مقاصد الحج في القرآن والسنه الشريفه
بسم الله الرحمن الرحيم،
و الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخليله وأمينه على وحيه وصفوته من خلقه نبينا محمد بن عبدالله، إمام الدعاة إليه، صلى الله وسلم وكرم وبارك عليه وعلى آله وعلى أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
مقاصد الحج في القرآن والسنه الشريفه
المقاصد في اللغة: جمع مقصد، مشتق من الفعل قصد يقصد قصداً،
والقصد لهُ عدة معانِ منها استقامة الطريق، والاعتماد.
يراد بمقاصد الشريعة: الحِكَم التي مِنْ أجل تحقيقها ولإبرازها في الوجود خَلَقَ اللّٰه تعالى الخَلْق، وبعث الرسل، وأنزل الشرائع وكلّف العُقلاء بالعمل أو التَرْك، كما يُراد بها: مصالحُ المكلّفين العاجلة
والآجلة الّتي شُرعت الأحكام مِن أجلِ تحقيقها.
المقاصد اصطلاحاً: في أصول الفقه له معنيان:
مقاصد المكلف وتبنى عليه قاعدة فقهية هي: (الأمور بمقاصدها).
مقاصد الشارع أو مقاصد الشريعة والمقاصد الشرعية كلها عبارات تستعمل بمعنى واحد، ويمكن حصر المراد منها بالآتي:
حفظ الدين
الدين: هو مجموع العقائد والعبادات والأحكام التي شرعها الله سبحانه وتعالى لتنظيم علاقة الناس بربهم وعلاقات بعضهم ببعض..حيث قصد الشارع بتلك الأحكام إقامة الدين وتثبيته في النفوس..وذلك باتباع أحكام شرعها.. واجتناب أفعال أو أقوال نهى عنها..والحفاظ على الدين
حفظ النفس
وقد شرع الإسلام لإيجادها وبقاء النوع على الوجه الأكمل الزواج والتناسل.. كما أوجب لحمايتها تناول ما يقيها من ضروري الطعام والشراب واللباس والسكن.. وأوجب دفع الضرر عنها ففرض القصاص والدية..وحرم القتل بغير حق وكل ما يلقي بها إلى التهلكة.
حفظ العقل
وأوجب الشارع سبحانه الحفاظ على العقل فحرم كل مسكر وعاقب من يتناوله.و ما يذهب العقل
حفظ النسل
حفظ النسل شرع لإيجاده الزواج؛ للتوالد والتناسل، وشرع لحفظه وحمايته حد الزنا وحد القذف. حفظ النسل قال الله تعالى:
( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ 9 سورة الروم:21
حفظ المال
وأوجب للحفاظ على المال السعي في طلب الرزق وأباح المعاملات والمبادلات والتجارة..وللحفاظ عليه حرم السرقة والغش والخيانة وأكل أموال الناس بالباطل وعاقب على ذلك. وعدم تبذير الاموال
مقاصد الشريعة الإسلامية في القرآن الكريمالمقاصد اصطلاحاً: في أصول الفقه له معنيان:
مقاصد المكلف وتبنى عليه قاعدة فقهية هي: (الأمور بمقاصدها).
مقاصد الشارع أو مقاصد الشريعة والمقاصد الشرعية كلها عبارات تستعمل بمعنى واحد، ويمكن حصر المراد منها بالآتي:
حفظ الدين
الدين: هو مجموع العقائد والعبادات والأحكام التي شرعها الله سبحانه وتعالى لتنظيم علاقة الناس بربهم وعلاقات بعضهم ببعض..حيث قصد الشارع بتلك الأحكام إقامة الدين وتثبيته في النفوس..وذلك باتباع أحكام شرعها.. واجتناب أفعال أو أقوال نهى عنها..والحفاظ على الدين
حفظ النفس
وقد شرع الإسلام لإيجادها وبقاء النوع على الوجه الأكمل الزواج والتناسل.. كما أوجب لحمايتها تناول ما يقيها من ضروري الطعام والشراب واللباس والسكن.. وأوجب دفع الضرر عنها ففرض القصاص والدية..وحرم القتل بغير حق وكل ما يلقي بها إلى التهلكة.
حفظ العقل
وأوجب الشارع سبحانه الحفاظ على العقل فحرم كل مسكر وعاقب من يتناوله.و ما يذهب العقل
حفظ النسل
حفظ النسل شرع لإيجاده الزواج؛ للتوالد والتناسل، وشرع لحفظه وحمايته حد الزنا وحد القذف. حفظ النسل قال الله تعالى:
( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ 9 سورة الروم:21
حفظ المال
وأوجب للحفاظ على المال السعي في طلب الرزق وأباح المعاملات والمبادلات والتجارة..وللحفاظ عليه حرم السرقة والغش والخيانة وأكل أموال الناس بالباطل وعاقب على ذلك. وعدم تبذير الاموال
إن النصوص القرآنية الدالة على تعليل أفعاله تعالى وأحكامه كثيرة، ولو كانت الأحكام غير معللة لكانت لهواً وعبثاً، وهو منزه عن ذلك عز وجل، يقول تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ﴾ (16) سورة الأنبياء،
والقرآن يشير إلى المقاصد بالصيغ الآتية:
إما -بالنص على أنه من مقاصد الشريعة كذا... بلفظ الإرادة، كما في قول الله:﴿يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾البقرة 185 .
قال الإمام الطبري:«يريد الله بكم –أيها المؤمنون- التخفيف عليكم لِعِلمِه بمشقة ذلك عليكم في هذه الأحوال».
صيغة من صيغ التعليل، وهي كثيرة منها: كي، لام التعليل، باء السببية فمثال«كي» قوله تعالى: ﴿لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُور﴾ الحديد23.
ومثال «باء» السببية قوله تعالى: ﴿فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيراً﴾ النساء 160 .
قال القرطبي عن هذه الآية:«وقُدِّم الظلم على التحريم إذ هو الغرض الذي قُصِدَ إلى الإخبار عنه بأنه سبب التحريم»
ومثال «لام» التعليل قول الله: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً﴾ النساء 105 . فعلة إنزال الكتاب هو الحكم بين الناس بشرع الله.
صيغ أخرى كأن يصف الله نفسه بالحكمة والرحمة، أو حين يبين تعالى فوائد المأمورات وعواقب المنهيات.
المقاصد في السنة
المعلوم أن علوم الشريعة لم تكن موجودة في العصور الأولى كعلوم نظرية، وإنما اعتُني بها تطبيقاً، لذا فإن النبي هو الذي وضع اللبنة الأولى للمقاصد الإسلامية من خلال سيرته العطرة، وهذا ما نجده ملموساً في أقوله وأفعاله. وهذه بعض الأحاديث الدالة على ذلك:
حديث سعد بن أبي وقاص حين قال:«يا رسول الله إن لي مالا كثيرا وليس يرثني إلا ابنتي أفأوصي بمالي كله؟» قال:«لا» قلت:«فثلثي مالي؟» قال:«لا قلت فالشطر؟» قال:«لا» قلت:«فالثلث؟» قال:«الثلث والثلث كثير إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس»
قال ابن حجر:«...خشى من مواظبتهم عليها أن يضعفوا عنها فيعصي من تركها بترك اتباعه» ومن ذلك عدم قتاله للمنافقين، حين أراد عمر أن يقتل عبد الله بن أبي سلول فقال له:«دعه لا يتحدث الناس أنه كان يقتل أصحابه».دون أن ننسى الحديث الجليل عن ابن عباس أن رسول الله قال:«لا ضرر ولا ضرار» وهو يدل على مقصد من مقاصد الشريعة وهو رفع الضرر بالنفس والإضرار بالغير.وما هذه إلا نماذج فقط وإلا فإن السنة ملأى بالمقاصد إن لم نقل بأن كلها مقاصد.ولا يسع المقام أن نذكرها كلها.
فريضة الحج هي أحد أركان الإسلام، وقد أشار القرآن إلى عددٍ من مقاصد هذه العبادة العظيمة، والتي متى تأملها المتدبّر للقرآن أثمرت في قلبه تعظيمًا وحضورًا، وهذه المقالة تلقي ضوءًا على بعض هذه المقاصد التي أشارت إليها آيات القرآن الكريم.
تحنُّ القلوبُ وتهفو النفوسُ في كلّ عامٍ في مثل هذه الأوقات إلى حجّ بيت الله العتيق، ويتمنى كلُّ مسلم أن ينال شرف هذه الزيارة، طمعًا في المغفرة، وتلبيةً لنداء سيدنا إبراهيم -عليه السلام- الذي أمره الله -سبحانه- بتبليغه للناس كافّة،
فقال تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}[سورة الحج: 27].
وتُعدّ فريضة الحجّ ركنًا من أعظم أركان الإسلام، وأعلاها منزلة، ودليل ذلك أن الله -سبحانه- تحدّث عن الحج في أكثر من موضع من كتابه العزيز، حيث وردَ ذِكر الحج في: (سورة البقرة، وسورة آل عمران، وسورة المائدة، وسورة التوبة، وسورة الحج)، وهي السورة الوحيد التي سميت باسم ركن من أركان الإسلام، وقد فصّل سبحانه في القرآن الحديث عن أعمال الحج ما لم يفصل في غيره من العبادات، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على عناية الله بهذا الركن ومكانته الكبيرة عنده سبحانه. كما يقول ابن عاشور -رحمه الله-: «وقد ظهرت عناية الله تعالى بهذه العبادة
العظيمة، إِذْ بسط تفاصيلها وأحوالها مع تغيير ما أدخله أهل الجاهلية فيها»
والمتدبّر لحديث القرآن عن الحج يلمس عددًا من المقاصد والأسرار التي ينبغي أن يتوقف معها المسلم -لا سيما الحاجّ- ويضعها في عين الاعتبار؛ لأن فهم مقاصد العبادة وأسرارها وحِكمها يساعد بشكلٍ كبيرٍ في تعظيمها وحضور القلب عند القيام بها، وممّا أضعف أثر الحج في نفوس بعض المسلمين هو الانشغال كثيرًا بالجانب الفقهي لأدائها،
وعدم الانتباه والتدبر في الجانب المقاصدي لهذه الفريضة العظيمة. فهيا بنا أحبابنا نتعرّف على بعض مقاصد الحج في ضوء حديث القرآن الكريم عنه.
المقصد الأول: تحقيق التوحيد والإخلاص لله عز وجل:
فالله -عز وجل- لم يأمر سيدنا إبراهيم -عليه السلام- ببناء البيت إلّا لتحقيق توحيده سبحانه، وذلك يظهر جليًّا من اقتران الأمر
ببناء البيت بالنهي عن الشرك والتخلّص من مظاهره، حيث قال تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}[الحج: 26].
وأمّا عن تحقيق الإخلاص فهو أعظم ثمرات التوحيد، وقد نبّه الله -عز وجل- عباده لضرورة تحقيقه في الحج
فقال تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}[البقرة: 196].
يقول الشيخ القاسمي -رحمـه الله- في تفسير هذه الآية: «أي: أدّوهما تامَّين بمناسكهما المشروعة لوجه الله تعالى».
ونقل الراغب عن الإمام الشافعي قوله: «وإنما قال في الحج والعمرة {لله} ولم يقل ذلك في الصلاة والزكاة؛ من أجل أنهم كانوا يتقربون ببعض أفعال الحج والعمرة إلى الأصنام، فخصهما بالذّكر لله تعالى حثًّا على الإخلاص فيهما ومجانبة ذلك الاعتقاد المحظور».
ويوصي الإمام الغزالي -رحمـه الله- الحاج بالإخلاص ويحذِّره من الرياء وطلب السمعة، فيقول: «ليجعل عزمه خالصًا لوجه الله -سبحانه- بعيدًا عن شوائب الرياء والسمعة، وليتحقق أنه لا يقبل من قصده وعمله إلا الخالص، وإنّ مِن أفحش الفواحش أنْ يقصد بيت الله وحرمه والمقصود غيره، فليصحّح مع نفسه العزم وتصحيحه بإخلاصه، وإخلاصه باجتناب كلّ ما فيه رياء وسمعة، فليحذَر أن يستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير».
وأمّا عن تحقيق الإخلاص فهو أعظم ثمرات التوحيد، وقد نبّه الله -عز وجل- عباده لضرورة تحقيقه في الحج
فقال تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}[البقرة: 196].
يقول الشيخ القاسمي -رحمـه الله- في تفسير هذه الآية: «أي: أدّوهما تامَّين بمناسكهما المشروعة لوجه الله تعالى».
ونقل الراغب عن الإمام الشافعي قوله: «وإنما قال في الحج والعمرة {لله} ولم يقل ذلك في الصلاة والزكاة؛ من أجل أنهم كانوا يتقربون ببعض أفعال الحج والعمرة إلى الأصنام، فخصهما بالذّكر لله تعالى حثًّا على الإخلاص فيهما ومجانبة ذلك الاعتقاد المحظور».
ويوصي الإمام الغزالي -رحمـه الله- الحاج بالإخلاص ويحذِّره من الرياء وطلب السمعة، فيقول: «ليجعل عزمه خالصًا لوجه الله -سبحانه- بعيدًا عن شوائب الرياء والسمعة، وليتحقق أنه لا يقبل من قصده وعمله إلا الخالص، وإنّ مِن أفحش الفواحش أنْ يقصد بيت الله وحرمه والمقصود غيره، فليصحّح مع نفسه العزم وتصحيحه بإخلاصه، وإخلاصه باجتناب كلّ ما فيه رياء وسمعة، فليحذَر أن يستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير».
المقصد الثاني: تحقيق معنى العبودية والانقياد لله سبحانه:
وهذا يظهر بوضوح عند استجابة الحاج للقيام بهذه الفريضة وارتداء لباس الإحرام والطواف بالكعبة والسعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة، فهو يقوم بهذا الأعمال منقادًا لأمر الله -عز وجل- ومتأسيًا برسول الله -صلى الله عليه وسلـم- وإن غابت عنه الحكم والمقاصد من القيام بهذا الأفعال إلّا أنه لم يغب عنه أنه عبد منقاد لأمر سيده.
يقول الإمام الغزالي -رحمـه الله- عن أعمال الحج: «بمثل هذه الأعمال يظهر كمال الرِّق والعبودية، فإنّ الزكاة إرفاقٌ ووجهه مفهوم وللعقل إليه مَيل، والصوم كسرٌ للشهوة التي هي آلة عدوّ الله وتفرّغ للعبادة بالكفّ عن الشواغل، والركوع والسجود في الصلاة تواضع لله -عز وجل- بأفعال هي هيئة التواضع وللنفوس أُنْس بتعظيم الله عز وجل؛
فأمّا ترددات السعي ورمي الجمار وأمثال هذه الأعمال فلا حظَّ للنفوس ولا أُنس فيها، ولا اهتداء للعقل إلى معانيها،
فلا يكون في الإقدام عليها باعثٌ إلا الأمر المجرد، وقَصْد الامتثال للأمر من حيث إنه أمرٌ واجبُ الاتِّباع فقط،
وفيه عزلٌ للعقل عن تصرّفه، وصرف النفس والطبع عن محل أُنسه؛ فإنّ كلّ ما أدرك العقل معناه مالَ الطبع إليه ميلًا ما،
فيكون ذلك الميل مُعِينًا للأمر وباعثًا معه على الفعل، فلا يكاد يظهر به كمال الرِّق والانقياد،
ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم- في الحج على الخصوص: (لبَّيك بحَجَّةٍ حقًّا؛ تعبُّدًا ورِقًّا)، ولم يقل ذلك في صلاة ولا غيرها».
المقصد الثالث: تنقية النفس من الأخلاق المذمومة:
فقد نهى اللهُ -سبحانه- الحاج عن الفحش والسباب واللغو والجدال والمماراة،
فقال تعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ}[البقرة: 197].
وذلك تعظيمًا لفريضة الحج من جهة، وليعتاد المسلم على الابتعاد عن مثل هذه الأخلاق المذمومة بعد الحج من جهة أخرى؛
لأنها مذمومة في كلّ زمان ومكان.
يقول الشيخ السعدي: «يجب أن تعظّموا الإحرام بالحج، وتصونوه عن كلّ ما يفسده أو ينقصه، من الرفث وهو: الجماع ومقدماته الفعلية والقولية، خصوصًا عند النساء بحضرتهن،والفسوق وهو: جميع المعاصي، ومنها محظورات الإحرام،
والجدال وهو: المماراة والمنازعة والمخاصمة، لكونها تثير الشرّ وتُوقِع العداوة، والمقصود من الحج الذلّ والانكسار لله، والتقرب إليه بما أمكن من القربات، والتنزه عن مقارفة السيئات؛ فإنه بذلك يكون مبرورًا،
والمبرور ليس له جزاء إلّا الجنة، وهذه الأشياء وإن كانت ممنوعة في كلّ مكان وزمان، فإنها يتغلّظ المنع عنها في الحج».
المقصد الرابع: التنبيه على أهمية الاستعداد للآخرة:
فقد نبّه سبحانه الحاج الذي يتزود عند سفره بما يكفيه من زاد الدنيا ليصل إلى وجهته سالمًا ألّا ينسى التزوّد للدار الآخرة،
وخير ما يتزود به في سفره للدار الآخرة تقواه سبحانه، وذلك بفعل الطاعات واجتناب المعاصي والسيئات،
حيث قال الله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ}[البقرة: 197].
يقول ابن القيم -رحمه الله-: «أمر الحاج بأن يتزودوا لسفرهم، ولا يسافروا بغير زاد،
ثم نبههم على زاد سفر الآخرة، وهو التقوى، فكما أنه لا يصل المسافر إلى مقصده إلا بزاد يبلغه إياه،
فكذلك المسافر إلى الله تعالى والدار الآخرة لا يصل إلّا بزاد من التقوى، فجمع بين الزادَين».
المقصد الخامس: الحثّ على تعظيم شعائر الله سبحانه:
فشعائر الله هي أعلام دينه الظاهرة وأوامره ونواهيه التي تعبدنا بها، وتعظيم هذه الشعائر علامة على قرب العبد من ربه،
ودليل ساطع على تقواه، وهي مقصد عظيم من مقاصد الحج؛ فالمسلم عندما يعتاد على تعظيم شعائر الله المتمثلة في أعمال الحج من الطواف والوقوف بعرفة ورمي الجمار وذبح الهدي وغيرها، فإنّ ذلك يربي في نفسه تعظيم أوامر الله وتقواه في كلّ وقت؛
لذلك قال الله -سبحانه- في ذيل الحديث عن أعمال الحج: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}[الحج: 32].
المقصد السادس: الموازنة بين المصالح الدنيوية والأخروية:
فالموازنة بين المصالح الدنيوية والمصالح الأخروية من محاسن الإسلام ومقاصده، وذلك يظهر جليًّا في كثير من الشرائع والعبادات ومن ذلك عبادة الحج، فقد أباح الله -سبحانه- للحاجّ أن يجمع بين أداء المناسك وبين التجارة والتكسّب، بشرط أن لا تؤثِّر على المقصد الأصلي ألَا وهو العبادة، فقال -عز وجل-: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ}[البقرة: 198]،
وقال أيضًا: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ}[الحج: 28].
يقول السعدي -رحمه الله-: «أخبر تعالى أن ابتغاء فضل الله بالتكسّب في مواسم الحج وغيره، ليس فيه حرج إذا لم يشغل عما يجب إذا كان المقصود هو الحج، وكان الكسب حلالًا منسوبًا إلى فضل الله،
لا منسوبًا إلى حذق العبد، والوقوف مع السبب، ونسيان المسبِّب، فإنّ هذا هو الحرج بعينه»
المقصد السابع: ربط قلب المسلم بذكر الله:
فالذكر مِن أحبّ العبادات إلي الله -سبحانه- وأعظمها أجرًا، وقد ربط الله به كثيرًا من العبادات ومن أبرزها عبادة الحج،
ويظهر ذلك واضحًا في ربط القرآن الحديث عن مناسك الحج بذكر الله في كثير من المواضع،
حيث قال تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ * ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا}[البقرة: 198-200].
وقال تعالى: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ}[الحج: 27، 28].
يقول ابن القيم عن الذِّكر: «بل هو رُوح الحج ولبُّه ومقصوده، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلـم-: «إنما جعل الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله».
فمن اعتاد على ذكر الله في الطواف، وفي السعي، وعند رمي الجمار، وعند الوقوف بعرفة، وعند ذبح الهدي، وفي المشاهد جميعًا فمن الصعب عليه أن يجفّ لسانه عنه بعد الحج، وقد ذاق حلاوة الذِّكْر وتعلّق قلبه بالمذكور سبحانه.
المقصد الثامن: التأكيد على روح المساواة بين الناس:
فالإسلام دين المساواة وهذا يظهر واضحًا في اجتماع الناس للصلاة واجتماعهم للحج حيث يقف الغني بجوار الفقير والعربي بجوار العجمي في صعيد واحد بثياب واحدة بخلاف ما كان عليه أهل الجاهلية، فقد قال تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}[البقرة: 199].
يقول صاحب (الظلال) في تفسير هذه الآية: «قِفُوا معهم حيث وَقَفوا، وانصرِفوا معهم حيث انصرَفوا، إنّ الإسلام لا يعرف نَسبًا، ولا يعرف طبقةً، إنّ الناس كلّهم أمة واحدة، سواسية كأسنان المشط، لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى، ولقد كلَّفهم الإسلام أن يتجرّدوا في الحج من كلّ ما يميزهم من الثياب، ليلتقوا في بيت الله إخوانًا متساوِين،
فلا يتجرّدوا من الثياب ليتخايلوا بالأنساب، ودعوا عنكم عصبية الجاهلية، وادخلوا في صبغة الإسلام، هكذا يقيم الإسلام سلوك المسلمين في الحج، على أساس من التصوّر الذي هدى البشرية إليه، أساس المساواة، وأساس الأمة الواحدة التي لا تفرقها طبقة،
ولا يفرقها جنس، ولا تفرقها لغة، ولا تفرقها سمة من سمات الأرض جميعًا، وهكذا يردُّهم إلى استغفار الله من كلّ ما يخالف عن
هذا التصوّر النظيف الرفيع».
ومن ذلك أيضًا أنه سبحانه أمرهم بالانشغال بذكر الله عن التفاخر بالآباء والأجداد، فقال تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا}[البقرة: 200].يقول الإمام الطبري -رحمه الله-: «قال بعضهم: كان القوم في جاهليتهم بعد فراغهم من حجهم ومناسكهم يجتمعون فيتفاخرون بمآثر آبائهم، فأمرهم الله في الإسلام أن يكون ذكرهم بالثناء والشكر والتعظيم لربهم دون غيره، وأن يلزموا أنفسهم من الإكثار من ذكره، نظير ما كانوا ألزموا أنفسهم في جاهليتهم من ذكر آبائهم».
المقصد التاسع: تربية المسلم على الدقّة والانضباط:
وذلك يظهر بتحديد المواقيت الزمانية والمكانية للحج، فالمواقيت الزمانية هي الأشهُر التي حدّدها الله -سبحانه- للذهاب للحج،
كما وَقَّت سبحانه وقتًا محددًا للوقوف بعرفة، إذا تجاوزه الحاج بطل حجه، ووقتًا لرمي الجمار،
فقال الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ}[البقرة: 197].
يقول الشيخ السعدي: «يخبر تعالى أن الحج واقع في أشهر معلومات عند المخاطبين، مشهورات، بحيث لا تحتاج إلى تخصيص، كما احتاج الصيام إلى تعيين شهره، وكما بين تعالى أوقات الصلوات الخمس،
وأما الحج فقد كان من ملة إبراهيم، التي لم تزل مستمرة في ذريته معروفة بينهم، والمراد بالأشهر المعلومات عند جمهور العلماء: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة، فهي التي يقع فيها الإحرام بالحج غالبًا».
أما عن المواقيت المكانية فهي الأماكن التي حددها النبي -صلى الله عليه وسلم- للإحرام، فإذا مرّ بها الحاج يُشرع له أن يرتدي
ملابس الإحرام ويمنع من بعض الأشياء التي كانت مباحة قبل الإحرام.
وهذه المواقيت الزمانية والمكانية بمثابة التدريب العملي للمسلم على الدقة والانضباط في جميع أموره بعد الحج.
المقصد العاشر: التأكيد على وحدة الأمة واجتماعها:وهذه المواقيت الزمانية والمكانية بمثابة التدريب العملي للمسلم على الدقة والانضباط في جميع أموره بعد الحج.
فمن مقاصد الحج التأكيد على وحدة الأمة وتماسكها وإحياء معنى الأخوة الإيمانية وهذه من أعظم المنافع التي يجنيها الحاج من موسم الحج، حيث إن اجتماع الأمة بهذه الأعداد الكبيرة مع اختلاف أشكالهم ولغاتهم على توحيد الله وعبادته يترك مردودًا نفسيًّا واجتماعيًّا كبيرًا في قلوب أهل الإيمان إلى جانب الأثر العظيم الذي يتركه في قلوب أعداء الإسلام، ولذلك أمر الله الأمة بالاجتماع على دينه فقال سبحانه: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}[آل عمران: 103].
يقول الشيخ السعدي: «أمرهم تعالى بما يُعينهم على التقوى وهو الاجتماع والاعتصام بدين الله، وكون دعوى المؤمنين واحدة مؤتلفين غير مختلفين، فإنّ في اجتماع المسلمين على دينهم، وائتلاف قلوبهم يصلح دينهم وتصلح دنياهم، وبالاجتماع يتمكنون من كلّ أمر من الأمور، ويحصل لهم من المصالح التي تتوقف على الائتلاف ما لا يمكن عدّها، من التعاون على البر والتقوى، كما أن بالافتراق والتعادي يختلّ نظامهم وتنقطع روابطهم ويصير كلّ واحد يعمل ويسعى في شهوة
نفسه، ولو أدّى إلى الضرر العامّ».
ولا شك أنّ الأمة تعيش حالات من التفكّك والتمزق، لكن مثل هذا النسك يُعيد للأمة وحدتها واعتبارها ويبعث روح الأخوة الإيمانية من جديد كلّ عام، حتى لا ينشغل المسلم بهمومه وبمشكلاته الخاصّة عن هموم الأمة ومشكلاتها وقضاياها الكبرى.
وختامًا أيها القارئ الكريم: هذه بعض المقاصد والأسرار التي أَطْلع اللهُ عليها بعض عباده حول هذه الفريضة العظيمة، وتبقى حكمة الله وأسرار عباداته ومقاصدها بحرًا واسعًا يكشف الله منها ما يشاء ويحجب منها ما يشاء، وفي جميع الأحوال ينبغي أن يظلّ العبد متلبسًا بالعبودية سواء عرف الحكمة أم حُجِبَت عنه؛ لأنه يعبد إلهًا حكيمًا لا يأمر بشيء إلّا وفيه حكمة، ولا ينهى عن شيء إلّا بحكمة.
ومن مقاصد الحج والعمرة التبصر والتفكر في دين الله وهذا من أعظم المنافع.
ومن مقاصد الحج نشر العلم بين الحجاج لمن جاء وافدًا وعنده علم أيضًا ينشره بين الناس مع إخوانه في مكة،
ينشر العلم بين الحجيج وبين رفقائه، وفي الطريق، في السيارة، في الطائرة، في الخيمة، في كل مكان ينشر علمه،
فرصة ساقها الله إليك؛ فمن أهداف الحج أن تنشر علمك، وأن توضح للناس ما لديك، لكن بالاعتماد على قول الله ورسوله
لا بالآراء الخارجة عن الكتاب والسنة، تعلَّم الناس عن كتاب الله وعن سنة رسوله ﷺ، وعما استنبطه أهل العلم من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، لا عن جهل وعدم بصيرة بل بالعلم والبصيرة: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ [يوسف:108].
ومن أهداف الحج ومقاصده ومنافعه الاستكثار من الصلوات والطواف:
ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج:29]. فعلى الحاج والمعتمر أن يكثر من الطواف متى قدر عليه من غير مزاحمة ولا مشقة، والإكثار من الصلاة في الحرم وفي مساجد مكة، فالصواب أن التفضيل في الثواب يعم المساجد كلها، يعم الحرم كله، وهو أرجح ما قاله العلماء.
فاغتنم الفرصة في المسجد الحرام وفي مساجد مكة وفي بيتك، تطوع من الطواف والإكثار من الصلاة والإكثار من التسبيح
والتهليل والذكر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله.
فانتهز فرصة اجتماع هذا الجمع الغفير من الناس من أفريقيا وأوربا وأمريكا وآسيا وغيرها، واحرص على التبليغ عن الله،وعلم مما أعطاك الله، ثم احرص على العمل الصالح من صلاة وطواف، ودعوة إلى الله، وتسبيح وتهليل، وذكر وقراءة قرآن،
وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وعيادة المريض، وإرشاد الحيران إلى غير ذلك من وجوه الخير.
ومن مقاصد الحج العظيمة إيفاء ما عليك من نذور،
من عبادات نذرتها تؤدى في المسجد الحرام، ومن هدايا تذبحها في منى وفي مكة، ومن صدقات تؤديها، وإن كان النذر لا ينبغي، فالنبي ﷺ قال: النذر لا يأتي بخير ولكن إن نذرت طاعة وجب الوفاء بها؛
يقول النبي ﷺ: من نذر أن يطيع الله فليطعه
. إذًا فإن نذرت في هذا الحرم صلاة أو طوافًا أو غير ذلك، فيجب أن تؤديها في هذا البلد الحرام وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ [الحج:29]
ومن المقاصد العظيمة والأهداف العظيمة للحج أن تواسي الفقير وتحسن إليه،
من الحجاج وغير الحجاج، في هذا البلد الأمين وفي الطريق وفي المدينة المنورة، تواسي مما أعطاك الله، تواسي الحجيج الفقراء،
تواسي من قصرت به النفقة، من عدموا القدرة على الهدي.
هذه هي الأهداف والمقاصد العظيمة، وقد أطلقها : لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ [الحج:28]، في منافع منوعة، ومواساة الحجيج الفقراء، والإحسان إليهم، وسد خلتهم مما أعطاك الله ، أو الشفاعة لهم عند من يعطيهم ويحسن إليهم ويسد خلتهم. ومن ذلك مداواة المريض وعلاجه والشفاعة له عند من يقوم بذلك، وإرشاده إلى المستشفيات والمستوصفات حتى
يعالج، وإعانته على ذلك بالمال والدواء، كل هذا من المنافع.
ومن المقاصد العظيمة التي ينبغي لك أن تلزمها دائمًا الإكثار من ذكر الله في هذا البلد الأمين، والإكثار من ذكر الله في كل الأحوال قائمًا وقاعدًا: "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر" والدعاء والإلحاح به. فمن المقاصد العظيمة أن تجتهد في الدعاء إلى ربك والضراعة إليه أن يتقبل منك، وأن يصلح قلبك وعملك،وأن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته وأن يعينك على أداء الحمد الذي عليك على الوجه الذي يرضيه، وأن يعينك على الإحسان إلى عباده ونفعهم، وأن تكون في منفعتهم وفي مواساتهم وفي إعانتهم على الخير،
وأن لا يتأذوا منك بشيء. تسأل الله أن يجعلك مباركًا لا تؤذي أحدًا، وتنفع ولا تؤذي.
فمن المقاصد العظيمة أن تحرص على النفع وعدم الأذى، ولا تؤذ الناس، لا في الطريق، ولا في الطواف، ولا في السعي، ولا في عرفات، ولا في مزدلفة، ولا في منى، ولا في أي مكان، ولا في الباخرة ولا في الطائرة، ولا في السيارة ولا في الخيمة ولا في أي مكان، ولا تؤذهم، لا بسب ولا بكذب، ولا بيدك ولا برجلك، ولا بغير ذلك؛ تتحرى أن تنفع ولا تؤذي أينما كنت، تتحرى أن تنفع الناس من الحجيج وغيرهم، وألا تؤذي أحدًا، لا بقول ولا بعمل، هذه من المقاصدالعظيمة.
ومن المقاصد العظيمة للحج أن تؤدي المناسك في غاية من الكمال، في غاية من الإتقان،
في غاية من الإخلاص: في طوافك وسعيك ورمي الجمار، وفي عرفات، وفي مزدلفة،
تكون في غاية الإخلاص، في غاية من حضور القلب، في غاية من جمع القلب على الله، في دعائك وذكرك وقراءتك وصلاتك، وغير ذلك، تجمع قلبك على الله وتحرص أينما كنت على الإخلاص لله.
ومن المقاصد الهدايا، سواء كانت واجبة عند التمتع والقران، أو غير واجبة، تهديها تقربًا إلى الله سبحانه وتعالى. وقد أهدى النبي ﷺ سبعين بدنة وأهدى الصحابة، فالهدي قربة إلى الله، تشتري وتنحر وتوزع على الفقراء والمحاويج، في أيام منى أو في غيرها، هدايا تطوع تنفع بها الناس في منى، وفي غير منى، قبل الحج وبعده.
أما هدي التمتع فهو في منى وفي مكة أيضًا، في أيام منى وهي أربعة. أما الصدقة بالذبائح وبالمال ففي أي وقت، لو ذبحت هذه الأيام وتصدقت ووزعتها على الفقراء، ووزعت أطعمة أو ملابس أو دراهم، كله خير.
إنما الذي يخص به أيام منى -الأربعة- الهدايا والضحايا، أما التطوعات بالذبائح فوقتها واسع، في جميع الزمان.
نسأل الله -سبحانه- أن ييسر لنا الحج والعمرة، وأن يرفع عن بلادنا وسائر البلاد هذا الوباء، وألا يحرمنا زيارة بيته الحرام وزيارة حبيبه المصطفي صل الله عليه وسلم
وما أحرانا بتدبر هذه المقاصد حتى إن لم يُيسَّر لنا الحج،
وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، وأن يصلح قلوبنا وعملنا جميعًا،وأن يعيد الحجاج جميعًا إلى بلادهم سالمين موفقين، مغفورًا لهم، متعلمين متبصرين، وقد عرفوا الحق بدليله، وعرفوا التوحيد على بصيرة، حتى يرجعوا إلى بلادهم غانمين موفقين، قد عرفوا دين الله على بصيرة، وقد أدوا حجهم على بصيرة، وعمرتهم ومناسكهم على بصيرة.
وصلِّ اللهم وسلّم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
------------------------------------------------------
أحبكم في الله
لا تنسونا من صالح دعائكم
الأربعاء أكتوبر 30, 2024 8:59 pm من طرف عبدالله الآحد
» تأكيد العمل بسنن الفطرة
الأربعاء أكتوبر 30, 2024 2:46 pm من طرف عبدالله الآحد
» الإقعاء منه المكروه ومنه السنة
الثلاثاء أكتوبر 29, 2024 2:36 pm من طرف عبدالله الآحد
» النفي في صفات الله سبحانه عز وجل
الثلاثاء أكتوبر 29, 2024 11:53 am من طرف عبدالله الآحد
» خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الثلاثاء أكتوبر 29, 2024 11:02 am من طرف صادق النور
» قال الإمام عبد الغني المقدسي فكما لا يثبت إلا بنص شرعي كذلك لا ينفى إلا بدليل سمعي
الأحد أكتوبر 27, 2024 3:42 pm من طرف عبدالله الآحد
» (( 1 )) مَوَاقِفُ تَرْبَوِيَّة فِي حَيَاةِ الرَّسُولِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
السبت أكتوبر 26, 2024 8:16 pm من طرف صادق النور
» لا يشرع رفع اليدين في السجود والجلوس
السبت أكتوبر 26, 2024 4:49 pm من طرف عبدالله الآحد
» نتبع القرآن والسنة ولا نبتدع
الجمعة أكتوبر 25, 2024 4:40 pm من طرف عبدالله الآحد
» (( 2 )) مَوَاقِفُ تَرْبَوِيَّة فِي حَيَاةِ الرَّسُولِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
الخميس أكتوبر 24, 2024 4:22 pm من طرف صادق النور