: . : الغُسل وموجباته .. وأحكام ا لجُنُب : .:
المبحث الأول: تعريفُ الغُسل
الغسل لُغةً: هو إفاضةُ الماء على الشَّيءِ
الغسل شرعًا: هو تعميمُ البَدنِ بالماءِ بنيَّةٍ معتبَرةٍ
:. المطلب الأول: تعريفُ الجَنابة لُغةً واصطلاحًا . :الغسل لُغةً: هو إفاضةُ الماء على الشَّيءِ
الغسل شرعًا: هو تعميمُ البَدنِ بالماءِ بنيَّةٍ معتبَرةٍ
الجَنابة لُغةً: البُعدُ
الجَنابة اصطلاحًا: إنزالُ المنيِّ، أو التِقاءُ الختانَينِ، سمِّيت به؛ لكونها سببًا لتجنُّبِ الصَّلاةِ شرعًا
الفرع الأوَّل: خروج المنيِّ في اليقظة دفقًا بلذَّة
إذا خرج المنيُّ في اليقظةِ دفقًا بلذَّة، فإنَّ الغُسلَ واجِبٌ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والحنابلة
الأدلَّة:أوَّلًا: من الكتاب
قوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا [المائدة: 6]
وجه الدَّلالة:
أنَّ الجُنُبَ هو الذي خرج منه المنيُّ دفقًا بلذَّةٍ
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا فَضختَ الماءَ فاغتسِلْ ))
وجه الدَّلالة:
أنَّ الفَضخَ هو خروجُ المنيِّ دفقًا
الفرع الثَّاني: خروجُ بقيَّة المنيِّ بعد الغُسلِ
إذا خرَجت بقيَّة المنيِّ بعد الاغتسالِ، فلا يجِبُ إعادةُ الغُسل، وإنَّما يجِبُ الوضوءُ فقط، وهو مذهَبُ المالكيَّة، والحنابلةِ على المشهورِ، وبه قالت طائفةٌ من السَّلَف، واختاره ابنُ تيميَّة, وابنُ باز، وابنُ عُثيمين
الأدلَّة:أولًا: مِن السُّنَّةِ
عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا فضختَ الماءَ فاغتسلْ ))
وجه الدَّلالة:
أنَّ الفَضخَ هو خروجُ المنيِّ بالغَلَبة، وإذا تكرَّر خروجُ المنيِّ بدونِ شَهوةٍ توجِبُ خروجَه، فإنَّه يخرُجُ بغيرِ غَلَبةٍ
ثانيًا: أنَّه خارِجٌ لغيرِ شَهوةٍ، والجَنابة لا تتحقَّقُ بخروجِ المنيِّ لغير شَهوةٍ
ثالثًا: أنَّ المنيَّ المتكرِّر إنَّما هو منيٌّ واحدٌ خرَج على دَفعتينِ أو أكثر، فلا يوجِبُ أكثرَ من غُسلٍ، كما لو خرج دَفعةً واحدةً
الفرع الأوَّل: مَن احتَلَم فأنزل
مَن احتلم فأنزَلَ منيًّا، فإنَّه يجِبُ عليه الغُسل.
الأدلَّة:أولًا: مِن السُّنَّةِ
عن أمِّ سلمة أمِّ المؤمنين رَضِيَ اللهُ عنها أنَّها قالت: ((جاءتْ أمُّ سُلَيم- امرأةُ أبي طلحةَ- إلى رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالت: يا رسولَ الله، إنَّ اللهَ لا يستحيي من الحقِّ؛ هل على المرأةِ مِن غُسلٍ، إذا هي احتلَمتْ؟ فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: نعَمْ، إذا رأتِ الماءَ ))
وجه الدَّلالة:
أنَّ الحديثَ يدلُّ على أنَّ مَن احتَلَم فرأى الماء- أي: المنيَّ- فعليه الغُسلُ.
ثانيًا: من الإجماع
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حَزمٍ، وابنُ عبدِ البَرِّ، وابنُ قدامة، والنوويُّ، وابنُ تيميَّة
الفرع الثَّاني: مَن احتلم ولم يُنزِل
مَن احتلم ولم يُنزل منيًّا، أو لم يرَ شيئًا، فلا غُسلَ عليه، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشافعيَّة، والحنابلة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
الدليل مِن السُّنَّةِ:
عن أمِّ سلمةَ، أمِّ المؤمنين رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّها قالت: ((جاءتْ أمُّ سُليمٍ- امرأةُ أبي طلحةَ- إلى رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالت: يا رسولَ الله، إنَّ اللهَ لا يَستحيي من الحقِّ؛ هل على المرأةِ مِن غُسلٍ إذا هي احتلَمَتْ؟ فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: نعَمْ، إذا رأتِ الماءَ ))
وجه الدَّلالة:
أنَّ الحديث يدلُّ على أنَّها إنْ لم ترَ الماءَ، فلا غُسلَ عليها.
الفرع الثَّالث: مَن رأى منيًّا ولم يتذكَّر احتلامًا
مَن رأى منيًّا ولم يتذكَّر احتلامًا، فإنَّه يجِبُ عليه الغُسل، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحنابلة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
الأدلَّة:أولًا: مِن السُّنَّةِ
- عن أمِّ سلمة أمِّ المؤمنين رَضِيَ اللهُ عنها أنَّها قالت: ((جاءتْ أمُّ سُلَيم- امرأةُ أبي طلحةَ- إلى رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالت: يا رسولَ الله، إنَّ الله لا يستحيي من الحقِّ؛ هل على المرأةِ مِن غُسلٍ إذا هي احتلَمتْ؟ فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: نعَمْ، إذا رأتِ الماءَ ))
ثانيًا: أنَّ الظَّاهر أنَّ المنيَّ عن احتلامٍ، والنَّائم قد لا يُحسُّ به؛ لأنَّه لا يضبِطُ حالَه
ثالثًا: أنَّها صورةٌ جُهِل السَّبب فيها، فحُمِل على الغالِب، وهو الخروجُ بلذَّة معتادةٍ
الفرع الرَّابع: مَن رأى بللًا وشكَّ في كونه منيًّا أو مَذيًا
مَن رأى بللًا وشكَّ في كونه منيًّا أو مذيًا، فإنَّه لا يجِبُ عليه الغُسل، وهو المشهورُ مِن مذهب الشَّافعيَّة، وهو قَولُ أبي يوسف،
وقولٌ للمالكيَّة، وقولٌ للحنابلة، وبه قال طائفةٌ من السَّلف, واختاره ابن المُنذِر, وابن قُدامة، وابنُ باز، وابنُ عثيمينوحُكي عن أكثَرِ أهلِ العِلمِ
الأدلَّة:أولًا: مِن السُّنَّةِ
عن أمِّ سلمةَ أمِّ المؤمنين رَضِيَ اللهُ عنها أنَّها قالت: ((جاءتْ أمُّ سُلَيمٍ- امرأةُ أبي طلحةَ- إلى رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالت: يا رسولَ الله، إنَّ اللهَ لا يستحيي من الحقِّ؛ هل على المرأةِ مِن غُسلٍ إذا هي احتلَمتْ؟ فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: نعَمْ، إذا رأتِ الماءَ ))
وجه الدَّلالة:
أنَّ ظاهِرَ الحديث يدلُّ على أنَّ الغُسلَ إنَّما يجب إذا رُئيَ الماءُ، وتُحقِّقَ أنَّه منيٌّ، وإلَّا لم يجِب الغُسل.
ثانيًا: أنَّه طاهِرٌ بيقينٍ، والغُسلُ لا يثبُتُ بالشكِّ
يجب الغُسلُ بالجِماع، وإنْ لم يُنزِل، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة
، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحنابلة، وبه قال أكثرُ العلماء، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
الأدلَّة مِن السُّنَّةِ:
1- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه: أنَّ نبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا جَلَس بين شُعَبِها الأربَعِ ومسَّ الخِتانُ الخِتانَ، فقد وجَب الغُسلُ ))، وفي رواية: ((وإنْ لم يُنزِلْ))
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، زَوجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالت: ((إنَّ رجلًا سأل رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الرَّجُل يُجامِع أهلَه، ثمَّ يُكسِلُ؛ (يقال: أكْسَلَ الرَّجُلُ في جِماعه، إذا ضعُفَ عن الإنزال). هل عليهما الغُسلُ؟ وعائشةُ جالسةٌ، فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنِّي لأَفعَلُ ذلك أنا وهذه، ثمَّ نغتَسِلُ ))
3- عن أُبيِّ بن كَعب رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ الفُتيا التي كانوا يُفتونَ؛ أنَّ الماءَ مِن الماءِ، كانتْ رخصةً رخَّصَها رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في بَدءِ الإسلامِ، ثمَّ أمَر بالاغتسالِ بعدُ ))
فرع: مسُّ الخِتانِ دون إيلاج
إذا مسَّ ذَكَرُ الرَّجُل فرْجَ المرأة، دون إيلاجٍ أو إنزالٍ، فلا يجِبُ عليهما الغُسلُ بذلك.
الدَّليلُ من الإجماع:
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ العربيِّ، وابنُ قدامة، والنوويُّ، والشوكانيُّ
: : . المطلب الثاني: الإتيان في الدُّبُر رجلًا كان أو امرأة . ::
إتيانُ المرأةِ أو الرَّجُلِ في الدُّبُر، يوجِبُ الغُسل، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحنابلة
الأدلَّة:أوَّلًا: من الكتاب
قولُ اللهِ تعالى عن قَومِ لُوطٍ: إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ [العنكبوت: 28] ،
وقدْ قال تعالى عن الزِّنا: وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ [النساء: 15]
وجه الدَّلالة:
أنَّه سمَّى إتيان الذُّكور فاحشةً، كما سمَّى إتيانَ النِّساءِ سفاحًا فاحشةً، فكان الموجِبُ فيهما واحدًا.
ثانيًا: أنَّ الإيلاج في الدُّبُر سببٌ لنزول المنيِّ عادة، مثله مثل الإيلاجِ في السَّبيلِ المعتاد، والسَّبَبُ يقوم مقامَ المسبَّب
ثالثًا: أنَّ الوطءَ في الدُّبُر يوجِبُ الحدَّ، ويُفسِد العبادات التي تَفسُدُ بالوطء في القُبُل، كالصِّيامِ، والإحرامِ، والاعتكاف، فكان مثلَه في إيجابِ الغُسلِ
:: . المطلب الثَّالث: حكم الاغتسالِ من الجَنابة على الفَورِ . ::
إذا أجنَبَ المسلم، فإنَّه لا يجِبُ عليه أن يغتَسِلَ من فَورِه.
الأدلَّة:أولًا: مِن السُّنَّةِ
1- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لقِيه في بعضِ طَريقِ المدينة وهو جُنُبٌ، فانخنستُ منه، فذَهب فاغتسَلَ، ثمَّ جاء، فقال: أين كنتَ يا أبا هُرَيرةَ؟ قال: كنتُ جُنُبًا؛ فكرهتُ أن أجالسَك وأنا على غيرِ طهارةٍ، فقال: سبحانَ الله! إنَّ المسلِمَ لا يَنجُسُ ))
2- أنَّ عُمرَ بنَ الخطَّابِ: سألَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أيَرقُدُ أحدُنا وهو جُنُبٌ؟ قال: ((نعمْ، إذا توضَّأ أحدُكم فلْيَرقُدْ وهو جُنُبٌ ))
وجه الدَّلالة:
أنَّ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد أجاز للجُنُب أن ينامَ قبل أن يغتسِلَ، ممَّا يدلُّ على أنَّ الاغتسالَ غَيرُ واجبٍ على الفَورِ.
ثانيًا: من الإجماع
نقَل الإجماعَ على ذلك: النوويُّ، وسراجُ الدِّين الهنديُّ
يجِبُ الغُسلُ بانقطاعِ دَمِ الحَيضِ أو النِّفاسِ.
الأدلَّة:أوَّلًا: من الكتاب
قول الله تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة: 222]
وجه الدَّلالة:
أنَّ معنى قوله: فَإِذَا تَطَهَّرْنَ؛ أي: فإذا اغتسَلْن؛ وذلك للإجماعِ على أنَّها لا تصيرُ بالوضوءِ بالماءِ طاهرًا الطُّهرَ الذي يَحِلُّ لها به الصَّلاةُ
ثانيًا: من الإجماع
نقَل الإجماعَ على وجوبِ الغُسلِ فيهما: ابنُ حزمٍ، والكاسانيُّ، وابنُ قدامة، والنوويُّ
مسألة: تعدُّد مُوجباتِ الغُسلِ
إذا تعدَّدت مُوجباتُ الغُسلِ، فيُكتَفى بغسلٍ واحد، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحنابلة
الأدلَّة:أولًا: مِن السُّنَّةِ
1- عن أنسِ بنِ مالك رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ يَطُوفُ على نِسائِه بغُسْلٍ واحدٍ ))
2- حديثُ عمرَ رَضِيَ اللهُ عنه، حيث قال: سمعتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: ((إنَّما الأعمالُ بالنيَّاتِ، وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى... ))
وجه الدَّلالة:
عمومُ هذا الحديثِ يقتضي بأنَّه في حالِ نوى الغُسلَ عن عِدَّة مُوجِباتٍ للغُسلِ، أجزأه ذلك؛ لأنَّ الأعمالَ بالنيَّات
ثانيًا: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يكُن يغتسِلُ من الجِماع إلَّا غُسلًا واحدًا، مع أنَّ الجماعَ في غالِبِ الأحوالِ يتضمَّن شيئينِ،
هما التِقاءُ الختانين وإنزالُ المنيِّ؛ وهما سببانِ يُوجبان الغُسل؛ ممَّا يدلُّ على أنَّ الغُسلَ الواحِدَ يُجزئ عنهما
المبحث الأوَّل: غُسلُ الكافِرِ إذا أسلم
يُستحَبُّ الغُسلُ للكافِرِ إذا أسلَمَ وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة، ومشهور مذهب المالكيَّة، والشَّافعيَّة
الأدلة:أولًا: مِن السُّنَّةِ
عن قَيس بن عاصم رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((أنَّه أَسلَمَ فأمَر النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يَغتسلَ بماءٍ وسِدْرٍ ))
ثانيًا: أنَّ الأمر بالاغتسالِ قد ورد، إلَّا أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يأمر كلَّ مَن أسلَمَ بالغُسل؛ فدلَّ ذلك على استحبابِه
المبحث الثاني: الغُسلُ مِن زوالِ العَقلِ
يُستحبُّ الغُسلُ لِمَن أفاقَ مِن الإغماءِ، من غير تحقُّقِ جَنابةٍ أو حيض؛ نصَّ على هذا الشَّافعيَّة، والحنابلة، واختاره الشوكانيُّ،
وابنُ باز، وابنُ عثيمين
الدَّليل مِن السُّنَّةِ:
عن عُبَيد الله بن عبد الله قال: ((دخلتُ على عائشةَ، فقلت لها: ألَا تُحدِّثيني عن مَرَضِ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟ قالت: بلى، ثقُل النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: أَصلَّى الناس؟ قلنا: لا، وهم ينتظرونَك يا رسولَ الله. قال: ضعوا لي ماءً في المِخضَبِ. ففعَلْنا فاغتسَلَ، ثمَّ ذهب لينوءَ فأُغمِيَ عليه، ثم أفاق فقال: أَصلَّى النَّاسُ؟ قلنا: لا، وهم ينتظرونَك يا رسولَ الله. فقال: ضَعُوا لي ماءً في المِخضَب. ففعلنا فاغتسَلَ، ثمَّ ذهب لينوءَ فأُغمِيَ عليه، ثمَّ أفاق، فقال: أَصلَّى الناس؟ قلنا: لا، وهم ينتظرونَك يا رسولَ الله.
فقال: ضعوا لي ماءً في المِخضَبِ. ففعلنا فاغتسَلَ، ثمَّ ذهب لينوء فأُغمي عليه، ثمَّ أفاق فقال: أَصلَّى النَّاسُ؟
فقلنا: لا، وهم ينتظرونَك يا رسولَ الله. قالت: والنَّاسُ عكوفٌ في المسجِدِ ينتظرون رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لصلاةِ العِشاء الآخِرةِ... ))
وجه الدَّلالة:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد فعل ذلك ثلاث مرَّات مع أنَّه مُثقَلٌ بالمَرَض؛ فدلَّ ذلك على تأكُّدِ استحبابِه
المبحث الثَّالث: غُسل الجُمُعة
يُستحَبُّ الغُسلُ لصلاةِ الجُمُعة
المبحث الرَّابع: غُسلُ العِيدين
يُستحَبُّ الغسلُ لصلاةِ العيدَينِ
المبحث الخامس: الغُسلُ مِن تغسيلِ الميِّت
يُستحَبُّ الغُسلُ مِن تغسيلِ المَيِّت
المبحث السَّادس: الغُسلُ للإحرامِ
يُستحَبُّ الغُسلُ للإحرامِ
المبحث السَّابع: الغُسلُ لدُخولِ مكَّة
يُستحَبُّ الغُسلُ لدُخولِ مكَّةَ
المبحث الثَّامن: الغُسلُ لِيَومِ عَرفةَ
يُستحَبُّ الغُسلُ ليَومِ عَرَفةَ
من فرائِضِ الغُسلِ النيَّة، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّةوالشَّافعيَّة والحنابلة
الأدلَّة:أولًا: مِن السُّنَّةِ
عن عُمر رَضِيَ اللهُ عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: ((إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّات، وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى...
وجه الدَّلالة:
أنَّ الحديثَ يدلُّ على أنَّ حُكمَ العَملِ لا يثبُتُ إلَّا بالنيَّة
ثانيًا: أنَّ الغُسلَ عبادةٌ مفروضةٌ، والمفروضات لا تُؤدَّى إلَّا بقَصدِ أدائها، ولا يُسمَّى الفاعِلُ على الحقيقةِ فاعلًا إلَّا بقَصدٍ منه إلى الفِعلِ، ومُحالٌ أن يتأدَّى عن المَرءِ ما لم يقصِدْ إلى أدائِه وينويه بفِعلِه
إيصالُ الماءِ إلى جميعِ البَدَنِ فرضٌ من فرائضِ الغُسل
الأدلَّة: أوَّلًا: من الكتاب
1- قول الله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا [المائدة: 6]
2- قوله تعالى: وَلا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا [النساء: 43]
وجه الدَّلالة:
أنَّ عمومَ الأمرِ بالطَّهارةِ وبالغُسلِ ظاهرٌ في تعميمِ الماءِ جَميعَ البدَنِ
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
1- سُئل جابرٌ رَضِيَ اللهُ عنه: كيف الغُسلُ مِن الجَنابة؟ فقال: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يأخُذ ثلاثةَ أكُفٍّ ويُفيضُها على رأسِه، ثم يُفيضُ على سائِرِ جَسَدِه ))
2- عن ميمونةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((وضَع رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وَضوءًا لجنابةٍ، فأكفأَ بيمينِه على شِمالِه مرَّتين أو ثلاثًا، ثمَّ غسَلَ فرْجَه، ثمَّ ضرَب يَدَه بالأرضِ أو الحائِطِ مرَّتين- أو ثلاثًا- ثمَّ مضمَضَ واستنشَقَ، وغسَل وجهَه وذِراعيه، ثمَّ أفاض على رأسِه الماءَ، ثمَّ غسَل جَسَده، ثم تنحَّى فغَسَل رِجلَيه. قالت: فأتيتُه بخِرقةٍ، فلم يُرِدْها، فجعل ينفُضُ بِيَدِه ))
3- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا اغتسَلَ مِن الجنابة غَسَلَ يدَيه، وتوضَّأ وُضوءَه للصَّلاةِ، ثمَّ اغتسَلَ، ثمَّ يُخلِّلُ بيَدِه شَعْرَه، حتَّى إذا ظنَّ أنْ قد أَروى بَشَرتَه، أفاض عليه الماءَ ثلاثَ مرَّاتٍ، ثمَّ غسَل سائِرَ جَسَدِه ))
ثالثًا: من الإجماع
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابن جُزَيٍّ، والعينيُّ، والصنعاني
من فرائِضِ الغُسلِ: المضمضةُ والاستنشاقُ، وهذا مَذهَبُ الحنفيَّة، والحنابلة، واختاره ابنُ تيميَّة، وابنُ باز، وابنُ عثيمين
الأدلَّة:أوَّلًا: من الكتاب
عُمومُ قَولِ الله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا [المائدة: 6]
وجه الدَّلالة:
أنَّ المعنى طهِّروا أبدانَكم؛ واسمُ البَدَنِ يقَعُ على الظَّاهِرِ والباطِنِ، فيجبُ تطهيرُ ما يمكِنُ تطهيرُه منه بلا حرجٍ، وإيصالُ الماءِ إلى داخِلِ الفَمِ والأنفِ مُمكِنٌ بلا حرَج
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
عن ميمونةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((وَضعتُ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ماءً للغُسل، فغسل يديه مرَّتين- أو ثلاثًا- ثمَّ أفرَغَ على شِمالِه فغَسَل مذاكيرَه، ثم مسحَ يدَه بالأرض، ثم مضمَضَ واستنشَقَ، وغسَل وجهَه ويدَيه، ثمَّ أفاض على جسَدِه، ثمَّ تحوَّلَ مِن مكانِه، فغسَلَ قَدَميه ))
وجه الدَّلالة:
أنَّ غُسلَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقَع بيانًا لمُجَمل الكتاب، وقد تمضمَضَ فيه واستنشَقَ، فدلَّ على لُزومِه
ثالثًا: أنَّ المضمضةَ والاستنشاقَ داخلانِ في غَسلِ الوَجهِ، والوجهُ ممَّا يجِبُ غَسله في الطَّهارةِ الكبرى؛ ولذا وجبَ على مَن اغتسل الغُسلَ الواجبَ أن يتمضمَضَ ويستنشِقَ
يجبُ سَتْرُ العورةِ عن أعيُنِ النَّاس، لا سيَّما عند الاغتسالِ؛ لأنَّه مظِنَّة كَشْفِها.
الأدلَّة:أولًا: مِن السُّنَّةِ
1- عن معاويةَ بن أبي حَيدةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قلتُ: يا رسولَ الله، عوراتُنا ما نأتي منها وما نذَر؟
قال: ((احفَظْ عورتَك إلَّا عن زوجَتِك أو ما ملَكت يمينُك ))
2- عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه: أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا ينظُرُ الرَّجُلُ إلى عورة الرَّجُل، ولا المرأةُ إلى عورة المرأةِ، ولا يُفضي الرَّجلُ إلى الرَّجلِ في ثوبٍ واحدٍ، ولا تُفضي المرأةُ إلى المرأةِ في الثَّوبِ الواحِدِ ))
3- عن أمِّ هانئ بنت أبي طالب رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((ذهبتُ إلى رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عامَ الفَتحِ، فوجدتُه يغتَسِلُ وفاطمةُ تستُرُه، فقال: مَن هذه؟ فقلت: أنا أمُّ هانئٍ ))
4- عن ميمونةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((سَتَرتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو يغتسِلُ مِن الجَنابة، فغَسل يديه، ثمَّ صبَّ بيمينِه على شِمالِه، فغسَلَ فرْجَه وما أصابَه، ثمَّ مسَح بيَدِه على الحائِطِ- أو الأرض- ثم توضَّأ وضوءَه للصَّلاةِ غَيرِ رِجليه، ثمَّ أفاض على جَسَده الماءَ، ثمَّ تنحَّى فغسَلَ قَدَميه ))
ثانيًا: من الإجماع
نقَل الإجماعَ على وجوبِ الاستتارِ عن أعينِ النَّاسِ في الجملة: الجصَّاصُ، وابنُ عبدِ البَرِّ، وابن رشد الحفيد، والنوويُّ، وابن رجب
استحبَّ التَّسميةَ عند الغُسلِ: جمهورُ الفقهاءِ الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، وهو روايةٌ عند الحنابلةِ
الأدلَّة:أوَّلًا: من الآثار
عن يَعلَى بن أُميَّةَ قال: (بينما عمرُ بنُ الخطَّابِ يغتسِلُ إلى بعيرٍ، وأنا أستُرُ عليه بثوبٍ، إذ قال عمر: يا يَعلَى، أصبُبُ على رأسي؟ فقلتُ: أميرُ المؤمنين أعلمُ، فقال عُمَرُ بن الخطَّاب: واللهِ لا يزيدُ الماءُ الشَّعرَ إلَّا شعثًا، فسمَّى اللهَ ثمَّ أفاض على رأسِه)
ثانيًا: أنَّ التَّسميةَ مَشروعةٌ عند كثيرٍ مِن الأمور، سواءٌ كانت عبادةً، أو غيرَها، فتُشرَعُ عند الأكْل، وعند دخولِ المَنزِل، والخروجِ منه، وعند الوطءِ، وغير ذلك من المواضِعِ التي تُشرَع فيها التَّسميةُ؛ فيكون الغُسلُ كذلك من الأشياء التي يُسَنُّ أن تُسبق بالتَّسميةِ
يُسَنُّ غَسلُ اليدين ثلاثًا، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحنابلة
الأدلَّة مِن السُّنَّةِ:
1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اغتسل من الجَنابة، فبدأ فغَسلَ كفَّيه ثلاثًا ))
2- عَنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: حدَّثتني خالتي ميمونةُ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((أَدنيتُ لرسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غُسلَه من الجَنابةِ، فغسَل كفَّيه مرَّتين أو ثلاثًا، ثمَّ أدخل يدَه في الإناءِ، ثمَّ أفرغ به على فرجَه وغَسَلَه بشِمالِه، ثمَّ ضرَبَ بشمالِه الأرضَ فدَلَكها دلكًا شديدًا، ثمَّ توضَّأ وُضوءَه للصَّلاة، ثمَّ أفرغ على رأسِه ثلاثَ حَفَنات مِلءَ كفِّه، ثمَّ غسل سائِرَ جسَدِه، ثمَّ تنحَّى عن مقامِه ذلك، فغسَلَ رِجلَيه، ثمَّ أتيتُه بالمِنديلِ فردَّه ))
يُسنُّ البَدءُ بـإزالةِ ما على الفرْجِ من أذًى، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّه، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحنابلة
الأدلَّة مِن السُّنَّةِ:
1- عَنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: حدَّثتني خالتي ميمونةُ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((أَدنيتُ لرسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غُسلَه من الجنابةِ، فغسَل كفَّيه مرَّتين أو ثلاثًا، ثمَّ أدخل يدَه في الإناء، ثمَّ أفرغ به على فرْجِه وغَسَله بشِمالِه، ثمَّ ضرب بشِمالِه الأرضَ، فدَلكها دلْكًا شديدًا، ثمَّ توضَّأ وضوءَه للصَّلاة، ثمَّ أفرغ على رأسِه ثلاثَ حَفَنات مِلءَ كفِّه، ثمَّ غسَل سائِرَ جَسَدِه، ثمَّ تنحَّى عن مَقامِه ذلك، فغسَلَ رِجلَيه، ثم أتيتُه بالمِنديلِ فردَّه ))
2- وعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا اغتسل من الجَنابةِ يبدأُ فيغسِلُ يديه، ثمَّ يُفرِغُ بيمينِه على شِمالِه فيغسِلُ فرْجَه، ثمَّ يتوضَّأ وضوءَه للصَّلاةِ، ثمَّ يأخُذُ الماءَ فيُدخِلُ أصابِعَه في أصولِ الشَّعرِ، حتى إذا رأى أنْ قد استبرَأَ حفَن على رأسِه ثلاثَ حَفَنات، ثمَّ أفاض على سائِرِ جَسَدِه، ثمَّ غسَل رِجلَيه ))
وما زلنا أحبابنا .. تابعونا جزاكم الله خيرا وبارك فيك ونفع بكم
ولا تنسونا من صالح دعائكم
أمس في 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
أمس في 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد
» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» العبادة وأركانها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد
» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور
» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد
» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد
» هيئات السجود المسنونة
الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» (( - 2 -)) خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأربعاء نوفمبر 13, 2024 11:28 pm من طرف صادق النور