آل راشد



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

آل راشد

آل راشد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
آل راشد

ثقافى-اجتماعى

*** - اللَّهُمَّ اَنَكَ عَفْوٍ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعِفُو عَنَّا - *** - اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك . *** - اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ الْمَوْتِ وَ ارْزُقْنَا حُسْنَ الْخَاتِمَةِ . *** -

إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا شَابَتْ عَبِيدَهُمْ.. .. فِي رِقِّهِمْ عَتَقُوهُمْ عِتْقَ أَبْرَارٍ .. .. وَأَنْتَ يَا خَالِقِيُّ أوْلَى بِذَا كَرَمًا.. .. قَدْ شُبْتُ فِي الرِّقِّ فَأَعْتَقَنِي مِنَ النَّارِ .

المواضيع الأخيرة

» كتاب الترجيح في مسائل الطهارة والصلاة
ثانياً : شروط  وجوب الصلاه. صحه الصلاه . صفه الصلاه . أوقات الصلاه Ooou110أمس في 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد

» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
ثانياً : شروط  وجوب الصلاه. صحه الصلاه . صفه الصلاه . أوقات الصلاه Ooou110أمس في 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد

» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
ثانياً : شروط  وجوب الصلاه. صحه الصلاه . صفه الصلاه . أوقات الصلاه Ooou110الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد

» العبادة وأركانها
ثانياً : شروط  وجوب الصلاه. صحه الصلاه . صفه الصلاه . أوقات الصلاه Ooou110الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد

» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
ثانياً : شروط  وجوب الصلاه. صحه الصلاه . صفه الصلاه . أوقات الصلاه Ooou110الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد

» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
ثانياً : شروط  وجوب الصلاه. صحه الصلاه . صفه الصلاه . أوقات الصلاه Ooou110الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور

» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
ثانياً : شروط  وجوب الصلاه. صحه الصلاه . صفه الصلاه . أوقات الصلاه Ooou110الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد

» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
ثانياً : شروط  وجوب الصلاه. صحه الصلاه . صفه الصلاه . أوقات الصلاه Ooou110السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد

» هيئات السجود المسنونة
ثانياً : شروط  وجوب الصلاه. صحه الصلاه . صفه الصلاه . أوقات الصلاه Ooou110الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد

» (( - 2 -)) خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
ثانياً : شروط  وجوب الصلاه. صحه الصلاه . صفه الصلاه . أوقات الصلاه Ooou110الأربعاء نوفمبر 13, 2024 11:28 pm من طرف صادق النور

اهلا بكم

الثلاثاء نوفمبر 08, 2011 2:32 am من طرف mohamed yousef

ثانياً : شروط  وجوب الصلاه. صحه الصلاه . صفه الصلاه . أوقات الصلاه Ooousu10

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 73 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 73 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحث

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الأربعاء سبتمبر 15, 2021 4:26 am

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 10128 مساهمة في هذا المنتدى في 3405 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 311 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو Pathways فمرحباً به.

دخول

لقد نسيت كلمة السر

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع


    ثانياً : شروط وجوب الصلاه. صحه الصلاه . صفه الصلاه . أوقات الصلاه

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    ثانياً : شروط  وجوب الصلاه. صحه الصلاه . صفه الصلاه . أوقات الصلاه Empty ثانياً : شروط وجوب الصلاه. صحه الصلاه . صفه الصلاه . أوقات الصلاه

    مُساهمة من طرف صادق النور الثلاثاء سبتمبر 13, 2022 7:14 pm


    شروط وجوب الصلاه
    المَبحَثُ الأوَّل: الإِسْلامُ
    يُشترَطُ لوجوبِ الصَّلاةِ: الإسلامُ.
    الدليلُ من الإِجْماعِ:
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ رُشدٍ
    المَطلَب الأوَّل: وجوبُ الصَّلاةِ بِالبُلوغِ

    يُشترَطُ لوجوبِ الصَّلاةِ: البُلوغُ.
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((رُفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ: عن النائمِ حتى يستيقظَ، وعن الصَّبيِّ حتى يَبلُغَ، وعن المجنونِ حتى يَعقِلَ ))
    ثانيًا: من الإجماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حزمٍ، وابنُ رُشدٍ
    المَطلَب الثَّاني: عَلاماتُ البُلوغِ

    الفَرعُ الأوَّل: الاحتلامُ
    الاحتلامُ للرَّجُل والمرأةِ علامةٌ مِن علاماتِ البُلوغِ
    الدليلُ: مِنَ الإِجْماعِ
    نقَل الإجماعَ على ذلك: محمَّدُ بنُ داودَ الظاهريُّ، وابنُ المنذرِ، وابنُ قُدامةَ
    الفَرْعُ الثَّاني: الإنباتُ
    الإنباتُ علامةٌ على البلوغِ، وهذا مذهبُ المالكيَّة، والحنابلة، وروايةٌ عن أبي يُوسفَ من الحنفيَّة، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلَفِ، واختارَه ابنُ حَزمٍ، والشوكانيُّ، والشِّنقيطيُّ، وابنُ باز، وابنُ عُثَيمين (( قال ابنُ قُدامة في الإنبات: (أن يَنبُت الشعرُ الخشن حولَ ذكَر الرجل، أو فَرْج المرأة، الذي استحقَّ أخْذَه بالموسى، وأمَّا الزغب الضعيف، فلا اعتبارَ به)).
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن عطيَّةَ القُرظيِّ، قال: ((كنتُ مِن سَبْي بني قُرَيظةَ، فكانوا يَنظُرون؛ فمَن أَنبتَ الشَّعرَ قُتِل، ومَن لم يُنبِتْ لم يُقْتَل، فكُنتُ فيمَن لم يُنبِتْ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ ما كان بلوغًا في حقِّ الكافِرِ، كان بلوغًا في حقِّ المسلمِ؛ كالاحتلامِ والسِّنِّ
    ثانيًا: أنَّ الإنباتَ معنًى يَعرِضُ عندَ البلوغِ؛ فيُحكَمُ به كخروجِ المنيِّ
    الفَرْعُ الثَّالث: بلوغُ السِّنِّ
    حدُّ البلوغِ استكمالُ خَمسَ عَشرةَ سَنةً، الذَّكَرُ والأنثى في ذلك سواءٌ، وهذا مذهبُ الشافعيَّة، والحنابلة، وقولُ أبي يُوسفَ ومحمَّد بن الحسن من الحنفيَّة، وبه قال بعضُ السَّلفِ، واختاره الصنعانيُّ، والشوكانيُّ، وابنُ باز، وابنُ عَثَيمين
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهما: ((أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَرَضَه يومَ أُحد، وهو ابنُ أَربعَ عَشرَةَ سَنةً، (قال: ) فلم يُجزِني، ثم عَرَضني يومَ الخَندقِ، وأنا ابنُ خَمسَ عَشرةَ سَنةً، فأجازني ))
    ثانيًا: أنَّ المؤثِّرَ في الحقيقةِ هو العقلُ، وهو الأصلُ في البابِ؛ إذ به قوامُ الأحكامِ، وإنَّما الاحتلامُ جُعِلَ حدًّا في الشرعِ لكونِه دليلًا على كمالِ العقلِ، والاحتلامُ لا يتأخَّرُ عن خَمسَ عَشرةَ سَنةً عادةً، فإذا لم يحتلمْ إلى هذه المدَّةِ، عُلِم أنَّ ذلك لآفةٍ في خِلقتِه،
    والآفةُ في الخِلقةِ لا تُوجِبُ آفةً في العقلِ، فكان العقلُ قائمًا بلا آفةٍ؛ فوجَبَ اعتبارُه في لزومِ الأحكامِ
    الفَرعُ الرَّابع: الحَيضُ للمرأةِ
    إذا حاضتِ المرأةُ، فقدْ بلَغَتْ ووجَبَتْ عليها الفرائضُ.
    الدَّليل: من الإجماعُ
    نقَل الإجماعَ على ذلك: محمَّد بنُ داودَ الظاهريُّ، وابنُ المنذرِ، وابنُ قُدامةَ
    الفرعُ الخامِسُ: الحمل للمَرأةِ
    الحَمْلُ علامةٌ على بُلوغِ المرأةِ، وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة؛ وذلك لأنَّ الحَبَل دليلٌ على الإنزالِ؛ فإنَّ اللهَ تعالى أَجْرَى العادةَ أنَّ الولدَ إنَّما يُخلَقُ مِن ماءِ الرَّجُلِ وماءِ المرأةِ
    المَطلَب الثَّالث: السنُّ التي يُؤمَرُ عندها الصبيُّ بالصَّلاةِ

    إذا بلَغَ الولدُ سَبعَ سِنينَ أُمِرَ بالصَّلاةِ؛ ليتدرَّبَ عليها، فإذا بلَغَ عَشرَ سِنينَ ضُرِب عليها، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعةِ: الحنفيَّة
    ، والمالكيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة، وبه قالتْ طائفةٌ من السَّلف
    الدليل مِنَ السُّنَّة:
    عن عبدِ الملكِ بنِ الرَّبيعِ بن سَبْرةَ، عن أبيه، عن جَدِّه، قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مُرُوا الصبيَّ بالصَّلاةِ إذا بَلَغَ سَبعَ سِنين، وإذا بَلَغ عَشرَ سِنينَ فاضْرِبوه عليها ))

    المَبحَث الثَّالث: العَقلُ

    يُشترَطُ لوجوبِ الصَّلاةِ: العَقلُ.
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((رُفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ: عن النائمِ حتى يستيقظَ، وعن الصبيِّ حتى يَبلُغَ، وعن المجنونِ حتى يَعقِلَ ))
    ثانيًا: من الإجماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ رشدٍ، وابنُ حَزمٍ، وابنُ تَيميَّة
    المَبحَث الرَّابع: الطَّهارةُ من الحَيضِ والنِّفاسِ

    يُشترَطُ لوجوبِ الصَّلاةِ: الطَّهارةُ من الحَيضِ والنِّفاسِ.
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قالتْ: جاءتْ فاطمةُ بِنتُ أبي حُبَيشٍ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالت: يا رسولَ اللهِ، إنِّي امرأةٌ أُستحاضُ فلا أطْهُر؛ أفأدَعُ الصَّلاةَ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا، إنَّما ذلِكِ عِرقٌ، وليس بحَيضٍ، فإذا أقبلتْ حَيضتُكِ فدَعِي الصَّلاةَ.. ))
    ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ جريرٍ الطبريُّ، وابنُ المنذر، وابنُ حزمٍ، وابنُ عبد البرِّ، وابنُ رُشدٍ، والنوويُّ، وابنُ تَيميَّة

    المَطلَبُ الأوَّل: الطَّهَارَةُ مِن الحَدَثِ

    الفَرْعُ الأَوَّلُ: الطَّهارَةُ من الحَدَثِ الأَصْغَرِ والأكبر
    الطَّهارةُ من الحَدَثِ الأصغرِ والأكبرِ شَرْطٌ في صِحَّةِ الصَّلاةِ.
    الأدلَّة:أوَّلًا: من الكِتاب
    1- قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ [المائدة: 6]
    2- قول الله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا [المائدة: 6]
    ثانيًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا تُقبَلُ صلاةُ مَن أَحدَثَ حتَّى يَتوضَّأَ ))
    2- عن عبدِ اللهِ بن عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهما، قال: إنِّي سمعتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: ((لا تُقبَلُ صلاةٌ بغيرِ طُهورٍ، ولا صَدقةٌ من غُلولٍ ))
    ثانيًا: من الإجماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المنذرِ، وابنُ حَزمٍ، وابنُ بَطَّالٍ، والنوويُّ، والعراقيُّ
    الفَرعُ الثَّاني: صلاةُ المُحدِثِ ناسيًا
    مَن صلَّى بغيرِ طَهارةٍ ناسيًا أو جاهلًا بحدثه، فعَليه الإعادةُ.
    الدَّليل من الإجماع:
    نقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ عبد البَرِّ، والنوويُّ، وابنُ تيميَّة، وابنُ رجب
    الفرعُ الثَّالث: فاقدُ الطَّهورَينِ
    مَن لم يَجِدْ ماءً ولا تُرابًا، أو مُنِعَ منهما لسببٍ مُعتَبَرٍ، صلَّى على حسَبِ حالِه، ولا إعادةَ عليه، وهذا مذهبُ الحنابلةِ، وهو قولُ أشهبَ من المالكيَّة، وقولٌ للشافعيَّة، وهو اختيارُ البخاريِّ، وابنِ حزمٍ، والنوويِّ، وابنِ تَيميَّة، وابنِ عُثيمين، وبه صَدَرَتْ فتوى اللَّجنةِ الدَّائمة
    الأدلَّة:أوَّلًا: من الكِتاب
    1- قولُ اللهِ تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16]
    2- وقوله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة: 286]
    وجْه الدَّلالةِ من الآيتَينِ:
    أنَّ الشَّارعَ أسقطَ عنَّا ما لا نَستطيعُ ممَّا أَمرَنا به، وأَبقَى علينا ما نستطيعُ
    3- قوله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام: 119]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ اللهَ تعالى حرَّم علينا ترْكَ الوضوءِ أو التيمُّمِ للصَّلاةِ، إلَّا أن نضطرَّ إليه، والممنوعُ من الماءِ والترابِ مضطرٌّ إلى ما حرّم عليه من ترْكِ التَّطهُّرِ بالماءِ أو الترابِ؛ فسقَط تحريمُ ذلك عليه، وهو قادرٌ على الصَّلاةِ بتوفيتِها أحكامَها، وبالإيمانِ، فبَقِيَ عليه ما قدَرَ عليه
    4- قوله تعالى: مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ [المائدة: 6]
    5- وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج: 78]
    ثانيًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي هُرَيرَةَ، عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((دَعُوني ما تَركتُكم؛ إنَّما هلَك مَن كان قَبلَكم بسؤالِهم واختلافِهم على أنبيائِهم، فإذا نَهيتُكم عن شيءٍ فاجتنِبوه، وإذا أمرتُكم بأمرٍ فأْتُوا منه ما استطعتُم ))
    2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها: ((أنَّها استعارتْ من أسماءَ قلادةً فهلكتْ، فبَعثَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رجلًا فوَجدَها، فأدركتْهم الصَّلاةُ وليس معهم ماءٌ فصَلَّوْا، فشَكَوْا ذلك إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأَنزلَ اللهُ آيةَ التيمُّمِ، فقال أُسيدُ بنُ حُضَيرٍ لعائشةَ: جزاكِ اللهُ خيرًا، فواللهِ ما نزَلَ بكِ أمرٌ تَكرهينَه إلَّا جعَلَ اللهُ ذلكِ لكِ وللمسلمينَ فيه خيرًا ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ هؤلاءِ الذين بعَثَهمُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلَّوْا من غيرِ طهارةٍ لَمَّا فقَدُوا الماءَ، وأقرَّهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولو كانتِ الإعادةُ واجبةً لبيَّنها لهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ إذ لا يجوزُ تأخيرُ البيانِ عن وقتِ الحاجةِ، ولم يكُنْ وقتَها قدْ شُرِعَ التيمُّمُ، فيكون في حُكمِهم مَن فقَدَ الماءَ والترابَ
    3- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((وجُعِلتْ لي الأرضُ طيِّبةً طَهورًا ومسجدًا؛ فأيُّما رجلٍ أدركتْه الصَّلاةُ صلَّى حيثُ كان ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ قوله: ((أيُّما رجلٍ من أمَّتي أدركتْه الصَّلاةُ، فليصلِّ))، عامٌّ لا يخرُج عنه شيءٌ، فمَن استطاع التطهُّرَ بالماءِ فَعَل، ومَن استطاع التطهُّرَ بالتيمُّمِ فَعَل، ومَن لم يستطعْ صلَّى على حسَبِ حالِه؛ لأنَّه أتى بما قدَرَ عليه،
    فوجَب أن يَخرُجَ عن العُهدةِ
    ثالثًا: أنَّ ذلك ما يَقتضيه المحافظةُ على الوقتِ الذي هو أعظمُ شروطِ الصَّلاة، والذي مِن أجْلِه شُرِعَ التيمُّم
    رابعًا: أنَّ ما أوجبَه اللهُ تعالى ورسولُه، أو جعَلَه شرطًا للعِبادةِ، أو رُكنًا فيها، أو وقَف صِحَّتها عليه، هو مُقيَّدٌ بحالِ القُدرةِ؛ لأنَّها الحالُ التي يُؤمَرُ فيها به، وأمَّا في حالِ العجزِ، فغيرُ مقدورٍ ولا مأمورٍ؛ فلا تتوقَّفُ صِحَّةُ العبادةِ عليه
    خامسًا: أنَّ الطهارةَ شرطٌ؛ فلمْ تُؤخِّرِ الصَّلاةَ عند العجزِ، كسائرِ شروطِ الصَّلاة، كاستقبالِ القِبلةِ، وسَتْرِ العورةِ
    سادسًا: أنَّ إيجابَ الإعادةِ يؤدِّي إلى إيجابِ نفْسِ الصَّلاةِ عن يومٍ واحدٍ مرَّتينِ
    المَطلَب الثَّاني: الطَّهارَةُ مِن النَّجَسِ

    الطهارةُ من النَّجسِ في البَدنِ والثَّوبِ والمكانِ شرطٌ في صحَّةِ الصَّلاة، وهو مذهبُ الجمهورِ: الحنفيَّة
    ، والشافعيَّة، والحنابلة، وهو قول للمالكيَّة، وحُكيَ عن عامَّة العلماءِ، وحُكيَ الإجماع على ذلك
    الأدلَّة:أوَّلًا: من الكِتاب
    قول الله تعالى: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ [المدثر: 4، 5]
    ثانيًا: من السُّنَّة
    1- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهما، قال: مرَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بحائطٍ من حيطانِ المدينةِ، أو مكَّةَ، فسَمِعَ صوتَ إنسانينِ يُعذَّبانِ في قُبورِهما، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يُعذَّبانِ، وما يُعذَّبانِ في كبيرٍ))، ثم قال: ((بَلَى، كان أحدُهما لا يَستتِرُ من بولِه، وكان الآخَرُ يَمشِي بالنَّميمةِ ))
    2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهما، أنَّها قالتْ: قالتْ فاطمةُ بنتُ أبي حُبَيشٍ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يا رسولَ اللهِ، إنِّي لا أَطهرُ؛ أفأدَعُ الصَّلاةَ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّما ذلكِ عِرقٌ، وليس بالحَيضةِ، فإذا أقبلتِ الحيضةُ فاتْرُكي الصَّلاةَ، فإذا ذهَبَ قَدرُها، فاغْسِلي عنكِ الدَّمَ وصَلِّي ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الموجِبَ للأمْرِ بتطهيرِ الثَّوبِ من دمِ الحيض كونُه نجسًا، ولا خُصوصيةَ له بذلك؛ فيُلحَقُ به كلُّ ما كان نجسًا؛ فإنَّه يجِبُ تطهيرُه
    3- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: قام أعرابيٌّ فبال في المسجِدِ، فتناوله الناسُ، فقال لهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((دَعُوه وهَرِيقوا على بولِه سَجْلًا من ماءٍ، أو ذَنوبًا من ماءٍ؛ فإنَّما بُعِثتُم مُيسِّرين، ولم تُبعَثوا مُعسِّرينَ ))
    4- عن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: بينما رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي بأصحابِه إذ خَلَعَ نَعليهِ فوضَعَهما عن يَسارِه، فلمَّا رأى ذلك القومُ ألْقَوْا نِعالَهم، فلمَّا قضَى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلاتَه، قال: ((ما حمَلَكم على إلقاءِ نِعالِكم؟))، قالوا: رَأيناكَ ألقيتَ نَعليكَ فأَلْقَيْنا نِعالَنا، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ جِبريلَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أتاني فَأخبَرنِي أنَّ فيهما قَذرًا - أو قال: أذًى - وقال: إذا جاءَ أحدُكم إلى المسجدِ، فلينظرْ؛ فإنْ رأى في نَعليه قذرًا أو أذًى فلْيَمْسَحْه، ولْيُصلِّ فيهما ))
    الفرعُ الأول: إزالةُ النَّجاسةِ عندَ العَجزِ والضَّررِ
    في حالِ العجزِ أو الضررِ مِن إزالةِ النَّجاسةِ، فإنَّه يُصلِّي بها، ولا يُعيدُ الصَّلاة، وهذا مذهبُ الحنفيَّة، وهو روايةٌ عندَ الحنابلةِ، واختارَه ابنُ قُدامةَ، وابنُ تَيميَّة، وابنُ باز، وابنُ عُثَيمين
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((دَعُوني ما تَركتُكم؛ إنَّما هلَك مَن كان قَبلَكم بسؤالِهم واختلافِهم على أنبيائِهم، فإذا نهيتُكم عن شيءٍ فاجتنِبوه، وإذا أمرتُكم بأمْرٍ فأتُوا منه ما استطعتُم ))
    ثانيًا: أنَّ إزالةَ النجاسةِ عن الثوبِ والبدنِ والمكانِ شرطٌ لصِحَّةِ الصَّلاةِ عندَ القُدرةِ؛ فتَسقُطُ عندَ العجزِ، كالسُّترة
    ثالثًا: قياسًا على المريضِ العاجزِ عن بعضِ الأركانِ
    الفرعُ الثاني: إزالةُ النَّجاسةِ أَثناءَ الصَّلاةِ
    إذا أصابتْ نجاسةٌ ثوبَ المُصلِّي أو بدنَه أثناءَ الصَّلاة، فأَزالها ولم يَبقَ لها أثرٌ، فصلاتُه صحيحةٌ.
    الدَّليل من الإجماع:
    نقَل الإجماعَ على ذلك: النوويُّ، وابنُ حجرٍ
    الفرعُ الثالث: الصَّلاةُ بالنَّجاسةِ ناسيًا أو جاهلًا  
    مَن صلَّى وعليه نجاسةٌ ناسيًا أو جاهلًا، فصلاتُه صحيحةٌ ولا إعادةَ عليه، وهو روايةٌ عن الإمامِ أحمدَ، وقول الشافعيِّ في القديمِ، وهو اختيارُ ابنِ المنذرِ، والنوويِّ، وابنِ تَيميَّة، وابنِ القيِّم وابنِ باز وابنِ عُثيمين
    الأدلَّة:أوَّلًا: من الكتاب
    قوله تعالى: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة: 286]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ المؤاخذةَ إنما تكون على ما تَعمَّدَه الإنسانُ، بخِلافِ ما وقَع فيه خطأً أو نسيانًا.
    ثانيًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي سَعيدٍ الخدريِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: ((بينما رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي بأصحابِه إذ خَلَعَ نَعليهِ فوضَعَهما عن يسارِه، فلمَّا رأى القومُ ذلِك ألْقَوْا نِعالَهم، فلمَّا قضَى رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلاتَه قال: ما حمَلَكم على إلقائِكم نِعالَكم؟ قالوا: رأيناكَ ألْقَيتَ نَعليكَ فألْقَيْنا نِعالَنا، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ جِبريلَ عليه السلامُ أتاني فأَخبَرني أنَّ فيهما قذرًا
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    لو كان الثوبُ النَّجِسُ المجهولُ نجاستُه تَبطُل به الصَّلاةُ لأعادَها مِن أوَّلها
    2- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن نَسِي وهو صائمٌ فأكَل أو شَرِبَ، فلْيُتمَّ صَومَه ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    الأكْلُ والشُّرْب في الصِّيامِ فِعلٌ محظورٌ، والصَّلاةُ في ثوبٍ نجسٍ فِعلٌ محظورٌ أيضًا؛ فلمَّا سقَط حُكمُه بالنِّسيانِ في بابِ الصِّيامِ قِيسَ عليه حُكمُه بالنِّسيانِ في بابِ الصَّلاةِ
    الفرعُ الرابع: اشتباهُ ثيابٍ طاهرةٍ بنَجِسَةٍ أو مُحرَّمةٍ
    إذا اشتبهتْ ثيابٌ طاهرةٌ بثيابٍ نجسةٍ أو بثيابٍ مُحرَّمةٍ، كأنْ يكونَ الثوبُ مسروقًا أو مغصوبًا؛ فإنَّه يتحرَّى، ويُصلِّي بإحداها،،
    وهذا مذهبُ الحنفيَّة، والشافعيَّة، وهو قولٌ للمالكيَّة، واختارَه ابنُ عَقيلٍ الحنبليُّ، وابنُ تيميَّة، وابنُ عُثَيمين، ونقَلَه القاضي أبو الطيِّب عن أكثرِ العلماءِ
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا شكَّ أحدُكم في صلاتِه، فليتحرَّ الصَّوابَ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه دليلٌ صريح على ثبوتِ التَّحرِّي في المشتبهات
    ثانيًا: قياسًا على الاجتهادِ في الأحكامِ، والاجتهادِ في القِبلةِ، وعلى تقويمِ المُتلَفاتِ، وإنْ كان قد يقَعُ في ذلك كلِّه الخطأُ
    ثالثًا: أنَّ القاعدةَ تنصُّ على أنَّه إذا تَعذَّرَ اليقينُ رُجِعَ إلى غَلبةِ الظنِّ، وهنا تَعذَّر اليقينُ فنرجِعُ إلى غَلبةِ الظنِّ، وهو التَّحرِّي
    الفَرعُ الخامس: الصَّلاةُ في ثِيابِ أهلِ الكِتابِ
    المَسألةُ الأولى: ما نَسجَه الكُفَّارُ
    تُباحُ الصَّلاةُ في الثوبِ الذي يَنسِجُه الكفَّارُ.
    الدَّليلُ مِنَ الإِجْماع:
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ قُدامةَ
    المَسألةُ الثَّانيةُ: ما لَبِسَه الكفَّارُ
    تجوزُ الصَّلاةُ فيما لبِسَه الكفَّارُ، وهذا مذهبُ الجمهورِ: الحنفيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة، وهو قول الظاهريَّة
    الأدلَّة:أوَّلًا: من الكِتاب
    عمومُ قولِ الله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا [البقرة: 29]
    ثانيًا: استصحابُ الأصلِ: فالأصلُ الطهارةُ، ولم يترجَّحِ التنجيسُ فيه؛ فلا يثبتُ بالشكِّ، أشبهَ ما نَسَجَه الكفَّارُ
    ثالثًا: أنَّ التوارثَ جارٍ فيما بين المسلمينَ بالصَّلاة في الثِّيابِ المغنومةِ من الكَفَرةِ قبلَ الغَسلِ
    المَطلَب الثَّالِثُ: المواضِعُ التي يُنْهَى عن الصَّلاةِ فيها

    تُشرَعُ الصَّلاةُ في عُمومِ الأرضِ في الجُملةِ.
    الدَّليل من الإجماع:
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ تَيميَّة
    الفَرْعُ الأول: أَعطانُ الإبلِ
    لا تصحُّ الصَّلاةُ في أعطانِ الإبلِ، وهو مذهبُ الحنابلة، وروي عن مالك وهو قول طائفة من الفقهاء واختارَه ابنُ حزمٍ، وابنُ عُثَيمين
    الأدلَّة من السُّنَّة:
    1- عن جابرِ بنِ سَمُرةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه: ((أنَّ رجلًا سألَ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أأتوضَّأُ من لحومِ الغنمِ؟ قال: إنْ شِئتَ فتوضَّأ، وإنْ شِئتَ فلا توضَّأ، قال أتوضَّأ من لحومِ الإبل؟ قال: نعَمْ فتَوضَّأْ من لحومِ الإبل، قال: أُصلِّي في مرابض الغنَمِ؟ قال: نعم، قال: أُصلِّي في مباركِ الإبلِ؟ قال: لا ))
    2- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صلُّوا في مرابضِ الغَنمِ، ولا تُصلُّوا في أعطانِ الإبلِ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه نهى عن الصَّلاةِ في معاطنِ الإبل، والوقوعُ فيما نهى عنه رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم معصيةٌ، ولا يُمكن أن تنقلِبَ المعصيةُ طاعةً؛ وعلى ذلك فلا تصحُّ الصَّلاةُ
    الفَرْعُ الثاني: الحمَّام
    تجوزُ الصَّلاةُ في الحمَّامِ مع الكراهةِ، وهو مذهبُ الجمهورِ: الحنفيَّة والمالكيَّة، والشافعيَّة، ورواية عن أحمد
    الدليل مِنَ السُّنَّة:
    عمومُ قولِ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((جُعِلتْ لي الأرضُ مسجدًا وطَهورًا ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ لفظَ الحديثِ عامٌّ، فيدخل فيه الصَّلاة في الحمَّامِ وفي كلِّ موضعٍ من الأرض إذا كانَ طاهرًا من الأنجاسِ
    الفَرْعُ الثَّالِثُ: المَقبُرَة
    لا تصحُّ الصَّلاةُ في المَقبُرة، وهو مذهبُ الحنابلة ونسب إلى كثير من أهل العلم، وهو قول ابن حزم واختارَه ابنُ تَيميَّة، والصنعاني وابنُ باز، وابنُ عُثَيمين
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    1- أنَّ عائشةَ، وعبدَ اللهِ بنَ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهم، قالَا: لَمَّا نُزِلَ برسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، طَفِقَ يَطرحُ خَميصةً له على وجهِه، فإذا اغتمَّ بها كشَفَها عن وجهِه، فقال وهو كذلك: ((لَعْنةُ اللهِ على اليهودِ والنَّصارَى؛ اتَّخَذُوا قبورَ أَنبيائِهم مساجِدَ ))، يُحذِّرُ ما صَنَعوا
    2- عن جُندُبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: سمعتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قبل أن يموتَ بخمسٍ، وهو يقولُ: ((ألَا وإنَّ مَن كان قَبلَكم كانوا يتَّخذونَ قُبورَ أنبيائِهم وصالِحيهم مساجدَ، ألَا فلا تتَّخذوا القبورَ مساجدَ، إنِّي أَنهاكُم عن ذلِك ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الصَّلاة لا تصحُّ لارتكابِ النهيِ في الصَّلاة فيها، فالنَّهيُ هاهنا لمعنًى يختصُّ بالصَّلاةِ من جِهةِ مكانِها
    ثانيًا: أنَّ الصَّلاةَ في المقبرة قد تُتَّخذُ ذريعةً إلى عبادةِ القبورِ، أو إلى التشبُّهِ بِمَن يَعبُدُ القبورَ؛ فإنَّ أصلَ الشِّركِ وعِبادةِ الأوثانِ كانتْ مِن تعظيمِ القُبورِ
    الفَرْعُ الرَّابع: المَزْبَلةُ والمَجْزَرةُ
    تصحُّ الصَّلاةُ في المزبلةِ والمجزرةِ إذا خَلَتِ من النَّجاسةِ، وهو مذهبُ الحنفيَّة، والمالكيَّة؛ واختارَه ابنُ حزمٍ، وابنُ باز (( قال ابنُ قُدامة: (المزبلة: الموضعُ الذي يُجمَع فيه الزَّبل -  وقال المرداويُّ: (المزبلة: ما أُعِدَّ للنجاسَةِ والكُناسة والزبالة، وإنْ كانت طاهرة). )
    الدليل مِنَ السُّنَّة:
    عمومُ قولِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((جُعِلتْ لي الأرضُ مسجدًا وطَهورًا ))
    الفَرْعُ الخامس: قارعةُ الطَّريقِ
    تُكرَهُ الصَّلاةُ على قارعةِ الطريقِ، وهو مذهبُ الجمهور: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشافعيَّة
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: لِمَا يمرُّ فيها من الدوابِّ فيَقَعُ في ذلك مِن أبوالِها وأرواثِها
    ثانيًا: أنَّه يَشغَلُ حقَّ العامَّة بما ليس له؛ لأنَّها حقُّ العامَّةِ للمُرورِ
    ثالثًا: أنَّه يَشغَلُ الخاطرَ عن الخشوعِ بمُرورِ الناسِ ولَغَطِهم
    الفَرْعُ السَّادِس: الأرضُ المَغصوبةُ
    لا تجوزُ الصَّلاةُ في الأرضِ المغصوبةِ.
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عمومُ ما جاءَ عن أبي بَكرةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، حيثُ قال: خطَبَنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَ النَّحرِ، قال: ((فإنَّ دِماءَكم وأموالَكم عليكم حرامٌ، كحُرمةِ يَومِكم هذا، في شَهرِكم هذا، في بَلدِكم هذا، إلى يومِ تَلْقَونَ ربَّكم.. ))
    ثانيًا: من الإجماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: النوويُّ
    ثالثًا: أنَّ في الصَّلاةِ في الأرضِ المغصوبةِ استعمالًا لمالِ الغَيرِ بغيرِ إذنِه
    الفَرْعُ السابع: حُكمُ الصَّلاةِ في الأرضِ المَغصوبَةِ
    الصَّلاة في الأرضِ المغصوبةِ صحيحةٌ، وهو مذهبُ الجمهور: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشافعيَّة، وروايةٌ عن أحمد؛ وذلك لأنَّها أرضٌ طاهرةٌ، وإنَّما المنعُ فيها لمعنًى في غيرها، وهو حقُّ المالكِ، وذلك لا يَمنعُ صِحَّةَ الصَّلاةِ
    الفَرْعُ الثامن: الكَنيسةُ والبِيعَةُ
    تُكرَهُ الصَّلاةُ في الكَنيسةِ والبِيْعةِ، وهو مذهبُ الجمهورِ: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشافعيَّة، وروايةٌ عن أحمدَ، وقالتْ به طائفةٌ من السَّلفِ
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: لأنَّها مواضعُ الكُفر ومحلُّ الشياطين؛ فكُرِهتِ الصَّلاةُ فيها كما كُرِهت في المكانِ الذي حضرَهم فيه الشيطانُ
    ثانيًا: أنَّ في الصَّلاةِ فيها تَعظيمًا لها
    ثالثًا: أنَّ في ذلِك تكثيرًا لجَمْعِهم
    فائدة: الصَّلاة في أماكنِ المَعصيةِ ومَأوَى الشَّياطينِ
    تُكرَهُ الصَّلاةُ في أماكنِ المَعصيةِ ومَأوَى الشَّياطينِ، نصَّ عليه الشافعيَّة . (( قال النوويُّ: (الصلاة في مأوى الشيطان مكروهةٌ بالاتفاق، وذلك مثل مواضع الخمْر والحانة، ومواضع المكوس، ونحوها من المعاصي الفاحشة، والكنائس والبِيَع والحُشوش، ونحو ذلك))  
    المَطلَبُ الأوَّل: اشتراطُ دخولِ الوقتِ

    دخولُ الوقتِ شَرطٌ في صِحَّةِ الصلواتِ الخَمسِ.
    الأدلَّة: أوَّلًا: من الكِتاب
    قولُ اللهِ تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا [النساء: 103]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ معنى (مَوْقُوتًا)، أي: موقَّتًا بوقتٍ, لا يجوزُ تقديمُها ولا تأخيرُها
    ثانيًا: من السُّنَّة
    عن عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهما، أنَّه قال: سُئِلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن وقتِ الصَّلواتِ، فقال: ((وقتُ صلاةِ الفجرِ ما لم يَطلُعْ قرنُ الشَّمسِ الأوَّلُ، ووقتُ صلاةِ الظُّهرِ إذا زالتِ الشمسُ عن بَطنِ السَّماءِ، ما لم يَحضُرِ العصرُ، ووقتُ صلاةِ العصرِ ما لم تَصفَرَّ الشمسُ، ويَسقُط قرنُها الأوَّلُ، ووقتُ صلاةِ المغربِ إذا غابتِ الشمسُ، ما لم يَسقُطِ الشفقُ، ووقتُ صلاةِ العشاءِ إلى نِصفِ اللَّيلِ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أوجب كلَّ صلاةٍ في وقتٍ محدودٍ أوَّلُه وآخِرُه، ولم يُوجِبْها عليه السلام لا قَبل ذلك الوقتِ، ولا بَعدَه
    ثالثًا: من الإجماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ رُشدٍ، وابنُ قُدامةَ، وابنُ عبد البَرِّ، وابنُ حزمٍ
    المطلب الثاني: تقديمُ الصَّلاةِ عن وقتِها

    لا يَحِلُّ تقديمُ الصَّلاةِ عن وقتِها، ومَن صَلَّى قَبلَ الوقتِ، لم تُجزِئْ صلاتُه.
    الدَّليلُ مِنَ الإِجْماع:
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ عبد البَرِّ، وابنُ تَيميَّة
    المطلب الثالث: تَأخيرُ الصَّلاةِ عن وقتِها

    لا يَحِلُّ تأخيرُ الصَّلاةِ عَمدًا عن وقتِها من غير عذر.
    الأدلَّة: أوَّلًا: من الكِتاب
    1- قال الله تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا [النساء: 103]
    2- وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4 - 5]
    ثانيًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي ذرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((كيفَ أنت إذا كانتْ عليك أُمراءُ يُؤخِّرونَ الصَّلاةَ عن وَقتِها - أو يُميتونَ الصَّلاةَ عن وقتِها؟ قال: قلتُ: فما تَأمُرُني؟ قال: صلِّ الصَّلاةَ لوقتِها... ))
    2- عن عبد الله بن مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّه ستكونُ عليكم أمراءُ يُؤخِّرونَ الصَّلاةَ عن مِيقاتِها ويَخنقونها إلى شرقِ الموتى ) (( أي يُضَيِّقُونَ وقْتهَا بتَأخِيرها. يقال خَنقْت الوَقْت أخْنُقُه إذا أخَّرْتَه وضَيَّقْتَه. وهم في خُنَاق من المَوتِ أي في ضيق )) فإذا رأيتموهم قد فَعلوا ذلك، فصلُّوا الصلاةَ لميقاتِها، واجعلوا صلاتَكم معهم سُبحةً ))
    ثالثًا: من الإجماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حزمٍ، وابنُ تَيميَّة
    ------------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا .. تابعونا جزاكم الله خيرا
    ولا تنسونا من صالح دعائكم


    عدل سابقا من قبل sadekalnour في الأربعاء سبتمبر 14, 2022 12:20 pm عدل 1 مرات

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    ثانياً : شروط  وجوب الصلاه. صحه الصلاه . صفه الصلاه . أوقات الصلاه Empty أوقات الصلاة المكتوبه

    مُساهمة من طرف صادق النور الثلاثاء سبتمبر 13, 2022 8:26 pm


    الفَرعُ الأوَّل: وقتُ صلاةِ الفَجرِ
    المسألة الأولى: بداية وقت صلاة الفجر
    إذا طلَعَ الفجرُ الثَّاني
    ، فقدْ دخَلَ أوَّلُ وقتِ صلاةِ الصُّبحِ.
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي موسى الأشعريِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أتاه سائلٌ يَسألُه عن مواقيتِ الصَّلاةِ، فلم يَرُدَّ عليه شيئًا، قال: فأقامَ الفجرَ حين انشقَّ الفجرُ، والناس لا يَكادُ يَعرِف بعضُهم بعضًا... ثم أخَّرَ الفجرَ من الغدِ حتى انصرفَ منها والقائلُ يقول: قد طلعتِ الشمسُ، أو كادتْ... ثم أصبح فدعَا السائلَ، فقال: ((الوقتُ بين هَذينِ
    2- عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهما، قال: سُئِلَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن وقتِ الصلواتِ،
    فقال: ((وقتُ صلاةِ الفجرِ ما لم يَطلُعْ قرنُ الشمسِ الأوَّلُ ))
    ثانيًا: من الإجماع
    نقَلَ الإجماعَ على أنَّ وقتَ الصبحِ ما بين طلوعِ الفجرِ إلى طلوعِ الشَّمسِ: ابنُ المنذر، والطحاويُّ، وابنُ حزم، ونقل الإجماعَ على دُخول وقتِها بطلوعِ الفَجرِ: ابنُ عبد البَرِّ، والنوويُّ وحَكَى ابنُ عبد البرِّ الإجماعَ على أنَّ آخِرَ وقتِها حين تطلُعُ الشمسُ
    المسألة الثانية: صَلاةُ الفَجرِ قَبلَ وقتِها
    لا يَجوزُ أن تُصلَّى صلاةُ الفجرِ قَبل وقتِها.
    الدَّليل من الإجماع:
    نقَل الإجماعَ على ذلك: النوويُّ
    المسألة الثالثة: التَّغليسُ في صلاةِ الفَجرِ
    الأفضلُ تَعجيلُ الصُّبحِ في أوَّلِ وقتِها إذا تَحقَّق طُلوعُ الفَجرِ، وهو التغليسُ، وهو مذهبُ الجمهور: المالكيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة، والظاهريَّة، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلَف (( التَّغليس: أداءُ صلاةِ الفَجْرِ في الغَلَس، والغَلَسُ: ظلامُ آخِر الليل. ))
    الأدلَّة:أوَّلًا: من الكِتاب
    1- قول الله تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ [البقرة: 238]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ من المحافظةِ عليها تَقديمَها في أوَّلِ الوقتِ؛ لأنَّه إذا أَخَّرَها عرَّضَها للفواتِ
    2- قول الله تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ [آل عمران: 133]
    3- قول الله تعالى: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ [البقرة: 148]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ المسارعةَ إلى الخيرِ والمسابقةَ إليه أفضلُ بنصِّ القرآنِ
    ثانيًا: من السُّنَّة
    1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها، قالت: ((كُنَّ نِساءُ المؤمناتِ يَشهدْنَ مع رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلاةَ الفجرِ متلفِّعاتٍ بمُروطِهنَّ، ثم يَنقلِبْنَ إلى بيوتهنَّ حين يَقضِينَ الصَّلاةَ، لا يعرفهنَّ أحدٌ من الغَلَسِ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    قولها في الحديث: ((كنَّ نساءُ المؤمناتِ يشهدنَ مع رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلاةَ الفجر، فينصرِفْنَ متلفِّعاتٍ... لا يعرفهنَّ أحدٌ من الغَلَسِ))، هذا إخبارٌ عن أنه كان يُداومُ على ذلك، أو أنَّه أكثر فِعله،
    ولا تَحصُلُ المداومةُ إلَّا على الأفضلِ
    2- عن محمَّدِ بنِ عَمرٍو، هو ابنُ الحَسنِ بنِ عليٍّ، قال: سألْنا جابرَ بنَ عبدِ اللهِ عن صلاةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: (كان يُصلِّي الظهرَ بالهاجرةِ، والعصرَ والشمسُ حيَّةٌ، والمغربَ إذا وجبَتْ، والعشاءَ؛ إذا كثُر الناسُ عَجَّلَ، وإذا قلُّوا أخَّر، والصبحَ بَغلَسٍ )
    المسألة الرابعة: آخِرُ وقتِ الفَجرِ
    يَمتدُّ وقتُ صلاةِ الفجرِ اختيارًا إلى طلوعِ الشَّمسِ، وهذا مذهب الحنفيَّة، والحنابلة، والصحيح من قول ِمالكٍ، وهو قولُ جمهورِ العلماء من السَّلف والخلف واختارَه ابنُ تيميَّة، والصنعانيُّ، وابنُ باز، وابنُ عُثَيمين
    الأدلَّة من السُّنَّة:
    1- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن أَدركَ من الصُّبحِ ركعةً قبل أن تَطلُعَ الشمسُ، فقدْ أَدركَ الصُّبحَ، ومَن أَدركَ ركعةً من العصرِ قبل أنْ تَغرُبَ الشمسُ، فقد أَدْرَكَ العصرَ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    هذا الحديثُ نصٌّ في أنَّ مَن صلَّى الفجرَ قبلَ طلوعِ الشمسِ فإنَّه مدركٌ لوقتِها؛ فإنَّه إذا كان مدركًا لها بإدراكِه منها ركعةً قبلَ طلوعِ الشمسِ؛ فكيف إذا أَدركَها كلَّها قبلَ الطلوعِ؟!
    2- عن جَريرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: ((كنَّا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فنَظَرَ إلى القمرِ ليلةً - يعني: البدرَ -
    فقال: إنَّكم ستَرَوْنَ ربَّكم كما تَرَوْنَ هذا القمرَ، لا تُضامُونَ في رُؤيتِه؛ فإنِ استطعتُم أنْ لا تُغلَبوا على صلاةٍ قبلَ طُلوعِ الشَّمسِ، وقبلَ غُروبها فافْعلوا،
    ثم قرأ: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ [ق: 39] ))
    3- عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهما: ((... ووقتُ صلاةِ الصبحِ مِن طُلوعِ الفجرِ، ما لم تَطلُعِ الشمسُ... ))
    الفرعُ الثَّاني: وقتُ صلاةِ الظُّهرِ

    المَسألةُ الأُولى: أوَّلُ وقتِ صلاةِ الظُّهرِ
    أولُ وقتِ صلاةِ الظهرِ: زوالُ الشَّمسِ (( قال ابنُ قُدامة: (معنى زوال الشمس: ميلُها عن كبد السماء، ويُعرف ذلك بطول ظلِّ الشخص بعد تناهي قصره).( وقال النوويُّ: (الزَّوال هو ميل الشمس عن كبد السماء بعد انتصاف النهار، وعلامته زيادة الظلِّ بعد تناهي نُقصانه؛ وذلك أنَّ ظلَّ الشخص يكون في أوَّل النهار طويلًا ممتدًّا، فكلَّما ارتفعت الشمس نقص، فإذا انتصف النهار وقفَ الظل، فإذا زالت الشمس عاد الظلُّ إلى الزيادة، فإذا أردت أن تعلم هل زالت، فانصبْ عصا أو غيرها في الشمس على أرض مستوية، وعلِّم على طرف ظلِّها، ثم راقبه، فإنْ نقَص الظل علمتَ أنَّ الشمس لم تزُلْ، ولا تزال تراقبه حتى يزيدَ؛ فمتى زاد علمتَ الزوال حينئذ).
    الأدلَّة:أوَّلًا: من الكِتاب
    قول الله تعالى: أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ [الإسراء: 78]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ المرادَ بدُلوكِ الشَّمسِ زوالُها على قولِ طائفةٍ من السَّلفِ
    ثانيًا: من السُّنَّة
    1- عن سَيَّارِ بنِ سَلامةَ، قال: دخلتُ أنا وأبي على أَبي بَرزةَ الأسلميِّ، فقال له أبي: كيف كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي المكتوبةَ؟ فقال: ((كانَ يُصلِّي الهجيرَ ( الهجير: صلاة الظهر، والهجير والهاجرة: اشتدادُ الحر نصف النهار)- التي تَدْعونها الأُولى - حين تَدحَضُ الشَّمسُ .(( تدحض الشَّمس: أي تزول عن وسَط السماءِ إلى جِهة المغرب، كأنَّها دحضت، أي: زلقت.))
    2- عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهما، أنَّه قال: سُئِلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن وقتِ الصلواتِ،
    فقال: ((... ووقتُ صلاةِ الظهرِ إذا زالتِ الشَّمسُ عن بَطنِ السَّماءِ ))
    3- حديثُ أبي موسى رَضِيَ اللهُ عَنْه؛ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنه أتاه سائلٌ يسألُه عن مواقيتِ الصَّلاة... الحديث، وفيه: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَرَ المؤذِّنَ فأقامَ بالظهرِ حين زالتِ الشمسُ ))
    ثانيًا: من الإجماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المنذرِ، وابنُ حَزمٍ، وابنُ عبد البَرِّ، والنوويُّ
    المسألةُ الثانية: آخِرُ وقتِ صَلاةِ الظُّهرِ
    آخِرُ وقتِ الظهرِ إذا صارَ ظِلُّ الشيءِ مِثلَه غيرَ الظلِّ الذي يكونُ عندَ الزوالِ، وهذا مذهبُ الجمهورِ: المالكيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة، والظاهريَّة، وروايةٌ عن أبي حنيفة، وحُكِي الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة من السُّنَّة:
    1- عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهما، أنَّ نبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((إذا صَليتُم الفجرَ فإنَّه وقتٌ إلى أن يَطلُعَ قرنُ الشَّمسِ الأوَّلُ، ثم إذا صليتُم الظهرَ فإنَّه وقتٌ إلى أن يَحضُرَ العصرُ، فإذا صليتُم العصرَ فإنَّه وقتٌ إلى أن تَصفرَّ الشمسُ،فإذا صليتُم المغربَ فإنه وقتٌ إلى أن يَسقُطَ الشفقُ، فإذا صليتُم العشاءَ فإنَّه وقتٌ إلى نِصفِ اللَّيلِ ))
    2- عن أبي موسى الأشعريِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أنه أتاه سائلٌ يسألُه عن مواقيتِ الصَّلاة، فلم يردَّ عليه شيئًا،.. وفيه: ثم أخَّرَ الظهرَ حتى كان قريبًا من وقتِ العصرِ بالأمس.. ثم قال في آخِره: ((الوقتُ بَينَ هَذينِ ))
    3- عن أبي قَتادةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((أمَا إنَّه ليس في النومِ تفريطٌ، إنَّما التفريطُ على مَن لم يُصلِّ الصَّلاةَ حتى يَجيءَ وقتُ الصَّلاةِ الأُخرى ))
    المسألة الثالثة: تعجيلُ الظُّهرِ
    يُستحبُّ تعجيلُ الظُّهرِ في غيرِ حرٍّ ولا غَيمٍ.
    الدَّليلُ مِنَ الإِجْماع:
    نقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ قُدامةَ، والنوويُّ
    المسألةُ الرَّابعةُ: استحبابُ الإبرادِ بالظُّهرِ في شِدَّةِ الحرِّ
    يُستحبُّ الإبرادُ بالظُّهرِ في شِدَّةِ الحرِّ، باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة
    الأدلَّة من السُّنَّة:
    1- عن أبي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: أذَّن مؤذِّنُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الظُّهرَ، فقال: ((أَبرِدْ أَبرِدْ))، أو قال: ((انتظر انتظرْ))، وقال: ((شِدَّةُ الحرِّ مِن فَيحِ جَهنَّمَ، فإذا اشتدَّ الحرُّ فأبْرِدوا عن الصَّلاةِ))،(( الفَيْح: هو سُطوعُ الحَرِّ وفَورانُه؛ وقوله ((فيح جَهنَّمَ)) أيْ: كأَنَّه نارُ جهنَّمَ في حَرِّها.)) حتى رَأيْنا فَيءَ التُّلولِ
    2- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عَنْه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا اشتدَّ الحرُّ فأَبْرِدوا بالصَّلاة؛ فإنَّ شِدَّةَ الحرِّ مِن فَيحِ جَهنَّمَ))
    3- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا اشتدَّ البردُ بَكَّرَ بالصَّلاةِ، وإذا اشتدَّ الحرُّ أَبْرَدَ بالصَّلاةِ ))
    الفرعُ الثَّالث: وقتُ صَلاةِ العَصرِ
    المَسألةُ الأُولى: أوَّلُ وقتِ العَصرِ
    أوَّلُ وقت العصرِ أن يكونَ ظِلُّ كلِّ شيء مِثلَه؛ ولا يُعدُّ في ذلك الظلُّ الذي كان في أوَّلِ زوالِ الشَّمسِ، وهو مذهبُ الجمهور
    : المالكيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة، وروايةٌ عن أبي حنيفة، وهو قولُ محمَّدٍ وأبي يُوسفَ من الحنفيَّة، واختيارُ ابنِ حزمٍ
    الأدلة من السُّنَّة:
    1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يُصلِّي العصرَ والشَّمسُ مرتفعةٌ حيَّة، فيذهب الذاهبُ إلى العوالي والشمسُ مرتفعةٌ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه لا يُمكِن أنْ يذهبَ بعدَ صلاةِ العصرِ مِيلينِ وثلاثةً والشمسُ بعدُ لم تتغيَّرْ بصُفرةٍ ونحوِها إلَّا إذا صلَّى العصرَ حين صارَ ظلُّ الشيءِ مِثلَه، ولا يَكاد يَحصُل ُهذا إلَّا في الأيَّامِ الطويلةِ
    2- حديث جابرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه: ((أنَّ جبريلَ جاءَ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتى إذا كان فَيءُ الرجلِ مثلَه، جاءَه للعصرِ فقال: قُمْ يا محمَّد، فصلِّ العصرَ ))
    3- حديثُ أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، في صلاةِ جبريل، وفيه: ((ثمَّ صلَّى العصرَ حِينَ رأى الظلَّ مِثلَه ))
    المَسألةُ الثَّانية: وقتُ صلاةِ العَصرِ المُختارُ
    يمتدُّ وقتُ صلاةِ العصرِ المختارُ إلى أنْ تَصفرَّ الشمسُ، وهذا مذهبُ المالكيَّة، وروايةٌ عن أحمدَ، وبه قالتْ طائفةٌ من السَّلَفِ، واختارَه ابنُ حَزمٍ، واستظهرَه من الحنابلةِ ابنُ مُفلح، وهو اختيارُ ابنِ باز، وابنُ عُثَيمين، وبه أفتتِ اللَّجنةُ الدَّائمة
    الأدلَّة من السُّنَّة:
    1- عن عبدِ اللهِ بن عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((وقتُ العصرِ ما لم تَصفَرَّ الشَّمسُ ))
    2- عن بُرَيدةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه: ((أنَّ رجلًا أتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فسألَه عن مواقيتِ الصَّلاةِ؟ فقال: اشهدْ معنا الصَّلاة. فأَمَر بلالًا فأذَّنَ بغَلسٍ فصلَّى الصبحَ حين طلَع الفجرُ، ثم أَمَره بالظهرِ حين زالتِ الشمسُ عن بَطنِ السَّماءِ، ثم أمَرَه بالعصرِ والشمسُ مرتفعةٌ، ثم أمَرَه بالمغربِ حين وجبَتِ الشمسُ، ثم أمَرَه بالعِشاءِ حينَ وقَعَ الشفقُ، ثم أمَرَه الغدَ فنوَّرَ بالصبحِ، ثم أمَرَه بالظهرِ فأَبْرَدَ، ثم أمَرَه بالعصرِ والشمسُ بيضاءُ نقيَّةٌ لم تُخالطْها صُفرةٌ، ثم أمَرَه بالمغربِ قبل أن يَقعَ الشفقُ، ثم أمَرَه بالعِشاءِ عندَ ذَهابِ ثُلُثِ اللَّيلِ أو بَعضِه - شكَّ حَرْميٌّ - فلمَّا أصبح قال: أينَ السائلُ؟ ما بين ما رأيتَ وقتٌ ))
    المسألةُ الثَّالثة: وقتُ صلاةِ العَصرِ عِندَ الضَّرورةِ
    وقتُ صلاةِ العصرِ عِندَ الضَّرورةِ إلى غُروبِ الشَّمسِ
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن أَدْركَ من الصُّبحِ ركعةً قبل أن تَطلُعَ الشمسُ، فقدْ أدْرَكَ الصُّبحَ، ومَن أَدركَ ركعةً مِن العصرِ قَبلَ أن تَغرُبَ الشمسُ، فقدْ أدْرَكَ العصرَ ))
    ثانيًا: من الإجماعِنقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ تيميَّة
    الفرعُ الرَّابع: وقتُ صلاةِ المغربِ
    المسألةُ الأولى: أوَّلُ وقتِ صَلاةِ المَغربِ
    أوَّلُ وقتِ صلاةِ المغربِ، إذا غربَتِ الشمسُ وتَكامَلَ غُروبُها.
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    1- عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهما، أنَّه قال: سُئِلَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن وقتِ الصَّلواتِ، فقال: ((... ووقتُ صلاةِ المغربِ إذا غابتِ الشَّمسُ ))
    2- عن أبي موسى الأشعريِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أتاه سائلٌ يسألُه عن مواقيتِ الصَّلاة، فلم يردَّ عليه شيئًا،...ثم أمَرَه فأقامَ بالمغربِ حين وقعتِ الشمسُ، ثم أمَره فأقام العِشاء حين غابَ الشَّفقُ، ثم أخَّرَ الفجر من الغدِ حتى انصرَفَ منها والقائلُ يقول: قد طلعتِ الشمسُ، أو كادتْ، ثم أخَّر الظهر حتى كان قريبًا من وقتِ العصرِ بالأمس، ثم أخَّر العصرَ حتى انصرفَ منها، والقائل يقولُ: قد احمرَّتِ الشمسُ، ثم أخَّر المغربَ حتى كان عند سقوطِ الشَّفقِ...، ثم أصبح فدَعَا السائلَ، فقال: ((الوقتُ بين هذَينِ ))
    3- عن سلمةَ بنِ الأَكوعِ رَضِيَ اللهُ عَنْه: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يُصلِّي المغربَ إذا غربتِ الشَّمسُ وتوارتْ بالحِجابِ ))
    ثانيًا: من الإجماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنذِرِ، وابنُ حزمٍ، وابنُ عبد البَرِّ، والكاسانيُّ، وابنُ قُدامةَ، والنوويُّ، وابنُ تيميَّة
    المسألة الثانية: آخِرُ وقتِ صلاةِ المَغربِ
    يمتدُّ وقتُ صلاةِ المغربِ إلى أن يَغيبَ الشفقُ الذي هو الحُمرةُ، وهو مذهبُ الحنابلة، والظاهريَّة، وروايةٌ عن مالك، وهو قولُ الشافعيِّ في القديمِ، وبه قالتْ طائفةٌ من السَّلَفِ، وهو قولُ أكثرِ أهلِ العِلمِ، واختيارُ القرطبيِّ، وابنِ تَيميَّة، وابنِ القيِّمِ، والصَّنعانيِّ، والشوكانيِّ، والشِّنقيطيِّ، وابنِ باز، وابنِ عُثَيمين، وبه أفتتِ اللَّجنةُ الدَّائمة
    الأدلَّة من السُّنَّة:
    1- عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو، أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((وقتُ الظهرِ إذا زالتِ الشمسُ وكان ظلُّ الرَّجُلِ كطولِه، ما لم يَحضُرِ العصرُ، ووقتُ العصرِ ما لم تَصفرَّ الشمسُ، ووقتُ صلاةِ المغربِ ما لم يَغِبِ الشفقُ... ))
    2- عن أبي موسى الأشعريِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أتاه سائلٌ يسأله عن مواقيتِ الصَّلاة، فلم يردَّ عليه شيئًا)).. وفيه: ((ثم أخَّرَ المغربَ حتى كان عندَ سقوطِ الشَّفقِ، ثم أخَّر العِشاءَ حتى كان ثُلُثُ الليلِ الأوَّلُ، ثم أصبح فدعَا السائلَ، فقال: الوقتُ بين هذَينِ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الشَّفقَ المعروفَ عند العربِ أنَّه الحُمرةُ، وهو مشهورٌ في شِعرِهم ونَثرِهم
    المسألة الثالثة: تعجيلُ صَلاةِ المَغربِ
    تعجيلُ صلاةِ المغربِ والمبادرةُ إليها في أوَّلِ وقتِها أفضلُ من تأخيرِها.
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    1- عن رافعِ بنِ خَديجٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: ((كنَّا نُصلِّي المغربَ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فينصرفُ أحدُنا، وإنَّه لَيُبْصِرُ مواقعَ نَبلِه ))
    2- عن سَلمةَ بن الأكوعِ رَضِيَ اللهُ عَنْه: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يُصلِّي المغربَ إذا غرَبتِ الشَّمسُ، وتوارتْ بالحِجابِ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    يُفهَمُ من هذَينِ الحديثينِ أنَّ المغربَ تُعجَّلَ عقِبَ غروبِ الشَّمسِ
    ثانيًا: مِنَ الإجماعِ نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنذرِ، وابنُ عبدِ البَرِّ،وابنُ قُدامةَ، والقرطبيُّ، والنوويُّ
    الفرعُ الخامسُ: وقتُ صَلاةِ العِشاءِ
    المَسألةُ الأُولى: أوَّلُ وقتِ صلاةِ العِشاءِ
    يَدخُلُ وقتُ صَلاةِ العِشاءِ بمَغِيبِ الشَّفقِ.
    الدَّليل من الإجماع: نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المنذرِ وابنُ حَزمٍ، والنوويُّ، وابنُ عبدِ البرِّ،
    المسألةُ الثَّانية: المرادُ بالشَّفَقِ
    المرادُ بالشَّفقِ الذي يَدخُلُ به وقتُ العِشاءِ: هو الشَّفقُ الأحمرُ، وهذا مذهبُ الجمهورِ: المالكيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة، والظاهريَّة، وروايةٌ عن أبي حَنيفةَ، وهو قولُ أبي يوسفَ ومحمَّد، وبه قال أكثرُ أهلِ العِلم
    الأدلَّة: أوَّلًا: من السُّنَّة
    1- عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرِو بن العاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهما، أنَّه قال: سُئِلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن وقتِ الصلواتِ، فقال: ((وقتُ صلاةِ الفجرِ ما لم يَطلُعْ قرنُ الشمسِ الأوَّلُ، ووقتُ صلاةِ الظهر إذا زالتِ الشمسُ عن بَطنِ السَّماءِ، ما لم يَحضُرِ العصرُ، ووقتُ صلاةِ العصرِ ما لم تَصفَرَّ الشمسُ، ويَسقُط قرنُها الأوَّلُ، ووقتُ صلاةِ المغربِ إذا غابتِ الشمسُ، ما لم يَسقُطِ الشفقُ، ووقتُ صلاةِ العشاءِ إلى نِصفِ اللَّيلِ ))
    2- عن أبي موسى الأشعريِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أتاه سائلٌ يسألُه عن مواقيتِ الصَّلاة، فلم يردَّ عليه شيئًا، قال: فأقام الفجرَ حين انشقَّ الفجرُ،... ثم أمره فأقامَ العشاءَ حِين غاب الشفقُ،... ثم أخَّرَ المغربَ حتى كان عندَ سقوطِ الشفقِ، ثم أخَّرَ العِشاءَ حتى كان ثُلُثُ اللَّيلِ الأوَّلُ، ثم أصبح فدَعَا السائلَ، فقال: ((الوقتُ بين هذَينِ ))
    ثانيًا: أنَّ المعروفَ عندَ العربِ أنَّ الشفقَ الحُمرةُ، وذلك مشهورٌ في شِعرهم ونَثرِهم، ويدلُّ عليه أيضًا نقلُ أئمَّة اللُّغة
    ثالثًا: أنَّ البياضَ لا يَغيب إلَّا عندَ ثُلُثِ اللَّيلِ الأوَّلِ، وهو الذي حدَّ - عليه الصَّلاة والسلام - خروجَ أكثرِ الوقت به؛ فصحَّ يقينًا أنَّ وقتها داخلٌ قبل ثُلُث اللَّيلِ الأوَّل بيقين، فقد ثبَتَ بالنصِّ أنَّه داخلٌ قبل مغيبِ الشَّفقِ الذي هو البياضُ، فتبيَّن بذلك يقينًا أنَّ الوقتَ دخلَ بالشفقِ الذي هو الحُمرةُ
    المسألةُ الثَّالثة: آخِرُ وقتِ صلاةِ العِشاءِ
    اختَلَفَ أهلُ العِلمِ في آخِرِ وقتِ صَلاةِ العِشاءِ على أقوالٍ، أقواها قولان:
    القول الأوّل: يمتدُّ وقتُ صلاةِ العِشاءِ الاختياريُّ إلى نِصفِ اللَّيلِ، والضروريُّ إلى طلوعِ الفجرِ، وهو روايةٌ عن الإمامِ أحمدَ، وبه قال الشافعيُّ في القديم، وهو قولُ ابنِ حَبيبٍ، وابنِ المَوَّازِ من المالكيَّة، واختارَه ابنُ قُدامةَ، وابنُ تيميَّة، والشوكانيُّ، وابنُ باز، وبه أفتتِ اللَّجنةُ الدَّائمة
    الأدلَّة من السُّنَّة:
    1- عن أبي قَتادةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: خطَبَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: ((إنَّكم تَسيرُونَ عَشيَّتَكم ولَيلتَكم...)) وذكر الحديث، وفيه: ((أمَا إنَّه ليس في النومِ تفريطٌ، إنَّما التفريطُ على مَن لم يُصلِّ الصَّلاةَ حتى يَجيءَ وقتُ الصَّلاةِ الأخرى... ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    الحديثُ فيه دليلٌ على امتدادِ وَقْتِ كُلِّ صَلاةٍ مِنَ الخَمْسِ حتَّى يدخُلَ وَقْتُ الأُخرى، وهذا مُستَمِرٌّ على عمومِه في الصَّلواتِ إلَّا الصُّبْحَ؛ فإنَّها مخصوصةٌ من هذا العُمومِ بالإجماعِ
    2- عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرِو رَضِيَ اللهُ عَنْهما، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((وقتُ العِشاءِ إلى نِصفِ اللَّيلِ الأَوسطِ ))
    3- عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: ((أخَّر النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلاةَ العِشاء إلى نِصفِ اللَّيلِ، ثم صلَّى، ثم قال: قد صَلَّى الناسُ وناموا، أمَا إنَّكم في صلاةٍ ما انتظرتُموها ))
    القول الثاني: يمتدُّ وقتُ صلاةِ العِشاءِ إلى نِصف اللَّيلِ، ولا يُوجَدُ وقتُ اختيارٍ وضرورةٍ، وهذا اختيارُ ابنِ حَزمٍ الظاهريِّ، ومحتمَلُ قولِ الشافعيِّ، وبه قال أبو سعيدٍ الإصطخريُّ من الشافعيَّة، وابنُ عُثيمين، والألبانيُّ
    الأدلَّة:أوَّلًا: من الكِتاب
    قال الله تعالى: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا[الإسراء: 78]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ قوله: لِدُلُوكِ الشَّمْسِ، أي: زوالها، وغَسَق اللَّيل: نِصْفه، وهو الذي يتمُّ به الغسقُ، وهو الظُّلمةُ، فمِن الزوالِ إلى نِصفِ اللَّيلِ كلِّه أوقاتُ صلواتٍ متواليةٍ، فيَدخُلُ وقتُ الظهرِ بالزَّوالِ، ثم يَنتهي إذا صار ظلُّ كلِّ شيءٍ مِثلَه، ثم يَدخُل وقتُ العصرِ مباشرةً، ثم يَنتهي بغروبِ الشَّمسِ، ثم يدخُلُ وقتُ المغربِ مباشرةً، ثم يَنتهي بمغيبِ الشَّفقِ الأحمرِ، ثم يدخُلُ وقتُ العِشاءِ ويَنتهي بنصفِ اللَّيلِ؛ ولهذا فصَل اللهُ صلاةَ الفجر وحْدَها فقال: وَقُرْآنَ الْفَجْرِ؛ لأنَّها لا يتَّصل بها وقتٌ قبلها، ولا يتَّصل بها وقتٌ بعدها
    ثانيًا: من السُّنَّة
    1- عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهما، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((وقتُ العِشاءِ إلى نِصفِ اللَّيلِ الأوسطِ ))
    2- عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه قال: ((أخَّر النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلاةَ العِشاءِ إلى نِصف اللَّيلِ، ثم صلَّى، ثم قال: قد صلَّى الناسُ وناموا، أمَا إنَّكم في صلاةٍ ما انتظرتُموها ))
    المسألة الرابعة: الأفضلُ في وقتِ صلاةِ العِشاءِ
    تأخيرُ صلاةِ العشاءِ أفضلُ إذا لم يَشقَّ على الناسِ، وهو مذهبُ الحنفيَّة، والحنابلة، وقول لمالكٍ، وقولٌ للشافعيِّ، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلَف، وبه قال أكثرُ أهلِ العِلم، واختارَه ابنُ حَزمٍ، وابنُ تيميَّة والشوكانيُّ، وابنُ باز، وابنُ عُثيمين
    الأدلَّة من السُّنَّة:
    1- عن سَيَّارِ بنِ سَلامةَ، قال: دخلتُ أنا وأَبي على أَبي بَرْزةَ الأسلميِّ، فقال له أَبي: كيفَ كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي المكتوبةَ؟ فقال: (... وكان يَستحبُّ أنْ يُؤخِّرَ العِشاءَ، التي تَدْعونَها العَتَمةَ، وكان يَكرَهُ النَّومَ قَبلَها، والحديثَ بَعدَها... )
    2- عن جابرِ بنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُؤخِّرُ صلاةَ العِشاءِ الآخِرةِ
    --------------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا -- تابعونا جزاكم الله خيرا ---- ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    ثانياً : شروط  وجوب الصلاه. صحه الصلاه . صفه الصلاه . أوقات الصلاه Empty أوقاتُ الصلاةِ في البلادِ التي يخرجُ فيها الليلُ والنهارُ عن المعتادِ

    مُساهمة من طرف صادق النور الأربعاء سبتمبر 14, 2022 10:32 am


    الفرعُ السادسُ: أوقاتُ الصلاةِ في البلادِ التي يخرجُ فيها الليلُ والنهارُ عن المعتادِ

    المسألةُ الأولى: أوقاتُ الصلاةِ في البلادِ التي يطولُ فيها النَّهارُ جدًّا أو العكس
    إذا كانت البلدُ يطولُ فيه النَّهار جدًّا أو العكس، لكن يتمايزُ فيه الليلُ مِن النَّهار بطلوعِ فجرٍ، وغروبِ شمسٍ خلالَ أربعٍ وعشرين ساعةً، فيجبُ على أهلِه أن يصلُّوا الصلواتِ الخمسَ في أوقاتِها المعروفةِ، وهو قولُ ابن بازٍ
    ، وبه صدر قرارُ هيئةِ كبار العلماء وهو قرارُ المجمَعِ الفقهيِّ الإسلاميِّ
    الأَدِلَّةُ:أوَّلًا: من الكتاب
    1- عمومُ قوله تعالى: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا[الإسراء: 78]
    2- عمومُ قوله تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا [النساء: 103]
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
    1- عن بُريدةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سألَه رَجُلٌ عن وَقْتِ الصَّلاةِ، فقال له: ((صلِّ معنا هذينِ)) يعني: اليومينِ، فلمَّا زالَتِ الشَّمْسُ أمَرَ بلالًا فأذَّنَ، ثم أمَرَه فأقامَ الظُّهْرَ، ثم أمَرَه فأقامَ العَصْرَ والشَّمْسُ مرتفعةٌ بيضاءُ نقيَّةٌ، ثمَّ أَمَرَه فأقامَ المغْرِبَ حين غابَتِ الشَّمْسُ، ثم أمَرَه فأقامَ العِشاءَ حين غاب الشَّفَقُ، ثم أمَرَه فأقامَ الفَجْرَ حين طَلَعَ الفجرُ، فلمَّا كان اليومُ الثَّاني أَمَرَه أن يُبْرِدَ بالظُّهْرِ فأبَرَدَ بها، فأنعَمَ أن يُبْرِدَ بها وصلَّى العصرَ والشَّمْسُ مرتفعةٌ، أخَّرَها فوق الذي كان، وصلَّى المغرِبَ قبل أن يَغيبَ الشَّفَقُ، وصلَّى العِشاءَ بعد ما ذهَبَ ثُلُثُ اللَّيلِ، وصلَّى الفجْرَ فأسفَرَ بها، ثم قال: أين السَّائِلُ عن وقتِ الصَّلاةِ؟ فقال الرجُلُ: أنا يا رسولَ اللهِ. قال: وقتُ صلاتِكم بينَ ما رأيتُم
    2- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((وَقْتُ الظُّهْرِ إذا زالَتِ الشَّمْسُ وكان ظِلُّ الرَّجُلِ كطُولِه ما لم يحْضُرِ العَصْرُ، ووقْتُ العَصْرِ ما لم تصْفَرَّ الشَّمْسُ، ووَقْتُ صلاةِ المَغْرِب ما لم يَغِبِ الشَّفَقُ، ووقْتُ صلاةِ العِشاءِ إلى نِصْفِ اللَّيلِ الأَوْسَطِ، ووقتُ صَلاةِ الصُّبْحِ من طلوعِ الفَجْرِ ما لم تَطْلُعِ الشَّمْسُ، فإذا طَلَعَتِ الشَّمْسُ فأمْسِكْ عن الصَّلاةِ؛ فإنَّها تَطْلُعُ بين قَرْنَي شيطانٍ ))
    وَجْهُ الدَّلالَة من الحديثين:
    النُّصوصُ - ومنها هذانِ الحديثان -لم تفرِّقْ بين طُولِ النَّهار وقِصَرِه، وطولِ اللَّيلِ وقِصَرِه ما دامت أوقاتُ الصلواتِ متمايزةً بالعلاماتِ التي بيَّنَها رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
    المسألة الثانية: أوقاتُ الصلاةِ في البلادِ التي يستمرُّ فيها اللَّيلُ أو النَّهارُ
    البلدُ الذي يستمرُّ فيه اللَّيلُ أو النَّهارُ أربعًا وعشرين ساعةً فأكثرَ، يجبُ على أهلِه أن يصلُّوا الصلواتِ الخمسَ في كلِّ أربعٍ وعشرينَ ساعةً، وأن يَقْدُروا لها أوقاتَها، على حَسَبِ أقرَبِ البلادِ إليهم، مما يكونُ فيه ليلٌ ونهارٌ يتمايزانِ في أربعٍ وعشرين ساعةً، وهو قولُ ابن بازٍ، وابنِ عثيمين، وبه صدر قرارُ هيئةِ كبارِ العُلماءِ وهو قرارُ المجمعِ الفقهيِّ الإسلاميِّ
    الأَدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
    عن النَّوَّاسِ بن سَمْعان رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: ((ذكَرَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الدَّجَّالَ ذاتَ غداةٍ..... إلى أن قال: قلنا يا رسولَ اللهِ وما لُبْثُه في الأرضِ؟ قال: أربعون يومًا؛ يومٌ كسَنَةٍ، ويومٌ كشهرٍ، ويومٌ كجمعةٍ، وسائرُ أيامِه كأيَّامِكم. قلنا: يا رسولَ اللهِ، فذلك اليومُ الذي كسنةٍ أتَكْفِينا فيه صلاةُ يومٍ؟ قال: لا، اقدُرُوا له قَدْرَه ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه لم يعتَبِرِ اليومَ الذي كسنةٍ يومًا واحدًا تكفي فيه خمسُ صلواتٍ، بل أوجَبَ خَمْسَ صلواتٍ في كلِّ أربعٍ وعشرينَ ساعةً، وأمَرَهم أن يُوَزِّعوها على أوقاتِها اعتبارًا بالأبعادِ الزَّمنية التي بَيَّنَ أوقاتَها في اليوم العاديِّ. وكذلك الحالُ مع الصِّيامِ- على ما سبق بيانُه - إذ لا فارِقَ في ذلك بين الصَّوْمِ والصَّلاةِ
    ثانيًا: وأمَّا كَوْنُ هذا التقديرِ مبنيًّا على أقرَبِ بلدٍ منهم، يكون فيه ليلٌ ونهارٌ يتعاقبانِ في أربعٍ وعشرين ساعة؛ فلأنَّ إلحاقَ البَلَدِ في جغرافِيَّته بما هو أقرَبُ إليه أَوْلَى من إلحاقِه بالبعيدِ؛ لأنَّه أقرَبُ شَبَهًا به من غيرِه
    المَطلَبُ الخامس: أحكامُ الأداءِ في الوَقْتِ

    الفَرعُ الأوَّل: تأخيرُ الصَّلاةِ إلى آخِرِ الوَقتِ
    يجوزُ تأخيرُ الصَّلاةِ إلى آخِرِ الوقتِ بحيثُ تقَعُ جميعًا في الوقتِ باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحنفيَّةوالمالكيَّة والشافعيَّة والحنابِلَة
    الأدلَّة من السُّنَّة:
    1- عن أبي قَتادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: خطَبَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: ((إنَّكم تَسيرونَ عَشيَّتَكم وليلتَكم..))، وذكر الحديث، وفيه: ((أمَا إنَّه ليس في النومِ تفريطٌ، إنَّما التفريطُ على مَن لم يُصلِّ الصَّلاةَ حتى يجيءَ وقتُ الصَّلاةِ الأُخرى، فمَن فعَلَ ذلك فلْيُصلِّها حينَ ينتبهُ لها ))
    2- عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهما، أنَّه قال: سُئِلَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن وقتِ الصلواتِ، فقال: ((وقتُ صلاةِ الفجرِ ما لم يَطلُعْ قرنُ الشمسِ الأوَّلُ، ووقتُ صلاةِ الظهرِ إذا زالتِ الشمسُ عن بَطنِ السَّماءِ، ما لم يَحضُرِ العصرُ..
    الفرعُ الثَّاني: القَدْرُ المُعتبَرُ في إدراكِ الصَّلاةِ قبلَ خروجِ الوقتِ
    اختَلفَ أهلُ العِلمِ في ما يُدرَكُ به الوقتُ على قولينِ:
    القول الأوّل: يُدرَكُ الوقتُ أداءً بإدراكِ تكبيرةِ الإحرامِ في الوقتِ، ولو وقعتْ بَقيَّةُ الصَّلاةِ خارجَ الوقتِ، وهذا مذهبُ الحنفيَّة، والحنابلة، ووجهٌ عند الشافعيَّة
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا أَدْرَكَ أحدُكم سجدةً مِن صلاةِ العصرِ، قبل أنْ تَغرُبَ الشمسُ، فليُتِمَّ صلاتَه، وإذا أدْرَكَ سجدةً من صلاةِ الصُّبحِ، قبلَ أن تَطلُعَ الشَّمسُ، فليُتِمَّ صلاتَه ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ إدراكَ تكبيرةِ الإحرامِ مِثلُ إدراكِ السَّجدةِ بجامعِ إدراكِ ما يَسعُ ركنًا
    ثانيًا: أنَّ الإدراكَ إذا تَعلَّقَ به حُكمٌ في الصَّلاة يَستوي فيه الركعةُ وما دُونها، كإدراكِ الجَماعةِ، وإدراكِ المسافرِ صلاةَ المقيمِ
    ثالثًا: أنَّه إدراكُ حرمةٍ فاستوى فيه الركعةُ والتكبيرةُ
    القول الثاني: لا يُدركُ الوقتُ بأقلَّ مِن ركعةٍ، وهو مذهبُ المالكيَّة، وقولٌ للشَّافعيِّ اختاره المزني، وروايةٌ عن أحمدَ، واختارَه ابنُ عبد البَرِّ، وابن تيمية والشوكانيُّ، وابنُ عُثَيمين
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن أَدْرَك مِن الصُّبحِ ركعةً قبلَ أن تَطلُعَ الشمسُ، فقدْ أدْركَ الصُّبحَ، ومَن أَدْركَ ركعةً من العصرِ قَبلَ أن تَغرُبَ الشَّمسُ، فقدْ أدركَ العَصرَ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    قوله: ((مَن أدْركَ ركعةً)) مفهومُه: أنَّ مَن أدرك أقلَّ من ركعةٍ، فإنَّه لم يُدركِ الصَّلاةَ
    ثانيًا: أنَّ إدراكَ الجمعةِ لَمَّا تَعلَّق بركعةٍ ولم يتعلَّق بأقلَّ منها وجَب أنْ يكونَ إدراكُ غيرها من الصلواتِ متعلقًا بركعةٍ، ولم يتعلَّقْ بأقلَّ منها
    المَطلَبُ السادس: قضاءُ الصَّلاةِ إذا خرج وقتها

    الفَرعُ الأوَّل: من يلزَمُه القضاءَ ومَنْ لا يلزَمُه
    المسألة الأولى: قَضاءُ النائمِ والنَّاسي
    مَن نام عن صلاةٍ أو نَسِيَها حتى خرَجَ وقتُها: ففرْضٌ عليه أنْ يُصلِّيَها إذا استيقظَ، أو تَذَكَّرَ.
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((مَن نسِيَ صلاةً، فلْيُصلِّ إذا ذكَرَها، لا كفَّارةَ لها إلَّا ذلِك؛ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي))
    وفي روايةٍ: ((مَنْ نسِيَ صلاةً، أو نام عنها، فكفَّارتُها أن يُصلِّيَها إذا ذكَرَها ))
    2- عن أبي قَتادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: خطَبَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: ((... أمَا إنَّه ليس في النومِ تفريطٌ، إنَّما التفريطُ على مَن لم يُصلِّ الصَّلاةَ حتى يَجيءَ وقتُ الصَّلاةِ الأخرى، فمَن فَعَل ذلك فلْيُصلِّها حين يَنتبهُ لها ))
    ثانيًا: من الإجماعِ
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حزمٍ، وابنُ تَيميَّة
    المسألة الثَّانية: قَضاءُ المجنونِ
    لا قَضاءَ على مجنونٍ فيما خرَج وقتُه من الفرائضِ، سواءٌ قلَّ زمَنُ الجنونِ أمْ كثُر، وهو مذهبُ الجمهورِ: المالكيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة، واختارَه ابنُ حزمٍ، وحُكيَ فيمَن كان جُنونُه مطبقًا الإجماعُ
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((رُفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ: عن النائمِ حتى يستيقظَ، وعن الصبيِّ حتى يَبلُغَ، وعن المجنونِ حتى يَعقِلَ ))
    ثانيًا: أنَّ شَرْطَ وجوبِ الصَّلاةِ العقلُ، وهو مفقودٌ في المجنونِ
    المسألة الثَّالثة: قضاءُ المُغمَى عليه
    لا قضاءَ على المُغمَى عليه فيما خرَجَ وقتُه من الفرائضِ، سواءٌ قلَّ زمَنُ الإغماءِ أم كثُر، وهذا مذهبُ المالكيَّة، والشافعيَّة،
    وهو قولُ بعضِ السَّلفِ، اختارَه ابنُ المنذرِ، وابنُ حزمٍ، وابنُ عبد البَرِّ، وابنُ عُثيمين
    الأدلَّة:أوَّلًا: الآثار
    عن نافعٍ: (أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْه أُغمي عليه، فذَهَب عقْلُه، فلمْ يقضِ الصَّلاةَ)
    ثانيًا: أنَّ المغمى عليه لا يَعقِلُ، ولا يَفهَم؛ فالخطابُ عنه مرتفعٌ
    ثالثًا: القياسُ على المجنونِ بجامعِ زوالِ العَقلِ
    رابعًا: أنَّ القضاءَ يَنبني على وجوبِ الأداءِ، والأداءُ لا يجِبُ على المُغمَى عليه؛ فلا يجِبُ عليه القضاءُ، بخلافِ النَّومِ؛ لأنَّه باختيارِه، فلا يُعذَر
    خامسًا: أنَّه بزوالِ عَقلِه عاجزٌ عن الصَّلاةِ؛ فتَسقُط عنه
    المسألة الرَّابعة: قضاءُ السَّكرانِ
    مَن سَكِرَ حتَّى خرَجَ وقتُ الصَّلاةِ فَفرضٌ عليه أنْ يُصلِّيَها.
    الأدلَّة:أوَّلًا: من الكتاب
    قولُ الله تعالى: لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ [النساء: 43]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه سبحانه لم يُبِحْ للسكرانِ أنْ يُصلِّيَ؛ حتى يعلمَ ما يقولُ، فإذا عَلِمَ ما يقولُ لزمتْه الصَّلاةُ؛ أداءً إنْ كان في وقتِها، أو قضاءً إنْ كان بعدَ الوقتِ
    ثانيًا: الإجماع نقَل الإجماعَ على ذلِك: ابنُ المنذرِ، وابنُ حَزمٍ، وابنُ قُدامةَ، وابنُ نُجيمٍ
    المسألة الخامسة: قضاءُ المُبنَّجِ
    مَن زالَ عقلُه ببنجٍ أو دواءٍ، لزمَه القضاءُ وإنْ طالتِ المدَّة، وهو مذهبُ الحنفيَّة، والحنابلة، واختارَه ابنُ عُثيمين، وعليه فتوى اللَّجنةِ الدَّائمة
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: أنَّه بصُنعِ العباد، ولا يطولُ غالبًا، فأشبه النومَ
    ثانيًا: أنَّ ذلك لا يُسقِطُ الصومَ، فكذا الصَّلاةُ
    ثالثًا: أنَّ العذرَ إذا جاءَ من جِهةِ غيرِ مَن له الحقُّ لا يُسقِطُ الحقَّ
    المسألة السَّادسة: قضاءُ مَن ترَكَ الصَّلاةَ عمدًا حتَّى خرَجَ وقتُها
    اختَلفَ أهلُ العِلمِ في قضاءِ مَن ترَكَ الصَّلاة عمدًا حتى خرَج وقتُها، على قولين:
    القول الأوّل: مَن ترَكَ صلاةً عمدًا حتى خرَج وقتُها لزِمَه القضاءُ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة، وحُكي الإجماعُ على ذلك
    الأَدِلَّةُ:أوَّلًا: من الكتاب
    قوله تعالى: وأقيموا الصَّلاة [البقرة: 43]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه لم يُفَرِّقْ بين أن يكون في وَقْتِها أو بَعْدَها. وهو أمرٌ يقتضي الوجوبَ
    ثانيًا: من السُّنَّة
    عن أنسِ بن مالكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن نَسِي صلاةً فليصلِّ إذا ذكَرَها، لا كفَّارةَ لها إلَّا ذلك؛ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي))، وفي رواية: ((مَنْ نسِيَ صلاةً، أو نام عنها، فكفَّارتها أن يُصلِّيها إذا ذكَرَها ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه إذا وجَبَ القضاءُ على التارِكِ ناسيًا، فالعامدُ أَوْلَى
    ثالثًا: أنَّ فِطْرَ يومٍ في رمضانَ يُوجِبُ القضاءَ، فكذلك الصَّلاةُ إذا لم تُؤَدَّ في وقتِها يجبُ قضاؤُها، وإنْ كان كلاهما آثمًا بالتأخيرِ
    رابعًا: أنَّ الديونَ التي للآدميِّين إذا كانتْ متعلِّقةً بوقتٍ، ثم جاء الوقتُ لم يَسقُطْ قضاؤُها بعدَ وجوبها- وهي ممَّا يُسْقِطُها الإبراءُ -فكان في دُيونِ اللهِ تعالى التي يصحُّ فيها الإبراءُ أَوْلى ألَّا يسقطَ قضاؤُها إلَّا بإذنٍ منه، وفي الحديث ((فدَينُ اللهِ أحقُّ أنْ يُقضَى ))
    القول الثاني: مَن ترَكَ صلاةً عَمدًا حتى خرَج وقتُها ليس عليه القضاءِ، وهو مذهبُ الظاهريَّة، واختيارُ ابنِ تَيميَّة، وابنِ رَجب، وابنِ باز، وابنِ عُثَيمين
    الأدلَّة:أوَّلًا: من الكِتاب
    قول الله تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون: 4 - 5] وقوله تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [مريم: 59]
    ثانيًا: من السُّنَّة
    قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن فاتتْه صلاةُ العصرِ فكأنَّما وُتِرَ أَهلَه ومالَه ))؛ فصحَّ أنَّ ما فاتَ فلا سبيلَ إلى إدراكِه، ولو أُدْرِكَ أو أَمْكن أنْ يُدرَكَ؛ لَمَا فات، كما لا تفوتُ المنسيَّةُ أبدًا
    ثالثًا: لأنَّ العبادةَ المؤقَّتة بوقتٍ لا بدَّ أن تكونَ في نفْسِ الوقتِ المؤقَّت، فكما لا تصحُّ قبله لا تصحُّ كذلك بعدَه
    رابعًا: أنَّ تَعمُّدَ ترْكِ الصَّلاة إلى بعدِ الوقتِ مَعصيةٌ، والمعصية لا تنوبُ عن الطاعةِ
    الفرعُ الثاني: إذا ذَكَر صلاةً فائتةً في وقتِ صلاةٍ أخرى
    مَن فاتتْه صلاةٌ وذَكرَها في وقتِ صلاةٍ أخرى، فإنَّه يَبدأُ بقضاءِ الفائتةِ، ثمَّ يُصلِّي الحاضرةَ، وذلِك في الجُملةِ.
    الدَّليل من الإجماع:
    نقَلَ الإجماعَ على ذلك: النوويُّ
    الفَرْعُ الثَّالِثُ: ترتيبُ الفوائتِ
    يجِبُ ترتيبُ الفوائتِ، وهو مذهبُ الحنفيَّة، والمالكيَّة، والحنابلة، وبه قالتْ طائفةٌ من السَّلفِ
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    1- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ، أنَّ عُمرَ بنَ الخطَّاب جاءَ يومَ الخندقِ، بعدَما غربتِ الشمسُ فجَعَل يسبُّ كُفَّارَ قريشٍ، قال: يا رسولَ الله، ما كدتُ أُصلِّي العصرَ، حتى كادتِ الشمسُ تغرُبُ، قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((واللهِ ما صَلَّيْتُها)) فقُمْنا إلى بُطحان، فتوضَّأَ للصلاةِ وتَوضَّأْنا لها، فصَلَّى العصرَ بعدَما غرَبتِ الشمسُ، ثم صلَّى بعدَها المغربَ
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ ترتيبَ الفوائتِ لو كان مستحبًّا لَمَا أخَّرَ المغربَ التي يُكرَهُ تأخيرُها؛ لتحقيقِ ترتيبِ الصلواتِ، فتَعيَّن أنْ يكونَ لازمًا
    2- عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: ((إنَّ المشركين شَغَلوا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن أربعِ صلواتٍ يومَ الخندقِ حتى ذهَبَ من اللِّيلِ ما شاءَ اللهُ، فأمَرَ بلالًا فأذَّنَ ثم أقامَ، فصلَّى الظهرَ، ثم أقامَ فصلَّى العصرَ، ثم أقامَ فصلَّى المغربَ، ثم أقامَ فصلَّى العِشاءَ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قضاها مرتَّبةً، وقد قال: ((صلُّوا كما رأيتُموني أُصلِّي ))
    ثانيًا: أنَّهما صلاتانِ مؤقَّتتان؛ فوجَب الترتيبُ فيهما كالمجموعتَينِ
    ثالثًا: أنه ترتيبٌ واجب في الصَّلاة، فكان شرطًا لصحَّتها، كترتيبِ الرُّكوع والسُّجودِ
    الفَرْعُ الرابع: الفوريَّة في القَضاءِ
    يجبُ قضاءُ الفوائتِ على الفورِ، وهو مذهبُ الجمهور: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والحنابلة، وهو وجهٌ للشافعيَّة
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن أَنسِ بنِ مالكٍ، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن نسِيَ صلاةً فلْيُصلِّ إذا ذكَرها، لا كفَّارة لها إلَّا ذلك؛ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ قوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((فلْيُصلِّها)) اللام للأمْر، وقد علَّقه بقوله: ((إذا ذكَرَها))، وهذا يدلُّ على أنَّها تُقضَى فورَ الذِّكر، وفورَ الاستيقاظِ؛ لأنَّ الأصلَ في الأمر الوجوبُ والفوريَّة
    ثانيًا: أنَّ تأخيرَ الصَّلاةِ بعدَ الوقتِ معصيةٌ يجبُ الإقلاعُ منها فورًا
    ثالثًا: أنَّ هذا دَينٌ واجبٌ عليه، والواجبُ المبادرةُ به؛ لأنَّ الإنسانَ لا يَدرِي ما يَعرِضُ له إذا أخَّر
    الفرعُ الخامس: مَنْ نسِيَ صلاةً ولم يَعرِفْ عَينَها
    مَن نسِي صلاةً أو صلاتين أو ثلاثًا أو أربعًا من الخمس، ولم يَعرِف عينَها، لزِمَه أن يُصلِّيَ خمسَ صلواتٍ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّة الأربعة: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: أنَّ تعيينَ النيَّةِ شرْطٌ في صحَّةِ الصَّلاةِ، ولا يَحصُل ذلك إلَّا بأنْ يُصلِّيَ خمسَ صلواتٍ بخمسِ نيَّاتٍ
    ثانيًا: أنَّه بذلك يُسقِطُ الفرضَ عن نفْسه بيقينٍ
    ثالثًا: أنَّه يُعذَرُ في عدمِ جَزمِه بالنيَّةِ للضرورةِ
    الفرعُ السادس: زوالُ المانعِ من الصَّلاة قبلَ خروجِ وقتِها بمِقدارِ رَكعةٍ
    إذا طَهُرتِ الحائضُ، أو عقَل المجنون، أو أفاق المُغمَى عليه، أو أَسلمَ الكافرُ، وأدركَ مِن وقتِ الصَّلاة قدْرَ ركعةٍ، لزِمتْه تلك الصَّلاةُ.
    الدَّليل من الإجماع: نقَل الإجماع على ذلك: النوويُّ، والشوكانيُّ
    الفرعُ السابع: النِّيابةُ في الصَّلاةِ
    لا تَدخُلُ النيابةُ في الصَّلاةِ في الجملة.
    الأدلَّة:أوَّلًا: من الكِتاب
    قال اللهُ تعالى: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى [النجم: 39]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّ فِعل غيرِه ليس مِن سَعيِه
    ثانيًا: من الإجماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: الطبريُّ، وابنُ العربيِّ، وابنُ الوزيرِ، والقرافيُّ، وابن عبد البَّرِ، وابنُ رُشد
    ثالثًا: من الآثار عن ابنِ عبَّاسٍ قال: لا يُصلِّي أحدٌ عن أحَدٍ
    رابعًا: أنَّ المقصودَ من العبادةِ البدنيَّة الخضوعُ لله، والتوجُّهُ إليه، والتذلُّلُ بين يَديه، وقيامُه العبدِ بحقِّ العبوديةِ التي خُلِقَ لها وأُمِرَ بها، وما في ذلك من قَهرِ النَّفْسِ الأمَّارةِ بالسُّوء، وهذه أمورٌ لا يُمكن أن يُؤدِّيَها عنه غيرُه
    خامسًا: قياسًا على الإيمانِ؛ لأنَّ الصَّلاةَ كالإيمانِ، فهي قولٌ وعملٌ ونيَّة، فكما لم تَجُزِ النيابةُ في الإيمانِ إجماعًا، فإنَّها لا تجوزُ في الصَّلاةِ أيضًا
    سادسًا: أنَّ الإنسانَ لا يَعجِزُ عمَّا وجَبَ من الصَّلاةِ، فيُصلِّي بحسَبِ ما يَقدِرُ، فلا عُذرَ له في النِّيابةِ
    سابعًا: أنَّ ممَّا يُقصَد من العبادةِ ابتلاءُ العبدِ، وظهورُ طاعتِه للهِ، ومخالفتِه لنَفْسِه، وصبرِه على العبوديَّة لله، وهذا لا يتَحقَّقُ إذا أناب غيرَه عنه

    المَطلَب السابع: إعادةُ الصَّلاةِ لمَنْ بلَغَ في وقتِ الصَّلاة بعدَ أن أدَّاها


    اختَلفَ أهلُ العلم في إعادةِ الصَّلاةِ لِمَن بلَغَ في وقتِ الصَّلاة بعدَ أن أدَّاها على قولين:
    القول الأوّل: لا تجِبُ الإعادةُ عليه، وهو مذهبُ الشافعيَّة على الصَّحيح
    ، وهو قولٌ في مذهبِ أحمد قوَّاه ابنُ تيميَّة، واختارَه ابن عُثَيمين؛ وذلك لأنَّه أدَّى وظيفةَ الوقتِ، وصلَّى الواجبَ بشروطه، فلم يلزمْه إعادتُها
    القول الثاني: يجِبُ عليه الإعادةُ، وهذا مذهبُ الجمهورِ: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والحنابلة، ووجهٌ للشافعيَّة
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: أنَّ صلاتَه وقعتْ نفلًا؛ فلا تنقلب فرضًا
    ثانيًا: أنَّه صلَّى قبل وجوبِها عليه، وقبل سببِ وجوبِها؛ فلم تُجْزِه عمَّا وُجِد سببُ وجوبِها عليه، كما لو صلَّى قبل الوقتِ
    ثالثًا: أنَّه بلَغَ في وقتِ العبادةِ وبعدَ فِعلها؛ فلزمتْه إعادتُها كالحجِّ
    رابعًا: أنَّه لا يصحُّ أداءُ الصلواتِ الواجبةِ إلَّا بعد البلوغِ
    ----------------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا .. تابعونا جزاكم الله خيرا

    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    ثانياً : شروط  وجوب الصلاه. صحه الصلاه . صفه الصلاه . أوقات الصلاه Empty المَطلَب الأوَّل: حكمُ استقبالِ القِبلةِ في الصَّلاةِ

    مُساهمة من طرف صادق النور الأربعاء سبتمبر 14, 2022 11:08 am


    المَطلَب الأوَّل: حكمُ استقبالِ القِبلةِ في الصَّلاةِ

    استقبالُ القِبلةِ شرطٌ في صحَّةِ الصَّلاةِ.
    الأدلَّة:أوَّلًا: من الكِتاب
    قال الله تعالى: قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ [البقرة: 144]
    ثانيًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه: ((أنَّ رجلًا دخَلَ المسجدَ ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جالسٌ في ناحيةِ المسجدِ، فصلَّى ثم جاءَ فسَلَّم عليه، فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: وعَليكَ السَّلامُ، ارجِعْ فصلِّ؛ فإنَّك لم تُصلِّ، فرجع فصلَّى، ثم جاء فسَلَّم، فقال: وعَليكَ السَّلامُ، ارجِعْ فصلِّ؛ فإنَّك لم تُصلِّ، فقال في الثانية، أو في التي بعدَها: عَلِّمْني يا رسولَ الله، فقال: إذا قُمتَ إلى الصَّلاةِ فأَسْبِغِ الوضوءَ، ثم استقبلِ القِبلةَ فكبَّر... ))
    2- عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ، قال: لَمَّا دخَلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم البيتَ، دعا في نواحيه كلِّها، ولم يُصلِّ حتى خرَج منه، فلمَّا خرج ركَع ركعتينِ في قُبُل الكَعبةِ، وقال: ((هذه القِبلةُ ))
    3- عنِ البَراءِ بن عازبٍ: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان أوَّلَ ما قَدِمَ المدينةَ نزَلَ على أجدادِه - أو قال: أخوالِه - من الأنصارِ، وأنَّه صلَّى قِبلَ بيتِ المقدسِ سِتَّةَ عَشرَ شهرًا، أو سَبعةَ عَشرَ شهرًا، وكان يُعجِبُه أن تكونَ قِبلتُه قِبلَ البيتِ،
    وأنَّه صلَّى أوَّلَ صلاةٍ صلَّاها صلاةَ العصرِ، وصلَّى معه قومٌ، فخرَج رجلٌ ممَّن صلَّى معه، فمرَّ على أهلِ مَسجدٍ وهم راكعون، فقال: أشهدُ باللهِ لقدْ صَليتُ مع رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قِبلَ مَكَّةَ، فدَاروا كما هم قِبلَ البيتِ
    ... ))
    ثالثًا: من الإجماع نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حزمٍ، وابنُ عبد البرِّ، وابنُ رُشدٍ، والنوويُّ
    المَطلَبُ الثَّاني: استقبالُ عينِ الكَعب
    ةِ
    الفَرعُ الأوَّل: استقبالُ عَينِ الكعبةِ لِمَن يُشاهِدُ البيتَ
    يَجِبُ استقبالُ عينِ الكعبةِ لِمَن يُشاهِدُ البيتَ.
    الأدلَّة:أوَّلًا: من الكِتاب
    قال اللهُ تعالى: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ [البقرة: 144]
    ثانيًا: من السُّنَّة
    عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: ((لَمَّا دخَل النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم البيتَ، دعا في نواحيه كلِّها، ولم يُصلِّ حتى خرَجَ منه، فلمَّا خرَج ركَعَ ركعتينِ في قُبُلِ الكَعبةِ، وقال: هذه القِبلةُ ))
    ثالثًا: من الإجماع نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حزمٍ، وابنُ رشدٍ، وابنُ قُدامةَ، وابنُ تيميَّة
    الفَرْعُ الثاني: استقبالُ القِبلةِ لِمَنْ كانَ بمَكَّةَ
    يُشترَطُ لِمَن كان بمكَّةَ وأَمكَنه مشاهدةُ الكعبةِ استقبالُ عَينِها، ومَن لا يُمكِنُه مشاهدتُها لبُعدٍ، أو حيلولةِ شيءٍ دونها، اكتَفَى بالجهةِ،
    وهو مذهبُ الحنفيَّة، وقولٌ عند الشافعيَّة، واختاره الصنعانيُّ، والشوكانيُّ، وابنُ باز، وابنُ عثيمين
    الأدلَّة:أوَّلًا: من الكتاب
    1- قوله تعالى: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    قوله عزَّ وجل: شَطْرَهُ - سواءٌ كان جِهتَه أو نحوَه أو تلقاءَه أو قِبلَه، على اختلاف تفاسيرِ السَّلف للشَّطرِ - يدلُّ على أنَّ استقبالَ الجِهةِ يَكفي مِن الحاضرِ والغائبِ إلَّا إذا كانَ حالَ قيامِه إلى الصَّلاةِ مُعاينًا للبيتِ
    2- قوله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة: 286]
    ثانيًا: الحرجُ في إلزامِ حقيقةِ المسامتةِ في كلِّ بُقعةٍ يُصلِّي فيها
    الفَرْعُ الثَّالِثُ: استقبالُ القِبلةِ لمَن كان خارجَ مكَّة
    مَن بَعُدَ عن البيتِ فالفرضُ استقبالُ جِهةِ الكَعبةِ، وهو مذهبُ الجمهور: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والحنابلة، وقولٌ للشافعيَّة، وقولُ ابنِ حَزمٍ، وهو اختيارُ ابنِ باز، وابنِ عُثَيمين، وحُكيَ الإجماع على ذلك
    الأدلَّة:أوَّلًا: من الكِتاب
    1- قال الله تعالى: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [البقرة: 144]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ معنى شَطْره، أي: نَحوَه وتلقاءَه
    2- قال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج: 78]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه لو كانَ يجِبُ قَصدُ عينِ الكعبةِ لِمَن بَعُدَ عنها؛ لكان حرجًا؛ فإنَّ إصابةَ العينِ شيءٌ لا يُدرَكُ إلَّا بتقريبٍ وتسامُح بطريقِ الهندسةِ واستعمالِ الأرصادِ في ذلِك؛ فكيف بغيرِ ذلِك من طُرقِ الاجتهادِ؟!
    ثانيًا: من السُّنَّة
    عن أبي أيُّوبَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا أَتيتُم الغائطَ فلا تَستقبِلوا القِبلةَ ولا تَستدبِرُوها ببولٍ ولا غائطٍ، ولكن شَرِّقوا أو غَرِّبوا ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    هذا بيانٌ أنَّ ما سوى التشريقِ والتغريبِ استقبالٌ للقِبلةِ أو استدبارٌ لها، وهو خطابٌ لأهلِ المدينةِ ومَن كانَ مقابلًا وموازيًا لهم مِثل أهلِ الشَّام والعراقِ واليمنِ ونحوِهم
    ثالثًا: أنَّ الصَّحابةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهم لَمَّا فتحوا الأمصارَ، بنَوْا مساجد على جِهةِ الكعبةِ، بحيث لا يُطابِقُ ذلك سَمْتَ العينِ على الوجهِ الذي يَعرِفُه أهلُ الحسابِ، وصَلَّوا إليها، وأجمَع المسلمون بعدَهم على الصَّلاةِ إليها
    رابعًا: قدِ اجتمعتِ الأمَّة على صِحَّةِ الصَّفِّ المستطيلِ مع البُعد عن الكعبةِ، مع العِلمِ بأنَّه لا يمكن أنْ يكونَ كلُّ واحدٍ منهم مستقبلًا لعينِها
    خامسًا: أنَّ إصابةَ العينِ بالاجتهادِ مُتعذِّرة فسَقطَتْ، وأُقيمتِ الجهةُ مقامَها للضرورةِ
    الفَرْعُ الرابع: الانحرافُ اليَسيرُ
    لا يضرُّ الانحرافُ اليسيرُ لِمَن استقبلَ جِهةَ الكعبةِ، وهو مذهبُ الحنفيَّة، والحنابلة، وهو قول مالكٍ، واختارَه ابنُ تيميَّة، وابنُ عُثيمين، وبه صدَرتْ فتوى اللَّجنةِ الدَّائمة
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: أنَّ الانحرافَ اليسيرَ لا يُغيِّر من اتِّجاهِ القِبلةِ، والواجبُ استقبالُ جِهةِ الكعبةِ لا عَينِها للبعيدِ عن الكعبةِ
    ثانيًا: أنَّ الانحرافَ اليسيرَ لا يَسلُبُ اسمَ الاستقبالِ عن البعيدِ عن الكعبةِ
    ثالثًا: أنَّ الانحرافَ اليسير ليس فيه يقينُ خطأٍ، وإنَّما هو اجتهادٌ لم يرجعْ منه إلى يقينٍ، وإنَّما رجَع من دلالةٍ إلى اجتهادِ مِثلها
    رابعًا: أنَّ السَّعةَ في القِبلة لأهلِ الآفاق مبسوطةٌ مسنونةٌ، وهذا معنى قولِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقولِ أصحابِه: ((ما بين المشرقِ والمغربِ قِبلةٌ
    خامسًا: أنَّه إخلالٌ بيسيرٍ من الشرائطِ يشقُّ مراعاتُه في الجُملةِ، فعُفِي عنه كيسيرِ النجاسةِ ))
    المَطلَب الثَّالث: الاستدلالُ على القِبلةِ

    الفَرْعُ الأول: الاستدلال على القبلة بالعِلمِ بالجِهاتِ
    المسألة الأولى: الاستدلالُ على القِبلةِ بالشَّمسِ والقَمرِ ومواقِعِ النُّجومِ يجوزُ الاستدلالُ على القِبلةِ بالشمسِ، والقمرِ، ومواقعِ النُّجومِ
    الأدلَّة:أوَّلًا: من الكِتاب
    1- قال الله تعالى: وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ [النحل: 16]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الإشارةَ إلى ذلك في سِياقِ الامتنانِ تدلُّ على مشروعيَّةِ الاهتداءِ بها
    2- قال الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [الأنعام: 97]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الهدايةَ إنَّما تكونُ للمقاصدِ، والصَّلاةُ من أهمِ المقاصدِ
    3- هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [يونس: 5]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ هذا كلَّه تنبيهٌ على وجوهِ تحصيلِ المصالحِ من الكواكبِ، ومن أهمِّ المصالحِ إقامةُ الصَّلاةِ على الوجهِ المشروعِ
    ثانيًا: من الإجماع
    نقَلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ عبدِ البَرِّ، والقرطبيُّ
    ثالثًا: أنَّ القاعدةَ: أنَّ كلَّ ما أفضى إلى المطلوبِ فهو مطلوبٌ، وهذه الأمورُ مفضيةٌ إلى إقامةِ الصلواتِ المطلوبةِ؛ فتكونُ مطلوبةً
    المسألة الثَّانية: الاستدلالُ على القِبلةِ بالرِّياحِ أو الأنهارِ
    أوَّلًا: الاستدلالُ على القِبلةِ بالرِّياحِ
    يجوزُ الاستدلالُ على القِبلةِ بالرِّياحِ، وهو باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة، وحُكِي الإجماعُ على ذلك؛ وذلك لأنَّ كلَّ ما أَفْضى إلى المطلوبِ فهو مطلوبٌ، والاستدلالُ بالرِّياحِ وغيرِها يُفضِي إلى إقامةِ الصَّلواتِ المطلوبةِ؛ لذا يجوزُ الاستدلالُ بها
    ثانيًا: الاستدلالُ على القِبلةِ بالأنهارِ
    يجوزُ الاستدلالُ على القِبلةِ بالأنهارِ الكِبار، كدِجلةَ والفراتِ والنِّيلِ؛ نصَّ على هذا الجمهور: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والحنابلة؛ وذلك لأنَّ كلَّ ما أَفْضى إلى المطلوبِ فهو مطلوبٌ
    الفَرْعُ الثاني: الاستدلالُ على القِبلةِ بالآلاتِ والأجهزةِ الحَديثةِ
    يجوزُ الاستدلالُ على القِبلةِ بالآلاتِ والأجهزةِ الحديثةِ؛ وهو قولُ: ابنِ عابدين، وابنِ باز، وابنِ عثيمين
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: أنَّ كلَّ ما أفضى إلى المطلوبِ فهو مطلوبٌ، وهذه الأمورُ مفضيةٌ إلى إقامةِ الصلواتِ المطلوبةِ؛ فتكون مطلوبةً
    ثانيًا: أنَّ الشارعَ لم يُحدِّدْ أدلَّةَ معرفةِ القِبلة، ولم يمنعْ من الاستعانةِ بما يدلُّ عليها
    ثالثًا: أنَّ هذه الأجهزةَ والآلاتِ إنْ لم تُفِدِ اليقينَ، فإنَّها تُفيدُ غَلبةَ الظنِّ للعالِم بها، وغلبةُ الظنِّ كافيةٌ في ذلك
    الفَرْعُ الثَّالِثُ: الاستدلالُ على موضِعِ القِبلةِ بالسُّؤالِ أو الخبرِ
    المسألة الأولى: الاستدلالُ على القِبلةِ بخبرِ العَدلِ
    مَن اشتبهتْ عليه جهةُ القِبلةِ، وأَخْبَره مَن يُقبلُ خَبرُه بجِهتها، فإنَّه يَلزمُه أنْ يُصلِّيَ بقولِه، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهما، قال: ((بينما الناسُ بقُباءٍ في صلاةِ الصُّبحِ إذ جاءَهم آتٍ فقال: إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد أُنزِلَ عليه اللَّيلةَ قرآنٌ، وقد أُمِر أن يَستقبلَ الكعبةَ فاستَقْبِلوها، وكانتْ وجوهُهم إلى الشامِ، فاستداروا إلى الكعبةِ ))
    ثانيًا: أنَّه لا سبيلَ لِمَن غابَ عن موضعِ القبلةِ إلى معرفةِ جِهتها إلَّا بالخبر؛ ولا يُمكن غيرُ ذلك
    المسألة الثانية: خبَرُ الفاسقِ والكافرِ بجِهةِ القِبلةِ
    أوَّلًا: الاستدلالُ على القِبلةِ بخبرِ الفاسِقِ
    لا يُقبلُ خبرُ الفاسقِ في تحديدِ جِهةِ القِبلةِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهب الفقهيَّة الأربعة: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشافعيَّة على المشهور، والحنابلة
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: لقِلَّة دِينِه، وتطرُّق التُّهمةِ إليه
    ثانيًا: أنَّه لا تُقبلُ سائرُ أخبارِه فيما هو من أمورِ الدِّياناتِ
    ثانيًا: الاستدلالُ على القِبلةِ بخبرِ الكافرِ
    لا يُقبَلُ خبرُ الكافرِ في تحديدِ جِهةِ القِبلةِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
    وذلك للآتي: أوَّلًا: لعدمِ الاعتدادِ بإخبارِه فيما هو من أمورِ الدِّياناتِ
    ثانيًا: أنَّ الكافرَ ليس بموضعِ أمانةٍ
    الفرعُ الرَّابع: الاستدلالُ على القِبلةِ بمحاريبِ المُسلمينَ
    يجبُ اعتمادُ محاريبِ المسلمينَ في الدَّلالةِ على القِبلةِ، ولا يجوزُ معها الاجتهادُ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
    وذلك للآتي: أوَّلًا: أنَّ المحاريبَ لا تُنصَبُ إلَّا بحضرةِ جماعةٍ من أهلِ المعرفةِ بسَمْت الكواكبِ والأدلَّة؛ فجرَى ذلك مَجرَى الخبرِ
    ثانيًا: أنَّ هذه المحاريبَ أنشأتْها قرونٌ من المسلمينَ، أي: جماعات منهم صَلَّوا إلى هذا المحرابِ، ولم يُنقَلْ عن أحدٍ منهم أنَّه طعَنَ فيها، والمسلمون لا يَسكُتونَ على مِثل ذلك إلَّا لصِحَّتِه عندَهم
    (( قال النوويُّ: (أمَّا المحراب فيجب اعتمادُه، ولا يجوزُ معه الاجتهاد، ونَقَل صاحب الشامل إجماعَ المسلمين على هذا) ((المجموع)) (3/201). ووقَع خلافٌ في المسألة؛ فقال شمس الدين ابنُ قُدامة: (أمَّا في حقِّ مَن يلزمه قصدُ الجهة، فإنْ كان أعمى أو مَن فرضُه التقليدُ لزِمَه الرجوعُ إلى ذلك، وإن كان مجتهدًا جاز له الرجوعُ لِمَا ذكرنا، كما يجوز له الرجوعُ في الوقت إلى قول المؤذِّن، ولا يلزمه ذلك، بل يجوز له الاجتهاد إنْ شاء، إذا كانت الأدلَّة على القِبلة ظاهرة؛ لأنَّ المخبر والذي نصَب المحاريب إنما يَبني على الأدلَّة، وقد ذكر ابنُ الزاغوني في كتاب الإقناع قال: إذا دخل رجلٌ إلى مسجد قديم مشهور في بلد معروف كبغداد؛ فهل يلزمه الاجتهاد أم يجزئه التوجُّه إلى القبلة؟ فيه روايتان عن أحمد؛ (إحداهما): يلزمه الاجتهاد؛ لأنَّ المجتهد لا يجوز له أن يقلِّدَ في مسائل الفقه. (والثانية): لا يلزمه؛ لأنَّ اتفاقهم عليها مع تكرُّر الأعصار إجماعٌ عليها، ولا يجوز مخالفتها باجتهاده))
    المَطلَب الرابع: الاجتهادُ في تحديدِ القِبلةِ

    الفرعُ الأوَّل: حُكمُ الاجتهادِ في تحديدِ القِبلةِ
    إذا لم يَعرِفِ الغائبُ عن أرضِ مكَّةَ القِبلةَ، فإنَّه يلزمه الاجتهادُ في تحديدِها
    ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة وذلك لأنَّ له طريقًا إلى معرفتِها بالشمسِ والقمرِ، والجبال، والرِّياح؛ ولهذا قال الله تعالى وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ [النحل: 16]
    الفَرعُ الثَّاني: حُكمُ إمامةِ أَحدِ المُختلفَينِ في القِبلةِ بالآخَرِ
    إنِ اختَلفَ مجتهدانِ في القِبلة، فلا يأتمُّ أحدُهما بالآخَرِ، وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة
    وذلك للآتي: أوَّلًا: أنَّ كلَّ واحدٍ منهما يَعتقِدُ خطأَ الآخَرِ
    ثانيًا: أنَّ المأمومَ يعتقد أنَّ الإمامَ يترك شرطًا من شرائطِ الصَّلاة للعجزِ عنه، فأَشْبهَ ما لو كان الإمامُ عاريًا أو مُحدِثًا، ونحو ذلك
    ثالثًا: أنَّ صلاتَه اشتملتْ على ترْكِ استقبالِ القِبلة، وكلُّ صلاةٍ تُيقِّنَ أنه تُرِكَ فيها استقبالُ القبلة، فهي باطلةٌ
    رابعًا: أنَّ مِثلَ هذا نادرُ الوقوعِ ولا يلزم العفوُ فيما تعمُّ به البلوى العفوَ عمَّا لا تعمُّ به البلوى
    الفَرْعُ الثَّالث: مَن تَغيَّر اجتهادُه في تحديدِ القِبلةِ أثناءَ الصَّلاةِ
    مَن تغيَّر اجتهادُه في تحديدِ القبلةِ في أثناءِ الصَّلاةِ، فإنَّه يَنحرِفُ إلى الجهةِ الثانيةِ ويُتمُّ صلاتَه، وهو مذهبُ الجمهورِ: الحنفيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة، واختارَه من المالكيَّة ابنُ عبد البرِّ
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عنِ البَراءِ بن عازبٍ: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان أوَّلَ ما قَدِمَ المدينةَ نزَلَ على أجدادِه - أو قال: أخوالِه - من الأنصارِ، وأنَّه صلَّى قِبلَ بيتِ المقدسِ سِتَّةَ عَشرَ شهرًا، أو سَبعةَ عَشرَ شهرًا، وكان يُعجِبُه أن تكونَ قِبلتُه قِبلَ البيتِ، وأنَّه صلَّى أوَّلَ صلاةٍ صلَّاها صلاةَ العصرِ، وصلَّى معه قومٌ، فخرَج رجلٌ ممَّن صلَّى معه، فمرَّ على أهلِ مَسجدٍ وهم راكعون، فقال: أشهدُ باللهِ لقدْ صَليتُ مع رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قِبلَ مَكَّةَ، فدَاروا كما هم قِبلَ البيتِ ))
    ثانيًا: أنَّه يجبُ العملُ بالاجتهادِ فيما يُستقبَلُ، أمَّا ما مضى بالاجتهادِ فإنَّه لا يُنقَضُ باجتهادٍ مثلِه
    ثالثًا: القياسُ على الحاكمِ إذا حكَمَ باجتهادٍ ثم تغيَّرَ اجتهادُه، فإنَّه لا يُنقَضُ ما حَكَم فيه بالاجتهادِ الأوَّلِ
    رابعًا: أنَّه ترجَّح في ظنِّه، فصار العملُ به واجبًا
    خامسًا: أنَّ دليلَ الاجتهادِ بمنزلةِ دليلِ النَّسخِ، وأثَرُ النسخِ يَظهَرُ في المستقبلِ لا في الماضي؛ فكذا الاجتهادُ
    الفرعُ الرَّابع: مَن شَكَّ في اجتهادِه في تحديدِ القِبلةِ أثناء الصَّلاةِ
    إذا دخَلَ في الصَّلاةِ باجتهادٍ، ثم شكَّ فيه ولم يَترجَّحْ له شيءٌ من الجهاتِ، أتمَّ صلاتَه إلى جِهتِه ولا إعادةَ عليه؛ نصَّ على هذا الجمهور: المالكيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة
    وذلك للآتي: أوَّلًا: أنَّ الاجتهادَ ظاهرٌ، والظاهر لا يُزالُ بالشكِّ
    ثانيًا: أنَّ الشكَّ الطارئَ لا يُساوي غلبةَ الظنِّ التي دخَلَ بها في الصَّلاةِ
    ثالثًا: أنَّه دخَلَ الصَّلاةَ باجتهادٍ لم يَتبيَّن خطؤُه
    الفرعُ الخامسُ: الخطأُ في تحديدِ القِبلةِ
    المَسألةُ الأولى: ظهورُ الخطأ في القبلةِ بعدَ الفراغِ من الصَّلاةِ
    مَن صَلَّى في غيرِ مَكَّةَ إلى غيرِ القبلة مجتهدًا، ولم يَعلمْ إلَّا بعدَ أنْ سَلَّم أجزأتْه صلاتُه، وهذا مذهبُ الجمهورِ: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والحنابلة، وهو قولُ الشافعيِّ في القديم، ورُوي عن بعضِ السَّلف
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن أنسِ بن مالكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يُصلِّي نحوَ بيتِ المقدسِ، فنزلت: قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [البقرة: 144] ، فمرَّ رجلٌ من بني سَلِمَة وهم ركوعٌ في صلاةِ الفجر، وقد صلَّوْا ركعةً، فنادَى: ألَا إنَّ القبلةَ قد حُوِّلتْ، فمالوا كما هم نحوَ القِبلةِ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّهم صلَّوْا ركعةً إلى بيتِ المقدسِ بعدَ نَسخِه ووجوبِ استقبالِ الكعبةِ، ثم عَلِموا في أثناءِ الصَّلاةِ النسخَ، فاستداروا في صلاتِهم وأتمُّوا إلى الكعبةِ، وكانت الركعةُ الأولى إلى غير الكعبةِ بعدَ وجوبِ استقبالِ الكعبةِ، ولم يُؤمَروا بالإعادة، ومثل هذا لا يَخفَى على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
    ثانيًا: أنَّه أتى بما أُمِر، فخرَجَ عن العُهدةِ كالمصيبِ، والتكليفُ مقيَّدٌ بالوُسعِ
    ثالثًا: أنَّه صلَّى إلى غيرِ الكعبةِ للعُذر، فلمْ تجِبْ عليه الإعادةُ، كالخائفِ يُصلِّي إلى غيرِها
    رابعًا: أنَّها جهةٌ تجوزُ الصَّلاةُ إليها بالاجتهادِ فأشبهَ إذا لم يتيقَّنِ الخطأَ
    خامسًا: أنَّ إيجابَ الإعادةِ إيجابُ فرضٍ، والفرائضُ لا تثبُتُ إلَّا بيقينٍ لا مَدْفعَ له
    المسألة الثانية: الصَّلاة لغيرِ القِبلةِ من غيرِ اجتهادٍ
    مَن صلَّى إلى جهةٍ غير القبلة مِن غيرِ اجتهادٍ، فلا تُجزِئُ صلاتُه، وعليه إعادتُها.
    الدَّليلُ مِنَ الإِجْماع:
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ عبد البرِّ، والنوويُّ
    المَطلَب الخامس: المواضعُ التي يَسقُطُ فيها وجوبُ استقبالِ القِبلةِ
    الفَرْعُ الأَوَّلُ: مَن عَجَزَ عن مَعرفةِ مَوضعِها
    مَن تَحرَّى القِبلةَ ولم يتيقَّنْ بشيءٍ، فإنَّه يُصلِّي إلى أيِّ جِهةٍ شاء، وهذا مذهبُ المالكيَّة على المعتمَد
    ، والحنابلة، وقولٌ للحنفيَّة، واختارَه ابنُ تيميَّة
    الأدلَّة:أوَّلًا: من الكِتاب
    1- قال اللهُ تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة: 286]
    2- وقال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16]
    ثانيًا: القياسُ على مسألةِ فاقدِ الطَّهورينِ - الماء والتراب - فإنَّه يُصلِّي على حسَبِ حالِه ولا يُعيدُ؛ لأنَّه منتهى طاقتِه
    الفَرْعُ الثَّاني: مَن عجَزَ عن استقبالِ القِبلةِ
    مَن عجَزَ عن استقبالِ القبلةِ، فإنَّه يُصلِّي على حسبِ حالِه، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة
    الأدلة من الكتاب:
    1- قال الله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة: 286]
    2- وقال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16]
    الفَرْعُ الثَّالِثُ: الصَّلاةُ في شِدَّةِ الخوفِ
    تجوزُ الصَّلاةُ في شِدَّةِ الخوفِ إلى غيرِ جِهةِ القبلةِ إذا اضطرَّ إلى تَرْكها، ويُصلِّي حيث أمْكَنَه.
    الأدلَّة:أوَّلًا: من الكِتاب
    قال الله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا [البقرة: 239]
    ثانيًا: عن ابنِ عُمرَ رضى الله عنهما، قال: (فإنْ كانَ خوفٌ هو أشدُّ مِن ذلك صَلَّوا رجالًا قيامًا على أقدامهم، أو رُكبانًا مستقبلي القبلةِ أو غيرَ مستقبليها). قال نافعٌ: لا أرَى ابنَ عُمرَ ذَكَر ذلِك إلَّا عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
    ثالثًا: من الإجماع
    نقَل الإجماعَ على ذلِك: ابنُ عبدِ البرِّ، وابنُ بطَّالٍ، والنوويُّ
    رابعًا: أنَّه شرْطٌ اضطُرَّ إلى ترْكِه، فصلَّى مع ترْكه كالمريضِ إذا عجَزَ عن القيامِ
    خامسًا: أنَّه قد تَحقَّق العُذر، فأشبه حالةَ الاشتباهِ
    -------------------------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا .. تابعونا جزاكم الله خيرا .. ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    ثانياً : شروط  وجوب الصلاه. صحه الصلاه . صفه الصلاه . أوقات الصلاه Empty الصَّلاةُ على الرَّاحِلةِ والسَّفينةِ والطَّائِرةِ

    مُساهمة من طرف صادق النور الأربعاء سبتمبر 14, 2022 11:25 am


    المطلب السادس: الصَّلاةُ على الرَّاحِلةِ والسَّفينةِ والطَّائِرةِ
    الفَرْعُ الأَوَّلُ: صلاةُ النافلةِ على الراحلةِ في السَّفرِ
    تجوزُ صلاةُ النافلةِ على الراحلةِ في السَّفر، حيثما توجَّهت به.
    الأدلَّة:أوَّلًا: من الكِتاب
    قال الله تعالى: فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ [البقرة: 115]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ: قال ابنُ عمر وطائفةٌ: نزلت هذه الآيةُ في الصَّلاةِ على الراحلةِ
    ثانيًا: من السُّنَّة
    1- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهما: ((أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يُصلِّي سُبحتَه حيثما توجَّهتْ به ناقتُه ))
    2- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهما، قال: ((كان رسولُ الله يُصلِّي وهو مُقبلٌ من مكَّةَ إلى المدينةِ على راحلتِه حيث كان وجهُه؛ قال: وفيه نزلت: فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ [البقرة: 115] ))
    3- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهما، قال: ((كان النبيُّ عليه السلام يُصلِّي في السفرِ على راحلتِه، حيث توجَّهتْ به، يُومِئ إيماءً صلاةَ اللَّيلِ، إلا الفرائض، ويُوتِر على راحلتِه ))
    4- عن عامرِ بنِ رَبيعةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه قال: ((رأيتُ رسولِ اللهِ يُصلِّي على راحلتِه حيث توجَّهتْ به ))
    5- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه قال: ((كان رسولُ اللهِ يُصلِّي على راحلتِه حيثُ توجَّهتْ به - أي في جِهة مَقصدِه - فإذا أراد الفريضةَ نزَلَ فاستقبلَ القِبلةَ ))
    ثالثًا: من الإجماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: الترمذيُّ، وابنُ عبد البرِّ، وابنُ قُدامةَ، والنوويُّ، وابنُ تَيميَّة، والعينيُّ، والشوكانيُّ
    الفَرْعُ الثَّاني: صلاةُ الفريضةِ على الراحلةِ
    لا تجوزُ صلاةُ الفريضةِ على الراحلةِ من غيرِ عُذرٍ، وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة، وحُكي الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة:أوَّلًا: من الكِتاب
    قال الله تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ [البقرة: 238-239]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ معنى الآيةِ: إذا وقَع الخوفُ فليصلِّ الرجلُ على كلِّ جِهةٍ قائمًا أو راكبًا
    ثانيًا: من السُّنَّة
    عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهما قال: ((كان النبيُّ عليه السلام يُصلِّي في السفرِ على راحلتِه، حيث توجَّهتْ به، يُومِئ إيماءً صلاةَ اللَّيلِ، إلَّا الفرائض، ويُوتِرُ على راحلتِه ))
    ثالثًا: من الآثار
    1- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهما قال: (إذا اختَلَطوا - يعني في القِتالِ - فإنَّما هو الذِّكرُ وأشارَ الرأسِ)
    2- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهما، قال: (فإنْ كان خوفٌ أشدُّ من ذلك صَلَّوْا رِجالًا قِيامًا على أقدامهم، أو رُكبانًا مستقبلي القبلةِ وغيرَ مستقبليها)، وفي روايةٍ لمسلم: أنَّ ابنَ عُمرَ قال: (فإنْ كان خوفٌ أكثرُ من ذلك فصلِّ راكبًا، أو قائمًا، تومئ إيماءً)
    الفَرْعُ الثَّالِثُ: الصَّلاةُ على السَّفينةِ
    تجوزُ صلاةُ الفريضةِ على السَّفينةِ في الجملةِ.
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهما قال: ((سُئِل النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الصَّلاة في السَّفينة؟ فقال: صَلِّ فيها قائمًا إلَّا أن تخافَ الغرقَ ))
    ثانيًا: من الإجماع
    نقَلَ الإجماعَ على ذلك: النوويُّ، وابنُ الملقِّن، والصنعانيُّ، والشوكانيُّ
    ثالثًا: أنَّ ذلك إنَّما يجوزُ للحاجةِ إلى ركوبِ البحرِ، وتعذُّرِ العدولِ في أوقاتِ الصَّلاةِ عنه
    الفَرْعُ الرابع: الصَّلاةُ في الطَّائِرَةِ
    تجوزُ صلاةُ الفريضةِ على الطائرةِ، مع القيامِ بأركانِها حسَبِ الاستطاعةِ، ويدورُ معها حيثُ دارتْ مِن أجلِ استقبالِ القِبلةِ،
    وهذا اختيارُ ابنِ باز، وابنِ عُثَيمين
    الأدلَّة:أوَّلًا: من الكِتاب
    قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16]
    ثانيًا: من السُّنَّة
    عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا أمرتُكم بأمرٍ فأتُوا منه ما استطعتُم ))
    ثالثًا: قياسًا على هيئةِ الصَّلاةِ على السَّفينةِ
    المطلب السابع: حُكمُ الصَّلاةِ في جوفِ الكعبةِ أو فَوقَها
    الفَرْعُ الأول: الصَّلاةُ في جوفِ الكعبةِ
    تجوزُ الصَّلاةُ في جوفِ الكعبةِ؛ الفريضةُ والنافلةُ سواءٌ، وهذا مذهبُ الحنفيَّة
    ، والشافعيَّة، وهو قولٌ للمالكيَّة، وروايةٌ عن الحنابلة، واختاره ابنُ حزمٍ، وصوَّبه ابنُ عبد البرِّ، ونُسِب إلى جمهورِ العُلماءِ، وهو قولُ ابن باز، وابنِ عُثَيمين
    الأدلَّة:أوَّلًا: من الكِتاب
    قال الله تعالى: أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ [البقرة: 125]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    في قوله: طَهِّرَا بَيْتِيَ دليلٌ على جوازِ الصَّلاة فيه؛ إذ لا معنى لتطهيرِ المكانِ لأجْلِ الصَّلاة، وهي لا تجوزُ في ذلِك المكانِ
    ثانيًا: من السُّنَّة
    1- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهما: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دخَل الكعبةَ وأسامةُ بنُ زيد، وبلالٌ، وعثمانُ بنُ طَلحةَ الحَجَبيُّ فأَغْلقَها عليه، ومكَث فيها، فسألتُ بلالًا حين خرَج: ما صنَعَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: جعَل عمودًا عن يسارِه، وعمودًا عن يمينِه، وثلاثةَ أعمدةٍ وراءَه، وكان البيتُ يومئذٍ على سِتَّة أعمدة، ثم صلَّى ))
    2- عن جابرِ بن عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهما، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((أُعطيتُ خمسًا لم يُعطهنَّ أحدٌ قبلي: نُصرتُ بالرعبِ مسيرةَ شَهر، وجُعِلتْ لي الأرضُ مسجدًا وطَهورًا؛ فأيُّما رجلٍ مِن أمَّتي أدركَتْه الصَّلاةُ فليصلِّ... ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ باطنَ الكعبةِ أطيبُ الأرضِ وأفضلُها؛ فهي أفضلُ المساجدِ وأَوْلاها بصلاةِ الفرضِ والنافلةِ
    3- عن أبي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: ((قلتُ: يا رسولَ الله، أيُّ مسجدٍ وُضِعَ في الأرض أوَّلُ؟ قال: المسجدُ الحرامُ،
    قال: قلتُ: ثم أيُّ؟ قال: المسجدُ الأقصى، قلتُ: كم كان بينهما؟ قال: أَرْبَعُونَ سَنةً، ثم أينما أدركتْك الصَّلاةُ بعدُ فَصلِّهْ؛ فإنَّ الفضلَ فيه
    ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ هذا نصٌّ جليٌّ في أنَّ الكعبةَ مسجدٌ، وما عَلِم أحدٌ مسجدًا تحرُم فيه صلاةُ الفرضِ
    4- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عَنْه: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((صلاةٌ في مَسجِدي هذا خيرٌ من ألْفِ صلاةٍ فيما سواه، إلَّا المسجدَ الحرامَ ))
    ثالثًا: أنَّ الواجب استقبالُ شطرِه لا استيعابُه، وقد وُجِد ذلك فيمَن صلَّى فيها
    رابعًا: أنَّه صلَّى متوجهًا إلى بعضِ أجزاء الكعبة، فتصحُّ صلاتُه، كالنافلةِ، وكما لو توجَّه إليها من خارجٍ
    الفَرْعُ الثاني: الصَّلاةُ على ظَهرِ الكعبةِ
    الصَّلاةُ على ظهرِ الكعبةِ صحيحةٌ، وهو مذهبُ الحنفيَّة، والشافعيَّة، وروايةٌ عند الحنابلة، وهو قولُ محمَّد بن عبد الحَكمِ من المالكيَّة ومذهبُ الظاهريَّة، واختيارُ ابنِ باز، وابنِ عُثَيمين
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: أنَّ القبلةَ هي البُقعة، والهواء إلى عَنانِ السماءِ دون البِناءِ؛ فالبناءُ لا حُرمةَ له لنفْسِه، بدليل أنَّه لو نُقِل إلى عرصةٍ أُخرى وصُلِّي إليه لا يجوز، بل كانتْ حُرمتُه لاتِّصالِه بالعَرْصَةِ المحترمةِ
    ثانيًا: أنَّه مَن صلَّى على جبلِ أبي قُبَيسٍ جازتْ صلاتُه بالإجماعِ ولا بناءَ بين يديه مِن الكَعبةِ
    --------------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا .. تابعونا جزاكم الله الخير

    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    ثانياً : شروط  وجوب الصلاه. صحه الصلاه . صفه الصلاه . أوقات الصلاه Empty سَتْرِ العَورَةِ في الصَّلاةِ

    مُساهمة من طرف صادق النور الأربعاء سبتمبر 14, 2022 11:58 am


    حُكْمُ سَتْرِ العَورَةِ في الصَّلاةِ
    سَترُ العورةِ شرطٌ لصحَّةِ الصَّلاةِ، وهو مذهبُ الجمهورِ: الحنفيَّة والشافعيَّة، والحنابلة، والظاهرية، وقولٌ للمالكيَّة
    الأدلَّة:أوَّلًا: من الكِتاب
    قال الله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف: 31]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ قرَنَ أخْذَ الزينة بذِكر المساجدِ، والزينةُ المأمورُ بها هي الثيابُ الساترةُ للعورةِ؛ لأنَّ الآيةَ نزلتْ من أجلِ الذين كانوا يَطوفونَ بالبيتِ عُراةً، وهذا ما لا خِلافَ فيه بين العلماءِ
    ثانيًا: من السُّنَّة
    عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها، عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أنَّه قال: ((لا يَقبَلُ اللهُ صَلاةَ حائضٍ إلَّا بخِمارٍ )) (( حائضٍ: أي: بلغت سِنَّ المحيض، وجرى عليها القلم. ))
    ثالثًا: الإجماع على إفسادِ مَن ترَكَ ثوبَه وهو قادرٌ على الاستتارِ به، وصلَّى عُريانًا
    رابعًا: أنَّ المصلِّي يُناجي ربَّه، فيُشترَطُ في حقِّه أفضلُ الهَيئاتِ، والمكشوفُ العورةِ ليس كذلك

    المَطلَب الأوَّل: حدُّ العَورةِ


    الفرعُ الأوَّل: عورةِ الرَّجُلِ في الصَّلاةِ وستر العاتقين وصفة ما يلبسه في الصلاة
    المسألةُ الأُولى: حَدُّ عورَةِ الرَّجُل
    عورةُ الرَّجُلِ ما بين السُّرَّةِ والرُّكبةِ
    ، وهذا باتِّفاقِ المذاهب الفقهيَّة الأربعة: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشافعيَّة على الصَّحيح، والحنابلة، وبه قال أكثرُ الفُقهاءِ
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: من السُّنَّة
    1- عنِ المِسْوَرِ بنِ مَخرمَةَ قال: أقبلتُ بحجرٍ أحملُه ثقيلٍ، وعليَّ إزارٌ خفيفٌ، قال: فانحلَّ إزاري ومعي الحجرُ لم أستطعْ أنْ أضعَه حتى بلغتُ به إلى موضعِه، فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ارجعْ إلى ثوبِكَ فخُذْه ولا تَمشُوا عُراةً ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    في الحديث الأمر بأخْذ الإزارِ، وهو يسترُ ما بين السُّرَّة والرُّكبةِ
    2- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَمَّا رآه مشتمِلًا بثوبه: ((فإنْ كان واسعًا فالْتَحِفْ به، وإنْ كان ضيِّقًا فاتَّزِرْ به ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    قوله: ((فاتَّزِر به)) دلَّ على وجوبِ سَترِ ما بينَ السُّرة والركبةِ
    ثانيًا: لأنَّ ما حولَ السَّوأتينِ مِن حريمِهما، وسترُه تمامُ سترِهما، والمجاورةُ لها تأثيرٌ في مثلِ ذلك، فوجب أن يُعطَى حكمَهما
    المسألة الثَّانية: السُّرَّةُ والرُّكبةُ ليستَا مِنَ العورةِ
    الرُّكبةُ والسُّرَّةُ ليستَا مِنَ العورةِ، وهو مذهبُ الجمهور: المالكيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة
    الأدلَّة: أوَّلًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي الدرداءِ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: كنتُ جالسًا عندَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، إذ أَقبَلَ أبو بكر آخذًا بطَرَفِ ثوبِه حتى أبْدَى عن رُكبتِه، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أمَّا صاحبُكم فقدْ غامَرَ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أقرَّه على كشْفِ الرُّكبةِ ولم يُنكِرْ عليه؛ فدلَّ على أنَّ الركبةَ ليستْ عورةً
    2- عن أبي مُوسى رَضِيَ اللهُ عَنْه: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دخَلَ حائطًا وأَمَرني بحِفظِ بابِ الحائطِ، فجاءَ رجل يستأذِنُ، فقال: ائذنْ له وبشِّرْه بالجَنَّةِ؛ فإذا أبو بكرٍ، ثم جاءَ آخَرُ يستأذِنُ، فقال: ائذنْ له وبشِّرْه بالجَنِّةِ؛ فإذا عمرُ، ثم جاءَ آخَرُ يستأذنُ، فسكَتَ هُنيهةً، ثم قال: ائذنْ له وبشِّرْه بالجَنَّةِ على بَلوَى ستُصيبُه؛ فإذا عثمانُ بنُ عفَّان)) وفي رواية زاد: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان قاعدًا في مكانٍ فيه ماءٌ، قد انكشَفَ عن رُكبتيه - أو رُكبته - فلمَّا دخل عثمانُ غطَّاها ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان كاشفًا عن رُكبتيهِ وهو مع أصحابِه، ولو كانتْ عورةً ما كشَفَها
    ثانيًا: ولأنَّهما حدُّ العورةِ فلم يكونَا منها
    المسألة الثَّالثة: سَتْرُ العاتقَينِ للرَّجُلِ في الصَّلاةِ
    اختَلف أهلُ العلمِ في اشتراطِ أنْ يَجعَلَ الرَّجلُ على عاتقيه شيئًا في الصَّلاة على قولين:
    القول الأوّل: يُستَحَبُّ أن يَضعَ الرجلُ على عاتِقَيْه شيئًا في الصَّلاة، وهذا مذهبُ الجمهورِ: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشافعيَّة، وبه قال أكثرُ الفقهاءِ، وهو روايةٌ عن أحمد، وحُكي الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي هُرَيرَة، قال: نادَى رجلٌ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: أيُصلِّي أحدُنا في ثوبٍ واحدٍ؟ فقال: ((أوَ كُلُّكم يَجِدُ ثَوبينِ؟! ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الحديثَ فيه مشروعيَّةُ الصَّلاةِ في الثَّوبِ الواحِدِ، وأنَّ الصَّلاةَ في الثَّوبينِ ليست على الوجوبِ؛ لأنَّ رسولَ اللهِ وأصحابَه قد صلَّوْا في ثوبٍ واحدٍ ومعهم ثيابٌ
    2- عن سعيدِ بنِ الحارثِ قال: سأَلْنا جابرَ بنَ عبدِ اللهِ عن الصَّلاةِ في الثوبِ الواحدِ، فقال: ((خرجتُ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في بعضِ أسفارِه، فجئتُ ليلةً لبعضِ أَمْري فوجدتُه يُصلِّي وعليَّ ثوبٌ واحد فاشتملتُ به وصليتُ إلى جانبه،
    فلما انصرَف قال: ما السُّرَى يا جابر؟ فأخبرتُه بحاجتي، فلمَّا فرغتُ قال: ما هذا الاشتمالُ الذي رأيتُ؟ قلت: كان ثوبًا - يعني: ضاقَ - قال: فإنْ كان واسعًا فالْتَحِفْ به، وإنْ كان ضيِّقًا فاتَّزِرْ به ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    قولُه: (فاتَّزِرْ به) يعني: إنْ قَصُرَ عن سَتْرِ جَسَدِه فلْيَسْتُر به عورَتَه؛ لأنَّ سَتْرَها آكَدُ مِن سَتْرِ سائِرِ جَسَدِه؛ لأنَّ سَتر جَسَده سُنَّة وفضيلةٌ، وسَتْر عَوْرَتِه فريضةٌ، وإنَّما أَمَرَه بالالتحافِ بالثَّوبِ الكامِلِ ليجمعَ في اللِّباسِ بين الفَضْلِ والفَرْضِ؛ فإذا قَصُرَ الثَّوْبُ عن ذلك أَمَرَه بالاتِّزارِ به؛ لأنَّه الفَرْضُ
    ثانيًا: أنَّ العاتقينِ ليسَا بعورةٍ، فأشبَها بقيَّةَ البدنِ
    القول الثاني: يُشترَطُ سَترُ العاتقِ بشيءٍ، وهو مذهبُ الحنابلةِ، واختارَه ابنُ حزمٍ، والشوكانيُّ، وابنُ باز
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن أبي هُرَيرَة، قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا يُصلِّي أحدُكم في الثوبِ الواحدِ ليسَ على عاتقيه شيءٌ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه نَهى عن ترْكِه في الصَّلاة، والنهيُ يَقتضي فسادَ المنهيِّ عنه
    ثانيًا: أنَّها سترةٌ واجبةٌ في الصَّلاة، والإخلالُ بها يُفسِدُها، كسترِ العورةِ
    المسألةُ الرَّابِعَة: حُكْمُ التَّجَمُّلِ بأحسَنِ الثِّيابِ
    يُستحَبُّ أنْ يَتجمَّلَ الرجلُ بأحسنِ الثِّيابِ عند الصَّلاةِ؛ نصَّ عليه الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشافعيَّة
    الأدلَّة:أوَّلًا: من الكِتاب
    قال الله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف:31]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه يُستحبُّ التجمُّلُ للصلاةِ بأحسنِ الثِّيابِ؛ لأنَّه من الزينةِ
    ثانيًا: من السُّنَّة
    عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا صَلَّى أحدُكم فلْيَلْبَسْ ثوبيه؛ فإنَّ اللهَ أحقُّ مَن يُزيَّن له, فإنْ لم يكن له ثوبانِ, فليتَّزرْ إذا صلَّى, ولا يَشتمِلْ أحدُكم في صلاتِه اشتمالَ اليهودِ ))
    ثالثًا: أنَّ المقصودَ من اللِّباسِ التزيُّنُ للهِ في الصَّلاةِ؛ ولذلك جاء باسمِ الزِّينةِ في القرآنِ
    الفرعُ الثاني: حدُّ عورةِ المرأةِ في الصَّلاةِ، وحُكْمُ انتقابِها في الصَّلاةِ
    المسألة الأولى: حدُّ عورةِ المرأةِ في الصَّلاةِ
    يجِبُ على المرأةِ في الصَّلاةِ سَترُ جميعِ جِسمِها، ما عدَا الوجهَ والكفَّينِ وهو مذهبُ المالكيَّة، والشافعيَّة، وبه قال أكثرُ أهلِ العِلمِ، واختارَه ابنُ حزمٍ، وابنُ باز، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك
    الأَدِلَّةُ:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن ابنِ مسعودٍ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((المرأةُ عورةٌ ))
    2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنه، قال: ((لا يَقبَلُ اللهُ صلاةَ حائضٍ إلَّا بخِمارٍ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الحديثَ فيه النَّهيُ عن كشفِ الرَّأس والعُنُق ونحوهما مما يُسترُ بالخمارِ، ويقتضي ذلك أنَّ الوجهَ لا يُسترُ في الصَّلاة، فدلَّ على أنَّه ليس مِن عورتِها في الصَّلاةِ.
    ثانيًا: أنَّ وجهَها ليس بعورةٍ في الإحرامِ، فكذلك في الصَّلاةِ
    ثالثًا: أنَّ قَدَمَيِ المرأةِ لا يَجِبُ كَشْفُهما في الإحرامِ فلم يَجِبْ كَشْفُهما في الصَّلاةِ كالسَّاقَينِ
    المَسألةُ الثانية: انتقابُ المرأةِ في الصَّلاةِ
    لا تَنتقِبُ المرأةُ في الصَّلاة بلا حاجةٍ.
    الأدلَّة: أوَّلًا: من الإجماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ عبد البرِّ
    ثانيًا: أنَّ وجهَها ليس بعورةٍ في الإحرامِ، فكذلك في الصَّلاةِ
    الفرعُ الثالث: حدُّ عورةِ الخُنْثى المُشكِلِ الحُرِّ
    اختَلفَ أهلُ العلمِ في حدِّ عورةِ الخُنْثى المُشكِلِ الحُرِّ على قولينِ:
    القول الأوّل: عورتُه كعورةِ المرأةِ الحُرَّةِ؛ نصَّ على هذا الجمهور: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشافعيَّة، وهو روايةٌ عن أحمدَ؛ وذلك لجوازِ أنْ يكونَ أنثى، فكان أمرُه على الاحتياطِ بأنْ يَستتِرَ سترَ المرأةِ
    القول الثاني: عورتُه كعورةِ الرَّجُلِ، ويُستحَبُّ سترُه كالحُرِّةِ احتياطًا، وهو مذهبُ الحنابلةِ، واختارَه ابنُ تَيميَّة؛ وذلك لأنَّ سترَ ما زاد على عورةِ الرجلِ مُحتمَلٌ، فلا نُوجِبْ عليه حُكمًا بأمْرٍ مُحتمَل متردِّد

    المطلب الثاني: الصَّلاةُ في الثَّوْبِ المُحَرَّمِ


    الفَرْعُ الأوَّلُ: صلاةُ الرجُلِ في ثوبِ حريرٍ
    لا يحلُّ للرَّجُلِ لُبسِ ثوبِ الحريرِ، لا في الصَّلاةِ ولا خارجَها، إلَّا إذا لم يَجِدْ غيرَه.
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي عُثمانَ النهديِّ، قال: أتانا كتابُ عُمرَ، ونحن مع عُتبةَ بنِ فَرقدٍ بأذربيجان: ((أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهَى عن الحريرِ إلَّا هكذا، وأشار بإصبعيه اللَّتينِ تَليانِ الإبهامَ، قال: فيما عَلِمْنا أنَّه يعني: الأعلامَ
    2- عن عُمرَ بن الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْه: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّما يَلبَسُ الحريرَ في الدُّنيا مَن لا خَلاقَ له في الآخِرةِ ))
    3- عن أبي موسى الأشعريِّ، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((أُحِلَّ الذهبُ والحريرُ لإناثِ أمَّتي، وحُرِّمَ على ذُكورِها ))
    ثانيًا: من الإجماع : نقَل الإجماعَ على ذلك: النوويُّ
    الفَرْعُ الثاني: الصَّلاةُ في الثوبِ المَغصوبِ
    تَحرُمُ الصَّلاةُ في الثوبِ المغصوبِ ونحوِه، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعةِ: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة، واختارَه ابنُ حزمٍ، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك
    الدليل من السُّنَّة:
    عن أبي بَكرةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: خطبَنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَ النَّحر، قال: ((... فإنَّ دِماءَكم وأموالَكم عليكم حرامٌ، كحُرمةِ يومِكم هذا، في شَهرِكم هذا، في بلدِكم هذا، إلى يومِ تَلقَوْنَ ربَّكم.. ))
    الفَرْعُ الثَّالِثُ: صِحَّةُ الصَّلاةِ في الثَّوْبِ المَغْصوبِ
    الصَّلاة في الثَّوبِ المغصوبِ صحيحةٌ مع كونِها حرامًا، وهذا مذهبُ الجمهورِ: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشافعيَّة، وروايةٌ عن أحمد، وهو قولُ جمهورِ العلماءِ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
    وذلك لأنَّ النهيَ ليس لمعنًى في الصَّلاةِ؛ فلا يَمنَعُ صِحَّةَ الصَّلاةِ

    المطلَبُ الثَّالِثُ: صلاةُ العُراةِ

    الفَرْعُ الأوَّلُ: صَلاةُ العُرْيانِ
    المسألة الأولى: العُريانُ إذا لم يجِدْ سُترةً
    العُريانُ إذا لم يجِدْ سُترةً، صلَّى عُريانًا، ولا إعادةَ عليه، وذلك في الجُملةِ.
    الدَّليل من الإجماع: نقَل الإجماع على ذلك: النوويُّ، وابنُ تَيميَّة
    المسألة الثانية: قِيامِ العُريانِ إذا صلَّى وحْدَه
    العُريانُ إذا صلَّى وحْدَه يُصلِّي قائمًا، وهو مذهبُ المالكيَّة، والشافعيَّة، وروايةٌ عن أحمد، وبه قال بعضُ السَّلف، واختاره ابنُ باز
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    قوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صلِّ قائمًا، فإنْ لم تستطعْ فقاعدًا، فإنْ لم تستطعْ فعلى جَنْبٍ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنه علَّق الصَّلاةَ قاعدًا على عدمِ الاستطاعةِ، والقيامُ ركنٌ؛ فوجَبَ ألَّا يجوزَ تَرْكُه مع القُدرةِ عليهِ
    ثانيًا: لأنَّه لا يُجزِئ أحدًا أنْ يُصلِّيَ جالسًا وهو يَقدِرُ على القيامِ
    ثالثًا: لأنَّ المحافظةَ على الأركانِ- كالقِيامِ، والركوعِ، والسجودِ- أَوْلى من المحافظةِ على بعضِ الفَرْضِ وهو السَّترُ
    الفَرْعُ الثاني: صلاة الجَماعةِ للعُراةِ
    المسألةُ الأولى: صِفةُ صَلاةِ الجَماعةِ للعُراةِ
    العراةُ يُصلُّونَ جماعةً صفًّا واحدًا، ويقومُ إمامُهم وسْطَهم، وهذا مذهبُ الشافعيَّة، والحنابلة، واختارَه ابنُ تَيميَّة
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عمومُ قولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صلاةُ الجماعةِ تَفضُلُ صلاةَ الفذِّ بخمسٍ وعشرينَ درجةً
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ لفظَ الجماعةِ عامٌّ يدخُلُ فيه كلُّ جماعةٍ، ومنها جماعةُ العُراةِ
    ثانيًا: أنَّ العُراةَ يُمكنهم الجماعةُ من غير ضررٍ، فلزمتْهم كالمستترِينَ
    ثالثًا: أنَّ قيامَ الإمامِ وسْطَهم أستَرُ من أن يَتقدَّمَ عليهم
    المسألة الثَّانية: قِيامِ العُراةِ في صلاةِ الجماعةِ
    العراةُ إذا صَلَّوا جماعةً يُصلُّون قِيامًا، وهو مذهبُ المالكيَّة، والشافعيَّة، وروايةٌ عن أحمدَ
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: للنُّصوصِ الدالَّة على وجوبِ الركوعِ والسجودِ
    ثانيًا: أنَّ القيامَ والركوعَ والسجودَ أركانٌ متَّفَق عليها، والسُّترة شرطٌ مختلَف فيه، والأركان مُقدَّمةٌ على الشروطِ، والمجمَع عليه مُقدَّمٌ على المختلَف فيه
    ثالثًا: لأنَّه لا يُجزئ أحدًا أن يُصلِّي جالسًا وهو يَقدِرُ على القيامِ
    --------------------------------------------------------------------------------
    تابعونا جزاكم الله خيرا .. ما زلنا نستمتع بعظمه ديننا الحنيف وعظمه حبيبنا المصطفي صل الله عليه وسلم

    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع


      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 12:50 pm