آل راشد



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

آل راشد

آل راشد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
آل راشد

ثقافى-اجتماعى

*** - اللَّهُمَّ اَنَكَ عَفْوٍ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعِفُو عَنَّا - *** - اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك . *** - اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ الْمَوْتِ وَ ارْزُقْنَا حُسْنَ الْخَاتِمَةِ . *** -

إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا شَابَتْ عَبِيدَهُمْ.. .. فِي رِقِّهِمْ عَتَقُوهُمْ عِتْقَ أَبْرَارٍ .. .. وَأَنْتَ يَا خَالِقِيُّ أوْلَى بِذَا كَرَمًا.. .. قَدْ شُبْتُ فِي الرِّقِّ فَأَعْتَقَنِي مِنَ النَّارِ .

المواضيع الأخيرة

» اثبات أن الله يتكلم بالصوت والحرف وأن القرآن كلامه حقيقة
الثامن عشر : غُسْلُ المَيِّت: حُكمُ غُسْلِ الميِّت : من يغسَّل ومن لا يُغَسَّل : من يتولَّى الغُسْل : صِفَةُ غُسْلِ المَيِّت وأحكامُه :   حُكمُ تكفينِ الميِّت :  تجميرُ الكَفَن:                                                                    Ooou110أمس في 4:11 pm من طرف عبدالله الآحد

» أَسْرارُ اَلْمُسَبَّحَةِ اَوْ السُّبْحَةِ وَأَنْواعُها وَأَعْدادُها - - ( ( اَلْجُزْءُ الثَّانِي ))
الثامن عشر : غُسْلُ المَيِّت: حُكمُ غُسْلِ الميِّت : من يغسَّل ومن لا يُغَسَّل : من يتولَّى الغُسْل : صِفَةُ غُسْلِ المَيِّت وأحكامُه :   حُكمُ تكفينِ الميِّت :  تجميرُ الكَفَن:                                                                    Ooou110أمس في 3:05 pm من طرف صادق النور

» الرياء شرك أصغر إن كان يسيرا
الثامن عشر : غُسْلُ المَيِّت: حُكمُ غُسْلِ الميِّت : من يغسَّل ومن لا يُغَسَّل : من يتولَّى الغُسْل : صِفَةُ غُسْلِ المَيِّت وأحكامُه :   حُكمُ تكفينِ الميِّت :  تجميرُ الكَفَن:                                                                    Ooou110الخميس أبريل 25, 2024 4:39 pm من طرف عبدالله الآحد

» لم يصح تأويل صفة من صفات الله عن أحد من السلف
الثامن عشر : غُسْلُ المَيِّت: حُكمُ غُسْلِ الميِّت : من يغسَّل ومن لا يُغَسَّل : من يتولَّى الغُسْل : صِفَةُ غُسْلِ المَيِّت وأحكامُه :   حُكمُ تكفينِ الميِّت :  تجميرُ الكَفَن:                                                                    Ooou110الأربعاء أبريل 24, 2024 5:12 pm من طرف عبدالله الآحد

» إثبات رؤية الله للمؤمنين في الجنة
الثامن عشر : غُسْلُ المَيِّت: حُكمُ غُسْلِ الميِّت : من يغسَّل ومن لا يُغَسَّل : من يتولَّى الغُسْل : صِفَةُ غُسْلِ المَيِّت وأحكامُه :   حُكمُ تكفينِ الميِّت :  تجميرُ الكَفَن:                                                                    Ooou110الثلاثاء أبريل 23, 2024 7:24 am من طرف عبدالله الآحد

» الرد على من زعم أن أهل السنة وافقوا اليهود
الثامن عشر : غُسْلُ المَيِّت: حُكمُ غُسْلِ الميِّت : من يغسَّل ومن لا يُغَسَّل : من يتولَّى الغُسْل : صِفَةُ غُسْلِ المَيِّت وأحكامُه :   حُكمُ تكفينِ الميِّت :  تجميرُ الكَفَن:                                                                    Ooou110الثلاثاء أبريل 23, 2024 5:40 am من طرف عبدالله الآحد

» طائِفُهُ الصَّفْوِيِّينَ - - اَلْدوَلهُ الصِّفْوِيهُ
الثامن عشر : غُسْلُ المَيِّت: حُكمُ غُسْلِ الميِّت : من يغسَّل ومن لا يُغَسَّل : من يتولَّى الغُسْل : صِفَةُ غُسْلِ المَيِّت وأحكامُه :   حُكمُ تكفينِ الميِّت :  تجميرُ الكَفَن:                                                                    Ooou110الإثنين أبريل 22, 2024 11:18 am من طرف صادق النور

» حكم الرقى والتمائم
الثامن عشر : غُسْلُ المَيِّت: حُكمُ غُسْلِ الميِّت : من يغسَّل ومن لا يُغَسَّل : من يتولَّى الغُسْل : صِفَةُ غُسْلِ المَيِّت وأحكامُه :   حُكمُ تكفينِ الميِّت :  تجميرُ الكَفَن:                                                                    Ooou110الأحد أبريل 21, 2024 7:19 am من طرف عبدالله الآحد

» كثرة الأشاعرة ليست دليلا على أنهم على حق في كل شيء
الثامن عشر : غُسْلُ المَيِّت: حُكمُ غُسْلِ الميِّت : من يغسَّل ومن لا يُغَسَّل : من يتولَّى الغُسْل : صِفَةُ غُسْلِ المَيِّت وأحكامُه :   حُكمُ تكفينِ الميِّت :  تجميرُ الكَفَن:                                                                    Ooou110السبت أبريل 20, 2024 5:13 pm من طرف عبدالله الآحد

» حقيقة الإسلام العلماني
الثامن عشر : غُسْلُ المَيِّت: حُكمُ غُسْلِ الميِّت : من يغسَّل ومن لا يُغَسَّل : من يتولَّى الغُسْل : صِفَةُ غُسْلِ المَيِّت وأحكامُه :   حُكمُ تكفينِ الميِّت :  تجميرُ الكَفَن:                                                                    Ooou110السبت أبريل 20, 2024 8:37 am من طرف صادق النور

اهلا بكم

الثلاثاء نوفمبر 08, 2011 2:32 am من طرف mohamed yousef

الثامن عشر : غُسْلُ المَيِّت: حُكمُ غُسْلِ الميِّت : من يغسَّل ومن لا يُغَسَّل : من يتولَّى الغُسْل : صِفَةُ غُسْلِ المَيِّت وأحكامُه :   حُكمُ تكفينِ الميِّت :  تجميرُ الكَفَن:                                                                    Ooousu10

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 29 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 29 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الأربعاء سبتمبر 15, 2021 4:26 am

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 9627 مساهمة في هذا المنتدى في 3190 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 288 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو دينا عصام فمرحباً به.

دخول

لقد نسيت كلمة السر

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع


    الثامن عشر : غُسْلُ المَيِّت: حُكمُ غُسْلِ الميِّت : من يغسَّل ومن لا يُغَسَّل : من يتولَّى الغُسْل : صِفَةُ غُسْلِ المَيِّت وأحكامُه : حُكمُ تكفينِ الميِّت : تجميرُ الكَفَن:

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5188
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    الثامن عشر : غُسْلُ المَيِّت: حُكمُ غُسْلِ الميِّت : من يغسَّل ومن لا يُغَسَّل : من يتولَّى الغُسْل : صِفَةُ غُسْلِ المَيِّت وأحكامُه :   حُكمُ تكفينِ الميِّت :  تجميرُ الكَفَن:                                                                    Empty الثامن عشر : غُسْلُ المَيِّت: حُكمُ غُسْلِ الميِّت : من يغسَّل ومن لا يُغَسَّل : من يتولَّى الغُسْل : صِفَةُ غُسْلِ المَيِّت وأحكامُه : حُكمُ تكفينِ الميِّت : تجميرُ الكَفَن:

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين أكتوبر 24, 2022 8:22 pm


    غُسْلُ الميِّت وتكفينُه

    المبحَثُ الأوَّلُ: غُسْلُ المَيِّت


    المطلب الأوَّل: حُكمُ غُسْلِ الميِّت،وبعضُ الأحكامِ المتعلِّقة به


    الفرع الأوَّل: حُكمُ غُسْلِ المَيِّتِ
    غُسْلُ الميِّتِ المسلمِ فَرْضُ كفايةٍ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة
    ، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    1- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: بينما رجلٌ واقِفٌ بعرَفَةَ، إذْ وَقَعَ عن راحِلَتِه، فوقَصَتْه - أو قال: فأَوْقَصَتْه- قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((اغسِلوه بماءٍ وسِدْرٍ، وكَفِّنوه في ثوبينِ.. ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    2- أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أمَرَ بغُسْلِ الميِّتِ، فدَلَّ على وجوبِه، فإذا قام به بعضُ المُسلمين سَقَطَ عن الباقينَ؛ لحصولِ المقصود
    الفرع الثاني: حُكمُ أخْذِ الأُجرةِ على غُسْلِ المَيِّت
    يجوز أخْذُ الأجرةِ على غُسلِ المَيِّت، وهو مذهَبُ الجمهور: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة والشَّافعيَّة، وروايةٌ عن أحمَدَ، وهو قولُ ابنِ بازٍ
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: لأنَّ هذه الأجرةَ تكون في مقابِلِ العَمَلِ المتعَدِّي للغَيْرِ، والعملُ المتعدِّي للغَيرِ يجوزُ أَخْذُ الأُجرَةِ عليه
    ثانيًا: لأنَّ وجوبَ مُؤَنِ ذلك في مالِ المَيِّتِ بالأصالةِ، ثمَّ في مالِ مُمَوِّنِه، ثمَّ المياسير، فلم يُقصَد الأجيرُ لِنَفسِه حتى يقَعَ عنه،
    ولا يضرُّ عروض تعيُّنِه عليه كالمضطرِّ؛ فإنَّه يَتَعَيَّنُ إطعامُه مع تَغْريمِه البَدلَ
    الفرع الثالث: سَتْرُ الغاسِلِ القبيحَ الذي يراه
    يجب على الغاسِلِ سَتْرُ قبيحٍ رآه من الميِّتِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((... ومن سَتَرَ مُسلِمًا سَتَرَه اللهُ يومَ القيامة ))
    ثانيًا: لأنَّه غِيبَةٌ، والغِيبةُ محرَّمةٌ
    الفرع الرابع: حُكمُ حضورِ من لا يُحتاجُ إليه في الغُسْلِ
    يُكْرَه أن يَحْضُرَ الميِّتَ من لا يُعينُ في غُسْلِه، ولا حاجَة تدعو إلى حُضورهِ، وهو مذهبُ الجمهورِ: المالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة ؛ وذلك لأنَّه يُكرَه النَّظَرُ إلى المَيِّتِ إلَّا لحاجةٍ
    المطلب الثَّاني: من يغسَّل ومن لا يُغَسَّل


    الفرع الأول: حُكمُ غُسْلِ الكافِرِ

    يَحْرُم على المُسْلِمِ تغسيلُ الكافِرِ، وهو مذهَبُ المالِكيَّة، والحَنابِلَة، واختيارُ الشَّوكانيِّ، وابنِ بازٍ، وابنِ عُثيمين
    الأدلَّة:أوَّلًا: من الكتاب
    قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ [الممتحنة: 13]
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ غُسْلَ الكفَّارِ ونحوَه؛ تَوَلٍّ لهم
    قوله تعالى: وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبرِهِ [التوبة: 84]
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه إذا نُهِيَ عن الصَّلاةِ على الكافِرِ، وهي أعظمُ ما يُفعَل بالميِّتِ، وأنفَعُ ما يكون للمَيِّتِ، فما دونَها من بابِ أَوْلى
    ثانيًا: لأنَّه تعظيمٌ له وتطهيرٌ؛ فأشْبَهَ الصَّلاةَ عليه
    ثالثًا: لأنَّ الكافِرَ نَجِسٌ، وتطهيرُه لا يرفَعُ نجاسَتَه؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ [التوبة: 28]
    الفرع الثاني: حُكمُ غُسلِ الباغي وقاطِعِ الطَّريقِ
    الباغي وقاطِعُ الطَّريقِ يُغَسَّلانِ ويُصَلَّى عليهما، وهو مذهَبُ الجمهور: المالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: أنَّهما لا يَخرُجانِ عن الإسلام ببَغْيِهما
    ثانيًا: أنَّهما داخلانِ في عموماتِ الأدلَّةِ الدالَّةِ على وجوبِ الغُسْلِ، وهذه العموماتُ لا يُمكِنُ أن يَخْرُجَ منها شيءٌ إلَّا ما دلَّ الدليلُ عليه
    الفرع الثالث: حُكمُ غُسْلِ الشَّهيدِ

    المسألة الأولى: شهيدُ المعركَةِ
    لا يُغَسَّلُ الشَّهيدُ الذي مات مِنَ المسلمينَ في جهادِ الكُفَّارِ بسببٍ من أسبابِ قتالِهم قبل انقضاءِ الحَرْبِ، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    1- عن جابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم أَمَرَ في قتلى أُحُدٍ بِدَفْنِهم بدمائِهم، ولم يُصَلَّ عليهم ولم يُغَسَّلُوا )
    2- عن أبي بَرْزَةَ رَضِيَ الله عنه، ((أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، كان في مغزًى له، فأفاءَ اللهُ عليه، فقال لأصحابه: هل تفقِدونَ مِن أَحَدٍ؟ قالوا: نعم، فلانًا، وفلانًا، وفلانًا، ثم قال: هل تفقِدونَ مِنْ أَحَدٍ؟ قالوا: نعم، فلانًا، وفلانًا، وفلانًا، ثم قال: هل تفقِدونَ مِن أَحَدٍ؟ قالوا: لا، قال: لكنِّي أَفْقِدُ جُلَيْبِيبًا، فاطلُبوه. فطُلِبَ في القتلى، فوجدوه إلى جَنْبِ سبعةٍ قد قَتَلَهم، ثمَّ قَتَلوه، فأتى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فوَقَفَ عليه، فقال: قَتَلَ سبعةً، ثمَّ قَتَلوه، هذا منِّي وأنا منه، هذا منِّي وأنا منه. قال: فوَضَعَه على ساعِدَيْهِ، ليس له إلَّا ساعِدَا النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: فحُفِرَ له ووُضِعَ في قَبرِه، ولم يذكُرْ غُسلًا ))
    ثانيًا: لئلَّا يزولَ أَثَرُ العبادَةِ المطلوبِ بقاؤُها
    المسألة الثانية: الشهداءُ بغير حَرْبِ الكفَّارِ
    1- المقتولُ ظُلْمًا
    المقتولُ ظُلْمًا يُغَسَّل، وهو مذهَبُ المالِكيَّة، والشَّافعيَّة، وروايةٌ عن أحمَدَ، واختاره ابن بازٍ، وابن عثيمين، وبه أفتَتِ اللجنةُ الدَّائِمَةُ
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن أنسٍ رَضِيَ الله عنه، ((أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم صعِدَ أُحُدًا، وأبو بكرٍ وعُمَرُ وعُثمانُ، فَرَجَفَ بهم، فقال: اثبُتْ أُحُدُ؛ فإنَّما عليكَ نبيٌّ، وصِدِّيقٌ، وشَهيدانِ ))
    ثانيًا: أنَّ عُمرَ وعثمانَ وعليًّا رَضِيَ اللَّهُ عنهم غُسِّلوا وصُلِّي عليهم بالاتِّفاقِ، مع كونِهم شهداءَ بالاتِّفاقِ
    ثالثًا: أنَّ المقتولَ ظُلمًا داخِلٌ في عموماتِ الأدلَّة الدالَّةِ على وجوبِ الغُسْلِ، وهذه العموماتُ لا يُمكِنُ أن يخرُجَ منها شيءٌ إلَّا ما دلَّ الدليلُ عليه، وهو شهيدُ المعركةِ
    رابعًا: أنَّ رُتبَتَه دون رتبةِ الشَّهيدِ في المعتَرَكِ؛ فأشبَهَ المبطونَ
    خامسًا: أنَّ هذا لا يَكْثُر القتلُ فيه، فلم يَجُزْ إلحاقُه بشهيدِ المُعْتَرَك
    2- الشَّهيدُ بغيرِ قَتْلٍ
    يُغسَّلُ الشَّهيدُ بغيرِ قَتْل؛ كالمبطونِ والمطعونِ، والغريقِ والحريقِ، وصاحبِ الهَدْمِ، ونحوِ ذلك
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن سَمُرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه قال: ((صلَّيْتُ وراءَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم على امرأةٍ ماتَتَ في نِفاسِها، فقامَ عليها وَسَطَها ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ النُّفَساءَ وإن كانت معدودةً من جملَةِ الشُّهداءِ؛ فإنَّ الصَّلاةَ عليها مشروعةٌ، ومِن ثَمَّ تَغْسيلُها، بخلافِ شهيدِ المعركةِ
    ثانيًا: من الإجماعِ
    نَقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ قدامة، والنوويُّ، والشَّوكاني
    المسألة الأولى: حُكمُ غُسلِ السِّقْطِ إذا استهَلَّ
    يجب غُسلُ السِّقْطِ إذا استهَلَّ . (( استهلالُ الصبيِّ: تصويتُه، وصياحُه عند ولادَتِه. ))
    الأدلَّةُ:أولًا: من الإجماعِ
    نقل الإجماعَ على ذلك: الماوَرديُّ، والكاسانيُّ، وابنُ قُدامةَ
    ثانيًا: لأنَّه قد ثبَتَ له حُكمُ الدُّنيا في الإسلامِ والميراثِ والدِّيةِ؛ فيُغَسَّل كغيرِه
    ثالثًا: لأنَّ الاستهلالَ دلالةُ الحياةِ، فتحقَّقَ في حَقِّه سُنَّة الموتى
    المسألة الثانية: حُكمُ غُسلِ السِّقط إذا لم يستَهِلَّ
    1- حُكمُ غُسلِ السِّقْط إذا لم يستهِلَّ وكان دون أربعةِ أشْهُرٍ
    لا يُغَسَّلُ السِّقْطُ إذا لم يستهِلَّ، وكان دونَ أربعة أشْهُرٍ، وهو مذهَبُ المالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو ظاهِرُ الرِّوايةِ عند الحَنفيَّة وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك ؛ وذلك لأنَّه قبل الأربعةِ أشْهُرٍ لا يكون نَسَمَةً، فهو كالجماداتِ والدَّمِ، فلا يُغَسَّلُ
    2- السِّقْطُ إذا لم يستهِلَّ وبلغ أربعةَ أَشْهُرٍ
    يُغَسَّلُ السِّقطُ إذا وُلِدَ مَيِّتًا ولم يستهِلَّ، إذا كان له أربعةُ أشهرٍ فأَكْثَر، وهو الصَّحيحُ عند الشَّافعيَّة، ومذهَبُ الحَنابِلَة، وهو اختيارُ ابنِ بازٍ، وابنِ عثيمين ؛ وذلك لأنَّه نَسَمةٌ نُفِخَ فيها الرُّوحُ؛ فيُغَسَّل

    المطلب الثالثُ: من يتولَّى الغُسْل

    الفرع الأول: أولى النَّاسِ بغُسْلِ المَيِّت
    المسألة الأولى: إذا كان الميِّتُ رَجلًا
    أَوْلى النَّاسِ بغُسْلِ الميِّتِ وَصِيُّه الذي أوصى أن يُغَسِّلَه، ثم أبوه، ثمَّ جَدُّه، ثم ابنُه، ثم الأقرَبُ فالأقربُ مِن عَصَباتِه نَسَبًا، ثم ولاءً، ثم ذوو أرحامِه، وهو مذهَبُ الحَنابِلَة
    ، واختاره ابنُ بازٍ، وابنُ عثيمينَ ؛ وذلك لأنَّه حقٌّ للميِّتِ؛ فقُدِّمَ فيه وَصِيُّه على غيرِه كباقي حُقوقِه، ولأنَّ الميِّت قد يكون فيه أشياءُ لا يحبُّ أن يَطَّلِعَ عليها كلُّ أحدٍ، ولا يُحِبُّ أن يَطَّلِعَ عليها إلَّا شخصٌ يأتَمِنُه، فيُوصي أن يُغَسِّلَه فلانٌ.
    ويُقَدَّم أبوه بعد ذلك؛ لِحُنُوِّه وشَفَقَتِه، ثم جَدُّه؛ لمشاركَتِه الأبَ في المعنى، ثم ابنُه وإن نَزَلَ؛ لِقُرْبِه

    المسألة الثانية: إذا كان المَيِّتُ امرأةً
    اختلف أهلُ العِلْمِ في أَوْلى النَّاسِ بغُسلِ المَيِّت إن كان الميِّتُ امرأةً على قولينِ:
    القول الأول:
    إن كان الميِّتُ امرأةً، فأَوْلى النَّاسِ بها النِّساءُ، ثم الزَّوجُ إن كانت متزوِّجةً، وهو الأصحُّ عند الشَّافعيَّة ؛ لأنَّهنَّ أليَقُ
    القول الثاني:
    أنَّ الأَوْلى الزَّوجُ ثم النِّساءُ، وهو مذهَبُ المالِكيَّة، ووجهٌ عند الشَّافعيَّة ؛ وذلك لأنَّه ينظرُ منها إلى ما لا يَنظُرُ غَيرُه

    الفرع الثاني: حُكمُ غُسلِ المرأةِ زَوْجَها أو العكس

    المسألة الأولى: حُكمُ غُسلِ المرأةِ زَوْجَها
    يجوز للمرأةِ أن تُغَسِّلَ زَوْجَها إذا مات.
    الدليلُ مِنَ الإجماعِ:
    نقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنْذِر، وابنُ عبدِ البَرِّ، والنَّوويُّ، وابن قدامة، وابنُ رُشْدٍ، والشربينيُّ، والشوكانيُّ، وغيرُهم

    المسألة الثانية: حُكمُ غُسلِ الرَّجُلِ زوجَتَه
    يجوزُ للرَّجُلِ أن يُغَسِّلَ زوجَتَه، وهو مذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وقولُ بعضِ السَّلَفِ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
    وذلك للآتي:
    أولًا: لأنَّه أحَدُ الزَّوجينِ، فأُبيحَ له غُسلُ صاحِبِه كالآخَرِ، والمعنى فيه أنَّ كلَّ واحدٍ مِن الزَّوجينِ يَسهُلُ عليه اطِّلاعُ الآخَرِ على عَوْرتِه دونَ غَيرِه؛ لِمَا كان بينهما في الحياةِ، ويأتي بالغُسلِ على أكمَلِ ما يُمكِنُه؛ لِما بَينَهما من المودَّةِ والرَّحمةِ
    ثانيًا: لأنَّ آثارَ النِّكاحِ مِن عِدَّةِ الوفاةِ والإرْثِ باقيةٌ؛ فكذا الغُسْلُ

    الفرع الثالثُ: تغسيلُ المرأةِ للطِّفْلِ

    للمرأةِ أن تُغَسِّلَ الصبيَّ الصغيرَ.
    الدليلُ من الإجماع:
    نَقَلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ المُنْذِر، وابنُ قُدامةَ

    الفرع الرابع: تغسيلُ الرجُلِ للصَّغيرةِ.[/size]

    يجوزُ للرجُلِ غُسلُ الصَّغيرةِ التي لا تُشْتَهى، وهذا مذهَبُ الحَنفيَّة، والشَّافعيَّة ؛ وذلك لأنَّ حُكمَ العورةِ غيرُ ثابتٍ في حقِّ الصغيرةِ التي لا تُشْتَهى

    الفرع الخامِسُ: حُكمُ المرأةِ تموتُ بين أجانِبَ، والرَّجُلِ يموتُ بين أجنبيَّاتٍ

    إذا ماتَتِ المرأةُ بين رجالٍ أجانِبَ، أو مات الرَّجلُ بين نِساءٍ أجنبيَّاتٍ، ولا يوجدُ من يُباحُ له غُسلُها أو غُسلُه- يُيَمَّمَانِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والأصحُّ عند الشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ بعضِ السَّلَف ؛ وذلك إلحاقًا لفَقْدِ الغاسِلِ بفَقْدِ الماءِ
    الفرع السَّادسُ: حُكمُ غُسلِ الكافِرِ للمُسْلِمِ

    لا يَصِحُّ غُسلُ الكافِرِ للمُسلمِ، وهو مذهَبُ الجمهور: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والحَنابِلَة ؛
    وذلك لأنَّ غُسلَ الميِّتِ عبادةٌ، وليس الكافِرُ مِن أَهْلِها


    المطلب الرابعُ: صِفَةُ غُسْلِ المَيِّت وأحكامُه    



    الفرع الأول: صفةُ غُسلِ المَيِّت

    المسألة الأولى: تجريدُ الميِّتِ مِن ثيابِه

    يُسَنُّ تجريدُ الميِّتِ من ثيابِه، وهو مذهَبُ الجمهورِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها، قالت: ((لَمَّا أرادوا غُسلَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قالوا: واللهِ ما ندري: أَنُجَرِّدُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم من ثيابِه كما نُجَرِّدُ موتانا، أم نُغَسِّلُه وعليه ثيابُه؟ ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    دلَّ قولُهم: أَنُجَرِّدُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم مِن ثيابِه كما نُجَرِّدُ موتانا؛ أنَّ عادتَهم كانت تجريدَ موتاهم للغُسلِ في زَمَنِه صلَّى الله عليه وسلَّم
    ثانيًا: لأنَّ ذلك أَمْكَنُ في تغسيلِه
    ثالثًا: لأنَّ ذلك أبلَغُ في تطهيرِه
    رابعًا: لأنَّ ذلك أَصْوَنُ له مِنَ التَّنجيسِ

    المسألة الثانية: سَتْرُ عورةِ المَيِّت
    يجبُ سَتْرُ عورةِ المَيِّتِ عند الشُّروعِ في غُسلِه، ولا يجوزُ النَّظَرُ إلى عَورتِه.
    الأدلَّة:أولًا: من السنَّةِ
    عمومُ حديثِ أبي سعيدٍ الخُدْرِي رَضِيَ اللَّهُ عنه، أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((لا ينظُرُ الرَّجُلُ إلى عورةِ الرَّجُلِ، ولا المرأةُ إلى عورةِ المَرْأةِ ))
    ثانيًا: من الإجماع
    نقَلَ الإجماعَ على وجوبِ سَتْرِ عَوْرَتِه، وحُرمَةِ النَّظَر إليها: ابنُ عبدِ البَرِّ، وابنُ قدامةَ، والحطَّاب

    المسألة الثالثة: عَصْرُ بَطْنِ الميِّت
    يُشْرَعُ أن يعْصِرَ الغاسِلُ بَطْنَ الميِّتِ عصرًا رفيقًا، ثم يَلُفَّ على يَدِه خِرقةً فيُنْجيه بها، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    وذلك للآتي:
    أولًا: ليُخْرِجَ ما في بَطْنِه من نجاسةٍ
    ثانيًا: حتى لا يَخْرُج بعد ذلك فيُلَوِّث الكَفَن
    ثالثًا: يَعْصِر بطنَه عصرًا رفيقًا؛ لأنَّ المَيِّتَ في محَلِّ الشَّفَقة والرَّحمةِ
    رابعًا: يلُفُّ على يَدِه خرقةً حتى لا يَمَسَّ عَوْرَتَه؛ لأنَّ النَّظَرَ إلى العورةِ حرامٌ؛ فاللَّمْسُ أَوْلى

    المسألة الرابعة: نيَّة الغُسلِ

    لا تجِبُ النيَّةُ في غُسلِ المَيِّت، وهو مذهَبُ الجُمهورِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، وروايةٌ عن أحمدَ ؛ وذلك لأنَّ القَصْدَ التنظيفُ، فأشْبَهَ غَسْلَ النَّجاسَةِ

    المسألة الخامسة: مَسْحُ أسنانِ المَيِّت ومِنْخَريه وتنظيفُهما
    يُسْتَحَبُّ أن يمسَحَ الغاسِلُ أسنانَ الميِّتِ ومِنْخَرَيه وينظِّفَهما، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن أمِّ عطيَّةَ نُسيبَةَ الأنصاريَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عنها، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال لهنَّ في غُسلِ ابنتِه: ((ابدأْنَ بمَيَامِنِها ومواضعِ الوُضوءِ منها ))
    ثانيًا: من أجل إزالَةِ ما يُكْرَه ريحُه أو رُؤْيَتُه

    المسألة السادسة: تَوضِئَةُ الميِّت
    يُسَنُّ أن يُوَضِّئَ الغاسِلُ المَيِّتَ في أوَّلِ غَسَلاتِه؛ كوضوءِ حَدَثٍ، باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن أمِّ عطيَّةَ رَضِيَ الله عنها، قالت: قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لهنَّ في غُسْلِ ابنَتِه: ((ابدَأْنَ بِمَيامِنِها ومواضِعِ الوُضوءِ منها )
    ثانيًا: لأنَّ الوضوءَ يُبدَأُ به في غُسْلِ الحيِّ، فكذلك الميِّتُ، فهو سنَّةُ الاغتسالِ في حالة الحياةِ، فكذا بعد المماتِ؛ لأنَّ الغُسْلَ في الموضعيْنِ لأجْلِ الصَّلاةِ

    المسألة السابعة: غُسلُ الميِّت بالسِّدْر
    يُغَسَّل الميِّتُ بماءٍ وسِدْرٍ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة- (( يجوز استخدامُ الصابونِ في غُسلِ المَيِّت أو ما يقوم مقامَه في التنظيف - ))
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    1- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((أقبلَ رجُلٌ حَرامًا مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فخَرَّ مِن بَعيرِه، فوُقِصَ وَقْصًا، فمات، فقال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: اغْسِلُوه بماءٍ وسِدْرٍ وأَلْبِسوه ثوبَيْهِ، ولا تُخَمِّروا رَأْسَه؛ فإنَّه يأتي يومَ القيامةِ يُلَبِّي ))
    2- عن أمِّ عطيَّةَ الأنصاريَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عنها، قالت: دخل علينا رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم حين تُوفِّيَتْ ابنَتُه، فقال: ((اغْسِلْنَها ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثَرَ من ذلك إنْ رَأَيْتُنَّ ذلك، بماءٍ وسِدْرٍ، واجْعَلْنَ في الآخِرَةِ كافورًا- أو شيئًا من كافورٍ- فإذا فرَغْتُنَّ فآذِنَّنِي ))
    ثانيًا: لأنَّ المقصودَ من الغُسْل التنظيفُ، فيُستعانُ بما يزيدُ فيه التَّطهيرُ

    المسألة الثامنة: غَسْلُ جميعِ بَدَنِ المَيِّتِ والتيامُن فيه
    1- غَسْلُ جميع بَدَنِ المَيِّت
    يجب غَسْلُ جميعِ بَدَنِ المَيِّت، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّةِ، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة من السُّنَّة:
    1- عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، قال: ((وَقَصَتْ برجلٍ مُحْرمٍ ناقتُه فقَتَلَتْهُ، فَأُتِيَ بهِ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقالَ: اغْسِلوه... ))
    2- عن أمِّ عطيَّةَ الأنصاريَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عنها، قالت: دخَلَ علينا رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم حين تُوُفِّيَتْ ابنَتُه، فقال: ((اغْسِلْنَها... ))
    2- التيامُنُ في غُسلِه
    يُسَنُّ في غُسلِ المَيِّت أن يُبدَأَ بالشِّقِّ الأيمَنِ ثُمَّ الأيسَرِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة والحَنابِلَة
    الأدلَّة من السُّنَّة:
    1- عن أمِّ عطيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها، قالت: قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لهنَّ في غسلِ ابنَتِه: ((ابْدَأْنَ بميامِنِها ومواضِعِ الوُضوءِ منها ))
    2- عمومُ حديثِ عائشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها: ((كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يُعْجِبُه التيمُّنُ في تنعُّلِه وترجُّلِه وطُهورِه، وفي شأنِه كُلِّه

    المسألة التاسعة: وَضْعُ الكافورِ في الغَسْلَة الأخيرةِ
    يُسَنُّ أن يجعَلَ الغاسِلُ في الغَسلَةِ الأخيرةِ كافورًا، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن أمِّ عطيَّةَ الأنصاريَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عنها، قالت: ((دخَلَ علينا رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم حين تُوُفِّيَتِ ابنَتُه، فقال: اغْسِلْنَها ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثَرَ من ذلك إن رأيتُنَّ ذلك، بماءٍ وسِدْرٍ، واجْعَلْنَ في الآخرَةِ كافورًا- أو شيئًا من كافورٍ- فإذا فَرَغْتُنَّ فآذِنَّنِي ))
    ثانيًا: لأنَّه يُصَلِّبُ الجسمَ، ويُبَرِّدُه، ويُطَيِّبُه، ويطردُ عنه الهوامَّ

    المسألة العاشرة: الوِتْرُ في غُسلِ الميِّت
    الوِترُ في تغسيلِ الميِّت مُستحَبٌّ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعةِ: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشافعيَّة، والحنابلةِ، وحُكِي الإجماعُ على ذلك
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن أمِّ عطيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها، أنَّ النبيَّ صلَّى لله عليه وسلَّم قال: ((اغْسِلْنَها ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثرَ من ذلك ))
    وفي رواية: ((واغسِلنَها وِترًا ثلاثًا أو خمسًا ))

    المسألة الحادية عشرة: تقليمُ أظْفار المَيِّتِ وقَصُّ شارِبِه
    اختلف أهلُ العِلمِ في تقليمِ أظْفارِ المَيِّت وقَصِّ شارِبِه على قولين:

    القول الأول: يُكْرَه تقليمُ أظْفارِ المَيِّت وقَصُّ شاربِه، وهو مذهبُ الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، وقولٌ للشافعيَّةِ صحَّحَه بعضُهم، واختاره النوويُّ، ومال إليه ابن المُنْذِر ؛ وذلك لأنَّه يُفْعَلُ للزِّينةِ، والمَيِّتُ ليس بمحَلِّ الزِّينةِ

    القول الثاني:
    يُستحَبُّ تقليمُ أظْفار المَيِّت وقَصُّ شارِبِه، وهو مذهَبُ الحَنابِلَة، وقولٌ للشافعيَّة، وهو قولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ، واختاره ابنُ بازٍ، وابنُ عثيمينَ
    وذلك للآتي:
    أولًا: لأنَّه تنظيفٌ لا يتعلَّقُ بقَطْعِ عُضوٍ، أشْبَهَ إزالةَ الوَسَخِ والدَّرَن
    ثانيًا: لأنَّه سُنَّةٌ في حياتِه

    المسألة الثانية عشرة: حَلْقُ شَعْرِ عانَةِ المَيِّت
    يَحْرُم حَلْقُ شَعْرِ عانَةِ الميِّت، وهو مذهَبُ الحَنابِلَة ؛ وذلك لِمَا فيه مِنْ مَسِّ العورةِ ونَظَرِها، وهو مُحَرَّمٌ

    المسألة الثالثة عشرة: تنشيفُ المَيِّتِ بعد الغُسْل
    يُستَحَبُّ أن يُنَشَّفَ المَيِّتُ بعد الغُسْلِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة والحَنابِلَة
    وذلك للآتي:
    أولًا: لأنَّه مِن كَمالِ غُسْلِ الحَيِّ
    ثانيًا: لأنَّه إذا بَقِيَ رَطْبًا عند التَّكفينِ، أَثَّرَ ذلك في الكَفَنِ

    المسألة الرابعة عشرة: التيمُّمُ عند العَجْزِ عن الماءِ
    يُيَمَّمُ المَيِّتُ لعُذْرٍ مِن عَدمِ الماءِ، أو عَجْزٍ عن استعمالِه، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ ابنِ حَزْمٍ الظَّاهريِّ ؛ وذلك لأنَّه غُسْلٌ لا يتعلَّقُ بإزالَةِ نجاسةٍ، فنابَ التيمُّمُ عنه عند العَجْزِ؛ كغُسْلِ الجنابَةِ

    الفرع الثاني: الأحكامُ الخاصَّةُ بغُسْلِ المرأةِ والخُنْثَى والمُحْرِم

    المسألة الأولى: الأحكامُ الخاصَّةُ بغُسْلِ المرأةِ
    يُستَحَبُّ تسريحُ شعْرِ الميَّتةِ، وجَعْلُه ثلاثَ ضفائِرَ خَلْفَها، وهو مذهبُ الجُمهورِ: المالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن أمِّ عطيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها، قالت: ((تُوُفِّيَتْ إحدى بناتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فأتانا النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: اغْسِلْنَها بالسِّدْرِ وِتْرًا ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثَرَ من ذلك، إن رأيتُنَّ ذلك، واجعَلْنَ في الآخِرَةِ كافورًا- أو شيئًا من كافورٍ- فإذا فرغْتُنَّ فآذِنَّنِي، فلما فَرَغْنا آذَنَّاه، فألقى إلينا حَقْوَهُ،.(( فألقى إلينا حَقْوَه: يعني إزارَه، وأصْلُ الحقْوِ مَعْقِد الإزارِ، وسُمِّيَ به الإزارُ؛ لأنه يُشَدُّ فيه.))  فضَفَّرْنا شَعْرَها ثلاثةَ قُرونٍ، وألقيناها خَلْفَها ))

    المسألة الثانية: غسلُ الخُنثى المُشْكِل

    الخُنثى المُشْكِل يُيَمَّمُ ولا يُغَسَّلُ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والحَنابِلَة، ووجهٌ للشافعيَّةِ :.(( على تفصيل بين المذاهِبِ الفِقهيَّةِ: فالحنفيَّةُ قالوا: إن كان المُيَمِّمُ ذا رَحِمٍ منه، يَمَّمَه بغير خرقةٍ، وإن كان غيرَ مَحْرَم فبخرقةٍ ويُعرِض عن ذراعيه، أما إن كان صغيرًا غُسِّلَ على كلِّ حالٍ، سواءٌ كان الغاسِلُ رجلًا أو امرأةً، وإن كان بلغ حَدَّ الشهوةِ لا يُغَسَّل للتعذُّر، بل يُيَمَّم.. والمالكية قالوا: الخُنْثَى المُشْكِل الكبير الذي لا مَحْرَمَ له من الذكورِ والإناثِ ولا سيِّدًا ذَكَرًا، أنَّه يُشتَرى له جاريةٌ من مالِ نفسه، فإن لم يكنْ له مالٌ فَمِنْ بيتِ المالِ، ثم تَرْجِع لبيتِ المالِ ولا تُورَثُ، وإن لم يُوجَدْ، أوْ لا وصولَ إليه، فإنَّه يُيَمَّمُ ويُدْفَنُ، وينبغي إذا يمَّمَه رجُلٌ أن يُيَمِّمَه إلى كوعَيهِ احتياطًا، وإن يَمَّمَتْه امرأةٌ يَمَّمَتْه إلى مِرْفَقَيه بالأَوْلى من الرَّجُلِ؛ وذلك لأنَّه إن كان ذَكَرًا فهي أَمَتُه، وإن كان أنثى فهو امرأةٌ إلا أنَّها تُؤمَرُ بِسَتْرِه.. والحنابلة قالوا: إذا مات خُنثى مُشْكِل له سبعُ سنينَ فأكثَرُ، فإن كانت له أمَةٌ غَسَّلَتْه؛ لأنَّه إن كان أنثى فلا كلامَ، وإن كان ذَكَرًا فلِأَمَتِه أن تُغَسِّلَه ..))
    وذلك للآتي:
    أولًا: لأنَّه مات قبل أن يَستبينَ أَمْرُه فلم يُغَسِّلْه رجلٌ ولا امرأةٌ؛ لأنَّ حِلَّ الغُسل غيرُ ثابتٍ بين الرِّجالِ والنِّساءِ، فيُتَوَقَّى؛ لاحتمالِ الحُرْمَةِ، ويُيَمَّمُ بالصَّعيدِ؛ لتَعَذُّرِ الغُسْلِ
    ثانيًا: لأنَّه لا يحلُّ للرَّجُلِ أن يُغَسِّلَه؛ لاحتمالِ أن يكونَ أنثى، ولا يحِلُّ للمرأةِ أن تُغَسِّلَه؛ لاحتمال أنَّه ذَكَرٌ؛ فَيُيَمَّم

    المسألة الثالثة: صفةُ غُسْلِ من مات مُحْرِمًا
    غُسْلُ الْمُحْرِم المَيِّت كغُسْلِه وهو حيٌّ، فيُجَنَّب ما يُجَنَّبُ وهو حيٌّ، وهو مذهَبُ الشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وبه قالت طائفةٌ مِنَ السَّلَف، وهو قولُ ابنِ حزْمٍ، وابنِ تيميةَ، وابنِ القَيِّم والصَّنعاني، وابنِ بازٍ، وابنِ عثيمينَ
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((بَيْنَا رجلٌ واقِفٌ مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بِعَرَفَةَ إذْ وَقَعَ عن راحِلَتِه فوَقَصَتْه، أو قال فأَوْقَصَتْه- فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: اغْسِلُوه بماءٍ وسِدْرٍ وكفِّنوه في ثوبينِ، ولا تُمِسُّوه طِيبًا، ولا تُخَمِّروا رَأْسَه، ولا تُحَنِّطوه؛ فإنَّ اللهَ يَبْعَثُه يومَ القيامَة مُلَبِّيًا ))
    وجهُ الدَّلالة:
    أنَّه مَنَعَ مِن تخميرِ رَأْسِه بعد الموتِ، ومِنْ مَسِّهِ بالطِّيبِ؛ لِبقاءِ الإحرامِ عليه، ودلَّ قَوْلُه: ((فإنَّه يُبعَثُ يومَ القيامَةِ مُلَبِّيًا)) على أنَّه باقٍ على إحرامِهِ؛ فهو كالحَيِّ

    الفرع الثالث: إذا خرج من المَيِّت نجاسةٌ بعد غُسلِه

    إذا خرج من المَيِّت نجاسةٌ بعد غُسلِه وقبلَ تكفينِه؛ وَجَبَ غَسْلُ النَّجاسَةِ، ولا يُعادُ الغُسْلُ، وهذا مذهَبُ الجمهورِ : الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: لأنَّ الغُسْلَ قد عُرِفَ بالنَّصِّ، وقد حصل مرَّةً، وسقط الواجِبُ فلا يُعيدُه
    ثانيًا: لأنَّه خَرَجَ عن التَّكليفِ بِنَقْضِ الطَّهارة
    ثالثًا: قياسًا على ما لو أصابَتْه نجاسةٌ مِن غَيْرِه؛ فإنَّه يكفي غَسْلُها بلا خلافٍ
    رابعًا: لأنَّ خُروجَ النَّجاسةِ مِنَ الحَيِّ بعد غُسْلِه لا يُبْطِلُه، فكذلك المَيِّت

    مسألة: حُكمُ إعادةِ وُضوءِ المَيِّت بعد خروجِ النَّجاسةِ منه
    إذا خرَجَ من المَيِّت نجاسةٌ بعد غُسْله، وقبل تكفينِه؛ فلا يُعادُ وُضوؤُه، وهو مذهبُ الجُمهورِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة والصَّحيحُ مِن مَذْهَبِ الشَّافعيَّة
    وذلك للآتي:
    أولًا: لأنَّه إن كان حَدَثًا، فالموت فَوْقَه في هذا المَعنى؛ لكونِه ينفي التمييزَ فوقَ الإغماءِ؛ فلا معنى لإعادَتِه مع بقاءِ المَوْتِ
    ثانيًا: لأنَّه خرَجَ عن التَّكليفِ بِنَقْضِ الطَّهارةِ، وقياسًا على ما لو أصابَتْه نجاسةٌ مِنْ غَيْرِه، فإنَّه يَكْفِي غَسلُها بلا خلافٍ

    الفرع الرابع: حُكمُ الاغتسالِ مِن غُسْلِ المَيِّت

    يُستحَبُّ الاغتسالُ مِنْ غُسْلِ المَيِّت، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة من الآثار:
    1- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ الله عنه، أنه قال: (مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فلْيغتَسِلْ )
    2- عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ الله عنهما، قال: (كُنَّا نُغَسِّلُ المَيِّتَ؛ فمِنَّا من يَغْتَسِلُ، ومنَّا مَن لا يغتَسِلُ )

    --------------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا ... تابعونا جزاكم الله خيرا
    :
    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    :::
    التالي :.  حُكمُ تكفينِ الميِّت


    عدل سابقا من قبل sadekalnour في الإثنين أكتوبر 24, 2022 10:07 pm عدل 1 مرات

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5188
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    الثامن عشر : غُسْلُ المَيِّت: حُكمُ غُسْلِ الميِّت : من يغسَّل ومن لا يُغَسَّل : من يتولَّى الغُسْل : صِفَةُ غُسْلِ المَيِّت وأحكامُه :   حُكمُ تكفينِ الميِّت :  تجميرُ الكَفَن:                                                                    Empty تكفينُ المَيِّت

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين أكتوبر 24, 2022 8:56 pm


    المبحث الثَّاني: تكفينُ المَيِّت

    المطلب الأول: حُكمُ تكفينِ الميِّت

    تَكفينُ الميِّتِ المسلمِ فرضُ كِفايةٍ، وذلك في الجُملةِ.
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: بينما رجلٌ واقفٌ بعَرَفَةَ، إذ وَقَعَ عن راحِلَتِه، فوَقَصَتْه- أو قال: فأَوْقَصَتْه- قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((اغسِلوه بماءٍ وَسِدْرٍ، وكفِّنوه في ثَوبينِ... ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ هذا أمْرٌ منه صلَّى الله عليه وسلَّم، والأمرُ للوُجوبِ
    ثانيًا: من الإجماع
    نقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ حَزمٍ، وابنُ العربيِّ، والقُرطبيُّ، والنوويُّ، والمرداويُّ
    المطلب الثاني: من يجِبُ عليه تكفينُ المَيِّت

    الفرع الأول: إذا كان للمَيِّتِ مالٌ
    إذا كان للمَيِّت مالٌ فكَفَنُه أو ثَمَنُ كَفَنِه؛ مِن مالِه.
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ الله عنهما، قال: ((أقبَلَ رجلٌ حرامًا مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فخَرَّ مِن بَعيرِه، فوُقِصَ وَقْصًا، فمات، فقال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: اغْسِلوه بماءٍ وَسِدْرٍ وألْبِسُوهُ ثَوْبَيْه ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أَمَرَ أن يُكَفَّنَ فى ثَوْبَيْه، وقَدَّمَه على الميراثِ وعلى الدَّيْنِ، ولم يسألْ عن وارِثِه، ولا عن دَيْنٍ عليه، ولو اختلَفَ الحالُ لسأَلَ
    ثانيًا: من الإجماع
    نقل الإجماعَ على ذلك: النوويُّ، وابنُ القَطَّان
    ثالثًا: لأنَّ حمزةَ ومُصْعبًا رَضِيَ اللَّهُ عنهما لم يوجَدْ لكُلِّ واحدٍ منهما إلَّا ثَوْبٌ، فكُفِّنَ فيه
    رابعًا: لأنَّ لِباسِ المُفْلِس مُقَدَّمٌ على قضاءِ دَيْنِه؛ فكذلك كَفَنُ المَيِّتِ

    الفرع الثاني: إذا لم يكن للمَيِّتِ مالٌ

    إذا لم يكُنْ للميِّتِ مالٌ، وَجَبَ كَفَنُه وسائِرُ مُؤَنِ تجهيزِه على من تَلْزَمُه نفقَتُه؛ من والدٍ وولدٍ وسيِّدٍ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: لأنَّ ذلك يَلْزَمُه حالَ الحياةِ؛ فكذلك بعد الموتِ
    ثانيًا: لأنَّ الوَلَدَ تجِبُ نفقَتُه بالقرابةِ، ولا يَبْطُل ذلك بالموتِ
    ثالثًا: لأنَّ المملوكَ تجِبُ نفقَتُه بحَقِّ المِلْك لا بالانتفاعِ

    الفرع الثالث: إن لم يكن للمَيِّت مال وليس له من تلزَمُه نفَقَتُه

    إن لم يكن للمَيِّت مال وليس له من تلزَمُه نفَقَتُه، وجَبَتْ مُؤنةُ تجهيزِه في بيتِ المالِ، باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    وذلك للآتي:
    أولًا: لأنَّ بيتَ المالِ للمصالحِ، وهذا مِن أهَمِّها
    ثانيًا: قياسًا على نَفَقَتِه في حياتِه

    الفرع الرابع: إذا لم يكن في بيتِ المالِ مالٌ

    يجب كَفَنُ المَيِّت وسائِرُ مُؤَنِ تجهيزِه على عامَّةِ المسلمين، إن لم يكن له مَن تلزَمُه نفقَتُه، ولم يوجَدْ مالٌ في بيتِ مالِ المسلمينَ،
    وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة ؛ وذلك قياسًا على كُسوَةِ الحيِّ

    الفرع الخامس: هل يجِبُ على الزَّوْجِ كفَنُ امرأتِه؟

    اختلف أهلُ العِلْمِ في: هل يجبُ على الزَّوجِ كفنُ امرأتِه أو لا؛ على قولينِ:
    القول الأول:
    يجبُ على الزَّوجِ كفنُ امرأتِه، وهو مذهَبُ الحَنفيَّة، والأصَحُّ عند الشَّافعيَّة، وقولٌ للمالكيَّة، واختارَه ابنُ عُثيمين
    الأدلَّة:أولًا: من الكتابِ
    عمومُ قولِه تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ [النساء: 34]
    ثانيًا: لأنَّ نفقَةَ الزوجَةِ واجبةٌ على زَوْجِها حالَ حياتِها؛ فكذلك التكفينُ وتَجْهيزُها بعد مماتِها
    ثالثًا: لأنَّ هذا مِن العِشْرةِ بالمعروفِ، ومِن المكافأةِ بالجميلِ
    رابعًا: لأنَّ علائقَ الزوجيَّة لم تنقطِعْ
    القول الثاني:
    يجِبُ كفنها مِن مالِها، وهو مذهَبُ المالِكيَّة، والحَنابِلَة، ووجهٌ عند الشَّافعيَّة، وهو قولُ محمَّدِ بنِ الحسَنِ مِنَ الحَنفيَّة، وقولُ بعضِ السَّلَف، واختارَه ابنُ حَزْمٍ
    وذلك للآتي:
    أولًا: لأنَّ النَّفَقةَ والكُسوةَ وَجَبتا في النِّكاحِ للتَّمكينِ مِنَ الاستمتاعِ؛ ولهذا تسقُطُ بالنُّشُوزِ والبينونَةِ، وقد انقطَعَ ذلك بالموتِ، فأشبَهَتِ الأجنبيَّةَ
    ثانيًا: أنَّ اللهَ تعالى أوجَبَ على الزَّوجِ لِزَوْجَتِه النَّفقَةَ، والكُسوة، والإسكانَ، ولا يُسَمَّى في اللُّغةِ التي خاطَبَنَا اللهُ تعالى بها الكَفَنُ: كُسوةً، ولا القبرُ: إسكانًا

    المطلب الثالثُ: ما يجِبُ وما يُستحَبُّ وما يُكرَه في الكَفَن

    الفرع الأول: القَدْرُ الواجِبُ من الكَفَن

    اختلف أهْلُ العِلْمِ في القَدْرِ الواجِبِ من الكَفَنِ على قولين:
    القول الأول:
    أقلُّ ما يُجزِئُ هو ما يستُرُ العورةَ، وهو الأصحُّ عند الشَّافعيَّة
    ، وأحَدُ القَولينِ المشهورَينِ عند المالِكيَّة، واختاره ابنُ عبد البَرِّ
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن خبَّابٍ رَضِيَ الله عنه، قال: ((هاجَرْنا مع رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم نبتغي وَجْه اللهِ، فوَجَبَ أجْرُنا على الله، ومنَّا من مضى أو ذَهَبَ لم يأكُلْ مِن أَجْرِه شيئًا، كان منهم مصعَبُ بن عُمَيرٍ؛ قُتِلَ يومَ أُحُدٍلم يَتْرُك إلَّا نَمِرَةً، .(( . نَمِرة: هي ثيابٌ مخطَّطةٌ من صوفٍ، وجَمعُها: نِمارٌ، كأنَّها أُخِذَتْ من لونِ النَّمِرِ؛ لِمَا فيها مِنَ السَّوادِ والبياضِ.))     كنَّا إذا غَطَّيْنا بها رَأْسَه خَرَجَتْ رِجْلاه، وإذا غُطِّيَ بها رِجْلاه خَرَجَ رأسُه، فقال لنا النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: غَطُّوا بها رَأْسَه واجعلُوا على رِجْلِه الإذْخِرَ، (( . الإِذْخِر: حشيشةٌ طيِّبةُ الرائحةِ . ))
    أو قال: ألقُوا على رِجْلِه من الإذْخِر، ومنَّا من قد أينَعَتْ له ثمرَتُه فهو يَهْدِبها
    )
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّهم لَمَّا غَطَّوه بنَمِرَةٍ دلَّ ذلك على أنه يُجْزِئ ما وارى العورةَ
    ثانيًا: لأنَّ المَيِّتَ ليس آكَدَ حالًا من الحَيِّ، والواجِبُ في الحيِّ سَتْرُ العورةِ لا غيرُ
    القول الثاني:
    أقلُّه تكفينُه بثوبٍ واحدٍ يستُرُ جميعَ البَدَنِ، وهذا مَذهَب الحَنابِلَة، وهو أحدُ القولينِ المشهورينِ عند المالِكيَّة، وقولُ الصنعانيِّ، والشَّوكانيِّ، وابنِ بازٍ، وابنِ عُثيمينَ
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    1- عن جابرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إذا كفَّن أحدُكم أخاه، فلْيُحْسِنْ كفَنَه ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ الكَفَنَ الذي لا يَسْتُره ليس بحَسَنٍ
    2- عن أمِّ عطيَّةَ، قالت: ((تُوُفِّيَتْ بنتُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال لنا: اغْسِلْنَهَا ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثرَ من ذلكَ إن رأيتُنَّ ذلك، فإذا فرغتُنَّ فآذِنَّنِي، فلمَّا فرَغْنا آذَنَّاهُ، فنزعَ من حَقْوِهِ إزارَهُ، وقال: أَشْعِرْنَهَا إياهُ ))
    ثانيًا: لأنَّ العورةَ المغَلَّظةَ يُجْزِئ في سَترِها ثوبٌ واحِدٌ، فكَفَنُ المَيِّت أَوْلى
    ثالثًا: أنَّ الصَّحابةَ الذين قَصُرَتْ بهم ثيابُهم عن الكَفَنِ أمَرَ النبيُّ عليه الصلاةُ والسَّلامُ أن يُجعَلَ الكفَنُ مِن عندِ الرأسِ، ويُجْعَلَ على الرِّجْلين شيءٌ من الإذْخِرِ، فدَلَّ على وجوبِ سَتْر جميعِ البَدَنِ.

    الفرع الثاني: ما يُستحَبُّ مِنَ الكَفَن، وما يجوز

    المسألة الأولى: تكفينُ الرَّجُلِ في ثلاثةِ أثوابٍ
    يُستحَبُّ أن يُكَفَّنَ الرجُلُ في ثلاثةِ أثوابٍ ليس فيها قميصٌ ولا عمامةٌ، وهذا مذهبُ الشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ ابنِ حزمٍ، واختاره ابنُ باز وابنُ عُثيمين
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها: ((أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم كُفِّنَ في ثلاثةِ أثوابٍ يمانِيَةٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ من كُرْسُفٍ، ليس فيهنَّ قميصٌ ولا عمامةٌ )) .((السَّحُولِيَّةُ: بفتح السِّينِ وضَمِّها، والفتح أشهَرُ، وهو روايةُ الأكثرين. قال ابن الأعرابي وغيره: هي ثيابٌ بِيضٌ نَقِيَّةٌ لا تكون إلَّا من القُطْنِ، وقال ابن قتيبة: ثيابٌ بِيضٌ ولم يَخُصَّها بالقُطن. وقال آخرون: هي منسوبةٌ إلى سَحولٍ: قريةٍ باليَمَنِ تُعْمَل فيها.))

    المسألة الثانية: تكفينُ المرأةِ في خمسةِ أثوابٍ
    يُستَحَبُّ أن تُكَفَّنَ المرأةُ في خمسةِ أثوابٍ، باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ بعضِ السَّلَفِ، وقولُ ابنِ حَزْمٍ
    وذلك للآتي:
    أولًا: لأنَّ المرأةَ تزيدُ في حالِ حَياتِها على الرَّجُلِ في السَّتْرِ؛ لزيادةِ عَورَتِها على عَوْرَتِه، فكذلك بعد الموتِ
    ثانيًا: لأنَّها لَمَّا كانت تَلْبَسُ المَخِيطَ في إحرامِها، وهو أكمَلُ أحوالِ الحياةِ؛ استُحِبَّ إلباسُها إيَّاه بعد مَوتِها، والرَّجُلُ بخلافِ ذلك

    المسألة الثالثة: التكفينُ في الأبيضِ
    يُستحَبُّ أن يكون الكَفَنُ أبيضَ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة من السُّنَّة:
    1- عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عنها: ((أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم كُفِّنَ في ثلاثةِ أثوابٍ يَمانِيَةٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ من كُرْسُفٍ، ليس فيهِنَّ قميصٌ ولا عمامةٌ ))
    2- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ((البَسُوا مِن ثيابِكم البَياضَ؛ فإنَّها مِن خَيْرِ ثِيابِكم، وكَفِّنوا فيها مَوْتاكم.. ))
    المسألة الرابعة: تحسينُ الكفَنِ
    يُستحَبُّ تحسينُ الكَفَنِ، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن جابِرِ بنِ عبدِ الله، ((أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم خَطَبَ يومًا، فذكَرَ رجلًا من أصحابه قُبِضَ فكُفِّنَ في كفَنٍ غيرِ طائلٍ، وقُبِرَ ليلًا، فزَجَرَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن يُقبَرَ الرجلُ باللَّيلِ حتى يُصَلَّى عليه، إلَّا أنْ يُضْطَرَّ إنسانٌ إلى ذلك، وقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: إذا كَفَّنَ أحدُكم أخاه، فلْيُحْسِنْ كَفَنَه ))

    المسألة الخامسة: التَّكفينُ في الثِّيابِ الملبوسَةِ
    يجوزُ التكفينُ في الثِّيابِ الملبوسةِ.
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عنهما، ((أنَّ رجُلًا كانَ مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فَوَقَصَتْهُ ناقتُهُ وهوَ محْرِمٌ فماتَ، فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: اغْسِلُوهُ بماءٍ وسدْرٍ، وكَفِّنُوهُ في ثَوْبَيهِ، ولا تُمِسُّوهُ بِطِيبٍ، ولا تُخَمِّرُوا رأْسَهُ؛ فإنَّهُ يُبْعَثُ يومَ القيامةِ مُلَبِّيًا ))
    ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
    نقل الإجماعَ على ذلك: النوويُّ، وابنُ المُلَقِّن

    الفرع الثالث: ما يُكْرَه مِنَ الكَفَن


    المسألة الأولى: التكفينُ في الحريرِ
    1- كفَنُ الحريرِ للرِّجالِ
    يَحْرُم التكفينُ في الحَريرِ للرِّجالِ، وهو مذهَبُ الشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    1- عمومُ قَوْلِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لا تَلبَسوا الحريرَ ولا الدِّيباجَ ))
    2- عن البَراءِ بن عازبٍ رَضِيَ الله عنه، قال: ((أمَرَنا النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بسبعٍ، ونَهانا عن سبعٍ: أمَرَنا بعيادَةِ المَريضِ، واتِّباعِ الجِنازة، وتَشْميتِ العاطِسِ، وإجابَةِ الدَّاعي، ورَدِّ السَّلامِ، ونَصْرِ المَظْلومِ، وإبْرارِ المُقْسِمِ، ونَهانا عن سبعٍ: عن خاتَمِ الذَّهَبِ، أو قال: حَلقَةِ الذَّهَبِ، وعَن لُبْسِ الحَريرِ، والدِّيباجِ، والسُّنْدُسِ، والمَياثِرِ ).. (( المياثِر: جمع مِئْثرَة- بكسر الميم، هي وِطاءٌ كانت النِّساءُ يَضَعْنَه لأزواجِهِنَّ على السُّروجِ، وكان مِن مَراكِبِ العَجَم، ويكون مِنَ الحريرِ، ويكون مِنَ الصُّوف وغيرِه، وقيل: هي أغشِيَةٌ للسُّروجِ تُتَّخَذُ من الحريرِ، وقيل: هي سروجٌ مِنَ الدِّيباجِ، وقيل غيرُ ذلك .))
    ثانيًا: أنَّه لَمَّا حَرُمَ لُبْسُه في الحياةِ، حَرُمَ التَّكفينُ فيه
    2- كَفَنُ الحريرِ للنِّساءِ
    اختلف العُلَماءُ في تكفينِ النِّساءِ بالحريرِ على أقوالٍ؛ أقواها قولان:
    القولُ الأوَّل:
    يُكرَهُ تكفينُ النِّساءِ في الحريرِ، وهذا مذهَبُ المالِكيَّة، والشَّافعيَّة، وروايةٌ عن أحمدَ، وهو قَولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَف، وعامَّة العُلَماء، واختاره ابنُ المُنذِر
    وذلك للآتي:
    أولًا: لأنَّه إنما أُبيحَ للنِّساءِ حالةَ الحياةِ للتجمُّلِ، وقد ذَهَبَ
    ثانيًا: لأنَّه سَرَفٌ غيرُ لائقٍ بالحالِ
    القول الثاني:
    يجوز أن يُكَفَّنَ النِّساءُ في الحريرِ، وهذا مذهَبُ الحَنفيَّة، وابنُ حبيبٍ من المالِكيَّة، وقولٌ عند الحَنابِلَة، واختاره ابنُ حَزْمٍ ؛ وذلك لأنَّ ما جاز لُبْسُه في حالِ الحياةِ، جاز التكفينُ فيه

    المسألة الثانية: الزِّيادةُ المكروهة في الكَفَنِ
    تُكْرَه الزيادةُ على ثلاثةِ أثوابٍ للرَّجُل، وهو مَذْهَب الحَنابِلَة
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها: ((أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم كُفِّنَ في ثلاثةِ أثوابٍ يَمانِيَةٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ من كُرْسُفٍ، ليس فيهنَّ قميصٌ ولا عِمامةٌ ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ الزيادةَ على ثلاثٍ خلافُ ما كُفِّنَ فيه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم
    ثانيًا: لِمَا فيه من إضاعةِ المالِ المَنْهيِّ عنها

    المسألة الثالثة: المُغالاةُ في الكَفَن
    تُكْرَه المغالاةُ في الكَفَن، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلة:أولًا: من الآثار
    عن عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها قالت: (نَظَرَ أبو بكرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه إلى ثوبٍ كان يُمَرَّضُ فيه، فقال: اغسِلُوا هذا وزِيدُوا عليه ثَوبينِ وكَفِّنوني فيها، قلتُ: إنَّ هذا خَلَقٌ، قال: الحيُّ أحَقُّ بالجديدِ مِنَ المَيِّتِ؛ إنَّما هو للمُهْلَةِ . (( المهْلَة: (بضَمِّ الميم وكسرها وفتحها): هي دَمُ المَيِّت وصديدُه، ونحوه. ))
    ثانيًا: لأنَّه مِن بابِ المُباهاةِ، وهو ممنوعٌ في الكَفَنِ

    المسألة الرابعة: الكَفَن المُعَصْفَر والمُزَعْفَر
    يُكْرَهُ التَّكفينُ في المُعَصْفَر والمُزَعْفَر، وهو مذهَبُ الجُمهورِ: الحَنفيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة ؛ وذلك لِما في التكفينِ فيهما مِنَ الزِّينة، وهو غيرُ لائقٍ بحالِ الميِّتِ

    المسألة الخامسة: التكفينُ في الشَّعْر والصُّوف
    يُكْرَه التكفينُ في شَعْرٍ وصوفٍ، مع القُدرةِ على غَيرِه، وهو مذهَبُ الحَنفيَّة، والحَنابِلَة ؛ وذلك لأنَّه خلافُ فِعْلِ السَّلَفِ
    ----------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا .. تابعونا جزاكم الله خيرا
    ::
    ولا تنسونا من صالح دعائكم
    ::::
    التالي : . حُكمُ تَجميرِ الكَفَن وتطييبِ المَيِّت

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5188
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    الثامن عشر : غُسْلُ المَيِّت: حُكمُ غُسْلِ الميِّت : من يغسَّل ومن لا يُغَسَّل : من يتولَّى الغُسْل : صِفَةُ غُسْلِ المَيِّت وأحكامُه :   حُكمُ تكفينِ الميِّت :  تجميرُ الكَفَن:                                                                    Empty حُكمُ تَجميرِ الكَفَن وتطييبِ المَيِّت

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين أكتوبر 24, 2022 9:20 pm


    المطلب الرابعُ: حُكمُ تَجميرِ الكَفَن وتطييبِ المَيِّت

    الفرع الأول: تجميرُ الكَفَن
    يُستَحَبُّ تجميرُ الكَفَن .. (( . التجمير: هو التبخيرُ بالطِّيبِ .))
    ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن جابرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إذا أَجْمَرْتُم المَيِّتَ، فأجْمِرُوه ثلاثًا ))
    ثانيًا: مِنَ الآثارِ
    عن أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّها قالت لأهلِها: (أَجْمِروا ثيابي إذا أنا مِتُّ، ثم كفِّنوني)
    ثالثًا: لأنَّ هذا عادةُ الحَيِّ

    الفرع الثاني: الحَنُوطُ

    يُستَحَبُّ الحَنُوطُ للمَيِّتِ؛ رجلًا كان أو امرأةً،. (( . الحَنوطُ: طِيبٌ يُخلَطُ للمَيِّت خاصَّةً، وكلُّ ما يطيَّبُ به الميتُ مِن مسكٍ وعَنبرٍ وكافورٍ وغيرِ ذلك مِمَّا يُذرُّ عليه؛ تطييبًا له، وتجفيفًا لِرُطوبَتِه- فهو حَنُوطٌ.)) . وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن ابنِ عبَّاسٍ، رَضِيَ الله عنهما، قال: ((بينا رَجُلٌ واقفٌ مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بعَرَفَةَ، إذ وَقَعَ عن راحِلَتِه فوَقَصَتْه- أو قال فأَوْقَصَتْه- فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: اغْسِلُوه بماءٍ وسِدْرٍ، وكَفِّنوه في ثَوبينِ، ولا تُمِسُّوه طِيبًا، ولا تُخَمِّروا رَأْسَه، ولا تُحَنِّطوه؛ فإنَّ اللهَ يَبْعَثُه يومَ القيامةِ مُلَبِّيًا ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    قوله: ((ولا تُحَنِّطوه)) ثم عَلَّل ذلك بأنَّه يُبعَثُ مُلَبِّيًا؛ فدلَّ على أنَّ سبَبَ النَّهيِ أنَّه كان مُحْرِمًا، فإذا انتَفَتِ العِلَّةُ انتفى النَّهيُ، وكأنَّ الحَنوطَ للمَيِّتِ كان مُقَرَّرًا عندهم
    ثانيًا: من الآثارِ
    عن أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ، أنَّها قالت لأهلِها: (أَجْمِروا ثيابي إذا أنا مِتُّ، ثم كفِّنُوني، ثم حَنِّطوني)

    الفرع الثالث: الطِّيبُ للمَيِّت المُحْرِم

    إذا مات الْمُحْرِم حَرُمَ تطييبُه، وهو مذهَبُ الشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ بعضِ السَّلَف، واختاره ابنُ عُثيمين، والألبانيُّ
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عنهما، قال: ((بَيْنا رَجُلٌ واقفٌ مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بعَرَفَةَ، إذ وَقَعَ عن راحِلَتِه فوَقَصَتْه- أو قال فأَوْقَصَتْه- فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: اغْسِلُوه بماءٍ وسِدْرٍ، وكَفِّنوه في ثوبينِ، ولا تُمِسُّوه طِيبًا، ولا تُخَمِّروا رَأْسَه، ولا تُحَنِّطوه؛ فإنَّ اللهَ يَبْعَثُه يومَ القيامةِ مُلَبِّيًا ))

    الفرع الرابع: الطِّيبُ للمُعْتَدَّة المُحِدَّةِ إذا ماتت

    لا يَحْرُم تطييبُ المُعتَدَّةِ المُحِدَّةِ إذا ماتت، وهو مذهَبُ المالِكيَّة، والأصحُّ عند الشَّافعيَّة، والحَنابِلَة ؛ وذلك لأنَّ مَنْعَها منه حالَ الحياةِ لأنَّه يدعو إلى نكاحِها، وقد فات ذلك بِموْتِها . (( . وقد اتَّفق الفُقَهاءُ على وجوبِ الإحدادِ على المُعْتَدَّة في عِدَّةِ الوفاةِ مِن نكاحٍ صحيحٍ، حتى ولو لم يدخُلْ بها الزَّوْجُ المُتَوفَّى، وفي إحدادِ المعتدَّةِ مِن طلاقٍ بائنٍ بينونةً صغرى أو كبرى خلافٌ . ))

    المطلب الخامسُ: صفةُ التَّكفينِ


    1- يُستَحَبُّ أن تُبْسَطَ أحسَنُ الأكفانِ وأَوْسَعُها، ثم تُبْسَطَ الثَّانِيَةُ عليها، ثمَّ الثالثة
    ، وهو مذهَبُ الجمهورِ: المالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة وذلك اعتبارًا بالحيِّ؛ فإنَّه يَجعَلُ أحسَنَ ثيابِه وأوسَعَها فوقَ الثِّيابِ
    2- يُحمَل المَيِّتُ إلى الأكفانِ مستورًا، ويُترَك على الكَفَن مُستلقِيًا على ظَهْرِه، وهو مذهَبُ الشَّافعيَّة والحَنابِلَة ؛ لأنَّه أَمْكَنُ في إدراجِه فيها
    3- يؤخَذُ قُطْنٌ، فيُجْعَل فيه الحَنوطُ والكافورُ، ويُجْعَل بين أَلْيَتَيْه، ويُشَدُّ عليه، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    وذلك للآتي:
    أولًا: لِيَرُدَّ ما يَخْرُج عند تحريكِه
    ثانيًا: ليُخْفِي ما يَظْهَر مِنَ الرَّوائِح
    ثالثًا: ويُشَدُّ عليه؛ ليَجْمَع ألْيَتيْه ومثانَتَه، ويَرُدَّ ما يَخْرُج
    4- يؤخَذُ القُطنُ ويُجعَل عليه الحَنُوطُ والكافورُ، ويُتْرَك على الفَمِ والمِنْخَرين والعَينينِ والأُذُنينِ ومنافِذِ البَدَنِ، وهذا باتَّفاقِ المذاهبِ الفقهيةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة ؛ وذلك لئلَّا يَحْدُث فيها حادِثٌ، ودفعًا للهَوامِّ
    5- يوضَعُ حنوطٌ على مواضِعِ السُّجودِ مِنَ المَيِّت، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة ؛ وذلك لأنَّ هذه المواضِعَ شُرِّفَت بالسُّجودِ، فخُصَّتْ بالطِّيبِ
    6- يُطَيَّبُ جميعُ بَدَنِ المَيِّتِ، وهذا مذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَف
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: لأنَّ ذلك يُقَوِّي البَدَنَ ويَشُدُّه
    ثانيًا: لأنَّه يكونُ أطيَبَ للمَيِّت
    7- يُستَحَبُّ أن يُطَيَّبَ رأسُه ولِحْيَتُه، وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة ؛ وذلك لأنَّ الحَيَّ يتطَيَّبُ هكذا
    8- يُرَدُّ طَرَفُ اللفافةِ العُليا من الجانِبِ الأيسَرِ على شِقِّ المَيِّت الأيمَنِ، ثُمَّ يُرَدُّ طَرَفُها الأيمنُ على شِقِّه الأيسرِ، ثم يُفعَلُ باللفافةِ الثَّانيةِ والثَّالثة كما فُعِلَ بالأولى، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والأصَحُّ عند الشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    وذلك للآتي:

    أولًا: لئلَّا يَسْقُطَ عنه الطَّرَفُ الأيمنُ إذا وُضِعَ على يمينِه في القَبرِ
    ثانيًا: لأنَّه عادةُ لُبْسِ الحَيِّ في قباءٍ ورِداءٍ ونحوهِما
    9- يُوضَعُ المَيِّت على الأكفانِ بحيث يكونُ أكثَرُ ما يفْضُلُ من الكَفَن من قِبَل رَأْسِه، ويُلْقَى الفاضِلُ على رَأْسِه ورِجْلَيْه؛ نصَّ على هذا الشَّافعيَّةُ، والحَنابِلَةُ
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن خبَّابِ بنِ الأَرَتِّ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: ((هاجَرْنا معَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم نريدُ وَجْهَ الله، فوَقَعَ أجرُنا على الله؛ فمِنَّا من مضى لم يأخُذْ مِن أَجْرِه شيئًا، منهم مصعَبُ بنُ عميرٍ؛ قُتِلَ يومَ أُحُدٍ وتَرَكَ نَمِرَةً، فإذا غَطَّيْنا رَأْسَه بَدَتْ رِجْلَاه، وإذا غَطَّيْنا رِجْلَيْه بَدَا رأسُه، فأَمَرَنا النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن نُغَطِّيَ رَأْسَه، ونجعَلَ على رِجْلَيْه من الإِذْخِر، ومنَّا من أينَعَتْ له ثَمرَتُه فهو يَهْدِبها ))
    ثانيًا: لأنَّ الرأسَ أحَقُّ بالسَّترِ مِن رِجْلَيهِ؛ لشَرَفِه، فالاحتياطُ لسَتْره بتكثيرِ ما عِنْده أَوْلى
    ثالثًا: ليصيرَ الكَفَنُ كالكيسِ، فلا يَنْتَشِر
    10- تُعقَدُ اللَّفائِفُ بعد تكفينِ المَيِّت فيها، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    وذلك للآتي:
    أولًا: صيانةً للمَيِّت عن الكَشْف
    ثانيًا: للخَوفِ مِنِ انتشارِ الأكفانِ عِند الحَمْلِ
    --------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا
    ::
    تابعونا جزاكم الله خيرا
    ::
    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    ::::
    التالي :. حُكمُ الصَّلاةِ على الميِّتِ أو بعضِه

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5188
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    الثامن عشر : غُسْلُ المَيِّت: حُكمُ غُسْلِ الميِّت : من يغسَّل ومن لا يُغَسَّل : من يتولَّى الغُسْل : صِفَةُ غُسْلِ المَيِّت وأحكامُه :   حُكمُ تكفينِ الميِّت :  تجميرُ الكَفَن:                                                                    Empty حُكمُ الصَّلاةِ على الميِّتِ أو بعضِه

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين أكتوبر 24, 2022 9:44 pm


    المطلب الأوَّل: حُكمُ الصَّلاةِ على الميِّتِ أو بعضِه

    الفرع الأوَّل: حُكمُ الصَّلاةِ على الميِّتِ

    المسألة الأولى: حُكمُ الصَّلاةِ على الميِّتِ الحاضرِ
    الصَّلاةُ على الميِّتِ المسلمِ الحاضِرِ، فرضُ كفايةٍ.
    الأدلَّة:أولًا: من الكِتاب
    قال الله تعالى: وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبرِهِ [التوبة: 84]
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ النهيَ عن الصَّلاةِ على المنافقِ يُشعِرُ بالصَّلاةِ على المسلمِ الموافِقِ
    ثانيًا: من السُّنَّة
    عن سَلمةَ بنِ الأَكوعِ رَضِيَ اللَّهُ عنه: ((أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أُتِيَ بجِنازةٍ ليُصلِّيَ عليها، فقال: هل عليه مِن دَينٍ؟ قالوا: لا، فصلَّى عليه، ثم أُتِيَ بجِنازةٍ أخرى، فقال: هل عليه مِن دَينٍ؟ قالوا: نعمْ، قال: فصلُّوا على صاحبِكم. قال أبو قتادة: عليَّ دَينُه يا رسولَ الله، فصلَّى عليه ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    قوله: ((فصلُّوا على صاحبِكم)) أمرٌ، وهو للوجوبِ
    عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، قال: قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((قدْ تُوفِّي اليومَ رجلٌ صالحٌ من الحَبَشِ، فهُلمَّ، فصلُّوا عليه ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    في صلاةِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم على النَّجاشيِّ؛ إذْ لم يُصلِّ عليه أحدٌ من قومِه، وأمْرِه صلَّى الله عليه وسلَّم أصحابَه بالصَّلاة عليه معه- دليلٌ واضحٌ على تأكيدِ الصَّلاةِ على الجنائزِ، وعلى أنَّه لا يجوزُ أنْ تُترَكَ الصَّلاةُ على مسلِمٍ ماتَ
    ثالثًا: من الإجماعِ
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حزم، والنوويُّ، وابنُ الملقِّن، والكمالُ ابنُ الهُمامِ

    المسألة الثانية: حُكمُ الصَّلاةِ على الميِّتِ الغائبِ
    صلاةُ الغائبِ مشروعةٌ على مَن ماتَ ولم يُصَلَّ عليه، وهو روايةٌ عن الإمامِ أحمدَ، واختيارُ الخَطَّابيِّ، وابنِ تيميَّةَ، وابنِ القيِّم، وابنِ عُثَيمين، والألبانيِّ
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    1- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللَّهُ عنهما: ((أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم صَلَّى عَلَى أَصْحَمَةَ النَّجَاشِيِّ، فكبَّرَ عليه أَرْبَعًا ))
    2- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم نعَى النجاشيَّ في اليومِ الذي ماتَ فيه، وخرَج بهم إلى المصلَّى، فصفَّ بهم، وكبَّرَ عليه أربعَ تكبيراتٍ ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم صلَّى على النجاشيِّ؛ لأنَّه مات بين الكُفَّارِ، ولم يُصَلَّ عليه
    ثانيًا: أنَّه لم يكُنْ مِن هَدْيِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وسُنَّتِه الصَّلاةُ على كلِّ ميِّتٍ غائبٍ؛ فقد ماتَ خلقٌ كثيرٌ مِنَ المُسلمينَ وهم غُيَّبٌ، فلم يُصَلِّ عليهم
    ثالثًا: أنَّه لَمَّا مات الخلفاءُ الرَّاشدونَ وغيرُهم لم يُصَلِّ أحدٌ مِنَ المسلمينَ عليهم صلاةَ الغائبِ، ولو فَعَلوا لَتواتَرَ النَّقلُ بذلِك عنهم

    الفرع الثاني: حُكمُ الصَّلاةِ على بعضِ الميِّتِ

    اختَلفَ أهلُ العلمِ في الصَّلاةِ على بعضِ الميِّتِ، إذا لم يكُنْ صُلِّيَ عليه، على قولين:
    القول الأوّل:
    إن وُجِدَ بعضُ الميِّتِ غُسِّلَ وصُلِّيَ عليه، لا فَرْقَ بين القليلِ والكثيرِ، وهو مذهبُ الشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ ابنِ عُثَيمينَ، وبه أفتتِ اللَّجنةُ الدَّائمةُ، وحُكِيَ فيه إجماع الصحابة ؛ وذلك لأنَّه بعضٌ من جُملةٍ تجِبُ الصَّلاةُ عليها، فيُصلَّى عليه كالأكثرِ

    القول الثاني:
    لا يُصلَّى على الميِّتِ إلَّا إذا وُجِد أكثرُه، وهو مذهبُ الحَنفيَّة، والمالِكيَّة ؛ لأنَّه إذا صُلِّي على أكثرِه لم يُحتجْ إلى الصَّلاةِ على الباقي إنْ وُجِدَ، أمَّا إذا صُلِّى على الأقلِّ فتلزمُ الصَّلاةُ على أكثرِه إنْ وُجِدَ

    المطلب الثَّاني: مَن يُصلَّى عليه ومَن لا يُصلَّى عليه


    الفرع الأوَّل: الصَّلاةُ على السِّقْطِ

    المسألة الأولى: حُكمُ الصَّلاةِ على السِّقطِ إذا استهلَّ
    يُصلَّى على السِّقطِ إذا استهلَّ
    ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك ؛ وذلك لأنَّه قد ثبَتَ له حُكمُ الدُّنيا في الإسلامِ والميراثِ والدِّيةِ ؛ فيُصلَّى عليه كغيرِه

    المسألة الثانية: حُكمُ الصَّلاةِ على السِّقطِ إذا لم يَستهِلَّ
    1- حُكمُ الصَّلاةِ على السِّقطِ إذا لم يَستهِلَّ، وكان دون أربعَةِ أشهُرٍ
    لا يُصَلَّى على السِّقْطِ إذا لم يستهِلَّ، وكان دون أربعةِ أشْهُرٍ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك ؛ وذلك لأنَّه قبل الأربعةِ أشهُرٍ لا يكون نسَمَةً، فهو كالجماداتِ والدَّمِ، فلا يُصَلَّى عليه
    2- حُكمُ الصلاة على السِّقط إذا لم يَستهلَّ، وكان له أربعةُ أشهُرٍ
    اختلف أهلُ العِلمِ في الصَّلاة على السِّقطِ إذا لم يستهلَّ، وكان له أربعةُ أشهرٍ فأَكْثَرُ، على قولين:
    القول الأوّل:
    لا يُصلَّى عليه، وهو مذهبُ الجُمهورِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، وهو قولُ بعضِ السَّلف ؛ وذلك لأنَّه لم يثبُتْ له حُكمُ الحياةِ
    القول الثاني: يُصلَّى عليه، وهو مذهبُ الحَنابِلَة، وقولُ فُقهاءِ المُحدِّثين، وقال به بعضُ السَّلَف، واختاره ابنُ باز، وابنُ عُثَيمين
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    عمومُ حديثِ المُغيرةِ بنِ شُعبةَ، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: ((السِّقطُ يُصلَّى عليه، ويُدْعَى لوالِدَيه بالمغفرةِ والرحمةِ ))
    ثانيًا: لأنَّه نَسَمةٌ نُفِخَ فيها الرُّوحُ؛ فيُصلَّى عليه

    الفرع الثَّاني: أحكامُ الصَّلاةِ على أصحابِ الكبائرِ، وأهلِ البِدعِ، وغيرِ المُسلِمينَ

    المسألة الأولى: الصَّلاةُ على أصحابِ الكَبائرِ

    لا يجوزُ تَرْكُ الصَّلاةِ على جَنائِزِ أَهلِ الكبائِرِ مِنَ المسلِمينَ، وذلك في الجُملة.
    الدَّليل من الإجماع:
    نقَل الإجماعَ على ذلك: القاضي عِياض، وابنُ عبدِ البَرِّ، والقرطبيُّ، والشوكانيُّ

    المسألة الثانية: الصَّلاةُ على المُبتدِعِ
    تُصلَّى صلاةُ الجِنازة على صاحبِ البِدعةِ المُسلِمِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ جُمهورِ الفقهاءِ، وقالت به طائفةٌ مِنَ السَّلف، وحُكيَ إجماعُ أكثرِ أهلِ العِلمِ على ذلِك
    الأدلَّة:أولًا: مِنَ الكِتاب
    قال تعالى: وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا [التوبة: 84]
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ اللهَ تعالى نَهى عن الصَّلاةِ على المُنافقينِ؛ فدلَّ ذلك على أنَّ كلَّ مُسلمٍ لم يُعلَمْ أنَّه مُنافقٌ تجوزُ الصَّلاةُ عليه، وإنْ كانتْ فيه بِدْعةٌ أو فِسقٌ
    ثانيًا: من السُّنَّة
    حديثُ سَلمةَ بنِ الأكوعِ في قِصَّةِ الرجُلِ صاحِبِ الدَّينِ: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((صلُّوا على صاحِبِكم ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    عمومُ أمْرِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((صلُّوا على صاحِبِكم ))، والمسلمُ- وإنْ كانتْ فيه بِدعةٌ أو فِسقٌ- صاحِبٌ لنا
    ثالثًا: لأنَّهم من جُملة المسلمينَ، وممَّن يَدخلونَ تحتَ ما شَرَعه اللهُ لعبادِه أحياءً وأمواتًا

    المسألة الثالثة: الصَّلاةُ على الكافِرِ

    تحرُمُ الصَّلاةُ على الكافِرِ.
    الأدلَّة:أولًا: من الكِتاب
    قال اللهُ تعالى: وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ [التوبة: 84]
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه علَّلَ نهيَه عن الصَّلاةِ عليهم بالكُفرِ، فقال: إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ؛ فدلَّ على حُرمةِ الصلاةِ على الكافِر؛ إذ الأصلُ في النَّهيِ أنَّه للتَّحريمِ
    ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
    نقَل الإجماعَ على ذلك: النوويُّ، والكاسانيُّ
    ثالثًا: لأنَّ الصَّلاةَ على الميِّتِ لطلبِ المغفرةِ، والكافِرُ لا يُغفَرُ له ؛ قال تعالى: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ [التوبة: 80] وقال: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء: 48]

    المسألة الرابعة: صلاةُ الجِنازة في حالةِ اشتباهِ موتَى المُسلمِينَ بموتى الكافِرينَ
    إذا اشتَبَه موتى المُسلِمينَ بموتى الكافِرينَ يجبُ غُسلُ الجميعِ، والصَّلاةُ عليهم، سواءٌ كان عددُ المسلمين أقلَّ أو أكثرَ، وهذا مذهبُ الجُمهورِ: المالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ داودَ الظاهريِّ ؛ وذلك لأنَّ هذه الأمورَ واجبةٌ في المسلمينَ، وهؤلاءِ فيهم مُسلمونَ، ولا يُتوصَّلُ إلى أداءِ الواجبِ إلَّا باستيعابِ الجميعِ

    الفرع الثَّالث: الصَّلاةُ على الشُّهَداءِ

    المسألة الأولى: الصَّلاةُ على شهيدِ المعركةِ
    لا يُصلَّى على الشَّهيدِ الذي قُتِلَ في المعركةِ، وهو مذهبُ الجُمهور: المالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة وقالت به طائفةٌ مِنَ السَّلَف
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن جابرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم أمَرَ في قَتْلى أُحُدٍ بدفنِهم بدِمائهم، ولم يُصلِّ عليهم، ولم يُغَسَّلوا ))
    2- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، قال: ((كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يجمعُ بينَ الرَّجُلَينِ مِن قتلى أُحُدٍ في ثوبٍ واحدٍ، ثم يقولُ: أيُّهُم أكثرُ أخذًا للقُرآنِ؟ فإذا أُشيرَ لهُ إلى أَحدهِما قدَّمهُ في اللَّحدِ، وقال: أنا شهيدٌ على هؤلاءِ يومَ القيامةِ، وأَمَرَ بِدَفْنِهِم في دِمائِهِم، ولم يُغَسَّلوا، ولم يُصلَّ عليهِم ))
    ثانيًا: أنَّ الصَّلاةَ على الميِّتِ شفاعةٌ له، ولا يُشفَعُ إلَّا للمُذنبينَ؛ والشُّهداءُ قد غُفرِتْ ذُنوبُهم، وصاروا إلى كرامةِ الله ورحمتِه وجَنَّته أجمعين؛ فارتفعتْ حالُهم عن أنْ يُصلَّى عليهم كما يُصلَّى على سائرِ موتَى المسلمينَ
    ثالثًا: لأنَّ الغُسلَ لا يجوزُ للشَّهيدِ، وهو شرطٌ في الصَّلاةِ على غيرِ الشهداءِ؛ فوجَب أنْ لا تجوزَ الصَّلاةُ على الشَّهيدِ بلا غُسْلٍ

    المسألة الثانية: شهيدُ الآخِرةِ دُون الدُّنيا
    1- الشَّهيدُ بغيرِ قَتْلٍ
    يُصلَّى على الشَّهيدِ بغيرِ قَتْلٍ؛ كالمبطونِ والمطعونِ، والغريقِ والحريقِ، وصاحبِ الهَدْم، ونحوِ ذلك
    الدَّليل من الإجماع:
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ قُدامةَ، والنوويُّ، والشوكانيُّ
    2- المقتولُ ظُلمًا
    يُصلَّى على المقتولِ ظُلمًا، وهو مذهبُ الجُمهورِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، وروايةٌ عن أحمدَ
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن أنسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، ((أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم صعِدَ أُحُدًا، وأبو بكرٍ وعُمَرُ وعُثمانُ، فَرَجَفَ بهم، فقال: اثبُتْ أُحُدُ؛ فإنَّما عليكَ نبيٌّ، وصِدِّيقٌ، وشَهيدانِ ))
    ثانيًا: مِن الآثار
    أنَّ عُمرَ وعثمانَ وعليًّا رَضِيَ اللَّهُ عنهم غُسِّلوا، وصُلِّيَ عليهم بالاتِّفاقِ، مع كونِهم شهداءَ بالاتِّفاقِ

    المطلب الثَّالث: زمَنُ الصَّلاةِ على الجِنازةِ، ومكانُها

    الفرع الأوَّل: الأوقاتُ التي لا يُصلَّى فيها على الجِنازة

    المسألة الأولى: حُكمُ الصَّلاةِ على الجِنازةِ بعدَ الفجرِ والعصرِ
    تجوزُ صلاةُ الجِنازة بعدَ الفجرِ، وبعدَ العَصرِ.
    الدليلُ مِن الإجماعِ:
    نقَلَ الإجماعَ على ذلك: الشافعيُّ
    ، وابنُ المنذرِ، والنوويُّ، وابنُ قُدامةَ، والعراقيُّ، وزكريَّا الأنصاريُّ

    المسألة الثانية: حُكمُ الصَّلاةِ على الجِنازةِ عندَ طلوعِ الشَّمسِ، وغُروبِها، واستوائِها
    اختَلفَ العُلماءُ في حُكمِ صلاةِ الجِنازة عند طُلوعِ الشَّمس، وغروبِها، واستوائِها، على قولين:
    القول الأوّل:
    تجوزُ صلاةُ الجِنازة في أوقاتِ النَّهيِ، وهذا مذهبُ الشافعيَّة، وروايةٌ عن مالكٍ، وروايةٌ عن أحمدَ، وهو قولُ بعضِ السَّلف، واختيارُ ابنِ حزمٍ، وابنِ تيميَّةَ، وابنِ عُثَيمين، وعليه فتوى اللَّجنةِ الدَّائمةِ
    وذلك للآتي:
    أولًا: لأنَّها صلاةٌ تُباحُ بعدَ الصُّبحِ والعَصرِ؛ فأُبيحتْ في سائرِ الأوقاتِ، كالفرائضِ
    ثانيًا: لأنَّ صلاةَ الجِنازة فرضٌ في الجملةِ؛ فيصحُّ فِعلُها في جميعِ الأوقاتِ قِياسًا على قضاءِ الفوائتِ
    ثالثًا: قياسًا لصلاةِ الجِنازة على الصَّلواتِ ذواتِ الأسبابِ مِن النوافلِ، التي وردَتِ النصوصُ دالَّةً على جوازِها
    القول الثاني:
    لا تُصلَّى صلاةُ الجِنازة عندَ طلوعِ الشَّمسِ، ولا عِندَ غُروبِها، ولا عندَ الاستواءِ، وهذا مذهبُ الحَنفيَّة، والحَنابِلَة، وهو قول ابن باز، وقولُ أكثرِ أهلِ العِلمِ
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لا تَحرَّوْا بصلاتِكم طلوعَ الشَّمسِ ولا غُروبَها ))
    2- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إذا طَلَعَ حاجبُ الشَّمسِ فأخِّروا الصَّلاةَ حتى ترتفعَ، وإذا غابَ حاجبُ الشَّمسِ فأخِّروا الصَّلاةَ حتى تغيبَ ))
    وجهُ الدَّلالة من الحَديثينِ:
    أنَّ صلاةَ الجنازةِ صلاةٌ؛ لقولِه تعالى : وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا فسمَّاها الله صلاةً، فتدخلُ في عمومِ النَّهيِ عَنِ الصلاةِ في هذه الأوقاتِ.
    3- عن عُقبةَ بنِ عامرٍ الجُهنيِّ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: ((ثلاثُ ساعاتٍ كان رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم ينهانا أنْ نُصلِّيَ فيهنَّ، أو أنْ نَقبُرَ فيهنَّ موتانا: حين تَطلُعُ الشمسُ بازغةً حتى ترتفعَ، وحين يقومُ قائمُ الظَّهيرةِ حتى تميلَ الشمسُ، وحين تَضيَّفُ الشمسُ للغروبِ حتى تغرُبَ ))
    وجه الدلالة:
    أنَّه نُهِي عن الدفنِ في هذه الأوقاتِ، والصَّلاةُ المقرونةُ بالدَّفنِ تتناولُ صلاةَ الجِنازة، وتمنَعُها القرينةُ من الخروجِ بالتَّخصيصِ، بخلافِ ما بعدَ الصُّبح، وما بعدَ العصرِ
    ثانيًا: لأنَّها صلاةٌ من غيرِ الصَّلواتِ الخمسِ؛ فلم يَجُزْ فِعلُها في هذهِ الأوقاتِ الثَّلاثةِ؛ كالنوافلِ المطلَقةِ، وإنَّما أُبيحتْ بعدَ الصبحِ والعصرِ؛ لأنَّ مُدَّتَهما تطُولُ، فالانتظارُ يُخافُ منه عليها، وهذه مُدَّتُها تَقصُر

    الفرع الثَّاني: مكانُ الصَّلاةِ على الميِّتِ

    المسألة الأولى: الصَّلاةُ على الميِّتِ في المسجِدِ

    تجوزُ الصَّلاةُ على الميِّتِ في المسجدِ، وهو مذهبُ الشافعيَّة، والحَنابِلَة، وبه قال بعضُ السَّلفِ، واختارَه ابنُ المنذرِ، وابنُ حَزم، وابنُ باز، وابنُ عُثَيمين
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن عَبَّادِ بنِ عَبدِ اللهِ بنِ الزُّبَيرِ، يُحدِّثُ عن عائشةَ، ((أنَّها لَمَّا تُوفِّي سعدُ بن أبي وقَّاصٍ، أرسلَ أزواجُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، أنْ يمرُّوا بجِنازتِه في المسجدِ، فيُصلِّينَ عليه، ففَعلوا فوُقِفَ به على حُجَرِهنَّ يُصلِّين عليه؛ أُخرِجَ به من بابِ الجنائزِ الذي كان إلى المقاعدِ، فبلغهنَّ أنَّ الناسَ عابوا ذلك، وقالوا: ما كانتِ الجنائزُ يُدخَلُ بها المسجدَ، فبَلَغَ ذلك عائشةَ، فقالت: ما أَسرعَ الناسَ إلى أن يَعيبوا ما لا عِلمَ لهم به! عابوا علينا أن يُمَرَّ بجِنازةٍ في المسجدِ، ومَا صلَّى رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم على سُهَيلِ ابنِ بَيضاءَ إلَّا في جوفِ المَسجدِ ))
    ثانيًا: مِن الآثار
    عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما: (أنَّ عُمرَ بن الخطَّابِ صُلِّيَ عليه في المسجدِ)

    المَسألةُ الثَّانيةُ: الصَّلاةُ على الجِنازةِ في المَقْبرةِ
    1- مَن دُفِنَ قبل أن يُصلَّى عليه
    مَن دُفِنَ قبلَ أن يُصلَّى عليه صُلِّيَ على قَبرِه، وهذا مذهبُ الجمهورِ: الحَنفيَّة، والمشهورُ عندَ المالِكيَّة، والشافعيَّة، وهو روايةٌ عن أحمدَ، اختارَها بعضُ أصحابِه
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن عبدِ الله بن عباسٍ رضي الله عنهما ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم صلَّى على قَبرٍ بعدَما دُفِنَ؛ فكبَّر عليه أربعًا ))
    2- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ الله عنه: ((أنَّ امرأةً سوداءَ كانتْ تَقُمُّ المسجدَ- أو شابًّا- ففَقَدها رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، فسألَ عنها- أو عنه- فقالوا: مات، قال: أفلا كنتُم آذَنْتُمونى! قال: فكأنَّهم صَغَّروا أمرَها- أو أمرَه- فقال: دُلُّوني على قَبرِها، فدَلُّوه، فصلَّى عليها، ثم قال: إنَّ هذه القبورَ مملوءةٌ ظُلمةً على أهلِها، وإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يُنوِّرُها لهم بِصَلاتِي عليهم ))
    ثانيًا: أنَّ في ذلك إقامةً للواجبِ بقدْرِ الإمكانِ

    2- حُكمُ الصَّلاةِ على الجِنازةِ في المَقبَرةِ لِمَنْ فاتتْه الصَّلاةُ عليها
    مَن فاتتْه صلاةُ الجِنازةِ فله أنْ يُصلِّيَ على الميِّتِ في المقبَرةِ قَبلَ الدَّفنِ وبَعْدَه، وهو مَذهَبُ الشَّافعيَّةِ ، والحَنابِلَةِ ، وهو اختيارُ ابنِ القيِّمِ ، وابنِ بازٍ ، وابنِ عُثَيمين ، واللَّجنةِ الدَّائِمةِ
    الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّةِ:
    1- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللَّهُ عنه: ((أنَّ امرأةً سَوْداءَ كانتْ تقُمُّ المسجِدَ -أو شابًّا- ففَقدَها رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، فسألَ عنها -أو عنه- فقالوا: مات، قال: أفلا كنتُم آذَنْتُمونى! قال: فكأنَّهم صَغَّروا أَمْرَها - أو أَمْرَه- فقال: دُلُّوني على قَبرِها، فدَلُّوه، فصلَّى عليها، ثمَّ قال: إنَّ هذه القُبورَ مملوءةٌ ظُلمةً على أهلِها، وإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يُنوِّرُها لهم بصَلاتِي عليهم))
    2- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم صلَّى على قبرٍ بَعدَما دُفِن، فكبَّر عليه أربعًا))، وفي روايةٍ قال: ((انتهى رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى قبرٍ رَطْبٍ فصلَّى عليه، وصفُّوا خَلْفَه، وكبَّر أربعًا))
    3- عن الشَّعْبيِّ، قال: أخبَرني مَن شهِدَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه: ((أتَى على قبرٍ مَنبوذٍ، فصفَّهم، وكبَّرَ أربعًا))، قلتُ: مَن حدَّثَك، قال: ابنُ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما
    وَجْهُ الدَّلالةِ مِنَ الأحاديثِ
    ثبت في هذه الأحاديثِ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم صَلَّى على مَيِّتٍ في القَبرِ، ولا فَرْقَ بيْن أن يُصلَّى على جِنازةٍ مدفونةٍ، أو على جِنازةٍ غيرِ مَدفونةٍ؛ لأنَّ العِلَّةَ واحِدةٌ، وهي وُجودُ الميِّتِ الذي يُصلَّى عليه في المَقبَرةِ
    ---------------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا تابعونا جزاكم الله خيرا
    ::
    ولا تنسونا من صالح دعائكم
    ::::::
    التالي ::. تعدُّدُ الجنائزِ

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5188
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    الثامن عشر : غُسْلُ المَيِّت: حُكمُ غُسْلِ الميِّت : من يغسَّل ومن لا يُغَسَّل : من يتولَّى الغُسْل : صِفَةُ غُسْلِ المَيِّت وأحكامُه :   حُكمُ تكفينِ الميِّت :  تجميرُ الكَفَن:                                                                    Empty تعدُّدُ الجنائزِ : أحكامُ الجماعةِ والإمامةِ والمأمومينَ في صلاةِ الجِنازةِ

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين أكتوبر 24, 2022 10:01 pm


    المطلب تعدُّدُ الجنائزِ الرَّابع:


    الفرع الأوَّل: الصَّلاةُ الواحدةُ على أكثرَ مِن ميِّت

    إذا حضرتْ جنائزُ جاز أن يُصلَّى عليها جميعًا صلاةً واحدةً، وجاز أنْ يُصلَّى على كلِّ واحدةٍ وحْدَها.
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن نافعٍ: ((أنَّ ابنَ عُمرَ صلَّى على تِسعِ جنائزَ جميعًا، فجعَل الرِّجالَ يَلُونَ الإمامَ، والنِّساءَ يَلينَ القِبلةَ، فصفَّهُنَّ صفًّا واحدًا، ووُضِعتْ جِنازةُ أمِّ كُلثوم بنتِ عليٍّ، امرأةِ عمرَ بنِ الخطَّاب، وابن لها يقال له: زيدٌ؛ وُضِعَا جميعًا، والإمامُ يومئذ سعيدُ بنُ العاص، وفي النَّاسِ ابنُ عُمَرَ، وأبو هريرة، وأبو سعيد، وأبو قَتادة، فوُضِع الغلامُ ممَّا يلي الإمامَ، فقال رجلٌ: فأنكرتُ ذلك، فنظرتُ إلى ابنِ عبَّاس، وأبي هُريرة، وأبي سعيدٍ، وأبي قَتادة، فقلتُ: ما هذا؟ قالوا: هِي السُّنَّة ))

    ثانيًا: من الإجماع
    نقل الإجماع على ذلك: ابن قدامة
    ثالثًا: لأنَّ الغرضَ من الصَّلاةِ الدعاءُ، والجمعُ فيه ممكِنٌ، سواءٌ أكانت ذكورًا أم إناثًا، أم ذكورًا وإناثًا معًا

    الفرع الثَّاني: حضورُ جنائزَ أخرى بعدَ التَّكبيرِ

    لو افتتحَ الإمامُ الصَّلاةَ على الجِنازة، ثم حضرتْ أخرى- وهُم في الصَّلاةِ- تُرِكتْ حتى يفرغَ من صلاتِه على الأولى، ثم يُصلِّي على الثَّانيةِ، وهو مذهبُ الجُمهورِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة
    وذلك للآتي:
    أولًا: لأنَّ الثانيةَ لم تُنوَ
    ثانيًا: لأنَّه شَرَعَ في الصَّلاةِ على الأُولى، فيُتمُّها
    ثالثًا: لأنَّه لا يخلو؛ إمَّا أن يقطعَ الصَّلاةَ ويبتدئَ عليهما جميعًا، وهذا لا يجوزُ؛ لقوله تعالى: وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ [محمد: 33] ، أو لا يقطع ويتمادَى عليهما إلى أنْ يُتِمَّ تكبيرَ الأولى ويُسلِّم، وهذا يؤدِّي إلى أن يُكَبِّر على الثَّانية أقلَّ مِن أربعٍ، أو يتمادَى إلى أن يُتِمَّ التكبيرَ على الثَّانية، فيكون قد كبَّرَ على الأُولى أكثرَ من أربعٍ؛ فلذا مُنِع من إدخالِها معها

    الفرع الثالث: ترتيبُ الجنائزِ إذا تعدَّدتْ

    المسألة الأولى: إذا اجتمعتْ جنائزُ مختلفةٌ في الجِنسِ
    إذا اجتمعتْ جنائزُ مختلفةٌ أجناسُها، قُدِّمَ الرجالُ، ثم الصِّبيانُ، ثم الخَنَاثَى، ثم النِّساءُ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ بعضِ السَّلَف، وحُكِيَ الإجماعُ على أنَّ الرجُلَ يُقدَّمُ على المرأةِ، وأنَّ الخُنثى يُقدَّمُ على المرأةِ
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن نافعٍ: ((أنَّ ابنَ عُمرَ صلَّى على تِسعِ جنائزَ جميعًا، فجعَل الرِّجالَ يَلُونَ الإمامَ، والنِّساءَ يَلِينَ القِبلةَ، فصفَّهُنَّ صفًّا واحدًا، ووُضِعتْ جِنازةُ أمِّ كُلثوم بنتِ عليٍّ، امرأةِ عمرَ بن الخطَّاب، وابن لها يقال له: زيدٌ؛ وُضِعَا جميعًا والإمامُ يومئذ سعيدُ بن العاص، وفي النَّاس ابنُ عُمَرَ، وأبو هريرة، وأبو سعيد، وأبو قَتادة، فوُضِع الغلامُ ممَّا يلي الإمامَ، فقال رجلٌ: فأنكرتُ ذلك، فنظرتُ إلى ابنِ عبَّاس، وأبي هريرةَ، وأبي سعيدٍ، وأبي قَتادة، فقلتُ: ما هذا؟ قالوا: هِي السُّنَّة ))
    ثانيًا: لأنَّ الرَّجلَ يستحقُّ التقدُّمَ في الإمامةِ لفضيلَتِه؛ فاستحقَّ تقديمَ جِنازتِه
    ثالثًا: يُقدَّمُ الصبيانُ على النِّساءِ؛ لأنَّهم يُقدَّمونَ عليهنَّ في الصفِّ في الصَّلاةِ المكتوبةِ، فكذلك يُقدَّمونَ عليهنَّ ممَّا يلي الإمامَ عند اجتماعِ الجنائزِ، كالرِّجالِ
    رابعًا: يُقدَّم الخُنْثى على المرأةِ؛ لأنَّه يُحتمَلُ أن يكونَ رَجلًا، وأدْنى أحوالِه أن يكونَ مُساويًا لها

    المسألة الثانية: إذا اجتمعتْ جنائزُ مُتَّحِدةٌ في الجِنسِ
    إذا اجتمعَتْ جنائزُ مِن جنسٍ واحدٍ؛ قُدِّمَ إلى الإمامِ أفضلُهم، وهذا باتِّفاقِ المذاهب الفقهيَّة الأربعة: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة ؛ وذلك لأنَّه يستحقُّ التقدُّمَ في الإمامةِ لفضيلتِه، فاستحقَّ تقديمَ جنازتِه

    المطلب الخامس: إعادةُ صلاةِ الجِنازة


    اختَلَف أهلُ العلمِ في إعادةِ صلاةِ الجِنازة، على قولينِ:
    القول الأوّل:
    مَن صلَّى على جِنازة، فإنَّه لا يُعيدُ الصَّلاةَ عليها مرَّةً ثانيةً، وهذا باتِّفاق المذاهبِ الفِقهيةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة
    ، والمالِكيَّة، والشافعيَّة- وهو الأصحُّ عندهم-، والحَنابِلَة ؛ وذلك لأنَّ الإعادةَ نافلةٌ، وصلاةُ الجِنازةِ لا يُتنفَّلُ بمثلِها

    القول الثاني:
    مَن صلَّى على جِنازة فله أن يُعيدَ الصَّلاةَ عليها مع جماعةٍ أخرى، وهو وجهٌ عند الشافعيَّة، وقولٌ عند الحَنابِلَة، واختيارُ ابنِ تيميَّةَ، وابنِ باز ؛ وذلك قياسًا على سائرِ الصَّلواتِ في جوازِ إعادتِها مع مَن يُصلِّي جماعةً

    المطلب السَّادس: أحكامُ الجماعةِ والإمامةِ والمأمومينَ في صلاةِ الجِنازةِ
    [right]
    الفرع الأوَّل: حُكمُ الجماعةِ في صلاةِ الجِنازة

    لا تُشترَطُ الجماعةُ في صلاةِ الجِنازة، ويَسقطُ فرضُها بواحدٍ، وهو مذهبُ الجُمهورِ: الحَنفيَّة
    ، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وقولٌ عند المالِكيَّة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
    وذلك للآتي:
    أولًا: أنَّ الصَّلاة على الميِّتِ فرضٌ تَعلَّق به؛ فسقَطَ بالواحدِ
    ثانيًا: القياسُ على غُسلِ الميِّت وتكفينِه؛ فإنَّه يسقُط بفِعلِ شخصٍ واحدٍ

    الفرع الثَّاني: أحقُّ الناسِ بالإمامةِ في صلاةِ الجِنازة

    المسألة الأولى: أَوْلى النَّاسِ بالصَّلاةِ على الميِّت
    الوَصيُّ هو أحقُّ النَّاسِ بالصَّلاةِ الميت، وهو مذهبُ المالِكيَّة، والحَنابِلَة، ووجهٌ عند الشافعيَّة، وهو قولُ بعضِ السَّلفِ، وقولُ ابنِ حزمٍ، وحُكِيَ فيه إجماع الصحابة
    الأدلَّة:أولًا: من الكِتاب
    قال اللهُ تعالى: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ [البقرة: 181]
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه يجِبُ العملُ بوصيَّةِ المُوصِي على حسَبِ ما أَوْصى إلَّا أن يكونَ جَنَفًا أو إثمًا
    ثانيًا: لأنَّه حقٌّ للميِّتِ؛ فقُدِّمَ فيه وصيُّه على غيرِه

    المسألة الثانية: الوالي أحقُّ بالصَّلاةِ على الميِّت من الوَليِّ
    يُقدَّمُ الوالي على الوَليِّ في الصَّلاةِ على المَيتِ، وهذا مذهبُ الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والحَنابِلَة، والمذهَبُ القديم عندَ الشافعيَّة، وهو قولُ بعضِ السَّلف، وذهب إليه أكثرُ أهلِ العِلم
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن عُقبةَ بنِ عمرِو بنِ ثَعلبةَ، قال: قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لا يُؤَمُّ الرَّجُلُ في سُلطانِه ))
    ثانيًا: لأنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وخلفاءَه من بعده كانوا يُصلُّون على الموتَى، ولم يُنقلْ عن أحدٍ منهم أنَّه استأذن العَصَبةَ
    ثالثًا: لأنَّها صلاةٌ يُسنُّ لها الاجتماعُ، فإذا حضرَها السلطانُ كان أَوْلى بالتقديمِ، كالجُمَعِ والأعيادِ

    الفرع الثَّالث: صلاةُ النِّساءِ على الميِّتِ

    المسألة الأولى: حُكمُ صلاةِ النِّساءِ على الميِّتِ
    يُشرَعُ للنِّساءِ الصَّلاةُ على الجِنازة، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:أولًا: من الآثار
    عن عَبَّادِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ الزُّبير: (أنَّ عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها، أمَرَتْ أن يُمَرَّ بجِنازة سعد بن أبي وقَّاصٍ في المسجدِ، فتُصلِّيَ عليه)
    ثانيًا: لأنَّ المرأةَ مخاطَبةٌ بأحكامِ الشريعة كالرَّجُل؛ فالأصلُ أنَّ الأحكامَ عامَّةٌ للذكورِ والإناث، إلَّا ما جاء الدَّليلُ فيه بتخصيصِ أحدِهما بحُكم معيَّنٍ
    ثالثًا: لأنَّ ذلك فيه دعاءٌ للميِّت، وأجرٌ للمُصَلِّي؛ فشُرعِ للمرأةِ أيضًا
    رابعًا: أنَّه لا يُوجَد دليلٌ شرعيٌّ يَمنعُ المرأةَ من الصَّلاةِ على الجِنازة

    المسألة الثانية: إذا لم يحضُرِ الميِّتَ إلَّا النِّساءُ
    إذا لم يحضُرِ الميِّتَ إلَّا النِّساءُ؛ فإنَّه يجبُ عليهنَّ الصَّلاةُ عليه، ويَسقطُ الفرضُ بفِعلِهنَّ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّةِ الأربعة: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
    وذلك للآتي:
    أولًا: قياسًا على سائرِ الصَّلوات
    ثانيًا: يجبُ أن يُصلِّينَ عليه مع عدَمِ الرِّجالِ؛ لضرورةِ الخروجِ عن عُهدةِ الفَرْضِ

    الفرع الرَّابع: حُكمُ المسبوقِ في صلاةِ الجِنازة

    المسألة الأولى: المسبوقُ الذي فاتَتْه بعضُ التكبيراتِ
    اختَلفَ أهلُ العِلمِ في قضاءِ المسبوقِ ما فاتَه مِنَ التكبيراتِ، على قولين:
    القول الأوّل:
    يأتي بها بعدَ سلامِ الإمامِ، ولا تصحُّ صلاتُه إلَّا بتدارُكِها، وهو مذهبُ الجُمهور: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، وهو قولُ بعضِ السَّلف، واختاره ابنُ المنذرِ، وابنُ حزمٍ
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ الله عنه، قال: سمعتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((إذا أُقيمتِ الصَّلاةُ فلا تَأتوها تَسْعَونَ، وأْتُوها تَمْشُون، وعليكم السَّكينةُ، فما أدركتُم فصلُّوا ، وما فاتكم فأتِمُّوا ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ قولَه صلَّى الله عليه وسلَّم: ((وما فاتكم فأتِمُّوا))، يعمُّ صلاةَ الجِنازة وغيرَها
    ثانيًا: قياسًا على سائرِ الصَّلواتِ
    القول الثاني:
    يأتي بها بعدَ سلامِ الإمامِ استحبابًا، فإنْ خَشِي رفْعَ الجِنازة والَى التكبيرَ من غيرِ ذِكْرٍ، فإذا سلَّم ولم يقضِ ما فاته صحَّت صلاتُه، وهو مذهبُ الحَنابِلَة، وقولُ طائفةٍ من السَّلف، وقولُ ابنِ عُثَيمين ؛ وذلك لأنَّها تكبيراتٌ مُتوالياتٌ حالَ القيامِ، فلم يجبْ قضاءُ ما فاتَه منها، كتكبيراتِ العيدِ

    المسألة الثانية: هلْ يُكبِّر المسبوقُ في الحالِ أمْ ينتظرُ التكبيرةَ المُستقبَلَة؟
    المسبوقُ الذي أدركَ بعضَ الصَّلاةِ يُكبِّرُ في الحالِ، ولا يَنتظرُ التكبيرةَ المُستقبَلَة، وهو مذهبُ الشافعيَّة، والحَنابِلَة، وقولٌ للمالكيَّة، وقال به بعض السَّلف، وهو قولُ أبي يوسُفَ من الحَنفيَّة، واختيارُ ابنِ المُنذِر، وابنِ حزمٍ، وابن عُثَيمين
    الأدلَّة:
    أولًا: مِنَ السُّنَّة
    عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((فما أدركتُم فصلُّوا ))
    ثانيًا: قياسًا على سائرِ الصَّلَواتِ[/right
    ------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا
    تابعونا جزاكم الله خيرا
    ::
    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    ::
    التالي :. صِفةُ صلاةِ الجِنازة

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع


      الوقت/التاريخ الآن هو السبت أبريل 27, 2024 6:49 pm