والصلاة والسلام علي سيد المرسلين سيد الخلق سيدنا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين
يوم عرفه
مَا أَعْظَمَهُ مِنْ يَوْمٍ؛ فَهُوَ يَوْمُ كَمَالِ الدِّينِ، وَتَمَامِ النِّعْمَةِ، وَرِضَا الرَّبِّ سُبْحَانَهُ عَنِ الْمُسْلِمِينَ.
عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا، لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ، لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا. قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [الْمَائِدَةِ: 3]، قَالَ عُمَرُ: قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.
وَكَمَالُ الدِّينِ يَعْنِي كَمَالَ بَيَانِ عَقَائِدِهِ وَشَرَائِعِهِ؛ فَلَيْسَ نَاقِصًا يَحْتَاجُ إِلَى تَكْمِيلٍ، وَلَا غَامِضًا يَلْزَمُهُ كَشْفٌ وَتَبْيِينٌ.
فَمَنْ تَعَلَّمَ عُلُومَ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ عَرَفَ الْعَقَائِدَ وَالشَّرَائِعَ؛ فَفِي الْقُرْآنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴾ [هُودٍ: 1]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ ﴾ [النَّحْلِ: 89].
وَفِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ قَالَ تَعَالَى: ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ﴾ [آلِ عِمْرَانِ: 164]؛ أَيِ: الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ،
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ ﴾ [النِّسَاءِ: 113]، فَالسُّنَّةُ وَحْيٌ كَالْقُرْآنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النَّجْمِ: 3-4].
يَوْمُ عَرَفَةَ هُوَ يَوْمُ كَمَالِ الدِّينِ، وَتَمَامِ النِّعْمَةِ، وَهُوَ عِيدٌ كَبِيرٌ لِلْمُسْلِمِينَ؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ»
سبب التسمية:
هناك عدة أقوال لتسمية عرفة بهذا الاسم،
فقد قيل بأنها سُمِّيَتْ بذلك لأن آدم عرف حواء فيها، وقيل لأن جبريل عرَّف إبراهيم فيها المناسك، وقيل لتعارف الناس فيها،
وقيل بأن الكلمة مأخوذة من العَرْف وهو الطيب؛ كونها مُقدَّسة.
إلا أن الروايتين الأكثر تأكيدًا هما أن أبو البشر آدم التقى مع حواء وتعارفا بعد خروجهما من الجنة في هذا المكان ولهذا سمي بعرفة،
والثانية أن جبريل طاف بالنبي إبراهيم فكان يريه مشاهد ومناسك الحج فيقول له: «أعرفت أعرفت؟» فيقول إبراهيم: «عرفت عرفت» ولهذا سميت عرفة.
ذكر الإمام القرطبي في التفسير وغيره: «وقالوا في تسمية عرفة بهذا الاسم لأن الناس يتعارفون فيه، وقيل لأن جبريل عليه السلام طاف بإبراهيم فكان يريه المشاهد فيقول له: أعرفت أعرفت؟ فيقول إبراهيم عرفت عرفت. وقيل لأن آدم عليه السلام لما أهبط من الجنة هو وحواء التقيا في ذلك المكان فعرفها وعرفته.»
يوم عرفة هو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، وهو ركن الحج الأعظم، حيث يقف فيه الحجاج في عرفات،
وعرفة اسم للمكان الذي يقف فيه الحجاج، وهو على نحو ثلاث وعشرين كيلومترًا تقريبًا شرقي مكة،
وقد تعددت آراء العلماء في معنى اسم عرفة، فيرى بعض العلماء أن اسم عرفة مشتق من المعرفة، ويرى بعضهم أنّ اسم عرفة مشتق من الاعتراف، وقيل أيضًا إنّ اسم عرفة مشتق من العَرف؛ أي الرائحة الطيبة.
ورد فيها أن عرفة وعرفات؛ قيل: بأنّ معناهما واحد؛ فكلاهما اسم للبقعة المعروفة التي يجب الوقوف بها.
وقيل بإن المراد بعرفة يوم الوقوف بعرفات، وعرفات اسم للجبل أو للبقعة المعروفة التي يقف بها الحجاج،
وقد ذكرها الله -تعالى- في كتابه فقال: (فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّـهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ).
قصة جبل عرفات
لم يرد ذكر لجبل عرفات في الكتب التاريخية ولا في المرويات في السنة النبوية المشرفة، وقد أجمع العلماء والفقهاء على أنَّ الجبل خاصَّة لا يمتلك أيَّة فضيلة ولا يتعلَّق به نسكٌ يختصّ به وحده، لذلك لا يوجد لجبل عرفات أية قصة تاريخية مثل التي وردَت في الصفا والمروة مثلًا، ولكن وردَت بعض القصص،
ومن آراء العلماء حول قصة جبل عرفات والروايات الواردة في تسمية جبل عرفات، ومنها التقاء آدم وحوّاء عليه وردت في العديد من الكتب التاريخية أنَّ آدم وحواء -عليهما السلام- بعد أن هبطا من الجنة بإذن الله تعالى، هبطَ كلُّ واحدٍ منهما في مكان، فهبط آدم في سرنديب وهبطت حواء في جدة، فجاء آدم قاصدًا حواء حتى اجتمعا في المشعر وازدلفت إليه أي تقرَّبت إليه فسمِّيت المنطقة بالمزدلفة، ثمَّ تعارفا على جبل عرفات ولذلك سمِّي بهذا الاسم.
وفي رواية لها اعتراف الحجاج بذنوبهم عليه وقد أوردَ ياقوت الحموي في كتاب معجم البلدان أنَّ جبل عرفات سمِّي بهذا الاسم بسبب اعتراف الحجاج من البشر بذنوبهم عليه، وقد وعدَ الله تعالى عباده الذين يقفون في عرفات مغفرةً لجميع الذنوب والخطايا ففي الحديث،
عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "فإذا وقَف بعرَفةَ فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ ينزِلُ إلى السَّماءِ الدُّنيا فيقولُ: انظُروا إلى عبادي شُعْثًا غُبْرًا اشهَدوا أنِّي قد غفَرْتُ لهم ذُنوبَهم وإنْ كان عدَدَ قَطْرِ السَّماءِ ورَمْلِ عالجٍ".
وفي رواية لها تعارف الناس عليه كما ورد أنَّ جبل عرفات أطلقت عليه تلك التسمية مكان يتعارف فيه الناس يوم يجتمعون لأداء فريضة الحج فسمِّيَ بجبل عرفات أو عرفة،
وورد أيضًا أنَّ فيه يتحقَّق معنى التعارف أو معنى التعرُّف، وهو تعارف العباد على بعضهم فيه، ولكن بعض الفقهاء نفى أن يكون هذا هو سبب التسمية، لأنَّ وقت إقامة الحجاج في عرفات قصير، ويكون في منى أطول منه، فيمكن أن يتيسر لهم التعارف في منى أكثر من عرفات .
وفي رواية لها تعليم جبريل إبراهيم عليه وقد وردَت قصة تعليم جبريل -عليه السلام- لنبيِّ الله إبراهيم الخليل -عليه السلام- في جبل عرفة، فقد كان جبريل يعرِّف إبراهيم بمناسك الحج بجميع خطواتها، ولمَّا وصلا إلى موضع عرفة، سأله جبريل عليه السلام: عرفت؟ أي عرفت مناسك الحجِّ، فأجابه إبراهيم عليه السلام: نعم عرفت عرفت، فسمِّيَ عرفات.
و اسم عرفات هو من الأسماء المرتجلة، وهو ليس جمع عرفة كما يعتقد البعض، وإنما هو مفرد على صيغة جمع، ويطلق على جبل عرفات أسماء متعددة، منها: القرين، وجبل الرحمة، وجبل الآل، والنابت.
جبل عرفة
يعد جبل عرفة من المناسك المكانيَّة في فريضة الحجِّ، ويقع جبل عرفات في مكَّة المكرَّمة على الطريق الواصل إلى مدينة الطائف، ويبعد عن مكَّة من جهة الشرق بحوالي اثنانِ وعشرون كيلو متراً، ويبعد عن مشعر منى بحوالي عشر كيلو مترات، كما يبعد عن مزدلفة ستة كيلو مترات، وهو جبلٌ منبسطٌ يوجد فيه جبل الرحمة، ومحاطٌ بسلسلةٍ من الجبال،
ومن جهة مسجد نمرة يوجد وادي عرنة وهو الحد الفصل بينه وبين الحرم.
حدود جبل عرفة حدَّد الفقهاء حدود عرفات من الجبل العالي المشرف على عرنة شمالًا عن جبل الرَّحمة، وهو شرقي عرفة، إلى الجبال الجنوبية المقابلة له، وهي حدُّ عرفة من الجنوب، إلى ما يلي حوائط بني عامر، وهي بساتين لبني عامر، والذي يليها هو المسجد، ويسمَّى الآن مسجد إبراهيم وهو ليس من عرفة؛ لأنه ليس من ضمن المحدود.
جبل عرفة ، هو من أشهر الجبال في مكَّة المكرَّمة وأهم مزاراتها، وفيه من المعالم ما يحرص المسلمين على الوصول إليها، والنَّيل من أجرها وعظيم مكانتها،
ومن هذه المعالم التي تزيد من أهمية جبل عرفة ، جبل إلال يوجد في جبل عرفة تلةٌ صغيرةٌ تشبه البرث وتُسمّى النابت؛ لأنها تشبه النبتة في الأرض السهلة، وتُسمّى أيضًا البادية القرين، وهي التي يصعد عليها الحجَّاج يوم الوقوف، وهي من أهمِّ واجبات الحجِّ، روى جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: (قد وقفتُ ها هُنا، وعرفةُ كلُّها مَوقفٌ).
ومن معالم جبل عرفة أيضًا مسجد نمرة ، ونمرة هو الجبل الذي نزل عليه الرَّسول -صلى الله عليه وسلم- يوم عرفة في حجَّة الوداع،
وتمَّ بناء مسجد نمرة عليه، وأصبحت مساحته الآن حوالي مئةً وأربعةً وعشرون ألف مترٍ مربعٍ، ويتسع لأكثر من ثلاثمئة ألف مُصلِّي، و مسجد الصخرات يقع أسفل جبل الرَّحمة على يمين من يصعد عليه،
وفيه صخراتٌ كبارٌ وقف عندها الرَّسول -صلى الله عليه وسلم- عشية يوم عرفة، وقد كان على ناقته، وهو مرتفع عن الأرض قليلاً.
جبل عرفة ، له أسماء أخرى منها جبل الرحمة وهو الاسم المشهور عنه،
وله أسماء أخرى مثل اسم جبل الدعاء، يعدُّ من أهمِّ معالم جبل عرفة
ويحرص الحجَّاج على الوقوف عليه تأسِّيًا بالرَّسول -صلى الله عليه وسلم-، وللتضرُّع إلى الله في الدُّعاء والعبادة، وهو أفضل مكان للوقوف في عرفة.
حكم صعود جبل عرفة
ورد أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حث على صعود جبل عرفات الذي اشتهر عند الناس باسم: جبل الرحمة،
ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم صعود هذا الجبل في حجه ولا اتخذه منسكاً،
وقد قال صلى الله عليه وسلم : «خذوا عني مناسككم»،
و الخلفاء الراشدون وسائر الصحابة ساروا على هذا النهج حكم ومن تبعهم فلم يكونوا يصعدون على هذا الجبل في حجهم ولا اتخذوه منسكاً لهم؛ اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي ثبت أنه صلى الله عليه وسلم وقف تحت هذا الجبل عند الصخرات الكبار، وقال: «وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف، وارفعوا عن بطن عرنة».
، على المسلم أن يعلم أنَّه لا يوجد فرق بين الوقوف عند الصخرات التي وقف عندها الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وبين الوقوف في أيِّ مكان آخر في عرفة، أمَّا صعود الجبل فهو غير مشروعٍ قطعًا في الشريعة الإسلاميَّة، فلم يرد عن الرَّسول -صلى الله عليه وسلم- أنَّه صعد الجبل ولم يستقبله.
على الحجَّاج اغتنام وقتهم في العبادة والدُّعاء، وعدم التَّزاحم من أجل صعود للجبل؛ فيضيعوا وقتهم الثَّمين فيما لا يعود بفائدةٍ عليهم، فلا يوجد سبب لصعود جبل عرفة على وجه الخصوص، ودليل ذلك ما رواه جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (قد وقفتُ ها هُنا وعرفةُ كلُّها مَوقفٌ)، ويعد الوقوف بعرفة ركن الحجّ الأعظم؛ الذي لا يتمّ الحج بدونه، ولا حاجة لصعود الجبل كلّه والتزاحم، بل يكتفي الحاجّ بالوقوف في أي مكان في عرفة.
سبب صعود جبل عرفة ، ورد أنه يقع جبل عرفات في الطريق بين مكة والطائف، حيث يبعد عن مكة حوالي 22 كم تقريبًا، وعلى بُعد 10 كم من مِنًى، و6 كم من مزدلفة، ويُذكر في تسميته بهذا الاسم: أن آدم وحواء عليهما السلام حينما أنزلهما الله من الجنة إلى الأرض، أنزلهما في مكانين مختلفين، فكان موقع جبل عرفات هو المكان الذي التقيا فيه، وتعارفا عليه.
والوقوف بعرفة أعظم مناسك الحج على الإطلاق، ويبتدأ من بعد صلاة ظهر اليوم التاسع من ذي الحجة وحتى فجر يوم النحر، وعرفة كلها موقف إلا بطن عُرَنَة، من أسمائه جبل الرحمة، وجبل القرين، وجبل النابت، وشعيرة الوقوف بعرفة هي شعيرة الحج الوحيدة التي يؤديها الحجيج خارج حدود الحرم.
صعيد جبل عرفات هو مكان شريف يجتمع إليه الحجيج من كل أرجاء الدنيا في التاسع من ذي الحجة كل عام، رافعين أيديهم بالتضرع والدعاء لله عز وجل، به جبل عرفات المسمى (جبل الرحمة)، وعندما يقف الحجيج ليؤدوا ركن الحج الأكبر على صعيد عرفة يظهر أمامهم مسجد (نمرة)،
ونمرة: جبل نزل به النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم عرفة في خيمة، ثم خطب في وادي عرنة بعد زوال الشمس، وصلى الظهر والعصر قصرًا جمع تقديم، وانصرف منها إلى مزدلفة بعد غروب الشمس.
متى يبدأ الوقوف بعرفة
متى يبدأ الوقوف بعرفة ، ورد أنه يبدأ الوقوف بعرفة منذ فجر اليوم التاسع من ذي الحجة، وحتى طلوع فجر اليوم الذي يليه؛ والذي يُسمّى بيوم النَّحر، وهو يوم العيد، وينهي فيه الحُجّاج وقوفهم على عرفة، واسم هذا اليوم مُركَّب من كلمتَي: يوم، وعرفة، أما كلمة يوم فتدل على زمان مُخصَّص، بينما تدل كلمة عرفة على مكان مُعيَّن مُحدَّد، ولهذا المكان مكانة عظيمة؛ لتعلُّقه بشعيرة عظيمة من شعائر الإسلام، وهي الوقوف بعرفة في موسم الحَجّ، وورد ذِكره بلفظ عرفات في قوله -تعالى-: «فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ».
يوم عرفة
يوم عرفة يوم عظيم، أقسم الله تعالي به؛ قال سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} [البروج: 3] قَالَ: «الشَّاهِدُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَالْمَشْهُودُ يَوْمُ عَرَفَةَ». [أخرجه البيهقي في فضائل الأوقات]ويوم عرفة وهو يوم أكمل الله لنا فيه ديننا، فعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ قَالَ لِعُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْمَكَانَ الَّذِي أُنْزِلَتْ فِيهِ نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِعَرَفَاتٍ يَوْمَ جُمُعَةٍ. [أخرجه البيهقي في فضائل الأوقات].
ويعد يوم عرفة يوم المغفرة والعتق من النيران، قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟». [أخرجه مُسلم]
وهو يوم تنزُّل الرحمات؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: «مَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمًا، هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلَا أَدْحَرُ وَلَا أَحْقَرُ وَلَا أَغْيَظُ، مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا رَأَى مِنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ، وَتَجَاوُزِ اللَّهِ عَنِ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ، إِلَّا مَا أُرِيَ يَوْمَ بَدْرٍ» قِيلَ: وَمَا رَأَى يَوْمَ بَدْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أَمَا إِنَّهُ قَدْ رَأَى جِبْرِيلَ يَزَعُ الْمَلَائِكَةَ». [أخرجه مالك في موطئه].
-------------------------------------------------------------
تابعونا أحبابنا جزاكم الله خيرا
ولا تنسونا من صالح دعائكم
عدل سابقا من قبل صادق النور في السبت يونيو 24, 2023 5:47 pm عدل 2 مرات
أمس في 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
أمس في 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد
» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» العبادة وأركانها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد
» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور
» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد
» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد
» هيئات السجود المسنونة
الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» (( - 2 -)) خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأربعاء نوفمبر 13, 2024 11:28 pm من طرف صادق النور