بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام علي سيد المرسلين سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم
هدي المصطفي صل الله عليه وسلم في التعامل مع المنافقين
النفاق انحراف خُلُقي خطير في حياة الفرد وفي حياة الأمم .
وتبدو خطورته الكبيرة حينما نلاحظ أنه يَدخُل في الدِّين أعظم القِيَم في الحياة، وحينما نلاحظ أيضًا آثاره على الحركات الإصلاحية الخيّرة؛ إِذْ يقوم بعمليات الهدم الشنيع من الداخل وصاحبه آمن مستأمن لا تراقبه الأعين .ولا تحسب حسابًا لمكره ومكايده ؛
لأجل ذلك وجدنا القرآن الكريم يُولي هذه الفئة من الناس أهمية خاصّة،
فيعمل على فضح سرائرهم وكشف نواياهم وإبراز مساوئهم وصفاتهم حتى تتضح صورتهم وتتبدّى فعالهم وصفاتهم، فلا يغترّ المؤمنون بهم وبما يُظهرون به من مسالك وأعمال.
والقرآن الكريم لا يكتفي بوصف الجانب الظاهري من سلوك المنافقين في المجتمع المسلم،
بل يتوغّل إلى أعماق نفوسهم ليصفها وصفًا دقيقًا ويجليها كأنها صورة مجسّدة يعرضها أمام كلّ ذي عينين.
ماذا قال القرآن الكريم عن المنافقين . ؟
إنّ الذي يبدو مِن تتبعِ نصوص القرآن الكريم، أنّ هناك نوعين من النفاق؛ أحدهما هو النفاق الأصلي، والثاني هو النفاق الطارئ، «فقد تدفع المصلحة الدنيوية بعض الناس إلى أن يتظاهر بالانتساب إلى الإسلام، وهو غير مؤمن به من قلبه، فيكون منافقًا منذ الفترة الأولى لإعلانه الإسلام، ثم يستمر على نفاقه، فهذا هو النفاق الأصلي الذي لم يُسبق بإسلام صحيح.
وقد يعلن بعض الناس إسلامهم وهم صادقون غير كاذبين، ثم يطرأ الشك على قلوبهم بعد تعرّضهم لامتحانات مختلفة يمتحن اللهُ بها صدق إيمانهم، فيرتدّون عن الإسلام ارتدادًا داخليًّا ويخشون إعلان رِدَّتهم، ويستمرون على التظاهر بالإسلام؛ مخافةَ إجراء أحكام الردّة عليهم، أو مخافةَ فوات منافع أو مصالح تأتيهم بوصفهم مسلمين،
ومن ذلك خسارتهم مكانتهم في مجتمعهم وتعرّضهم للذم والنقد والتلويم، إلى غير ذلك من صور الضغط الاجتماعي،
فهذا هو النفاق الطارئ الذي طرأ بعد إسلام صحيح»، ولكن الذي يلاحَظ أيضًا أنّ القرآن الكريم، حين تحدّث عن المنافقين وعرّى مساوئهم وفضح نيّاتهم وأفعالهم وكشف كذبهم وخداعهم؛ لم يهتمّ بإبراز الفرق بين الفئتين لأنّ النتيجة في النهاية واحدة، ولا فرق بينهما من حيث ما تؤديه كلّ واحدة منهما من دور في هدم وتخريب الكيان الاجتماعي للأمة؛ لذلك فنحن سنتناول حديث القرآن عن شخصية المنافق دون ملاحظة هذا الفرق بين هاتين الفئتين.
شخصية مريضة منهكة:
لأول وهلة، تبدو شخصية المنافق -في القرآن الكريم- شخصية مريضة، تنهك كيانها الأوبئة والأمراض، حتى لتكاد تشرف على الانهيار. وأمراض النفوس أشد خطرًا وأكثر استعصاء من أمراض الأبدان، فمرض البدن ممكن التشخيص وميسور العلاج، مهما كانت خطورته ومهما عظمت مفسدته، بعكس حال مرض النفس أو القلب، فإنه لا يبين، بل يستعصي أمر الاطلاع عليه وإدراكه حتى على من يُصاب به، فالإنسان من عادته أن ينسى مراجعة نفسه ليعرف ما ألمّ بها من أدران، فتظلّ هذه الأدران تعلق بها وتغطِّي عليها حتى تسدّ أمامه منافذ الرؤية ووسائل الإدراك، فلا تعود تدرك شيئًا مما يلمّ بها أو يطرأ عليها من أمراض نفسية خطيرة وفتّاكة. والنفاق مرض من هذا القبيل، بل هو أخطر الأمراض التي من هذا القبيل، إنه مرض يمتد ليتغلغل في أعمق أعماق النفس البشرية، فيسوقها إلى المهالك والحتوف.
وقد وصف الله -عز وجل- المنافقين، فقال : ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا﴾ [البقرة: 10]، قال البغوي : «﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾: شكّ ونفاق. وأصل المرض الضعف؛ سمّى الشكّ في الدنيا مرضًا لأنه يضعف الدِّين كالمرض يضعف البدن».
نعم، وأيّ مرض أعظم من أن تنفصم شخصية الإنسان إلى شخصيتين اثنتين تعمل إحداهما على النقيض تمامًا مما تعمله الأخرى، فيغدو الإنسان وكأنه مكوّن من كيانين اثنين أحدهما يعاكس الآخر ويناقضه، ترى كيف يمكنه أن يعيش حياته في ظلّ هذا التناقض الذي يحسّه من ذاته ويدركه من نفسه؟ ومرض المنافق يتمثّل في ذلك العذاب الذي يجده في نفسه؛ فهو يتعذب لأنه خائف جبان، وهو يتعذب لأنه يخشى انكشاف المستور من أمره وافتضاح خبيئة نفسه، وهو يتعذّب لأنه طمّاع يخشى الحرمان، وهو يتعذّب لأنه دائب في مخالفة فطرته بتلفيق الأكاذيب والاستمرار في جحود الحقّ، وكلّ هذه الأنواع من العذاب تفجِّر في نفس المنافق أشنع أنواع المعاناة في الضمير وأقسى ضروب الآلام في النفس والوجدان.
والحقيقة في شأن النفاق، أنه ليس مرضًا واحدًا، بل إنه جملة أمراض، كلّ منها يمارس تأثيره في نفس الإنسان، بما يسوقها إلى حافة الضياع والانهيار،
وكلّ واحد من هذه الأمراض يكفي وحده أن يردِي الإنسان في الحتوف والمهالك في الدنيا والآخرة، فكيف بها إذا اجتمعت كلّها في كيان واحد في آن واحد، لتمارس تأثيرها وتخريبها كلّها في ذات الكيان،
وفي ذات الآن. إنّ العقل المؤمن ليقف حائرًا مشدوهًا، بل إنّ حيرته هذه لتزداد إذا عرف بعد ذلك أن المنافق -مع كلّ هذه الأمراض التي تنخر كيانه- مِن نفسه في عجب، يراها سليمة معافاة، بل إنه -بدل أن يتهمها ويعمل على إصلاحها- لَيذهب في الانسياق وراء أهوائها وشهواتها إلى أبعد الحدود، بالغًا معها أقصى ما يمكن أن تبلغه من آماد، مدّعيًا أنه على حقّ وصواب، وعلى رشد من أمره.
إنّ المنافق ليظنّ في نفسه الذكاء والدهاء والقدرة على خداع البسطاء من المؤمنين، وهو في الحقيقة إنما يخدع نفسه، كما قال تعالى : ﴿ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾ [البقرة: 9]؛
«فالمنافقون مِن الغفلة بحيث لا يَخدعون إلا أنفسهم في غير شعور، إن الله بخداعهم عليمٌ، والمؤمنون في كنف الله، فهو حافظهم من هذا الخداع اللئيم» .
﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 13]؛
«فلو كشفوا عن حقيقة الأمر لعلموا أنهم هم السفهاء، ناقصو العقل، قليلو التفكير؛ لأنهم بما يسلكون يدفعون بأنفسهم إلى مواقع الآلام المعجلة والشقاء الأبدي، ومَن أكثر سفاهةً ممن يفعل بنفسه ذلك؟ وهذه الظاهرة ملاحظة في كلّ الذين لا يكترثون بالدِّين، ولا يقيمون له في نفوسهم وزنًا، إنهم يتصوّرون أن المتدينين ضعفاء العقول ناقصو التفكير تؤثّر عليهم الأوهام وتستولي عليهم الخرافات، ولدى التمحيص نلاحظ أن الذين لا يؤمنون يظلّ الشك والتخوف يملأ قلوبهم قلقًا واضطرابًا، فهم السفهاء ناقصو العقل، وإن كانوا في أعمال الخبث والمكر والكيد أذكياء؛ فذكاء المجرم لا قيمة له في ميزان العقل الصحيح،
ومن أجل ذلك وصفهم اللهُ بأنهم هم السفهاء لا المؤمنون، وأعاد عليهم الوصف الذي وصفوا به المؤمنين»
إنّ شخصية المنافق تنطوي على جملة من المواصفات الخبيثة والأخلاقيات الخسيسة ركم بعضها فوق بعض، واجتمعت كلّها لتتضافر في شخصية المنافق ولتفرز بعد ذلك جملة من السلوكات الخبيثة التي يتحرّك بها المنافق في واقع المجتمع وعلى مسرح الحياة.
من هذه المواصفات والرذائل؛ صفة التردّد والتذبذب، فالمنافقون لا يمتلكون شخصيات هادئة رزينة مستقرة، ولا يتوفّرون على الشجاعة الكافية التي تتيح لهم اتخاذ المواقف الحاسمة دون النظر إلى رضا غيرهم أو سخطه، وإنما ينطلقون في كلّ سلوك مِن مراعاةٍ لمواقف غيرهم منهم؛ ولذلك فهم أحيانًا مع المؤمنين، وفي أحيان أخرى مع الكافرين، يميلون حيث مالت بهم نفوسهم وأهواؤهم : ﴿ الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النساء: 141]،
﴿ مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ ﴾ [النساء: 143]؛ إنهم «ليسوا من المؤمنين فيجب لهم ما يجب للمؤمنين، وليسوا من الكفار فيؤخذ منهم ما يؤخذ من الكفار».
وقد صوّر النبي -عليه الصلاة السلام- هذه الحال الشاذة التي يلتبس بها المنافقون، فقال : (مَثل المنافق كمَثل الشاة العائرة بين الغنمين، تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة )،
وهذا التذبذب هو الذي جعلهم يهربون من القيام بواجب الجهاد في سبيل الله مع المؤمنين،
وارتضوا أن يقعدوا مع الخوالف: ﴿ إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ ﴾ [التوبة: 45]،
والتذبذب في شخصية المنافق وهروبه من الجهاد يفضي به إلى الالتباس بالذلّ والمسكنة والخوف من الموت : ﴿ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ ﴾ [محمد: 20]،
فهم رغم صلابة أجسادهم وضخامة جثثهم خائفون مترقبون، يكاد يقتلهم الرعب : ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ﴾ [المنافقون: 4].
ولأنّ المنافقين مذبذبون وخائفون فهم أسرع ما يكونون إلى بثّ الفتنة وإثارة البلبلة في صفوف المؤمنين المخلصين :
﴿ لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ ﴾ [التوبة: 47- 48].
إنهم يبغضون المؤمنين ويمقتونهم، ولا يتردّدون في خيانتهم كلّما سنحت الفرصة : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * هَاأَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ ﴾ [آل عمران: 118- 119].
ولا تتوقف خيانتهم عند بث الفتنة في الصف، ولكنها تمتد إلى الشماتة بالمؤمنين والتشفِّي فيهم إذا ما مسّهم سوء :
﴿ إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا﴾ [آل عمران: 120]،
﴿ وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا * وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 72- 73]،
والفوز هنا هو الفوز الدنيوي المرتبط بتحصيل الغنائم والافتخار بالبطولة، وليس هو الفوز الأخروي المتمثّل في الحصول على أجر المجاهد في سبيل الله، فالمنافقون لا يؤمنون بهذا ولا ينظرون إليه بأدنى اعتبار.
إنّ شخصية المنافق تنطوي على جملة من المواصفات الخبيثة والأخلاقيات الخسيسة ركم بعضها فوق بعض، واجتمعت كلّها لتتضافر في شخصية المنافق ولتفرز بعد ذلك جملة من السلوكات الخبيثة التي يتحرّك بها المنافق في واقع المجتمع وعلى مسرح الحياة.
من هذه المواصفات والرذائل؛ صفة التردّد والتذبذب، فالمنافقون لا يمتلكون شخصيات هادئة رزينة مستقرة، ولا يتوفّرون على الشجاعة الكافية التي تتيح لهم اتخاذ المواقف الحاسمة دون النظر إلى رضا غيرهم أو سخطه، وإنما ينطلقون في كلّ سلوك مِن مراعاةٍ لمواقف غيرهم منهم؛ ولذلك فهم أحيانًا مع المؤمنين، وفي أحيان أخرى مع الكافرين، يميلون حيث مالت بهم نفوسهم وأهواؤهم : ﴿ الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النساء: 141]،
﴿ مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ ﴾ [النساء: 143]؛ إنهم «ليسوا من المؤمنين فيجب لهم ما يجب للمؤمنين، وليسوا من الكفار فيؤخذ منهم ما يؤخذ من الكفار».
وقد صوّر النبي -عليه الصلاة السلام- هذه الحال الشاذة التي يلتبس بها المنافقون، فقال: (مَثل المنافق كمَثل الشاة العائرة بين الغنمين، تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة)،
وهذا التذبذب هو الذي جعلهم يهربون من القيام بواجب الجهاد في سبيل الله مع المؤمنين، وارتضوا أن يقعدوا مع الخوالف :
﴿ إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ﴾ [التوبة: 45]،
والتذبذب في شخصية المنافق وهروبه من الجهاد يفضي به إلى الالتباس بالذلّ والمسكنة والخوف من الموت :
﴿فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ﴾ [محمد: 20]،
فهم رغم صلابة أجسادهم وضخامة جثثهم خائفون مترقبون، يكاد يقتلهم الرعب: ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ﴾ ون: .
ولأنّ المنافقين مذبذبون وخائفون فهم أسرع ما يكونون إلى بثّ الفتنة وإثارة البلبلة في صفوف المؤمنين المخلصين :
﴿[color=#006600] لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ﴾ [التوبة: 47- 48].
إنهم يبغضون المؤمنين ويمقتونهم، ولا يتردّدون في خيانتهم كلّما سنحت الفرصة : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * هَاأَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ ﴾ [آل عمران: 118- 119].
ولا تتوقف خيانتهم عند بث الفتنة في الصف، ولكنها تمتد إلى الشماتة بالمؤمنين والتشفِّي فيهم إذا ما مسّهم سوء :
﴿ إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا﴾ [آل عمران: 120]،
﴿ وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا * وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 72- 73]،
والفوز هنا هو الفوز الدنيوي المرتبط بتحصيل الغنائم والافتخار بالبطولة، وليس هو الفوز الأخروي المتمثّل في الحصول على أجر المجاهد في سبيل الله، فالمنافقون لا يؤمنون بهذا ولا ينظرون إليه بأدنى اعتبار.
أمّا الفريق الثاني: فقد ضرب الله له المثل في قوله : ﴿ أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ...﴾ [البقرة: 19]،
وهو الذي بقي له بصيص من النور، فله نظرات ترمي إلى ما بين يديه من الهداية أحيانًا، ولمعاني التنزيل، يسطع على نفسه الفينة بعد الفينة، ويأتلق في نظره الحين بعد الحين، عندما تحركه الفطرة، أو تدفعه الحوادث للنظر فيما بين يديه، ولكنه من التقاليد والبدع في ظلمات حوالك،
ومن الخبط فيها على حال لا تخلو من المهالك، وهو في تخبطه يسمع قوارع الإنذار الإلهي ويبرق في عينيه نور الهداية، فإذا أضاء له ذلك البرق السماوي سار، وإذا انصرف عنه بِشُبَهِ الضلالات الغرّارة قام وتحيّر لا يدري أين يذهب. ثم إنه ليُعرِض عن سماعِ نُذُرِ الكتاب ودعاة الحقّ، كمن يضع إصبعيه في أذنيه حتى لا يسمع إرشاد المرشد ولا نصح الناصح، يخاف مِن تلك القوارع تقتله، ومِن صواعق النُّذُر أن تهلكه».
مرض مكتسب:
شخصية المنافق -إذن- شخصية مريضة منحلّة ضيّقة الأفق، مسدودة في وجهها مسالك الوعي والإدراك البصير، بل إنّ مرضها ليَكاد يستحيل على العلاج.
وسبب ذلك، ليس ظلمًا من الله -عز وجل- أو من الناس، إنه ظلم ذاتي ألحقه المنافق بنفسه، وهو وحده يتحمل مسؤوليته،
ويلقَى جزاءه علقمًا في الدنيا وجحيمًا في الآخرة. فكما أنّ مَن يتناول مِن الأطعمة والأشربة الضارَّ منها، ثم يلقَى نتيجةَ ذلك عنتًا ومرضًا وعِلّة مستديمة في كيانه كله أو في أيّ عضو من أعضاء جسده، كذلك الحال بالنسبة للمنافق، فهو قد وطَّن نفسه على أن يسلك في حياته مع خالقه، ومع ذاته، ومع من يحيط به من الناس
سلوكاتٍ تتناقض مع قناعاته، ويظهر بمظاهر ليست متوافقة مع حقيقة ما يبطن في داخله، ومعاكسته لنفسه -بهذا الشكل- هي التي قتلت فيها -شيئًا فشيئًا- المشاعر الإنسانية وأورثتها الذلّ والمرض والهوان.
فالمنافقون «لمّا سلكوا مسلك النفاق، وجعلوه خطة دائمة لهم، فتذبذبوا بين ظاهر الإيمان وباطن الكفر، وأتقنوا صناعة التلوّن بعدّة ألوان، واتخاذ عدة وجوه، ومهروا في ستر أنفسهم بالمظاهر الكاذبة من أقوال وأعمال؛ أكسبهم ذلك جرأة على الجريمة، وجرأة على تغطية الجريمة بحلف الأيمان الكاذبة الفاجرة حتى يظن مَن يشاهدونهم لأول مرة أنهم صادقون؛ لأنهم في أقوالهم الكاذبة وأيمانهم الفاجرة لا يتلجلجون، فالكذب صار خُلُقًا لهم، وبمثابة الأخلاق الفطرية، فتسبب لهم كلُّ ذلك بإغلاقِ منافذ قلوبهم المدركة وبإقفالِها، ثم الطبعِ عليها بالخاتم إشعارًا بعدم الإذن بجواز فتحها، فانطمست بصائرهم، فهم لا يفقهون الأمور، ولا يتدبرونها، ولا يتبصرون بالنتائج ولا بالعواقب الوخيمة للأعمال الفاسدة المفسدة»
. «فالمرض يُنشِئ المرض، والانحراف يبدأ يسيرًا ثم تنفرج الزاوية في كل خطوة وتزداد، سُنّة لا تتخلّف، سُنّة الله في الأشياء والأوضاع، وفي المشاعر والسلوك». ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ ﴾[المنافقون: 3]. أليس المنافقون قد درجوا على الإفساد والتخريب، ثم إذا ما أنكرَ عليهم منكِرٌ من المؤمنين ادّعوا أنهم مصلحون : ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ [البقرة: 11- 12]،
فهم مِن كثرة إصرارهم على معاكسة المؤمنين، اختلط عندهم الصلاح بالفساد، ولم يعودوا يشعرون أنهم يفسدون ولا يصلحون؛ ﴿ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ [التوبة: 107]،
وقد اقترن الإفساد في سلوك المنافقين -عادة- بالكذب في القول والتزوير في الدعاوى والأيمان، وإخلاف الوعود
﴿ لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ [التوبة: 42]،
﴿ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ [التوبة: 77].
وهم لم يكونوا يكذبون على المؤمنين فحسب، بل كانوا يكذبون حتى على أوليائهم من الكافرين : ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ ﴾ [الحشر: 11- 12]. وكيف ينصرونهم وهـم متذبذبون، متلبِّسون بالرعب والخوف من الموت؟ إنّ جُبنهم يحملهم على التفريط بأنفسهم ومصالحهم وأهلهم، فكيف يتصوّر أن ينصروا أولياءهم؟!
وإلى جانب الإفساد والكذب والخداع والتزوير، فالمنافقون يتكاسلون عن الصلاة ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [النساء: 142]، ﴿وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ﴾ [التوبة: 54].
ويتخلّون عن الجهاد مع النبي -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين ملتمسين في ذلك أقبح المعاذير ﴿ إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ * وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ * لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ ﴾ [التوبة: 45- 47]،
﴿ فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ﴾ [التوبة: 81].
يتبعون أهواءهم ولا يتبعون أمر الله : ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ﴾ [محمد: 16].
ويخلفون الوعد فلا يرعون عهدًا ولا يلقون بالًا للكلمة التي يلتزمون بها أمام غيرهم، لقد أخلفوا عهدهم مع الله فكيف لا يخلفونه مع الناس ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ [التوبة: 75- 77].
وكانوا يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف؛ مبالغةً في النكاية بالرسول -عليه الصلاة والسلام- وبالمؤمنين، وإمعانًا في الصدّ عن سبيل الله والدعوة إلى سبيل الشيطان والكافرين : ﴿ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [التوبة: 67].
ويمارسون المكر والاستغلال واستغفال المؤمنين : ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ ﴾ [التوبة: 58].
وهم يعتبرون المؤمنين سفهاءَ مخبولين، فيستهزئون بهم باعتبارهم مغفلين : ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ * وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [البقرة: 13- 15]،
﴿ يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ * وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ﴾ [التوبة: 64- 65]،
﴿ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [التوبة: 79].
ثم هم بعد ذلك يتكبّرون على الرسول وعلى المؤمنين ويترفّعون عليهم : ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ﴾ [المنافقون: 5].
جزاء من جنس العمل:
لذلك كلّه، طبعَ اللهُ على قلوبهم، وحكمَ عليهم بأنهم:
- ظالمون:
﴿ أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [النور: 50]، والظُّلْم ظُلُمات يتخبط فيها المنافق يوم القيامة، فلا يلقَى إلى النجاة من عذاب الله سبيلًا.
- وضالون:
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء: 60].
﴿ فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا﴾ [النساء: 88].
- وطاغون:
﴿ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [البقرة: 15]، والطغيان؛ مجاوزة الحد في العصيان. والعَمَه؛ عمى القلب وظلمة البصيرة، وأثره الحيرة والاضطراب.
- وفاسقون:
﴿ قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾ [التوبة: 53]،
﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [التوبة: 67]، و﴿ يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾ [التوبة: 96]،
ورتّب عليهم -لأجل ذلك كلّه- الهوان والخسران في الدنيا، والعذاب الأليم في الآخرة : ﴿ بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ [النساء: 138]، ﴿إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا﴾ [النساء: 140]،
﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ﴾ [النساء: 145]،
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ﴾ [التوبة: 68]،
﴿ وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ * وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ﴾ [التوبة: 84- 85]،
﴿ يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ﴾ [الحديد: 13].
كيف تعامل الرسول صل الله عليه وسلم مع المنافقين . ؟
كان الرسول صلى الله عليه وسلم، نذيرًا وبشيرًا للعالم أجمع، ولم يكن نذيرًا لأهل مكة وقريش وحدهم دون غيرهم، وعاش النبي والمسلمون في مكة دون أن يكون هناك أي نفاق لهم ممن حولهم لأنهم كانوا فقراء مستضعفين، والنفاق دائمًا ما يوجه لمن يمتلك مال أو قوة أو سلطة.
لذلك لم يظهر النفاق في مكة لم يكن هناك داع لذلك، وحتى بعد أن هاجر المسلمون من مكة إلى المدينة لم يظهر المنافقين، فقد كانوا لا يزالوا مهاجرين، والغريب على الأغلب ما يتسم بالضعف، فلا خوف منه ولا حاجة لنفاقه.
ولكن بعدما أصبح المسلمون يظهرون قوة، أولاً قوة عددية لزيادة الداخلين في الإسلام ، وقوة أيضاً كيفية واضحة في الحروب،
تبين شوكتهم، وأخيراً أصبح هناك مغانم من الحروب تزيدهم قوة بدأ يظهر النفاق،
وكان من عوامل وأسباب ظهور النفاق ما يلي:
بداية ظهور قوة المسلمين.
وجود أفراد من الأوس والخزرج يرغبون في العز والسطوة الذي يقدمهم لهم الإسلام.
وجود أصحاب ديانات سماوية أخرى مثل اليهود، المعروفين بمكرهم وخبثهم.
انتشار الإسلام، مما دعا إلى ترك الكثير من الناس لسادتهم وكبرائهم والالتفاف حول النبي، فرغب أولئك في إعادة تسليط الأضواء عليهم.
البحث عن المغانم، والعزة التي بدت تظهر عند المسلمين.
وقد ورد ت أفعالهم واضحة في الحديث النبوي الشريف عن عبد الله بن عمرٍو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أربعٌ من كنَّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خَلَّةٌ منهن كانت فيه خَلةٌ من نفاقٍ حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصَم فجَر)).
فقد كانوا يقولون للمسلمين ولرسول الله إنهم معهم، وفي الخفاء يتعاهدون مع المشركين والكفار، وكانوا قد حاولوا الغدر بالمسلمين في الغزوات بالتعاون مع المشركين، وغيرها من الأفعال التي أثبتت أنهم من المنافقين، وأنهم أعداء للإسلام.
وأنواع النفاق هي، نفاق في الاعتقاد، ونفاق في العمل، وكما يتبين من اسم كل نوع دلالة وصفه، ومن ينطبق عليه، وهنا تفصيل للأنواع.
أما بالنسبة للنفاق في الاعتقاد، فهذا النوع من النفاق يسميه العلماء بالنفاقِ الأكبر الذي يبين صاحبه للناس إسلام، وهو يخفي في باطنه الكفر، وقد بين العلماء في خصوص هذا النوع أنه يخرج الإنسان من الدين بشكل كلي.
ومنها الكفر وعدم الإيمان أو الاستهزاء بالدين، أو الاستهزاء بأهل الدين، مثل تعمد السخرية من الشيوخ أو من أصحاب السمت الديني، أو الميل لأعداء الدين ومحبتهم والتودد لهم.
وأيضاً هذا النوع تنبثق منه أنواع مثل النوع الذي يعتمد على الكفر الصريح بالله، أو الذي يعتمد على إهانة النبي صلى الله عليه وسلم، أو بغض النبي، أو بغض ما جاء به، والفرح بإيذاء النبي، وعدم الانتصار له، بل ومؤازرة من يسبه أو يسخر منه.
أما النفاق في العمل، وهو النفاق الذي لا يخرج من الملة، والدين، هو النفاق في العمل، أي بعمل شيء من أعمال المنافقين، لكن يبقى الإيمان بالقلب، وهو منه موالاة الكفار، وخيانة الأمانة والفجر في الخصومة.
كيف تعامل الرسول مع المنافقين؟
اختلف تعامل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مع المنافقين بحسب الموقف، وبحسب ما يراه رسول الله مناسباً مع مراعاة المصالح والأضرار، وفيما يأتي مجموعة من المواقف التي تبين تعامله -عليه السّلام-.
مواجهتهم بأفعالهم عندما يتطلب الأمر وبيان معرفته بها ذكر السُدّيّ ومقاتل أنّ عبد الله بن نبتل كان أحد المنافقين في عهد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وكان هذا الرجل يأتي إلى رسول الله يجلس معه، ثمّ يذهب إلى اليهود ويخبرهم بما قاله -صلى الله عليه وسلم-. وفي ذات يوم كان رسول الله جالساً بين أصحابه فقال لهم : سيدخل الآن عليكم رجلٌ قلبه قلب جبّار، وعينيه عينيّ شيطان، وإذا بعبد الله بن أبيّ يدخل إلى المجلس، فأخبره رسول الله أنّه على علم بما يقوم به هو وأصحابه؛ من شتمٍ لرسول الله، فأنكر ذلك وحلف بالله أنّه ما فعل. لكنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كذّبه وظلّ يقول له فعلت، فذهب إلى أصحابه وأتى بهم فحلفوا لرسول الله بأنّهم ما فعلوا، فأنزل الله في كتابه يقول : (وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ).
عقابهم عندما يتطلب الأمر لمّا أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصحابه بالتجهّز للخروج في غزوة تبوك، تراجع المنافقون وامتنعوا من الخروج، فخرج رسول الله بأصحابه إلى الغزو، فلما رجع إلى المدينة المنورة كان أوّل أمر قام به الذهاب إلى المسجد النبويّ ليصلّي فيه ركعتين.ثم قَدم إليه المنافقون بعد ذلك يعتذرون، ويقدّم كلٌّ منهم عذره الذي منعه من الاستجابة لأمر الله ورسوله والخروج للجهاد في سبيل الله، فقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعذارهم الظاهرة واستغفر لهم دون أن ينظر إلى باطن كلّ واحد منهم ويعلم ما بداخله،
لكنّ النبي الكريم اتّخذ موقفاً مباشراً من المنافقين جزاءً لهم على ما فعلوا، فرفض الصلاة في مسجد ضرار الذي بنوه في المدينة المنورة قبل الخروج للمعركة، بل وأمر بحرقه.
ترك عقابهم في بعض الأحيان تحقيقًا لمصلحة أكبر كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يعلم بنفاق عبد الله بن أبيّ وغيره من المنافقين، لكنّه لم يقاتلهم ولم يفصح عن أسمائهم، فالناس من اليهود والنصارى ومَن كان يعيش في المدينة لم يكونوا على علمٍ بنفاق هؤلاء.
وكان يرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّ قتال المنافقين مدعاة لقول الناس: إنّ محمداً يقتل أصحابه؛ لكونهم على غير علم بباطن المنافقين وما يخفون في صدورهم، ويكون ذلك سبباً لامتناع الناس من الدخول في دين الله والنفور منه،
فأراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يُحقّق المنفعة الأكبر؛ وهي إقبال الناس على الإسلام وهذا أولى من قتال المنافقين.
ومن الجدير بالذكر أن رسول الله لم يخبر عن أسماء هذه الفئة إلّا لحذيفة بن اليمان -رضيَ الله عنه-، كما أنّ حذيفة لم يكن على علمٍ بجميع الأسماء، يقول -سبحانه-: (وَمِمَّن حَولَكُم مِنَ الأَعرابِ مُنافِقونَ وَمِن أَهلِ المَدينَةِ مَرَدوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعلَمُهُم نَحنُ نَعلَمُهُم سَنُعَذِّبُهُم مَرَّتَينِ ثُمَّ يُرَدّونَ إِلى عَذابٍ عَظيم)،
ورسول الله كذلك لم يطلعه الله -سبحانه- عليهم جميعاً
قبول أعذارهم مع تفويض أمرهم إلى الله
بعدما قبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعذار المنافقين الذين تخلّفوا عن الخروج معه إلى غزوة تبوك، واستغفر لهم ووكّل أمرهم إلى الله، لم يقبل لهم عذراً بعد ذلك فيما امتنعوا عنه، فقال -تعالى-: (يَعتَذِرونَ إِلَيكُم إِذا رَجَعتُم إِلَيهِم قُل لا تَعتَذِروا لَن نُؤمِنَ لَكُم قَد نَبَّأَنَا اللَّـهُ مِن أَخبارِكُم وَسَيَرَى اللَّـهُ عَمَلَكُم وَرَسولُهُ ثُمَّ تُرَدّونَ إِلى عالِمِ الغَيبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِما كُنتُم تَعمَلونَ).
وأمر الله -سبحانه- بتكذيبهم، وأنزل الآيات التي تنصّ على وصفهم بأنّهم رجس، فقال -تعالى-: (سَيَحلِفونَ بِاللَّـهِ لَكُم إِذَا انقَلَبتُم إِلَيهِم لِتُعرِضوا عَنهُم فَأَعرِضوا عَنهُم إِنَّهُم رِجسٌ وَمَأواهُم جَهَنَّمُ جَزاءً بِما كانوا يَكسِبونَ*يَحلِفونَ لَكُم لِتَرضَوا عَنهُم فَإِن تَرضَوا عَنهُم فَإِنَّ اللَّـهَ لا يَرضى عَنِ القَومِ الفاسِقينَ).
ترك الصلاة على موتاهم
أمر الله -تعالى- رسوله -عليه السلام- بالامتناع عن الصلاة على المنافقين بعد موتهم، وعدم الوقوف عند قبورهم والدعاء لهم بالرّحمة والمغفرة؛ وذلك لأنّهم كانوا من الذين لم يصدّقوا الله ورسوله، وماتوا وهم على هذا الحال.
بالإضافة إلى عصيانهم وتمردهم على أمر الله ورسوله، ومن كان ديدنه ذلك فلا يستحق الصلاة عليه والدعاء له، ذلك عملاً بقوله -تعالى-: (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنهُم ماتَ أَبَدًا وَلا تَقُم عَلى قَبرِهِ إِنَّهُم كَفَروا بِاللَّـهِ وَرَسولِهِ وَماتوا وَهُم فاسِقونَ).
-----------------------------------------------------------------------------------
وما زلنا أحبابنا - تابعونا جزاكم الله خيرا
-
التالي :
-
: -نماذج من أحداث المنافقين مع النبي صلى الله عليه وسلم - :
اليوم في 3:00 pm من طرف عبدالله الآحد
» كتاب الترجيح في مسائل الطهارة والصلاة
أمس في 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
أمس في 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد
» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» العبادة وأركانها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد
» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور
» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد
» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد
» هيئات السجود المسنونة
الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد