الفَصلُ الأَوَّلُ: صَلاةُ الجَماعةِ
المَبحَثُ الأوَّل: فَضلُ صلاةِ الجَماعه
ورَدَ في فضْلِ صلاةِ الجماعةِ أحاديثُ كثيرةٌ، منها:
1- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صلاةُ الجماعةِ تَفضُلُ على صلاةِ الفذِّ بسَبعٍ وعِشرينَ دَرجةً ))
2- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((صلاةُ الرجُلِ في جماعةٍ تَزيدُ على صلاتِه في بيتِه وصلاتِه في سوقِه بِضعًا وعِشرينَ درجةً ))
3- عن أبي سعيدٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صلاةُ الجماعةِ تَفضُلُ على صلاةِ الفذِّ بخمسٍ وعشرينَ درجةً ))
4- عن عُثمانَ بنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن صلَّى العِشاءَ في جماعةٍ، فكأنَّما قامَ نِصفَ اللَّيل، ومَن صلَّى الصبحَ في جماعةٍ فكأنَّما صلَّى اللَّيلَ كُلَّه ))
5- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((يَتعاقبونَ فيكم ملائكةٌ باللَّيلِ وملائكةٌ بالنَّهار، ويَجتمعون في صلاةِ الفجرِ وصلاةِ العَصرِ، ثم يَعرُجُ الذين باتوا فيكم، فيسألُهم ربُّهم- وهو أعلمُ بهم- كيف تركتُم عبادي؟ فيقولون: تَركناهُم وهم يُصلُّون، وأتيناهم وهم يُصلُّون ))
6- عن عُثمانَ بنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن توضَّأَ للصلاةِ فأَسْبَغَ الوضوءَ، ثمَّ مشَى إلى الصَّلاةِ المكتوبةِ فصلَّاها مع الناسِ، أو مع الجماعةِ، أو في المسجِدِ، غَفَرَ اللهُ له ذُنوبَه ))
7- عن أُبيِّ بن كَعبٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صلاةُ الرَّجُلِ مع الرَّجُلِ أَزْكى من صلاتِه وحْدَه، وصلاتُه مع الرَّجُلينِ أزْكى من صلاتِه مع الرجُلِ، وما كثُرَ فهو أحبُّ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ ))
من حِكمِ صَلاةِ الجَماعةِ ما يلي:
1- زرْعُ المودَّة والمحبَّة بين المسلمين، مع كونِها وسيلةً للتعارُفِ فيما بينهم.
2- إظهارُ شَعيرةٍ من أعظمِ شعائرِ الإسلامِ.
3- تعويدُ الأمَّةِ الإسلاميَّةِ على الاجتماعِ، وعدَمِ التفرُّقِ.
4- تعويدُ المسلمِ على ضَبطِ النَّفسِ؛ فمتابعةُ الإمامِ في الصَّلاة يُدرِّبُه على ضبطِ النَّفْس.
5- شعورُ المسلمينَ بالمساواةِ.
6- تفقُّدُ أحوالِ المسلمين من الفُقراء والمرضَى؛ لمساعدتهم، والمتهاونينَ في الصَّلاةِ لنُصحِهم، والجاهلين بأحكامِ الصَّلاة؛ لتعليمهم.
7- زيادةُ نشاطِ المسلمِ واجتهادِه في العبادةِ إذا رأى المجتهدين مِن المسلمين في العِبادَةِ.
8- اجتماعُ المسلمين في أوقاتٍ مُعيَّنةٍ يُربِّيهم على المحافظةِ على الأوقاتِ.
المَطلَب الأوَّل: حُكمُ صلاةِ الجماعةِ
الفرعُ الأوَّل: حُكمُ صَلاةِ الجماعةِ للرِّجالِ
صلاةُ الجماعةِ واجبةٌ وجوبًا عينيًّا على الرِّجال، وهو مذهبُ الحَنابِلَة
، وبعضِ الحَنَفيَّة، ووجهٌ عند الشافعيَّة، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلفِ، اختارَه البخاريُّ، وابنُ المنذرِ، وابنُ حَزْمٍ، وابنُ تيميَّة، وابنُ باز، وابن عُثَيمين
الأدلَّة: أولًا: من الكِتاب
1- قال اللهُ تعالى: وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ [النساء: 102]
والدَّلالةُ مِن وَجْهَينِ:
الوجه الأوَّل: أنه تعالى أمرَهم بصلاةِ الجماعة معه في صلاةِ الخوفِ، وذلك دليلٌ على وجوبها حالَ الخوفِ، وهو يدلُّ بطريقِ الأَوْلى على وجوبِها حالَ الأمنِ
الوجه الثَّاني: أنَّه سنَّ صلاةَ الخوفِ جماعةً، وسوَّغَ فيها ما لا يجوزُ لغيرِ عُذرٍ، كاستدبارِ القِبلةِ، والعملِ الكثيرِ، ومفارقةِ الإمامِ قبلَ السَّلامِ، والتخلُّفِ عن متابعةِ الإمام، وهذه الأمورُ تُبطِلُ الصَّلاةَ لو فُعِلتْ لغيرِ عُذرٍ، فلو لم تكُنِ الجماعةُ واجبةً، لكانَ قدْ التزم فِعل محظورٍ مُبطِلٍ للصلاةِ؛ لأجْل فِعل مُستحبٍّ مع أنَّه قد كان من الممكنِ أن يُصلُّوا وُحدانًا صلاةً تامَّةً؛ فعُلِمَ أنَّها واجبةٌ
2- قال الله تعالى: وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة: 43]
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ الله تعالى أمَرَ بالركوعِ مع الراكعينَ، وذلك يكونُ في حالِ المشاركةِ في الركوع؛ فكان أمرًا بإقامةِ الصَّلاة بالجماعةِ
ثانيًا: من السُّنَّة
1- عن أبي هُرَيرَةَ، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((أثقلُ صلاةٍ على المنافقينَ صلاةُ العِشاءِ وصلاةُ الفجرِ، ولو يَعلمُونَ ما فيهما لأَتوهُما ولو حبوًا، ولقد هممتُ بالصَّلاةِ فتُقام، ثم آمُرُ رجلًا يُصلِّي بالناس، ثم أنطلقُ معي برِجالٍ معهم حُزمٌ من حطَبٍ إلى قومٍ لا يَشهدونَ الصَّلاةَ، فأُحرِّقُ عليهم بُيوتُهم بالنارِ ))
2- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((أتَى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رجلٌ أعمى، فقال: يا رسولَ الله، إنَّه ليس لي قائدٌ يقودني إلى المسجِدِ، فسألَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يرخِّصَ له، فيُصلِّيَ في بيتِه، فرخَّص له، فلمَّا ولَّى دعاه، فقال: هلْ تَسمعُ النِّداءَ بالصَّلاةِ؟ قال: نعَم، قال: فأجِبْ ))
3- عن أبي الدَّرداءِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: سمعتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: ((ما مِن ثلاثةٍ في قريةٍ، ولا بدوٍ، لا تُقامُ فيهم الصَّلاةُ، إلا استحوذَ عليهم الشيطانُ؛ فعليكم بالجماعةِ؛ فإنَّما يأكُلُ الذئبُ القاصيةَ ))
ثالثًا:من الآثار
عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ، قال: (مَن سرَّه أن يَلْقَى الله غدًا مسلمًا، فليحافظْ على هؤلاءِ الصلواتِ حيث يُنادَى بهنَّ؛ فإنَّ اللهَ شرَع لنبيِّكم صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سُننَ الهدى، وإنهنَّ مِن سُنَن الهدى، ولو أنَّكم صليتُم في بُيوتِكم كما يُصلِّي هذا المتخلِّفُ في بيته، لتركتُم سُنَّةَ نبيِّكم، ولو تركتُم سُنَّةَ نبيِّكم لضَلَلتُم، وما من رجلٍ يتطهَّرُ فيُحسِنُ الطُّهورَ، ثم يَعمِدُ إلى مسجدٍ من هذه المساجدِ، إلَّا كتَبَ الله له بكلِّ خُطوةٍ يخطوها حسنةً، ويرفعه بها درجةً، ويحطُّ عنه بها سيِّئةً، ولقد رأيتُنا وما يتخلَّف عنها إلَّا منافقٌ معلومُ النِّفاق، ولقد كان الرجلُ يُؤتَى به يُهادَى ) بين الرَّجُلينِ حتى يُقامَ في الصفِّ)
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
إخبارُ ابنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه لم يكُن يتخلَّفُ عنها إلَّا منافقٌ معلومُ النِّفاق، وهذا دليلٌ على استقرارِ وجوبِها عندَ المؤمنين، ولم يَعلَموا ذلك إلَّا مِن جِهةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومعلومٌ أنَّ كلَّ أمرٍ كان لا يتخلَّفُ عنه إلَّا منافقٌ كان واجبًا على الأعيانِ
رابعًا: توارثُ الأمَّةِ على صلاتِها جماعةً؛ فالأمَّة من لَدُن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى يومِنا هذا واظبتْ عليها وعلى النَّكيرِ على تاركِها، والمواظبةُ على هذا الوجهِ دليلُ الوجوبِ
الفرعُ الثَّاني: حُكمُ صلاةِ الجَماعةِ للنِّساءِ
يُستحبُّ للنِّساءِ أن يُصلِّينَ جماعةً مع بعضهنَّ البعض، وهذا مذهبُ الشافعيَّة، والحَنابِلَة، وبه قالت طائفةٌ من السَّلف، واختاره ابنُ حَزمٍ، وابنُ القيِّم، واختارَه ابنُ باز
الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
1- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صلاةُ الجماعةِ تَفضُلُ صلاةَ الفذِّ بسَبعٍ وعِشرينَ دَرجةً ))
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ الحديثَ عامٌّ، فيدخل النِّساءُ في عُمومِه
2- عن أمِّ ورقةَ بنتِ نوفلٍ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَزورُها في بيتِها، وجعَل لها مؤذِّنًا يؤذِّنُ لها، وأمَرَها أن تؤمَّ أهلَ دارِها ))
ثانيًا: من الآثارِ
1- عن عائشةَ أمِّ المؤمنينَ رَضِيَ اللهُ عنها: (أنَّها أمَّتِ النِّساءَ في صلاةِ المغربِ، فقامتْ وسْطهنَّ وجهَرَتْ بالقِراءةِ)
2- عن حُجيرةَ بنتِ حُصينٍ، قالت: (أَمَّتْنا أمُّ سَلمةَ أمُّ المؤمنينَ في صلاةِ العَصر، وقامتْ بيننا)
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ عائشةَ وأمَّ سَلمةَ رَضِيَ اللهُ عنهما أَمَّتَا جماعة من النساء؛ فدلَّ ذلك على استحبابِ الجماعةِ للنِّساءِ
ثالثًا: أنهنَّ مِن أهلِ الفَرضِ، فأشبهْنَ الرِّجالَ
المَطلَب الثاني: حُكمُ المُمتنِعينَ عن إظهارِ صلاةِ الجَماعَةِ
إذا تَمالَأَ أهلُ بلدٍ على ترْكِ إظهارِ صلاةِ الجَماعةِ قُوتِلوا، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة
: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
وذلك للآتي:
أولًا: القياسُ على مقاتلةِ أهلِ البلدِ إذا اجتَمْعوا على تَرْكِ الأذانِ
ثانيًا: أنَّها من شعائرِ الإسلامِ، ومِن خصائصِ هذا الدِّينِ، وفي الاجتماعِ على ترْكها إماتةٌ لها
المَطلَب الثالث: فَضلُ المَشيِ إلى المساجِدِ وانتظارِ الصَّلاةِ
1- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن غدَا إلى المسجِدِ أو راحَ، أعدَّ اللهُ له نُزَلَه
من الجَنَّةِ كلَّما غدَا أو راحَ ))
2- عن أبي مُوسى الأشعريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أعظمُ الناسِ أجرًا في الصَّلاة أبعدُهم فأبعدُهم ممشًى، والذي ينتظرُ الصَّلاةَ حتى يُصلِّيَها مع الإمامِ أعظمُ أجرًا مِن الذي يُصلِّي ثم ينامُ ))
3- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن تطهَّرَ في بيتِه، ثم مَشَى إلى بيتٍ من بيوتِ اللهِ؛ ليقضيَ فريضةً مِن فرائضِ اللهِ، كانتْ خُطواتُه: إحداهما تحطُّ خطيئةً، والأخرى ترفع درجةً ))
4- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: كانتْ دِيارُنا نائيةً عن المسجدِ فأردْنا أن نَبيعَ بُيوتَنا، فنقربَ من المسجدِ، فنهانا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: ((إنَّ لكم بكلِّ خُطوةٍ درجةً))
5- عن أُبيِّ بن كعبٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: كان رجلٌ لا أعلمُ رِجالًا أبعدَ من المسجدِ منه، وكان لا تُخطيه صلاةٌ، فقيل له، أو قلت له: لوِ اشتريتَ حمارًا تركبه في الظَّلْماءِ وفي الرَّمْضاءِ! قال: ما يَسرُّني أنَّ منزلي إلى جنبِ المسجدِ؛ إني أُريدُ أن يُكتَبَ لي ممشاي إلى المسجدِ، ورُجوعي إذا رجعتُ إلى أهلي، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((قد جمَع اللهُ لك ذلِكَ كلَّه ))
6- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: أراد بنو سَلِمةَ أن ينتقلوا إلى قُربِ المسجدِ، فبلَغَ ذلك رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال لهم: ((إنَّه بلَغَني أنَّكم تُريدون أنْ تَنتقِلوا قربَ المسجدِ، قالوا: نعمْ يا رسولَ الله، وقد أَرَدْنا ذلك، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يا بني سَلِمةَ، دِيارَكم تُكتَبْ آثارُكم! دِيارَكم تُكتَبْ آثارُكم ))
7- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((سَبعةٌ يُظلُّهم اللهُ في ظِلِّه يومَ لا ظِلَّ إلَّا ظلُّه: الإمامُ العادلُ، وشابٌّ نشأ في عِبادة ربِّه، ورجلٌ قَلْبُه مُعلَّقٌ بالمساجدِ... ))
8- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((ألَا أدلُّكم على ما يَمْحو اللهُ به الخطايا، ويرفعُ به الدرجاتِ؟ قالوا: بلي يا رسولَ الله، قال: إسباغُ الوضوءِ على المكارهِ، وكثرةُ الخُطا إلى المساجدِ، وانتظارُ الصَّلاةِ بعدَ الصَّلاةِ؛ فذَلِكُم الرِّباط، فذَلِكُم الرِّباط))
9- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صلاةُ الرجُلِ في جماعةٍ تَزيدُ على صلاتِه في بيتِه وصلاتِه في سُوقِه بِضعًا وعِشرين درجةً؛ وذلك أنَّ أحدَكم إذا توضَّأ فأحْسَنَ الوضوءَ، ثمَّ أتى المسجدَ لا تُنهِزُه إلا الصَّلاةُ، لا يُريد إلَّا الصَّلاةَ، فلم يَخطُ خُطوةً إلَّا رفَعَ اللهُ له بها درجةً، وحطَّ عنه بها خطيئةً، حتى يدخُلَ المسجدَ، فإذا دخَلَ المسجدَ كان في صلاةٍ ما كانتِ الصَّلاةُ هي تحبسُه، والملائكةُ يُصلُّونَ على أحدِكم ما دامَ في مجلسِه الذى صَلَّى فيه، يقولون: اللهمَّ ارحمْه، اللهمَّ اغفرْ له، اللهمَّ تُبْ عليه، ما لم يُؤذِ فيه، ما لم يُحدِث فيه ))
المَطلَب الرابع: آدابُ المَشي إلى المسجِدِ
الفَرْعُ الأوَّل: المشيُ بسكينةٍ ووَقارٍ حالَ كَوْنِه مُتَوَضِّئًا
يُستحبُّ أن يأتيَ المصلِّي إلى المسجدِ متوضئًا، وعليه السَّكينةُ والوقارُ
الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
1- عن أبي هُرَيرَةَ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أنَّه قال: ((إذا أُقيمتِ الصَّلاةُ فلا تأتوها وأنتم تَسعَونَ، ولكن ائتوها وأنتم تَمشُونَ وعليكم السَّكينةُ، فما أدركتُم فصلُّوا، وما فاتكم فأتمُّوا ))
2- عن أَبي قَتادةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((بينما نحنُ نُصلِّي مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذ سمِعَ جَلبةَ رجالٍ، فلمَّا صلَّى
قال: ما شأنُكم؟ قالوا: استعجلْنا إلى الصَّلاةِ، قال: فلا تَفْعَلوا؛ إذا أتيتُم الصَّلاةَ فعليكم بالسَّكينةِ، فما أدركتُم فصلُّوا، وما فاتَكم فأتمُّوا
3- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صلاةُ الرجُلِ في جماعةٍ تَزيدُ على صلاتِه في بيتِه وصلاتِه في سُوقِه بِضعًا وعِشرين درجةً؛ وذلك أنَّ أحدَكم إذا توضَّأ فأحْسَنَ الوضوءَ، ثمَّ أتى المسجدَ لا تُنهِزُه إلا الصَّلاةُ، لا يُريد إلَّا الصَّلاةَ، فلم يَخطُ خُطوةً إلَّا رفَعَ اللهُ له بها درجةً، وحطَّ عنه بها خطيئةً، حتى يدخُلَ المسجدَ، فإذا دخَلَ المسجدَ كان في صلاةٍ ما كانتِ الصَّلاةُ هي تحبسُه، والملائكةُ يُصلُّونَ على أحدِكم ما دامَ في مجلسِه الذى صَلَّى فيه، يقولون: اللهمَّ ارحمْه، اللهمَّ اغفرْ له، اللهمَّ تُبْ عليه، ما لم يُؤذِ فيه ما لم يُحدِث فيه ))
4- عن أبي هريرةَ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((من تطهَّرَ في بيتِه ثم مشَى إلى بيتٍ مِن بيوتِ اللهِ؛ ليقضي فريضةً مِن فرائضِ اللهِ، كانت خطوَتاهُ إحداهما تحطُّ خطيئةً، والأُخرى ترفعُ درجةً ))
ثانيًا: أنَّ الذاهبَ إلى صلاةٍ عامدٌ في تحصيلِها، ومتوصِّلٌ إليها، فينبغي أن يكونَ متأدِّبًا بآدابها، وعلى أكملِ الأحوالِ
الفَرْعُ الثَّاني: عَدَمُ تَشْبيكِ أصابِعِه
يكره للمصلي التشبيك بين أصابعه وهو في طريقه إلى المسجد، وهذا مذهب الشافعية، والحنابلة، وهو اختيار ابن تيمية وابن باز، وابن عثيمين
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّةِ:
عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن تَوضَّأ ثم خرَجَ يُريدُ الصَّلاةَ، فهو في صلاةٍ حتَّى يَرجِعَ إلى بيتِه، فلا تقولوا هَكَذا- يعني: يُشبِّكُ بيْنَ أصابعِه ))
الفَرْعُ الثَّالِثُ: دخولُ المسجِدِ باليمينِ، وقَوْلُ الذِّكْرِ المأثورِ
إذا دخَل المسجدَ يقدِّم رِجلَه اليُمنى، ويقولُ عندَ دخولِه بعدَ أن يُسلِّم على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أعوذُ بالله العظيمِ، وبوجهِه الكريمِ، وسلطانِه القديمِ، مِن الشَّيطانِ الرَّجيمِ، اللهمَّ افتحْ لي أبوابَ رحمتِك.
الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:
1- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه كان إذا دخَلَ المسجِدَ قال: أعوذُ باللهِ العظيمِ، وبوجهِه الكريمِ، وسلطانِه القديمِ، مِن الشَّيطانِ الرَّجيمِ. قال: أَقَطْ؟ قلتُ: نعم، قال: فإذا قال ذلك، قال الشيطان: حُفِظ مني سائرَ اليومِ
2- عن أبي حُمَيدٍ، أو عن أبي أُسَيْدٍ، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا دخلَ أحَدُكم المسجِدَ، فلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ افتَحْ لي أبوابَ رَحْمَتِك، وإذا خَرَجَ فلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أسألُكَ مِنْ فَضْلِك ))
وفي رواية: ((إذا دخل أحدُكم المسجدَ، فليسلِّمْ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثمَّ لْيَقُلْ: اللهمَّ افتحْ لي أبوابَ رحمتِك، وإذا خَرَجَ فلْيَقُلْ: اللهمَّ إنِّي أسألُك مِن فضلِك ))
المَطلَبُ الخامِسُ: حُكْمُ حضورِ النِّساءِ للجماعَةِ في المَسْجِدِ، وشُروطُه
الفَرْعُ الأَوَّل: حُكْمُ حضورِ النِّساءِ للجماعَةِ في المسجِدِ
يُباحُ للنِّساءِ حضورُ الجماعةِ في المساجدِ، وإنْ كانتْ صلاتُها في بيتِها خيرًا لها وأفضلَ
، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّةوالشافعيَّة والحَنابِلَة
الأدلَّة:
أَدِلَّةُ إباحَةِ حُضُورِ النِّساءِ للجَماعَةِ في المسجِدِ:
1- عن ابن عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا تَمْنَعوا إماءَ اللهِ مساجدَ اللهِ ))
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّه يلزمُ من النَّهيِ عن منعهنَّ مِن الخروجِ إباحتُه لهنَّ؛ لأنَّه لو كان ممتنعًا لم يَنهَ الرِّجالَ عن منعهنَّ منه
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالتْ: ((إنْ كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ليُصلِّي الصبحَ فيَنصرِفُ النساءُ متلفِّعاتٍ بمُروطهنَّ، ما يُعرَفْنَ من الغَلَس ))
3- عن أبي قَتادةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنِّي لأقومُ إلى الصَّلاةِ، وأنا أُريدُ أن أُطوِّلَ فيها، فأسمعَ بُكاءَ الصبيِّ، فأتجوَّزَ في صلاتي؛ كراهةَ أن أشقَّ على أمِّه ))
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ النساءَ كنَّ يَشهَدْنَ الصَّلاةَ خلفَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في المسجِدِ، وأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَعلمُ ذلك؛ فدلَّ على أنَّ حُضورهنَّ الجماعةَ معه غيرُ مكروهٍ، ولولا ذلك لنهاهنَّ عن الحضورِ معه للصَّلاةِ
الأَدِلَّةُ على كونِ البيتِ أفضلَ للمرأةِ:
1- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَمنعوا نِساءَكم المساجدَ، وبيوتُهنَّ خيرٌ لهنَّ ))
2- عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((صلاةُ المرأةِ في مَخدعِها أفضلُ من صلاتِها في بيتِها، وصلاتُها في بيتِها أفضلُ من صلاتِها في حُجرتِها ))
الفرعُ الثَّاني: شروطُ خروجِ المرأةِ إلى المسجدِ
المسألةُ الأولى: ألَّا تخرُجَ مُتطيِّبةً أو متزيِّنةً
الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
1- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أيُّما امرأةٍ أصابتْ بَخُورًا، فلا تَشْهَدَنَّ معنا العِشاءَ الآخِرةَ ))
2- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((لا تَمْنَعوا إماءَ الله مساجدَ اللهِ، ولكن ليخرُجْنَ وهنَّ تَفِلاتٌ ))
3- عن زَينبَ الثقفيَّةِ امرأةِ ابنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه وعنها، قالت: قال لنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا شهِدَتْ إحداكنَّ المسجدَ، فلا تمسَّ طِيبًا ))
ثانيًا: أنَّ في خروجِ المرأةِ وهي متطيِّبةٌ أو عليها شيءٌ من الزِّينة، ما يُخشى معه الافتتانُ بها
المسألة الثَّانية: أن تخرُجَ إلى المسجدِ بإذنِ زَوْجِها
الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
1- عنِ ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا استأذَنتْ أحدَكم امرأتُه إلى المسجدِ، فلا يَمنعْها ))
2- عنِ ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: كانتِ امرأةٌ لعُمرَ تشهَدُ صلاةَ الصَّبحِ والعِشاءَ في الجماعةِ في المسجدِ، فقيل لها: لِمَ تَخرُجينَ وقد تَعْلمينَ أنَّ عُمرَ يَكرهُ ذلك ويغارُ؟! قالت: وما يَمنَعُه أن ينهاني؟ قال: يمنَعُه قولُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لَا تَمنَعوا إماءَ اللهِ مساجِدَ اللهِ ))
وجْهُ الدَّلالةِ من الحَديثينِ:
فيه دليلٌ على أنَّ للزوج مَنْعَهنَّ من ذلك، وأنْ لا خُروجَ لهنَّ إلَّا بإذنه، ولو لم يكُن للرجل منْعُ المرأةِ من ذلك لخُوطِبَ النساءُ بالخروجِ، ولم يُخاطبِ الرِّجالُ بالمنعِ، كما خُوطِبَ النساءُ بالصَّلاةِ ولم يُخاطَبِ الرجالُ بأنْ لا يمنعوهنَّ منها
ثانيًا: مِنَ الِإِجْماع
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ رجب
ثالثًا: أنَّ حقَّ الزوج في ملازمةِ المسكنِ واجبٌ؛ فلا تتركُه للفضيلةِ
فائدة: حُكم إذنِ الزوجِ لزوجتِه إذا استأذنتْه للخروجِ إلى المسجِدِ
اختَلف أهلُ العِلمِ في إذنِ الزوجِ لزوجتِه إذا استأذنتْه للخروجِ إلى المسجِدِ، على قولين:
القول الأوّل: يُستحبُّ للزوجِ أن يأذنَ لزوجتِه إذا استأذنتْه في الخروجِ إلى المسجدِ للصلاةِ إذا أُمِنتِ الفتنةُ، فإنْ منَعَها لم يحرُمْ عليه منعُها، وهو مذهبُ المالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكي أنَّه قولُ عامَّة العلماءِ
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَمْنعوا إماءَ اللهِ مساجِدَ اللهِ ))
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ النهيَ للتَّنزيهِ
وذلك لِمَا يلي:
أولًا: لو كان إذنُ الزَّوجِ واجبًا لانْتفَى معنى الاستئذانِ؛ لأنَّ ذلك إنَّما يتحقَّق إذا كان المستأذنُ مخيَّرًا في الإجابةِ أو الردِّ
ثانيًا: أنَّ حقَّ الزوجِ في ملازمةِ المسكنِ واجبٌ؛ فلا تتركه للفضيلةِ
ثالثًا: لو كان المنعُ حرامًا لكان من حقِّ الزوجةِ أن تخرُجَ إلى المسجدِ دون إذنِ زَوجِها، شاءَ أو أبَى
القول الثاني: يجبُ على الزوجِ أنْ يأذنَ لزوجتِه إذا استأذنتْه إلى المسجدِ للصلاةِ، إذا أُمِنت الفتنةُ، وهو قولُ ابنِ عبد البرِّ، وابنِ حزم، والشوكانيِّ، والشِّنقيطيِّ، وابنِ باز، وابنِ عُثَيمين
الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:
1- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا استأذنَتْ أحدَكم امرأتُه إلى المسجدِ فلا يَمنعْها))، وفي روايةٍ: ((إذا استأذنَكم نِساؤُكم باللَّيلِ إلى المسجدِ فأْذَنوا لهنَّ))، وفي روايةٍ: ((فقال بلالُ بنُ عبدِ اللهِ: واللهِ لنمنعهنَّ! قال: فأقْبَلَ عليه عبدُ اللهِ فسَبَّه سبًّا سيِّئًا ما سمعتُه سبَّ مِثلَه قطُّ، وقال: أُخبِرُكُ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وتقول: واللهِ لنَمْنَعُهنَّ؟!))
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
هذا الفِعلُ مِن ابنِ عُمرَ يدلُّ على تحريمِ المنعِ
2- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَمنعوا إماءَ اللهِ مساجدَ اللهِ ))
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ النَّهي في الحديثِ للتحريم
3- عنِ ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: كانتِ امرأةٌ لعُمرَ تَشهَدُ صلاةَ الصُّبحِ والعِشاءِ في الجماعةِ في المسجدِ، فقيل لها: لِمَ تَخرُجينَ وقد تَعلمين أنَّ عُمرَ يَكره ذلك ويَغارُ؟! قالت: وما يمنعُه أن يَنهاني؟ قال: يَمنعُه قولُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((لا تَمنَعوا إماءَ اللهِ مساجدَ اللهِ ))
المَطلَب السادس: فِعلُ ما تُشرَع له الجماعةُ في المَسجِد
ما شُرِعت له الجماعةُ من الصَّلوات، ففِعْلُه في المسجِد أفضلُ، كصَلاةِ الكُسوفِ.
الدَّليل من الإجماع:
نقَل الإجماع على ذلك: ابنُ تَيميَّة
المَطلَب السابع: العددُ الذي تَحصُلُ به الجماعةُ
أقلُّ ما تحصُلُ به الجماعةُ اثنانِ: إمامٌ ومأمومٌ.
الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
1- عن أبي سعيدٍ الخدريِّ أنَّ رجلًا دخَلَ المسجدَ وقد صلَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأصحابِه، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن يَتصدَّقُ على هذا فيُصلِّي معه؟ فقامَ رجلٌ من القومِ فصلَّى معه ))
2- عن مالكِ بنِ الحُوَيرثِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: أتَى رجلانِ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يريدان السفر، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا أَنتُما خرجتُما، فأذِّنَا، ثم أقيمَا، ثم لْيؤمَّكُما أكبرُكما ))
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّه لَمَّا قال لهما: ((ولْيؤمَّكما أكبرُكما)) دلَّ على أنَّ أقلَّ صلاةِ الجماعةِ إمامٌ ومأموم
ثانيًا: مِنَ الِإِجْماع
نقَل الإجماعَ على ذلك: النوويُّ، وابنُ قُدامةَ
ثالثًا: أنَّ الجماعةَ مِن الاجتماعِ، وأقلُّ ما يقَعُ به الاجتماعُ اثنانِ
المَطلَب الثامن: المفاضلةُ بينَ الصَّلاةِ في مَسجدِ الحيِّ والمسجدِ الأكثرِ جَماعةً
اختَلف أهلُ العلمِ في المفاضلةِ بين الصَّلاةِ في مسجدِ الحيِّ والمسجدِ الأكثرِ جماعةً، على قولين:
القول الأوّل: أنَّ صلاتَه في مسجدِ حيِّه أفضلُ من صلاتِه في المسجدِ الجامعِ، وهو مذهبُ الحَنَفيَّة ووجهٌ عند الشافعيَّة، واختيارُ ابن عُثَيمين
وذلك للآتي:
أولًا: أنَّ هذا سببٌ لعمارتِه
ثانيًا: أنَّه يَحصُلُ به التأليفُ للإمامِ وأهلِ الحيِّ، ويَندفِعُ به ما قدْ يكونُ في قلبِ الإمامِ إذا لم تُصلِّ معه
ثالثًا: أنَّ مسجدَ الحيِّ له حقُّ الجوارِ عليه
القول الثاني: أنَّ المسجدَ الأكثرَ جماعةً مُقدَّمٌ على مسجدِ الجوارِ، وهو مذهبُ الشافعيَّة، والحَنابِلَة، وقولٌ للحنفيَّة
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
عن أُبيِّ بن كعبٍ، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صلاةُ الرَّجُلِ مع الرجُلِ أَزْكى من صلاتِه وَحْدَه، وصلاتُه مع الرجُلينِ أزكى من صلاتِه مع الرجلِ، وما كثُرَ فهو أحبُّ إلى الله عزَّ وجلَّ ))
وما زلنا أحبابنا .. تابعونا جزاكم الله خيرا
::
ولا تنسونا من صالح دعائكم
عدل سابقا من قبل sadekalnour في الأربعاء أكتوبر 19, 2022 9:09 pm عدل 1 مرات
أمس في 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
أمس في 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد
» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» العبادة وأركانها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد
» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور
» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد
» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد
» هيئات السجود المسنونة
الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» (( - 2 -)) خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأربعاء نوفمبر 13, 2024 11:28 pm من طرف صادق النور