تعريف مزدلفه
1- مُزْدَلِفةُ:
يقال: زَلَفَ إليه، وازدَلَف، وتَزَلَّف؛ أي: دنا منه، وأزْلَفَ الشيءَ: قَرَّبَه، ومُزْدَلِفةُ، والمُزْدَلِفة: موضع بمكَّةَ
سببُ التَّسْمِيَةِ بمُزْدَلِفة:
أ- لأنَّهم يَقْرُبونَ فيها مِن مِنًى، والازدلافُ التَّقريبُ، ومنه قوله تعالى:
وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ |
ب- لأنَّ النَّاس يجتمعونَ بها، والاجتماعُ الازدلافُ، ومنه قوله تعالى:
وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ |
2- المَشْعَرُ الحرامُ:
سَمَّى اللهُ المُزْدَلِفةَ بالمشعَرِ الحرامِ؛ قال تعالى:
فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ |
والمَشعرُ الحرامُ المذكورُ في القرآنِ: هو جميعُ المزدَلِفةِ، وبه قال جمهورُ المُفَسِّرين وأصحابُ الحديثِ والسِّيَر
3- جَمْعٌ:
أطلَقَ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على مُزْدَلِفةَ (جَمْع) فقال: ((
ووقَفْتُ ها هنا وجَمْعٌ كُلُّها موقِفٌ |
سببُ التَّسميةِ بـ (جَمْع):
سُمِّيَت جمْعًا؛ لأنَّها يُجمَع فيها بين الصَّلاتينِ، وقيل: وُصِفَتْ بفِعْلِ أهلها؛ لأنَّهم يجتمعونَ بها ويَزْدَلِفونَ إلى اللهِ؛ أي: يتقرَّبونَ إليه بالوقوفِ فيها
يتوجه حجاج بيت الله الحرام إلى مزدلفة للمبيت فيها وذلك لاستكمال مناسك الحج بعد الوقوف على عرفات جبل الرحمة.
بعد غروب شمس يوم عرفة يتوجه الحاج إلى مزدلفة ملبيًا ومكبرًا ومهللًا وحامدًا ويقول: «
الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد |
ويقول: «
إليك اللهم أرغب, وإياك أرجو, فتقبل نسكي ووفقني, وارزقني فيه من الخير أكثر مما أطلب, ولا تخيبني, إنك أنت الله الجواد الكريم |
يسير الحاج إلى مزدلفة على هينته بالسكينة والوقار دون إسراع لئلا يؤذي أحدًا.
المبيت بمزدلفة
قال تعالى: {
فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ |
والمشعر الحرام هو المزدلفة وهو واد يمتد من محسر غرباً إلى المأزمين شرقاً،
وسمي بذلك لأن الناس يأتون إليه في زلف أي ساعات من الليل، ويقال له أيضاً "جمع" لاجتماع الناس بهً،
والمزدلفة من الحرم، والمشعر الحرام هو جبل بالمزدلفة |
والمبيت بالمزدلفة يكون ليلة النحر بعد الإفاضة من عرفات
أي ليلة العاشر من ذي الحجة |
والمزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر |
المبيت بها من أركان الحج:
ومن أصحاب هذا القول عبد الله بن الزبير وعلقمة، والأسود والشعبي، والنخعي والحسن البصري، والأوزاعي, وبه قال أبو بكر بن خزيمة من الشافعية، وابن حزم، وإستدلوا على ذلك بحديث عروة بن مضرس رضي الله عنه حيث قال: ( أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالموقف (يعني بجمع) قلت: جئت يا رسول الله من جبل طيء، أكللت مطيتي، وأتعبت نفسي، والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه، فهل لي من حج؟ فقال رسول الله صلى اللة علية وسلم : "م
ن أدرك معنا هذه الصلاة، وأتى عرفات قبل ذلك ليلاً أو نهاراً؛ فقد تم حجه، وقضى تفثه |
المبيت بها من واجبات الحج:
وبهذا قال جمهور أهل العلم منهم عطاء والزهري وقتا دة والثوري، وهو المذهب عند الحنفية، والمالكية، والحنابلة، والأصح عند الشافعية،
قال ابن قدامة: والمبيت بمزدلفة واجب من تركه فعليه دم، واستدلوا على أنه ليس بركن بحديث عبدالرحمن بن يعمر الديلي رضي الله عنه حيث يقول: ( شهدت رسول الله وهو واقف بعرفة، وأتاه ناس من أهل نجد فقالوا: يا رسول الله كيف الحج؟ فقال: صلى اللةة علية وسلم "
الحج عرفة، فمن جاء قبل صلاة الفجر من ليلة جمع فقد تمَّ حجه، أيام منى ثلاثة أيام، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه |
المبيت بها من سنن الحج:
وبهذا قال بعض المالكية، والشافعية، وهو رواية عن أحمد، وحجتهم هي: أنه مبيت، فكان سنة كالمبيت بمنى ليلة عرفة، أي: الليلة التاسعة التي صبيحتها يوم عرفة.
وأرجح الأقوال وأوسطها هو القول بوجوب المبيت بمزدلفة إلى ما بعد منتصف ليلة النحر، والله تعالى أعلم. |
جمع المغرب والعشاء وقصر العشاء:
فإذا وصلت المزدلفة صلِّ بها المغرب والعشاء جمعاً وقصراً (المغرب لا تُقصر)، إلا أن تصل مزدلفة قبل العشاء الآخرة، فإنك تصلي المغرب في وقتها والعشاء في وقتها، وتبيت فيها، وإن خشيت ألا تصل الى مزدلفة إلا بعد نصف الليل، فإنه يجب أن تصلي ولو قبل الوصول إلى مزدلفة، ولا يجوز تأخير الصلاة إلى ما بعد نصف الليل.
المبيت بها:
وبعد ذلك يحرص الحاج على أن ينام مبكرا يكون نشيطا لأداء مناسك الحج يوم النحر، ولا يستحب قيام الليل فيها ولم يصح عن رسول الله ص أنه فعل شيئاً الى طلوع الفجر.
صلاة الصبح:
إذا تبين الفجر صل ركعتي الفجر ثم الصبح مع الجماعة مبكرا ثم تقف عند المشعر الحرام وتستقبل القبلة وتدعو الله , وتكبر، وتهلل وتكثر من الدعاء رافعاً يديك، ويستحب لك أن تستمر على ذلك حتى تسفر جدا، ولك أن تقف حيثما شئت من مزدلفة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم :"
وقفت ههنا وجمع كلها موقف |
الدفع الى مِنى:
فإذا أسفر الصبح جدا دفعت من مزدلفة إلى منى قبل طلوع الشمس، والسنة أن تلتقط هذا اليوم سبع حصيات مثل حصى الخذف في حجم حبة الفول وبجوز لك جمعها من مزدلفة أو مِنى أو أي مكان آخر، وعليك أن تكثرمن التلبية في سيرك إلى منى فإذا كنت بمحاذاة وادي محسر استحب لك الإسراع قليلا إن استطعت ذلك بدون أذى لأحد كما فعل صلى الله عليه وسلم .
فوائد ونصائح هامة:
أجاز الفقهاء أن يدفع الضعفاء من النساء والشيوخ من مزدلفة إلى منى قبل طلوع الفجر أي بعد نصف الليل؛ ليرموا جمرة العقبة قبل زحمة الناس اسستناداً الى حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ( ا
ستأذنت سودة رضي الله عنها رسول الله صلى اللة علية وسلم ليلة المزدلفة تدفع قبله وقبل حطمة الناس، وكانت امرأة ثبطة (يقول القاسم: والثبطة الثقيلة)، قالت: فأذن لها، فخرجت قبل دفعه، وحبسنا حتى أصبحنا فدفعنا بدفعه، ولأن أكون استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما استأذنته سودة فأكون أدفع بإذنه أحب إلى من مفروح به |
يٌصر البعض على أن يلتقط الحصى من مزدلفة وهذا ليس صحيحاً، فحصى الجمار يجوزجمعه من مزدلفة أو أي مكان آخر، كما يقوم البعض الآخر بغسل الحصى ! ولا أثر صحيح لذلك، والخير كل الخير في اتباع هدي المصطفى صلى اللة علية وسلم |
عليك الإكثار من التلبية والتكبير أثناء سيرك الى مِنى، ودائماً سِر في سكينة ووقار ولا تزاحم إخوانك.
فتاوى ومسائل متعلقة بالمبيت بالمزدلفة
1- ما هو حكم من لم يصل إلى مزدلفة إلا بعد الفجر؟
: إنني أديت مناسك الحج، ولكن ظهر أنه وقع لنا خطأ بالنسبة للوقوف بمزدلفة بعد العشاء بالحافلات، ولم نتمكن في الوصول إلى مزدلفة بسبب الزحام في المرور. ومكثنا في مكاننا خارج مزدلفة إلى صباح يوم العيد، وتوجهنا من هناك وقت شروق الشمس إلى منى، وبناء على هذا فإننا لم نقف ليلة العيد بمزدلفة، وأرجو منكم أن تفتوني؟
ألأجابه: "إذا كان الواقع لك في حجك ما ذكر فلا هدي عليك من أجل عدم مبيتك بمزدلفة؛ لأنك معذور، وحجك صحيح. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم".
2- كيف يصلي من كان راكبًا في الحافلة، وضاق عليه وقت الصلاة ولم يتمكن من النزول؟
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله السؤال التالي: قلتم إذا لم يتمكن من الوصول إلى مزدلفة إلا بعد منتصف الليل فإنه يتوقف ليصلي، ولكن الواقع أن رجال الأمن يمنعون من الوقوف حتى لا يتعطل السير، فهل لهم أن يصلوا في سياراتهم؟
فأجاب رحمه الله بقوله: "إذا لم يتمكن فيصلون على الراحلة، لكن عدم التمكن عندي أن ذلك غير وارد أصلاً، فالسائق يوقف سيارته؛ إذ يمكن أن يخرج يمينًا أو يسارًا عن الطريق، وأما المنع فنحن نمشي كثيرًا ولم نجد دوريات، لكن أحيانًا لا يمكن الوقوف بسبب مثلاً: في مكان حول وادي أو جسر، فالمهم إذا لم يتمكن فيصلي على الراحلة، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على راحلته حين أمطرت السماء، فكانت السماء تمطر، والأرض تجري، فصلوا على الرواحل الفريضة"
3- ما هو أول عمل يفعله الحاج عند الوصول إلى مزدلفة؟
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الغروب توجه ملبيًا إلى مزدلفة، وصلى بها المغرب ثلاثًا والعشاء ركعتين بأذان واحد وإقامتين قبل حط الرحال، ولم يصل بينهما شيئًا. فدل ذلك على أن المشروع لجميع الحجاج المبادرة بصلاة المغرب والعشاء جمعًا وقصرًا، بأذان واحد إقامتين من حين وصولهم إلى مزدلفة قبل حط الرحال، ولو كان ذلك في وقت المغرب تأسيًا به صلى الله عليه وسلم وعملاً بسنته".
4- من أين يجمع الحصى؟ وما هو حكم غسلها؟
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "ما يفعله بعض العامة من لقط حصى الجمار من حين وصولهم إلى مزدلفة قبل الصلاة، واعتقاد كثير منهم أن ذلك مشروع، فهو غلط لا أصل له، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر أن يلتقط له الحصى إلا بعد انصرافه من المشعر إلى منى، ومن أي موضع لقط الحصى أجزأه ذلك، ولا يتعين لقطه من مزدلفة، بل يجوز لقطه من منى، والسُنَّة التقاط سبع في هذا اليوم يرمي بها جمرة العقبة؛ اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، أما في الأيام الثلاثة فيلتقط من منى كل يوم إحدى وعشرين حصاة يرمي بها الجمار الثلاث.
ولا يُستحب غسل الحصى، بل يرمى به من غير غسيل؛ لأن ذلك لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه"
5- ما هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم في مزدلفة؟
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الغروب توجه ملبيًا إلى مزدلفة، وصلى بها المغرب ثلاثًا والعشاء ركعتين بأذان واحد وإقامتين، ثم بات بها وصلى بها الفجر مع سنتها بأذان وإقامة، ثم أتى المشعر الحرام فذكر الله عنده وكبره وهلله ودعا ورفع يديه، وقال: ((
وقفت ها هنا وجمع كلها موقف |
6- ما هو الوقت المعتبر للبقاء فيها، وهل يكفي مجرد المرور والصلاة؟
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله السؤال التالي: نرى في هذه الأيام عند النفرة من عرفات إلى مزدلفة الزحام الشديد، بحيث إن الحاج إذا وصل إلى مزدلفة لا يستطيع المبيت فيها من شدة الزحام، ويجد مشقة في ذلك، فهل يجوز ترك المبيت بمزدلفة؟ وهل على الحاج شيء إذا ترك المبيت بها؟ وهل تجزئ صلاة المغرب والعشاء عن الوقوف والمبيت في مزدلفة، وذلك بأن يصلي الحاج صلاتي المغرب والعشاء في مزدلفة، ثم يتجه فورًا إلى منى، فهل يصح الوقوف على هذا النحو؟ نرجو توضيح ذلك مع ذكر الدليل.
فأجاب رحمه الله بقوله: "المبيت بمزدلفة من واجبات الحج؛ اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقد بات بها صلى الله عليه وسلم وصلى الفجر بها وأقام حتى أسفر جدًا، وقال: ((
خذوا عني مناسككم |
وإذا لم يبت في مزدلفة فعليه دم، جبرًا لتركه الواجب، والخلاف بين أهل العلم رحمهم الله في كون المبيت في مزدلفة ركنًا أو واجبًا أو سنة مشهور معلوم، وأرجح الأقوال الثلاثة أنه واجب، على من تركه دم وحجه صحيح، وهذا هو قول أكثر أهل العلم. ولا يرخص في ترك المبيت إلى النصف الثاني من الليل لا للضعفة، أما الأقوياء الذين ليس معهم ضعفة، فالسنة لهم أن يبقوا في مزدلفة حتى يصلوا الفجر بها ذاكرين الله داعينه سبحانه، حتى يسفروا ثم ينصرفوا قبل طلوع الشمس؛ تأسيًا برسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن لم يصلها إلا في النصف الأخير من الضعفة كفاه أن يقيم بها بعض الوقت ثم ينصرف أخذًا بالرخصة. والله ولي التوفيق"
7- ما حكم صلاة التهجد ليلة مزدلفة؟
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "أما الوتر فالسنة المحافظة عليه في الحضر والسفر وفي ليلة مزدلفة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر في السفر والحضر عليه الصلاة والسلام،
وأما قول جابر: (
إنه اضطجع بعد العشاء |
والوتر نافلة، فإذا تركه بسبب التعب أو النوم أو شغل آخر فلا حرج عليه، ولكن يشرع له أن يقضيه من النهار شفعًا؛ لقول عائشة رضي الله عنها: (
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شغله عن قيام الليل نوم أو مرض، صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة |
8- متى يشرع الخروج من مزدلفة؟
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "السنة أن لا ينصرف منها إلا بعد صلاة الفجر، وبعد الإسفار يصلي فيها الفجر، فإذا أسفر توجه إلى منى ملبيًا، والسنة أن يذكر الله بعد الصلاة، ويدعو فإذا أسفر توجه إلى منى ملبيًا.
ويجوز للضعفة من النساء والرجال والشيوخ الانصراف من مزدلفة في النصف الأخير من الليل، رخص لهم النبي عليه الصلاة والسلام، أما الأقوياء فالسنة لهم أن يبقوا حتى يصلوا الفجر، وحتى يذكروا الله كثيرًا بعد الصلاة، ثم ينصرفوا قبل أن تطلع الشمس"
9- هل يلزم أن يكون الدعاء عند المشعر الحرام؟
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "الذي يظهر من قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((
وقفت هاهنا، وجمع كلها موقف |
10- إذا كان خط سير الحملة لا يتوقف بمزدلفة فما الحكم؟
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "لو أن الإنسان مُنع من المبيت في مزدلفة، فهذا لا شيء عليه؛ لأنه يكون على سبيل الإكراه"
وقال رحمه الله في موضع آخر: "إذا كان الراكب لا يستطيع أن ينزل ويبقى إلى الوقت الذي يجوز فيه الدفع، فإن الإثم على صاحب السيارة، وليس عليه إثم؛ لأنه مرغم على أن يدفع من مزدلفة قبل منتصف الليل"
11- ما حكم المبيت بمزدلفة؟
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "يجب على الحاج المبيت بمزدلفة ليلة العاشر من ذي الحجة إلى الفجر، إلا لعذر من مرض ونحوه، فيجوز له ولمن يقوم بشئونه بعد نصف الليل أن يرحل إلى منى؛ لمبيت النبي صلى الله عليه وسلم بها في حجه إلى الفجر، وترخيصه لأهل الأعذار في الانصراف من المزدلفة إلى منى بعد منتصف الليل".
12- هل يجب جمع الحصى من مزدلفة؟
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "يؤخذ الحصى من منى، وإذا أخذ حصى يوم العيد من المزدلفة فلا بأس، وهي سبع يرمي بها يوم العيد جمرة العقبة، ولا يشرع غسلها بل يأخذها من منى أو المزدلفة، ويرمي بها أو من بقية الحرم يجزئ ذلك ولا حرج فيه، وأيام التشريق يلقطها من منى كل يوم واحد وعشرين حصاة، إن تعجل اثنين وأربعين لليوم الحادي عشر والثاني عشر، وغن لم يتعجل فثلاث وستون، وهي من حصى الخذف تشبه بعر الغنم المتوسط فوق الحمص ودون البندق، كما قال الفقهاء، وتسمى حصى الخذف كما تقدم أقل من بعر الغنم قليلاً".
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "ويلقط الحصى من منى أو مزدلفة أو غيرهما كل يوم بيومه، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لقط الحصى من مزدلفة، ولا أنه لقط حصى الأيام كلها وجمعها، ولا أمر صلى الله عليه وسلم أحدًا بذلك من أصحابه فيما أعلم"
13- ما حكم من لم يأت إلى مزدلفة إما لعدم تمكنه من دخولها أو جهلاً بالطريق الموصل إليها، أو ترك ذلك عمدًا؟
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله السؤال التالي: إذا فرض أن الإنسان لم يتمكن من المبيت في مزدلفة لأي سبب من الأسباب، كمرض أو غير ذلك، هل يلزم عليه دم؟
فأجاب رحمه الله بقوله: "الظاهر أنه يلزمه دم؛ لكنه لا إثم عليه، وذلك أن تارك الواجب إن كان معذورًا فلا إثم عليه، لكن عليه البدل وهو الدم، وإن كان متعمدًا صار عليه الإثم والدم، ولو أن الإنسان مُنع من المبيت في مزدلفة، فهذا لا شيء عليه؛ لأنه يكون على سبيل الإكراه"
يوم النحر
ويسمى يوم النحر بيوم الحج الأكبر أيضاً، يقول الله تعالى: {
وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ |
وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما (
أن رسول الله وقف يوم النحر في الحجة التي حج فيها، فقال: " أي يوم هذا؟ " فقالوا: يوم النحر، فقال: " هذا يوم الحج الأكبر |
ويوم النحر هو أعظم أيام العام عند الله تعالى، كما جاء في حديث عبد الله بن قُرْط رضي الله عنه عن النبي :
"
إن أعظم الأيام عند الله تعالى يوم النحر، ثم يوم القَرِّ |
أعمال يوم النحر:
رمي جمرة العقبة:
يتوجه الحاج من مزدلفة الى منى قاصداً جمرة العقبة الكبرى وهي الأبعد عن منى والأقرب من جهة مكة، حين يصل اليها يقطع التلبية، ويبدأ في الرمي، ويستحب له أن يجعل منى عن يمينه والكعبة عن يساره، يرمي سبع حصيات يكبر مع كل حصاة؛ لحديث جابر في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم قال: (
ثم سلك الطريق التي تخرج على الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة، فرماها بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الخذف |
ورمي جمرة العقبة الكبرى من واجبات الحج، ويجبر تركه بدم وهذا قول الجمهور.
وأفضل وقت لرمي جمرة العقبة من طلوع شمس يوم العيد الى وقت الزوال (وقت الظهر)، ويجوز للضعفاء من النساء والشيوخ والأطفال أن يدفعو من مزدلفة بعد منتصف الليل، ولهم أن يشرعوا في رمي جمرة العقبة متى وصلوا منى،
وأما آخر وقت لرميه ففيه خلاف والراجح من أقوال اهل العلم هو أن وقت رمي جمرة العقبة يمتد إلى طلوع الفجر من يوم الحادي عشر، وقد افتى بذلك الشيخان ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله وغيرهم. والله تعالى اعلم، وإن كان لايستحب تأخيرها لغير الضعفاء وأصحاب الأعذار.
نحر الهدي:
يقول الله تعالى :{
فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ |
فبعد رمي الجمار ينحر الحاج هديه ويستحب أن يقول عند ذبحه: "
بسم الله والله أكبر اللهم منك ولك اللهم تقبل مني |
قال صلى اللة علية وسلم : "
كل عرفة موقف وكل منى منحر وكل المزدلفة موقف وكل فجاج مكة طريق ومنحر |
والراجح من أقوال العلماء أن وقت الذبح ممتد الى غروب شمس آخر أيام التشريق (
الثالث عشر من ذي الحجة |
والهدي واجب على المتمتع والقارن إلا من كان من أهل الحرم، وأما المُفرد فلا هدي عليه. ويستحب أن يأكل المُضحي من أضحيته كما فعل رسول الله ، ويهدي ويتصدق كما قال الله تعالى: { ...
فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ |
الحلق أو التقصير:
قال تعالى: {
لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ |
لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بالرحمة والمغفرة للمحلقين ثلاث مرات وللمقصرين مرة واحدة، |
ويجوز تقديم عمل على الآخر لتلافي الزحام، فهذا الترتيب أفضل وهو ما يوافق سنة الحبيب عليه الصلاة والسلام، ولكنه ليس بلازم.
التحلل ألأول (الأصغر):
فمتى رمى الحاج جمرة العقبة الكبرى، ونحر هديه - إن كان متمتعاً أو قارناً -، وحلق رأسه فإنه يتحلل التحلل الأول، ويحل له كل ما حُرِم عليه بالإحرام إلا النساء، فيجوز له التطيب ولبس المخيط وقص الأظافروغيره.
طواف الإفاضة:
قال تعالى: {
ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ |
وطواف الإفاضة كطواف العمرة تماماً غير أنه لا إضطباع ولا رمَلَ فيه، ومن تحلل التحلل الأول له أن يطوف بملابسه المعتادة.
ويجوز تأجيل الطواف للحادى عشر أو الثاني عشر إن كان الزحام شديداً، ويجوز ايضاً ضم طواف الوداع اليه.
صلاة ركعتين خلف المقام:
يسن للحاج بعد الإتتهاء من طواف الإفاضة أن يصلى ركعتين خلف مقام إبراهيم إن استطاع وإلا في أي مكان بالمسجد، ثم يشرب من ماء زمزم ويدعو الله بما شاء موقناً بالإجابة، وذلك اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم.
******************************************************************************
السعي بين الصفا والمروة: وهو ركن من أركان الحج للمتمتع والقارن والمُفرِد، ولكن القارن والمفرد إن كان قد سعى مع طواف القدوم فلا سعي عليه الآن.
التحلل الثاني ( الأكبر):
فمتى أتم الحاج سعيه وطوافه وكان قد تحلل التحلل الأصغر من قبل عندئذ يتحلل التحلل الأكبر ويحل له كل ما حُرم عليه بالإحرام حتى النساء. وبهذا تنتهي أعمال يوم النحر، ويعود الحاج بعد ذلك للمبيت في منى.
فتاوى ومسائل متعلقة بالهدي
1- ما هي شروط الهدي المجزي؟
: هل يشترط في الهدي ما يشترط في الأضحية أو لا؟ وهل يجوز أن تكون هزيلة أو صغيرة السن؟
ألأجابه: "نعم يشترط في الهدي ما يشترط في الأضحية، فلا تجزئ العوراء البين عورها، ولا المريضة البين مرضها، ولا العرجاء البين عرجها، ولا الهزيلة التي لا تنقي. وأدنى سن يحصل به الإجزاء: في الضأن ستة أشهر، وفي المعز سنة، وفي البقر سنتان، وفي الإبل خمس، فما كان أقل من ذلك لا يجزئ هديا ولا أضحية ولا عقيقة. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم"
2- هل يجوز التوكيل في ذبح الهدي؟
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "لا بأس بمن عليه هدي، هدي التمتع أو القران، أو عليه فدية محظور، أو ترك واجب، أن يوكل من يقوم به، لكن بشرط أن يكون الوكيل ثقة أمينًا،فإذا كان ثقة أمينًا فلا بأس، وإلا فلا توكل"
3- ما حكم التوكيل في ذبح الهدي للمؤسسات الرسمية المعتمدة وكذلك غير الرسمية؟
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله السؤال التالي: ما رأيكم في الشركة التي تقوم بذبح الهدي، هل يجوز توكيلها في الهدي، حيث أننا لا نرى الذبيحة. وهل هي مكتملة الشروط أم لا؟ حيث نأخذ الرقم فقط، ولا ندري عن بقية الأشياء؟
فأجاب رحمه الله بقوله: "لا بأس بهافيما نعلم؛ أعني البنك الإسلامي بواسطة شركة الراجحي للصرافة، فإنها تقوم بالذبح والتقسيم بين الفقراء، والدفع إليها مجزئإن شاء الله"
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله السؤال التالي: من أراد أن يحج متمتعا أو قرانًا، نسمع أن البنك الإسلامي يستقبل المبالغ ليقوم بذبح الهدي والفدية يوم العاشر من ذي الحجة؟
فأجاب رحمه الله بقوله: "لا بأس بمن عليه هدي، هدي التمتع أو القران، أو عليه فدية محظور، أو ترك واجب، أن يوكل من يقوم به، لكن بشرط أن يكون الوكيل ثقة أمينًا، فإذا كان ثقة أمينًا فلا بأس وإلا فلا توكل. وعلى أنه لو كان ثقة أمينًا فالأفضل أن تباشر ذلك أنت بيدك، هذا هو الأفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذبح هديه بيده، وذبح أضحيته بيده".
4- من ذبح الهدي في الحل فهل يجزئه؟
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "من ذبح هديه خارج الحرم كعرفات وجدة، لم يجزئه ولو وزعه في الحرم، وعليه قضاؤه، سواء كان عالمًا أو جاهلاً".
5- هل ذبح الهدي له علاقة بالتحلل من الإحرام؟
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله السؤال التالي: هل لذبح الهدي أثر في التحلل؟
فأجاب رحمه الله بقوله: "الذبح ليس له أثر، فليس التحلل معلقًا بالذبح، فيمكن أن يتحلل الإنسان ولولم يذبح، وذلك لأن الأنسان يتحلل التحلل الأول يوم العيد، إذا رمى جمرة العقبة وحلق أو قصر، فإذا فعل ذلك حلّ التحلل الأول، وجاز له جميع محظورات الإحرام إلا النساء، وإذا أضاف إلى ذلك الطواف والسعي حل الحل كله، حتى ولو لم يذبح"
6- ما وقت ذبح الهدي؟ وما مكانه؟
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وأيام ذبح الهدي أربعة: يوم العيد، وثلاثة أيام بعده، فمن ذبح قبل هذه الأيام فشاته شاة لحم لا تجزئه عن الهدي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذبح هديه قبل يوم العيد، والهدي من النسك،
وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((
خذوا عني مناسككم |
كل أيام التشريق ذبح |
ويجوز الذبح في هذه الأيام ليلاً ونهارًا لكن النهار أفضل. ويجوز أيضًا في منى وفي مكة، لكن في منى أفضل إلا أن يكون الذبح بمكة أنفع للفقراء بحيث يكون الانتفاع به في منى يسيرًا، فإنه يتبع ما هو أصلح وأنفع، وعلى هذا فلو أخر هديه إلى اليوم الثالث عشر وذبحه بمكة فلا بأس"
7- هل يجوز الذبح في غير منى؟
إذا تعذر وجود الهدي في منى، هل يجوز لي البحث عن الهدي خارج حدود منى في ضواحي مكة؟
ألأجابه: "المتمتع والقارن يجب على كل منهما هدي لحجه، ويأخذه من منى أو غيرها، ويذبحه داخل حدود الحرم؛ لما ثبت أن منى وفجاج مكة كلها منحر. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم"
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "ويجوز أيضًا
[أي الذبح] |
8- من فات عليه ذبح الهدي أيام التشريق ماذا يلزمه؟
إذا لم يجد الإنسان هديًا، ولا تيسر له الحصول عليه إلا بعد خمسة عشر يوما من ذي الحجة، ثم وجده بعد ذلك، هل هو جائز ذبحه، وكذلك المقيم عند أهله إذا كان معسرًا في أول الأمر ثم وجده فهل يضحي أم فات الوقت؟
ألأجابه: "أولاً: يجب على من حج متمتعا أو قارنا أن يذبح هديا في يوم العيد، أو أيام التشريق الثلاثة، فإن لم يجده صام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله، ولا يجوز له تأخير ما وجب عليه من ذلك مع القدرة عليه.
ثانيًا: على من لم يذبح هدي التمتع في الوقت المذكور لعجزه، ثم استطاع بعد ذلك أن يذبحه ـ قبل أن يصوم ـ قضاء لا أداء في أي وقت بمكة المكرمة، ويتوب إلى الله من تقصيره، ولا يعود في مثل هذا العمل إن كان قد تعمد التأخير، أو تساهل في ذلك. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم".
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "إذا أراد الحاج أو غيره أن يضحي، ولو كان قد حلق رأسه أو قصر أو قلم أظفاره، فلا حرج عليه في ذلك، ولكن عليه إذا عزم على الأضحية بعد دخول شهر ذي الحجة، أن يمتنع من أخذ شيء من الشعر أو الظفر أو شيء من البشرة حتى يضحي؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا دخل شهر ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يأخذ من شعره ولا من بشرته ولا من أظفاره شيئًا)) رواه الإمام مسلم في صحيحه"
10- هل يجوز أن يوكل من يذبح له الهدي في بلده (غير مكة)؟
هل يجوز ذبح الهدي خارج الأراضي المقدسة، وفي بلد الحاج بالذات؟
ألأجابه: "محل الهدي الحرم المكي، فيجب ذبح جميع الهدي التمتع والقران في داخل الحرم، ولا يجوز الذبح في بلد الحاج غير مكة، إلا إذا عطب الهدي المهدى إلى مكة قبل وصوله إليها، فإنه يذبحه في مكانه ويجزئ عنه، وكذلك في المحصر عن دخول الحرم، ينحر هديه حيث أحصر. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم"
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: "هدي التمتع والقران لا يجوز ذبحه إلا في الحرم، فإذا ذبحه في غير الحرم؛ كعرفات وجدة وغيرهما، فإنه لا يجزئه ولو وزع لحمه في الحرم. وعليه هدي آخر يذبحه في الحرم،سواء كان جاهلاً أو عالمًا؛ لأن النبيصلى الله عليه وسلمنحر هديه في الحرم، وقال: ((
خذوا عني مناسككم |
11- هل يجوز تقديم ذبح الهدي من أول عشر ذي الحجة؟
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله السؤال التالي:أحرمنا ونحن جماعة متمتعين، فأدينا العمرة وتحللنا، وأشار بعضهم بذبح الهدي وتوزيعه في مكة، وفعلاً تم الذبح في مكة. ثم علمنا بعد ذلك أن الذبح لا يكون إلا بعد رمي جمرة العقبة، وكنت أعلم بذلك، وأشرت عليهم بتأجيل الذبح إلى يوم النحر أو بعده، ولكنهم أصروا على الذبح بعد وصولنا وأدائنا العمرة بيوم واحد، فما حكم ذلك؟ وماذا يلزمنا في هذه الحالة؟
فأجاب رحمه الله بقوله: "من ذبح قبل يوم العيد دم التمتع فإنه لا يجزئه؛ لأن الرسولصلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يذبحوا إلا في أيام النحر، وقد قدموا وهم متمتعون في اليوم الرابع من ذي الحجة، وبقيت الأغنام والإبل التي معهم موقوفة حتى جاء يوم النحر.
فلو كان ذبحها جائزًا قبل ذلكلبادر النبيصلى الله عليه وسلموأصحابه إليه، في الأيام الأربعة التي أقاموها قبل خروجهم على عرفات؛ لأن الناس بحاجة إلى اللحوم في ذلك الوقت. فلما لم يذبح النبيصلى الله عليه وسلمولا أصحابه حتى جاء يوم النحر، دل ذلك على عدم الإجزاء، وأن الذي ذبح قبل يوم النحر قد خالف السنة، وأتى بشرع جديد فلا يجزئ؛ كمن صلى أو صام قبل الوقت، فلا يصح صوم رمضان قبل وقته، ولا الصلاة قبل وقتها ونحو ذلك.
فالحاصل أن هذه عبادة قبل الوقتلا تجزئ، فعليه أن يعيد هذا الذبح إن قدر، وإن عجز صام ثلاثة أيام في الحجوسبعة إذا رجع على أهله، فتكون عشرة أيام بدلاً من الذبح؛ لقول اللهسبحانه: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة}"
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وأيام ذبح الهدي أربعة: يوم العيد، وثلاثة أيام بعده، فمن ذبح قبل هذه الأيام فشاته شاة لحم لا تجزئه عن الهدي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذبح هديه قبل يوم العيد، والهدي من النسك، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((
خذوا عني مناسكك |
كل أيام التشريق ذبح |
12- ما هو الأفضل الإبل أم الغنم أم البقر في الهدي والأضحية؟
أيهما أفضل في الأضحية: الكبش أم البقر؟
ألأجابه: "أفضل الأضاحي البدنة ثم البقرة ثم الشاة، ثم شرك في بدنة ـ ناقة أو بقرة ـ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الجمعة: ((
من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة |
ووجه الدلالة من ذلك: وجود المفاضلة في التقرب إلى الله بين الإبل والبقر والغنم، ولا شك أن الأضحية من أعظم القرب إلى الله تعالى، ولأن البدنة أكثر ثمنا ولحما ونفعا، وبهذا قال الأئمة الثلاثة أبو حنيفة، والشافعي، وأحمد.
وقال مالك: الأفضل الجذع من الضأن، ثم البقرة، ثم البدنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين، وهو صلى الله عليه وسلم لا يفعل إلا الأفضل.
والجواب عن ذلك: أن يقال: إنه صلى الله عليه وسلم قد يختار غير الأولى رفقا بالأمة؛ لأنهم يتأسون به، ولا يحب صلى الله عليه وسلم أن يشق عليهم، وقد بين فضل البدنة على البقر والغنم كما سبق. والله أعلم. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم"
13- ما هي كيفية الاشتراك في الهدي؟
هل يجوز الاشتراك في الأضحية، وكم عدد المسلمين الذين يشتركون في الأضحية، وهل يكونون من أهل بيت واحد، وهل الاشتراك في الأضحية بدعة أم لا؟
ألأجابه: "يجوز أن يضحي الرجل عنه وعن أهل بيته بشاة، والأصل في ذلك ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يضحي بالشاة الواحدة عنه وعن أهل بيته، متفق عليه وما رواه مالك وابن ماجه والترمذي وصححه،
عن عطاء بن يسار قال: سألت أبا أيوب الأنصاري: كيف كانت الضحايا فيكم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: كان الرجل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته، فيأكلون ويطعمون، حتى تباهى الناس فصاروا كما ترى.
وتجزئ البدنة والبقرة عن سبعة، سواء كانوا من أهل بيت واحد أو من بيوت متفرقين، وسواء كان بينهم قرابة أو لا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن للصحابة في الاشتراك في البدنة والبقرة كل سبعة في واحدة، ولم يفصل ذلك. والله أعلم. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم"
المتمتعون بالعمرة إلى الحج، هل يجوز أن يشترك السبعة منهم في جمل ويجزئ عنهم في الهدي، أو على كل واحد شاة على حدة؟
ألأجابه: "يجزئ الجمل عن السبعة في الهدي والأضحية، إذا كان قد تم له خمس سنين، وهو الثني، وتجزئ الشاة عن واحد إذا كانت قد تم لها ستة أشهر من الضأن، وسنة من الماعز، ويجزئ سبع البدنة أو سبع البقرة هديا ممن تمتع بالعمرة إلى الحج، أو كان قارنا، وكذلك يجزئ في الأضحية، والأصل في ذلك حديث جابر رضي الله عنه قال: (
أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الإبل والبقر، كل سبعة منا في بدنة |
وفي لفظ: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((
اشتركوا في الإبل والبقر، كل سبعة في بدنة |
وفي رواية قال: (
اشتركنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الحج والعمرة كل سبعة منا في بدنة. فقال رجل لجابر: أيشترك في البقر ما يشترك في الجزور؟ فقال: ما هي إلا من البدن |
عن بيان عدد أيام التشريق التي يسوغ للمسلم أن يستمر في ذبح أضاحيه، ومتى ينتهي وقت التكبير المقيد في أدبار الصلوات المفروضة؟
: "أيام الذبح لهدي التمتع والقران والأضحية أربعة أيام: يوم العيد وثلاثة أيام بعده، وينتهي الذبح بغروب شمس اليوم الرابع في أصح أقوال أهل العلم. وينتهي وقت التكبير المقيد في أدبار الصلوات المفروضة عقب عصر آخر أيام التشريق. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم"
15- ما هو مكان ذبح الهدي؟
هل يجوز ذبح الهدي خارج الأراضي المقدسة، وفي بلد الحاج بالذات؟
: "محل الهدي الحرم المكي، فيجب ذبح جميع الهدي التمتع والقران في داخل الحرم، ولا يجوز الذبح في بلد الحاج غير مكة، إلا إذا عطب الهدي المهدى إلى مكة قبل وصوله إليها، فإنه يذبحه في مكانه ويجزئ عنه، وكذلك في المحصر عن دخول الحرم، ينحر هديه حيث أحصر. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم"
16- هل يجوز الأكل من الهدي وغيره من الدماء الواجبة في الحج؟
أما هدي التمتع والقران والأضحية، فقال الشيخ ابن باز رحمه الله: "يستحب أن يأكل من هديه، ويُهدي ويتصدق؛ لقوله تعالى: {فكلوا منها وأطعموا البآئس الفقير}"
وقال رحمه الله في موضع آخر: "يستحب أن يأكل ويتصدق ويهدي من هدي التمتع والقران والأضحية"
أما هدي ترك الواجب، فقال رحمه الله: "عليه
[أي: على من ترك واجبًا] |
17- من فقد ثمن الهدي فهل ينتقل إلى الصوم؟
لقد أديت فريضة الحج لعام 1406هـ أنا وزوجتي، وقد فقدت ما كان معي من مال (فلوس) وأوراق شخصية مهمة، ولم أذبح الهدي ولم أصم عشرة أيام، وقد ذبح رحيمي ثالث يوم عيد الأضحى، فهل هذا يكفي أم لا؟ أفدني جزاك الله خيرا ماذا أفعل، وما هي الكفارة؟
: "يجب على من حج قارنًا أو متمتعًا هدي يذبح بمكة المكرمة، فإن لم يجد صام عشرة أيام: ثلاثة في الحج، وعشرة إذا رجع إلى بلده، وما دام أنك لم تهد، ولم تصم إلى الآن فيجب عليك وعلى زوجتك أن يذبح كل منكما شاة تجزئ أضحية، ويكون الذبح بمكة. وإن كان رحيمك ذبح عنك وعن زوجتك بمكة أجزأ ذلك إذا كان بإذنكما. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم"
18- ما حكم الاشتراك في الهدي؟
هل يجوز الاشتراك في الأضحية، وكم عدد المسلمين الذين يشتركون في الأضحية، وهل يكونون من أهل بيت واحد، وهل الاشتراك في الأضحية بدعة أم لا؟
: "يجوز أن يضحي الرجل عنه وعن أهل بيته بشاة، والأصل في ذلك ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يضحي بالشاة الواحدة عنه وعن أهل بيته، متفق عليه وما رواه مالك وابن ماجه والترمذي وصححه، عن عطاء بن يسار قال: سألت أبا أيوب الأنصاري: كيف كانت الضحايا فيكم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: كان الرجل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته، فيأكلون ويطعمون، حتى تباهى الناس فصاروا كما ترى.
وتجزئ البدنة والبقرة عن سبعة، سواء كانوا من أهل بيت واحد أو من بيوت متفرقين، وسواء كان بينهم قرابة أو لا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن للصحابة في الاشتراك في البدنة والبقرة كل سبعة في واحدة، ولم يفصل ذلك. والله أعلم. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم".
----------------------------------------------------------------------------
وما زلنا أحبابنا تابعونا جزاكم الله خيرا
ونسألكم الدعاء
أمس في 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
أمس في 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد
» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» العبادة وأركانها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد
» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور
» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد
» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد
» هيئات السجود المسنونة
الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» (( - 2 -)) خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأربعاء نوفمبر 13, 2024 11:28 pm من طرف صادق النور