آل راشد



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

آل راشد

آل راشد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
آل راشد

ثقافى-اجتماعى

*** - اللَّهُمَّ اَنَكَ عَفْوٍ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعِفُو عَنَّا - *** - اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك . *** - اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ الْمَوْتِ وَ ارْزُقْنَا حُسْنَ الْخَاتِمَةِ . *** -

إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا شَابَتْ عَبِيدَهُمْ.. .. فِي رِقِّهِمْ عَتَقُوهُمْ عِتْقَ أَبْرَارٍ .. .. وَأَنْتَ يَا خَالِقِيُّ أوْلَى بِذَا كَرَمًا.. .. قَدْ شُبْتُ فِي الرِّقِّ فَأَعْتَقَنِي مِنَ النَّارِ .

المواضيع الأخيرة

» كتاب الترجيح في مسائل الطهارة والصلاة
((- 1 - ))  خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم Ooou110أمس في 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد

» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
((- 1 - ))  خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم Ooou110أمس في 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد

» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
((- 1 - ))  خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم Ooou110الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد

» العبادة وأركانها
((- 1 - ))  خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم Ooou110الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد

» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
((- 1 - ))  خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم Ooou110الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد

» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
((- 1 - ))  خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم Ooou110الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور

» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
((- 1 - ))  خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم Ooou110الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد

» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
((- 1 - ))  خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم Ooou110السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد

» هيئات السجود المسنونة
((- 1 - ))  خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم Ooou110الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد

» (( - 2 -)) خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
((- 1 - ))  خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم Ooou110الأربعاء نوفمبر 13, 2024 11:28 pm من طرف صادق النور

اهلا بكم

الثلاثاء نوفمبر 08, 2011 2:32 am من طرف mohamed yousef

((- 1 - ))  خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم Ooousu10

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 107 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 107 زائر :: 3 عناكب الفهرسة في محركات البحث

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الأربعاء سبتمبر 15, 2021 4:26 am

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 10128 مساهمة في هذا المنتدى في 3405 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 311 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو Pathways فمرحباً به.

دخول

لقد نسيت كلمة السر

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع


    ((- 1 - )) خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود ((- 1 - )) خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين أكتوبر 28, 2024 2:42 pm

    ((  : - خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم - : ))


    الخصائص التكريمية للحبيب المصطفي صل الله عليه وسلم
    : -

    اختص الله نبيه محمدًا بجملة من الخصائص، لم يخص بها أحدًا قبله من الأنبياء؛ تكريمًا لمقامه بين الأنبياء، وتشريفًا لمكانته بين الرسل، كيف لا وهو خاتم الأنبياء والرسل، وهو خير الخلق على الله .

    والخصائص التكريمية هي الفضائل والتشريفات التي أكرم الله بها نبيه محمدًا، وفضله بها على غيره من الأنبياء .

    فمن تلك الخصائص أن الله تعالى ناداه بوصف النبوة والرسالة، وهذان الوصفان من أهم الأوصاف التي اتصف بها نبينا،
    قال تعالى - { يا أيها النبي } وقد ورد النداء بهذا اللفظ في ثلاثة عشر موضعًا من القرآن؛
    ويقول سبحانه مخاطبًا نبيه بصفته رسولاً - { يا أيها الرسول } وقد ورد النداء بهذا اللفظ في موضعين في سورة المائدة؛ فناداه ربه سبحانه في هذه المواضع بأكمل أوصافه، وأرفع مقاماته .
    وهذه الخصوصية لم تثبت لغيره من الأنبياء، فكل نبي ناداه الله باسمه، قال تعالى - { وقلنا يا آدم } (البقرة:35)، وقال - { إذ قال الله يا عيسى ابن مريم } (المائدة:110) وقال - { قيل يا نوح } (نوح:48) وقال -  { يا موسى }
    وقال - { وناديناه أن يا إبراهيم } (الصافات:104) .


    أما الآيات التي ذكر الله فيها نبيه باسمه، فإنما جاء ذلك على سبيل الإخبار، كقوله تعالى - { ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله } (الأحزاب:40) وقد ورد اسمه بهذا اللفظ في أربعة مواضع في القرآن الكريم .

    ومما يتعلق بهذه الخصوصية، أن الله سبحانه نهى عباده عن نداء نبيه محمدًا باسمه الذي سمي به؛ قال تعالى -  { لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا } (النور:63)
    فنهى سبحانه المؤمنين عن نداء نبيهم كما ينادي بعضهم بعضًا، وطلب منهم مناداة نبيه الكريم بصفة النبوة والرسالة؛ تشريفًا لقدره، وبيانًا لمنـزلته، وخصه سبحانه بهذه الفضيلة من بين رسله وأنبيائه .

    وفي المقابل، فقد أخبر تعالى عن سائر الأمم السابقة أنهم كانوا يخاطبون رسلهم وأنبياءهم بأسمائهم؛ كقول قوم موسى له -  { قالوا يا موسى اجعل لنا إلهًا } (الأعراف:138)
    وقول قوم عيسى  -  { إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم } (المائدة:112)
    وقول قوم هود : - { قالوا يا هود ما جئتنا ببينة } (هود:53) .

    ومن الخصائص التكريمية، أن الله سبحانه أقسم بحياة نبيه صلى الله عليه وسلم،
    فقال تعالى -  { لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون } (الحجر:72)؛ والقسم بحياته عليه الصلاة والسلام يدل على علو شرفه، وعظيم مكانته عند الله سبحانه،
    فلو لم صلى الله عليه وسلم بهذه المكانة الرفيعة، والمنـزلة العظيمة، لما كان للإقسام بحياته أي معنى. ولم يثبت هذا التكريم لغيره صلى الله عليه وسلم .

    و من خصائصه التكريمية صلى الله عليه وسلم،
    أن الله سبحانه وتعالى قدمه على جميع أنبيائه في الذكر في أغلب آيات القرآن؛
    قال تعالى - { إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان } (النساء:163)،
    وقال سبحانه -  { وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم } (الأحزاب:7)، فبدأ سبحانه بخاتم المرسلين لشرفه ومكانته .

    ومن خصائصه التكريمية عليه الصلاة والسلام، إمامته الأنبياء في بيت المقدس؛ فقد جمع الله تعالى له جماعة منهم فصلى بهم إمامًا؛
    وذلك تأكيدًا لفضله، وتنبيهًا على شرفه؛ وقد أخبر صلى الله عليه وسلم في حديث الإسراء،
    أنه اجتمع بعدد من الأنبياء، منهم إبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم عليهم السلام، وصلى بهم إمامًا، والإمامة بالناس لها من الدلالة ما لها، فكيف إذا كانت الإمامة بالأنبياء ؟!

    ومن جملة خصائصه التكريمية صلى الله عليه وسلم،
    أن الله أخذ له الميثاق من جميع الأنبياء، بالإيمان به ونصرته؛
    قال تعالى -  { وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا } (آل عمران:81)، فأخبر سبحانه أنبياءه أن عليهم الإيمان بمحمد وقت مجيئه، وأن عليهم نصرته وتأييده، وقد أقر الأنبياء بذلك، فآمنوا برسالته، وأقروا ببعثته.
    وهذه الخصوصية ليست لأحد منهم سواه. وقد روي عن علي بن أبي طالب و ابن عباس رضي الله عنهم، أنهما قالا: ما بعث الله نبيًا من الأنبياء إلا أخذ الله عليه الميثاق، لئن بعث الله محمداً وهو حي ليؤمنن به وينصرنه، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته، لئن بُعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه .

    ومما اختص به عليه الصلاة والسلام، أن الله سبحانه قذف في قلوب أعدائه الرعب والخوف منه، حتى لو كانوا على مسافة بعيدة منه، ولم يحصل هذا لأحد قبله،
    يقول صلى الله عليه وسلم: ( نُصرت بالرعب مسيرة شهر ) رواه البخاري و مسلم .

    ومن خصائصه التكريمية عليه الصلاة والسلام أن أمته خير الأمم، قال تعالى - { كنتم خير أمة أخرجت للناس } (آل عمران:110)،
    وجاء في الحديث، قوله عليه الصلاة والسلام: ( إنكم تتمون سبعين أمة، أنتم خيرها، وأكرمها على الله ) رواه الترمذي .
    وإنما نالت هذه الأمة هذه الخيرية بنبيها محمد عليه الصلاة والسلام، فإنه أشرف مخلوق على الله، وأكرم الرسل عليه سبحانه .

    ومن خصائصه التكريمية عليه الصلاة والسلام، أن الطاعون والدجال لا يدخلان مدينته؛ يقول صلى الله عليه وسلم: ( على أبواب المدينة ملائكة، لا يدخلها الطاعون، ولا الدجال ) رواه البخاري و مسلم .

    ومن خصائصه التكريمية صلى الله عليه وسلم وجوب محبته، وتقديمها على محبة النفس والأهل والمال والولد،
    قال تعالى: - { قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره } (التوبة:24)
    وقال صلى الله عليه وسلم: ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ) رواه البخاري و مسلم ، وفي حديث عند البخاري : ( حتى أكون أحب إليك من نفسك ) .

    ومن خصائصه التكريمية صلى الله عليه وسلم،
    أنه أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة؛ واختصاصه بحمل لواء الحمد؛ واختصاصه صلى الله عليه وسلم أيضًا بأنه أول من يدخل الجنة يوم القيامة؛
    يبين كل هذا قوله صلى الله عليه وسلم: ( أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذ، آدم فمن سواه إلا تحت لوائي، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر ) رواه الترمذي وفي رواية عند الدارمي : ( وأنا أول من يدخل الجنة يوم القيامة، ولا فخر ) .

    ويندرج في هذا النوع من الخصائص التكريمية
    ، أنه صلى الله عليه وسلم يبعثه الله يوم القيامة مقامًا محمودًا؛ قال تعالى -  { عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا } (الإسراء:79) والمقام المحمود الذي اختص به رسولنا هو مقام الشفاعة، وهو مقام لم ينله أحد غيره؛ فالناس يكونون يوم القيامة جالسين على ركبهم، كل أمة تتبع نبيها، يقولون: يا فلان اشفع ! يا فلان اشفع ! حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود. والحديث رواه البخاري .

    ومن الخصائص التكريمية أنه صلى الله عليه وسلم يكون يوم القيامة أكثر الأنبياء أتباعًا؛ وقد جاء في الخبر أن الأمم يوم القيامة تمر عليه صلى الله عليه وسلم، فيمر النبي وليس معه أحد، ويمر النبي ومعه الواحد فقط، ويمر النبي ومعه الاثنان والثلاثة...،
    ثم ينظر عليه الصلاة والسلام إلى الأفق، فيرى جمعًا عظيمًا من الناس، فيسأل: أتباع من هؤلاء ؟ فيقال له: هذه أمتك .

    هذه جملة من الخصائص التكريمية التي اختص الله بها رسول الله صل الله عليه وسلم  دون غيره من الأنبياء، وهي بمجموعها تظهر مكانة النبي صل الله عليه وسلم ، ومنزلته عند الله سبحانه، فهو المفضل من النبيين، وهو المختار على غيره من الخلق أجمعين .

    (*)*(*(*(*((*(*(*(*(*(*(*(*(*((**(*(*(*(*(*(*(*(*(*(*(*(*)

    (*) - خصائص النبي صلى الله عليه وسلم في جَسَدِه الشريف - (* )


    خصَّ الله تعالى سيدنا الحبيب صلى الله عليه وسلم دون غيره من البشر بخصائص كثيرة، وحباه بصفاتٍ خَلقية وخُلُقية عظيمة،
    فهو أعظم الناس خُلُقاً كما قال تعالى - {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}(القلم:4)،
    وأجملهم وأحسنهم خَلْقاً، فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسنَ الناسِ وجهاً، وأحسنهم خَلقاً) رواه البخاري.
    والخصوصيات التي خص الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم تشريفاً وتكريماً له دون غيره من البشر في الدنيا والآخرة لا تُحَدُّ ولا تُعَدُّ،
    منها: الوسيلة والفضيلة، والشفاعة، والكوثر، وأنّه أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة، وأول من يعبر الصراط من الرسل بأمته، وأن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام تحت لوائه يوم القيامة،
    وأن الله أعطاه جوامع الكلم، وجُعِلَت له الأرض مسجدا وطهورا، وأُرْسِل إلى الخلق كافة، وخُتِمَ به النبيون..
    ومن هذه الخصوصيات التي خصه الله عز وجل بها في الدنيا: خصوصياته صلى الله عليه وسلم التي ظهرت على بدنه الشريف وجوارحه الطاهرة،
    والتي منها: خاتم النبوة بين كتفيه، ورؤيته وسماعه ما لا يراه ويسمعه غيره من الناس، وطيب عرقه صلى الله عليه وسلم.

    خاتَم النبوة:

    خاتم النبوة هو بروز عند كتفه الأيسر بحجم البيضة الصغيرة، وهو من صفاته الجسدية صلى الله عليه وسلم التي وُصِف بها في الكتب السابقة عند أهل الكتاب، وكان دليلاً من دلائل نبوته المذكورة في هذه الكتب السابقة قبل تحريفها، والتي كان أهلها يعرفونه صلى الله عليه وسلم بها، ويسألون عنها، ويطلبون الوقوف عليها.
    عن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال: (ذهبَت بي خالتي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن ابن أختي وجع، فمسح رأسي، ودعا لي بالبركة، ثم توضأ فشربت من وضوئه، وقمتُ خلف ظهره، فنظرتُ إلى خاتم النبوة بين كتفيه زِرِّ الحَجَلَة (بيض نوع من الطيور)) رواه البخاري.
    وعن جابر بن سمُرة رضي الله عنه قال: (ورأيْتُ الْخَاتَمَ عِنْدَ كَتِفِهِ مِثْلَ بَيْضة الحمامة، يُشْبِهُ جَسَدَه) رواه مسلم.
    قال القرطبي: "اتفقت الأحاديث الثابتة على أن الخاتم كان شيئاً بارزاً أحمر عند كتفه الأيسر، قدْره إذا قلل كبيضة الحمامة، وإذا كثر كجمع اليد".
    وقال ابن رجب: "وخاتم النبوة: من علامات نبوته التي كان يعرفه بها أهل الكتاب ويسألون عنها، ويطلبون الوقوف عليها .
    وقد روي: أن هرقل بعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم بتبوك من ينظر له خاتم النبوة ثم يخبره عنه".
    وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه في مدحه ووصفه للنبي صلى الله عليه وسلم:
    أغَرُّ عَلَيْهِ لِلنُّبُوَّةِ خَاتَمٌ مِنَ اللَّهِ مَشْهُودٌ يَلُوحُ ويُشْهَدُ

    يرى ما لا نرى:

    خصَّ الله عز وجل نبينا صلى الله عليه وسلم في جسده الشريف بأن جعل عينيه ترى ما لا يراه غيره من الناس، ومن أمثلة رؤيته صلى الله عليه وسلم ما لا يراه غيره من الناس، ما رواه البخاري عن أسامة رضي الله عنه قال: (أشرف النّبي صلى الله عليه وسلم على أطُم (حصن) من آطام المدينة، فقال: هل ترون ما أرى؟ إنّي لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر) .
    قال ابن حجر: "(أشرف) أي نظر من مكان مرتفع.. شبه سقوط الفتن وكثرتها بسقوط القطر في الكثرة والعموم، وهذا من علامات النبوة لإخباره بما سيكون". وقال في موضع آخر: "والرؤية بمعنى النظر، أي كُشِفَ لي فأبصرتُ ذلك عيانا".
    وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أتموا الركوع والسجود، فوالله إني أراكم من خلف ظهري، إذا ركعتم وسجدتم) رواه البخاري.
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (صلَّى بنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يوماً ثمَّ انصرف، فقال: يا فلان ألا تحسن صلاتك؟ ألا ينظر المصلي إذا صلى كيف يصلي؟ فإنما يصلي لنفسه، إني والله لأُبْصِر مِن ورائي كما أبصر مِن بين يدي) رواه مسلم.
    والظاهر من سياق الحديثين أن الرؤية هنا رؤية بصرية لا مجرّد إلهام أو وحي، كما قرّر ذلك الحافظ ابن حجر في "الفتح"، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: (إني والله لأبْصِر)،
    ولو كان مقصده مجرّد العلم لما كان لتقييده عليه الصلاة والسلام بالرؤية من وراء ظهره فائدة تفيد الخصوصية.
    وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: (قالوا: يا رسول الله: رأيناك تناولتَ شيئا في مقامك هذا ثمّ رأيناك كففت؟! فقال: إنّي رأيت الجنّة فتناولتُ منها عنقودا ولو أخذتُه لأكلتم منه ما بقيت الدّنيا، ورأيتُ النّار فلم أر كاليوم منظرا قطّ..) رواه مسلم.

    يسمع ما لا نسمع:

    أعدّ الله عز وجل نبيّه صلى الله عليه وسلم إعدادًا خاصًّا يُتيح له تلقّي الوحي من جبريل عليه السلام، ورؤيته والسّماع منه، وما يتّبعه من رؤية وسماع ما سواه من الغيبيّات، كالملائكة والجنّ والشّياطين، أو سماعه لعذاب القبر ونحوه، فكان من الطبيعي أن يسمَع النبي صلوات الله وسلامه عليه ما لا يسمعه غيره، وقد دلّت الأحاديث الصحيحة على ذلك.

    عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: (بينما النّبي صلى الله عليه وسلم في حائط لبني النّجّار على بغلة له ونحن معه إذ حادت به فكادت تلقيه، وإذا أقْبر (جمع قبر) ستّة أو خمسة أو أربعة، فقال: من يعرف أصحاب هذه الأقبر؟ فقال رجل: أنا، قال: فمتى مات هؤلاء؟ قال: ماتوا في الإشراك، فقال صلى الله عليه وسلم: إنّ هذه الأمّة تبتلى في قبورها، فلولا ألا تدافنوا لدعوتُ الله أن يسمعكم من عذاب القبر الّذي أسمع) رواه مسلم.

    وعن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنّي أرَى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطّت السّماء وحُقّ لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلاّ ومَلَكٌ واضع جبهته ساجدًا لله، والله لو تعلمون ما أعْلَمُ لضَحِكْتُم قليلاً، ولبكيتُم كثيرًا، وما تلَذَذْتُم بالنّساء على الفُرش، ولخرجتُم إلى الصّعدات تجأرون إلى الله) رواه أحمد.

    قال الشيخ الألباني: "النبي صلى الله عليه وسلم يسمع ما لا يسمع الناس، وهذا من خصوصياته عليه الصلاة والسلام، كما أنه كان يرى جبريل ويكلمه، والناس لا يرونه ولا يسمعون كلامه،
    فقد ثبت في البخاري وغيره أنه صلى الله عليه وسلم قال يوماً لعائشة رضي الله عنها: (هذا جبريل يقرئك السلام، فقالت: وعليه السلام يا رسول الله، ترى ما لا نرى).

    طِيب عرقه صلى الله عليه وسلم:


    من خصائص صلى الله عليه وسلم في بدنه الشريف أن عرقه الذي يخرج منه ليس كعرق أحد من البشر.
    عن أنس رضي الله عنه أنه قال في وصف النبي صلى الله عليه وسلم: (كان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أزهر اللون، كأن عرقه اللؤلؤ، إذا مشى تكفّأ، وما مسست حريرا ولا ديباجاً ألين من كف رسول اللَّه، ولا شممتُ مسكة ولا عنبرة أطيب رائحة من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) رواه مسلم.
    قال النووي: "قوله: (أزهر اللون): هو الأبيض المستنير وهي أحسن الألوان،
    وقوله: (كأن عرقه اللؤلؤ) أي: في الصفاء والبياض".
    ولطيب رائحة عرقه الذي ليس لسائر البشر كانت أم سُليم رضي الله عنها تجمع عَرَقه صلى الله عليه وسلم.
    عن أنس بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قال: ( دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم، فقال (نام نومة القيلولة) عندنا، فعرق وجاءت أمي بقارورة، فجعلت تسلت (تمسح وتجمع) العرق فيها، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا أم سليم ما هذا الذي تصنعين؟ قالت: هذا عرقك نجعله في طيبنا، وهو من أطيب الطيب ) رواه مسلم.
    قال إسحاق بن راهوية: "إن هذه الرائحة كانت رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير طيب"،
    وقال النووي: "وهذا مما أكرمه الله تعالى به، ولكنه كان يضع الطيب، وذلك مبالغة في طيب ريحه لملاقاة الملائكة وأخذ الوحي ومجالسة المسلمين".
    وقال ـ النووي ـ: "قد قدمنا في كتاب الجهاد عند ذكر أم حرام أخت أم سليم أنهما كانتا خالتين لرسول الله صلى الله عليه وسلم مَحْرَمَيْنِ إما من الرضاع وإما من النسب، فتحل له الخلوة بهما، وكان يدخل عليهما خاصة، لا يدخل على غيرهما من النساء إِلَّا أَزْوَاجِه".

    مما لا شك فيه أن معرفة المسلم ما يخص نبيه صلى الله عليه وسلم خَلْقاً وخُلُقاً من الدين ومن العلم النافع، ولولا ذلك ما ذكر هذه الخصائصَ الصحابة رضوان الله عليهم وما نقلوها إلينا بهذا التفصيل الدقيق، ولما ذكرها علماء السنة والسيرة النبوية في كتبهم، وهذه الخصائص التي ذكروها ونقلوها منها ما هو صحيح،
    ومنها ما هو ضعيف، ومنها ما لا دليل له أصلاً، ومن ثم فخصوصياته صلوات الله وسلامه عليه تثبت بالنص الصحيح الذي صححه العلماء، فلا يجوز أن يُعطى له من الصفات والخصوصيات إلا ما جاء في القرآن الكريم وصحت به السنة النبوية، فإذا ثبتت له صلى الله عليه وسلم خصوصية أو معجزة من الخصائص والمعجزات الكثيرة الثابتة له صلى الله عليه وسلم وجب التسليم وعدم إخضاعها للعقل البشري، فواجب المسلم نحو الخصائص التي أكرم الله بها نبيه وأظهر فيها فضله وعلو منزلته والتي دلت عليها النصوص الصحيحة هو التسليم، وإن خالف ظاهرها عقله وتفكيره،
    فالأنبياء وعلى رأسهم نبينا محمد صلوات الله عليهم أجمعين وإن كانوا من البشر يأكلون ويشربون، ويصحون ويمرضون، ويمشون في الأسواق، وتعتريهم العوارض التي تمر على البشر من ضعف وشيخوخة وموت،
    إلا أن الله عز وجل اصطفاهم وأوحى إليهم، وفضلهم وخصهم بخصائص ومعجزات ليست لسائر البشر،
    قال الله تعالى -  {اللهُ يَصْطَفِي مِنَ المَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ}(الحج:75)،
    وقال - {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَءَاتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ}(البقرة: 253)،
    وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم - {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}(لكهف:110)،
    قال السعدي: " {قُلْ} يا محمد للكفار وغيرهم: {إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} أي: لستُ بإله، ولا لي شركة في الملك، ولا علم بالغيب، ولا عندي خزائن الله، {إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} عبد من عبيد ربي،
    {يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} أي: فُضِّلْتُ عليكم بالوحي، الذي يوحيه الله إليَّ".

    (*) (*) (*) (*) (*) (*) (*) (*) (*) (*) (*) (*)
    لا تنسونا من صالح دعائكم


    عدل سابقا من قبل صادق النور في الجمعة نوفمبر 08, 2024 5:18 pm عدل 5 مرات

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود عِصْمَة النبي وَوُفور عَقْلِه وحِكْمَتِه

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين أكتوبر 28, 2024 5:39 pm

    - (*) -   عِصْمَة النبي وَوُفور عَقْلِه وحِكْمَتِه  - (* ) -      


    اصطفى الله عز وجل أنبياءه ورُسُلَه مِنَ البشر، يدعون الناس إلى توحيده وعبادته، ويُعرِّفوهم بدينه ومُراده منهم،
    وقد جمَعَ الله لأنبيائه ورسله الفضل كله، ومَيَّزهم على خَلْقِهِ مِنْ قبل النبوة، ثم زادهم فضلًا عليهم بالنبوة والرسالة، فلا يبلغ أحد منزلتهم، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء،
    قال الله تعالى - {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}(الحج:75). قال ابن كثير: "يخبر تعالى أنه يختار مِنَ الملائكة رسلا فيما يشاء مِنْ شرعه وقدره، ومن الناس لإبلاغ رسالاته، {إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} أي: سميع لأقوال عباده، بصير بهم، عليم بمن يستحق ذلك منهم،
    كما قال - {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}(الأنعام:124)". وقد اتفقت الأمة على أن رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم معصومون فيما يتعلق بتبليغ الوحي، فلا يكذبون، ولا ينسون، ولا يغفلون،
    قال القاضي عياض: "الأنبياء منزهون عن النقائص في الخَلق والخُلق".
    وقال ابن تيمية: "فإن الآيات الدالة على نبوة الأنبياء دلت على أنهم معصومون فيما يخبرون به عن الله عز وجل، فلا يكون خبرهم إلا حقا وهذا معنى النبوة"..

    والعصمة لغة: هي المنع والحفظ والوقاية،
    قال الطبري في تفسيره لقول الله تعالى - {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}(آل عمران:101):
    "وأصل العصم: المنع، فكل مانع شيئاً فهو عاصمه".
    وفي الشرع: العصمة هي حفظ الله لأنبيائه ورسُلِه من الوقوع في الذُّنوب والمعاصي، وارتِكاب المنكرات والمحرَّمات".
    وقال ابن حجر: "وعصمة الأنبِياء على نبيِّنا وعليْهِم الصَّلاة والسَّلام: حِفْظُهم من النقائص، وتخصيصهم بالكمالات النفيسة، والنصرة والثَّبات في الأمور، وإنْزال السَّكينة".

    وقد أجمعت الأمة ـ سلفا وخلفا ـ على عصمة نبينا مُحمد صلى الله عليه وسلم وحفظ الله له،
    وأن حياته صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وبعدها كانت أمثل حياة وأكرمها وأشرفها،
    فلم تُعْرَف له فيها هفوة، ولم تُحْص عليه فيها زَلَّة، بل إنه امتاز بسمو الخلق، ورجاحة العقل، وعظمة النفس، وحُسْن الأحدوثة بين الناس، ثم أوحى الله تعالى إليه وبعثه.
    قال ابن هشام في "السيرة النبوية" : "فشبَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم والله تعالى يَكْلَؤه ويحفظه، ويحوطه مِنْ أقذار الجاهلية، لما يريد به من كرامته ورسالته، حتى بلغ أنْ كان أفضل قومه مروءة، وأحسنهم خلقاً، وأكرمهم حسباً، وأحسنهم جواراً، وأعظمهم حلماً، وأصدقهم حديثاً، وأعظمهم أمانة، وأبعدهم من الفحش والأخلاق التي تدنس الرجال، حتى سُمي في قومه الأمين، لِما جمع الله فيه من الأمور الصالحة".
    وقال القاضي عياض: "واعلم أن الأمة مجمعة على عصمة النبي صلى الله عليه وسلم من الشيطان وكفايته منه، لا في جسمه بأنواع الأذى - كالجنون والإغماء -، ولا على خاطره بالوساوس".. ولذلك فإن عصمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ـ في عقيدتنا أصل مِنْ أصول ديننا، وهي عقيدة لا تنفك عن شهادة أن لا إله إلا الله، وأن مُحمداً رسول الله، والطعن في هذه العصمة طعن في هذه الشهادة.

    عصمة النبي صلى الله عليه وسلم في تبليغه عن ربه، ووفور عقله وحكمته:


    الأنبياءُ والرُّسُل جميعا وعلى رأسهم خاتمهم وأفضلهم نبينا مُحَمَّد ـ عليهم الصلاة والسلام ـ معصومون في تبليغِهم رسالة اللهِ سُبحانه، فلا يحصُل منهم في تبليغِها خَطَأ، أو نسيان، أو خيانة، أو كتمان، وهذا الأمر ثابتٌ بالكِتاب والسُّنَّة والإجماع..
    قال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى": "فان الآيات الدالة على نبوة الأنبياء دلت على أنهم معصومون فيما يخبرون به عن الله عز وجل، فلا يكون خبرهم إلا حقاً، وهذا معنى النبوة،
    وهو يتضمن أن الله ينبئه بالغيب وأنه ينبئ الناس بالغيب، والرسول مأمور بدعوة الخَلق وتبليغهم رسالات ربه".
    وقد قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم -
    {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}(المائدة:67).
    قال السعدي: "هذا أمر مِن الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم بأعظم الأوامر وأجَلِّها، وهو التبليغ لما أنزل الله إليه، ويدخل في هذا كل أمر تلقته الأمة عنه صلى الله عليه وسلم مِنَ العقائد والأعمال والأقوال، والأحكام الشرعية والمطالب الإلهية.
    فبَلَّغ صلى الله عليه وسلم أكمل تبليغ، ودعا وأنذر، وبشر ويسر، وعلم الجُهال الأميين حتى صاروا مِنَ العلماء الربانيين، وبلَّغ بقوله وفعله وكتبه ورسله. فلم يبق خير إلا دل أمته عليه، ولا شر إلا حذرها عنه، وشهد له بالتبليغ أفاضل الأمة مِنَ الصحابة، فمن بعدهم مِنْ أئمة الدين ورجال المسلمين. {وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ} أي: لم تبلغ ما أنزل إليك من ربك {فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} أي: فما امتثلت أمره.
    {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} هذه حماية وعِصْمة مِنَ الله لرسوله مِنَ الناس، وأنه ينبغي أن يكون حرصك على التعليم والتبليغ، ولا يثنيك عنه خوف من المخلوقين فإن نواصيهم بيد الله وقد تكفل بعصمتك، فأنت إنما عليك البلاغ المبين".

    والله عز وجل أثبت عِصمةَ نبيِّنا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فيما يُبَلِّغُه عن رَبِّه سبحانه، ووفور عقله وحكمته، فقال تعالى عنه -  {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}(النَّجم:4:3).
    قال ابن كثير: "معلوم لكل ذي لُب (عقل سليم) أن محمداً صلى الله تعالى عليه وسلم مِنْ أعقل خَلْق الله تعالي، بل أعقلهم وأكملهم على الإطلاق في نفس الأمر".
    وقال الشيخ ابن باز: "قد أجمع المُسلِمون قاطبةً على أنَّ الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام - ولا سيَّما خاتمِهم مُحَمَّدٍ صلى اللهُ عليه وسلم معصومون من الخطأ فيما يبَلِّغونه عن اللهِ عَزَّ وجَلَّ من أحكامٍ،
    كما قال عَزَّ وجَلَّ: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}(النجم:4:1).
    فنبيُّنا مُحَمَّدٌ صلى اللهُ عليه وسلم معصومٌ في كُلِّ ما يُبَلِّغ عن الله من الشَّرائعِ قولًا وعملًا وتقريًرا، هذا لا نزاعَ فيه بين أهلِ العِلْم".
    وقال ابن تيمية في "جامع المسائل": "ولهذا اتفقت الأمةُ على أنه معصوم فيما يُبلِّغُه عن ربه تبارك وتعالى، فإن مقصودَ الرسالة لا يَتِمُ إلاّ بذلك".
    وقال القاضي عياض في "الشِفا بتعريف حقوق المُصْطفى": "أجمعت الأُمَّةُ فيما كان طريقُه البلاغَ أنَّه معصومٌ فيه من الإخبارِ عن شيءٍ منها بخلافِ ما هو به، لا قَصدًا، ولا عَمْدًا، ولا سَهوًا، ولا غَلَطًا..
    أما وفور عقله، وذكاء لُبه، وقوة حواسه، وفصاحة لسانه، واعتدال حركاته، وحسن شمائله، فلا مِرْيَة (شك) أنه كان أعقل الناس وأذكاهم..
    ومَنْ تأمل تدبيره صلى الله عليه وسلم أمْر بواطن الخَلق وظواهرهم، وسياسة الخاصة والعامة، مع عجيب شمائله، وبديع سيره، فضلا عما أفاضه مِنَ العلم، وقرره مِنَ الشرع، دون تعلّم سبق، ولا ممارسة تقدمت، ولا مطالعة للكتب، لم يمتر في رُجْحان عقله، وثقوب فهمه لأول وهلة، ومما يتفرع عن العقل ثقوب الرّأي وجودة الفطنة والإصابة،
    وصدق الظن، والنظر للعواقب، ومصالح النفس، ومجاهدة الشهوة، وحسن السياسة والتدبير، واقتفاء الفضائل، واجتناب الرذائل،
    وقد بلغ صلى الله عليه وسلم من ذلك الغاية التي لم يبلغها بشر سواه صلى الله عليه وسلم.. ومَنْ تأمل حُسْن تدبيره للعرب الذين كالوحش الشارد، والطبع المتنافر المتباعد، كيف ساسهم، واحتمل جفاهم، وصبر على أذاهم، إلى أن انقادوا إليه، واجتمعوا عليه، وقاتلوا دونه أهليهم: آباءهم وأبناءهم، واختاروه على أنفسهم، وهجروا في رضاه أوطانهم وأحبابهم، من غير ممارسة سبقت له، ولا مطالعة كتب يتعلّم منها سنن الماضين، فتحقّق أنه صلى الله عليه وسلم أعقل الناس، ولما كان عقله صلى الله عليه وسلّم أوسع العقول لا جرم اتسعت أخلاق نفسه الكريمة اتساعا لا يضيق عن شيء".
    وقال الماوردي في "أعلام النبوة": "وأما الوجه الثاني: في كمال أخلاقه فيكون بست خصال: إحداهن: رجاحة عقله، وصدق فراسته، وقد دل على وفور ذلك فيه: صحة رأيه، وصواب تدبيره، وحُسْن تألفه"..

    (-) (-) (-) (-) (-) (-) (-) (-) (-) (-) (-) (-) (-) (-) (-) (-)


    عدل سابقا من قبل صادق النور في الخميس نوفمبر 07, 2024 11:19 pm عدل 1 مرات

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود خصوصيات النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم

    مُساهمة من طرف صادق النور الثلاثاء أكتوبر 29, 2024 11:02 am

    (*)
    - خصوصيات النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم -
    (*)


    خصائص النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم
    أن معرفة ما يتعلق به واجب علينا وأن نعرف له حقه وأن نعرف له منزلته وقدره . وذلك كله داخل في إيماننا بنبينا محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم .
    فخصائصه صلى الله عليه وعلى اله وسلم هي ما اختصه الله عز وجل بها وفضله على سائر الأنبياء والمرسلين والخلق .
    ومعرفة هذه الخصائص تزيدنا في معرفة النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وتجعلنا نحبه ويزداد إيماننا به فنزداد له تبجيلاً ونزداد له شوقا .
    ومن خصائصه صلى الله عليه وعلى اله وسلم منها :
    ما اختص بها في ذاته في الدنيا . ومنها ما اختص بها في ذاته في الآخرة .
    ومنها ما اختصت به أمته في الدنيا ومنها ما اختصت به أمته في الآخرة .

    قال تعالى - ( وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلّمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيماً )  النساء : 113 -
    وقال تعالى - ( تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات )  البقرة : 253  .
    التفضيل الأول صريح في المفاضلة ، والثاني في تضعيف المفاضلة بدرجات وقد فضل الله تعالى نبينا صلى الله عليه وسلم من وجوه. ومن هذه الخصائص خصيصة عجيبة وهي :

    1- أن الله عز وجل أخذ الميثاق على جميع الأنبياء والمرسلين من آدم عليه السلام إلى عيسى عليه السلام أنه إذا ظهر النبي محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم في عهده وبعث أن يؤمن به ويتبعه ولا تمنعه نبوته أن يتابع نبينا محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم .
    وكل نبي أخذ العهد والميثاق على أمته أنه لو بعث محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى اله وسلم أن يتابعوه ولا يتابعوا نبيهم .
    والدليل قال الله تعالى ( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما ءاتيتكم من كتاب وحكمة ثم جآءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال ء أقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين )  آل عمران : 81 -

    2- أنه ساد الكل ، قال صلى الله عليه وسلم-(( أنا سيد ولد آدم ولا فخر ))  رواه ابن حبان  والسيّدُ من اتصف بالصفات العليّة ، والأخلاق السنيّة .
    وهذا مشعرّ بأنه أفضل منهم في الدارين ، أمّا في الدنيا فلما اتصف به من الأخلاق العظيمة . وأمّا في الآخرة فلأن الجزاء مرتبُ على الأخلاق والأوصاف ، فإذا كان أفضلهم في الدنيا في المناقب والصفات ، كان أفضلهم في الآخرة في المراتب والدرجات . وإنما قال صلى الله عليه وسلم -(( أنا سيد ولد آدم ولا فخر )) ليخبر أمتُه عن منزلته من ربه عزّ وجل ، ولّما كان ذكر مناقب النفس إنما تذكر افتخاراً في الغالب ،
    أراد صلى الله عليه وسلم أن يقطع وهم من توهم من الجهلة أن يذكر ذلك افتخاراً قال : (( ولا فخر )).

    3- ومنها قوله صلى الله عليه وسلم : (( وبيدي لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر )) .

    4-
    ومنها أن الله تعالى أخبره بأنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر .
    قال الله تعالى (إنا فتحنا لك فتحا مبينا (1) ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) الايه  الفتح : 1،2  . ولم ينقل أنه أخبر أحداً من الأنبياء بمثل ذلك ، بل الظاهر أنه لم يخبرهم ، لأن كل واحد منهم إذا طُلبَتْ منهم الشفاعة في الموقف ذكر خطيئته التي أصابها وقال : (( نفسي نفسي )) ولو علم كل واحد منهم بغفران خطيئته لم يُوْجل منها في ذلك المقام ، وإذا استشفعت الخلائق بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك المقام قال: (( أنا لها )) .

    5- ومنها إيثاره صلى الله عليه وسلم على نفسه ، إذ جعل لكل نبي دعوة مستجابة ، فكل منهم تعجل دعوته في الدنيا ، واختبأ هو صلى الله عليه وسلم دعوته شفاعة لأمته.

    6- ومنها أن الله تعالى أقسم بحياته صلى الله عليه وسلم فقال (( لعمرك إنهم في سكرتهم يعمهون )) الحجر : 72  .
    والإقسام بحياة المقسم بحياته يدل على شرف حياته وعزتها عند المقُسم بها ن وأن حياته صلى الله عليه وسلم لجديرة أن يقسم بها من البركة العامة والخاصة ، ولم يثبت هذا لغيره صلى الله عليه وسلم .

    7- ومنها أن الله تعالى وقره ففي ندائه ، فناداه بأحب أسمائه واسني أوصافه فقال: (( يا أيها النبي ))  الأنفال : 64 ، 65 ، 70 ومواضع أخرى  ، (( يا أيها الرسول ))  المائدة : 41 ، 67  وهذه الخصيصة لم تثبت لغيره ، بل ثبت أن كلاً منهم نودي باسمه ،
    فقال تعالي - (( يا آدم اسكن ))  البقرة : 35  ، (( يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك ))  المائدة : 110  ، (( يا موسى إني أنا الله ))  القصص : 30  ، ((يا نوح اهبط بسلام ))  هود : 48  ، (( يا داود إنا جعلناك خليفة ً في الأرض )) << ص : 29 >> (( يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا )) << الصافات : 105 >> ، (( يا لوط أنا رُ سُلُ ربك ))  هود : 81  ، (( يا زكريا إنا نبشرك ))  مريم : 7  ، (( يا يحيى خذ الكتاب ))  مريم : 12  ولا يخفى على أحد أن السيد إذا دَعى أحد عبيده بأفضل ما وجد يهم من الأوصاف العليّة والأخلاق السنيّة ، ودعا الآخرين بأسمائهم الأعلام لا يُشعر بوصف من الأوصاف ، ولا بخلق من الأخلاق ، أن منزلة من دعاه بأفضل الأسماء والأوصاف أعز عليه وأقرب إليه ممن دعاه باسمه العلم. وهذا معلومٌ بالعرف أن من دُعي بأفضل أوصافه وأخلاقه كل ذلك مبالغة في تعظيمه واحترامه .

    8- ومنها أن معجزة كل نبي تصرمت وانقرضت ، ومعجزة سيد الأولين والآخرين وهي القرآن العظيم باقية إلى يوم الدين.

    9- ومنها تسليم الحجر عليه وحنين الجذع إليه ولم يثبت لواحد من الأنبياء مثل ذلك .

    10- ومنها أنه وجد في معجزاته ما هو أظهر ففي الإعجاز من معجزات غيره ، كتفجير الماء من بين أصابعه فإنه أبلغ في خرق العادة من تفجيره من الحجر ، لأن جنس الأحجار مما يتفجر منه الماء ، وكانت معجزته بانفجار الماء من بين أصابعه أبلغ من انفجار الحجر لموسى عليه السلام.

    11 - ومنها أن الله تعالى يكتب لكل نبي من الأنبياء من الأجر بقدر أعمال أمته وأحوالها وأقوالها ، وأمتُه شطر أهل الجنة ، وقد أخبر الله تعالى أن أمته خير أمة أخرجت للناس وإنما كانوا خير الأمم لما اتصفوا به من المعارف.

    12- ومنها أن الله أرسل كل نبي إلى قومه خاصة وأرسل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى الجن والإنس ولكل نبي من الأنبياء ثواب تبليغه إلى أمته ، ولنبينا صلى الله عليه وسلم ثواب التبليغ إلى كل من أرسل إليه ، تارة لمباشرة الإبلاغ ، وتارة بالنسبة إليه ولذلك تمنن عليه بقوله تعالى - (( ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيراً )) الفرقان : 51  ،
    ووجه التمنن : أنه لو بعث في كل قرية نذيراً لما حصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أجر إنذاره لأهل قريته .

    13- ومنها أن الله تعالى كلم موسى عليه السلام بالطور، وبالوادي المقدس ، وكلم نبينا صلى الله عليه وسلم عند سدرة المنتهى .

    14- ومنها أنه قال : (( نحن الآخرون من أهل الدنيا والأولون يوم القيامة ، المقضي لهم قبل الخلائق ، ونحن أول من يدخل الجنة ))  أخرجه مسلم  .

    15- ومنها أنه صلى الله عليه وسلم أخبر أنه يرغب إليه الخلق كلهم يوم القيامة ، حتى إبراهيم .

    16- ومنها أنه قال : (( الوسيلة منزلة في الجنة لا ينبغي أن تكون إلا لعبد من عباد الله تعالى ، وارجوا أن أكون أنا هو ، فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة ))  أخرجه مسلم  .

    17- ومنها أنه يدخل من أمته إلى الجنة سبعون ألفا بغير حساب )) ولم يثبت ذلك لغيره صلى الله عليه وسلم .
    18- ومنها : الكوثر الذي أعطيه ففي الجنة ، والحوض الذي أعطيه في الموقف .

    19- ومنها قوله صلى الله عليه وسلم : (( نحن الآخرون السابقون)) الآخرون زماناً ، السابقون بالمناقب والفضائل.

    20- ومنها أنه أحلت له الغنائم ولم تحل لأحد قبله. وجعلت صفوف أمته كصفوف الملائكة ، وجعلت له الأرض مسجداً ، وترابها طهوراً . وهذه الخصائص تدل على علو مرتبته ، والرفق بأمته.

    21- ومنها أن الله تعالى أثنى على خلقه فقال : (( وإنك لعلى خلق عظيم ))  القلم : 4  ، واستعظام العظماء للشيء يدل على إيغاله في العظمة ، فما الظن باستعظام أعظم العظماء ؟ .

    22- ومنها أن الله تعالى كلمه بأنواع الوحي وهي ثلاثة أحدها: الرؤيا الصادقة. والثاني : الكلام من غير واسطة . والثالث : مع جبريل صلى الله عليه وسلم . وزاد الألباني النفث في الروع .

    23- ومنها أن كتابة صلى الله عليه وسلم مشتمل على ما اشتمل عليه التوراة والإنجيل والزبور ، وفضل بالمفصل.

    24- ومنها أن أمته أقل عملاً ممن قبلهم ، وأكثر أجراً كما جاء في الحديث الصحيح

    25- ومنها أن الله عز وجل عرض عليه مفاتيح كنوز الأرض وخيرة أن يكون ملكاً أو نياً عبداً ، فاستشار جبريل عليه السلام . فأشار إليه أن تواضع .

    26- ومنها أن الله تعالى أرسله ( رحمة ً للعالمين ) ، فأمهل عصاه أمته ولم يعاجلهم إبقاء عليهم ، بخلاف من تقدمه من الأنبياء إنهم لما كذبوا عُوجل مكذبهم.

    ,وأما أخلاقه صلى الله عليه وسلم في حلمه وعفوه وصفحه وصبره وشكره ولينه في الله ، وانه لم يغضب لنفسه ، وأنه جاء بإتمام مكارم الأخلاق ،
    وما نقل من خشوعه وخضوعه وتبتله وتواضعه ففي مأكله ، وملبسة ، ومشربه ، ومسكنه ن وجميل عشرته ، وكريم خليقته ، وحسن سجيته ، ونصحه لأمته وحرصه على إيمان عشيرته ، وقيامه بأعباء رسالته في نصرة دين الله ، وإعلاء كلمته ، وما لقيه من أذى قومه وغيرهم في وطنه وغربته بعض هذه المناقب موجودة في كتاب الله وكتب شمائله . ومنها كتاب الشمائل للترمذي .

    27- أما لينه ففي قوله تعالى -  (( فبما رحمة من الله لنت لهم ))  آل عمران : 159  .

    28- وأما شدته على الكافرين ، ورحمته على المؤمنين ففي قوله تعالى (( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ))  الفتح : 29  .

    29- وأما حرصه على إيمان أمته ، ورأفته بالمؤمنين ، وشفقته على الكافة ففي  .
    قوله تعالى  -  (( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عندتم حريص عليكم ))  التوبة : 128  أني يُشق عليه ما يشق عليكم ، ( حريص عليكم ) ، أي إيمانكم (  بالمؤمنين رؤوف رحيم )) .

    30- وأما نصحه في أداء رسالته ففي قوله تعالى (( فتول عنهم فما أنت بملوم ))  الذاريات : 54  أي فما أنت بملوم لأنك بلغتهم فأبرأت ذمتك.

    31- ومنها أن الله تعالى أمته منزل العدول من الحكام ، فإن الله تعالى إذا حكم بين العباد فجحدت الأمم بتبليغ الرسالة أحضر أمة محمد صلى الله عليه وسلم فيشهدون على الناس بأن رسلهم أبلغتهم وهذه الخصيصة لم تثبت لأحد من الأنبياء.

    32- ومثلها عصمة أمته بأنها لا تجتمع على ضلالة في فرع ولا في أصل .

    33- ومثلها حفظ كتابه ، قل لو اجتمع والآخرون على أن يزيدوا فيه كلمة ، أو ينقصوا منه لعجزوا عن ذلك ، ولا يخفى ما وقع من التبديل في التوراة والإنجيل .

    34- ومنها أنه بعث بجوامع الكلم ، واختصر له الحديث اختصاراً وفاق العرب في فصاحته وبلاغته.
    كما قال عليه الصلاة والسلام ( أعطيت فواتح الكلم ، وجوامعه وخواتمه ) في الصحيحين  .

    وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين .
    (-)(-)(-)(-)(-)(-)(-)(-)(-)(-)(-)(-)(-)(-)(-)


    (*) -من  خصائص النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم - (*)


    اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-بجوازِ الوِصالِ في الصَّومِ:


    فعن أنس-رَضيَ اللهُ عنهُ- عن النَّبيِّ- صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-، قال: " لا تواصلوا. قالوا: إنّك تُواصل. قال: لستُ كأحدٍ منكم، إني أُطعم وأُسقى. أو إني أبيت أُطعم وأُسقى ".

    قال الحافظ ابن حجر-رَحِمهُ اللهُ-: " واستُدل بمجموع هذه الأحاديث على أن الوصال من خصائصه- صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- وعلى أن غيره ممنوعٌ منه إلا ما وقع فيه الترخيص من الأذن فيه إلى السَحر "

    اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-بالجمعِ بين أكثرِ من أربعِ نِسوةٍ:

    فعن أنس بن مالك قال: كان النَّبيّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- يَدورُ على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار، وهُنَّ إحدى عشرة. قال: قلت لأنس: أو كان يُطيقه؟ قال: كنّا نتحدث أنه أُعطي قوة ثلاثين. وقال سعيدٌ عن قتادة إنّ أنساً حدّثهم: تسعُ نسوة).

    قال الشافعي -رَحِمهُ اللهُ-: " وقد دلَّت سنةُ رسولِ الله-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-المبينة عن الله أنَّه لا يجوزُ لأحدٍ غير رسولِ الله- صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- أن يجمعَ بين أكثر من أربع نسوة ".
    قال ابن كثير-رَحِمهُ اللهُ-: " وهذا الذي قاله الشافعيُّ مجمعٌ عليه بين العلماءِ "

    اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -بأنَّ عينَهُ تنامُ ولا ينامُ قَلبُهُ:

    عن أبي سَلَمة بن عبد الرحمن أنه سأل عائشةَ-رَضيَ اللهُ عنهُا-: كيف كانت صلاة رسول الله -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- في رمضان؟ قالت: ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، يُصلِّي أربعَ ركعات فلا تسألْ عن حُسنهن وطولهن. ثم يُصلِّي ثلاثاً. فقلتُ: يا رسولَ الله تنامُ قبل أن تُوتر؟ قال: " تنامُ عيني ولا ينام قلبي ".
    وفي رواية أنس بن مالك: (والنَّبيُّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-نائمةٌ عيناه ولا ينام قلبه، وكذلك الأنبياءُ تنام أعينُهم ولا تنام قلوبُهم)

    اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-بأنَّ الكذبَ عليه ليسَ كالكذبِ على غيرِهِ:

    عن أنس-رَضيَ اللهُ عنهُ- قال: (إنه ليمنعني أن أُحدِّثكم حديثاً كثيراً أن النَّبيَّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ --قال: " مَن تعمَّد عليَّ كذباً فليتبوأ مقعده من النار ".

    وعن عليٍّ رضي الله عنه ،قال:قال النَّبيُّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: (لا تكذبُوا عليَّ، فإنّه مَنْ كَذَبَ عَليَّ فليلجِ النَّارَ)
    وقال- صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: " إنَّ كَذِباً عليَّ ليس ككذبٍ على أحدٍ، فمَنْ كَذَبَ عليَّ مُتعمِّداً فليتبوأ مقعدَهُ من النَّارِ .

    اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -بوجوبِ محبتِهِ:

    قالَ اللهُ–تعالى  - {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}(24) سورة التوبة.

    قال القرطبي-رَحِمهُ اللهُ تعالى-: (وفي الآية دليل على وجوب حبِّ الله ورسوله، ولا خلافَ في ذلك بين الأمة وأنَّ ذلك مقدَّمٌ على كل محبوب)
    وعن أبي هُرَيْرة-رَضيَ اللهُ عنهُ-: أن رسولَ الله -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- قال: (فوالذي نفسي بيده لا يُؤمنُ أحدُكم حَتَّى أكونَ أحبَّ إليه من والدِهِ وولدِهِ)
    وعن أنسٍ-رَضيَ اللهُ عنهُ-،قالَ: قالَ النَّبيُّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: " لا يُؤمنُ أحدُكم حَتَّى أكونَ أحبَّ إليه من والدِهِ وولدِهِ والنَّاسِ أجمعينَ "..
    اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -بإسلامِ قرينِهِ:

    عن عبد الله بن مسعود-رَضيَ اللهُ عنهُ- قال: قالَ رسولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: (ما منكم من أحدٍ إلا وقد وُكِّلَ به قرينُهُ من الجِنِّ) قالوا: وإيَّاكَ يا رسولَ اللهِ؟، قال: (وإيَّاي إلا أنَّ الله قد أعانني عليه فأسلمَُ، فلا يأمرني إلا بخيرٍ)

    اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-بأنَّ الشَّيطانَ لا يتمثَّلُ به،وأنَّ مَنْ رآهُ في المنامِ فقدْ رآهُ حَقَّاً:


    عن أنسٍ-رَضيَ اللهُ عنهُ-،قال: قال النَّبيُّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: (مَنْ رآني في المنامِ فقد رآني، فإنَّ الشَّيطانَ لا يتمثَّلُ بي، ورُؤيا المؤمنِ جُزءٌ من ستةٍ وأربعينَ جُزءاً من النُّبوَّةِ).

    اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -بتخييرِهِ قبلَ قبضِهِ بينَ الدُّنيا والآخرةِ:

    عن عائشة -رَضيَ اللهُ عنهُا- قالت: (سمعتُ رسولَ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-،يقولُ: " ما من نبيٍّ يمرضُ إلا خُيِّر بين الدُّنيا والآخرة "، وكان في شكواه الذي قُبض فيه أخذته بُحَّةٌ شديدةٌ، فسمعتُهُ يقول: " مع الذين أنعم الله عليهم؛ من النَّبيّين والصدِّيقين والشهداء والصالحين "، فعلمتُ أنه خُيِّر) ا

    اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- بأنَّ الأرضَ لا تأكلُ جسدَهُ الشَّريفَ، وعرضُ صلاةِ أمتِهِ عليه في قبرِهِ:

    عن أوس بن أوس عن النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-،قالَ: " إنّ أفضلَ أيامكم يوم الجمعة؛ فيه خُلِقَ آدمُ-عليه السلام-، وفيه قُبِضَ، وفيه النَّفخةُ، وفيه الصَّعقةُ، فأكثِروا عليَّ من الصَّلاةِ، فإنَّ صلاتَكُم معروضةٌ عليَّ ". قالوا:يا رسولَ الله! وكيف تُعرَضُ صلاتُنا عليكَ، وقد أَرِمتَ؟ أي يقولون قد بَلِيتَ. قال: " إنَّ الله-عَزَّ وجَلَّ- قد حرَّم على الأرضِ أنْ تأكلَ أجسادَ الأنبياءِ- عليهم السلام- ".

    اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- بأنَّهُ يُدْفنُ في المكانِ الذي قُبِضَ فيهِ:

    عن عائشةَ-رَضيَ اللهُ عنهُا-،قالت: (لمَّا قُبِضَ رسولُ اللهِ- صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- اختلفُوا في دفنِهِ، فقال أبو بكر: سمعتُ من رسولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-شيئاً ما نَسيتُهُ، قال: " ما قَبَضَ اللهُ نبيَّاً إلا في الموضعِ الذي يُحِبُّ أنْ يُدفَنَ فيه "

    اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-بأنَّ الله –تعالى-عَصَمَهُ من النَّاسِ:

    قالَ اللهُ-تعالى -{يَا أَيُّهَا الرَّسُول بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاس} (67) سورة المائدة.
    قال القرطبيُّ-رَحِمهُ اللهُ-: " معناه ما أظهِر التبليغ، لأنه كان في أوَّلِ الإسلام يخفيه خوفاً من المشركين، ثم أُمر بإظهاره في هذه الآية، وأعلمه الله أنه يعصمه من النَّاس ".
    وعن جابرِ بن عبدِ اللهِ-رَضيَ اللهُ عنهُما-،قال: (غزونا مع رسولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- غزوةً قبل نجد، فأدركنا رسولَ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- في وادٍ كثيرِ العِضاة، فنزل رسولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- تحتَ شجرةٍ، فعلَّق سيفَهُ بغُصنٍ من أغصانِها، وتفرَّقَ النَّاسُ في الوادي يستظلون بالشَّجرِ،
    قال: فقالَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: " إنَّ رجلاً أتاني-وأنا نائم- فأخذَ السَّيفَ، فاستيقظتُ وهو قائمٌ على رأسي، فلم أشعر إلا والسيف صلتاً في يده، فقال لي: مَنْ يمنعُكَ منِّي؟ قلتُ: الله. قال: فشام السَّيفَ، فها هو ذا جالسٌ، " ثم لم يعرضْ له رسولُ الله -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-).
    قال ابنُ حجر في " الفتح ": (ويُؤخَذُ من مُراجعةِ الأعرابيِّ له في الكلام أنَّ الله -سبحانه وتعالى- مَنَعَ نبيَّهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-منه، وإلا فما أحوجه إلى مراجعتِهِ مع احتياجِهِ إلى الحظوة عند قومِهِ بقتلِهِ،وفي قول النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -في جوابِهِ (الله)،أي يمنعني منك، إشارةٌ إلى ذلك) .

    اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-بالزَّواجِ مِنْ غيرِ وليٍّ ولا شُهُودٍ:

    عن عائشةَ-رَضيَ اللهُ عنهُا-،قالتْ: قالَ- صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: (لا نِكاحَ إلا بوليٍّ وشاهدينِ). .

    وقد انفرد رسولُ الله-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- عن أمتِهِ في هذينِ الحُكمينِ، فأباح اللهُ–تعالى- له الزَّواجَ بغيرِ وليٍّ،ولا شهودٍ تشريفاً وتكريماً له، لعدمِ الحاجةِ إلى ذلكَ في حقِّه-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-.

    قال العلماءُ: (إنما اعتُبِرَ الوليُّ في نكاحِ الأُمَّةِ للمحافظةِ على الكفاءةِ،وهو-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- فوقَ الأَكْفَاءِ، وإنّما اعتُبِرَ الشُّهودُ لأمنِ الجُحُودِ،وهو-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- لا يجحدُ). .

    وبُرهانُ هذا الحكمِ في حَقِّهِ في حديثِ زينب بنت جحش-رَضيَ اللهُ عنهُا- أنها كانت تفخرُ على أزواجِ النَّبيِّ- صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وتقولُ: (زوجكن أهليكن، وزوَّجني اللهُ- تعالى- مِن فوق سبع سماوات)

    اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- بأنَّ مَنِ استهانَ بهِ كَفَرَ:

    تضافرتِ الأدلةُ من الكتابِ والسُّنَّةِ وإجماع الأمة مُوضِّحة، ومجلية ما يجبُ لرسول الله-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- من الحقوقِ وما يتعيَّنُ له مِنْ برٍّ وتوقيرٍ وإكرامٍ وتعظيمٍ، ومن أجلِ هذا حَرَّم اللهُ-تبارك وتعالى- أذاه في كتابِهِ وأجمعتِ الأُمَّةُ على قتلِ منتقصِهِ وسابِّه.
    قالَ اللهُ-تعالى- {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا}(57) سورة الأحزاب.

    وقال–تعالى-{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (61) سورة التوبة.

    فكلُّ مَنِ استهانَ برسولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- أو سبَّهُ أو عابَهُ أو ألحق به نقصاً في نفسه أو نسبه أو دينه أو خصلة من خصاله أوعرَّضَ به أو شبَّهه بشيءٍ على طريق السَّبِّ له، أو الإزراءِ عليه، أو التصغير لشأنه، أو الغضِّ منه والعيب له، فإنه يُقتلُ كُفراً،
    والدَّليلُ على ذلك:
    ما روى أبو داود والنَّسائيّ عن ابن عَبَّاسٍ-رَضيَ اللهُ عنهُما- أنَّ أعْمَى كانت له أمُّ ولدٍ، تشتم النَّبيَّ- صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- وتقع فيه، فينهاها فلا تنتهي، ويزجرها فلا تنزجر.
    قال: فلمَّا كانتْ ذات ليلةٍ جعلت تقعُ في النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وتشتمُهُ، فأخذ المِغْوَلَ (وهو السَّيفُ القصير) فوضعه في بطنِها، واتَّكأ عليها فقتلها، فوقع بين رجليها طِفلٌ، فلطخت ما هنالك بالدَّمِ،
    فلمَّا أصبح ذُكِرَ ذلك لرسولِ اللهِ- صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- فجمع النَّاسَ، فقال: " أنشدُ الله رجلاً فعلَ ما فعلَ، لي عليه حقٌّ، إلا قام فقام " الأعمى يتخطَّى النَّاسَ،- وهو يتزلزلُ- حَتَّى قعدَ بين يديِّ النَّبيّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-، فقال: يا رسولَ اللهِ، أنا صاحبُها، كانت تشتمك وتقعُ فيك، فأنهاها فلا تنتهي، وأزجرها فلا تنزجر، ولي منها ابنانِ مثلُ اللؤلؤتين، وكانت بي رفيقةً، فلمَّا كانت البارحة جعلت تشتمك وتقعُ فيك، فأخذتُ المِغْوَلَ فوضعتُهُ في بطنِها، واتكأت عليها حَتَّى قتلتها، فقال النَّبيُّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: (ألا اشهدوا أنَّ دَمَهَا هَدَرٌ) سنن أبي داود

    وقد وردَ عن أبي برزة الأسلميِّ، قال: أغلظَ رجلٌ لأبي بكرٍ الصِّدِّيقِ، قالَ: فقال: أبُو بَرَزة: ألا أضربُ عُنقَهُ؟ قال: فانتهرَهُ أبو بكر، وقال: ما هي لأحدٍ بعدَ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-.

    اختصاصُهُ- صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- بأنَّهُ لا يُوْرَثُ،وما تركَهُ صدقةٌ:

    الأنبياء –عليهم الصلاة والسلام-سفراءُ الله إلى عبادِهِ، وحَمَلةُ وحيه، مهمتهم إبلاغُ رسالاتِ اللهِ إلى عبادِهِ، والدَّعوة إلى اللهِ وإصلاحِ النفوس وتزكيتها، وتقويم الفكر المنحرفِ والعقائد الزائفة، وإقامة الحجة وسياسة الأمَّة،فلم تكن وظيفتُهم اختزانَ الأموالِ ولا توريث التُّراثِ، وإنما ورَّثوا عِلْماً وشرعاً، وبلاغاً للنَّاسِ، فذلك ميراثُهم، وهو خيرُ ميراثٍ.
    ودليل ذلك قولُ الرَّسُول-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: (لا نُورثُ، ما تركناه صدقة)
    وهذا مهم من خصائصه -صلوات الله وسلامه عليه-، وكذلك الأنبياء -عليهم السلام-، وهذا اختصَّ به دُونَ أمتِهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-من أنه لا يُورث، وأنَّ ما تركه صدقةٌ.نضرة النعيم

    اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-بإخراجِ حظِّ الشَّيطانِ منه:

    عن أنس بن مالك " أنَّ رسولَ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -أتاه جبريلُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- وهو يلعبُ مع الغِلمان، فأخذه فصرعه فشقَّ عن قلبِهِ، فاستخرج القلبَ فاستخرج منه علقةً. فقال: هذا حظُّ الشَّيطانِ منك. ثم غسله في طستٍ من ذهب بماءِ زمزم، ثم لأَمَهُ (أي جمع وضمَّ بعضَه إلى بعضٍ) ثم أعاده في مكانِهِ، وجاء الغلمانُ يسعون إلى أمِّهِ (يعني ظئره) وهي المرضعة، فقالوا: إنَّ مُحمَّداً قد قُتِلَ. فاستقبلوه وهو مُنتقع اللون –
    قال أنس: وقد كنتُ أرى أثرَ ذلك المخيطِ في صدرِهِ ".

    اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -بأنه لا ينبغي أنْ تكون له خائنةُ أعينٍ:


    وعن أنس بن مالك في حديث طويل قال: يا أبا حمزة، غزوت مع رسول الله صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ؟ قال: نعم، غزوت معه حنيناً، فخرج المشركون فحملوا علينا حَتَّى رأينا خيلنا وراء ظهورها وفي القوم رجلٌ يحمل علينا فيدقمنا ويحطمنا، فهزمهم الله، وجعل يجاء بهم فيُبايعونه على الإسلام،
    فقال رجل من أصحاب النَّبيّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ: (إن عليَّ نذراً إن جاء الله بالرجل الذي كان منذ اليوم يحطمنا لأضربن عنقه، فسكت رسول الله -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -وجيء بالرجل، فلما رأى رسول الله صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ، قال: يا رسول الله، تبت إلى الله، فأمسك رسول الله -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -لا يُبايعه ليفي الآخر بنذره
    قال: فجعل الرجل يتصدَّى لرسول الله -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -ليأمره بقتله، وجعل يهاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -أن يقتله، فلما رأى رسول الله -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -أنه لا يصنع شيئاً بايعه، فقال الرجل: يا رسول الله نذري، فقال: " إني لم أُمسك عنه منذ اليوم إلا لتُوفي بنذرك " فقال: يا رسول الله ألا أومضتَ إليَّ؟ فقال النَّبيّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: " إنه ليس لنبي أن يُومض " – أي الرمز بالعين والإيماء بها-.

    اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- بأنَّهُ مَنْ سَبَّهُ رسولُ اللهِ؛ فإنَّ ذلكَ يكونُ قُربةً له:

    فعن أبي هُرَيْرة -رَضيَ اللهُ عنهُ- أنه سمع النَّبيَّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-، يقولُ: " اللهم فأيما مؤمن سببته، فاجعلْ ذلك له قُربةً إليكَ يومَ القيامةِ " البُخاريُّ.
    اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-بأنَّ الصَّدقةَ مُحرَّمةٌ عليهِ وعلى آلِهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-.


    عن أبي هُرَيْرة-رَضيَ اللهُ عنهُ-، قال: (أخذ الحسنُ بن علي -رَضيَ اللهُ عنهُما-تمرةً من تمرِ الصَّدَقةِ فجعلها في فيهِ، فقالَ النَّبيُّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: " كِخْ، كخ "، ليَطرحها، ثم قال: " أَمَا شَعرتَ أنّا لا نأكلُ الصَّدقةَ؟ "

    اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- بأنه لا يأكلُ البصلَ أو الثَّومَ أو البُقُولَ التي تُثيرُ رائحةً مكروهة:

    أن جابر بن عبد الله زعم أن النَّبيّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- قال: ( " من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا. " أو قال: " فليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته "، وأن النَّبيّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- أتي بقدر فيه خضرات من بقول فوجد لها ريحاً، فسأل فأخبر بما فيها من البقول، فقال: قرِّبوها – إلى بعض أصحابه كان معه- فلما رآه كره أكلها قال: " كل، فإني أُناجي من لا تناجي ". البُخاريّ

    اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- بأنَّهُ لا يجوزُ التزوجُ بنسائِهِ بعدَ موتِهِ.


    قالَ اللهُ–تعالى-{وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً، إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا} (53) سورة الأحزاب.

    ولقوله-تعالى-:{وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ } (6) سورة الأحزاب.
    فلا يجوزُ لرجلٍ أنْ ينكحَ أُمَّهُ،

    (%)(%)(%)(%)(%)(%)(%)(%)(%)(%)(%)(%)
    لا تنسونا من صالح دعائكم


    عدل سابقا من قبل صادق النور في السبت نوفمبر 02, 2024 6:02 pm عدل 2 مرات

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود (*) -من خصوصيات النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم - (*)

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت نوفمبر 02, 2024 7:37 am

    (()) - من  خصائص النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم - (())



    تعددت البشارات في الكتب السماوية السابقة على لسان أنبيائهم بخاتم النبيي نمحمد ـ صلى الله عليه وسلم


    تعددت البشارات في الكتب السماوية السابقة على لسان أنبيائهم بخاتم النبيين محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ،
    حيث بشروا بقدومه، وأمروا أتباعهم بالإيمان به وتصديقه إذا ظهر، وقد أخبرنا الله ـ عز وجل ـ بذلك في كتابه الكريم فقال - {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ}(آل عمران:81).
    قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "ما بعث الله نبياً إلا أخذ عليه الميثاق: لئن بُعِث محمَّد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه، وأمره أن يأخذ على أمته الميثاق: لئن بعث محمَّد وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه".
    والأنبياء جميعا ـ عليهم الصلاة والسلام ـ لو قّدِّر لهم أن يجتمعوا في وقت واحد ويعاصروا نبينا ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ ما وسِعَهم إلا أن يؤمنوا به ويتبعوه.
    قال السعدي: " فكل الأنبياء لو أدركوا محمدا صلى الله عليه وسلم لوجب عليهم الإيمان به واتباعه ونصرته، وكان هو إمامهم ومقدمهم ومتبوعهم".
    وروى أحمد والطبراني وابن حبان والحاكم، والبغوي في شرح السنة، وابن هشام في السيرة النبوية: "أن نفراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا له: يا رسول الله، أخبرنا عن نفسك؟، قال: نعم، أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى".

    دعوة إبراهيم:


    لما أخذ إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ في بناء البيت، دعا الله تعالى أن يجعل ذلك البلد آمنا، ويجعل أفئدة من الناس تهوي إليه، ويرزقهم من الثمرات والطيبات، ثم قال - {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ}(البقرة: 129)،
    وقد استجاب الله عز وجل دعوته، وبعث في الأميين (العرب) رسولاً منهم،
    كما قال تعالى - {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}(الجمعة:2).
    قال البيهقي: "(أنا دعوة أبي إبراهيم) ومعناه: أن الله تعالى لما قضى أن يجعل محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، وأثبت ذلك في أم الكتاب، أنجز هذا القضاء بأن قيض إبراهيم عليه السلام للدعاء الذي ذكرنا ليكون إرساله إياه بدعائه".

    وبُشْرَى عيسى:


    بشَّرَ عيسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ أمته برسولنا صلى الله عليه وسلم، والله تبارك وتعالى أخبرنا بذلك في كتابه،
    فقال تعالى - {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُم مّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}(الصف:6) .
    قال البيهقي: "وقوله: (وبشارة عيسى): فهو أن الله تعالى أمر عيسى ـ عليه السلام ـ فبشر به قومه، فعرفه بنو إسرائيل قبل أن يُخْلَق".
    وقال ابن كثير في تفسيره: "والمراد أن أول مَنْ نوَّه بذِكره وشهره في الناس، إبراهيم ـ عليه السلام ـ، ولم يزل ذكره في الناس مذكورا مشهورا سائرا حتى أفصح باسمه خاتم أنبياء بني إسرائيل نسبا، وهو عيسى ابن مريم ـ عليه السلام ـ، حيث قام في بني إسرائيل خطيبا، وقال -  {إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُم مّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}(الصف:6)، ولهذا قال في هذا الحديث: "دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى بن مريم".
    وقال الإمام الماوردي في "أعلام النبوة": "تقدمت بشائر مَنْ سلف من الأنبياء، بنبوة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ مما هو حجة على أممهم، ومعجزة تدل على صدقه عند غيرهم، بما أطلعه الله تعالى على غيبه، ليكون عونا للرسل، وحثا على القبول، فمنهم من عينه باسمه، ومنهم من ذكره بصفته، ومنهم مَنْ عزاه إلى قومه، ومنهم مَنْ أضافه إلى بلده، ومنهم مَنْ خصَّه بأفعاله، ومنه مَنْ ميّزه بظهوره وانتشاره، وقد حقق الله تعالى هذه الصفات جميعها فيه، حتى صار جلياً بعد الاحتمال، ويقينا بعد الارتياب".

    والآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تخبر أن نبينا صلى الله عليه وسلم بُشِّرَ به في التوراة والإنجيل كثيرة .
    ،منها قول الله تعالى -  {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(الأعراف:157)،

    وقوله سبحانه -  {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}(الفتح:29) .

    وعن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال: لقيتُ عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنه - قلتُ: (أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة.
    قال: أجل، إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن -  {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا}(الأحزاب:45)، وحِرْزاً (حفظا) للأميين (العرب)، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخَّاب (عالي الصوت) في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء،
    بأن يقولوا: لا إله إلا الله، ويفتح بها أعينا عمياء، وآذانا صُمَّا، وقلوبا غلفا ) رواه البخاري.
    وفي أحاديث قصة النجاشي ملك الحبشة وهرقل ملك الروم ـ وكانا يدينان بالنصرانية ـ ما يثبت علمهما بنبوة نبينا صلى الله عليه وسلم من كتبهم قبل تحريفها..

    لقدْ بَشَّر الأنبياء السابقون بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وشهدوا بفضله ونبوته، ووصفوه وصفا رفع كل احتمال، حيث صرحوا باسمه وبلده وسمته، وكان أهل الكتاب من اليهود والنصارى يعرفون ذلك كما يعرفون أبناءهم، إلا أنهم حرفوا كتبهم، وحذفوا اسمه ووصفه منها، لأنهم كانوا ينتظرون أن يخرج نبي آخر الزمان منهم، فلما خرج من العرب حسدوهم على ذلك وكفروا به،
    قال الله تعالى -  {الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}(البقرة:146). قال السعدي: "يخبر تعالى: أن أهل الكتاب قد تقرر عندهم، وعرفوا أن محمدا رسول الله، وأن ما جاء به، حق وصدق، وتيقنوا ذلك، كما تيقنوا أبناءهم بحيث لا يشتبهون عليهم بغيرهم، فمعرفتهم بمحمد صلى الله عليه وسلم، وصلت إلى حد لا يشُكُّون فيه ولا يمْترون، ولكن فريقا منهم - وهم أكثرهم - الذين كفروا به، كتموا هذه الشهادة مع تيقنها، وهم يعلمون".
    وقال الله تعالى -  {الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}(الأنعام:20).
    قال ابن كثير: "قال الله ـ عز وجل ـ مخبرا عن أهل الكتاب: إنهم يعرفون هذا الذي جئتهم به كما يعرفون أبناءهم، بما عندهم من الأخبار والأنباء عن المرسلين المتقدمين والأنبياء،
    فإن الرسل كلهم بشروا بوجود محمد صلى الله عليه وسلم وببعثه وصفته، وبلده ومهاجره، وصفة أمته، ولهذا قال بعد هذا -  {الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} أي: خسروا كل الخسارة،
    {فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} بهذا الأمر الجلي الظاهر الذي بشرت به الأنبياء، ونوهت به في قديم الزمان وحديثه".
    (@) (@)(@)(@)(@)(@)(@)(@)(@)(@)(@)(@)(@)

    (&)
    - من خصائصه صل الله عليه وسلم أنه خاتَمُ الأنبياء والمُرْسَلِين - (&)


    اصطفى الله عز وجل مِنْ عباده خَلْقًا هم أشرفهم حَسَبَاًً ونسباً، وأرفعهم مقاماً وقدْراً، وأجملهم خَلقاً وخُلقًا، عصَمهم من جميع الرذائل، وكمَّلهم بجميع الفضائل، وفضَّل بعضهم على بعض،
    قال الله تعالى -  {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}(البقرة:53)، وجعلهم أمناء على وحْيه، وهادين لخلقه، يُبيِّنون لهم الحق، ويدعونهم إلى التوحيد، كي لا يكون لهم عند الله معذرة،
    قال الله تعالى: -  {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا}(النساء: 165)، وقال: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}(الإسراء:15)..
    وخاتَم الأنبياء والرسُل هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى - {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}(الأحزاب:40).
    قال الطبري: "ولكنه رسول الله وخاتم النبيين، الذي خَتَم النبوة فطبع عليها، فلا تُفتح لأحدٍ بعده إلى قيام الساعة".
    وقال ابن تيمية: "وأما قوله تعالى -  {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} ولم يقل خاتم المرسلين؟ فلأن ختم الرسالة لا يستلزم ختم النبوة، وأما ختم النبوة فيستلزم ختم الرسالة،
    ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (إنه لا نبي بعدي)، ولم يقل لا رسول بعدي، فعُلم أنه صلى الله عليه وسلم لا رسول بعده ولا نبي، بل هو خاتم النبيين والمرسلين ـ عليهم الصلاة والسلام ـ ".
    وقال القاضي عياض: " نكفر مَنِ ادَّعى نبوة أحدٍ بعد نبينا صلى الله عليه وسلم، أوْ منِ ادَّعى النبوة لنفسه، أو جوَّز اكتسابها والبلوغ بصفاء القلب إلى مرتبتها..
    وكذلك مَنِ ادَّعى منهم أنه يوحَى إليه وإن لم يدَّعِ النبوة، فهؤلاء كلهم كفار مكذبون للنبي صلى الله عليه وسلم، لأنه أخبر صلى الله عليه وسلم أنه خاتم النبيين لا نبي بعده، وأخبر صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى أنه خاتم النبيين".
    وقال النووي: "إذا ادّعى النبوة بعد نبينا صلى الله عليه وسلم، أو صدّق مدعياً لها.. فكل هذا كفر".
    وقال الشيخ ابن عثيمين: "فإنّ النبي صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين بالنص والإجماع كما قال الله تعالى -  {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}(الأحزاب:40)، ولهذا مَنِ ادَّعى النبوة بعده فهو كافر مرتد..".

    والأحاديث النبوية الدالة والمؤكدة على أنه صلوات الله وسلامه عليه خاتم الأنبياء والمرسلين كثيرة، ومنها:

    ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فُضِّلْتُ على الأنبياء بست: أعطيتُ جوامع الكلم، ونُصِرْتُ بالرعب، وأُحِلَّت لي الغنائم، وجُعِلت لي الأرض طهورا ومسجدا، وأُرْسِلْتُ إلى الخَلق كافة، وخُتِمَ بي النبيون) رواه البخاري.
    ـ وعن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن لي أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله تعالى بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب الذي ليس بعده نبي) رواه مسلم.
    ـ وعن أنس بن مالك رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الرسالة والنبوة قد انقطعت، فلا رسول بعدي ولا نبي، قال: فشق ذلك على الناس، فقال: ولكن المبشرات، قالوا: يا رسول الله وما المبشرات؟، قال: رؤيا المسلم، وهي جزء من أجزاء النبوة) رواه الترمذي وصححه الألباني.
    ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن مَثَلي ومَثَل الأنبياء من قبلي، كمثل رجل بنى بيتًا فأحْسَنه وأجمله، إلا موضِع لَبِنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويَعجَبون له، ويقولون: هلا وُضِعتْ هذه اللبنة! قال: فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين) رواه البخاري.
    قال ابن حجر: " قوله صلى الله عليه وسلم: (وأنا خاتم النبيين): أي آخرهم".
    وقال القاضي عياض: "أخبر صلى الله عليه وسلم أنَّه خاتم النبيين لا نبي بعده، وأخبر اللَّه تعالى أنَّه خاتم النبيين، وأنَّه أُرْسِلَ للناس كافة، وأجمعت الأمة على حمل هذا الكلام على ظاهره، وأنَّ مفهومه المراد منه دون تأويل ولا تخصيص".
    ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه ـ في قصة العَرْض على الله تبارك وتعالى يوم القيامة، وفزع الناس إلى الأنبياء ليشفعوا لهم: (.. فيقول عيسى ـ عليه السلام ـ: اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فيأتون محمدا صلى الله عليه وسلم فيقولون: يا محمد، أنت رسول الله وخاتم الأنبياء) رواه البخاري.
    وحين خلَّف رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه في غزوة تبوك، فقال علي رضي الله عنه: (يا رسول الله، أتخلفني في النساء والصبيان!، فقال صلى الله عليه وسلم: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لا نبي بعدي) رواه مسلم.

    لقد أفاض الله عَزَّ وَجَلَّ على رسوله ونبيه صلى الله عليه وسلم بخصائص كثيرة، وأكرمه بإِكرامات جليلة، مما يدل على عظيم قدره وعلو منزلته عند ربه، ومن ذلك أنه خاتم النبيين وسيد المرسلين، فلا نبي بعده،
    قال الله تعالى -  {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}(الأحزاب:40).
    قال ابن كثير: "فهذه الآية نَصٌ في أنه لا نبي بعده، وإذا كان لا نبي بعده فلا رسول بعده بطريق الأولى والأحْرى، لأن مقام الرسالة أخص من مقام النبوة، فإن كل رسول نبي، ولا ينعكس. وبذلك وردت الأحاديث المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مِنْ حديث جماعة من الصحابة".

    (^)(^)(^)(^)(^)(^)(^)(^)(^)(^)(^)(^)(^)(^)(^)



    (%) - من خصائص النبي صل الله عليه وسلم مدح الله له في القرآن الكريم  - (%)



    مدَح القرآن الكريم وأثنى على الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام،

    إلا أن أكثر الأنبياء نصيباً في المدح في القرآن الكريم هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك لِمَا له من شأن عظيم ومكانة عالية عند الله عز وجل، فقد اصطفاه الله سبحانه على جميع البشر، وفضَّله على جميع الأنبياء والرسل، وشرح له صدره، ورفع له ذكرَه، ووضع عنه وِزْرَه، وأعلى له قدْرَه.. والمتأمل في القرآن الكريم يجد الكثير من الآيات القرآنية التي تبين عِظم قدره صلى الله عليه وسلم عند ربه سبحانه، وتزكيته ومدحه له، وثنائه عليه، ومن ذلك :
    ـ {وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ}(الشرح:4): رَفْع الله عز وجل ذِكْرِ نبيه صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة،
    قال تعالى -  {وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَقال ابن كثير: "
    قال مجاهد: لا أُذكر إلا ذكِرْتَ معي، أشهد ألا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله
    وقال القرطبي: "وروي عن الضحاك عن ابن عباس قال: "يقول له: ما ذُكِرْتُ إلا ذُكِرْتَ معي في الأذان، والإقامة والتشهد، ويوم الجمعة على المنابر، ويوم الفطر، ويوم الأضحى، وأيام التشريق، ويوم عرفة وعند الجمار، وعلى الصفا والمروة، وفي خطبة النكاح، وفي مشارق الأرض ومغاربها
    وقال قتادة: " رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة فليس خطيب ولا متشهّد ولا صاحب صلاة إلا ينادي بها أشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله".

    ـ {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى}(النجم:2): زكَّى الله عز وجل نبيه في عقله وأثنى عليه فقال -  {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى
    قال ابن كثير: "الغي ضد الرشد أي ما صار غاويا. وقيل: أي ما تكلم بالباطل"، وقال: "معلوم لكل ذي لُب (عقل سليم) أن محمداً صلى الله تعالى عليه وسلم من أعقل خلق الله تعالي، بل أعقلهم وأكملهم على الإطلاق في نفس الأمر".
    وقال القاضي عياض: "ومن تأمل تدبيره صلى الله عليه وسلم أمْر بواطن الخلق وظواهرهم، وسياسة الخاصة والعامة، مع عجيب شمائله، وبديع سيره، فضلا عما أفاضه من العلم، وقرره من الشرع، دون تعلّم سبق، ولا ممارسة تقدمت، ولا مطالعة للكتب، لم يمتر في رجحان عقله، وثقوب فهمه لأول وهلة، ومما يتفرع عن العقل ثقوب الرّأي وجودة الفطنة والإصابة، وصدق الظن، والنظر للعواقب، ومصالح النفس، ومجاهدة الشهوة، وحسن السياسة والتدبير، واقتفاء الفضائل، واجتناب الرذائل، وقد بلغ صلى الله عليه وسلم من ذلك الغاية التي لم يبلغها بَشر سواه صلى الله عليه وسلم".

    ـ {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}(النجم: 4:3)،
    قال السعدي: "أي: ليس نطقه صادراً عن هوى نفسه، {إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} أي: لا يتبع إلا ما أوحى الله إليه من الهدى والتقوى، في نفسه وفي غيره، ودل هذا على أن السُنة وحي من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم"..
    وكما زكَّى الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم في نطقه وكلامه، زكاه وأثنى عليه في بصره وفؤاده وصدره،
    فقال سبحانه -  {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى}(النجم: 17)،
    وقال -  {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى}(النجم:11)،
    وقال - {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ}(الشرح:1).

    ـ {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}(التوبة:128):
    أثنى الله عز وجل ومدح النبي صلى الله عليه وسلم في علاقته بأصحابه، ورحمته بهم وشفقته عليهم، وجمع له اسمين من أسمائه،
    فقال سبحانه عنه صلى الله عليه وسلم - {بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ
    قال القرطبي: "قال الحسين بن الفضل: لم يجمع الله لأحد من أنبيائه اسمين من أسمائه إلا للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه قال عنه -  {بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ
    وقال -  {إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}(الحج:65)".
    وقد ذكر ابن الجوزي في "زاد المسير" في قوله تعالى -  {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}:
    "قال ابن عباس: سمَّاه باسمين من أسمائه". أما تسميته بذلك صلى الله عليه وسلم معرفًا بالألف واللام، فإنه لم يرد تسميته به،
    قال المناوي في شرح الشفا: "وأما بصيغة التعريف (الرؤوف الرحيم)، فالظاهر أنه لا يجوز إطلاقهما على غيره سبحانه".
    وفي حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: (..وقد سمَّاه اللهُ رؤوفاً رحيماً) رواه ابن حبان.

    ـ {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى}(النجم:5): زكَّى الله عز وجل معلم النبي صلى الله عليه وسلم ـ جبريل ـ وأثنى عليه بقوله -{عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىقال ابن كثير: "وهو جبريل، عليه السلام".

    ـ {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}(القلم: 4): أثنى الله عز وجل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في صفاته وأخلاقه وشمائله، وجعله الأسوة والقدوة الذي يتبع ويقتدى به في حياتنا كلها،
    فقال تعالى-  {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}(القلم: 4)،
    وقال سبحانه - {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}(الأحزاب:21)،
    قال القاضي عياض: "وأما الأخلاق المكتسبة من الأخلاق الحميدة، والآداب الشريفة التي اتفق جميع العقلاء على تفضيل صاحبها، وتعظيم المتصف بالخُلق الواحد منها فضلا عما فوقه، وأثنى الشرع على جميعها، وأمر بها، ووعد السعادة الدائمة للمتخلق بها، ووصف بعضها بأنه جزء من أجزاء النبوة، وهي المسماة بحسن الخُلق، فجميعها قد كانت خلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم".

    ـ {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}(الأنبياء: 107): قال ابن كثير: "يخبر تعالى أن الله جَعَل محمداً صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، أي: أرسله رحمة لهم كلَّهم، فمن قَبِل هذه الرحمةَ وشكَر هذه النعمةَ سَعد في الدنيا والآخرة، ومن رَدَّها وجَحَدَها خَسِر في الدنيا والآخرة".
    وقال الشنقيطي: "ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه ما أرسل هذا النَّبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه إلى الخلائق إلا رحمة لهم، لأنه جاءهم بما يُسعدهم، وينالون به كل خير من خير الدنيا والآخرة إنِ اتبعوه، ومن خالف ولم يتبع فهو الذي ضيع على نفسه نصيبه من تلك الرحمة العظمى".

    محبة النبي صلى الله عليه وسلم ومعرفة حقه وقدره، ومدحه والثناء عليه، حق من حقوقه على أمته، ولهذا فقد مدحه كثير من صحابته الكرام والسلف الصالح رضوان الله عليهم كما هو معلوم ومستفيض في كتب السيرة والسنة ودواوين الشعراء, وذلك اقتداءً بما جاء في مدحه والثناء عليه في كتاب الله عز وجل،
    وقد قال الله تعالى - {لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ}(الفتح: 9)،
    قال ابن كثير: "قال ابن عباس وغير واحد: يعظموه، {وَتُوَقِّرُوهُ} من التوقير وهو الاحترام والإجلال والإعظام"،
    وقال السعدي:" {وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} أي: تعزروا الرسول صلى الله عليه وسلم وتوقروه أي: تعظموه وتُجِّلوه، وتقوموا بحقوقه، كما كانت له المنة العظيمة برقابكم".
    وقال ابن تيمية: "والتعزير: اسم جامع لنصره و تأييده ومنعه من كل ما يؤذيه،
    والتوقير: اسم جامع لكل ما فيه سكينة وطمأنينة من الإجلال والإكرام، وأن يعامل من التشريف والتكريم و التعظيم بما يصونه عن كل ما يخرجه عن حد الوقار".

    كل مَنْ مدح النبي صلى الله عليه وسلم وأثنى عليه في الماضي والحاضر، يستدل على استحسان مدحه له بما جاء في الثناء عليه في القرآن الكريم، فقد مدحه الله عز وجل وأثنى عليه في كثير من الآيات القرآنية،
    وأخبرنا سبحانه أنه هو وملائكته يصلون عليه فقال تعالى -  {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}(الأحزاب: 56)، ومن ثم جاء الخَلْقُ بعد ذلك مقصرين في حقه صلى الله عليه وسلم مهما اجتهدوا ومدحوا وأثنوا عليه..
    وفي شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية في: ما ورد في آي التنزيل من عظيم قدره ورِفْعةِ ذِكْرِهِ صلى الله عليه وسلم: "لا سبيل لنا أن نستوعب الآيات الدالة على ذلك، وما فيها من التصريح والإشارة إلى علو محله الرفيع ومرتبته، ووجوب المبالغة في حفظ الأدب معه، وكذلك الآيات التي فيها ثناؤه تعالى عليه وإظهاره عظيم شأنه لديه، وقسمه تعالى بحياته، ونداؤه بـ"الرسول" و"النبي"، ولم يناد باسمه بخلاف غيره من الأنبياء، فناداهم بأسمائهم إلى غير ذلك مما يشير إلى أنافة قدره العلي عنده..
    ومن تأمل القرآن العظيم وجده طافحاً (ممتلأً) بتعظيم الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم،
    ويرحم الله ابن الخطيب الأندلسي حيث قال:

    مدحتْك آيات الكتاب فما عسى يثني على عَلْياك نظْم مديحي
    وإذا كتاب الله أثنى مُفْصِحاً كان القصور قصار كل فصيح

    وقال آخر:

    أرى كلّ مدح للنبيّ مقصرا وإن سطرت كلّ البرية أسطرا
    فما أحدٌ يحصي فضائل أحمدٍ وإن بالغ المُثْني عليه وأكثرا
    إذا الله أثنى بالذي هو أهله كفاه بذا فضلاً من الله أكبرا
    وفي سورة الأحزاب صلى بنفسه عليه فما مقدار ما تمدح الورَى (الخَلْق)

    (O)(O)(O)-----------------(O)(O) -----------------(O)(O)(O)
    لا تنسونا من صالح دعائكم
    [/right]

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود خصوصيات الرسول صل الله عليه وسلم

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت نوفمبر 02, 2024 6:38 pm

    (*) - خصوصيات الرسول صل الله عليه وسلم - (*)

    (U) ..  كلامه صل الله عليه وسلم .. (U)




    نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أفصح قومه لسانا، وأعذبهم كلاماً، وأحلاهم منطقاً،
    ففصاحة لسانه غاية لا يُدرَك مداها، ومنزلة لا يُدانى منتهاها، وهي لا تحتاج إلى إقامة برهان أو استدعاء شاهد،
    قال الله تعالى -  {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}(النَّجم 4:3).
    ومن خصائصه ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ التي خصه الله بها أن أعطاه جوامع الكلِم.
    عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فُضِّلْتُ على الأنبياء بست: أُعْطِيُت جوامع الكلم (الكلام القليل ذو المعنى الكثير)، ونُصِرْتُ بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجُعِلَت لي الأرض طهوراً ومسجداً، وأُرْسِلْتُ إلى الخلق كافة، وخُتِم بي النبيون) رواه مسلم.

    ومِنْ هدْيه صلى الله عليه وسلم في كلامه وحديثه أنه كان يتكلم بالكلمات القليلة الواضحة والكثيرة المعاني،
    وهو ما يسره الله له من البلاغة والفصاحة، وبدائع الحِكم ومحاسن العبارات، فكان كلامه يأخذ بمجامع القلوب ويأسر الأرواح، يعده العاد، ليس بسريع لا يُحفظ، ولا بكلام منقطع لا يُدركُه السامع، بل هديه فيه أكمل الهدي، شهد له بذلك كل من رآه وسمعه.
    عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحدِّثُ حديثاً لو عدَّه العادُّ لأحصاه) رواه البخاري.
    قال ابن حجر: "قولها: (لو عده العاد لأحصاه) أي لو عد كلماته أو مفرداته أو حروفه لأطاق ذلك وبلغ آخرها، والمراد بذلك المبالغة في الترتيل والتفهيم".
    وروى الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسردُ كسردِكم هذا، ولكنَّه كان يتكلَّمُ بكلام بيِّنٍ فصلٍ، يحفظه من جلس إليه).
    قال ابن حجر: "لم يكن يسرد الحديث كسردكم" أي: يتابع الحديث استعجالاً بعضه إثر بعض لئلا يلتبس على المستمع،
    زاد الإسماعيلي من رواية ابن المبارك عن يونس: "إنما كان حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلاً، فهما تفهمه القلوب".
    وتصف أم مِعْبَد كلام النبي صلى الله عليه وسلم فتقول: "إنْ صمَتَ فعليه الوقار، وإن تكلم سما (علا برأسه) وعلاه البهاء (الجمال)، أجمل الناس وأبهاه من بعيد، وأحلاه وأحسنه من قريب، حلو المنطق، فصل (في كلامه تفصيل واضح بيّن العبارة)، لا هذر ولا نزر (وسط ليس بالقليل ولا بالكثير)، كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن (من شدة عذوبة منطقه كأن الجواهر تتساقط من فمه)..".
    وكان من هديه صلوات الله وسلامه عليه في كلامه إعادة بعض الكلمات وتكرارها.
    عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: (كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تُفْهَم عنه، وإذا أتى على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثا) رواه البخاري.
    قال المباركفوري: "والمراد أنه كان يكرر الكلام ثلاثاً إذا اقتضى المقام ذلك لصعوبة المعنى، أو غرابته، أو كثرة السامعين لا دائماً، فإن تكرير الكلام من غير حاجة لتكريره ليس من البلاغة".
    وقال ابن حجر: "أعادها ثلاثاً": قد بين المراد بذلك في نفس الحديث بقوله: "حتى تفهم عنه"..
    وقال ابن التين: فيه أن الثلاث غاية ما يقع به الاعتذار والبيان". وقد يزاد على الثلاث للحاجة.
    وكان صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يبتسم أثناء حديثه وكلامه.
    عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: "ما رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدث حديثاً إلا وهو يتبسم في حديثه".

    فضل الله عز وجل نبينا صلى الله عليه وسلم على الأنبياء بجوامع الكلم، واختصه بفصاحة اللسان، وبلاغة القول، وبدائع الحكم، وعلم ألسنة العرب، فكان يخاطب كل قبيلة بلسانها، ويحاورها بلغتها،
    قال القاضي عياض: "وأما فصاحة اللسان وبلاغة القول فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك بالمحل الأفضل، والموضع الذي لا يُجهل، سلاسة طبع، وإيجاز مقطع، وفصاحة قول، وصحة معان، أوتي جوامع الكلم وخُصَّ ببدائع الحِكَمِ وعلم ألسنة العرب، فكان يخاطب كل أمة منها بلسانها، ويحاورها بلغتها، ويباريها في منزع بلاغتها".
    وقال الخطابي: "إن الله عز وجل لما وضع رسوله موضع البلاغ من وحيه، ونصبه منصب البيان لدينه، اختار له من اللغات أعربها، ومن الألسن أفصحها وأبينها، ليباشر في لباسه مشاهد التبليغ، وينبذ القول بأوْكد البيان والتعريف، ثم أمده الله بجوامع الكلم التي جعلها رِدْءاً لنبوته، وعَلما لرسالته، لينتظم في القليل منها علم الكثير، فيسهل على السامعين حفظه، ولا يؤودهم حمله، ومن تتبع الجوامع من كلامه لم يعدم بيانها".
    ويقول ابن القيم في كتابه "زاد المعاد" في هدي النبي صلى الله عليه وسلم في كلامه: "كان صلى الله عليه وسلم أفصح خَلْق الله، وأعذبهم كلاما، وأسرعهم أداء، وأحلاهم منطقا، حتى إن كلامه ليأخذ بمجامع القلوب ويسبي الأرواح، ويشهد له بذلك أعداؤه،
    وكان إذا تكلم تكلم بكلام مفصل مبين يعده العاد، ليس بهذ مسرع لا يُحفظ، ولا منقطع تخلله السكتات بين أفراد الكلام، بل هديه فيه أكمل الهدي،
    قالت عائشة: "ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد سردكم هذا، ولكن كان يتكلم بكلام بين فصل يحفظه من جلس إليه"، وكان كثيرا ما يعيد الكلام ثلاثا ليعقل عنه، وكان إذا سلم سلم ثلاثا، وكان طويل السكوت لا يتكلم في غير حاجة، يفتتح الكلام ويختتمه بأشداقه، ويتكلم بجوامع الكلام، فصل لا فضول ولا تقصير، وكان لا يتكلم فيما لا يعنيه، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه، وإذا كره الشيء عُرِف في وجهه، ولم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا ..".
    وقال ابن الأثير: "قد عرفتَ - أيدك الله وإيانا بلطفه وتوفيقه -: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أفصح العرب لسانا، وأوضحهم بيانا، وأعذبهم نطقا، وأسدهم لفظا، وأبينهم لهجة، وأقومهم حجة، وأعرفهم بمواقع الخطاب، وأهداهم إلى طرق الصواب، تأييدا إلهيا،
    ولطفا سماويا، وعناية ربانية، ورعاية روحانية".

    لقد خص الله عز وجل النبيَّ صلى الله عليه وسلم بفواتح الكلم وجوامعه، وآتاه بدائع الحِكم ومحاسن الألفاظ، ويَسَّر له البلاغة والفصاحة، وكمال العقل وحُسن الأدب، حيث لم ير من الفصحاء مثله،
    وقد قال صلى الله عليه وسلم: (وأُوتِيتُ جَوَامِعَ الكَلِم) رواه مسلم.
    قال ابن القيم: "فكلامه صلى الله عليه وسلم كله حِكْمة ورحمة، وعِلم وهُدَى".

    - (Y)- (Y)- (Y) -(Y)- (Y) -(Y)- (Y) -(Y)- (Y)- (Y) -
    =(=) = خصوصيات الرسول صل الله عليه وسلم = (=) =


    - (*) - عموم بعثته صل الله عليه وسلم للإنس والجن - (*) -


    فضَّل الله تعالى بعض الأنبياء على بعض، ورفع بعضهم درجات،
    ففضل أولي العزم على باقي الرسل، وهم خمسة: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم،
    قال الله تعالى: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ}(الإسراء:55)،
    وقال تعالى:{تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}(البقرة:253).

    وإذا كان الله تعالى قد فضل وخصَّ بعض الأنبياء بفضائل وخصوصيات، فلا عجب أن يخص محمداً صلى الله عليه وسلم بإرساله للخَلق كافة ـ إنسهم وجنهم ـ،
    قال الله تعالي: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الجِنِّ يَسْتَمِعُونَ القُرْآَنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللهِ وَآَمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}(الأحقاف 32:29)،

    وقال سبحانه: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا}(الجنّ 2:1).
    قال ابن كثير: "يقول تعالى آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم أن يخبر قومه: أن الجن استمعوا القرآن فآمنوا به وصدقوه وانقادوا له"،
    وقال الطحاوي: "وهو المبعوث إِلَى عامَّة الجِنِّ، وكافَّةِ الوَرَى، بالحقِّ والهُدَى، وبالنُّورِ والضِّياءِ".
    وقال الشيخ ابن باز: "فهذه الآيات وما جاء في معناها دالة على عموم رسالته صلى الله عليه وسلم للإنس والجن".

    إن عموم رسالة نبينا صلى الله عليه وسلم وبعثته للإنس والجن من الأمور التي خصه الله تعالى بها على سائر إخوانه الأنبياء،
    فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أعطيت خمساً، لم يعطهن أحد قبلي: كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى كل أحمر وأسود، وأحلت لي الغنائم، ولم تحل لأحد قبلي، وجعلت لي الأرض طيبة، وطهورا، ومسجدا وأيما رجل أدركته الصلاة صلى حيث كان، ونصرت بالرعب بين يدي مسيرة شهر، وأعطيت الشفاعة) رواه مسلم،
    قال النووي: "قيل: المراد بالأحمر البيض من العجم وغيرهم، وبالأسود العرب لغلبة السمرة فيهم وغيرهم من السودان،
    وقيل الأحمر: الإنس، والأسود: الجن، والجميع صحيح فقد بُعِث إلى جميعهم"،
    وقال ابن حجر والقاضي عياض: "وقيل: الأحمر الإنس، والأسود الجن"،
    وقال ابن عبد البر: "ولا يختلفون أنه صلى الله عليه وسلم بُعِث إلى الإنس والجن، وهذا مما فُضِّل به على الأنبياء".

    وقد روى البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: (انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفةٍ من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظٍ (موسم معروف للعرب)، وقد حِيلَ بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلت عليهم الشهب، فرجعت الشياطين، فقالوا: ما لكم؟ فقالوا: حيل بيننا وبني خبر السماء، وأرسلت علينا الشهب. قال: ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا ما حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها فانظروا ما هذا الأمر الذي حدث؟ فانطلقوا فضربوا مشارق الأرض ومغاربها ينظرون ما هذا الأمر الذي حال بينهم وبين خبر السماء؟
    قال: فانطلق الذين توجهوا نحو تهامة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنخالة وهُو عامدٌ إلى سوق عكاظٍ وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فلما سمعوا القرآن تسمعوا له، فقالوا: هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء، فهنالك رجعوا إلى قومهم فقالوا:
    يا قومنا، إنا سمعنا قرآناً عجباً يهدي إلى الرشد فآمنا به، ولن نُشرك بربنا أحداً. وأنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم
    : {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ}(الجن:1)، وإنما أُوحِيَ إليه قول الجنّ).
    قال ابن حجر في الفتح: "وفي الحديث إثبات وجود الشياطين والجن وأنهما لمسمى واحد، وإنما صارا صنفين باعتبار الكفر والإيمان، فلا يقال لمن آمن منهم إنه شيطان..".

    فائدة :
    الرواية السابقة للبخاري لحديث ابن عباس رضي الله عنهما، قد أخرجها مسلم مع زيادة فيها نفي ابن عباس لرؤية النبي صلى الله عليه وسلم للجن وقراءته عليهم،
    فقال: (ما قرأ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على الجنِّ وما رآهم ..)،
    وفي رواية لمسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه أثبت فيها لقاء النبي صلى الله عليه وسلم بالجن ورؤيته لهم وقراءته عليهم، فتلك حادثة متأخرة أتت بعد هذا اللقاء،
    فعن علقمة قال: (سألت ابن مسعود فقلت: هل شهد أحد منكم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن؟
    قال: لا، ولكننا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ففقدناه فالتمسناه في الأودية والشِّعاب، فقلنا: استُطِير أو اغتيل، قال: فبتنا بشرِّ ليلة بات بها قوم، فلما أصبحنا إذا هو جاء من قبل حراء فقلنا: يا رسول الله! فقدناك فطلبناك فلم نجدك، فبتنا بشر ليلة بات بها قوم،
    فقال: أتاني داعي الجن فذهبت معه، فقرأت عليهم القرآن، قال: فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم) رواه مسلم.
    قال الحافظ ابن حجر في الفتح جامعاً بين نفي ابن عباس وإثبات ابن مسعود: "ويمكن الجمع بالتعدد"،
    وقال القاضي عياض: "وقوله فى حديث ابن عباس: (ما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجن ولا رآهم)، وذكر خروجه إلى عكاظ واستماعهم له،
    وقوله فى حديث ابن مسعود: (أتانى داعى الجن فذهبت معهم فقرأت عليهم القرآن)، يجمع بين الحديثين بأن يكونا قصتين، حديث ابن عباس فى شأن: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنّ} وأول بحث الجن عن خبره،
    وقد اختلف المفسرون هل علم النبى صلى الله عليه وسلم بهم حين أوحى إليه باستماعهم له، أو لم يعلم إلا بعد ذلك؟
    وحديث ابن مسعود فى حين أتوه ليقرأ عليهم القرآن فيكون وفداً آخر، والجمع أولى من المعارضة والاختلاف، ولا تنافي في هذا".
    من جملة خصوصيات نبينا صلى الله عليه وسلم الكثيرة: عموم بعثته ورسالته للخَلق كافة ـ إنْسهم وجِنّهم ـ، وهذا ثابت بنص القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة،
    قال ابن تيمية: "ومما يجب أن يُعْلم أن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم إلى جميع الإنس والجن، فلم يبق إنسي ولا جِنِّي إلا وجب عليه الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم واتباعه، فعليه أن يصدقه فيما أخبر ويطيعه فيما أمر، ومن قامت عليه الحجة برسالته فلم يؤمن به فهو كافر سواء كان إنسياً أو جنيا"

    --(@)(@)(@)(@)(@)(@)(@)(@)(@)(@)(@)(@)--

    (0)(0)(0) -- الكوثر والحوض من الخصائص النبوية --(0)(0)(0)


    من الفوائد الهامة لدراسة السيرة النبوية معرفة خصائص وفضائل نبينا صلى الله عليه وسلم،

    التي خصه الله تعالى بها، وفضله على غيره من الأنبياء والرسل، والتي تدل على عُلُو قدْره ومنزلته عند ربه عز وجل،
    قال محمد بن الحسين: "قبيح بالمسلمين أن يجهلوا معرفة فضائل نبيهم صلى الله عليه وسلم، وما خصَّه الله عز وجل به من الكرامات والشرف في الدنيا والآخرة".
    والكوثر نهر عظيم من خصائص وفضائل نبينا صلى الله عليه وسلم في الآخرة، وهو يصب في حوضٍ له صلى الله عليه وسلم ـ فهو مادة الحوض،
    كما قال ابن حجر في "الفتح" ـ، وهو المراد في قول الله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَر} (الكوثر:1)،
    قال السعدي: "قول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم مُمْتناً عليه: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} أي: الخير الكثير، والفضل الغزير، الذي من جملته ما يعطيه الله لنبيه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة من النهر الذي يقال له {الْكَوْثَرَ}، ومن الحوض الذي يقال له: الكوثر"..
    وقد جاء في "الصحيحين" أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بوجوده الآن، وأقسم على ذلك، لعظم شأنه، وأهمية تعريف الأمة به، حتى يأخذوا بأسباب الورود عليه،
    فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوماً فصلّى على أهل أُحُد صلاته على الميت، ثم انصرف إلى المنبر فقال: (إني فَرَطُكُم (سابقكم)، وأنا شهيدٌ عليكم، وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن
    وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أَتَدْرون ما الكوثر؟) فقلنا: اللهُ ورسوله أعلم، قال: (فإنه نهرٌ وعَدْنِيه ربي عزَّ وجَلَّ، عليه خير كثير، وحوضٌ تَرِدُ عليه أمتي يوم القيامة، آنيتُه عدد النجوم) رواه مسلم.

    و(الكوثر) و(الحوض) ماؤهما واحد،
    ويُطلق على كل منهما اسم الكوثر،
    قال ابن حجر: "الكوثر نهر داخل الجنة، وماؤه يصب في الحوض، ويطلق على الحوض كوثر؛ لكونه يُمد منه"،
    والأحاديث الصحيحة الواردة في ذكر صفات نهر الكوثر والحوض كثيرة، وهي تجعل المؤمن في شوق إلى وروده، والارتواء منه، ومن هذه الأحاديث:

    نهر الكوثر:

    عن أنس رضي الله عنه قال: (بينما نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ غفا إغفاءة, ثم رفع رأسه متبسما،ً فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: نزلت عليَّ سورة فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَر} إلى آخرها, ثم قال: أتدرون ما الكوثر؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه نهر وعدنيه ربي عَزَّ وجَلَّ، عليه خير كثير, وهو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة) رواه مسلم،
    وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الكوثر نهر في الجنة، حافتاه من ذهب، ومجراه على الدُّرِّ والياقوت، تربَتُه أطيَب من المِسك، وماؤُه أحلى من العسل، وأبيَض من الثَّلج) رواه الترمذي وصححه الألباني، وفي رواية لأحمد وصححها الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن الكوثر، فقال: (ذاك نهر أعطانيه الله ـيعني في الجنةـ أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، فيه طير أعناقها كأعناق الجزر(الإبل)،
    قال عمر: إِنَّ تِلْكَ لَطَيْرٌ نَاعِمَة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَكَلَتُهَا أَنْعَمُ منها يا عمر
    وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَنَا فَرَطُكُمْ (سابقكم) على الحوض، من ورَدَه شرب منه، ومن شرب منه لم يظمأْ بعدَه أبداً) رواه البخاري.
    وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (بينا أنا أسير في الجنة، إذا أنا بنهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف، فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك، قال: فضرب الملك بيده، فإذا طينه أو طيبه مسك أزفر) رواه مسلم،
    وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أُعْطِيتُ الكوثر، فإذا هو نهر يجري على ظهر الأرض، حافتاه قباب اللؤلؤ، ليس مسقوفاً، فضربت بيدي إلى تربته، فإذا تربته مسك أذفر، وحصباؤه اللؤلؤ) رواه أحمد وصححه الألباني.

    الحوض:

    عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (حوضي مسيرةُ شهر، ماؤُه أبيض من اللبن، وريحُه أطيب من المِسك، وكيزانُه كنجومِ السماء، من شرِب منها فلا يظمأُ أبداً) رواه البخاري.
    وعن أنس رضي الله عنه قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: (ترى فيه (الحوض) أباريقُ الذَّهب والفضَّة كعدد نجوم السَّماء) رواه مسلم، وفي رواية أخرى: (أو أَكثرَ من عدد نجوم السَّماء).

    وعن ثوبان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئِل عن عرضِه (الحوض) فقال: (من مقامي إلى عمَّان، وسُئِل عن شرابه فقال: أشدُّ بياضاً من اللَّبن، وأحلى من العسل، يَغتُّ فيهِ ميزابانِ يمدَّانِه منَ الجنَّة, أحدُهما من ذهبٍ والآخرُ من وَرِقٍ (فضة) رواه مسلم.
    وقال صلى الله عليه وسلم: (حوضي مسيرة شهر) رواه البخاري،
    وفي رواية أخرى للبخاري أن سعة الحوض: (كما بين المدينة وصنعاء
    وفي رواية لمسلم: (بعد ما بين طرفيه كما بين صنعاء وأيلة
    وفي رواية لابن ماجه وصححها الألباني: (إن لي حوضاً ما بين الكعبة وبيت المقدس)، وفي رواية عند الترمذي وصححها الألباني: (حوضي من عدن إلى عمَّان البلقاء)..
    وقد جمع القرطبي بين تلك الروايات فقال: "ظنَّ بعض الناس أن هذه التحديدات في أحاديث الحوض اضطراب واختلاف، وليس كذلك، وإنما تحدث النبي صلى الله عليه و سلم بحديث الحوض مرات عديدة، وذكر فيها تلك الألفاظ المختلفة، مخاطباً كل طائفة بما كانت تعرف من مسافات مواضعها..
    فخاطب كل قوم بالجهة التي يعرفونها".

    منْ يُدْفَع ويُبْعد عن الحوض:

    ليس كل من انتمى للأمة المحمدية سينال نعمة وشرف الشرب من حوض النبي صلى الله عليه وسلم، بل صرحت بعض الأحاديث أن هناك من هذه الأمة من يُدفع عن الحوض، ويُحْرَم من الشرب منه،
    فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (أنا فَرطُكُم (أتقدمكم) على الحوض، فمن ورده شرب منه، ومن شرب منه لم يظمأ بعده أبداً، ليردنَّ علي أقوامٌ أعرفهم ويعرفوني، ثم يحال بيني وبينهم، فأقول: إنهم مني، فيقال: إنك لا تدري ما بدلوا بعدك، فأقول: سحقاً سحقاً لمن بدل بعدي) رواه البخاري.

    وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو بين ظهراني أصحابه: (إني على الحوض، أنتظر من يرد علي منكم، فوالله ليقتطعن دوني رجال، فلأقولن: أي رب! مني ومن أمتي، فيقول: إنك لا تدري ما عملوا بعدك، ما زالوا يرجعون على أعقابهم) رواه مسلم.

    وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إني على الحوض حتى أنظر من يَرِدُ عليَّ منكم، وسيؤخذ أناس دوني، فأقول: يا ربِّ! مِنِّي ومن أُمَّتِي، فيقال: هل شعرتَ ما عملوا بعدك؟ والله! ما برحوا بعدك يرجعون على أعقابهم) رواه البخاري.
    وقال صلى الله عليه وسلم: (أتدرون ما الكوثر؟) قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: (فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل، عليه أو فيه خير كثير، هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد نجوم السماء فَيُخْتَلَجُ، (ينتزع) الْعَبْدُ منهم، فأقول: يا ربّ إنه من أمتي، فيقول: إنك لا تدري ما أحدث بعدك) رواه مسلم.
    وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (ليردن علي ناس من أصحابي الحوض، حتى إذا عرفتهم، اختلجوا دوني، فأقول: أصحابي، فيقال لي: لا تدري ما أحدثوا بعدك) رواه البخاري.

    قال النووي في "شرح مسلم": "هذا مما اختلف العلماء في المراد منه على أقوال: أحدها أن المراد به المنافقون والمرتدون؛ فيجوز أن يُحشروا بالغرة والتحجيل، فيناديهم النبي صلى الله عليه وسلم للسيما التي عليهم،
    فيقال: ليس هؤلاء ممن وُعِدْتَ بهم، إن هؤلاء بدلوا بعدك، أي لم يموتوا على ما ظهر من إسلامهم.
    والثاني: أن المراد من كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ثم ارتد بعده، فيناديهم النبي صلى الله عليه وسلم، وإن لم يكن عليهم سيما الوضوء، لما كان يعرفه صلى الله عليه وسلم في حياته من إسلامهم، فيقال: ارتدوا بعدك.
    والثالث: أن المراد أصحاب المعاصي والكبائر الذين ماتوا على التوحيد، وأصحاب البدع الذين لم يخرجوا ببدعتهم عن الإسلام، وعلى هذا القول لا يُقطع لهؤلاء الذين يذادون بالنار، بل يجوز أن يذادوا عقوبة لهم، ثم يرحمهم الله سبحانه وتعالى، فيدخلهم الجنة بغير عذاب".

    وعن أَبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لأَذُودَنَّ رِجالاً عن حَوْضِي كما تُذادُ الغرِيبَة من الإبل عن الحوض) رواه البخاري.
    وفي كتاب: "منحة الباري بشرح صحيح البخاري": (لأذودَنَّ) أي: لأطردنَّ رجالاً، (عن حوضي) هم المنافقون، أو المرتدون، أو أصحاب الكبائر، أو المحدث في الدِّين، كالمبتدعة والظلمة، (كما تذاد الغريبة) أي: كما تطرد النَّاقة الغريبة (من الإبل) إذا أرادت الشُّرب معها".

    الكوثر والحوض خصوصية عظيمة من خصائص نبينا صلى الله عليه وسلم، فعلينا أن نحرص على اتباعه والاقتداء به، وطاعته وعدم مخالفته،
    رجاء أن يمُنَّ الله عز وجل علينا بالشرب من حوضه المبارك، فأي فضل وشرف لمن شرب منه يوم القيامة، وأي خزي وحسرة وندامة لمن يُدفع ويُبْعد عنه، وقد بلغ به العطش مبلغاً لا يُطاق ولا يُحتمل..
    نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يرد حوضه صلى الله عليه وسلم، ويشرب من مائه شربة لا يعطش بعدها أبداً.
    (())()()()())(())(())()(()()()()()()()()()())(()))()()())()()()()
    لا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود خصوصيات الرسول صلى الله عليه وسلم

    مُساهمة من طرف صادق النور الأحد نوفمبر 03, 2024 4:48 pm

    *(*) خصوصيات الرسول صلى الله عليه وسلم (*)*


    :: - رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام - ::


    رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ـ
    على صورته المعروفة في السنة والسيرة النبوية ـ لا تستوي مع رؤية غيره من البشر، وهي من المبشرات التي تفرح القلب، وتسعد النفس، فهي تنطوي على بشرى عظيمة، وهي رؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة، حيث لا مكان لرؤيته صلى الله عليه وسلم بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى إلا في الجنة.
    وقد ردت أحاديث كثيرة في باب رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، منها:

    ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من رأني في المنام فسيراني في اليقظة، ولا يتمثل الشيطان بي) رواه البخاري،
    وفي رواية مسلم: (منْ رآني في المنام فَسيراني في اليقظة. أو: لكَأنَّما رآني في اليقظة
    قال ابن بطال: "هذا إخبار منه صلى الله عليه وسلم عن الغيب، وأن الله تعالى منع الشيطان أن يتصور على صورته،
    وقوله: (فسيرانى فى اليقظة) يعنى تصديق تلك الرؤيا فى اليقظة وصحتها وخروجها على الحق، لأنه عليه الصلاة و السلام ستراه يوم القيامة فى اليقظة جميع أمته من رآه فى النوم، ومن لم يره منهم".
    وقال السندي: "قوله: (فقد رآني في اليقظة) أي: فرؤياه حق بحيث كأن رؤيته تلك رؤية في اليقظة، (لا يتمثل) أي: لا يظهر بحيث يظن الرائي أنه النبي صلى الله عليه وسلم، قيل: هذا يختص بصورته المعهودة فيعرض على الشمائل الشريفة المعروفة فإن طابقت الصورة المرئية تلك الشمائل فهي رؤيا حق، وإلا فالله أعلم بذلك".

    ـ وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من رآني فقد رأى الحق) رواه البخاري. ومعنى: (فقد رأى الحق) أي الرؤيا الصحيحة الثابتة لا أضغاث أحلام ولا خيالات.

    ـ وعن  ـ أبو جحيفة ـ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال - ( مَنْ رَآني في المنام فَكأنَّما رآني في اليقظة، إن الشيطان لا يستطيع أن يَتَمَثَّلَ بي) رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الألباني.

    ـ وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتخيل بي) رواه البخاري،
    قال ابن حجر: "فيه إشارة إلى أن الله تعالى وإن أمكن الشيطان من التصور في أي صورة أراد، فإنه لم يمكنه من التصور في صورة النبي صلى الله عليه وسلم".

    هذه بعض الأحاديث الصحيحة التي جاءت بألفاظ متعددة في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وقد دلت على أن عدو الله الشيطان قد حيل بينه وبين أن يتمثل في صورة النبي صلى الله عليه وسلم، فمن رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقد رآه عليه الصلاة والسلام، وذلك إذا رآه في صورته التي هي معروفة عند أهل العلم وفي كتب السنة والسيرة النبوية.

    فوائد في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام:

    ـ على المسلم قبل أن يدَّعي أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم أن يعرض ما رأى على أهل العلم والدين ـ الذين يُعرف عنهم الصلاح والتقوى ـ ليخبروه إنْ كان ما رأى حقاً أو من الشيطان، حتى لا يقع في الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم.
    قال القرطبي عند تفسيره لقول الله تعالى : {قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ}(يوسف: 5): "هذه الآية أصل في ألاّ تقص الرؤيا على غير شفيق، ولا ناصح، ولا على من لا يحسن التأويل فيها".
    وقال ابن حجر: "عن حماد بن زيد قال: كان محمد ـ يعنى ابن سيرين ـ إذا قصَّ عليه رجل أنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم قال: صِف الذى رأيتَه، فإن وصف له صفة لا يعرفها قال: لم تره، وسنده صحيح.
    وقد أخرج الحاكم من طريق عاصم بن كليب: حدثنى أبى قال: قلتُ لابن عباس: رأيتُ النبى صلى الله عليه وسلم فى المنام، قال: صِفْه لى، قال: فذكرت الحسن بن على فشبهته به، قال: قد رأيتَه، وسنده جيد".

    ـ قوله صلى الله عليه وسلم: (ولا يتمثل الشيطان بي) أي: لا يأتي بصورتي التي يعرفها الناس، لا يمنع أن يأتي الشيطان ويقذف في قلب الرائي أنه النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن بصورة تخالف الصورة الصحيحة التي يُعرف بها النبي صلى الله عليه وسلم، فالحديث لا يمنع حدوث مثل هذا، فبعض أصحاب البدع والأهواء يذكرون أنهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم وأمرهم بأشياء تخالف ما ورد في الكتاب والسنة، ولا تفسير لذلك ـ إن صدقوا في دعواهم ـ أن الذي رأوه هو الشيطان، وأنه لم يأت بالهيئة الصحيحة المعروفة للنبي صلى الله عليه وسلم من سيرته وشمائله.

    ـ إذا ادعى إنسان أنه رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم في نومه، وأنه أمره بأمر، وهذا الأمر يخالف الكتاب والسنة فإنه لا يُعمل به، وهو دليل على أن من رآه ليس النبي صلى الله عليه وسلم، ومع كون رؤية النبي صلى الله عليه وسلم من المبشرات للمسلم الذي رآها إلا أنها ليست وحياً بالاتفاق، ولكنها بُشرى،
    وقد ذكر النووي في شرح مسلم عن القاضي عياض في الاحتجاج بما يراه النائم في منامه قوله: "لا يبطل بسببه - أي المنام - سُنة ثبتت، ولا يثبت به سنة لم تثبت، وهذا بإجماع العلماء".
    وقال ـ النووي ـ: "أما الرؤية فجاء بها النصُّ فلا يمكن للشيطان أن يتمثل به صلى الله عليه وسلم،
    أما ما وراء الرؤية كالكلام وغيره، فلم يأتِ فيه نصٌ يمنع أن يكون الشيطانُ ألقى في سمع النائم وتلاعبَ به".
    وقال ابن باز: ".. ولا يجوز أن يُعتمد عليها (رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام) في شيء يخالف ما عُلِمَ من الشرع، بل يجب عرض ما سمعه الرائي من النبي من أوامر أو نواهي أو خبر أو غير ذلك من الأمور التي يسمعها أو يراها الرائي للرسول صلى الله عليه وسلم على الكتاب والسنة الصحيحة، فما وافقهما أو أحدهما قُبِل، وما خالفهما أو أحدهما ترك، لأن الله سبحانه قد أكمل لهذه الأمة دينها، وأتم عليها النعمة قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز أن يقبل من أحد من الناس ما يخالف ما علم من شرع الله ودينه، سواء كان ذلك من طريق الرؤيا أو غيرها، وهذا محل إجماع بين أهل العلم المعتد بهم".

    وقال الشاطبي: "وربما قال بعضهم: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فقال لي كذا وأمرني بكذا، فيعمل بها ويترك بها معرضاً عن الحدود الموضوعة في الشريعة، وهو خطأ، لأن الرؤيا من غير الأنبياء لا يُحكم بها شرعاً على حال إلا أن تعرض على ما في أيدينا من الأحكام الشرعية، فإن سوغتها عُمِل بمقتضاها، وإلا وجب تركها والإعراض عنها، وإنما فائدتها البشارة أو النذارة خاصة، وأما استفادة الأحكام فلا".

    ـ لم يثبت بدليل شرعي حصول رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة بعد موته، بل الأدلة تدل على استحالة ذلك شرعاً، وغاية ما دلت عليه النصوص إمكانية الرؤيا المنامية،
    أما ما ذكره البعض من إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة بعد وفاته فهو من خرافات وأباطيل بعض المبتدعة.
    وقد ذكر ابن حجر في "فتح الباري": أن ابن أبى جمرة نقل عن جماعة من المتصوفة أنهم رأوا النبي في المنام ثم رأوه بعد ذلك في اليقظة وسألوه عن أشياء كانوا منها متخوفين فأرشدهم إلى طريق تفريجها فجاء الأمر كذلك،
    ثم تعقب الحافظ ذلك بقوله: "قلتُ: وهذا مشكل جداً ولو حُمِل على ظاهره لكان هؤلاء صحابة ولأمكن بقاء الصحبة إلى يوم القيامة، ويعكر عليه أن جمعاً جمَّاً رأوه في المنام ثم لم يذكر واحد منهم أنه رآه في اليقظة وخبر الصادق لا يتخلف".

    وقال ابن تيمية: "وكُلُّ من قال إنه رأى نَبِيّاً بِعَيْن رَأسه، فما رأى إلا خيَالاً"،
    وفي شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية قال: "وقال القاضي أبو بكر بن العربي: وشذ بعض الصالحين فزعم أنها (رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته) تقع بعيني الرأس حقيقة".

    ـ من فوائد رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام
    كما قال ابن حجر: "ومن فوائد رؤيته صلى الله عليه وسلم تسكين شوق الرائي لكونه صادقاً في محبته ليعمل على مشاهدته، وإلى ذلك الإشارة بقوله: (فسيراني في اليقظة) أي: من رآني رؤية مُعَظِّمٍ لِحُرْمَتي ومشتاقٍ إلى مشاهدتي،
    وصل إلى رؤية محبوبه وظفر بكل مطلوبه"، وأما الحديث الذي يذكر في هذا الباب وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (من رآني فقد حُرِّمَت عليه النار)
    قال ابن باز: "لا أصل له وليس بصحيح".

    ـ الأسباب التي تجعل المسلم يرى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام متوقفة ـ
    بعد فضل الله تعالى ـ على طاعة الله سبحانه، وحبَّ النبى صلى الله عليه وسلم، والشوقَ لرؤيته، واتباع سنته..
    وكلما كان الإنسان أتقى لله عز وجل، وأكثر اتباعاً لسنة النبي الله صلى الله عليه وسلم كان توقع رؤياه للنبي صلى الله عليه وسلم أكثر احتمالاً من غيره، ولا يلزم من عدم الرؤية له عدم صلاح الشخص، ولا يلزم أيضاً من شدة التقوى والمتابعة رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم، فالأمر في النهاية توفيق من الله تعالى، وفضل من الله يؤتيه من يشاء،
    وأما ما عدا ذلك من أوراد أو أذكار أو صلوات أو ما ورد من أحاديث ـ تساعد على رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ـ فجميعه غير صحيح, بل حكم العلماء ببدعيته.

    رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام جائزة شرعاً وعقلاً، واقعة فعلا،
    وما مِن شكٍ أن رؤيته صلوات الله وسلامه عليه فرحةٌ لا تضاهيها فرحة، وأمنية غالية لا تدانيها أمنية، فالمسلم المحب للنبي صلى الله عليه وسلم مستعدٌ لأن يبذل أهله وماله مقابل أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم،
    فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أشد أمتي لي حبًّا، ناس يكونون بعدي، يود أحدهم لو رآني بأهله وماله) رواه مسلم،
    قال الصنعاني: "أي بإعطاء ذلك في مقابلة الشرف برؤيته أي لو أدرك حياتى أو لو رآنى في منامه".
    ولا شك أن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام على صورته المعروفة في السنة والسيرة النبوية دليل خير وبشرى لصاحبها، ومع ذلك لا يجوز بناء الأحكام والمواقف والتصرفات عليها، فهي مبشرات تبعث الأمل، ويُفْرَح ويُتفاءل بها، ولا يبنى حُكْم عليها.

    #################################

    #* وما كان الله لِيُعَذِّبَهُمْ وأنتَ فيهم *#


    نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو الرسول المُصطفى، والنبي المُجْتَبَى، اختصه الله عز وجل دون غيره من الأنبياء والرسل بفضائل وخصائص كثيرة، تشريفاً وتكريماً له، مما يدل على جليل قدره وعلو منزلته عند ربه،
    قال الله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ}(البقرة: 253).
    قال الزمخشري: "{وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} أي: ومنهم من رفعه على سائر الأنبياء، فكان بعد تفاوتهم في الفضل أفضل منهم بدرجات كثيرة، والظاهر أنه أراد محمداً صلى الله عليه وسلم لأنه هو المُفَّضَّل عليهم".

    ومن خصائصه صلوات الله وسلامه عليه الكثيرة التي خصه الله بها:
    أنه سيد ولد بني آدم، وأشرف الخلق، وأفضل الرسل، وأول من تنشق عنه الأرض، وأول من يشفع، وأُعْطِي جوامع الكلم، ونصر بالرعب، وَأُحِلّتْ له الغنائم، وَجُعِلَتْ له الأرض طهوراً ومسجداً، وَأُرْسِل إلى الخلق كافة، وخُتِم بي النبيون، وأنه أول من يدخل الجنة، وأنه صاحب الشفاعة والوسيلة والفضيلة وهي أعلى درجة في الجنة، وهو صاحب الكوثر، وهو نهر عظيم وعده الله به في الجنة، وأن أمته أكرم الأمم وأخيرها، وأحسنها وأفضلها، وأنها أمة محفوظة من الهلاك والاستئصال، وهي أكثر أهل الجنة، وأنه صلى الله عليه وسلم وأمته أول من يجتاز الصراط ويدخل الجنة.. إلى غير ذلك من الفضائل والخصائص التي خصه الله عز وجل بها في الدنيا والآخرة .

    حياته أمَنَة وأمان لأصحابه وأمته:

    من خصوصياته صلى الله عليه وسلم في الدنيا أنه كان أمَنَة لأصحابه وأمته من العذاب، بخلاف الأمم السابقة، فقوم نوح وهود وصالح وشعيب عليهم السلام عُذِّبُوا في حياة أنبيائهم وأهْلِكُوا، أما نبينا صلى الله عليه وسلم فمن خصائصه في الحياة الدنيا أن وجوده في أصحابه وأمته أمان لهم من الفناء والعذاب، فلا يأتي عذاب عام فيهلكهم.
    فعن أبي بُرْدَةَ عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (النجوم أَمَنَةٌ للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماءَ ما توعد، وأنا أمَنَةٌ لأصحابي، فإذا ذهبتُ أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنةٌ لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون ) رواه مسلم.
    الأمنة والأمن والأمان يعني الطمأنينة وعدم الخوف،
    قال النووي: "وقوله صلى الله عليه وسلم: (وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبتُ أتى أصحابي ما يوعدون) أي من الفتن والحروب وارتداد من ارتد من الأعراب، واختلاف القلوب ونحو ذلك مما أنذر به صريحاً، وقد وقع كل ذلك ..
    قوله صلى الله عليه وسلم: (وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون) معناه من ظهور البدع والحوادث في الدين".
    وقال الطيبي: " (فإذا ذهبتُ أتى أصحابي ما يوعدون) أراد بوعد السماء انشقاقها وذهابها يوم القيامة، وذهاب النجوم تكويرها وانكدارها وانعدامها. وأراد بوعد أصحابه ما وقع بينهم من الفتن. وكذلك أراد بوعد الأمة. والإشارة في الجملة إلى مجيء الشر عند ذهاب أهل الخير،
    فإنه لما كان بين أظهرهم كان يبين لهم ما يختلفون فيه، فلما تُوفِّيَ جالت الآراء واختلفت الأهواء وكان الصحابة يسندون الأمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول أو فعل أو دلالة حال، فلما فُقِدَ قلت الأنوار، وقويت الظُلَم، وكذلك حال السماء عند ذهاب النجوم، والأمنة في هذا الحديث جمع أمين وهو الحافظ".

    وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال أبو جهل: (اللهم إِن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فنزلت: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}(الأنفال: 34:33) رواه البخاري.
    قال ابن هبيرة: "وقوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} المعنى: إنما امتنع العذاب عنهم بمكة لكونك فيهم. وقوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} أي لو استغفروا لما عُذِّبُوا".
    وقال ابن كثير والطبري في تفسيريهما: "عن ابن عباس قال: كان المشركون يطوفون بالبيت ويقولون: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: "قد قد"! ويقولون: لا شريك لك، إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك. ويقولون: غفرانك، غفرانك، فأنزل الله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}(الأنفال: 33).
    قال ابن عباس: كان فيهم أمانان: النبي صلى الله عليه وسلم، والاستغفار، فذهب النبي صلى الله عليه وسلم وبقي الاستغفار"
    وقال النيسابوري: "فجعله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سبباً لنجاة المؤمنين، ثم لما نجاهم وأنقذهم لا يردهم إلى النار، هذا للمؤمنين.
    وقال للكافرين: {وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}(الأنفال: 33)..
    ذلك أن الله تعالى عذب أمَمَ منْ تقدم من الأنبياء في حياة رسلهم وأنبيائهم أمام أعينهم،
    وشرف نبيّه صلى الله عليه وسلم بأنه لم يُهْلِك أمته في حضرته، ولن يهلك جميعها بعده لأسباب إلهية رتبها بحكمته، وجعلها مرتبطة بنبيه لِمَا منَّ عليه بفضله وخصَّه بكرمه".
    وقال ابن الجوزي: "وفي معنى {وَأَنْتَ فِيهِمْ} قولان: أحدهما: وأنت مقيم بين أظهرهم،
    قال ابن عباس: لم تُعذب قرية حتى يخرج نبيها والمؤمنون معه.
    والثاني: وأنت حي".

    ما أصيب المسلمون بل ولا الكافرون بمثل موته صلى الله عليه وسلم، فإنه مفتاح السعادة والهداية، ونبي الأمة وهاديها، وبدرها وسراجها المنير، ورحمة الله ونعمته على العالمين  .
    قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}(الأنبياء:107)، فذهابه ذهاب لكل خير، فأي مصيبة أصيب بها العباد أعظم من موته صلى الله عليه وسلم،
    ولذلك قال أنس رضي الله عنه:"ما رأيتُ يوماً قط كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما رأيت يوماً كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم" رواه أحمد وصححه الألباني،
    وقال ابن رجب: "ولما توفي صلى الله عليه وسلم اضطرب المسلمون، فمنهم من دهش فخولط، ومنهم من أقعد فلم يطق القيام، ومنهم من اعتقل لسانه فلم يطق الكلام"،
    وكما كانت حياته صلى الله عليه وسلم أمنة لأصحابه كانت أمنة للكفار من عذاب الله عز وجل العام والشامل لهم، وهذه خصوصية من خصوصياتها الكثيرة التي اختصه الله تعالى بها، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}(الأنفال: 33).

    لا شك أن معرفة الخصائص والفضائل التي خص الله تبارك وتعالى بها نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم تجعلنا نزداد به إيماناً وتصديقاً، وحباً وتوقيراً، وطاعة واتباعاً.. ومن فوائد دراسة السيرة النبوية معرفة هذه الفضائل والخصائص، قال محمد بن الحسين: "قبيح بالمسلمين أن يجهلوا معرفة فضائل نبيهم صلى الله عليه وسلم، وما خصَّه الله عز وجل به من الكرامات والشرف في الدنيا والآخرة".

    ** (^)(^)(^)(^)(^)(^)(^)(^)(^)(^)(^)(^) **

    (S) - فضَّل الله عز وجل أمتنا الإسلامية على سائر الأمم،
    واختصها بخصائص وفضائل كثيرة في الدنيا والآخرة،
    وذلك إكراماً وتشريفاً لنبيها محمد صلى الله عليه وسلم
    - (S)


    فضَّل الله عز وجل أمتنا الإسلامية على سائر الأمم، واختصها بخصائص وفضائل كثيرة في الدنيا والآخرة، وذلك إكراماً وتشريفاً لنبيها محمد صلى الله عليه وسلم،
    قال الله تعالى - {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ}(البقرة: 253)، قال الزمخشري: "{وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} أي: ومنهم من رفعه على سائر الأنبياء، فكان بعد تفاوتهم في الفضل أفضل منهم بدرجات كثيرة، والظاهر أنه أراد محمداً صلى الله عليه وسلم لأنه هو المُفَّضَّل عليهم"،
    وقال الله تعالى - {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}(آل عمران:110)،
    قال ابن كثير: "وإنما حازت هذه الأمة قصب السبق إلى الخيرات بنبيها محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه أشرف خلق الله وأكرم الرسل على الله، وبعثه الله بشرع كامل عظيم لم يعطه نبي قبله ولا رسول من الرسل، فالعمل على منهاجه وسبيله يقوم بالقليل منه ما لا يقوم العمل الكثير من أعمال غيرهم مقامه".
    وإنما نالت الأمة الإسلامية ما نالته من تشريف وتكريم، بما استودعه الله فيها من صفات الخيرية ـ والتي نصت عليها الآية الكريمة ـ، وهي أنها أنفع الناس للناس بما تقوم به من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبما استقر في نفوسها من إيمانها بالله عز وجل، واتباعها للنبي صلى الله عليه وسلم.
    وأمة الإسلام وإن تأخر وجودها في الدنيا عن الأمم الماضية، فهي سابقة لهم في المنزلة، وذلك بما فضلها الله تعالى به من خصائص وفضائل كثيرة، والتي منها: أنها شاهدة للأنبياء على أممهم.

    أنتم شهداء الله في الأرض:

    من الخصائص التي فضل الله عز وجل بها أمة الإسلام عن غيرها:
    أنها تشهد على جميع الأمم، وتقبل شهادتها عند الله عز وجل، ويدخل بهذه الشهادة طوائف كثيرة النار، وفي المقابل لا تشهد عليها أي أمة من الأمم،
    فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يُدعى نوح يوم القيامة، فيقول: لبيك وسعديك يا رب، فيقول: هل بلغت؟ فيقول: نعم، فيقال لأمته: هل بلغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير، فيقول: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، فيشهدون أنه قد بلغ: {وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً}، فذلك قوله جل ذكره: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً}(البقرة: 143)) رواه البخاري.
    وهذه الشهادة من أمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم لا تقتصر على قوم نوح عليه السلام فقط، بل هي شاملة للأمم كلها، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يجيء النبي ومعه الرجلان، ويجيء النبي ومعه الثلاثة، وأكثر من ذلك وأقل، فيقال له: هل بلغت قومك؟ فيقول: نعم، فيُدعى قومه، فيقال: هل بلغكم؟ فيقولون: لا، فيقال: من شهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، فتُدعى أمة محمد فيقال: هل بلغ هذا؟ فيقولون: نعم، فيقول: وما علمكم بذلك؟ فيقولون: أخبرنا نبينا بذلك أن الرسل قد بلغوا، فصدقناه، قال: فذلكم قوله تعالى - {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً}) رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
    قال العِز بن عبد السلام في حديثه عن خصائص النبي صلى الله عليه وسلم: "ومنها أن الله تعالى نزَّل أمته منزل العدول من الحكام، فإن الله تعالى إذا حكم بين العباد، فجحدت الأمم بتبليغ الرسالة، أحضر أمة محمد صلى الله عليه وسلم فيشهدون على الناس بأن رسلهم أبلغتهم، وهذه الخصيصة لم تثبت لأحد من الأنبياء".

    شهادة أمة النبي على أبنائها:

    قبول الله تعالى لشهادة أمتنا لا يقتصر على شهادتها على بقية الأمم يوم القيامة، بل تعدى ذلك،
    فقد قبل الله عز وجل شهادتها على من مات من أحدٍ من أبنائها في الدنيا،
    فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (مُرَّ بجنازة فأُثْنِيَ عليها خيرا، فقال نبيّ الله صلى الله عليه وسلم: وجبت وجبت وجبت، ومُرَّ بجنازة فأثني عليها شرّاً، فقال نبيّ الله صلى الله عليه وسلم: وجبت وجبت وجبت، قال عمر: فدى لك أبي وأمّي، مُرّ بجنازة فأثني عليها خير فقلتَ: وجبت وجبت وجبت، ومرّ بجنازة فأثني عليها شرّ فقلت: وجبت وجبت وجبت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أثنيتم عليه خيراً وجبت له الجنّة، ومن أثنيتم عليه شرّاً وجبت له النّار، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض) رواه البخاري.
    وعن أبي الأسوَد رضي الله عنه قال: (قَدِمْتُ المدينة وقد وقع بها مرضٌ، فجَلسْتُ إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فمَرَّتْ بهم جنازة، فأُثنِيَ على صاحبها خيراً، فقال عمر رضي الله عنه: وَجَبَتْ، ثم مُرَّ بأخرى فأُثنِيَ على صاحبها خيراً، فقال عمر رضي الله عنه: وَجَبَتْ، ثم مُرَّ بالثالثة فأُثنِي على صاحبها شرّاً، فقال: وَجَبَتْ، فقال أبو الأسود: فقُلْتُ: وما وَجَبَتْ يا أمير المؤمنين؟ قال: قُلْتُ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: أيُّما مسلمٍ شَهِد له أربعةٌ بخيرٍ، أدخله الله الجنة، فقُلنا: وثلاثة؟ قال: وثلاثة، فقلنا: واثنان؟ قال: واثنان، ثم لم نسألْه عن الواحد) رواه البخاري.
    قال النووي: "وفي هذا الحديث استحباب توكيد الكلام المهتم بتكراره ليحفظ وليكون أبلغ، وأما معناه ففيه قولان للعلماء،
    أحدهما: أن هذا الثناء بالخير لمن أثنى عليه أهل الفضل، فكان ثناؤهم مطابقاً لأفعاله فيكون من أهل الجنة، فإن لم يكن كذلك فليس هو مراداً بالحديث،
    والثاني وهو الصحيح المختار: أنه على عمومه وإطلاقه، وأن كل مسلم مات فألهم الله تعالى الناس أو معظمهم الثناء عليه كان ذلك دليلاً على أنه من أهل الجنة، سواء كانت أفعاله تقتضي ذلك أم لا، وإن لم تكن أفعاله تقتضيه فلا تُحتم عليه العقوبة، بل هو في خطر المشيئة،
    فإذا ألهم الله عز وجل الناس الثناء عليه استدللنا بذلك على أنه سبحانه وتعالى قد شاء المغفرة له، وبهذا تظهر فائدة الثناء،
    وقوله صلى الله عليه وسلم: (وجبت، وأنتم شهداء الله) ولو كان لا ينفعه ذلك إلا أن تكون أعماله تقتضيه لم يكن للثناء فائدة،
    وقد أثبت النبي صلى الله عليه وسلم له فائدة، فإن قيل كيف مُكِّنوا بالثناء بالشر مع الحديث الصحيح في البخاري وغيره في النهي عن سب الأموات؟
    فالجواب: أن النهي عن سب الأموات هو في غير المنافق وسائر الكفار وفي غير المتظاهر بفسق أو بدعة، فأما هؤلاء فلا يحرم ذكرهم بِشَرٍّ للتحذير من طريقتهم ومن الاقتداء بآثارهم والتخلق بأخلاقهم، وهذا الحديث محمول على أن الذي أثنوا عليه شراً كان مشهوراً بنفاق أو نحوه مما ذكرنا، هذا هو الصواب في الجواب عنه وفي الجمع بينه وبين النهي عن السب".
    وقال ابن حجر: " قوله: (أنتم شهداء الله في الأرض) أي المخاطبون بذلك من الصحابة ومن كان على صفتهم من الإيمان،
    وحكى ابن التين أن ذلك مخصوص بالصحابة لأنهم كانوا ينطقون بالحكمة بخلاف من بعدهم، قال: والصواب أن ذلك يختص بالثقات والمتقين".
    وقال العيني: "وحاصل المعنى أن ثناءهم عليه بالخير يدل على أن أفعاله كانت خيراً فوجبت له الجنة، وثناءهم عليه بالشر يدل على أن أفعاله كانت شراً فوجبت له النار، وذلك لأن المؤمنين شهداء بعضهم على بعض".
    وقال ابن عثيمين: "وفي هذا دليل على أن المسلمين إذا أثنوا على الميت خيراً دلَّ ذلك على أنه من أهل الجنة فوجبت له الجنة، وإذا أثنوا عليه شراً دل ذلك على أنه من أهل النار فوجبت له النار، ولا فرق في هذا بين أن تكون الشهادة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو بعده >
    لأن حديث أبي الأسود مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان بعد النبي صلى الله عليه وسلم .. ومن عقيدة أهل السنة والجماعة أننا لا نشهد لأحدٍ بجنة أو نار إلا من يشهد له النبي صلى الله عليه وسلم، فنشهد لمن شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة، ونشهد بالنار لمن شهد له بالنار".

    أمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ودينها وسط بين الأمم والأديان السابقة، فلم تغل كغلو النصارى، ولم تقصر كتقصير اليهود، وهي خير الأمم وأفضلها، وقد جعلها الله شاهدة على الأمم يوم القيامة، فما مِن نبي ولا رسول تنكر أمته أنه قد بلَّغ، إلا وتشهد له الأمة المحمدية بالبلاغ، فيقبل الله شهادتها وقولها، لما لها من الفضل والمنزلة،
    قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً}(البقرة :143)، فعلينا أن نستشعر ونعتز بهذه الخيرية، وأن نكون أهلاً لها،
    وأن نتحقق بما استودعه الله فيها من صفات الخيرية من إيمان بالله عز وجل، واتباع للنبي صلى الله عليه وسلم، وأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
    قال الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}(آل عمران:110)،
    وقال صلى الله عليه وسلم: (أنتم شهداء الله في الأرض).

    ===(A)===(A)===(A)===(A)===(A)===(A)===(A)===

    لا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود خصوصيات الرسول صل الله عليه وسلم

    مُساهمة من طرف صادق النور الأربعاء نوفمبر 06, 2024 7:16 pm

    **(ل)(ل)** خصوصيات الرسول صل الله عليه وسلم ** (ل)(ل)**

    (ل) **- من وجوب محبته صل الله عليه وسلم توقيره وتعظيمه وخفض الصوت عنده -**
    (ل)


    أوجب الله عز وجل على كل مسلم حب النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه، وتوقيره والأدب معه،
    فقال تعالى- {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ}(الفتح: 9)،
    قال السعدي: "أي: تعظموه وتُجِّلوه، وتقوموا بحقوقه صلى الله عليه وسلم، ومن حبه وتعظيمه صلى الله عليه وسلم الأدب معه، فالأدب معه صلى الله عليه وسلم أدب مع الله،
    إذِ الأدب مع الرسول صل الله عليه وسلم هو أدب مع المُرْسِل سبحانه، كما أن طاعة الرسول طاعة لله تعالى،
    كما قال الله - {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً}(النساء:80)،
    فلا يُتصور محبته صلى الله عليه وسلم مع سوء أدب معه، ومن هنا قال ابن تيمية: "إن قيام المدحة والثناء عليه والتوقير له صلى الله عليه وسلم قيام الدين كله، وسقوط ذلك سقوط الدين كله".

    ومن صور محبة النبي صلى الله عليه وسلم والأدب معه:
    عدم رفع الصوت فوق صوته، وذلك لأن رفع الصوت فوق صوته صلوات الله وسلامه عليه من أسباب حبوط الأعمال،
    كما قال الله تعالى - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ}(الحجرات:2)،
    وهذا ما خافه ثابت بن قيس رضي الله عنه على نفسه. فعن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم افتقد (لم يجد) ثابت بن قيس، فقال رجل: يا رسول الله أنا أعلم لك علمه، فأتاه فوجده جالسا في بيته منكِّسا رأسه، فقال: ما شأنك؟ فقال شرٌ، كان يرفع صوته فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم، فقد حبط عمله وهو من أهل النار. فأتى الرجل فأخبره أنه قال كذا وكذا، فقال موسى بن أنس: فرجع المرة الآخرة ببشارة عظيمة فقال صلى الله عليه وسلم: اذهب إليه فقل له إنك لست من أهل النار ولكن من أهل الجنة) رواه البخاري.

    وفي هذا الموقف النبوي مع ثابت بن قيس رضي الله عنه فوائد كثيرة، منها:

    حب النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه، وسؤاله عن أحوالهم:

    مع شدة انشِغال النبي صلى الله عليه وسلم وكثرة وعظم مسئولياته فقد كان من هديه وسنته السؤال عمَّن غاب من أصحابه رضي الله عنهم، وله في ذلك الكثير من المواقف التي ذكرتها السيرة النبوية المشرفة والأحاديث الصحيحة، ومن ذلك سؤاله عن ثابت بن قيس رضي الله عنه لما افتقده،
    ففي رواية البخاري: (أن النبي صلى الله عليه وسلم افتقد ثابت بن قيس
    وفي رواية مسلم: (فسأل النبي صلى الله عليه وسلّم سعد بن معاذ فقال: يا أبا عمرو ما شأن ثابت اشتكى؟ فقال سعد: إنه كان لجاري وما علمت له بشكوى)، وهذا يدل على مدى حب النبي صلى الله عليه وسلّم لأصحابه واعتنائه بهم، كما يدل على أن تَفَقُّدُ الغائب والسؤال عنه سُنَّة نبوية، وخُلُقٌ نبوي كريم
    ، ربَّى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عليه بقوله وفعله.

    فضل ثابت بن قيس رضي الله عنه:


    ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه كان خطيب الأنصار، وكان جهير الصوت، خاف على نفسه خوفاً شدياً أن يكون صوته علا فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون ممن قال الله عنهم {أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ}(الحجرات:2)، فاعتزل الناس وجلس في بيته منكس الرأس،
    قال راوي الحديث: (فوجده جالسا في بيته منكّسا رأسه)، وفي ذلك تعظيمه لأوامر الله عز وجل ونواهيه، وعظيم حبه وأدبه مع النبي صلى الله عليه وسلم، وشدة خوفه أن يكون عمله قد حبط، مع أن هذه الآية إنما نزلت في حق من يرفعون أصواتهم فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلّم من غير قصد سوء الأدب معه،
    قال القرطبي في تفسيره لهذه الآية: "وليس الغرض برفع الصوت ولا الجهر ما يُقصد به الاستخفاف والاستهانة، لأن ذلك كفر، والمخاطبون مؤمنون".. وفي هذا الموقف من السيرة النبوية فضل عظيم لثابت رضي الله عنه، فقد بشره النبي صلى الله عليه وسلم بأنه من أهل الجنة، لقوله صلى الله عليه وسلم: (اذهب إليه فقل له: إنك لست من أهل النار، ولكن من أهل الجنة).

    عدم رفع الصوت فوق صوت النبيصل الله عليه وسلم:


    محبة النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيره من أفضل شعب الإيمان، ومن أجلِّ أعمال القلوب، ومن حقه صلى الله عليه وسلم علينا أن نحقق محبته اعتقاداً وقولاً وعملاً، ونقدمها على محبة النفس والولد والوالد والناس أجمعين،
    ومن صور هذه المحبة :
    عدم رفع صوتنا فوق صوته ـ حيا وميتا ـ، قال القاضي أبو بكر بن العربي: "حُرْمة النبي صلى الله عليه وسلم ميتاً كحرمته حياً، وكلامه المأثور بعد موته في الرقعة مثال كلامه المسموع من لفظه، فإذا قرئ كلامه، وجب على كل حاضر ألا يرفع صوته عليه، ولا يُعرض عنه، كما كان يلزمه ذلك في مجلسه عند تلفظه به".
    وقال ابن عطية في تفسيره لهذه الآية: "وكره العلماء رفع الصوت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم".
    وقد سُئِل الشيخ ابن عثيمين: هل يشمل عدم رفع الصوت عند النبي صلى الله عليه وسلم ،عدم رفعه عنده بعد موته، أي: عند قبره؟،
    فأجاب: "رفع الصوت عند قبر الرسول عليه الصلاة والسلام يدخل في قوله تعالى -
    {وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ}(الحجرات:2)، وإن كُنّا لا نخاطبه لكن لا يليق أن ترتفع الأصوات عند قبره،
    ولهذا لما سمع عمر رضي الله عنه رجلين من الطائف يرفعان أصواتهما عند قبر النبي عليه الصلاة والسلام، سألهما وقال: "أتعلمان أين أنتما؟ ثم قال: من أي بلد أنتما؟ قالا: من الطائف، قال: لو كنتما من هذا البلد لفعلت كذا وكذا"، فدل هذا على أن من تمام الأدب ألا يرفع الإنسان صوته عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم".
    واعلم أن حرمة النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته، وتوقيره وتعظيمه، لازم كما كان حال حياته، وذلك عند ذكره صلى الله عليه وسلم، وذكر حديثه وسنته وسماع اسمه وسيرته، وتعظيم أهل بيته وصحابته".

    لا يُتصور ممن يحب النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن تنطلق جوارحه بطاعته واتباعه، واتخاذه قدوة وأسوة،
    قال الله تعالى - {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}(آل عمران:31)،
    وقال سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}(الأحزاب: 21)،
    كما لا يتصور ممن يحب النبي صلى الله عليه وسلم إلا الأدب معه، والذي من صوره ومظاهره خفض الصوت عنده،
    كما قال الله تعالى - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ}(الحجرات:2)،
    وهذا ما ظهر في موقف ثابت بن قيس رضي الله عنه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم،
    وفي موقف عمر رضي الله عنه مع الرجلين اللذين رفعا أصواتهما في المسجد النبوي وكان ذلك بعد وفاته صلوات الله وسلامه عليه..
    قال ابن القيم في مدارج السالكين: "ومن الأدب معه صلى الله عليه وسلم: أن لا تُرفع الأصوات فوق صوته فإنه سبب لحبوط الأعمال، فما الظن برفع الآراء ونتائج الأفكار على سنته وما جاء به؟!، أترى ذلك موجباً لقبول الأعمال، ورفع الصوت فوق صوته موجباً لح

    (*)(*)(*)(*)(*)(*)(*)(*)(*)(*)(*)(*)(*)(*)(*)(*)(*)(*)(*)(*)

    (*) أختصاص نبينا صلى الله عليه وسلم في أمته أنهم أكثر أهل الجنة (*)


    أمة النبي صلى الله عليه وسلم وإن تأخر وجودها في الدنيا عن الأمم الماضية، فهي سابقة لها في الآخرة منزلة وفضلا،
    فقد اختص الله تبارك وتعالى الأمة المحمدية بخصائص كثيرة لم تُعْطهَا غيرها من الأمم، وفي ذلك تكريم لنبيها صلى الله عليه وسلم،
    قال الله تعالى - {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} (آل عمران: 110)،
    قال ابن كثير: "يُخْبِر تعالى عن هذه الأمة المحمدية بأنهم خير الأمم"، وعن معاوية بن حيدة القشيري رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول في قوله تعالى - {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}
    قال: إنكم تتمون سبعين أمة، أنتم خيرها وأكرمها على الله) رواه الترمذي وحسنه الألباني.

    ومما اختُص به نبينا صلى الله عليه وسلم في أمته أنهم أكثر أهل الجنة مقارنة بالمشركين، لقوله صلى الله عليه وسلم: (وما أنتم في أهل الشرك إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأبيض) رواه مسلم،
    وعن بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أهل الجنة عشرون ومائة صف، ثمانون منها من هذه الأمة، وأربعون من سائر الأمم) رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
    وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنّة؟ قلنا: نعم، قال: أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنّة؟ قلنا: نعم، قال: أترضون أن تكونوا شطر أهل الجنّة؟ قلنا: نعم، قال: والّذي نفس محمّد بيده إنّي لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنّة، وذلك أنّ الجنّة لا يدخلها إلّا نفس مسلمة، وما أنتم في أهل الشّرك إلّا كالشّعرة البيضاء في جلد الثّور الأسود، أو كالشّعرة السّوداء في جلد الثّور الأحمر) رواه البخاري.
    وفي رواية مسلم: (أما ترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟ قال: فكبَّرنا، ثم قال: أما ترضونَ أن تكونوا ثلث أهل الجنة؟ قال: فكبَّرنا، ثم قال: إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة، وسأخبرُكم عن ذلك، ما المسلمونَ في الكفار إلا كشعرةٍ بيضاءَ في ثورٍ أسود، أو كشعرةٍ سوداء في ثورٍ أبيض
    قال ابن التين: "أطلق الشعرة وليس المراد حقيقة الوحدة، لأنه لا يكون ثور في جلده شعرة واحدة من غير لونه".

    فضْلُ الله تعالى على أمتنا عظيم، إذ جعلها نصف أهل الجنة، وفي بعض الروايات في غير الصحيحين ثلثي أهل الجنة، وهي في المقام الأول خصوصية وتكريم لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم في أمته،
    ففي حديث الشفاعة المشهور: (.. فيقال: يا محمد ارفع رأسك، وقل يُسمع لك، وسَلْ تعطه، واشفع تشفع، فأقول: يا رب ائذن لي فيمن قال لا إله إلا الله، فيقول: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال لا إله إلا الله) رواه البخاري.
    وفي رواية أخرى يقول الله عز وجل : (يا جبريل! اذهبْ إلى محمدٍ فقلْ: إنَّا سنُرضيكَ في أُمَّتكَ ولا نَسُوءُك) رواه مسلم.

    وفي بشارة النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه وأمته من بعدهم ـ بأنهم نصف أو ثلثي أهل الجنة ـ إظهار لمدى حبه وشفقته ورحمته صلى الله عليه وسلم بهم،
    وقد قال الله تعالى عنه صلى الله عليه وسلم - {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (التوبة:128)،
    وهو القائل صلى الله عليه وسلم في حرصه وحبه لأصحابه وأمته: (أصحابي أصحابي)
    رواه البخاري، (أمتي يا رب، أمتي يا رب) رواه البخاري.

    وقد بشر النبيّ صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنهم بصيغة الاستفهام مرتين وثلاثة وذلك لإرادة تقرير البشارة، (أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنّة؟ قلنا: نعم، قال: أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنّة؟ قلنا: نعم، قال: أترضون أن تكونوا شطر أهل الجنّة؟ قلنا: نعم)، فلم يُبَشِّرِهم ويخبرهم أنهم نصف أهل الجنة ابتداءً، لأن التدريج أوقع فى النفس وأبلغ فى الإكرام، ولأن الإعطاء مرةً بعد أخرى دليل الاعتناء بالمُعْطَى، ولتتكرر منهم عبادة الشكر ويزداد سرورهم وفرحهم،
    قال النووي: "أما تكبيرهم فلسرورهم بهذه البشارة العظيمة، وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ربع أهل الجنة، ثم ثلث أهل الجنة، ثم الشطر، ولم يقل أولاً شطر أهل الجنة فلفائدة حسنة، وفي أن ذلك أوقع في نفوسهم وأبلغ في إكرامهم، فإن إعطاء الإنسان مرة بعد أخرى دليل على الاعتناء به ودوام ملاحظته، وفيه فائدة أخرى هي تكريره البشارة مرة بعد أخرى، وفيه أيضا حملهم على تجديد شكر الله تعالى وتكبيره وحمده على كثرة نعمه، والله أعلم. ثم إنه وقع في هذا الحديث: شطر أهل الجنة،
    وفي الرواية الأخرى: نصف أهل الجنة، وقد ثبت في الحديث الآخر: أن أهل الجنة عشرون ومائة صف، هذه الأمة منها ثمانون صفاً، فهذا دليل على أنهم يكونون ثلثي أهل الجنة، فيكون النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أولاً بحديث الشطر، ثم تفضل الله سبحانه بالزيادة فأعلم بحديث الصفوف،
    فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك، ولهذا نظائر كثيرة في الحديث معروفة".

    فائدة:

    لا حرج في تكبير المسلم عند سماعه ما يُفْرِحُه خاصةً في أمور الدين، لما ورد في رواية مسلم: (أما ترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟ قال: فكبّرنا)، ففي ذلك دلالة على مشروعية التكبير عند رؤية الشيء المُسْتَحْسَن، أو عند التعجب من أمْرٍ ما، وأنه لا حرج على من يفعل ذلك،
    قال العيني: "(فكبَّرنا) أي: فعظَّمنا ذلك، أو قلنا: الله أكبر، سروراً بهذه البشارة"، وقد بوب البخاري في صحيحه باباً بقوله: "باب التكبير والتسبيح عند التعجب".
    وقال ابن بطال في شرحه لصحيح البخاري:" التكبير والتسبيح معناهما تعظيم الله وتنزيهه من السوء، واستعماله عند التعجب واستعظام الأمور حسن،
    وفيه تمرين اللسان على ذكر الله، وذلك من أفضل الأعمال".
    وعلق ابن حجر في فتح الباري على كلام ابن بطال بقوله: "وهذا توجيه جيد، كأن البخاري رمز إلى الرد على مَنْ منع من ذلك".

    (&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&)

    (** خصوصيات الرسول صلى الله عليه وسلم **)


    (*)-- أختصاص الله عز وجل له صل الله عليه وسلم أن أصطفاه من بين خلقه --(*)


    فضَّل الله تعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم على جميع الخلق، فهو سيد ولد آدم، وهو خاتم الأنبياء وإمامهم،
    قال الله تعالى - {اللهُ يَصْطَفِي مِنَ المَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} (الحج:75)،
    وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله اصطفى كِنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشاً من كنانة، واصطفى بني هاشم من قريش، واصطفاني من بني هاشم) رواه مسلم،
    وقال صلى الله عليه وسلم: (أنا سيد ولد آدم ولا فخر، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع، وأول مشفع) رواه مسلم.
    ولا نجاة لأحدٍ كائناً مَنْ كان إلا بالإيمان به صلوات الله وسلامه عليه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (والذي نفس محمدٍ بيده، لا يسمع بي أحدٌ مِن هذه الأمةِ يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ، ثم يموت ولم يُؤْمِنْ بالذي أُرْسِلْتُ به، إلا كان مِن أصحاب النار) رواه مسلم.

    ومن المعلوم أن الله أوجب علينا حقوقاً كثيرة، ومن أهم هذه الحقوق ـ بعد حق الله تعالى ـ حق رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، الذي وردت في شأنه نصوص كثيرة في كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وهذه الحقوق كثيرة، نذكر منها:
    الإيمان به ومحبته :
    من حقه صلى الله عليه وسلم علينا أن نؤمن به، ونشهد أنه رسول الله حقاً،
    قال الله تعالى - {فَآَمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (التغابن- ثمانيه)،
    وقال تعالى - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ} (الحديد:28)، ومما يترتب على الإيمان به صلى الله عليه وسلم، ومعرفة فضله ومنزلته، والاطلاع على شمائله وأخلاقه ومعجزاته:
    امتلاء القلب بمحبته، وأن نحقق هذه المحبة اعتقاداً وقولاً وعملاً، ونقدمها على محبة النفس والولد والناس أجمعين،
    قال الله تعالى - {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (التوبة:24).
    قال القاضي عياض معقباً على هذه الآية: "فكفى بهذا حضاً وتنبيهاً ودلالة وحجة على إلزام محبته، ووجوب فرضها، وعظم خطرها،
    واستحقاقه لها صلى الله عليه وسلم، إذ قرَّع سبحانه من كان ماله وأهله وولده أحب إليه من الله ورسوله، وأوعدهم بقوله تعالى - {فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ}، ثم فسَّقهم بتمام الآية، وأعلمهم أنهم ممن ضل، ولم يهده الله".
    وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين) رواه البخاري.

    الأدب معه :

    وذلك بتعزيره وتوقيره، وعدم رفع الصوت على صوته، كما قال الله تعالى - {لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} (الفتح:9)،
    قال ابن كثير: "قال ابن عباس وغير واحد: يعظموه، {وَتُوَقِّرُوهُ} من التوقير وهو الاحترام والإجلال والإعظام"،
    وقال السعدي:" {وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} أي: تعزروا الرسول صلى الله عليه وسلم وتوقروه أي: تعظموه وتُجِّلوه، وتقوموا بحقوقه، كما كانت له المنة العظيمة برقابكم".
    وقال ابن تيمية: "ومن ذلك: أن الله أمر بتعزيره وتوقيره فقال - {وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} (الفتح:9)، و(التعزير) اسم جامع لنصره وتأييده ومنعه من كل ما يؤذيه، و(التوقير) اسم جامع لكل ما فيه سكينة وطمأنينة من الإجلال والإكرام، وأن يُعامَل من التشريف والتكريم والتعظيم بما يصونه عن كل ما يخرجه عن حد الوقار".

    قال ابن القيم: "رأس الأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم كمال التسليم له، والانقياد لأمره، وتلقي خبره بالقبول والتصديق، دون أن يُحَمِّله معارضة بخيال باطل يسميه معقولاً، أو يحمله شبهة أو شكاً، أو يقدم عليه آراء الرجال".
    ومن المعلوم أن حرمة النبي صلى الله عليه وسلم وهو ميت كحرمته وهو حي، والأدب معه بعد موته يلزم المسلم كالأدب معه وهو حي،
    قال القاضي عياضي: "واعلم أن حرمة النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته وتوقيره وتعظيمه لازم كما كان حال حياته".

    عدم ذكر اسمه مُجَرداً، أو رفع الصوت فوق صوته :

    من حق النبي صلى الله عليه وسلم علينا ألا نذكر باسمه مجرداً، بل نذكره بوصف النبوة والرسالة، فلا يقال: محمد، ولكن: نبي الله، أو الرسول، ونحو ذلك .
    . وهذه خصوصية للنبي صلى الله عليه وسلم دون إخوانه من الأنبياء، فلم يخاطبه الله تعالى ـ قَط ـ باسمه مجرداً،
    وحين قال الله تعالى - {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} (الأحزاب:40)، قال بعدها - {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (الأحزاب:40).
    وقال تعالى - {لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً} (النور:63)،
    قال ابن كثير: "قال الضحاك عن ابن عباس: كانوا يقولون: يا محمد، يا أبا القاسم، فنهاهم الله عز وجل عن ذلك؛ إعظاماً لنبيه صلى الله وسلم عليه، فقالوا: يا رسول الله، يا نبي الله".
    وقال قتادة: "أمر الله أن يُهاب نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن يُبَجَّل، وأن يعظَّم، وأن يُسَوّد".

    أما عدم رفع الصوت على صوته فلقول الله تعالى - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} (الحجرات:2)،
    قال ابن كثير: "هذا أدب ثان أدب الله به المؤمنين ألا يرفعوا أصواتهم بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم (فوق صوته)"،
    وقال الشنقيطي: "وهذه الآية الكريمة علَّم الله فيها المؤمنين أن يُعَظِّموا النبيَّ صلى الله عليه وسلم ويحترموه ويوقروه، فنهاهم عن رفع أصواتهم فوق صوته، وعن أن يجهروا له بالقول كجهر بعضهم لبعض، أي ينادونه باسمه: يا محمد، يا أحمد، كما ينادي بعضهم بعضاً، وإنما أمروا أن يخاطبوه خطاباً يليق بمقامه ليس كخطاب بعضهم لبعض"،
    وقال ابن القيم: "ومن الأدب معه صلى الله عليه وسلم: أن لا ترفع الأصوات فوق صوته، فإنه سبب لحبوط الأعمال، فما الظن برفع الآراء ونتائج الأفكار على سنته وما جاء به؟! أترى ذلك موجباً لقبول الأعمال، ورفع الصوت فوق صوته موجباً لحبوطها؟! ".

    طاعته وعدم معصيته :

    من الحقوق الهامة للنبي صلى الله عليه وسلم: اتباعه وطاعته، وعدم معصيته ومخالفة أمره، وقد كثرت النصوص في ذلك،
    قال الله تعالى - {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} (الأحزاب:21)،
    وقال تعالى - {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (الحشر:7)،
    وقال تعالى - {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (النور:63).
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله) رواه البخاري،
    وقال صلى الله عليه وسلم: (كل الناس يدخل الجنة إلا من أبَىَ، قالوا: يا رسول الله! ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبَى) رواه البخاري.
    قال القاضي عياض: "اعلم أن من أحب شيئاً آثره وآثر موافقته، وإلا لم يكن صادقاً في حبه، وكان مدّعياً، فالصادق في حب النبي صلى الله عليه وسلم من تظهر علامة ذلك عليه، وأولها الاقتداء به، واستعمال سنته، واتباع أقواله وأفعاله، والتأدب بآدابه في عسره ويسره، ومنشطه ومكرهه".

    الصلاة عليه :
    من حقوق نبينا صلى الله عليه وسلم علينا الصلاة عليه، قال الله تعالى - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (الأحزاب:56)،
    وقال صلى الله عليه وسلم: (ما جَلَس قومٌ مجلساً لم يذكروا الله فيه، ولم يصلّوا على نبيهم إلا كان عليهم تِرَة (حسرة وندامة)، فإن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم) رواه الترمذي وصححه الألباني.

    إنزاله مكانته صلّى الله عليه وسلّم بلا غلو ولا تقصير :

    لا شك أن نبينا صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء والمرسلين, وهو سيد الأولين والآخرين, وصاحب المقام المحمود، والحوض المورود, ومع علو منزلته وحبنا له فمن حقه علينا صلوات الله وسلامه عليه ألا نغالي فيه، ولا نرفعه فوق منزلة النبوة التي رفعه الله لها، فهو عبد لله ورسوله, وهو بشر لا يعلم الغيب، ولا يملك لنفسه ولا لغيره ضراً ولا نفعاً،
    قال الله تعالى - {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللهِ وَلَا أَعْلَمُ الغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} (الأنعام:50)،
    وقال تعالى - {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (الأعراف:188).
    وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الهَ عليه وسلم قال: (لا تُطْروني (تبالغوا في مدحي) كما أطْرَتِ النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبدُه، فقولوا: عبد الله ورسوله) رواه البخاري.

    ()()()()()()()()()()()()()()()()()()()()()()()()()()()()

    لا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع


      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 10:24 am