آل راشد



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

آل راشد

آل راشد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
آل راشد

ثقافى-اجتماعى

*** - اللَّهُمَّ اَنَكَ عَفْوٍ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعِفُو عَنَّا - *** - اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك . *** - اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ الْمَوْتِ وَ ارْزُقْنَا حُسْنَ الْخَاتِمَةِ . *** -

إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا شَابَتْ عَبِيدَهُمْ.. .. فِي رِقِّهِمْ عَتَقُوهُمْ عِتْقَ أَبْرَارٍ .. .. وَأَنْتَ يَا خَالِقِيُّ أوْلَى بِذَا كَرَمًا.. .. قَدْ شُبْتُ فِي الرِّقِّ فَأَعْتَقَنِي مِنَ النَّارِ .

المواضيع الأخيرة

» كتاب الترجيح في مسائل الطهارة والصلاة
أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها Ooou110أمس في 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد

» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها Ooou110أمس في 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد

» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها Ooou110الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد

» العبادة وأركانها
أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها Ooou110الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد

» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها Ooou110الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد

» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها Ooou110الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور

» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها Ooou110الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد

» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها Ooou110السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد

» هيئات السجود المسنونة
أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها Ooou110الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد

» (( - 2 -)) خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها Ooou110الأربعاء نوفمبر 13, 2024 11:28 pm من طرف صادق النور

اهلا بكم

الثلاثاء نوفمبر 08, 2011 2:32 am من طرف mohamed yousef

أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها Ooousu10

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 54 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 54 زائر :: 3 عناكب الفهرسة في محركات البحث

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الأربعاء سبتمبر 15, 2021 4:26 am

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 10128 مساهمة في هذا المنتدى في 3405 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 311 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو Pathways فمرحباً به.

دخول

لقد نسيت كلمة السر

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع


2 مشترك

    أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها Empty أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت يوليو 02, 2022 7:02 am


    الحج ..أحكام وآداب  وعباده
    أولاً .. آدابِ السَّفرِ

    من آدابِ السَّفرِ التي على المُسلِمِ أن يَحْرِصَ عليها الحاج :
    1- المبادرةُ بالتَّوبة من جميعِ الذُّنوبِ والمعاصي، والخروجُ عن مظالمِ النَّاسِ.
    2- كتابَةُ وصِيَّتِه وما له، وما عليه من دينٍ، وَيُشْهِدُ، وقضاءُ ما يُمكِنُه منَ الدُّيونِ، ويرُدُّ الودائعَ، ويُوكِّلُ من يقضي ما لم يتمكَّنْ من
    قضائِه مِن دُيونِه.
    3- يترُكُ نفَقَةً لأهلِه ولِمَن يَلْزَمُه نَفقَتُه إلى حينِ رُجوعِه.
    4- أن تكون نفَقَتُه طيِّبةً حَلالًا بعيدةً من الشُّبَهِ

    5- أن يتعَلَّمَ ما يُشرَعُ له في حَجِّه وعُمْرَتِه، ويتفَقَّهَ في ذلك، ويسأل عما أَشْكَلَ عليه, وأنْ يستصْحِبَ معه كتابًا واضحًا في أحكامِ ا
    لمناسِك جامعًا لمقاصِدِها.
    6- طلَبُ صُحبَةِ الأخيارِ مِن أهْلِ الطَّاعةِ في السَّفَر، والبُعْدُ عن الوَحْدَةِ
    7- يُسْتَحَبُّ أنْ يُوَدِّعَ أهلَه وجِيرانَه وأصْدِقاءَه وأحبابَه، وأَنْ يُودِّعوه؛ بما ورَدَ في السُّنَّة
    8- الإكثارُ مِن ذِكْرِ اللهِ، وتلاوةِ القُرآنِ، والدُّعاءِ؛ ومن ذلك دعاءُ الرُّكوبِ والسَّفَر، والتسبيح إذا هَبَط، والتكبير إذا علا مرتفَعًا، والتعوُّذ بكلماتِ اللهِ التَّامَّات مِن شَرِّ ما خَلَقَ، إذا نزل في مكانٍ والدُّعاء عند السَّحَر
    9- الخروجُ يَومَ الخَميسِ إذا تيسَّرَ له ذلك؛ لِفِعْلِه صلَّى الله عليه وسَلَّم
    10- ينبغي له أن يستعمِلَ الرِّفقَ وحُسْنَ الخُلُقِ، ويتجنَّبَ المخاصَمَة، ومزاحمةَ النَّاسِ في الطُّرقِ، وأن يصونَ لِسانَه من الشَّتْم والغِيبَة وجميعِ الألفاظِ القبيحةِ، وأن يحفَظَه من الكَذِب والغِيبة، والنَّميمَة والسُّخرِيَة، وكثرَةِ القِيلِ والقال، والخَوْضِ فيما لا يعنيه،
    والإفراطِ في المزاحِ.
    11- يحرُم على المرأة أَنْ تُسافِر للحَجِّ أو العُمْرَةِ مِن غيرِ مَحْرَمٍ
    12- يُسْتَحَبُّ للمسافِرِ أن يبذُلَ البِرَّ في أصحابِه، وعليه أن يكُفَّ أذاه عنهم، ويأمُرَهم بالمعروفِ، وينهاهم عن المنْكَر بالحِكْمَة
    والموعِظَة الحَسَنةِ بقَدْرِ الاستطاعةِ.
    13- المحافظةُ على الصَّلواتِ الخَمْسِ في الجماعَةِ.
    14- إذا لم يكن أهلُه معه، فمِنَ السُّنَّةِ تعجيلُ الرُّجوعِ إليهم
    15- من السُّنَّةِ ألَّا يَطْرُق أهلَه ليلًا إذا قَدِمَ إلَّا إذا أخبَرَهم بذلك
    16- من السُّنَّة عند القُدومِ مِنَ السَّفَر أن يأتيَ المسجِدَ القريبَ إلى مَنْزِلِه، ويُصَلِّيَ فيه ركعتينِ

    تعريفُ الحجِّ والعُمْرَة وفَضْلُهما

    تعريفُ الحَجِّ

    الحج لغةً: هو القَصْد

    الحجُّ اصطلاحًا: هو قَصْدُ المشاعِرِ المقدَّسة؛ لأداء المناسكِ في مكان ووقت مخصوص تعبُّدًا لله عزَّ وجلَّ
    تعريفُ العُمْرَةِ
    العُمْرَة لغةً: الزيارَةُ والقَصْدُ
    العُمْرَة اصطلاحًا: التعبُّد لله تعالى بالطَّوافِ بالبيتِ، والسَّعْيِ بين الصَّفا والمروة، والتحَلُّلِ منها بالحَلْقِ أو التَّقصيرِ
    من فضائِلِ الحَجِّ والعُمْرَة
    1- الحجُّ من أفضَلِ الأعمالِ عندَ الله تعالى:
    عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((سُئلَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسَلَّم: أيُّ الأعمالِ أفضَلُ؟ قال: إيمانٌ باللهِ ورسولِه. قيل: ثمَّ ماذا؟ قال جهادٌ في سبيلِ اللهِ. قيل: ثمَّ ماذا؟ قال: حجٌّ مبرورٌ ))
    2- الحجُّ من أسبابِ مغفرةِ الذُّنوبِ:
    عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه قال: سَمِعْتُ النبيَّ صلَّى الله عليه وسَلَّم يقول: ((من حجَّ للهِ فلم يرفُثْ ولم يَفْسُقْ، رجَع كيومَ وَلَدَتْه أُمُّه ))
    3- الحجُّ المبرورُ جزاؤُه الجنَّةُ:
    عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسَلَّم قال: ((العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كفَّارةٌ لِما بينهما، والحجُّ المبرورُ ليس له جَزاءٌ إلَّا الجنَّةُ ))
    4- الحجُّ يَهْدِمُ ما كان قَبْلَه:
    عن عبد اللهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسَلَّم: ((أمَا عَلِمْتَ أنَّ الإِسْلامَ يهدِمُ ما كان قَبْلَه، وأنَّ الهجرةَ تهدِمُ ما كان قبْلَها، وأنَّ الحجَّ يهدِمُ ما كان قبْلَه ))
    5- المتابَعَةُ بين الحَجِّ والعُمْرَة تنفي الفَقْرَ والذُّنوبَ:
    عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسَلَّم: ((تابِعوا بين الحَجِّ والعُمْرَة؛ فإنَّهما ينفيانِ الفقرَ والذُّنوبَ كما ينفي الكِيرُ خبَثَ الحديدِ والذَّهَبِ والفِضَّةِ ))
    6- العُمْرَةُ إلى العُمْرَة كفَّارةٌ لما بينهما:
    عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسَلَّم قال: ((العُمْرَةُ إلى العُمْرَة كفَّارةٌ لِما بينهما))
    7- العُمْرَةُ في رمضانَ تَعْدِلُ حَجَّةً مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسَلَّم:
    عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسَلَّم لامرأةٍ من الأنصارِ- سمَّاها ابنُ عبَّاسٍ فنَسيتُ اسْمَها-: ((ما منعَكِ أن تحُجِّي معنا؟)) قالت: لم يكُنْ لنا إلَّا ناضحانِ، فحجَّ أبو وَلَدِها وابنُها على ناضحٍ، وترك لنا ناضحًا ننضِحُ عليه. قال: ((فإذا جاء رمضانُ فاعتَمِري؛ فإنَّ عُمْرَةً فيه تعدِلُ حَجَّةً ))
    وفي رواية: ((فإن عُمْرَةً في رمضانَ تقضي حَجَّةً معي ))

    حِكَم مشروعيَّةِ الحَجِّ

    1- تحقيقُ توحيدِ اللهِ تعالى:
    - قال تعالى: وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ
    [الحج: 26-27]
    - عن جابر رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه قال في بيانِ حَجَّتِه عليه الصَّلاةُ والسَّلام: ((فأهلَّ بالتوحيدِ: لبَّيكَ اللهُمَّ لبَّيك، لبَّيْك لا شريكَ لك لبَّيْك؛ إنَّ الحمدَ والنِّعمَةَ لك والْمُلْك، لا شريكَ لك ))
    2- إظهارُ الافتقارِ إلى اللهِ سبحانه:
    فالحاجُّ يبتعِدُ عن الترفُّهِ والتزيُّنِ، ويلبَسُ ثيابَ الإحرامِ؛ متجرِّدًا عن الدنيا وزينَتِها، فيُظْهِر عَجْزَه، ومسكَنَتَه، ويكون في أثناءِ المناسك ضارعًا لربِّه عزَّ وجَلَّ، مفتقرًا إليه، ذليلًا بين يديه، مُنقادًا بطواعِيَةٍ لأوامِرِه، مجتَنِبًا لنواهِيه سبحانه، سواءٌ عَلِمَ حِكْمَتَها أم لم يعلَمْ
    3- تحقيقُ التقوى لله تعالى:
    قال تعالى: وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ [البقرة: 197]
    ومما تتحقَّقُ به التقوى في الحجِّ، الابتعادُ عن محظوراتِ الإحرامِ.
    4- إقامَةُ ذِكْرِ اللهِ عزَّ وجَلَّ:
    قال تعالى: فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا [البقرة: 198–200]
    5- تهذيبُ النَّفْسِ البشريَّةِ:
    قال تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ [البقرة: 197]
    عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه قال: سمعْتُ النبيَّ صلَّى الله عليه وسَلَّم يقول: ((من حجَّ لله، فلم يرْفُثْ ولم يفْسُقْ، رجع كيومَ وَلَدَتْه أمُّه ))
    6- في الحَجِّ تذكيرٌ بالآخِرَة ووقوفِ العبادِ بين يَدَيِ اللهِ تعالى يومَ القيامَةِ:
    فالمشاعِرُ تجمع النَّاسَ من مختَلِفِ الأجناسِ في زيٍّ واحدٍ؛ مكشوفي الرُّؤوس، يلبُّون دعوةَ الخالق عزَّ وجَلَّ، وهذا المشهَدُ يُشْبِهُ وقوفَهم بين يديه سبحانه يومَ القيامة في صعيدٍ واحدٍ حفاةً عراةً غُرْلًا خائفينَ وَجِلِينَ مُشْفِقينَ؛ وذلك مما يبعَثُ في نَفْسِ الحاجِّ خَوْفَ اللهِ ومراقَبَتَه والإخلاصَ له في العَمَلِ
    7- تربيةُ الأُمَّةِ على معاني الوَحْدَةِ الصَّحيحةِ:
    ففي الحجِّ تختفي الفوارِقُ بين النَّاسِ من الغنى والفَقْرِ، والجِنْسِ واللَّوْنِ، وغيرِ ذلك، وتتوحَّد وِجْهَتُهم نحو خالقٍ واحدٍ، وبلباسٍ واحدٍ، يؤدُّون نفْسَ الأعمالِ في زمنٍ واحد ومكانٍ واحدٍ، بالإضافة إلى ما يكون بين الحجيجِ مِن مظاهِرِ التعاوُنِ على البِرِّ والتقوى، والتَّواصي بالحقِّ، والتواصي بالصَّبْر
    8- أنَّ أداءَ فريضةِ الحَجِّ فيه شكرٌ لنِعْمَةِ المالِ وسلامَةِ البَدَنِ:
    ففي الحجِّ شُكر هاتين النِّعْمَتينِ العظيمتينِ؛ حيث يُجْهِدُ الإنسانُ نفسَه، ويُنفِقُ مالَه في التقرُّبِ إلى الله تبارك وتعالى
    إلى غير ذلك من الحِكَم والفوائِدِ والمنافِعِ

    حُكْمُ الحَجِّ والفَوْر والتَّراخي فيه، وحكم جاحده، وحُكْمُ العُمْرَة وتَكرارِها

    المَبْحَثُ الأوَّلُ: حُكْمُ الحَجِّ وحكم جاحده:
    المطلب الأول: حكم الحج
    الحجُّ ركنٌ من أركانِ الإِسْلامِ، وفرضٌ من فروضِه.
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
    قولُه تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ
    [آل عمران: 97]
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسَلَّم يقول: بُنِيَ الإِسْلامُ على خمسٍ: شهادَةِ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وأنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وحَجِّ البَيْتِ، وصَوْمِ رَمَضانَ ))
    ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ المُنْذِر، وابنُ حَزْمٍ، والكاسانيُّ
    المطلب الثاني: حكم جاحد الحج
    مَن جَحَد وجوبَ الحجِّ، فهو كافرٌ.
    الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:
    نقلَ الإجماعَ على ذلك: ابن تيميَّة
    المبحثُ الثَّاني: الفَورُ والتراخي في الحَجِّ
    الحجُّ واجبٌ على الفَوْرِ عند تحقُّقِ شُروطِه، ويأثمُ المرءُ بتأخيرِه، وهو مَذْهَبُ الحَنابِلَة، وروايةٌ عن أبي حنيفةَ،
    وقولُ أبي يوسُفَ من أصحابِه، وقولُ بعضِ المُتَأخِّرينَ من المالِكِيَّة، ونُقِلَ عن مالكٍ، وهو قولُ داودَ الظَّاهريِّ، وذهب إليه أكثَرُ العلماءِ، واختاره الشَّوْكانيُّ، والشِّنْقيطيُّ، وابنُ باز، وابنُ عُثيمين
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
    1- قَوْلُه تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران: 97] والأمْرُ على الفَوْرِ
    2- قَوْلُه تعالى: فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ [البقرة: 148]
    3- قَوْلُه تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ [آل عمران: 133]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ اللهَ سبحانه قد أمر بالاسْتِباقِ إلى الخيراتِ والمُسارَعَةِ إلى المغفِرَة والجنَّة؛ والمسابَقَةُ والمُسارَعَةُ كلتاهما على الفَوْرِ لا التَّراخي، فالتأخيرُ خِلافُ ما أمرَ اللهُ تعالى به
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: خطبَنا رسولُ الله صلَّى الله عليه وسَلَّم، فقال: ((أيُّها النَّاسُ، قد فرض اللهُ عليكم الحَجَّ، فحُجُّوا )) والأصْلُ في الأمْرِ أن يكون على الفَوْرِ، ولهذا غَضِبَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسَلَّم في غزوةِ الحُديبِيَةِ حين أمرَهم بالإحلالِ وتَباطَؤُوا
    ثالثًا: أنَّ الإنسانَ لا يدري ما يَعْرِضُ له، فقد يطرأُ عليه العجزُ عن القيامِ بأوامِرِ اللهِ، ولو أخَّر الحَجَّ عن السَّنَة الأولى فقد يمتَدُّ به العُمُر، وقد يموت فيُفَوِّت الفَرْضَ، وتفويتُ الفَرْضِ حرامٌ
    المبحثُ الثَّالِث: حُكْمُ العُمْرَةِ
    العُمْرَة واجبةٌ، وهو مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّة- في الأظهَرِ-، والحَنابِلَة، والظَّاهِريَّة، وبه قالت طائفةٌ مِنَ السَّلَف، وحُكِيَ عن أكْثَرِ أَهْل العِلْم،
    وهو اختيارُ الشِّنْقيطيِّ، وابنِ باز، وابنِ عُثيمين
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    قولُه تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة: 196]
    أوجُهُ الدَّلالَةِ:
    الوجهُ الأوَّل: اقترانُها بالحَجِّ، والحَجُّ واجبٌ بإجماعِ أَهْل العِلْم، وهذا ما فَهِمَه ابنُ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما؛ فإنَّه قال: (واللهِ إنَّها لَقَرينَتُها في كتابِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ والْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة: 196] ).
    الوجه الثَّاني: أنَّ معنى الإتمامِ: الإقامةُ؛ أي: أقيموا الحَجَّ والعُمْرَةَ لله،
    كما في قَوْلِه تعالى: فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ [النساء: 103] ؛
    أي: أتمُّوا الصَّلاةَ، وهذا تفسيرُ سعيدِ بنِ جُبيرٍ وعطاءٍ
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- عن أبي رَزينٍ أنَّه قال: ((يا رسولَ اللهِ، إنَّ أبي شيخ ٌكبيرٌ لا يستطيعُ الحَجَّ ولا العُمْرَةَ ولا الظَّعْنَ، قال: احْجُجْ عن أبيكَ واعْتَمِرْ ))
    2- عن عائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((قلتُ: يا رسولَ اللهِ، على النِّساءِ جهادٌ؟ قال: نعم، عليهنَّ جهادٌ لا قِتالَ فيه: الحَجُّ والعُمْرَةُ
    وجه الدَّلالَةِ:
    قولُه: (عليهِنَّ) ظاهِرٌ في الوجوبِ؛ لأنَّ (على) مِن صِيَغِ الوُجوبِ، كما ذكر ذلك الأصوليُّونَ، وعلى هذا فالعُمْرَةُ واجبَةٌ
    3- عن أبي وائلٍ قال: قال الصبيُّ بنُ مَعْبَدٍ: ((كنت رجلًا أعرابيًّا نصرانيًّا، فأسلمْتُ، فأتيتُ رجلًا من عشيرتي، يقال له هُذَيمُ بْنُ ثُرْمُلَةَ، فقلت له: يا هَنَاهْ، إنِّي حريصٌ على الجهادِ، وإنِّي وجدْتُ الحَجَّ والعُمْرَةَ مكتوبينِ عليَّ، فكيفَ لي بأن أجْمَعَهما؟
    قال: اجمَعْهُما واذبَحْ ما استيسَرَ من الهَدْيِ. فأهلَلْتُ بهما معًا، فلمَّا أتيتُ العُذَيبَ لَقِيَني سلمانُ بنُ ربيعةَ وزيدُ بنُ صُوحانَ،
    وأنا أُهِلُّ بهما جميعًا، فقال أحدُهما للآخَرِ: ما هذا بأفْقَه مِن بَعِيرِه! قال: فكأنَّما ألْقِىَ عليَّ جبلٌ حتى أتيتُ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ،
    فقُلْتُ له: يا أميرَ المؤمنينَ، إنِّي كنتُ رجلًا أعرابيًّا نصرانيًّا، وإنِّي أسلمْتُ وأنا حريصٌ على الجهادِ، وإني وجدْتُ الحَجَّ والعُمْرَةَ مكتوبينِ عليَّ، فأتيتُ رَجُلًا من قومي، فقال لي: اجمَعْهُما واذبَحْ ما استيسَرَ من الهَدْيِ، وإني أهلَلْتُ بهما معًا. فقال لي عُمَرُ رَضِي اللهُ عنه: هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّك صلَّى الله عليه وسَلَّم )
    )

    المبحثُ الرَّابِعُ: وقت العمرة وحُكْمُ تَكرارِها
    المطلَبُ الأوَّلُ: وَقتُ العُمرةِ
    تَجوزُ العُمرةُ في كلِّ أوقاتِ السَّنةِ لِمَن لم يكُن متلبِّسًا بأعمالِ الحجِّ، وذلك في الجُملة.
    الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:
    نقلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ رشد، والنوويُّ، وابنُ حَجَر
    المطلب الثاني: حُكْمُ تَكرارِ العُمْرَةِ في السَّنَةِ الواحِدَةِ
    يجوز تَكرارُ العُمْرَةِ في السَّنَةِ الواحِدَةِ، وهو مَذْهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّةِ، والشَّافِعِيَّة، والحَنابِلَةِ، وبعضِ المالِكِيَّة، وبه قالت طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ
    الأدلَّة مِنَ السُّنَّةِ:
    1- عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسَلَّم قال: ((العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كفارةٌ لِمَا بينهما، والحَجُّ المبرورُ ليس له جزاءٌ إلَّا الجنَّةُ ))
    وجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه نَبَّه على التفريقِ بين الحَجِّ والعُمْرَة في التَّكرارِ؛ إذ لو كانت العُمْرَةُ كالحَجِّ؛ لا تُفعَلُ في السَّنَةِ إلَّا مرةً لسَوَّى بينهما ولم يُفَرِّقْ
    2- أنَّ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها اعتَمَرَتْ في شهرٍ مرَّتينِ بأَمْرِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسَلَّم: عُمْرَةً مع قِرانِها، وعُمْرَةً بعد حَجِّها
    شروط الحج
    تنقَسِمُ شُروطُ الحَجِّ إلى ثلاثَةِ أقْسامٍ:
    القِسْمُ الأوَّلُ: شروطُ وجوبٍ وصِحَّةٍ وإجزاءٍ: (الإِسْلامُ، العَقْلُ)
    القِسْمُ الثَّاني: شروطُ وجوبٍ وإجزاءٍ فقط: (البلوغُ، الحُرِّيَّة)
    القِسْمُ الثَّالِث: شَرْطُ وجوبٍ فقط: (الاستطاعَةُ)

    شروطُ وجوبٍ وصِحَّةٍ وإجزاءٍ
    المبحثُ الأوَّل: الإِسْلامُ

    المطلَبُ الأوَّل: حُكْمُ حَجِّ الكافِرِ
    لا يصِحُّ الحَجُّ من الكافِرِ، ولا يجِبُ عليه
    ، ولا يُجْزِئُ عنه إن وَقَعَ منه
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
    قال اللهُ تعالى: وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ [التوبة: 54]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ
    :
    أنَّه إذا كانت النَّفقاتُ لا تُقبَل منهم لِكُفْرِهم مع أنَّ نَفْعَها متعَدٍّ، فالعباداتُ الخاصَّةُ التي نفْعُها غيرُ متَعَدٍّ أولى ألَّا تُقْبَلَ منهم
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عن عمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسَلَّم قال له: ((أمَا عَلِمْتَ أنَّ الإِسْلامَ يَهْدِمُ ما كان قَبْلَه؟ وأنَّ الهجرةَ تَهْدِمُ ما كان قَبْلَها؟ وأنَّ الحَجَّ يهدِمُ ما كان قَبْلَه؟ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الحديثَ صحيحٌ صريحٌ في قطْعِ النَّظَرِ عمَّا قبل الإِسْلامِ
    ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
    أجمَعَ أَهْل العِلْم على أنَّ الحَجَّ إنما يتعلَّق فَرْضُه بالمسلِمِ؛ نقله ابنُ حزمٍ، وابنُ قُدامة، والشِّربيني

    المطلبُ الثَّاني: حُكْمُ إعادَةِ الحَجِّ على المُسْلِمِ إذا ارتدَّ بَعْدَه ثم أسْلَمَ


    من ارتَدَّ بعد ما حَجَّ ثم أسلَمَ؛ فلا تَجِبُ عليه حَجَّةُ الإِسْلامِ مجدَّدًا بعد التَّوبَةِ عن الرِّدَّة، وهذا مذهَبُ الشَّافِعِيَّة، والحَنابِلَة،
    وقولُ ابنِ حَزْمٍ، واختاره ابنُ عُثيمين وبه أفتت اللَّجْنَةُ الدَّائِمَةُ
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    قال اللهُ تعالى: وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة: 217]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ
    :
    أنَّ الآيةَ دَلَّتْ على أنَّ إحباطِ الرِّدَّةِ للعملِ مَشروطٌ بالموتِ كافرًا
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
    قولُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسَلَّم لحكيمِ بنِ حزامٍ: ((أسلمْتَ على ما أسلَفْتَ مِن خَيْرٍ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ
    :
    أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسَلَّم قد أثبت له ثوابَ ما قَدَّمَ من أعمالٍ صالحةٍ حالَ كُفْرِه، بعد أن أسلم، فمن بابِ أَوْلى ثبوتُ الأعمالِ التي قدَّمَها المرءُ حالَ إسلامِه قبل ارتدادِه إذا عاد إلى الإِسْلامِ
    المبحث الثاني: العَقْلُ
    العقل شرطٌ في وجوب الحَجِّ وإجزائِه، فلا يجِبُ على المجنون، ولا تُجْزِئُ عن حجَّةِ الإِسْلامِ إن وقَعَتْ منه.
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسَلَّم قال: ((رُفِعَ القَلَمُ عن ثلاثةٍ: عن النَّائمِ حتى يستيقِظَ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنونِ حتى يَعْقِلَ أو يفيق ))
    ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
    أجمَعَ أَهْل العِلْم على عدم وجوبِ الحَجِّ على المجنون، نقل ذلك ابنُ قُدامة، والنَّوَوِيّ، والمرداوي، وأجمعوا كذلك على أنَّه لو حجَّ فإنَّه لا يُجْزِئُه عن حجَّة الفريضةِ؛ نقل ذلك ابنُ المُنْذِر
    ثالثًا: أنَّ المجنونَ ليس من أهلِ العِباداتِ؛ فلا يتعلَّقُ التَّكْليف به كالصبيِّ
    رابعًا: أنَّ الحَجَّ لا بدَّ فيه من نِيَّةٍ وقصدٍ، ولا يُمكِنُ وجودُ ذلك في المجنونِ

    مَسْألةٌ: حُكْمُ حَجِّ المجنونِ إذا أحرَمَ عنه وَلِيُّه
    اختلف أَهْل العِلْم في صحَّةِ حَجِّ المجنونِ على قولينِ:
    القول الأوّل: يصِحُّ الحَجُّ من المجنون بإحرامِ وَلِيِّه عنه، وهو مَذْهَبُ الجُمْهورِ مِنَ الحَنَفيَّةِ، والمالِكِيَّة في المشهورِ، والشَّافِعِيَّة؛
    وذلك قياسًا على صِحَّةِ حَجِّ الصبيِّ الذي لا يُمَيِّزُ في العباداتِ
    القول الثاني: لا يصحُّ الحَجُّ من المجنونِ ولو أَحْرَمَ عنه وليُّه، وهو مَذْهَبُ الحَنابِلَة، وقولٌ للحَنَفيَّة، وقولٌ للمالِكِيَّة، ووجْهٌ للشَّافِعِيَّة،
    واختاره ابنُ عُثيمينَ
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسَلَّم قال: ((رُفِعَ القَلَمُ عن ثلاثةٍ: عن النَّائِمِ حتى يستيقِظَ، وعن الصبيِّ حتى يحتَلِمَ، وعن المجنونِ حتى يعقِلَ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ المرادَ بِرَفْعِ القلم عدمُ تكليفِهم، فدلَّ ذلك على أنَّ المجنونَ ليس من أهْلِ التَّكْليف، وعلى عدَمِ صِحَّةِ العبادَةِ منه
    ثانيًا:أنَّ العَقْلَ مَناطُ التَّكْليف، وبه تحصُلُ أهليَّةُ العبادة، والمجنونُ ليس أهلًا لذلك، فلا معنى ولا فائدةَ في نُسُكِه، أشبَهَ العَجْماواتِ
    ثالثًا: أنَّ الحَجَّ عبادةٌ مِنْ شَرْطِها النيَّةُ، وهي لا تصِحُّ من المجنونِ
    رابعًا: الإجماعُ على أنَّ المجنونَ لو أحرَمَ بِنَفْسِه لم ينعَقِدْ إحرامُه؛ فكذلك إذا أحرم عنه غيرُه

    شروطُ وجوبٍ وإجزاءٍ
    المبحَثُ الأوَّلُ: الحُرِّيَّةُ
    المطلَبُ الأوَّل: الحُرِّيَّة شرطُ وجوبٍ
    الحرِّيَّةُ شرْطٌ في وجوب الحَجِّ، فلا يجِبُ على العبدِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهِيَّةِ الأربَعَةِ:
    الحَنَفيَّةِ والمالِكِيَّةِ، والشَّافِعِيَّةِ، والحَنابِلَة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الآثارِ
    عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((أيُّما صَبِيٍّ حَجَّ ثم بلَغَ، فعَلَيه حَجَّةُ الإِسْلامِ، وأيُّما عبدٍ حجَّ ثم عُتِقَ، فعليه حَجَّةُ الإِسْلامِ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الحَجَّ لو كان واجبًا على العبدِ في حال كونه مملوكًا لأَجْزَأه ذلك عن حَجَّةِ الإِسْلامِ، وقد دلَّ الحديثُ أنَّه لا يُجْزِئُه، وأنَّه إذا أُعْتِقَ بعد ذلك لَزِمَتْه حَجَّةُ الإِسْلامِ
    ثانيًا: أنَّ الحَجَّ عبادةٌ تَطولُ مُدَّتُها، وتتعلَّقُ بقَطْعِ مسافةٍ، والعَبْدُ مستغْرِقٌ في خِدْمَةِ سَيِّدِه، ومنافِعُه مُسْتَحَقَّةٌ له، فلو وجب الحَجُّ عليه لضاعت حقوقُ سَيِّدِه المتعَلِّقَة به، فلم يجِبْ عليه؛ كالجهادِ
    ثالثًا: أنَّ الاستطاعةَ شَرْطٌ في الحَجِّ، وهي لا تتحقَّقُ إلا بمِلْكِ الزَّادِ والرَّاحِلَة، والعبدُ لا يتملَّكُ شيئًا

    المَطْلَب الثَّاني: الحرِّيَّةُ شَرْطُ إجزاءٍ

    الحرِّيَّة شَرْطٌ في الإجزاءِ عن حَجِّ الفريضة، فإذا حجَّ العبد لم يُجْزِئْه عن حجِّ الفريضة، ولَزِمَه إذا أُعْتِقَ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهِيَّةِ الأربَعَةِ: الحَنَفيَّةِ، والمالِكِيَّةِ، والشَّافِعِيَّةِ، والحَنابِلَةِ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الآثارِ
    عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((من حَجَّ ثم عُتِقَ، فعليه حَجَّةٌ أخرى، ومن حَجَّ وهو صغيرٌ ثمَّ بَلَغ، فعليه حَجَّةٌ أخرى ))
    ثانيًا: أنَّ الرقيقَ فَعَلَ ذلك قبل وُجوبِه عليه، فلم يُجْزِئْه إذا صار من أهْلِه، كالصَّغيرِ

    المبحث الثَّاني: البُلوغُ
    المَطْلَبُ الأوَّلُ: حُكْمُ حَجِّ الصَّبيِّ
    البلوغُ ليس شرطًا لصِحَّةِ الحَجِّ، فيصِحُّ مِنَ الصَّبيِّ، فإن كان مُمَيِّزًا أحرَمَ بنَفْسِه، وإن لم يكن مُمَيِّزًا أحرم عنه وَلِيُّه، وهذا مَذْهَبُ الجُمْهورِ مِنَ المالِكِيَّة، والشَّافِعِيَّة، والحَنابِلَة، وبعضِ الحَنَفيَّةِ، وجماهيرِ العُلَماءِ مِنَ السَّلَفِ والخَلَفِ
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسَلَّم لَقِيَ ركبًا بالرَّوْحاءِ، فقال: مَنِ القَوْمُ؟ قالوا: المسلمونَ، فقالوا: من أنت؟ قال: رسولُ اللهِ، فرفَعَتْ إليه امرأةٌ صَبِيًّا، فقالت: ألِهذا حَجٌّ؟ قال: نعم، ولكِ أَجْرٌ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الصبيَّ الذي يُحمَل بِعَضُدِه، ويُخْرَج من الْمِحَفَّةِ لا تمييزَ له
    2- عن السَّائِبِ بن يزيدَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((حُجَّ بي مع رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسَلَّم وأنا ابنُ سَبْعِ سِنِينَ ))
    ثانيًا: أنَّه يَصِحُّ من الوليِّ عَقْدُ النِّكاحِ عنه والبَيْع والشِّراء بمالِه، فيصِحُّ إحرامُه عنه إذا كان غيرَ مُمَيِّز

    المَطْلَب الثَّاني: البلوغُ شَرْطُ وجوبٍ، وشَرْطُ إجزاءٍ

    البلوغُ شَرْطُ وجوبٍ وشَرْطُ إجزاءٍ، فلا يجِبُ الحَجُّ على الصبيِّ، فإن حَجَّ لم يُجْزِئْه عن حَجَّة الإِسْلامِ، وتَجِبُ عليه حَجَّةٌ أخرى إذا بلغ
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسَلَّم قال: ((رُفِعَ القَلَمُ عن ثلاثةٍ: عَنِ النَّائِمِ حتى يستيقِظَ، وعن الصَّبيِّ حتى يحتلِمَ، وعن المجنونِ حتى يَعْقِلَ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ في قَوْلِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسَلَّم: ((رُفِعَ القَلَمُ عن ثلاثة... وعن الصبيِ حتى يحتَلِمَ)) دليلًا على أنَّ حَجَّ الصبيِّ تطَوُّعٌ، ولم يُؤَدِّ به فرضًا؛ لأنَّه مُحالٌ أن يُؤَدِّيَ فرضًا من لم يجِبْ عليه الفَرْضُ
    ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
    نَقَلَ الإجْماعَ على عَدَمِ وجوبِ الحَجِّ إلَّا بالبلوغِ: ابنُ المُنْذِر، وابنُ جُزَيٍّ، والشِّربيني، ونَقَلَ الإجْماعَ على عَدَمِ إجزاءِ الحَجِّ إلَّا بالبلوغِ: الترمذِيُّ وابنُ المُنْذِر، وابنُ عبدِ البَرِّ، والقاضي عِياضٌ
    ثالثًا: أنَّ من لم يبلُغْ ليس مكَلَّفًا فلا يتعَلَّقُ به التَّكْليفُ

    المَطْلَب الثَّالِث: ما يفعَلُه الصبيُّ بنَفْسِه وما يفْعَلُه عنه ولِيُّه

    ما يفعله الصبيُّ من أعمالِ الحَجِّ على قسمينِ:
    القِسْم الأوَّل: ما يَقْدِرُ عليه الصبيُّ بنَفْسِه؛ كالوقوفِ بعرفَةَ، والمَبِيتِ بمُزْدَلِفَة ومِنًى، فإنَّه يلزَمُه فِعْلُه، ولا تجوزُ فيه النِّيابَةُ.
    القِسْم الثَّاني: ما لا يَقْدِرُ عليه؛ فإنَّه يَفْعَلُه عنه وليُّه
    --------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا رزقنا الله وإياكم حج بيته الحرام وزيارة حبيبه المصطفي صل الله عليه وسلم
    ولا تنسونا من صالح دعائكم


    عدل سابقا من قبل صادق النور في السبت يونيو 24, 2023 5:50 pm عدل 3 مرات

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها Empty الـحـج .. أحكام وآداب وعباده

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت يوليو 02, 2022 10:32 am


    الاسْتِطاعَةِ

    تعريفُ الاسْتِطاعَةِ

    الاستطاعَةُ لغةً: هي الطَّاقَةُ والقُدرةُ على الشَّيءِ

    الاستطاعَةُ اصطلاحًا
    : المستطيعُ هو القادِرُ في مالِه وبَدَنِه، وذلك يختلِفُ باختلافِ أحوالِ النَّاسِ، واختلافِ عوائِدِهم، وضابِطُه: أن يُمْكِنَه الركوبُ، ويجِدَ زادًا وراحلةً صالحَينِ لِمِثْلِه بعد قضاءِ الواجِباتِ، والنَّفَقاتِ، والحاجاتِ الأَصْلِيَّة

    حُكْمُ الاستطاعَةِ

    المَطْلَب الأوَّل: اشتراطُ الاستطاعَةِ في وُجوبِ الحَجِّ
    الاستطاعَةُ شرطٌ في وجوبِ الحَجِّ.

    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
    :
    1- قال اللهُ تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا
    [آل عمران: 97]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ اللهَ تعالى خصَّ المستطيعَ بالإيجابِ عليه، فيختَصُّ بالوجوبِ، وغيرُ المُستطيعِ لا يَجِبُ عليه
    2- قال اللهُ تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة: 286]
    ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ حَزْمٍ، وابنُ قُدامة، والقُرطبيُّ، والنَّوَوِيُّ
    ثالثًا: انتفاءُ تكليفِ ما لا يُطاقُ شَرْعًا وعَقْلًا

    المَطْلَب الثَّاني: هل الاستطاعَةُ شَرْطُ إجزاءٍ في الحَجِّ؟

    الاستطاعة ليسَتْ شَرْطَ إجزاءٍ في الحَجِّ، فإذا تجشَّمَ غيرُ المستطيعِ المشَقَّة، فحجَّ بغيرِ زادٍ ولا راحلةٍ، فإنَّ حَجَّه يقعُ صحيحًا مُجْزئًا عن حَجِّ الفريضةِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهِيَّةِ الأربَعَةِ: الحَنَفيَّة، والمالِكِيَّة، والشَّافِعِيَّة، والحَنابِلَة

    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: أنَّ خَلْقًا من الصَّحابَة رَضِيَ اللهُ عنهم حَجُّوا ولا شيءَ لهم، ولم يُؤْمَرْ أحدٌ منهم بالإعادَةِ
    ثانيًا: أنَّ الاستطاعَةَ إنَّما شُرِطَتْ للوصولِ إلى الحَجِّ، فإذا وَصَل وفَعَل أجزَأَه
    ثالثًا: أنَّ سُقوطَ الوُجوبِ عن غَيْرِ المستطيعِ إنَّما كان لدَفْعِ الحَرَجِ، فإذا تحمَّلَه وقع عن حَجَّةِ الإِسْلامِ، كما لو تكَلَّفَ القيامَ في الصَّلاةِ والصيامِ مَنْ يسقُطُ عنه، وكما لو تكَلَّفَ المريضُ حضورَ الجُمُعةِ، أو الغنيُّ خطَرَ الطَّريقِ، وحَجَّ، فإنَّه يُجْزِئُ عنهم جميعًا

    المَطْلَبُ الثَّالِث: إِذْنُ الوَالِدَيْنِ في حَجِّ الفَريضَةِ

    ليس للوالدينِ مَنْعُ الولَدِ المُكَلَّف من الحَجِّ الواجِبِ، ولا تحليلُه من إحرامِه، وليس للوَلَدِ طاعَتُهما في تَرْكِه، وإن كان يُستَحَبُّ له استئذانُهما؛ نصَّ على هذا فُقَهاءُ الحَنَفيَّةِ, والشَّافِعِيَّة، والحَنابِلَة، وهو أحَدُ القَوْلينِ للمالِكِيَّة
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    قال اللهُ عَزَّ وجَلَّ: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [لقمان: 15]
    وجه الدَّلالَةِ:
    دلَّ قَوْلُه: فَلَا تُطِعْهُمَا على أنَّ طاعَةَ الوَالِدَينِ لازِمَةٌ ما لم يكُنْ فيها تَرْكُ طاعَةِ اللهِ

    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسَلَّم، قال: ((لا طاعَةَ في مَعْصِيَةِ اللهِ, إنَّما الطَّاعَةُ في المعروفِ ))
    2- عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((سألْتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسَلَّم قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، أيُّ العَمَلِ أفضَلُ؟ قال: الصَّلاةُ على مِيقاتِها، قُلْتُ: ثمَّ أيٌّ؟ قال: ثُمَّ بِرُّ الوالدَينِ، قُلْتُ: ثمَّ أيٌّ؟ قال: الجهادُ في سبيلِ اللهِ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ فيه تقديمَ الصَّلاةِ على ميقاتِها على بِرِّ الوالِدَينِ، فدلَّ على أنَّ فرائِضَ الأعيانِ التي هي من حقوقِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ تُقَدَّمُ على فروضِ الأعيانِ التي هي من حقوقِ العِبادِ، فيُقَدَّمُ حَجُّ الفريضةِ على بِرِّ الوالدَينِ
    ثالثًا: أنها قربة لا مخالفة عليه فيها فلا يجوز لهما منعه أو تحليله منها كالصوم
    رابعًا: أنها فرض عين فلم يعتبر إذن الأبوين فيها كالصلاة
    خامسًا: أنَّ طاعَةَ الوالِدَينِ إنَّما تَلْزَمُ في غير المعصِيَةِ

    المَطْلَبُ الرَّابِعُ: إذْنُ الوالِدَينِ في حَجِّ النَّافِلَة

    للأبوينِ مَنْعُ وَلَدَيْهما مِن حَجِّ التطَوُّعِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهِيَّةِ الأربَعَةِ: الحَنَفيَّة، والمالِكِيَّة، والشَّافِعِيَّة، والحَنابِلَة
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: أنَّه يلزَمُ طاعَةُ الوالدَينِ في غيرِ معصيَةٍ, ولو كانا فاسقَيْنِ؛ لعمومِ الأوامِرِ بِبِرِّهِما والإحسانِ إليهما
    ثانيًا: أنَّ للوالدينِ مَنْعَه من الجهادِ، وهو مِن فُروضِ الكِفاياتِ، فالتَّطَوُّعُ أَوْلى

    المَطْلَبُ الخامِسُ: إذْنُ صاحِبِ العَمَلِ
    من أراد حَجَّ الفريضَةِ وكان بينه وبين غَيْرِه عَقْدٌ يُلْزِمُه بالعَمَلِ في أيَّامِ الحَجِّ أو بَعْضِها، فإنَّه يستأذِنُ منه, فإنْ أَذِنَ له وإلَّا وجب عليه الوَفاءُ بالعَقْدِ، وهذه فتوى ابنِ باز, وابنِ عُثيمين، واللَّجْنَةِ الدَّائِمَةِ
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    1- قَوْلُه تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ [المائدة: 1]
    2- قَوْلُه تعالى: وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولًا [الإسراء: 34]

    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
    قوله صلَّى الله عليه وسَلَّم: ((المُسْلِمونَ على شُروطِهم ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ العقْدَ الذي جرى بين الموَظَّف ومُوَظِّفِه عَهْدٌ يجِبُ الوفاءُ بِشُروطِه حَسَبَما يقتضي العَقْدُ

    أقسامُ الاستطاعَةِ
    أقسامُ الاستطاعَةِ في الحَجِّ والعُمْرَةِ أربعةٌ:
    القِسْمُ الأوَّلُ: أن يكون قادرًا ببَدَنِه ومالِه: فهذا يلزَمُه الحَجُّ والعُمْرَةُ بنفسِه بإجماعِ أَهْلِ العِلْمِ
    القِسْم الثَّاني: أن يكونَ عاجزًا بمالِه وبَدَنِه: فهذا يسقُطُ عنه الحَجُّ والعُمْرَةُ بإِجْماعِ أَهْلِ العِلْمِ
    القِسْم الثَّالِث: أن يكون قادرًا ببَدَنِه عاجزًا بمالِه: فلا يلزَمُه الحَجُّ والعُمْرَة بلا خلافٍ, إلَّا إذا كان لا يتوقَّفُ أداؤُهما على المالِ؛
    مثل: أن يكونَ مِن أهْلِ مكَّةَ لا يشُقُّ عليه الخروجُ إلى المشاعِرِ
    القِسْم الرَّابِع:.أن يكون قادرًا بمالِه عاجزًا ببَدَنِه عجزًا لا يُرجى زَوالُه: فيجب عليه الحَجُّ والعُمْرَةُ بالإنابةِ

    شروطُ الاستطاعَةِ
    المَطْلَب الأوَّل: شروطُ الاستطاعَةِ العامَّةِ للرِّجالِ والنِّساءِ
    الشَّرْطُ الأوَّل: الاستطاعَةُ البَدنِيَّةُ: وتشمَلُ صحَّةَ البَدَنِ، والقُدرةَ على السَّيرِ والرُّكوبِ.
    الشَّرْطُ الثَّاني: الاستطاعَةُ الماليَّةُ: وتشمَلُ الزَّادَ والرَّاحِلَةَ، والنَّفقَةَ فاضلًا عن دَينِه, ونَفَقَتِه, وحاجاتِه الأصليَّة.
    الشَّرْط الثَّالِث: الاستطاعَةُ الأمنيَّة: والمرادُ بها أمْنُ الطَّريقِ.

    المَطْلَب الثَّاني: شروطُ الاستطاعَةِ الخاصَّةِ بالنِّساءِ
    الشَّرْط الأوَّل: الْمَحْرَمُ.
    الشَّرْط الثَّاني: عَدَمُ العِدَّةِ.

    الاستطاعَةُ البَدَنِيَّةُ

    المطلب الأول: من لا يستطيعُ أن يَثبُتَ على الآلةِ أو الرَّاحلة
    مَن كان مريضًا لا يَستمِسكُ على الرَّاحلةِ، أو مَعضوبًا
    ؛ فلا يلزمُه المسيرُ إلى الحجِّ.
    الأدلة:
    أولًا: من الكتاب
    قال الله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران: 97]
    وجه الدلالة:
    أنَّ من لا يستطيعُ أن يَثبُتَ على الرَّاحلةِ أو يستَمسِكَ بها، فهو غيرُ مُستطيعٍ, فلا يجبُ عليه الحَجُّ بنَفسِه؛ لأنَّه إنما وجبَ على من استطاع إليه سَبيلًا
    ثانيًا: من السنة
    عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ الله عنهما، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أنَّه جاءَتْه امرأةٌ مِن خَثعَم تستفتيه، قالت: يا رسولَ الله، إنَّ فريضةَ اللهِ على عبادِه في الحجِّ، أدرَكَت أبي شيخًا كبيرًا لا يستطيعُ أن يثبُتَ على الرَّاحلةِ، أفأحُجُّ عنه؟ قال: نعم ))،
    وفي رواية: ((قالت: يا رسولَ الله، إنَّ أبي شيخٌ كبيرٌ، عليه فريضةُ اللهِ في الحَجِّ، وهو لا يستطيعُ أن يستوِيَ على ظَهرِ بَعيرِه، فقال صلَّى الله عليه وسلَّم: فحُجِّي عنه ))
    ثالثًا: من الإجماع
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ العَرَبيِّ، والقرطبيُّ، وابنُ تيميَّة

    المَطْلَب الثَّاني: مَن فَقَد الاستطاعَةَ البَدنيَّةَ هل يلزَمُه أن يُنِيبَ عنه؟
    من كان قادرًا بمالِه عاجزًا ببَدَنِه؛ فإنَّه يجب عليه الحَجُّ، بإرسالِ من ينوب عنه، وهذا مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولٌ للحَنَفيَّة، واختاره ابنُ حزمٍ، وابنُ عُثيمين
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    قال اللهُ تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران: 97]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ عُمومَ قَولِه: مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا يشمَلُ من استطاعَ الحَجَّ بمالِه، فيُنيبُ من يؤدِّي عنه الحَجَّ
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عن عَبْدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسَلَّم: ((أنَّه جاءَتْه امرأةٌ من خَثْعَم تستفتيه، قالت: يا رسولَ اللهِ، إنَّ فريضَةَ اللهِ على عبادِه في الحَجِّ أدرَكَتْ أبي شيخًا كبيرًا لا يستطيعُ أن يَثْبُتَ على الرَّاحِلَةِ، أفأَحُجُّ عنه؟ قال: نَعَم ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسَلَّم أقرَّ المرأةَ على وَصْفِ الحَجِّ على أبيها بأنَّه فريضةٌ، مع عَجْزِه عنه ببَدَنِه، ولو لم يجِبْ عليه لم يُقِرَّها الرَّسولُ صلَّى الله عليه وسَلَّم؛ لأنَّه لا يُمكِنُ أن يُقِرَّ على خطأٍ؛ فدلَّ على أنَّ العاجِزَ ببَدَنِه القادِرَ بمالِه؛ يجبُ عليه أن يُنيبَ
    ثالثًا: لأنَّ هذه عبادةٌ تجب بإفسادِها الكَفَّارة، فجاز أن يقومَ غيرُ فِعْلِه فيها مقامَ فِعْلِه؛ كالصَّوْمِ إذا عجز عنه افتدى

    الاستطاعَةُ المالِيَّةُ


    المَطْلَب الأوَّل: اشتراطُ الزَّادِ والرَّاحِلَةِ:
    يُشْتَرَطُ في وجوبِ الحَجِّ القُدرةُ على نفقَةِ الزَّادِ والرَّاحِلَة
    ، فاضلًا عن دَينِه، ونفقَتِه، وحوائِجِه الأصليَّة، وهذا مَذْهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة، والشَّافِعِيَّة، والحَنابِلَة، وهو قَوْل سحنون, وابنِ حبيبٍ من المالِكِيَّة، وبه قال أكثَرُ الفُقَهاءِ
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    1- قال اللهُ تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران: 97]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الله عَزَّ وجَلَّ لَمَّا قال: مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا عَلِمْنَا أنَّها استطاعَةٌ غيرُ القُوَّةِ بالجِسْمِ;
    إذ لو كان تعالى أراد قُوَّةَ الجِسْمِ لَمَا احتاج إلى ذِكْرِها; لأنَّنا قد عَلِمْنا أنَّ الله تعالى لا يُكَلِّفُ نفسًا إلَّا وُسْعَها
    2- قال اللهُ تعالى: وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ [النحل: 7]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الآيةَ تُفيدُ أنَّ الرِّحْلَة لا تبلُغُ إلَّا بِشِقِّ الأنفُسِ بالضَّرورة، ولا يُكَلِّفُنا اللهُ تعالى ذلك؛ لِقَوْله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحَجُّ: 78]، فتعيَّنَ اشتراطَ الزَّادِ والرَّاحِلَة؛ لتحقيقِ الاستطاعَةِ في الحَجِّ.
    3- قال اللهُ تعالى: وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى البقرة: 197[.]
    عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((كان أهلُ اليَمَنِ يحجُّونَ ولا يتَزَوَّدون، ويقولون: نحن المتوَكِّلون، فإذا قَدِموا مَكَّةَ، سألوا النَّاسَ، فأنزل اللهُ عَزَّ وجَلَّ: وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى))

    المَطْلَب الثَّاني: من يُشتَرَطُ في حَقِّه الرَّاحِلَةُ
    اشتراطُ الرَّاحِلَةِ خاصٌّ بالبعيدِ عن مكَّةَ الذي بينه وبينها مسافَةُ قَصْرٍ، أمَّا القريبُ الذي يُمكِنُه المشيُ، فلا يُعتَبَر وجودُ الرَّاحِلَة في حَقِّه، إلَّا مع عجزٍ؛ كشيخٍ كبيرٍ لا يُمكِنُه المشيُ، وهذا مَذْهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة، والشَّافِعِيَّة، والحَنابِلَة
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: أنَّها مسافةٌ قريبةٌ يمكِنُه المشيُ إليها، فلَزِمَه؛ كالسَّعْيِ إلى الجمعةِ
    ثانيًا: أنَّه لا تلحَقُهم مشقَّةٌ زائدةٌ في الأداءِ مشيًا على الأقدامِ، فلم تُشْتَرَطِ الرَّاحِلَة

    المَطْلَب الثَّالِث: الحاجاتُ الأصليَّةُ التي يُشتَرَط أن تَفْضُلَ عن الزَّاد والرَّاحِلَة:
    الحاجة الأُولى: نفقَةُ عيالِه ومَن تَلْزَمُه نفقَتُهم، مدَّةَ ذَهابِه وإيابِه.
    الحاجة الثَّانية: ما يحتاجُ إليه هو وأهلُه مِن مَسْكَنٍ، ومِمَّا لا بدَّ لِمِثْلِه؛ كالخادِمِ، وأثاثِ البَيْتِ، وثيابِه؛ بقَدْرِ الاعتدالِ المناسِبِ له في ذلك.
    الحاجة الثَّالِثة: قضاءُ الدَّينِ الذي عليه، لأنَّ الدَّينَ من حقوقِ العِبادِ، وهو من حوائِجِه الأصليَّة، فهو آكَدُ، وسواءٌ كان الدَّينُ لآدميٍّ أو لحقِّ اللهِ تعالى؛ كزكاةٍ في ذِمَّتِه، أو كفَّارات ونحوِها

    المَطْلَب الرَّابِع: هل يُقَدِّمُ الحَجَّ أو الزَّواجَ؟
    مَن وجَب عليه الحَجُّ وأراد أن يتزوَّجَ، وليس عنده من المالِ إلَّا ما يكفي لأحدِهما، فإنْ تاقت نفْسُه إلى الزَّواجِ وخاف مِنَ الزِّنا؛
    قدَّمَ الزواجَ على الحَجِّ، وهذا مَذْهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة، والمالِكِيَّة، والحَنابِلَة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: أنَّ مَنِ اشتدَّت حاجَتُه إلى الزواجِ وجَبَتْ عليه المبادَرَةُ به قبل الحَجِّ؛ لأنَّه في هذه الحالِ لا يُسمَّى مُستطيعًا
    ثانيًا: أنَّ في التزويجِ تحصينَ النَّفْسِ الواجِبَ، ولا غِنَى به عنه؛ كنَفَقَتِه، والاشتغالُ بالحَجِّ يُفَوِّتُه
    ثالثا: أنَّ في تَرْكِه النِّكاحَ أمرَينِ: تَرْكَ الفَرْضِ، وهو النِّكاحُ الواجِبُ، والوقوعَ في المُحَرَّمِ، وهو الزِّنا

    اشتراطُ أَمْنِ الطَّريقِ لتحقيقِ الاستطاعَةِ
    المَطْلَبُ الأوَّلُ: المرادُ بأَمْنِ الطَّريقِ
    المقصودُ بأمْنِ الطَّريقِ أن يكون الغالِبُ في طريقِه السَّلامَةَ؛ آمنًا على نفسِه ومالِه، من وَقْتِ خروجِ النَّاسِ للحَجِّ، إلى رُجوعِه إلى بَلَدِه؛ لأنَّ الاستطاعَةَ لا تَثْبُت دونَه

    المَطْلَب الثَّاني: هل يُشتَرَطُ أمْنُ الطريقِ لوُجوبِ الحَجِّ
    مَنِ استوفى شروطَ الحَجِّ ولم يأمَنِ الطَّريقَ؛ فإنَّه لا يجب عليه الحَجُّ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهِيَّةِ الأربَعَةِ: الحَنَفِيَّة، والمالِكِيَّة، والشَّافِعِيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة مِنَ الكِتابِ:
    قال اللهُ تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران: 97]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الوصولَ إلى البيتِ بدونِه لا يُتَصَوَّر إلَّا بمشَقَّةٍ عظيمةٍ، فصار من جملةِ الاستطاعَةِ
    لقَوْلِه تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا

    اشتراطُ المَحْرَمِ

    المَطْلَب الأوَّلُ: المُرادُ بالمَحْرَمِ
    مَحْرَمُ المرأةِ هو زَوْجُها أو من يَحْرُم عليها بالتَّأبيدِ؛ بسبب قرابةٍ، أو رَضاعٍ، أو صهْرِيَّة، ويكون مُسْلِمًا بالغًا عاقلًا ثِقَةً مأمونًا؛
    فإنَّ المقصودَ من الْمَحْرَم حمايةُ المرأةِ وصيانَتُها والقيامُ بِشَأْنِها

    المَطْلَب الثَّاني:اشتراطُ المَحْرَمِ في حَجِّ الفريضَةِ:
    يُشْتَرَطُ لوجوبِ أداءِ الفريضَةِ للمرأةِ رُفْقَةُ الْمَحْرَمِ، وهذا مذهَبُ الحَنَفيَّة، والحَنابِلَة، واختارَه ابنُ باز، وابنُ عُثيمين، وبه صدرَتْ فتوى اللَّجْنَةِ الدَّائِمَةِ
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسَلَّم قال: ((لا يحِلُّ لامرأةٍ تؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخَرِ، تُسافِرُ مَسيرَةَ ثَلاثِ ليالٍ، إلَّا ومعها ذو مَحْرَمٍ ))
    2- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: سمعْتُ النبيَّ صلَّى الله عليه وسَلَّم يخطُبُ، يقول: ((لا يَخْلُوَنَّ رجلٌ بامرأةٍ إلَّا ومعها ذو مَحْرَمٍ، ولا تسافِرِ المرأةُ إلَّا مع ذي مَحْرَمٍ، فقام رجلٌ، فقال: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ امرَأتي خرجت حاجَّةً، وإنِّي اكْتُتِبْتُ في غزوةِ كذا وكذا، قال: انطَلِقْ فحُجَّ مع امرأَتِك ))
    ثانيًا:أنَّ المرأةَ يُخافُ عليها من السَّفَرِ وَحْدَها الفِتْنَةُ

    المطلب الثالث: اشتراط إذن الزوج في حج النفل
    ليس للمرأة الإحرام نفلًا إلا بإذن زوجها، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة
    وذلك للآتي:
    أولًا: لأنَّه تطَوُّعٌ يُفَوِّتُ حَقَّ زَوْجِها فكان لابد من اسئذانه.
    ثانيًا: أنَّ طاعَةَ الزَّوجِ فَرْضٌ عليها فيما لا معصيَةَ لله تعالى فيه, وليس في تَرْكِ حَجِّ التطَوُّعِ معصيةٌ
    المَطْلَب الرَّابِع: حُكْمُ مَنْعِ الزَّوجِ امرأتَه مِن حَجِّ الفريضَةِ إذا وَجَدَتْ مَحْرَمًا
    ليس للزَّوجِ مَنْعُ امرأَتِه مِن حَجِّ الفَرْضِ إذا استكمَلَتْ شُروطَ الحَجِّ، ووجدت مَحْرَمًا، وهذا مَذْهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة، والمالِكِيَّة، والحَنابِلَة، وقولٌ للشافِعِيَّةِ، وهو قولُ أكثَرِ أَهْلِ العِلْم
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه، عَنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسَلَّم، قال: ((لا طاعَةَ في معصِيَةِ اللهِ، إنَّما الطَّاعَةُ في المعروفِ ))
    ثانيًا: أنَّ حَقَّ الزَّوجِ لا يُقَدَّمُ على فرائِضِ العَينِ؛ كالصَّلاةِ المفروضَةِ، وصَوْمِ رمضانَ، فليس للزَّوجِ مَنْعُ زوجَتِه منه؛ لأنَّه فَرْضُ عينٍ عليها
    ثالثًا: أنَّ حَقَّ الزَّوجِ مُستَمِرٌّ على الدوام، فلو ملك مَنْعَها في هذا العامِ لَمَلَكَه في كلِّ عامٍ، فيُفْضي إلى إسقاطِ أَحَدِ أركانِ الإسلام
    الشَّرْطُ الثَّاني الخاصُّ بالمرأةِ: عَدَمُ العِدَّةِ

    يُشتَرَطُ لوجوبِ الحَجِّ على المرأةِ ألَّا تكونَ المرأةُ مُعتَدَّةً في مدَّةِ إمكانِ السَّيرِ للحَجِّ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهِيَّةِ الأربَعَةِ: الحَنَفيَّة
    ، والمالِكِيَّة، والشَّافِعِيَّة، والحَنابِلَة، وقال به طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    1- قَوْلُه تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا [البقرة: 234]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ المتَوَفَّى عنها زوجُها لا يجوزُ لها أن تخرُجَ مِن بَيْتِها وتسافِرَ للحَجِّ، حتى تَقْضيَ العِدَّةَ؛ لأنَّها في هذه الحالِ غيرُ مُستطيعةٍ؛ لأنَّه يجب عليها أن تترَبَّصَ في البيتِ
    2- قَوْلُه تعالى: لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ [الطلاق: 1]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الله تعالى نهى المعْتَدَّاتِ عن الخروجِ مِن بُيُوتهِنَّ
    ثانيًا: مِنَ الآثارِ
    عن سعيدِ بنِ المسَيِّبِ: ((أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه كان يَرُدُّ المتوفَّى عنهنَّ أزواجُهنَّ مِنَ البَيْداءِ؛ يَمْنَعُهنَّ الحَجَّ))
    ثالثًا: أنَّ العدَّةَ في المنزل تَفُوتُ، ولا بَدَلَ لها، والحَجُّ يُمكِنُ الإتيانُ به في غيرِ هذا العامِ، فلا يَفُوتُ بالتَّأخيرِ، فلا تُلْزَمُ بأدائِه، وهي في العِدَّةِ

    -------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا فابقوا معنا نعيش مع رحله الحج
    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها Empty الـحـج .. أحكام وآداب وعباده

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت يوليو 02, 2022 10:57 am


    تعريفُ المَواقيتِ

    المواقيتُ لغةً: جمعُ ميقاتٍ، وهو الوَقتُ المضروبُ للفِعلِ والموضِعِ، ثم استُعيرَ للمكانِ،
    ومنه مواقيتُ الحَجِّ لمواضِعِ الإحرامِ؛ يقال: هذا ميقاتُ أهْلِ الشَّامِ: للموضِعِ الذي يُحْرِمونَ منه
    المواقيتُ اصطلاحًا: زمانُ النُّسُكِ، ومَوْضِعُ الإحرامِ له

    مواقيتُ الحَجِّ الزَّمانيَّة
    المبحث الأوَّل: أشْهُرُ الحَجِّ
    اختلف أَهْلُ العِلْمِ في تحديدِ أشْهُرِ الحَجِّ على أقوالٍ، أشهَرُها قولانِ:
    القول الأوّل: أنَّ أشْهُرَ الحَجِّ هي: شوَّال، وذو القَعْدَةِ، وعَشْرٌ من ذي الحِجَّةِ، وهذا مَذْهَبُ الحَنَفيَّة
    ، والحَنابِلَة، وبه قالت طائفةٌ مِنَ السَّلَف، واختارَه الطَّبريُّ، وابنُ تيميَّة، وابنُ باز، وبه أفتت اللَّجْنَةُ الدَّائِمَةُ
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكتاب:
    قولُه تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ... البقرة: 197.
    وجْهُ الدَّلالَة:
    أنَّ ذلك من اللهِ خَبَرٌ عن ميقاتِ الحَجِّ، ولا عَمَلَ للحَجِّ يُعمَل بعد انقضاءِ أيَّامِ مِنًى، ومعلومٌ أنَّه لم يُعْنَ بذلك جميعُ الشَّهْرِ الثَّالِث،
    وإذا لم يكُنْ مَعْنِيًّا به جميعُه، صحَّ القَوْلُ بأنَّه عَشْرُ ذي الحِجَّةِ
    ثانيًا: مِنَ الآثارِ
    عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّه قال: ((أشْهُرُ الحَجِّ: شوَّال، وذو القَعْدَةِ، وعَشْرٌ مِن ذي الحِجَّةِ ))
    ثالثًا: لأنَّ يومَ النَّحْرِ فيه رُكْنُ الحَجِّ، وهو طوافُ الزِّيارَةِ، وفيه رَمْيُ جَمرةِ العَقَبةِ، والحَلْقُ والنَّحْرُ، والسَّعْيُ والرُّجوعُ إلى مِنًى،
    وما بَعْدَه ليس من أَشْهُرِه؛ لأنَّه ليس بوقتٍ لإِحْرامِه ولا لأركانِه

    القول الثاني: أنَّ أشهُرَ الحَجِّ: شوَّال، وذو القَعْدَةِ، وشَهْرُ ذي الحِجَّةِ إلى آخِرِه، وهذا مذهَبُ المالِكِيَّة، ونُقِلَ عن الشَّافعيِّ في القديمِ، وبه قالت طائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ، واختارَه ابنُ حزمٍ، والوزيرُ ابنُ هُبَيرةَ، والشَّوْكانيُّ، وابنُ عُثيمين
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    قال اللهُ تعالى الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة: 197]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الآيَةَ عَبَّرَت بالجمْعِ (أشْهُر)، وأقَلُّ الجمعِ ثلاثٌ، فلا بدَّ من دخولِ ذي الحِجَّةِ بكمالِه
    ثانيًا: أنَّ من أيَّامِ الحَجِّ اليومَ الحادِيَ عَشَرَ، واليومَ الثَّانيَ عَشَرَ، واليومَ الثَّالِثَ عَشَرَ، يُفْعَلُ فيها من أعمالِ الحَجِّ: الرَّمْيُ، والْمَبِيتُ، فكيف نُخْرِجُها من أشهُرِ الحَجِّ، وهي أوقاتٌ لأعمالِ الحَجِّ؟!
    ثالثًا: أنَّ طَوافَ الإفاضَةِ مِن فرائِضِ الحَجِّ، ويجوز أن يكونَ في ذي الحِجَّةِ كُلِّه بلا خلافٍ منهم; فصَحَّ أنَّها ثلاثةُ أشْهُرٍ
    رابعًا: لأنَّ كُلَّ شهرٍ كان أوَّلُه من أشهُرِ الحَجِّ كان آخِرُه كذلك

    المبحث الثَّاني: الإحرامُ قَبْلَ أشهُرِ الحَجِّ

    اختلف أَهْلُ العِلْمِ في حُكْمِ الإحرامِ بالحَجِّ قَبْلَ أشهُرِه على أقوالٍ؛ منها:
    القولُ الأوَّلُ: يصِحُّ الإحرامُ بالحَجِّ وينعَقِدُ قبل أشْهُرِ الحَجِّ، لكِنْ مع الكراهَةِ، وهذا مَذْهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة، والمالِكِيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    1- قال اللهُ تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ [البقرة: 197]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ معنى الآيةِ: الحَجُّ (حَجُّ) أشهُرٍ معلوماتٍ، فعلى هذا التقديرِ يكونُ الإحرامُ بالحَجِّ فيها أكمَلُ من الإحرامِ به فيما عداها، وإن كان ذاك صحيحًا
    2- قَوْلُه تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقر: 196]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه متى أحرَمَ انعقَدَ إحرامُه؛ لأنَّه مأمورٌ بالإتمامِ
    3- قَوْلُه تعالى: يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ [البقرة: 189]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الألِفَ واللَّامَ في الْأَهِلَّةِ للعمومِ، فيقتضي أنَّ سائِرَ الأهِلَّةِ ميقاتٌ للحَجِّ

    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ

    عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((مِنَ السُّنَّةِ ألَّا يُحْرِمَ بالحَجِّ إلَّا في أشهُرِ الحَجِّ))
    ثالثًا: أنَّ التَّوقيتَ ضربانِ: توقيت مكانٍ وزمانٍ، وقد ثبت أنَّه لو تقدَّمَ إحرامُه على ميقاتِ المكانِ صَحَّ،
    فكذا لو تقَدَّمَ على ميقاتِ الزَّمانِ
    رابعًا: أنَّ الإحرامَ بالحَجِّ يصِحُّ في زمانٍ لا يُمكِنُ إيقاعُ الأفعالِ فيه، وهو شوَّال، فعُلِمَ أنَّه لا يختصُّ بزمانٍ
    القول الثاني: أنَّه لا ينعقِدُ إحرامُه بالحَجِّ قَبْل أشْهُرِه، وينعقِدُ عُمْرَةً، وهذا مذهَبُ الشَّافِعِيَّة، وقولٌ للمالِكِيَّة، وروايةٌ عن أحمدَ، وبه قالَتْ طائِفةٌ مِنَ السَّلَف، واختارَه ابنُ عُثيمين
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    قال اللهُ تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ [البقرة: 197]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ ظاهِرَ الآيَةِ أنَّ ميقاتَ الحَجِّ في أشْهُرِه، فيجب انحصارُ الحَجِّ فيه، فلا يصِحُّ قَبلَه، ولو كان يجوز الإحرامُ للحَجِّ في سائِرِ شُهورِ السَّنَةِ لم يكن للآيَةِ فائِدَةٌ
    ثانيًا: مِنَ الآثارِ
    1- عن أبي الزُّبَيرِ قال: ((سُئِلَ جابرٌ: أُهِلُّ بالحَجِّ في غيرِ أشْهُرِ الحَجِّ؟ قال: لا))
    2- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((لا يُحْرِمُ بالحَجِّ إلَّا في أشْهُرِه؛ فإنَّ مِن سُنَّةِ الحَجِّ أن يُحْرِمَ بالحَجِّ في أشهُرِ الحَجِّ))
    ثالثًا: أنَّ الإحرامَ نُسُكٌ من مناسِكِ الحَجِّ، فكان مُؤقَّتًا، كالوقوفِ بعَرَفةَ والطَّوافِ
    رابعًا: أنَّه ميقاتٌ للعبادَةِ فلا يصِحُّ قَبْلَه، كما لا تَصِحُّ الصَّلاةُ قبل ميقاتِها
    خامسًا: أنَّ من التزَمَ عبادةً في وقتِ نَظيرَتِها انقلَبَتْ إلى النَّظيرِ؛ مثل أن يصومَ نَذْرًا في أيَّامِ رمضانَ، أو يُصَلِّيَ الفَرْضَ قبل وقْتِه، فإنَّه ينقلِبُ تطوُّعًا

    المبحث الثَّالِث: الميقاتُ الزَّمانيُّ للإحرامِ بالعُمْرَةِ
    العُمْرَةُ جائزةٌ في كلِّ وقتٍ من أوقاتِ السَّنَةِ, وفي كلِّ يومٍ من أيَّامِها, وكلِّ ليلةٍ مِن لياليها، وهو مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّة، والحَنابِلَة، والظَّاهِريَّة، وبه قال بَعْضُ السَّلَفِ، واختاره الشَّوْكانيُّ
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم قال: ((العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كفَّارةٌ لِما بينهما والحَجُّ المبرورُ ليس له جزاءٌ إلَّا الجنَّةُ ))
    وجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسَلَّم حضَّ على العُمْرَةِ، ولم يَحُدَّ لها وقتًا دون وقتٍ؛ لذا فهي مستحبَّةٌ في كلِّ وقتٍ
    ثانيًا: لأنَّ الأصلَ عَدَمُ الكراهَةِ، لاسيما مع عدمِ الدَّليلِ

    أفضَلُ أوقاتِ العُمْرَةِ
    المَطْلَبُ الأوَّلُ: العُمْرَةُ في رمضانَ
    العُمْرَة في شَهْرِ رمضانَ مُستحَبَّةٌ، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهِيَّةِ الأربَعَةِ: الحَنَفيَّة، والمالِكِيَّة والشَّافِعِيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسَلَّم لامرأةٍ من الأنصارِ: ((ما منعَكِ أن تَحُجِّينَ معنا؟، قالت: كان لنا ناضِحٌ، فرَكِبَه أبو فلانٍ وابنُه، لزَوْجِها وابنِها، وتَرَك ناضحًا ننْضِحُ عليه، قال: فإذا كان رمضانُ اعتَمِري فيه؛ فإنَّ عُمْرَةً في رمضانَ حجَّةٌ)) وفي رواية: ((فإن عمرة فيه تعدل حجة))
    ثانيًا: أنَّه يجتمِعُ في عُمْرَة رمضانَ: أفضَلُ الزَّمانِ، وأفضَلُ البقاعِ

    المَطْلَب الثَّاني: العُمْرَةُ في أشْهُرِ الحَجِّ

    تُستحَبُّ العُمْرَةُ في أشْهُرِ الحَجِّ، وهو مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّة وقولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: أنَّ جميعَ عُمَرِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسَلَّم كانت في ذي القَعْدَةِ، وما كان اللهُ لِيختارَ لِنَبِيِّه إلَّا الأكمَلَ، وأفضَلَ الأوقاتِ
    ثانيًا: أنَّ العُمْرَةَ في أشهُرِ الحَجِّ نظيرُ وقوعِ الحَجِّ في أشهُرِه، وهذه الأشهُرُ قد خصَّها اللهُ تعالى بهذه العبادَةِ، وجعَلَها وقتًا لها، والعُمْرَةُ حجٌّ أصغَرُ، فأَوْلى الأزمِنَةِ بها أشهُرُ الحَجِّ، وذو القَعْدَة أوسَطُه
    ------------------------------------------------------------------
    وما زلنا نستمتع برحله الحج وكأننا معهم .. ابقوا معنا وجزاكم الله خيرا

    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها Empty الـحـج .. أحكام وآداب وعباده

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت يوليو 02, 2022 12:10 pm


    المواقيت المكانيه

    تمهيدٌ
    أصنافُ النَّاسِ باعتبارِ مَوضِعِ الإحرامِ ثلاثةٌ:
    الصِّنفُ الأوَّل: الآفاقيُّ: مَن كان خارِجَ المواقيتِ.
    الصِّنفُ الثَّاني: المِيقاتيُّ: مَن كان بين المواقيتِ والحَرَم.
    الصِّنفُ الثَّالِث: المكِّيُّ: مَن كان مِنْ أهلِ مكَّةَ أو أهْلِ الحَرَمِ.
    المبحثُ الأوَّلُ: ميقاتُ الآفاقيِّ وأحكامُه

    المَطْلَب الأوَّل: مواقيتُ الآفاقيِّ
    أوَّلًا: تعريفُ الآفاقيِّ:
    الآفاقيُّ: هو من كان منزِلُه خارِجَ منطِقَةِ المواقيتِ

    ثانيًا: مواقيتُ الآفاقيِّ:
    تَتنوَّعُ مواقيتُ الآفاقِ باعتبارِ جِهَتِها من الحَرَم؛ فلكُلِّ جِهةٍ ميقاتٌ مُعيَّنٌ، ويرجِعُ كلامُ أَهْل العِلْم في المواقيتِ إلى سِتَّةِ مواقيتَ:
    الميقاتُ الأوَّلُ: ذو الحُليفةِ: ميقاتُ أهْلِ المدينةِ، ومَن مَرَّ بها مِن غيرِ أهْلِها، وهو موضِعٌ معروفٌ في أوَّلِ طريقِ المدينَةِ إلى مكَّةَ، بينه وبين المدينةِ نحوُ سِتَّةِ أميالٍ (13 كيلومترًا تقريبًا)، وبينه وبين مكَّة نحوُ مائِتَي مِيلٍ تقريبًا (408 كيلومترًا تقريبًا)، فهو أبعَدُ المواقيتِ من مكَّة، وتُسمَّى الآن (آبارَ عليٍّ)، ومنها أحرَمَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسَلَّم لحَجَّةِ الوداعِ
    الميقاتُ الثَّاني: الجُحْفَةُ: ميقاتُ أهْلِ الشَّامِ، ومَن جاء مِن قِبَلِها:
    مِنْ مِصْرَ، والمغْرِب، ومَن وراءَهم، وهي قريةٌ كبيرةٌ على نحو (186 كيلومترًا تقريبًا) من مكَّة، سُمِّيَتْ جُحْفةً؛ لأنَّ السَّيلَ جَحَفَها في الزَّمنِ الماضي، وحَمَلَ أهْلَها، وهي التي دعا النبيُّ صلَّى الله عليه وسَلَّم أنْ يُنقَلَ إليها حُمَّى المدينةِ، وكانت يومئذٍ دارَ اليهودِ،
    ولم يكن بها مُسلِمٌ، ويُقالُ: إنَّه لا يَدْخُلُها أحدٌ إلَّا حُمَّ، وقد اندثَرَت، ولا يكاد يَعْرِفُها أحدٌ،
    ويُحرِمُ الحُجَّاجُ الآن من (رابغ)، وهي تقعُ قبل الجُحْفَة بيسيرٍ إلى جهَةِ البَحرِ، فالْمُحْرِمُ من (رابغ) مُحْرِمٌ قبل الميقاتِ،
    وقيل: إنَّ الإحرامَ منها أحوَطُ لعَدَمِ التيقُّنِ بمكانِ الجُحفَةِ

    الميقاتُ الثَّالِثُ: قَرْنُ المنازِلِ (السَّيلُ الكَبيرُ): ميقاتُ أهْلِ نَجْدٍ، و(قَرْن) جبلٌ مُطِلٌّ على عَرفاتٍ، ويقال له: قَرْن المُبارَك، بينه وبين مكَّةَ نحو أربعينَ مِيلًا (78 كيلومترًا تقريبًا)،
    وهو أقرَبُ المواقيتِ إلى مكَّةَ

    الميقاتُ الرَّابِع: يَلَمْلَمُ: ميقاتُ أهلِ اليمَنِ وتِهامَةَ، ويلملَمُ: جبلٌ من جبالِ تِهامَةَ، جنوبَ مكَّةَ، وتقع على نحو (120كيلومترًا تقريبًا) من مكَّةَ

    الميقاتُ الخامِسُ: ذاتُ عِرْقٍ: ميقاتُ أهْلِ العِراقِ، وسائِرِ أهْلِ المَشْرِقِ، وهي قريةٌ بينها وبين مكَّة اثنان وأربعون ميلًا، (100 كيلومترٍ تقريبًا) وقد خَرِبَتْ

    أَدِلَّةُ تحديدِ هذه المواقيتِ الخَمْسَةِ:

    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّه
    1- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((وقَّتَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسَلَّم لأهلِ المدينةِ ذا الحُلَيفة، ولأهل الشَّامِ الجُحْفةَ، ولأهل نَجْدٍ قَرْنَ المنازِلِ، ولأهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، فهُنَّ لهُنَّ، ولِمَن أتى عليهِنَّ مِن غيرِ أهْلِهِنَّ، لِمَن كان يريد الحَجَّ والعُمْرَةَ،
    فمن كان دونَهنَّ فمُهَلُّه من أهْلِه، وكذاك حتى أهْلُ مكَّةَ يُهِلُّونَ منها
    ))
    2- عَنْ عبدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسَلَّم قال: ((يُهِلُّ أهْلُ المدينةِ مِن ذي الحُلَيفَةِ، وأهْلُ الشَّامِ مِنَ الجُحفةِ، وأهلُ نجْدٍ مِن قَرْنٍ. قال عبدُ الله- يعني ابنَ عُمرَ- وبلغني أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسَلَّم قال: ويُهِلُّ أهلُ اليَمَنِ مِن يَلَمْلَمَ ))
    3- عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسَلَّم أُتِيَ وهو في مُعَرَّسِه مِن ذي الحُليفةِ في بطنِ الوادي،
    فقيل: إنَّك ببَطْحاءَ مباركَةٍ، قال موسى: وقد أناخ بنا سالمٌ بالْمُناخِ من المسجِدِ الذي كان عبدُ الله يُنِيخُ به؛ يتحَرَّى مُعَرَّسَ رَسولِ الله صلَّى الله عليه وسَلَّم، وهو أسفَلُ مِن المسجِدِ الذي ببطْنِ الوادي، بينه وبين القبلةِ، وَسَطًا من ذلك
    ))
    4- عن عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: سمعْتُ النبيَّ صلَّى الله عليه وسَلَّم بوادي العقيقِ يقول: ((أتاني الليلةَ آتٍ مِن ربِّي، فقال: صلِّ في هذا الوادي المُبارَكِ، وقل: عُمْرَةً في حَجَّةٍ ))
    ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنْذِرِ، وابنُ حَزْمٍ، وابنُ عَبْدِ البَرِّ، وابنُ رُشدٍ، وابنُ قُدامة، والنَّوَوِيُّ
    الميقاتُ السَّادِسُ: العقيقُ: وادٍ وراءَ ذاتِ عِرْقٍ مِمَّا يلي المشْرِقَ، عن يسارِ الذَّاهِبِ من ناحِيَةِ العِراقِ إلى مكَّةَ، ويُشْرِفُ عليها جَبَلُ عِرْقٍ.
    اختلف أَهْلُ العِلْمِ في الإحرامِ من العقيق على قولينِ:
    القولُ الأوَّل: الاقتصارُ على استحبابِ الإحرامِ من ذاتِ عِرْق، وهو يقعُ بعد العقيق، وهذا مذهَبُ الجُمْهورِ مِنَ الحَنَفيَّة، والمالِكِيَّة،
    والحَنابِلَةِ
    وذلك للآتي:
    أولًا: إجماعُ النَّاسِ على أنَّهم إذا جاوَزوا العقيقَ إلى ذاتِ عِرْق، فإِنَّه لا دَمَ عليهم، ولو كان ميقاتًا لوَجَبَ الدَّمُ بِتَرْكِه
    ثانيًا: إجماعُ النَّاسِ على ما فَعَلَه عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنه من توقيتِ ذاتِ عِرْق، وهو بَعْد العقيقِ
    القول الثاني: استحبابُ الإحرامِ مِنَ العَقيقِ لأهلِ المَشْرِق، وهذا مذهَبُ الشَّافِعِيَّة، وبعض الحَنَفيَّة، وبه قال بعضُ السَّلَفِ، واستحسَنَه ابنُ المُنْذِر, وابنُ عَبْدِ البَرِّ
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الآثار
    عن يحيى بن سيرين: أنه حج مع أنس بن مالك رضي الله عنه فحدثنا: (أنه أحرم من العقيق)
    ثانيًا: أنَّ الإحرامَ مِنَ العقيقِ فيه احتياطٌ، وسلامةٌ مِنَ الالتباسِ الواقِعِ في ذاتِ عِرْق؛ لأنَّ ذاتَ عِرْقٍ قريةٌ خَرِبَت، وحُوِّلَ بناؤُها إلى جهَةِ مكَّةَ، فالاحتياطُ الإحرامُ قبل موضِعِ بنائِها
    ثالثًا: أنَّ العقيقَ أبعَدُ من ذاتِ عِرْقٍ، فكان أَوْلى؛ فإنَّ تحديدَ المواقيتِ وتعيينَها للمَنْعِ عن مجاوَزَتِها بلا إحرامٍ، لا عن الإحرامِ قبلَ وُرودِها
    المَطْلَب الثَّاني: الإحرامُ من الميقاتِ لِمَن مرَّ منه قاصدًا النُّسُك:
    يجبُ الإحرامُ من الميقاتِ لِمَن مرَّ منه قاصدًا أحَدَ النُّسُكينِ: الحَجَّ أو العُمْرَةَ.
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((وقَّتَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسَلَّم لأهلِ المدينةِ ذا الحُلَيفة، ولأهل الشَّامِ الجُحْفةَ، ولأهل نَجْدٍ قَرْنَ المنازِلِ، ولأهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، فهُنَّ لهُنَّ، ولِمَن أتى عليهِنَّ مِن غيرِ أهْلِهِنَّ، لِمَن كان يريد الحَجَّ والعُمْرَةَ، فمن كان دونَهنَّ فمُهَلُّه من أهْلِه، وكذاك حتى أهْلُ مكَّةَ يُهِلُّونَ منها ))
    2- عَنْ عبدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسَلَّم قال: ((يُهِلُّ أهْلُ المدينة من ذي الحُليفةِ، وأهلُ الشَّامِ من الجُحْفةِ، وأهلُ نجْدٍ من قَرْنٍ. قال عبد الله- يعني ابنَ عُمَرَ- وبلغني أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسَلَّم قال: ويُهِلُّ أهلُ اليَمَنِ من يَلَمْلَمَ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ مِنْ هَذينِ الحَديثَينِ:
    أنَّه صلَّى الله عليه وسَلَّم وقَّتَ المواقيتَ، فقال: ((فهُنَّ لهُنَّ، ولِمَن أتى عليهِنَّ مِن غيرِ أهْلِهِنَّ، لِمَن كان يريد الحَجَّ والعُمْرَةَ))،
    وفائدة التَّأقيتِ المنعُ من تأخيرِ الإحرامِ عنها، وعلى ذلك جرى عمَلُ المسلمينَ
    3- عن عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: سمعْتُ النبيَّ صلَّى الله عليه وسَلَّم بوادي العقيقَ يقول: ((أتاني الليلةَ آتٍ من ربِّي، فقال: صلِّ في هذا الوادي المُبارَك، وقل: عُمْرَةً في حجَّةٍ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسَلَّم أحرَمَ من الميقاتِ، والأَصْلُ في دَلالةِ الأَمرِ الوجوبُ، ولم يُنقَلْ عنه صلَّى الله عليه وسَلَّم ولا عن أحَدٍ من أصحابِه أنَّهم تجاوَزوها بغيرِ إحرامٍ
    ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك النَّوَوِيُّ، والزيلعيُّ  

    المَطْلَب الثَّالِث: مَن سَلَك طريقًا ليس فيه ميقاتٌ مُعَيَّنٌ، بَرًّا أو بَحرًا أو جَوًّا:
    مَن سَلك طريقًا ليس فيه ميقاتٌ مُعَيَّن، برًّا أو بَحرًا، اجتهد وأحرَمَ إذا حاذى ميقاتًا من المواقيتِ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهِيَّةِ الأربَعَةِ: الحَنَفيَّة، والمالِكِيَّة، والشَّافِعِيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الآثارِ
    عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ الله عنهما قال: ((لَمَّا فُتِحَ هذان المِصرانِ أتَوْا عُمَرَ، فقالوا: يا أميرَ المؤمنينَ، إنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حَدَّ لأهلِ نجدٍ قَرنًا، وهو جَورٌ عن طريقِنا، وإنَّا إن أرَدْنا قَرنًا شَقَّ علينا. قال: فانظُروا حَذْوَها من طريقِكم. فحَدَّ لهم ذاتَ عِرقٍ ))
    ثانيًا: لأنَّ مَن أراد الحَجَّ أو العُمْرَةَ إذا مرَّ بميقاتٍ لَزِمَه الإحرامُ منه، فإذا حاذاه صار كالمارِّ به

    المطلب الرابع: مَن سَلَك طريقًا ليس فيه ميقاتٌ مُعَيَّنٌ واشتبهَتْ عليه المُحاذاةُ
    مَن سَلَك طريقًا ليس فيه ميقاتٌ مُعَيَّنٌ، برًّا أو بحرًا أو جوًّا، فاشتبه عليه ما يحاذي المواقيتَ ولم يجِدْ مَن يُرشِدُه إلى المحاذاةِ؛ وجَبَ عليه أن يحتاطَ ويُحْرِمَ قبل ذلك بوَقْتٍ يَغْلِبُ على ظَنِّه أنَّه أحرَمَ فيه قبل المحاذاةِ؛ وليس له أن يؤخِّرَ الإحرامَ، وبهذا صدَرَ قرارُ مَجْمَع الفِقْهِ الإِسْلاميِّ، وبه أفتى ابنُ باز
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    قال اللهُ تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ اللهَ سبحانه أوجَبَ على عبادِه أن يتَّقوه ما استطاعوا، وهذا هو المُستطاعُ في حَقِّ مَن لم يمرَّ على نَفْسِ الميقاتِ
    ثانيًا: أنَّ الإحرامَ قبل الميقاتِ جائِزٌ مع الكراهَةِ ومُنْعَقِدٌ، ومع التَّحرِّي والاحتياطِ خوفًا من تجاوُزِ الميقاتِ بغيرِ إحرامٍ تزولُ الكراهةُ؛ لأنَّه لا كراهةَ في أداءِ الواجِبِ

    المَطْلَب الخامس: هل جُدَّةُ ميقاتٌ؟
    جُدَّةُ ليست ميقاتًا، ولا يجوزُ لأحدٍ أن يتجاوَزَ ميقاتَه ويُحْرِمَ مِن جُدَّةَ، إلَّا أنْ لا يحاذِيَ ميقاتًا قبلها؛ فإنَّه يُحْرِمُ منها، كمن قَدِمَ إليها عن طريقِ البَحرِ من الجزءِ المحاذي لها من السُّودان؛ لأنَّه لا يصادِفُ ميقاتًا قبلها، وهذا اختيارُ ابنِ باز، وابنِ عُثيمين، وبه صدرت فتوى اللَّجْنَة الدَّائِمَة، وقرارُ هيئةِ كبارِ العُلَماءِ، والمجمَعِ الفِقْهِيِّ الإِسْلاميِّ
    الأدلَّة:
    أولا مِنَ السُّنَّةِ:
    1- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال : (وقَّتَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسَلَّم لأهلِ المدينةِ ذا الحُلَيفة، ولأهل الشَّامِ الجُحْفةَ، ولأهل نَجْدٍ قَرْنَ المنازِلِ، ولأهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، فهُنَّ لهُنَّ، ولِمَن أتى عليهِنَّ مِن غيرِ أهْلِهِنَّ، لِمَن كان يريد الحَجَّ والعُمْرَةَ، فمن كان دونَهنَّ فمُهَلُّه من أهْلِه، حتى أهْلُ مكَّةَ يُهِلُّونَ منها ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسَلَّم حدَّدَ المواقيتَ، وقال: ((هُنَّ لهُنَّ، ولِمَن أتى عليهِنَّ مِن غيرِ أهْلِهِنَّ، لِمَن كان يريد الحَجَّ والعُمْرَةَ)) فلا يجوز للحاجِّ والمعتَمِرِ أن يختَرِقَ هذه المواقيتَ إلى جُدَّةَ بدون إحرامٍ ثم يُحْرِمَ منها؛ لأنَّها داخِلَ المواقيتِ
    2- عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((لَمَّا فُتِحَ هذان المِصْرانِ- أي: الكوفةُ والبَصْرةُ- أتَوْا عُمَرَ، فقالوا: يا أميرَ المؤمنينَ، إنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسَلَّم حدَّ لأهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، وهو جَوْرٌ عن طريقِنا، وإنَّا إن أرَدْنا قَرْنًا شَقَّ علينا، فقال: انظُرُوا حَذْوَها من طريقِكم، فحَدَّ لهم ذاتَ عِرْقٍ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الإحرامَ يكون في الميقاتِ أو حَذْوَه، فلا يجوزُ تأخيرُ الإحرامِ إلى جُدَّةَ ).
    ثانيًا: لأنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسَلَّم وقَّتَ المواقيتَ لِمُريدِي الحَجِّ والعُمْرَةِ مِن سائِرِ الأمصارِ، ولم يجعَلْ جُدَّةَ مِيقاتًا لِمَن تَوَجَّه إلى مَكَّةَ مِن سائِرِ الأمصارِ والأقاليمِ

    المَطْلَب السادس: حُكْمُ تجاوُزِ المِيقاتِ للمُحْرِمِ بِدونِ إِحْرامٍ
    الفَرْعُ الأوَّلُ: مَن تجاوَزَ الميقاتَ بِغَيرِ إحرامٍ ولم يَرْجِعْ للإحرامِ مِن الميقاتِ
    مَن كان مريدًا لنُسُكِ الحَجِّ أو العُمْرَةِ، وتجاوَزَ الميقاتَ بغيرِ إحرامٍ، فإنَّه يجِبُ العَوْدُ إليه، والإحرامُ منه، فإن لم يَرْجِعْ أَثِمَ ووجب عليه الدَّمُ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهِيَّةِ الأربَعَةِ: من الحَنَفيَّة، والمالِكِيَّة والشَّافِعِيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:
    دليلُ وُجوبِ الرُّجوعِ:
    أنَّه نُسُكٌ واجِبٌ أمكَنَه فِعْلُه، فلَزِمَه الإتيانُ به كسائِرِ الواجباتِ
    دليلُ وُجوبِ الدَّمِ عليه:
    عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((من نسي من نسكه شيئا، أو تركه فَلْيُهْرِقْ دمًا))

    الفَرْعُ الثَّاني: من تجاوَزَ الميقاتَ بغَيرِ إحرامٍ ثُمَّ رَجَعَ إلى الميقاتِ فأحرَمَ مِنْه
    من تجاوَزَ الميقاتَ بغَيرِ إحرامٍ ثُمَّ رَجَعَ إلى الميقاتِ فأحرَمَ مِنْه؛ فلا دَمَ عليه
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك: الماوردي، والكاسانيُّ، وابنُ قُدامة
    ثانيًا: لأنَّه أحرَمَ من الميقاتِ الذي أُمِرَ بالإحرامِ منه، فلم يلزَمْه شيءٌ؛ لأنَّه أتى بالواجِبِ عليه، كما لو لم يجاوِزْه ابتداءً
    ثالثًا: لأنَّه لم يَتْرُكِ الإحرامَ من الميقاتِ ولم يَهْتِكْه، فلم يجِبْ عليه شيءٌ

    الفرع الثَّالِث: من أحرَمَ بعد الميقاتِ، ثم رجَعَ إلى الميقاتِ

    من أحرم بعدَ الميقاتِ، ثمَّ رجع إلى الميقاتِ؛ فإنَّه لا يَسقُطُ عنه الدَّمُ، وهذا مَذْهَبُ المالِكِيَّةِ، والحَنابِلَة، وبه قال زُفَرُ من الحَنَفيَّة،
    وهو قولُ ابنِ المُبارَك, واختيارُ الشِّنْقيطيِّ, وابنِ باز, وابنِ عُثيمين
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الآثارِ
    - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((من تَرَك شيئًا مِن نُسُكِه فَلْيُهْرِقْ دمًا))
    ثانيًا: أنَّ الدَّمَ استقرَّ عليه بتَرْكِ واجِبِ الإحرامِ من الميقاتِ، ولا يزول هذا برجوعِه، أمَّا إذا رجع قبل إحرامِه منه؛ فإنَّه لم يَتْرُكِ الإحرامَ منه، ولم يَهْتِكْه

    الفرع الرَّابِع: إذا جاوز الميقاتَ غَيْرَ مُريدٍ نُسُكًا ثم أرادَه
    إذا جاوز الميقاتَ غَيْرَ مريدٍ نُسُكًا، ثم أراده؛ فإنَّه يُحْرِمُ مِن مَوْضِعِه، وهو مَذْهَبُ المالِكِيَّة، والشَّافِعِيَّة، وبه قال ابنُ حَجَرٍ، والشَّوْكانيُّ، واختارَه ابنُ عُثيمين
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، عَنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسَلَّم كما في حديثِ المواقيتِ: ((ومَن كان دون ذلك فمِن حيثُ أنشَأَ، حتى أهْلُ مَكَّةَ مِن مَكَّةَ))، وهذا أنشأَ النِّيَّةَ مِن دون المواقيتِ، فمِيقاتُه مِن حيثُ أنشَأَ.
    ثانيًا: عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّه أحرَمَ من الفُرُعِ))، والفُرُعُ: بلادٌ بين ذي الحُلَيفة وبين مَكَّة، فتكون دونَ ميقاتِ المَدَنيِّ، وابن عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما مَدَنيٌّ، وتأويلُه: أنَّه خرج من المدينَةِ إلى الفُرُعِ لحاجَةٍ، ولم يَقْصِدْ مَكَّة، ثم أراد النُّسُكَ؛ فكان ميقاتُه مكانَه
    ثالثًا: أنَّ مَن وَصَل إلى مكانٍ على وَجْهٍ مشروعٍ، صار حكْمُه حُكْمَ أَهْلِه

    الفرع الخامِسُ: المرورُ من الميقاتِ لحاجَةٍ غَيْرِ النُّسُكِ
    مَسْألةٌ: حُكْمُ الإحرامِ لِمَن جاوَزَ الميقاتَ إلى الحِلِّ لحاجةٍ غَيْرِ النُّسُكِ
    مَن جاوَزَ الميقاتَ لا يُريدُ نُسُكًا، ولا يريد دُخولَ الحَرَمِ فلا يجِبُ عليه الإحرامُ.
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    قولُه عليه الصَّلاةُ والسَّلام: ((فهُنَّ لهُنَّ، ولِمَن أتى عليهِنَّ مِن غَيْرِ أهْلِهِنَّ، لِمَن كان يريدُ الحَجَّ والعُمْرَةَ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ مفهومَ الحديثِ يدُلُّ على أنَّ مَن لم يُرِدِ الحَجَّ والعُمْرَةَ، يجوزُ له أن يتجاوَزَ الميقاتَ بِغَيرِ إحرامٍ
    ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ قُدامة
    مَسْألةٌ: حُكْمُ الإحرام ِلِمَن جاوزَ الميقاتَ إلى مَكَّةَ لحاجَةٍ غَيْرِ النُّسُكِ
    مَن جاوَزَ الميقاتَ بِقَصْدِ دُخولِ مَكَّةَ لغَيْرِ النُّسُكِ؛ فإنَّه لا يجِبُ عليه الإحرامُ، وهو مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّة، والظَّاهِريَّة، وهو روايةٌ عنْ أحمَدَ، وبه قالَتْ طائِفةٌ مِنَ السَّلَفِ، وهو ظاهِرُ تَبويبِ البُخاريِّ، واختارَه ابنُ القَيِّمِ, والشِّنْقيطيُّ، وابنُ باز، وابنُ عُثيمين
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسَلَّم قال في شَأْنِ المواقيتِ : (هنَّ لهنَّ، ولِمَن أتى عليهِنَّ مِن غَيرِ أهلهِنَّ ممَّن كان يريدُ حجًّا أو عُمْرَةً))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ مفهومَ الحديثِ يدُلُّ على أنَّ مَن لم يُرِدِ الحَجَّ والعُمْرَةَ، يجوز له أن يتجاوَزَ الميقاتَ بغيرِ إحرامٍ، ولو وجَبَ بمجَرَّدِ الدُّخولِ لَمَا عَلَّقَه على الإرادَةِ
    2- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسَلَّم دخلَ مَكَّةَ يومَ الفَتْحِ وعليه عِمامَةٌ سوداءُ بغيرِ إحرامٍ ))، وعن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسَلَّم دخل مَكَّةَ عامَ الفَتْحِ وعلى رأْسِه مِغْفَرٌ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسَلَّم دخل مَكَّةَ عام الفتْحِ حَلالًا غيرَ مُحْرِمٍ، وكذا أصحابُه، فدَلَّ على عَدَمِ لُزُوم الإحرامِ لِمَن دخَلَ مَكَّة
    ثانيًا: أنَّ اللهَ تعالى لم يأمُرْ قَطُّ, ولا رسولُه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ بأنْ لا يُدْخَلَ مَكَّةَ إلَّا بإحرامٍ، فهو إلزامُ ما لم يأْتِ في الشَّرْعِ إلزامُه
    ثالثًا: أنَّه قد ثبتَ بالاتِّفاقِ أنَّ الحَجَّ- والعُمْرَةَ عند من أوجَبَها- إنَّما يجِبُ مرَّةً واحدةً، فلو أوجَبْنا على كُلِّ مَن دخَلَ مَكَّةَ أو الحرَمَ أن يحُجَّ أو يعتَمِرَ؛ لوجب أكثرَ مِن مَرَّةٍ
    رابعًا: أنَّه تحيَّةٌ لبُقْعَةٍ، فلم تجِبْ كتحِيَّةِ المسجِدِ

    مسألَةُ المُرورِ بمِيقاتَينِ:
    لا يجوزُ لِمُريدِ النُّسُكِ أن يتجاوَزَ أوَّلَ ميقاتٍ يَمُرُّ عليه إلى ميقاتٍ آخَرَ، سواءٌ كان أقربَ إلى مَكَّةَ أو أبعَدَ؛ مثل أن يترُكَ أهْلُ المدينةِ الإحرامَ مِن ذي الحُليفَةِ حتى يُحْرِموا من الجُحْفَةِ، أو أن يتركَ أهْلُ الشَّامِ الإحرامَ من الجُحْفةِ إلى ذي الحُلَيفةِ، وهذا مَذْهَبُ الجُمْهورِ مِنَ المالِكِيَّة، والشَّافِعِيَّة، والحَنابِلَة، وهو قَوْلُ طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسَلَّم قال في المواقيت: ((فهنَّ لهنَّ، ولِمَن أتى عليهنَّ مِن غيرِ أهلِهنَّ لمن كان يريد الحَج والعُمْرَة))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ قَوْلَه: ((ولِمَن أتى عليهنَّ مِن غيرِ أهلِهنَّ)) عامٌّ فيمن أتى، يدخُلُ تحته مَن ميقاتُه بين يَدَيْ هذه المواقيتِ التي مرَّ بها، ومَنْ ليس ميقاتُه بين يَدَيْها؛ فلا يجوزُ أن يُجاوِزَهُنَّ غيرَ مُحْرِمٍ
    ثانيًا: أنَّ هذه المواقيتَ مُحيطةٌ بالبيتِ كإحاطَةِ جوانِبِ الحَرَمِ، فكلُّ من مرَّ بجانِبٍ مِن جوانِبِه لَزِمَه تعظيمُ حُرْمَتِه، وإن كان بعضُ جوانِبِه أبعَدَ مِن بعضٍ

    المَطْلَب السابع: حُكْمُ التقَدُّمِ بالإحرامِ قَبلَ المواقيتِ المَكانِيَّةِ:
    يجوزُ التقدُّمُ بالإحرامِ قبل المواقيتِ المكانيَّة، لكِنْ مع الكراهَةِ، وهو مَذْهَبُ المالِكِيَّةِ، والحَنابِلَةِ، واختارَه ابنُ باز، وابنُ عُثيمين
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسَلَّم حجَّ واعتَمَر، وترك الإحرامَ مِن بَيْتِه، ومِن مَسْجِدِه مع فَضْلِه، وأحرَمَ مِنَ الميقاتِ،
    ولا يَفْعَلُ إلَّا الأفضَلَ
    ثانيًا: أنَّه لو كان الأفضَلُ الإحرامَ مِن قَبْلِ الميقاتِ، لكان أصحابُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسَلَّم وخلفاؤُه يُحْرِمونَ مِن بُيوتِهم،
    ولَمَا تَواطَؤُوا على تَرْكِ الأَفضَلِ، واختيارِ الأَدْنى، وهم أهْلُ التَّقوى والفَضْلِ، وأفضَلُ الخَلْقِ، ولهم مِنَ الحِرْصِ على الفضائِلِ والدَّرجاتِ ما لهم
    ثالثًا: إنكارُ عُمَرَ وعُثمانَ رَضِيَ اللهُ عنهما الإحرامَ قَبْلَ المواقيتِ:
    1- عن الحَسَنِ ((أنَّ عِمْرانَ بْنَ الحُصَينِ أحرَمَ مِنَ البَصرَةِ، فلمَّا قَدِمَ على عُمَرَ- وقد كان بلَغَه ذلك- أغلَظَ له، وقال: يتحدَّثُ النَّاسُ أنَّ رَجُلًا مِن أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسَلَّم أحرَمَ مِن مِصْرٍ مِنَ الأمصارِ))
    2- (أحرَمَ عبدُ اللهِ بنُ عامِرٍ مِن خُراسانَ، فلمَّا قَدِمَ على عُثمانَ لامَهُ فيما صنَعَ، وكَرِهَه له)
    خامسًا: أنَّه تغريرٌ بالإحرامِ وتَعَرُّضٌ لفِعْلِ محظوراتِه، وفيه مشقَّةٌ على النَّفْسِ، فكُرِهَ كالوِصالِ في الصَّوْمِ

    المَطْلَبُ الثامن: الحَيْضُ والنِّفاسُ لا يمنَعُ من إحرامِ المرأةِ مِنَ الميقاتِ
    لا يجوزُ للمرأةِ التي تريدُ النُّسُكَ مجاوزَةُ الميقاتِ دون إحرامٍ، ولو كانت حائضًا، وعليها أن تُحْرِمَ، وإحرامُها صحيحٌ.
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((... فخَرَجْنا معه، حتى أتَيْنا ذا الحُلَيفةِ، فولَدَت أسماءُ بنتُ عُمَيسٍ محمَّدَ بنَ أبي بكرٍ، فأرسَلَتْ إلى رسولِ الله صلَّى الله عليه وسَلَّم: كيف أصنَعُ؟ قال: اغتَسِلي واستَثْفِري بثوبٍ وأَحْرِمي ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه أمَرَ النُّفَساءَ بالاغتسالِ والإحرامِ، ولا فَرْقَ في ذلك بينها وبينَ الحائِضِ؛ فالنِّفاسُ أقوى مِنَ الحَيضِ؛ لامتدادِه وكثْرَةِ دَمِه، ففي الحَيْضِ أَوْلَى
    ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ عَبْدِ البَرِّ، والنَّوَوِيُّ، وابنُ رجبٍ

    المبحث الثَّاني: ميقاتُ المِيقاتيِّ

    المَطْلَب الأوَّلُ: تعريفُ الميقاتِيِّ
    الميقاتيُّ هو: من يَسْكُنُ بين المواقِيتِ والحَرَمِ؛ كأهْلِ جُدَّةَ، وقُدَيدٍ، وعُسْفانَ، ومَرِّ الظَّهْرانِ، وبَحْرَة، وأمِّ السَّلَم
    المَطْلَب الثَّاني: مَوْضِعُ إحرامِ الميقاتيِّ
    من كان ساكنًا أو نازلًا بين المواقيتِ والحَرَمِ فإنَّ مِيقاتَه مَوْضِعُه، فإنْ جاوَزَه أثِمَ ووَجَبَ عليه الدَّمُ
    وهذا مَذْهَبُ الجُمْهورِ: من المالِكِيَّة، والشَّافِعِيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:
    أَوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
    عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، عَنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسَلَّم، في حديثِ المواقيتِ: ((ومَنْ كان دون ذلك فمِنْ حَيثُ أنشَأَ، حتى أهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ))، وفي روايةٍ: ((فمَن كان دونَهُنَّ فمِنْ أَهْلِه))
    ثانيًا: مِنَ الآثارِ
    عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((من نسي من نسكه شيئا، أو تركه فَلْيُهْرِقْ دَمًا))

    المبحث الثَّالِث: مِيقاتُ المَكِّيِّ (الحَرَمِيِّ)
    المَطْلَب الأوَّلُ: تَعريفُ المكِّيِّ
    المكيُّ هو: من كان داخِلَ الحَرَمِ عند إرادَةِ الإحرامِ، سواءٌ كان مِن أَهْلِها أو عابِرَ سبيلٍ
    المَطْلَب الثَّاني: ميقاتُ المكِّيِّ للحَجِّ
    مَن كان مِنْزِلُه في مَكَّةَ أو الحَرَمِ، فإنَّه يُحْرِمُ مِن مَنْزِلِه؛ سواءٌ كان مُسْتَوطِنًا أو نازلًا.
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، عَنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسَلَّم، في حديثِ المواقيتِ: ((ومَن كان دونَ ذلك فمِنْ حيثُ أنشَأَ، حتى أهْلُ مَكَّةَ مِن مَكَّةَ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ نصَّ الحديثِ يقتضي أنَّ أهْلَ مَكَّةَ يُحرمونَ منها
    2- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((أمَرَنا النبيُّ صلَّى الله عليه وسَلَّم لَمَّا أَحْلَلْنا، أنْ نُحْرِمَ إذا توجَّهْنا إلى مِنًى،
    قال: فأَهْلَلْنا مِنَ الأَبْطَحِ
    ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ
    :
    أنَّ الصَّحابَةَ رَضِيَ اللهُ عنهم الذين حَلُّوا مِن إحرامِهم مع الرَّسولِ صلَّى الله عليه وسَلَّم أحرموا مِنَ الأَبطحِ، وهو موضِعٌ بمَكَّة
    ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ المُنْذِر، وابنُ حَزْمٍ، والقُرطبيُّ، والنَّوَوِيُّ
    المَطْلَب الثَّالِث: ميقاتُ المكِّيِّ للعُمْرَةِ
    ميقاتُ المكِّيِّ للعُمْرَة هو الحِلُّ، من أيِّ مَوْضِعٍ منه شاءَ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الأَربعَةِ: الحَنَفيَّة، والمالِكِيَّة، والشَّافِعِيَّة، والحَنابِلَة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
    الدليل مِنَ السُّنَّةِ:
    عن جابرٍ رَضِيَ الله عنهما: ((أنَّ عائشةَ حاضت فنَسَكَت المناسِكَ كُلَّها، غيرَ أنَّها لم تَطُفْ بالبيتِ. قال: فلمَّا طَهُرَت وطافت،
    قالت: يا رَسولَ الله، أتنطَلِقونَ بعُمْرَةٍ وحَجَّةٍ، وأنطَلِقُ بالحَجِّ؟ فأمر عبدَ الرَّحمنِ بنَ أبي بكرٍ أن يَخْرُجَ معها إلى التَّنعيمِ،
    فاعتَمَرَت بعد الحَجِّ في ذي الحِجَّةِ
    ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أن عائَشَةَ كانت مُقيمةً بمَكَّةَ، فأمَرَها رسولُ اللهِ أن تُحْرِمَ من التَّنعيمِ، وهو أدنى الحِلِّ
    -------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا متعنا الله وإياكم بحج بيته الحرام وزياره حبيبه المصطفي المجتبي صل الله عليه وسلم

    تابعونا ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور و انهار الجنه يعجبهم هذا الموضوع

    avatar
    انهار الجنه


    عدد المساهمات : 228
    تاريخ التسجيل : 07/03/2010

    أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها Empty رد: أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها

    مُساهمة من طرف انهار الجنه الأحد يونيو 04, 2023 8:19 am

    اللهم أرزقنا حج بيتك الحرام وزيارة حبيبك المصطفي صل الله عليه وسلم

    صادق النور و انهار الجنه يعجبهم هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها Empty رد: أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها

    مُساهمة من طرف صادق النور الخميس يونيو 22, 2023 1:38 pm

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها Empty رد: أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها

    مُساهمة من طرف صادق النور الخميس يونيو 22, 2023 1:46 pm

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها Empty رد: أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها

    مُساهمة من طرف صادق النور الخميس يونيو 22, 2023 1:49 pm

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها Empty رد: أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها

    مُساهمة من طرف صادق النور الخميس يونيو 22, 2023 1:49 pm

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها Empty رد: أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها

    مُساهمة من طرف صادق النور الخميس يونيو 22, 2023 1:50 pm

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها Empty رد: أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها

    مُساهمة من طرف صادق النور الخميس يونيو 22, 2023 1:51 pm

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها Empty رد: أولاً:. مناسك الحج . تعريف الحج . آداب السفر .مشروعيه الحج . حكم جاحد الحد . شروطالحج .أحكام العمره ووقتها

    مُساهمة من طرف صادق النور الخميس يونيو 22, 2023 1:52 pm


      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 9:48 am