آل راشد



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

آل راشد

آل راشد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
آل راشد

ثقافى-اجتماعى

*** - اللَّهُمَّ اَنَكَ عَفْوٍ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعِفُو عَنَّا - *** - اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك . *** - اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ الْمَوْتِ وَ ارْزُقْنَا حُسْنَ الْخَاتِمَةِ . *** -

إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا شَابَتْ عَبِيدَهُمْ.. .. فِي رِقِّهِمْ عَتَقُوهُمْ عِتْقَ أَبْرَارٍ .. .. وَأَنْتَ يَا خَالِقِيُّ أوْلَى بِذَا كَرَمًا.. .. قَدْ شُبْتُ فِي الرِّقِّ فَأَعْتَقَنِي مِنَ النَّارِ .

المواضيع الأخيرة

» أقسام صفات الله
التاسع عشر: صِفةُ صلاةِ الجِنازة :مكانُ الجِنازة وموقفُ الإمامِ منها:  قيامُ القادرِ لصلاةِ الجِنازة :عددُ التكبيراتِ:سُنَن صلاةِ الجِنازة:حُكمُ حَمْل الجنازةِ :تشييعِ الجِنازة.                                                                               Ooou110اليوم في 8:52 pm من طرف عبدالله الآحد

» اثبات أن الله يتكلم بالصوت والحرف وأن القرآن كلامه حقيقة
التاسع عشر: صِفةُ صلاةِ الجِنازة :مكانُ الجِنازة وموقفُ الإمامِ منها:  قيامُ القادرِ لصلاةِ الجِنازة :عددُ التكبيراتِ:سُنَن صلاةِ الجِنازة:حُكمُ حَمْل الجنازةِ :تشييعِ الجِنازة.                                                                               Ooou110أمس في 4:11 pm من طرف عبدالله الآحد

» أَسْرارُ اَلْمُسَبَّحَةِ اَوْ السُّبْحَةِ وَأَنْواعُها وَأَعْدادُها - - ( ( اَلْجُزْءُ الثَّانِي ))
التاسع عشر: صِفةُ صلاةِ الجِنازة :مكانُ الجِنازة وموقفُ الإمامِ منها:  قيامُ القادرِ لصلاةِ الجِنازة :عددُ التكبيراتِ:سُنَن صلاةِ الجِنازة:حُكمُ حَمْل الجنازةِ :تشييعِ الجِنازة.                                                                               Ooou110أمس في 3:05 pm من طرف صادق النور

» الرياء شرك أصغر إن كان يسيرا
التاسع عشر: صِفةُ صلاةِ الجِنازة :مكانُ الجِنازة وموقفُ الإمامِ منها:  قيامُ القادرِ لصلاةِ الجِنازة :عددُ التكبيراتِ:سُنَن صلاةِ الجِنازة:حُكمُ حَمْل الجنازةِ :تشييعِ الجِنازة.                                                                               Ooou110الخميس أبريل 25, 2024 4:39 pm من طرف عبدالله الآحد

» لم يصح تأويل صفة من صفات الله عن أحد من السلف
التاسع عشر: صِفةُ صلاةِ الجِنازة :مكانُ الجِنازة وموقفُ الإمامِ منها:  قيامُ القادرِ لصلاةِ الجِنازة :عددُ التكبيراتِ:سُنَن صلاةِ الجِنازة:حُكمُ حَمْل الجنازةِ :تشييعِ الجِنازة.                                                                               Ooou110الأربعاء أبريل 24, 2024 5:12 pm من طرف عبدالله الآحد

» إثبات رؤية الله للمؤمنين في الجنة
التاسع عشر: صِفةُ صلاةِ الجِنازة :مكانُ الجِنازة وموقفُ الإمامِ منها:  قيامُ القادرِ لصلاةِ الجِنازة :عددُ التكبيراتِ:سُنَن صلاةِ الجِنازة:حُكمُ حَمْل الجنازةِ :تشييعِ الجِنازة.                                                                               Ooou110الثلاثاء أبريل 23, 2024 7:24 am من طرف عبدالله الآحد

» الرد على من زعم أن أهل السنة وافقوا اليهود
التاسع عشر: صِفةُ صلاةِ الجِنازة :مكانُ الجِنازة وموقفُ الإمامِ منها:  قيامُ القادرِ لصلاةِ الجِنازة :عددُ التكبيراتِ:سُنَن صلاةِ الجِنازة:حُكمُ حَمْل الجنازةِ :تشييعِ الجِنازة.                                                                               Ooou110الثلاثاء أبريل 23, 2024 5:40 am من طرف عبدالله الآحد

» طائِفُهُ الصَّفْوِيِّينَ - - اَلْدوَلهُ الصِّفْوِيهُ
التاسع عشر: صِفةُ صلاةِ الجِنازة :مكانُ الجِنازة وموقفُ الإمامِ منها:  قيامُ القادرِ لصلاةِ الجِنازة :عددُ التكبيراتِ:سُنَن صلاةِ الجِنازة:حُكمُ حَمْل الجنازةِ :تشييعِ الجِنازة.                                                                               Ooou110الإثنين أبريل 22, 2024 11:18 am من طرف صادق النور

» حكم الرقى والتمائم
التاسع عشر: صِفةُ صلاةِ الجِنازة :مكانُ الجِنازة وموقفُ الإمامِ منها:  قيامُ القادرِ لصلاةِ الجِنازة :عددُ التكبيراتِ:سُنَن صلاةِ الجِنازة:حُكمُ حَمْل الجنازةِ :تشييعِ الجِنازة.                                                                               Ooou110الأحد أبريل 21, 2024 7:19 am من طرف عبدالله الآحد

» كثرة الأشاعرة ليست دليلا على أنهم على حق في كل شيء
التاسع عشر: صِفةُ صلاةِ الجِنازة :مكانُ الجِنازة وموقفُ الإمامِ منها:  قيامُ القادرِ لصلاةِ الجِنازة :عددُ التكبيراتِ:سُنَن صلاةِ الجِنازة:حُكمُ حَمْل الجنازةِ :تشييعِ الجِنازة.                                                                               Ooou110السبت أبريل 20, 2024 5:13 pm من طرف عبدالله الآحد

اهلا بكم

الثلاثاء نوفمبر 08, 2011 2:32 am من طرف mohamed yousef

التاسع عشر: صِفةُ صلاةِ الجِنازة :مكانُ الجِنازة وموقفُ الإمامِ منها:  قيامُ القادرِ لصلاةِ الجِنازة :عددُ التكبيراتِ:سُنَن صلاةِ الجِنازة:حُكمُ حَمْل الجنازةِ :تشييعِ الجِنازة.                                                                               Ooousu10

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 32 عُضو متصل حالياً :: 1 أعضاء, 0 عُضو مُختفي و 31 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحث

عبدالله الآحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الأربعاء سبتمبر 15, 2021 4:26 am

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 9628 مساهمة في هذا المنتدى في 3191 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 288 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو دينا عصام فمرحباً به.

دخول

لقد نسيت كلمة السر

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع


    التاسع عشر: صِفةُ صلاةِ الجِنازة :مكانُ الجِنازة وموقفُ الإمامِ منها: قيامُ القادرِ لصلاةِ الجِنازة :عددُ التكبيراتِ:سُنَن صلاةِ الجِنازة:حُكمُ حَمْل الجنازةِ :تشييعِ الجِنازة.

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5188
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    التاسع عشر: صِفةُ صلاةِ الجِنازة :مكانُ الجِنازة وموقفُ الإمامِ منها:  قيامُ القادرِ لصلاةِ الجِنازة :عددُ التكبيراتِ:سُنَن صلاةِ الجِنازة:حُكمُ حَمْل الجنازةِ :تشييعِ الجِنازة.                                                                               Empty التاسع عشر: صِفةُ صلاةِ الجِنازة :مكانُ الجِنازة وموقفُ الإمامِ منها: قيامُ القادرِ لصلاةِ الجِنازة :عددُ التكبيراتِ:سُنَن صلاةِ الجِنازة:حُكمُ حَمْل الجنازةِ :تشييعِ الجِنازة.

    مُساهمة من طرف صادق النور الثلاثاء أكتوبر 25, 2022 10:56 am

    صِفةُ صلاةِ الجِنازة  

    صَلاةُ الجِنازةِ لها تحريمٌ، وتكبيرٌ، وتحليلٌ، ويُستقبَلُ فيها القِبلةُ، ويُشرَعُ أن تُصلَّى بإمامٍ وصفوفٍ، ويُمنَعُ المصلِّي فيها من الكَلامِ.
    الدَّليل من الإجماع:
    نقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ عبد البرِّ، وابنُ تيميَّةَ، وابنُ حجرٍ

    المطلب الأوَّل: النيَّةُ في صلاةِ الجِنازة  


    الفرع الأوَّل: حُكمُ النيَّةِ في صلاةِ الجِنازة

    لا تصحُّ صلاةُ الجِنازة بغيرِ نيَّة، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنفيَّ، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن عُمرَ بن الخطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: سمعتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقولُ: ((إنَّما الأعمالُ بالنيَّاتِ ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ كلمةَ ((إنَّما)) تُثبتُ الشيءَ، وتَنفي ما عَداه؛ فدلَّتْ على أنَّ العبادةَ إذا صحِبتْها النيةُ صحَّت، وإذا لم تَصحَبْها لم تصحَّ
    ثانيًا: لأنَّها صلاةٌ؛ فوجبَتْ لها النيَّةُ كسائرِ الصَّلواتِ

    الفرع الثَّاني: حُكمُ تَعْيينِ الميتِ
    لا يجِبُ تعيينُ الميِّتِ، وهو مذهبُ الجمهورِ: المالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة ؛ وذلك لعدمِ توقُّفِ المقصودِ على ذلِك-(( تعيينُ الشيء تخصيصه من الجملة..نصَّ الشافعيَّةُ على أنَّ الغائب يجِبُ تعيينُه.))

    المطلب الثَّاني: مكانُ الجِنازة وموقفُ الإمامِ منها

    الفرع الأوَّل: مكانُ الجِنازة وحُكمُ الصَّلاةِ قُدَّامَها

    يُشترَطُ أنْ يكونَ الميِّتُ بين يدَيِ الإمامِ، وتبطُلُ صلاةُ مَن تَقدَّم عليه، وهو مذهبُ الجمهورِ: الحَنفيَّة والشافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن أبي غالبٍ، قال: ((رأيتُ أنسَ بنَ مالكٍ صلَّى على جِنازة رجُلٍ، فقامَ حِيالَ رأسِه، فجيءَ بجِنازة أخرى؛ بامرأةٍ، فقالوا: يا أبا حمزةَ، صلِّ عليها، فقام حيالَ وسَطِ السَّريرِ، فقال له العلاءُ بنُ زياد: يا أبا حمزةَ، هكذا رأيتَ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قامَ مِن الجِنازةِ مَقامَك مِن الرَّجُلِ، وقامَ مِن المرأةِ مقامَك من المرأةِ؟ قال: نعَمْ ))
    وفي رواية: ((فقال العلاءُ بن زياد: يا أبا حمزةَ، هكذا كانَ يفعَلُ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ يُصلِّي على الجِنازة كصلاتِك، يُكبِّر عليها أربعًا، ويقومُ عند رأس الرَّجُلِ وعجيزةِ المرأة؟ قال: نعم ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم صلَّى خلفَ الجِنازة، ولم يتقدَّمْ عليها، وقد قال صلَّى الله عليه وسلَّم: ((صلُّوا كما رأيتُموني أُصلِّي ))
    ثانيًا: لأنَّ الميِّتَ كالإمامِ، فلو تَقدَّمَ المصلِّي على الإمامِ من غيرِ عُذرٍ فسَدتْ صلاتُه؛ فكذا لو تَقدَّمَ على الميِّتِ، فسدتْ صلاتُه
    ثالثًا: اتِّباعًا لِمَا جرَى عليه الأوَّلون

    الفرع الثَّاني: موقفُ الإمامِ من الجِنازة

    المسألة الأولى: موقِف الإمامِ من جِنازة الرَّجُلِ
    يقِفُ الإمامُ عندَ رأسِ الرجُل، وهو الصَّحيحُ عند الشافعيَّة، وروايةٌ عن أبي حَنيفة، وهو قولُ أبي يوسف من أصحابِه، واختارَه ابنُ المنذرِ، وابنُ حزمٍ، والقرطبيُّ، والشوكانيُّ، وابنُ باز، وابنُ عُثَيمين
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن نافعٍ أبي غالبٍ، قال: ((كنتُ في سِكَّةِ المِرْبَد، فمرَّت جِنازة معها ناسٌ كثير، قالوا: جِنازة عبدِ الله بن عُمير، فتبِعْتُها فإذا أنا برجلٍ عليه كساءٌ رقيقٌ على بُرَيذينَتِه، وعلى رأسِه خِرقةٌ تَقِيه من الشَّمس، فقلتُ: مَن هذا الدِّهقانُ ؟ قالوا: هذا أنسُ بنُ مالك، فلمَّا وُضِعَتِ الجِنازة قام أنسٌ فصلَّى عليها، وأنا خلفَه لا يحولُ بيني وبينه شيءٌ، فقام عندَ رأسِه فكبَّر أربعَ تكبيراتٍ، لم يُطِلْ ولم يُسرِعْ، ثم ذهب يقعُد، فقالوا: يا أبا حمزةَ، المرأةُ الأنصاريَّةُ، فقرَّبُوها وعليها نعشٌ أخضرُ، فقام عندَ عجيزتِها فصلَّى عليها نحوَ صلاتِه على الرجُلِ، ثم جَلَسَ، فقال العلاءُ بن زياد: يا أبا حمزة، هكذا كانَ يفعَلُ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ يُصلِّي على الجِنازة كصلاتِك، يُكبِّر عليها أربعًا، ويقومُ عند رأس الرَّجُلِ وعجيزةِ المرأة؟ قال: نعم ))
    المسألة الثانية: موقِفُ الإمامِ من جِنازة المرأةِ
    يقِفُ الإمامُ عند وسَطِ المرأة، وهو مذهبُ الشافعيَّة، والحَنابِلَة، وروايةٌ عن أبي حَنيفة، وهو قولُ أبي يُوسَف، وروايةٌ عن مالك، واختاره الطَّحاويُّ، وابنُ المنذر، وابنُ حزمٍ، والقرطبيُّ، والصنعانيُّ، والشوكانيُّ، وابنُ باز، وابنُ عُثَيمين
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن نافعٍ أبي غالبٍ، قال: ((كنتُ في سِكَّةِ المِرْبَد، فمرَّت جِنازة معها ناسٌ كثير، قالوا: جِنازة عبدِ الله بن عُمير، فتبعتُها فإذا أنا برجلٍ عليه كساءٌ رقيقٌ على بُرَيذينَتِه، وعلى رأسِه خِرقةٌ تَقِيه من الشَّمس، فقلتُ: مَن هذا الدِّهقانُ؟ قالوا: هذا أنسُ بن مالك، فلمَّا وُضِعتِ الجِنازة قام أنسٌ فصلَّى عليها، وأنا خلفَه لا يحولُ بيني وبينه شيءٌ، فقام عندَ رأسه فكبَّر أربعَ تكبيراتٍ، لم يُطِلْ ولم يُسرِعْ، ثم ذهب يقعُد، فقالوا: يا أبا حمزةَ، المرأةُ الأنصاريَّةُ، فقرَّبوها وعليها نعشٌ أخضرُ، فقام عندَ عَجيزتِها فصلَّى عليها نحوَ صلاتِه على الرجُلِ، ثم جلس، فقال العلاءُ بن زيادٍ: يا أبا حمزةَ، هكذا كانَ يفعَلُ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ يُصلِّي على الجِنازة كصلاتِك، يُكبِّرُ عليها أربعًا، ويقومُ عند رأس الرَّجُلِ وعجيزةِ المرأة؟ قال: نعم ))
    2- عن سَمُرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: ((صليتُ وراءَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم على امرأةٍ ماتتْ في نفاسِها، فقام عليها وسَطَها ))
    ثانيًا: لأنَّه أبلغُ في صِيانتِها عن الباقِينَ

     المطلب الثَّالث: قيامُ القادرِ لصلاةِ الجِنازة


    قيامُ القادرِ لصلاةِ الجِنازة رُكنٌ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنفيَّة والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن عِمرانَ بنِ حُصَينٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: ((كانتْ بي بواسيرُ، فسألتُ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن الصَّلاةِ، فقال: صَلِّ قائمًا... ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ هذا الأمرَ عامٌّ في كلِّ الصَّلواتِ، فيشمَلُ صلاةَ الجِنازة؛ لأنَّها صلاةٌ من الصَّلواتِ
    ثانيًا: قياسًا على غيرِها مِنَ الفَرائضِ

    المطلب الرَّابع: عددُ التكبيراتِ في صلاةِ الجِنازة  


    الفرع الأوَّل: أقلُّ ما يُجزِئ من التَّكبيراتِ

    لا تصحُّ صلاةُ الجِنازة بأقلَّ مِن أربعِ تكبيراتٍ.
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللَّهُ عنهما: ((أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم صلَّى على أَصْحمَةَ النجاشيِّ، فكبَّر عليه أربعًا ))

    2- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللَّهُ عنه: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم نعَى النجاشيَّ في اليومِ الذي ماتَ فيه؛ خرَج إلى المصلَّى فصفَّ بِهم، وكبَّر أربعًا ))
    ثانيًا: من الإجماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ عبدِ البرِّ، والنوويُّ

    الفرع الثَّاني: الزِّيادةُ على أربعِ تَكبيراتٍ

    لا تُشرعُ الزيادةُ على أربعِ تكبيراتٍ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّةِ الأربعة: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم نَعَى النَّجَاشِيَّ في اليومِ الذي ماتَ فيهِ، وخرَج بهم إلى المُصَلَّى، فصفَّ بهم، وكبَّرَ عليهِ أربعَ تكبيراتٍ ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ النجاشيَّ مع كونِه له مزيَّةٌ كبيرةٌ إلا أنَّ النبيَّ  صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اقتَصر في التكبير عليه بأربعِ تكبيراتٍ
    ثانيًا: أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ثبَت عليها حتى تُوفِّي، فنَسخَتْ ما قبلَها
    ثالثًا: لتقرُّرِ الأمرِ عليها مِنَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابِه

    المطلب الخامس: قراءةُ الفاتحةِ بعدَ التكبيرةِ الأُولى


    قراءةُ الفاتحةِ فرضٌ في صلاةِ الجِنازة، وهو مذهبُ الشافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ بعض السَّلَف، وهو مذهَبُ الظَّاهريَّة، والشوكانيِّ، وابنِ باز، وابنِ عُثَيمين
    الأدلَّة من السُّنَّة:
    1- عن طلحةَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عوفٍ، قال: ((صليتُ خلفَ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما على جِنازة، فقرَأَ بفاتحةِ الكتابِ، قال: لِيَعْلموا أنَّها سُنَّةٌ ))
    2- عن أَبي أُمامةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه أنَّه قال: ((السُّنَّة في الصَّلاةِ على الجِنازة أن يَقرأَ في التكبيرةِ الأولى بأمِّ القرآنِ مُخافتةً، ثم يُكبِّر ثلاثًا، والتسليمُ عندَ الآخِرة ))
    3- عن عُبادةَ بنِ الصَّامت رَضِيَ الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: ((لا صلاةَ لِمَن لم يقرأْ بفاتحةِ الكتابِ ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ صلاةَ الجِنازة صلاةٌ مِن الصَّلواتِ، فتدخُلُ في عمومِ هذا النصِّ؛ في كونِ قِراءة الفاتحةِ فرضًا فيها

    المطلب السَّادس: الصَّلاةُ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم

    الفرع الأول: حُكمُ الصَّلاةِ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في صلاةِ الجِنازة
    الصَّلاةُ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم
    فرضٌ في صلاةِ الجِنازة، وهو مشهورُ مذهبِ الشافعيَّة، ومذهبُ الحَنابِلَة، واختاره ابنُ باز، وابن عثيمين
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن أبي أُمامةَ بنِ سَهلٍ، أنَّه أخبرَه رجلٌ من أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((أنَّ السُّنَّة في الصَّلاةِ على الجِنازة أن يُكبِّرَ الإمامُ، ثم يقرأَ بفاتحةِ الكتابِ- بعدَ التكبيرة الأولى- سِرًّا في نفْسِه، ثم يُصلِّيَ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ويُخلِصَ الدُّعاءَ للجِنازةِ في التكبيراتِ، لا يقرأُ فى شىءٍ منهنَّ، ثم يُسلِّم... ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ هذه هي سُنَّة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في صلاةِ الجِنازة، وقد قال: ((صَلُّوا كما رأيتموني أُصَلِّي ))
    ثانيًا: لأنَّها صلاةٌ؛ فوجبَ فيها الصَّلاةُ على رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم كسائرِ الصَّلواتِ

    الفرع الثاني: محلُّ الصلاةِ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في صلاةِ الجِنازة
    محلُّ الصَّلاةِ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ بعدَ التكبيرةِ الثَّانيةِ مِن صلاةِ الجِنازة، وهو مذهبُ الجمهورِ: الحَنفيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن أبي أُمامةَ بنِ سَهلٍ، أنَّه أخبرَه رجلٌ من أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((أنَّ السُّنَّةَ في الصَّلاةِ على الجِنازة أن يُكبِّرَ الإمامُ، ثم يقرأَ بفاتحةِ الكتابِ- بعدَ التكبيرة الأولى- سِرًّا في نفْسِه، ثم يُصلِّيَ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ويُخلِصَ الدُّعاءَ للميِّت في التكبيراتِ، لا يقرأُ فى شىءٍ منهنَّ، ثم يُسلِّم... ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    ظاهرُ هذا الحديثِ أنَّ الصلاةَ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ تكون بعدَ التكبيرةِ الثانية؛ لأنَّه لو كان قبلها لم تقعْ في التكبيراتِ، بل قبلَها
    المطلب السَّابع: الدُّعاءُ للميِّتِ

    الدُّعاءُ للميِّت رُكنٌ في صلاةِ الجِنازة وهو مذهبُ الجُمهورِ: المالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: سمعتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((إذا صليتُم على الميِّتِ، فأخْلِصوا له الدُّعاءَ ))
    ثانيًا: لأنَّ القصدَ من هذه الصَّلاةِ الدُّعاءُ للميِّت؛ فلا يجوزُ الإخلالُ بالمقصودِ

    المطلب الثَّامن: ما يُشرَعُ بعدَ التكبيرةِ الرَّابعةِ


    اختَلَف العلماءُ في مشروعيَّةِ الدُّعاءِ للميِّتِ بعدَ التكبيرةِ الرَّابعة، على قولين:
    القولُ الأوَّل:
    يُشرَعُ الدُّعاءُ للمَيِّت بعدَ التكبيرةِ الرابعةِ وقبلَ التَّسليمِ، وهذا مذهبُ المالِكيَّة، والشافعيَّة، واختارَه بعضُ الحَنفيَّة، وروايةٌ عن أحمد، واختاره الشوكانيُّ، وابنُ عُثَيمين، والألبانيُّ ؛ وذلك لأنَّه قيامٌ في صلاةٍ، فكان فيه ذِكرٌ مشروعٌ، كالذي قبل التكبيرةِ الرابعةِ
    القول الثاني:
    أنَّه ليس بعدَ التَّكبيرةِ الرَّابعةِ دعاءٌ، وإنَّما يليها السَّلامُ، وهو مذهبُ الحَنفيَّة، والحَنابِلَة، وقولٌ عند المالِكيَّة، واختارَه ابنُ باز ؛ وذلك لأنَّ الدُّعاءَ في صلاةِ الجِنازة بمنزلةِ القراءةِ في غيرِها، فلو دعا بعدَ الرَّابعةِ لاحتاجَ إلى تكبيرةٍ تَفصِلُ بين القراءةِ والسَّلامِ، كما يَفصِلُ الركوعُ بين القراءةِ والتَّسليمِ

    المطلب التاسع: التَّسليمُ في صَلاةِ الجِنازةِ

    الفرع الأوَّل: حُكمُ التَّسليمِ
    التَّسليمُ ركنٌ
    في صلاةِ الجِنازة، وهو مذهبُ الجمهورِ: المالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عمومُ حديثِ: ((وتَحليلُها التَّسليمُ ))
    2- عن عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها، قالتْ: ((كان يختمُ الصَّلاةَ بالتَّسليمِ ))
    ثانيًا: أنَّها عبادةٌ افتُتِحَت بالتَّكبيرِ، فتُختتَمُ بالتسليمِ؛ كالصَّلاةِ المفروضةِ

    الفرع الثَّاني: عددُ التَّسليمِ في صَلاةِ الجِنازة
    اختلَفَ أهلُ العِلمِ في عددِ التَّسليمِ في صلاةِ الجِنازة: هل هو تسليمةٌ أو تسليمتان ؛ على قولين:
    القول الأوّل:
    يُستحَبُّ في صَلاةِ الجِنازة التَّسليمُ تَسليمتَينِ، وهو مذهبُ الحَنفيَّة، والأصحُّ عند الشَّافعيَّة، وهو قولُ ابنِ حزمٍ
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن ابنِ مسعودٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: ((ثلاثُ خِلالٍ كان رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم يفعلهنَّ، ترَكَهنَّ النَّاسُ؛ إحداهنَّ: التسليمُ على الجِنازة مِثل التَّسليمِ في الصَّلاةِ...))
    ثانيًا: قياسًا على سائرِ الصَّلواتِ في كونِها تَسليمتَينِ
    القول الثاني:
    يُستحبُّ في صَلاةِ الجِنازة الاقتصارُ على تسليمةٍ واحدةٍ، وهو مذهبُ المالِكيَّة، والحَنابِلَة، وهو القولُ القديمُ للشافعيِّ، وقال به بعضُ السَّلَفِ، وهو مذهبُ جماهيرِ أهلِ العِلمِ من السَّلَفِ والخَلفِ، وهو اختيارُ ابنِ المنذرِ، وابنِ باز، وابنِ عُثَيمين
    الأدلَّة:أولًا: مِنَ الآثار
    عن ابنِ عبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عنهما، أنَّه: (سَلَّمَ تسليمةً خفيفةً على الجِنازة)
    ثانيًا: لأنَّ صلاةَ الجِنازة مبنيَّةٌ على التَّخفيفِ

    المطلب العاشِر: سُنَن صلاةِ الجِنازة  


    الفرع الأوَّل: رفْعُ اليَدينِ مع التَّكبيرِ

    المسألة الأولى: رفْعُ اليَدينِ معَ التكبيرةِ الأُولى
    يُشرَعُ للمصلِّي على الجِنازة أن يرفعَ يديه في أوَّلِ تكبيرةٍ يُكبِّرُها.
    الدَّليل من الإجماع:
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المنذرِ، وابنُ قُدامةَ
    المسألة الثانية: رفْعُ اليدينِ مع التَّكبيراتِ سِوى تكبيرةِ الإحرام
    يُسنُّ للمصلِّي على الجِنازة أنْ يَرفعَ يديه في كلِّ تكبيرةٍ، وهو مذهبُ الشافعيَّة، والحَنابِلَة، وقولُ بعضِ الحَنفيَّة وقولٌ للمالكيَّة، وقال به بعضُ السَّلفِ، وهو قولُ داودَ الظاهريِّ، واختارَه ابنُ المنذر، وابنُ باز، وابنُ عُثَيمين
    الأدلَّة:أولًا: من الآثار
    1- عن نافعٍ، عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، أنَّه: (كان يرفعُ يَديهِ في كلِّ تكبيرةٍ على الجِنازة)
    2- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: (أنَّه كان يرفعُ يَديهِ في تكبيراتِ الجِنازة)
    ثانيًا: لأنَّها تكبيرةٌ حالَ الاستقرارِ؛ أشبهتِ الأُولى

    الفرع الثَّاني: الجهرُ والإسرارُ في صلاةِ الجِنازة


    المسألة الأولى: القراءةُ إذا كانتْ صلاةُ الجِنازة نهارًا
    يُسرُّ بالقِراءةِ في صَلاةِ الجِنازةِ نَهارًا.
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن أبي أُمامةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، أنَّه قال: ((السُّنَّةُ في الصَّلاةِ على الجِنازة أن يقرأَ في التكبيرةِ الأُولى بأمِّ القرآنِ مخافَتَةً، ثم يُكبِّرُ ثلاثًا، والتَّسليمُ عند الآخِرةِ ))
    ثانيًا: من الإجماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ قُدامة، والعينيُّ
    المسألة الثانية: القِراءةُ إذا كانتْ صلاةُ الجِنازة ليلًا
    يُسرُّ بالقراءةِ في صلاةِ الجنازةِ ولو كانتِ الصَّلاةُ ليلًا، وهو الأصحُّ عند الشافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن أبي أُمامةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، أنَّه قال: ((السُّنَّةُ في الصَّلاةِ على الجِنازة أن يقرأَ في التكبيرةِ الأُولى بأمِّ القرآن مخافَتَةً، ثم يُكبِّرَ ثلاثًا، والتَّسليمُ عند الآخِرةِ ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه لم يُفرِّق في المخافَتَة بينَ ليلٍ ونَهار.
    ثانيًا: لأنَّها لا تُقاسُ على المكتوبةِ؛ لأنَّها مؤقَّتةٌ، والجِنازة غيرُ مؤقَّتة، فأشبهتْ تحيَّةَ المسجدِ ونحوَها
    المسألة الثالثة: الجهرُ بالتَّكبيراتِ
    يَجهرُ الإمامُ بالتَّكبيراتِ في صلاةِ الجِنازة؛ نصَّ على ذلك الحَنفيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة ؛ وذلك لأنَّ الإمامَ يُسمِعُ مَن يَليه؛ لأنَّهم يَقتدُونَ به، فيُكبِّرونَ بتكبيرِه، ويُسلِّمونَ بسلامِه
    المسألة الرابعة: الجهرُ بالتَّسليمِ
    يَجهرُ الإمامُ بالتَّسليمِ، ويُخافِتُ بها المأمومُ، وهو مذهبُ الجُمهورِ: المالِكيَّة، والشافعيَّة والحَنابِلَة ؛ وذلك لأنَّ الإمامَ يُسمِعُ مَن يليه؛ لأنَّهم يقتدون به، فيُسلِّمون بسلامِه، بخلافِ مَن خَلْفَه إنَّما يُسلِّمُ ليتحلَّلَ من صلاتِه، فيُسلِّم في نفسِه، وقياسًا على غيرِها من الصَّلوات
    المسألة الخامسة: الإسرارُ بالصَّلاةِ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم والدُّعاءِ
    يُسرُّ بالصَّلاةِ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم والدُّعاءِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن أبي أُمامةَ بنِ سَهلٍ، أنَّه أخبَرَه رجلٌ من أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: أنَّ ((السُّنَّة في الصَّلاةِ على الجِنازة أن يُكبِّرَ الإمامُ، ثم يقرأَ بفاتحةِ الكتابِ- بعدَ التكبيرة الأولى- سِرًّا في نفْسِه، ثم يُصلِّيَ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ويُخلِصَ الدُّعاءَ للميِّت، ثم يُسلِّمَ سِرًّا فِي نَفْسِهِ ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ السُّنَّةَ قراءةُ الفاتحةَ سرًّا، فمِن بابِ أولى الصلاةُ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، والدُّعاء؛ لأنَّ الأصلَ في الدعاء أن يكونَ سِرًّا.
    ثانيًا: لأنَّه أوقعُ في النَّفْسِ من الجهرِ، ولأنَّه مُحتوٍ على ثناءٍ وصلاةٍ على محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم، والإسرارُ بذلِك أفضلُ

    الفرع الثالث: الصفوفُ على صلاةِ الجِنازة

    يُستحبُّ أن تُجعلَ الصفوفُ على الجِنازة ثلاثةَ صُفوفٍ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعة: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    1- عن مَرْثدِ بنِ عبدِ اللهِ اليَزنيِّ، قال: كان مالكُ بنُ هُبَيرةَ إذا صلَّى على جِنازة، فتقالَّ الناسُ عليها، جزَّأهم ثلاثةَ أجزاءٍ، ثم قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((مَن صلَّى عليه ثلاثةُ صفوفٍ، فقَدْ أَوْجَبَ))
    2- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ، رَضِيَ اللَّهُ عنهما، قال: قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((قد تُوفِّي اليومَ رجلٌ صالحٌ من الحَبَش؛ فهَلُمَّ فصلُّوا عليه، قال فصَفَفْنا فصلَّى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عليه ونحن صفوف، قال أبو الزبير عن جابرٍ: كنتُ في الصفِّ الثَّاني ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    في الحديثِ دَلالةٌ على أنَّ للصفوفِ تأثيرًا على الجِنازة، ولو كان الجمعُ كثيرًا؛ لأنَّ الظَّاهِرَ أنَّ الذين خرَجوا معه صلَّى الله عليه وسلَّم كانوا عددًا كثيرًا، وكان المصلَّى فضاءً، ولا يَضيقُ بهم لو صفُّوا فيه صفًّا واحدًا، ومع ذلك فقد صفَّهم
    ثانيًا: من الآثار
    عن شراحيلَ الكنديِّ رَضِيَ اللهُ عنه- وكان من الصَّحابةِ- أنَّه صلَّى على جِنازة، فجَعَلهم ثلاثةَ صفوفٍ
    -------------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا .. تابعونا جزاكم الله خيرا  ..
    ::
    ولا تنسونا من صالح دعائكم


    عدل سابقا من قبل sadekalnour في الثلاثاء أكتوبر 25, 2022 4:30 pm عدل 1 مرات

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5188
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    التاسع عشر: صِفةُ صلاةِ الجِنازة :مكانُ الجِنازة وموقفُ الإمامِ منها:  قيامُ القادرِ لصلاةِ الجِنازة :عددُ التكبيراتِ:سُنَن صلاةِ الجِنازة:حُكمُ حَمْل الجنازةِ :تشييعِ الجِنازة.                                                                               Empty حُكمُ حَمْل الجنازةِ : تشييعِ الجِنازة.:حُكمُ تشييعِ المرأة للجِنازة.:حُكمُ تغطيةِ نَعْش المرأة.:حُكمُ حَمْلِ المَيِّتِ بالدابَّة ونحوها .

    مُساهمة من طرف صادق النور الثلاثاء أكتوبر 25, 2022 11:22 am


    المطلب الأوَّل: حُكمُ حَمْل الجنازةِ

    حملُ الجِنازة فرضُ كفايةٍ.
    الدليل من الإجماع:
    نقل الإجماعَ على ذلك النوويُّ وابن مُفلح، والمَرْداويُّ، وابن حجر الهيتميُّ، والشربينيُّ

    المطلب الثاني: حُكمُ تشييعِ الجِنازة


    يُسَنُّ اتِّباعُ الجِنازة للرِّجالِ، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحَنفيَّةوالمالكية والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكِيَ فيه الإجماعُ
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن البَراءِ بنِ عازبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه قال: ((أمَرَنا النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بسبعٍ، ونَهانا عن سبعٍ: أمَرَنا بعيادَةِ المَريضِ، واتِّباعِ الجِنازة، وتَشْميتِ العاطِسِ، وإجابَةِ الدَّاعي، ورَدِّ السَّلامِ، ونَصْرِ المَظْلومِ، وإبْرارِ المُقْسِمِ... ))
    المطلب الثالث: حُكمُ تشييعِ المرأة للجِنازة


    اختلف أهلُ العلم في حُكْم تشييعِ المرأةِ للجِنازة على أقوالٍ؛ أقواها قولان:
    القول الأول:
    يُكْرَه للمرأةِ اتِّباعُ الجِنازة، وهو مَذهَب الشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وقولُ بَعضِ السَّلَف
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن أمِّ عطيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها، قالت: ((نُهِينَا عن اتِّباعِ الجنائِزِ، ولم يُعْزَمْ علينا ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    قولها: (وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنا) معناه نُهِينا نَهْيًا غيرَ مُحَتَّمٍ، وهو محمولٌ على كراهَةِ التَّنزيهِ
    القول الثاني:
    يَحْرُم عليهِنَّ اتِّباعُ الجِنازة، وهو مذهَبُ الحَنفيَّة، وهو قولُ ابنِ بازٍ، وابنِ عُثيمين
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن أمِّ عطيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها، قالت: ((نُهِينَا عن اتِّباع الجنائِزِ، ولم يُعْزَمْ عَلَيْنا ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    النَّهْيُ في الحديث للتَّحريمِ؛ لأنَّ الأَصْلَ في النَّهيِ التَّحريمُ
    ثانيًا: لِمَا يُخْشَى في ذلك من الفتنة لهنَّ وبِهِنَّ، وقلة صَبْرِهن

    المطلب الرابع: حُكمُ تغطيةِ نَعْش المرأة


    اتفَّقَتِ المذاهِبُ الفقهيَّةُ الأربعةُ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة على استحبابِ تغطيةِ نَعْشِ المرأة بالمكبَّة - ((  (والمكبة مثل الخيمة؛ أعوادٌ مُقَوَّسةٌ تُوضَعُ على النَّعشِ، ويوضَع عليها سِترٌ)).
    ؛ وذلك لتُسْتَرَ عن أَعْيُنِ النَّاسِ
    المطلب الخامس: حُكمُ حَمْلِ المَيِّتِ بالدابَّة ونحوها

    لا بَأْسَ بحَملِ المَيِّت على دابَّةٍ لغَرَضٍ صحيحٍ
    كبُعْدِ قَبرِه ونحوه؛ نصَّ عليه الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والحَنابِلَة ؛ وذلك للحاجَةِ
    المطلب السادس صفةُ حَمْلِ الجنازةِ


    تُحْمَلُ الجِنازة كيفما تيَسَّرَ، سواءٌ كان حَمْلُها بالتَّربيعِ
    أو بينَ عمودينِ، وهذا مذهَبُ المالِكيَّة، ووجهٌ عند الشَّافعيَّة، وهو قولُ داودَ الظاهريِّ، واختاره ابنُ عُثَيمينَ
    الأدلَّة من الآثارِ:
    1- عن أبي الدرداء: (من تمامِ أَجْرِ الجِنازة أن تُشَيِّعَها من أهلِها، وأن تَحْمِلَ بأركانِها الأربعة، وأن تَحْثُوَ في القَبرِ)
    2- عن إبراهيمَ بنِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ قال: (رأيتُ سعدَ بنَ أبي وقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه في جِنازة عبد الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ قائمًا بين العَمودينِ المُقَدَّمينِ، واضعًا السَّريرَ على كاهِلِه)
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ كِلا الأمرينِ قد ورد عن الصَّحابةِ؛ ممَّا يدلُّ على جوازِهما.

    المطلب السابع: مكانُ المُشاةِ والرُّكبانِ المُتَّبعينَ للجِنازة

    الفرع الأول: مكانُ المُشاةِ المُتَّبعينَ للجِنازة
    اختلف أهلُ العِلمِ في الأفضل لِمَنْ تَبِعَ الجِنازة من المُشاة: هل يكون أمامَها أو خَلْفَها؛ على ثلاثةِ أقوال:
    القول الأول:
    الأفضلُ لِمَن تَبِعَ الجِنازة من المُشاةِ أن يكون أمامَها، وهو مذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّة والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ بعضِ السَّلَف، وقال به أكثرُ أهلِ العلمِ، وكان يفعَلُه أكثرُ الصَّحابةِ، وحُكي فيه إجماعُهم ؛ وذلك لأنَّه شفيعٌ، وحَقُّ الشَّفيعِ أن يتقَدَّم
    القول الثاني:
    أنَّ الأفضلَ لِمَنْ تَبِعَ الجِنازة مِنَ المشاةِ أن يمشي خَلْفَها، وهو مذهَبُ الحَنفيَّة، وقولٌ عند المالِكيَّة، وقال به بعضُ السَّلَفِ، وهو قولُ ابنِ حزمٍ
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن البَراءِ بنِ عازب رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: ((أَمَرَنا النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بسَبْعٍ، ونهانا عن سبعٍ: أمَرَنا باتِّباعِ الجَنائِز.. ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ لَفْظَ الاتِّباعِ لا يقَعُ إلَّا على التَّالي، ولا يُسَمَّى المتقدِّمُ تابعًا، بل هو متبوعٌ
    ثانيًا: من الآثار
    عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ الله عنه، قال: (المَشيُ خَلْفَها أفضَلُ من المَشْيِ أمامَها؛ كفضلِ صلاةِ الرَّجُلِ في جماعةٍ على صلاتِه فذًّا)
    ثالثًا: لأنَّها متبوعةٌ؛ فيجب أن تُقَدَّمَ كالإمامِ في الصَّلاة
    القول الثالث:
    الماشي المتقدِّمُ على الجِنازة والمتأخِّرُ عنها، كلاهما سواءٌ، وهو قولٌ عند الحَنابِلَة، وبه قالت طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ، واختاره الطبريُّ، والشوكانيُّ، وابنُ عثيمينَ ؛ وذلك لأنَّ فيه توسعةً على المُشَيِّعين، وهو يوافِقُ سُنَّةَ الإسراعِ بالجِنازة، وأنَّهم لا يلزمونَ مكانًا واحدًا يَمشونَ فيه؛ لئلَّا يَشُقَّ عليهم

    الفرع الثاني: الرُّكوبُ عند التَّشييعِ

    المسألة الأولى: حُكمُ الرُّكوبِ عند التَّشييعِ
    يُكْرَه الرُّكوبُ في حالِ تشييعِ الجِنازة، وهذا مذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وقالت به طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن جابرِ بنِ سَمُرَة رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: ((أُتِيَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بفَرَسٍ مُعْرَوْرًى، فرَكِبَه حين انصرف من جِنازة ابنِ الدَّحداحِ، ونحن نمشي حولَه ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم رَكِبَ حين انصرَفَ مِن جِنازة؛ فدَلَّ على إباحةِ الرُّكوبِ في الرُّجوعِ مِنَ الجِنازة، لا الذَّهابِ معها
    عن ثوبانَ رَضِيَ اللهُ عنه، ((أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أُتِيَ بدابَّةٍ وهو مع الجِنازة فأبى أن يَرْكَبَها، فلمَّا انصرف أُتِيَ بدابَّةٍ فَرَكِبَ، فقيل له، فقال: إنَّ الملائكةَ كانت تَمْشي، فلم أكُنْ لِأَرْكَبَ وهم يَمشونَ، فلمَّا ذهبوا رَكِبْتُ ))
    ثانيًا: لأنَّ المَشْيَ في الجِنازة أقربُ إلى الخُشوعِ، وأليَقُ بحالِ الشَّفيعِ
    ثالثًا: أنَّ المَشْيَ مع الجِنازة فِعْلُ بِرٍّ، وموضِعُ تواضُعٍ

    المسألة الثانية: موضِعُ الرُّكبانِ من الجِنازة
    الأفضلُ لِمَنْ تَبِعَ الجِنازة راكبًا أن يكون خَلْفَها، وهو مذهَبُ الجمهورِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ ابنِ حزمٍ
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن البراءِ بن عازب رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: ((أَمَرَنا النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بسبعٍ، ونهانا عن سبعٍ: أَمَرَنا باتِّباعِ الجَنائِز.. ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    لفظ الاتِّباع لا يقَعُ إلا على التالي، ولا يُسَمَّى المتقدِّمُ تابعًا، بل هو متبوعٌ
    ثانيًا: لأنَّه بِسَيْرِ الرَّاكِبِ أمامَها يتضرَّرُ النَّاسُ بإثارةِ الغُبارِ

    المطلب الثامن: الإسراعُ بالجِنازة

    يُسْتَحَبُّ الإسراعُ
    بالجِنازة، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((أَسْرِعوا بالجِنازة؛ فإنْ تَكُ صالحةً فخَيْرٌ تُقَدِّمونَها، وإن يَكُ سِوَى ذلك، فشَرٌّ تَضعونَه عن رِقابِكم ))
    المطلب التاسع: حُكمُ جُلوسِ المُشَيِّعينَ قبل وَضعِ الجِنازة

    اختلف أهلُ العِلمِ في حُكمِ جُلوس المُشَيِّعينَ قبل وَضعِ الجِنازة، على قولين:
    القول الأول:
    لا يُكْرَهُ الجُلوسُ قبل وَضْعِ الجِنازة، وهو مذهَبُ المالِكيَّة، والشَّافعيَّة، وروايةٌ عن أحمَدَ
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنه قال فِي شَأنِ الجنائِزِ: ((إِنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قامَ، ثُمَّ قَعَدَ ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أن قوله: ((قَامَ، ثُمَّ قَعَدَ)) دلَّ على أنَّ القيامَ منسوخٌ بالقُعودِ
    القول الثاني:
    لا يُشرَع الجلوسُ لِمَن تَبِع الجِنازة حتى توضَعَ بالأرض للدَّفْنِ، وهو مَذهَب الحَنفيَّة، والحَنابِلَة، وقولُ بعضِ السَّلَف، واختاره ابنُ المُنذر، وابنُ القَيِّم، والشوكانيُّ، وابنُ بازٍ، وابنُ عثيمينَ
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن أبي سعيدٍ رَضِيَ الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إذا اتَّبَعْتم جِنازة، فلا تجلسوا حتى تُوضَعَ ))
    ثانيًا: لأنَّه قد تقع الحاجةُ إلى التعاوُنِ، والقيامُ أَمْكَنُ منه
    ثالثًا: لأنَّ المعقولَ مِن نَدْبِ الشَّرْعِ لحضورِ دَفْنِه إكرامُ المَيِّتِ، وفي جُلوسِهم قبل وَضْعِه ازدراءٌ به، وعدمُ التفاتٍ إليه

    المطلب العاشر: حُكمُ القيامِ للجِنازة


    اختلف أهلُ العلم في حُكْم ِالقِيامِ للجِنازة إذا مَرَّت به؛ على قولين:
    القول الأول:
    يُكره القيامُ للجِنازة
    إذا مَرَّت به، ولم يُرِدِ الذَّهابَ معها، باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة : الحَنفيَّة، والمالكية، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قول طائفةٍ مِنَ السَّلَف
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ الله عنه، أنه قال: ((قام رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ثم قعَدَ ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أن آخِرَ الأمرينِ من رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم تَرْكُ القيامِ لها، والأخذُ بالآخِرِ مِن أَمْرِه أَوْلى
    القول الثاني:
    يُستحَبُّ القيامُ للجِنازة إذا مَرَّت به، وهو قولُ بعض الشَّافعيَّة، واختاره النوويُّ، وهو روايةٌ عن أحمدَ، وقولُ بعض السَّلَفِ، واختاره ابنُ تيميَّةَ وابنُ القيِّم، وابنُ باز، وابنُ عُثيمين
    الأدلَّة من السُّنَّة:
    1- عن عامِر بنِ ربيعةَ رَضِيَ الله عنه، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: ((إذا رأى أحدُكم الجِنازة، فإن لم يكُنْ ماشيًا معها، فلْيَقمْ حتى تُخَلِّفَه، أو توضَعَ مِن قَبلِ أن تُخَلِّفَه ))
    2- عن ابنِ أبي ليلى ((أنَّ قيسَ بنَ سَعدٍ، وسهلَ بنَ حُنيفٍ رَضِيَ الله عنهما، كانا بالقادسيَّة فمَرَّت بهما جِنازة فقاما، فقيل لهما: إنَّها مِن أهْلِ الأرضِ، فقالا: إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم مرَّتْ به جِنازة، فقام؛ فقيل: إنَّه يهوديٌّ، فقال: ألَيْسَتْ نَفْسًا ))
    3- عن جابِرِ بنِ عَبدِ الله رَضِيَ الله عنه، قال: ((مرَّتْ جنازة، فقام لها رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقُمْنا معه، فقلنا: يا رسولَ الله، إنَّها يهوديَّةٌ، فقال: إنَّ المَوتَ فَزَعٌ؛ فإذا رأيتُم الجِنازة فقُوموا ))
    [center]
    [size=24] المطلب الحادي عشر: حُكمُ رَفْعِ الصَّوتِ مع الجِنازة بقراءةٍ أو ذِكْرٍ


    لا يُشرَعُ رفعُ الصَّوتِ بقراءةٍ أو ذِكْرٍ في السَّيرِ بالجِنازة ومعها، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
    الأدلة:أوَّلًا: مِنَ الآثار
    قال قيسُ بنُ عبَّاد- وهو من أكابِرِ التَّابعين من أصحابِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه-: (كانوا يَسْتَحبُّون خَفْضَ الصَّوتِ عند الجنائِزِ، وعند الذِّكْرِ، وعِندَ القِتالِ)
    ثانيًا: اتَّفَقَ أهلُ العلمِ بالحَديثِ والآثارِ أنَّ هذا لم يكن على عَهْدِ القُرونِ الثلاثةِ المُفَضَّلةِ
    ثالثًا: أنَّ عدمَ رفعِ صوتٍ بقراءةٍ ولا ذِكرِ ولا غيرِهما، أسكنُ للخاطرِ، وأجمعُ للفِكرِ فيما يتعلَّق بالجِنازةِ

    المطلب الثاني عشر: حُكمُ تشييعِ الجِنازة إذا كان معها مُنْكَرٌ

    اختلفَ أَهلُ العِلْمِ في حُكْمِ تَشييعِ الجِنازة إذا كان معها مُنْكَرٌ على قولينِ:
    القول الأول:
    يَحْرُمُ أن يَتْبَعَها مع مُنْكَرٍ، وهو عاجزٌ عن إزالتِه، وهو مذهَبُ الحَنابِلَة، وبه أفتَتِ اللَّجنةُ الدَّائِمَةُ ؛ وذلك لأنَّه يؤدِّي إلى استماعِ محظورٍ ورؤيَتِه؛ مع قُدرَتِه على تَرْكِ ذلك
    القول الثاني:
    يَتْبَعُها ويُنْكِرُه بِحَسَبِه، وهو مذهَبُ الحَنفيَّةِ، وروايةٌ عن أحمَدَ، وهو اختيارُ ابنِ تيميَّة ؛ وذلك لأنَّ الحَقَّ في الجِنازة للمَيِّتِ، فلا يُتْرَك حَقُّه؛ لِمَا فَعَلَه الحَيُّ من المُنْكَرِ
    ------------------------------------------------------------------------------------
    تابعونا أحبابنا .. جزاكم الله خيرا

    ::
    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5188
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    التاسع عشر: صِفةُ صلاةِ الجِنازة :مكانُ الجِنازة وموقفُ الإمامِ منها:  قيامُ القادرِ لصلاةِ الجِنازة :عددُ التكبيراتِ:سُنَن صلاةِ الجِنازة:حُكمُ حَمْل الجنازةِ :تشييعِ الجِنازة.                                                                               Empty : حُكمُ دَفْنِ المَيِّت وموضِعُه

    مُساهمة من طرف صادق النور الثلاثاء أكتوبر 25, 2022 12:01 pm


    المطلب الأوَّل: حُكمُ دَفْنِ المَيِّت وموضِعُه

    الفرع الأول: حُكمُ دفْنِ المَيِّت
    دفن المَيِّت فرضُ كفايةٍ.
    الأدلَّة:أولًا: من الكتاب
    قال الله تعالى: فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ [المائدة: 31]
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ اللهَ تعالى أرشَدَ أحَدَ ابنَيْ آدَمَ إلى دَفْنِ أخيه، وأبان ذلك بِبَعْثِ غرابٍ يبحَثُ في الأرض، فالآيةُ أصلٌ في الدَّفْنِ
    قال الله تعالى: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا [المرسلات: 25-26]
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    قولُه: كِفَاتًا أي: ضامَّةً؛ تَضُمُّ الأحياءَ على ظُهورِها، والأمواتَ في بَطْنِها، وهذا يدلُّ على وجوبِ مُواراةِ المَيِّتِ ودَفْنِه
    قال اللهُ تعالى: ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ [عبس: 21]
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ اللهَ أكرَمَ الإنسانَ بالدَّفنِ، ولم يَجْعَلْه يُلقَى للكِلابِ، ولم يُتْرَك حتى يتأذَّى النَّاسُ برائِحَتِه
    ثانيًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ رضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((اذهبوا، فادْفِنوا صاحِبَكم))
    2- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((ادفِنوا القَتْلى في مصارِعِهم ))
    ثالثًا: من الإجماع
    نَقَلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ المنذرِ، وابنُ حزمٍ، وابنُ رشدٍ، والنوويُّ، وابن المُلَقِّن، والمرداويُّ، وابنُ عابدينَ

    مسألة: الكافِرُ إذا مات بين المُسلمينَ
    الكافِرُ إذا هَلَك بين ظهرانَيِ المسلمينَ، وليس له مِن أَهْلِ دِينِه مَن يَدْفِنه؛ واراه المسلمونَ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن أبي طلحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه: ((أنَّ نبيَّ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم أمَرَ يومَ بَدْرٍ بأربعةٍ وعشرينَ رَجُلًا من صناديدِ قُرَيشٍ، فقُذِفُوا في طَوِيٍّ مِن أطواءِ بَدْرٍ خبيثٍ مُخْبِثٍ )
    ثانيًا: لأنَّه يُتَضَرَّرُ بِتَرْكه، ويتَغَيَّرُ ببقائِه

    الفرع الثاني: موضِعُ دَفْنِ المَيِّت

    المسألة الأولى: الدَّفْنُ في المقبَرةِ
    الأفضلُ أن يُدفَنَ المَيِّت في المَقبرةِ وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    ((كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يَدْفِنُ الموتى بالبقيعِ ))
    ثانيًا: لأنَّه يَكْثُر الدُّعاءُ له ممَّن يزورُه، والترحُّم عليه
    ثالثًا: لأنَّه أشبَهُ بمساكِنِ الآخرَةِ
    رابعًا: لأنَّه أقلُّ ضررًا على الأحياءِ مِن وَرَثَةِ المَيِّتِ

    المسألة الثانية: الدَّفْنُ في البيتِ

    اختلف أهلُ العِلْمِ في الدَّفْنِ في البيتِ؛ على قولين:
    القول الأول:
    يجوز الدَّفْنُ في البَيتِ، وهو مذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ أكثَرِ العُلَماءِ
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم دُفِنَ في حُجْرَةِ عائِشَةَ
    القول الثاني:
    يُكْرَه الدَّفْنُ في البيتِ، وهو مَذْهَبُ الحَنفيَّة، وبَعضِ الشَّافعيَّة، وبعضِ الحَنابِلَة، واختاره ابنُ حَجَرٍ
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه، أن رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((لا تَجْعلوا بُيُوتَكم مقابِرَ ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    ظاهِرُ الحديثِ يقتضي النهْيَ عن الدَّفْنِ في البُيوتِ مُطْلقًا
    ثانيًا: أنَّ العادة المُتَّبَعةَ مِن عَهْدِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى يَومِنا أنَّ الدَّفْنَ مع المُسلمين
    ثالثًا: لأنَّه يُضَيِّق على الوَرَثة، وربَّما يَسْتَوْحِشونَ منه
    رابعًا: لأنَّه قد يَحْدُثُ عنده من الأفعالِ المُحَرَّمةِ ما يتنافى مع مقصودِ الشَّارعِ، وهو تذكيرُ الآخرةِ
    خامسًا: لأنَّ دَفْنَه في المقابِرِ أقَلُّ ضررًا على الأحياءِ مِنْ وَرَثَتِه، فالقبرُ في البيت يُعَدُّ عَيبًا في البَيعِ
    سادسًا: لأنَّ الدَّفْنَ في القُبورِ أكثَرُ للدُّعاءِ له، والترحُّمِ عليه
    سابعًا: أنَّ القبرَ في البيتِ لا يُؤْمَن عليه مِنَ النَّبْشِ أو وصولِ النَّجاساتِ إليه

    المسألة الثالثة: مكانُ دَفْنِ الكتابيَّة زَوجَةِ المُسلِمِ إذا ماتَتْ وهي حاملٌ منه
    اختلف أهلُ العلم في الكتابيَّة زوجةِ المُسلمِ تموتُ وهي حاملٌ: أين تُدْفَنُ ؛ على أقوالٍ؛ أقواها قولان:
    القول الأول:
    تُدفَنُ وَحْدَها؛ لا في مقابِرِ المسلمينَ ولا في مقابِرِ الكُفَّارِ، وهذا مذهَبُ الجُمهورِ: الحَنفيَّة، والصَّحيحُ مِن مذهَبِ الشَّافعيَّة، والحَنابِلَة ؛ وذلك لأنَّها كافرةٌ، فلا تُدفَنُ في مقبرةِ المُسلمين، ولأنَّ وَلَدَها مُسْلِمٌ، فلا تُدْفَنُ في مقبرةِ الكُفَّار
    القول الثاني:
    تُدفَنُ في مقابِرِ المسلمينَ، وهو وجهٌ للشَّافعية، وروايةٌ عن أحمَدَ وهو قولُ بعضِ الصَّحابة، واختاره ابنُ عُثيمين ؛ وذلك لئلَّا يُدفَنَ الجنينُ المُسلمِ مع الكُفَّار ؛ فتُدْفَنُ في مقابِرِ المسلمينَ ترجيحًا للوَلَدِ المُسلِمِ

    المسألة الرابعة: دفنُ المُسلمِ في مقابِرِ الكُفَّار

    لا يجوز دَفْنُ المُسلمِ في مقابِرِ الكُفَّارِ، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحنابلة وهو قَولُ ابنِ حَزمٍ
    الأدلة:أولًا: مِنَ السنَّةِ
    عن بشير، مولى رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رضي الله عنه قال: ((بينما أنا أماشي رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مر بقبور المشركين، فقال: لقد سبق هؤلاء خيرا كثيرا، ثلاثا ثم مر بقبور المسلمين، فقال: لقد أدرك هؤلاء خيرا كثيرا، وحانت من رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نظرة، فإذا رجل يمشي في القبور عليه نعلان، فقال: يا صاحب السبتيتين، ويحك ألق سبتيتيك، فنظر الرجل فلما عرف رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خلعهما فرمى بهما ))
    وجهُ الدَّلالةِ:
    الحديثُ فيه دلالةٌ على تَفريقِ قُبورِ المسلمينَ عَنِ المشركينَ
    ثانيًا: لأنَّ عَمَلَ أهلِ الإسلامِ مِن عَهدِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والخُلَفاءِ الرَّاشدينَ ومَن بَعدَهم؛ مُستمِرٌّ على إفرادِ مَقابِرِ المُسلمينَ عن مَقابِرِ الكافرينَ، وعدَمِ دَفنِ مُسلمٍ مع مُشركٍ، فكان هذا إجماعًا عمليًّا على إفرادِ مَقابِرِ المُسلمينَ عن مقابِرِ الكافِرينَ

    المسألة الخامسة: دَفْنُ الكافِرِ في مقابِرِ المسلمينَ
    لا يجوزُ دَفْنُ الكافِرِ في مقابِرِ المسلمينَ، باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ ابنِ حزمٍ الظَّاهريِّ
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    عن بشيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه قال: ((كنتُ أمشي مع رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم فمَرَّ على قبورِ المسلمينَ، فقال: لقَدْ سَبَقَ هؤلاء شرًّا كثيرًا، ثم مَرَّ على قبورِ المشركينَ، فقال: لقد سَبَقَ هؤلاءِ خيرًا كثيرًا ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ في الحديثِ تفريقَ قُبورِ المُسلمينَ عن قبورِ المُشْركينَ
    ثانيًا: مِنَ الآثار
    عن عبدِ الرَّحمنِ بن غَنْمٍ، قال: (كتبتُ لعُمَرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنه حين صالَحَ نصارى الشَّامِ، وشَرَطَ عليهم فيه... ولا يجاوِرُوا المُسلمينَ بِمَوتاهم)

    المسألة السادسة: دَفْنُ مَن مات في سفينةٍ
    من مات في سفينةٍ، ولم يُمكِنِ الخروجُ به إلى السَّاحِلِ، يُلقى في البَحْرِ بعد الغُسْلِ والتَّكفينِ والصَّلاةِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة والحَنابِلَة ؛ وذلك لتعذُّرِ دَفْنِه في البَرِّ، ولأنَّه لا يُؤْمَنُ تغيُّرُه، ولِخَوْفِ الضَّرَرِ

    مسألة: هل يُثَقَّلُ المَيِّتُ بشيءٍ حتى ينزِلَ إلى القرارِ؟
    اختلف أهلُ العِلْمِ فيمن مات في سفينةٍ: هل يُثَقَّلُ بشيءٍ حتى يَنْزِلَ إلى القَرارِ أو لا؛ على قولين:
    القول الأول:
    يُلقَى في البَحرِ، ويُثَقَّلُ بشيءٍ؛ حتى يَنزِلَ إلى القَرارِ، وهو مَذهَبُ الحَنابِلَة، وقولٌ للمالكيَّة، وهو قَولُ عطاءٍ ؛ وذلك ليستقِرَّ في قرارِ البَحرِ فيحصُلَ بذلك السَّتْر المقصودُ مِن دَفْنِ الميِّت
    القول الثاني:
    يُلْقى في البَحْرِ، ولا يُثَقَّلُ، وهو مذهَبُ الشَّافعيَّة، وقولٌ للمالكيَّة ؛ لأنَّه ربَّما وقع في ساحلٍ، فيجِدُه مسلمٌ فيَدفِنُه

    المسألة السابعة: موضِعُ دفْنِ الشُّهداءِ
    يُسَنُّ دفْنُ الشُّهداءِ في مضاجِعِهم، وهذا مَذهبُ الجُمهورِ: الحَنفيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة: أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رَضِيَ اللَّهُ عنه قال: ((كنَّا حَمَلْنا القَتلى يومَ أحُدٍ لِنَدْفِنَهم، فجاء منادِي النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقالَ: إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم يأمُرُكم أنْ تدفِنوا القَتْلى في مضاجِعِهم فرَدَدْناهُم ))
    ثانيًا: لأنَّ مَضْجَعَه يشهَدُ له
    ثالثًا: لأنَّ بعضَه، وهو ما سالَ مِن دَمَه، قد صار فيه

    المسألة الثامنة: نَقْلُ المَيِّتِ ليُدْفَنَ في غيرِ البَلَدِ الذي مات فيه
    يجوز نَقْلُ المَيِّت من بلدٍ إلى آخَرَ، إذا كان لغرضٍ صحيحٍ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:أولًا: مِنَ الآثار
    عن مالكٍ أنَّه سَمِعَ غيرَ واحدٍ يقول: إنَّ سعدَ بنَ أبي وقَّاصٍ وسعيدَ بنَ زيدٍ ماتا بالعقيقِ، فحُمِلَا إلى المدينةِ، ودُفِنَا بها
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ سَعدَ بنَ أبي وقَّاصٍ وسَعيدَ بنَ زيدٍ نُقِلَا من العقيقِ ونحوِه إلى المدينةِ، وذلك بمَحْضَر جماعةٍ من الصحابةِ وكبارِ التَّابعينَ من غيرِ نكيرٍ، ولعلَّهما قد أوصَيَا بذلك
    ثانيًا: أنَّ الأصلَ هو جوازُ نقْلِ المَيِّت مِنَ المَوْطِن الذي مات فيه إلى مَوْطِنٍ آخَرَ يُدْفَنُ فيه، ولا يُمْنَع من ذلك إلَّا بدليلٍ، ولا دليلَ يمنعُ
    المسألة التاسعة: المُفاضلة بين اللَّحدِ والشَّقِّ
    اللَّحْدُ أفضَلُ مِنَ الشَّقِّ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ : الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة من السُّنَّة:
    1- عن عامِرِ بنِ سعدِ بنِ أبي وقَّاص: ((أنَّ سعدَ بنَ أبي وقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه قال في مَرَضِه الذي هلَكَ فيه: الْحَدُوا لي لَحْدًا، وانصِبوا عليَّ اللَّبِنَ نَصْبًا، كما صُنِعَ برسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ))
    2- عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((لَمَّا تُوُفِّيَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان بالمدينة رَجُلٌ يَلْحَدُ، وآخَرُ يَضْرَحُ، فقالوا: نستخيرُ رَبَّنا، ونبعَثُ إليهما فأيُّهُما سبَقَ تَرَكْناه، فأُرْسِلَ إليهما فسَبَقَ صاحِبُ اللَّحْدِ، فلَحَدَ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم ))
    وَجهُ الدَّلالةِ من الحديثينِ:
    أنَّ هذا الذى اختارهُ اللهُ لنَبِيِّه صلَّى الله عليه وسلَّم حين تشاوَرَ الصَّحابةُ فى ذلك، وقالوا: نستخيرُ رَبَّنا، فجاء الذى يَلْحَد أوَّلًا فلَحَدَ لَه
    المسألة العاشرة: الدَّفنُ في تابوتٍ
    يُكْرَه الدَّفْنُ في التَّابوتِ مِن غيرِ حاجةٍ، وهذا مذهبُ الجمهورِ: الحَنفيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قَولُ ابنِ القاسمِ مِنَ المالِكيَّة وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
    وذلك للآتي:
    أولًا: لأنَّه لم يُنْقَل عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ولا عن أصحابِه
    ثانيًا: لأنَّه خَشَبٌ، وفيه تشبُّهٌ بأهل الدُّنيا
    ثالثًا: لأنَّ الأرْضَ أنشَفُ لفَضَلاتِه

    المطلب الثاني: كيفيَّةُ الدَّفْنِ


    الفرع الأوَّلُ: ما يُسَنُّ قولُه عند إدخالِ المَيِّتِ القَبرَ
    يُستحَبُّ أن يقولَ الذي يُدْخِلُ المَيِّتَ القَبرَ حين يَضَعُه في قَبرِه: بِسْمِ اللهِ، وعلى مِلَّةِ رَسولِ اللهِ، أو على سُنَّةِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ الله عنهما، قال: كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إذا أَدْخَلَ المَيِّتَ القَبرَ، قال: ((بسمِ الله، وعلى مِلَّةِ رسولِ اللهِ ))
    وفي لفظٍ: عن ابنِ عُمَرَ: ((أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان إذا وضَعَ المَيِّتَ في القَبرِ قال: بسمِ الله، وعلى سنَّةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ))
    وفي لفظٍ: عن ابنِ عُمَرَ، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((إذا وَضَعْتُم موتاكم في القُبورِ فقولوا: بِسْمِ اللهِ، وعلى ملَّةِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ))

    الفرع الثاني: صفةُ وَضْعِ المَيِّت في القَبرِ

    المسألة الأولى: وضْعُ المَيِّتِ على شِقِّه الأيمنِ
    يُستَحَبُّ أن يُجعَلَ المَيِّتُ في قَبرِه على جَنْبِه الأيمنِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: لأنَّ هذه سنَّةُ النائِمِ، وهو يُشْبِهُه
    ثانيًا: اتِّباعًا للسَّلَف والخَلَف؛ فقد جرى عليه عملُ أهْلِ الإسلامِ منذ عهْدِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم
    ثالثًا: قياسًا على المُصَلِّي مُضطجعًا

    المسألة الثانية: أن يكون المَيِّتُ مُستقبِلَ القبلةِ
    يُشْرَع وَضْعُ المَيِّتِ في القَبرِ مُستقبِلَ القبلةِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    وذلك للآتي:
    أولًا: تنزيلًا له مَنزلةَ المُصَلِّي
    ثانيًا: لئلَّا يُتَوَهَّم أنَّه غيرُ مُسْلمٍ
    ثالثًا: لأنَّ ذلك طريقةُ المُسلمينَ بنَقْلِ الخَلَفِ عَنِ السَّلَف

    المسألة الثالثة: إدناءُ المَيِّت من حائِطِ القبرِ أو إسنادُه مِنَ الأمامِ
    يُستحَبُّ أن يُسْنَدَ المَيِّتُ مِن أمامِه، أو يُدْنَى من الحائِطِ؛ نصَّ عليه المالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة ؛ وذلك لئلَّا ينكَبَّ على وَجْهِه

    المسألة الرابعة: أن يُسْنَدَ مِن ورائِه
    يُستحَبُّ أن يُسند الميِّت من ورائه بتُرابٍ، أو لَبِنٍ ، أو غير ذلك، وهو مذهَبُ الجمهورِ: المالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قَولُ بعض الحَنفيَّة ؛ وذلك حتى لا يَسْتَلقِيَ على قفاه

    الفرع الثالث: حَلُّ عُقَدِ الكَفَن في القَبر

    تُحَلُّ عُقَدُ الكَفَنِ في القَبرِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: لأنَّ عَقْدَها كان للخَوْفِ من انتشارِها، وقد أُمِنَ ذلك بِدَفْنِه
    ثانيًا: أنَّه كان معروفًا لدى السَّلَف

    الفرع الرابع: حُكمُ الحَثَيَاتِ على القَبرِ بعد الدَّفْنِ

    يُستَحَبُّ لِمَن حَضَرَ دَفْنَ الميِّتِ أن يَحْثُوَ في قَبرِه ثلاثَ حَثَيَاتٍ من قِبَل رأسِه، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: ((صلَّى رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم على جِنازةٍ فكبَّر عليها أربعًا، ثمَّ أتى القَبرَ فحَثَى عليه مِن قِبَلِ رأسِه ثلاثًا))
    ثانيًا: من الآثار
    عن عُمَير بنِ سعدٍ (أنَّ عَلِيًّا حَثَى على يزيدَ بنِ المكفف- قال: هو أو غيره- ثلاثًا)
    ثالثًا: لِمَا في ذلك من المشاركَةِ في هذا الفَرْضِ

    الفرع الخامس: دَفْنُ اثنينِ أو أكثَرَ في القبر

    المسألة الأولى: حُكمُ دَفْنِ اثنينِ أو أكثَرَ في القبر
    لا يُشْرَع أن يُدفَنَ رجلانِ ولا امرأتانِ في قبرٍ واحدٍ إلَّا لضرورةٍ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن هشام بن عامرٍ، قال: شَكَوْنا إلى رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يومَ أُحُدٍ، فقلنا: يا رسولَ اللهِ، الحفْرُ علينا لكلِّ إنسانٍ؛ شديدٌ! فقال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((احْفِروا وأَعْمِقوا وأَحْسِنوا، وادفِنوا الاثنينِ والثلاثةَ في قبرٍ واحدٍ ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أَذِنَ لهم في دَفْنِ أكثَرَ من واحدٍ في قَبرٍ لَمَّا شكا إليه الصَّحابةُ؛ فدَلَّ ذلك على أنَّ المستَقِرَّ عندهم هو أنَّ الميِّت يُفْرَدُ في قَبرِه
    ثانيًا: لأنَّ دَفْنَ كلِّ ميِّتٍ في قبرٍ بِمُفْرَدِه جرى عليه العَمَلُ إلى يَوْمِنا هذا
    ثالثًا: أنَّ السُّنَّةَ المنقولةَ بِنَقْلِ الكافَّةِ أن يُدفَنَ كلُّ واحدٍ في قبرٍ
    رابعًا: لأنَّ في الجَمعِ إيذاءً للميِّتِ

    المسألة الثانية: ترتيبُ الموتى إذا دُفِنوا جميعًا

    إذا دُفِنَ أكثرُ من واحدٍ في قبرٍ، يُقَدَّمُ إلى القبلةِ أفضَلُهم، وهو باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن جابرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: ((كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يجمعُ بينَ الرجلُينِ من قتلى أُحُدٍ في ثوبٍ واحدٍ، ثم يقولُ: أيُّهُم أكثرُ أخذًا للقُرآنِ؟ فإذا أُشيرَ لهُ إلى أحدهِما قدَّمهُ في اللَّحدِ، وقال: أنا شهيدٌ على هؤلاءِ يومَ القيامةِ، وأمَرَ بِدفنِهِم في دمائِهِم، ولم يُغَسَّلوا، ولم يُصلَّ عليهِم ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه دلَّ على تقديمِ قارئِ القرآنِ في القَبرِ، ويَلْحَقُ به أهلُ الفضْلِ من الفُقَهاءِ والزُّهَّادِ وغيرِهم

    الفرع السادس: وقْتُ الدَّفْنِ


    المسألة الأولى: الدَّفنُ عند طلوعِ الشَّمس وقيامِها وغروبِها
    لا يجوزُ الدَّفْنُ في أوقاتٍ ثلاثة: عند طلوعِ الشَّمس، وقيامِها، وغروبها. وهو قولُ ابنِ حَزْمٍ واختاره الصنعانيُّ، والشوكانيُّ، وابنُ باز، وابنُ عثيمينَ، والألبانيُّ
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن عُقبَةَ بن عامرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه قال: ((ثلاثُ ساعاتٍ كان رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم ينهانا أن نُصَلِّيَ فيهنَّ، وأن نَقْبُرَ فيهِنَّ موتانا: حين تَطْلُعُ الشَّمْسُ بازغةً حتى ترتفِعَ، وحين يقومُ قائِمُ الظَّهيرةِ حتى تزولَ، وحين تَضَيَّفُ الشَّمْسُ للغُروبِ ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    قولُه: ((وأنْ نَقْبُرَ فيهِنَّ موتانا)) أي: ندفِنَ فيهِنَّ موتانا، والأصل في النَّهيِ التحريمُ، وهو ظاهِرُ الحديثِ

    المسألة الثانية: الدَّفنُ ليلًا
    يجوز الدَّفْنُ بالليلِ، وهو باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، مرَّ بقبرٍ قد دُفِنَ ليلًا، فقال: متى دُفِنَ هذا؟ قالوا: البارحةَ، قال: أفَلَا آذَنْتُموني؟ قالوا: دفنَّاه في ظُلْمَةِ اللَّيلِ، فكَرِهْنا أن نُوقِظَك، فقام، فصَفَفْنا خَلْفَه، قال ابنُ عبَّاس: وأنا فيهم، فصلَّى عليه ))
    ثانيًا: من الآثار
    عن عائِشةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها، قالت: (دخَلْتُ على أبي بكرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه... فلم يُتَوَفَّ حتى أمسى مِن ليلةِ الثلاثاءِ، ودُفِنَ قبل أن يُصْبِحَ)

    الفرع السابع: تلقينُ المَيِّت، والدُّعاءُ له بعد الدَّفْن

    المسألة الأولى: تلقينُ الميِّت
    تلقينُ المَيِّت بعد دَفْنه بِدعةٌ، وهو قولُ العِزِّ بنِ عبد السَّلامِ، والصنعانيِّ، وابن بازٍ، وابنِ عثيمينَ، والألبانيِّ
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: لِعَدمِ ثبوتِ نصٍّ في ذلك
    ثانيًا: أنَّه لا فائدةَ منه؛ لأنَّه خَرجَ من دارِ التَّكليفِ إلى دارِ الجزاءِ
    ثالثًا: لأنَّه غيرُ قابلٍ للتذكُّرِ؛ قال تعالى: لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا [يس: 70]

    المسألة الثانية: الدُّعاءُ للميِّتِ بعد الدَّفْن
    يُستحَبُّ الاستغفارُ للميِّتِ والدُّعاءُ له بالتثبيتِ عند الفراغِ مِن دَفْنِه ؛ نصَّ عليه الحَنفيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:أولًا: مِنَ الكتاب
    قولُه تعالى في المنافقينَ: وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبرِهِ [التوبة: 84]
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ الدُّعاءَ والاستغفارَ كان عادَةَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في المسلمينَ بعد الفراغِ من الدَّفْنِ ؛ فإنَّه لَمَّا نهى نبيَّه صلَّى الله عليه وسلَّم عن الصَّلاةِ على المنافقينَ، وعن القيامِ على قبورِهم؛ كان دليلُ الخطابِ أنَّ المؤمِنَ يُصَلَّى عليه قبل الدَّفْنِ، ويُقامُ على قَبرِه بعد الدَّفْنِ
    ثانيًا: من السُّنَّة
    عن عثمانَ بنِ عفَّانَ رَضِيَ الله عنه، قال: ((كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، إذا فَرَغَ مِن دَفْنِ المَيِّت وَقَفَ عليه، فقال: استغْفِروا لأخيكم، وسَلُوا له بالتَّثبيتِ؛ فإنَّه الآن يُسْأَلُ ))

    الفرع الثَّامِنُ: ما يَنتفِعُ به الميِّتُ، وحُكمُ إهداءِ القُرباتِ له

    المسألة الأولى: ما يَنتفِعُ به الميِّتُ
    يَنتفعُ الميِّتُ بصلاةِ الجِنازةِ عليه، وأداءِ الواجبِ الذي تَدخُلُه النِّيابةُ، والدُّعاءِ والاستغفارِ له، والعباداتِ الماليَّةِ؛ كالعِتقِ والصَّدقةِ عنه.
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: من السُّنَّة
    1- عن عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها: ((أنَّ رجُلًا قال للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: إنَّ أمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُها، وأظنُّها لو تكلَّمَتْ تصَدَّقَتْ، فهل لها أجرٌ إنْ تَصَدَّقْتُ عنها؟ قال: نعم ))
    2- عن ابنِ عبَّاسٍ، رَضِيَ الله عنهما، ((أنَّ رَجُلًا قال لرسولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلَّم: إنَّ أمَّه تُوُفِّيَتْ: أينفَعُها إن تَصَدَّقْتُ عنها؟ قال: نعم. قال: فإنَّ لي مِخرافًا، وأُشْهِدُكَ أنِّي قد تصدَّقْتُ عنها ))
    3- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ الله عنه، أنَّه قال: ((نعى لنا رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم النجاشيَّ صاحِبَ الحبَشَةِ، في اليومِ الذي مات فيه، فقال: استَغْفِروا لأخيكم ))
    4- عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((إذا ماتَ الإنسانُ انقطَعَ عنه عمَلُه إلَّا من ثلاثةٍ: إلَّا مِن صدقةٍ جاريةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له ))
    ثانيًا: من الإجماع
    نَقَلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ قُدامةَ، والنوويُّ، وابنُ تيميَّةَ، وابنُ القَيِّم، وابنُ مُفْلح، والمرداوي
    ثالثًا: أن دُعَاءَ النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم للأمواتِ فِعلًا وتعليمًا، وَدُعاءَ الصَّحابةِ وَالتَّابِعينَ وَالمُسلِمينَ عصرًا بعد عصرٍ؛ أَكثرُ من أَن يُذْكَرَ، وَأشهَرُ من أَن يُنكَرَ

    المسألة الثانية: حُكمُ إهداءِ ثوابِ القُرُباتِ للمَيِّت
    اختلف أهلُ العِلْمِ في حكمِ إهداءِ ثوابِ القُرُباتِ للمَيِّت على قولينِ:
    القول الأول:
    يجوزُ إهداءُ ثوابِ القرباتِ إلى المَيِّت؛ كقراءةِ القُرآنِ، وهو مذهبُ الحَنفيَّة، والحَنابِلَة، وقولُ بعض الشَّافعيَّة، واختاره ابنُ تيميَّة، والصنعانيُّ، وابنُ عثيمينَ
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    1- عن بُريدَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((بينا أنا جالِسٌ عند رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، إذْ أَتَتْه امرأةٌ، فقالت: إنِّي تصدَّقْتُ على أمِّي بجاريةٍ، وإنَّها ماتَتْ، قال: فقال: وَجَبَ أجْرُكِ، ورَدَّها عليكِ الميراثُ. قالت: يا رسولَ الله، إنَّه كان عليها صَوْمُ شَهْرٍ، أفأصومُ عنها؟ قال: صُومي عنها. قالت: إنَّها لم تَحُجَّ قطُّ، أفأحُجُّ عنها؟ قال: حُجِّي عنها ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم نبَّهَ بوصولِ ثَوابِ الصَّوْم- الذي هو مُجَرَّد ترْكٍ وَنِيَّةٍ تقوم بِالقلبِ لا يَطَّلِع عليه إِلَّا اللهُ، وَلَيْسَ بِعَمَل الجوارِح- على وُصولِ ثَوابِ القراءَة الَّتِي هِيَ عَمَلٌ بِاللِّسَانِ بطرِيق الأَوْلى، وكذا وُصُول ثَوَابِ سَائِر العباداتِ البدنِيَّةِ
    2- عن عمرِو بن شُعَيبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه، ((أنَّ العاص بنَ وائلٍ أوصى أن يُعتَقَ عنه مائةُ رقبةٍ، فأعتق ابنُه هشامٌ خمسينَ رقبةً، فأراد ابنُه عمرٌو أن يُعتِقَ عنه الخمسينَ الباقية، فقال: حتى أسألَ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فأتى النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: يا رسولَ اللهِ، إنَّ أبي أوصى بعِتْقِ مائةِ رَقَبةٍ، وإنَّ هشامًا أعتَقَ عنه خمسينَ وبَقِيَت عليه خمسون رقبةً، أفأُعتِقُ عنه؟ فقال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: إنَّه لو كان مُسلمًا فأعْتَقْتُم عنه أو تصدَّقْتم عنه أو حَجَجْتم عنه؛ بَلَغَه ذلك ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم نبهَّ بوصول ثَوابِ الصَّدَقَةِ على وُصُولِ ثَوَاب سَائِر العِباداتِ المالِيَّة، وَأخْبَرَ بوصولِ ثَوابِ الحجِّ المُرَكَّب من الْمَالِيَّةِ والبَدَنِيَّة
    ثانيًا: أنَّ الثَّوَابَ حقٌّ لِلعامِلِ؛ فإذا وَهَبَه لِأَخِيهِ المُسلِم لم يُمنَع من ذَلِك؛ كَمَا لم يُمْنَع مِن هِبَةِ مَاله فِي حَيَاته، وإبرائِه لَه مِن بعدِ مَوتِه
    القول الثاني:
    لا يُشْرَع إهداءُ ثوابِ القُرُباتِ إلى المَيِّتِ، وهو مذهَبُ المالكيَّة، والمشهورُ من مَذهَب الشَّافعيَّة، وهو قولُ ابن باز
    الأدلَّة:أوَّلًا: من الكتاب
    قال الله تعالى: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى [النجم: 39]
    ثانيًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ الله عنه، عن رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه قال: ((لا يتَمَنَّى أحدُكُم الموتَ، ولا يَدْعُ به مِن قَبلِ أن يأتِيَه؛ إنَّه إذا مات أحَدُكم انقَطَعَ عَمَلُه... ))
    2- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((إذا مات الإنسانُ انقطَعَ عنه عمَلُه إلَّا من ثلاثةٍ: إلَّا مِن صَدَقَةٍ جاريةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَع به، أو وَلَدٍ صالِحٍ يدعو له ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أخبَر أنَّه إِنَّما يَنتَفِعُ بِما كانَ تسبَّبَ إِليه فِي الحياةِ، وما لم يكُنْ قد تسبَّبَ إِليه، فَهُوَ مُنقَطِعٌ عَنهُ
    ثالثًا: أنَّ الإهداءَ حِوالَة، وَالحِوالَةُ إِنَّمَا تكون بِحَقٍّ لازمٍ، والأعمالُ لا توجِبُ الثَّوَاب، وإنَّما هو مُجرَّدُ تفضُّلِ اللهِ وإحسانِه
    رابعًا: أنَّ الإيثارَ بِأَسبابِ الثَّوابِ مَكروهٌ، وهوَ الإيثارُ بِالقُرَبِ؛ فَكيف الإيثارُ بِنَفس الثَّوابِ؟ فهو أَوْلى بالكراهَةِ
    خامسًا: أنَّه لو ساغَ الإهداءُ إلى المَيِّت، لساغَ نَقْلُ الثَّوَابِ، والإهداءُ إلى الحيِّ

    -----------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا .. تابعونا جزاكم الله خيرا

    ::
    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع


      الوقت/التاريخ الآن هو السبت أبريل 27, 2024 9:40 pm