آل راشد



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

آل راشد

آل راشد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
آل راشد

ثقافى-اجتماعى

*** - اللَّهُمَّ اَنَكَ عَفْوٍ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعِفُو عَنَّا - *** - اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك . *** - اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ الْمَوْتِ وَ ارْزُقْنَا حُسْنَ الْخَاتِمَةِ . *** -

إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا شَابَتْ عَبِيدَهُمْ.. .. فِي رِقِّهِمْ عَتَقُوهُمْ عِتْقَ أَبْرَارٍ .. .. وَأَنْتَ يَا خَالِقِيُّ أوْلَى بِذَا كَرَمًا.. .. قَدْ شُبْتُ فِي الرِّقِّ فَأَعْتَقَنِي مِنَ النَّارِ .

المواضيع الأخيرة

» كتاب الترجيح في مسائل الطهارة والصلاة
تاسعاً : . المُزدَلِفةَ .  أسماءُ مُزدَلِفةَ . المَبيتِ بالمُزْدَلفة .رَميِ الجِمارِ .  زَمَنُ الرَّمْيِ . ذبحُ الهَدْي  .                                                                                                                                      Ooou110أمس في 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد

» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
تاسعاً : . المُزدَلِفةَ .  أسماءُ مُزدَلِفةَ . المَبيتِ بالمُزْدَلفة .رَميِ الجِمارِ .  زَمَنُ الرَّمْيِ . ذبحُ الهَدْي  .                                                                                                                                      Ooou110أمس في 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد

» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
تاسعاً : . المُزدَلِفةَ .  أسماءُ مُزدَلِفةَ . المَبيتِ بالمُزْدَلفة .رَميِ الجِمارِ .  زَمَنُ الرَّمْيِ . ذبحُ الهَدْي  .                                                                                                                                      Ooou110الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد

» العبادة وأركانها
تاسعاً : . المُزدَلِفةَ .  أسماءُ مُزدَلِفةَ . المَبيتِ بالمُزْدَلفة .رَميِ الجِمارِ .  زَمَنُ الرَّمْيِ . ذبحُ الهَدْي  .                                                                                                                                      Ooou110الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد

» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
تاسعاً : . المُزدَلِفةَ .  أسماءُ مُزدَلِفةَ . المَبيتِ بالمُزْدَلفة .رَميِ الجِمارِ .  زَمَنُ الرَّمْيِ . ذبحُ الهَدْي  .                                                                                                                                      Ooou110الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد

» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
تاسعاً : . المُزدَلِفةَ .  أسماءُ مُزدَلِفةَ . المَبيتِ بالمُزْدَلفة .رَميِ الجِمارِ .  زَمَنُ الرَّمْيِ . ذبحُ الهَدْي  .                                                                                                                                      Ooou110الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور

» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
تاسعاً : . المُزدَلِفةَ .  أسماءُ مُزدَلِفةَ . المَبيتِ بالمُزْدَلفة .رَميِ الجِمارِ .  زَمَنُ الرَّمْيِ . ذبحُ الهَدْي  .                                                                                                                                      Ooou110الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد

» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
تاسعاً : . المُزدَلِفةَ .  أسماءُ مُزدَلِفةَ . المَبيتِ بالمُزْدَلفة .رَميِ الجِمارِ .  زَمَنُ الرَّمْيِ . ذبحُ الهَدْي  .                                                                                                                                      Ooou110السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد

» هيئات السجود المسنونة
تاسعاً : . المُزدَلِفةَ .  أسماءُ مُزدَلِفةَ . المَبيتِ بالمُزْدَلفة .رَميِ الجِمارِ .  زَمَنُ الرَّمْيِ . ذبحُ الهَدْي  .                                                                                                                                      Ooou110الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد

» (( - 2 -)) خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
تاسعاً : . المُزدَلِفةَ .  أسماءُ مُزدَلِفةَ . المَبيتِ بالمُزْدَلفة .رَميِ الجِمارِ .  زَمَنُ الرَّمْيِ . ذبحُ الهَدْي  .                                                                                                                                      Ooou110الأربعاء نوفمبر 13, 2024 11:28 pm من طرف صادق النور

اهلا بكم

الثلاثاء نوفمبر 08, 2011 2:32 am من طرف mohamed yousef

تاسعاً : . المُزدَلِفةَ .  أسماءُ مُزدَلِفةَ . المَبيتِ بالمُزْدَلفة .رَميِ الجِمارِ .  زَمَنُ الرَّمْيِ . ذبحُ الهَدْي  .                                                                                                                                      Ooousu10

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 76 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 76 زائر :: 3 عناكب الفهرسة في محركات البحث

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الأربعاء سبتمبر 15, 2021 4:26 am

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 10128 مساهمة في هذا المنتدى في 3405 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 311 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو Pathways فمرحباً به.

دخول

لقد نسيت كلمة السر

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع


2 مشترك

    تاسعاً : . المُزدَلِفةَ . أسماءُ مُزدَلِفةَ . المَبيتِ بالمُزْدَلفة .رَميِ الجِمارِ . زَمَنُ الرَّمْيِ . ذبحُ الهَدْي .

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    تاسعاً : . المُزدَلِفةَ .  أسماءُ مُزدَلِفةَ . المَبيتِ بالمُزْدَلفة .رَميِ الجِمارِ .  زَمَنُ الرَّمْيِ . ذبحُ الهَدْي  .                                                                                                                                      Empty تاسعاً : . المُزدَلِفةَ . أسماءُ مُزدَلِفةَ . المَبيتِ بالمُزْدَلفة .رَميِ الجِمارِ . زَمَنُ الرَّمْيِ . ذبحُ الهَدْي .

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين مايو 22, 2023 10:22 am

    نتابع أحبابنا رحلتنا المباركه لمناسك الحج والعمره ولتمام الفائده نرجوا المتابعه من الجزء ألأول وجزاكم الله خيرا
    *****
    *** أسماءُ مُزدَلِفةَ ***

    1- مُزْدَلِفةُ:
    يقال: زَلَفَ إليه، وازدَلَف، وتَزَلَّف؛ أي: دنا منه، وأزْلَفَ الشيءَ: قَرَّبَه، ومُزْدَلِفةُ، والمُزْدَلِفة: موضع بمكَّةَ
    سببُ التَّسْمِيَةِ بمُزْدَلِفة:
    أ- لأنَّهم يَقْرُبونَ فيها مِن مِنًى، والازدلافُ التَّقريبُ، ومنه قوله تعالى: وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ [الشعراء: 90] أي قُرِّبَتْ
    ب- لأنَّ النَّاس يجتمعونَ بها، والاجتماعُ الازدلافُ، ومنه قوله تعالى: وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ [الشعراء: 64]
    2-
    المَشْعَرُ الحرامُ:
    سَمَّى اللهُ المُزْدَلِفةَ بالمشعَرِ الحرامِ؛ قال تعالى: فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ
    وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ [البقرة: 198]
    والمَشعرُ الحرامُ المذكورُ في القرآنِ: هو جميعُ المزدَلِفةِ، وبه قال جمهورُ المُفَسِّرين وأصحابُ الحديثِ والسِّيَر
    3- جَمْعٌ:
    أطلَقَ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على مُزْدَلِفةَ (جَمْع) فقال: ((ووقَفْتُ ها هنا وجَمْعٌ كُلُّها موقِفٌ ))
    سببُ التَّسميةِ بـ (جَمْع):
    سُمِّيَت جمْعًا؛ لأنَّها يُجمَع فيها بين الصَّلاتينِ، وقيل: وُصِفَتْ بفِعْلِ أهلها؛ لأنَّهم يجتمعونَ بها ويَزْدَلِفونَ إلى اللهِ؛ أي: يتقرَّبونَ إليه
    بالوقوفِ

    *** حدُّ المُزدلِفةِ ***
    حدُّ المزدلِفَةِ: ما بينَ المَأْزِمَينِ
    ووادي مُحَسِّر، وليس الحدَّانِ منها، ويحصُلُ المبيتُ بالمُزدلفةِ بالحضورِ في أيَّةِ بُقعةٍ منها
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((نَحَرْتُ ها هنا، ومِنًى كلُّها مَنْحَرٌ، فانْحَروا في رِحالِكم، ووقَفْتُ ها هنا، وعَرَفةُ كُلُّها موقِفٌ، ووقفْتُ ها هنا، وجَمْعٌ كلُّها موقِفٌ ))
    ثانيًا: أنَّ كُلَّ ما بين المَأزِمَينِ ووادي مُحَسِّرٍ يَصْدُقُ عليه اسمُ مُزْدَلِفةَ

    *** حُكْمُ المَبيتِ بالمُزْدَلفة***

    المبيتُ بالمُزْدَلِفة
    واجبٌ مِن واجباتِ الحَجِّ، وهذا مذهب الجمهور، المالِكيَّة، والشَّافعيَّة في الأصَحِّ والحَنابِلة وهو قَوْلُ طائِفةٍ مِنَ السَّلَفِ
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    قَولُه تعالى: فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ [البقرة: 199]
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    الأصلُ في الأَمْرِ الوجوبُ حتَّى يقومَ دليلٌ على صَرْفِه عن الوجوبِ
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- عن عُرْوةَ بنِ مُضَرِّسِ بنِ أوسِ بنِ حارثةَ بنِ لامٍ الطَّائيِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((أتيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالمُزْدَلِفةِ حين خرج إلى الصَّلاةِ، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنِّي جِئْتُ مِن جَبَلِ طَيِّئٍ، أكْلَلْتُ راحلتي، وأتعبْتُ نفسي، واللهِ، ما تَرَكْتُ مِنْ حَبْلٍ إلَّا وقفْتُ عليه، فهل لي مِن حَجٍّ؟ فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مَن شَهِدَ صلاتَنا هذه ووقَفَ معنا حتى ندفَعَ، وقد وقَفَ بعَرَفة قبلُ ليلًا أو نهارًا؛ فقد أتمَّ حَجَّه وقضى تَفَثَه ))
    2- حديث جابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((حتى أتى المُزْدَلِفة، فصلَّى بها المغرِبَ والعِشاءَ بأذانٍ واحدٍ وإقامَتينِ، ولم يُسَبِّحْ بينهما شيئًا، ثم اضطجَعَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتى طَلَعَ الفجرُ، وصلَّى الفجرَ حين تبيَّنَ له الصُّبْحُ بأذانٍ وإقامةٍ، ثم ركِبَ القصواءَ حتى أتى المشعَرَ الحرامَ... ))

    حُكْمُ مَن فاتَه المبيتُ الواجِبُ في مُزْدَلِفةَ
    مَن فاتَه المبيتُ الواجِبُ بالمُزْدَلِفةِ صَحَّ حَجُّه، وعليه دمٌ إلَّا إن ترَكَه لعُذْرٍ
    فلا شيءَ عليه، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة
    الدَّليلُ على وجوبِ الدَّمِ:
    عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّه قال: ((مَن نَسِيَ مِن نُسُكِه شيئًا، أو تَرَكَه؛ فلْيُهْرِقْ دمًا))
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ مِثْلَه لا يُقالُ بالرأيِ؛ فله حُكْمُ الرَّفعِ، ولا مُخالِفَ له مِنَ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم، وعليه انعَقَدَتْ فتاوى التَّابعينَ، وعامَّةِ الأُمَّة
    الأدِلَّةُ على سُقُوطِ الدَّمِ عَمَّن تَرَكَ المبيتَ بالمُزْدَلِفةِ لعُذْرٍ:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رخَّصَ للرُّعاةِ في تَرْكِ المبيتِ؛ لحديثِ عاصم بن عَدِيٍّ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أرْخَصَ لِرِعاءِ الإبِلِ في البَيْتوتَةِ خارجينَ عَن مِنًى ))
    2- أنَّ العبَّاسَ بنَ عبدِ المطَّلِبِ استأذَنَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يبيتَ بمكَّةَ لياليَ مِنًى؛ مِن أجْلِ سِقايَتِه، فأذِنَ له
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه يُقاسُ مُزْدَلِفةُ على مِنًى
    ثانيًا: أنَّها ليلةٌ يُرمَى في غَدِها، فكان لهم تَرْكُ المبيتِ فيها، كليالي مِنًى

    صلاتا المَغْرِبِ والعشاءِ في المُزْدَلِفةِ
    : الجمْعُ بين صلاتَيِ المغْرِبِ والعشاءِ في المُزْدَلِفةِ
    يُسَنُّ للحاجِّ أن يجمَعَ في مُزْدَلِفةَ بين صلاتَيِ المغرِبِ والعشاءِ جَمْعَ تأخيرٍ
    ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: المالِكيَّة في المشهورِ، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة، وبه قال أبو يوسفَ مِنَ الحَنَفيَّة، وهو قَوْلُ طائِفةٍ مِنَ السَّلَفِ،
    وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
    الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ:
    1- عن ابنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((جمَعَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بين المغرِبِ والعِشاءِ بجَمْعٍ كلَّ واحدةٍ منهما بإقامةٍ،
    ولم يُسَبِّحْ بينهما، ولا على إِثْرِ كلِّ واحدةٍ منهما ))
    2- عن أبي أيُّوبَ الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جمَعَ في حجَّةِ الوداعِ المغربَ والعِشاءَ بالمُزْدَلِفة
    3- عن كُرَيبٍ عن أسامةَ بنِ زيدٍ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّه سَمِعَه يقول: ((دفَعَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من عَرَفة، فنزل الشِّعْبَ، فبال ثمَّ توضَّأَ ولم يُسْبِغِ الوضوءَ، فقلتُ له: الصَّلاةَ؟ فقال (الصَّلاةُ أمامَك). فجاء المُزْدَلِفةَ فتوضَّأَ فأسبَغَ، ثم أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فصَلَّى المغرِبَ، ثمَّ أناخ كلُّ إنسانٍ بَعيرَه في منزِلِه، ثم أقيمَتِ الصَّلاةُ فصَلَّى، ولم يُصَلِّ بينهما

    : الجمعُ بين المغرِبِ والعشاءِ بأذانٍ واحدٍ وإقامَتينِ
    يُجمَعُ بين المغرِبِ والعِشاءِ بأذانٍ واحدٍ وإقامتينِ، وهذا مذهَبُ الشَّافعيَّة، والحَنابِلة، وبه قال زُفَرُ والطحاويُّ مِنَ الحَنَفيَّة، وعبدُ الملِك ابنُ الماجِشون مِنَ المالِكيَّة، واختاره ابنُ المُنْذِر، وابْنُ حَزْمٍ، وابنُ القَيِّم، والشوكانيُّ، والشنقيطيُّ، وابنُ باز، وابنُ عُثيمين
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أتى المُزْدَلِفةَ، فصلَّى بها المَغْرِبَ والعِشاءَ بأذانٍ واحدٍ وإقامتينِ،
    ولم يُسَبِّحْ بينهما شيئًا، ثم اضطجَعَ حتى طلَعَ الفجرُ، وصلَّى الفجْرَ ))
    2- عن أسامَةَ بنِ زيدٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((دفَعَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنْ عَرَفةَ حتى إذا كان بالشِّعْبِ نزل فبال،
    ثم توضَّأَ ولم يسبغ الوضوء، فقلت له: الصَّلاةَ يا رسولَ اللهِ، فقال: الصَّلاةُ أمامك. فرَكِبَ، فلما جاء المُزْدَلِفةَ نزل، فتوضَّأَ فأسبَغَ الوضوءَ، ثم أقيمَتِ العشاء فصلَّى المغرِبَ، ثم أناخ كلُّ إنسانٍ بعيرَه في مَنْزِلِه، ثم أقيمَتِ الصَّلاةُ فصَلَّى، ولم يُصَلِّ بينهما
    ثانيًا: الاعتبارُ بالجمعِ بعَرَفة
    : صلاةُ الفَجْرِ في مُزْدَلِفةَ تُصَلَّى في أوَّلِ وَقْتِها
    يُشْرَعُ للحاجِّ بعد بياتِه بمُزْدَلِفةَ أن يُصَلِّيَ صلاةَ الفَجْرِ في أوَّلِ وَقتِها، ويأتي المشعَرَ الحرامَ (جَبَلَ قُزَحَ) ويقف عنده فيدعو اللهَ سبحانه وتعالى، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- فِعْلُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كما في حديث جابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، وفيه: ((حتَّى أتى المُزْدَلِفةَ فصَلَّى بها المَغْرِبَ والعِشاءَ بأذانٍ واحدٍ وإقامتينِ، ولم يُسَبِّحْ بينهما شيئًا، ثم اضطجَعَ حتى طلَعَ الفَجْرُ، وصلَّى الفَجْرَ حين تَبَيَّنَ له الصبحُ، بأذانٍ وإقامةٍ، ثم رَكِبَ حتى أتى المشعَرَ الحرامَ، فاستقبَلَ القبلةَ، فدعا اللهَ تعالى وكبَّرَه وهلَّلَه، فلم يَزَلْ واقفًا حتى أسفَرَ جِدًّا، فدفع قبل أن تطلُعَ الشَّمْسُ ))
    2- عن ابنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال ((ما رأيتُ رسولَ الله صلي الله عليه وسلم صلَّى صلاةً إلَّا لميقاتِها إلَّا صلاتين: صلاة المَغْرِبَ والعِشاءَ بجَمْعٍ، وصلى الفجرِ يومئذٍ قبلَ ميقاتِها ))
    ثانيًا: أنَّه يُستَحَبُّ الدُّعاءُ بعدها، فاستُحِبَّ تقديمُها؛ ليَكْثُرَ الدُّعاءُ
    ثالثًا: ليتَّسِعَ الوقتُ لوظائِفِ هذا اليومِ مِنَ المناسِكِ؛ فإنَّها كثيرةٌ في هذا اليومِ، فليس في أيَّامِ الحجِّ أكثَرُ عملًا منه
    *** الدَّفْعُ من مُزْدَلِفةَ ***
    : الدَّفْعُ من مُزْدَلِفةَ قبلَ طُلوعِ الشَّمْسِ
    يُستحَبُّ أن يدفَعَ الحاجُّ من مُزْدَلِفةَ قبلَ طُلوعِ الشَّمسِ.
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- فِعْلُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كما في حديث جابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، وفيه: ((حتَّى أتى المُزْدَلِفةَ فصَلَّى بها المَغْرِبَ والعِشاءَ بأذانٍ واحدٍ وإقامتينِ، ولم يُسَبِّحْ بينهما شيئًا، ثم اضطجَعَ حتى طلَعَ الفَجْرُ، وصلَّى الفَجْرَ حين تَبَيَّنَ له الصبحُ، بأذانٍ وإقامةٍ، ثم رَكِبَ حتى أتى المشعَرَ الحرامَ، فاستقبَلَ القبلةَ، فدعا اللهَ تعالى وكبَّرَه وهلَّلَه، فلم يَزَلْ واقفًا حتى أسفَرَ جِدًّا، فدفع قبل أن تطلُعَ الشَّمْسُ ))

    2- عن أبي إسحاقَ قال: سَمِعْتُ عمرَو بنَ ميمونَ يقول: شهِدْتُ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عنه، صلَّى بجَمْعٍ الصُّبحَ، ثم وقَفَ فقال: إنَّ المشركينَ كانوا لا يُفيضونَ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمسُ، ويقولون: أشْرِقْ ثَبِيرُ، وأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خالَفَهم، ثم أفاضَ قبل أن تطلُعَ
    الشَّمسُ
    ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ عَبْدِ البَرِّ، وابنُ قُدامة
    : تقديمُ النِّساءِ والضَّعَفةِ مِن مُزْدَلِفةَ إلى مِنًى
    لا بأسَ بتقديمِ الضَّعَفةِ والنِّساءِ قبل طُلُوعِ الفَجْرِ وبعد نِصْفِ اللَّيلِ، وهو مذهَبُ الشَّافعيَّة، والحَنابِلة، وهو قَوْلُ طائِفةٍ مِنَ السَّلَفِ،
    واختاره ابنُ عُثيمين
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- حديثُ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((استأذَنَتْ سَودةُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ليلةَ المُزْدَلِفة تدفَعُ قبله وقَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ، وكانت امرأةً ثَبِطةً فأذِنَ لها))
    2- عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((أنا ممَّنْ قَدَّمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ليلةَ المُزْدَلِفةِ في ضَعَفةِ أهلِه ))
    3- عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّه كان يُقَدِّمُ ضَعَفةَ أهْلِه، فيقفونَ عند المشعَرِ الحرامِ بالمُزْدَلِفة بليلٍ، فيذكرونَ اللهَ ما بدا لهم،
    ثم يرجِعونَ قبل أن يقِفَ الإمامُ وقبل أن يدفَعَ، فمِنهم مَن يَقْدَمُ مِنًى لصلاةِ الفَجرِ، ومنهم من يَقْدَمُ بعد ذلك، فإذا قَدِموا رموا الجَمْرةَ، وكان ابنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما يقول: ((أرْخَصَ في أولئك رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ))
    4- عن عبدِ الله مولى أسماءَ رَضِيَ اللهُ عنها ((أنَّها نزلَتْ ليلةَ جمعٍ عند المُزْدَلِفةِ، فقامت تصَلِّي، فصَلَّتْ ساعةً، ثم قالت: يا بُنَيَّ، هل غاب القمَرُ؟ قلتُ: لا. فصَلَّتْ ساعةً، ثم قالت: يا بُنَيَّ، هل غاب القمَرُ؟ قلتُ: نعم. قالتْ: فارتَحِلوا. فارتَحَلْنا فمَضَيْنا حتى رَمَتِ الجَمْرةَ، ثم رجعَتْ فصَلَّتِ الصُّبحَ في مَنْزِلها، فقُلْتُ لها: ما أُرانا إلَّا قد غَلَّسْنَا. قالت: يا بُنيَّ، إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أذِنَ لِلظُّعُنِ ))
    5- عن أمِّ حبيبةَ رَضِيَ اللهُ عنها ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعثَ بها مِن جَمْعٍ بليلٍ ))
    ثانيًا: أنَّ فيه رِفقًا بهم، ودفعًا لمشقَّةِ الزِّحامِ عنهم، واقتداءً بفِعْلِ نَبِيِّهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
    ا: الإسراعُ في وادي مُحَسِّر
    يُشرَعُ الإسراعُ في وادي مُحَسِّر، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة، وبه عَمِلَ طائفةٌ مِنَ
    السَّلَفِ
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((أفاض رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعليه السَّكينةُ، وأمَرَهم بالسَّكينةِ، وأَوْضَعَ في وادي مُحَسِّرٍ... ))
    ثانيًا: مِنَ الآثارِ
    1- عنِ الْمِسْوَرِ بنِ مَخْرَمةَ: (أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه كَانَ يُوضِعُ وَيَقُولُ:
    إلَيْك تَعْدُو قَلِقًا وَضِينُهَا مُخَالِفًا دِينَ النَّصَارَى دِينُهَا)
    2- عن نافعٍ: (أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما كان يُحَرِّكُ راحِلَتَه في بطنِ مُحَسِّرٍ قَدْرَ رَميةٍ بحَجَرٍ)
    ------------------

    تعريفُ رَميِ الجِمارِ
    الجِمارُ لغةً: جَمعُ جَمْرةٍ، وهي الأحجارُ الصِّغارُ، وتُطلَقُ على المواضِعِ التي يُرمى فيها حَصَياتُ الجِمارِ في مِنًى، إمَّا لأنَّها تُرمَى بالجِمارِ، وإمَّا لأنَّها مَجْمَعُ الحصى التي يُرمَى بها، وإمَّا لاجتماعِ الحَجيجِ عِندَها
    رميُ الجِمارِ شرعًا: القَذْفُ بالحصى في زمانٍ مخصوصٍ، ومكانٍ مخصوصٍ، وعددٍ مخصوصٍ

    أنواعُ الجَمَراتِ
    الجَمَراتُ التي تُرمَى ثلاثةٌ، وهي:
    الجَمْرةُ الأُولى: وتُسمَّى الصُّغرى، أو الدُّنيا، وهي أوَّلُ جَمْرةٍ بعد مسجدِ الخِيفِ بمِنًى،
    سُمِّيَتْ "دنيا" مِنَ الدُّنُوِّ؛ لأنَّها أقرَبُ الجَمَراتِ إلى مسجِدِ الخِيفِ.
    الجَمْرة الثَّانيَة: وتُسَمَّى الوُسطى، بعد الجَمْرةِ الأُولى، وقبلَ جَمْرةِ العَقَبةِ.
    جَمْرة العَقَبةِ: وتُسمَّى أيضًا (الجَمْرةَ الكُبرى) وتقع في آخِرِ مِنًى تجاهَ مكَّةَ، وليست من مِنًى

    حِكْمةُ الرَّميِ
    أوَّلًا: إقامةُ ذِكرِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ:
    حِكمةُ الرَّميِ في الجملةِ هي طاعةُ اللهِ فيما أمَرَ به، وذِكْرُه بامتثالِ أمْرِه على لسانِ نَبِيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم

    قال الله تعالى: وَاذْكُرُواْ اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ [البقرة: 203] ويدخُلُ في الذِّكْرِ المأمورِ به: رمْيُ الجِمارِ؛ بدليلِ قَولِه بعدَه: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ [البقرة: 203] ، فإنَّ ذلك يدلُّ على أنَّ الرميَ شُرِعَ لإقامةِ ذِكرِ اللهِ
    ثانيًا: الاقتداءُ بإبراهيمَ في عداوةِ الشَّيطانِ ورَمْيِه وعَدَمِ الانقيادِ له:
    عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما مرفوعًا، قال: ((لَمَّا أتى إبراهيمُ خليلُ اللهِ عليه السَّلامُ المناسِكَ، عَرضَ له الشَّيطانُ عند جَمْرةِ العَقَبةِ، فرماه بسَبْعِ حَصَياتٍ، حتى ساخَ في الأرضِ، ثم عَرَضَ له عند الجَمْرة الثَّانيَة، فرماه بسبْعِ حَصَياتٍ، حتى ساخ في الأرضِ، ثم عَرَضَ له في الجَمْرة الثَّالثةِ، فرماه بسَبْعِ حَصَياتٍ حتى ساخَ في الأرض. قال ابنُ عبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما: الشَّيطانَ تَرْجمونَ، ومِلَّةَ أبيكم تَتَّبِعونَ ))

    حُكْمُ رَمْيِ الجِمارِ
    رَمْيُ الجِمارِ واجبٌ في الحَجِّ.
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما في حديثِه الطَّويلِ في صِفَةِ حَجَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أتى الجَمْرةَ التي عند الشَّجَرةِ، فرماها بسَبْعِ حَصَياتٍ- يُكَبِّرُ مع كلِّ حصاةٍ منها- مِثْلَ حَصَى الخَذْفِ، رمى مِن بَطْنِ الوادي ))
    وَجْهُ الدَّلالةِ:

    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثبت عنه في هذا الحديثِ وفي أحاديثَ كثيرةٍ أنَّه رمى الجَمْرة، والأصلُ في أفعالِه في الحجِّ الوُجوبُ؛ لأنَّ أفعالَه فيها وَقَعَت بيانًا لمُجْمَلِ الكتابِ، ولِقَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لِتَأخُذوا مَناسِكَكم ))
    2- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقف في حجَّةِ الوداعِ فجعلوا يسألونَه، فقال رجلٌ: لم أشْعُرْ فحَلَقْتُ قبل أن أذبَحَ؟ قال: اذبَحْ ولا حَرَجَ، فجاء آخَرُ، فقال: لم أشعُرْ فنَحَرْتُ قبل أن أرْمِيَ؟
    قال: ارْمِ ولا حَرَجَ ))
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه أَمَر بالرَّمْيِ، وظاهِرُ الأمْرِ يقتضي الوجوبَ
    ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على وجوبِ الرَّميِ: الكاسانيُّ، والنوويُّ، وابنُ تيميَّة، والشنقيطيُّ
    شروطُ الرَّميِ
    المطلب الأوَّل: أن يكون المَرْمِيُّ به حَجَرًا:
    يُشْتَرَطُ أن يكون المرمِيُّ به حَجَرًا؛ ويُجْزِئُ الرَّمْيُ بكلِّ ما يُسمَّى حَصًى
    ، وهي الحجارةُ الصِّغارُ، ولا يصِحُّ الرميُ بالطِّينِ، والمعادِن، والترابِ، وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ: المالِكيَّة, والشَّافعيَّة، والحَنابِلة
    الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ:
    1- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه؛ يصِفُ رميَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جَمْرةَ العَقَبةِ، قال: ((فرمَاها بسَبْعِ حَصَياتٍ- يُكَبِّرُ مع كلِّ حصاةٍ منها- مثلَ حَصَى الخَذْفِ ))
    2- عن الفَضْلِ بنِ عبَّاسٍ، ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال في غَداةِ جَمْعٍ- يعني يومَ النَّحرِ- عليكم بحَصْى الخَذْفِ الذي يُرمَى به الجَمْرة ))
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رمى بالحَصَى، وأمَرَ بالرَّمْيِ بمِثْلِ حَصى الخَذْفِ، فلا يتناوَلُ غيرَ الحصى، ويتناولُ جميعَ أنواعِه،
    فلا يجوزُ تَخصيصٌ بغيرِ دليلٍ، ولا إلحاقُ غَيرِه به
    المطلب الثَّاني: العَدَدُ المَخصوصُ:
    الفرع الأوَّل: عددُ الحَصَياتِ
    عَدَدُ الحَصَياتِ لكُلِّ جَمْرةٍ سَبْعةٌ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة
    الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ:
    1- حديثُ جابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، وفيه: ((ثمَّ سَلَكَ الطَّريقَ الوُسْطى التي تَخْرُجُ على الجَمْرةِ الكُبْرى، حتى أتى الجَمْرةَ التي عند الشَّجَرةِ، فرماها بسَبْعِ حَصَياتٍ- يُكَبِّرُ مع كلِّ حصاةٍ منها- مِثْلَ حَصَى الخَذْفِ، رَمَى مِن بطْنِ الوادي، ثم انصَرَفَ إلى المَنْحَر ))

    2- عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّه كان يرمي الجَمْرةَ الدُّنْيا بسَبْعِ حَصَياتٍ، يُكَبِّرُ على إِثْرِ كلِّ حصاةٍ، ثم يتقَدَّمُ حتى يُسْهِلَ، فيقومَ مُسْتَقبِلَ القبلةِ، فيقومُ طويلًا، ويدعو ويَرْفَعُ يديه، ثم يَرْمي الوُسْطى، ثم يأخذُ ذاتَ الشِّمالِ فيَسْتَهِلُ، ويقومُ مستقبِلَ القبلةِ،
    فيقومُ طويلًا، ويدعو ويرفَعُ يديه، ويقومُ طويلًا، ثم يرمي جَمْرةَ ذاتِ العَقَبةِ مِن بَطْنِ الوادي، ولا يقِفُ عندها، ثم ينصَرِفُ،
    فيقول: هكذا رأيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يفعَلُه ))
    الفرع الثَّاني: استيفاءُ عَدَدِ الحَصَياتِ
    يجبُ استيفاءُ عَدَدِ حَصَياتِ الرَّمْيِ السَّبْعِ في كل جَمْرةٍ، وهو المذهَبُ عند المالِكيَّة, وروايةٌ عند أحمدَ، وبه قال الأوزاعيُّ, والليثُ,
    وهو قولُ الشِّنقيطيِّ، وابنِ باز، وابنِ عُثيمين
    الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ:
    1- حديثُ جابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، وفيه: ((فرماها بسَبْعِ حَصَياتٍ يُكَبِّرُ مع كلِّ حصاةٍ ))
    2- حديثُ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّه كان يرمي الجَمْرةَ الدُّنيا بسَبْعِ حَصَياتٍ... ))
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ الرِّواياتِ الصحيحةَ عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أنَّه كان يرمي الجِمارَ بسَبْعِ حَصَياتٍ. مع قولِه: ((لِتَأخُذوا مناسِكَكم ))، فلا ينبغي العُدُولُ عن ذلك; لوضوحِ دليلِه وصِحَّتِه، ولأنَّ مُقابِلَه لم يَقُمْ عليه دليلٌ يقارِبُ دليله
    المطلب الثَّالث: رَمْيُ الجَمْرةِ بالحَصَياتِ السَّبْعِ مُتَفَرِّقاتٍ واحدةً فواحدةً
    يُشْتَرَط أن يَرمِيَ الجَمْرةَ بالحَصَياتِ السَّبعِ متفرِّقاتٍ واحدةً فواحدةً، فلو رمى حصاتينِ معًا أو السَّبْعَ جملةً، فهي حصاةٌ واحدةٌ، ويَلْزَمُه أن يرمِيَ بسِتٍّ سواها، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة, والمالِكيَّة, والشَّافعيَّة, والحَنابِلة؛ وذلك لأنَّ المنصوصَ عليه
    تفريقُ الأفعالِ، فيتقَيَّد بالتفريقِ الواردِ في السنَّة
    المطلب الرابع: وقوعُ الحصى داخِلَ الحَوضِ:
    يُشْتَرَط وقوعُ الحَصَى في الجَمْرةِ التي يَجْتَمِعُ فيها الحصى، وهذا مذهَبُ جُمهورِ الفُقَهاءِ مِنَ المالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة، وحُكي
    الإجماع على ذلك
    الدليل من السنة:
    أن النبي صلى الله عليه وسلم رمى إلى المرمى، مع قوله صلى الله عليه وسلم ((لِتَأخُذوا مناسِكَكم ))
    المطلب الخامس: قَصْدُ المَرْمى ووقوعُ الحصى فيه بفِعْلِه:
    يُشْتَرَط أن يقْصِدَ المَرْمى، ويقَعَ الحصى فيه بفِعْلِه، فلو ضرب شخصٌ يَدَه فطارَتْ الحَصاةُ إلى المرمى وأصابَتْه لم يصِحَّ،
    وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة, والمالِكيَّة, والشَّافعيَّة, والحَنابِلة
    الدليل من السنة:
    قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ ))
    المطلب السادس: أنْ تُرْمَى الحَصَى ولا تُوضَع:
    يُشْتَرَط أن يَرمِيَ الحَصَياتِ رَميًا ولا يكتفِيَ بوَضْعِها وضعًا، وهذا باتفاق المذاهِبِ الفقهية الأربعةِ مِنَ الحَنَفيَّة, والمالِكيَّة, والشَّافعيَّة,
    والحَنابِلة
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    لأنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رمى الجَمَراتِ, وقد قال: ((لِتَأخُذوا مناسِكَكم ))
    ثانيًا: أنَّه مأمورٌ بالرَّميِ، فاشتُرِطَ فيه ما يقَعُ عليه اسمُ الرَّمْيِ

    المطلب السابع: ترتيبُ الجَمَراتِ في رَمْيِ أيَّامِ التَّشريقِ
    يُشْتَرَط أن يرمِيَ الجِمارَ الثَّلاثَ على التَّرتيبِ: يرمي أوَّلًا الجَمْرةَ الصُّغرى التي تلي مسجِدَ الخِيفِ، ثمَّ الوُسطى،
    ثم يرمي جَمْرةَ العَقَبةِ، وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ مِنَ المالِكيَّة, والشَّافعيَّة, والحَنابِلة
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رتَّبَها في الرَّمْيِ، وقال ((لِتَأخُذوا مناسِكَكم ))
    ثانيًا: لأنَّه نُسُكٌ متكَرِّرٌ، فاشتُرِطَ الترتيبُ فيه كالسَّعيِ
    المطلب الثامن: أن يكونَ الرَّميُ في زَمَنِ الرَّميِ
    سُنَنُ الرَّمْيِ
    المطلب الأوَّل: السُّنَّة في موقِفِ الرَّامي لجَمْرةِ العَقَبةِ
    الأفضلُ في موقِفِ الرَّامي جَمْرةَ العَقَبةِ أن يقِفَ في بطْنِ الوادي، وتكونَ مِنًى عن يمينِه، ومكَّةُ عن يَسارِه، وهو مذهَبُ جماهيرِ أهلِ
    العِلمِ: الحَنَفيَّة
    , والمالِكيَّة, والصَّحيحُ عند الشَّافعيَّة, وقولُ جماعةٍ مِنَ السَّلَفِ, واختارَه ابنُ تيميَّة, وابنُ القَيِّم, والشنقيطيُّ, وابنُ باز, وابنُ عُثيمين
    الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:
    عن عبدِ الرحمنِ بنِ يزيدَ: ((أنَّه حجَّ مع ابنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، فرآه يرمي الجَمْرةَ الكُبرى بسَبْعِ حَصَياتٍ فجعل البيتَ عن يسارِه، ومِنًى عن يمينِه، ثم قال: هذا مقامُ الذي أُنْزِلَتْ عليه سورةُ البَقَرةِ))، وفي لفظٍ: ((أنَّه انتهى إلى الجَمْرةِ الكُبرى، جَعَلَ البيتَ عن يسارِه، ومِنًى عن يمينِه، ورمى بسَبْعٍ، وقال: هكذا رمى الذي أُنْزِلَت عليه سورةُ البَقَرةِ صلى الله عليه وسلم ))
    فرعٌ: رميُ جَمْرةِ العَقَبةِ مِنَ الجهاتِ الأخرى

    يجوزُ رَمْيُ جَمْرةِ العَقَبةِ مِن أيِّ جهةٍ كانت، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ مِنَ الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة في الأظهَرِ، والحَنابِلة، ونصَّ عليه الشافعيُّ،
    وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: أنَّه ثَبَتَ رميُ خَلْقٍ كثيرٍ في زَمَن الصَّحابةِ مِن أعلاها، ولم يأمرُوهم بالإعادةِ، ولا أعلنوا بالنِّداءِ بذلك في النَّاسِ
    ثانيًا: أنَّ رَمْيَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن أسفَلِها سُنَّةٌ، لا أنَّه المُتَعَيَّن، وكان وجهُ اختيارِ الرميِ مِنَ الأسفَلِ هو توقُّعُ الأذى- إذا رَمَوْا من أعلاها- لِمَن أسفَلَها؛ فإنَّه لا يخلو مِن مرورِ النَّاس، فيصيبُهم الحصى، وقد انعدَمَ هذا التخوُّفُ بإزالة الجَبَلِ الذي كان ملاصقًا
    للجَمْرةِ مِنَ الخَلْفِ، وصار الجميعُ يرمي في مستوًى واحدٍ
    ثالثا: أنَّ ما حولها موضِعُ النُّسُكِ؛ فلو رماها من أيِّ جهةٍ أجْزَأَه
    المطلب الثَّاني: أن يكون الرَّميُ بمِثْلِ حصى الخَذْفِ
    يُستحَبُّ أن يكون الرَّميُ بمِثْلِ حَصى الخَذْفِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة, والمالِكيَّة, والشَّافعيَّة, والحَنابِلة، وبه قال
    جمهور العُلَماء مِنَ السلف والخلف
    الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ:
    1- عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غداةَ العَقَبةِ وهو على راحلته ((هات الْقُطْ لي فلَقَطْتُ له حَصَياتٍ هن حَصى الخَذْفِ، فلما وضعتهن في يده، قال: بأمثالَ هؤلاءِ وإيَّاكم والغُلُوَّ في الدِّينِ؛ فإنَّما أهلَكَ مَن كان قَبْلَكم الغُلُوُّ في الدِّينِ ))
    2- حديثُ جابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، وفيه: ((حتى أتى الجَمْرةَ التي عند الشَّجَرةِ، فرماها بسَبْعِ حَصَياتٍ- يُكَبِّرُ مع كلِّ حصاةٍ منها- مثلَ حَصى الخَذْفِ ))
    المطلب الثَّالث: المُوالاةُ بين الرَّمَياتِ السَّبْعِ
    الموالاةُ بينَ الرَّمَياتِ السَّبْعِ مُستحَبَّةٌ، وليسَتْ بشرطٍ، وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ مِنَ الحَنَفيَّة, والحَنابِلة, والصَّحيحُ عند المالِكيَّة, والشَّافعيَّة
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: أنَّه نُسُكٌ لا يتعلَّقُ بالبيتِ، فلم تُشْتَرَط له الموالاةُ
    ثانيًا: لأنَّ اشْتِراطَ الموالاةِ فيه مشَقَّةٌ؛ لكثرةِ الزِّحامِ عند الجَمَراتِ

    المطلب الرابع: ألَّا يكونَ الحَصى ممَّا رُمِيَ به
    يُفَضَّل ألَّا يكونَ الحَجَرُ ممَّا رُمِيَ به؛ فإنْ رَمَى بالحَجَرِ المُستعمَلِ أجْزَأَه, وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة, والمالِكيَّة, والشَّافعيَّة, وقول
    للحَنابِلة
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: لأنَّه ليس هناك دليلٌ على أنَّ الحصاةَ التي رُمِيَ بها لا يُجْزِئُ الرَّميُ بها، ولا دليلَ يَمنَعُ مِنَ الرَّميِ بها
    ثانيًا: لأنَّ العِبرةَ هي الرميُ بحصاةٍ، وقد وُجِدَ، ويصدُقُ اسْمُ الرَّميِ عليها
    ثالثًا: قياسًا على الثَّوبِ في سَتْرِ العورةِ؛ فإنَّه يجوز أن يُصَلِّيَ في الثوبِ الواحِدِ صلواتٍ

    المطلب الخامس: طهارةُ الحَصَياتِ
    يُستحَبُّ أن يرمِيَ بحصًى طاهرةٍ, وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة, والمالِكيَّة, والشَّافعيَّة, ووجه عند الحَنابِلة
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: لِصِدْقِ اسْمِ الرَّميِ على الرَّميِ بالحَجَرِ النَّجِسِ
    ثانيًا: لعَدَمِ النَّصِّ على اشتراطِ طَهارةِ الحَصَى
    ثالثًا: لِكَيلا يباشِرَ النَّجاسةَ بِيَدِه

    مسألةٌ: حُكْمُ غَسْلِ حَصى الرَّمْيِ
    لا يُستحَبُّ غَسلُ الحَصى إلَّا إذا رأى فيها نجاسةً ظاهرةً، ولم يَجِدْ غيرَها، فتُغْسَلُ النَّجاسةُ؛ لئلَّا تتنجَّسَ اليدُ أو الثيابُ, وهو المذهَبُ عند المالِكيَّة, والصَّحيحُ عند الحَنابِلة, وهو قولُ جماعةٍ مِن أهلِ العِلم, وقولُ ابن المُنْذِر, واختاره الشنقيطيُّ, وابنُ بازٍ, وابنُ
    عُثيمين, والألبانيُّ
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: لأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يَرِدْ عنه أنَّه غَسَل الحَصى، ولا أمَرَ بغَسْلِهِنَّ
    ثانيًا: لأنَّه لم يُنقَلْ غَسْلُه عن الصَّحابةِ رِضوانُ اللهِ عليهم
    ثالثًا: أنَّه لا يوجَدُ معنًى يقتضي غَسْلَه
    المطلب السادس: التكبيرُ مع كُلِّ حصاةٍ
    يُستحَبُّ أن يكَبِّرَ مع كلِّ حصاة, وذلك باتفاق المذاهِبِ الفقهية الأربعةِ: الحَنَفيَّة, والمالِكيَّة, والشَّافعيَّة, والحَنابِلة
    الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ:
    1- حديثُ جابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، وفيه: ((حتى أتى الجَمْرةَ التي عند الشَّجَرةِ، فرماها بسَبْعِ حَصَياتٍ- يُكَبِّرُ مع كلِّ حصاةٍ منها- مثلَ حَصَى الخَذْفِ، رَمَى مِن بطْنِ الوادي، ثمَّ انصَرَفَ إلى المَنْحَر ))
    2- عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ يزيدَ: ((أنَّه كان مع ابنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه حين رمى جَمرةَ العَقَبةِ فاستبطَنَ الواديَ، حتَّى إذا حاذى بالشَّجَرةِ اعتَرَضَها فرمى بسبعِ حَصَياتٍ، يكَبِّرُ مع كلِّ حَصاةٍ، ثمَّ قال: مِن هاهنا- والذي لا إلهَ غَيرُه- قام الذي أُنزِلَت عليه سورةُ البَقَرةِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ))
    3- مَا رَوَتْه عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّها قالت: ((أفاض رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن آخر يَومِه حين صلَّى الظُّهْرَ, ثم رجَعَ إلى مِنًى، فمكث بها لياليَ أيَّامِ التَّشريقِ يَرمي الجمرة إذا زالتِ الشَّمسُ, كلَّ جَمْرةٍ بِسَبْعِ حَصَياتٍ, يُكَبِّرُ مع كلِّ حصاةٍ, ويَقِفُ عند الأُولى والثَّانيَة، فيُطيلُ القيام ويتضَرَّعُ، ويرمي الثَّالثة ولا يَقِفُ عندها ))
    مسألةٌ: حكمُ تَرْكِ التَّكبيرِ عند رَمْيِ الجِمارِ
    مَن تَرَكَ التَّكبيرَ عند رَمْيِ الجِمارِ؛ فليس عليه شيءٌ.
    الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:
    نقلَ الإجماعَ على ذلك القاضي عِياضٌ, وابنُ حَجَرٍ
    المطلب السابع: قَطْعُ التَّلبيةِ مع أوَّلِ حَصاةٍ يَرْمي بها جَمْرةَ العَقَبةِ يَومَ النَّحرِ
    يُستحَبُّ أن يقطَعَ التَّلبيةَ عند أوَّلِ حَصاةٍ يرمي بها جَمْرةَ العَقَبةِ، وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ مِنَ الحَنَفيَّة, والشَّافعيَّة, والحَنابِلة، وقولُ جماعةٍ
    مِنَ السَّلَفِ
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عن الفَضلِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أردف الفضل، فأخبر الفضل أنه لم يَزَلْ يُلَبِّي حتى رمى الجَمْرةَ ))
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ الفَضلَ بن عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما كان رَديفَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَئذٍ، وهو أعلَمُ بحالِه مِن غَيرِه
    ثانيًا: لأنَّه يتحَلَّلُ به، فشُرِعَ قَطْعُها في ابتدائِه؛ كالمعتَمِرِ يقطَعُها بالشُّروعِ في الطَّوافِ
    المطلب الثامن: الدُّعاءُ الطَّويلُ عَقِبَ رَمْيِ الجَمْرةِ الصُّغرى والوُسْطى
    يُستحَبُّ الوقوفُ للدُّعاء ِإثرَ كُلِّ رَمْيٍ بعدَه رَمْيٌ آخَرُ، فيقِفُ للدُّعاءِ بعد رمْيِ الجَمْرة الصُّغرى والوُسطى وقوفًا طويلًا؛ وهذا الدُّعاءُ
    مُستحَبٌّ باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة, والمالِكيَّة, والشَّافعيَّة, والحَنابِلة
    الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:
    عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّه كان يرمي الجَمْرةَ الدُّنيا بسَبْعِ حَصَياتٍ، يُكَبِّرُ على إِثْرِ كلِّ حَصاةٍ، ثم يتقَدَّمُ حتى يُسْهِلَ،
    فيقومَ مُستقْبِلَ القِبلةِ، فيقومُ طويلًا، ويدعو ويَرفَعُ يديه، ثمَّ يرمي الوُسطى، ثم يأخُذُ ذاتَ الشِّمالِ فيَسْتَهِلُ، ويقومُ مستقبِلَ القبلةِ،
    فيقومُ طويلًا، ويدعو ويَرفَعُ يديه، ويقومُ طويلًا، ثم يرمي جَمْرةَ ذاتِ العَقَبةِ مِن بطْنِ الوادي، ولا يقِفُ عندها، ثمَّ ينصَرِفُ،
    فيقول: هكذا رأيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يفعَلُه ))
    --------------------------------------------------------------
    تابعونا جزاكم الله خيرا
    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    تاسعاً : . المُزدَلِفةَ .  أسماءُ مُزدَلِفةَ . المَبيتِ بالمُزْدَلفة .رَميِ الجِمارِ .  زَمَنُ الرَّمْيِ . ذبحُ الهَدْي  .                                                                                                                                      Empty الرَّمْيُ يومَ النَّحْرِ

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين مايو 22, 2023 10:24 am

    ### الرَّمْيُ يومَ النَّحْرِ ###
    لا يرمي يومَ النَّحْرِ إلا جَمْرةَ العَقَبةِ.
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما في حديثِه الطَّويلِ في صِفَةِ حَجَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أتى الجَمْرةَ التي عند الشَّجَرةِ، فرماها بسَبْعِ حَصَياتٍ- يُكَبِّرُ مع كلِّ حصاةٍ منها- مثلَ حصى الخَذْفِ، رَمى مِن بَطْنِ الوادي ))
    ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ المُنْذِر، وابن عَبْدِ البَرِّ

    ### زَمَنُ الرَّمْيِ يومَ النَّحْرِ ###
    يبدأُ وَقْتُ رَمْيِ جَمْرةِ العَقَبةِ مِن مُنتصَفِ ليلةِ النَّحْرِ، ويُسَنُّ أن يكون بعد طُلوعِ الشَّمسِ
    ، وهذا مذهَبُ الشَّافعيَّة، والحَنابِلة، وهو قَوْلُ طائِفةٍ مِنَ السَّلَفِ واختاره ابنُ باز
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((رمى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَ النَّحْرِ ضُحًى، ورمى بعد ذلكِ بعدَ الزَّوالِ
    2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((أَرْسَلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأمِّ سَلَمةَ ليلةَ النَّحْرِ، فرَمَتِ الجَمْرةَ قبلَ الفَجْرِ، ثم مَضَتْ فأفاضَتْ ))
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ هذا لا يكونُ إلَّا وقد رَمَت قبل الفَجْرِ بساعةٍ
    3- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((نَزَلْنا المُزْدَلِفةَ، فاستأذَنَتِ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَوْدةُ، أنْ تدفَعَ قبل حَطْمَةِ النَّاس، وكانتِ امرأةً بَطيئةً، فأذِنَ لها، فدَفَعَتْ قبل حَطْمَةِ النَّاسِ، وأَقَمْنا حتى أصْبَحْنا نحن، ثم دَفَعْنا بدَفْعِه، فلَأَنْ أكونَ استأذَنْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كما استأذَنَتْ سَوْدةُ، أحَبُّ إليَّ مِن مَفروحٍ به ))
    4- عن أسماءَ ((أنَّها نزَلَت ليلةَ جَمعٍ عند المزدَلِفةِ، فقامت تصلِّي، فصلَّت ساعةً، ثم قالت: يا بُنَيَّ، هل غاب القَمَرُ؟
    قلتُ: لا. فصلَّت ساعةً، ثم قالت: هل غاب القَمَرُ؟ قلتُ: نعَم. قالت: فارتَحِلوا. فارتحَلْنا، ومَضَيْنا حتى رَمَت الجمرةَ،
    ثم رجَعَت فصلَّت الصُّبحَ في منزِلِها. فقلت لها: يا هنتاه، ما أرانا إلَّا قد غَلَّسْنا. قالت: يا بنيَّ، إنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أذِنَ للظُّعُنِ ))
    5- عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّه كان يقدِّمُ ضَعَفةَ أهلِه، فيَقِفونَ عندَ المَشْعَرِ الحرامِ بالمُزْدَلِفة بليلٍ، فيذكرونَ اللهَ ما بدا لهم، ثم يدفعون قبل أن يقِفَ الإمامُ وقبل أن يدفَعَ، فمِنْهُم مَن يَقْدَمُ مِنًى لصلاةِ الفَجْرِ، ومِنْهم مَن يَقْدَمُ بعد ذلك، فإذا قَدِمُوا رَمَوُا الجَمْرةَ، وكان ابنُ عُمَرَ يقول: أرخَصَ في أولئكَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ))
    ثانيًا: أنَّ النُّصوصَ عَلَّقَتِ الرَّمْيَ بما قَبْلَ الفَجرِ، وهو تعبيرٌ صالحٌ لجميعِ اللَّيلِ، فجُعِلَ النِّصْفُ ضابطًا له؛ لأنَّه أقرَبُ إلى الحقيقةِ مِمَّا
    قبلَ النِّصْفِ
    ثالثًا: أنَّ ما بعد نِصْفِ اللَّيلِ مِن توابِعِ النَّهارِ المستقبَلِ، فوَجَبَ أن يكون حُكْمُه في الرَّميِ حُكْمَ النَّهارِ المستقبَلِ
    رابعًا: أنَّه وَقْتٌ للدَّفْعِ من مُزْدَلِفة، فكان وقتًا للرَّميِ، كبَعْدَ طُلوعِ الشَّم
    سِ

    ### رَمْيُ الجِمارِ في اللَّيلِ ###
    يجوزُ الرَّمْيُ ليلًا لِمَن لم يَرْمِ نهارًا، فيمتَدُّ وقتُ جوازِ رَمْيِ كلِّ يومٍ إلى فَجْرِ اليومِ التَّالي، وهذا مذهَبُ الحَنَفيَّة
    ، وهو وجهٌ للشَّافعيَّة، واختاره ابنُ المُنْذِر، والنوويُّ، وابنُ بازٍ، وابنُ عُثيمين
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُسأَلُ يومَ النَّحرِ بمِنًى، فيقول: لا حَرَجَ، فسأله رجلٌ، فقال: حلَقْتُ قبل أن أذبَحَ؟ فقال: اذبَحْ، ولا حَرَجَ، وقال: رَمَيْتُ بعدما أمسَيْتُ؟ فقال: لا حَرَجَ ))
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صرَّحَ بأنَّ مَنْ رمى بعدما أمْسى فلا حَرَجَ عليه، واسْمُ المَساءِ يُطلَقُ لغةً على ما بعد وقْتِ الظُّهرِ إلى الليلِ، وخُصوصُ سَبَبِه بالنَّهار لا عِبرةَ به؛ لأنَّ العِبرةَ بعمومِ الألفاظِ لا بخصوصِ الأسبابِ، ولفظُ المساءِ عامٌّ لجزء مِنَ النَّهارِ،
    وجزءٍ مِنَ الليل
    2- عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُسأَلُ أيَّامَ مِنًى؟ فيقول: لا حَرَجَ، فسأله رجُلٌ، فقال: حلَقْتُ قبل أن أذبَحَ؟ قال: لا حَرَجَ، فقال رجلٌ: رَمَيْتُ بعدما أمسيتُ؟ قال: لا حَرَجَ ))
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ قَولَه في هذا الحديثِ الصحيحِ: (أيامَ مِنًى) بصيغة الجمعِ صادِقٌ بأكثَرَ من يومٍ واحدٍ،
    فهو صادِقٌ بحَسَب وضْعِ اللغة، ببعضِ أيَّامِ التَّشريق، والسؤالُ عن الرَّميِ بعد المساءِ فيها لا ينصرِفُ إلَّا إلى الليل،
    لأنَّ الرَّميَ فيها لا يكونُ إلَّا بعد الزوال، وهو معلومٌ، فلا يَسألُ عنه صحابيٌّ، فتعَيَّنَ أن يكونَ السُّؤالُ عن الرَّميِ في الليل
    ثانيًا: مِنَ الآثار
    1- عن نافعٍ مولى ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ ابنةَ أخٍ لصَفِيَّةَ بنتِ أبي عُبيدٍ نَفِسَتْ بالمُزْدَلِفة، فتخَلَّفَتْ هي وصَفِيَّةُ حتى أتَتَا منى بعد أن غَرَبَتِ الشَّمسُ مِن يومِ النَّحرِ، فأمَرَهما عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ أنْ تَرْمِيَا الجَمْرةَ حينَ أَتَتَا، ولم يَرَ عليهما شيئًا))
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ ابنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أمَرَ زَوجَتَه صَفِيَّةَ بِنْتَ أبي عُبَيدٍ وابنةَ أخيها برميِ الجَمْرةِ بعد الغروبِ، ورأى أنَّه لا شيءَ عليهما في ذلك، وذلك يدلُّ على أنَّه عَلِمَ مِنَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أنَّ الرميَ ليلًا جائِزٌ
    2- عنِ ابنِ جُرَيجٍ عن عمرٍو، قال: ((أخبَرَني مَن رأى بعضَ أزواجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ترمي مغربان الشمس غَرَبَتِ الشَّمسُ أو لم تَغْرُب))
    ثالثًا: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقَّتَ أَوَّلَ الرميِ، وسَكَتَ عن آخِرِه، والأصلُ بقاءُ الوَقتِ، وليس هناك سُنَّةٌ تدُلُّ على أنَّه إذا غابَتِ الشَّمسُ انتهى وقتُ الرَّميِ، واللَّيلُ يُمكِنُ أن يكون تابعًا للنَّهارِ، كما في وقوفِ عَرَفة
    رابعًا: أنَّه إذا رخَّصَ في رَمْيِها في اليومِ الثَّاني فالرَّمْيُ بالليلِ أَوْلَى

    ### لَقْطُ حَصَياتِ الرَّجْمِ ###

    تُلتَقطُ حَصيَاتُ الرَّجْمِ مِن أيِّ مكانٍ، من مُزْدَلِفة
    ، أو مِن الطريقِ إلى مِنًى أو غيرِ ذلك، فمِن حيث أخَذَه أجْزَأَه، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة،
    والحنابلةِ
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    - أن ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غداةَ العَقَبةِ وهو على راحلته: ((هات الْقُطْ لي، فلَقَطْتُ له حَصَياتٍ هن حَصى الخَذْفِ، فلما وضعتهن في يده، قال: بأمثالَ هؤلاءِ وإيَّاكم والغُلُوَّ في الدِّينِ؛ فإنَّما أهلَكَ مَن كان قَبْلَكم الغُلُوُّ في الدِّينِ ))
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ أمْرَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لابنِ عبَّاسٍ بلَقْطِ الحَصى كان بمِنًى
    ثانيًا: أنَّ عليه فِعْلَ المسلمينَ، وهو أحَدُ نَوعَيِ الإجماعِ
    ### النِّيابةُ (التَّوكيلُ) في الرَّمْيِ ###
    المطلب الأوَّل: حُكْمُ التَّوكيلِ في الرَّمْيِ للمَعْذورِ
    من كان لا يستطيعُ الرَّمْيَ بسبَبِ علَّةٍ لا يُرجَى زوالُها قبلَ خُروجِ وَقتِ الرَّميِ؛ فإنَّه يجِبُ عليه أن يستَنِيبَ مَن يَرمي عنه
    ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    قولُ اللهِ تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16]
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ الاستنابةَ في الرَّميِ هي غايةُ ما يَقدِرُ عليه
    ثانيًا: أنَّه لَمَّا جازت النيابةُ عنه في أصلِ الحَجِّ، فجوازُها في أبعاضِه أَوْلَى
    ثالثًا: أنَّ زَمَنَ الرَّمْيِ مُضَيَّقٌ، ويفوت ولا يُشْرَع قضاؤه، فجاز لهم أن يوكِّلوا، بخلافِ الطَّوافِ والسَّعي فإنَّهما لا يفوتانِ، فلا تُشرَع النيابةُ فيهما
    المطلب الثَّاني: هل يُشْتَرَط أن يكونَ النَّائِبُ (الوكيل) قد رمى عن نَفسِه؟
    يُشْتَرَط أنْ يرمي النائبُ عن نفسِه ثم يرمي عن مُوَكِّلِه، وهذا مذهبُ الشَّافعيَّة، والحَنابِلة، وبه أفتتِ اللَّجنةُ الدَّائمةُ
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: أنَّ الأصلَ عَدَمُ تداخُلِ الأعمالِ البدنيَّةِ
    ثانيًا: أنَّه لا يجوزُ أن ينوبَ عن الغيرِ، وعليه فَرْضُ نَفْسِه
    ثالثًا: أنَّه لو رمى عن غيرِه قبل أن يرمِيَ عن نفسِه؛ فإنَّه يقع عن نفسِه، كأصْلِ الحجِّ
    المطلب الثالث: الرَّميُ عن الصبيِّ إذا لم يَقدِرْ عليه
    يجوزُ الرَّميُ عن الصَّبيِّ إذا لم يَقدِرْ عليه بنفْسِه.
    الدليل من الإجماع:
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابن المنذر، والقرطبي، والنووي
    --------------------------
    >>> ذبحُ الهَدْي <<<
    المطلب الأوَّل: جنس الهدي وما يُجْزِئُ مِنَه
    الفرع الأول: جِنسُ الهَدْيِ
    يكونُ الهَديُ من: الإبلِ، والبَقرِ، والضَّأنِ، والمَعْزِ.
    الدليل من الإجماع:
    نقلَ الإجماعَ على ذلك الجصاص
    ، وابن حزم، وابن عبد البر، وابن رشد
    الفرع الثاني: ما يجزئ من الهدي
    الهَدْيُ شاةٌ، أو سُبْعُ بَدَنَةٍ، أو سُبْعُ بَقَرَةٍ، فإنْ نَحَرَ بَدَنةً، أو ذَبَحَ بقرةً، فقد زاد خيرًا، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة، وهو قولُ داودَ الظاهريِّ وبه قالَتْ طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    قولُه سبحانه وتعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة: 196]
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ اسمَ الهَدْيِ يقعُ على الشَّاةِ, والبَقَرةِ, والبَدَنةِ
    ثانيًا: مِنَ الآثار
    عن أبي جَمْرةَ قال: ((سألتُ ابنَ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما عن المُتعةِ، فأمَرَني بها، وسَأَلْتُه عن الهَدْيِ، فقال: فيها جَزُورٌ, أو بَقَرةٌ, أو شاةٌ, أو شِرْكٌ في دَمٍ ))
    الفرع الثالث: السِّنُّ التي تُجزِئ في الهَديِ
    يُجزِئُ في الهَدْيِ الثَّنيُّ فما فوقَه.
    الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ المُغلِّس، وابنُ حزْمٍ، وابنُ عبد البر، وابنُ رُشْد
    الفرع الرابع: أيُّ الهَديِ أفضلُ؟
    الإبلُ أفضلُ مِن البَقرِ، والبقرُ أفضلُ من الغنمِ في الهَدايا.
    الدليل من الإجماع:
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابن عبد البر، وابن رشد، والنووي، والمرداوي
    المطلب الثَّاني: حُكْمُ الاشتراكِ في الهَدْيِ
    الفرع الأول: الاشتراك في الإبل والبقر
    يجوزُ الاشتراكُ في الهَدْيِ في الإبِلِ والبَقَرِ إلى حَدِّ سبعةِ أشْخاصٍ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
    قال تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة: 196]
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ (مِن) للتَّبعيضِ، فجاز الاشتراكُ في الهَدْيِ بظاهِرِ الآيةِ
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّه قال: ((نَحَرْنا مع رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَ الحُدَيبِيَةِ البَدَنةَ عن سَبْعةٍ, والبَقَرةَ عن سَبْعةٍ ))
    2- عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((فنَحَرَ عليه السلامُ ثلاثًا وستينَ, فأعطى عليًّا فنَحَرَ ما غَبَر, وأشرَكَه في هَدْيِه ))
    3- عن أبي جَمْرة قال: ((سألتُ ابنَ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، عن المُتعةِ فأمَرَني بها، وسأَلْتُه عن الهَدْيِ، فقال: فيها جَزورٌ, أو بقَرَةٌ, أو شاةٌ, أو شِرْكٌ في دَمٍ ))
    ثالثًا: أنَّه وَرَدَ ذلك عن طائفةٍ كبيرةٍ مِنَ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم؛ منهم: عليٌّ، وابن مسعود، وعائشة، وأنس، وإليه رجع ابنُ عمر-
    رَضِيَ اللهُ عنهم أجمعينَ
    رابعًا: القياسُ على اشتراكِ أهلِ البَيتِ في الأضْحِيَّةِ
    الفرع الثاني: الاشتراكُ في الشَّاةِ
    لا يجوزُ الاشتراكُ في الشَّاةِ لِمَن لزِمَه دمٌ.
    الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابن عبد البر، وأبو العبَّاس القُرْطبي، والنوويُّ
    الفرعٌ الثالث: حُكْمُ التصَدُّقِ بقيمةِ الهَدْيِ
    لا يجوزُ أن يُستعاضَ عن ذَبْحِ الهَدْي بالتصدُّقِ بِقِيمَتِه، وهو قرارُ المَجْمَعِ الفِقهيِّ، وبه أفتتِ اللَّجنةُ الدَّائمةُ، وهو قولُ ابنِ باز
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    قال تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ [البقرة: 196]
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ اللهَ جلَّ وعلا أوجَبَ على المتمَتِّعِ الهَدْيُ في حالِ القُدرَةِ عليه، فإذا لم يَجِدْ هَدْيًا أو ثمَنَه، فإنَّه ينتقِلُ إلى الصِّيامِ، ولم يجعَلِ اللهُ
    واسطةً بين الهَدْيِ والصِّيامِ، ولا بدلًا عن الصِّيامِ عند العَجْزِ عنه
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((ثُمَّ لْيُهِلَّ بالحَجِّ ويُهْدِي, فمَن لم يجِدْ فلْيَصُمْ ثلاثةَ أيَّامٍ في الحجِّ، وسَبعةً إذا رَجَعَ إلى أهلِه ))
    ثالثًا: أنَّ المقصودَ مِن هذه العبادةِ إراقةُ الدَّمِ، وأمَّا اللُّحومُ فهي مقصودةٌ بالقَصْدِ الثَّاني؛
    قال تعالى: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [الحج: 37] ، وفي الاكتفاءِ بالتصدُّقِ بالثَّمَنِ دون إراقةِ الدَّمِ إضاعةٌ للقَصْدِ الأوَّلِ
    رابعًا: أنَّ النُّسُكَ عبادةٌ مبنيَّةٌ على التَّوقيتِ، فلا يجوز العُدولُ عن المَشروعِ إلَّا بدليلٍ شَرعيٍّ موجِبٍ للعُدولِ عنه, وكلُّ تَشريعٍ مَبنيٍّ على التوقيتِ فإنَّه لا يدخُلُه الاجتهادُ
    المطلب الثالث: سَوْقُ الهَدْي وتَقليده
    الفرع الأول: سَوْقُ الهَدْي
    يُستحبُّ سوقُ الهَديِ، والأفضلُ أن يَسوقَه مِن الحِلِّ.
    الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابن تيميَّة، والعراقيُّ، والمرداويُّ
    الفرع الثاني: تَقليدُ الهَديِ
    يُستحبُّ تقليدُ الإبلِ والبَقرِ.
    الدليل من الإجماع:
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابن عبد البر، وابن بطال، وابن رشد، والنووي، والعراقي
    المطلب الرابع: زَمَنُ الذَّبحِ
    الفرع الأول: أوَّلُ زَمَنِ الذَّبحِ
    يبتدِئُ وَقْتُ ذَبحِ الهَدْيِ يومَ النَّحْرِ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والحَنابِلة
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    1- قال تعالى: وَلَا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة: 196]
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه جاء في الآيةِ الكريمةِ أنَّ الحَلْقَ لا يكونُ إلَّا بعد أن يبلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّه، ومعلومٌ أنَّ الحَلقَ لا يكونُ إلَّا يومَ النَّحرِ
    2- قولُه تعالى: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ [الحج: 28-29]
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ قَضاءَ التَّفَثِ يختَصُّ بيومِ النَّحرِ، وقد جاء مرتَّبًا على النَّحرِ والأكْلِ منه
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- عن حَفصةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّها قالت: ((يا رسولَ اللهِ، ما شأن الناس حلوا بعمرة ولم تحلل أنت مِن عُمْرَتِك؟ فقال: إنِّي لبَّدْتُ رأسِي، وقلَّدْتُ هَدْيي، فلا أحِلُّ حتى أنحَرَ ))
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه علَّقَ الحِلَّ على النَّحر، ومعلومٌ أنَّ الحِلَّ لا يكونُ إلَّا يومَ النَّحرِ:
    2- أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابَه قَدِموا في عَشْرِ ذي الحِجَّة، وقد بَقِيَتِ الغَنَمُ والإبلُ التي معهم موقوفةً حتى جاء يومُ النَّحرِ، فلو كان ذبحُها جائزًا قبل ذلك لبادَرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابُه إليه في الأيَّامِ الأربعةِ التي أقاموها قبل خُرُوجِهم إلى عَرَفاتٍ؛ لأنَّ النَّاسَ بحاجةٍ إلى اللُّحومِ في ذلك الوقتِ، فلمَّا لم يفعَلْ ذلك دلَّ ذلك على عَدَمِ الإجزاءِ، وأنَّ الذي ذبحَ قبلَ يومِ النَّحرِ قد خالَفَ السنَّة، وأتى بشرعٍ جديدٍ؛ فلا يُجْزِئُ؛ كمن صلَّى أو صام قبل الوقتِ
    3- أنَّه لو كان ذبحُ الهَدْيِ جائزًا قبل يوم العيدِ؛ لفَعَلَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حينما أمَرَ أصحابَه أن يَحِلُّوا مِنَ العُمْرةِ مَنْ لم يكن معه هَدْيٌ؛ لأجلِ أن يطمئِنَّ أصحابُه في التحلُّلِ مِنَ العُمْرةِ، فدلَّ امتناعُ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن ذَبْحِ هَدْيِه قبل يوم النَّحرِ مع
    دعاءِ الحاجةِ إليه على أنَّه لا يجوزُ
    ثالثًا: أنَّه دمُ نُسُكٍ، فلا يجوزُ قبل يومِ النَّحرِ، كالأضْحِيَّة
    الفرع الثاني: آخِرُ زَمَنِ الذَّبْحِ
    اختلفَ أهلُ العِلمِ في آخِرِ زَمَنِ الذَّبحِ على أقوال، أشهَرُها قولانِ:
    القول الأوّل: أنَّ زَمَنَ الذَّبحِ يستمِرُّ إلى يومينِ بعد يوم النَّحرِ، فيكون مجموعُ أيَّامِ النَّحرِ ثلاثةَ أيَّامٍ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والحَنابِلة، وبه قالَتْ طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    قَولُه تعالى: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ [الحج: 28]
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ الأيَّامَ المعلوماتِ هي يومُ النَّحرِ ويومانِ بعده، ويدلُّ على ذلك أنَّ لفظ: (المعلومات) جمعُ
    قلَّةٍ، والمتيقَّنُ منه الثلاثةُ، وما بعد الثَّلاثةِ غيرُ متيقَّنٍ، فلا يُعمَل به
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهى أن تُؤكَلَ لُحومُ الأضاحيِّ بعدَ ثلاثٍ ))
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه أباح الأكَلَ منها في أيَّامِ الذَّبحِ، ولو كان اليومُ الرَّابِعُ منها لكان قد حَرَّمَ على من ذَبَحَ في ذلك اليومِ أن يأكُلَ مِن أضْحِيَّتِه،
    وليس هناك فرقٌ بين الأضْحِيَّة والهَدْيِ بالنسبةِ لزَمَن الذَّبح
    ثالثًا: أنَّه وَرَدَ عن الصحابة رَضِيَ اللهُ عنهم تخصيصُه بالعيدِ ويومينِ بعده، منهم عمر، وعلي، وابن عمر، وأبو هريرة، وأنس، وابن عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهم، ولا يُعرَف لهم مِنَ الصَّحابةِ مخالِفٌ, ومثلُ هذا لا يُقالُ بالرأي
    رابعًا: أنَّه قد ثبَتَ الفَرْقُ بين أيَّامِ النَّحْرِ وأيَّامِ التَّشريقِ؛ ولو كانت أيامُ النَّحرِ أيَّامِ التَّشريقِ لَمَا كان بينهما فرقٌ، وكان ذِكْرُ أحَدِ العَدَدينِ ينوبُ عن الآخَرِ
    القول الثاني: أنَّ وَقتَ الذَّبحِ ينتهي بغُروبِ شَمْسِ اليومِ الثَّالثِ مِن أيَّامِ التَّشريقِ، وهذا مذهَبُ الشَّافعيِّ، وقولٌ للحَنابِلة، وبه قالَتْ طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ، واختارَه ابنُ المُنْذِر، وابنُ تيميَّة، وابنُ باز، وابنُ عُثيمين، وبه صدَرَ قرارُ هيئةِ
    كبارِ العُلَماءِ
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    قولُه تعالى: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ [الحج: 28]
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نحَرَ هَدْيَه يومَ النَّحْرِ
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه لَمَّا لم يَحْظُر على النَّاسِ أن ينحَرُوا بعدَ يومِ النَّحر بيومٍ أو يومينِ؛ لم نَجِدِ اليومَ الثَّالثَ مفارِقًا لليومينِ قَبْلَه؛ لأنَّه يُنْسَكُ فيه
    ويُرمَى، كما يُنْسَكُ ويُرمَى فيهما
    2- عن جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النبىِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((كلُّ مِنًى مَنحَرٌ، وكلُّ أيَّامِ التَّشريقِ ذَبْحٌ))
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ الحديثَ نَصٌّ في الدَّلالةِ على أنَّ كُلَّ أيَّامِ مِنًى أيامُ نَحرٍ
    ثالثًا: أنَّ الثَّلاثةَ أيَّامٍ تختَصُّ بكونها أيامَ مِنًى، وأيامَ الرَّمْيِ، وأيَّامَ التَّشريقِ، وأيَّامَ تَكبيرٍ وإفطارٍ، ويحرُمُ صيامُها؛ فهى إخْوةٌ في هذه الأحكامِ، فكيف تَفْتَرِقُ في جوازِ الذَّبحِ بغيرِ نَصٍّ ولا إجماعٍ؟!
    فرعٌ:السنَّة في وقتِ النَّحرِ أن يكون يومَ العيدِ بعد أن يُفْرَغَ مِنَ الرَّمْيِ وقبل الحَلْقِ أو التَّقْصيرِ.
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رمى سَبْعَ حَصَياتٍ مِن بطنِ الوادي، ثم انصَرَفَ إلى
    المَنْحَرِ فنَحَرَ ))
    ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ عَبْدِ البَرِّ وابنُ رُشْدٍ، وابنُ حَجَرٍ
    المطلب الخامس: مكانُ الذَّبْحِ
    يجب أن يكونَ ذَبْحُ الهَدْيِ في الحَرَمِ، ولا يختصُّ بمِنًى، وإن كان الأفضَلُ أن يكون بمِنًى، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    1- قال تعالى: وَلَا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة: 196]
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ مَحِلَّ الهَدْيِ الحَرَمُ عند القُدرةِ على إيصالِه
    2- قال اللهُ تعالى: ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج: 33]
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ النصَّ جاء بأنَّ شعائِرَ اللهِ تعالى مَحِلُّها إلى البيتِ العَتيقِ، وهذا عامٌّ في الهدايا
    3- قال تعالى في جزاءِ الصَّيدِ: هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ [المائدة: 95]
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه لو جاز ذَبحُه في غيرِ الحَرَمِ لم يكُنْ لذِكْرِ بلوغِه الكعبةَ معنًى، وهذا الحكمُ وإن كان في كفَّارةِ الصَّيدِ إلَّا أنَّه صار أصْلًا في دماءِ النُّسُكِ
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((نَحَرْتُ ها هنا، ومِنًى كلُّها مَنْحَرٌ ))
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    يدلُّ على أنَّه حيثما نُحِرَتِ البُدُنُ, والهَدايا- مِن فجاجِ مكَّةَ ومِنًى والحَرَمِ كُلِّه- فقد أصاب النَّاحِرُ
    2- أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نحَرَ هَدْيَه في مِنًى، وقال: ((لِتَأخُذوا مناسِكَكم ))
    ثالثًا: أنَّ الهَدْي اسمٌ لِمَا يُهدَى إلى مكانِ الهدايا، ومكانُ الهدايا الحَرَمُ، وإضافةُ الهدايا إلى الحرمِ ثابتةٌ بالإجماعِ
    رابعًا: أنَّ هذا دمٌ يجبُ للنُّسُكِ، فوجب أن يكونَ في مكانِه، وهو الحَرَمُ
    المطلب السادس: التطوُّعُ في الهَدْيِ
    يُسَنُّ التطوُّعُ بالهَدْيِ للمُفْرِد والمتمَتِّع والقارِن وللحاجِّ ولغيرِ الحاجِّ.
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما في حديثِه الطَّويلِ في صِفَةِ حَجَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ثم انصَرَفَ إلى المنحَرِ، فنَحَرَ ثلاثًا وستِّينَ بِيَدِه، ثم أعطى عليًّا، فنحر ما غَبَر، وأشْرَكَه في هَدْيِه، ثم أمَرَ مِن كُلِّ بدَنةٍ ببَضْعَةٍ، فجُعِلَتْ في قِدْرٍ، فطُبِخَتْ، فأكَلا مِن لَحْمِها وشَرِبَا مِن مَرَقِها ))
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه معلومٌ أنَّ ما زاد على الواحِدةِ منها تطوُّعٌ
    2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((أهْدَى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مرَّةً غَنمًا ))
    3- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((فَتَلْتُ قلائِدَ هَدْيِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثمَّ أشْعَرَها وقَلَّدَها، أو قَلَّدْتُها، ثم بعَثَ بها إلى البيتِ، وأقامَ بالمدينةِ، فما حَرُمَ عليه شيءٌ كان له حِلٌّ ))
    ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
    نقَلَ القرافيُّ الإجماعَ على ذلك
    المطلب السابع: الأكلُ مِنَ الهَدْيِ
    الفرع الأوَّل: الأكْلُ مِنْ هَدْيِ التطوُّعِ
    يُسَنُّ لِمَن أهدى هدْيًا تطوُّعًا أن يأكُلَ منه إذا بلغ مَحِلَّه في الحَرَمِ.
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    1- قال اللهُ عزَّ وجلَّ: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج: 27]
    2- وقال عزَّ وجلَّ: فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا [الحج: 36]
    وَجْهُ الدَّلالة مِنَ الآيتينِ
    :
    أنَّ فيهما الأمْرَ بالأكلِ مِنَ الهَدْيِ، وأقلُّ أحوالِ الأمرِ الاستحبابُ
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما في حديثِه الطَّويلِ في صِفةِ حَجَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ثمَّ انصَرَف إلى المَنْحَر، فنَحَر ثلاثًا وسِتِّينَ بِيَدِه، ثم أعطى عليًّا، فنَحَر ما غَبَرَ، وأشْرَكَه في هَدْيِه، ثم أمَرَ مِن كُلِّ بَدَنةٍ ببَضْعةٍ، فجُعِلَت في قِدْرٍ، فطُبِخَتْ، فأكَلا مِن لَحْمِها وشَرِبا مِنْ مَرَقِها ))
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه معلومٌ أنَّ ما زاد على الواحِدةِ منها تطوُّعٌ، وقد أكل منها وشَرِبَ مِن مَرَقِها جميعًا
    2- عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((كنَّا لا نأكُلُ مِن لحوم بُدُنِنا فوق ثلاث منى فرَخَّصَ لنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: كُلُوا وتزَوَّدوا، فأكَلْنا وتَزَوَّدْنا ))
    ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على جوازِ الأكْلِ مِن هَدْيِ التطوُّعِ: النوويُّ، وابنُ عَبْدِ البَرِّ، وابنُ حَجَرٍ، والشنقيطيُّ
    رابعًا: أنَّه دمُ نُسُكٍ، ولا يتعَيَّن صَرْفُه إلى الفقراءِ، والقاعدةُ أنَّ ما لم يجِبْ صَرْفُه على الفُقَراءِ جاز الأكلُ منه
    الفرع الثَّاني: الأكْلُ مِنْ هَدْيِ التمتُّعِ والقِرانِ
    يجوزُ لصَاحِبِ الهَدْي أن يأكُلَ مِنْ هَدْيِ التمَتُّعِ والقِرانِ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والحَنابِلة
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكتاب
    قال اللهُ عزَّ وجلَّ: وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج: 28]
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه سبحانه أمَرَ بالأكلِ مِنَ الهَدْيِ، فعَمَّ ولم يخُصَّ واجبًا مِن تطوُّعٍ، وهي مِن شعائِرِ اللهِ، فلا يجبُ أن يُمتَنَع مِن أكْلِ شيءٍ منها إلَّا بدليلٍ لا مُعارِضَ له أو بإجماعٍ
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((فدُخِلَ علينا يومَ النَّحرِ بلَحْمِ بَقَرٍ، فقلتُ: ما هذا؟ فقيل: ذَبَحَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن أزواجِه ))
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ أزواجَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذَبَحَ عنهُنَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَقرًا، ودُخِلَ عليهِنَّ بلَحْمِه وهنَّ متمَتِّعاتٌ، وعائشةُ منهُنَّ قارِنَةٌ، وقد أكَلْنَ جميعًا مِمَّا ذُبِحَ عَنهُنَّ في تمتُّعِهِنَّ وقرانهن بأمْرِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهو نصٌّ صحيحٌ صريحٌ في جوازِ الأكلِ مِنْ هَدْيِ
    التمتُّعِ والقِرانِ
    ثالثًا: أنَّه دمُ نُسُكٍ وشُكْرانٍ، وسَبَبُه غيرُ محظورٍ، ولم يُسَمَّ للمساكينِ، ولا مَدْخَلَ للإطعامِ فيه، فأشبَهَ هَدْيَ التطوُّعِ
    الفرع الثَّالث: الأكلُ مِنَ الهَدْيِ الذي وجَبَ لتَرْكِ نُسُكٍ أو تأخيرِه، أو كان بسبَبِ فَسْخِ النُّسُكِ
    لا يجوز الأكلُ مِنَ الهَدْيِ الذي وجب لتَرْكِ نُسُكٍ أو تأخيرٍ، أو كان بسبَبِ فَسْخِ النُّسُكِ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة وذلك لأنَّه وقع الإجماعُ على أنَّ ما ألزَمَه اللهُ من ذلك فإنَّما ألزَمَه لغَيرِه، فغيرُ جائزٍ له أكْلُ ما عليه أن يتصَدَّقَ به, كما لو لَزِمَتْه زكاةٌ في مالِه لم يكُنْ له أن يأكُلَ منها, بل كان عليه أن يُعْطِيَها أهلَها الذين جَعَلَها اللهُ لهم
    الفرع الرابع: الأكْلُ مِنْ هَدْيِ الكفَّاراتِ
    لا يجوز الأكلُ مِن هَدْيِ الكفَّاراتِ الذي وجب لفعلِ محظورٍ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة، وهو قَوْلُ طائِفةٍ مِنَ السَّلَفِ؛ وذلك لأنَّها عِوَضٌ عنِ الترَفُّه، فالجمْعُ بين الأكلِ منها والتَّرَفُّه، كالجَمْعِ بين العِوَضِ
    والمُعَوَّضِ
    المطلب الثامن: مَنْ لم يقْدِرْ على الهَدْيِ
    الفرع الأوَّل: حُكْمُ مَن لم يقدِرْ على الهَدْيِ
    إذا لم يقدِرِ المتمَتِّعُ والقارِنُ على الهَدْيِ بأنْ لم يجِدْ هَدْيًا في السُّوقِ، أو وَجَدَه لكن لم يجِدْ معه ثَمَنَه- فإنِّه يصومُ عَشَرَةَ أيَّامٍ: ثلاثةً
    في الحَجِّ، وسَبْعةً إذا رَجَعَ
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    قَولُه تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ [البقرة: 196]
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((تمتَّعَ النَّاسُ مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالعُمرةِ إلى الحجِّ، فكان من النَّاسِ من أهدَى فساقَ الهَدْيَ، ومنهم من لم يَهْدِ، فلمَّا قَدِمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مكَّةَ، قال للنَّاسِ: من كان منكم أهدى، فإنَّه لا يَحِلُّ لشَيءٍ حَرُمَ منه حتى يقضِيَ حَجَّه، ومن لم يكُن منكم أهدى فلْيَطُفْ بالبيتِ، وبالصَّفَا والمروةِ، ولْيُقَصِّرْ، وليَحْلِلْ، ثمَّ لْيُهِلَّ بالحجِّ، فمن لم يجِدْ هدْيًا فلْيصُمْ ثلاثةَ أيَّامٍ في الحجِّ وسبعةً إذا رجَعَ إلى أهلِه ))
    ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنْذِر وابنُ قُدامة
    الفرع الثَّاني: وقْتُ صيامِ الأيَّامِ الثَلاثةِ في الحَجِّ لِمَنْ لم يَجِدِ الهَدْيَ
    مَن لم يجِدِ الهَدْيَ فإنَّه يبتدئُ الصِّيامَ مِن زَمَنِ إحرامِه، سواءٌ كان بإحرامِه بالعُمْرةِ إذا كان متمتِّعًا، أو كان بإحرامِه بالحَجِّ والعُمْرةِ
    إذا كان قارِنًا، وهذا مذهَبُ الحَنَفيَّة، والحَنابِلة، واختارَه ابنُ عُثيمين
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    قال الله تعالى: فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ [البقرة: 196]
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه جَعَلَ الحجَّ ظرفًا للصَّومِ، وأفعالُ الحَجِّ لا يُصامُ فيها، وإنَّما يُصامُ في أشْهُرِها أو وَقْتِها، فعَرَفْنا أنَّ المرادَ به وَقْتُ الحَجِّ،
    كما قال الله تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ [البقرة: 197]
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((دَخَلَتِ العُمْرةُ في الحَجِّ ))
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه يدلُّ على جوازِ الصِّيامِ مِنَ الإحرامِ بالعُمْرةِ؛ وذلك لأنَّ العُمْرةَ دَخَلَتْ في الحجِّ إلى يومِ القيامةِ
    ثالثًا: أنَّه لا بدَّ مِنَ الحُكْمِ بجوازِ الصَّومِ بعد الإحرامِ بالعُمْرةِ، وقبل الشُّروعِ في الحجِّ؛ إذ لو كان لا يجوزُ إلَّا بعد إحرامِه بالحَجِّ لَمَا أمكَنَه صيامُ الثَّلاثةِ أيَّامٍ؛ لأنَّه إنَّما يُشرَع له الإحرامُ بالحَجِّ يومَ التَّرْوِيةِ، فلا يتبقَّى له ما يَسَعُ الصِّيامَ
    رابعًا: أنَّ صيامَ المتمَتِّعِ قبل إحرامِه بالحَجِّ هو من بابِ تقديمِ الواجِبِ على وقتِ وُجوبِه إذا وُجِدَ سَبَبُه، وهو جائزٌ؛ كتقديمِ الكفَّارةِ
    على الحِنْثِ بعد اليَمينِ
    خامسًا: أنَّ إحرامَ العُمْرةِ أحَدُ إحرامَيِ التمتُّعِ، فجاز الصَّومُ بعده كإحرامِ الحَجِّ
    مسألةٌ:
    الأفضَلُ أن يُقَدِّمَ صيامَ الأيام الثلاثة على يومِ عَرَفة، ليكونَ يومَ عَرَفةَ مُفْطرًا، وهذا مذهَبُ الشَّافعيَّة، ورُوِيَ عن مالك،
    وهو قولٌ للحَنابِلة، وبه قالَتْ طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ، واختارَه ابنُ باز، وابنُ عُثيمين
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أفطَرَ بعَرَفةَ، وأرسَلَتْ إليه أمُّ الفَضْلِ بلَبَنٍ فشَرِبَ ))
    ثانيًا: أنَّ الفِطْرَ في هذا اليومِ أقوى على العبادةِ، وأنشَطُ له على الذِّكْرِ والدُّعاءِ
    الفرع الثَّالث: صيامُ أيَّامِ التَّشريقِ لِمَن لم يجِدِ الهَدْيَ
    يجوزُ صَوْمُ أيَّامِ التَّشريقِ لِمَن لم يجِدِ الهَدْيَ، ولم يكُنْ قد صامَها قبلَ يومِ النَّحرِ، وهذا مذهب المالِكيَّة، والحَنابِلة، وقولٌ للشافعيَّة،وبه قالَتْ طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ، واختاره البخاريُّ، وابنُ عَبْدِ البَرِّ، وابنُ حجرٍ، وابنُ باز، والألبانيُّ، وابنُ عُثيمين
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    قال تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ [البقرة: 196]
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ عمومَ قَولِه: فِي الْحَجِّ يعمُّ ما قبلَ يومِ النَّحرِ وما بَعْدَه، فتدخُلُ أيَّامُ التَّشريقِ
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عنِ ابنِ عُمَرَ وعائشةَ رَضِيَ اللهُ عنهما قالا: ((لم يُرخَّصْ في أيَّامِ التَّشريقِ أنْ يُصَمْنَ إلَّا لِمَن لا يجِدُ الهَدْيَ ))
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ قولَ الصَّحابيِّ: لم يُرخَّصْ أو رُخِّصَ لنا، أو ما أشبه ذلك؛ يُعتَبَر مرفوعًا حُكمًا
    ثالثًا: أنَّ صَوْمَها في أيَّامِ التَّشريقِ صَوْمٌ لها في أيَّامِ الحَجِّ؛ لأنَّ أيَّامَ التشريقِ أيَّامٌ للحَجِّ، ففيها رميُ الجَمَراتِ في الحادِيَ عَشَر
    والثَّاني عَشَر، وكذلك الثَّالثَ عَشَر
    الفرع الرابع: حُكْمُ مَن فاتَه الصِّيامُ في الحَجِّ
    مَن لم يَصُمِ ثلاثةَ الأيَّامِ في الحَجِّ؛ فإنَّه لا يَسقُطُ الصِّيامُ عنه، ويلزَمُه بعد ذلك القضاءُ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: المالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة؛ وذلك استدراكًا للواجِبِ
    الفرع الخامس: ما يلْزَمُ مَن أخَّرَ صيامَ الأيامِ الثَّلاثةِ التي في الحَجِّ حتى انتهى حَجُّه
    مَن أخَّرَ صيامَ الأيَّامِ الثَّلاثةِ التي في الحَجِّ حتى انتهى حجُّه، فلا تلزَمُه الفِدْيةُ، وهو مذهَبُ المالِكيَّة، والشَّافعيَّة، واختارَه ابنُ عُثيمين
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: أنَّه لَمَّا عَدِمَ الهَدْيَ صار الصِّيامُ واجبًا في حقِّه، فإذا تأخَّرَ عن أدائِه فإنَّه يُقضَى كرمضانَ
    ثانيًا: أنَّ الصَّومَ بَدَلٌ عن الهَدْيِ، فلو وجَبَ الدَّمُ لاجتمَعَ البَدَلُ والمُبدَلُ معه، وهو خلافُ الأصلِ
    الفرع السادس: حُكْمُ صيامِ الأيَّامِ السبْعةِ بمكَّةَ بعد فراغِه مِنَ الحَجِّ
    يجوزُ صِيامُ الأيام السبعة بمكَّةَ بعد فراغِه مِنَ الحجِّ، وإن كان الأفضَلُ تأخيرَه إلى أن يرجِعَ إلى أهْلِه، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والحَنابِلة، وهو قولٌ للشافعي
    الأدِلَّة:
    أدِلَّة جوازِ الصِّيامِ بعد فراغِه مِنَ الحَجِّ
    أولًا: مِنَ الكِتابِ
    قولُه تعالى: وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ [البقرة: 197]
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ المرادَ مِنَ الرُّجوعِ الفَراغُ مِنَ الحجِّ؛ لأنَّ الفراغَ منه سبَبُ الرُّجوعِ إلى أهلِه، فكان الأداءُ بعد حصولِ السَّبَب، فيجوزُ
    ثانيًا: أنَّ كُلَّ صَومٍ لَزِمَه، وجاز في وَطَنِه، جاز قبل ذلك، كسائِرِ الفُروضِ
    ثالثًا: أنَّه صومٌ وُجِدَ مِن أهْلِه بعد وجودِ سَبَبِه، فأجزَأَه، كصومِ المُسافِرِ والمريضِ
    أفضليَّةُ الصِّيامِ بعد رجوعِه إلى أهلِه:
    الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:
    عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((فمَنْ لم يجِدْ هَدْيًا فلْيَصُمْ ثلاثةَ أيَّامٍ في الحَجِّ، وسَبعةً إذا رجَعَ
    إلى أهلِه ))
    الفرع السابع: حُكْمُ التَّتابُعِ في صيامِ هذه الأيَّامِ
    يجوز صَوْمُ الثلاثةِ أيَّامِ في الحَجِّ، والسَّبعةِ إذا رجَعَ إلى أهلِه؛ متتابعةً ومتفَرِّقةً، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة، وحُكِيَ في ذلك الإجماعُ
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
    قال تعالى: فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ [البقرة: 196]
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: (( فمَنْ لم يَجِدْ هَدْيًا فلْيَصُمْ ثلاثةَ أيَّامٍ في الحَجِّ، وسبعةً إذا رجَعَ إلى أهلِه ))
    وَجْهُ الدَّلالة مِنَ الدَّليلينِ:
    أنَّ الشَّارِعَ أطلَقَ الصِّيامَ ولم يَشْتَرِطْ فيه التَّتابُعَ، والواجِبُ إطلاقُ ما أطلَقَه اللهُ ورسولُه
    ----------------------------------------------------------------
    بارك الله فيكم تابعونا أحبابنا جزاكم الله خيرا

    ولا تنسونا من صالح دعائكم
    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    تاسعاً : . المُزدَلِفةَ .  أسماءُ مُزدَلِفةَ . المَبيتِ بالمُزْدَلفة .رَميِ الجِمارِ .  زَمَنُ الرَّمْيِ . ذبحُ الهَدْي  .                                                                                                                                      Empty ذَبحُ الأضْحِيَّةِ

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين مايو 22, 2023 10:25 am

    ===== ذَبحُ الأضْحِيَّةِ =====
    المطلب الأوَّل: تعريفُ الأضْحِيَّةِ ومَشْروعِيَّتُها وحِكْمَةُ المشروعيَّة وفَضْلُها
    الفرع الأوَّل: تعريف الأضْحِيَّة
    الأضْحِيَّة لغةً: اسمٌ لِمَا يُضَحَّى به، أي: يُذبَحُ أيَّامَ عيدِ الأضحى، وجمعُها: الأَضاحِيُّ
    الأضْحِيَّةُ اصطلاحًا: ما يُذبَحُ من بهيمةِ الأنعامِ في يومِ الأضحى إلى آخِرِ أيَّامِ التَّشريقِ تقرُّبًا إلى اللهِ تعالى
    الفرع الثَّاني: مشروعيَّة الأضْحِيَّة
    الأضْحِيَّة مشروعةٌ.
    الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:
    نقل الإجماعَ على مشروعِيَّتِها: ابنُ قُدامة، وابنُ دقيق العيد، وابنُ حَجَر، والشوكانيُّ
    الفرع الثَّالث: حِكْمةُ مَشْروعيَّتِها
    مِن حِكَمِ مشروعيَّةِ الأضْحِيَّة:
    1- شُكْرُ اللهِ تعالى على نِعمةِ الحياةِ.
    2- إحياءُ سُنَّةِ إبراهيمَ الخليلِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ حين أمَرَه الله عزَّ اسمُه بذَبحِ الفِداءِ عن ولَدِه إسماعيلَ عليه الصَّلاة والسَّلامُ
    في يومِ النَّحرِ، وأن يتذكَّرَ المؤمِنُ أنَّ صَبرَ إبراهيمَ وإسماعيلَ- عليهما السَّلامُ- وإيثارَهما طاعةَ اللهِ ومحَبَّتَه على محبَّةِ النَّفْسِ والولدِ- كانا سبَبَ الفِداءِ ورَفْعِ البلاءِ، فإذا تذَكَّرَ المؤمِنُ ذلك اقتدى بهما في الصَّبرِ على طاعةِ الله، وتقديمِ محبَّتَه عزَّ وجلَّ على
    هوى النَّفْسِ وشَهْوَتِها.
    3- أنَّ في ذلك وسيلةٌ للتَّوسِعةِ على النَّفْسِ وأهلِ البَيتِ، وإكرامِ الجارِ والضَّيفِ، والتصَدُّقِ على الفقيرِ، وهذه كلُّها مظاهِرُ للفَرَحِ والسُّرورِ بما أنعَمَ اللهُ به على الإنسانِ، وهذا تحدُّثٌ بنعمةِ الله تعالى، كما قال عزَّ اسمُه: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ [الضحى: 11]
    4- أنَّ في الإراقةِ مبالغةً في تصديقِ ما أخبَرَ به اللهُ عزَّ وجلَّ؛ مِن أنَّه خَلَقَ الأنعامَ لنَفْعِ الإنسانِ، وأَذِنَ في ذَبْحِها ونَحْرِها؛ لتكونَ
    طعامًا له.
    الفرع الرابع: فَضْلُ الأضْحِيَّة
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    قَولُه تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج: 32]
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ الأضْحِيَّة مِن شعائِرِ اللهِ تعالى ومعالِمِه
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عن البَرَاءِ رَضِيَ اللهُ عنه: قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن ذبَحَ قبل الصَّلاةِ فإنَّما يذبحُ لنَفْسِه، ومَن ذَبَحَ بعد الصَّلاةِ فقد تَمَّ نسُكُه وأصاب سُنَّةَ المُسْلمينَ ))
    ثالثًا: أنَّ الذَّبحَ لله تعالى والتقَرُّبَ إليه بالقَرابينِ؛ من أعظَمِ العباداتِ، وأجَلِّ الطاعاتِ، وقد قَرَنَ اللهُ عزَّ وجلَّ الذَّبحَ بالصَّلاةِ في عِدَّةِ
    مواضِعَ مِن كتابِه العظيمِ؛ لبيانِ عِظَمِه وكَبيرِ شَأنِه وعُلُوِّ مَنزِلَتِه
    المطلب الثَّاني: حكم الأضْحِيَّة، وطريقةُ تعيينها
    الفرع الأوَّل: حُكْمُ الأضْحِيَّة
    الأضْحِيَّة سُنَّةٌ مؤكَّدةٌ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: المالِكيَّة في المشهور، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة، ومذهب الظَّاهريَّة، وهو إحدى الرِّوايتينِ عن أبي يوسُفَوبه قال أكثرُ أهلِ العِلمِ
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- عن أمِّ سَلَمةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا دخَلَت العَشْرُ، وأراد أحَدُكم أن يضَحِّيَ؛ فلا يَمَسَّ مِن شَعَرِه وبَشَرِه شيئًا ))
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه عَلَّقَ الأضْحِيَّةَ بالإرادةِ، والواجِبُ لا يُعلَّقُ بالإرادةِ
    2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَرَ بكبشٍ أقرَنَ، يطَأُ في سوادٍ، ويَبْرُكُ في سوادٍ، وينظُرُ في سوادٍ؛ فأُتِيَ به ليُضَحِّيَ به، فقال لها: يا عائشةُ، هَلُمِّي المُدْيَةَ. ثم قال: اشْحَذِيها بحَجَرٍ، ففَعَلَتْ: ثمَّ أخَذَها وأخَذَ الكَبْشَ فأضجَعَه، ثم ذبَحَه، ثمَّ قال: باسْمِ اللهِ، اللهُمَّ تقبَّلْ مِن محمَّدٍ وآلِ محمَّدٍ، ومنْ أمَّةِ محمَّدٍ. ثم ضحَّى به ))
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ تَضْحِيَتَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن أمَّتِه وعن أهلِه؛ تُجْزِئُ عن كُلِّ مَن لم يُضَحِّ، سواءٌ كان متمكِّنًا مِنَ الأضْحِيَّةِ أو غيرَ متمَكِّنٍ
    ثانيًا: مِنَ الآثارِ
    1- عن حُذيفةَ بنِ أُسَيدٍ، قال: ((لقد رأيتُ أبا بكرٍ وعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما وما يُضَحِّيانِ عن أهلِهما؛ خَشْيَةَ أن يُسْتَنَّ بهما، فلمَّا جِئْتُ بلَدَكم هذا حَمَلَني أهلي على الجَفَاءِ بعدَ ما علِمْتُ السُّنَّةَ))
    2- قال عِكْرَمةُ: ((كان ابنُ عبَّاسٍ يبعَثُني يومَ الأضحى بدرهمينِ أشتري له لَحْمًا، ويقول: مَن لَقِيتَ فقل: هذه أضْحِيَّةُ ابنِ عبَّاسٍ))
    3- عن أبى مسعودٍ الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: (إنِّي لأَدَعُ الأضحى وإنِّي لمُوسِرٌ؛ مخافةَ أن يرى جِيراني أنَّه حَتْمٌ عليَّ)
    ثالثًا: أنَّها ذبيحةٌ لم يجِبْ تفريقُ لَحْمِها، فلم تكُنْ واجبةً، كالعقيقةِ
    الفرع الثَّاني: حُكْمُ الأضْحِيَّةِ المَنذورةِ
    مَن نَذَرَ أن يُضَحِّيَ، فإنَّه يجِبُ عليه الوفاءُ بنَذْرِه، سواءٌ كان النَّذْرُ لأضْحِيَّةٍ معيَّنةٍ أو غيرِ مُعَيَّنةٍ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة
    الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:
    عن عائشةَ، رَضِيَ اللهُ عنها عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((مَن نَذَرَ أن يُطيعَ اللهَ فلْيُطِعْه، ومَن نَذَرَ أن يَعْصِيَه فلا يَعْصِه
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ التَّضْحيةَ قُربةٌ لله تعالى، فتلْزَمُ بالنَّذرِ؛ كسائِرِ القُرَبِ
    الفرع الثَّالث: ما يحصُلُ به تعيينُ الأضْحِيَّةِ
    تَعْيِينُ الأضْحِيَّةِ يحصُلُ بشِراءِ الأضْحِيَّةِ مع النيَّةِ، وهو مذهَبُ الحَنَفيَّة، وقولٌ للحَنابِلة، وبه قال ابنُ القاسِمِ مِنَ المالِكيَّة، واختاره ابنُ تيميَّة، وبه أفتَتِ اللَّجنةُ الدَّائمةُ
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أنَّه قال: ((إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ، وإنَّما لكُلِّ امرئٍ ما نوى ))
    2- عن أبي حُصَينٍ: أنَّ ابنَ الزُّبيرِ رَضِيَ اللهُ عنه رأى هَدْيًا له، فيه ناقَةٌ عَوْراءُ، فقال: إنْ كان أصابَها بعدما اشْتَرَيتُموها فأَمْضُوها، وإنْ كان أصابَها قبلَ أن تَشْتَرُوها فأَبْدِلُوها
    ثانيًا: أنَّ الفِعْلَ مع النيَّةِ يقومُ مقامَ اللَّفْظِ، إذا كان الفِعْلُ يدلُّ على المقصودِ؛ كمن بنى مسجدًا، وأَذِنَ في الصَّلاةِ فيه
    ثالثًا: أنَّه مأمورٌ بشِراءِ أضْحِيَّةٍ، فإذا اشتراها بالنيَّةِ وقَعَتْ عنه كالوكيلِ
    المطلب الثَّالث: شروط صحة الأضْحِيَّة
    الفرع الأوَّل: أن تكونَ مِنَ الأنعامِ
    يُشْتَرَط أن تكونَ الأضْحِيَّةُ مِن بهيمةِ الأنعامِ؛ وهي الإبِلُ والبَقَرُ والغَنَمُ.
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكتاب
    قال تعالى: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ [الحج: 28]
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين، أملحين أقرنين، ذبحهما بيده وسمى وكبر، ووضع رجله على صفاحهما ))
    2
    - عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَذْبَحوا إلَّا مُسِنَّةً إلَّا أن يَعْسُرَ عليكم، فتَذْبحوا جَذَعةً مِنَ الضَّأْنِ ))
    ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ عَبْدِ البَرِّ، وابنُ رُشْدٍ، والنوويُّ، والصنعانيُّ
    الفرع الثَّاني: أن تكونَ قد بلغَتِ السِّنَّ المُعتَبَرة شَرعًا
    يُشْتَرَط في الأضْحِيَّةِ أن تكون قد بلغَتِ السِّنَّ المُعتَبَرة شرعًا، فلا تُجْزِئُ التَّضحيَةُ بما دون الثنيَّةِ مِن غيرِ الضَّأنِ،
    ولا بما دُونَ الجَذَعةِ مِنَ الضَّأنِ.
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَذبَحوا إلَّا مُسِنَّةً إلَّا أنْ يَعْسُرَ عليكم، فتذبَحوا جَذَعةً مِنَ الضَّأنِ ))
    ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ عَبْدِ البَرِّ، والنوويُّ، والشنقيطيُّ، وحكاه ابْنُ حَزْمٍ في إجزاءِ الثَّنِيِّ مِنَ المَعْزِ، والتِّرمذيُّ في إجزاءِ الجَذَعِ
    مِنَ الضَّأنِ
    مسألةٌ: معنى الثَّنِيِّ مِنَ الإبِلِ والبَقَرِ والغَنَمِ، والجَذَعِ مِنَ الضَّأْنِ
    الثَّنِيُّ مِنَ الإبِلِ ما أتمَّ خَمْسَ سنينَ، ومِنَ البَقَرِ ما أتمَّ سَنتينِ، ومِنَ المَعْزِ ما أتمَّ سَنَةً، والجَذَعُ مِنَ الضَّأنِ ما أتمَّ سِتَّةَ أشْهُرٍ؛ نصَّ على هذا التَّفصيلِ: فُقهاءُ الحَنَفيَّةِ، والحَنابِلة، واختارَه ابنُ عُثيمين، وأفتت به اللَّجنةُ الدَّائمةُ
    الفرع الثَّالث: السَّلامةُ مِنَ العُيوبِ المانِعةِ مِنَ الإجزاءِ
    يُشْتَرَطُ في الأضْحِيَّةِ السَّلامةُ مِنَ العيوبِ المانعةِ مِنَ الإجزاءِ، فلا تُجْزِئُ التَّضحيَةُ بالعوراءِ البَيِّنِ عَوَرُها، والمريضَةِ البَيِّنِ مَرَضُها، والعَرْجاءِ البَيِّنِ ضَلْعُها، والعَجْفاءِ التي لا تُنقِي
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عن البَراءِ بنِ عازبٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((سمعْتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- وأشار بأصابِعِه، وأصابعي أقصَرُ مِن أصابِعِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يُشيرُ بأُصْبُعِه؛ يقولُ: لا يجوز مِنَ الضحايا: العوراءُ البَيِّنُ عَوَرُها، والعَرْجاءُ البَيِّنُ عَرَجُها، والمريضةُ البَيِّنُ مَرَضُها، والعَجفاءُ التي لا تُنْقِي ))
    ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ حَزْمٍ وابنُ عَبْدِ البَرِّ، وابنُ رُشدٍ، وابنُ قُدامة، والنوويُّ
    الفرع الرابع: أن تكونَ التَّضحِيةُ في وقتِ الذَّبحِ
    (يُنظَر: أوَّلُ وقتِ التَّضحيةِ، وآخِرُ وَقْتِها)
    الفرع الخامس: نيَّةُ التَّضحيةِ
    يُشْتَرَط على المضَحِّي أن ينوِيَ بها التَّضحيةَ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة والحَنابِلة
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّما الأعمالُ بالنِّياتِ، وإنَّما لكُلِّ امرئٍ ما نوى ))
    ثانيًا: أنَّ الذَّبحَ قد يكون لِلَّحمِ، وقد يكون للقُرْبَةِ، والفعلُ لا يقَعُ قُرْبَةً بدونِ النيَّةِ
    المطلب الرابع: وقتُ الأضْحِيَّة
    الفرع الأوَّل: أوَّلُ وقْتِ التَّضحيةِ
    المسألة الأولى: ذَبْحُ الأضْحِيَّةِ قبل طُلوعِ الفَجرِ يومَ النَّحرِ
    لا يجوزُ ذَبحُ الأضْحِيَّةِ قبل طُلوعِ الفَجرِ في يومِ النَّحرِ.
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ

    عَنِ البَرَاءِ بنِ عازبٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: سَمِعْتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يخطُبُ، فقال: ((إنَّ أوَّلَ ما نبدأُ مِن يَوْمِنا هذا أنْ نُصَلِّيَ، ثم نرجِعَ فنَنْحَرَ، فمَن فَعَلَ هذا فقد أصابَ سُنَّتَنا، ومَن نَحَر فإنَّما هو لحْمٌ يقَدِّمُه لأهْلِه، ليسَ مِنَ النُّسُكِ في شيءٍ ))
    ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ المُنْذِر، وابنُ عَبْدِ البَرِّ، والقرطبيُّ
    المسألة الثَّانيَة: ذبحُ الأضْحِيَّةِ قبل الصَّلاةِ
    لا يجوزُ ذَبحُ الأضْحِيَّةِ قبل صلاةِ العيدِ.
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- عَنِ البَرَاءِ بنِ عازبٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: سَمِعْتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يخطُبُ، فقال: ((إنَّ أوَّلَ ما نبدأُ مِن يَوْمِنا هذا أنْ نُصَلِّيَ، ثم نرجِعَ فنَنْحَرَ، فمَن فَعَلَ هذا فقد أصابَ سُنَّتَنا، ومَن نَحَر فإنَّما هو لحْمٌ يقَدِّمُه لأهْلِه، ليسَ مِنَ النُّسُكِ في شيءٍ ))
    2- عن جُنْدَبَ بنِ سُفيانَ البَجَليِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((ضَحَّيْنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أضْحِيَّةً ذاتَ يومٍ، فإذا أُناسٌ قد ذبحوا ضحاياهم قبلَ الصَّلاةِ، فلما انصَرَفَ رآهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّهم قد ذبَحوا قبل الصَّلاةِ، فقال: من ذَبَحَ قبل الصَّلاةِ فلْيَذْبَحْ مكانَها أخرى، ومَن كان لم يَذْبَحْ حتى صَلَّيْنا فلْيَذْبَحْ على اسْمِ اللهِ ))
    ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ عَبْدِ البَرِّ والنوويُّ، وابنُ رُشدٍ
    الفرع الثاني: ابتداءُ وَقتِ ذَبحِ الأضْحِيَّةِ
    يبدأُ وقتُ الأضْحِيَّةِ بعد صلاةِ العيدِ، وهذا مذهَبُ الحَنَفيَّة، والحَنابِلة، واختارَه الطَّحاوي، والشوكانيُّ، وابنُ عُثيمين
    الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ:
    1- عَنِ البَرَاءِ بنِ عازبٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: سَمِعْتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يخطُبُ، فقال: ((إنَّ أوَّلَ ما نبدأُ مِن يَوْمِنا هذا أنْ نُصَلِّيَ، ثم نرجِعَ فنَنْحَرَ، فمَن فَعَلَ هذا فقد أصابَ سُنَّتَنا، ومَن نَحَر فإنَّما هو لحْمٌ يقَدِّمُه لأهْلِه، ليسَ مِنَ النُّسُكِ في شيءٍ ))
    2- عن جُنْدَبَ بنِ سُفيانَ البَجَليِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((ضَحَّيْنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أضْحِيَّةً ذاتَ يومٍ، فإذا أُناسٌ قد ذبحوا ضحاياهم قبلَ الصَّلاةِ، فلما انصَرَفَ رآهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّهم قد ذبَحوا قبل الصَّلاةِ، فقال: من ذَبَحَ قبل الصَّلاةِ فلْيَذْبَحْ مكانَها أخرى، ومَن كان لم يَذْبَحْ حتى صَلَّيْنا فلْيَذْبَحْ على اسْمِ اللهِ ))
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ الحديثَ يدُلُّ على أنَّ مَن ذَبَح بعد الصَّلاةِ، فله نُسُكٌ، سواءٌ انتهت الخُطبةُ أم لم تَنْتَهِ، وسواءٌ ذبَحَ الإمامُ أم لم يذبَحْ، وأنَّ مَن ذبَحَ
    قبل الصَّلاةِ، فعليه أن يذبَحَ أخرى مكانَها
    3- عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَنْ ذَبَحَ قبل الصَّلاةِ فلْيُعِدْ))
    الفرع الثالث: وقتُ الأضْحِيَّةِ في غيرِ أهْلِ الأمصارِ
    يَبدأُ وقْتُ الأضْحِيَّةِ لِمَن كان بمَحَلٍّ لا تُصلَّى فيها صلاةُ العيدِ كأهلِ البوادي: بَعدَ قَدْرِ فِعْلِ صلاةِ العيدِ بعدَ طلوعِ الشَّمسِ قِيدَ رُمْحٍ، وهذا مذهَبُ الحَنابِلةِ، واختارَه ابنُ عُثيمين؛ وذلك لأنَّه لا صلاةَ في حقِّهم تُعتَبَر، فوجب الاعتبارُ بِقَدْرِها
    الفرع الرابع: زَمَن التَّضحيةِ وحُكْمُ التَّضحيةِ ليلًا
    المسألة الأولى: زَمَنُ التَّضحيةِ
    اختلف الفقهاءُ في زَمَنِ التَّضحيةِ على قولينِ:
    القول الأوّل: أيَّامُ التَّضحيةِ ثلاثةٌ: يومُ العيدِ واليومانِ الأوَّلانِ مِن أيَّامِ التَّشريقِ،
    وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والحَنابِلة
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، ((أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهى أن تُؤكَلَ لُحومُ الأضاحيِّ بعد ثلاثٍ ))
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه- صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- نهى عن أكْلِ لُحومِ الأضاحيِّ فوقَ ثلاثةِ أيَّامٍ، ولو كان اليومُ الرابعُ يومَ ذبحٍ، لكان الذبحُ مشروعًا في وقتٍ يَحرُمُ فيه الأكلُ، ثُمَّ نُسِخَ بعد ذلك تحريمُ الأكلِ، وبَقِيَ وقتُ الذَّبحِ بحالِه
    ثانيًا: أنَّه وَرَدَ عن الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم تخصيصُه بالعيدِ ويومينِ بعده: منهم عمر، وعلي، وابن عمر، وابن عبَّاسٍ، وأبو هريرة، وأنس، رَضِيَ اللهُ عنهم، ولا يُعرَف لهم مِنَ الصَّحابةِ مخالِفٌ, ومِثْلُ هذا لا يُقالُ بالرأي
    ثالثًا: أنَّه قد ثبت الفَرْقُ بين أيَّامِ النَّحر وأيَّامِ التَّشريقِ؛ ولو كانت أيَّامُ النَّحرِ أيَّامَ التَّشريقِ لَمَا كان بينهما فَرْقٌ، وكان ذِكْرُ أحدِ العَدَدينِ
    يَنوبُ عن الآخَرِ
    القول الثاني: يبقى وَقتُ التَّضْحِيةِ إلى آخِرِ أيَّامِ التَّشريقِ، وهو مذهَبُ الشَّافعيَّة، وقولٌ للحَنابِلة، وهو قَوْلُ طائِفةٍ مِنَ السَّلَفِ، واختارَه ابنُ تيميَّة، وابنُ القَيِّم، والشوكانيُّ، وابنُ باز، وابنُ عُثيمين
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- عن جُبَيرِ بنِ مُطْعِمٍ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النبىِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((كلُّ مِنًى منحَرٌ، وكلُّ أيَّامِ التَّشريقِ ذَبْحٌ))
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ الحديثَ نَصٌّ في الدَّلالةِ على أنَّ كُلَّ أيَّامِ مِنًى أيامُ نَحرٍ
    2- عن نُبَيْشةَ الهُذَلِيِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أيَّامُ التَّشريقِ أيَّامُ أكْلٍ وشُرْبٍ وذِكْرٍ للهِ عَزَّ وجَلَّ
    ثانيًا: أنَّ الثَّلاثةَ أيَّامٍ تختَصُّ بكونها أيامَ مِنًى، وأيامَ الرَّمْيِ، وأيَّامَ التَّشريقِ، وأيَّامَ تَكبيرٍ وإفطارٍ، ويحرُمُ صيامُها؛
    فهى إخْوةٌ في هذه الأحكامِ، فكيف تَفْتَرِقُ في جوازِ الذَّبحِ بغيرِ نَصٍّ ولا إجماعٍ؟!
    [size=24]
    المسألة الثَّانيَة: حُكْمُ التَّضحيةِ في ليالي أيَّامِ النَّحرِ

    التَّضحيةَ في اللَّيلِ تُجزئُ، وهو مذهَبُ: الحَنَفيَّة، والشَّافعيَّة، وقول للحَنابِلة، واختيارُ ابْنِ حَزْمٍ، والصنعانيِّ، والشوكانيِّ، وابنِ عُثيمين
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكتاب
    قولُ الله تعالى وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ [الحج: 28]
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ الأيَّامَ تُطلَقُ لغةً على ما يشمَلُ اللياليَ
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عن جُبَيرِ بنِ مُطعِمٍ رَضِيَ اللهُ عنه عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((كلُّ أيَّامِ التَّشريقِ ذبْحٌ))
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    ذِكْرُ الأيَّامِ في الحديثِ وإنْ دلَّ على إخراجِ اللَّيالي بمفهومِ اللَّقَبِ، لكِنَّ التعبيرَ بالأيَّامِ عن مجموعِ الأيامِ واللَّيالي،
    والعَكْسُ مشهورٌ متداوَلٌ بين أهْلِ اللُّغةِ، لا يكادُ يتبادَرُ غيرُه عند الإطلاقِ
    ثالثًا: أنَّ الليلَ زَمَنٌ يَصِحُّ فيه الرَّميُ، وداخِلٌ في مدَّةِ الذَّبحِ، فجاز فيه كالأيَّامِ
    رابعًا: أنَّ اللهَ قد أباح ذَبْحَ الحيوانِ في أيِّ وقتٍ
    خامسًا: أنَّ القول بالكراهة يحتاج إلى دليل
    الفرع الخامس: المُبادَرةُ إلى التَّضحِيَةِ
    يُستحَبُّ المبادرَةُ في ذبْحِ الأضْحِيَّةِ بعد دخولِ وَقْتِها، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: ما فيه مِنَ المبادَرَةِ إلى الخيرِ، والخروجِ مِنَ الخلافِ
    ثانيًا: أنَّ اللهَ جَلَّ شأنُه أضافَ عبادَه في هذه الأيامِ بلُحومِ القَرابينِ، فكانت التَّضحِيَةُ في أوَّلِ الوَقتِ مِن بابِ سُرعةِ الإجابةِ إلى ضيافَةِ اللهِ جَلَّ شأنُه
    المطلب الخامس: من آدابِ التَّضحِيَة وسُنَنِها
    الفرع الأوَّل: حُكْمُ حَلْقِ الشَّعر وتقليمِ الأظفار لِمَن أراد أن يضَحِّيَ
    اختلفَ الفُقهاءُ في حُكْمِ حَلْقِ الشَّعْرِ وتقليمِ الأظفارِ لمَنْ أراد أن يضَحِّي، بعد رؤيةِ هلالِ ذِي الحِجَّة، على أقوالٍ،أقواها قولان:
    القول الأوّل: يَحْرُمُ على مَن أراد أن يضَحِّي- إذا رأى هلالَ ذي الحِجَّة- أن يحلِقَ شَعْرَه
    أو أن يُقَلِّمَ أظفارَه، حتى يضَحِّيَ، وهو مذهَبُ الحَنابِلة، ووجهٌ للشَّافعيَّة، وهو قَوْلُ طائِفةٍ مِنَ السَّلَفِ، واختارَه ابْنُ حَزْمٍ، وابنُ القَيِّم،
    وابنُ باز، وابنُ عُثيمين
    الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:
    عن أمِّ سَلَمةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن كان عِندَه ذبْحٌ يُريدُ أن يذبَحَه فرأى هلالَ ذي الحِجَّةِ؛ فلا يَمَسَّ مِن شَعْرِه، ولا مِن أظفارِه، حتى يضَحِّيَ ))
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ مُقتضى النَّهْيِ التَّحريمُ، وهو خاصٌّ يجِبُ تقديمُه على عمومِ غَيرِه
    القول الثاني: يُكرَه لِمَن أراد أن يضَحِّيَ أن يحلِقَ شَعْرَه أو أن يقَلِّمَ أظفارَه حتى يضَحِّيَ،
    وهذا مذهبُ المالِكيَّة، والشَّافعيَّة وهو قولٌ للحَنابِلة
    الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:
    1- عن أمِّ سَلَمةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن كان عِندَه ذبْحٌ يُريدُ أن يذبَحَه فرأى هلالَ ذي الحِجَّةِ؛ فلا يَمَسَّ مِن شَعْرِه، ولا مِن أظفارِه، حتى يضَحِّيَ ))
    2- حديثُ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّها قالت: ((أنا فَتَلْتُ قلائِدَ هَدْيِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيَدَيَّ ثمَّ قَلَّدَها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيَدِه ثمَّ بعثَ بها مع أبي، فلم يَحْرُمْ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شَيءٌ مِمَّا أحَلَّهُ اللهُ حتى نَحَرَ الهَدْيَ ))
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    1- أنَّه لم يَحْرُمْ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شيءٌ بِبَعْثِه بِهَدْيِه، والبَعْثُ بالهَدْيِ أكثَرُ من إرادةِ التَّضحيةِ، ولم يكنِ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِيفعَلَ ما نَهى عنه
    2- أنَّ النَّهْيَ محمولٌ على الكراهَةِ جمعًا بين النصوصِ
    مسألةٌ: حُكْمُ الفِدْيةِ لِمَن أرادَ أن يُضَحِّيَ فأخَذَ مِن شَعَرِه أو قَلَّمَ أظفارَه
    لا فِدْيةَ على مَن أراد أن يُضحِّيَ، وحَلَقَ شَعْرَه أو قَلَّمَ أظْفارَه.
    الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ قُدامة، والمرداوي
    الفرع الثَّاني: أن يذبَحَ بنَفْسِه إذا استطاعَ
    يُستحَبُّ أن يذبَحَ بنَفْسِه إذا استطاعَ.
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((ضحَّى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بكَبشينِ أملحَينِ أقْرَنينِ، ذبَحَهما بيَدِه، وسَمَّى وكَبَّرَ، ووَضَعَ رِجْلَه على صِفاحِهما ))
    ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك النوويُّ
    ثالثًا: أنَّها قُربةٌ، وفِعْلُ القُربةِ أَوْلى مِنِ استنابَتِه فيها
    الفرع الثالث: الأكلُ والإطعامُ والادِّخارُ مِنَ الأضْحِيَّة
    يجوزُ للمُضَحِّي أن يأكُلَ من أضحِيَّتِه ويَطعَمَ ويدَّخِرَ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكتاب
    قَولُه تعالى: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج: 27]
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أنَّه نهى عن أكْلِ لُحومِ الضَّحايا بعد ثلاثٍ، ثم قال بعدُ: كُلُوا، وتَزَوَّدوا، وادَّخِروا ))
    2- عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا ضحَّى أحَدُكم فلْيَأْكُلْ مِنْ أُضْحِيَّتِه ))
    المطلب السادس: الاستِنابةُ في ذَبْحِ الأضْحِيَّة
    يجوز للمُضَحِّي أن يستنيبَ في ذَبْحِ أُضْحِيَّتِه، إذا كان النَّائِبُ مُسلِمًا، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة والحَنابِلة، وحُكِيَ فيه الإجماعُ
    الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:
    عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نحَرَ ثلاثًا وسِتِّينَ بيده، ثم أعطى عليًّا فنَحَرَ ما غَبَرَ ))
    المطلب السابع: أيُّهما أفضَلُ: ذبحُ الأضْحِيَّةِ أو التصَدُّقُ بثَمَنِها؟
    ذبحُ الأضْحِيَّةِ أفضَلُ مِنَ التصَدُّقِ بثَمَنِها؛ نصَّ على هذا فُقهاءُ الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والحَنابِلة، واختارَه ابنُ باز، وابنُ عُثيمين
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: أنَّ إيثارَ الصَّدَقةِ على الأضْحِيَّةِ يُفضِي إلى تَرْكِ سُنَّةٍ سَنَّها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
    ثانيًا: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ضحَّى والخلفاءُ بعده، ولو عَلِمُوا أنَّ الصَّدَقةَ أفضَلُ لعَدَلُوا إليها
    ثالثًا: أنَّ الأضاحِيَّ واجبةٌ عند طائفةٍ مِنَ الفقهاء، أمَّا التصَدُّقُ بثَمَنِها فهو تطوُّعٌ محضٌ
    رابعًا: أنَّ الأضاحيَّ تفوتُ بفَواتِ وَقْتِها بخلافِ الصَّدَقةِ بثَمَنِها، فإنَّه لا يفوتُ، نظيرُ الطَّوافِ للآفاقيِّ، فإنَّه أفضَلُ له مِنَ الصَّلاةِ؛
    لأنَّ الطَّوافَ في حَقِّه يفوتُ بخلافِ المكِّيِّ
    خامسًا: أنَّ فيها جمعًا بين التقَرُّبِ إلى الله تعالى بإراقةِ الدَّمِ والتصَدُّقِ، ولا شكَّ أنَّ الجمعَ بين القُرْبَتينِ أفضَلُ
    المطلب الثامن: إعطاءُ الجَزَّارِ مِنَ الأضْحِيَّة ثمنًا لذَبْحِه
    لا يجوزُ إعطاءُ الذَّابحِ مِنَ الأضْحِيَّة ثمنًا لذَبحِه، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((أمَرَني رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن أقومَ على بُدُنِه، وأن أتصَدَّقَ بلَحْمِها وجُلُودِها وأَجِلَّتِها، وأنْ لا أعطِيَ الجزَّارَ منها، قال: نحنُ نُعطيه مِن عِندِنا ))
    ثانيًا: أنَّ ما يدفَعُه إلى الجزَّارِ أجرةُ عِوَضٍ عن عَمَلِه وجِزارَتِه، ولا تجوزُ المعاوَضةُ بشيءٍ منها
    المطلب التاسع: الأضْحِيَّةُ عن المَيِّتِ استقلالًا
    لا تُشْرَعُ الأضْحِيَّةُ عن الميِّتِ استقلالًا، وهو مذهَبُ الشَّافعيَّة، واختارَه ابنُ عُثيمين، وكَرِهَها المالِكيَّة
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكتاب
    قَولُه تعالى: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى [النجم: 39]
    ثانيًا: لم يَرِدْ عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولا عن الصَّحابةِ ولا عن أحدٍ مِنَ السَّلَفِ أنَّهم ضَحَّوْا عن الأمواتِ استقلالًا
    ثالثًا: أنهَّا عبادةٌ، والأصلُ أنْ لا تُفعَلَ عن الغيرِ إلَّا ما خَرَجَ بدليلٍ، لا سيَّما مع عَدَمِ الإذنِ
    رابعًا: أنَّ المقصودَ بذلك غالبًا المباهاةُ والمُفاخَرةُ
    ------------------------------------------------------------
    تابعونا أحبابنا جزاكم الله خيرا

    ولا تنسونا من صالح دعائكم
    avatar
    انهار الجنه


    عدد المساهمات : 228
    تاريخ التسجيل : 07/03/2010

    تاسعاً : . المُزدَلِفةَ .  أسماءُ مُزدَلِفةَ . المَبيتِ بالمُزْدَلفة .رَميِ الجِمارِ .  زَمَنُ الرَّمْيِ . ذبحُ الهَدْي  .                                                                                                                                      Empty رد: تاسعاً : . المُزدَلِفةَ . أسماءُ مُزدَلِفةَ . المَبيتِ بالمُزْدَلفة .رَميِ الجِمارِ . زَمَنُ الرَّمْيِ . ذبحُ الهَدْي .

    مُساهمة من طرف انهار الجنه الأحد يونيو 04, 2023 8:13 am

    اللهم أرزقنا حج بيتك الحرام وزيارة حبيبك المصطفي صل الله عليه وسلم

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 9:59 am