آل راشد



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

آل راشد

آل راشد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
آل راشد

ثقافى-اجتماعى

*** - اللَّهُمَّ اَنَكَ عَفْوٍ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعِفُو عَنَّا - *** - اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك . *** - اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ الْمَوْتِ وَ ارْزُقْنَا حُسْنَ الْخَاتِمَةِ . *** -

إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا شَابَتْ عَبِيدَهُمْ.. .. فِي رِقِّهِمْ عَتَقُوهُمْ عِتْقَ أَبْرَارٍ .. .. وَأَنْتَ يَا خَالِقِيُّ أوْلَى بِذَا كَرَمًا.. .. قَدْ شُبْتُ فِي الرِّقِّ فَأَعْتَقَنِي مِنَ النَّارِ .

المواضيع الأخيرة

» فضل توحيد الله سبحانه
ثامنا : صَلاة التَّطوُّعِ .السُّنن الرَّواتب.قيام الليل .التراويح .الوتر . القنوت . دعاء القنوت Ooou110أمس في 3:20 pm من طرف عبدالله الآحد

» وجوب الدعوة إلى توحيد الله سبحانه
ثامنا : صَلاة التَّطوُّعِ .السُّنن الرَّواتب.قيام الليل .التراويح .الوتر . القنوت . دعاء القنوت Ooou110الخميس نوفمبر 21, 2024 3:00 pm من طرف عبدالله الآحد

» كتاب الترجيح في مسائل الطهارة والصلاة
ثامنا : صَلاة التَّطوُّعِ .السُّنن الرَّواتب.قيام الليل .التراويح .الوتر . القنوت . دعاء القنوت Ooou110الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد

» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
ثامنا : صَلاة التَّطوُّعِ .السُّنن الرَّواتب.قيام الليل .التراويح .الوتر . القنوت . دعاء القنوت Ooou110الأربعاء نوفمبر 20, 2024 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد

» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
ثامنا : صَلاة التَّطوُّعِ .السُّنن الرَّواتب.قيام الليل .التراويح .الوتر . القنوت . دعاء القنوت Ooou110الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد

» العبادة وأركانها
ثامنا : صَلاة التَّطوُّعِ .السُّنن الرَّواتب.قيام الليل .التراويح .الوتر . القنوت . دعاء القنوت Ooou110الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد

» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
ثامنا : صَلاة التَّطوُّعِ .السُّنن الرَّواتب.قيام الليل .التراويح .الوتر . القنوت . دعاء القنوت Ooou110الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد

» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
ثامنا : صَلاة التَّطوُّعِ .السُّنن الرَّواتب.قيام الليل .التراويح .الوتر . القنوت . دعاء القنوت Ooou110الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور

» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
ثامنا : صَلاة التَّطوُّعِ .السُّنن الرَّواتب.قيام الليل .التراويح .الوتر . القنوت . دعاء القنوت Ooou110الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد

» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
ثامنا : صَلاة التَّطوُّعِ .السُّنن الرَّواتب.قيام الليل .التراويح .الوتر . القنوت . دعاء القنوت Ooou110السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد

اهلا بكم

الثلاثاء نوفمبر 08, 2011 2:32 am من طرف mohamed yousef

ثامنا : صَلاة التَّطوُّعِ .السُّنن الرَّواتب.قيام الليل .التراويح .الوتر . القنوت . دعاء القنوت Ooousu10

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 60 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 60 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الأربعاء سبتمبر 15, 2021 4:26 am

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 10131 مساهمة في هذا المنتدى في 3407 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 311 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو Pathways فمرحباً به.

دخول

لقد نسيت كلمة السر

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع


    ثامنا : صَلاة التَّطوُّعِ .السُّنن الرَّواتب.قيام الليل .التراويح .الوتر . القنوت . دعاء القنوت

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    ثامنا : صَلاة التَّطوُّعِ .السُّنن الرَّواتب.قيام الليل .التراويح .الوتر . القنوت . دعاء القنوت Empty ثامنا : صَلاة التَّطوُّعِ .السُّنن الرَّواتب.قيام الليل .التراويح .الوتر . القنوت . دعاء القنوت

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت سبتمبر 17, 2022 10:50 am


    صَلاة التَّطوُّعِ  
    المبحثُ الأَوَّلُ: تعريفُ صلاةِ التطَوُّع وفَضْلُها وأنواعُها
    المطلَبُ الأوَّلُ: تَعريفُ صَلاةِ التَّطوُّعِ  

    التطوُّعُ لُغةً: التبرُّعُ بالشيءِ، وصلاةُ التطوُّعِ: النافلةُ، وكلُّ مُتنفِّلِ خيرٍ: مُتطوِّع
    التطوُّعُ شرعًا: اسمٌ لِمَا شُرِعَ زِيادةً على الفَرْضِ والواجباتِ
    ومِن أَسماءِ صلاةِ التطوُّعِ: صلاةُ النَّفْلِ، والسُّبْحَةُ

    المَطلَبُ الثاني: فَضْلُ صَلاةِ التَّطوُّعِ
     أوَّلًا: تكميلُ الفرائضِ
    ما نَقصَ من الفرائضِ، فإنَّه يُجبَر من النوافلِ ويُكمَّلُ بها يومَ القِيامةِ
    الدليل من السُّنَّة:
    عن أنسِ بنِ حَكيمٍ الضبيِّ، أنَّه خاف زمنَ زيادٍ أو ابنِ زياد، فأتى المدينةَ فلَقِي أبا هُرَيرَةَ فانتسبني، فانتسبتُ له، فقال: يا فتى، ألَا أُحدِّثُك حديثًا لعلَّ اللهَ أنْ يَنفعَكَ به؟ قلت: بلىَ رحمِكَ الله- قال يُونُس: وأحسبه قدْ ذكَر النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- قال: ((إنَّ أوَّلَ ما يُحاسَبُ به الناسُ يومَ القيامةِ من الصَّلاةِ، قال: يقول ربُّنا عزَّ وجلَّ لملائكتِه - وهو أعلمُ -: انظروا في صلاةِ عَبدي، أتمَّها أم نَقَصها، فإنْ كانت تامَّةً كُتبتْ له تامَّةً، وإنْ كان انتقص منها شيئًا قال: انظروا، هل لعبدي من تطوُّعٍ، فإنْ كان له تطوُّعٌ، قال: أتمُّوا لعبدي فريضتَه من تطوُّعِه، ثم تُؤخَذُ الأعمالُ على ذاكم ))
    ثانيًا: كثرةُ السجود سببٌ في مرافقةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الجَنَّة
    الدليل من السُّنَّة:
    عن رَبيعةَ بن كعبٍ الأسلميِّ، قال: ((كنتُ أبيتُ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأتيتُه بوَضوئِه وحاجتِه، فقال لي: سلْ، فقلت: أسألُك مرافقتَك في الجَنَّةِ، قال: أو غيرَ ذلك؟! قلتُ: هو ذاك! قال: فأعنِّي على نفْسِكَ بكثرةِ السُّجودِ ))
    ثالثًا: كثرةُ السُّجودِ سببٌ في دخولِ الجَنَّةِ، ورفْعِ الدرجاتِ، وحطِّ الخَطيئاتِ
    الدليل من السُّنَّة:
    عن مَعدانَ بن أبي طلحةَ اليَعمُريِّ، قال: ((لقيتُ ثوبانَ مولى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقلتُ: أخبِرْني بعملٍ أعمَلُه يُدخلني اللهُ به الجَنَّةَ - أو قال: قلتُ: بأحبِّ الأعمالِ إلى الله - فسَكَت، ثم سألتُه فسكَت، ثم سألتُه الثالثةَ، فقال: سألتُ عن ذلِك رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: عليكَ بكثرةِ السُّجودِ للهِ؛ فإنَّك لا تسجُدُ للهِ سَجدةً، إلَّا رفَعَك الله بها درجةً، وحطَّ عنك بها خطيئةً؛ قال معدان: ثم لقيتُ أبا الدَّرداءِ، فسألته، فقال لي مِثلَ ما قال لي ثوبانُ ))
    رابعًا: تقرُّب العبدِ إلى اللهِ سبحانه وتعالى بالنوافلِ سببٌ لمحبَّةِ اللهِ سبحانه وتعالى للعبدِ
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    في الحديثِ القُدسيِّ أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ قال: ((... وما يزالُ عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافلِ حتَّى أُحبَّه... ))
    المطلب الثالث: أنواعُ صَلاةِ التَّطوُّعِ
    صلاةُ التطوُّعِ أنواعٌ بحسَب تَقسيمات عِدَّة، كما يلي:
    1- منها ما يُشرَع له الجماعةُ، كالتراويح والاستسقاء.
    2- ومنها ما لا يُشرَعُ له الجماعةُ، كصلاةِ الاستخارةِ.
    3- ومنها ما هو تابِعٌ للفرائضِ، كالسُّننِ الرَّواتبِ.
    4- ومنها ما ليس بتابعٍ، كصلاةِ الضُّحى.
    5- ومنها ما هو مؤقَّت، كصلاة الوِترِ.
    6- ومنها ما هو مُقيَّدٌ بسببٍ، كتحيةِ المسجدِ، ورَكعتَي الوضوءِ.
    7- ومنها ما ليس مؤقَّتًا ولا مقيدًا بسببٍ، كالنوافل المطلَقَة.
    8- ومنها ما هو مُؤكَّد، كصلاة الوترِ.
    9- ومنها ما ليس بمُؤكَّدٍ، كالصلاةِ قبل صلاةِ المغربِ

    المبحث الثاني: السُّننُ التابعةُ للفرائِض (السُّنن الرَّواتب)
    المطلب الأوَّل: سُنَّةُ الفَجرِ
    الفَرْعُ الأولى: فَضلُ سُنَّة الفَجرِ
    سُنَّةُ الفجرِ هي آكَدُ السُّننِ الرَّواتبِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهب الفقهيَّة الأربعة: الحنفيَّةوالمالكيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة
    الأدلَّة من السُّنَّة:
    1- عن عائشةَ رضِي الله عنها، قالت: ((لم يكُنِ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على شيءٍ مِن النوافلِ أَشدَّ تعاهُدًا منْه على رَكعتَي الفجرِ ))
    2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((ركعتَا الفجرِ خيرٌ من الدُّنيا وما فيها))، وقال أيضًا: ((لهُما أحبُّ إليَّ من الدُّنيا جميعًا))
    3- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها، قالتْ: ((صلَّى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم العِشاءَ، ثم صلَّى ثمانيَ ركعاتٍ، وركعتينِ جالسًا، وركعتينِ بين النِّداءينِ، ولم يكُن يَدَعُهما أبدًا ))
    الفَرْعُ الثَّاني: صِفةُ سُنَّة الفجرِ، وما يُقرَأُ فيها والاضطجاع بعدها
    المسألة الأولى: صِفةُ سُنَّةِ الفجرِيُسنُّ تخفيفُ سُنَّةِ الفجرِ
    الأدلَّة من السُّنَّة:
    1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها، قالت: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُخفِّفُ الركعتينِ اللَّتينِ قَبلَ صَلاةِ الصُّبحِ، حتى إنِّي لأقولُ: هل قرأَ بأمِّ الكتابِ؟ ))
    2- وعنها أيضًا، قالت: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي ركعتَي الفجرِ إذا سمِعَ الأذانَ، ويُخفِّفُهما ))
    المسألة الثانية: ما يقرأُ في سُنَّةِ الفجرِ
    يُسنُّ أن يَقرأَ في الركعة الأولى بـ: قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ [الكافرون]، وفي الثَّانية: بــــــ: قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ [الإخلاص: 1]، أو في الأولى: قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ... [البقرة: 136] الآية في سورة البقرة، وقُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا... [آل عمران: 64] الآية في سورة آل عِمرانَ
    الأدلَّة من السُّنَّة:
    1- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عَنْه: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قرأَ في ركعتَي الفجرِ: قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ، وقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ))
    2- عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقرأُ في ركعتيِ الفجرِ: قولُوا آمنَّا باللهِ وما أُنزِل إلينا [البقرة: 136] ، والتي في آلِ عمرانَ: تعالَوْا إلى كلمةٍ سواءٍ بينَنا وبينَكم [آل عمران: 64] ))
    وفي رواية: عن ابن عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهما، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((كان يقرأُ في ركعتَي الفجرِ في الأُولى منهما: قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا [البقرة: 136] الآية التي في البقرة، وفي الآخرة منهما: آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [آل عمران: 52] ))
    المسألة الثَّالثة: الاضطجاعُ بَعدَ سُنَّةِ الفَجرِ
    اختلف أهلُ العِلمِ في حكم الاضطجاعِ بعدَ ركعتَي الفجرِ على أقوالٍ، أقواها قولان:
    القول الأوّل: يُسنُّ الاضطجاعُ بعدَ ركعتَي الفجرِ، وهذا مذهبُ الشافعيَّة، والحنابلةِ على الأصحِّ، وبه قالت طائفةٌ مِن السَّلفِ
    الأدلة من السُّنَّة:
    1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها، قالت: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا صلَّى ركعتَي الفجرِ اضطجَعَ على شِقِّه الأيمنِ ))
    2- وعن عائشةَ رضى الله عنها، قالت: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي فذكرتْ صلاةَ الليلِ، ثم قالت: فإذا سكَتَ المؤذِّنُ من صلاة الفجرِ، وتبيَّن له الفجرُ، قام فركَعَ ركعتينِ خفيفتينِ، ثم اضطجعَ على شِقِّه الأيمنِ، حتى يأتيَه المؤذِّنُ للإقامةِ ))
    القول الثاني: لا يُشرَعُ الاضطجاعُ بعدَ ركعتي الفجر، وهذا مذهبُ الحنفيَّة، والمالكيَّة، وروايةٌ عن أحمد، وبه قالت طائفةٌ من السَّلف، وهو قولُ جمهورِ العلماءِ، واختارَه ابنُ بَطَّالٍ، وعليه فتوى اللَّجنة الدَّائمة
    الأدلَّة: أوَّلًا: من السُّنَّة
    1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يُصلِّي بالليلِ إحْدَى عَشرةَ ركعةً يُوتِر منها بواحدةٍ، فإذا فرَغ اضطجَعَ على شِقِّه الأيمنِ، حتى يأتيَه المؤذِّنُ فيُصلِّي ركعتينِ خفيفتينِ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الحديثَ مَخرجُه واحدٌ، فإذا ترجَّح أنَّ الاضطجاعَ المذكورَ فيه إنَّما كان قبلَ أذان الفجرِ، ولم يقلْ أحدٌ: إنَّ هذا الاضطجاع سُنَّة، فكذا الاضطجاعُ بعدَ الركعتينِ
    2- عن عائشةَ رضى الله عنها، قالت: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا صلَّى ركعتَي الفجرِ، فإنْ كنتُ مستيقظةً حدَّثَني وإلَّا اضطجعَ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ هذا يدلُّ على أنه ليس سُنَّةً، فتارةً كان يَضطجِعُ قبلُ، وتارةً بعدُ، وتارةً لا يضطجعُ
    ثانيًا: أنَّ الاضطجاعَ - على تقديرِ ثُبوتِه - لم يكن على سبيلِ القُربة، وإنَّما هو من الأفعالِ الجِبليَّة التي كان يفعلها للاستراحةِ وإجمام البَدنِ، لا سيَّما على مذهبِ مَن يرى أنَّ الفعل المجرَّد إنَّما يدلُّ على الإباحةِ خاصَّةً
    المطلب الثَّاني: سُنَّة الظُّهرِ
    الفَرْعُ الأول: فَضْلُ سُنَّةِ الظُّهرِ
    1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُا، قالت: ((إنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان لا يدَعُ أربعًا قبل الظُّهر، وركعتَين قبل الغَداةِ ))
    2- عن عبدِ اللهِ بنِ السَّائبِ رَضِيَ اللهُ عَنْه: ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يُصلِّي أربعًا بعد أن تزولَ الشمسُ قبل الظهرِ، وقال: إنَّها ساعةٌ تُفتَحُ فيها أبوابُ السَّماء؛ فأحبُّ أن يَصعَدَ لي فيها عملٌ صالحٌ ))
    عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي قبلَ الظهر أربعًا، وبعدَها ركعتينِ ))
    الفَرْعُ الثَّاني: راتبةُ الظُّهرِ
    سبَق بحثُها في عددِ السُّنن الرَّواتبِ، وهي أربعُ رَكَعاتِ قبل الظُّهرِ، وركعتانِ بعدَها.

    المطلب الثَّالِثُ: سُنَّةُ العَصر

    ليس للعصرِ سُنَّةٌ راتبة مؤكَّدة، وإنْ كان يُستحَبُّ الصلاةُ قبلها، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعةِ: الحنفيَّة والمالكيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة
    الأدلَّة:  أوَّلًا: دليل مشروعيَّةِ الصلاةِ قبلَ صلاةِ العصرِ
    عن عبدِ اللهِ بنِ مُغفَّلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((بين كلِّ أذانينِ صلاةٌ، بين كلِّ أذانينِ صلاةٌ، بين كلِّ أذانينِ صلاةٌ، ثم قال في الثالثة: لِمَن شاءَ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الحديثَ يدلُّ على أنَّه يُصلَّى قبلَ العصرِ، فيما بين الأذانِ والإقامةِ
    ثانيًا: أدلَّةُ كون سُنَّةَ العصرِ ليستْ من السُّننِ الرواتبِ
    أوَّلًا: من السُّنَّة
    1- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهما، قال: ((حفظتُ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عشرَ ركعاتٍ؛ ركعتَينِ قبل الظُّهرِ، وركعتينِ بعدَها، وركعتينِ بعدَ المغربِ في بيتِه، وركعتينِ بعدَ العِشاءِ في بيتِه، وركعتينِ قبلَ الصُّبحِ، كانتْ ساعةً لا يَدخُلُ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيها، حدَّثَتْني حفصةُ، أنَّه كان إذا أذَّنَ المؤذِّنُ وطلَعَ الفجرُ صلَّى ركعتينِ
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ ابنَ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهما- راوي هذا الحديثِ- لم يَجعلْ سُنَّةَ العصرِ من السُّننِ الرَّواتبِ، ولو كانت منها لعدَّها
    2- قالت عائشةُ رَضِيَ اللهُ عَنْها عن تطوُّعِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((كان يُصلِّي في بيتي قبلَ الظهرِ أربعًا، ثم يخرُجُ فيُصلِّي بالناسِ، ثم يَدخُلُ فيُصلِّي ركعتينِ، وكان يُصلِّي بالناسِ المغربَ، ثم يَدخُلُ فيُصلِّي ركعتينِ، ويُصلِّي بالناسِ العِشاءَ، ويدخُلُ بيتي فيُصلِّي ركعتينِ.... وكان إذا طلَعَ الفجرُ صلَّى ركعتينِ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ تطوُّعَ العصرِ لم يُذكَرْ ضِمنَ السُّننِ الرَّواتبِ
    ثانيًا: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يُحفَظْ أنَّه كان يُصلِّي قبلَ العصر، فضلًا أنْ يكونَ قد داومَ عليها كالسُّننِ الرَّواتبِ
    المطلب الرابع: سُنَّةُ المغربِ

    الفَرْعُ الأول: سُنَّةُ المغربِ القَبليَّة
    يُندَبُ صلاةُ ركعتينِ قبلَ صلاةِ المغربِ، وليستْ سُنَّةً راتبةً، وهذا مذهبُ الشافعيَّة على الصَّحيح، وبعضِ الحنفيَّةِ، والظاهريَّة، وروايةٌ عن أحمد، وبه قال أصحابُ الحديثِ، وطائفةٌ من السَّلفِ، واختاره ابنُ تيميَّة، وابنُ القيِّم، وابنُ حجرٍ، والصنعانيُّ، والشوكانيُّ، وابنُ باز, والألبانيُّ، وابنُ عُثَيمين
    الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
    1- عن عبدِ اللهِ بنِ مُغفَّلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((صَلُّوا قبلَ صَلاةِ المغربِ، قال في الثالثة: لِمَن شاء؛ كراهية أن يتَّخذها الناسُ سُنَّةً ))
    2- عن عبدِ اللهِ بنِ مُغفَّلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((بين كلِّ أذانينِ صلاةٌ ))
    3- عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: ((كان المؤذِّنُ إذا أذَّنَ قام ناسٌ من أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَبتدرونَ السَّواري حتى يخرُجَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهم كذلك، يُصلُّونَ ركعتينِ قبلَ المغربِ، لم يكُن بين الأذانِ والإقامةِ شيءٌ))، وفي روايةٍ: ((إلَّا قليل))
    4- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: ((كنَّا بالمدينة، فإذا أذَّنَ المؤذِّنُ لصلاةِ المغربِ ابتدروا السواري فيَركعون ركعتينِ ركعتينِ، حتى إنَّ الرجُلَ الغريبَ ليدخُلُ المسجدَ فيَحسَبُ أنَّ الصلاةَ قد صُلِّيتْ؛ من كثرةِ مَن يُصلِّيهما ))
    5- عن مختارِ بن فُلفُل، قال: سألتُ أنسَ بن مالكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه عن التطوُّع بعدَ العصرِ؟ فقال: ((كان عُمرُ يَضرِبُ الأيدي على صلاةٍ بعد العصرِ، وكنَّا نُصلِّي على عهد النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ركعتينِ بعد غروبِ الشمسِ قبل صلاةِ المغربِ، فقلت له: أكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلَّاهما؟ قال: كان يرانا نُصلِّيهما، فلم يَأمُرْنا ولم يَنهَنا ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يقرُّ إلَّا على الحقِّ الحسَن، ولا يرى مكروهًا إلَّا كَرِهه، ولا خطأً إلَّا نهى عنه
    6- عن مَرثدِ بنِ عبدِ اللهِ اليَزنيِّ، قال: أتيتُ عقبةَ بنَ عامرٍ الجهنيَّ، فقلتُ: ألَا أُعجبك من أبي تَميم؛ يركع ركعتينِ قبلَ صلاةِ المغربِ! فقال عُقبة: ((إنَّا كنَّا نَفعلُه على عهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم))، قلت: فما يمنعكُ الآن؟! قال: الشُّغلُ
    ثانيًا: مِن الآثار
    عن الزهريِّ، عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه: (أنَّه كان يُصلِّي ركعتينِ قبل صلاةِ المغربِ)
    الفَرْعُ الثَّاني: سُنَّةُ المَغربِ البَعديَّة
    سبَق ذِكرُها مع مسألةِ عددِ السُّننِ الرَّواتبِ، وهي ركعتان.
    الفَرْعُ الثَّالِثُ: القِراءةُ في سُنَّة المغربِ
    يُستحَبُّ أن يقرأَ فيهما: قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرونَ، وقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ، وهذا مذهبُ الشافعيَّة، والحنابلة، ونصَّ عليه بعضُ فقهاء المالكيَّة، واختاره ابنُ القيِّم، وابنُ باز, وابنُ عُثَيمين
    الدليل من السُّنَّة:
    عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهما، قال: ((رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أكثرَ مِن خمسٍ وعشرينَ مرةً، أو أكثر مِن عشرين مرةً، يقرأ في ركعتَي الفجر: قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرونَ، وقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ))، وفي رواية: ((رمقتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أربعًا وعشرين مرةً، أو خمسًا وعشرين مرةً يقرأُ في الركعتينِ قَبلَ الفجرِ وبعدَ المغربِ: قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ، وقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ))
    الفَرْعُ الرَّابع: حُكمُ صَلاةِ التطوُّعِ بينَ المغربِ والعِشاءِ
    يُستَحَبُّ صلاةُ التطَوُّعِ بين المغربِ والعشاءِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشافعيَّة، والحنابِلَة وبه قالت طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ
    الدليل من السُّنَّة:
    عن حُذيفةَ بنِ اليَمانِ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: ((صليتُ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المغربَ، فلمَّا قضَى الصلاةَ قام يُصلِّي، فلم يزلْ يُصلِّي حتى صلَّى العِشاءَ، ثم خرَج ))
    المطلب الخامسُ: سُنَّة العِشاءِ
    سبَق ذكرُها مع مسألةِ عددِ السُّنن الرَّواتب، وهي ركعتانِ.

    المطلب السَّادِس: سُنَّة الجُمُعةِ    

    الفَرْعُ الأول: مشروعيَّةُ التطوُّعِ قبلَ خروجِ الإمامِ  
    المسألة الأولى: التطوُّعُ يومَ الجُمعةِ قبل الزوال
    يُستحبُّ التطوُّعُ يومَ الجُمعةِ قبل الزَّوالِ، نصَّ عليه المالكيَّة والشافعيَّة والحنابِلَة
    الأَدِلَّةُ: أوَّلًا: من السُّنَّة
    1- عن سلمانَ الفارسيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن اغتَسَل يومَ الجُمعةِ، وتَطهَّرَ بما استطاعَ من طُهرٍ، ثم ادَّهن أو مسَّ مِن طِيب، ثم راح فلمْ يُفرِّقْ بين اثنينِ، فصلَّى ما كُتِبَ له، ثم إذا خرَجَ الإمامُ أَنصتَ، غُفِرَ له ما بينه وبين الجُمُعةِ الأُخرى ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الحديثَ يدلُّ على فَضلِ الصلاةِ قبلَ الجُمعةِ من غيرِ تقديرٍ للصَّلاةِ؛ فيكون أقلُّ ذلك رَكعتينِ، والزيادةُ عليهما بحسَبِ التيسيرِ
    2- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن اغتسَلَ ثم أَتى الجُمُعةَ، فصلَّى ما قُدِّرَ له، ثم أَنصتَ حتى يَفرغَ من خُطبته، ثم يُصلِّي معه، غُفِرَ له ما بينه وبين الجُمُعةِ الأخرى، وفضلَ ثلاثةِ أيَّام ))
    ثانيًا: من الآثار
    1- عن ابنِ شِهابٍ، عن ثَعلبةَ بن أبي مالكٍ القُرضيِّ: (أنَّه أخبره أنَّهم كانوا في زمانِ عُمرَ بنِ الخَطَّابِ يُصلُّونَ يومَ الجُمُعةِ حتى يخرجَ عمرُ، فإذا خرَجَ عُمرُ وجلَس على المنبرِ وأذَّنَ المؤذِّنون، قَال ثعلبةُ: جَلَسْنا نتحدَّث، فإذا سكَتَ المؤذِّنونَ وقام عُمرُ يَخطُبُ، أَنصَتْنا فلم يتكلَّمْ منَّا أحدٌ)
    2- عن نافعٍ قال: ((كان ابنُ عُمرَ يُطيل الصلاةَ قبل الجُمُعة، ويُصلِّي بعدَها ركعتينِ في بيتِه، ويُحدِّثُ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَفعَلُ ذلك))
    ثالثًا: جَرَيانُ العَمَلِ عليه
    جرَى عملُ المسلمينَ على التطوُّعِ إلى خروجِ الإمامِ
    المسألةُ الثَّانية: التطَوُّعُ يومَ الجُمُعةِ بعد الزَّوالِ
    يُستحَبُّ التطوُّعُ بعد الزَّوالِ وقَبْلَ خروجِ الإمامِ.
    الدَّليلُ مِنَ الإِجْماع: نَقَلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ رجَب
    الفَرْعُ الثَّاني: الصلاةُ في وقتِ الزوالِ يومَ الجُمُعةِ
    اختلف أهلُ العلمِ في الصَّلاةِ يومَ الجُمُعةِ وقتَ استواءِ الشمسِ وقيامِها في وسَطِ السَّماءِ إلى أنْ تزولَ، على أقوالٍ، أقواها قولان:
    القول الأوّل: أنَّه وقتُ نهيٍ كباقي الأيَّامِ، وهذا مذهبُ الحنفيَّة والحنابلة، وهو اختيارُ ابنِ عُثَيمين
    الدَّليلُ من السُّنَّة:
    عن عُقبَة بنِ عامرٍ الجهنيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: ((ثلاثُ ساعاتٍ كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ينهانا أن نُصليَ فيهنَّ، أو أن نَقبُرَ فيهنَّ موتانا: حين تَطلُعُ الشمسُ بازغةً حتى ترتفعَ، وحين يقومُ قائمُ الظهيرةِ حتى تميلَ الشَّمسُ، وحين تَضيَّفُ الشمسُ للغروبِ حتى تغرُبَ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ قوله: ((وحين يقومُ قائمُ الظهيرةِ حتى تميلَ الشَّمسَ))، يعني: حال استواءِ الشمسِ في السماءِ إلى أنْ تميلَ؛ فهو من الأوقاتِ التي نُهيَ عن الصَّلاةِ فيها
    القول الثاني: أنَّه ليس بوقتِ نهيٍ يومَ الجُمُعةِ، وهذا مذهبُ المالكيَّة، والأصحُّ في مذهبِ الشافعيَّة، وهو قولُ أبي يُوسفَ من الحنفيَّة، وهو وجهٌ عند الحنابلةِ، وقولُ طائفةٍ من السَّلفِ، واختارَه ابنُ تيميَّة، وابن القيِّم، والصنعانيُّ، وابنُ باز
    الأدلَّة: أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن سلمانَ الفارسيِّ، قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا يَغتسلُ رجلٌ يومَ الجُمُعةِ، ويتطهَّرُ ما استطاعَ مِن طُهر، ويَدَّهِنُ من دُهْنه، أو يمسُّ مِن طِيب بيتِه، ثم يخرُج فلا يُفرِّقُ بين اثنينِ، ثم يُصلِّي ما كُتِبَ له، ثم يُنصِتُ إذا تَكلَّم الإمامُ، إلَّا غُفِرَ له ما بينه وبين الجُمُعةِ الأخرى ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    الحديثُ فيه مندوبيَّةُ الصلاةِ، وأنَّ المانعَ منها خروجُ الإمامِ لا انتصافُ النَّهارِ
    ثانيًا: من الآثار
    (أنَّ الناس كانوا في زمَن عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْه يُصلُّون يومَ الجُمُعةِ حتى يخرُجَ عُمرُ)
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الصحابة كانوا يُصلُّون وقتَ الزوال؛ لأنَّهم كانوا يُصلُّون إلى خروجِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، وكان عمرُ لا يَخرُجُ إلَّا بعد وقتِ الزوالِ، وهذا لا يكونُ إلَّا توقيفًا؛ فيكون مخصِّصًا لعمومِ النهيِ عن الصلاةِ في ذلك الوقت
    ثالثًا: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم استحبَّ التبكيرَ إليها ثم رغَّب في الصلاة إلى خُروجِ الإمامِ من غيرِ استثناءٍ
    رابعًا: ولأنَّ الناسَ يكونون في المسجدِ تحتَ السُّقوفِ، ولا يَشعُرونَ بوقت الزَّوالِ، ولا يُمكنهم أنْ يَخرجوا ويتخطَّوْا رقابَ الناس؛ لكي ينظروا إلى الشمسِ لعدمِ مشروعيَّةِ ذلك
    خامسًا: جريانُ العملِ عليه؛ فعَمَلُ المسلمينَ في جميعِ الأقطارِ على ذلِك
    الفَرْعُ الثَّالِث: هل للجُمُعةِ سُنَّةٌ راتبةٌ قبليَّةٌ؟
    ليس لصلاةِ الجُمعةِ سُنَّةٌ راتبةٌ قبليَّة، وهذا مذهبُ المالكيَّة، والحنابلة، وعليه جماهيرُ الأمَّة، وهو اختيارُ ابنِ تيميَّة، وابن القيِّم، وابنِ حجرٍ العسقلانيِّ
    الأدلَّة:  أوَّلًا: من السُّنَّة
    عنِ ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهما، قال: (صليتُ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سجدتينِ قبلَ الظُّهرِ، وسجدتينِ بعد المغربِ، وسجدتينِ بعدَ العِشاءِ، وسجدتينِ بعدَ الجُمُعةِ)
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه لم يذكر لها سُنَّة إلَّا بعدَها؛ فدلَّ على أنَّه لا سُنَّة قبلَها
    ثانيًا: أنَّ المرادَ من الصَّلاةِ المسنونة أنَّها منقولةٌ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قولًا وفعلًا، والصلاة قبل الجُمُعة لم يأتِ منها شيءٌ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يدلُّ على أنَّه سُنَّة، ولا يجوزُ القياسُ في شرعيَّة الصلواتِ
    ثالثًا: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يخرج من بيته يومَ الجُمُعة فيصعَدُ مِنبَرَه ثم يؤذِّنُ المؤذنُ، فإذا فرغ أخذَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في خُطبتِه، ولو كان للجُمُعةِ سُنَّةٌ قَبْلَها لأمَرَهم بعدَ الأذانِ بصلاةِ السُّنَّة، وفعَلَها هو صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولم يكُن في زمنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غيرُ هذا الأذانِ الذي بين يدي الخَطيبِ
    رابعًا: لو كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي في بيتِه قبلَ خُروجِه إلى الجُمُعة لضُبِط ذلك، كما ضُبِطتْ صلاتُه بعدَها، وكما ضُبِطتْ صلاتُه قبل الظُّهر، ولنَقَل ذلك أزواجُه رَضِيَ اللهُ عَنْهنَّ، كما نقَلْنَ سائرَ صلواته في بيتِه ليلًا ونهارًا، وكيفيَّة تهجُّده وقِيامة بالليل، وحيث لم يُنقَلْ شيءٌ من ذلك، فالأصلُ عدمُه، ودلَّ على أنه لم يقعْ، وأنَّه غيرُ مشروعٍ
    خامسًا: أنَّ السُّنَّة الراتبة إنْ كانت بعدَ دخول الوقت فلا يصحُّ؛ لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يخرجُ إذا زالتِ الشمسُ فيشتغِلُ بالخُطبةِ، ثم بصلاةِ الجُمُعة، وإنْ كان المرادُ قبلَ دخولِ الوقتِ، فذلك مطلَقُ نافلةٍ لا صلاةٌ راتبةٌ
    الفَرْعُ الرابع: سُنَّةُ الجُمُعةِ البَعديَّة
    اختَلف أهلُ العِلمِ في عددِ ركَعاتِ سُنَّةِ الجُمُعةِ البَعديَّة على ثلاثةِ أقوال:
    القول الأوّل: أنَّ سُنَّة الجُمعةِ البعديَّة أربعُ ركَعات، وهذا مذهبُ الحنفيَّة، والشافعيَّة، وبه قالتْ طائفةٌ من السَّلَف، واختارَه ابنُ المنذرِ، والصنعانيُّ
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن سُهيلٍ، عن أبيه، عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((مَن كان منكم مصلِّيًا بعدَ الجُمُعةِ، فليصلِّ أربعًا))، وفي رواية: قال سُهيلٌ: ((فإنْ عجِل بكَ شيءٌ فصلِّ ركعتينِ في المسجِدِ، وركعتينِ إذا رجعتَ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَرَ بالأربعِ؛ فدلَّ على أنَّها أفضلُ من الركعتينِ
    القول الثاني: أنَّه مُخيَّرٌ بين أن يُصلِّي ركعتينِ أو أربعًا، وهذا روايةٌ عن أحمدَ، وهو قولُ ابنِ باز، والألبانيِّ؛ ومَن كان منكم مُصلِّيًا بعدَ الجُمُعةِ، فليصلِّ أربعًا)ذلك جمعًا بين حديثِ أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( وبينَ حديثِ ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهما: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ لا يُصلِّي بعدَ الجمُعةِ حتى يَنصَرِفَ، فيُصلِّي ركعتَينِ ))
    القول الثالث: إنْ صلَّى في المسجدِ صلَّى أربعًا، وإنْ صلَّى في بيته صلَّى ركعتينِ، وهو قولُ إسحاقَ بنِ راهَويهِ، واختاره ابنُ تيميَّة، وابنُ القيِّمِ، وبه أفتت اللَّجنة الدَّائمة
    وذلك جمعًا بين حَديثي أبي هُرَيرَة وابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهم؛ فحديثُ ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهما نصَّ فيه أنه كان يُصلِّي الركعتينِ في بيتِه، وحديثُ أبي هُرَيرَة رضي الله في الصَّلاةِ أربعًا يُحمل على الصلاةِ في المسجد؛ جمعًا بين الحديثين
    -------------------------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا نرتع في بساتين حب رسول الله صل الله عليه وسلم

    تابعونا جزاكم الله خيرا   ...  ولا تنسونا من صالح دعائكم


    عدل سابقا من قبل sadekalnour في الأحد أكتوبر 16, 2022 11:08 am عدل 3 مرات

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    ثامنا : صَلاة التَّطوُّعِ .السُّنن الرَّواتب.قيام الليل .التراويح .الوتر . القنوت . دعاء القنوت Empty : حُكمُ قَضاءِ السُّننِ الرَّواتبِ

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت سبتمبر 17, 2022 4:45 pm


    المَطلَبُ السابع: حُكمُ قَضاءِ السُّننِ الرَّواتبِ
    الفرعُ الأوَّل: حُكمُ قضاءِ السُّنن الرَّواتبِ في غيرِ وقتِ النَّهي

    يُشرَعُ قضاءُ السُّننِ الرَّواتبِ في غيرِ وقتِ النَّهيِ وهذا مذهبُ الشافعيَّةوالحنابلة، وقوَّاه ابنُ تيميَّة، واختارَه ابنُ القيِّم، وابنُ عُثيمين
    الأدلَّة: أوَّلًا: من السُّنَّة
    1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن نسِيَ صلاةً، أو نامَ عنها، فكفَّارتُها أن يُصلِّيها إذا ذكَرَها ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ عمومَ الحديثِ يدلُّ على مشروعيَّة قضاءِ الصَّلاةِ إذا نسِيَها أو نامَ عنها، سواءٌ كانتْ فريضةً أو راتبةً
    2- حديثُ أبي قَتادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، وفيه: ((... استيقظَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والشمسُ في ظهره... ثم أذَّن بلالٌ بالصلاة، فصلَّى رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ركعتين، ثم صلَّى الغداةَ، فصنَع كما كان يَصنَعُ كلَّ يومٍ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه قضى سُنَّةَ الفجر، وصنَعَ كما كان يَصنَعُ كلَّ يوم
    3- عن كُرَيب مولى ابنِ عبَّاس، حدَّثه أنَّ ابن عبَّاس، وعبد الرحمن بن أَزهرَ، والمِسْوَر بن مَخْرَمَةَ، أرسلوا إلى عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها، فقالوا: اقرأ عليها السَّلام منا جميعًا، وسلْها عن الركعتين بعدَ العصر، وإنَّا أُخبِرْنا أنَّكِ تُصلِّيها، وقدْ بلَغَنا أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهَى عنها، قال ابنُ عباس: وكنتُ أضربُ مع عمرَ الناسَ عنهما، قال كُريبٌ: فدخلتُ عليها وبلَّغْتُها ما أرسلوني، فقالت: سلْ أمَّ سلمة، فأخبرتُهم فردُّوني إلى أمِّ سلمةَ بمِثل ما أَرسلوني إلى عائشةَ، فقالت أمُّ سلمة: ((سمعتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَنهى عنهما، وإنَّه صلَّى العصرَ، ثم دخَلَ عليَّ وعندي نِسوةٌ من بَني حرام من الأنصار، فصلَّاهما، فأرسلتُ إليه الخادمَ، فقلتُ: قُومِي إلى جنبِه، فقولي: تقولُ أمُّ سلمةَ: يا رسولَ الله، ألم أسمَعْكَ تَنهى عن هاتينِ الركعتينِ؟ فأراك تُصلِّيهما، فإنْ أشارَ بيده فاستأخِري، ففعلتِ الجاريةُ، فأشار بيدِه فاستأخرتْ عنه، فلمَّا انصرف، قال: يا بِنتَ أبي أُميَّة، سألتِ عن الركعتينِ بعدَ العصرِ، إنَّه أتاني أناسٌ مِن عبدِ القيسِ بالإسلامِ من قومِهم، فشَغَلوني عن الركعتينِ اللَّتينِ بعدَ الظهرِ، فهُما هاتانِ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قضى ركعتَي سُنَّة الظهر بعدَ العصر لَمَّا شُغِل عنهما؛ فالحديثُ نصٌّ في قضاءِ الرَّواتب
    ثانيًا: أنَّ الرَّواتبَ مؤقَّتة بوقتٍ، فلم تسقطْ بفواتِ الوقتِ إلى غيرِ بدلٍ، كالفرائضِ
    الفَرْعُ الثَّاني: قضاءُ السُّننِ الرَّواتبِ في أوقاتِ النَّهي
    اختلف القائلونَ بمشروعيَّة قضاءِ السُّننِ الرَّاتبة في قضائِها في أوقاتِ النهيِ على أقوالٍ، المشهورُ منها قولان:
    القولُ الأوَّل: أنَّ السُّننَ الرواتبَ تُقضى في الأوقاتِ المنهيِّ عنها، وهو مذهبُ الشافعيَّة، وروايةٌ عن أحمدَ، وهو اختيارُ ابنِ تيميَّة
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن نسِي صلاةً فليصلِّها إذا ذكَرَها، لا كفَّارة لها إلَّا ذلك )) وفي رواية: ((مَن نسِي صلاة، أو نام عنْها فكفَّارتُها أن يُصلِّيها إذا ذكَرَها ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ هذا أمرٌ بقضاء الفائتة إذا ذُكِرت، وهو عامٌّ يَشمَلُ وقتَ النَّهي، وغيره
    2- عن أمِّ سلمةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها لَمَّا رأتِ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي بعدَ العصرِ أرسلتْ إليه الجاريةَ، وقالتْ: قُومي بجنبِه قولي له: تقولُ لكَ أمُّ سَلمةَ: يا رسولَ الله، سمعتُك تَنهى عن هاتينِ، وأراكَ تُصلِّيهما! فإنْ أشارَ بيدِه فاستأخري عنْه، ففعلتِ الجاريةُ، فأشار بيدِه فاستأخرَتْ عنه، فلمَّا انصرَفَ، قال: ((يا بِنتَ أبي أُميَّة، سألتِ عن الركعتينِ بعدَ العصرِ، وإنَّه أتاني ناسٌ من عبد القَيسِ فشَغَلوني عن الركعتينِ اللَّتين بعدَ الظهر، فهي هاتانِ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ فيه قضاءَ النَّافلةِ في وقْت النَّهي، مع إمكانِ قَضائِها في غيرِ ذلك الوقتِ
    3- عن أبي سَلمةَ بنِ عبد الرحمن بنِ عوفٍ: أنَّه سأل عائشةَ عن السجدتينِ اللَّتينِ كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّيهما بعدَ العصر؟ فقالت: ((كان يُصلِّيهما قبل العصر، ثم إنَّه شُغِلَ عنهما أو نسيهما، فصلَّاهما بعدَ العصرِ ))
    4- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قالت: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَتحَرَّوا طلوعَ الشَّمسِ ولا غُروبَها فتُصلُّوا عندَ ذلك ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ النهيَ عن الصلاةِ في هذه الأوقاتِ إنما هو لِمَن يَتحرَّى الصلاةَ فيها، ومَن قضى الرواتبَ فإنَّه لم يتحرَّ الصلاةَ فيها، وإنَّما صلَّى لسببِ تدارُكِ ما فاته من السُّنن
    ثانيًا: أنَّ النهي كان لسدِّ ذَريعةِ الشِّركِ، وذوات الأسبابِ فيها مصلحةٌ راجحةٌ، والفاعل يفعلُها لأجْلِ السببِ، لا يَفعلها مطلقًا؛ فتمتنعُ فيه المشابهةُ
    ثالثًا: ولأنَّها صلاةٌ لها وقتٌ راتبٌ؛ فوجب أنْ لا تسقُطَ بفواتِ وقتِها كالفرائضِ
    القول الثاني: أنَّ السُّنَنَ الرَّواتبَ لا تُقضَى في الأوقاتِ المنهيِّ عنها، وهو مذهبُ الحنابلةِ
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: من السُّنَّة
    1- عن ابنِ عبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهما، قال: ((شهِدَ عندي رجالٌ مَرضيُّون، وأرضاهم عندي عُمرُ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهى عن الصَّلاةِ بعدَ الصبحِ حتَّى تشرقَ الشَّمسُ، وبعدَ العصْر حتى تَغرُبَ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الحديثَ دلَّ بعمومِه على النَّهي عن الصلاةِ في هذِه الأوقاتِ
    2- عن أبي قَتادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: ((... فكان أوَّلَ مَن استيقظَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والشمسُ في ظَهرِه، قال: فقُمنا فزِعينَ، ثم قال: ارْكَبوا، فركِبْنا فسِرْنا حتى إذا ارتفعتِ الشمسُ نزَل، ثم دعا بمِيضأةٍ كانت معي فيها شيءٌ من ماء، قال: فتوضَّأ منها وضوءًا دون وضوءٍ، قال: وبقِي فيها شيءٌ من ماءٍ، ثم قال لأبي قَتادَةَ: احفظْ علينا مِيضأتَك، فسيكون لها نبأٌ، ثم أذَّن بلالٌ بالصَّلاة، فصلَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ركعتينِ، ثم صلَّى الغداةَ، فصَنَع كما كان يَصنَعُ كلَّ يومٍ... ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخَّرَ القضاءَ عن وقتِ النَّهيِ
    ثانيًا: أنَّ النَّهيَ عن الصَّلاةِ في هذه الأوقاتِ للتحريم، والأمرَ لقضاءِ ما فاتَ من السُّنَنِ للنَّدبِ، وترْكُ المحرَّمِ أَوْلى مِن فِعلِ المندوبِ
    ثالثًا: ولأنَّها صلاةُ نافلةٍ؛ فوجَبَ أن تَسقُطَ بفواتِ وقتِها، كالكسوف والخسوف
    المَبحَث الثالث: السُّنَنُ المؤقَّتَة
    المَطلَب الأوَّل: قيامُ اللَّيلِ
    الفَرْعُ الأول: فَضلُ قِيامِ اللَّيلِ
    ذِكْرُ آياتِ فَضْلِ قيامِ اللَّيلِ والحَثِّ عليه

    1- قال اللهُ تعالى: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا الإسراء: 79.
    2- وقال تعالى: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ السجدة: 16الآية، وقال تعالى: كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ الذاريات: 17.
    3- وقال تعالى: وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا الفرقان: 64.
    1- قيامُ اللَّيلِ عُبوديَّةٌ وشُكرٌ
    فعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يقومُ من اللَّيل حتى تَتفطَّر قدماه، فقالت عائشةُ:لِمَ تَصنعُ هذا يا رسولَ اللهِ، وقد غفر اللهُ لك ما تقدَّمَ مِن ذنبِك وما تأخَّر؟! قال: ((أفلا أحبُّ أن أكونَ عبدًا شكُورًا؟! ))
    2- قيامُ اللَّيلِ من أسبابِ دُخولِ الجَنَّةِ ورفْعِ الدَّرجاتِ فيها
    1- عن عبدِ اللهِ بنِ سَلَامٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يا أيُّها الناسُ، أفْشُوا السَّلام، وأطْعِموا الطَّعام، وصِلُوا الأرحام، وصَلُّوا باللَّيلِ والناسُ نِيام، تَدخلوا الجَنَّةَ بسَلام ))
    2- وعن أبي مالكٍ الأشعريِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ في الجَنَّةِ غُرفًا يُرى ظاهرُها من باطنِها، وباطنُها من ظاهرِها، أعدَّها اللهُ تعالى لِمَن أَطعَمَ الطَّعام، وأَلانَ الكلام، وتابَع الصِّيام، وأفْشَى السَّلام، وصَلَّى باللَّيلِ والناسُ نِيام ))
    3- قيامُ اللَّيلِ من أسبابِ تَكفيرِ السيِّئاتِ
    فعن أبي أُمامةَ الباهليِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((عَليكم بقِيامِ اللَّيلِ؛ فإنَّه دَأَبُ الصَّالحينَ قَبلَكم، وقُربةٌ لكم إلى ربِّكم، ومَكْفَرَةٌ للسيِّئاتِ، ومَنْهَاةٌ عن الإثمِ ))
    4- قيامُ اللَّيلِ أفضَلُ الصلاةِ بعدَ الفريضةِ
    فعن أَبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((أفضلُ الصَّلاةِ بعدَ الصلاةِ المكتوبةِ، الصلاةُ في جَوفِ الليلِ
    الفرعُ الثاني: وقتُ قيامِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم

    كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقومُ تارةً إذا انتصف اللَّيل، أو قَبْله بقليلٍ، أو بَعدَه بقليلٍ، وربَّما كان يقوم إذا سمِع الصارخَ، وهو الدِّيك، وهو إنَّما يَصيحُ في النِّصفِ الثاني
    الأدلَّة من السُّنَّة:
    1- عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه: ((أنَّه باتَ عند ميمونةَ أمِّ المؤمنينَ رَضِيَ اللهُ عَنْها، وهي خالتُه، قال: فاضطجعتُ على عُرضِ الوسادةِ، واضطجع رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأهلُه في طولِها، فنامَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتى انتصَف اللَّيلُ، أو قَبْله بقليلٍ، أو بَعدَه بقليلٍ، ثم استيقظَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فجَلَس، فمَسحَ النومَ عن وجهِه بيدِه، ثم قرأَ العشرَ آياتٍ خواتيمَ سورةِ آل عمران، ثم قامَ إلى شَنٍّ مُعلَّقة، فتوضَّأ منها فأحسنَ وُضوءَه، ثم قامَ يُصلِّي. قال عبدُ اللهِ بنُ عبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهما: فقمتُ، فصنعتُ مثلَ ما صنَع، ثم ذهبتُ فقُمتُ إلى جَنبه، فوضَعَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يدَه اليُمنى على رأسي، وأخَذَ بأُذني اليُمنى يَفتِلُها بيدِه، فصلَّى رَكعتينِ، ثم ركعتينِ، ثم ركعتينِ، ثم ركعتينِ، ثم ركعتينِ، ثم ركعتينِ، ثم أَوْتَرَ، ثم اضطجع حتَّى جاءَه المؤذِّنُ، فقام فصلَّى ركعتينِ خفيفتينِ، ثم خرَج فصلَّى الصُّبحَ ))
    2- عن مسروقِ بن الأسودِ، قال: سألتُ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها: أيُّ العملِ كان أحبَّ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟ قالت: الدَّائم، قال: قلتُ: فأيَّ حينٍ كان يقومُ؟ قالت: ((كان يقومُ إذا سمِعَ الصارِخَ ))
    الفَرعُ الثالث: حُكمُ قِيامِ اللَّيلِ

    قِيامُ اللَّيلِ سُنَّةٌ.
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عَنْه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أفضلُ الصَّلاةِ بعدَ الصَّلاةِ المكتوبةِ الصلاةُ في جوفِ الليلِ ))
    2- عن أبي أُمامةَ الباهليِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((عليكم بقِيامِ اللَّيل؛ فإنَّه دأبُ الصالحينَ قبلَكم، وقُربةٌ لكم إلى ربِّكم، ومكفرةٌ للسيِّئاتِ، ومنهاةٌ عن الإثمِ ))
    3- عن عبدِ اللهِ بنِ سَلَامٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يا أيُّها الناسُ، أفْشُوا السَّلام، وأطْعِموا الطَّعام، وصِلُوا الأرحام، وصَلُّوا باللَّيلِ والناسُ نِيام، تَدخلونَ الجَنَّةَ بسَلام ))
    ثانيًا: من الإجماع
    نقَل الإجماعَ على سُنيَّةِ قيامِ الليلِ في حقِّ سائرِ الأمَّة: ابنُ عبد البرِّ، والنووي، وابن حزم، وابنُ حجرٍ
    الفرعُ الرابع: عددُ رَكَعاتِ صَلاةِ القِيامِ
    ليس في قيامِ اللَّيلِ حدٌّ لا يُزاد عليه ولا يُنقصُ منه
    الأدلَّة من السُّنَّة:
    1- عن أبي سَلمةَ بنِ عبدِ الرحمنِ أنَّه سألَ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها: كيف كانتْ صلاة رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في رمضان؟ فقالت: ((ما كان يَزيدُ في رمضانَ، ولا في غيرِه على إحْدى عَشرةَ ركعةً؛ يُصلِّي أربعَ رَكَعاتٍ فلا تسألْ عن حُسنهنَّ وطولهنَّ، ثم يُصلِّي أربعًا، فلا تسألْ عن حُسنهنَّ وطولهنِّ، ثم يُصلِّي ثلاثًا))
    2- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهما قال: ((كان صلاةُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثلاثَ عَشرةَ ركعةً. يعني: باللَّيل ))
    3- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهما: ((أنَّ رجلًا سألَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن صلاةِ اللَّيل، فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: صلاةُ الليلِ مَثْنَى مثنَى، فإذا خشِيَ أحدُكم الصبحَ صلَّى ركعةً واحدةً، تُوتِر له ما قدْ صلَّى ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يحدَّ حدًّا في عددِ الركعاتِ التي يأتي بها المصلِّي قَبلَ الوترِ
    ثانيًا: من الإجماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ عبد البرِّ، والقاضي عِياضٌ، والعراقيُّ
    الفرعُ الخامس: صِفةُ صَلاةِ القِيامِ
    صلاةُ اللَّيلِ مَثنَى مَثنَى، أي: ركعتان ركعتان، وهذا مذهبُ الجمهور: المالكيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة، وقول أبي يُوسفَ ومحمَّد من الحنفيَّة، واختارَه ابنُ باز، وابنُ عُثَيمين
    الأدلَّة من السُّنَّة:
    1- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صلاةُ الليلِ مَثنَى مَثنى، فإذا رأيتَ أنَّ الصبحَ يُدركُك فأَوتِر بواحدةٍ))، قال: فقيل لابن عُمر: ما مَثنَى مَثنَى؟ قال تُسلِّم في كلِّ ركعتينِ
    2- عن عائشةَ زوجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قالت: ((كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي فيما بين أن يَفرغَ من صلاةِ العِشاءِ - وهي التي يدعو الناسُ العتمةَ - إلى الفجرِ إحْدى عشرةَ ركعةً، يُسلِّمُ بين كلِّ ركعتينِ، ويُوتِرُ بواحدةٍ ))
    الفَرعُ السادس: وقتُ صلاةِ القِيامِ
    سَيأتي الكلامُ عن هذا الفرعِ تحتَ فرعِ: وقت صَلاةِ الوترِ.
    الفرعُ السَّابع: ما يُسَنُّ قبل القيامِ، والاستفتاحُ بركعتينِ خفيفتين
    المسألة الأولى: ما يُسَنُّ قَبلَ القِيامِ
    أوَّلًا: يُستحبُّ لِمَن قام من نومِه مريدًا القيامَ أنْ يَمسحَ النومَ عن وجهِه، ويَستاكَ بالسِّواكِ، ويَذكُرَ اللهَ تعالى.
    الدَّليلُ من السُّنَّة:
    عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهما: ((أنَّه بات عندَ ميمونةَ، وهي خالتُه، فاضطجعتُ في عُرضِ وسادةٍ واضطجعَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأهلُه في طولِها، فنامَ حتى انتصفَ اللَّيلُ - أو قريبًا منه - فاستيقظَ يمسحُ النومَ عن وجهِه، ثم قرأَ عَشرَ آياتٍ من آل عِمران، ثم قام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى شَنٍّ مُعلَّقة، فتوضَّأ، فأَحسنَ الوضوءَ، ثم قام يُصلِّي، فصنعتُ مِثلَه، فقمتُ إلى جنبِه، فوضَع يدَه اليُمنى على رأسي وأخَذ بأُذني يَفتِلُها، ثم صَلَّى ركعتينِ، ثم ركعتينِ، ثم ركعتينِ، ثم ركعتينِ، ثم ركعتينِ، ثم ركعتينِ، ثم أَوتَرَ، ثم اضطجع حتى جاءَه المؤذِّنُ، فقام، فصلَّى ركعتينِ، ثم خرَج، فصلَّى الصبحَ ))
    المسألة الثانية: صلاةُ ركعتينِ خَفيفتَينِ عندَ افتتاحِ قِيامِ اللَّيلِ
    يُستحبُّ لِمَن أرادَ القِيامَ أن يَفتتِحَ قيامَه بركعتينِ خفَيفتَينِ
    الأدلة من السُّنَّة:
    1- عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها، قالت: ((كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إِذا قام مِنَ اللَّيلِ ليُصلِّي، افْتَتح صلاتَه بركعتينِ خَفيفتينِ ))
    2- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عَنْه، عن النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ،قال: ((إذا قام أحدُكم من اللَّيلِ، فليفتتحْ صلاتَه بركعتينِ خفيفتينِ
    الفرعُ الثامنُ: حُكمُ المداومةِ على قِيامِ اللَّيلِ كلِّه
    لا يُسنُّ قيامُ اللَّيلِ كلِّه على الدوامِ في جميعِ اللَّيالي؛ نصَّ على ذلك المالكيَّة،والشافعيَّة، والحنابلة
    الأدلة من السُّنَّة:
    1- حديثُ النَّفرِ الثلاثةِ الذين أَتَوا يَسألونَ عن عِبادةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلمَّا أُخْبِرُوا بذلك، فكأنَّهم تقالُّوها، فقال أحدُهم: أنا أقومُ ولا أنامُ، فأَنْكَرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذلك، وقال: ((... وأقومُ وأنامُ، فمَن رَغِبَ عن سُنَّتي فليس منِّي ))
    2- عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهما، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لهُ: ((أَحَبُّ الصلاةِ إلى اللهِ صلاةُ داودَ عليهِ السلامُ، وأَحَبُّ الصيامِ إلى اللهِ صيامُ داودَ، وكان ينامُ نصفَ الليلِ ويقومُ ثُلُثَهُ، وينامُ سُدُسَهُ، ويصومُ يومًا ويُفْطِرُ يومًا ))
    3- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها، قالت: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا دَخَلَ العشرُ، أحيا اللَّيلَ، وأيقظَ أهلَه، وجدَّ وشدَّ المِئزرَ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    هذا الحديث دلَّ على أنَّه لم يكُن من شأنه دائمًا أن يقومَ الليلَ كلَّه، وإلَّا لم يكُنْ في تخصيصِ العشرِ الأواخِرِ من رمضانَ بالذِّكرِ مزيدُ مزيَّة إنْ كان قيامُه فيها كغيرِها من الأيَّام
    الفرعُ التاسع: حكم مَن فاتَه قيامُ اللَّيلِ
    مَن فاتَه قيامُ اللَّيلِ صلَّاه في النهارِ، نصَّ عليه الحنابلة واختاره ابنُ العربيِّ من المالكية، وابنُ تيميَّة، والشوكانيُّ وابنُ القيِّم، وابنُ باز، وابنُ عُثَيمين
    الدليل من السُّنَّة:
    حديثُ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها: ((كانَ إذا غَلبَه نومٌ أو وجعٌ عن قيامِ اللَّيلِ، صلَّى مِن النهارِ ثِنتيَ عَشرةَ ركعةً ))
    الفرعُ العاشر: إفرادُ ليلةِ الجُمُعةِ بالقِيامِ
    سيأتي الكلامُ عن هذه المسألةِ في بابِ صَلاةِ الجُمُعة.
    ................................................................................................
    لا زلنا أحبابنا .... تابعونا جزاكم الله خيرا
    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    ثامنا : صَلاة التَّطوُّعِ .السُّنن الرَّواتب.قيام الليل .التراويح .الوتر . القنوت . دعاء القنوت Empty صَلاةُ التَّراويحِ (قيامُ رَمضانَ)

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت سبتمبر 17, 2022 5:01 pm


    المَطلَبُ الثاني: صَلاةُ التَّراويحِ (قيامُ رَمضانَ)
    الفرعُ الأوَّل: تعريفُ التَّراويح
    التراويحِ لُغةً: جمْع تَرويحةٍ، وهي المرةُ الواحدةُ من الرَّاحةِ، وروَّحتُ بالقومِ ترويحًا: صلَّيتُ بهم التراويحَ؛ وسُمِّيت بذلك لأنَّ الناسَ كانوا يُطيلونَ القيامَ فيها والركوعَ والسُّجودَ، فإذا صلَّوْا أربعًا استراحوا، ثم استأنَفوا الصلاةَ أربعًا، ثم استرَاحوا، ثم صَلَّوا ثلاثًا
    التراويحِ اصطلاحًا: هي قيامُ شَهرِ رَمضانَ
    الفرعُ الثاني: فَضلُ صلاةِ التراويحِ
    1- صلاةُ التراويحِ سببٌ لغفرانِ ما تَقدَّمَ من الذُّنوبِ:
    فعن أَبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُرغِّبُ في قيامِ رمضانَ من غير أنْ يأمرَهم فيه بعزيمةٍ، فيقولُ: مَن قامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تَقدَّمَ مِن ذَنبِه ))
    2- مَن صلَّى القيامَ مع الإمامِ حتى يَنصرِفَ كُتِبَ له قيامُ ليلةٍ كاملةٍ:
    فعن أبي ذرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: ((قلت: يا رسولَ اللهِ، لو نَفَّلْتَنا قيامَ هذه اللَّيلةِ )؟ فقال: إنَّ الرَّجُلَ إذا صلَّى مع الإمامِ حتى ينصرفَ، حُسِبَ له قيامُ ليلةٍ ))
    3- أنَّ فاعلَها إذا ماتَ وهو مداومٌ عليها، كان مِن الصِّدِّيقينَ والشُّهداءِ:
    فعن عَمرِو بنِ مُرَّةَ الجُهنيِّ، قال: ((جاءَ رجلٌ من قُضاعةَ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: إنِّي شهدتُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّكَ رسولُ اللهِ، وصليتُ الصلواتِ الخمسَ، وصُمتُ رَمضانَ وقُمتُه، وآتيتُ الزكاةَ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مَن ماتَ على هذا كانَ من الصِّدِّيقينَ والشُّهداءِ ))
    الفرعُ الثَّالث: حُكمُ صلاةُ التَّراويحِ.
    صَلاةُ التَّراويحِ سُنَّةٌ مُؤكَّدَة.
    الأدلَّة: أوَّلًا: من السُّنَّة
    1- قال أبو هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عَنْه: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُرغِّبُ في قيامِ رمضانَ من غيرِ أنْ يأمَرَهم فيه بعزيمةٍ، فيقول: مَن قامَ رَمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تَقدَّمَ مِن ذَنبِه ))
    2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلَّى في المسجدِ ذاتَ ليلةٍ، فصلَّى بصلاتِه ناسٌ، ثم صَلَّى من القابلةِ، فكثُرَ الناسُ ثم اجتَمَعوا من الليلةِ الثالثةِ، أو الرابعةِ، فلم يخرُجْ إليهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلمَّا أصبحَ قال: قد رأيتُ الذي صنعتُم، فلمْ يمنعْني من الخروجِ إليكم إلَّا أنِّي خَشيتُ أنْ تُفرَضَ عليكم))، قال: وذلِك في رمضانَ
    ثانيًا: من الإجماع
    نقَل الإجماعَ على سُنيَّتِها: النوويُّ، وشيخي زاده، والصنعانيُّ
    الفرعُ الرَّابع: حُكمُ صَلاةِ التراويحِ في المسجدِ جماعةً
    صلاةُ التراويحِ جماعةً في المسجدِ أفضلُ مِن صلاة من يصليها منفردًا.
    الأدلَّة: أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلى في المسجدِ ذاتَ ليلةٍ، فصلَّى بصلاتِه ناسٌ، ثم صلَّى من القابلةِ، فكثُر الناسُ، ثم اجتمعوا من الليلةِ الثالثةِ، أو الرابعةِ، فلم يخرجْ إليهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلمَّا أصبح قال: قد رأيتُ الذي صنعتُم، فلم يَمنعني من الخروجِ إليكم إلَّا أنِّي خشيتُ أن تُفرَضَ عليكم)) قال: وذلك في رمضانَ
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلَّى صلاةَ التراويحِ بالجماعةِ في المسجدِ، ولم يمنعْه من الاستمرارِ بالجماعةِ إلَّا تخوُّفُه أنْ تُفرَضَ على الأمَّةِ، ومعنى ذلك أنَّ فِعلَها جماعةً في المسجدِ أفضل.
    ثانيًا: من الإجماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ عبدِ البرِّ، وابنُ قُدامةَ، وغيرُهما
    ثالثًا: من الآثار
    عن عبد الرحمنِ بنِ عبدٍ القارئِ، قال: ((خرجتُ مع عُمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْه ليلةً في رمضانَ إلى المسجدِ، فإذا الناسُ أوزاعٌ متفرِّقون يُصلِّي الرجلُ لنَفسِه، ويُصلِّي الرجلُ فيُصلِّي بصلاتِه الرهطُ، فقال عُمرُ رَضِيَ اللهُ عَنْه: إني أَرَى لو جمعتُ هؤلاءِ على قارئٍ واحدٍ، لكان أمثلَ، ثم عَزَمَ فجمَعَهم إلى أُبيِّ بنِ كعبٍ، ثم خرجتُ معه ليلةً أخرى والناسُ يُصلُّونَ بصلاةِ قارئِهم. فقال عمرُ: نِعمَ البدعةُ هذِه، والتي ينامون عنها أفضلُ؛ يُريد آخِرَ اللَّيلِ، وكان الناسُ يقومونَ أَوَّلَه ))
    الفرعُ الخامس: وقتُ صَلاةِ التَّراويحِ
    السُّنةُ في التَّراويحِ أنْ تُصلَّى بَعدَ العِشاءِ الآخِرَةِ.
    الدَّليل من الإجماع:
    اتفاق السَّلف والأئمة على ذلك، نقله ابنُ تيميَّة
    الفرعُ السادس: عددُ ركعاتِ صلاةِ التَّراويحِ
    تقدَّمَ الكلامُ عنها في مسألةِ عددِ ركعاتِ صلاةِ القِيامِ.
    الفرعُ السابع: القِراءةُ في صَلاةِ التَّراويحِ
    ليس لقراءةِ القرآنِ في صَلاةِ التراويحِ مقدارٌ مُحَدَّدٌ، وتُستحَبُّ قراءتُه كاملًا وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك وذلك حتى يسمَعَ النَّاسُ جميعَ القرآنِ؛ فإنَّ شهْرَ رمضانَ فيه نَزَلَ القرآنُ، ولأنَّ جبريلَ كان يُدارِسُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم القرآنَ في رمضانَ
    الفَرعُ الثامن: الجهرُ بالقِراءةِ في التَّراويحِ
    يُستحَبُّ الجهرُ بالقِراءةِ في صلاةِ التَّراويحِ.
    الدَّليل من الإجماع: نقَل الإجماع على ذلك: النوويُّ
    ------------------------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا .... تابعونا جزاكم الله خيرا

    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    ثامنا : صَلاة التَّطوُّعِ .السُّنن الرَّواتب.قيام الليل .التراويح .الوتر . القنوت . دعاء القنوت Empty رد: ثامنا : صَلاة التَّطوُّعِ .السُّنن الرَّواتب.قيام الليل .التراويح .الوتر . القنوت . دعاء القنوت

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت سبتمبر 17, 2022 5:28 pm


    المَطلَبُ الثَّالِث: صلاةُ الوترِ
    الفَرعُ الأوَّل: حُكمُ صلاةِ الوترِ

    صلاةُ الوترِ سُنَّةٌ مؤكَّدة، وهذا مذهبُ الجمهور: المالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وروايةٌ عن أبي حنيفةَ، وبه قال أبو يُوسفَ ومحمَّد بن الحسن من الحَنَفيَّة، وهو قولُ أكثرِ العلماءِ
    الأدلَّة:أولًا: من الكتاب
    قال الله تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الوُسْطَى [البقرة: 238]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنه لو كانت صلاة الوتر واجبةً لكانت الصلواتُ المفروضةُ سِتًّا، والستُّ لا تصحُّ أن يكونَ لها وُسْطَى؛ فعُلِم أنَّها خمسٌ
    ثانيًا: من السُّنَّة
    1- عن طلحةَ بنِ عُبَيدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رجلًا جاءَ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقال: ((ما الإسلامُ؟ قال: خمسُ صلواتٍ في اليومِ واللَّيلةِ؛ قال: فهلْ عليَّ غيرُها؟ قال: لا إلَّا أن تطوَّع، فقال: واللهِ، لا أَزيد عليها ولا أنقُص منها، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أفلحَ إنْ صَدَق ))
    أوَجْهُ الدَّلالَةِ:
    - أنَّه بيَّن أنَّ المفروضَ هو خمسُ صلواتٍ في اليوم واللَّيلةِ لا سِتٌّ
    - أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نفَى بقولِه: ((لا))- جوابًا عن سؤالِ الرجلِ (هلْ عليَّ غيرُها؟)- وجوبَ غيرِ هذه الصلواتِ الخمسِ، ثم أكَّد النفيَ بقوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إلَّا أن تطوَّعَ))
    - أنَّ قول النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أفْلَحَ إنْ صَدَقَ)) يُفيد عدمَ وجوبِ الوترِ؛ لأنَّه لو كان الوترُ واجبًا لم يكُن بتركه مفلحًا؛ لأنَّ الأعرابيَّ قال: ((والله لا أَزيدُ عليها، ولا أنقصُ منها))
    2- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعَث معاذًا إلى اليمنِ، فقال: ادْعُهم إلى شهادةِ أنْ لا إلهَ إلَّا الله، وأنِّي رسولُ اللهِ، فإنْ هم أطاعوا لذلك فأعْلِمْهم أنَّ اللهَ قد افترَضَ عليهم خمسَ صلواتٍ في كلِّ يومٍ وليلةٍ، فإنْ هم أطاعوا لذلك فأَعْلِمْهم أنَّ اللهَ تَعالى افترَض عليهم صدقةً في أموالِهم، تُؤخَذُ من أغنيائِهم وتردُّ إلى فُقرائِهم ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ قوله: ((افترَض عليهم خمسَ صلواتٍ في كلِّ يومٍ وليلةٍ)) فيه: أنَّ المفروض هو خمسُ صلواتٍ، وبَعْثُ معاذٍ رَضِيَ اللهُ عنه إلى اليمنِ كان قبلَ وفاةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بقليلٍ؛ فيُستبعد معه وقوعُ النَّسخ
    3- عن عبدِ اللهِ بن مُحَيريزٍ، عن رجلٍ من بني كنانةَ يُقال له: المخدجيُّ، قال: كان بالشامِ رجلٌ يُقال له: أبو محمَّد، قال: الوترُ واجبٌ، فرُحتُ إلى عُبادةَ- يعني ابنَ الصَّامت- فقلت: إنَّ أبَا محمَّد يزعُم أنَّ الوترَ واجبٌ، قال: كذَبَ أبو محمَّد! سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: ((خمسُ صلواتٍ كتبهنَّ اللهُ على العبادِ، مَن أتى بهنَّ لم يُضيِّعْ منهنَّ شيئًا جاءَ وله عندَ الله عهدٌ أنْ يُدخِلَه الجَنَّةَ، ومَن ضَيَّعهنَّ استخفافًا بحقِّهنَّ جاءَ ولا عهدَ له؛ إنْ شاءَ عذَّبَه، وإنْ شاءَ أَدْخلَه الجَنَّةَ ))
    4- عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((ليس الوترُ بحتمٍ كهيئةِ المكتوبةِ، ولكنَّه سَنَّها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ))
    5- قال ابنُ عُمرَ: و((كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُسبِّحُ على الراحلةِ قِبَلَ أيِّ وَجهٍ توجَّه، ويُوتِرُ عليها، غير أنَّه لا يُصلِّي عليها المكتوبةَ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه لا خِلافَ أنَّه لا يجوزُ أن يُصلِّي الواجبَ راكبًا في غيرِ حالِ العذرِ، ولو كان الوترُ واجبًا ما صلَّاه راكبًا
    ثالثًا: أنَّ الصلواتِ ضربانِ: فرضٌ، ونفل؛ فلمَّا كان في جِنسِ الفرضِ وترٌ وجَب أنْ يكونَ في جِنسِ النفلِ وترٌ كالفرائضِ
    رابعًا: أنَّها صلاةٌ مِن سُننها أن تكونَ تبعًا لغيرها؛ فوجب أن تكونَ نفلًا؛ قياسًا على الركعتينِ بعدَ الظهرِ
    خامسُا: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد أَوْتَر بثلاثٍ، وبخمس، وسبع، وأكثرَ من ذلك، فلو كان الوتر فرضًا لكان موقَّتًا معروفًا عددُه، لا يجوز أن يُزاد فيه ولا يُنقص منه، كالصلواتِ الخمسِ المفروضات، وأحاديثُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابِه على خِلافِ ذلِك؛ لأنَّهم قد أَوتروا وترًا مختلفًا في العدد
    سادسًا: أنَّ الوترَ يَعملُ به الخاصُّ والعامُّ من المسلمين في كلِّ ليلةٍ، فلو كان فرضًا لَمَا خفِي وجوبُه على العامَّة، كما لم يَخْفَ وجوبُ الظهرِ والعصرِ والصلواتِ الخمسِ عليهم؛ فلو كان الوترُ فرضًا كسائرِ الصلواتِ، لتوارثوا عِلمَه، ونقَلوه قرنًا عن قرن كذلك

    الفَرْعُ الثَّاني: أوَّلُ وقتِ صلاةِ الوترِ وآخِرُه

    أوَّلُ وقتِ صلاةِ الوترِ
    بعدَ صلاةِ العشاءِ، وآخِرُه طلوعُ الفجرِ، وهذا مذهبُ الجمهورِ: المالِكيَّة والشافعيَّة والحَنابِلَة، وهو قولُ أبي يوسفَ ومحمَّدِ بنِ الحسنِ من الحَنَفيَّة، وحُكي الإجماعُ على ذلِك
    الأدلَّة أولًا: من السُّنَّة
    1- عن عبدِ اللهِ بن عُمرَ، أنَّ رجلًا سألَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأنا بينه وبين السائِلِ، فقال: يا رسولَ الله، كيف صلاةُ الليلِ؟ قال: ((مَثْنَى مَثْنَى، فإذا خَشِيتَ الصُّبْحَ، فصَلِّ رَكعةً، واجعلْ آخِرَ صلاتِكَ وِتْرًا ))
    2- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((بادِرُوا الصبحَ بالوترِ ))
    3- عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أَوْتِروا قبلَ أن تُصبِحُوا ))
    4- وقال: ((الوترُ ركعةٌ مِن آخِرِ اللَّيلِ ))
    5- عن نافعٍ، أنَّ ابنَ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما كان يقولُ: ((مَن صلَّى بالليلِ فلْيَجعلْ صلاتَه وترًا قبل الصبح، كذلك كان رسولُ الله يأمرُهم ))
    ثانيًا: الإجماعُ على أنَّ أَوَّلَه بعد العِشاءِ
    نقل الإجماعَ على ذلك: المروزي، وابن المنذر، وابن عبد البَرِّ
    الفرعُ الثَّالث: أفضلُ وقتٍ للوتر

    الوترُ آخِرَ الليلِ أفضلُ
    لِمَن رجَا أن يستيقظَ آخِرَ اللَّيلِ، والوترُ أوَّلَ اللَّيلِ أفضلُ لِمَن خافَ ألَّا يقومَ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلة مِن السُّنَّة:
    1- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن خافَ أنْ لا يقومَ مِن آخِرِ اللَّيلِ فلْيُوترْ أوَّلَه، ومَن طَمِعَ أن يقومَ آخِرَه فلْيُوترْ آخرَ اللَّيلِ؛ فإنَّ صلاةَ آخِرِ الليلِ مشهودةٌ، وذلك أفضلُ ))
    2- عنِ ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، ((أنَّ رجلًا سألَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن صلاةِ اللَّيلِ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: صلاةُ اللَّيلِ مَثْنَى مَثْنَى، فإذا خشِي أحدُكم الصبحَ صَلَّى ركعةً واحدةً، تُوتِرُ له ما قدْ صلَّى ))
    3- عن عائشةَ، قالت: ((مِن كلِّ الليلِ قد أَوْترَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وانتهى وترُه إلى السَّحرِ)) وفي رواية: ((مِن كلِّ الليلِ أوترَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، مِن أوَّله، وأوْسَطِه، وآخِرِه، فانتهى وترُه إلى السَّحر ))
    4- عن عَبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((اجْعَلوا آخِرَ صلاتِكم بالليلِ وِترًا ))
    5- عن أبي قَتادَةَ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لأبي بكرٍ: متى تُوتِر؟ قال: أُوتِرُ من أولِ اللَّيل، وقال لعمر: متى توتر؟ قال: آخِرَ اللَّيلِ، فقال لأبي بكر: أخَذَ هذا بالحزمِ، وقال لعُمرَ: أخَذَ هذا بالقُوَّة ))
    الفرعُ الرابعُ: عددُ رَكَعاتِ صلاةِ الوترِ

    المسألةُ الأُولى: الوِتْرُ بركعةٍ
    يجوزُ الوترُ بركعةٍ واحدةٍ منفصلةٍ ممَّا قبلَها، وهذا مذهبُ الجمهور: المالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قول طائفةٍ من السلف
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ رجلًا سألَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن صلاةِ اللَّيلِ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: صلاةُ اللَّيلِ مَثْنَى مَثنَى، فإذا خشِي أحدُكم الصبحَ صَلَّى ركعةً واحدًة، تُوتِرُ له ما قدْ صلَّى ))
    2- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((الوترُ ركعةٌ من آخِرِ اللَّيلِ ))
    3- عن عائشةَ زوجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قالت: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي فيما بين أن يَفرَغَ من صلاةِ العشاءِ- وهي التي يَدْعو الناسُ العَتَمَةَ- إلى الفجرِ إحْدَى عشرةَ ركعةً يُسلِّم بين كلِّ ركعتينِ، ويُوتِرُ بواحدةٍ ))
    4- عن أبي أيُّوبَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((الوترُ حقٌّ، فمَن أحبَّ أن يُوتِرَ بخمسٍ فلْيفَعلْ، ومَن أحبَّ أن يُوتِرَ بثلاثٍ فليفعلْ، ومن أحبَّ أن يُوتِرَ بواحدةٍ فلْيفعلْ ))
    ثانيًا: مِن الآثار
    1- عن أبى مِجْلَز: (أنَّ أبا موسى الأشعريَّ كان بين مَكَّةَ والمدينةِ فصلَّى العشاءَ ركعتينِ، ثم قام فصلَّى ركعةً أوترَ بها، فقرأ بمائةِ آيةٍ من النساءِ، ثم قال: ما ألوتُ أنْ أضَعَ قدَمِي حيثُ وضَعَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قدَميه، وأنْ أقرأَ بما قرأَ به )
    2- عن نافع: (أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عُمرَ كان يُسلِّم بين الركعةِ والركعتينِ في الوترِ؛ حتى يأمُرَ ببعضِ حاجتِه )
    3- عن ابنِ عبَّاس رَضِيَ اللهُ عنهما، قيل له: (هلْ لك في أميرِ المؤمنينَ معاويةَ؛ ما أَوْتر إلَّا بواحدةٍ؟! قال: أصاب؛ إنَّه فقيهٌ!)، وفي رواية: (دعْه؛ فإنَّه قد صحِب النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم )
    المسألة الثَّانية: الوترُ بثلاثِ ركَعَاتٍ متصلةٍ بتشهُّدٍ واحدٍ
    يجوزُ الوترُ بثلاثِ ركَعاتٍ متصلةٍ، وهذا مذهبُ الشافعيَّة، والحَنابِلَة، وبه قالت طائفةٌ من السَّلف، واختارَه ابنُ تيميَّة، وابنُ باز، وابنُ عُثَيمين
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي أيُّوبَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((الوترُ حقٌّ؛ فمَن أحبَّ أن يُوتِرَ بخمسٍ فلْيفَعلْ، ومَن أحبَّ أن يُوتِرَ بثلاثٍ فلْيَفعلْ، ومَن أحبَّ أن يُوتِرَ بواحدةٍ فلْيَفعلْ ))
    2- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُوتِرُ بثلاثٍ، يَقرأُ في الأولى بـسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى))
    المَسألةُ الثالثة: الوترُ بثلاثِ رَكَعاتٍ متصلةٍ بتشهُّدَينِ
    لا يُشرَعُ الوترُ بثلاثِ ركَعاتٍ متصلَّةٍ بتشهُّدينِ كهيئةِ المغربِ، وهذا مذهبُ الحَنابِلَة، ووجهٌ للشافعيَّة، واختيارُ ابنِ باز، وابنِ عُثَيمين
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((لا تُوتِروا بثلاثٍ، أَوْتِروا بخمسٍ أو سَبعٍ، ولا تَشبَّهوا بصلاةِ المغربِ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أن الإيتار بثلاث يكون متصلًا بتشهد واحد؛ جمعًا بين الأحاديث التي فيها الإيتار بثلاث، وحديث النَّهي عن الإيتارِ بثلاثٍ كالمغربِ
    المسألةُ الرابعة: الوترُ بخمسٍ وبسَبْعٍ وبتِسعٍ
    يجوزُ الوترُ بخمسِ ركعاتٍ يَسرُدها فلا يجلسُ إلَّا في آخِرِها، وبسبعِ ركعاتٍ له أن يَسرُدَها فلا يجلسُ إلا في آخِرِها، وله أنْ يجلسَ في السادسةِ للتشهُّدِ، ثم يقومُ للسابعةِ، ويجلس للتشهُّد ثم يُسلِّم، وبتِسعٍ؛ يَسرُدُ ثمانيَ ركعاتٍ، ثم يجلسُ للثامنةِ، ثم يقومُ للتاسعةِ ويتشهَّدُ ويُسلِّمُ، وهذا مذهبُ الشافعيَّة، ووجهٌ عند الحَنابِلَة، واختيارُ ابنِ باز
    الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:
    1- عن أبي أيُّوبَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((الوترُ حقٌّ، فمَن أحبَّ أنْ يُوتِرَ بخمسٍ فليفعلْ، ومَن أحبَّ أن يوتِرَ بثلاثٍ فليفعلْ، ومن أحبَّ أن يُوتِرَ بواحدةٍ فليفعلْ ))
    2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي من الليلِ ثَلاثَ عَشرةَ ركعةً، يُوتِرُ من ذلك بخمسٍ، لا يجلسُ في شيءٍ إلَّا في آخِرِها ))
    3- عن سَعدِ بنِ هِشامِ بنِ عامرٍ، أنَّه قال لعائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: يا أمَّ المؤمنين، أَنبئِينى عن وِتْرِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالت: ((كنَّا نُعِدُّ له سواكَه وطَهورَه، فيبعثُه اللهُ ما شاءَ أنْ يبعثَه مِن اللَّيلِ، فيتسوَّك، ويتوضَّأ، ويُصلِّي تِسعَ ركعاتٍ لا يجلسُ فيها إلَّا في الثامنةِ، فيذكُرُ اللهَ ويَحمَدُه ويَدعوه، ثم يَنهَضُ ولا يُسلِّم، ثم يقومُ فيَصِلُ التاسعةَ، ثم يقعُد فيذكُرُ اللهَ ويَحمَدُه ويدعوه، ثم يُسلِّم تسليمًا يُسمِعُنا، ثم يُصلِّي ركعتينِ بعدَما يُسلِّمُ وهو قاعدٌ، فتِلك إحدى عشرةَ ركعةً يا بُنيَّ، فلمَّا أسنَّ نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأخَذه اللحمُ أَوْترَ بسبعٍ، وصنَع في الركعتينِ مِثل صَنيعِه الأوَّل، فتلك تِسعٌ يا بُنيَّ ))
    4- عن مسروقٍ، قال: سألتُ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، عن صلاةِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم باللَّيل؟ فقالت: ((سبعٌ، وتسعٌ، وإحدى عَشرةَ، سوى ركعتَيِ الفجرِ ))
    5- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَمَّا كَبر وضعُف أوترَ بسبعِ ركعات، لا يَقعُد إلَّا في السادسة، ثم ينهضُ ولا يُسلِّم فيُصلِّي السابعةَ، ثم يُسلِّم تسليمةً، ثم يُصلِّي ركعتينِ وهو جالسٌ ))
    6- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((لَمَّا أسَنَّ رَسولُ اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأخَذَ اللَّحْمَ صلَّى سَبْعَ ركَعاتٍ لا يَقْعُدُ إلَّا في آخرِهِنَّ ))
    7- عن أمِّ سلمةَ قالت: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُوتِرُ بخمسٍ وبسبعٍ لا يَفصِلُ بينها، بسلامٍ ولا بكلامٍ ))
    8- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنه في صِفة وترِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ثم صلَّى سبعًا أو خمسًا، أوترَ بهنَّ ولم يُسلِّم إلَّا في آخرهنَّ
    الفرعُ الخامسُ: القراءةُ في صلاةِ الوترِ

    يُسنُّ في صلاة الوترِ قراءةُ سورةِ (الأعلى) في الركعةِ الأولى، وسورة (الكافرون) في الركعة الثانية، وسورة (الإخلاص) في الركعةِ الأخيرة، وهذا مذهبُ الجمهورِ: المالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو حسنٌ عند الحَنَفيَّة أحيانًا
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن عبدِ اللهِ بن عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُوتِرُ بثلاثٍ، يقرأ في الأولى بـسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى، وفي الثانية بـقُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ، وفي الثالثة بـقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ))
    الفرع السَّادس: الجهرُ والإسرارُ في القِراءة في الوترِ

    سيأتي بحثُ هذه المسألةِ في مبحث الجهرِ والإسرارِ في صلاةِ التطوُّعِ.
    -------------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا تابعونا جزاكم الله خيرا

    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    ثامنا : صَلاة التَّطوُّعِ .السُّنن الرَّواتب.قيام الليل .التراويح .الوتر . القنوت . دعاء القنوت Empty مَن أَوْترَ أوَّلَ الليلِ، ثمَّ قامَ آخِرَه وأرادَ التطوُّعَ

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت سبتمبر 17, 2022 7:34 pm


    الفَرعُ السَّابعُ: مَن أَوْترَ أوَّلَ الليلِ، ثمَّ قامَ آخِرَه وأرادَ التطوُّعَ

    مَن صلَّى الوترَ، ثم أرادَ بعد ذلك أنْ يَتنفَّلَ من الليلِ، فله أنْ يُصلِّي شفعًا ما يشاءُ، ولا يَنقض وترَه
    ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة على المشهورِ، والحَنابِلَة
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    1- عن عُروةَ، أنَّ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، أخبرته: ((أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يُصلِّي إحدى عَشرةَ ركعة، كانتْ تلك صلاتَه- تَعني باللَّيل- فيَسجُدُ السجدةَ من ذلك قدْرَ ما يقرأ أحدُكم خمسين آيةً قبلَ أن يرفَع رأسه، ويركعُ ركعتينِ قبل صلاةِ الفجرِ، ثم يضطجعُ على شِقِّه الأيمنِ حتى يأتيَه المؤذِّنُ للصَّلاةِ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلَّى ركعتينِ بعد الوِتْرِ دون أن يَنْقُضَ وِتْرَه
    2- عن قَيسِ بن طلقٍ، قال: ((زارنا طلقُ بنُ عليٍّ في يومٍ من رمضان، فأمْسى عندنا وأفطر، ثم قام بنا تلك الليلةَ، ثم انحدَر إلى المسجدِ فصلَّى بأصحابه، حتى إذا بقِيَ الوترُ قدَّم رجلًا، فقال: أَوِترْ بأصحابِك؛ فإنِّي سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: لا وترانِ في ليلةٍ ))
    ثانيًا: مِن الآثار
    عن أبي جَمرةَ، قال: سألتُ عائذًا- وكان من أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، من أصحابِ الشجرة-: هل يُنقَضُ الوتر؟ قال: (إذا أوترتَ مِن أوَّلِه، فلا تُوتِرْ من آخِرِه)
    ثالثًا: أنَّ الوترَ الأوَّلَ مضى على صحَّتِه؛ فلا يتوجَّه إبطالُه بعدَ فراغِه
    رابعًا: أنَّ تقدُّمَ الوترِ لا يَمنعُ من استئنافِ صلاةٍ بعدَه
    خامسًا: أنَّه لا يصحُّ التطوعُ بركعةٍ واحدةٍ في غيرِ الوترِ
    سادسًا: أنَّه مُحالٌ أن يشفعَ ركعةً قد سلَّم منها ونام مُصلِّيها وتراخَى الأمرُ فيها، وقد كتَبها المَلَكُ الحافظُ وترًا؛ فكيف تعود شفعًا؟! هذا ما لا يصحُّ في قياسٍ ولا نظرٍ
    سابعًا: الأصلُ في الصلاةِ إذا لم تكُنْ مطلوبةً عدمُ الانعقادِ، فلو أوتر ثانيًا لم يصحَّ وترُه

    الفَرعُ الثَّامن: مَن صلَّى مع الإمامِ، وأحبَّ متابعتَه في الوترِ، وأحبَّ أن يُوتِرَ آخِرَ اللَّيلِ

    مَن صلَّى مع الإمامِ، وأحبَّ متابعتَه في الوترِ، وأحبَّ أن يوترَ آخِرَ اللَّيلِ، فإنَّه إذا سلَّمَ الإمامُ لم يسلِّمْ معه، وقام فصلَّى ركعةً أخرى يَشفَعُ بها صلاتَه مع الإمامِ ، نصَّ عليه أحمدُ، وهو قولُ ابنِ باز, وابنِ عُثيمين
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّةِ:
    عن عُمرَ بنَ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه ((أنه لَمَّا صلَّى بمَكَّةَ قالَ: يا أَهلَ مَكَّةَ، أتمُّوا صلاتَكم؛ فإنَّا قومٌ سَفْرٌ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    القياسُ على مَن صلَّى مع عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنه من أهلِ مَكَّةَ وأتمُّوا بعدَ سلامِه من الصلاةِ، فكانوا ينوون الأربعَ وهو ينوي ركعتينِ، فإنَّه لَمَّا جاز للمصلِّي المقيمِ أنْ يقومَ ليتمَّ صلاتَه بعدَ سلامِ الإمامِ المسافرِ الذي يُصلِّي قَصْرًا، جاز للمأمومِ أيضًا أن يقومَ بعد سلامِ إمامِه في الوِتْرِ؛ ليشفعَ صلاتَه
    الفرعُ التَّاسع: قضاءُ صلاةِ الوترِ

    مَن فاتته صلاةُ الوترِ لا يَقضيها، وهذا مذهبُ المالِكيَّة
    ، وهو قولُ الشافعيِّ في القديمِ، وروايةٌ عن أحمدَ، وبه قالت طائفةٌ من السَّلَف، وحُكيَ عن أكثرِ العلماءِ، واختاره ابنُ عبد البرِّ، وابنُ تيميَّة
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا نام أو شَغَله مرضٌ أو غيرُه عن قيامِ اللَّيلِ، صلَّى بالنهارِ ثِنتي عشرةَ ركعةً ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الحديثَ يدلُّ على أنَّه عليه الصَّلاةُ والسلامُ كان يَقضي التهجُّدَ دون الوترِ
    2- عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((أَوتِروا قبل أن تُصبِحوا ))
    ثانيًا: أنَّها صلاةُ نافلةٍ؛ فوجَبَ أن تسقُطَ بفواتِ وقتِها، كالكُسوفِ والخُسوفِ
    الفَرعُ العاشر: القُنوتُ في الوِتْرِ
      : تعريفُ القنوتِ
    القُنوت لُغةً: يُطلَقُ على الدُّعاءِ، والقِيامِ، والخضوعِ، والسُّكونِ، والسُّكوتِ، والطَّاعةِ، والصَّلاةِ، والخُشوعِ، والعِبادةِ، وطُولِ القيامِ، وأصْل (قنَت) يدلُّ على طاعةٍ وخيرٍ في دِينٍ
    القُنوتُ اصطلاحًا: هو الدُّعاءُ في الصَّلاةِ في مَحلٍّ مخصوصٍ من القيامِ
    المسألةُ الأولى: حُكمُ القنوتِ في صَلاةِ الوِترِ
    يُشرَعُ القنوتُ في الوترِ، وهذا مذهبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وروايةٌ عن مالك
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن الحسنِ بن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّه قال: ((عَلَّمني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كلماتٍ أقولهنَّ في قُنوتِ الوِترِ: اللهمَّ اهْدِني فيمَن هدَيْت، وعافِني فيمَن عافَيْت، وتولَّني فيمَن تولَّيْت، وباركْ لي فيما أَعطَيْت، وقِني شَرَّ ما قَضَيْت؛ فإنَّك تَقْضِي ولا يُقْضَى عليك، وإنَّه لا يَذلُّ مَن والَيْت، تباركتَ ربَّنا وتَعالَيْت ))
    ثانيًا: مِن الآثار
    1- عن إبراهيمَ، عن عَلقمةَ، قال: (إنَّ ابنَ مسعودٍ وأصحابَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانوا يَقنُتونَ في الوترِ قبلَ الرُّكوعِ)
    2- عن عبدِ الرحمنِ بنِ الأسودِ، عن أبيه، قال: (كان ابنُ مسعودٍ لا يَقنُتُ في شيءٍ من الصَّلواتِ إلَّا في الوتر قبلَ الركوعِ)
    المَسألةُ الثانية: وقتُ قنوتِ الوترِ
    يُشرَعُ القُنوتُ في الوترِ في جميعِ السَّنةِ، وهذا مذهبُ الحَنَفيَّة، والحَنابِلَة، ووجهٌ عندَ الشافعيَّة قوَّاه النوويُّ، وبه قالتْ طائفةٌ من السَّلفِ، واختارَه ابنُ حزمٍ،واختارَه ابنُ باز، وابنُ عُثَيمين، والألبانيُّ
    الأَدِلَّة:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
    عن الحسنِ بن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّه قال: ((عَلَّمني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كلماتٍ أقولهنَّ في قُنوتِ الوِترِ: اللهمَّ اهْدِني فيمَن هدَيْت، وعافِني فيمَن عافَيْت، وتولَّني فيمَن تولَّيْت، وباركْ لي فيما أَعطَيْت، وقِني شَرَّ ما قَضَيْت؛ فإنَّك تَقْضِي ولا يُقْضَى عليك، وإنَّه لا يَذلُّ مَن والَيْت، تباركتَ ربَّنا وتَعالَيْت ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الحديثَ لم يخصَّ القنوتَ بوقتٍ دونَ آخرَ.
    ثانيَّا: مِن الآثار
    عن عَلقمةَ: (أنَّ ابنَ مسعودٍ وأصحابَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانوا يَقنُتونَ في الوترِ قبلَ الرُّكوعِ)
    ثالثًا: أنَّه وترٌ، فيُشرع فيه القنوتُ، كالنِّصفِ الآخِرِ من رَمضانَ
    رابعًا: أنَّه ذِكرٌ يُشرَعُ في الوترِ؛ فيُشرَعُ في جميعِ السَّنَةِ، كسائرِ الأذكارِ
    المَسألةُ الثالثة: التأمينُ خلفَ الإمامِ في قُنوتِ الوترِ
    يُشرَعُ التأمينُ خلفَ الإمامِ في قُنوتِ الوترِ، وهو مذهبُ الشافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولٌ للحنفيَّة، واختاره ابنُ عُثَيمين، وبه أفتتِ اللَّجنةُ الدَّائمة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((قنَتَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شهرًا متتابعًا في الظهرِ والعصرِ والمغربِ والعِشاءِ وصلاةِ الصُّبحِ، في دُبرِ كلِّ صلاةٍ، إذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه من الركعةِ الآخِرة، يدعو على أحياءٍ مِن بني سُليمٍ؛ على رِعْلٍ وذَكوانَ وعُصيَّةَ، ويُؤمِّنُ مَن خَلْفَه ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه لا فَرقَ بين قُنوتِ النازلةِ وبين قُنوتِ الوترِ؛ لأنَّ الكلَّ دُعاءُ قنوتٍ من الإمامِ في الصلاة جهرًا؛ فيُستحبُّ التأمينُ عليه
    ثانيًا: أنَّ الإمامَ إنَّما يَجهرُ بالدعاءِ؛ ليسمعَ المأموم حتَّى يُؤمِّنَ، وإلَّا لم يكُن ثَمَّ فائدةٌ مِن جهْرِه
    المَسألةُ الرابعة: محلُّ القُنوتِ في الوترِ
    محلُّ القنوتِ في الركعةِ الأخيرةِ مِن الوترِ، بعدَ الركوعِ، ويجوزُ قَبْلَه، وهذا مذهبُ الحَنابِلَةِ، وبه قالتْ طائفةٌ من السَّلف، وهو قولُ فُقهاءِ أهلِ الحديثِ، واختارَه ابنُ حجرٍ، وابنُ باز, وابنُ عُثَيمين
    الأدلَّة: أدلَّةُ أفضليَّة القُنوتِ بعدَ الرُّكوعِ:
    أولًا: من الآثار
    1- عن عبدِ الرحمنِ بن عبدٍ القاريِّ؛ أنَّه قال: (خرجتُ مع عُمرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه ليلةً في رمضانَ إلى المسجدِ، فإذا الناسُ أوزاعٌ متفرِّقون؛ يُصلِّي الرجل لنَفْسِه، ويُصلِّي الرجُلُ فيُصلِّي بصلاتِه الرهطُ، فقال عمر: إنِّي أرى لو جمعتُ هؤلاءِ على قارئٍ واحد، لكان أمثلَ، ثم عزَمَ، فجمَعَهم على أُبيِّ بن كعبٍ، ثم خرجتُ معه ليلةً أخرى والناسُ يُصلُّونَ بصلاةِ قارئِهم، قال عُمرُ: نِعمَ البدعةُ هذه، والتي يَنامون عنها أفضلُ مِن التي يقومون- يريد: آخِرَ الليل- وكان الناسُ يقومون أوَّلَه، وكانوا يَلْعَنونَ الكَفرةَ في النِّصفِ: اللهمَّ قاتلِ الكفرةَ الذين يَصدُّونَ عن سَبيلِك، ويُكذِّبون رُسلَك، ولا يُؤمِنون بوعدِك، وخالِفْ بين كلمتِهم، وألْقِ في قلوبِهم الرُّعبَ، وألْقِ عليهم رِجزَك وعذابَك، إلهَ الحقِّ، ثم يُصلِّي على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويَدعو للمسلمين بما استطاعَ من خيرٍ، ثم يَستغفرُ للمؤمنين، قال: وكان يقولُ إذا فرغَ مِن لَعْنه الكفرةَ وصلاتِه على النبيِّ واستغفارِه للمؤمنينَ والمؤمناتِ ومسألتِه: اللهمَّ إيَّاك نَعبُدُ، ولك نُصلِّي ونَسجُد، وإليكَ نَسعَى ونَحفِد، ونرجو رحمتَك ربَّنا، ونخاف عذابَك الجِدَّ؛ إنَّ عذابَك لِمَن عاديتَ مُلحِق، ثم يُكبِّر ويَهوي ساجدًا)
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    في قوله: ((ثم يُكبِّر ويَهوي ساجدًا)) أنَّ دعاء القنوت في الوترِ كان بعدَ الركوع؛ فلوَ كان الدعاءُ بعدَ القراءةِ لكبَّر للركوعِ لا للسُّجودِ.
    2- عن أبي رافعٍ مولى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: (صلَّيتُ خَلفَ عمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنهُ، فقَنَتَ بعدَ الرُّكوعِ، ورفعَ يديهِ وجَهَرَ بالدُّعاءِ)
    3- عن أبي عُثمانَ النَّهديِّ عن عُمرَ: (أنَّهُ كانَ يَقنتُ بعدَ الرُّكوعِ)
    4- عن العَوَّامِ بنِ حمزةَ، قال: سألتُ أبا عثمانَ عن القُنوتِ، فقال: بعدَ الركوعِ، فقلتُ: عمَّن؟ فقال: عن أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ
    ثانيًا: القياسُ على ما ثبَتَ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من القنوتِ بعدَ الرَّفعِ من الركوعِ في الفجرِ في قُنوتِ النَّوازلِ
    ثالثًا: أنَّ سماعَ الدُّعاء مناسبٌ لقول العبد: سمِع الله لِمَن حمِدَه؛ فإنَّه يُشرَعُ الثَّناءُ على اللهِ قبلَ دُعائِه، كما بُنِيتْ فاتحةُ الكتابِ على ذلِك؛ أوَّلها ثناءٌ، وآخِرُها دعاء
    أدلَّة جوازِ القنوتِ قبلَ الرُّكوعِ:
    1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه: (سُئلَ عن القنوتِ في صلاةِ الصُّبحِ، فقال: كنَّا نَقنُتُ قبلَ الركوعِ وبَعدَه )
    2- عن عَلقمةَ: (أنَّ ابنَ مسعودٍ وأصحابَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانوا يَقنُتونَ في الوترِ قبلَ الركوع)
    المسألةُ الخامسة: الأدعية الواردةُ في دُعاءِ القُنوتِ
    1- عن الحسنِ بن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّه قال: ((عَلَّمني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كلماتٍ أقولهنَّ في قُنوتِ الوِترِ: اللهمَّ اهْدِني فيمَن هدَيْت، وعافِني فيمَن عافَيْت، وتولَّني فيمَن تولَّيْت، وباركْ لي فيما أَعطَيْت، وقِني شَرَّ ما قَضَيْت؛ فإنَّك تَقْضِي ولا يُقْضَى عليك، وإنَّه لا يَذلُّ مَن والَيْت، تباركتَ ربَّنا وتَعالَيْت ))
    2- عن عليِّ بن أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- كان يقولُ في آخِر وترِه: (اللهمَّ إنِّي أعوذُ برِضاك من سخطِك، وبمعافاتِك من عقوبتِك، وأعوذ بكَ مِنك، لا أُحصي ثناءً عليك، أنتَ كما أثنيتَ على نفْسِك ))
    3- عن عُروةَ بنِ الزُّبَيرِ: (...وكان الناسُ يقومون أوَّلَه، وكانوا يَلْعَنونَ الكَفرةَ في النِّصفِ: اللهمَّ قاتلِ الكفرةَ الذين يَصدُّونَ عن سَبيلِك، ويُكذِّبون رُسلَك، ولا يُؤمِنون بوعدِك، وخالِفْ بين كلمتِهم، وألْقِ في قلوبِهم الرُّعبَ، وألْقِ عليهم رِجزَك وعذابَك، إلهَ الحقِّ، ثم يُصلِّي على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويَدعو للمسلمين بما استطاعَ من خيرٍ، ثم يَستغفرُ للمؤمنين، قال: وكان يقولُ إذا فرغَ مِن لَعْنه الكفرةَ وصلاتِه على النبيِّ واستغفارِه للمؤمنينَ والمؤمناتِ ومسألتِه: اللهمَّ إيَّاك نَعبُدُ، ولك نُصلِّي ونَسجُد، وإليكَ نَسعَى ونَحفِد، ونرجو رحمتَك ربَّنا، ونخاف عذابَك الجِدَّ؛ إنَّ عذابَك لِمَن عاديتَ مُلحِق، ثم يُكبِّر ويَهوي ساجدًا)
    4- عن عطاءٍ: (أنَّه سمِعَ عُبيدَ بنَ عُمَيرٍ يأثُرُ عن عُمرَ بنِ الخطَّابِ في القنوتِ (في الوتر) أنَّه كان يقولُ: اللهمَّ اغفرْ للمؤمنين والمؤمناتِ، والمسلمين والمسلمات، وألِّف بين قلوبِهم، وأصلِحْ ذاتَ بينهم، وانصُرْهم على عدوِّك وعدوِّهم، اللهمَّ الْعنَ كَفرةَ أهلِ الكتابِ الذين يُكذِّبونَ رُسلَك ويُقاتلون أَولياءَك، اللهمَّ خالِفْ بين كلمتِهم، وزَلْزِلْ أقدامَهم، وأَنْزِلْ بهم بأسَك الذي لا تَردُّه عن القومِ المجرمِينَ، بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، اللهمَّ إنَّا نَستعينُك ونَستغفِرُك، ونُثني عليكَ ولا نَكفُرك، ونَخْلَعُ ونَترُك مَن يَفْجُرك، بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، اللهمَّ إيَّاك نَعبُد، ولكَ نُصلِّي ونَسجُد، وإليك نَسعَى ونَحفِد، نَرجو رَحمتَك ونخافُ عذابَك؛ إنَّ عذابَك بالكفَّارِ مُلحِق)
    المسألةُ السادسة: رفْعُ اليدينِ في دُعاء القُنوتِ
    يُستحبُّ رفْعُ اليدينِ في دُعاءِ القنوتِ، وهذا مذهبُ الشافعيَّة على الصَّحيح، والحَنابِلَة، وروايةٌ عن أبي يُوسفَ، وبه قالتْ طائفةٌ من السَّلفِ، واختارَه ابنُ باز، وابنُ عُثَيمين، والألبانيُّ
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن عبدِ الرحمنِ بنِ سَمُرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كنتُ أَرْتمي بأَسهُمٍ لي بالمدينةِ في حياةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، إذ كسفَتِ الشمسُ فنبذتُها، فقلتُ: والله، لأنظرنَّ إلى ما حدَثَ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في كسوفِ الشَّمسِ، قال: فأتيتُه وهو قائمٌ في الصَّلاةِ، رافعًا يديه، فجَعَل يُسبِّحُ ويُهلِّلُ ويُكبِّر، ويدعو حتى حُسِرَ عنها، فلمَّا حُسِرَ عنها قرأَ سورتين، وصلَّى رَكعتينِ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ رفْعَ اليدينِ في الدُّعاءِ في الصَّلاةِ يدلُّ على مشروعيَّة رفْعِ اليدينِ في القنوتِ
    2- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه في قِصَّة القُرَّاء وقتْلهم، قال: ((لقد رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كلَّما صلَّى الغداةَ رفَعَ يَديهِ يَدْعو عليهم، يَعني: على الذين قَتلوهم))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ رفْع اليدينِ في الحديثِ وإنْ كانَ في قنوتِ النوازلِ إلَّا أنَّ قنوتَ الوترِ مِن جنسِ قنوتِ النوازلِ
    3- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أنَّه قال: ((إنَّ الله تعالى طيِّبٌ لا يَقبَلُ إلَّا طيِّبًا, وإنَّ اللهَ أمرَ المؤمنين بما أمَرَ به المرسلين، فقال سبحانه:  يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا [المؤمنون: 51] ، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ [البقرة: 172] ، ثم ذَكَر الرجلَ يُطيلُ السَّفر أشعثَ أغبرَ، يمدُّ يديه إلى السَّماء: يا ربِّ، يا ربِّ، ومطعمُه حرامٌ، ومَشرَبُه حرامٌ، ومَلبَسُه حرامٌ، وغُذِيَ بالحرامِ؛ فأنَّى يُستجابُ لذلك ؟!))
    4- عن سلمانَ الفارسيِّ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((إنَّ اللهَ حييٌّ كريم؛ يَستحيي إذا رفَعَ الرجُلُ إليه يَديهِ أن يَردَّهما صفرًا خائِبتَينِ ))
    وجه الدَّلالةِ من الحديثينِ:
    أنَّ قُنوتَ الوترِ دعاءٌ؛ فيَدخُلُ في عمومِ النصوصِ التي فيها استحبابُ رفْعِ اليدينِ عندَ الدُّعاءِ ما دام أنَّه لم يرِدْ فيه ما يدلُّ على منْعِ رفْعِ اليدينِ
    ثانيًا: أنَّ عددًا من الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم رفَعوا أيديَهم في القنوتِ
    فعن أبي رافعٍ مولى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: (صلَّيتُ خَلفَ عمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنهُ، فقَنَتَ بعدَ الرُّكوعِ، ورفعَ يَديهِ وجَهَرَ بالدُّعاءِ)
    المَسألةُ السابعة: مَسْحُ الوجهِ باليدينِ بعدَ الفراغِ من القنوتِ
    لا يُشرَعُ مَسْحُ الوجهِ باليدينِ بعدَ الفراغِ مِنَ الدُّعاءِ في القنوتِ، وهذا مذهبُ الشافعيَّة على الصَّحيحِ، ونصَّ عليه مالكٌ، وهو قولٌ للحنفيَّة، وروايةٌ عن أحمدَ، واختارَه الآجُريُّ، وابنُ تَيميَّة، وابنُ باز، وابنُ عُثَيمين
    وذلك للآتي:
    أولًا: أنَّه عملٌ لم يثبتْ فيه خبرٌ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
    ثانيًا: أنَّ النُّصوصَ الثابتةَ في رفْعِ الأيدي للدُّعاءِ كثيرةٌ جدًّا، ولم ترِدْ واقعةُ المسحِ في شيءٍ منها
    ثالثًا: أنَّه لم يثبُتْ عن أحدٍ من الصحابةِ مسْحُ الوجهِ باليدينِ بعدَ الدُّعاءِ، ويَبعُدُ انتشارُ سُنَّة بينهم ثُمَّ لا تُنقَلُ إلينا، لا سيَّما وهي من السُّننِ الظاهرة، وهذا يُقوِّي عدمَ المشروعيَّة
    رابعُا: أنَّه دعاءٌ في صلاةٍ؛ فلم يستحبَّ مَسْحُ وجهِه فيه كسائرِ الأدعيةِ في الصَّلاةِ
    المسألةُ الثامنة: الصَّلاةُ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعدَ القُنوتِ
    تُسنُّ الصَّلاةُ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعدَ الفراغِ من دُعاءِ القُنوت، وهو الصَّحيحُ من مذهبِ الشافعيَّةِ، ومذهبِ الحَنابِلَةِ، وقولٌ عندَ الحَنَفيَّة
    الأَدِلَّة مِن الآثار:
    1- أثَرُ أُبيِّ بن كَعبٍ كما في حديثِ عبد الرحمنِ بن عَبدٍ القاريِّ، قال: (...وكانوا يَلْعَنونَ الكَفرةَ في النِّصفِ: اللهمَّ قاتلِ الكفرةَ الذين يَصدُّونَ عن سَبيلِك، ويُكذِّبون رُسلَك، ولا يُؤمِنون بوعدِك، وخالِفْ بين كلمتِهم، وألْقِ في قلوبِهم الرُّعبَ، وألْقِ عليهم رِجزَك وعذابَك، إلهَ الحقِّ، ثم يُصلِّي على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويَدعو للمسلمين بما استطاعَ من خيرٍ، ثم يَستغفرُ للمؤمنين، قال: وكان يقولُ إذا فرغَ مِن لَعْنه الكفرةَ وصلاتِه على النبيِّ واستغفارِه للمؤمنينَ والمؤمناتِ ومسألتِه: اللهمَّ....)
    2- أَثَرُ مُعاذٍ الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّه كان يُصلِّي على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في القُنوتِ))
    المَسألةُ التاسعة: ما يُجتنبُ في دعاءِ القُنوتِ
    يَنبغي للإمامِ أن يجتنبَ في دُعاءِ القنوتِ عِدَّة أمورٍ؛ منها:
    - المُبالَغة في رفْعِ الصَّوتِ بالدُّعاء
    - رفْع الصَّوتِ بالبُكاء
    - تَكلُّف السَّجع
    - الإطالَة على الناسِ في دُعاءِ القُنوت
    الفرعُ الحادي عَشرَ: دُعاءُ خَتْمِ القرآنِ في الصَّلاةِ
    لا يُشرَعُ الدعاءُ عندَ ختْمِ القرآنِ في الصَّلاةِ، وهذا مذهبُ المالِكيَّة(( قال ابنُ الحاجِّ: (مِن المستخرجة عن ابن القاسم، قال: سُئِلَ مالك عن الذي يقرأ القرآنَ فيختِمُه ثم يدعو؟ قال: ما سمعتُ أنَّه يدعو عند خَتْمِ القرآن، وما هو من عملِ النَّاسِ).)) وهو قولٌ للحنفيَّة،(( قال ابن مازة البخاريُّ: (يُكرَهُ الدعاء عند ختْم القرآن في شَهرِ رمضانَ، وعند خَتْمِ القرآن بجماعةٍ؛ لأنَّ هذا لم يُنقَل عن النبيِّ عليه السلام وأصحابه؛ قال الفقيه أبو القاسم الصفار: لولا أنَّ أهل هذه البلدة قالوا: إنَّه يمنعنا من الدعاء، وإلَّا لَمَنَعْتهم عنه).)) واختاره الألبانيُّ(( قال الألبانيُّ: (ما لا شكَّ فيه أنَّ التزامَ دعاءٍ مُعَيَّن بعد ختْمِ القرآن من البِدَع التي لا تجوز))، وابنُ عُثيمين ((قال ابن عثيمين: (إنَّ دعاءَ ختْمِ القرآن في الصلاة لا شكَّ أنَّه غير مشروع؛ لأنَّه وإن ورد عن أنس ِبنِ مالك رضي الله عنه أنَّه كان يجمع أهلَه عند خَتْمِ القرآن ويدعو، فهذا خارِجَ الصلاة، وفرْقٌ بين ما يكون خارِجَ الصلاة وداخِلَها؛ فلهذا يمكن أن نقول: إنَّ الدعاءَ عند ختم القرآن في الصَّلاة لا أصلَ له، ولا ينبغي فِعلُه حتى يقومَ دليلٌ من الشَّرْعِ على أنَّ هذا مشروعٌ في الصَّلاة))
    وذلك لأنَّ دُعاءَ ختْم القرآنِ في الصَّلاةِ، من إمامٍ أو منفردٍ, قبلَ الركوعِ أو بعدَه, في "التراويح" أو غيرِها: لا يُعرَفُ ورودُ شيءٍ فيه أصلًا عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولا عن أحدٍ من صحابتِه مُسندًا، والقاعدةُ: أنَّ العباداتِ توقيفيَّةٌ لا تثبُتُ إلَّا بنَصٍّ
    الفرعُ الثاني عشرَ: ما يقال بعد الوتر

    يسنُّ أن يقولَ بعدَ السَّلام مِن الوترِ: سبحانَ الملكِ القدُّوس، سبحانَ الملكِ القدُّوس، سبحانَ الملكِ القدُّوس؛ ويَرْفَعُ صوتَه بالثَّالثة .
    الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:
    1- عن أبيِّ بن كعبٍ قال: كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا سلَّمَ منَ الوترِ قال: سبحانَ الملِكِ القدُّوس. ثلاثَ مرَّاتٍ. وفي رواية: يُطيلُ في آخرهنَّ
    2- عن عبد الرحمن بن أبزَى: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يقول إذا سلَّم: ((سُبحانَ المَلِكِ القُدُّوسِ)) ثلاثًا، ويَرْفَعُ صوتَه بالثَّالثة
    ---------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا  ... تابعونا جزاكم الله خيرا

    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    ثامنا : صَلاة التَّطوُّعِ .السُّنن الرَّواتب.قيام الليل .التراويح .الوتر . القنوت . دعاء القنوت Empty صلاةُ الضُّحى

    مُساهمة من طرف صادق النور الأحد أكتوبر 16, 2022 11:10 am


    تابع السُّنَنُ المؤقَّتَة

    صلاةُ الضُّحى

    الفرعُ الأوَّل: تعريفُ صلاةِ الضُّحى
    صلاةُ الضُّحَى: هي الصلاةُ المؤدَّاةُ في وقتِ الضُّحَى، وهو أوَّلُ النَّهارِ
    الفرعُ الثاني: حُكمُ صلاةِ الضُّحى
    صلاةُ الضُّحَى مُستحبَّةٌ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:
    1- عن أبي ذرٍّ رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أنَّه قال: ((يُصبِحُ على كلِّ سُلامَى من أحدِكم صَدقةٌ؛ فكلُّ تَحميدةٍ صدقةٌ، وكلُّ تهليلةٍ صدقةٌ، وأمْرٌ بالمعروفِ صَدقةٌ، ونهيٌ عن المنكَرِ صدقةٌ، ويُجزِئُ عن ذلك ركعتانِ يَركعُهما من الضُّحَى ))
    2- عن أبي الدَّرداءِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((أَوْصاني حبيبي بثلاثٍ لنْ أَدَعهنَّ ما عشتُ: بصيامِ ثلاثةِ أيَّامٍ من كلِّ شهرٍ، وصلاةِ الضُّحى، وأنْ لا أنامَ حتى أُوتِرَ ))
    3- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((أَوْصاني خليلي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بثلاثٍ: صيامِ ثلاثةِ أيَّامٍ من كلِّ شهرٍ، وركعتي الضُّحى، وأنْ أُوتِرَ قبل أن أرقُدَ ))
    4- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي الضحى أربعًا، ويَزيد ما شاءَ الله ))
    5- عن زيدِ بنِ أرقمَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّه رأى قومًا يُصلُّون من الضُّحى، فقال: أمَا لقدْ علِموا أنَّ الصلاةَ في غيرِ هذه الساعةِ أفضلُ؛ إنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((صلاةُ الأوَّابينَ حين تَرمَضُ الفِصَالُ ))
    الفَرعُ الثَّالِث: صلاةُ الإشراقِ
    صلاةُ الإشراقِ هي صلاةُ الضُّحَى في أوَّلِ وقتِها، وهذا اختيارُ الطِّيبيِّ، وابنِ حجرٍ الهيتميِّ، والرَّمليِّ، وابنِ باز، وابنِ عُثَيمين

    الفَرعُ الرَّابع: وقتُ صلاةِ الضُّحى
    وقتُ صلاةِ الضُّحى يبدأُ مِن ارتفاعِ الشَّمسِ قِيدَ رُمحٍ بعدَ طلوعِها إلى استواءِ الشَّمسِ قبلَ زوالِها؛ نصَّ على هذا الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والحَنابِلَة، وبه قال الشافعيَّةُ في أحد الوَجهينِ
    الدَّليلُ من السُّنَّة:
    عن عَمرِو بنِ عَبسةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((قدِم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المدينةَ، فقدِمْتُ المدينةَ، فدخلتُ عليه، فقلتُ: أخبِرْني عن الصلاةِ، فقال: صلِّ صلاةَ الصُّبحِ، ثم أَقصِرْ عن الصَّلاةِ حين تطلُعُ الشمسُ حتى ترتفعَ؛ فإنَّها تطلُع حين تطلُع بين قرنَي شيطانٍ، وحينئذٍ يَسجُد لها الكفَّارُ، ثم صلِّ؛ فإنَّ الصلاةَ مشهودةٌ محضورةٌ، حتى يستقلَّ الظلُّ بالرُّمح ))
    الفرعُ الخامسُ: أفضلُ وقتٍ لصلاةِ الضُّحى
    الأفضلُ فِعلُ صلاةِ الضُّحى إذا علَتِ الشمسُ، واشتدَّ حرُّها، وهذا مذهبُ الجمهور: الحَنَفيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن زيدِ بنِ أرقمَ أنَّه رأى قومًا يُصلُّون من الضُّحى في مسجدِ قُباءٍ، فقال: أمَا لقَدْ علِموا أنَّ الصلاةَ في غيرِ هذه الساعةِ أفضلُ، قال: ((خرَجَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على أهلِ قُباءٍ، وهم يُصلُّونَ الضُّحى، فقال: صلاةُ الأوَّابِين إذا رَمِضَتِ الفصالُ من الضُّحَى))
    الفرعُ السَّادس: عددُ ركَعاتِ صلاةِ الضُّحى
    المسألة الأولى: أقلُّ ركَعاتِ صلاةِ الضُّحَى
    أقلُّ صلاةِ الضُّحى ركعتانِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((أَوْصاني خليلي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بثلاثٍ: صيامِ ثلاثةِ أيَّامٍ من كلِّ شهرٍ، وركعتي الضُّحى، وأنْ أُوتِرَ قبل أنْ أنامَ ))
    2- عن أبي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((يُصبِحُ على كلِّ سُلامَى من أحدِكم صدقةٌ؛ فكلُّ تسبيحةٍ صدقةٌ، وكلُّ تحميدةٍ صدقةٌ، وكلُّ تهليلةٍ صدقةٌ، وكلُّ تكبيرةٍ صدقةٌ، وأمرٌ بالمعروفِ صدقةٌ، ونهيٌ عن المنكَر صدقةٌ، ويُجزئ من ذلك رَكعتانِ يركعُهما من الضُّحى ))
    ثانيًا: أنَّه لم يُنقَلْ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلَّاها دون الركعتينِ
    ثالثًا: أنَّ الركعتينِ أقلُّ ما يُشرَعُ في الصلواتِ غيرَ الوترِ؛ فلا يسنُّ للإنسانِ أن يتطوَّعَ بركعةٍ، ولا يُشرعُ له ذلك إلَّا في الوترِ
    المسألةُ الثَّانية: أكثرُ ركَعاتِ صلاةِ الضُّحَى
    اختَلَف أهلُ العلمِ في أكثرِ صلاةِ الضُّحى على أقوالٍ، أقواها قولان:
    القول الأوّل: أنَّ أكثرَ صلاةِ الضَّحى ثماني ركَعاتٍ، وهذا مذهبُ الجمهور: المالِكيَّة، والشافعيَّة على المعتمَد، والحَنابِلَة
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    حديثُ أمِّ هانئ: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عامَ الفتحِ صلَّى ثمانَ ركعاتٍ سُبحةَ الضُّحى ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ هذا أكثر ما ورد مِن فِعْلِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، والأصلُ في العبادَةِ التوقُّفُ
    القول الثاني: أنَّه لا حدَّ لأكثرِ صلاةِ الضُّحى، واختارَه ابنُ جريرٍ الطبريُّ، وابنُ باز، وابنُ عُثيمين
    الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:
    1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي الضُّحى أربعًا، ويَزيد ما شاءَ اللهُ ))
    2- عن عَمرِو بنِ عَبسةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((قدِم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المدينة، فقدمتُ المدينةَ، فدخلتُ عليه، فقلتُ: أخبِرْني عن الصلاةِ، فقال: صلِّ صلاةَ الصُّبحِ، ثم أَقصِرْ عن الصَّلاةِ حين تطلُعُ الشمسُ حتى ترتفعَ؛ فإنَّها تطلُع حين تطلُع بين قرنَي شيطان، وحينئذٍ يَسجُد لها الكفَّارُ، ثم صلِّ؛ فإنَّ الصلاةَ مشهودةٌ محضورةٌ، حتى يستقلَّ الظلُّ بالرُّمح ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    في الحديثِ أنَّ صلاةَ الضُّحى لا حدَّ لأكثرِها؛ لأنَّه قال: ((ثمَّ صلِّ))، ولم يذكُرْ عددًا
    المَطلَبُ الخامس: صلاةُ التَّسْبيحِ (التَّسابيح)

    لا تُشرَعُ صلاةُ التسبيحِ، وهو مذهبُ الحَنابِلَةِ، وقولٌ للحنفيَّة، وهو اختيارُ ابنِ العربيِّ، وابنِ تَيميَّة، وابنِ حجرٍ العسقلانيِّ، والشوكانيِّ، وابنِ باز، وابنِ عُثَيمين
    وذلك للآتي:
    أولًا: أنَّه لم يثبُتْ في صلاةِ التَّسبيحِ حديثٌ، والأصل في الصلاةِ الحظرُ إلَّا ما قامَ عليها دليلٌ صحيحٌ.
    ثانيًا: أنَّ في صلاةِ التسبيحِ تغييرًا لنَظمِ الصلاةِ المعروفِ، بما يُخالِفُ الصلاةَ المرفوعةَ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
    ثالثًا: أنَّه بتأمُّل ما ترتَّبَ عليها من الثَّوابِ يَتبيَّن أنَّه شاذٌّ؛ لمخالفتِه لصفاتِ الصَّلاةِ المعهودةِ في الشَّرعِ؛ ولأنَّ الثوابَ مُرتَّبٌ على فِعلها في الأسبوعِ، أو في الشهرِ، أو في السَّنَة، أو في العُمر، وهو غريبٌ في جزاءِ الأعمالِ؛ أن يتَّفقَ الثوابُ مع تبايُن الأعمالِ هذا التبايُنَ
    رابعًا: أنَّه لو كانتْ هذه الصلاة مشروعةً لنُقلت للأمَّة نقلًا لا ريبَ فيه، واشتهرتْ بينهم؛ لعظمِ فائدتِها، ولخروجِها عن جِنس العباداتِ
    ----------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا تابعونا جزاكم الله خيرا

    و لا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع


      الوقت/التاريخ الآن هو السبت نوفمبر 23, 2024 11:11 am