زكاةُ الرِّكازِ والمَعدِن والخارِجِ مِنَ البَحر
المبحث الأوَّل: تعريفُ الرِّكاز
الرِّكاز لُغةً :
كنوزُ الجاهليَّةِ المدفونةُ في الأرضِ، وقيل: المعادِنُ، والقولانِ تحتمِلُهما اللُّغةُ؛ لأنَّ كُلًّا منهما مركوزٌ في الأرضِ: أي ثابِتٌ؛
من: رَكَزَه يركِزُه رَكْزًا: إذا دَفَنَه
الرِّكاز اصطلاحًاهو: المالُ المدفونُ في الجاهليَّة
المبحث الثاني: حُكمُ زكاةِ الرِّكازِ، والحِكمة من تقدير الخُمُس
المطلب الأوَّل: حكم زكاة الرِّكاز
الرِّكاز يملِكُه واجِدُه، ويجِبُ فيه الخُمُس.
الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قولُ الله عزَّ وجلَّ: وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ... [الأنفال: 41] الآية.
وجه الدَّلالة:
أنَّ مالَ الكافِرِ غيرِ الذِّميِّ غنيمةٌ لِمَن وجدَه، فيجب فيه الخُمُس
ثانيًا: من السُّنَّة
عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((العَجْماءُ جُبارٌ، والبِئر جُبارٌ، والمَعدِنُ جُبارٌ، وفي الرِّكازِ الخُمُسُ ))
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نقل الإجماعَ على ذلك، أبو عُبَيدٍ القاسِمُ بنُ سلَّام، وابنُ الـمُنذِر، والبَغَويُّ، وابنُ قُدامة، وابنُ تيميَّة
رابعًا: قياسًا على الغنائمِ؛ لأنَّ الرِّكازَ كان في أيدي الكَفَرةِ فحَوَتْه أيدينا غَلَبةً، فكان غنيمةً، وفي الغنائم الخُمُسُ
المطلب الثاني: الحِكمة من تقدير الخُمُس
شُرع في الرِّكازِ الخُمُسُ لكثرةِ نفعِه، وسهولةِ أخذِه مِن غيرِ تعَبٍ ولا مُؤنةٍ
المبحث الثالث: اختصاصُ الرِّكازِ بدِفنِ الجاهلية
الرِّكازُ دِفْنُ الجاهليَّةِ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، واختيارُ ابنِ حَزمٍ
الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنة:
عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((العَجْماءُ جُبارٌ، والبِئرُ جُبارٌ، والمَعدِنُ جبارٌ، وفي الرِّكازِ الخُمُسُ ))
وجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الحديثَ يدلُّ على إرادةِ دَفينِ الجاهلية؛ لكونه عليه الصَّلاة والسَّلام عطَفَ الرِّكازَ على المَعدِن، وفرَّق بينهما، وجعل لكلٍّ منهما حُكمًا، ولو كانَا بمعنًى واحدٍ لجمَع بينهما، وقال: والمَعدِنُ جُبارٌ وفيه الخُمُس، أو قال: الرِّكازُ جُبارٌ وفيه الخُمُس، فلمَّا فرَّقَ بينهما دلَّ على تغايُرِهما
ثانيًا: لا خِلافَ بين أهلِ اللُّغةِ في أنَّ الرِّكازَ هو دِفنُ الجاهليَّةِ، فيُقتصَرُ عليه؛ لأنَّه مدلولُ الحديثِ بيقينٍ، واختلفوا في غيرِه، فهو محتمَلٌ، فلا يثبُتُ كونُه رِكازًا إلَّا بدليلٍ
ثالثًا: أنَّ المالَ إذا كان مِن دِفنِ الجاهليَّةِ، فالظَّاهِرُ أنَّه لم يَملِكْه إلى أن وجَدَه، فلا يكونُ لُقطةً، بخلافِ غيرِه
المقدارُ الواجِبُ في ركازِ الذَّهَب والفضة
يجِبُ في رِكازِ الذَّهبِ والفِضَّةِ الخُمُسُ.
الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:
نقل الإجماعَ على ذلك ابنُ المُنذِر
المطلب الثاني: هل يُشترَط أن يكون الرِّكازُ مِنَ الذَّهب والفِضة؟
لا يُشتَرَطُ أن يكونَ الرِّكازُ مِنَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ، بل يُخمَّسُ كلُّ ما وُجِدَ فيه مِن جَوهَرٍ، وذهبٍ وفِضَّةٍ، ورَصاصٍ ونُحاسٍ، وحديد، وهذا مذهبُ الجُمهورِ مِنَ الحنفيَّة، والمالكيَّة، والحَنابِلَة، وقولُ الشَّافعيِّ في القديمِ
الأدلَّة: اوَّلًا: من السُّنَّة
عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((وفي الرِّكازِ الخُمُس ))
وجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ عُمومَ قولِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: ((وفي الرِّكازِ الخُمُس ُ)) يدلُّ على عدمِ اختصاصِ الرِّكازِ بالذَّهَبِ والفِضَّةِ
ثانيًا: أنَّه مالٌ مظهورٌ عليه مِن مالِ الكفَّارِ، فوجَب فيه الخُمُسُ مع اختلافِ أنواعِه، كالغَنيمةِ
ثالثًا: أنَّ اسمَ الرِّكازِ عامٌّ لكُلِّ ما وُضِعَ في الأرضِ، فوجب أن يُحمَلَ على عُمومِه إلَّا ما خصَّه الدَّليلُ
المبحث الخامس: نِصاب زكاة الرِّكاز
لا نِصابَ في زكاةِ الرِّكازِ، وهو مذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة والمالكيَّة، والحَنابِلَة، وقولُ الشَّافعيِّ في القديمِ وبه قال أكثرُ العُلَماءِ
الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: ((العَجْماءُ جُبَارٌ، والبِئر جُبارٌ، والمعدِنُ جُبارٌ، وفي الرِّكازِ الخُمُسُ ))
وجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ عُمومَ الحديثِ يدلُّ على أنَّه لا فَرْقَ في وُجوبِ الخُمُسِ في الرِّكازِ بين أن يبلُغَ نِصابًا أو لا
ثانيًا: أنَّه مالٌ يجِبُ تخميسُه، فلا يُعتبَرُ له نِصابٌ، كالغنيمةِ
ثالثًا: أنَّه مالُ كافرٍ مظهورٌ عليه في الإسلامِ، فأشْبَهَ الغَنيمةَ، أمَّا المعدِنُ والزَّرعُ فإنَّهما يحتاجانِ إلى عَمَلٍ ونوائبَ، فاعتُبِرَ فيهما النِّصَابُ تخفيفًا
المبحث السادس: هل يُشتَرَطُ مرورُ حَوْلٍ في زكاِة الرِّكازِ؟
لا يُشتَرَط مرورُ الحَوْلِ في وجوبِ زكاةِ الرِّكازِ.
الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((العَجْماءُ جُبَارٌ، والبِئر جُبارٌ، والمعدِنُ جُبارٌ، وفي الرِّكازِ الخُمُس ))
وجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ عمومَ الحَديثِ يدلُّ على عَدَمِ اشتراطِ الحَوْلِ، وأنَّه يجِبُ إخراجُ الخُمُسِ منه في الحالِ
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقَل الإجماعَ على ذلك: الماوَرْديُّ، والبَغَويُّ، والنَّوويُّ، والعِراقيُّ، وابنُ حَجَر، والشوكانيُّ
ثالثًا: أنَّ الرِّكازَ يحصُلُ جملةً من غيرِ كَدٍّ ولا تَعَبٍ، والنَّماءُ فيه متكامِلٌ، وما تكامَلَ فيه النَّماءُ لا يُعتبَرُ فيه الحَوْلُ؛ فإنَّ الحَوْلَ مُدةٌ مضروبةٌ لتحصيلِ النَّماءِ
المبحث السابع: مَصرِفُ زكاةِ الرِّكازِ
زكاةُ الرِّكازِ تُصرَف في مصالِحِ المسلمينَ، ولا تختصُّ بالأصنافِ الثَّمانِيَة الواردةِ في الزَّكاةِ، وهذا مذهَبُ الجُمهورِ
: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولٌ للشافعيَّة، واختاره ابنُ حَزمٍ
الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قولُ الله تعالى: وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ [الأنفال: 41]
وجْهُ الدَّلالةِ:
أن الرِّكازَ في معنى الغنيمةِ؛ لأنَّه استُولِيَ عليه على طريقِ القَهرِ، وهو على حُكمِ مِلكِ الكَفَرةِ، فكان غنيمةً يجِبُ فيه الخُمُسُ
ثانيًا: من السُّنَّة
عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((العَجْماءُ جُبَارٌ، والبِئر جُبارٌ، والمعدِنُ جُبارٌ، وفي الرِّكازِ الخُمُس ُ))
وجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ (أل) في الخُمُس، للعهدِ الذِّهني، أي: الخُمُس المعهودُ في الإسلامِ، وهو خُمُسُ الغنيمةِ الذي يكون فَيئًا يُصرَفُ في مصالِحِ المسلمينَ العامَّةِ
ثالثًا: أنَّه مالٌ مَخموسٌ زالتْ عنه يدُ الكافِرِ، أشْبَهَ خُمُسَ الغَنيمةِ
رابعًا: أنَّ إلحاقَ الخُمُسِ بالخُمُسِ أوْلى
خامسًا: أنَّ خُمُسَ الرِّكازِ يجِبُ على الذِّميِّ، والزَّكاةُ لا تجِبُ عليه
ما زلنا أحبابنا .. تابعونا ..
::
جزاكم الله خيرا
::
التالي ::- : زكاةُ المَعدِنِ
اليوم في 3:00 pm من طرف عبدالله الآحد
» كتاب الترجيح في مسائل الطهارة والصلاة
أمس في 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
أمس في 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد
» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» العبادة وأركانها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد
» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور
» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد
» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد
» هيئات السجود المسنونة
الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد