آل راشد



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

آل راشد

آل راشد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
آل راشد

ثقافى-اجتماعى

*** - اللَّهُمَّ اَنَكَ عَفْوٍ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعِفُو عَنَّا - *** - اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك . *** - اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ الْمَوْتِ وَ ارْزُقْنَا حُسْنَ الْخَاتِمَةِ . *** -

إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا شَابَتْ عَبِيدَهُمْ.. .. فِي رِقِّهِمْ عَتَقُوهُمْ عِتْقَ أَبْرَارٍ .. .. وَأَنْتَ يَا خَالِقِيُّ أوْلَى بِذَا كَرَمًا.. .. قَدْ شُبْتُ فِي الرِّقِّ فَأَعْتَقَنِي مِنَ النَّارِ .

المواضيع الأخيرة

» كتاب الترجيح في مسائل الطهارة والصلاة
   الثالث عشر: صَلاة الجُمُعة .. فَضْلُها وحُكْمُها .  مَن تجِبُ عليه .   وقتُها .صِفةُ خُطبةِ الجُمُعةِ . آدابُها . الدُّعاءُ يومَ الجُمُعةِ .                                                                                                      Ooou110أمس في 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد

» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
   الثالث عشر: صَلاة الجُمُعة .. فَضْلُها وحُكْمُها .  مَن تجِبُ عليه .   وقتُها .صِفةُ خُطبةِ الجُمُعةِ . آدابُها . الدُّعاءُ يومَ الجُمُعةِ .                                                                                                      Ooou110أمس في 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد

» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
   الثالث عشر: صَلاة الجُمُعة .. فَضْلُها وحُكْمُها .  مَن تجِبُ عليه .   وقتُها .صِفةُ خُطبةِ الجُمُعةِ . آدابُها . الدُّعاءُ يومَ الجُمُعةِ .                                                                                                      Ooou110الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد

» العبادة وأركانها
   الثالث عشر: صَلاة الجُمُعة .. فَضْلُها وحُكْمُها .  مَن تجِبُ عليه .   وقتُها .صِفةُ خُطبةِ الجُمُعةِ . آدابُها . الدُّعاءُ يومَ الجُمُعةِ .                                                                                                      Ooou110الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد

» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
   الثالث عشر: صَلاة الجُمُعة .. فَضْلُها وحُكْمُها .  مَن تجِبُ عليه .   وقتُها .صِفةُ خُطبةِ الجُمُعةِ . آدابُها . الدُّعاءُ يومَ الجُمُعةِ .                                                                                                      Ooou110الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد

» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
   الثالث عشر: صَلاة الجُمُعة .. فَضْلُها وحُكْمُها .  مَن تجِبُ عليه .   وقتُها .صِفةُ خُطبةِ الجُمُعةِ . آدابُها . الدُّعاءُ يومَ الجُمُعةِ .                                                                                                      Ooou110الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور

» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
   الثالث عشر: صَلاة الجُمُعة .. فَضْلُها وحُكْمُها .  مَن تجِبُ عليه .   وقتُها .صِفةُ خُطبةِ الجُمُعةِ . آدابُها . الدُّعاءُ يومَ الجُمُعةِ .                                                                                                      Ooou110الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد

» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
   الثالث عشر: صَلاة الجُمُعة .. فَضْلُها وحُكْمُها .  مَن تجِبُ عليه .   وقتُها .صِفةُ خُطبةِ الجُمُعةِ . آدابُها . الدُّعاءُ يومَ الجُمُعةِ .                                                                                                      Ooou110السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد

» هيئات السجود المسنونة
   الثالث عشر: صَلاة الجُمُعة .. فَضْلُها وحُكْمُها .  مَن تجِبُ عليه .   وقتُها .صِفةُ خُطبةِ الجُمُعةِ . آدابُها . الدُّعاءُ يومَ الجُمُعةِ .                                                                                                      Ooou110الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد

» (( - 2 -)) خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
   الثالث عشر: صَلاة الجُمُعة .. فَضْلُها وحُكْمُها .  مَن تجِبُ عليه .   وقتُها .صِفةُ خُطبةِ الجُمُعةِ . آدابُها . الدُّعاءُ يومَ الجُمُعةِ .                                                                                                      Ooou110الأربعاء نوفمبر 13, 2024 11:28 pm من طرف صادق النور

اهلا بكم

الثلاثاء نوفمبر 08, 2011 2:32 am من طرف mohamed yousef

   الثالث عشر: صَلاة الجُمُعة .. فَضْلُها وحُكْمُها .  مَن تجِبُ عليه .   وقتُها .صِفةُ خُطبةِ الجُمُعةِ . آدابُها . الدُّعاءُ يومَ الجُمُعةِ .                                                                                                      Ooousu10

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 79 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 79 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحث

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الأربعاء سبتمبر 15, 2021 4:26 am

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 10128 مساهمة في هذا المنتدى في 3405 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 311 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو Pathways فمرحباً به.

دخول

لقد نسيت كلمة السر

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع


    الثالث عشر: صَلاة الجُمُعة .. فَضْلُها وحُكْمُها . مَن تجِبُ عليه . وقتُها .صِفةُ خُطبةِ الجُمُعةِ . آدابُها . الدُّعاءُ يومَ الجُمُعةِ .

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

       الثالث عشر: صَلاة الجُمُعة .. فَضْلُها وحُكْمُها .  مَن تجِبُ عليه .   وقتُها .صِفةُ خُطبةِ الجُمُعةِ . آدابُها . الدُّعاءُ يومَ الجُمُعةِ .                                                                                                      Empty الثالث عشر: صَلاة الجُمُعة .. فَضْلُها وحُكْمُها . مَن تجِبُ عليه . وقتُها .صِفةُ خُطبةِ الجُمُعةِ . آدابُها . الدُّعاءُ يومَ الجُمُعةِ .

    مُساهمة من طرف صادق النور الجمعة أكتوبر 21, 2022 10:27 pm


    الفَصلُ الأوَّلُ: فَضْلُ الجُمُعة وحُكْمُها وحُكْمُ تَعَدُّدِها

    المَبحَثُ الأوَّل: فَضْلُ الجُمُعة
    للجُمُعةِ فضائلُ كثيرةٌ، دلَّت عليها أحاديثُ عديدةٌ، منها:
    1- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((خيرُ يومٍ طَلعَتْ فيه الشَّمسُ يومُ الجُمُعة؛ فيه خَلَقَ اللهُ آدَمَ، وفيه أُدْخِلَ الجَنَّةَ، وفيه أُخرِجَ منها، ولا تقومُ السَّاعةُ إلَّا في يومِ الجُمُعة ))
    2- عن أبي هُرَيرةَ، وحُذَيفةَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قالا: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أضلَّ اللهُ عنِ الجُمُعة مَن كان قَبْلَنا، فكانَ لليهودِ يومُ السَّبت، وكان للنَّصارى يومُ الأحد، فجاءَ اللهُ بنا فهَدَانا ليومِ الجُمُعة، فجَعَل الجُمُعة والسَّبتَ والأَحَد، وكذلك هم تبعٌ لنا يومَ القيامَةِ، نحنُ الآخِرونَ من أهلِ الدُّنيا، والأَوَّلونَ يومَ القِيامَةِ، المقضيُّ لهم قبلَ الخلائقِ ))
    3- حديثُ أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أنَّه قال: ((نَحنُ الآخِرونَ الأوَّلون السَّابِقون يومَ القِيامةِ، بَيْدَ أنَّهم أُوتوا الكتابَ مِن قَبلِنا، ثمَّ هذا يومُهم الذي فَرَضَ اللهُ عليهم، فاخْتَلفوا فيه، فهَدَانا اللهُ له، والنَّاسُ لنا فيه تَبَعٌ؛ اليهودُ غدًا، والنَّصارَى بعدَ غدٍ ))

    المَبحَثُ الثَّاني: حُكمُ صَلاةِ الجُمُعة
    صَلاةُ الجُمُعة فرْضُ عَينٍ.
    الأدلَّة:أولًا: من الكِتاب
    قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعة فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه أَمَر بالسَّعيِ،((. قال ابنُ قُدامَة: (المرادُ بالسعيِ هاهنا الذهابُ إليها، لا الإسراعُ؛ فإنَّ السعيَ في كتابِ اللهِ لم يردْ به العَدْوُ؛ قال الله تعالى: وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى **عبس: 8**. وقال: وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا **الإسراء: 19**، وقال: سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا **البقرة: 205**، وقال: وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا **المائدة: 33-64**، وأشباه هذا؛ لم يرِدْ بشيءٍ من العَدْوِ، وقد رُوي عن عُمرَ أنه كان يقرؤها: "فامضُوا إلى ذِكر الله" . ))  والأمرُ يَقتضِي الوجوبَ، ولا يَجِبُ السعيُ إلَّا إلى الواجبِ، ونَهَى عنِ البَيعِ؛ لئلَّا يشتغلَ به عنها، فلو لم تكُنْ واجبةً لَمَا نَهَى عن البَيعِ من أجْلِها
    ثانيًا: من السُّنَّة
    1- قولُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لَيَنتهِينَّ أقوامٌ عن وَدْعِهم الجُمُعاتِ، أو لَيختمنَّ اللهُ على قلوبِهم، ثم لَيكونُنَّ مِنَ الغافلِينَ ))
    2- عن أبي الجَعدِ الضَّمْريِّ، أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن تَرَك ثلاثَ جُمُعٍ تهاونًا، طبَعَ اللهُ على قَلبِه ))
    3- عن حَفصةَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((رَواحُ الجُمُعة واجبٌ على كلِّ مُحتَلِمٍ ))
    ثالثًا: مِنَ الِإِجْماعِ
    نقَلَ الإجماعَ على فرضيَّتِها: الكاسانيُّ، وابنُ قُدامةَ، وابنُ تيميَّة وابنُ القيِّم

    المبحث الثالث: تَعدُّدُ صلاةِ الجُمُعةِ في البلدِ الواحِدِ

    لا يجوزُ تعدُّدُ الجُمَعِ في البلدِ الواحدِ مع عدمِ الحاجةِ، ويجوزُ تَعدُّدها إذا كانتْ هناك حاجةٌ أو ضرورةٌ، وإنْ حصَلَ الاكتفاءُ بجامعَينِ لم يَجُزْ إقامتُها في ثالثٍ، وكذلك ما زاد، وهو المشهورُ من مذهبِ المالِكيَّة
    ، والشافعيَّة على الصَّحيحِ، والحَنابِلَة، وقولٌ للحنفيَّة، وهو قولُ أكثرِ العُلماءِ
    الأدلَّة: أولًا: أدلَّةُ مَنْعِ تَعدُّدِ الجُمُعةِ من غيرِ حاجةٍ
    أولًا: من السُّنَّة
    عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، زوجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّها قالت: ((ما خُيِّرَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَينَ أمرينِ إلَّا أَخَذَ أَيسرَهما ما لم يكُن إثمًا، فإنْ كان إثمًا كانَ أبعدَ الناسِ منه ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه ثبَتَ أنَّه لم يكُن في عهدِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مسجدٌ تُقامُ فيه صلاةُ الجُمُعةِ بالمدينةِ إلَّا مسجدٌ واحدٌ، هو المسجدُ النبويُّ، وكان المسلمون يأتون إليه لصلاةِ الجُمُعةِ به، مِن أطرافِ المدينةِ وضواحيها، كالعَوالي، ولو كان تعدُّدُ الجُمَعِ في البَلدِ الواحدِ من غيرِ مبرِّرٍ شرعيٍّ مباحًا لأمَرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أصحابَه رَضِيَ اللهُ عنهم أن يصلِّيَ كلُّ منهم الجُمُعةَ في مسجدِه بأطرافِ المدينةِ؛ لأنَّه ما خُيِّرَ بين أمرين إلَّا اختارَ أيسرَهما ما لم يكُن إثمًا
    ثانيًا: أنَّه لم يُنقَلْ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وخلفائِه، ومَن بعدهم من الصَّحابةِ أنَّهم جمَّعوا أكثرَ من جُمُعةٍ؛ إذ لم تدْعُ الحاجةُ إلى ذلِك
    ثالثًا: أنَّ في تعطيلِ الناسِ مساجدَهم يومَ الجُمُعةِ واجتماعِهم في مسجدٍ واحدٍ أَبينَ البيانِ بأنَّ الجُمُعةَ خِلافُ الصَّلواتِ، وأنَّها لا تُصلَّى إلَّا في مكانٍ واحدٍ، ولو جازَ تعدُّدُ الجُمَعِ لم يُعطِّلوا المساجدَ
    رابعًا: أنَّ الاقتصارَ على جُمعةٍ واحدةٍ أفْضَى إلى المقصودِ من إظهارِ شِعارِ الاجتماعِ واتِّفاقِ الكلمةِ
    ثانيًا: أدلَّةُ الجوازِ للحاجةِ
    أولًا: من الكتاب
    1- قال الله تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة: 185]
    2- وقال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج: 78]
    ثانيًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ هذا الدِّينَ يُسرٌ، ولنْ يُشادَّ الدِّينَ أحدٌ إلَّا غَلَبَه ))
    2- عن أنس رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((يَسِّروا ولا تُعسِّروا ))
    وجهُ الدَّلالةِ مِنَ النُّصوصِ السَّابقةِ:
    أنَّ مِن مُقتضَى التيسيرِ جوازَ تعدُّدِ الجُمُعةِ في البلدِ الواحدِ إذا كان لحاجةٍ؛ وذلك تيسيرًا على الناسِ، ودفعًا للحرَجِ عنهم
    ثالثًا: أنَّ ترْكَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إقامةَ جمعتينِ؛ لأنَّ أصحابَه كانوا يرَوْنَ سماعَ خُطبتِه، وشهودَ جُمعتِه، وإنْ بَعُدتْ منازلُهم؛ لأنَّه المبلِّغُ عن اللهِ تعالى، وشارعُ الأحكامِ، ولَمَّا دعَتِ الحاجةُ إلى ذلِك في الأمصارِ، صُلِّيتْ في أماكنَ، ولم يُنكَرْ، فصار إجماعًا
    رابعًا: أنَّه إذا جازَ ذلك في العيدِ للحاجةِ، فالجُمُعةُ مثلُه بجامعِ المشقَّةِ والحاجةِ والرِّفقِ بالمسلمين، وصلاةُ الجُمُعةِ كالعيدِ؛
    فهما صلاتانِ شُرِعَ لهما الاجتماعُ والخُطبةُ
    خامسًا: أنَّ مَنْعَ تعدُّدِ الجُمَعِ مع استدعاءِ الحاجةِ يُفضي إلى الحرَجِ من تطويلِ المسافةِ على الأكثرِ، ومنْعِ خلقٍ كثيرٍ من التَّجميعِ، وهو خلافُ مقصودِ الشَّارعِ

    الفصل الثاني: مَن تجِبُ عليهم الجُمُعة ومن لا تَجِبُ عليهم، وحُكْمُها لمن صَلَّى العيدَ
    المطلَبُ الأوَّلُ: مَن تجِبُ عليهم صلاةُ الجُمُعة

    تجِبُ صلاةُ الجُمُعة على الرِّجالِ، الأحرارِ، المُكلَّفِينَ، المقيمينَ، الَّذين لا عُذرَ لهم
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    1- عنْ عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((رُفِعَ القَلمُ عن ثلاثةٍ: عنِ النَّائمِ حتَّى يَستيقظَ، وعنِ الصَّبيِّ حتى يَبلُغَ، وعنِ المجنونِ حتَّى يَعقِلَ ))
    2- عن طارق بن شهاب رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((الجُمُعة حقٌّ واجبٌ على كلِّ مُسلمٍ، إلَّا أربعةً: عبْدٌ مملوكٌ، أو امرأةٌ، أو صَبيٌّ، أو مَرِيضٌ ))
    ثانيًا: مِنَ الِإِجْماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المنذرِ، وابنُ عبدِ البَرِّ

    المطلب الثاني: الأَعْمَى إذا كانَ له قائدٌ

    تجِبُ الجُمُعة على الأَعْمَى إذا كانَ له قائدٌ
    ، وهو مذهبُ الجمهور: المالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وأبي يوسف ومُحمَّد من الحَنَفيَّة، وهو قولُ داودَ
    الأدلَّة:أولًا: من الكِتاب
    قال اللهُ تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعة فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ [الجُمُعة: 9]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    عمومُ الآية؛ فيَدخُل فيه الأعمى إذا كان له قائدٌ يقودُه للصَّلاةِ
    ثانيًا: من السُّنَّة
    عن طارق بن شهاب رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((الجُمُعة حقٌّ واجبٌ على كلِّ مسلمٍ إلَّا أربعةً: عبدٌ مملوكٌ، أو امرأةٌ، أو صبيٌّ، أو مريضٌ ))
    ثالثًا: ولأنَّه يَخافُ الضررَ مع عدمِ القائدِ، ولا يخافُ مع القائدِ

    المطلب الثالث: مَن لَزِمَتْه الجُمُعةُ فصَلَّى الظُّهرَ قبلَ فَواتِ صَلاةِ الجُمُعةِ

    لا تَصِحُّ صلاةُ الظُّهرِ ممَّنْ لزمتْه الجُمُعةُ قبلَ صلاةِ الجُمُعةِ، ويَلزمُه السَّعيُ إليها، فإنْ أدرَكَها وإلَّا صلَّى ظُهرًا، وهو مذهبُ الجمهورِ: المالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ داود
    وذلك للآتي:
    أولًا: أنَّ صلاةَ الجُمُعةِ هي المفروضةُ عليه
    ثانيًا: أنَّه صلَّى ما لم يُخاطَبْ به، وترَك ما خُوطِبَ به؛ لأنَّه لا يُخاطَبُ في الوقتِ بصَلاتينِ؛ فلمْ تصحَّ، كما لو صَلَّى العصرَ مكانَ الظُّهرِ، ولا نِزاعَ في أنَّه مخاطَبٌ بالجُمُعةِ، فسقطَتْ عنه الظهرُ، كما لو كان بعيدًا، وقد دلَّ عليه النصُّ والإجماعُ
    ثالثًا: أنَّه لا خِلافَ في أنَّه يأثمُ بتَرْكِ الجُمُعةِ وترْكِ السَّعيِ إليها، ويَلزَمُ من ذلك أنْ لا يُخاطَبَ بالظهرِ؛ لأنَّه لا يُخاطَبُ في الوقتِ بصَلاتينِ
    رابعًا: لأنَّه يأثمُ بترْكِ الجُمُعةِ وإنْ صلَّى الظهرَ، ولا يأثمُ بفِعلِ الجُمُعةِ وترْك الظهرِ بالإجماعِ، والواجبُ فِعْلُ ما يأثم بتَرْكه دون ما لم يأثمْ به

    المطلَبُ الرابِعُ: حُكْمُ من سَمِعَ النِّداءَ يَوْمَ الجُمُعةِ

    الفرع الأول: حُكمُ الجُمُعةِ لِمَنْ لمْ يَسمَعِ النِّداءَ
    تجِبُ الجُمُعةُ على جميعِ مَن في البلدِ، وإنْ كان في طَرَفِها لا يَسمَعُ النِّداءَ
    الأدلَّة:أولًا: من الكِتاب
    قال تعالى: إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [الجمعة: 9]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ اللهَ عَزَّ وجلَّ قد أمَرَ بالسَّعيِ بمُجرَّدِ النِّداءِ لا السَّماعِ له
    ثانيًا: مِنَ الِإِجْماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ رُشدٍ، وابنُ بَطَّال، وابنُ رجب، وسندٌ من المالِكيَّة
    ثالثًا: أنَّه بلدٌ واحدٌ؛ فلا فَرْقَ فيه بين البَعيدِ والقريبِ
    الفرع الثاني: حُكمُ الجُمُعةِ على مَن كان خارجَ البَلدِ
    تجِبُ الجُمُعةُ على مَن يَسمَعُ النِّداءَ ولو كان خارجَ البَلدِ، وهذا مذهبُ الجمهورِ من المالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ داودَ،
    وبه قالتْ طائفةٌ من السَّلفِ
    الدَّليلُ مِنَ الكتاب:
    قال الله تعالى: إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعة فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [الجُمُعة: 9]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ ظاهرَ الآيةِ وجوبُ الجُمُعةِ على مَن سمِعَ النِّداءَ

    المطلب الخامس: حُكمُ الجُمُعةِ إذا كانَ مَن يُقيمُها فاسقًا أو مبتدعًا

    تجِبُ الجُمُعةُ والسعيُ إليها، سواءٌ كان مَن يُقيمها سُنيًّا، أو مبتدعًا، أو عدْلًا، أو فاسقًا
    الأدلَّة:أولًا: من الكِتاب
    قال الله تعالى: إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعة فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ [الجُمُعة: 9] وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    عمومُ الآيةِ
    ثانيًا: من السُّنَّة
    عن أبي العَاليةِ البَرَّاءِ، قال: ((أخَّرَ زيادٌ الصلاةَ فأتاني ابنُ صامتٍ فألقيتُ له كرسيًّا فجَلس عليه فذكرتُ له صُنْعَ زيادٍ، فعضَّ على شَفتيهِ وضرَب على فخِذي، وقال: إنِّي سألتُ أبا ذرٍّ كما سألتَني، فضرَب فخِذي كما ضربتُ فخِذَك، وقال: إنِّي سألتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كما سألتَني فضرَب فخِذي كما ضربتُ فخِذَك، فقال عليه الصَّلاة والسَّلام: صلِّ الصَّلاةَ لوقتِها، فإنْ أدركتَ معهم فصلِّ ولا تقُل: إنِّي صليتُ فلا أُصلِّي ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    دلَّ الحديثُ على جوازِ الصَّلاةِ مع أئمَّةِ الجَورِ
    ثالثًا: مِن الآثار
    عن عُبَيدِ اللهِ بنِ عَديِّ بنِ خِيارٍ، أنَّه دخَلَ على عُثمانَ بنِ عَفَّانَ وهو محصورٌ، فقال: (إنَّك إمامُ عامَّةٍ، ونزَلَ بكَ ما ترَى، ويُصلِّي لنا إمامُ فِتنةٍ، ونَتحرَّجُ؟ فقال: الصلاةُ أحسن ما يَعمَلُ الناسُ، فإذا أحسنَ الناسُ فأَحْسِنْ معهم، وإذا أساؤوا فاجتنبْ إساءتَهم )
    رابعًا: مِنَ الِإِجْماعِ
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ قُدامةَ، والنوويُّ، والشوكانيُّ، وحكاه ابنُ تيميَّة عن عامَّةِ السَّلَفِ والخَلَفِ
    خامسًا: أنَّ الجُمُعةَ من أعلامِ الدِّينِ الظَّاهرةِ، ويتولَّاها الأئمَّةُ ومَن وَلَّوْه، فترْكُها خَلْفَ مَن هذه صِفتُه يُؤدِّي إلى سُقوطِها
    سادسًا: أنَّ الظاهِرَ من حالِ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم أنَّهم لم يكونوا يُعيدونَ الجُمُعةَ، إذا صلَّوا مع الأئمَّةِ الفُسَّاقِ؛ فإنَّه لم يُنقَلْ عنهم ذلِك
    سابعًا: أنَّ الأصلَ عدمُ اشتراطِ العدالةِ، وأنَّ كلَّ مَن صَحَّتْ صَلاتُه لنَفْسِه صحَّتْ لغيرِه  

    المَطلَبُ الأوَّل: من لا تَجِبُ عليهم الجُمُعةُ
    الفرعُ الأَوَّل: المَرأة
    لا تَجِبُ الجُمُعةُ على المرأةِ.
    الأدلَّة:  أولًا: مِنَ الِإِجْماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المنذرِ ، والخطابيُّ، وابنُ بَطَّال، وابنُ قُدامة،
    ثانيًا: أنَّ المرأةَ ليستْ من أهلِ الحضورِ في مجامعِ الرِّجال؛ ولذلك لا تجِبُ عليها جماعةٌ
    الفرع الثَّاني: العَبْد
    لا تجِبُ الجُمُعةُ على العبدِ، وهذا باتِّفاق المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وبه قالَ أكثرُ العلماء
    وذلك للآتي:
    أولًا: أنَّه مشغولٌ في خِدمةِ سيِّدِه
    ثانيًا: أنَّه مملوكُ المنفعةِ، محبوسٌ على السيِّدِ؛ أشبَهَ المحبوسَ بالدَّينِ
    ثالثًا: أنَّها لو وجبتْ عليه لجازَ له المُضيُّ إليها من غير إذنِ سيِّده، ولم يكُنْ لسيِّدِه منعُه منها، كسائرِ الفرائضِ
    الفرع الثَّالث: الصَّبي
    لا تجِبُ الجُمُعةُ على الصبيِّ، وهذا باتِّفاق المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ أكثرِ أهلِ العِلمِ، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    1- عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((رُفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ: عن النائمِ حتى يَستيقظَ، وعن الصَّبيِّ حتى يَبلُغَ، وعن المجنونِ حتى يَعقِلَ ))
    2- عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((الغُسلُ يومَ الجُمُعةِ واجبٌ على كلِّ مُحتلِمٍ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه علَّقَ الغُسلَ بالاحتلامِ، وهذا يدلُّ على أنَّه لا تجِبُ الجُمُعةُ على الصبيِّ
    ثانيًا: لأنَّ البلوغَ من شرائطِ التَّكليفِ
    الفرع الرَّابع: المُسافِر
    المسألة الأولى: حكم الجُمُعة للمُسافرِ
    لا جُمُعةَ على المسافِرِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّةِ الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ طائفةٍ مِن السَّلَفِ وبه قال أكثرُ العلماءِ، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لَمَّا وصَل بَطنَ الوادي يومَ عرفةَ نزَلَ فخَطَبَ النَّاسَ، ثم بعدَ الخُطبةِ أَذَّنَ بلالٌ، ثمَّ أقام فَصلَّى الظهرَ، ثمَّ أقام فصلَّى العَصرَ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلَّى الظهرَ ولم يُصلِّ الجُمُعةَ؛ وذلك للآتي:
    1- أنَّ صلاةَ الجُمُعةِ الخُطبةُ فيها بعدَ الأذانِ، وهنا الخُطبةُ قبلَ الأذانِ.
    2- صلاةُ الجُمُعةِ يَتقدَّمُها خُطبتانِ، وحديثُ جابرٍ ليس فيه إلَّا خُطبةٌ واحدةٌ.
    3- صلاةُ الجُمُعةِ يُجهَرُ فيها بالقراءةِ، وحديثُ جابر يدلُّ على أنَّه لم يَجْهَر؛ لأنَّه قال: ((صلَّى الظُّهرَ، ثم أقامَ فَصلَّى العصرَ))
    4- صلاةُ الجُمُعةِ تُسمَّى صلاةَ الجُمُعةِ، وفي حديثِ جابرٍ قال: ((صلَّى الظُّهرَ))
    ثانيًا: أنَّه لم يُنقَل أنَّ النبيّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ يُصلِّي الجُمُعةَ في أسفارِه، ولو فَعَل لكان ذلِك ممَّا تَتوافَرُ الدَّواعي على نَقْلِه، ولنُقِلَ إلينا
    المسألة الثانية: إنشاءُ السَّفرِ بَعدَ الزَّوالِ
    لا يجوزُ إنشاءُ السَّفرِ بعدَ زَوالِ الشَّمسِ يومَ الجُمُعةِ بلا ضرورةٍ، وهو مذهبُ الجمهور: المالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ داودَ، وحُكِيَ الإجماعُ على المنعِ بعدَ النِّداءِ
    الأدلَّة: أولًا: من الكِتاب
    قال اللهُ تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ [الجمعة: 9]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه أمَر بالسَّعيِ إليها، وترْكِ البيع، وكذا يتْرك السَّفر؛ لأنَّ العِلَّةَ واحدةٌ، فالبيعُ مانعٌ من حضورِ الصَّلاة، والسَّفرُ كذلك مانعٌ من حُضورِ الصَّلاةِ
    ثانيًا: أنَّ الجُمُعة قد وجَبَتْ عليه؛ فلمْ يَجُزْ له الاشتغالُ بما يَمنَعُ منها
    المسألة الثالثة: السَّفَرُ قَبْلَ الزَّوالِ
    يَجوزُ السَّفَرُ قَبلَ الزَّوالِ، وهو مذهبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والحَنابِلَة، وقولٌ للشافعيَّة، وبه قال أكثرُ أهلِ العِلمِ
    الأدلَّة:
    أولًا: من الآثار
    عن الأسودِ بنِ قَيسٍ، عن أبيه، قال: أَبْصَرَ عُمرُ بنُ الخَطَّابِ رجلًا عليه هيئةُ السَّفَرِ، وقال الرَّجُلُ: إنَّ اليومَ يومُ جُمُعةٍ، ولولا ذلك لخرجتُ، فقال عُمرُ: إنَّ الجُمُعةَ لا تَحبِسُ مسافرًا، فاخرجْ ما لم يَحِنِ الرَّواحُ
    ثانيًا: أنَّ الجُمُعةَ لم تجِبْ؛ فلم يَحرُمِ السفرُ كاللَّيلِ
    ثالثًا: أنَّ ذِمَّتَه بريئةٌ من الجُمُعةِ، فلم يمنعْه إمكانُ وجوبِها عليه كما قبْلَ يَومِها
    المسألة الرابعة: إمامةُ المُسافِرِ في الجُمُعةِ
    يَصحُّ أن يكونَ المسافرُ إمامًا في الجُمُعةِ، وهو مذهبُ الحَنَفيَّة، والشافعيَّة، واختارَه ابنُ حزمٍ، وابنُ عُثيمين، وبه أفتَتِ اللَّجنةُ الدَّائمة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
    وذلك للآتي:
    أولًا: أنَّهم رجالٌ تصحُّ منهم الجُمُعةُ
    ثانيًا: أنَّ القولَ بعدمِ صِحَّةِ ذلك لا دَليلَ عليه
    ثالثَا: أنَّ المسافرَ مِن أهلِ التَّكليفِ، ولا فَرْقَ بين أنْ يكونَ في الجُمُعةِ إمامًا أو مأمومًا

    المطلب الثاني: مِن أحكامِ مَن لا تَجِبُ عليهم الجُمُعةُ


    الفَرع الأول: فرْضُ مَن لا تَجِبُ عليهم الجُمُعةُ، والحُكمُ إذا صلَّوها
    مَن لا تجِبُ عليهم الجُمُعة ففرْضُهم الظُّهرُ، فإنْ حَضَروا صلاةَ الجُمُعةِ وصَلَّوْها، أجزَأَتْهم.
    الأدلَّة:أولًا: مِنَ الإجماعِ
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المنذرِ، وابنُ عبد البَرِّ، والجُوينيُّ، وابنُ قُدامةَ، والنوويُّ
    ثانيًا: أنَّ الجُمُعةَ وإنْ كانتْ ركعتينِ، فهي أكملُ مِن الظُّهرِ؛ ولهذا وجبَتْ على أهلِ الكمالِ، وإنَّما سقطَتْ عن هؤلاءِ تخفيفًا عنهم، فإذا تَحمَّلوا المشقَّةَ وصلَّوا، أجزأهم، كالمريضِ
    الفرعُ الثاني: من لا تَجِبُ عليهم الجمعةُ هل يُصَلُّونَ الظُّهرَ قبل صلاةِ الإِمامِ
    مَن لا تجِبُ عليه الجُمُعةُ- كالمسافرِ، والمريضِ، والمرأةِ، والعبدِ، وسائرِ المعذورين- فله أنْ يُصلِّيَ الظهرَ قبلَ صلاةِ الإمامِ، على أنْ تكونَ صلاتُهم بعدَ دُخولِ وقتِ الظُّهْر؛ باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وبه قال أكثرُ أهلِ الِعلمِ، وحُكِيَ الاتِّفاقُ على ذلك؛ وذلك لأنَّه لم يُخاطَبْ بالجُمُعة؛ فصحَّتْ منه الظهرُ، كما لو كان بعيدًا من موضِعِ الجُمُعةِ

    المَبحَثُ الثالث: حُكمُ صَلاةِ الجُمُعةِ لِمَنْ صَلَّى العِيدَ


    اختَلَفَ أهلُ العِلمِ فيمَن صلَّى العيدَ؛ هل تسقُطُ عنه الجُمُعةُ إذا كانَا في يومٍ واحدٍ؛ على قولين:
    القولُ الأوَّل: أنَّها لا تَسقُطُ، وهو مذهبُ الجمهور: الحَنَفيَّة
    ، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، وبه قال أكثرُ الفُقهاءِ، واختارَه ابنُ المنذرِ، وابنُ حَزمٍ، وابنُ عبدِ البَرِّ
    الأدلَّة: أولًا: من الكِتاب
    قال الله تعالى: إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعة فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّه [الجُمُعة: 9]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه لم يَخُصَّ يومَ عيدٍ من غيرِه
    ثانيًا: مَنَ الآثارِ
    قال أبو عُبَيدٍ: ثمَّ شهدتُ مع عُثمانَ بنِ عَفَّانَ، فكان ذلك يومَ الجُمُعةِ، فصلَّى قبْل الخُطبةِ، ثم خطَبَ فقال: يا أيُّها الناسُ، إنَّ هذا يومٌ قد اجتمَعَ لكم فيه عِيدانِ؛ فمَن أحبَّ أن يَنتظِرَ الجُمُعةَ مِن أهلِ العوالي فليَنتظرْ، ومَن أحبَّ أنْ يَرجِع فقدْ أَذِنْتُ له
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه إنَّما خصَّ أهلَ العاليةِ؛ لأنَّه ليس عليهم جُمُعةٌ
    ثالثًا: أنَّ الجُمُعةَ فرضٌ، والعيدَ تطوُّعٌ, والتطوُّعُ لا يُسقِطُ الفَرضَ
    رابعًا: أنَّهما صلاتانِ واجبتانِ، فلمْ تَسقُطْ إحداهما بالأخرى، كالظهرِ مع العِيدِ
    القول الثاني: أنَّه يَسقُطُ وجوبُ حضورِ الجُمُعةِ لِمَن حضَرَ صلاةَ العِيدِ، وإنْ كان يجِبُ على الإمامِ إقامتُها، وهذا مذهبُ الحَنابلةِ، وبه قالتْ طائفةٌ مِن السَّلَفِ، واختارَه ابنُ تيميَّة، وابنُ باز، وابنُ عُثيمين، وحُكِي الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    عن إياسِ بنِ أبي رَملةَ الشاميِّ، قال: شهدتُ معاويةَ بنَ أبي سُفيانَ وهو يَسألُ زيدَ بن أرقمَ، قال: أشهدتَ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عِيدَينِ اجتمعَا في يوم؟ قال: نعمْ، قال: فكيفَ صنَعَ؟ قال: صلَّى العِيدَ ثمَّ رخَّصَ في الجُمُعةِ، فقال: ((مَن شاءَ أنْ يُصلِّيَ، فليصلِّ ))
    ثانيًا: أنَّ الجُمُعةَ إنَّما زادتْ عن الظُّهرِ بالخُطبة، وقد حصَل سماعُها في العيدِ، فأجزأَ عن سماعِها
    ثالثًا: أنَّ وقتَ الجُمُعةِ والعِيد واحدٌ عند الحَنابِلَةِ؛ فسقطَتْ إحداهما بالأُخرى، كالجُمُعةِ مع الظُّهرِ

    الفَصْلُ الثالث: ما يُشترَطُ لصِحَّةِ الجُمُعةِ وما لا يُشترَطُ
    المَبحَثُ الأوَّل: الخُطبَة
    المطلَبُ الأَوَّلُ: حُكْمُ خُطبَةِ الجُمُعةِ  

    الخُطبةُ شرطٌ في الجُمُعةِ لا تصحُّ بدونِها
    ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّة، والصَّحيحُ عند المالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة: أولًا: من الكِتاب
    1- قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعة فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا البَيْعَ [الجُمُعة: 9]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ مِن أهلِ العِلمِ مَن قال: إنَّ المرادَ بالذِّكرِ الخُطبةُ، أو الخُطبةُ والصَّلاة، وبِناءً على هذا فهي واجبةٌ؛ للأَمْرِ بها، وللنَّهْيِ عن البَيعِ، والمستحبُّ لا يُحرِّمُ المباحَ
    2- قال الله عزَّ وجلَّ: وَتَرَكُوكَ قَائِمًا [الجمعة: 11]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه عاتَبَ بذلك الذين ترَكوا النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قائمًا يَخطُبُ يومَ الجُمُعة وانفضُّوا إلى التجارةِ التي قَدِمَتْ، وعابهم لذلك،
    ولا يُعابُ إلَّا على ترْكِ الواجبِ
    ثانيًا: من السُّنَّة
    1- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يخطُبُ قائمًا، ثم يَقعُد، ثم يقومُ، كما تَفعَلون الآنَ ))
    2- عن جابِرِ بنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخطُبُ قائمًا، ثم يَجلِسُ، ثم يقومُ فيخطبُ قائمًا، فمَن نبَّأكَ أنه كان يخطُبُ جالسًا فقد كذَبَ؛ فقد صليتُ معه أكثرَ مِن ألْفَيْ صلاةٍ ))
    3- قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صلُّوا كما رَأيتُموني أُصلِّي ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما تَرَكَ الخُطبةَ للجُمُعةِ في حالٍ

    المطلب الثاني: حُكمُ الخُطبَتينِ للجُمُعةِ  


    يُشترَطُ أنْ تكونَ للجُمُعةِ خُطبتَانِ، وهو مذهبُ الجمهورِ: المالِكيَّةوالشافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ عامَّةِ العُلماءِ
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن جابِرِ بنِ سَمُرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخطُبُ قائمًا، ثم يَجلِسُ، ثم يقومُ فيخطبُ قائمًا
    2- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ الله عنهما، قال: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يخطُبُ خُطبَتَينِ يقعُدُ بينهما ))
    ثانيًا: لمواظبةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على خُطبتَي الجُمُعةِ مواظبةً غيرَ منقطعةٍ، وهذا الدوامُ المستمرُّ يدلُّ على وجوبِهما
    ثالثًا: أنَّ الخُطبتينِ أُقيمتَا مقامَ الرَّكعتينِ مِن صلاةِ الظُّهرِ؛ فكلُّ خُطبةٍ مكانَ ركعةٍ، فالإخلالُ بإحداهما كالإخلالِ بإحْدى الركعتينِ
    المطلب الثالث: أقلُّ ما يُجزِئُ من الخُطبةِ

    الواجبُ ما يقَعُ عليه اسمُ الخُطبةِ، وهو مذهبُ المالِكيَّة
    ، واختيارُ داودَ الظاهريِّ، وبه قال أبو يوسفَ ومحمَّدُ بنُ الحسنِ من الحَنَفيَّة، وهو قولُ طائفةٍ مِن السَّلفِ، وهو اختيارُ ابنِ تيميَّةِ، وابنِ سعدي
    وذلك للآتي:
    أولًا: اقتداءً بظاهرِ فِعلِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
    ثانيًا: لأنَّ الخُطبةَ عندَ العربِ تُطلَقُ على ما يُقالُ في المحافلِ مِنَ الكلامِ المنبَّهِ به على أمْرٍ مهمٍّ لديهم، والمرشدِ لمصلحةٍ تعودُ عليهم
    المطلب الرابع: اشتِراطُ اللُّغةِ العَربيَّةِ للخُطبَتينِ

    اختلف أهلُ العلمِ في اشتراطِ اللغةِ العربيةِ لخطبةِ الجمعةِ على قولين:
    القول الأول: يُشترَطُ أنْ تَكونَ الخُطبةُ باللُّغةِ العربيَّةِ
    ، وهو مذهبُ الجمهور: المالِكيَّة، والشافعيَّة على الأصحِّ، والحَنابِلَة، وبه قال أبو يُوسُفَ ومحمَّدُ بنُ الحسنِ من الحَنَفيَّة
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    قولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صلُّوا كما رأيتُمونِي أُصلِّي ))، وقد كانَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخطُبُ بالعربيَّة
    ثانيًا: أنَّه ذِكرٌ مفروضٌ فشُرِطَ فيه العربيَّةُ، كالتشهُّدِ وتَكبيرةِ الإحرامِ
    القول الثاني: لا يُشترطُ أن تكونَ الخطبةُ باللغةِ العربيةِ، وهذا مذهبُ الحَنَفيَّة، وصدر به قرارُ مجمعِ الفقهِ الإسلاميِّ، واختاره ابنُ عُثيمينَ، وبه أفتت اللجنةُ الدائمةُ
    الأَدِلَّة:أولًا: من الكتاب
    قال اللهُ تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ [إبراهيم: 4]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ اللهَ سبحانه إنَّما أَرسلَ الرُّسلَ عليهم السَّلام بألسنةِ قومِهم؛ ليُفهموهم مرادَ اللهِ سبحانه بلُغاتِهم ).
    ثانيًا: أنَّه لم يثبت ما يدلُّ على أنَّه يشترط في الخطبةِ أن تكونَ باللغة العربية، وإنَّما كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يخطبُ باللغةِ العربيةِ في الجمعةِ وغيرِها؛ لأنَّها لغتُه ولغةُ قومِه، فوعَظ مَن يخطبُ فيهم، وأرشدهم وذكَّرهم بلغتِهم التي يفهمونها
    ثالثًا: أنَّ الخُطبتينِ ليستَا ممَّا يُتعبَّدُ بألفاظِهما(
    رابعًا: أنَّ المقصودَ الوعظُ، وهو حاصلٌ بكلِّ اللُّغاتِ

    المطلب الخامس: تُقدُّمُ الخُطبتَينِ على الصَّلاةِ

    يُشترَطُ في صِحَّةِ صلاةِ الجُمُعةِ أن تكونَ بعدَ خُطبةِ الجُمُعةِ، وهو باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّةِ الأربعة: الحَنَفيَّة
    ، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة:أولًا: من الكِتاب
    فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ [الجُمُعة: 10]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الشارعَ أباحَ الانتشارَ بعدَ الصَّلاةِ؛ فلو جازَ تأخيرُ الخُطبتينِ لِمَا بعدَ الصلاةِ لَمَا جازَ الانتشارُ
    ثانيًا: من السُّنَّة
    عن مالكِ بنِ الحُوَيرثِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صَلُّوا كَمَا رَأيتُمونِي أُصلِّي ))، وثبتتْ صلاتُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعدَ خُطبَتينِ
    ثالثًا: أنَّهما شَرْطٌ في صحَّةِ الجُمُعةِ، والشرطُ مُقدَّمُ على المشروطِ
    رابعًا: لاشتغالِ الناسِ بمعايشهم، فقُدِّمَا لأجْل أنْ يُدرِكَ المتأخرُ الصَّلاةَ
    المبحث الثاني: المِصرُ الجامِعُ

    لا يُشترَطُ في إقامةِ الجُمُعةِ: المصرُ الجامِعُ، بل تجوزُ في القُرى
    ، وهذا مذهبُ الجمهورِ: من المالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، واختاره ابنُ حزم
    الأدلَّة:أولًا: من الكِتاب
    قوله تعالى: إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [الجمعة: 9]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الآيةَ عامَّةٌ تَشمَلُ المدنَ والقُرَى
    ثانيًا: من السُّنَّة
    عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: (إنَّ أوَّلَ جُمُعةٍ جُمِّعتْ بعدَ جُمُعةٍ في مسجدِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في مسجدِ عبدِ القَيسِ بجُواثَى من البَحرين )
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الظاهرَ أنَّهم جَمَّعوا بأمْر النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في جُواثَى، وهي قريةٌ من قُرَى البَحرينِ كما في بعضِ الرِّواياتِ؛ فدلَّ على جوازِ إقامةِ الجُمُعةِ في القُرى
    (((  قال ابنُ قُدامَة: (لا يُشترَط للجُمعةِ المصرُ؛ رُوي نحوُ ذلك عن ابنِ عُمر، وعُمرَ بن عبد العزيز، والأوزاعيِّ، والليث، ومكحولٍ، وعِكرمةَ، والشافعيِّ) ((( قال النوويُّ: (إذا كان في القريةِ أربعون من أهلِ الكَمال صحَّت جُمعتُهم في قريتهم ولزمتهم، سواء كان فيها سوقٌ ونهر أم لا، وبه قال مالكٌ وأحمد، وإسحاق، وجمهورُ العلماء، وحكاه الشيخ أبو حامد عن عُمرَ وابنِه، وابنِ عبَّاس رضي الله عنهم)))
    المبحث الثالث: إقامةِ الجُمُعةِ في البُنيانِ
    لا يُشترَطُ إقامةُ الجُمُعةِ في البُنيانِ، وهو مذهبُ الحَنَفيَّة
    ، والحَنابِلَة، واختارَه ابنُ عثيمين وذلك لأن الأصلَ عدمُ اشتراطِ ذلِك، ولا نصَّ في اشتراطِه، ولا معنى نصٍّ
    المبحث الرابع: إذنُ السُّلطانِ أو حُضورُه

    تصحُّ الجُمُعةُ بغيرِ إذنِ السُّلطانِ وحُضورِه، سواءٌ كان السلطانُ في البَلدِ أم لا، وهذا مذهبُ الجمهورِ
    : المالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، واختاره ابنُ حزم
    الأدلَّة:أولًا: من الكِتاب
    عمومُ قولِه تعالى: إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [الجمعة: 9]
    ثانيًا: من الآثار
    عن عُبَيدِ اللهِ بنِ عَديِّ بنِ خِيارٍ، أنَّه دخَلَ على عُثمانَ بنِ عَفَّانَ وهو محصورٌ، فقال: (إنَّك إمامُ عامَّةٍ، ونزَلَ بكَ ما ترَى، ويُصلِّي لنا إمامُ فِتنةٍ، ونَتحرَّجُ؟ فقال: الصلاةُ أحسنُ ما يَعمَلُ الناسُ، فإذا أحسنَ الناسُ فأَحْسِنْ معهم، وإذا أساؤوا فاجتنبْ إساءتَهم )
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه لم يَأمُرْه بإعادةِ الصَّلاةِ، مع أنَّ الذي صلَّى بالنَّاسِ كنانةُ بنُ بِشرٍ- أحدُ رُؤوس الفِتنة- وبدون إذنِ الخليفةِ عُثمانَ رَضِيَ اللهُ عنه
    ثالثًا: القياسُ على الإمامةِ في سائرِ الصَّلواتِ
    رابعًا: أنَّ المتغلِّبَ والخارجَ على الإمامِ تجوزُ الجُمُعةُ خَلْفَه؛ فمَن كان في طاعةِ الإمامِ أحْرَى بجوازِها خَلفَه
    خامسًا: أنَّها من فرائضِ الأعيانِ، فلمْ يُشترَطْ لها إذنُ الإمامِ، كالظُّهرِ
    المطلب الأوَّل: وقتُ الجُمُعةِ  

    الفرع الأول: صلاةُ الجُمُعةِ بعدَ الزَّوالِ
    مَن صلَّى الجُمُعة في وقتِ الظُّهرِ؛ بعدَ الزَّوال، فقدْ صلَّاها في وقتِها.
    الدَّليل من الإجماع:
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المنذرِ، وابنُ عبد البَرِّ، وابنُ العربيِّ، وابنُ قُدامةَ، والزَّيلعيُّ، والزركشيُّ
    الفرع الثاني: حُكمُ صَلاةِ الجُمُعةِ قَبلَ الزَّوالِ
    اختلَفَ أهلُ العِلمِ في وقتِ الجُمُعة، وهلْ تُصلَّى قبلَ الزَّوالِ؟ على قولين:
    القول الأوّل: أنَّ وقتها وقتُ صلاةِ الظُّهرِ، ولا تصحُّ قبل الزوالِ، وهذا مذهبُ الجمهور: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، واختارَه ابنُ حزمٍ، وبه قال أكثرُ العلماءِ
    الأَدِلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ((كان يُصلِّي الجُمُعةَ حين تَميلُ الشمسُ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    في قولِه: (كان يُصلِّي...) إشعارٌ بالمواظبةِ على صلاةِ الجُمُعة في وقتِ الزَّوالِ
    2- عن سَلَمةَ بنِ الأكوعِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كنَّا نُجمِّعُ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا زالتِ الشمسُ ثم نَرجِعُ نتتبَّعُ الفيءَ ))
    3- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((كان الناسُ مَهَنَةَ أنفسِهم، وكانوا إذا راحوا إلى الجُمُعةِ راحوا في هيئتِهم، فقيل لهم: لو اغْتَسَلْتُم ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    قوله: راحوا إلى الجُمُعةِ، والرَّواح إنَّما يكونُ بعدَ الزَّوالِ، فدلَّ على أنَّ الجُمُعةَ إنَّما كانت تُقامُ في عهدِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعدَ الزَّوالِ
    ثانيًا: من الآثار
    عن الوليدِ بن العَيْزارِ: ما رأيتُ إمامًا أحسنَ صلاةً للجُمُعةِ من عمرِو بن حُرَيثٍ، كان يُصلِّيها إذا زالتِ الشَّمسُ
    ثالثًا: عمَلُ المُسلِمِينَ
    المعروفُ مِن فِعل السَّلَفِ والخَلَفِ صلاةُ الجُمُعةِ في وقتِ صلاةِ الظُّهرِ
    رابعًا: لأنَّ صلاةَ الجُمُعةِ وصلاةَ الظهرِ صَلاتَا وقتٍ، فكان وقتُهما واحدًا، كالمقصورةِ والتامَّة
    خامسًا: لأنَّ إحداهما بدلٌ عن الأخرى، وقائمةٌ مقامَها، فأشبَهَا الأصلَ المذكورَ
    سادسًا: لأنَّ آخِرَ وقتهما واحدٌ، فكان أوَّلُه واحدًا، كصلاةِ الحضرِ والسَّفرِ
    القول الثاني: تجوزُ صلاة الجُمُعة قَبلَ الزوالِ، وهذا مذهبُ الحَنابِلَة، وبه قال بعضُ السَّلَفِ، واختاره الشوكانيُّ، وابنُ باز, وحُكِي إجماعُ الصحابةِ على ذلك
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي الجُمُعةَ، ثم نَذهَبُ إلى جِمالِنا فنُريحها حينَ تزولُ الشَّمسُ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    الحديثُ يدلُّ على أنَّ صلاتَهم كانت قَبلَ الزوالِ؛ لأنَّه قد صرَّحَ بأنَّ إراحتَهم لنواضحِهم بعدَ الجُمُعةِ كانتْ عند الزَّوالِ
    2- عن سَلَمةَ بنِ الأكوعِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كنَّا نُصلِّي مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الجُمُعةَ، ثمَّ ننصرِفُ وليس للحِيطانِ ظِلٌّ نستظلُّ به )) وفي روايةٍ: ((نُجمِّعُ مع رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا زالتِ الشَّمسُ، ثم نرجِع نتَّبِعُ الفَيءَ ))
    3- عن سَهلِ بنِ سَعدٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: (ما كُنَّا نَقِيلُ ولا نَتغدَّى إلَّا بعدَ الجُمُعةِ في عهدِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه لا يُسمَّى قائلةً ولا غداءً إلَّا ما كان قبلَ الزَّوالِ
    ثانيًا: من الآثار
    1- عن أبي سُهَيلِ بنِ مالكٍ، عن أبيه قال: (كُنتُ أرَى طِنْفِسةً لعَقيلِ بنِ أبي طالبٍ تُطرَح إلى جدارِ المسجدِ الغربيِّ, فإذا غَشَّى الطِّنفِسةَ كلَّها ظِلُّ الجدارِ خرَجَ عمرُ بنُ الخطَّابِ فصلَّى, ثم نَرجِعُ بعدَ صلاةِ الجُمُعة، فنَقِيلُ قائلةَ الضُّحَى)
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ ظلَّ الجدار ما دامَ في الغربِ منه شيءٌ، فهو قبل الزَّوال, فإذا زالتِ الشَّمسُ صارَ الظلُّ في الجانبِ الشرقيِّ، ولا بدَّ
    2- عن ابن أبي سَلِيطٍ: (أنَّ عُثمانَ بن عفَّانَ صلَّى الجُمُعة بالمدينةِ وصلَّى العصرَ بملل قال ابنُ أبي سَلِيطٍ: وكنَّا نصلِّي الجُمُعةَ مع عثمانَ ونَنصرِفُ وما للجدارِ ظِلٌّ)
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ بين المدينة, وملل: اثنين وعشرين ميلًا من المدينة, ولا يجوزُ البتةَ أنْ تزولَ الشمسُ ثم يَخطُب ويُصلِّي الجُمُعةَ، ثمَّ يمشي هذه المسافةَ قبلَ اصفرارِ الشَّمسِ
    ثالثًا: أنَّه يجوزُ تقديمُها قبلَه وتعجيلُها كما تُعجَّلُ الصلاةُ المجموعةُ؛ فإنَّ صلاةَ الجُمُعةِ سببُها: اليوم؛ ولهذا تُضاف إليه، فيُقال: صلاة الجُمُعةِ، وشرطها: الزوالُ، فيجوز تقديمُها على شرطِها بعدَ وجودِ سببها، وهو اليومُ، كما يجوزُ تعجيلُ الزكاةِ بعدَ كمالِ النِّصابِ، وهو سببُ الوجوبِ، وقَبْلَ الحَوْلِ، وهو شَرْطُه
    المطلب الثاني: قضاءُ صَلاةِ الجُمُعةِ
    مَن فاتَتْه صلاةُ الجُمُعةِ صَلَّى الظهرَ أربعًا.
    الأدلَّة:أولًا: مِنَ الِإِجْماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المنذرِ، والنوويُّ وابنُ تيميَّة، وابنُ رَجبٍ
    ثانيًا: أنَّ الجُمُعةَ لا يُمكِنُ قضاؤُها؛ لأنَّها لا تصحُّ إلَّا بشروطِها، ولا يُوجَدُ ذلك في قضائِها؛ فتَعيَّن المصيرُ إلى الظهرِ عندَ عدمِها، وهذا حالُ البَدلِ
    ____________________________________________________
    وما زلنا أحبابنا .. تابعونا   ... جزاكم الله خيرا  ...


    عدل سابقا من قبل sadekalnour في السبت أكتوبر 22, 2022 3:43 pm عدل 3 مرات

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

       الثالث عشر: صَلاة الجُمُعة .. فَضْلُها وحُكْمُها .  مَن تجِبُ عليه .   وقتُها .صِفةُ خُطبةِ الجُمُعةِ . آدابُها . الدُّعاءُ يومَ الجُمُعةِ .                                                                                                      Empty المبحث السادس: اشتراطُ حُضورِ جماعةٍ

    مُساهمة من طرف صادق النور الجمعة أكتوبر 21, 2022 10:59 pm


    المبحث السادس: اشتراطُ حُضورِ جماعةٍ

    يُشترَطُ حضورُ جماعةٍ في صلاةِ الجُمُعةِ؛ فلا تصحُّ من منفردٍ.
    الأدلَّة:أولًا: من الكِتاب
    قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعة فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [الجمعة: 9- 11]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ ظاهرَ الآيةِ يدلُّ على أنَّ الجُمُعةَ إنَّما تكونُ منَ الجماعةِ
    ثانيًا: مِنَ الِإِجْماعِ
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ رُشدٍ، والكاسانيُّ، والنوويُّ، والشوكانيُّ
    ثالثًا: أنَّ هذه الصَّلاةَ تُسمَّى جُمُعةً؛ فلا بدَّ مِن لُزومِ معنى الجُمُعة فيه؛ اعتبارًا للمَعْنَى الذي أُخِذَ اللفظُ منه من حيثُ اللُّغةِ كما في الصَّرْف، والسَّلَم، والرَّهْن، ونحوِ ذلك
    رابعًا: أنَّ ترْكَ الظُّهرِ ثبَت بهذه الشريطةِ؛ ولهذا لم يُؤدِّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الجُمُعةَ إلَّا بجماعةٍ
    خامسًا: أنَّ الخلفاءَ الراشدين لم يُؤدِّها أحدٌ منهم منفردًا؛ فدلَّ ذلك على اشتراطِها

    المبحث السابع: العددُ الذي تَنعقِدُ به صلاةُ الجُمُعةِ


    اختَلَفَ أهلُ العِلمِ في العددِ الذي تنعقِدُ به صلاةُ الجُمُعةِ ولا تصحُّ بدونِه على أقوالٍ، أقواها قولان:
    القول الأوّل: أنَّ صلاةَ الجُمُعةِ تنعقِدُ باثنين سوى الإمامِ، وهو روايةٌ عن أحمدَ
    ، وبه قال أبو يُوسُفَ، وطائفةٌ من السَّلَفِ، واختارَه ابنُ تيميَّة، وابنُ باز، وابنُ عثيمين
    الأدلَّة:أولًا: من الكِتاب
    قال الله تعالى: إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [الجمعة: 9]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ قولَه: فَاسْعَوْا جاءَ بصيغةِ الجَمْعِ، فيَدخُلُ فيه الثلاثةُ
    ثانيًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي الدَّرداءِ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((ما مِن ثلاثةٍ في قريةٍ لا تُقامُ فيهم الصَّلاةُ إلَّا استَحْوَذَ عليهم الشَّيطانُ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الصَّلاةَ عامَّةٌ تَشمَلُ الجُمُعةَ وغيرَها، فإذا كانوا ثلاثةً في قريةٍ لا تُقامُ فيهم الصلاةُ، فإنَّ الشيطانَ قد استحوذَ عليهم، وهذا يدلُّ على وجوبِ صلاةِ الجُمُعة على الثلاثة، ولا يُمكِنُ أن نقول: تجِبُ على الثلاثةِ، ثم نقول: لا تصحُّ من الثلاثةِ؛ لأنَّ إيجابَها عليهم، ثم قولنا: إنَّها غيرُ صحيحةٍ تَضادٌّ، معناه: أمرناهم بشيءٍ باطلٍ، والأمرُ بالشيءِ الباطلِ حرامٌ
    2- عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا كانوا ثلاثةً فلْيَؤُمَّهم أحدُهم, وأحقُّهم بالإمامةِ أقرؤُهم ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ أمْره صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالإمامةِ إذا كانوا ثلاثةً عامٌّ في إمامةِ الصَّلوات كلِّها؛ الجُمُعةِ والجماعةِ
    ثالثًا: أنَّ الثلاثةَ أقلُّ الجَمْع، فانعقدتْ به الجماعةُ
    القول الثاني: تَنعقِدُ باثنين، وهو مذهبُ الظاهريَّة، وبه قالت طائفةٌ من السَّلَفِ، واختارَه الطبريُّ، والشوكانيُّ
    الأدلَّة:أولًا: من الكِتاب
    قال عزَّ وجلَّ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ [الجمعة: 9]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه لا يجوزُ أن يَخرُج عن هذا الأمرِ وعنْ هذا الحُكمِ أحدٌ إلَّا مَن جاءَ نصٌّ جليٌّ، أو إجماعٌ متيقَّنٌ على خروجِه عنه, وليس ذلك إلَّا الفذَّ وحْدَه
    ثانيًا: من السُّنَّة
    عن مالكِ بنِ الحُوَيرثِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: أتيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنا وصاحبٌ لي، فلمَّا أَرَدْنا الإقفالَ مِن عندِه، قال لنا: ((إذا حضَرتِ الصَّلاةُ، فأذِّنا، ثم أَقيمَا، ولْيؤمَّكما أكبرُكما ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ جعَلَ للاثنينِ حُكمَ الجَماعةِ في الصَّلاةِ
    ثالثًا: أنَّ الاثنينِ جماعةٌ فيَحصُل الاجتماعُ، ومِن المعلومِ أنَّ صلاةَ الجماعةِ في غيرِ الجُمُعةِ تَنعقِدُ باثنينِ بالاتِّفاق، والجُمُعةُ كسائرِ الصَّلواتِ، فمَن ادَّعى خروجَها عن بقيَّة الصَّلواتِ، وأنَّ جماعتَها لا بدَّ فيها من ثلاثةٍ، فعليه الدَّليل

    المبحث الأوَّل: صِفةُ خُطبةِ الجُمُعةِ

    المَطلَبُ الأول: أن تكونَ الخُطبةُ على مِنْبَرٍ


    يُستحبُّ أن تكونَ الخُطبةُ على مِنبَرٍ.
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي حازمٍ: ((أنَّ نفرًا جاؤوا إلى سَهلِ بنِ سَعدٍ، قد تماروا في المنبرِ مِن أيِّ عودٍ هو؟ فقال: أمَا واللهِ إنِّي لأعرفُ مِن أيِّ عودٍ هو، ومَن عَمِلَه، ورأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أولَ يومٍ جلَس عليه، قال فقلتُ له: يا أبا عبَّاس، فحدِّثْنا، قال: أَرسلَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى امرأةٍ- قال أبو حازم: إنَّه ليُسمِّيها يومئذٍ- انظري غُلامَكِ النَّجارَ، يَعمَلُ لي أعوادًا أُكلِّمُ الناسَ عليها، فعَمِل هذه الثلاثَ دَرجاتٍ، ثم أمَر بها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فوُضِعَتْ هذا الموضعَ، فهي مِن طَرْفاءِ الغابةِ
    ، ولقدْ رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قام عليه فكبَّر وكبَّر الناسُ وراءَه، وهو على المنبرِ، ثم رَفَع فنزَلَ القَهْقرَى ) حتى سجَد في أصلِ المنبر، ثم عاد، حتى فرَغَ من آخِر صلاتِه، ثم أقبلَ على النَّاس، فقال: يا أيُّها الناس، إنِّي صنعتُ هذا لتأتمُّوا بي، ولتَعلَمُوا صلاتِي
    ))
    2- عن السَّائِبِ بنِ يَزيدَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كانَ النِّداءُ يوم الجُمُعة أوَّلُه إذا جلَس الإمامُ على المنبرِ على عهدِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأبي بكرٍ، وعُمرَ... ))
    3- عن أمِّ هِشامِ بِنتِ حارثةَ بنِ النُّعمانِ، قالت: ((لقدْ كان تَنُّورُنا وتنُّورُ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم واحدًا سنتينِ أو سنةً وبعضَ سنةٍ، وما أخذتُ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ [ق: 1] إلَّا عن لسانِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقرؤُها كلَّ يوم جُمُعةٍ على المنبرِ إذا خطَبَ النَّاسَ ))
    ثانيًا: مِنَ الِإِجْماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: النوويُّ، وابنُ مُفلحٍ، والمرداويُّ
    ثالثًا: أنَّه أبلغُ في الإعلامِ وإسماعِ النَّاسِ
    رابعًا: أنَّ الناسَ إذا شاهَدوا الخطيبَ كان أبلغَ في وعْظِهم
    المَطلَبُ الثاني: أنْ يَخطُبَ على طهارةٍ

    تُسنُّ الطهارةُ في خُطبةِ الجُمُعةِ ولا تُشترَطُ، وهذا مذهبُ الجمهور: الحَنَفيَّة
    ، والمالِكيَّة، والحَنابِلَة، والظاهريَّة، وبه قال الشافعيُّ في القديمِ
    وذلك للآتي:
    أولًا: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يُصلِّي عقيبَ الخُطبة، ولم يَرِدْ عنه أنَّه كان يَفصِلُ بينهما بطهارةٍ، فدلَّ على أنَّه كان متطهِّرًا، والاقتداءُ به إنْ لم يكُن واجبًا فهو سُنَّة
    ثانيًا: أنَّه لو افتقرَ إلى الطهارةِ لافتقَرَ إلى استقبالِ القِبلةِ كالصَّلاةِ
    ثالثًا: أنَّه ذِكرٌ يتقدَّمُ الصَّلاةَ، فلم تَكُنِ الطهارةُ فيه شرطًا كالأذانِ
    رابعًا: أنَّه إذا استُحبَّتِ الطهارةُ للأذانِ، فاستحبابُها للخُطبةِ أَوْلى
    خامسًا: لأنَّه لو لم يكُنْ مُتطهِّرًا احتاجَ إلى الطهارةِ بين الصَّلاةِ والخُطبةِ، فيَفصِل بينهما، وربَّما طوَّلَ على الحاضرينَ فشقَّ عليهم
    المَطلَبُ الثالث: تسليمُ الخَطيبِ على النَّاسِ

    يُستحبُّ للإمامِ إذا صَعِدَ المنبرَ فاستَقبَلَ الحاضرينَ أنْ يُسلِّمَ عليهم، وهو مذهبُ الشافعيَّة
    ، والحَنابِلَة، وبه قال طائفةٌ من السَّلَفِ، واختاره ابنُ عثيمين
    وذلك للآتي:
    أولًا: لإجماعِ الأُمَّة على العملِ به
    ثانيًا: للنُّصوصِ العامَّة التي تحثُّ على السَّلامِ
    ثالثًا: أنَّه استقبالٌ بعدَ استدبارٍ، فيُسنُّ أنْ يُسلِّمَ عليهم أشْبَه مَن فارقَ قومًا، ثم عادَ إليهم
    المَطلَبُ الرابع: جلوسُ الخَطيبِ حتى يُؤذِّنَ المؤذِّنُ

    يُسنُّ إذا صعِد الخطيبُ على المنبرِ أن يجلِسَ بعدَ سلامِه عليهم حتى يؤذِّنَ المؤذِّنُ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّةِ الأربعة: الحَنَفيَّة
    ، والمالِكيَّة والشافعيَّة والحَنابِلَة، وحُكِي الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    عنِ السَّائبِ بنِ يَزيدَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كان النِّداءُ يومَ الجُمُعةِ أوَّلُه إذا جَلَس الإمامُ على المنبرِ على عَهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأبي بكر، وعُمر... ))
    ثانيًا: أنَّه إذا جلَسَ بعدَ الصُّعودِ على المنبرِ يَستريحُ فيتمكَّن مِن الكلامِ تمكُّنًا تامًّا
    ثالثًا: أنَّ في الجلوسِ بعدَ الصُّعودِ زيادةَ وقارٍ

    المَطلَبُ الخامس: الأذانُ بين يَدَيِ الخَطيبِ قبلَ البَدءِ بالخُطبةِ

    يُشرَعُ الأذانُ عَقيبَ صُعودِ الإمامِ على المَنبَرِ.
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    عن السَّائبِ بنِ يَزيدَ رَضِيَ اللهُ عنه: ((كان النِّداءُ إذا صَعِدَ الإمامُ على المنبرِ على عهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأبي بكرٍ، وعُمرَ، فلمَّا كان عثمانُ كثُرَ النَّاسُ، فزاد النِّداءَ الثالثَ على الزَّوراءِ ))
    ثانيًا: مِنَ الِإِجْماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ قُدامةَ، وابنُ رجب
    المَطلَبُ السادس: الأذانُ الأوَّلُ للجُمُعةِ
    يُشرَعُ الأذانُ الأوَّلُ لصلاةِ الجُمُعةِ

    المَطلَبُ السابع: ما يُسنُّ في الخُطبةِ

    الفَرعُ الأوَّل: اعتمادُ الخطيبِ على قوسٍ أو عصًا
    يُستحبُّ اعتمادُ الخطيبِ على قوسٍ أو عصًا
    ، وهو مذهبُ الجمهور: المالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، واختاره الصَّنعانيُّ، وابنُ باز، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن الحَكمِ بنِ حَزْنٍ الكُلَفيِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((وفدتُ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأقمنا أيَّامًا شهِدْنا فيها الجُمُعةَ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقام متوكئًا على عصًا أو قوسٍ، فحمِدَ اللهَ، وأثْنَى عليه كلماتٍ طيِّباتٍ، خفيفاتٍ مباركاتٍ ))
    ثانيًا: أنَّ الاعتمادَ على قوسٍ أو عصًا هو الأمرُ القديمُ الماضي من فِعلِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والخلفاءِ بعدَه
    ثالثًا: أنَّ ذلك أعونُ له
    رابعًا: أنَّ في ذلك ربطًا للقلبِ، ولبُعدِ يديه عنِ العَبثِ
    الفرع الثَّاني: إقبالُ الخَطيبِ على النَّاسِ
    يُشرَعُ للإمامِ أنْ يَخطُبَ مستقبلًا أهلَ المسجدِ، ومستدبرًا القِبلةَ.
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، صلَّى على المنبرِ، قال سهلُ بن سعدٍ: ((فلمَّا فرَغ أقبلَ على الناسِ، فقال: إنَّما صنعتُ هذا لتأتمُّوا بِي، ولتَعْلَموا صَلاتِي ))
    ثانيًا: مِنَ الِإِجْماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ رجب
    الفَرعُ الثَّالث: توجُّه النَّاسِ إليه بأَبصارِهمْ
    يُستحَبُّ للمصلِّينَ استقبالُ الإمامِ إذا خطبَ، وهو مذهبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وقولٌ للمالكيَّة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلِك
    الأدلَّة: أولًا: من الآثار
    عن أنسِ بن مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه كان إذا أخَذَ الإمامُ في الخُطبةِ يَستقبِلُه بوجهِه حتى يَفرَغَ
    ثانيًا: أنَّه الذى يَقتضيه الأدَبُ، وهو أبلغُ في الوعظِ
    ثالثًا: أنَّ ذلِك أبلغُ في سماعِهم، فاستُحبَّ، كاستقبالِ الإمامِ إيَّاهم
    الفرع الرابع: رفْعُ الخَطيبِ صَوتَه
    يُستحَبُّ للخَطيبِ أنْ يَرفَعَ صوتَه في خُطبةِ الجُمُعة، وهذا باتِّفاق المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا خَطَب احمرَّتْ عيناه، وعلَا صوتُه، واشتدَّ غضبُه، حتى كأنَّه منذرُ جيشٍ، يقول: صبَّحَكم ومسَّاكم، ويقول: أمَّا بعدُ، فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ تعالى، وخيرَ الهُدَى هُدَى محمَّد صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وشرَّ الأمورِ مُحْدَثاتِها، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ ))
    ثانيًا: أنَّه من أجلِ ذلِك شُرِعتِ الخُطبةُ على المنبرِ؛ لأنَّه أبلغُ في الإسماعِ
    الفَرعُ الخامس: حُكمُ تقصيرِ الخُطبةِ
    يُسنُّ تَقصيرُ الخُطبةِ
    الأدلَّة:  أولًا: من السُّنَّة
    1- عن عَمَّارِ بنِ ياسرٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: إنِّي سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: ((إنَّ طُولَ صَلاةِ الرَّجُلِ، وقِصرَ خُطبتِه مَئِنَّةٌ مِن فِقهِه؛ فأَطيلوا الصلاةَ، واقْصُرُوا الخُطبةَ ))
    2- عن جابرِ بنِ سَمُرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كنتُ أُصلِّي مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وكانتْ صلاتُه قَصدًا، وخُطبتُه قصدًا ))، وفي روايةٍ: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يُطيلُ الموعظةَ يومَ الجُمُعةِ، إنَّما هي كلماتٌ يسيراتٌ ))
    ثانيًا: أنَّه أَوْعَى للسَّامعينَ، وأبعدُ للمَللِ عنهم
    الفَرْع السَّادس: حُكمُ قِيامِ الخَطيبِ في الخُطبةِ
    اختَلَفَ العلماءُ في حُكمِ قِيامِ الخَطيبِ في خُطبةِ الجُمُعة على أقوال، أقواها قولان:
    القول الأوّل: أنَّ قِيامَ الخطيبِ حالَ الخُطبةِ شَرطٌ مع القُدرةِ عليه، وهو مذهبُ الشافعيَّة، وقول الأكثر من المالكية، واختارَه القرطبيُّ من المالِكيَّة، وهو روايةٌ عن الإمامِ أحمدَ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلِك
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن سِماكٍ، قال: أَنبأنِي جابرُ بنُ سَمرُة رَضِيَ اللهُ عنه :أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَخطبُ قائمًا، ثمَّ يجلسُ، ثم يقومُ فيخطبُ قائمًا. (قال جابر: ( فمَن نبَّأك أنَّه كان يَخطُبُ جالسًا فقد كذَب؛ فقد- واللهِ- صليتُ معه أكثرَ من ألْفَي صلاةٍ! ))
    2- قولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صَلُّوا كما رَأيتُموني أُصلِّي ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دَاوَمَ على القِيامِ للخطبة، وقد أَمَرَنا أن نُصلِّيَ كما صَلَّى
    ثانيًا: مِن الآثار
    عن كَعبِ بنِ عُجرةَ: أنَّه دخَلَ المسجدَ وعبدُ الرحمنِ بنُ أمِّ الحكَمِ يخطُب قاعدًا، فقال: (انظُروا إلى هذا الخبيثِ يخطُب قاعدًا، وقال اللهُ تعالى: وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا [الجمعة: 11] ؟!)
    ثالثًا: أنَّه قد شُرِعَ الفصلُ بين الخُطبتينِ بالجلوسِ، فلو كان القعودُ مشروعًا في الخُطبتينِ ما احتِيجَ إلى الجلوسِ
    رابعًا: أنَّ الخُطبةَ أحدُ فرضَيِ الجُمُعةِ؛ فوجب فيها القيامُ والقعودُ كالصَّلاةِ
    القول الثاني: يُسنُّ أن يخطُب قائمًا، وهو مذهبُ الحَنَفيَّة، والحَنابِلَة، وقولٌ للمالكيَّة، واختارَه ابنُ عُثيمين
    الأدلَّة:  أولًا: من الكِتاب
    قال الله تعالى: وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا [الجُمُعة: 11]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الآيةَ تدلُّ على أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَخطُب قائمًا.
    ثانيًا: من السُّنَّة
    1- عن سِماكٍ، قال: أَنبأنِي جابرُ بنُ سَمرُة رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَخطُب قائمًا، ثم يجلس، ثم يقومُ فيخطبُ قائمًا. (قال جابر : ( فمَن نبَّأك أنَّه يَخطُب جالسًا فقدْ كذَب؛ فقد واللهِ، صليتُ معه أكثرَ من ألْفَي صلاةٍ! ))
    2- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ الله عنهما، قال: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يخطُبُ خُطبتَينِ يقعُدُ بينهما ))
    ثالثًا: أنَّ القيامَ في الخُطبةِ جرَى عليه التوارثُ مِن لدُنْ رسولِ اللهِ عليه السلام إلى يومِنا هذا
    رابعًا: لأنَّه ذِكرٌ ليس من شَرْطِه الاستقبالُ فلم يجبْ له القيامُ كالأذانِ
    الفَرعُ السابع: الجِلسةُ بيْنَ الخُطبتينِ
    يستحبُّ الجلوسُ بين الخُطبتين، ولا يجِبُ، وهو مذهبُ الجمهور: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والحَنابِلَة، وبه قال أكثرُ أهل العِلمِ
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن جابرِ بنِ سَمُرةَ، قال:كانتْ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خُطبتانِ يَجلِسُ بينهما يقرأُ القرآنَ، ويُذكِّرُ الناسَ ))
    2- عنِ ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يخطُبُ قائمًا، ثم يجلِسُ، ثم يقومُ- كما يَفعلونَ اليومَ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ هذا فِعلُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو يُفيدُ النَّدبَ
    ثانيًا: أنَّها جلسةٌ ليس فيها ذِكرٌ مشروعٌ؛ فلم تكُنْ واجبةً
    ثالثًا: أنَّ جلوسَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان للاستراحةِ؛ فلم تكُنْ واجبةً  
    رابعًا: أنَّ المقصودَ من الخُطبةِ هو الوعظُ والتذكيرُ، وهو يَحصُلُ بدون هذا الجِلسةِ
    الفَرعُ الثامن: الدُّعاءُ في الخُطبةِ
    يُستحَبُّ الدُّعاءُ للمسلمينَ في الخُطبةِ، وهو مذهبُ الجمهور: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والحَنابِلَةِ، وقولٌ للشَّافعيَّة
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن حُصينِ بنِ عبدِ الرَّحمنِ، عن عُمارَةَ بنِ رُؤيبةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّه رأى بِشرَ بنَ مَرْوانَ على المنبرِ رافعًا يديه، فقال: ((قَبَّحَ اللهُ هاتينِ اليدينِ؛ لقدْ رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما يَزيدُ على أنْ يقولَ بيدِه هكذا، وأشارَ بإصبعِه المسبِّحةِ ))
    وفي روايةٍ: يُشيرُ بإصبعيه يَدْعو وفي روايةٍ أخرى: قال حُصينٌ: كنتُ إلى جنبِ عُمارةَ وبِشرٌ يَخطُبنا، فلمَّا دَعا رَفَعَ يديه، وفي لفظ آخَر: رأى عُمارةُ بنُ رُؤيبةَ بِشرَ بنَ مَرْوانَ، وهو يَدْعو في يومِ جُمُعةٍ وفي لفظ: فرَفَع يديه في الدُّعاءِ
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ من السُّنَّةِ الإشارةَ بإصبعِه المسبِّحةِ عندَ الدُّعاءِ لا رَفْعَ اليدينِ، وفِيه إثباتُ الدُّعاءِ يومَ الجُمُعةِ
    ثانيًا: لأنَّ الدُّعاءَ للمسلمينَ مسنونٌ في غيرِ الخُطبةِ؛ ففيها أَوْلى
    ثالثًا: أنَّ الدعاءَ في الخُطبةِ جرى عليه عملُ المسلمين بنَقْلِ الخَلَفِ عنِ السَّلفِ
    رابعًا: أنَّ الأصلَ عدمُ الوجوبِ، ومقصودُ الخطبةِ الوعظُ، وهو يَحصُلُ من دون الدُّعاءِ
    خامسًا: أنَّه دُعاءٌ لا يجِبُ في غيرِ الخُطبةِ؛ فكذا فيها كالتَّسبيحِ
    مسألة: حكم رَفْع اليَدينِ في الدُّعاءِ على المِنبَرِ
    لا يُشرعُ للإمامِ رفْعُ يديه في خُطبة الجُمُعة، ويَكتفي بالإشارةِ بالإصْبَع، إلَّا إذا استسقى فإنَّه يَرفَعُ يديه، وهو مذهبُ الجمهور: المالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وقولُ بعضِ الحَنَفيَّة
    الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:
    1- عن عُمارةَ بنِ رُؤَيْبَةَ، أنَّه رَأَى بِشرَ بنَ مَرْوانَ على المنبرِ رافعًا يَديهِ، فقال: ((قبَّحَ اللهُ هاتينِ اليَدينِ، لقدْ رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما يَزيدُ على أن يقولَ بيده هكذا، وأشارَ بإصبعِه المسبِّحةِ ))
    2- ما رواه أنسُ بنُ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((أصابتِ الناسَ سَنَةٌ على عَهدِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فبينما النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخطُب في يومِ الجُمُعة قام أعرابيٌّ، فقال: يا رسولَ اللهِ، هلَك المال، وجاعَ العِيال! فادعُ اللهَ لنا، فرفَع يَديه... ))الحديث
    --------------------------------------------------------------
    تابعونا أحبابنا في الله وجزاكم الله خيرا
    ::
    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

       الثالث عشر: صَلاة الجُمُعة .. فَضْلُها وحُكْمُها .  مَن تجِبُ عليه .   وقتُها .صِفةُ خُطبةِ الجُمُعةِ . آدابُها . الدُّعاءُ يومَ الجُمُعةِ .                                                                                                      Empty صِفةُ خُطبةِ الجُمُعةِ .. المَطلَبُ الثامن: الإنصات

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أكتوبر 22, 2022 11:16 am


    المَطلَبُ الثامن: الإنصات

    الفَرعُ الأوَّلُ: حُكمُ الإنصاتِ أثناءَ الخُطبةِ
    يجِبُ الإنصاتُ أثناءَ الخُطبةِ، ويَحرُمُ الكلامُ
    ، وهو مذهبُ الجمهور: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والحَنابِلَة، وقولٌ للشافعي في القديمِ، وبه قال أكثرُ أهلِ العِلمِ
    الأدلَّة:أولًا: من الكِتاب
    قال الله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا [الأعراف: 204]
    قال الإمامُ أحمدُ: أجمَعُوا أنَّها نزلتْ في الصَّلاةِ والخُطبةِ
    ثانيًا: من السُّنَّة
    عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا قُلتَ لصاحبِكَ يومَ الجُمُعةِ: أنصِتْ والإمامُ يَخطُبُ، فقد لغوتَ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    دلَّ الحديثُ على النَّهيِ عن جميعِ أنواعِ الكلامِ حالَ الخُطبةِ، ونبَّه بهذا على ما سِواه؛ لأنَّه إذا قال: أنصِتْ، وهو في الأصلِ أمرٌ بمعروفٍ، وسمَّاه لغوًا؛ فيسيرُه من الكلامِ أَوْلَى أن يُنهَى عنه
    ثالثًا: أنَّ الخُطبةَ وجبَتْ في الجُمُعة؛ تذكيرًا للناسِ، وموعظةً لهم، فإذا لم يجِبِ استماعُها لم تبقَ فائدةٌ في وجوبِها في نفسِها؛ فإنَّ إيجابَ المتكلِّمِ بما لا يجِبُ استماعُه يَصيرُ لغوًا لا فائدةَ له
    مسألة: كلامُ الحاضرينَ مع الخَطيبِ
    يُباحُ الكلامُ مع الخطيبِ في أثناءِ الخُطبةِ للحاجَةِ: نصَّ عليه المالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((أصابتِ الناسَ سَنَةٌ على عهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فبَينما رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخطُبُ في يومِ الجُمُعةِ قام أعرابيٌّ، فقال: يا رسولَ اللهِ، هلَكَ المال، وجاع العِيال؛ فادعُ اللهَ لنا، فرَفَع يديه... ))
    2- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((جاءَ أعرابيٌّ والنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخطُبُ الناسَ يومَ الجُمُعةِ، فقال: أصليتَ يا فلانُ؟ قال: لا، قال: قُمْ فاركعْ ))
    وجه الدَّلالةِ من الحَدِيثَينِ:
    أنَّ هذا الأعرابيَّ قد تَكلَّم مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في أثناءِ الخُطبةِ، وأقرَّه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فدلَّ على جواز الكلامِ مع الخَطيبِ في الخُطبةِ للحاجةِ
    ثانيًا: مِن الآثار
    عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ عُمرَ بينا هو يخطُبُ يومَ الجُمُعة، إذ دَخَل رجلٌ من أصحابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فناداه عُمرُ: أيَّةُ ساعةٍ هذه؟! قال: إنِّي شُغِلتُ اليومَ، فلم أنقلبْ إلى أهلي حتى سَمِعتُ النِّداءَ، فلم أزدْ على أن توضَّأتُ. قال عمر: الوضوءُ أيضًا، وقد علمتَ أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَأمُرُ بالغُسلِ؟! ))
    ثالثًا: أنَّ تحريمَ الكلامِ عِلَّتُه الاشتغالُ به عن الإنصاتِ الواجبِ، وسماعِ الخُطبةِ، ولا يحصُلُ هاهنا إذا كلَّمه الخطيبُ
    الفرع الثاني: الإشارةُ في الخُطبةِ
    تجوزُ الإشارةُ أثناءَ الخُطبةِ عندَ الحاجةِ، وهو مذهبُ الجمهور: الحَنَفيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وقولٌ للمالكيَّة، وقالتْ به طائفةٌ من السَّلفِ، وحُكِي الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن أَنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رجلًا دخَلَ المسجدَ والنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخطُبُ يومَ الجُمُعة، فقال: يا رسولَ الله، متى السَّاعةُ؟ فأشارَ الناسُ إليه أنِ اسكُتْ، فسألَه ثلاثَ مرَّاتٍ، كلَّ ذلك يُشيرونَ إليه أنِ اسكُت، فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: وَيْحَك! ما أعددتَ لها؟! ))
    ثانيًا: أنَّ الإشارةَ في الصَّلاةِ جائزةٌ؛ فجوازُها في حالِ الخُطْبةِ أَوْلى
    الفَرعُ الثَّالث: ما يُستثنَى من تحريمِ الكلامِ
    المَسألةُ الأُولى: ما قَبْلَ الخُطبةِ وما بَعدَها
    لا يَحرُمُ الكلامُ فيما بين خروجِ الإمامِ وبين أخْذه في الخُطبةِ، ولا بَيْنَ نزولِه منها وبين افتتاحِه الصَّلاةَ، وهذا مذهبُ الجمهورِ: المالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ أبي يوسفَ ومحمَّد بن الحَسَنِ من الحَنَفيَّة، وحُكي الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة:أولًا من السُّنَّة:
    عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا قلتَ لصاحبِك: أَنصِتْ والإمامُ يخطبُ يومَ الجُمُعة، فقد لَغوتَ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ قوله في الحديثِ: ((والإمامُ يَخطُب)) جملةٌ حاليَّة، أي: حال كون الإمام يخطب؛ فتُخرِجُ ما قَبلَ خُطبتِه من حِينِ خروجِه، وما بَعدَه إلى أنْ يَشرَع في الخُطبةِ
    ثانيًا: من الآثار
    1- ما رواه ثَعلبةُ بنُ أبي مالكٍ القُرَظيِّ، أنَّهم كانوا في زَمانِ عُمرَ بن الخَطَّابِ يُصلُّونَ يومَ الجُمُعةِ حتى يَخرُجَ عُمرُ، فإذا خرَجَ عُمرُ وجَلَس على المنبرِ وأَذَّن المؤذِّنون (قال ثعلبة): جَلَسْنا نَتحدَّثُ، فإذا سكتَ المؤذِّنونَ وقامَ عُمرُ يَخطُبُ أَنْصتْنا، فلمْ يَتكلَّمْ منَّا أحدٌ
    2- عن السَّائبِ بنِ يَزيدَ: (كنَّا نُصلِّي في زمنِ عمرَ يومَ الجُمُعةِ، فإذا جلَسَ على المنبرِ قَطعْنا الصَّلاةَ، فإذا سكَتَ المؤَذِّنُ خطَبَ ولم يتكلَّمْ أحدٌ)
    ثالثًا: لأنَّ النَّهيَ عن الكلامِ لوجوبِ استماعِ الخُطبةِ؛ فيقتصرُ على حالةِ الخُطبةِ
    المسألةُ الثَّانيةُ: ما بَينَ الخُطبَتينِ
    يُباحُ الكلامُ بين الخُطبتينِ لا سيَّما إذا دعتْ إليه الحاجةُ، وهو مذهبُ الشافعيَّة، والحَنابِلَةِ على الصَّحيحِ، وقولُ أبي يُوسَفَ من الحَنَفيَّة، وبه قال الحسنُ البصريُّ واختارَه ابنُ حزمٍ، وابنُ باز، وابنُ عُثيمين
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن أبي هُرَيرَة قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا قُلْتَ لصاحبِكَ: أنصِتْ والإمامُ يَخطُبُ، فقد لغوتَ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ التقييدَ بقوله: ((والإمامُ يَخطُب)) يُخرِجُ ما بين الخُطبتَينِ؛ لأنَّ الإمامَ لا يَخطُب في تِلك الحالةِ؛ فلا مَنْعَ من الكلامِ حينئذٍ
    ثانيًا: أنَّ الكلامَ بالمباحِ مباحٌ إلَّا حيثُ مَنَعَ منه النصُّ, ولم يمنعِ النصُّ إلَّا من الكلامِ في خُطبةِ الإمامِ
    ثالثًا: أنَّه لا خُطبةَ حينئذٍ يُنصَت لها
    ثالثًا: ولأنَّ الإمامَ غيرُ خاطبٍ ولا متكلِّم؛ فأَشْبَهَ ما قَبْلَها وما بَعدَها
    الفرعُ الرابع: ردُّ السلامِ، وتَشميتُ العاطِسِ أثناءَ الخُطبةِ
    لا يُردُّ السَّلامُ، ولا يُشمَّتُ العاطسُ أثناءَ الخُطبةِ، وهذا مذهبُ الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، وهو قولُ الشَّافعيِّ في القَديم، وروايةٌ عن أحمدَ، واختارَه ابنُ باز، وابنُ عُثيمين
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    قوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا قلتَ لصاحبك: أنصِتْ يومَ الجُمُعةِ والإمامُ يَخطُبُ، فقد لَغوتَ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه جعَلَ أمْرَه بالمعروفِ لَغوًا وقتَ الخطبة؛ فكيف بغيرِه من الكلامِ؟!
    ثانيًا: أنَّ ردَّ السلامِ يُمكِنُ تحصيلُه في كلِّ وقتٍ، بخلافِ سماعِ الخُطبةِ
    ثالثًا: أنَّ ردَّ السلامِ إنما يكونُ فريضةً إذا كان السلامُ تحيَّةً، وفي حالةِ الخُطبةِ المسلمُ ممنوعٌ من السَّلامِ، فلا يكونُ جوابُه فرضًا كما في الصَّلاة
    رابعًا: أنَّه لَمَّا كان مأمورًا بالإنصاتِ كالصَّلاةِ، لم يُشمِّتْ كما لا يُشمِّتُ في الصَّلاة
    خامسًا: ولأنَّه إذا شَمَّت العاطسَ، فقد تَرَك الاستماعَ المفروضَ والإنصاتَ، وتشميتُ العاطسِ ليس بفرضٍ؛ فلا يجوزُ ترْكُ الفرضِ لأجْلِه، وكذا ردُّ السلام في هذه الحالةِ ليس بفَرْض؛ فواجبُ الاستماعِ مُقدَّمٌ على واجبِ الردِّ
    سادسًا: ولأنَّه يَرتكِبُ بسلامِه مأثمًا؛ فلا يجبُ الردُّ عليه كما في حالةِ الصَّلاةِ
    الفرع الخامس: الصَّلاةُ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عندَ ذِكرِه في الخُطبةِ
    يُشرَعُ أنْ يُصلَّى على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سرًّا عندَ ذِكرِه في الخُطبةِ، وهو مذهبُ المالِكيَّة، والحَنابِلَة، وقولُ أبي يوسف، وبه قالتْ طائفةٌ من السَّلفِ، واختارَه الكمالُ ابنُ الهُمامِ، وابنُ عُثيمين؛ وذلك لأنَّ الصلاةَ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَ الجُمُعة خصوصًا متأكِّدةُ الاستحباب، ومختلَف في وجوبها كلَّما ذُكِر؛ فيُشرَعُ الإتيانُ بها في حالِ الخُطبة عندَ ذِكره؛ لأنَّ سببَها موجودٌ، فهو كالتأمينِ على دُعاءِ الإمامِ، وأَوْلَى
    الفرعُ السادس: كلامُ الخطيبِ بغيرِ الخُطبَةِ إذا كان لمصلحةٍ
    يجوزُ الكلامُ للخطيبِ بغيرِ الخُطبةِ إذا كان لمصلحةٍ، وهذا باتِّفاق المذاهبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ من الحَنَفيَّة، المالِكيَّة، الشافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((جاءَ رجلٌ والنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخطُبُ النَّاسَ يومَ الجُمُعة، فقال: أصليتَ يا فلان؟ قال: لا، قال: قُمْ فارْكَعْ ))
    ثانيًا: من الآثار
    عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنه، ((أنَّ عُمرَ بينا هو يَخطُب يومَ الجُمُعة، إذ دخلَ رجلٌ من أصحابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فناداه عُمرُ: أيَّةُ ساعةٍ هذه؟! قال: إنِّي شُغِلتُ اليومَ، فلم أنقلبْ إلى أهلي حتى سمعتُ النِّداءَ، فلم أزدْ على أن توضَّأتُ. قال عمر: الوضوءُ أيضًا، وقد علمتَ أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَأمُرُ بالغُسلِ؟! ))

    المَطلَبُ التاسع: صلاةُ تحيَّةِ المَسجدِ والإمامُ يَخطُب


    يُستحَبُّ لِمَن دخَلَ المسجدَ صلاةُ رَكعتينِ تحيَّةَ المسجدِ، حتى لو كانَ الإمامُ يَخطُبُ الجُمُعةَ، وهذا مذهبُ الشافعيَّة
    ، والحَنابِلَة، وبه قالتْ طائفةٌ من السَّلف، وهو مذهب الظاهرية وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك، وابنِ باز, وابنِ عُثيمين، وبه أفتتِ اللَّجنةُ الدَّائمة
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((جاء رجلٌ والنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخطُبُ الناسَ، فقال: صليتَ يا فلانُ؟ قال: لا، قال: قُمْ، فارْكَعْ ))
    وفي روايةٍ: ((إذا جاءَ أحدُكم يومَ الجُمُعة، والإمامُ يَخطُبُ، فليركعْ ركعتينِ، ولْيتجوَّزْ فيهما ))
    2- عن أبي قَتادَةَ، أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((إذا دَخَلَ أحدُكم المسجدَ، فليركعْ ركعتينِ قَبلَ أن يَجلِسَ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الحديثَ عامٌّ فيدخُلُ فيه ما إذا دخَلَ المسجدَ أثناءَ خُطبةِ الجُمُعةِ
    ثانيًا: من الآثار
    أنَّ أبا سعيدٍ الخدريَّ (دخلَ ومَرْوانُ يَخطُبُ فصلَّى الرَّكعتينِ، فأرادَ حرَسُ مروانَ أن يمنعوهُ فأَبَى حتَّى صلَّاهما، ثمَّ قالَ: ما كنتُ لأَدعَهُما بعدَ أنْ سمِعتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يأمرُ بِهِما)
    ثالثًا: أنَّه دَخلَ المسجدَ في غيرِ وقتِ النهيِ عن الصَّلاة؛ فَسُنَّ له الركوعُ

    المَطلَبُ العاشر: تَخطِّي الرِّقابِ حالَ الخُطبةِ[/size]

    يَحرُم تخطِّي الرِّقابِ حالَ الخُطبةِ، وهذا مذهب الحَنَفيَّة والمالِكيَّة، واختارَه ابنُ المنذرِ، والنوويُّ، وابنُ تيميَّة، وابنُ عُثيمين، وعليه فتوى اللَّجنةِ الدَّائمةِ
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن أبي الزَّاهريَّة، قال: كنتُ جالسًا مع عبدِ اللهِ بنِ بُسرٍ يومَ الجُمُعةِ, فما زال يُحدِّثُنا حتى خرَجَ الإمامُ, فجاءَ رجلٌ يَتخطَّى رِقابَ الناسِ، فقال لي: جاءَ رجلٌ يَتخطَّى رِقابَ النَّاسِ ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخطُب, فقال له: ((اجلسْ؛ فقدْ آذيتَ وآنيتَ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ في قول رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للمُتخطِّي يومَ الجُمُعة: ((آذيتَ وآنيتَ))- بيانًا أنَّ التخطِّي أذًى، وأنَّه لا يحِلُّ أذَى مسلمٍ بحالٍ في الجُمُعة وغيرِ الجُمُعة
    ثانيًا: أنَّ في تَخطِّيه للرِّقابِ أذيةً للنَّاس، وإشغالًا لهم عن استماعِ الخُطبةِ؛ إشغالًا لِمَن باشَر تخطِّي رقبتِه، وإشغالًا لِمَن يراه ويُشاهِده؛ فتكونُ المضرةُ به واسعةً
    فرعٌ: التَّخطِّي إذا وَجَدَ فُرجةً لا يَصِلُ إليها إلَّا بالتخطِّي
    يجوزُ التَّخطِّي إذا وجَدَ فُرجةً لا يَصِلُ إليها إلَّا بالتخطِّي؛ نصَّ عليه المالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلَف
    وذلك للآتي:
    أولًا: لأنَّه لا حُرمةَ لِمَن ترَك بين يديه موضعًا خاليًا وقعَدَ في غيرِه
    ثانيًا: لأنَّ تَخطِّيَهم لحاجةٍ؛ فجازَ لذلِك
    ثالثًا: لأنَّ الجالسِينَ وراءَها مُفرِّطينَ بتَرْكِها

    [size=24] المَطلَبُ الحادي عَشرَ: الاحتباءُ وَقتَ الخُطبةِ


    لا بأسَ بالاحتباءِ والإمامُ يَخطُبُ يوم الجمعة، وهو مذهبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والحَنابِلَة، وبه قال أكثرُ أهلِ العِلمِ،
    وهو قولُ طائفةٍ من السَّلَف، وهو مذهب الظاهرية وحُكي الإجماعُ على ذلِك
    الأدلَّة:أولًا: من الآثار
    عن نافعٍ، عن ابنِ عُمرَ، أنَّه كان يَحْتبِي والإمامُ يَخطُبُ
    ثانيًا: أنَّ ذلك معونةٌ له على ما يُريده من أمْره، فليفعل مِن ذلك ما هو أرفقُ به
    ثالثًا: عدمُ ثبوتِ النَّهي عنه
    (( .الاحتِباء: أن يُقيم الجالسُ رُكبتيه، ويُقيم رِجليه إلى بطنِه بثوبٍ يجمعهما به مع ظهرِه، ويشد عليهما، ويكون أَلْيتاه على الأرض، وقد يكون الاحتباءُ باليدين عوضَ الثوب.))
    ------------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا ... تابعونا جزاكم الله خيرا

    ::
    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

       الثالث عشر: صَلاة الجُمُعة .. فَضْلُها وحُكْمُها .  مَن تجِبُ عليه .   وقتُها .صِفةُ خُطبةِ الجُمُعةِ . آدابُها . الدُّعاءُ يومَ الجُمُعةِ .                                                                                                      Empty المَبحَثُ الثَّاني: صِفةُ صلاةِ الجُمُعةِ

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أكتوبر 22, 2022 11:30 am

    المَبحَثُ الثَّاني: صِفةُ صلاةِ الجُمُعةِ


    المَطلَبُ الأوَّل: هل يُشتَرَط أن يكون الإمامُ هو الخَطيبَ

    لا يُشترَطُ أن يتولَّى الصَّلاةَ مَن يتولَّى الخُطبةَ، وهو مذهبُ الحَنَفيَّة والحَنابِلَة، واختاره ابنُ باز, وابنُ عُثيمين
    وذلك للآتي:
    أولًا: أنَّه لا يُشترَطُ اتصالُ الصَّلاةِ بالخُطبةِ؛ فلمْ يُشترَطْ أن يتولَّاهما واحدٌ، كصَلاتين
    ثانيًا: لأنَّه لا يُوجَدُ دليلٌ على الاشتراطِ
    ثالثًا: لأنَّ المقصودَ يحصُل، سواءٌ صلَّى الخطيبُ أو غيرُه

    المَطلَبُ الثاني: عددُ ركعاتِ صلاةِ الجُمُعةِ

    صَلاة الجُمُعةِ رَكعتانِ.
    الدليل: مِنَ الِإِجْماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المنذرِ
    ، وابنُ حَزمٍ، والكاسانيُّ، وابنُ رُشدٍ، وابنُ قُدامةَ، والنوويُّ، وابنُ جُزي

    المَطلَبُ الثالث: ما يُستحَبُّ قِراءتُه في صلاة الجمعة


    الفَرعُ الأَوَّل: قِراءةُ سورةِ (الجُمُعةِ) في الأُولى، و(المُنافِقون) في الثَّانية
    يُستحبُّ في صلاةِ الجُمُعة قِراءةُ سُورتَي: (الجُمُعة)
    و(المنافقون)، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ من الحَنَفيَّة، المالِكيَّة، الشافعيَّة، والحَنابِلَة
    الدَّليلُ من السُّنة:
    عن ابنِ أبي رافعٍ، قال: ((استخلَفَ مَروانُ أبا هريرةَ على المدينةِ، وخرج إلى مكَّةَ، فصلَّى لنا أبو هريرةَ الجُمُعةَ، فقرأ بعد سورةِ الجُمُعةِ، في الركعةِ الآخرةِ: إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ، قال: فأدركتُ أبا هُريرةَ حين انصرَفَ، فقلتُ له: إنَّك قرأتَ بسُورتَينِ كان عليُّ بنُ أبي طالبٍ يَقرأُ بهما بالكوفةِ، فقال أبو هريرة: إني سَمِعتُ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقرأُ بهما يومَ الجُمُعةِ ))
    الفَرعُ الثَّاني: استحبابُ القِراءةِ بسُورةِ الأَعْلى والغاشية
    يُستحَبُّ في صَلاةِ الجُمُعةِ القراءةُ بسُورتَي: (سبِّح)، و(الغاشية)، وهذا مذهبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والحَنابِلَة، وهو قول الشافعيِّ في القديم
    الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:
    1- عن النُّعمانِ بنِ بَشيرٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ يقرأُ في العِيدينِ وفي الجُمُعة بـسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى، وهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغَاشِيَةِ))
    2- عن سَمُرةَ بنِ جُندُبٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال‏:‏ ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقرأُ في الجُمُعة بـسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى، وهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغَاشِيَةِ))‏.‏

    المطلب الرابع: الجَهرُ بالقِراءةِ


    يُسَنُّ أنْ يجهَرَ في صلاةِ الجُمُعةِ بالقراءةِ
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن ابنِ أبي رافعٍ، قال: استخلَفَ مَرْوانُ أبا هُرَيرَة على المدينةِ، وخرَج إلى مكَّةَ فصلَّى لنا أبو هُرَيرَة الجُمُعة، فقرأَ بعدَ سورةِ الجُمُعة في الرَّكعةِ الآخِرَة إِذَا جَاءَكَ المُنَافِقُونَ، قال: فأدركتُ أبا هُرَيرَة حين انصرَفَ فقُلت له: إنَّك قرأتَ بسُورتينِ كان عليُّ بن أبي طالبٍ يقرأ بهما بالكوفة. فقال أبو هريرة: ((إنِّي سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقرأُ بهما يوم الجُمُعةِ ))
    2- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يقرأُ في الركعةِ الأُولى بالجُمُعةِ، وفي الثانية بـإِذَا جَاءَكَ المُنَافِقُونَ
    3- عن الضَّحَّاكِ بنِ قَيسٍ، أنه سألَ النعمانَ بنَ بَشيرٍ: ماذا كان يقرأ به رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَ الجُمُعةِ على أَثرِ سورةِ الجُمُعة؟ قال: كان يَقرأُ بـهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغَاشِيَةِ
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لو لم يجهرْ بالقراءةِ لَمَا سمِعَ منه قراءةَ هذه السُّوِر
    ثانيًا: مِنَ الِإِجْماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حزم، والكاسانيُّ، وابنُ قُدامةَ، والنوويُّ، وابنُ جُزي

    المَطلَبُ الخامس: إذا زُوحِمَ المأمومُ عن السُّجودِ


    إذا زُوحِمَ المأمومُ عن السجودِ، سجد على ظهرِ أخيه، إنْ أَمكَنَه ذلك
    ، وهو مذهبُ الجمهور: الحَنَفيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وقولُ أشهبَ من المالِكيَّة، وهو قولُ الظاهريَّة، وحُكي الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة: أأولًا: من الكِتاب
    قال تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة: 286]
    ثانيًا: من السُّنَّة
    عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا أَمرتُكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتُم، وإنْ نَهيتُكم عن شيءٍ، فاجتنبوه ))
    ثالثًا: من الآثار
    عن عُمر رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّه قال: (إذا اشتدَّ الزحام فليسجدْ على ظهر أخيه)
    رابعًا: أنَّه أتى بما يُمكِنُه حالَ العجزِ؛ فصحَّ
    خامسًا: أنَّ الله لا يُكلِّف نفسًا إلَّا وُسعَها، ولا يأمُر العاجزَ عن الشيءِ بفِعلِه

    المَطلَبُ السادس: ما تُدرَكُ به صلاةُ الجُمُعةِ


    تُدرَكُ الجُمُعةُ بإدراكِ رُكوعِ الركعةِ الثَّانية، وهذا مذهبُ الجمهور: المالِكيَّة
    ، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وبه قال أكثرُ العلماءِ، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلفِ، وحكي الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    عن أبي هُرَيرةَ، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن أَدْرَك ركعةً من الصَّلاة، فقد أدركَ الصَّلاة ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه علَّق إدراكَ الصَّلاةِ بإدراكِ ركعةٍ منها، وهو عامٌّ يَشمَلُ كلَّ الصلواتِ، ومنها الجُمُعة، ومفهومُ التقييدِ بالركعةِ أنَّ مَن أدركَ دون الركعةِ لا يكونُ مدركًا للصَّلاةِ
    ثانيًا: أنَّه قولُ جماعةٍ من الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم، ولا مُخالِفَ لهم

    المَطلَبُ السابع: ما يُسَنُّ لها مِنَ السُّننِ القَبْليَّةِ والبَعديَّةِ

    الفَرعُ الأوَّلُ: سُنَّةُ الجُمُعةِ القَبْليَّةُ
    لَيس لصلاةِ الجُمُعةِ سُنَّةٌ راتبةٌ قَبْليَّة
    الفَرعُ الثَّاني: سُنَّة الجُمُعة البعديَّة
    اختلَفَ العلماءُ في سُنَّةِ الجُمُعة البعديَّة على عدة أقوال
    -------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا ... تابعونا جزاكم الله خيرا ...

    ::
    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

       الثالث عشر: صَلاة الجُمُعة .. فَضْلُها وحُكْمُها .  مَن تجِبُ عليه .   وقتُها .صِفةُ خُطبةِ الجُمُعةِ . آدابُها . الدُّعاءُ يومَ الجُمُعةِ .                                                                                                      Empty الفَصلُ الخامس: آدابُ يومِ الجُمُعةِ وصَلاتها

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أكتوبر 22, 2022 11:48 am

    الفَصلُ الخامس: آدابُ يومِ الجُمُعةِ وصَلاتها

    المَبحَثُ الأوَّل: قراءةُ سورةِ السَّجدةِ والإنسانِ في صَلاةِ فَجرِ الجُمُعةِ

    يُسنُّ أنْ يُقرأَ في فَجرِ يومِ الجُمُعةِ بسُورَتي الم تَنْزِيلُ، وهَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ
    ، وهذا مذهبُ الشافعيَّة، والحَنابِلَةِ، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلَفِ، واختاره ابنُ دَقيق العِيد، وابنُ تيميَّة، وابنُ باز
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقرأُ في صلاةِ الفجرِ يومَ الجُمُعة: الم تَنْزِيلُ [السجدة: 1-2] وهَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ [الانسان: 1] ))
    2- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يقرأُ في صلاةِ الفجرِ يومَ الجُمُعةِ الم تَنْزِيلُ، وهَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ))

    المَبحَثُ الثَّاني: قِراءةُ سُورةِ الكَهفِ يَومَ الجُمُعةِ

    استحَبَّ الجمهور: الحَنَفيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، قراءةَ سورةِ الكهفِ يومَ الجُمُعة واختاره ابنُ الحاج من المالِكيَّة،
    وابنُ باز، وابنُ عثيمين
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((مَن قَرَأَ سورةَ الكَهفِ يومَ الجُمُعةِ أضاءَ له من النورِ ما بَينَ الجُمُعتينِ

    المَبحَثُ الثَّالث: السَّاعةُ التي يُستجابُ فيها الدُّعاءُ يومَ الجُمُعة

    المَطلَبُ الأوَّل: الدُّعاءُ يومَ الجُمُعةِ

    يُستحَبُّ الإكثارُ من الدُّعاءِ يومَ الجُمُعةِ.
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ذَكَرَ يومَ الجُمُعةِ فقال: فيه ساعةٌ لا يُوافِقُها عبدٌ مسلمٌ وهو قائمٌ يُصلِّي يسألُ اللهَ شيئًا إلَّا أعطاه إيَّاه، وأشار بيدِه يُقلِّلها ))
    ثانيًا: مِنَ الِإِجْماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: النوويُّ

    المَطلَبُ الثَّاني: الساعةُ التي يُستجابُ فيها الدعاءُ

    اختلَفَ أهلُ العِلمِ في ساعة الإجابةِ يومَ الجُمُعة، على أقوالٍ، أقواها قولانِ
    القول الأوّل: أنَّها من جلوسِ الإمامِ إلى انقضاءِ الصَّلاة، واختارَه ابنُ العربيِّ، والبَيهقيُّ، والقرطبيُّ، والنوويُّ، وابنُ رجب، وابنُ عابدين
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن أبي بُردَةَ بنِ أبي موسى، أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال له: أسمعتَ أباك يُحدِّثُ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في شأنِ ساعةِ الجُمُعة شيئًا؟ قال: نعَمْ، سمعتُه يقولُ: سمعتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: ((هي ما بَينَ أن يجلِسَ الإمامُ إلى أنْ تُقضَى الصَّلاةُ ))
    القول الثاني: أنَّها بعدَ العصرِ، وبه قال أكثرُ السَّلفِ، واختاره أحمدُ، وإسحاقُ، وابنُ عبد البَرِّ وكثيرٌ من الأئمَّة، ورجَّحه ابنُ القيِّم، والحجاويُّ
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    1- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((يومُ الجُمُعةِ اثنا عَشرَ ساعةً، فيها ساعةٌ لا يُوجَدُ مسلمٌ يسألُ اللهَ فيها شيئًا إلَّا أعْطاه؛ فالْتَمِسوها آخِرَ ساعةٍ بعدَ العصرِ ))
    2- عن عبدِ اللهِ بنِ سَلَامٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((قلتُ ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جالسٌ: إنَّا لنَجِدُ في كتاب الله (يعني التوراة) في يومِ الجُمُعة ساعةٌ لا يُوافِقُها عبدٌ مؤمنٌ يُصلِّي، يَسألُ اللهَ عزَّ وجلَّ شيئًا إلَّا قَضَى اللهُ له حاجتَه؟ قال عبدُ اللهِ: فأشارَ إليَّ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أو بعضَ ساعةٍ. قلت: صدقتَ يا رسولَ الله، أو بعضَ ساعةٍ. قلتُ: أيُّ ساعةٍ هي؟ قال: هي آخِرُ ساعةٍ من ساعاتِ النَّهارِ، قلت: إنَّها ليستْ ساعةَ صلاةٍ، قال: بلى! إنَّ العبدَ المؤمنَ إذا صلَّى، ثم جلَس لا يُجلِسُه إلَّا الصَّلاةُ، فهو في صلاةٍ ))
    3- عن أبي سَلمةَ بنِ عبدِ الرَّحمنِ، عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((خيرُ يومٍ طلَعَتْ فيه الشمسُ يومُ الجُمُعة، فيه خُلِقَ آدمُ، وفيه أُهبِطَ، وفيه تِيبَ عليه، وفيه ماتَ، وفيه تقومُ السَّاعةُ، وما مِن دابَّة إلَّا وهي مُصِيخةٌ يومَ الجُمُعة، مِن حِين تُصبِحُ حتى تطلُعَ الشمس؛ شفقًا من الساعةِ، إلَّا الجِنَّ والإنسَ، وفيه ساعةٌ لا يُصادِفُها عبدٌ مسلمٌ وهو يُصلِّي يسأل اللهَ عزَّ وجلَّ حاجةً إلَّا أعطاه إياَّها، قال كعب: ذلك في كلِّ سَنةٍ يومٌ؟ فقلت: بل في كلِّ جُمُعة، قال: فقرأ كعبٌ التوراة، فقال: صدَق رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال أبو هريرة: ثم لقيتُ عبدَ اللهِ بنَ سَلَام، فحدَّثتُه بمَجْلِسي مع كعب، فقال عبد الله بنُ سَلَامِ: وقد علمتُ أيَّةُ ساعةٍ هي. قال أبو هريرة: فقلتُ: أخبِرْني بها، فقال عبدُ الله بنُ سَلَامٍ: هي آخِرُ ساعةٍ من يوم الجُمُعة، فقلت: كيف هي آخر ساعة من يوم الجُمُعة، وقد قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لا يُصادِفُها عبدٌ مسلمٌ وهو يُصلِّي، وتِلك الساعةُ لا يُصلَّى فيها؟ فقال عبدُ اللهِ بنُ سَلَامٍ: ألمْ يقُلْ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مَن جَلَس مجلسًا ينتظرُ الصَّلاةَ، فهو في صلاةٍ حتى يُصلِّي؟ قال: فقلتُ: بلى! فقال: هو ذاك ))
    ثانيًا: مِن الآثار
    عن أبي سَلمةَ بنِ عَبدِ الرحمنِ أنَّ ناسًا من الصَّحابةِ اجتمَعوا فتذاكروا ساعةَ الجُمُعة، ثم افترَقوا فلم يختلفوا أنَّها آخِرُ ساعةٍ من يومِ الجُمُعةِ
    ---------------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا نستمتع بهدي الحبيب صل الله عليه وسلم
    :
    أبقوا معنا جزاكم الله خيرا

    ::
    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

       الثالث عشر: صَلاة الجُمُعة .. فَضْلُها وحُكْمُها .  مَن تجِبُ عليه .   وقتُها .صِفةُ خُطبةِ الجُمُعةِ . آدابُها . الدُّعاءُ يومَ الجُمُعةِ .                                                                                                      Empty المَبحَثُ الرَّابعُ: غُسْلُ الجُمُعةِ . الفَصلُ الخامس: آدابُ يومِ الجُمُعةِ وصَلاتها

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أكتوبر 22, 2022 12:11 pm

    المَبحَثُ الرَّابعُ: غُسْلُ الجُمُعةِ


    المَطلَبُ الأوَّل: حُكمُ غُسلِ الجُمُعةِ

    يُسنُّ الغُسلُ يومَ الجُمُعةِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة
    : الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وبه قال جماهيرُ العلماء، وحُكي الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة: أولًا: من الكِتاب
    قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعة فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الجُمُعة: 9]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ سياقَ الآية يُشير إشارةً خفيَّة إلى عدمِ وجوبِ الغُسل; وذلك لأنَّه لم يَذكُر نوعُ طهارةٍ عندَ السَّعي بعدَ الأذان، ومعلومٌ أنَّه لا بدَّ من طُهرٍ لها، فيكون إحالةً على الآية الثانية العامَّة في كلِّ الصلواتِ: إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ... [المائدة: 6] الآية؛ فيُكتَفَى بالوضوءِ، وتَحصُل الفضيلةُ بالغُسلِ
    ثانيًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن تَوضَّأَ، فأَحْسَنَ الوضوءَ، ثم أتى الجُمُعةَ فاستمَعَ، وأَنْصَتَ غُفِرَ له ما بَينَه وبينَ الجُمُعةِ وزيادةَ ثلاثةِ أيَّامٍ، ومَن مسَّ الحَصَى فقدْ لغَا ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    فيه دليلٌ على أنَّ الوضوءَ كافٍ للجُمُعةِ، وأنَّ المقتصِرَ عليه غيرُ آثمٍ ولا عاصٍ؛ فدلَّ على أنَّ الأمْرَ بالغُسلِ محمولٌ على الاستحبابِ
    2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها زوجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالت: ((كان الناسُ يَنتابونَ يوم الجُمُعةِ من منازلِهم والعوالي، فيأتون في الغُبارِ، يُصيبُهم الغبارُ والعَرَقُ، فيخرج منهم العرقُ، فأتى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إنسانٌ منهم وهو عندي، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لو أنَّكم تَطهَّرتُم ليومِكم هذا ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    قوله: ((لو أنَّكم تَطهَّرتم ليومِكم هذا)) يدلُّ على أنَّ غُسلَ الجُمُعةِ ليس بواجبٍ، حتى ولا على مَن له رِيحٌ تَخرُج منه، وإنَّما يُؤمَرُ به ندبًا واستحبابًا
    3- عن أبي سَعيدٍ الخدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: أَشهدُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((الغُسلُ يومَ الجُمُعةِ واجبٌ على كلِّ محتلمٍ، وأنْ يَستنَّ، وأن يمسَّ طِيبًا إنْ وَجَد ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ غُسلِ الجُمُعة ذُكِر في سِياق السِّواكِ، ومسِّ الطِّيب، وهما لا يَجبانِ وقوله: واجبٌ، يعني مُتأكِّد
    ثالثًا: من الآثار
    1- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ عُمرَ بن الخطَّابِ بينما هو قائمٌ في الخُطبة يومَ الجُمُعة إذ دخَلَ رجلٌ من المهاجرين الأوَّلين مِن أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فناداه عمرُ: أيَّةُ ساعةٍ هذه؟ قال: إنِّي شُغِلتُ فلم أنقلبْ إلى أهلي حتى سمعتُ التأذينَ، فلم أزِدْ أن توضَّأتُ. فقال: والوضوءُ أيضًا، وقد علمتَ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يأمُرُ بالغُسل؟! ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنه لم يأمُرْ هذا الصحابيَّ- وهو عثمانُ بن عفَّانَ على ما جاءَ في الرِّوايات الأُخرى- بالانصرافِ للغُسل،
    ولا انصرَفَ عثمانُ حين ذَكَّره عمرُ بذلك، ولو كان الغسلُ واجبًا فرضًا للجمعة ما أَجزأتِ الجُمُعةُ إلَّا به، كما لا تُجزئ الصلاةُ
    إلَّا بوضوءٍ للمُحدِث، أو بالغُسلِ للجُنُبِ، ولو كان كذلك ما جَهِلَه عمرُ ولا عثمانُ، وقد حضَر ذلك الجمُّ الغفيرُ من الصَّحابة
    2- عن ابنِ عبَّاسٍ قال: ((غُسل الجُمُعة ليسَ بواجبٍ، ولكنَّه أطهرُ وخيرٌ لِمَن اغتَسَل، وسأُخبِرُكم كيف كان بَدءُ الغُسلِ... ))
    رابعًا: أنَّه غُسل يُقصَدُ به النظافةُ؛ لأجلِ اجتماعِ الناس في الصَّلاةِ المشروعِ لها الاجتماعُ العامُّ في مجامِعِ المناسِك، وهذا شأنُ الأغْسالِ المُستحَبَّة

    المَطلَبُ الثَّاني: اجتماعُ غُسلِ الجَنابةِ وغُسلِ الجُمُعةِ

    الفرع الأوَّل: مَن نَوَى غُسْلَ الجنابةِ وغُسْلَ الجُمُعةِ
    يُجزئ غُسلٌ واحدٌ عن الجَنابةِ والجُمُعةِ إذا نواهما، وهذا باتِّفاق المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة
    ، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: ((إنَّما الأعمالُ بالنيَّات، وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوَى.
    ثانيًا: أنَّ مَبْنى الأسبابِ الموجِبةِ للطهارةِ على التداخُلِ
    ثالثًا: أنَّه لا تَنافي بين الغُسلينِ، كما لو أَحْرمَ بصلاةٍ ينوي بها الفرضَ وتحيَّةَ المسجدِ
    رابعًا: أنَّهما غُسلانِ اجتمعَا، فأَشبها غُسلَ الحيضِ والجنابةِ
    الفَرعُ الثَّاني: مَن نَوَى غُسلَ الجنابةِ ولم يَنْوِ غُسلَ الجُمُعةِ
    يُجزئُ غُسلُ الجنابةِ عن غُسلِ الجُمُعة ولو لم يَنوِ غُسلَ الجُمُعةِ، وهو مذهبُ الحَنَفيَّة، والأشهرُ من مذهبِ الحَنابِلَةِ، وقولٌ للشافعيَّة، وهو قولُ أشهبَ من المالِكيَّة، وبه قال بعضُ السَّلفِ، واختارَه ابنُ باز، وابنُ عُثيمين
    وذلك للآتي:
    أولًا: أنَّه مُغتسِلٌ، فيَدخُلُ في عمومِ الحديثِ
    ثانيًا: أنَّ المقصودَ التنظيفُ، وهو حاصلٌ بهذا الغُسلِ
    الفَرعُ الثَّالِثُ: مَن نَوَى غُسلَ الجُمُعة ولم يَنوِ غُسلَ الجَنابةِ
    لا يُجزئ غُسلُ الجُمُعة عن غُسلُ الجَنابةِ إذا لم يَنوِه، وهو مذهبُ المالِكيَّة، والصَّحيحُ من مذهبِ الشافعيَّة، ووجهٌ عند الحَنابِلَةِ، واختاره ابنُ عُثيمين
    وذلك للآتي:
    أولًا: أنَّ غُسلَ الجنابةِ لرفْعِ الحدثِ؛ فلا يُجزئ عنه غُسلُ الجُمُعة الذي المقصودُ منه التنظيفُ وقطعُ الرائحةِ
    ثانيًا: أنَّ غُسلَ الجنابةِ واجبٌ، وغُسلَ الجُمُعةِ مُستحَبٌّ- على الرَّاجح-؛ فلا يُجزئ الغسلُ الأَدْنى عن الغُسلِ الأَعْلى
    ثالثًا: أنَّ شَرْطَ غُسلِ الجُمُعةِ حصولُ غُسلِ الجنابةِ

    المطلب الثالث: هَلْ يتيمَّمُ عن غُسلِ الجُمُعةِ من لم يَجِد الماءَ، أو يَتضرَّرُ باستعمالِه؟

    إذا لم يَجِدِ الماءَ، أو تَضرَّر باستعماله، فإنَّه لا يتيمَّم له، وهذا مذهبُ الحَنَفيَّة
    ، والمالِكيَّة، ووجه للشافعيَّة، وقولٌ للحنابلةِ، وهو اختيارُ الغزاليِّ، وابنِ عُثَيمين
    وذلك للآتي:
    أولًا: على القولِ بأنَّه واجبٌ؛ فإنَّه سقَطَ بعدمِ القُدرةِ عليه
    ثانيًا: أنَّ التيمُّمَ إنَّما شُرِعَ للحَدثِ
    ثالثًا: أنَّه غسلٌ مسنونٌ يُرادُ به التَّنظيفُ؛ فلا يُتمَّمُ له عندَ العجزِ عنه

    المطلب الرابع: وقتُ غُسلِ الجُمُعةِ


    وقتُ غسلِ الجُمُعة يبدأ من بعدِ طلوعِ الفَجرِ يومَ الجُمُعة، والأفضلُ أن يكونَ عندَ الرَّواحِ إلى صلاةِ الجُمُعة، وهو مذهبُ الشافعيَّة
    ، والحَنابِلَة، وهو قول بعض المالكية وقولُ الحسنِ مِن الحَنَفيَّة
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَنِ اغتَسَلَ يومَ الجُمُعةِ غُسلَ الجَنابةِ، ثم راحَ في السَّاعةِ الأُولى، فكأنَّما قَرَّبَ بَدنةً... ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ اليومَ من طُلوعِ الفَجرِ
    فرعٌ: حُكْمُ الاغتسالِ بعد الصلاةِ
    لا تَحصُل سُنَّةُ الاغتِسالِ إلَّا قبلَ صلاةِ الجُمُعةِ؛ فلو اغتَسلَ بعدَ الصلاةِ لم يكُن آتيًا بفضيلةِ الغُسْلِ المأمورِ به، وهذا باتِّفاق المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكي الإجماعُ على ذلك
    الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:
    1- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن اغتَسَلَ يومَ الجُمُعةِ غُسلَ الجنابةِ، ثم راح في السَّاعةِ الأُولى، فكأنَّما قرَّب بَدنةً... ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    قوله: ((ثم راح)) يدلُّ على أنه لا تَحصُل سُنَّةُ الاغتسالِ للجُمعةِ إلَّا قبلَ صلاةِ الجُمُعةِ
    2- عنِ ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّه قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: ((مَن جاءَ مِنكُم الجُمُعةَ فلْيَغْتَسِلْ ))

    الفَصلُ الخامس: آدابُ يومِ الجُمُعةِ وصَلاتها
    المَبحَثُ الخامِسُ: الطِّيبُ والسِّواكُ

    يُستحَبُّ أن يَتطيَّبَ ويَستاكَ، ويتزيَّنَ ويَلبَسَ أحسنَ ثِيابِه لحضورِ صلاةِ الجُمُعةِ
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن عَمرِو بن سُلَيمٍ الأنصاريِّ، قال: أشهَدُ على أبي سعيدٍ، قال: أشهدُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((الغُسلُ يومَ الجُمُعةِ واجبٌ على كلِّ محتلمٍ، وأن يَستنَّ، وأنْ يمسَّ طِيبًا إنْ وَجَد ))
    2- عن أبي سعيدٍ وأبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن اغتَسَلَ يومَ الجُمُعة، واستنَّ، ومسَّ من طِيب إنْ كان عِندَه، ولبِسَ أحسنَ ثِيابِه، ثمَّ خرَج حتى يأتيَ المسجدَ، ولم يَتخطَّ رِقابَ الناسِ، ثم ركَعَ ما شاءَ اللهُ أن يَركَعَ، وأَنصَتَ إذا خرَج الإمامُ، كانتْ كفَّارةً لِمَا بينها وبينَ الجُمُعة التي قَبْلَها ))
    3- عن سلمان الفارسي، قال: قال النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طهر، ويدهن من دهنه، أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى ))
    ثانيًا: مِنَ الِإِجْماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ عبدِ البَرِّ، وابنُ رُشدٍ، وابنُ قُدامةَ

    المَبْحَثُ السادس: التَّبكيرُ لصلاةِ الجُمُعةِ

    يُستحَبُّ التبكيرُ من أوَّلِ النَّهارِ، وهو مذهبُ الجمهور
    : الحَنَفيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ ابنِ حَبيبٍ مِنَ المالِكيَّة، واختارَه ابنُ حزمٍ
    الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:
    1- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن اغتَسَلَ يومَ الجُمُعةِ غُسلَ الجَنابةِ، ثم راحَ في السَّاعةِ الأُولى، فكأنَّما قرَّب بَدنةً، ومَن راحَ في السَّاعةِ الثانيةِ، فكأنَّما قرَّبَ بقرةً، ومَن راح في السَّاعةِ الثالثة، فكأنَّما قرَّبَ كبشًا أقرنَ، ومَن راحَ في السَّاعةِ الرابعة، فكأنَّما قرَّبَ دَجاجةً، ومَن راح في السَّاعةِ الخامسةِ، فكأنَّما قرَّب بيضةً، فإذا خرَج الإمامُ حضرتِ الملائكةُ يَستمِعونَ الذِّكرَ )) وفي لفظ: ((إذا كان يومُ الجُمُعة وقَفَ على كلِّ بابٍ من أبوابِ المسجدِ مَلائكةٌ يَكتُبونَ الأوَّلَ فالأوَّلَ، فإذا خرَجَ الإمامُ طَوَوُا الصُّحفَ، وجاؤوا يَستمِعونَ ))
    2- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا كانَ يومُ الجُمُعةِ كان على كلِّ بابٍ من أبوابِ المسجدِ الملائكةُ، يَكتُبونَ الأوَّلَ فالأَوَّلَ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ ظاهرَه أنَّ ذلك يكونُ بعدَ طُلوعِ الفَجرِ

    المَبحَثُ السابع: الذَّهابُ إلى صلاةِ الجُمُعةِ ماشيًا

    يُستحَبُّ أنْ يَذهَبَ إلى صلاةِ الجُمُعة ماشيًا، وهذا باتِّفاق المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّةوالمالِكيَّةوالشافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن أوس بن أوس قال: قال رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((من غسل واغتسل يوم الجمعة، وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام فأنصت، كان له بكل خطوة يخطوها صيام سنة وقيامها وذلك على الله يسير ))
    2- عن عبد اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أتاني ربِّي عزَّ وجلَّ الليلةَ في أحسنِ صُورةٍ- أحْسَبَه يعني: في النوم- فقال: يا محمَّد، هل تَدري فِيمَ يَختصِمُ الملأُ الأعلى؟ قال: قلتُ: لا، قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فوضَعَ يدَه بين كتِفي حتى وجدتُ بَرْدَها بين ثَدييَّ، أو قال: نَحْري، فعلمتُ ما في السَّمواتِ وما في الأرضِ، ثم قال: يا محمَّد، هل تَدري فيمَ يَختصِمُ الملأُ الأعلى؟ قال: قلتُ: نعَمْ؛ يَختصِمونَ في الكفَّارات والدَّرجات، قال: وما الكفَّاراتُ والدَّرجات؟ قال: المُكثُ في المساجِدِ، والمشيُ على الأقدام إلى الجُمُعاتِ، وإبلاغُ الوضوءِ في المكارهِ، ومَن فَعَل ذلك عاشَ بخيرٍ ومات بخيرٍ، وكان من خطيئتِه كيومَ ولدتْه أمُّه، وقلْ يا محمَّدُ، إذا صليت: اللهمَّ إنِّي أسألُكَ الخيرات، وتَرْكَ المنكرات، وحُبَّ المساكين، وإذا أردتَ بعبادك فِتنةً أن تَقبضني إليك غيرَ مفتون، قال: والدرجات بذْلُ الطعامِ، وإفشاءُ السَّلام، والصَّلاةُ باللَّيلِ والناسُ نِيام ))
    ثانيًا: أنَّ المشي أقربُ إلى التواضُعِ من الرُّكوب، ولأنَّه يُرفَعُ له بكلِّ خُطوةٍ درجةٌ، ويُحطُّ عنه بها خطيئةٌ، فكان المشيُ أفضلَ من الرُّكوبِ
    ---------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا .. تابعونا جزاكم الله خيرا
    ::
    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

       الثالث عشر: صَلاة الجُمُعة .. فَضْلُها وحُكْمُها .  مَن تجِبُ عليه .   وقتُها .صِفةُ خُطبةِ الجُمُعةِ . آدابُها . الدُّعاءُ يومَ الجُمُعةِ .                                                                                                      Empty المَبحَثُ الثامن: البيعُ في وقتِ الجُمُعةِ

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أكتوبر 22, 2022 12:20 pm

    المَبحَثُ الثامن: البيعُ في وقتِ الجُمُعةِ


    المطلب الأوَّل: حُكمُ البَيعِ بعدَ النِّداءِ الثاني للجُمُعةِ

    يَحرُمُ البيعُ بعدَ النِّداءِ للجُمُعةِ.
    الأدلَّة: أولًا: من الكِتاب
    قال اللهُ تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ [الجمعة: 9]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    قوله: وَذَرُوا البَيْعَ أي: اترُكوه، والأمرُ للوجوبِ؛ فيحرُمُ الفِعلُ
    ثانيًا: مِنَ الِإِجْماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: إسحاقُ بنُ رَاهَوَيْهِ، وابنُ حزمٍ، وابنُ رشد، والطَّحطاويُّ

    المطلب الثَّاني: انعقادُ البيعِ بعدَ النِّداءِ الثاني للجمعة


    اختَلفَ أهلُ العِلمِ في انعقادِ البيعِ بعدَ النِّداءِ الثاني للجمعة على قولينِ:
    القولُ الأوَّل: يَنعقِدُ البيعُ مع كونِه يَحرُم، وهو مذهبُ الحَنَفيَّة
    ، والشافعيَّة، وقول للمالكيَّة، ونُسِبَ لعامَّة أهلِ العِلمِ
    الأدلَّة:أولًا: من الكِتاب
    قال اللهُ تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ [الجمعة: 9]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ النهيَ لا يختصُّ بالعقدِ؛ فلم يمنعْ صِحَّتَه كالصَّلاةِ في الأرضِ المغصوبةِ
    ثانيًا: ولأنَّ النهيَ عن البيعِ ليس نهيًا عنه لذاتِه، بل لوقتِه
    القول الثاني: يَحرُم ولا يَنعقِدُ البيعُ، وهو المشهورُ من مذهبِ المالِكيَّة، والحَنابِلَة، وداودَ في روايةٍ عنه، واختاره ابنُ المنذرِ، وابنُ حزمٍ، وهو قولُ ابنِ عُثيمين
    الأدلَّة: أولًا: من الكِتاب
    قال اللهُ تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ [الجمعة: 9]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ النهيَ يَقتضِي فسادَ المنهيِّ عنه
    ثانيًا: ولأنَّه يَشغَلُ عن الصَّلاةِ، ويكون ذريعةً إلى فواتِها، أو فواتِ بعضِها؛ فلم ينعقدْ
    ثالثًا: ولأنَّه عقدٌ نُهِيَ عنه لأجْلِ عبادةٍ؛ فكان غيرَ صحيحٍ كالنِّكاحِ المحرَّمِ

    المطلب الثَّالِث: مَن يَحرُم عليهم البيعُ بعدَ النِّداءِ للجُمُعةِ


    تحريمُ البيعِ بعدَ النِّداءِ يختصُّ بالمخاطَبِينَ بالجُمُعةِ فقط، فأمَّا غيرهم من النِّساءِ والصِّبيانِ والمسافرين، فلا يَحرُم عليهم ذلِك
    ، وهذا باتِّفاق المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة من الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
    وذلك للآتي:
    أولًا: أنَّ اللهَ تعالى إنَّما نهى عن البيعِ مَن أَمَرَه بالسَّعيِ؛ فغيرُ المخاطَبِ بالسعيِ لا يتناوله النهيُ
    ثانيًا: أنَّ تحريمَ البيعِ مُعلَّلٌ بما يُحصُل به من الاشتغالِ عن الجُمُعةِ، وهذا الاشتغالُ معدومٌ في حقِّ مَن لم يُخاطَبْ بها
    --------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا نقتبس من هدي الحبيب وسنته الشريفه ما يبعاد بيننا وبين المعاصي وألأوزار ويدخلنا الجنه مع ألأبرار
    :
    تابعونا جزاكم الله خيرا
    ::
    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع


      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 12:56 pm