اختص الله نبيه محمدًا بجملة من الخصائص، لم يخص بها أحدًا قبله من الأنبياء؛ تكريمًا لمقامه بين الأنبياء، وتشريفًا لمكانته بين الرسل، كيف لا وهو خاتم الأنبياء والرسل، وهو خير الخلق على الله .
والخصائص التكريمية هي الفضائل والتشريفات التي أكرم الله بها نبيه محمدًا، وفضله بها على غيره من الأنبياء .
فمن تلك الخصائص أن الله تعالى ناداه بوصف النبوة والرسالة، وهذان الوصفان من أهم الأوصاف التي اتصف بها نبينا،
قال تعالى - { يا أيها النبي } وقد ورد النداء بهذا اللفظ في ثلاثة عشر موضعًا من القرآن؛
ويقول سبحانه مخاطبًا نبيه بصفته رسولاً - { يا أيها الرسول } وقد ورد النداء بهذا اللفظ في موضعين في سورة المائدة؛ فناداه ربه سبحانه في هذه المواضع بأكمل أوصافه، وأرفع مقاماته .
وهذه الخصوصية لم تثبت لغيره من الأنبياء، فكل نبي ناداه الله باسمه، قال تعالى - { وقلنا يا آدم } (البقرة:35)، وقال - { إذ قال الله يا عيسى ابن مريم } (المائدة:110) وقال - { قيل يا نوح } (نوح:48) وقال - { يا موسى }
وقال - { وناديناه أن يا إبراهيم } (الصافات:104) .
أما الآيات التي ذكر الله فيها نبيه باسمه، فإنما جاء ذلك على سبيل الإخبار، كقوله تعالى - { ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله } (الأحزاب:40) وقد ورد اسمه بهذا اللفظ في أربعة مواضع في القرآن الكريم .
ومما يتعلق بهذه الخصوصية، أن الله سبحانه نهى عباده عن نداء نبيه محمدًا باسمه الذي سمي به؛ قال تعالى - { لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا } (النور:63)
فنهى سبحانه المؤمنين عن نداء نبيهم كما ينادي بعضهم بعضًا، وطلب منهم مناداة نبيه الكريم بصفة النبوة والرسالة؛ تشريفًا لقدره، وبيانًا لمنـزلته، وخصه سبحانه بهذه الفضيلة من بين رسله وأنبيائه .
وفي المقابل، فقد أخبر تعالى عن سائر الأمم السابقة أنهم كانوا يخاطبون رسلهم وأنبياءهم بأسمائهم؛ كقول قوم موسى له - { قالوا يا موسى اجعل لنا إلهًا } (الأعراف:138)
وقول قوم عيسى - { إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم } (المائدة:112)
وقول قوم هود : - { قالوا يا هود ما جئتنا ببينة } (هود:53) .
ومن الخصائص التكريمية، أن الله سبحانه أقسم بحياة نبيه صلى الله عليه وسلم،
فقال تعالى - { لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون } (الحجر:72)؛ والقسم بحياته عليه الصلاة والسلام يدل على علو شرفه، وعظيم مكانته عند الله سبحانه،
فلو لم صلى الله عليه وسلم بهذه المكانة الرفيعة، والمنـزلة العظيمة، لما كان للإقسام بحياته أي معنى. ولم يثبت هذا التكريم لغيره صلى الله عليه وسلم .
و من خصائصه التكريمية صلى الله عليه وسلم،
أن الله سبحانه وتعالى قدمه على جميع أنبيائه في الذكر في أغلب آيات القرآن؛
قال تعالى - { إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان } (النساء:163)،
وقال سبحانه - { وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم } (الأحزاب:7)، فبدأ سبحانه بخاتم المرسلين لشرفه ومكانته .
ومن خصائصه التكريمية عليه الصلاة والسلام، إمامته الأنبياء في بيت المقدس؛ فقد جمع الله تعالى له جماعة منهم فصلى بهم إمامًا؛
وذلك تأكيدًا لفضله، وتنبيهًا على شرفه؛ وقد أخبر صلى الله عليه وسلم في حديث الإسراء،
أنه اجتمع بعدد من الأنبياء، منهم إبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم عليهم السلام، وصلى بهم إمامًا، والإمامة بالناس لها من الدلالة ما لها، فكيف إذا كانت الإمامة بالأنبياء ؟!
ومن جملة خصائصه التكريمية صلى الله عليه وسلم،
أن الله أخذ له الميثاق من جميع الأنبياء، بالإيمان به ونصرته؛
قال تعالى - { وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا } (آل عمران:81)، فأخبر سبحانه أنبياءه أن عليهم الإيمان بمحمد وقت مجيئه، وأن عليهم نصرته وتأييده، وقد أقر الأنبياء بذلك، فآمنوا برسالته، وأقروا ببعثته.
وهذه الخصوصية ليست لأحد منهم سواه. وقد روي عن علي بن أبي طالب و ابن عباس رضي الله عنهم، أنهما قالا: ما بعث الله نبيًا من الأنبياء إلا أخذ الله عليه الميثاق، لئن بعث الله محمداً وهو حي ليؤمنن به وينصرنه، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته، لئن بُعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه .
ومما اختص به عليه الصلاة والسلام، أن الله سبحانه قذف في قلوب أعدائه الرعب والخوف منه، حتى لو كانوا على مسافة بعيدة منه، ولم يحصل هذا لأحد قبله،
يقول صلى الله عليه وسلم: ( نُصرت بالرعب مسيرة شهر ) رواه البخاري و مسلم .
ومن خصائصه التكريمية عليه الصلاة والسلام أن أمته خير الأمم، قال تعالى - { كنتم خير أمة أخرجت للناس } (آل عمران:110)،
وجاء في الحديث، قوله عليه الصلاة والسلام: ( إنكم تتمون سبعين أمة، أنتم خيرها، وأكرمها على الله ) رواه الترمذي .
وإنما نالت هذه الأمة هذه الخيرية بنبيها محمد عليه الصلاة والسلام، فإنه أشرف مخلوق على الله، وأكرم الرسل عليه سبحانه .
ومن خصائصه التكريمية عليه الصلاة والسلام، أن الطاعون والدجال لا يدخلان مدينته؛ يقول صلى الله عليه وسلم: ( على أبواب المدينة ملائكة، لا يدخلها الطاعون، ولا الدجال ) رواه البخاري و مسلم .
ومن خصائصه التكريمية صلى الله عليه وسلم وجوب محبته، وتقديمها على محبة النفس والأهل والمال والولد،
قال تعالى: - { قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره } (التوبة:24)
وقال صلى الله عليه وسلم: ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ) رواه البخاري و مسلم ، وفي حديث عند البخاري : ( حتى أكون أحب إليك من نفسك ) .
ومن خصائصه التكريمية صلى الله عليه وسلم،
أنه أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة؛ واختصاصه بحمل لواء الحمد؛ واختصاصه صلى الله عليه وسلم أيضًا بأنه أول من يدخل الجنة يوم القيامة؛
يبين كل هذا قوله صلى الله عليه وسلم: ( أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذ، آدم فمن سواه إلا تحت لوائي، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر ) رواه الترمذي وفي رواية عند الدارمي : ( وأنا أول من يدخل الجنة يوم القيامة، ولا فخر ) .
ويندرج في هذا النوع من الخصائص التكريمية، أنه صلى الله عليه وسلم يبعثه الله يوم القيامة مقامًا محمودًا؛ قال تعالى - { عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا } (الإسراء:79) والمقام المحمود الذي اختص به رسولنا هو مقام الشفاعة، وهو مقام لم ينله أحد غيره؛ فالناس يكونون يوم القيامة جالسين على ركبهم، كل أمة تتبع نبيها، يقولون: يا فلان اشفع ! يا فلان اشفع ! حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود. والحديث رواه البخاري .
ومن الخصائص التكريمية أنه صلى الله عليه وسلم يكون يوم القيامة أكثر الأنبياء أتباعًا؛ وقد جاء في الخبر أن الأمم يوم القيامة تمر عليه صلى الله عليه وسلم، فيمر النبي وليس معه أحد، ويمر النبي ومعه الواحد فقط، ويمر النبي ومعه الاثنان والثلاثة...،
ثم ينظر عليه الصلاة والسلام إلى الأفق، فيرى جمعًا عظيمًا من الناس، فيسأل: أتباع من هؤلاء ؟ فيقال له: هذه أمتك .
هذه جملة من الخصائص التكريمية التي اختص الله بها رسول الله صل الله عليه وسلم دون غيره من الأنبياء، وهي بمجموعها تظهر مكانة النبي صل الله عليه وسلم ، ومنزلته عند الله سبحانه، فهو المفضل من النبيين، وهو المختار على غيره من الخلق أجمعين .
(*)*(*(*(*((*(*(*(*(*(*(*(*(*((**(*(*(*(*(*(*(*(*(*(*(*(*)
خصَّ الله تعالى سيدنا الحبيب صلى الله عليه وسلم دون غيره من البشر بخصائص كثيرة، وحباه بصفاتٍ خَلقية وخُلُقية عظيمة،
فهو أعظم الناس خُلُقاً كما قال تعالى - {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}(القلم:4)،
وأجملهم وأحسنهم خَلْقاً، فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسنَ الناسِ وجهاً، وأحسنهم خَلقاً) رواه البخاري.
والخصوصيات التي خص الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم تشريفاً وتكريماً له دون غيره من البشر في الدنيا والآخرة لا تُحَدُّ ولا تُعَدُّ،
منها: الوسيلة والفضيلة، والشفاعة، والكوثر، وأنّه أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة، وأول من يعبر الصراط من الرسل بأمته، وأن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام تحت لوائه يوم القيامة،
وأن الله أعطاه جوامع الكلم، وجُعِلَت له الأرض مسجدا وطهورا، وأُرْسِل إلى الخلق كافة، وخُتِمَ به النبيون..
ومن هذه الخصوصيات التي خصه الله عز وجل بها في الدنيا: خصوصياته صلى الله عليه وسلم التي ظهرت على بدنه الشريف وجوارحه الطاهرة،
والتي منها: خاتم النبوة بين كتفيه، ورؤيته وسماعه ما لا يراه ويسمعه غيره من الناس، وطيب عرقه صلى الله عليه وسلم.
خاتَم النبوة:
خاتم النبوة هو بروز عند كتفه الأيسر بحجم البيضة الصغيرة، وهو من صفاته الجسدية صلى الله عليه وسلم التي وُصِف بها في الكتب السابقة عند أهل الكتاب، وكان دليلاً من دلائل نبوته المذكورة في هذه الكتب السابقة قبل تحريفها، والتي كان أهلها يعرفونه صلى الله عليه وسلم بها، ويسألون عنها، ويطلبون الوقوف عليها.
عن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال: (ذهبَت بي خالتي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن ابن أختي وجع، فمسح رأسي، ودعا لي بالبركة، ثم توضأ فشربت من وضوئه، وقمتُ خلف ظهره، فنظرتُ إلى خاتم النبوة بين كتفيه زِرِّ الحَجَلَة (بيض نوع من الطيور)) رواه البخاري.
وعن جابر بن سمُرة رضي الله عنه قال: (ورأيْتُ الْخَاتَمَ عِنْدَ كَتِفِهِ مِثْلَ بَيْضة الحمامة، يُشْبِهُ جَسَدَه) رواه مسلم.
قال القرطبي: "اتفقت الأحاديث الثابتة على أن الخاتم كان شيئاً بارزاً أحمر عند كتفه الأيسر، قدْره إذا قلل كبيضة الحمامة، وإذا كثر كجمع اليد".
وقال ابن رجب: "وخاتم النبوة: من علامات نبوته التي كان يعرفه بها أهل الكتاب ويسألون عنها، ويطلبون الوقوف عليها .
وقد روي: أن هرقل بعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم بتبوك من ينظر له خاتم النبوة ثم يخبره عنه".
وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه في مدحه ووصفه للنبي صلى الله عليه وسلم:
يرى ما لا نرى:
خصَّ الله عز وجل نبينا صلى الله عليه وسلم في جسده الشريف بأن جعل عينيه ترى ما لا يراه غيره من الناس، ومن أمثلة رؤيته صلى الله عليه وسلم ما لا يراه غيره من الناس، ما رواه البخاري عن أسامة رضي الله عنه قال: (أشرف النّبي صلى الله عليه وسلم على أطُم (حصن) من آطام المدينة، فقال: هل ترون ما أرى؟ إنّي لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر) .
قال ابن حجر: "(أشرف) أي نظر من مكان مرتفع.. شبه سقوط الفتن وكثرتها بسقوط القطر في الكثرة والعموم، وهذا من علامات النبوة لإخباره بما سيكون". وقال في موضع آخر: "والرؤية بمعنى النظر، أي كُشِفَ لي فأبصرتُ ذلك عيانا".
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أتموا الركوع والسجود، فوالله إني أراكم من خلف ظهري، إذا ركعتم وسجدتم) رواه البخاري.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (صلَّى بنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يوماً ثمَّ انصرف، فقال: يا فلان ألا تحسن صلاتك؟ ألا ينظر المصلي إذا صلى كيف يصلي؟ فإنما يصلي لنفسه، إني والله لأُبْصِر مِن ورائي كما أبصر مِن بين يدي) رواه مسلم.
والظاهر من سياق الحديثين أن الرؤية هنا رؤية بصرية لا مجرّد إلهام أو وحي، كما قرّر ذلك الحافظ ابن حجر في "الفتح"، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: (إني والله لأبْصِر)،
ولو كان مقصده مجرّد العلم لما كان لتقييده عليه الصلاة والسلام بالرؤية من وراء ظهره فائدة تفيد الخصوصية.
وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: (قالوا: يا رسول الله: رأيناك تناولتَ شيئا في مقامك هذا ثمّ رأيناك كففت؟! فقال: إنّي رأيت الجنّة فتناولتُ منها عنقودا ولو أخذتُه لأكلتم منه ما بقيت الدّنيا، ورأيتُ النّار فلم أر كاليوم منظرا قطّ..) رواه مسلم.
يسمع ما لا نسمع:
أعدّ الله عز وجل نبيّه صلى الله عليه وسلم إعدادًا خاصًّا يُتيح له تلقّي الوحي من جبريل عليه السلام، ورؤيته والسّماع منه، وما يتّبعه من رؤية وسماع ما سواه من الغيبيّات، كالملائكة والجنّ والشّياطين، أو سماعه لعذاب القبر ونحوه، فكان من الطبيعي أن يسمَع النبي صلوات الله وسلامه عليه ما لا يسمعه غيره، وقد دلّت الأحاديث الصحيحة على ذلك.
عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: (بينما النّبي صلى الله عليه وسلم في حائط لبني النّجّار على بغلة له ونحن معه إذ حادت به فكادت تلقيه، وإذا أقْبر (جمع قبر) ستّة أو خمسة أو أربعة، فقال: من يعرف أصحاب هذه الأقبر؟ فقال رجل: أنا، قال: فمتى مات هؤلاء؟ قال: ماتوا في الإشراك، فقال صلى الله عليه وسلم: إنّ هذه الأمّة تبتلى في قبورها، فلولا ألا تدافنوا لدعوتُ الله أن يسمعكم من عذاب القبر الّذي أسمع) رواه مسلم.
وعن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنّي أرَى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطّت السّماء وحُقّ لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلاّ ومَلَكٌ واضع جبهته ساجدًا لله، والله لو تعلمون ما أعْلَمُ لضَحِكْتُم قليلاً، ولبكيتُم كثيرًا، وما تلَذَذْتُم بالنّساء على الفُرش، ولخرجتُم إلى الصّعدات تجأرون إلى الله) رواه أحمد.
قال الشيخ الألباني: "النبي صلى الله عليه وسلم يسمع ما لا يسمع الناس، وهذا من خصوصياته عليه الصلاة والسلام، كما أنه كان يرى جبريل ويكلمه، والناس لا يرونه ولا يسمعون كلامه،
فقد ثبت في البخاري وغيره أنه صلى الله عليه وسلم قال يوماً لعائشة رضي الله عنها: (هذا جبريل يقرئك السلام، فقالت: وعليه السلام يا رسول الله، ترى ما لا نرى).
طِيب عرقه صلى الله عليه وسلم:
من خصائص صلى الله عليه وسلم في بدنه الشريف أن عرقه الذي يخرج منه ليس كعرق أحد من البشر.
عن أنس رضي الله عنه أنه قال في وصف النبي صلى الله عليه وسلم: (كان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أزهر اللون، كأن عرقه اللؤلؤ، إذا مشى تكفّأ، وما مسست حريرا ولا ديباجاً ألين من كف رسول اللَّه، ولا شممتُ مسكة ولا عنبرة أطيب رائحة من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) رواه مسلم.
قال النووي: "قوله: (أزهر اللون): هو الأبيض المستنير وهي أحسن الألوان،
وقوله: (كأن عرقه اللؤلؤ) أي: في الصفاء والبياض".
ولطيب رائحة عرقه الذي ليس لسائر البشر كانت أم سُليم رضي الله عنها تجمع عَرَقه صلى الله عليه وسلم.
عن أنس بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قال: ( دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم، فقال (نام نومة القيلولة) عندنا، فعرق وجاءت أمي بقارورة، فجعلت تسلت (تمسح وتجمع) العرق فيها، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا أم سليم ما هذا الذي تصنعين؟ قالت: هذا عرقك نجعله في طيبنا، وهو من أطيب الطيب ) رواه مسلم.
قال إسحاق بن راهوية: "إن هذه الرائحة كانت رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير طيب"،
وقال النووي: "وهذا مما أكرمه الله تعالى به، ولكنه كان يضع الطيب، وذلك مبالغة في طيب ريحه لملاقاة الملائكة وأخذ الوحي ومجالسة المسلمين".
وقال ـ النووي ـ: "قد قدمنا في كتاب الجهاد عند ذكر أم حرام أخت أم سليم أنهما كانتا خالتين لرسول الله صلى الله عليه وسلم مَحْرَمَيْنِ إما من الرضاع وإما من النسب، فتحل له الخلوة بهما، وكان يدخل عليهما خاصة، لا يدخل على غيرهما من النساء إِلَّا أَزْوَاجِه".
مما لا شك فيه أن معرفة المسلم ما يخص نبيه صلى الله عليه وسلم خَلْقاً وخُلُقاً من الدين ومن العلم النافع، ولولا ذلك ما ذكر هذه الخصائصَ الصحابة رضوان الله عليهم وما نقلوها إلينا بهذا التفصيل الدقيق، ولما ذكرها علماء السنة والسيرة النبوية في كتبهم، وهذه الخصائص التي ذكروها ونقلوها منها ما هو صحيح،
ومنها ما هو ضعيف، ومنها ما لا دليل له أصلاً، ومن ثم فخصوصياته صلوات الله وسلامه عليه تثبت بالنص الصحيح الذي صححه العلماء، فلا يجوز أن يُعطى له من الصفات والخصوصيات إلا ما جاء في القرآن الكريم وصحت به السنة النبوية، فإذا ثبتت له صلى الله عليه وسلم خصوصية أو معجزة من الخصائص والمعجزات الكثيرة الثابتة له صلى الله عليه وسلم وجب التسليم وعدم إخضاعها للعقل البشري، فواجب المسلم نحو الخصائص التي أكرم الله بها نبيه وأظهر فيها فضله وعلو منزلته والتي دلت عليها النصوص الصحيحة هو التسليم، وإن خالف ظاهرها عقله وتفكيره،
فالأنبياء وعلى رأسهم نبينا محمد صلوات الله عليهم أجمعين وإن كانوا من البشر يأكلون ويشربون، ويصحون ويمرضون، ويمشون في الأسواق، وتعتريهم العوارض التي تمر على البشر من ضعف وشيخوخة وموت،
إلا أن الله عز وجل اصطفاهم وأوحى إليهم، وفضلهم وخصهم بخصائص ومعجزات ليست لسائر البشر،
قال الله تعالى - {اللهُ يَصْطَفِي مِنَ المَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ}(الحج:75)،
وقال - {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَءَاتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ}(البقرة: 253)،
وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم - {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}(لكهف:110)،
قال السعدي: " {قُلْ} يا محمد للكفار وغيرهم: {إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} أي: لستُ بإله، ولا لي شركة في الملك، ولا علم بالغيب، ولا عندي خزائن الله، {إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} عبد من عبيد ربي،
{يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} أي: فُضِّلْتُ عليكم بالوحي، الذي يوحيه الله إليَّ".
(*) (*) (*) (*) (*) (*) (*) (*) (*) (*) (*) (*)
عدل سابقا من قبل صادق النور في الجمعة نوفمبر 08, 2024 5:18 pm عدل 5 مرات
أمس في 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
أمس في 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد
» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» العبادة وأركانها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد
» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور
» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد
» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد
» هيئات السجود المسنونة
الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» (( - 2 -)) خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأربعاء نوفمبر 13, 2024 11:28 pm من طرف صادق النور