَّحْض )
    3- أن عِتْبانَ بنَ مالكٍ- وكان مِن أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ممَّن شَهِدَ بدرًا مِن الأنصارِ-: أنَّه أتى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: ((يا رسولَ اللهِ، إنِّي أَنْكَرْتُ بصري، وأنا أُصلِّي لقومي، فإذا كانتِ الأمطاُر سال الوادي الذي بيني وبينَهم، لم أَسْتَطَعْ أن آتي مسجدَهم لأُصَلِّيَ لهم، فودَدْتُ يا رسولَ اللهِ، أنَّك تأتي فتُصَلِّي في بيتي؛ فأَتَّخِذُه مُصَلًّى، فقال: سأَفْعَلُ إن شاءَ اللهُ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    قوله: (فإذا كانتِ الأمطاُر سال الوادي الذي بيني وبينَهم، لم أَسْتَطَعْ أن آتي مسجدَهم لأُصَلِّيَ لهم) فيه أنَّ المطر عُذْرٌ في التخلُّف عن الجماعةِ

    المَطلَب الثَّاني: الوَحْلُ

    مِن الأعذارِ المسقطةِ لصلاةِ الجماعةِ وجودُ الوَحل الشَّديد، وهذا باتِّفاق المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّه والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّه قال لمؤذِّنه في يومٍ مطيرٍ: (إذا قلتَ: أشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا الله، أشهدُ أنَّ محمدًا رسولُ الله، فلا تقُل: حيَّ على الصَّلاة، قل: صلُّوا في بيوتِكم)، قال: فكأنَّ الناس استنكروا ذاك، فقال: (أتَعْجَبون من ذا؟! قد فعَل ذا مَن هو خيرٌ منِّي "أي: النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، إنَّ الجمعة عَزْمةٌ، وإنِّي كرهتُ أن أُحرجَكم فتمشوا في الطِّين والدَّحْض )
    ثانيًا: القياسُ على المطر، فإنَّ الوحل أشقُّ من المطَر

    المَطلَب الثَّالث: الرِّيحُ الشَّديدةُ

    الرِّيحُ الشَّديدةُ من الأعذارِ المُسقِطَةِ لصلاةِ الجَماعةِ إذا كانت ليلًا، وهذا باتِّفاق المذاهِبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة
    ، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة: أولًا: مِنَ الآثارِ
    أنَّ ابن عُمرَ أذَّنَ بالصَّلاةِ في ليلةٍ ذات بردٍ ورِيح، فقال: (ألَا صلُّوا في الرِّحال)، ثم قال: ((إنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يأمُر المؤذِّنَ إذا كانتْ ليلةٌ باردةٌ ذاتُ مطرٍ يقول: ألَا صلُّوا في الرِّحال ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ ابنَ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قاسَ الرِّيحَ على المطرِ، والعِلَّةُ الجامعة هي المشقَّة اللَّاحِقة
    ثانيًا: لعظمِ مشقَّةِ الرِّيحِ ليلًا دون النَّهارِ
    المَطلَب الرَّابع: البَرْدُ الشَّديدُ
    ?لأعذارِ المُسْقِطَةِ لصلاةِ الجماعةِ وجودُ البردِ الشديدِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة
    ، والمالِكيَّةوالشافعيَّة، والحنابِلَة، وهو قولُ ابنِ حزمٍ، وحُكِي الإجماعُ على ذلك
    [color=#ff3366]الأدلَّة: اولًا: من السُّنَّة

    أنَّ ابنَ عُمرَ أذَّنَ بالصَّلاةِ في ليلةٍ ذات بردٍ ورِيح، فقال: (ألَا صلُّوا في الرِّحالِ)، ثم قال: ((إنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يأمُر المؤذِّنَ إذا كانتْ ليلةٌ باردة ذاتُ مطرٍ يقول: ألَا صلُّوا في الرِّحالِ ))
    وفي رواية: ((ليلةٌ باردةٌ، أو ذاتُ مَطرٍ أو ذاتُ رِيحٍ ))
    ثانيًا: أنَّ المشقَّةَ في البردِ الشديدِ كالمشقَّةِ في المطرِ[/right]

    المَطلَب الخامسُ: حضورُ طعامٍ

    مِن الأعذارِ المسقِطةِ لصلاةِ الجماعةِ حُضورُ طعامٍ
    تاقتْ نفْسُه إليه، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة والشافعيَّة، والحنابِلَة، وهو قولُ طائفةٍ مِن السَّلف، واختاره ابنُ حزمٍ
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    1- عنِ ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا وُضِعَ عَشاءُ أحدِكم وأُقيمتِ الصَّلاةُ، فابْدؤوا بالعَشاءِ، ولا يَعْجَلْ حتى يَفرغَ ))
    2- عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا قُرِّب العَشاءُ وحضرتِ الصَّلاةُ، فابدؤوا به قبل أن تُصلُّوا صلاةَ المغربِ، ولا تَعْجَلوا عن عَشائِكم ))
    3- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: إنِّي سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: ((لا صلاةَ بحضرةِ طعامٍ، ولا وهو يُدافِعُه الأخبثانِ ))
    ثانيًا: لاشتغالِ باله بالطعامِ الذي تَتُوقُ نفْسُه إليه بما يُشوِّشُ على خشوعِه في الصَّلاةِ
    المَطلَبُ السَّادسُ: المَرضُ

    سيأتي الكلامُ عن هذه المسألَةِ في بابِ صلاةِ أهلِ الأعذارِ- صلاة المريض. [/righ

    المَطلَب السَّابع: غَلبةُ النَّومِ
    [right]
    مِن الأعذارِ المسقِطةِ لصلاةِ الجماعةِ غَلبةُ النُّعاسِ والنَّومِ إنِ انتظر صلاةَ الجماعةِ؛ نصَّ على هذا فقهاءُ الشافعيَّة
    ، والحنابِلَة وهو اختيارُ ابن عُثَيمين
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ، أنَّ معاذَ بنَ جبل رَضِيَ اللهُ عنه، كان يُصلِّي مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثم يأتي قومَه فيُصلِّي بهم الصَّلاة، فقرأ بهم البقرة، قال: فتجوَّز رجلٌ فصلَّى صلاةً خفيفة، فبلَغَ ذلك معاذًا، فقال: إنَّه منافقٌ، فبَلغ ذلك الرجُلَ، فأتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: يا رسولَ الله، إنَّا قومٌ نعمل بأيدينا، ونَسقي بنواضِحنا، وإنَّ معاذًا صلَّى بنا البارحةَ، فقرأ البقرةَ، فتجوَّزتُ، فزعَم أنِّي منافِقٌ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يا معاذُ، أَفتَّانٌ أنت- ثلاثًا! اقرأ: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى، ونحوها))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عذَرَ الرجلَ الذي قطع صلاتَه مع معاذ، ولم يُنكِرْ عليه؛ وذلك لأنَّ معاذًا كان يُطيلُ صلاة العِشاء، وهم في حاجةٍ إلى النومِ والراحةِ للعمل صباحًا
    2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا نَعَسَ أحدُكم وهو يُصلِّي فلْيرقُدْ، حتى يذهبَ عنه النومُ، فإنَّ أحدَكم إذا صلَّى وهو ناعِسٌ، لا يَدري لعلَّه يَستغفِرُ فيسُبَّ نفسَه! ))
    ثانيًا: أنَّه إنِ انتظرَ صلاةَ الجماعةِ وقد غَلَبه النعاسُ والنومُ، فقدْ يُباغِتُه النومُ، فتفوته صلاةُ الجماعةِ، والصَّلاةُ في وقتِها

    المَطلَب الثَّامِن: الخوفُ

    مِن الأعذارِ المسقِطةِ لصلاةِ الجماعةِ الخوفُ على نفْسِه أو مالِه، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة
    ، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك
    وذلك للآتي:
    أولًا: أنَّ المشقَّةَ اللاحقةَ بذلك أكثرُ من بلِّ الثِّيابِ بالمطرِ الذي هو عُذرٌ بالاتِّفاقِ
    ثانيًا: أنَّ قلبَه سيكون منشغلًا

    المَطلَبُ التاسِعُ: صلاةُ الجماعةِ لِمَن أكَل ثُومًا، أو بصلًا ونحوَهما

    اختلف أهل العلم في حكم حضور المسجد لمن أكل بصلًا أو ثُومًا ونحوهما على قولين:
    القول الأول: يُكرَه حضورُ المسجدِ لِمَن أكَل ثُومًا أو بصلًا، أو نحو ذلك
    ، وهو باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن جابرٍ، قال: نهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن أكْل البصل والكرَّاث، فغلبَتْنا الحاجةُ، فأكَلْنا منها، فقال: ((مَن أكَلَ من هذه الشجرةِ الْمُنْتِنةِ، فلا يقربنَّ مسجِدَنا؛ فإنَّ الملائكةَ تَأذَّى ممَّا يَتأذَّى منه الإِنْسُ ))
    القول الثاني: يحرمُ حضورُ المسجدِ لِمَن أكَل ثُومًا أو بصلًا، وهو قول للمالكيَّة، وروايةٌ عن أحمدَ وهو مذهبُ الظاهريَّةِ، واختاره ابنُ جريرٍ وابنُ عثيمينَ
    الأَدِلَّة:اولًا: من السُّنَّة
    1- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: نهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن أكْل البصل والكرَّاثِ، فغلبَتْنا الحاجةُ، فأكَلْنا منها، فقال: ((مَن أكَلَ من هذه الشَّجَرةِ المُنْتِنةِ، فلا يقربنَّ مسجِدَنا؛ فإنَّ الملائكةَ تَأذَّى ممَّا يَتأذَّى منه الإِنْسُ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهَى عن قُرب المسجدِ لمن أكَل بَصَلًا أو كرَّاثًا، والنَّهيُ للتحريمِ
    2- عن معدان بن أبي طلحَةَ، أنَّ عمَرَ بنَ الخطَّاب خطَب النَّاسَ يومَ الجمعةِ- فذكر كلامًا كثيرًا-: وفيه ((إنَّكم- أيُّها النَّاسُ- تأكلونَ شجرتينِ لا أُرَاهُما إلَّا خبيثتينِ: هذا البَصَلَ والثُّومَ، ولقد رأيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا وجَد رِيحَهُما مِن الرَّجُلِ في المسجدِ أمَر به فأُخْرِجَ إلى البقيعِ ))
    ثانيًا: أنَّ صلاة الجماعة واجبةٌ على الأعيانِ، ولا تتمُّ إلَّا بتركِ أكلِ الثُّومِ، وما لا يتمُّ الواجبُ إلا به فهو واجبٌ، فكلُّ ما منع من إتيانِ الفرضِ والقيامِ به فحرامٌ عملُه والتشاغلُ به، كما أنَّه حرامٌ على الإنسان فعلُ كلِّ ما يمنعُه مِن شهودِ الجمعةِ
    المطلب العاشر: مدافعة الأخبثين

    مِن الأعذارِ المسقِطةِ لصلاةِ الجماعةِ مدافعةُ الأخبثَين، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة
    ، والمالِكيَّة والشافعيَّة، والحنابِلَة
    الأدلة:أولًا: من السُّنَّة
    عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: إنِّي سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: ((لا صلاةَ بحضرةِ طعامٍ، ولا وهو يُدافِعُه الأخبثانِ ))
    ثانيًا: لأنه يمنعُه من إكمالِ الصلاة وخشُوعها
    -----------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا .. تابعونا ... جزاكم الله خيرا

    ::
    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

      عاشراً : صَلاة الجَماعَةِ والإمامَةِ .  حُكمُ صلاةِ الجماعةِ . وعلى مَن تجِبُ، وشروطُها وآدابُها .الأعذارُ المُسقِطَةُ لصلاةِ الجماعةِ . شروط ألإمامه                                              Empty إعادةُ الصَّلاةِ في جماعةٍ

    مُساهمة من طرف صادق النور الأربعاء أكتوبر 19, 2022 9:06 pm


    المَبحَث الخامس: إعادةُ الصَّلاةِ في جماعةٍ

    يُسنُّ لِمَن صلَّى الفريضةَ ثم أُقيمتِ الصَّلاةُ في المسجدِ أن يُعيدَ الصَّلاةَ مع الجماعةِ، وهو مذهبُ المالِكيَّة
    ، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ داودَ
    الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:
    1- عن أبي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عنه، عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((صلِّ الصَّلاةَ لوقتِها، فإنْ أدركتَ معهم فصلِّ ولا تقُلْ: إنِّي صليتُ؛ فلا أُصلِّي ))
    2- عن جابرِ بنِ يَزيدَ بنِ الأسودِ العامريِّ، عن أبيه، قال: ((شهدتُ مع رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلاةَ الفجرِ في مسجدِ الخَيْف، فلمَّا قضَى صلاتَه إذا هو برجُلينِ في آخِرِ القومِ لم يُصلِّيَا معه قال: عليَّ بهما، فأُتِيَ بهما ترعَدُ فرائصُهما، فقال: ما مَنعكما أنْ تُصلِّيَا معنا؟ قالَا: يا رسولَ اللهِ، إنَّا قد صلَّينا في رِحالِنا، قال: فلا تفْعلَا، إذا صليتُما في رحالِكما، ثم أتيتُما مسجدَ جماعةٍ، فصَلِّيَا معهم، فإنَّها لكما نافلةٌ ))
    المَطلَبُ الأوَّل: تعدُّدُ الجماعاتِ في وقتٍ واحدٍ أو معَ التعاقُبِ

    لا يُشرَعُ تعدُّدُ الجماعاتِ في المسجدِ الواحدِ في وقتٍ واحدٍ، وكذلك لا يُشرَعُ تعاقُبُ الجماعاتِ الرَّاتبةِ في المسجدِ الواحدِ.
    الأَدِلَّة: أوَّلًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((أثقَلُ صلاةٍ على المنافقين صلاةُ العشاءِ وصلاة الفَجرِ، ولو يَعلمون ما فيهما لأتوهُما ولو حبوًا، ولقد هممتُ بالصَّلاةِ فتُقامُ، ثم آمُرُ رجلًا يُصلِّي بالناس، ثم أنطلقُ معي برِجالٍ معهم حُزمٌ من حطَب إلى قومٍ لا يَشهدونَ الصَّلاة فأُحرِّقُ عليهم بيوتَهم بالنارِ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الذين يُعدِّدونَ الجماعاتِ الراتبةَ في المسجدِ الواحدِ أشدُّ تفريقًا للمسلمين، وإعراضًا عن جماعتِهم من المتخلِّفينَ عن المسجدِ، الذين يُصلُّونَ جماعةً من غير حدودٍ، وأعظم مواحشةً بين المؤمنين، وإيغالًا لصدورهم، ومخالفةً بين قلوبِهم
    2- عن جابرِ بنِ يَزيدَ بن الأسودِ العامريِّ، عن أبيه، قال: ((شهدتُ مع رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلاةَ الفجرِ في مسجدِ الخَيْف، فلمَّا قضَى صلاتَه إذا هو برجُلينِ في آخِرِ القومِ لم يُصلِّيَا معه قال: عليَّ بهما، فأُتِيَ بهما ترعَدُ فرائصُهما، فقال: ما مَنعكما أنْ تُصلِّيَا معنا؟ قالَا: يا رسولَ اللهِ، إنَّا قد صلَّينا في رِحالنا، قال: فلا تفْعلَا، إذا صليتُما في رحالِكما، ثم أتيتُما مسجدَ جماعةٍ، فصَلِّيَا معهم، فإنَّها لكما نافلةٌ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنكرَ على مَن لم يدخُلِ الجماعةَ معتذرًا بأنَّه قد صلَّى في رَحله، وأمره بالدخولِ مع جماعةِ من المسلمين؛ لئلَّا يتظَّهر بمخالفةِ المسلمين في عدم الدُّخولِ في جماعتِهم
    3- عن أبي الشعثاءِ، قال: ((كنَّا قعودًا في المسجدِ مع أبي هُرَيرَةَ، فأذَّن المؤذِّنُ، فقام رجلٌ من المسجدِ يَمشي فأتبعه أبو هُرَيرَةَ بصرَه حتى خرجَ من المسجدِ، فقال أبو هُرَيرَةَ: أمَّا هذا، فقدْ عصَى أبا القاسمِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الشارعَ نهى عن الخروجِ من المسجدِ بعدَ النداءِ؛ لِمَا في ذلِك من مخالفةٍ للمسلمينَ وتفريقٍ لجماعتِهم، وإعراضٍ عن الطاعة، والذي يُسابق الجماعةَ، واعتزلَ جميعَ المسلمين أشدُّ مخالفةً، وأعظم تظهرًا بما يخالف ما هو من أعظمِ مقاصدِ الشارعِ
    ثانيًا: مِنَ الإِجْماعِ
    نقَلَ الإجماعَ على المنعِ من تعدُّدِ الجماعاتِ في المسجدِ الواحدِ في وقتٍ واحدٍ: ابنُ عرفةَ، وأبو القاسمِ ابنُ الحباب، وجمالُ الدِّين ابنُ ظهيرة، وعِليش
    ونقَل الإجماعَ على عدَمِ مشروعيَّةِ تعاقُبِ الجماعاتِ الراتبةِ في المسجدِ الواحدِ: السعديُّ المالكيُّ، والغسانيُّ والشوكانيُّ
    ثالثًا: أنَّ تعدُّدَ الجماعاتِ مناقضٌ لمقصودِ الشارعِ من مشروعيَّةِ صلاةِ الجماعةِ, وهو اجتماعُ المسلمين، وأنْ تعودَ بركةُ بعضِهم على بعضٍ، وأنْ لا يُؤدِّي ذلك إلى تفرُّقِ الكلمةِ؛ فجمْعُ القلوب، والتأليفُ بين المسلمين، وقطْعُ ذرائعِ التفريق والتخالُف، مقصدٌ من مقاصدِ الشرعِ عظيمٌ، وأصلٌ من أصولِ هذا الدِّين، ولا ريبَ أنَّ تفرُّقَ المصلِّين في الجماعاتِ له مدخلٌ في التأثيرِ في اختلافِ القلوبِ، وإيغارِ الصُّدورِ، والمواحشةِ بينَ المسلمين
    رابعًا: أنَّ الشارعَ لم يسمحْ بتفريق الجماعةِ بإمامينِ عند الضرورةِ الشديدةِ، وهي حضورُ القتالِ مع عدوِّ الدِّينِ، بل أمَرَ بقَسمِ الجماعةِ وصلاتِهم بإمامٍ واحد، ففي السِّلم من باب أَوْلى.
    خامسًا: أنَّ اللهَ سبحانه وتعالى أمرَ رسولَه بهدمِ مسجدِ الضِّرارِ لَمَّا اتُّخِذَ لتفريقِ الجماعةِ
    المَطلَب الثَّاني: تَكرارُ الجماعةِ في المسجدِ الواحدِ لعارضٍ

    الفرع الأوَّلُ: إذا لم يَكُنْ للمسجدِ إمامٌ راتبٌ
    إذا لم يكُنْ للمسجدِ إمامٌ راتب
    ، فلا كراهةَ في الجَماعةِ الثَّانيةِ والثالثةِ وأكثرَ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكِي الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رجلًا جاءَ وقد صلَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: ((مَن يَتصدَّقُ على هذا؟ فقام رجلٌ فصلَّى معه ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ هذا الحديثَ وردَ في مسجدٍ له إمامٌ راتب، فما ليس له إمامٌ راتبٌ مِن باب أَوْلى.
    ثانيًا: دفعًا للحاجةِ لكثرةِ استطراقِ الناسِ إلى مساجدِ الأسواق
    ثالثًا: لأنَّ تعدُّدَ الجماعات به يحصُل المقصودُ، ولا يُؤدِّي إلى مفسدةٍ تُفرِّق الجماعاتِ، أو اختلاف الكلمةِ، أو إيغار صَدْر الإمامِ، وغير ذلك
    رابعًا: لعمومِ الأحاديثِ الواردةِ في فضلِ الجماعةِ
    خامسًا: لأنَّ المساجدَ التي في الأسواق، أو في الطُّرُقِ وممرِّ العامَّة، الناس فيه سواءٌ، لا اختصاصَ له بفريقٍ دون فريقٍ
    الفرع الثاني: إذا كان للمسجدِ إمامٌ راتِبٌ
    يُشرَعُ لِمَن فاتتْه الجماعةُ الأولى مع الإمامِ الراتبِ أن يُصلِّيَ مع جماعةٍ أُخرى، وهذا مذهبُ الحَنابِلَةِ، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلف، وداودَ الظاهريِّ، واختاره ابنُ المنذرِ، وابنُ باز، وابنُ عُثَيمين
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي سعيدٍ الخدريِّ، قال: دخلَ رجلٌ المسجدَ ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد صلَّى، فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ألَا مَن يَتصدَّقُ على هذا فيُصلِّي معه... ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    هذا نصٌّ صريحٌ في إعادةِ الجماعةِ بعدَ الجماعةِ الرَّاتبةِ، حيث ندَبَ النبيُّ عليه الصَّلاة والسلام مَن يُصلِّي مع هذا الرجُلِ
    2- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صلاةُ الجماعةِ تَفضُلُ على صلاةِ الفذِّ بسبعٍ وعِشرينَ دَرجةً ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    عمومُ فضلِ الجماعةِ واستحبابها الواردِ في الحديثِ، سواء الأُولى أو الثانية
    3- عن أُبيِّ بن كعبٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صلاةُ الرجُلِ مع الرجلِ أزكى من صلاتِه وحْدَه، وصلاتُه مع الرجلينِ أزكى مِن صلاتِه مع الرجلِ، وما كثُرَ فهو أحبُّ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    هذا نصٌّ صريحٌ بأنَّ صلاةَ الرجُلِ مع الرجُلِ أفضلُ من صلاتِه وحْدَه، ولو قلنا: لا تُقامُ الجماعةُ لزِمَ أن نَجعلَ المفضولَ فاضلًا، وهذا خلافُ النصِّ
    ثانيًا: من الآثارِ
    عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه: (أنَّه جاءَ ذاتَ يومٍ والناسُ قد صلَّوْا، فجمَعَ أصحابَه فصلَّى بهم جماعةً)
    ------------------------------------------------------------------------------------
    الفَصلُ الثَّاني: الإِمامةُ

    المَبحَث الأوَّل: ما يُشْتَرَطُ في الإمامةِ وما لا يُشْتَرَط

    المطلبُ الأوَّل: شُروطُ الإِمامَةِ

    الفرعُ الأَوَّلُ: الإسلامُ
    يُشترَطُ في الإمامِ أن يكون مُسْلمًا؛ فلا تصحُّ إمامةُ الكافرِ.
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا كانوا ثلاثةً فلْيَؤمَّهم أحدُهم، وأحقُّهم بالإمامةِ أَقرؤُهم ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ إمامةَ الكافرِ لا تصحُّ؛ لأنَّه لا قِراءةَ له
    ثانيًا: مِنَ الِإِجْماعِ
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حزمٍ
    ثالثًا: لأنَّ الكافرَ ليس من أهلِ الصَّلاةِ
    رابعًا: لأنَّ صلاته لا تصحُّ لنفسه؛ فلا تصحُّ لغيره
    الفرع الثَّاني: العقلُ
    يُشترَطُ في الإمامِ العقلُ؛ فلا تصحُّ إمامةُ المجنونِ.
    الأدلَّة:
    أولًا: مِنَ الِإِجْماعِ
    نقَل الإجماعَ على عدم صِحَّةِ صلاةِ المجنونِ: ابنُ تيميَّة
    ثانيًا: لعدم صِحَّةِ صلاتِه لنَفْسِه
    مسألة: إمامةُ السَّكْرانِ
    لا تصحُّ إمامةُ السَّكرانِ.
    الأدلَّة:
    أولًا: مِنَ الِإِجْماعِ
    نقَل الإجماعَ على عدمِ صِحَّةِ صلاةِ السَّكران: ابنُ تيمِيَّةَ؛ فإذا لم تصحَّ صلاتُه لنفسِه لم تصحَّ لغيرِه
    ثانيًا: القياس على المجنونِ؛ فكلاهما لا يَعقِلُ
    ثالثًا: أنَّ السكرانَ ممنوعٌ من قِربانِ المساجدِ والصَّلاةِ؛ لقوله تعالى: لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ [النساء: 43]
    الفرع الثَّالث: الذُّكورةُ
    يُشتَرَطُ في الإمامِ أن يكونَ ذَكَرًا؛ فالمرأةُ لا تؤمُّ الرِّجالَ، فإنْ فعَلوا فصلاتُهم فاسدةٌ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    عن أبي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: لقدْ نفَعني اللهُ بكلمةٍ أيَّامَ الجَمَل: لَمَّا بلغَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ فارسًا ملَّكوا ابنةَ كِسرى، قال: ((لنْ يُفْلِحَ قومٌ ولَّوْا أمرَهم امرأةً ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الجماعةَ قد ولَّوْا أمرَهم الإمامَ؛ فلا يصحُّ أن تكونَ المرأةُ إمامًا لهم
    ثانيًا: أنَّ النصوصَ دلَّتْ على استحبابِ تأخُّرِ النِّساءِ عن صفوفِ الرِّجالِ؛ فدلَّ على عدمِ جوازِ التقدُّمِ عليهم بالإمامةِ
    ثالثًا: لأنَّه قد تحصُلُ فتنةٌ تُخلُّ بصلاةِ الرجُلِ إذا كانتْ إلى جَنبِه أو بين يَديهِ
    المسألة الأولى: إمامةُ الخُنْثى للرِّجالِ
    لا تصحُّ إمامةُ خُنثى مُشكِل للرِّجالِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة؛ وذلك لاحتمالِ كونِه امرأةً
    المسألة الثانية: إمامة الخنثى للنِّساء
    تصحُّ إمامةُ الخُنثَى المُشكِل للنِّساءِ، وهذا مذهبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة، والشافعيةِ والحَنابِلَةِ، وذلك؛ لأنَّه إن كان رجلًا فاقتداءُ المرأةِ بالرجلِ صحيحٌ، وإن كان امرأةً فاقتداءُ المرأةِ بالمرأةِ جائزٌ أيضًا
    الفرع الرَّابع: القُدرةُ على القِراءةِ
    القراءةُ شرطٌ؛ فلا يصحُّ اقتداءُ القارئِ بأخرسَ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
    لأنَّه يتركُ ركنًا من أركانِ الصَّلاةِ، وهو القراءةُ، والتحريمةُ، وغيرُهما، فلا يأتي به ولا ببَدلِه
    المطلَبُ الثَّاني: ما لا يُشْتَرَط في الإمامَةِ


    الفرع الأَوَّل: العَدالة
    لا تُشترَطُ العدالةُ في الإمامِ؛ فالصَّلاةُ خلف الفاسقِ جائزةٌ مع الكراهةِ، وهو مذهبُ الحَنَفيَّة
    ، والشافعيَّة، والمعتمَد عند المالِكيَّة، واختاره ابنُ حزمٍ
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي ذرٍّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال لي رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((كيفَ أنتَ إذا كانتْ عليك أمراءُ يؤخِّرون الصَّلاةَ عن وقتِها؟- أو- يُميتون الصَّلاةَ عن وقتها؟ قال: قلت: فمَا تأمُرني؟ قال: صلِّ الصَّلاةَ لوقتِها، فإنْ أدركتَها معهم فصلِّ؛ فإنَّها لك نافلةٌ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد أذِنَ بالصَّلاةِ خلفَهم، وجعَلَها نافلةً؛ لأنَّهم أخرَجوها عن وقتِها، وظاهرُه أنَّهم لو صلَّوْها في وقتِها لكانَ مأمورًا بصلاتِها خَلفَهم فريضةً
    2-عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((يُصلُّون لكم، فإنْ أصابوا فلَكُم، وإنْ أخطؤوا فلَكُم وعَلَيهم ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ فيه جوازَ الصَّلاةِ خلْفَ البَرِّ والفاجرِ
    3- عن أبي مسعودٍ الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يؤمُّ القومَ أقرؤُهم لكتابِ اللهِ .. ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ هذا عامٌّ فيَشمَلُ الفاسقَ
    ثانيًا: مِن الآثار
    أنَّ ابنَ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما كان يُصلِّي خَلفَ الحَجَّاج مع فِسْقِه
    ثالثًا: لأنَّ فِسْقَه غيرُ متعلِّقٍ بأحكامِ الصَّلاةِ
    رابعًا: لأنَّه إذا صحَّتْ صلاتُه لنفْسِه صحَّتْ لغيرِه
    المسألة الأولى: إمامةُ المبتَدِعِ
    تجوزُ الصَّلاةُ خلفَ المبتدعِ بدعةً غيرَ مكفِّرةٍ، وهو مذهبُ الحَنَفيَّة، والشافعيَّة، وقولٌ للمالكيَّة، واختاره ابنُ باز، وابن عُثَيمين
    الأدلَّة:أولًا: من الآثار
    عن عُبَيدِ اللهِ بن عديِّ بنِ خيار: أنَّه دخَلَ على عثمانَ بن عفَّان رَضِيَ اللهُ عنه وهو محصورٌ، فقال: إنَّك إمامُ عامَّة، ونزَلَ بك ما ترَى ويُصلِّي لنا إمامُ فِتنة ونتحرَّجُ؟ فقال: الصَّلاةُ أحسنُ ما يَعملُ الناسُ، فإذا أحسنَ الناسُ فأحْسِنْ معهم، وإذا أساؤوا فاجتنبْ إساءتَهم
    ثانيًا: أنَّ المبتدعَ صلاتُه في نفسِها صحيحةٌ، فإذا صلَّى المأمومُ خلفَه لم تبطُلْ صلاتُه
    المسألة الثانية: إمامةُ مجهولِ الحالِ
    تجوزُ الصَّلاة خَلفَ كلِّ مسلِمٍ مستورٍ، لم تَظهرْ منه بِدعةٌ ولا فُجور.
    الدَّليل من الإجماع:
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ تيميَّة، وابنُ أبي العزِّ الحنفيُّ
    الفرع الثاني: البلوغُ
    لا يُشتَرَطُ البُلُوغُ في الإمامِ؛ وعليه فصلاةُ البالِغِ خلفَ الصبيِّ الذي يَعقِلُ صحيحةٌ، وهو مذهبُ الشافعيَّة، وروايةٌ عن أحمد، وقولُ طائفةٍ من السَّلفِ، واختاره ابنُ المنذرِ، والشوكانيُّ، والصنعانيُّ، وابنُ باز، وابنُ عُثَيمين
    الأدلَّة: اولًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي قِلابَة، عن عَمرِو بن سَلِمة، قال: قال لي أبو قِلابةَ: ألَا تَلْقاهُ فتسألَه؟ قال: فلقيتُه فسألتُه، فقال: كنَّا بماءٍ ممرَّ الناسِ، وكان يمرُّ بنا الركبانُ فنَسألهم: ما للناسِ، ما للناسِ؟ ما هذا الرَّجُل؟ فيقولون: يَزعُمُ أنَّ اللهَ أَرْسلَه، أوْحَى إليه، أو: أَوْحَى اللهُ بكذا، فكنتُ أحفظُ ذلك الكلامَ، وكأنَّما يقرُّ في صدْري، وكانتِ العربُ تَلوَّمُ بإسلامِهم الفتحَ، فيقولون: اتركُوه وقومَه، فإنَّه إنْ ظهَرَ عليهم فهو نبيٌّ صادِق، فلمَّا كانتْ وقعةُ أهلِ الفتحِ، بادَرَ كلُّ قومٍ بإسلامِهم، وبدَرَ أَبي قَومِي بإسلامِهم، فلمَّا قدِم قال: جِئتُكم واللهِ من عندِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حقًّا؛ فقال: ((صَلُّوا صلاةَ كذا في حِينِ كذا، وصلُّوا صلاةَ كذا في حِين كذا، فإذا حضرتِ الصَّلاةُ فليؤذِّنْ أحدُكم، ولْيؤمَّكم أكثرُكم قرآنًا))، فنظروا فلمْ يكُنْ أحدٌ أكثرَ قرآنًا منِّي؛ لِمَا كنتُ أتلقَّى من الركبان، فقدَّموني بين أيديهم، وأنا ابنُ ستٍّ، أو سَبعِ سِنينَ
    2- عن أبي مسعودٍ الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يؤمُّ القومَ أقرؤُهم لكتابِ اللهِ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ هذا الحديثَ يعمُّ الصبيَّ ويعمُّ غيرَه
    ثانيًا: أنَّه ما دامتْ صحَّتْ صلاتُه لنَفْسِه؛ فتصحُّ إمامتُه لغيرِه
    الفرع الثالث: البَصَرُ
    لا يُشتَرَطُ في الإمامِ أن يكونَ مُبصِرًا؛ فإمامةُ الأَعمَى للمُبصرِ صحيحةٌ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم استخلَفَ ابنَ أمِّ مكتومٍ على المدينةِ مرَّتينِ يُصلِّي بهم وهو أَعْمى ))
    2- عن محمودِ بنِ الرَّبيعِ الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ عِتبانَ بنَ مالكٍ، كان يؤمُّ قومَه وهو أعْمَى، وأنَّه قال لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يا رسولَ اللهِ، إنَّها تكونُ الظُّلمةُ والسَّيلُ، وأنا رجلٌ ضَريرُ البصرِ، فصَلِّ يا رسولَ اللهِ في بيتي مكانًا أتَّخِذُه مُصلًّى، فجاءَه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: أينَ تحبُّ أن أصليَ؟ فأشار إلى مكانٍ من البيتِ، فصلَّى فيه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    قوله: (كان يؤمُّ قومَه وهو أعْمَى) فيه دليلٌ على جوازِ إمامةِ الأعْمى؛ لأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أقرَّه على ذلِك؛ فمِثل هذا لا يَخفى على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مع تَكرُّره
    ثانيًا: من الآثارِ
    أنَّ هذا فعَلَه بعضُ السَّلف؛ فقد كان ابنُ عبَّاس يؤمُّ بعدَما كَبِرَ وعَمِي، وكذلِك عِتبانُ بنُ مالكٍ، وقتادةُ
    الفرعُ الرَّابِعُ: موافقةُ الإمامِ للمأمومِ في الفُروعِ
    مُوافقةُ الإمامِ للمأمومِ في الفُروعِ ليستْ شَرطًا لصِحَّةِ الإمامةِ؛ فتصحُّ الصَّلاةُ خلفَ المخالفِ في الفروعِ، وهو مذهبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والحَنابِلَة، وحُكي الإجماعُ على ذلك
    وذلك للآتي:
    أولًا: لصلاةِ الصَّحابةِ خَلفَ بعضِهم مع ما بينهم من الاختلافِ في الفروعِ
    ثانيًا: لأنَّنا لو قُلْنا: إنَّها لا تصحُّ الصَّلاةُ خلفَ المخالفِ في الفروعِ لَلَحِقَ بذلك حرجٌ ومشقَّة
    ثالثًا: أنَّ المخالِفَ إمَّا أن يكونَ مصيبًا في اجتهادِه، فله أجرانِ، أو مُخطِئًا فله أجرٌ على اجتهادِه، ولا إثمَ عليه في الخَطأ
    رابعًا: أنَّه لَمَّا صحَّتِ الصَّلاةُ لنفسِه، صحَّت لغيرِه، وجاز الائتمامُ به

    المَبحَث الثَّاني: الأَوْلى بالإمامةِ في الصَّلاةِ
    المطلب الأوَّل: ذو السُّلطانِ

    يُقدَّمُ ذُو السُّلطانِ للإمامةِ مطلقًا، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّةوالمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن عِتْبانَ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أتاه في منزلِه، فقال: ((أينَ تحبُّ أنْ أُصلِّي لكَ مِن بيتِك؟)) قال: فأشرتُ له إلى مكانٍ، فكبَّر النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وصَفَفْنا خَلْفَه، فصلَّى ركعتينِ
    2- عن أنسِ بنِ مالك رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ جَدَّته مُليكةُ دَعَتْ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لطعامٍ صنعتْه، فأكَل منه، فقال: ((قوموا، فلَأُصَلِّي بكم))، فقمتُ إلى حصيرٍ لنا قد اسودَّ مِن طول ما لَبِث، فنضحتُه بماءٍ، فقام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم واليتيمُ معي والعجوزُ من ورائنا، فصلَّى بنا ركعتينِ
    وجْهُ الدَّلالةِ مِنَ الحَديثينِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَّ عِتبانَ بنَ مالكٍ وأنسًا في بيوتِهما
    3- عن أبي مَسعودٍ الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يؤمُّ القومَ أقرؤُهم لكتابِ اللهِ، فإنْ كانوا في القِراءةِ سواءً، فأعلمُهم بالسُّنَّة، فإنْ كانوا في السُّنَّة سواء، فأقدمُهم هِجرةً، فإنْ كانوا في الهِجرةِ سَواءً، فأقدمُهم سِلمًا، ولا يؤمنَّ الرَّجُلُ الرجلَ في سُلطانِه، ولا يَقعُدْ في بيتِه على تكرمتِه إلَّا بإذنِه ))
    ثانيًا: لأنَّ ولايتَه عامَّة، ولأنَّه راعٍ وهم رعيَّتُه؛ فكان تقديمُ الراعى أَوْلى

    المطلب الثَّاني: صاحبُ البَيت          


    صاحِبُ البَيتِ أَوْلى بالإمامةِ، وإنْ كان غيرُه أفقهَ وأفضلَ منه، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة
    ، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي مَسعودٍ الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يؤمُّ القومَ أقرؤُهم لكتابِ اللهِ، فإنْ كانوا في القِراءةِ سواءً، فأعلمُهم بالسُّنَّة، فإنْ كانوا في السُّنَّة سواء، فأقدمُهم هِجرةً، فإنْ كانوا في الهِجرةِ سَواءً، فأقدمُهم سِلمًا، ولا يؤمنَّ الرَّجُلُ الرجلَ في سُلطانِه، ولا يَقعُدْ في بيتِه على تَكْرمتِه إلَّا بإذنِه ))
    ثانيًا: من الآثارِ
    عن أبي سعيدٍ مولى أبي أُسَيد قال: (تزوَّجتُ وأَنا مَملوكٌ فدعوتُ نفرًا مِن أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيهمُ ابنُ مسعودٍ، وأبو ذرٍّ وحُذَيْفةُ قال: وأقيمتِ الصَّلاةُ، قالَ: فذَهَبَ أبو ذرٍّ ليتقدَّمَ، فقالوا: إليكَ! قالَ: أوَ كذلِكَ؟ قالوا: نعَم، قالَ: فتقدَّمتُ بِهِم وأَنا عبدٌ مملوكٌ)
    ثالثًا: لأنَّ لصاحبِ البيتِ ولايةً خاصَّةً على الدَّار، لا يُشارِكُه فيها غيرُه؛ فكان تقديمُه أَوْلى

    المطلب الثَّالِث: إمامُ المَسجِدِ الرَّاتبِ

    إمامُ المسجدِ الرَّاتبِ أحقُّ بالإمامةِ، وإنْ كان غيرُه أفقهَ وأفضلَ منه، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّةِ الأربعة: الحَنَفيَّة
    ، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة: أولًا: من الآثار
    عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما كان له مولًى يُصلِّي في مسجدٍ، فحضَرَ فقدَّمَه مولاه، فقال له ابنُ عُمرَ: (أنتَ أحقُّ بالإمامةِ في مسجدِك)
    ثانيًا: لأنَّ في تقديمِ غيرِه عليه افتياتًا عليه، وكسرًا لخاطرِه

    المطلب الرَّابع: الأقرأُ والأفقهُ

    يُقدَّمُ الأقرأُ
    على الأفقهِ، وهو مذهبُ الحَنابِلَةِ، وقولُ أبي يُوسفَ من الحَنَفيَّة، وقولٌ عندَ الشافعيَّة، وقولُ بعضِ السَّلفِ، واختارَه ابنُ المنذرِ، وابنُ حزمٍ، وابنُ تَيميَّة، والصنعانيُّ، والشوكانيُّ، وابنُ باز، وابنُ عُثَيمين
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي مَسعودٍ الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يؤمُّ القومَ أقرؤُهم لكتابِ اللهِ، فإنْ كانوا في القِراءة سواءً، فأعلمُهم بالسُّنة... ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قدَّم الأقرأَ على الأعلمِ بالسُّنَّة.
    2- عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا كانوا ثلاثةً فليؤمَّهم أحدُهم؛ أحقُّهم بالإمامةِ أقرؤُهم ))
    3- عن أبي قِلابَة، عن عَمرِو بن سَلِمة، قال: قال لي أبو قِلابةَ: ألَا تَلْقاهُ فتسألَه؟ قال: فلقيتُه فسألتُه، فقال: كنَّا بماءٍ ممرَّ الناسِ، وكان يمرُّ بنا الركبانُ فنَسألهم: ما للناسِ، ما للناسِ؟ ما هذا الرَّجُل؟ فيقولون: يَزعُمُ أنَّ اللهَ أَرْسلَه، أوْحَى إليه، أو: أَوْحَى اللهُ بكذا، فكنتُ أحفظُ ذلك الكلامَ، وكأنَّما يقرُّ في صدْري، وكانتِ العربُ تَلوَّمُ بإسلامِهم الفتحَ، فيقولون: اتركُوه وقومَه، فإنَّه إنْ ظهَرَ عليهم فهو نبيٌّ صادِق، فلمَّا كانتْ وقعةُ أهلِ الفتحِ، بادَرَ كلُّ قومٍ بإسلامِهم، وبدَرَ أَبي قَومِي بإسلامِهم، فلمَّا قدِم قال: جِئتُكم واللهِ من عندِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حقًّا؛ فقال: ((صَلُّوا صلاةَ كذا في حِينِ كذا، وصلُّوا صلاةَ كذا في حِين كذا، فإذا حضرتِ الصَّلاةُ فليؤذِّنْ أحدُكم، ولْيؤمَّكم أكثرُكم قرآنًا))، فنظروا فلمْ يكُنْ أحدٌ أكثرَ قرآنًا منِّي؛ لِمَا كنتُ أتلقَّى من الركبان، فقدَّموني بين أيديهم، وأنا ابنُ ستٍّ، أو سَبعِ سِنينَ
    ثانيًا: مِن الآثار
    عن عبدِ اللهِ بن عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: (لَمَّا قدِم المهاجرون الأوَّلون العَصَبةَ- موضع بقُباءٍ- قَبلَ مَقدَمِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يؤمُّهم سالمٌ مولى أبي حُذيفةَ، وكان أكثرَهم قُرآنًا) وفي روايةٍ: وفيهم عُمرُ بن الخطَّابِ، وأبو سَلمةَ بنُ عبدِ الأَسَدِ
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ إمامةَ سالمٍ مع وجودِ عُمرَ فيها دلالةٌ على أنَّ الأقرأَ مُقدَّمٌ على الأفقهِ[/right

    المَبحَثُ الثالث: إمامةُ المرأةِ للنِّساءِ
    المَطلَبُ الأوَّل: حُكمُ إمامةِ المرأةِ للنِّساءِ
    [right]
    تجوزُ إمامةُ المرأةِ للنِّساءِ، وهو مذهبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة
    ، والشافعيَّة والحَنابِلَة، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلف، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن أمِّ ورقةَ بنتِ نوفل رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَزورُها في بيتِها، وجعَل لها مؤذِّنًا يؤذِّنُ لها، وأمَرَها أن تؤمَّ أهلَ دارِها ))
    ثانيًا: من الآثارِ
    1- عن عائشةَ أمِّ المؤمنينَ: (أنَّها أمَّتِ النِّساءَ في صلاةِ المغربِ، فقامتْ وسْطهنَّ، وجهرتْ بالقراءةِ)
    2- عن حُجَيرةَ بنتِ حُصَينٍ، قالت: (أمَّتْنا أمُّ سَلمةَ أمُّ المؤمنينَ في صلاةِ العصرِ، وقامتْ بَيننا)

    المَطلَب الثَّاني: موقف المرأة إذا أمَّت النِّساءِ


    إذا صلَّتِ امرأةٌ بالنِّساءِ، فإنَّها تقومُ في وسطهنَّ، وهذا مذهبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة
    ، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكيَ في ذلك اتِّفاقُ مَن رأى إمامةَ المرأةِ لجماعةِ النِّساءِ
    الأدلَّة:أولًا: من الآثار
    1- عن عائشةَ أمِّ المؤمنينَ رَضِيَ اللهُ عنها: (أنَّها أمَّتِ النساءَ في صلاةِ المغربِ فقامتْ وسْطهنَّ، وجَهرتْ بالقراءةِ)
    2- عن حُجَيرةَ بنتِ حُصَينٍ، قالت: (أمَّتْنا أمُّ سَلمةَ في صلاةِ العصرِ، قامتْ بَيْننا)
    ثانيًا: أنَّ المرأةَ يُستحبُّ لها التستُّرُ، وكونها في وسَطِ الصفِّ أسترُ لها؛ لأنَّها تَستَتِرُ بهنَّ من جانبَيها
    ثالثًا: أنَّ المرأةَ ممنوعةٌ من البروزِ لا سيَّما في الصَّلاةِ؛ ولهذا كانتْ صلاتُها في بيتِها أفضل
    فرعٌ: جهر المرأة بالقراءة في الصَّلاةِ
    تَجهر المرأةُ التي تؤمُّ النِّساءَ في صلاةِ الجهرِ، إلَّا أنْ يكونَ هناك رجالٌ من غيرِ محارمِها، وهو مذهبُ الشافعيَّة والحَنابِلَة واختاره ابنُ تَيميَّة، وابنُ باز، وابنُ عُثَيمين
    وذلك للآتي:
    أولًا: أنَّ اللهَ شرَعَ لعبادِه الجهرَ في الفَجرِ، وفي الأُولى والثَّانيةِ من العشاءِ والمغربِ، وهذا عامٌّ للرِّجالِ والنِّساءِ؛ لأنَّ الشرائعَ عامَّةٌ إلَّا ما خَصَّه الدليلُ بالرجُلِ أو المرأةِ
    ثانيًا: لم تجهرْ في موضعٍ فيه رجالٌ أجانبُ؛ لأنَّه لا يُؤمَنُ أنْ يُفتتَنَ بها
    -------------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا تابعونا جزاكم الله خيرا ::: ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

      عاشراً : صَلاة الجَماعَةِ والإمامَةِ .  حُكمُ صلاةِ الجماعةِ . وعلى مَن تجِبُ، وشروطُها وآدابُها .الأعذارُ المُسقِطَةُ لصلاةِ الجماعةِ . شروط ألإمامه                                              Empty المَبحَث الرابع: موقِفُ الإمامِ والمأمومِ في الصَّلاةِ

    مُساهمة من طرف صادق النور الخميس أكتوبر 20, 2022 10:43 am


    المَبحَث الرابع: موقِفُ الإمامِ والمأمومِ في الصَّلاةِ

    المَطلَب الأوَّل: موقِفُ المأمومِ الواحدِ من الإمامِ

    يُسنُّ أن يقِفَ المأمومُ الواحدُ عن يمينِ الإمامِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة
    ، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((بتُّ عند خالَتي ميمونةَ، فلمَّا كان بعضُ اللَّيلِ قام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي، فأَتى شَنًّا معلَّقًا فتوضَّأ وضوءًا خفيفًا، ثم قام فصلَّى، فقمتُ فتوضأتُ وصنعتُ مِثل الذي صنَعَ، ثم قمتُ عن يَسارِه، فحوَّلَني عن يمينِه...

    المَطلَب الثَّاني: موقفُ المأمومِينَ إذا كانوا اثنينِ فأكثرَ


    يُسنُّ إنْ كان المأمومونَ اثنينِ فأكثرَ، أن يقِفوا خلفَ الإمامِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة
    ، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَةِ، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك
    الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:
    1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ جَدَّته مُليكةَ دعَتْ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لطعامٍ صنعتْه، فأكَل منه، فقال: ((قوموا فلأُصَلِّي بكم))، فقمتُ إلى حصيرٍ لنا قد اسودَّ من طول ما لَبِث، فنضحتْه بماءٍ، فقام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم واليتيمُ معي والعجوزُ من وَرائِنا، فصلَّى بنا ركعتينِ
    2- عن جابرِ بنِ عبدِ الله قال: ((جئتُ حتى قمتُ عن يسارِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينِه، ثم جاء جبارُ بنُ صخرٍ فتوضأَ. ثم جاء فقام عن يسارِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأخذ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيدنا جميعًا، فدفعنا حتى أقامنا خلفَه ))

    المَطلَب الثَّالِث: ارتفاعُ موقفِ الإمامِ عن المأمومِ أو العَكس


    الفرعُ الأوَّل: ارتفاعُ موقفِ الإمامِ عن المأمومِ
    يُكرهُ أنْ يكونَ الإمامُ أعْلى من المأمومِ
    ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة: أولًا: من الآثار
    عن همَّامٍ، أنَّ حذيفةَ، أمَّ بالمدائنِ على دُكَّان، فأخَذ أبو مسعودٍ، بقميصِه فجَبَذه، فلمَّا فرَغَ مِن صلاتِه قال: (ألمْ تعلمْ أنَّهم كانوا يَنهَونَ عن ذلك؟ قال: بلَى، قد ذكرتُ حينَ مَددتَني)
    ثانيًا: لأنَّ هذا صنيعُ أهلِ الكتابِ، وقد نُهينا عن التشبُّهِ بِهم
    الفرع الثَّاني: ارتفاعُ موقفِ المأمومِ عن الإمامِ
    يجوزُ أن يكونَ موقفُ المأمومِ أعْلى من الإمامِ، وهو مذهبُ المالِكيَّة، والحَنابِلَة، والطَّحاوي من الحَنَفيَّة،واختاره الشوكانيُّ، وابنُ عُثَيمين
    الأدلَّة: أولًا: من الآثار
    أنَّ أبا هُرَيرَةَ صلَّى على سقفِ المسجدِ بصلاةِ الإمامِ
    ثانيًا: لأنَّه يُمكنه الاقتداءُ، أشبهَ المتساويين
    ثالثًا: لأنَّ الموجِبَ للكراهةِ التشبُّهُ بأهلِ الكتابِ في صَنيعهم، ولا تشبُّهَ هاهنا؛ لأنَّ مكانَ إمام أهلِ الكتابِ لا يكونُ أسفلَ مِن مكانِ القومِ
    المَطلَب الرَّابع: تقدُّمُ المأمومِ على الإمامِ في الصَّلاةِ

    لا يَتقدَّمُ المأمومُ على إمامِه في الموقفِ، فإنْ تَقدَّمَ عليه في جِهتِه
    وفي أثناءِ صلاتِه بطَلَتْ، وهو مذهبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة أولًا: من السُّنَّة
    1- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((بتُّ عند خالتي ميمونةَ، فقام رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من اللَّيلِ فتوضَّأَ من شَنٍّ معلَّقٍ وضوءًا خفيفًا- فجعل يَصفُه وجعَل يُقلِّله- قال ابنُ عبَّاس: فقمتُ فصنعتُ مِثلَ ما صنَع النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثم جئتُ فقمتُ عن يَسارِه، فأَخْلَفني فجَعَلني عن يمينِه فصلَّى... ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    لأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أدارَه مِن وراءِ ظَهرِه، وكانت إدارتُه من بين يَديه أيسرَ؛ فدلَّ على عدمِ جوازِ تقدُّمِ المأمومِ على الإمامِ
    2- عن عائشةَ أمِّ المؤمنينَ رَضِيَ اللهُ عنها، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به.. ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الائتمامَ: الاتباعُ، والمتقدِّم غيرُ تابعٍ

    المَطلَب الخامس: موقفُ النِّساءِ في جماعةِ الرِّجالِ


    يصفُّ النِّساءُ خلف الرِّجالِ.
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ جَدَّتَه مُليكةَ دعتْ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لطعامٍ صنعتْه، فأكَلَ منه، فقال: ((قُوموا فلأُصلِّي بكم))، فقمتُ إلى حصيرٍ لنا قد اسودَّ من طولِ ما لبث، فنضحتُه بماءٍ، فقام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم واليتيمُ معي، والعجوزُ مِن ورائِنا، فصلَّى بنا ركعتينِ

    2- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أنَّه قال: ((خيرُ صفوفِ الرِّجالِ أوَّلُها، وشرُّها آخِرُها، وخيرُ صفوفِ النِّساءِ آخرُها، وشرُّها أوَّلُها ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    في قوله: ((وخيرُ صفوفِ النِّساءِ آخرُها، وشرُّها أوَّلُها)) دلالةٌ على أنَّه يَنبغي تأخُّرُ النِّساءِ عنِ الرجالِ
    ثانيًا: مِنَ الِإِجْماع
    نقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ عبد البرِّ، وابنُ رجب
    ثالثًا: لأنَّ الرجالَ أضبطُ فيما لو حصَل للإمامِ سهوٌ، أو خطأٌ في آيةٍ، أو احتاجَ إلى أنْ يَستخلفَ إذا طرأَ عليه عُذرٌ وخرَجَ من الصَّلاةِ
    المَطلَب السادس: موقفُ المرأةِ الواحدةِ في صَلاةِ الجَماعةِ

    للمرأةِ أن تقِفَ منفردةً خَلف الرِّجالِ، إذا لم يكُن في الجَماعةِ امرأةٌ غيرها، وصلاتُها صحيحةٌ.
    الأدلة: أولًا: الدليل من السنة
    عن أنس بن مالك رضي الله عنه ((أن جدته مليكة دعت رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لطعام صنعته له، فأكل منه، ثم قال: قوموا فلأصل لكم قال أنس: فقمت إلى حصير لنا، قد اسود من طول ما لبس، فنضحته بماء، فقام رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وصففت واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا، فصلى لنا رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ركعتين، ثم انصرف ))
    ثانيًا: الدَّليلُ من الإِجماعِ
    نقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ عبدِ البرِّ، ومحمَّد بنُ رُشدٍ، وابنُ تيميَّة، وابنُ رجب، وابنُ حَجر
    المَطلَبُ السَّابع: اصطفافُ المأمومِينَ في الصَّلاةِ

    الفَرعُ الأوَّل: أمْرُ الإمامِ مَن خلفَه بتسويةِ الصُّفوفِ
    يُسنُّ للإمامِ أن يأمُرَ المأمومِينَ بتسويةِ الصُّفوفِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة
    ، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكي الإجماعُ على مشروعيَّةِ تسويةِ الصفوفِ، وأنَّه مأمورٌ بها
    الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:
    1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((سَوُّوا صفوفَكم؛ فإنَّ تسويةَ الصفِّ من تمامِ الصَّلاةِ ))
    2- عن النُّعمانِ بنِ بَشيرٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لَتُسونَّ صفوفَكم، أو ليُخالفنَّ اللهُ بين وجوهِكم
    الفرعُ الثَّاني: حُكْمُ تسوِيَةِ الصُّفوفِ
    اختلف العلماءُ في حُكْمِ تَسْوِيَةِ الصُّفوفِ على قولينِ:
    القول الأول: تُسنُّ تسويةُ الصُّفوفِ في الصَّلاة، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:
    1- عن أنس بن مالك رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أقِيموا صفوفَكم وتراصُّوا؛ فإنِّي أَراكُم من وراءِ ظَهري ))
    2- وعنه أيضًا قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((رصُّوا صُفوفَكم، وقارِبوا بينها، وحاذوا بالأعناقِ ))
    3- وعنه أيضًا قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((سوُّوا صفوفَكم؛ فإنَّ تسوية الصفوف مِن إقامةِ الصَّلاة ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ إقامة الصفوف سنةٌ مندوب إليها، فإقامة الصلاة قد تقع على السُّنَّة، كما تقع على الفريضةِ
    القول الثاني: تجبُ تسويةُ الصُّفوف، وهو قولُ ابنِ حزمٍ، وابن تيميةَ، وابنِ حجرٍ، والعينيِّ، والصنعانيِّ، وابنِ عثيمينَ، وبه أفتتِ اللجنةُ الدَّائمة
    الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:
    1- عن أنس بن مالك رَضِيَ اللهُ عنه، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أقِيموا صفوفَكم وتراصُّوا؛ فإنِّي أَراكُم من وراءِ ظَهري ))
    2- وعنه أيضًا قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((رصُّوا صُفوفَكم، وقارِبوا بينها، وحاذوا بالأعناقِ ))
    3- وعنه أيضًا قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((سوُّوا صفوفَكم؛ فإنَّ تسوية الصفوف مِن إقامةِ الصَّلاة ))
    4- عن النُّعمان بن بشير قال: ((كان رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يسوِّي صفوفَنا كأنما يُسوِّي به القِداح، حتى رأى أنَّا قد عقلنا عنه، ثم خرَج يومًا فقام حتى كاد أن يكبِّر، فرأى رجلًا باديًا صدرُه مِن الصفِّ، فقال: عبادَ اللهِ، لَتُسَوُنَّ صفوفَكم أو ليخالفنَّ اللهُ بينَ وجوهِكم ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ مِنَ الأحاديثِ:
    أنَّ الأمرَ في هذه الأحاديثِ والوعيدَ الوارِدَ فيها؛ يدلُّ على الوجوبِ
    الفرعُ الثالث: حُكمُ الصَّلاةِ بينَ السَّواري
    يُكرَهُ للمأمومينَ الوقوفُ بين السَّواري إذا قَطعتْ صُفوفَهم، إلَّا عندَ الحاجةِ، كضِيق المسجدِ؛ فلا يُكرَه، وهو مذهبُ المالِكيَّة, والحَنابِلَة، وقولُ إسحاقَ، واختاره الشوكانيُّ، وابنُ باز, وابنُ عُثَيمين
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    عن عبدِ الحميدِ بن محمودٍ، قال: صليتُ مع أنسٍ يومَ الجُمُعة، فدَفَعْنا إلى السَّواري، فتقدَّمْنا أو تأخَّرْنا، فقال أنسٌ: ((كنَّا نتَّقي هذا على عهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ))
    الفرعُ الرابع: صلاةُ الرَّجُلِ المنفردِ خلفَ الصفِّ
    اختَلف أهلُ العِلمِ في صلاةِ الرَّجُلِ المنفردِ خلفَ الصفِّ، على قولين:
    القولُ الأوَّل: أنَّ الصَّلاة خلفَ الصفِّ منفردًا باطلةٌ يجِبُ إعادتُها، وهو مذهبُ الحَنابِلَةِ، وقولُ طائفةٍ مِن السَّلف واختارَه ابنُ حزمٍ، والصَّنعانيُّ، وابنُ باز
    الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:
    1- عن عليِّ بنِ شَيبانَ، أنَّه قال: صليتُ خلفَ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فانصرفَ، فرأى رجلًا يُصلِّي فردًا خلفَ الصفِّ، فوقَفَ نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتى انصرَفَ الرجلُ من صلاتِه، فقال له: ((استقبلْ صلاتَك؛ فلا صلاةَ لفردٍ خلفَ الصفِّ ))
    2- عن وابصةَ: ((أنَّ رَجُلًا صلى خلفَ الصَّفِّ وَحْدَه، فأمَرَه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يُعيدَ الصَّلاةَ ))
    القول الثاني: أنَّ صلاةَ المنفردِ خلفَ الصفِّ صحيحةٌ، مع الكراهةِ، وهو مذهبُ الجمهور: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    عن أبي بَكْرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّه انتهى إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو راكعٌ، فركَع قبل أن يَصِلَ إلى الصفِّ، فذكَر ذلك للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: ((زادك اللهُ حِرصًا، ولا تَعُدْ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه لو كانَ انفرادُه قادحًا في صلاتِه لأَمَره بالإعادةِ
    ثانيًا: لأنَّ كلَّ مَن صحَّتْ صلاتُه خلفَ الصفِّ مع غيرِه صحَّتْ صلاتُه منفردًا، كالمرأةِ خلفَ الرِّجالِ

    المطلب الثَّامِنُ: صلاةُ المأمومينَ خارجَ المسجِد

    تجوزُ صلاةُ المأمومين خَلْفَ الإمامِ خارجَ المسجد
    ، أو في المسجِد وبينهما حائلٌ، إذا اتَّصلتِ الصفوفُ
    الدَّليل من الإجماع:
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ تَيميَّة
    -------------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا .. تابعونا جزاكم الله خيرا
    ::
    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

      عاشراً : صَلاة الجَماعَةِ والإمامَةِ .  حُكمُ صلاةِ الجماعةِ . وعلى مَن تجِبُ، وشروطُها وآدابُها .الأعذارُ المُسقِطَةُ لصلاةِ الجماعةِ . شروط ألإمامه                                              Empty المَبحَث الخامس: أحكامُ الإمامةِ والائتمامِ

    مُساهمة من طرف صادق النور الخميس أكتوبر 20, 2022 11:13 am


    المَبحَث الخامس: أحكامُ الإمامةِ والائتمامِ
    المَطلَب الأوَّل: أخْذ الأُجرةِ على الإمامةِ

    اختَلَفَ العلماءُ في مسألةِ أَخْذِ الأُجرةِ على الإمامة على أقوالٍ؛ أقواها قولان:
    القولُ الأوَّل: يَحرُمُ أخْذُ الأجرةِ على الإمامةِ، وهو مذهبُ الحَنَفيَّة
    ، والشافعيَّة، والحَنابِلَة واختارَه ابنُ عُثَيمين
    وذلك للآتي:
    أولًا: قياسُ عدمِ جوازِ أخْذ الأجرةِ على الإمامةِ على عدمِ جوازِ أخْذِ الأُجرةِ على الأذانِ، كما في حديثِ عُثمانَ بنِ أبي العاصِ رَضِيَ الله تعالى عنه، قال: ((كان آخِرُ ما عَهِدَ إليَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ألَّا أتَّخِذَ مُؤَذِّنًا يأخُذُ على الأذانِ أجرًا ))
    ثانيًا: لأنَّ القُربةَ متى حصَلت وقعتْ عن العاملِ؛ ولهذا تُعتبَرُ أهليتُه، فلا يجوزُ له أخذُ الأجرِ مِن غيرِه كما في الصَّومِ والصَّلاةِ
    القول الثاني: لا يجوزُ أَخْذُ الأجرةِ على الإمامةِ إلَّا للحاجةِ، وهو اختيارُ متأخِّري الحَنَفيَّة، وروايةٌ عن أحمدَ، اختارَها ابنُ تيميَّة، وذلك لأنَّ المحتاج يمكنه أن ينويَ العملَ لله، ويستعين بالأُجرةِ على سدِّ حاجَتِه، بخلاف الغنيِّ؛ لأنَّه لا يحتاجُ إلى الكسبِ
    فرْعٌ: حُكْمُ أخْذِ الرَّزْقِ من بيتِ المالِ مقابِلَ الإمامَةِ
    يجوز أخْذُ الرَّزقِ مِن بيتِ المالِ مقابلَ الإمامةِ، وهو مذهبُ المالِكيَّة والشافعيَّةِ والحَنابِلَةِ
    وذلك للآتي:
    أولًا: لأنَّ ما يُؤخَذ من بيت المال ليس عِوَضًا وأجرةً، بل رِزقٌ للإعانةِ على الطَّاعةِ
    ثانيًا: لأنَّ بالمسلمينَ حاجةً إلى الإمامَةِ، وقد لا يوجَدُ متطوِّعٌ بها، وإذا لم يُدْفَعِ الرزْقُ فيها تُعَطَّل، وبيت المال معدٌّ لمصالحِ المسلمينَ، ومِن مصالحِهم الإمامةُ.

    المَطلَب الثاني: إمامةُ مَن يتعمَّد ترْكَ الأركانِ


    لا تَنبغي الصَّلاةُ خَلفَ مَن يترُكُ الأركانَ المتَّفقَ عليها.
    الدَّليل من الإجماع:
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ تيميَّة

    المَطلَب الثَّالِثُ: حُكْمُ الاقتداءِ بإمامٍ يلحَنُ في الفاتِحَةِ

    الفرعُ الأَوَّلُ: إذا كان اللَّحْنُ في الفاتِحَة يُغَيِّرُ المعنى
    لا يَصِحُّ الاقتداءُ بإمامٍ يلحَنُ في الفاتحةِ لحنًا يُغَيِّرُ المعنى، وهو مذهَبُ الشَّافعيةَّ والحَنابِلَة وقولٌ للمالكِيَّة
    وذلك للآتي:
    أولًا: لأنَّه إذا لم يكن معذورًا؛ فإنَّ صلاتَه باطِلَةٌ؛ فلا يَصِحُّ الاقتداءُ به
    ثانيًا: لأنَّه ليس من أهل التحَمُّلِ للقراءةِ عن المأمومِ
    ثالثًا: لأنَّهم إذا قَدَّموا من لا يُحْسِنُ الفاتحةَ، فقد دخلوا تحت النَّهيِ؛ لِمُخالَفَتِهم الأمرَ بتقديمِ الأقرأِ، وذلك يقتضي فسادَ المنهِيِّ عنه
    الفَرْعُ الثاني: إذا كان اللَّحْنُ في الفاتحة لا يُغَيِّرُ المعنى
    يُكْرَهُ الاقتداءُ بإمامٍ يلحَنُ في الفاتحةِ لحنًا لا يغيِّرُ المعنى، وتصحُّ الصلاةُ خَلْفَه، وهو مذهَبُ الجمهور: الحَنَفيَّة والشافعيَّة والحَنابِلَة وقولٌ للمالكيَّة وحُكِيَ الإجماعُ على عدمِ فسادِ صَلاتِه
    وذلك: لأنَّه أتى بفرضِ القراءةِ
    ويُكْرَه الاقتداءُ به؛ لأن الإمامةَ مَوْضِعُ كمالٍ، وهذا ليسَ في موضِعِ الكمالِ

    المَطلَب الرابع: إمامةُ المُحْدِث

    مَن صلَّى خَلْفَ إمامٍ، وهو يعلمُ أنَّ ذلك الإمامَ مُحْدِثٌ حدَثًا أكبرَ أو أصغرَ، أثِمَ بذلِك، وصلاتُه باطلةٌ.
    الدَّليل من الإجماع:
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حزمٍ ، وابنُ القَصَّار، والنوويُّ، والعينيُّ

    المَطلَب الخامس: نيَّةُ الإمامةِ والائتمامِ
    الفرعُ الأوَّل: حُكمُ نيَّةِ الإمامةِ والائتمامِ
    المسألة الأولى: نيَّةُ الإمامةِ
    نِيَّةُ الإمامةِ ليستْ شرطًا لصحَّةِ الجماعةِ، وهو مذهبُ الحَنَفيَّة
    ، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، وروايةٌ عن أحمدَ، واختاره ابن عُثَيمين
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلَّى في المسجدِ ذاتَ ليلةٍ، فصلَّى بصلاتِه ناسٌ، ثمَّ صلَّى من القابلةِ، فكثُر الناسُ، ثم اجتمَعوا من اللَّيلةِ الثَّالثةِ، أو الرابعة، فلم يخرُجْ إليهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلمَّا أصبحَ، قال: ((قد رأيتُ الذي صنعتُم، فلمْ يمنعْني من الخروجِ إليكم إلَّا أنِّي خشيتُ أنْ تُفرَضَ عليكم))، قال: وذلِك في رمضانَ
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الصحابةَ صلَّوا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولم يكُن قد عَلِم بهم قبل أن يَشرَعَ في الصَّلاةِ، ولم ينوِ نيَّةَ الإمامةِ
    ثانيًا: أنَّ المقصودَ هو المتابعةُ، وقد حصَلتْ
    المَسألةُ الثَّانية: نِيَّةُ الائتمامِ
    يُشترطُ نيَّةُ الائتمامِ في حقِّ المأمومِ، وهذا باتِّفاقَ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
    وذلك للآتي:
    أولًا: لأنَّ الجماعةَ تتعلَّقُ بها أحكامُ وجوبِ الاتِّباعِ، وسقوطِ السَّهوِ عن المأمومِ، وفسادِ صلاتِه بصلاةِ إمامِه، وإنَّما يتميَّزانِ بالنيَّة؛ فكانتْ شرطًا
    ثانيًا: لأنَّه يلزم المأمومَ فسادُ الصَّلاةِ من جهةِ الإمامِ؛ فلا بدَّ من الْتزامِه

    الفرع الثَّاني: قَلْبُ نيَّةِ الإمامةِ إلى الائتمامِ

    إنْ أحرمَ إمامٌ لغيبةِ الإمامِ الراتبِ، ثم حضَرَ الإمامُ الراتبُ في أثناءِ الصَّلاة فأحرمَ بالمأمومينَ الذين أَحْرَموا وراءَ نائبِه صحَّ؛ نصَّ عليه الشافعيَّة، والحَنابِلَة، واختاره ابنُ عُثَيمين
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّةِ:
    عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((لَمَّا ثَقُلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جاء بلالٌ يُؤذِنُه بالصَّلاةِ, فقال: مُروا أبا بكرٍ فلْيُصلِّ بالناسِ، قالت: فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّ أبا بكرٍ رجلٌ أسيفٌ, وإنَّه متَى يقُمْ مقامَك لا يُسمِعِ الناسَ؛ فلو أمرتَ عمرَ! فقال: مُروا أبا بكرٍ فليصلِّ بالناسِ, قالت: فقلتُ لحفصةَ: قولي له: إنَّ أبا بكرٍ رجلٌ أسيفٌ, وإنه متى يقمْ مقامَك لا يُسمِعِ الناسَ؛ فلو أمرتَ عمرَ! فقالت له: فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إنَّكنَّ لأنتُنَّ صواحبُ يوسفَ! مُروا أبا بكرٍ فليصلِّ بالناسِ، قالت: فأَمروا أبا بكرٍ يُصلِّي بالناسِ, قالت: فلمَّا دخل في الصَّلاة وجَدَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من نفْسِه خِفَّةً فقام يُهادَى بين رجُلينِ ورِجلاه تخطَّانِ في الأرضِ, قالت: فلمَّا دخَل المسجدَ سَمِعَ أبو بكرٍ حِسَّه ذهَبَ يتأخَّرُ, فأومأ إليه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قمْ مكانَك، فجاء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتى جلَس عن يَسارِ أبي بكرٍ, قالت: فكانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي بالناسِ جالسًا وأبو بكرٍ قائمًا؛ يَقتدي أبو بكرٍ بصَلاةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويَقتدي الناسُ بصلاةِ أبي بكرٍ ))
    الفرعُ الثَّالث: قلْبُ نيَّةِ الائتمامِ إلى الإمامةِ

    سيأتي بيانُه في فرع حُكم الاستخلافِ.
    الفَرع الرَّابع: قلْبُ نيَّة الإمامةِ، أو الائتمامِ إلى الانفرادِ
    إذا نوى المأمومُ الانفرادَ ومفارقةَ الإمامِ لعُذرٍ جازَ، وهو مذهبُ الشافعيَّة، والحَنابِلَة، واختارَه ابنُ عُثَيمين، وهو ما أفتت به اللَّجنةُ الدَّائمة
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: صلَّى معاذٌ بقومِه فقرأ سورةَ البقرة، فتأخَّر رجلٌ فصلَّى وَحْدَه، فقيل له: نافقتَ! قال: ما نافقتُ، ولكن لَآتِينَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأُخبِره، فأتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فذكَر له ذلك، فقال: ((أَفتَّانٌ أنتَ يا معاذ؟! مرَّتينِ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يأمرِ الرجلَ بالإعادةِ، ولا أَنكرَ عليه فِعلَه

    المطلب السادس: قَلْبُ نِيَّةِ الانفرادِ إلى الإمامةِ أو الائتمامِ

    الفرع الأول: قلْبُ نيَّةِ الانفرادِ إلى الإمامةِ
    يجوزُ أن يَنتقِلَ المنفردُ إلى إمامٍ يأتمُّ به غيرُه، وهو مذهبُ المالِكيَّة
    ، والشافعيَّة، وروايةٌ عن أحمد، واختاره ابنُ تيميَّة وهو قولُ الشوكانيِّ، وابن باز، وابن عُثَيمين
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((بتُّ عند خالتي ميمونةَ، فلمَّا كان بعضُ الليلِ قام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي، فأتَى شَنًّا معلَّقًا فتوضَّأ وضوءًا خفيفًا، ثم قام فصلَّى، فقمتُ فتوضَّأْتُ وصنعتُ مِثل الذي صنَعَ، ثم قمتُ عن يَسارِه، فحوَّلني عن يمينِه... ))
    الفرع الثاني: قلْبُ نيَّةِ الانفرادِ إلى الائتمامِ
    اختلَفَ أهلُ العِلمِ في قلْبِ نِيَّةِ الانفرادِ إلى الائتمامِ، على قولين:
    القول الأوّل: إن أحْرَمَ المصلِّي منفردًا، ثم نوى متابعةَ الإمام، فإنَّ صلاتَه جائزةٌ، وهو مذهبُ الشافعيَّةِ، وروايةٌ عن أحمدَ، وهو قولُ الشوكانيِّ, وابنِ عُثَيمين
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((بتُّ عند خالتي ميمونةَ، فلمَّا كان بعضُ الليلِ قام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي، فأتَى شَنًّا معلَّقًا فتوضَّأ وضوءًا خفيفًا، ثم قام فصلَّى، فقمتُ فتوضَّأْتُ وصنعتُ مِثل الذي صنَعَ، ثم قمتُ عن يَسارِه، فحوَّلني عن يمينِه... ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه كما يصحُّ الانتقالُ من انفرادٍ إلى إمامة؛ يصحُّ الانتقالُ من انفرادٍ إلى ائتمامٍ، ولا فَرْقَ
    القول الثاني: إنْ أحْرمَ المصلِّي منفردًا، ثم نوى متابعةَ الإمام لم يصحَّ، وهو مذهبُ الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والحَنابِلَة
    وذلك للآتي:
    أولًا: لأنَّه لم ينوِ الائتمامَ في ابتداءِ الصَّلاةِ
    ثانيًا: لأنَّه نقَل نفْسه مؤتمًّا، فلم يجُزْ كنيَّة إمامتِه فرضًا
    المطلب السَّابع: اختلافُ نيَّةِ الإمامِ عن المأمومِ في الصَّلاةِ

    الفرع الأُول: مَن يُصلِّي فرضًا خلفَ مَن يُصلِّي فرضًا آخَر
    تجوزُ صلاةُ مَن يُصلِّي فرضًا خلفَ مَن يُصلِّي فرضًا آخرَ، كمأمومٍ يُصلِّي الظهرَ خلفَ إمامٍ يُصلِّي العصرَ، وهو مذهبُ الشافعيَّة
    ، وروايةٌ عن أحمدَ، وهو مذهب الظاهرية، وبه قالتْ طائفةٌ من السَّلفِ، واختاره ابنُ المنذرِ، وابنُ تيميَّة، والصنعانيُّ، وابنُ باز، وابنُ عُثَيمين
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((إنَّ مُعاذَ بنَ جَبلٍ كان يصلِّي مع رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم العِشاءَ الآخِرةَ، ثمَّ يرجِعُ إلى قَومِه، فيصلِّي بهم تلك الصَّلاةَ ))
    وفي رواية: ((كان معاذٌ يُصلِّي مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم العِشاءَ، ثم يَطلُع إلى قومِه فيُصلِّيها لهم؛ هي له تطوُّعٌ، ولهم مكتوبةُ العِشاءِ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه لَمَّا جازَت صلاةُ المفترض خلفَ المتنفِّلِ دلَّ على جوازِ اختلافِ نيَّة المأمومِ عن الإمام
    2- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به، فإذا كبَّر فكبِّروا، ولا تُكبِّروا حتى يُكبِّر، وإذا ركَع فارْكعوا، ولا تركعوا حتى يركعَ، وإذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، فقولوا: اللهمَّ ربنا لك الحمدُ، وإذا سجَد فاسجدوا، ولا تسجدوا حتى يسجُدَ، وإذا صلَّى قائمًا فصلُّوا قيامًا، وإذا صلَّى قاعدًا فصلُّوا قعودًا أجمعين ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    لم يَشترطِ الحديثُ المساواةَ في النيَّة؛ فدلَّ أنَّها إذا اختلفتْ نيَّةُ الإمام والمأموم، كأنْ ينويَ أحدُهما فرضًا، والآخر نفلًا، أو ينوي هذا عصرًا، والآخر ظهرًا، أنَّها تصحُّ الصَّلاة جماعة
    ثانيًا: لأنه لم يثبُتْ عن رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما يدلُّ على وجوبِ اتِّحاد نيَّتي الإمامِ والمأموم
    ثالثَّا: أنَّ المأمورَ به هو الائتمامُ بالإمام فيما ظهَر من أفعاله، أمَّا النيَّة فمُغيَّبة عنَّا، وما غاب عنَّا، فإنَّا لم نُكلَّفْه
    الفرع الثَّاني: صلاةُ المفترضِ خلفَ المتنفِّل
    تصحُّ صلاةُ المفترضِ خلفَ المتنفِّل، وهو مذهبُ الشافعيَّة، وروايةٌ عن أحمدَ، وهو مذهب الظاهرية، وبه قالتْ طائفةٌ من السَّلف، واختارَه ابنُ المنذرِ، وابنُ تيميَّة، والشوكانيُّ، والصنعانيُّ، وابنُ باز، وابنُ عُثَيمين
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    1- عن جابرِ بنِ عبدِ الله: ((أنَّ مُعاذَ بنَ جَبلٍ كان يصلِّي مع رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم العِشاءَ الآخِرةَ، ثم يرجِعُ إلى قَومِه، فيُصلِّي بهم تلك الصَّلاةَ ))
    وفي روايةٍ: ((كان مُعاذٌ يُصلِّي مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم العِشاءَ، ثم يَطلُع إلى قومِه فيُصلِّيها لهم؛ هي له تطوُّعٌ ولهم مكتوبةُ العِشاءِ ))
    2- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((أَقبَلْنا مع رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتى إذا كنَّا بذات الرِّقاع، وذكَر الحديثَ في صلاة الخوف.. إلى أنْ قال: فنُودِي بالصَّلاة، فصلَّى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بطائفةٍ ركعتينِ ثم تأخَّروا، وصلَّى بالطائفةِ الأُخرى ركعتينِ، فكانتْ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أربعُ ركَعاتٍ، وللقومِ ركعتانِ ))
    3- وعن أبي بَكْرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((صلَّى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في خوفٍ الظهرَ، فصفَّ بعضُهم خلفَه وبعضُهم بإزاءِ العدوِّ، فصلَّى بهم ركعتينِ، ثم سلَّم، فانطلَقَ الذين صلَّوْا معه فوقَفوا موقفَ أصحابِهم، ثم جاء أولئك فصَلَّوْا خلفَه فصلَّى بهم ركعتينِ، ثم سلَّم فكانتْ لرسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أربعًا، ولأصحابِه ركعتينِ ركعتينِ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه لَمَّا صلَّى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بكلِّ طائفةٍ ركعتينِ، فهو في إحدى الصَّلاتينِ متنفِّل وهم مفترِضون
    5- عن أبي مسعودٍ الأنصاريِّ البدريِّ، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((يؤمُّ القومَ أقرؤُهم لكتابِ اللهِ وأَقدمُهم قِراءةً... ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يشترطْ سِوى ذلك، فالعمومُ يَقتضي أنه لو كان الإمامُ مُتنفِّلًا والمأموم مفترضًا، فالصَّلاةُ صحيحةٌ
    6- عن عَمرِو بن سَلِمَة قال: (... لَمَّا كانتْ وقعةُ أهلِ الفتحِ، بادَر كلُّ قومٍ بإسلامِهم، وبدَر أبي قومي بإسلامِهم، فلمَّا قَدِم قال: جِئتُكم واللهِ من عندِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حقًّا، فقال: ((صَلُّوا صلاةَ كذا في حِين كذا، وصلُّوا صلاةَ كذا في حين كذا، فإذا حضرتِ الصَّلاةُ فليؤذِّنْ أحدُكم، وليؤمَّكم أكثرُكم قرآنًا))، فنَظروا فلم يكُنْ أحدٌ أكثرَ قرآنًا مني؛ لِمَا كنتُ أتلقَّى مِن الركبان، فقدَّموني بين أيديهم، وأنا ابنُ ستٍّ، أو سَبعِ سِنينَ)
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    من المعلومِ أنَّ الصبيَّ لا فَرْضَ عليه؛ فالصَّلاةُ في حقِّه نافلةٌ، ومع هذا أُقرَّ والقرآنُ ينزلُ
    ثانيًا: القياسُ على صلاةِ المتمِّ خَلْفَ القاصرِ
    ثالثًا: أنَّ المأمورَ به هو الائتمامُ بالإمامِ فيما ظهَر من أفعالِه، أمَّا النيَّة فمُغيَّبة عنَّا، وما غاب عنَّا فإنَّا لم نُكلَّفْه
    الفرع الثَّالث: صلاةُ المتنفِّلِ خلفَ المفترضِ
    صلاةُ المتنفِّلِ خلفَ المفترضِ صحيحةٌ، وهذا باتِّفاق المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو مذهبُ الظاهريَّة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلِك
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي سعيدٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رأى رجلًا يُصلِّي وَحْدَه فقال: ((ألا رجلٌ يَتصدَّق على هذا، فيُصلِّي معه ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الخطابَ لجماعةٍ قد صلَّوْا فريضتَهم، فصلاتُهم نافلةٌ خلْفَ مفترضٍ
    2- عن أبي ذرٍّ، قال: قال لي رسولُ اللهِ: ((كيف أنتَ إذا كانتْ عليك أمراءُ يُؤخِّرون الصلاةَ عن وقتِها؟ أو يُميتون الصلاةَ عن وقتِها؟ قال: قلتُ: فما تأمُرني؟ قال: صلِّ الصلاةَ لوقتِها، فإنْ أدركْتَها معهم، فصلِّ؛ فإنَّها لك نافلةٌ ))
    3- عن يَزيدَ بنِ الأسودِ العامريِّ، قال: ((شهدتُ مع رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلاةَ الفجرِ في مسجدِ الخيف، فلمَّا قضَى صلاتَه إذا هو برَجُلينِ في آخِرِ القومِ لم يُصلِّيَا معه، قال: عليَّ بهما، فأُتي بهما تَرْعَدُ فرائصُهما، فقال: ما مَنعَكُما أنْ تُصلِّيَا معنا؟ قالَا: يا رسولَ الله، إنَّا قد صلَّيْنا في رِحالنا، قال: فلا تَفْعلَا؛ إذا صليتُما في رِحالكما، ثم أتيتُما مسجدَ جماعةٍ فصلِّيَا معهم؛ فإنَّها لكما نافلةٌ ))
    ثانيًا: لأنَّ الحاجةَ في حقِّ المتنفِّلِ إلى أصلِ الصَّلاةِ، وهو موجودٌ في حقِّ الإمامِ، فيتحقَّق البناءُ
    ثالثًا: أنَّ المأمورَ به هو الائتمامُ بالإمامِ فيما ظهَر مِن أفعالِه، أمَّا النية فمُغيَّبة عنَّا، وما غاب عنَّا فإنَّا لم نُكلَّفْه
    الفرع الرَّابع: اختلافُ نِيَّةِ الإمامِ عن المأمومِ في الصَّلاةِ أداءً وقضاءً
    اختلافُ نيَّةِ الإمامِ عن المأمومِ في الصَّلاةِ أداءً وقضاءً لا يضرُّ، وهو مذهبُ الشافعيَّة، والحَنابِلَة، واختاره ابنُ حزمٍ، وابنُ تيميَّةَ، وابنُ عُثَيمين وابنُ باز
    وذلك للآتي:
    أولًا: لأنَّ الصَّلاة واحدةٌ، لكن اختَلَف الوقتُ
    ثانيًا: ولأنَّه لا يتغيَّرُ نظمُ الصَّلاةِ باختلافِ النيَّة
    ثالثًا: أنَّ المأمورَ به هو الائتمامُ بالإمامِ فيما ظهَرَ مِن أفعالِه، أمَّا النيَّةُ فمُغيَّبة عنَّا، وما غاب عنَّا فإنَّا لم نُكلَّفْه
    ___________________________________________________

    وما زلنا أحبابنا ... تابعونا .... ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

      عاشراً : صَلاة الجَماعَةِ والإمامَةِ .  حُكمُ صلاةِ الجماعةِ . وعلى مَن تجِبُ، وشروطُها وآدابُها .الأعذارُ المُسقِطَةُ لصلاةِ الجماعةِ . شروط ألإمامه                                              Empty المَطلَب الثامن: متابعةُ المأمومِ للإمامِ

    مُساهمة من طرف صادق النور الخميس أكتوبر 20, 2022 11:46 am


    المَطلَب الثامن: متابعةُ المأمومِ للإمامِ

    الفرعُ الأوَّلُ: حُكمُ متابعةِ المأمومِ للإمامِ
    يَجِبُ على المأمومِ الائتمامُ بإمامِه ومتابعتُه، وعدمُ مخالفتِه، وذلك في الجملةِ.
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به، فإذا كبَّر فكبِّروا، وإذا قرأَ فأَنصِتوا، وإذا قال: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ، فقولوا: آمِينَ، وإذا ركَع فارْكعوا، وإذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، فقولوا: اللهمَّ ربَّنا ولك الحمد، وإذا سجَد فاسجدُوا، وإذا صلَّى جالسًا، فصلُّوا جلوسًا أجمعينَ ))
    2- عن أنسِ بنِ مالكٍ، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ركِب فرسًا فصُرِع عنه، فجُحِشَ شقُّه الأيمنُ، فصلَّى صلاةً من الصلواتِ وهو قاعدٌ، فصَلَّيْنا وراءَه قعودًا، فلمَّا انصرَف، قال: ((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به، فإذا صلَّى قائمًا فصلُّوا قيامًا، فإذا ركَع فارْكعوا، وإذا رفَع فارْفعوا، وإذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِده، فقولوا: ربَّنا ولكَ الحمدُ ))
    3- عن عائشةَ أمِّ المؤمنينَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّها قالت: صلَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في بيتِه وهو شاكٍ، فصلَّى جالسًا وصلَّى وراءَه قومٌ قيامًا، فأشار إليهم أنِ اجلسوا، فلمَّا انصرف قال: ((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به، فإذا ركَع فاركعوا، وإذا رفَع فارْفَعوا، وإذا صلَّى جالسًا فصلُّوا جلوسًا ))
    4- عن البراءِ بن عازبٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كنَّا نُصلِّي خلفَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فإذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، لم يَحْنِ أحدٌ منَّا ظَهرَه حتى يضعَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جبهتَه على الأرضِ ))
    5- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((أمَا يَخشَى أحدُكم- أو: ألا يَخشَى أحدُكم- إذا رفَعَ رأسَه قبلَ الإمامِ، أن يجعلَ اللهُ رأسَه رأسَ حمارٍ، أو يجعلَ اللهُ صورتَه صورةَ حمارٍ؟! ))
    ثانيًا: مِنَ الِإِجْماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حزمٍ، وابنُ عبد البرِّ، وابنُ رُشدٍ
    مَسألة: أثَرُ خَطأِ الإمامِ في صلاةِ المأمومِ
    ما فَعَله الإمامُ خطأً في الصَّلاةِ، كما لو سلَّم خطأً، أو صلَّى خمسًا، لا يلزمُ منه بُطلانُ صَلاةِ المأمومِ، إذا لم يتابعْه عليه.
    الدَّليل من الإجماع:
    نقَلَ الإجماع على ذلك: ابنُ تيميَّة
    الفَرعُ الثَّاني: تخلُّفُ المأمومِ عن إمامِه برُكنٍ
    اختلف أهلُ العِلْمِ في حُكْمِ تخلُّفِ المأمومِ عن إمامِه برُكْنٍ على أقوالٍ، أقواها قولان:
    القول الأوّل: إذا تخلَّفَ المأمومُ عن إمامِه برُكنٍ واحدٍ لغيرِ عُذرٍ؛ بطلَتْ صلاتُه، وهو مذهبُ الحَنابِلَة، ووجهٌ عند الشافعيَّة، واختارَه ابن عُثَيمين
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّما جُعِل الإمامُ ليؤتمَّ به، فإذا كبَّر فكبِّروا، وإذا قرأَ فأنصِتوا، وإذا قال: غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ، فقولوا: آمين، وإذا ركَع فاركعوا، وإذا قال: سمِع اللهُ لِمَن حمِده، فقولوا: اللهمَّ ربَّنا ولك الحمد، وإذا سجَد فاسجدوا، وإذا صلَّى جالسًا، فصلُّوا جلوسًا أجمعين ))
    2- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ركِب فرسًا فصُرِعَ عنه، فجُحِشَ شقُّه الأيمن، فصلَّى صلاةً من الصلواتِ وهو قاعدٌ، فصَلَّيْنا وراءَه قعودًا، فلمَّا انصرف، قال: ((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به، فإذا صلَّى قائمًا فصلُّوا قيامًا، فإذا ركعَ فارْكَعوا، وإذا رفَعَ فارْفَعوا، وإذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه. فقولوا: ربَّنا ولكَ الحمدُ ))
    3- عن عائشةَ أمِّ المؤمنينَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّها قالت: صلَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في بيتِه وهو شاكٍ، فصلَّى جالسًا وصلَّى وراءَه قومٌ قيامًا، فأشار إليهم أنِ اجلسوا، فلمَّا انصرف قال: ((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به، فإذا ركَع، فاركعوا وإذا رفَع، فارْفَعوا، وإذا صلَّى جالسًا فصلُّوا جلوسًا ))
    وجهُ الدَّلالةِ من الأحاديثِ:
    أنَّ قوله: ((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به)) معناه: أنَّ الائتمامَ يَقتضي متابعةَ المأمومِ لإمامِه؛ فلا يجوزُ له المقارنةُ والمسابقةُ والمخالفةُ
    ثانيًا: تَبطُل صلاتُه؛ لأنَّه تركَ الواجبَ عمدًا
    القول الثاني: إذا تخلَّفَ المأمومُ عن إمامِه برُكنٍ واحدٍ بغير عذر لم تبْطُلْ صلاته، وهو مذهَبُ الحَنَفيَّة، والشافعيَّة، وروايةٌ عن أحمدَ؛ وذلك لأنَّ تخلُّفَه يسيرٌ
    الفرعُ الثَّالِث: أحكامُ مُسابقَةِ الإمامِ
    المَسألةُ الأولى: حُكمُ مسابقةِ المأمومِ للإمامِ في تكبيرةِ الإحرامِ
    إنْ تَقدَّمَ المأمومُ إمامَه في تكبيرةِ الإحرامِ لم يصحَّ الاقتداءُ أصلًا, وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة, والمالِكيَّة, والشافعيَّة, والحَنابِلَة
    الأدلَّة:  أولًا: من السُّنَّة
    عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به، فإذا كبَّر فكبِّروا.. ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ قوله ((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به)) دلَّ على أنَّ الائتمامَ لا يتحقَّق إذا لم يُكبِّرِ الإمامُ، أو إذا لم ينتهِ من التكبير؛ لِأَنَّهُ نَوَى الاقْتِداء بمَن لم يَصِرْ إمامًا بل بمَن سيصيرُ إمامًا إذا فرَغ مِن التَّكبِير
    أنَّ قوله: ((فإذا كبَّر فكبِّروا)) فيه أمرُ المأموم بأن يكونَ تكبيرُه عقبَ تكبيرِ الإمامِ
    ثانيًا: لأنَّ معنى الاقتداءِ، وهو البناء، لا يُتصوَّر هاهنا؛ لأنَّ البناءَ على العدمِ مُحالٌ
    المَسألةُ الثَّانية: مسابقةُ الإمامِ برُكوعٍ، أو رَفْعٍ، أو سُجودٍ
    تَحرُمُ مسابقةُ الإمامِ برُكوعٍ، أو رَفْعٍ، أو سُجودٍ.
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن أنس بن مالك رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((صلَّى بِنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذاتَ يومٍ فلمَّا قضَى الصَّلاةَ أَقبلَ علينا بوجهِه، فقال: أيُّها الناسُ، إنِّي إمامُكم؛ فلا تَسبِقوني بالرُّكوعِ، ولا بالسُّجودِ، ولا بالقيامِ، ولا بالانصرافِ ))
    2- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أمَا يَخشَى أحدُكُم- أو: ألَا يخشَى أحَدُكُم- إذا رفعَ رأسَهُ قبلَ الإمامِ، أنْ يجعَلَ اللهُ رأسَهُ رأسَ حمَارٍ، أو يجعَلَ صورتَهُ صورَةَ حمَارٍ؟! ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    هذا تهديدٌ لِمَن سابَقَ الإمامَ, ولا تهديدَ إلَّا على فِعلٍ مُحرَّم, أو تَرْكِ واجبٍ
    3- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به، فإذا كبَّر فكبِّروا، ولا تُكبِّروا حتى يُكبِّر، وإذا ركَع فارْكعوا، ولا تركعوا حتى يركعَ، وإذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، فقولوا: اللهمَّ ربنا لك الحمدُ، وإذا سجَد فاسجدوا، ولا تسجدوا حتى يسجُدَ، وإذا صلَّى قائمًا فصلُّوا قيامًا، وإذا صلَّى قاعدًا فصلُّوا قعودًا أجمعين ))
    4- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ركِب فرسًا فصُرِعَ عنه، فجُحِشَ شقُّه الأيمنُ، فصلَّى صلاةً من الصلواتِ وهو قاعدٌ، فصَلَّيْنا وراءَه قعودًا، فلمَّا انصرف، قال: ((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به، فإذا صلَّى قائمًا فصلُّوا قِيامًا، فإذا ركَعَ فاركَعوا، وإذا رفَع فارفعوا، وإذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِده، فقولوا: ربَّنا ولك الحمدُ ))
    5- عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّها قالت: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به، فإذا ركَع فارْكَعوا، وإذا رفَع فارْفَعوا، وإذا صلَّى جالسًا فصلُّوا جلوسًا ))
    وجهُ الدَّلالةِ من الأحاديثِ:
    أنَّ قوله: ((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به)) معناه: أنَّ الائتمامَ يَقتضي متابعةَ المأمومِ لإمامِه؛ فلا يجوزُ له المقارنةُ والمسابقةُ والمخالفةُ
    ثانيًا: مِنَ الِإِجْماعُ   : نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ تيميَّة      
    المَسألةُ الثَّالثة: سبقُ المأمومِ إمامَه إلى الرُّكنِ
    اختلف أهلُ العِلمِ في سَبْقِ المأمومِ إمامَه إلى الرُّكنِ؛ هل تبطُلُ به الصلاةُ؟ على ثلاثةِ أقوالٍ:
    القول الأول: أنَّ سَبْقَ المأمومِ للرُّكنِ لا تَبْطُل به الصلاةُ، وهو مذهَبُ الجمهور: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة؛ وذلك لِقِلَّةِ المُخالفةِ
    القول الثاني: أنَّ سَبْقَ المأمومِ للركنِ تَبْطُل به الصَّلاةُ إلَّا إذا رجع فأتى به بعد إمامِه وأدرَكَه فيه، فلا تَبْطُل، وهذا مذهب الحَنابِلَة
    ودليلُ البُطلانِ إذا لم يرجِعْ: أنَّه ترَكَ الواجِبَ عمدًا، ودليلُ عَدَمِ البُطلانِ إذا رَجَعَ: أنَّه سَبْقٌ يسيرٌ، وقد اجتمع معه في الرُّكْنِ بَعْدُ، فحصلَتِ المتابعةُ
    القول الثالث: إذا سَبَقَ المأمومُ إمامَه إلى الركنِ مُتعمِّدًا بطَلَتْ صلاتُه، سواء رجَعَ فأتَى به معه، أو بَعدَه، أم لا وهو روايةٌ عن أحمدَ، وقولٌ للشافعيَّة، وقولُ ابنِ باز وابنِ عُثَيمين
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي هُرَيرَةَ، قال: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعلِّمنا؛ يقول: ((لا تُبادِرُوا الإمامَ؛ إذا كَبَّر فكبِّروا، وإذا قال: وَلَا الضَّالِّينَ فقولوا: آمين، وإذا ركَع فاركعوا، وإذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، فقولوا: اللهمَّ ربَّنا لكَ الحمدُ ))
    2- عن أبي هُرَيرَةَ، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((أمَا يَخشَى أحدُكُم- أو: ألَا يخشَى أحَدُكُم- إذا رفعَ رأسَهُ قبلَ الإمامِ، أنْ يجعَلَ اللهُ رأسَهُ رأسَ حمَارٍ، أو يجعَلَ صورتَهُ صورَةَ حمَارٍ؟! ))
    3- عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: صلَّى بنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذاتَ يومٍ، فلمَّا قضى الصَّلاةَ أقبل علينا بوجهِه، فقال: ((أيُّها الناسُ، إنِّي إمامُكم؛ فلا تَسبِقوني بالركوعِ ولا بالسُّجودِ، ولا بالقيامِ ولا بالانصرافِ؛ فإنِّي أراكم أمامي ومِن خَلْفي ))
    ثانيًا: لأنَّه فَعَلَ محظورًا في الصَّلاةِ، والقاعدة: أنَّ فِعْل المحظورِ عمدًا في العبادة يُوجِب بُطلانَها
    المَسألةُ الرَّابعة: سَبْقُ المأمومِ إمامَه برُكنٍ
    اختلف أهل العلم في حكم سبق المأموم إمامه بركن- كأنْ يَركعَ المأمومُ ويرفعَ قبلَ الإمامِ- على قولين:
    القول الأول: إذا سبَقَ المأمومُ إمامَه برُكنٍ متعمِّدًا بطلَتْ صلاتُه، وهو مذهب الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة والحَنابِلَة، وهو قول جماعة من الشافعية،
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعلِّمنا؛ يقول: ((لا تُبادِروا الإمامَ؛ إذا كبَّر فكبِّروا، وإذا قال: وَلَا الضَّالِّينَ فقولوا: آمين، وإذا ركَع فاركعوا، وإذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، فقولوا: اللهمَّ ربَّنا لك الحمدُ ))
    2- عن أبي هُرَيرَةَ، عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((أمَا يَخشَى أحدُكم- أو: أَلا يَخشَى أحدكم- إذا رفَع رأسَه قبلَ الإمامِ، أنْ يَجعلَ اللهُ رأسَه رأسَ حِمارٍ، أو يجعلَ اللهُ صورتَه صورةَ حمارٍ ))
    3- عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: صلَّى بنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذاتَ يومٍ، فلمَّا قضَى الصَّلاةَ أقبل علينا بوجهِه، فقال: ((أيُّها الناسُ، إنِّي إمامُكم، فلا تسبقوني بالركوعِ ولا بالسُّجودِ، ولا بالقيامِ ولا بالانصرافِ، فإنِّي أَراكم أمامي ومِن خَلْفي ))
    ثانيًا: ولأنَّه فعَلَ محظورًا في الصَّلاةِ، والقاعدة: أنَّ فِعلَ المحظورِ عمدًا في العبادةِ يُوجِبُ بطلانَها
    ثالثًا: لأنَّه سَبَقَه بركنٍ كاملٍ، هو معظَمُ الركعةِ، أشبَهَ ما لو سَبَقَه بالسَّلامِ
    القول الثاني: أنَّ السَّبْقَ بركن؛ لا يجوزُ، ويلزَمُه أن يعود إلى متابَعَتِه؛ فإن لم يفعَلْ حتى لَحِقَه فيه لم تَبْطُل صلاتُه، وهو مذهب الشَّافعيَّة
    الأَدِلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن أبي هريرة، عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((أما يخشى أحدُكم- أو: لا يخشى أحَدُكم- إذا رفع رأسَه قبل الإمامِ، أن يجعَلَ اللهُ رأسَه رأسَ حمارٍ، أو يجعَلَ اللهُ صورَتَه صورةَ حمارٍ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ السَّبْقَ ببعضِ الرُّكنِ كأنَّ رَكَع قبل الإمامِ ولَحِقَه الإمامُ في الركوعِ، كالسَّبْقِ بركنٍ؛ لا تبطُلُ به الصَّلاةُ
    ثانيًا: ولأنَّه تقَدَّمَ بركنٍ واحدٍ، وهو قدرٌ يسيرٌ ومفارقةٌ قليلةٌ
    الفرع الرابع: إذا كَبَّرَ المأمومُ مع الإمامِ
    إنْ قارنَ المأمومُ الإمامَ في تَكبيرةِ الإحرامِ لم تَنعقِدْ صلاتُه، وهو مذهبُ الجمهور: المالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ أبي يُوسفَ من الحَنَفيَّة، وداودَ الظاهريِّ
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به، فإذا كَبَّر فكبِّروا.. ))

    المَطلَبُ التاسع: صَلاةُ المَسبوقِ


    الفَرعُ الأوَّل: المسبوقُ بالفاتحةِ
    يَتحمَّلُ الإمامُ الفاتحةَ عن المسبوقِ بها، ويُدرِكُ المأمومُ الركعةَ بالركوعِ المجزئِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة
    ، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلف، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن أَبي بَكْرة رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّه انتهى إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو راكعٌ، فركَعَ قبل أن يَصِلَ إلى الصفِّ، فذَكَر ذلك للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: ((زادَكَ اللهُ حِرصًا، ولا تَعُدْ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه لم يأمُرْه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بقضاءِ تِلك الركعةِ، فلمَّا لم يأمُرْه، عُلِمَ أنَّها صحيحةٌ، وأنَّه مُعتَدٌّ بها
    ثانيًا: من الآثارِ
    عن زيدِ بنِ وهبٍ، قال: إنَّه كان وابن مسعود، وإنَّهما ركعَا دون الصفِّ، قال: فلمَّا فرَغَ الإمامُ قُمتُ أقضي، وأنا أرى أنِّي لم أُدركْ، فقال ابنُ مسعودٍ: قد أدركتَه
    ثالثًا: لأنَّه لم يَفُتْه من الأركانِ غيرُ القيامِ، وهو يأتي به مع التكبيرةِ، ثم يُدركُ مع الإمامِ بقيَّة الركعةِ
    رابعًا: أنَّ عدمَ إدراكِ القيام الذي هو محلُّ قراءة الفاتحةِ، يُسقِطُه من أجلِ متابعةِ الإمامِ، ويَسْقُط ما يجب فيه
    الفَرعُ الثَّاني: ائتمامُ المسبوقِ بالإمامِ كيفما وجَدَه
    مَن جاءَ والإمامُ قد مضَى من صلاتِه شيءٌ، قلَّ أو كثُر، فإنَّه يُصلِّي معه.
    الدَّليل من الإجماع:
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حزمٍ، وابنُ تيميَّة
    الفرع الثَّالِث: وقتُ قضاءِ المَسبوقِ
    يَقضِي المسبوقُ ما فاتَه بعدَ سلامِ الإمامِ.
    الدَّليل من الإجماع:
    نقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ عبد البرِّ، وابنُ بطَّالٍ
    الفرعُ الرَّابع: بناءُ المَسبوقِ على صَلاتِه
    المُصلِّي المسبوقُ يَبنِي على صَلاةِ نفْسِه.
    الدَّليل من الإجماع:
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ عبد البرِّ
    الفرعُ الخامِس: صفةُ تكبيرِ المَسبوقِ
    إذا أَدركَ المأمومُ الإمامَ راكعًا فكَبَّرَ تكبيرةَ الإحرامِ، ثم ركَع؛ تُجزِئُه هذه التكبيرةُ عن تكبيرةِ الرُّكوعِ، بشَرْطِ أن يقَعَ التكبيرُ حالَ القيامِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأَربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلف، وحُكِي الإجماعُ على ذلِك
    وذلك لأنَّه اجتمَعَ عبادتانِ من جِنسٍ واحدٍ، فأجزأَ الركنُ عن الواجبِ كطوافِ الزِّيارةِ والوداعِ

    المَطلَب العاشر: أحكامُ الفَتحِ على الإمامِ  


    يُشرَعُ الفتحُ على الإمامِ  ( . الفتْحُ: هو أن يقرأَ المأمومُ على الإمامِ ما توقَّفَ فيه أثناءَ القراءةِ ويُلَقِّنَه . )
    إذا أُرْتِجَ عليه أو غَلِط، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة . ( أُرْتِجَ عليه: أَي: استَغلَقَتْ عليه القِراءةُ . )
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عنِ المِسْورِ بنِ يَزيدَ الأسديِّ المالكيِّ، قال: شهدتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقرأ في الصَّلاةِ فترَك شيئًا لم يَقرأْه، فقال له رجلٌ: يا رسولَ اللهِ، تركتَ آيةَ كذا وكذا، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((هلَّا أَذْكَرْتَنِيها! ))

    المَطلَبُ الحادي عشر: اتِّخاذ مبلِّغٍ عن الإمامِ في صلاةِ الجماعةِ

    الفرع الأَوَّل: إذا كان الإمامُ يَبلُغ صوتُه المأمومِينَ
    إذا كان الإمامُ يَبلُغُ صوتُه المأمومِينَ، لم يُستحبَّ لأحدِ المأمومينَ التبليغُ.
    الدَّليل من الإجماع:
    نقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ تيميَّة
    الفرع الثاني: إذا كان الإمامُ لا يَبلُغُ صوتُه المأمومِينَ
    إذا كان الإمامُ لا يَبلغُ صوتُه المأمومين، يستحبُّ لأحدِ المأمومِينَ التبليغُ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((صلَّى بنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأبو بكرٍ خَلْفَه، فإذا كبَّر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كبَّر أبو بكرٍ؛ ليُسمِعَنا ))
    --------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا  ... تابعونا  ... جزاكم الله خيرا

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

      عاشراً : صَلاة الجَماعَةِ والإمامَةِ .  حُكمُ صلاةِ الجماعةِ . وعلى مَن تجِبُ، وشروطُها وآدابُها .الأعذارُ المُسقِطَةُ لصلاةِ الجماعةِ . شروط ألإمامه                                              Empty المبحث السادس: ما يُستحبُّ للإمامِ في صلاةِ الجَماعةِ . أَحكامُ الاستخلافِ في صلاةِ الجَماعَةِ

    مُساهمة من طرف صادق النور الخميس أكتوبر 20, 2022 12:41 pm


    المبحث السادس: ما يُستحبُّ للإمامِ في صلاةِ الجَماعةِ
    المطلب الأوَّل: تَخفيفُ الصَّلاةِ
    يُستحبُّ للإمامِ تخفيفُ الصَّلاةِ، ويُكرهُ التطويلُ فيها، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة
    ، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكِي الإجماعُ على ذلِك
    الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:
    1- عن أبي مَسعودٍ الأنصاريِّ، قال: قال رجلٌ: يا رسولَ اللهِ، لا أكادُ أُدرِكُ الصَّلاةَ؛ ممَّا يُطوِّلُ بنا فلانٌ، فما رأيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في موعظةٍ أشدَّ غضبًا من يومئذٍ! فقال: ((أيُّها الناسُ، إنَّكم مُنفِّرون! فمَن صلَّى بالناسِ فلْيُخفِّف، فإنَّ فيهم المريضَ، والضَّعيفَ، وذا الحاجةِ ))
    2- عن جابرِ بن عبدِ اللهِ الأنصاريِّ، قال: أقبَلَ رجلٌ بناضحَينِ وقد جَنَحَ اللَّيلُ، فوافقَ معاذًا يُصلِّي، فترَكَ ناضحَه وأقبل إلى معاذٍ، فقرأَ بسورةِ البقرةِ- أو النِّساءِ- فانطلق الرجلُ وبلَغَه أنَّ معاذًا نال منه، فأتَى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فشَكَا إليه معاذًا، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يا معاذُ، أفتَّانٌ أنت- ثلاث مرار؟! فلولا صليتَ بـسَبِّحِ اسْمَ ربِّكَ، وَالشَّمسِ وضُحَاهَا، وَاللَّيلِ إِذَا يَغْشَى؛ فإنَّه يُصلِّي وراءَك الكبيرُ والضعيفُ وذو الحاجة ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أَنكرَ عليه التطويلَ؛ فدلَّ على أنَّه يُستحبُّ للإمامِ تخفيفُ الصَّلاةِ مع إتمامِها
    3- عن عُثمانَ بن أبي العاصِ، قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، اجعلْني إمامَ قومي، قال: ((أنتَ إمامُهم، واقتدِ بأضعفِهم... ))

    المطلب الثَّاني: إذا أحسَّ الإمامُ بداخلٍ وهو راكعٌ


    إذا أحسَّ الإمامُ بداخلٍ أثناءَ ركوعِه فيُستحبُّ له انتظارُه إذا لم يشُقَّ على المأمومِينَ، وهو الصَّحيحُ من مذهبِ الشافعيَّة
    ، ومذهبُ الحَنابِلَة، واختارَه ابنُ باز، وابنُ عُثَيمين
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- أنس بن مالك يقولُ: ((ما صلَّيتُ وراءَ إمامٍ قَطُّ أخَفَّ صلاةً، ولا أتمَّ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وإن كان لَيَسمَعُ بكاءَ الصَّبيِّ، فيُخَفِّفُ مخافةَ أن تُفتَنَ أمُّه ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا سمِعَ بكاءَ الصبيِّ أَوْجزَ في صلاتِه؛ مخافةَ أن تُفتَنَ أُمُّه؛ وهذا يدلُّ على أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غيَّرَ هيئةَ الصَّلاةِ من أجْلِ مصلحةِ شخصٍ؛ ومثله انتظارُ الإمامِ للداخلِ من أجْلِ مصلحتِه
    2- عن صالحِ بنِ خَوَّاتٍ، عمَّن شهِد رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَ ذاتِ الرِّقاعِ صلَّى صلاةَ الخوفِ: ((أنَّ طائفةً صفَّت معه، وطائفةً وِجاهَ العدوِّ، فصلَّى بالتي معه ركعةً، ثم ثبَتَ قائمًا، وأتمُّوا لأنفسِهم ثم انصرفوا، فصفُّوا وجاهَ العدوِّ، وجاءتِ الطائفةُ الأخرى فصلَّى بهم الركعةَ التي بقِيَتْ من صلاتِه، ثم ثبَتَ جالسًا، وأتمُّوا لأنفسهم، ثم سَلَّم بهم ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ إطالةَ الركعةِ الثانية في صلاةِ الخوف؛ من أجْلِ إدراك الطائفةِ الثانية للصَّلاةِ؛ فيلحق به إطالة الرُّكوعِ لِيُدركَه الداخلُ
    3- عن أبي سعيدٍ الخدريِّ قال: لقد كانت صلاةُ الظهرِ تقام، فيذهب الذاهبُ إلى البقيعِ، فيقضي حاجتَه ثم يتوضأ، ثم يأتي رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الركعةِ الأولى؛ مِمَّا يُطَوِّلُها
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أن النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يطيل الركعةَ الأولى في الصَّلاةِ، والمقصودُ بهذا أن يُدرِكَ الناسُ الركعةَ الأُولى
    ثانيًا: لأنَّه تحصيلُ مصلحةٍ بلا مضرَّة

    المبحث السابع: أَحكامُ الاستخلافِ في صلاةِ الجَماعَةِ
    المطلب الأوَّلُ: حُكمُ الاستخلافِ
    الاستخلافُ
    مشروعٌ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّةِ الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والصَّحيحُ عند الشافعيَّة، والحَنابِلَةِ، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلفِ، وحُكِي الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    عنِ الأسودِ، قال: كنَّا عندَ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، فذكَرْنا المواظبةَ على الصَّلاةِ والتعظيمَ لها، قالت: لَمَّا مَرِضَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مرضَه الذي ماتَ فيه، فحضرتِ الصَّلاةُ فأذَّن، فقال: ((مُروا أبا بكرٍ فلْيُصلِّ بالناسِ، فقيل له: إنَّ أبا بكرٍ رجلٌ أسيفٌ، إذا قام في مقامِك لم يستطعْ أن يُصلِّي بالناسِ، وأعادَ فأعادوا له، فأعادَ الثالثةَ، فقال: إنَّكُنَّ صواحبُ يوسف! مُروا أبا بكر فلْيُصلِّ بالناسِ، فخرَج أبو بكر فصلَّى، فوجَدَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من نفسه خِفَّةً، فخرج يُهادَى بين رَجُلين، كأنِّي أنظرُ رِجليه تخطُّانِ من الوجعِ، فأرادَ أبو بكر أنْ يَتأخَّر، فأومأَ إليه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ مكانَك، ثم أُتِي به حتى جلَسَ إلى جَنبِه- قيل للأعمش: وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي وأبو بكرٍ يُصلِّي بصلاتِه، والناس يُصلُّون بصلاةِ أبي بكر؟ فقال برأسه: نعم)) وفي روايةٍ زاد: ((جلَس عن يَسارِ أبي بكرٍ، فكان أبو بكر يُصلِّي قائمًا))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ في الحديثِ استخلافَ الإمامِ في الصَّلاةِ- إذا نابَهُ فيها ما يُخرِجُه منها- مَن يُتمُّ بهم صلاتَهم، فالنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جاءَ وقد صلَّى أبو بكرٍ بالناسِ بعضَ الصَّلاة، فتقدَّم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وصارَ الإمام، وصار أبو بكر مأمومًا بعد أنْ كان إمامًا، وائتمَّ القومُ بالنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعدَ أنْ كانوا يأتمُّون بأبي بكرٍ، وبنَوْا على صلاتِهم
    ثانيًا: مِن الآثار
    عن عَمرِو بنِ مَيمونٍ، قال: (رأيتُ عُمرَ بنَ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه قبل أن يُصابَ بأيَّامٍ بالمدينةِ وقَف على حُذيفةَ بنِ اليَمانِ وعُثمانَ بن حُنَيف، قال: كيف فعَلْتُما؟ أتخافانِ أنْ تكونَا قد حمَّلْتُما الأرضَ ما لا تُطيق؟ قالا: حمَّلْناها أمرًا هي له مُطيقةٌ، ما فيها كبيرُ فضل، قال: انظرَا، أنْ تكونَا حمَّلْتُما الأرضَ ما لا تُطيق، قال: قالا: لا، فقال عمر: لئنْ سلَّمني اللهُ لأدَعنَّ أراملَ أهلِ العِراقِ لا يَحْتَجْنَ إلى رجلٍ بعدي أبدًا، قال: فما أتتْ عليه إلَّا رابعةٌ حتى أُصيب، قال: إنِّي لقائمٌ ما بيني وبينَه إلَّا عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ غَداةَ أُصيب، وكان إذا مرَّ بين الصَّفَّينِ قال: استووا، حتى إذا لم يرَ فيهنَّ خَللًا تقدَّمَ فكَبَّر، وربَّما قرأ سورةَ يُوسف أو النَّحل- أو نحو ذلك- في الركعةِ الأولى؛ حتى يجتمعَ الناسُ، فما هو إلَّا أنْ كبَّر فسمعتُه يقول: قتَلَني- أو أَكَلني- الكلبُ، حين طَعَنَه، فطار العلجُ بسكِّينٍ ذاتِ طَرفينِ، لا يمرُّ على أحدٍ يمينًا ولا شمالًا إلَّا طعَنَه، حتى طَعَن ثلاثةَ عَشرَ رَجُلًا، مات منهم سبعةٌ، فلمَّا رأى ذلك رجلٌ من المسلمينَ، طرَح عليه بُرنُسًا، فلمَّا ظنَّ العلجُ أنه مأخوذٌ نَحَرَ نَفْسَه، وتَناوَلَ عُمرُ يَدَ عَبدِ الرَّحمن بن عوفٍ فقَدَّمَه، فمَن يلي عُمرَ فقدْ رأى الذي أَرى، وأمَّا نواحي المسجدِ؛ فإنَّهم لا يَدْرُونَ غيرَ أنَّهم قد فقَدوا صوتَ عُمرَ، وهم يقولون: سبحانَ اللهِ! سبحان اللهِ! فصلَّى بهم عبدُ الرحمنِ صَلاةً خفيفةً... )
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عه استَخْلَفَ في الصَّلاةِ، وكان بمحضَرٍ من الصَّحابةِ، ولم يُنكِروا عليه
    ثالثًا: قدْ أجمع المسلمونَ على الاستخلافِ فيمَن يُقيم لهم أمرَ دِينهم ودُنياهم، والصَّلاةُ أعظمُ الدِّينِ
    المطلب الثَّاني: أسبابُ الاستخلافِ

    الفرع الأول: سَبْق الحَدثِ
    الإمامُ إنْ سبَقَه الحدثُ
    في الصَّلاةِ تَبطُلُ صلاتُه ويَنصرِفُ منها، وصلاةُ المأمومينَ صحيحةٌ، ويستخلفُ الإمامُ أحدَهم؛ لإتمامِ صلاتِهم، وهذا مذهبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، وروايةٌ عند الحَنابِلَةِ، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلف
    الفرع الثاني: الحَصرُ عن القِراءةِ
    إنْ حَصِرَ الإمامُ عن القِراءةِ المفروضةِ، فإنَّه يستخلفُ أحدَ المأمومينَ لإتمامِ الصَّلاةِ، وهو مذهبُ الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والحَنابِلَةِ؛ وذلك لأنَّ الاستخلافَ لِعلَّةِ العجزِ، وهو في الحصرِ عن القراءةِ؛ أَلزمُ . ( حَصِرَ القارئُ: أيْ: مُنِعَ القِراءَةَ فلمْ يَقدِر عليها . )
    الفرع الثَّالث: الخوفُ
    إذا حدَث خوفٌ للإمامِ، كخشيةِ الضَّررِ، فإنَّه يستخلفُ أحدَ المأمومينَ لإتمامِ الصَّلاةِ، وهو مذهبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والحَنابِلَة؛ وذلك لوجودِ العُذرِ الحاصلِ للإمامِ

    المطلب الثالث: استخلافُ المسبوقِ


    لا يُشترَطُ كونِ الـمُستخلَفِ مقتديًا في الأُولى، بل يجوزُ استخلافُ المسبوقِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة
    ، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة؛ وذلك لوجودِ المشاركةِ في الصَّلاةِ
    -------------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا معكم أحبابنا نهتدي بهدي رسول الله صل الله عليه وسلم
    .. تابعونا جزاكم الله خيرا
    ::
    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع


      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 1:05 pm