بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام علي سيد المرسلين وإمام المحجلين وفاتح أبواب الجنان ومنقذنا من النيران وآخذ بإيدينا إلي روح وريحان وجنات عدنان وفردوس أعلي عند الرفيق ألأعلي وساقينا من حوضه الكوثر سيدنا محمد صل الله عليه وسلم وعلي آله وصحبه الكرام
سلسله آلآداب سلسله ذهبيه نبدأها بإذن الله تعالي بآداب ألإستذان
آداب ألإستذان .. شروط .. أحكام ..
معنى الاستئذان:
الاستئذان: اسم مشتق من الفعل أَذِنَ. يُقالُ: أَذِنَ بالشيء إذْنًا وأَذَنًا وأَذانةً عَلِم وفي التنزيل العزيز فأْذَنوا بحَرْبٍ من الله ورسوله أَي كونوا على عِلْمٍ. واستأذنه في كذا أي طلب إذنه منه،
والأَذانُ الإعْلامُ. يُقالُ آذَنْتُكَ بالشيء: إذا أَعْلمتُكه.
وردت كلمة الاستئذان ومشتقاتها المختلفة في القرآن الكريم اثنتين وسبعين مرة.
جاء التعبير عن الاستئذان بالاستئناس وهو تعبير يوحي بلطف الاستئذان، ولطف الطريقة التي يجيء بها الطارق، فتحدث في نفوس أهل البيت أنسًا به، واستعدادًا لاستقباله. وهي لفتة دقيقة لطيفة، لرعاية أحوال النفوس، ولتقدير ظروف الناس في بيوتهم،
وما يلابسها من ضرورات لا يجوز أن يشقى بها أهلها ويحرجوا أمام الطارقين في ليل أو نهار.
معنى الاستئناس:
يُقالُ: آنس الشيء: أي أحسه، وآنس الشخص واستأنسه: أي رآه وأبصره ونظر إليه، يُقالُ: آنستُ فلان: إذا فرحت به.
وردت كلمة الاستئناس بمشتقاتها المختلفة في القرآن الكريم سبع مرات.
أحكام الاستئذان :
يقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ ﴾ [النور: 27 – 29].
أسباب نزول هذه الآيات:
روى ابن جرير الطبري عن عدي بن ثابت قال: إن امرأة من الأنصار قالت: يا رسول الله، إني أكون في منزلي على الحال التي لا أحب أن يراني أحد عليها: لا والد ولا ولد، وإنه لا يزال يدخل عليَّ رجل من أهلي وأنا على تلك الحال،
قال فنزلت: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾؛
لقد جعل الله البيوت سكنًا يفيء إليها الناس، فتسكن أرواحهم، وتطمئن نفوسهم، ويأمنون على عوراتهم وحرماتهم، ويلقون أعباء الحذر والحرص المرهقة للأعصاب. والبيوت لا تكون كذلك إلا حين تكون حرمًا آمنًا لا يستبيحه أحد إلا بعلم أهله وإذنهم، وفي الوقت الذي يريدون، وعلى الحالة التي يحبون أن يلقوا عليها الناس.
ذلك أن استباحة حرمة البيت من الداخلين دون استئذان، يجعل أعينهم تقع على عورات؛ وتلتقي بمفاتن تثير الشهوات، وتهيِّئ الفرصة للغواية الناشئة من اللقاءات العابرة والنظرات الطائرة، التي قد تتكرر فتتحول إلى نظرات قاصدة، تحركها الميول التي أيقظتها اللقاءات الأولى على غير قصد ولا انتظار، وتحولها إلى علاقات آثمة بعد بضع خطوات أو إلى شهوات محرومة تنشأ عنها العقد النفسية والانحرافات.
آداب ألإستذان وأحكامه
:1- تقديم السلام قبل الاستئذان :
عَنْ كَلَدَةَ بْنِ حَنْبَلٍ ، أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ بَعَثَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِلَبَنٍ وَجِدَايَةٍ وَضَغَابِيسَ _ نوع من الحشيش _ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِأَعْلَى مَكَّةَ ، فَدَخَلْتُ وَلَمْ أُسَلِّمْ فَقَالَ : " ارْجِعْ فَقُلِ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ " [ أخرجه الترمذي وأبو داود وأحمد وصححه الألباني ] ، وفي لفظ : " السلام عليكم أدخل " .
وعَنْ رِبْعِيٍّ قَالَ : حَدَّثَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي بَيْتٍ فَقَالَ : أأَلِجُ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِخَادِمِهِ : " أخْرُجْ إِلَى هَذَا فَعَلِّمْهُ الاِسْتِئْذَانَ ، فَقُلْ لَهُ : قُلِ : السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ، أَأَدْخُلُ " ، فَسَمِعَهُ الرَّجُلُ فَقَالَ : السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ، أَأَدْخُلُ ؟ فَأَذِنَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَدَخَلَ " [ أخرجه أبو داود وأحمد وهو حديث صحيح ، صححه الألباني ] .
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن إلقاء السلام عند الاستئذان بالدخول سنة مستحبة وذلك بدليل ما يلي:
روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ"؛ (مسلم
روى الترمذيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَقِيلَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لِأَنْظُرَ إِلَيْهِ فَلَمَّا اسْتَثْبَتُّ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ وَكَانَ أَوَّل شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ .
الرد على من ألقى السلام:
أجمع العلماءُ على أن الرد على من ألقى السلام واجب بدليل قول الله تعالى: ﴿ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ﴾ (النساء: 86).
هل إلقاء السلام قبل الاستئذان أم بعده؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال، وبيانها كما يلي:
القول الأول: تقديم السلام على الاستئذان خلافًا لظاهر قول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ﴾ (النور: 27) وهذا المذهب هو قول جمهور العلماء.
روى أبو داودَ عَنْ رِبْعِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا رَجُلٌ مَنْ بَنِي عَامِرٍ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتٍ فَقَالَ: أَلِجُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَادِمِهِ: " اخْرُجْ إِلَى هَذَا فَعَلِّمْهُ الِاسْتِئْذَانَ؛ فَقُلْ لَهُ: قُلْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، أأَدْخُلُ؟ "، فَسَمِعَهُ الرَّجُلُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُلُ؟ فَأَذِنَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ. (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 4312).
روى البخاري في "الأدب المفرد" عن أبي هريرة فيمن يستأذن قبل أن يسلم قال: لا يؤذن له حتى يبدأ بالسلام.
القول الثالث:
ذهب بعض العلماء إلى التفصيل في هذه المسألة: فقالوا: إذا كان القادم يرى أحدًا من أهل البيت، ألقى السلام أولًا، ثم استأذن في الدخول. وإذا كان القادم لا يرى أحدًا من أهل البيت، وذلك لوجود الأبواب، فإنه يستأذن أولًا: ثم يلقى السلام بعد ذلك،
وهو قول الماوردي رحمه الله. والاستئذان قد يكون صريحًا بلفظ: أأدخل أو بأي لفظ يدل على الاستئذان كالتسبيح أو التكبير أو التحميد أو أن يتنحنح القادم، وفي الوقت الحاضر يكون الاستئذان عن طريق طرق الباب أو قرع الجرس.
2- أن يبتعد المستأذن عن قبالة الباب :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَتَى بَابَ قَوْمٍ ، لَمْ يَسْتَقْبِلِ الْبَابَ مِنْ تِلْقَاءِ وَجْهِهِ ، وَلَكِنْ مِنْ رُكْنِهِ الأَيْمَنِ أَوِ الأَيْسَرِ ، وَيَقُولُ : " السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ، السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ " ، وَذَلِكَ أَنَّ الدُّورَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا يَوْمَئِذٍ سُتُورٌ " [ أخرجه أبو داود وأحمد وصححه الألباني ] .
وعَنْ هُزَيْلٍ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ فَوَقَفَ عَلَى بَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَأْذِنُ ، فَقَامَ عَلَى الْبَابِ _ مُسْتَقْبِلَ الْبَابِ _ فَقَالَ لَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : " هَكَذَا عَنْكَ ، أَوْ هَكَذَا ، فَإِنَّمَا الاِسْتِئْذَانُ مِنَ النَّظَرِ " [ أخرجه أبو داود وصححه الألباني ] .
3- الاستئذان ثلاثاً :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلاَثاً فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ ، فَلْيَرْجِعْ " [ متفق عليه ] .
قال مالك رحمه الله : " الاستئذان ثلاثاً ، لا أحب أن يزيد أحد عليها ، إلا من علم أنه لم يُسمع ، فلا أرى بأساً أن يزيد ، إذا استيقن أنه لم يسمع "
ولا بأس بالزيادة إذا علم أن أهل البيت لم يسمعوا .
4- تعريف المستأذن نفسه :
فلا يقل : أنا ، لأن أنا ليس فيها تعريف بالمستأذن ، فقول أنا : لم تفد شيئاً .
عن جَابِر رضي الله عنه قال : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَى أَبِى ، فَدَقَقْتُ الْبَابَ فَقَالَ : " مَنْ ذَا " ، فَقُلْتُ : أَنَا ، فَقَالَ : " أَنَا ، أَنَا " ، كَأَنَّهُ كَرِهَهَا " [ متفق عليه ] .
وعلى المستأذن أن يوضح لصاحب البيت من هو ، فيذكر اسمه أو كنيته ، كأن يقول : أنا أحمد ، أو محمد ، أو أبو عبد الله ، أو أم محمد وهكذا .
عن عبد الله بن بريده قال : خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد وأبو موسى يقرأ ، فقال : " من هذا ؟ " فقلت : أنا بريده جعلت فداك " ، فقال : " قد أعطي هذا مزماراً من مزامير آل داود " [ أخرجه البخاري في أدب المفرد والحاكم وصححه ، وصححه الألباني أيضاً ] .
ففي الصحيح أن أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِى طَالِبٍ ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْحِ ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ ، وَفَاطِمَةُ ابنته تَسْتُرُهُ ، قالت : فسلمت عليه ، فَقَالَ : " مَنْ هَذِهِ ؟ " ، فَقُلْتُ : أَنَا أُمُّ هَانِئٍ " [ متفق عليه ] .
5- أن لا يطرق الباب بعنف :
من الناس من هو جلف في تعامله ، فيرن الجرس ، أو يطرق الباب بقوة وعنف ، وكأنه منذر جيش صبحكم أو مساكم ، أو ربما رن الجرس مدة طويلة ، وربما استخدم رجله وذراعيه واستعان ببعض المارة ليطرق معه الباب ، وكل هذا من سوء الأدب لا من حسنه وجماله .
كيفية قرع الأبواب:
عن أنس بن مالك: إن أبواب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانت تقرع بالأظافير.
وهذا يدل على مدى إجلال الصحابة للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ولقد كان السلف الصالح يقرعون أبواب أشياخهم بهدوء دون إزعاج، وهذا يدل على مدى الاحترام والأدب وفي وقتنا الحاضر على المستأذن أن يقرع الجرس بلطف حتى لا يزعج من بالبيت وخاصة إذا كان هناك مريض أو نائم.
6- تنبيه الزوجة عند الدخول :
ينبغي للرجل إذا دخل بيته أن يقول الأذكار الشرعية في ذلك ، ثم يتنحنح ، أو يحرك رجله ، أي أنه يصدر صوتاً ليسمعه من بالدار ، حتى لا يدخل على أهله ويراهم في منظر لا يحبون أن يراهم عليه ، بل يطرق الباب ، أو يصدر صوتاً يبين مجيئه .
ما لم يكن هناك ريبة أو شكاً له مكانه وأساسه من قبل الزوج ، لا أي شك يلقيه الشيطان في قلب الزوج حتى يفرق بين الزوج وزوجته .
7- تحريم النظر في بيت غيره إلا بإذنه :
حكمة مشروعية الاستئذان بسبب النظر
.ومن تعدى واطلع على عورات الناس في بيوتهم ، أو في محل سترهم ففقئت عينه ، فلا قصاص ولا دية ،
ودليل ذلك :
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " مَنِ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ ، فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَفْقَئُوا عَيْنَهُ " [ رواه البخاري ومسلم ] .
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " مَنِ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ ، فَفَقَئُوا عَيْنَهُ ، فَلاَ دِيَةَ لَهُ وَلاَ قِصَاصَ " لنسائي وقال الألباني : سنده صحيح على شرط مسلم ،
فيحرم على الإنسان أن يطلع على عورات المسلمين ، سواءً عن طريق الباب ، أو النوافذ ، أو الشقوق أو الفتحات الموجودة في الجدر ، أو من السطح ، أو عن طريق الدرابيل أو النواظير ، فكل ذلك حرام لا يجوز ، ومن فعل ذلك فهو آثم وعاص ، ويحل لهم في مثل هذه الأحوال أن يفقئوا عينه ، وهي هدر ، فعند أبي داود قال صلى الله عليه وسلم : " مَنِ اطَّلَعَ فِي دَارِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ ، فَفَقَئُوا عَيْنَهُ ، فَقَدْ هَدَرَتْ عَيْنُهُ " ، وربما اتخذ بعض الناس نساءه أو محارمه عند جيرانه أو عند غيرهم ، ربما اتخذ ذلك وسيلة للنظر إلى بيوت الغير والنظر إلى محارمهم .
[color=#ff3366]قيل : لا يجوز للأعمى أن يكون تلقاء باب البيت ، لئلا يسمع صوت النساء ، أو يسمع صوتاً لا يحب صاحب البيت لأحد أن يسمعه ، لاسيما وأن العميان في الغالب أشد إدراكاً وحساسية من المبصرين وهذا شيء معروف ، إذن لا يزال الخطر موجوداً في حق الأعمى .
8- إذا لم يُسمح للمستأذن فليرجع :
لا تحمل في نفسك شيئاً على أهل بيت يأذنوا لك ، فأنت لا تدري ما هي ظروفهم ، ربما كانوا نائمين ، ولو كان في غير وقت النوم
وربما كانوا صائمين ، ولو كان في غير الأيام البيض ، أو الاثنين والخميس .
وربما كان لديهم ضيف قريباً لهم يريدون مجالسته ، وأنت تفرق بينهم .
وربما كان لديهم مريض .
وربما كان للأسرة درس أو لقاء يومي في وقت معين ، وأنت تقطع عليهم درسهم .
وربما لم يكونوا في المنزل ، أو لم يسمعوا استئذانك .
وربما كان صاحب البيت مشغولاً وقد أتيت بغير سابق موعد ، فتحرجه وتحرج نفسك.
المهم أن الأسباب كثيرة .
وخلاصة ذلك : إذا قيل لك ارجع فارجع ، ونفسك مطمئنة وراضية ، لأن هذا هو نص كتاب الله تعالى .
قال سبحانه : { وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } [ النور28 ] .
9- عدم الدخول لبيت ليس فيه أحد :
قال الله تعالى : { فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ } [ النور28 ] .
فإن لم تجدوا في بيوت الآخرين أحدًا فلا تدخلوها حتى يوجد مَن يأذن لكم، فإن لم يأذن، بل قال لكم: ارجعوا فارجعوا، ولا تُلحُّوا, فإن الرجوع عندئذ أطهر لكم؛ لأن للإنسان أحوالاً يكره اطلاع أحد عليها. والله بما تعملون عليم، فيجازي كل عامل بعمله .
ودخول الإنسان إلى بيت ليس فيه أهله خطأ ، فربما سُرق من البيت شيء فسوف يُتهم ذاك الذي دخل بدون استئذان .
أو ربما كان في البيت أحد نائم ممن لا يجوز لك الاطلاع على حاله كالنساء مثلاً .
المهم إذا لم تجد من يأذن لك بالدخول فلا تدخل .
10- من لا يحتاج إلى استئذان :
هناك من الناس من لا يحتاج إلى استئذان وهو من دعي أو أرسل له رسول ، فهذا لا يحتاج إلى استئذان لأن أهل البيت في انتظاره ، فله أن يدخل دون استئذان ، ودليل ذلك :
حديث أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " رَسُولُ الرَّجُلِ إِلَى الرَّجُلِ إِذْنُهُ " [ أخرجه أبو داود وصححه الألباني في الإرواء : سنده صحيح على شرط مسلم 7/17 ] .
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : " إذا دعيت فقد أذن لك " [ رواه احمد وهو أثر صحيح ، وأخرجه البخاري في الأدب المفرد ] .
وقال : " إذا دعي الرجل ، فقد أذن له " [ وإسناده صحيح على شرط مسلم ] .
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ ، فَجَاءَ مَعَ الرَّسُولِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَهُ إِذْنٌ " [ أخرجه أحمد وأبو داود ، وصححه الألباني ] .
واستثنى بعض أهل العلم ما إذا تأخر المدعو عن الدعوة ، أو كان في مكان يُحتاج معه في العادة إلى الإذن ، فإنه يستأذن .
11- الاستئذان عند الخروج :
إذا أردا الإنسان الخروج من بيت مضيفه ، فإنه يجب عليه أن يستأذن للخروج ، كما استأذن للدخول ، ولا يخرج بدون استئذان ، لأنه ربما وقع النظر على أمر لا يحل له رؤيته ، أو غير مرغوب في النظر إليه ، فالاستئذان من أجل النظر ،
ودليل ذلك :
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ : اطَّلَعَ رَجُلٌ مِنْ جُحْرٍ فِي حُجَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَمَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِدْرًي يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ فَقَالَ : " لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُ لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ ، إِنَّمَا جُعِلَ الاِسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ " [ متفق عليه ] .
وعن بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذَا زَارَ أحَدُكُمْ أخَاهُ فَجَلَسَ عِنْدَهُ ، فَلا يَقُومَنَّ حَتَى يَسْتَأذِنَهُ " [ صححه الألباني في صحيح الجامع برقم 583 ،
12- الاستئذان على المحارم من النساء :
المحارم مثل : الأم ، والأخت ، والبنت ومن في معناهم .
فهؤلاء لا يُدخل عليهم في أماكن راحتهن وغرفهن حتى يستأذن عليهن ، بطرق الباب ، أو التنحنح ، أو أي وسلة استئذان .
والعلة في ذلك :
أن البصر ربما وقع على عورة ، أو هيئة لا ينبغي النظر إليها ، وتكره النساء أن يراهن عليها أحد .
وكذلك على النساء أن لا يدخلن على محارمهن من الرجال دون استئذان ، فربما وقعت العين على ما يحرم أو يُستحيا من النظر إليه ، وأدلة ذلك :
عن علقمة قال : جاء رجل إلى عبد الله قال : أأستأذن على أمي ؟ فقال : " ما على كل أحيانها تحب أن تراها " [ أخرجه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني ] .
وعن مسلم بن نذير قال : سأل رجل حذيفة فقال : أستأذن على أمي ؟ فقال : " إن لم تستأذن عليها رأيت ما تكره " لبخاري.
وعن عطاء بن أبي رباح قال : سألت بن عباس فقلت : أستأذن على أختي ؟ فقال : " [color=#9933cc]نعم " ، فأعدت فقلت : أختان في حجري ، وأنا أموِّنهما ، وأنفق عليهما ، أستأذن عليهما ؟ قال : " نعم ، أتحب أن تراهما عريانتين " [ أخرجه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني ] .
13- رد المستأذن بالعبارة الصريحة وغير الصريحة :
الاستئذان : هو طلب الإذن من صاحب البيت أن يأذن لك بالدخول .
وعدم الإذن يتبين لك بأحد أمرين :
الأمر الأول / العبارة الصريحة :
فالعبارة الصريحة أن يقول لك : ارجع ، فينبغي لك أن ترجع ، ولا تغضب ، واعلم أن ذلك خيرٌ لك عند ربك ، فالله تعالى يقول : { وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } [ النور28 ] .
أزكى لكم : أزكى لقلوبكم وأطهر .
ولا حرج على صاحب البيت إن كان مشغولاً أن يرد من يستأذن ، أو كان في حالة لا تسمح له باستقبال أحد ، فله أن يرد من استأذن عليه ، وعلى المستأذن أن يلتمس لأخيه عذراً ، فأنت لا تدري ما عذره ، وما الذي منعه من ردك .
الأمر الثاني / العبارة غير الصريحة :
أن لا يفتح لك الباب ، أو لا يرد عليك ، فارجع وعد أدراجك ، وأنت مطمئن القلب ، مرتاح النفس .
14- استئذان الأطفال :
يقول الله تعالى في هذا الشأن : { وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } [ النور59 ] .
فالأطفال إذا لم يبلغوا الحلم فالأمر هين ، يمكن أن يدخل بدون استئذان ، هكذا يقول كثير من الناس ، وإن الواقع اليوم يخالف هذه المقولة .
المهم أن الحلم يكون بالإنزال ، لأن الغالب أن الإنسان لا يخرج منه المني أول ما يخرج إلا بالاحتلام ، وإن كان بعض الناس يبلغ بدون احتلام .
فائدة مهمة :
بالنسبة لنظر الطفل للمرأة ، لم يقيد بالبلوغ ، بل هو مقيد بما عُرف عن الطفل من النظر للمرأة ، بشهوة أو بغير شهوة ، أو أنه يصفها للرجال الأجانب .
لأن هناك من الأطفال من لم يبلغ الحلم ، بل يكون في العاشرة ومع ذلك تجده يرغب بالنساء ،
قال الله تعالى : { وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ النور31 ] .
الشاهد في الآية قوله تعالى : { أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء } .
قال العلماء : الذين لم يظهروا على عورات النساء يعني : ليس لهم غرض في النساء ، ولا يطرأ على بالهم المرأة .
فهناك من الأطفال عندما يتم عشر سنين تراه ينظر إلى النساء بشهوة ، وسبب ذلك يرجع إلى جلساء هذا الطفل ، فإذا جلس في قوم أكثر حديثهم في النساء ، تربت عنده الرغبة الجنسية للنساء .
وإذا كان جلساؤه من أهل العلم ، وهمهم حفظ كتاب الله تعالى ، وطلب العلم الشرعي ، فهذا أبعد ما يكون عن النظر للنساء ، أو الرغبة فيهن .
واليوم ومع هذا التقدم الفضائي الفاضح ، تخشى من ابن سبعه سنين ، وليس العشر سنين ، فهؤلاء الأطفال ربما نقلوا ما يرونه من تبرج النساء داخل بيوتهن ، فإذا رأت المرأة من الطفل ما يثير استغرابها ، ويحدث عندها قلقاً ، فعليه أن تحتجب منه ، صيانة لعرضها أن ينشر ، أو يُعتدى عليه .
مع أن العلماء رحمهم الله يقولون : يمكن لمن له عشر سنين أن يأتيه أولاد ، يعني وعنده إحدى عشرة سنة ، فلا غرابة أن يتزوج ابن عشر سنين ، ويأتيه أولاد وعنده إحدى عشرة سنة .
يُذكر أن عمرو بن العاص رضي الله عنه ، ليس بينه وبين ابنه عبد الله إلا إحدى عشرة سنة ، يعني أبوه أكبر منه بعشر سنين .
قال الشافعي رحمه الله تعالى : رأيت جدة لها إحدى وعشرون سنة .
لأن المرأة يمكن أن تبلغ ولها تسع سنين ، فتتزوج وتنجب ولها عشر سنين ، ثم تبلغ ابنتها ولها تسع سنين ، وتتزوج وتنجب ولها عشر سنين ، يعني في الحادي والعشرين ، فتكون جدة هذا المولود أم البنت ، ولا يُستغرب ذلك ، والشافعي رحمه الله تعالى صدوق .
الحاصل أنه متى ما كان الطفل يتحدث في النساء ، وينظر إليهن نظر ريبة وشهوة ، فيجب عليهن أن يحتجبن عنه .
علامات البلوغ عند الذكور والإناث:
ذكر أهل العلم أن البلوغ له ثلاث علامات وهي:
(1) الاحتلام.
(2) بلغو خمس عشرة سنة.
(3) إنبات شعر العانة.
وهناك علامات خاصة بالأنثى وهي الحيض.
أولًا: بالنسبة للاحتلام:
قال الله تعالى: ﴿ وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾ (النور: 59).
قال ابنُ حجر العسقلاني (رحمه الله):
أَجْمَعَ اَلْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ اَلِاحْتِلَامَ فِي اَلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ يَلْزَمُ بِهِ اَلْعِبَادَات وَالْحُدُود وَسَائِر اَلْأَحْكَامِ وَهُوَ إِنْزَالُ اَلْمَاءِ اَلدَّافِقِ سَوَاء كَانَ بِجِمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ فِي اَلْيَقَظَةِ أَوْ اَلْمَنَامِ.
ثانيًا: بالنسبة لبلوغ سن خمس عشرة سنة:
روى البخاري ُّعن نَافِعٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَضَهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمْ يُجِزْنِي ثُمَّ عَرَضَنِي يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِي قَالَ نَافِعٌ فَقَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ خَلِيفَةٌ فَحَدَّثْتُهُ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ إِنَّ هَذَا لَحَدٌّ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَكَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ يَفْرِضُوا لِمَنْ بَلَغَ خَمْسَ عَشْرَةَ. (البخاري
ثالثًا: بالنسبة لإنبات شعر العانة:
روى أحمد والترمذي عَنْ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ قَالَ:عُرِضْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ قُرَيْظَةَ فَكَانَ مَنْ أَنْبَتَ قُتِلَ وَمَنْ لَمْ يُنْبِتْ خُلِّيَ سَبِيلُهُ فَكُنْتُ مِمَّنْ لَمْ يُنْبِتْ فَخُلِّيَ سَبِيلِي. (حديث صحيح) (مسند أحمد
قَالَ الإمام أَبُو عِيسَى الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُمْ يَرَوْنَ الْإِنْبَاتَ بُلُوغًا إِنْ لَمْ يُعْرَفْ احْتِلَامُهُ وَلَا سِنُّهُ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ. (سنن الترمذي
15- العورات الثلاث :
فإذا بلغ الطفل الحلم ، فإنه لا يدخل البيت حتى يستأذن ، لكن هناك ثلاث عورات لابد من الاستئذان فيها من قبل الأطفال الذين لم يحتلموا ،
وقد ذكرها الله تعالى في قوله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } [ النور58 ] .
إذن العورات هي :
الأولى : من قبل صلاة الفجر .
الثانية : حين تضعون ثيابكم من الظهيرة .
الثالثة : ومن بعد صلاة العشاء .
هذه الأوقات لابد من الاستئذان فيها ، حتى الصغار لابد أن يستأذنوا .
الحكمة من الاستئذان في هذه الأوقات الثلاثة :
لأن الإنسان في هذه الأوقات الثلاث غالباً ما يكون متهيئاً للنوم ، وعليه ثياب لا يحب أن يراه أحد بها ، أو ربما كان غير ذلك من الأسباب التي لا تخفى ، فلذلك لابد من الاستئذان في هذه الساعات الثلاث .
16- ترك فترات بين قرعات الاستئذان :
الاستئذان ثلاثاً كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، ما لم يتأكد أن أهل البيت لم يسمعوه ، فإنه يزيد بقدر الحاجة ، وإن اقتصر على الثلاث فهو أفضل .
لكن ينبغي أن يترك لحظات أو فترات أو مهلة بين قرعات الاستئذان ، فيقرع الباب ثم ينتظر قليلاً عرفاً ، ثم الثانية ثم ينتظر ، ثم الثالثة ثم ينتظر ، ولا يقرع الباب ، أو يدق الجرس بشكل متواصل ، ففي هذا إزعاج للناس ، وتخويف لهم .
لأن أهل البيت عند سماعهم قرع الباب في الأولى يستمعون ، وفي الثانية يتأهبون ، وفي الثالثة يأذنون .
17- غض البصر :
يجب على الداخل إلى بيوت الناس ، أن يحفظ بصره عما لا يحل له رؤيته ، فيدخل ونظره إلى أسفل ، ولا يدخل وهو يتلفت يميناً وشمالاً ، ولو كان في البيت ما يدعو إلى النظر كالزخارف والزينة ، لاسيما في هذا الزمن الذي تفاخر الناس فيه بإحداث كل زخرفة ممكنة ، وأنفقوا في ذلك الأموال الطائلة ، فكل ذلك ربما يدعو إلى فضول النظر ، لكن لا يجوز أن تقلب بصرك في بيوت الناس ، فالبيوت عورة ، ولها حرمة ، ما لم يدعوك صاحب البيت للنظر ، ومشاهدة ما أحدث في بيته من زخارف وزينة وأشكال .
18- انتظار الإذن :
على المستأذن أن ينتظر إذن الدخول من صاحب البيت ، أو الخادم أو العاقل في البيت ، ممن له دور في البيت .
أما إذن الطفل فلا يُعتد به ، لأن الطفل ربما أذن للشخص بالدخول ، وليس مخولاً لأن يأذن ، وهذا مشاهد ومعلوم ، فربما دخل الرجل فوقع بصره على ما يحرم عليه مشاهدته ، واطلع على عورات أهل البيت ، فأوقعهم في حرج ، وكذلك أوقع نفسه في موقف سيء . فعلى المستأذن أن يتأكد أنه سُمح له بالدخول .
19- التسبيح والتصفيق إذن بالدخول :
كيف ذلك ؟
ربما يستأذن أحدهم على رجل وهو يصلي ، فإذن الرجل لمن عرف استئذانه أن يسبح ، فيقول : سبحان الله بصوت يسمعه المستأذن ، فهذا دليل على الإذن .
أما المرأة إن كانت تصلي ، فإنها تصفق ، وهذا دليل على إذنها للمستأذن بالدخول عليها ،
ودليل ذلك :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا استؤذن على الرجل وهو يصلي ، فإذنه التسبيح ، وإذا استؤذن على المرأة وهي تصلى ، فإذنها التصفيق " [ أخرجه البيهقي وصححه الألباني.
20- استئذان الوالدين في الجهاد :
لاشك أن الجهاد في سبيل الله من أعظم القربات ، ومن أهم الواجبات ، ومن كان له والد أو والدة أو كلاهما ، فلا يجوز له أن يجاهد إلا بإذنهما ، فإن أذنا له ، وإلا فلا يجوز له الذهاب .
كما أنه لا يجوز الذهاب للجهاد إلا بعد إذن ولي الأمر أو الحاكم أو السلطان ، ولو أذن الوالدان ، حتى لا تكون الأمور فوضى ، ويحدث ما لا تحمد عقباه ، كما هو الحاصل اليوم ، يذهب شباب مغرر بهم إلى الجهاد في شتى البلدان ، ثم يعودون بفكر مغاير لما عليه سلف الأمة ، يعودون بأفكار تكفيرية ، ومعتقدات تفجيرية ، يخرجون بها على ولاة أمرهم ، بل حتى على أهليهم ، ولاشك أن ذلك خطر عظيم ، ولا يوجد اليوم من يجيز الذهاب للجهاد خارج بلده ، لما يترتب على ذلك من المخاطر والمآسي والعواقب السيئة .
ولا يخفى على الجميع ما تعانيه الأمة اليوم من جراح غائرة ، بسبب أولئك الشباب المغرر بهم ، فالأمة اليوم تصطلي بنارهم ، وتعاني ويلاتهم ، قتلوا ، ويتموا ، ورملوا ، وهدموا ، وأبادوا ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
---------------------------------
لا تنسونا من صالح دعائكم
اليوم في 3:00 pm من طرف عبدالله الآحد
» كتاب الترجيح في مسائل الطهارة والصلاة
أمس في 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
أمس في 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد
» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» العبادة وأركانها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد
» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور
» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد
» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد
» هيئات السجود المسنونة
الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد