يَوْم عرفه
يَوْمٌ لِمِيلَاَدَ قُلُوبِ جَدِيدِهِ
يَوْمٌ لِمِيلَاَدَ قُلُوبِ جَدِيدِهِ
يقول صل الله عليه وسلم : " إِنَّ الْإيمَانَ لِيَخْلُقُ( أَيَّ: يَبْلَى) فِي جَوْفِ أحَدِكُمْ كَمَا يَخْلَقُ الثَّوْبُ فَاِسْأَلُوا اللهَ تَعَالَى أَْنْ يُجَدِّدُ الْإيمَانَ فِي قَلُوبِكُمْ "
فقلوبنا قد تَعِبَت من كثرة الفتن والمعاصي التي تتعرض لها طوال العام، وتحتاج إلى أن تُجدد الإيمان بداخلها ..
وها قد أتت الفرصة لكي نُجدد إيماننا ونتقرَّب إلى الله عزَّ وجلَّ .. إنه يوم عرفة، أعظم يوم في أعظم أيـــام الدهر ..
فيوم عرفة يوم تجاب فيه الدعوات وتقال فيه العثرات .. يوم عظَّم الله أمره ورفع على الأيام قدره ..
فهو أعظم فرصة للعتق من النيران .. وعن عائشة قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "ما من يوم أكثر من أن يعتق
الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء" [رواه مسلم] ..
فنسأل الله تعالى أن يعتق رقابنا من النار،،
ولكن لن ينال هذه الجائزة العظيمة إلا من أخرج الدنيا من قلبه وجعل همَّه همَّا واحدًا، ألا وهو همّ الآخرة.
يوم عرفة .. فضائـــل وأعمـــال
الفضيلة الأولى: هو اليوم الذي أكمَّل الله تعالى فيه الدين وأتمَّ علينا نعمته ..
عن طارق بن شهاب عن عمر بن الخطاب: أن رجلا من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرءونها لو علينا
معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا، قال: أي آية؟، قال: { .. الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ..}[المائدة: 3]،
قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة يوم جمعة. [صحيح البخاري]
فيوم عرفة هو يوم عيد للمسلمين ..
عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام
أكل وشرب"[رواه الترمذي وأبو داوود والنسائي وصححه الألباني]
وحيث إنه عيد، فيلزم منا عبوديتــــان ..
1) عبودية الشكر .. فعليك أن تلهَّج بالحمد والثناء على الله تعالى طوال الوقت، شكرًا لله عزَّ وجلَّ على أن بلغك يوم العتق الأكبر على الرغم من عدم استحقاقك لذلك.
2) عبودية الفرح .. قال تعالى {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58] .. وعندما يمتلأ القلب فرحًا بفضل الله، يُسكب فيه حُب الرحمن فيطهُّر القلب.
الفضيلة الثانية: اليوم الذي أخذ الله تعالى فيه الميثاق على ذرية آدم ..
عن ابن عباس: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "أخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنعمان يعني عرفة فأخرج من صلبه كل ذرية
ذرأها فنثرهم بين يديه كالذر ثم كلمهم قبلا، قال{أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا
غَافِلِينَ، أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ}[الأعراف: 172,173]" [رواه أحمد وصححه الألباني]
فهذا هو اليوم الذي فطَّر الله سبحانه وتعالى فيه بني آدم على الفطرة السليمة التي تهتدي إلى الحق، فطرة الإسلام والتوحيد ..
فينبغي علينا أن نحمد الله عزَّ وجلَّ على نعمة الإسلام ..ونستشعر عظمة الإسلام وفضل الله علينا بنعمة الهداية إلى الصراط المُستقيم، وغيرنا كثير يتخبَّط في ظلمات الكفر والضلال المُبين.
الفضيلة الثالثة: أقسَّم الله تعالى بهذا اليوم العظيم مرتين ..
القسم الأول في سورة البروج ..حينما قال تعالى {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ، وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ، وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} [البروج: 1,3]
.. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اليوم الموعود: يوم القيامة، واليوم المشهود: يوم عرفة،
والشاهد: يوم الجمعة .."[رواه الترمذي وحسنه الألباني] .. والله سبحانه وتعالى عظيم ولا يُقسم إلا بعظيم ..
والقسم الثاني ورد في سورة الفجر .. يقول تعالى { وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ، وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} [الفجر: 1,3] .. قال ابن عباس (تُرجمان القرآن) "الشفع يوم الأضحى، والوتر يوم عرفة"
فعليك أن تُعظِّم هذه الأيام المُعظمات، ولن تؤتى ذلك إلا بالبذل والتضحية .. الذي يتمثل في قصة أصحاب الأخدود،
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها" [رواه مسلم]
فمن سيبيع نفسه لكي يُعتَق يوم العتق الأكبـــر؟!
فعليك في هذا اليوم أن تبذل أغلى ما تملُك لكي تفوز بجائزة العِتق .. فتتصدق بصدقة كبيرة .. ولا تنام من الفجر إلى المغرب .. وعليك أن تختم القرآن هذا اليوم ..
الفضيلة الرابعة: صيامه يُكفِّر العام الماضي والقادم ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده .." [رواه مسلم]
قال بعضهم "القلوب جوالة فقلب يجول حول العرش وقلب يجول حول الحش"، الحش أي: القاذورات وهي الدنيا الملعونة ..
فعليك أن تنكسِر وتذِل لله وتُخرج الدنيا من قلبك ..
لكي تصلُح للتقرب من ربِّك عزَّ وجلَّ في هذا اليوم العظيم.
فاللهمَّ أرزقنا قلوبًا جديدة طاهرة صالحة لعبــادتك يـــــــــا ربَّ العالمين،،
-------------------------------------------
أحبكم فى الله
لا تنسونى من صالح دعائكم
نلتقى فى الفردوس ألأعلى إن شاء الله
[/center]
عدل سابقا من قبل صادق النور في الجمعة يونيو 14, 2024 10:04 pm عدل 2 مرات
أمس في 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
أمس في 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد
» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» العبادة وأركانها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد
» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور
» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد
» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد
» هيئات السجود المسنونة
الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» (( - 2 -)) خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأربعاء نوفمبر 13, 2024 11:28 pm من طرف صادق النور