... استلامُ الحَجَرِ الأسودِ وتَقبيلُه ...
المطلب الأوَّل: حُكْمُ استلامِ الحَجَرِ الأسوَدِ وتقبيلِه
يُسَنُّ استلامُ الحَجَر الأسوَدِ وتقبيلُه
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّ
ةِ
1- أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه قال للرُّكْن: ((أمَا واللهِ، إنِّي لأعلمُ أنَّك حَجَر لا تَضُرُّ ولا تنفَعُ، ولولا أنِّي رأيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم استَلَمَك ما استَلَمْتُك، فاسْتَلَمَه، ثمَّ قال: فما لنا وللرَّمَل، إنَّما كنَّا راءَيْنا به المشركينَ، وقد أهْلَكَهم اللهُ؟ ثم قال: شيءٌ صَنَعَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلا نُحِبُّ أن نَتْرُكَه ))، وفي روايةٍ: ((أنَّه جاء إلى الحَجَرِ الأسوَدِ فقَبَّلَه، فقال: «إنِّي أعلَمُ أنَّك حَجَرٌ لا تضرُّ ولا تنفَعُ، ولولا أنِّي رأيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُقَبِّلُك ما قَبَّلْتُك ))
2- عن سُوَيدِ بنِ غَفَلةَ، قال: ((رأيتُ عُمَرَ قبَّل الحَجَرَ والتَزَمَه، وقال: رأيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بك حفِيًّا ))
3- عن الزُّبَير بن عربيٍّ، قال: ((سأل رجلٌ ابنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما عن استلامِ الحَجَر، فقال: رأيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يستَلِمُه ويُقَبِّلُه، قال: قلت: أرأيتَ إن زُحِمْتُ؟ أرأيتَ إن غُلِبْتُ؟ قال: اجعَلْ أرأيتَ باليَمَنِ، رأيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَسْتَلِمُه ويُقَبِّلُه ))
4- عن جابرِ بنِ عبدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّه قال في صِفَةِ حَجَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَمَّا قَدِمَ مكَّة أتى الحَجَرَ فاستلَمَه، ثم مشى على يَمينِه، فرَمَلَ ثلاثًا، ومشى أربعًا ))
ثانيًا: مِنَ الإجماع
نقل الإجماعَ على سُنِّيَّة استلامِ الحَجَرِ الأسوَدِ ابْنُ حَزْمٍ، وابنُ عَبْدِ البَرِّ، وابنُ رُشْدٍ والنوويُّ
المطلب الثَّاني: التكبيرُ عند الحَجَرِ الأسْوَدِ في كلِّ طَوْفَةٍ
يُسَنُّ التكبيرُ عند استلامِ الحَجَرِ الأسودِ، أو الإشارةُ إليه، وذلك كلَّما حاذاه في كلِّ طَوْفَةٍ.
الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:
عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((طافَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالبيتِ على بعيرٍ، كلَّما أَتَى الرُّكْنَ أشارَ إليهِ بشيءٍ كان عندَهُ وكَبَّرَ ))
المطلب الثَّالث: كيفيةُ الإشارةِ إلى الحَجَرِ الأسوَدِ
إذا لم يستَلِمِ الحَجَرَ الأسودَ ويُقَبِّلُه، فله أن يستَلِمَه ويُقَبِّلَ يَدَه، وله أن يستَلِمَه بشيءٍ يكون معه، ويقَبِّلَه، وله أن يشيرَ إليه بِيَدِه من غيرِ
تقبيلٍ.
الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن نافعٍ، قال: ((رأيتُ ابنَ عُمَرَ يستلِمُ الحجَرَ بيَدِه، ثم قبَّلَ يدَه، وقال: ما تركتُه منذ رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يفعَلُه ))
2- عن أبي الطُّفَيلِ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((رأيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يطوف بالبيتِ، ويستلِمُ الرُّكْنَ بمِحْجَنٍ معه، ويقبِّلُ المِحْجَنَ ))
3- عن جابرِ بنِ عبد الله رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((طاف رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالبيتِ في حجَّةِ الوداعِ على راحِلَتِه يستلِمُ الحَجَر بمِحْجَنِه؛ لأنْ يراه النَّاسُ ولِيُشْرِفَ ولِيَسألوه؛ فإنَّ النَّاسَ غَشُوه ))
:... استلامُ الرُّكْنِ اليمانيِّ ...
يُستحبُّ استلامُ الرُّكْنِ اليمانيِّ، وهو الرُّكْنُ الواقِعُ قبل رُكْنِ الحَجَرِ الأسودِ, ولا يُقَبِّلُه، ولا يُقَبِّلُ ما استلَمَ به.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((ما تركتُ استلامَ هذين الرُّكْنينِ: اليمانيِّ والحَجَر، مُذْ رأيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَسْتَلِمُهما، في شدةٍ ولا رخاءٍ ))
2- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّه قال: ((لم أرَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يمسَحُ مِنَ البيت، إلَّا الرُّكْنينِ اليَمَانِيَّينِ
3- عن سالمٍ عن أبيه أنه قال: ((لم يكنْ رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يستلِمُ من أركانِ البَيْتِ إلَّا الرُّكْنَ الأسوَدَ، والذي يليه، من نحوِ دُورِ الجُمَحِيِّينَ ))
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ عَبْدِ البَرِّ، وابنُ رُشْدٍ
مطلبٌ: استلامُ غيرِ الرُّكْنينِ اليَمانِيَّينِ:
لا يُسَنُّ استلامُ غيرِ الرُّكْنينِ اليَمانِيَّينِ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((لم أرَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يستَلِمُ مِنَ البيتِ إلَّا الرُّكْنينِ اليَمانِيَّينِ ))
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لها: ((ألَمْ تَرَيْ أنَّ قَوْمَكِ لَمَّا بَنَوُا الكعبةَ اقتَصَروا على قواعِدِ إبراهيمَ؟ فقلْتُ: يا رسولَ اللهِ، ألا تَرُدُّها على قواعِدِ إبراهيمَ؟ قال: لولا حِدْثانُ قَوْمِك بالكُفْرِ لفَعَلْتُ، فقال عبدُ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: لئِنْ كانت عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنها سَمِعَتْ هذا من رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما أُرى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَرَكَ استلامَ الرُّكْنينِ اللَّذينِ يَلِيانِ الحِجْرَ إلَّا أنَّ البيتَ لم يُتَمَّمْ على قواعِدِ إبراهيمَ، وعنها قالت: سألتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الجَدْرِ؛ أمِنَ البيتِ هو؟ قال: نَعَمْ ))
ثانيًا: أنَّ الرُّكْنَ الذي فيه الحَجَرُ الأسوَدُ فيه فضيلتانِ: كَوْنُ الحَجَرِ فيه، وكونُه على قواعِدِ إبراهيمَ عليه السلام،
والرُّكْنَ اليمانيَّ فيه فضيلةٌ واحدة: وهي كونُه على قواعِدِ أبينا إبراهيمَ عليه السَّلام، وأمَّا الشَّاميَّانِ فليس لهما شيءٌ مِنَ الفضيلتينِ؛
ولذا لم يُشْرَعْ استلامُهما
:..... الذِّكْرُ والدُّعاءُ في الطَّوافِ ....
يُستحَبُّ للطَّائِفِ أن يُكْثِرَ مِنَ الذِّكْرِ والدُّعاءِ في طوافِه، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ هذا عَمَلٌ توارَثَه السَّلَفُ
ثانيًا: أنَّ ذِكْرَ الله مستحَبٌّ في جميعِ الأحوالِ؛ ففي حالِ التلبُّسِ بعبادةِ الطَّوافِ أَوْلى
مطلبٌ: ما يقولُ بين الرُّكْنينِ اليَمانِيَّينِ
مِنَ الأذكارِ المأثورةِ في الطَّوافِ بين الرُّكْنينِ اليَمانِيَّينِ أن يقول: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:
عن عبدِ اللهِ بنِ السَّائبِ قال: سمعْتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول ما بين الرُّكْنينِ: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)
: ..... قراءةُ القرآنِ في الطَّوافِ .....
لأهْلِ العِلْمِ في قراءةِ القرآنِ في الطَّوافِ قولان:
القول الأوّل: يُستحَبُّ قراءةُ القرآنِ في الطَّوافِ مع تفضيلِ الذِّكْرِ المأثورِ عليه،
وهو مذهب الحَنَفيَّة، والشَّافعيَّة، وإحدى الرِّوايتينِ عن أحمد، ورُوِيَ عن طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ، واختاره ابنُ المُنْذِر
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ الطَّوافَ صلاةٌ، ولا تُكْرَهُ القراءةُ في الصَّلاة
ثانيًا: أنَّ الموضِعَ موضِعُ ذِكْرٍ، والقرآنُ أفضَلُ الذِّكْر
ثالثًا: أنَّ قراءةَ القرآنِ مندوبٌ إليها في جميعِ الأحوالِ إلَّا في حالِ الجنابةِ والحَيْضِ
القول الثاني: يُكْرَه قراءةُ القرآنِ في الطَّوافِ، وهو مذهَبُ المالِكيَّة، وقولٌ للحَنَفيَّة، وهو روايةٌ
عن أحمَدَ، وبه قالَتْ طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ هَديَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هو الأفضَلُ، والمشروعُ في الطَّوافِ مجرَّدُ ذِكْرِ الله تعالى، ولم يَثْبُتْ عنه في الطَّوافِ قراءةُ قرآنٍ، بل الذِّكْرُ، وهو المتوارَثُ مِنَ السَّلَفِ والمُجمَع عليه، فكان أَوْلى
ثانيًا: أنَّ ما ما ورد مِنَ الذِّكْرِ مختصًّا بمكانٍ أو زمانٍ أو حالٍ، فالاشتغالُ به أفضل مِنَ الاشتغالِ بالتلاوةِ
:------- الدُّنُوُّ مِنَ البيتِ ------
يُستحَبُّ للطَّائفِ أن يدنُوَ مِنَ البيتِ, وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة, والمالِكيَّة, والشَّافعيَّة, والحَنابِلة
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ البيتَ أشرَفُ البقاعِ؛ فالدنوُّ منه أفضلُ
ثانيًا: أنَّه أيسَرُ في استلام الرُّكْنينِ وتقبيلِ الحَجَرِ
: صلاةُ ركعتينِ خَلْفَ المقامِ بعد الطَّوافِ (ركعتا الطَّوافِ)
المطلب الأوَّل: حُكْمُ صلاةِ ركعتينِ خَلْفَ المقامِ بعد الطَّوافِ (ركعتا الطَّواف)
صلاةُ ركعتينِ خَلْفَ المقامِ بعد الطَّواف؛ سُنَّةٌ مؤكَّدةٌ, وهو مذهب الشَّافعيَّة في الأصحِّ، والحَنابِلة, واختاره ابْنُ حَزْمٍ، وابنُ باز,
وابنُ عُثيمين
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قَولُه تعالى: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة: 125]
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- حديثُ جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه في صِفَةِ حجِّ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وفيه: ((حتَّى إذا أتينا البيتَ معه، استلمَ الرُّكْنَ فرَمَلَ ثلاثًا ومشى أربعًا، ثم نفَذَ إلى مقامِ إبراهيمَ عليه السَّلامُ، فقرأ: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة: 125] فجعل المقامَ بينه وبين البيتِ... الحديث
2- عن عبدِ اللهِ بنِ أبي أوفى قال: ((اعتمَرَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فطاف بالبيتِ، وصلَّى خلْفَ المقامِ ركعتينِ ))
3- حديثُ الأعرابيِّ الذي جاء يسألُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الإسلامِ وما يجِبُ عليه، وفيه: ((خمسُ صلواتٍ في اليومِ واللَّيلة)) فقال: هل عليَّ غيرُهُنَّ؟ قال: ((لا، إلا أن تَطَوَّعَ )).. الحديث
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صرَّح بأنَّه لا يجب شيءٌ مِنَ الصَّلاةِ، إلَّا الصلواتُ الخَمْسُ المكتوباتُ
4- عن عُبادَةَ بنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((خمسُ صلواتٍ كتَبَهُنَّ اللهُ على العبادِ،
فمن جاء بهنَّ لم يُضَيِّعْ منهنَّ شيئًا استخفافًا بحَقِّهِنَّ؛ كان له عند الله عهدٌ أن يُدخِلَه الجنَّةَ، ومن لم يأتِ بهنَّ فليس له عند الله عهْدٌ، إن شاء عذَّبَه، وإن شاء أدخَلَه الجنَّةَ ))
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أخبَرَ أنَّ الصلواتِ التي فَرَضَها اللهُ على عبادِه، هي الصلواتُ الخَمْسُ فقط, وفي هذا دليلٌ على عدمِ
وُجوبِ ركعتَيِ الطَّوافِ
5-عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((من طاف أسبوعًا يُحصيه وصلَّى ركعتينِ، كان له كعَدْلِ رَقبةٍ ))
وَجْهُ الدَّلالةِ:
كونُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخرَجَ الحديثَ مَخْرَج الفَضْلِ، وجعل لركعتَيِ الطَّوافِ أجرًا محدودًا؛ فإنَّه دليلٌ على أنَّها ليست
بواجبةٍ؛ إذ إنَّ الواجِبَ غيرُ محدَّد الأجرِ والثَّوابِ
المطلب الثَّاني: مكانُ أداءِ رَكْعَتَيِ الطَّوافِ
يُشْرَعُ أداءُ ركعَتَيِ الطَّوافِ خَلْفَ المقامِ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قَولُه تعالى: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة: 125]
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- حديثُ جابرِ بنِ عبدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهما في صِفَةِ حَجِّ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وفيه: ((حتى إذا أتينا البيتَ معه، استلمَ الرُّكْنَ، فرَمَلَ ثلاثًا ومشى أربعًا، ثم نفَذَ إلى مقامِ إبراهيمَ عليه السلامُ، فقرأ: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة: 125] فجَعَلَ المقامَ بينه وبين البيتِ... الحديث ))
2- عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((قَدِمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فطاف بالبيت سبعًا، وصلَّى خلْفَ المقامِ ركعتينِ )
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك النوويُّ، وابنُ تيميَّة
المطلب الثَّالث: مَن لم يستَطِعْ أداءَ الركعتينِ خَلْفَ المقامِ لمانعٍ
إذا لم يتيَسَّرْ للطَّائِفِ أداءُ ركعتي الطَّوافِ خَلْفَ المقامِ بسبب الزِّحامِ أو غيره، فإنه يُصَلِّيها في أي مكانٍ تيسَّرَ في المسجِدِ،
وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة, والمالِكيَّة, والشَّافعيَّة والحَنابِلة؛ وذلك لأنَّ الركعتينِ تُجْزِئانِ في كلِّ مكانٍ مِنَ المسجدِ
:----- استلامُ الحَجَرِ بعد الانتهاءِ مِنَ الطَّوافِ ------
يُسَنُّ لِمَنِ انتهى مِن طوافِه وصلَّى ركعتيِ الطَّوافِ أن يعود إلى الحَجَرِ فيستَلِمَه، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة,
والمالِكيَّة, والشَّافعيَّة, والحَنابِلة
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
حديث جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه- الطويلُ- في صِفَةِ حَجِّ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وفيه: ((ثم رَجَعَ إلى الرُّكْنِ فاستلَمَه ))
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ قُدامة وابن عَبْدِ البَرِّ
مسألةٌ: الكلامُ في الطَّوافِ:
يُكْرَهُ الكلامُ في الطَّوافِ لغَيرِ حاجةٍ، وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ: مِنَ الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والحَنابِلة
الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ:
عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مرَّ وهو يطوف بالكعبةِ بإنسانٍ رَبَطَ يدَه إلى إنسانٍ بِسَيرٍ،
أو بخَيطٍ، أو بشيءٍ غيرِ ذلك، فقَطَعَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بِيَدِه، ثم قال: قُدْهُ بِيَدِه ))
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تكلَّمَ في الطَّوافِ لحاجةٍ، وهي الأمرُ بالمعروفِ
-------
... أسماءُ طَوافِ القُدومِ، وحكمه ...
:
أسماءُ طَوافِ القُدومِ
يُسمَّى طوافَ القادِمِ، وطوافَ الوُرودِ، وطَوافَ الوارِدِ، وطَوافَ التَّحيَّة، وطَوافَ اللِّقاءِ
: حُكْمُ طَوافِ القُدُومِ
طوافُ القُدومِ سُنَّةٌ للقارِنِ والمُفْرِد القادِمَينِ مِن خارجِ مكَّةَ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قَولُه تعالى: وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج: 29]
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الأمرَ المُطلَق لا يقتضي التَّكرارَ، وقد تعيَّنَ أنَّ المقصودَ بهذا الطَّوافِ طَوافُ الإفاضةِ بالإجماعِ، فلا يكون غيرُه كذلك
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن محمَّدِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ نَوفلٍ القُرَشِيِّ، أنَّه سألَ عروةَ بنَ الزبيرِ، فقال: قد حجَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأخبَرَتْني عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّه أوَّلُ شيءٍ بدأ به حين قَدِمَ أنَّه توضَّأَ، ثم طاف بالبيتِ، ثم لم تكُنْ عُمْرةً.
ثم حجَّ أبو بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه فكان أوَّلَ شيءٍ بدأ به الطَّوافُ بالبيتِ، ثم لم تكن عُمْرةً،
ثم عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنه مثل ذلك، ثم حَجَّ عُثمانُ رَضِيَ اللهُ عنه، فرأيتُه أوَّلُ شيءٍ بدأ به الطَّوافُ بالبيتِ، ثمَّ لم تكُنْ عُمْرةً،
ثم معاويةُ، وعبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، ثم حجَجْتُ مع أبي الزُّبيرِ بنِ العوَّامِ، فكان أوَّلَ شيءٍ بدأ به الطَّوافُ بالبيتِ، ثم لم تكُنْ عُمْرةً،
ثم رأيتُ المهاجرينَ والأنصارَ يفعلونَ ذلك، ثم لم تكُنْ عُمْرةً، ثم آخِرُ مَن رأيتُ فَعَلَ ذلك ابنُ عُمَرَ، ثم لم ينقُضْها عُمْرةً-
وهذا ابنُ عُمَرَ عِنْدَهم فلا يسألونَه- ولا أحَدٌ مِمَّن مضى، ما كانوا يبدؤونَ بشيءٍ حتى يضعوا أقدامَهم مِنَ الطَّوافِ بالبَيْتِ،
ثم لا يَحِلُّونَ، وقد رأيتُ أمِّي وخالتي حين تَقْدَمان، لا تبتَدِئان بشيءٍ أوَّلَ مِنَ البيتِ؛ تطوفانِ به، ثم إنَّهما لا تَحِلَّان ))
2- حديثُ جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، الطويلُ، في صِفَةِ حَجَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وفيه: ((حتَّى إذا أتَيْنا البيتَ معه استلَمَ الرُّكْنَ، فرَمَلَ ثلاثًا، ومشى أربعًا ))
ثالثًا: أنَّ اللهَ سبحانه لم يأمُرْ بذلك الطَّوافِ ولا رسولُه، ولا اتَّفَقَ الجميعُ على وجوبِه، وإنَّما اتفقوا على أنَّه مِن شعائِرِ الحَجِّ ونُسُكِه،
وهذا اليقينُ، فلا يُخْرَجُ عنه إلَّا بِبُرهانٍ
رابعًا: سقوطُ هذا الطَّوافِ عن الحائِضِ، فلو كان واجبًا لوجَبَ قضاؤُه وتدارُكُه، أو جَبْرُه بدمٍ
خامسًا: القياسُ على تحيَّةِ المسجدِ، فإنَّها ليست واجبةً، ولا على مَن تَرَكَها شيءٌ، فكذلك طوافُ القُدومِ، فإنَّه تحيَّةُ البيتِ
سادسًا: أنَّه لا يجِبُ على أهلِ مكَّةَ بالإجماعِ، ولو كان ركنًا لوجب عليهم؛ لأنَّ الأركانَ لا تختَلِفُ بين أهلِ مكَّة وغيرِهم،
كطوافِ الزِّيارةِ، فلمَّا لم يجِبْ على أهل مكَّة دلَّ أنَّه ليس برُكْنٍ
سابعًا: لأنَّ أركان الحَجِّ لا تتكرَّر، وطوافُ الزِّيارة رُكْنٌ بالإجماعِ، ولو كان طوافُ القدومِ فرضًا لتكرَّرَ
وقتُ طوافِ القُدومِ، ومتى يسقط؟
: وقتُ طوافِ القُدومِ
يبدأ وقتُ طوافِ القُدومِ حين دخولِ مكَّةَ، وينتهي بالوقوفِ بعَرَفة، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة
، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، وهو قولٌ للحَنابِلة، اختاره ابنُ قُدامة، وابنُ تيميَّة، وصحَّحَه ابنُ رجبٍ
الأدِلَّة:
أدِلَّةُ أنَّ طَوافَ القُدوم ِيكونُ عند أوَّلِ القُدومِ إلى مكَّة
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((إنَّ أوَّلَ شيءٍ بدأ به حين قَدِمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه توضَّأَ ثمَّ طاف ))
2- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، في صِفَةِ حجَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((حتى إذا أَتَيْنا البيتَ معه استلم الرُّكْنَ فرَمَلَ ثلاثًا ومشى
أربعًا ))
ثانيًا: لأنَّ طوافَ القُدومِ تحيَّةُ البيت، فاستُحِبَّ البدايةُ به كتحيَّةِ المسجِدِ
أدِلَّة أنَّ وَقْتَ طوافِ القُدومِ ينتهي بالوقوفِ بعَرَفةَ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((فطاف الذين أهلُّوا بالعُمْرةِ، ثم حلُّوا، ثم طافوا طوافًا آخرَ، بعد أن رَجَعوا مِن مِنًى، وأمَّا الذين جمعوا بين الحجِّ والعُمْرةِ، فإنَّما طافوا طوافًا واحدًا ))
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابَه إنَّما طافوا بعد يومِ عَرَفةَ طوافَ الإفاضةِ، ومنهم من كان متمتِّعًا لم يَطُفْ إلَّا طوافَ عُمْرَتِه، ومنهم من لم يُدْرِكِ الحجَّ إلَّا يومَ عَرَفةَ، فعُلِمَ أنَّ طوافَ القُدومِ إنَّما يُشرَع لِمَن أتى البيتَ قبل الوقوفِ بِعَرَفةَ
ثانيًا: أنَّ المُحْرِم بعد الوقوفِ بعَرَفةَ مُطالَبٌ بطوافِ الفَرْضِ، وهو طوافُ الزيارةِ
ثالثًا: أنَّ طوافَ الإفاضةِ يُغني عن طوافِ القُدومِ لِمَن لم يَقْدَمِ البيتَ إلَّا بعد يومِ عَرَفةَ، كالصَّلاةِ الفَرْضِ تُغني عن تحيَّة المسجد
رابعًا: أنَّ طواف القدومِ لو لم يَسْقُطْ بالطَّوافِ الواجِبِ، لشُرِعَ في حقِّ المعتَمِر طوافٌ للقدومِ مع طوافِ العُمْرةِ؛ لأنَّه أوَّلُ قُدومِه إلى البيتِ، فهو به أَوْلى مِنَ المتمتِّع، الذي يعود إلى البيتِ بعد رُؤْيَتِه وطوافِه به
خامسًا: أنَّ طوافَ القُدومِ شُرِعَ في ابتداءِ الحَجِّ على وجهٍ يترتَّبُ عليه سائرُ الأفعالِ، فلا يكون الإتيانُ به على غيرِ ذلك الوَجْهِ سُنَّةً
: متى يسقُطُ طَوافُ القُدومِ؟
يسقُطُ طوافُ القُدومِ عن أربعةِ أصنافٍ:
أ – الحائض: وفي حُكْمِها النُّفَساء، وذلك إذا استمَرَّ دَمُهما إلى يومِ عَرَفةَ
الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:
عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((خرَجْنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا نذكُرُ إلَّا الحجَّ، حتى جِئْنا سَرِفَ فطَمِثْتُ، فدخل عليَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأنا أبكي، فقال: ما يُبْكيكِ؟ فقلت: واللهِ، لوَدِدْتُ أنِّي لم أكُنْ خَرَجْتُ العامَ، قال: ما لكِ؟ لعلَّكِ نَفِسْتِ؟ قلتُ: نعم، قال: هذا شيءٌ كَتَبَه اللهُ على بناتِ آدَمَ، افعَلِي ما يفعلُ الحاجُّ غيرَ أنْ لا تطوفي بالبَيتِ حتى تَطْهُرِي. قالت: فلمَّا كان يومُ النَّحْرِ طَهُرْتُ، فأمَرَني رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأفَضْتُ ))
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها لَمَّا حاضت، فقَرَنَتِ الحجَّ إلى العُمْرةِ- بأمْرِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولم تَكُنْ طافت للقُدومِ- لم تطُفْ للقُدومِ، ولا أمَرَها به النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
ب- المَكِّي: وفي حُكْمِه الآفاقيُّ إذا أحرم مِنْ مَكَّة
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الإجماعِ
نقل الإجماع على أنَّ المكي ليس عليه إلا طواف الإفاضة ابن رشد
ثانيًا: أنَّ طَوافَ القُدومِ شُرِعَ للقدومِ، فلا يُتَصَوَّر في حقِّ المكِّي طوافُ القدومِ؛ إذ لا قُدومَ له
ج- المُعْتَمِر والمتمَتِّع
يسقُطُ عن المُعتَمِر والمتَمَتِّع طوافُ القُدومِ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ مِنَ الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة؛ وذلك لأنَّ طوافَ القُدومِ يندرِجُ
في طوافِ العُمْرةِ، ويُجْزِئُ عنهما، كالصَّلاةِ الفَرْضِ تُجْزِئُ عن تحيَّةِ المسجد
د- مَن قَصَدَ عَرَفةَ رأسًا للوقوفِ
مَن قَصَدَ عَرَفةَ رأسًا للوقوفِ يَسْقُطُ عنه طوافُ القُدومِ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ مِنَ الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ مَحَلَّ طوافِ القُدومِ المسنونِ قبل وقوفِ عَرَفةَ، وقد فات
ثانيًا: لأنَّ الطَّوافَ المفروضَ عليه قد دخل وقْتُه وخوطِبَ به، فلا يصِحُّ قبل أدائِه أن يتطَوَّعَ بطوافٍ؛ قياسًا على أصْلِ الحجِّ والعُمْرة
ثالثًا: لأنَّه شُرِعَ في ابتداءِ الحَجِّ على وجهٍ يترتَّبُ عليه سائِرُ الأفعالِ، فلا يكونُ الإتيانُ به على غيرِ ذلك الوَجْهِ سُنَّةً
------------------------------------------------------------------
وما زلنا أحبابنا تابعونا جزاكم الله خيرا
ولا تنسونا من صالح دعائكم
المطلب الأوَّل: حُكْمُ استلامِ الحَجَرِ الأسوَدِ وتقبيلِه
يُسَنُّ استلامُ الحَجَر الأسوَدِ وتقبيلُه
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّ
ةِ
1- أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه قال للرُّكْن: ((أمَا واللهِ، إنِّي لأعلمُ أنَّك حَجَر لا تَضُرُّ ولا تنفَعُ، ولولا أنِّي رأيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم استَلَمَك ما استَلَمْتُك، فاسْتَلَمَه، ثمَّ قال: فما لنا وللرَّمَل، إنَّما كنَّا راءَيْنا به المشركينَ، وقد أهْلَكَهم اللهُ؟ ثم قال: شيءٌ صَنَعَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلا نُحِبُّ أن نَتْرُكَه ))، وفي روايةٍ: ((أنَّه جاء إلى الحَجَرِ الأسوَدِ فقَبَّلَه، فقال: «إنِّي أعلَمُ أنَّك حَجَرٌ لا تضرُّ ولا تنفَعُ، ولولا أنِّي رأيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُقَبِّلُك ما قَبَّلْتُك ))
2- عن سُوَيدِ بنِ غَفَلةَ، قال: ((رأيتُ عُمَرَ قبَّل الحَجَرَ والتَزَمَه، وقال: رأيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بك حفِيًّا ))
3- عن الزُّبَير بن عربيٍّ، قال: ((سأل رجلٌ ابنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما عن استلامِ الحَجَر، فقال: رأيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يستَلِمُه ويُقَبِّلُه، قال: قلت: أرأيتَ إن زُحِمْتُ؟ أرأيتَ إن غُلِبْتُ؟ قال: اجعَلْ أرأيتَ باليَمَنِ، رأيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَسْتَلِمُه ويُقَبِّلُه ))
4- عن جابرِ بنِ عبدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّه قال في صِفَةِ حَجَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَمَّا قَدِمَ مكَّة أتى الحَجَرَ فاستلَمَه، ثم مشى على يَمينِه، فرَمَلَ ثلاثًا، ومشى أربعًا ))
ثانيًا: مِنَ الإجماع
نقل الإجماعَ على سُنِّيَّة استلامِ الحَجَرِ الأسوَدِ ابْنُ حَزْمٍ، وابنُ عَبْدِ البَرِّ، وابنُ رُشْدٍ والنوويُّ
المطلب الثَّاني: التكبيرُ عند الحَجَرِ الأسْوَدِ في كلِّ طَوْفَةٍ
يُسَنُّ التكبيرُ عند استلامِ الحَجَرِ الأسودِ، أو الإشارةُ إليه، وذلك كلَّما حاذاه في كلِّ طَوْفَةٍ.
الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:
عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((طافَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالبيتِ على بعيرٍ، كلَّما أَتَى الرُّكْنَ أشارَ إليهِ بشيءٍ كان عندَهُ وكَبَّرَ ))
المطلب الثَّالث: كيفيةُ الإشارةِ إلى الحَجَرِ الأسوَدِ
إذا لم يستَلِمِ الحَجَرَ الأسودَ ويُقَبِّلُه، فله أن يستَلِمَه ويُقَبِّلَ يَدَه، وله أن يستَلِمَه بشيءٍ يكون معه، ويقَبِّلَه، وله أن يشيرَ إليه بِيَدِه من غيرِ
تقبيلٍ.
الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن نافعٍ، قال: ((رأيتُ ابنَ عُمَرَ يستلِمُ الحجَرَ بيَدِه، ثم قبَّلَ يدَه، وقال: ما تركتُه منذ رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يفعَلُه ))
2- عن أبي الطُّفَيلِ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((رأيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يطوف بالبيتِ، ويستلِمُ الرُّكْنَ بمِحْجَنٍ معه، ويقبِّلُ المِحْجَنَ ))
3- عن جابرِ بنِ عبد الله رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((طاف رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالبيتِ في حجَّةِ الوداعِ على راحِلَتِه يستلِمُ الحَجَر بمِحْجَنِه؛ لأنْ يراه النَّاسُ ولِيُشْرِفَ ولِيَسألوه؛ فإنَّ النَّاسَ غَشُوه ))
:... استلامُ الرُّكْنِ اليمانيِّ ...
يُستحبُّ استلامُ الرُّكْنِ اليمانيِّ، وهو الرُّكْنُ الواقِعُ قبل رُكْنِ الحَجَرِ الأسودِ, ولا يُقَبِّلُه، ولا يُقَبِّلُ ما استلَمَ به.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((ما تركتُ استلامَ هذين الرُّكْنينِ: اليمانيِّ والحَجَر، مُذْ رأيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَسْتَلِمُهما، في شدةٍ ولا رخاءٍ ))
2- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّه قال: ((لم أرَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يمسَحُ مِنَ البيت، إلَّا الرُّكْنينِ اليَمَانِيَّينِ
3- عن سالمٍ عن أبيه أنه قال: ((لم يكنْ رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يستلِمُ من أركانِ البَيْتِ إلَّا الرُّكْنَ الأسوَدَ، والذي يليه، من نحوِ دُورِ الجُمَحِيِّينَ ))
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ عَبْدِ البَرِّ، وابنُ رُشْدٍ
مطلبٌ: استلامُ غيرِ الرُّكْنينِ اليَمانِيَّينِ:
لا يُسَنُّ استلامُ غيرِ الرُّكْنينِ اليَمانِيَّينِ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((لم أرَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يستَلِمُ مِنَ البيتِ إلَّا الرُّكْنينِ اليَمانِيَّينِ ))
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لها: ((ألَمْ تَرَيْ أنَّ قَوْمَكِ لَمَّا بَنَوُا الكعبةَ اقتَصَروا على قواعِدِ إبراهيمَ؟ فقلْتُ: يا رسولَ اللهِ، ألا تَرُدُّها على قواعِدِ إبراهيمَ؟ قال: لولا حِدْثانُ قَوْمِك بالكُفْرِ لفَعَلْتُ، فقال عبدُ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: لئِنْ كانت عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنها سَمِعَتْ هذا من رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما أُرى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَرَكَ استلامَ الرُّكْنينِ اللَّذينِ يَلِيانِ الحِجْرَ إلَّا أنَّ البيتَ لم يُتَمَّمْ على قواعِدِ إبراهيمَ، وعنها قالت: سألتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الجَدْرِ؛ أمِنَ البيتِ هو؟ قال: نَعَمْ ))
ثانيًا: أنَّ الرُّكْنَ الذي فيه الحَجَرُ الأسوَدُ فيه فضيلتانِ: كَوْنُ الحَجَرِ فيه، وكونُه على قواعِدِ إبراهيمَ عليه السلام،
والرُّكْنَ اليمانيَّ فيه فضيلةٌ واحدة: وهي كونُه على قواعِدِ أبينا إبراهيمَ عليه السَّلام، وأمَّا الشَّاميَّانِ فليس لهما شيءٌ مِنَ الفضيلتينِ؛
ولذا لم يُشْرَعْ استلامُهما
:..... الذِّكْرُ والدُّعاءُ في الطَّوافِ ....
يُستحَبُّ للطَّائِفِ أن يُكْثِرَ مِنَ الذِّكْرِ والدُّعاءِ في طوافِه، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ هذا عَمَلٌ توارَثَه السَّلَفُ
ثانيًا: أنَّ ذِكْرَ الله مستحَبٌّ في جميعِ الأحوالِ؛ ففي حالِ التلبُّسِ بعبادةِ الطَّوافِ أَوْلى
مطلبٌ: ما يقولُ بين الرُّكْنينِ اليَمانِيَّينِ
مِنَ الأذكارِ المأثورةِ في الطَّوافِ بين الرُّكْنينِ اليَمانِيَّينِ أن يقول: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:
عن عبدِ اللهِ بنِ السَّائبِ قال: سمعْتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول ما بين الرُّكْنينِ: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)
: ..... قراءةُ القرآنِ في الطَّوافِ .....
لأهْلِ العِلْمِ في قراءةِ القرآنِ في الطَّوافِ قولان:
القول الأوّل: يُستحَبُّ قراءةُ القرآنِ في الطَّوافِ مع تفضيلِ الذِّكْرِ المأثورِ عليه،
وهو مذهب الحَنَفيَّة، والشَّافعيَّة، وإحدى الرِّوايتينِ عن أحمد، ورُوِيَ عن طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ، واختاره ابنُ المُنْذِر
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ الطَّوافَ صلاةٌ، ولا تُكْرَهُ القراءةُ في الصَّلاة
ثانيًا: أنَّ الموضِعَ موضِعُ ذِكْرٍ، والقرآنُ أفضَلُ الذِّكْر
ثالثًا: أنَّ قراءةَ القرآنِ مندوبٌ إليها في جميعِ الأحوالِ إلَّا في حالِ الجنابةِ والحَيْضِ
القول الثاني: يُكْرَه قراءةُ القرآنِ في الطَّوافِ، وهو مذهَبُ المالِكيَّة، وقولٌ للحَنَفيَّة، وهو روايةٌ
عن أحمَدَ، وبه قالَتْ طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ هَديَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هو الأفضَلُ، والمشروعُ في الطَّوافِ مجرَّدُ ذِكْرِ الله تعالى، ولم يَثْبُتْ عنه في الطَّوافِ قراءةُ قرآنٍ، بل الذِّكْرُ، وهو المتوارَثُ مِنَ السَّلَفِ والمُجمَع عليه، فكان أَوْلى
ثانيًا: أنَّ ما ما ورد مِنَ الذِّكْرِ مختصًّا بمكانٍ أو زمانٍ أو حالٍ، فالاشتغالُ به أفضل مِنَ الاشتغالِ بالتلاوةِ
:------- الدُّنُوُّ مِنَ البيتِ ------
يُستحَبُّ للطَّائفِ أن يدنُوَ مِنَ البيتِ, وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة, والمالِكيَّة, والشَّافعيَّة, والحَنابِلة
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ البيتَ أشرَفُ البقاعِ؛ فالدنوُّ منه أفضلُ
ثانيًا: أنَّه أيسَرُ في استلام الرُّكْنينِ وتقبيلِ الحَجَرِ
: صلاةُ ركعتينِ خَلْفَ المقامِ بعد الطَّوافِ (ركعتا الطَّوافِ)
المطلب الأوَّل: حُكْمُ صلاةِ ركعتينِ خَلْفَ المقامِ بعد الطَّوافِ (ركعتا الطَّواف)
صلاةُ ركعتينِ خَلْفَ المقامِ بعد الطَّواف؛ سُنَّةٌ مؤكَّدةٌ, وهو مذهب الشَّافعيَّة في الأصحِّ، والحَنابِلة, واختاره ابْنُ حَزْمٍ، وابنُ باز,
وابنُ عُثيمين
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قَولُه تعالى: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة: 125]
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- حديثُ جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه في صِفَةِ حجِّ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وفيه: ((حتَّى إذا أتينا البيتَ معه، استلمَ الرُّكْنَ فرَمَلَ ثلاثًا ومشى أربعًا، ثم نفَذَ إلى مقامِ إبراهيمَ عليه السَّلامُ، فقرأ: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة: 125] فجعل المقامَ بينه وبين البيتِ... الحديث
2- عن عبدِ اللهِ بنِ أبي أوفى قال: ((اعتمَرَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فطاف بالبيتِ، وصلَّى خلْفَ المقامِ ركعتينِ ))
3- حديثُ الأعرابيِّ الذي جاء يسألُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الإسلامِ وما يجِبُ عليه، وفيه: ((خمسُ صلواتٍ في اليومِ واللَّيلة)) فقال: هل عليَّ غيرُهُنَّ؟ قال: ((لا، إلا أن تَطَوَّعَ )).. الحديث
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صرَّح بأنَّه لا يجب شيءٌ مِنَ الصَّلاةِ، إلَّا الصلواتُ الخَمْسُ المكتوباتُ
4- عن عُبادَةَ بنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((خمسُ صلواتٍ كتَبَهُنَّ اللهُ على العبادِ،
فمن جاء بهنَّ لم يُضَيِّعْ منهنَّ شيئًا استخفافًا بحَقِّهِنَّ؛ كان له عند الله عهدٌ أن يُدخِلَه الجنَّةَ، ومن لم يأتِ بهنَّ فليس له عند الله عهْدٌ، إن شاء عذَّبَه، وإن شاء أدخَلَه الجنَّةَ ))
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أخبَرَ أنَّ الصلواتِ التي فَرَضَها اللهُ على عبادِه، هي الصلواتُ الخَمْسُ فقط, وفي هذا دليلٌ على عدمِ
وُجوبِ ركعتَيِ الطَّوافِ
5-عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((من طاف أسبوعًا يُحصيه وصلَّى ركعتينِ، كان له كعَدْلِ رَقبةٍ ))
وَجْهُ الدَّلالةِ:
كونُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخرَجَ الحديثَ مَخْرَج الفَضْلِ، وجعل لركعتَيِ الطَّوافِ أجرًا محدودًا؛ فإنَّه دليلٌ على أنَّها ليست
بواجبةٍ؛ إذ إنَّ الواجِبَ غيرُ محدَّد الأجرِ والثَّوابِ
المطلب الثَّاني: مكانُ أداءِ رَكْعَتَيِ الطَّوافِ
يُشْرَعُ أداءُ ركعَتَيِ الطَّوافِ خَلْفَ المقامِ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قَولُه تعالى: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة: 125]
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- حديثُ جابرِ بنِ عبدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهما في صِفَةِ حَجِّ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وفيه: ((حتى إذا أتينا البيتَ معه، استلمَ الرُّكْنَ، فرَمَلَ ثلاثًا ومشى أربعًا، ثم نفَذَ إلى مقامِ إبراهيمَ عليه السلامُ، فقرأ: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة: 125] فجَعَلَ المقامَ بينه وبين البيتِ... الحديث ))
2- عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((قَدِمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فطاف بالبيت سبعًا، وصلَّى خلْفَ المقامِ ركعتينِ )
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك النوويُّ، وابنُ تيميَّة
المطلب الثَّالث: مَن لم يستَطِعْ أداءَ الركعتينِ خَلْفَ المقامِ لمانعٍ
إذا لم يتيَسَّرْ للطَّائِفِ أداءُ ركعتي الطَّوافِ خَلْفَ المقامِ بسبب الزِّحامِ أو غيره، فإنه يُصَلِّيها في أي مكانٍ تيسَّرَ في المسجِدِ،
وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة, والمالِكيَّة, والشَّافعيَّة والحَنابِلة؛ وذلك لأنَّ الركعتينِ تُجْزِئانِ في كلِّ مكانٍ مِنَ المسجدِ
:----- استلامُ الحَجَرِ بعد الانتهاءِ مِنَ الطَّوافِ ------
يُسَنُّ لِمَنِ انتهى مِن طوافِه وصلَّى ركعتيِ الطَّوافِ أن يعود إلى الحَجَرِ فيستَلِمَه، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة,
والمالِكيَّة, والشَّافعيَّة, والحَنابِلة
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
حديث جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه- الطويلُ- في صِفَةِ حَجِّ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وفيه: ((ثم رَجَعَ إلى الرُّكْنِ فاستلَمَه ))
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ قُدامة وابن عَبْدِ البَرِّ
مسألةٌ: الكلامُ في الطَّوافِ:
يُكْرَهُ الكلامُ في الطَّوافِ لغَيرِ حاجةٍ، وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ: مِنَ الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والحَنابِلة
الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ:
عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مرَّ وهو يطوف بالكعبةِ بإنسانٍ رَبَطَ يدَه إلى إنسانٍ بِسَيرٍ،
أو بخَيطٍ، أو بشيءٍ غيرِ ذلك، فقَطَعَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بِيَدِه، ثم قال: قُدْهُ بِيَدِه ))
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تكلَّمَ في الطَّوافِ لحاجةٍ، وهي الأمرُ بالمعروفِ
-------
... أسماءُ طَوافِ القُدومِ، وحكمه ...
:
أسماءُ طَوافِ القُدومِ
يُسمَّى طوافَ القادِمِ، وطوافَ الوُرودِ، وطَوافَ الوارِدِ، وطَوافَ التَّحيَّة، وطَوافَ اللِّقاءِ
: حُكْمُ طَوافِ القُدُومِ
طوافُ القُدومِ سُنَّةٌ للقارِنِ والمُفْرِد القادِمَينِ مِن خارجِ مكَّةَ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قَولُه تعالى: وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج: 29]
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الأمرَ المُطلَق لا يقتضي التَّكرارَ، وقد تعيَّنَ أنَّ المقصودَ بهذا الطَّوافِ طَوافُ الإفاضةِ بالإجماعِ، فلا يكون غيرُه كذلك
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن محمَّدِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ نَوفلٍ القُرَشِيِّ، أنَّه سألَ عروةَ بنَ الزبيرِ، فقال: قد حجَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأخبَرَتْني عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّه أوَّلُ شيءٍ بدأ به حين قَدِمَ أنَّه توضَّأَ، ثم طاف بالبيتِ، ثم لم تكُنْ عُمْرةً.
ثم حجَّ أبو بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه فكان أوَّلَ شيءٍ بدأ به الطَّوافُ بالبيتِ، ثم لم تكن عُمْرةً،
ثم عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنه مثل ذلك، ثم حَجَّ عُثمانُ رَضِيَ اللهُ عنه، فرأيتُه أوَّلُ شيءٍ بدأ به الطَّوافُ بالبيتِ، ثمَّ لم تكُنْ عُمْرةً،
ثم معاويةُ، وعبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، ثم حجَجْتُ مع أبي الزُّبيرِ بنِ العوَّامِ، فكان أوَّلَ شيءٍ بدأ به الطَّوافُ بالبيتِ، ثم لم تكُنْ عُمْرةً،
ثم رأيتُ المهاجرينَ والأنصارَ يفعلونَ ذلك، ثم لم تكُنْ عُمْرةً، ثم آخِرُ مَن رأيتُ فَعَلَ ذلك ابنُ عُمَرَ، ثم لم ينقُضْها عُمْرةً-
وهذا ابنُ عُمَرَ عِنْدَهم فلا يسألونَه- ولا أحَدٌ مِمَّن مضى، ما كانوا يبدؤونَ بشيءٍ حتى يضعوا أقدامَهم مِنَ الطَّوافِ بالبَيْتِ،
ثم لا يَحِلُّونَ، وقد رأيتُ أمِّي وخالتي حين تَقْدَمان، لا تبتَدِئان بشيءٍ أوَّلَ مِنَ البيتِ؛ تطوفانِ به، ثم إنَّهما لا تَحِلَّان ))
2- حديثُ جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، الطويلُ، في صِفَةِ حَجَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وفيه: ((حتَّى إذا أتَيْنا البيتَ معه استلَمَ الرُّكْنَ، فرَمَلَ ثلاثًا، ومشى أربعًا ))
ثالثًا: أنَّ اللهَ سبحانه لم يأمُرْ بذلك الطَّوافِ ولا رسولُه، ولا اتَّفَقَ الجميعُ على وجوبِه، وإنَّما اتفقوا على أنَّه مِن شعائِرِ الحَجِّ ونُسُكِه،
وهذا اليقينُ، فلا يُخْرَجُ عنه إلَّا بِبُرهانٍ
رابعًا: سقوطُ هذا الطَّوافِ عن الحائِضِ، فلو كان واجبًا لوجَبَ قضاؤُه وتدارُكُه، أو جَبْرُه بدمٍ
خامسًا: القياسُ على تحيَّةِ المسجدِ، فإنَّها ليست واجبةً، ولا على مَن تَرَكَها شيءٌ، فكذلك طوافُ القُدومِ، فإنَّه تحيَّةُ البيتِ
سادسًا: أنَّه لا يجِبُ على أهلِ مكَّةَ بالإجماعِ، ولو كان ركنًا لوجب عليهم؛ لأنَّ الأركانَ لا تختَلِفُ بين أهلِ مكَّة وغيرِهم،
كطوافِ الزِّيارةِ، فلمَّا لم يجِبْ على أهل مكَّة دلَّ أنَّه ليس برُكْنٍ
سابعًا: لأنَّ أركان الحَجِّ لا تتكرَّر، وطوافُ الزِّيارة رُكْنٌ بالإجماعِ، ولو كان طوافُ القدومِ فرضًا لتكرَّرَ
وقتُ طوافِ القُدومِ، ومتى يسقط؟
: وقتُ طوافِ القُدومِ
يبدأ وقتُ طوافِ القُدومِ حين دخولِ مكَّةَ، وينتهي بالوقوفِ بعَرَفة، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة
، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، وهو قولٌ للحَنابِلة، اختاره ابنُ قُدامة، وابنُ تيميَّة، وصحَّحَه ابنُ رجبٍ
الأدِلَّة:
أدِلَّةُ أنَّ طَوافَ القُدوم ِيكونُ عند أوَّلِ القُدومِ إلى مكَّة
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((إنَّ أوَّلَ شيءٍ بدأ به حين قَدِمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه توضَّأَ ثمَّ طاف ))
2- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، في صِفَةِ حجَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((حتى إذا أَتَيْنا البيتَ معه استلم الرُّكْنَ فرَمَلَ ثلاثًا ومشى
أربعًا ))
ثانيًا: لأنَّ طوافَ القُدومِ تحيَّةُ البيت، فاستُحِبَّ البدايةُ به كتحيَّةِ المسجِدِ
أدِلَّة أنَّ وَقْتَ طوافِ القُدومِ ينتهي بالوقوفِ بعَرَفةَ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((فطاف الذين أهلُّوا بالعُمْرةِ، ثم حلُّوا، ثم طافوا طوافًا آخرَ، بعد أن رَجَعوا مِن مِنًى، وأمَّا الذين جمعوا بين الحجِّ والعُمْرةِ، فإنَّما طافوا طوافًا واحدًا ))
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابَه إنَّما طافوا بعد يومِ عَرَفةَ طوافَ الإفاضةِ، ومنهم من كان متمتِّعًا لم يَطُفْ إلَّا طوافَ عُمْرَتِه، ومنهم من لم يُدْرِكِ الحجَّ إلَّا يومَ عَرَفةَ، فعُلِمَ أنَّ طوافَ القُدومِ إنَّما يُشرَع لِمَن أتى البيتَ قبل الوقوفِ بِعَرَفةَ
ثانيًا: أنَّ المُحْرِم بعد الوقوفِ بعَرَفةَ مُطالَبٌ بطوافِ الفَرْضِ، وهو طوافُ الزيارةِ
ثالثًا: أنَّ طوافَ الإفاضةِ يُغني عن طوافِ القُدومِ لِمَن لم يَقْدَمِ البيتَ إلَّا بعد يومِ عَرَفةَ، كالصَّلاةِ الفَرْضِ تُغني عن تحيَّة المسجد
رابعًا: أنَّ طواف القدومِ لو لم يَسْقُطْ بالطَّوافِ الواجِبِ، لشُرِعَ في حقِّ المعتَمِر طوافٌ للقدومِ مع طوافِ العُمْرةِ؛ لأنَّه أوَّلُ قُدومِه إلى البيتِ، فهو به أَوْلى مِنَ المتمتِّع، الذي يعود إلى البيتِ بعد رُؤْيَتِه وطوافِه به
خامسًا: أنَّ طوافَ القُدومِ شُرِعَ في ابتداءِ الحَجِّ على وجهٍ يترتَّبُ عليه سائرُ الأفعالِ، فلا يكون الإتيانُ به على غيرِ ذلك الوَجْهِ سُنَّةً
: متى يسقُطُ طَوافُ القُدومِ؟
يسقُطُ طوافُ القُدومِ عن أربعةِ أصنافٍ:
أ – الحائض: وفي حُكْمِها النُّفَساء، وذلك إذا استمَرَّ دَمُهما إلى يومِ عَرَفةَ
الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:
عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((خرَجْنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا نذكُرُ إلَّا الحجَّ، حتى جِئْنا سَرِفَ فطَمِثْتُ، فدخل عليَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأنا أبكي، فقال: ما يُبْكيكِ؟ فقلت: واللهِ، لوَدِدْتُ أنِّي لم أكُنْ خَرَجْتُ العامَ، قال: ما لكِ؟ لعلَّكِ نَفِسْتِ؟ قلتُ: نعم، قال: هذا شيءٌ كَتَبَه اللهُ على بناتِ آدَمَ، افعَلِي ما يفعلُ الحاجُّ غيرَ أنْ لا تطوفي بالبَيتِ حتى تَطْهُرِي. قالت: فلمَّا كان يومُ النَّحْرِ طَهُرْتُ، فأمَرَني رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأفَضْتُ ))
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها لَمَّا حاضت، فقَرَنَتِ الحجَّ إلى العُمْرةِ- بأمْرِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولم تَكُنْ طافت للقُدومِ- لم تطُفْ للقُدومِ، ولا أمَرَها به النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
ب- المَكِّي: وفي حُكْمِه الآفاقيُّ إذا أحرم مِنْ مَكَّة
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الإجماعِ
نقل الإجماع على أنَّ المكي ليس عليه إلا طواف الإفاضة ابن رشد
ثانيًا: أنَّ طَوافَ القُدومِ شُرِعَ للقدومِ، فلا يُتَصَوَّر في حقِّ المكِّي طوافُ القدومِ؛ إذ لا قُدومَ له
ج- المُعْتَمِر والمتمَتِّع
يسقُطُ عن المُعتَمِر والمتَمَتِّع طوافُ القُدومِ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ مِنَ الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة؛ وذلك لأنَّ طوافَ القُدومِ يندرِجُ
في طوافِ العُمْرةِ، ويُجْزِئُ عنهما، كالصَّلاةِ الفَرْضِ تُجْزِئُ عن تحيَّةِ المسجد
د- مَن قَصَدَ عَرَفةَ رأسًا للوقوفِ
مَن قَصَدَ عَرَفةَ رأسًا للوقوفِ يَسْقُطُ عنه طوافُ القُدومِ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ مِنَ الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ مَحَلَّ طوافِ القُدومِ المسنونِ قبل وقوفِ عَرَفةَ، وقد فات
ثانيًا: لأنَّ الطَّوافَ المفروضَ عليه قد دخل وقْتُه وخوطِبَ به، فلا يصِحُّ قبل أدائِه أن يتطَوَّعَ بطوافٍ؛ قياسًا على أصْلِ الحجِّ والعُمْرة
ثالثًا: لأنَّه شُرِعَ في ابتداءِ الحَجِّ على وجهٍ يترتَّبُ عليه سائِرُ الأفعالِ، فلا يكونُ الإتيانُ به على غيرِ ذلك الوَجْهِ سُنَّةً
------------------------------------------------------------------
وما زلنا أحبابنا تابعونا جزاكم الله خيرا
ولا تنسونا من صالح دعائكم
أمس في 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
أمس في 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد
» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» العبادة وأركانها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد
» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور
» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد
» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد
» هيئات السجود المسنونة
الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» (( - 2 -)) خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأربعاء نوفمبر 13, 2024 11:28 pm من طرف صادق النور