آل راشد



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

آل راشد

آل راشد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
آل راشد

ثقافى-اجتماعى

*** - اللَّهُمَّ اَنَكَ عَفْوٍ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعِفُو عَنَّا - *** - اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك . *** - اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ الْمَوْتِ وَ ارْزُقْنَا حُسْنَ الْخَاتِمَةِ . *** -

إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا شَابَتْ عَبِيدَهُمْ.. .. فِي رِقِّهِمْ عَتَقُوهُمْ عِتْقَ أَبْرَارٍ .. .. وَأَنْتَ يَا خَالِقِيُّ أوْلَى بِذَا كَرَمًا.. .. قَدْ شُبْتُ فِي الرِّقِّ فَأَعْتَقَنِي مِنَ النَّارِ .

المواضيع الأخيرة

» الجواب عن شبهة أن أهل السنة ينزلون آيات الكفار عن المسلمين
الشفاعه .. معناها .. تعريفها .. لمن تكون .؟ .. حكم التوسل بغير الله . Ooou110أمس في 4:55 pm من طرف عبدالله الآحد

» عقيدة أهل السنة في كلام الله عز وجل
الشفاعه .. معناها .. تعريفها .. لمن تكون .؟ .. حكم التوسل بغير الله . Ooou110الثلاثاء مايو 07, 2024 5:10 pm من طرف عبدالله الآحد

» فَضْلَ صِلَةِ الأَرْحَامِ -* - * كَيْفَ تَصِل رَحِمَك .
الشفاعه .. معناها .. تعريفها .. لمن تكون .؟ .. حكم التوسل بغير الله . Ooou110الإثنين مايو 06, 2024 10:13 pm من طرف صادق النور

» القرآن من آحاد كلام الله ليس قديما بقدم الله ونوع كلام الله قديم
الشفاعه .. معناها .. تعريفها .. لمن تكون .؟ .. حكم التوسل بغير الله . Ooou110الإثنين مايو 06, 2024 4:13 pm من طرف عبدالله الآحد

» قول فى البدعة والسنة !!!
الشفاعه .. معناها .. تعريفها .. لمن تكون .؟ .. حكم التوسل بغير الله . Ooou110الأحد مايو 05, 2024 10:31 pm من طرف صادق النور

» الكتب المهمة التي ينصح بقراءتها في العقيدة الإسلامية الصحيحة
الشفاعه .. معناها .. تعريفها .. لمن تكون .؟ .. حكم التوسل بغير الله . Ooou110الأحد مايو 05, 2024 3:23 pm من طرف عبدالله الآحد

» كلام الله قديم النوع حادث الآحاد أي متجدد الآحاد وهو غير مخلوق
الشفاعه .. معناها .. تعريفها .. لمن تكون .؟ .. حكم التوسل بغير الله . Ooou110السبت مايو 04, 2024 4:51 pm من طرف عبدالله الآحد

» 40 خطأ فى العقيدة
الشفاعه .. معناها .. تعريفها .. لمن تكون .؟ .. حكم التوسل بغير الله . Ooou110الجمعة مايو 03, 2024 10:47 pm من طرف صادق النور

» ما هى حقيقة أيمانك
الشفاعه .. معناها .. تعريفها .. لمن تكون .؟ .. حكم التوسل بغير الله . Ooou110الجمعة مايو 03, 2024 10:38 pm من طرف صادق النور

» التحذير من الغلو في النبي صلى الله وسلم والأنبياء والصالحين
الشفاعه .. معناها .. تعريفها .. لمن تكون .؟ .. حكم التوسل بغير الله . Ooou110الجمعة مايو 03, 2024 4:41 pm من طرف عبدالله الآحد

اهلا بكم

الثلاثاء نوفمبر 08, 2011 2:32 am من طرف mohamed yousef

الشفاعه .. معناها .. تعريفها .. لمن تكون .؟ .. حكم التوسل بغير الله . Ooousu10

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 19 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 19 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الأربعاء سبتمبر 15, 2021 4:26 am

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 9667 مساهمة في هذا المنتدى في 3203 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 286 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو عبدالرحمن فمرحباً به.

دخول

لقد نسيت كلمة السر

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع


    الشفاعه .. معناها .. تعريفها .. لمن تكون .؟ .. حكم التوسل بغير الله .

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5202
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود الشفاعه .. معناها .. تعريفها .. لمن تكون .؟ .. حكم التوسل بغير الله .

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين ديسمبر 19, 2022 7:44 am


    الشفاعه .. معناها .. تعريفها .. لمن تكون .؟

    تعريف الشفاعة

    إنّ من رحمة الله -تعالى- أنْ جعل الشفاعة يوم القيامة، وجعل منها أنواعاً متعددة، يخرج بها أقواماً من النار ويرفع درجة آخرين في الجنة، ويخفّف العذاب عن آخرين،

    وتتعدد تعريفات الشفاعة في اللغة العربية، وهي على النحو الآتي:
    الدعاء.
    الإعانة.
    والشفاعة من الشفع، وهو الزوج، والمفرد هو الوتر، وقالوا الوتر هو الله والشفع هم الخلق. الانضمام إلى آخر لنصرته،
    وأيضاً تستعمل الشفاعة في انضمام من هو أعلى إلى من هو أدنى.
    وتعدّدت تعريفات العلماء للشفاعة، فتعرّف الشفاعة في الاصطلاح بأنها: طلب التجاوز عن الذنوب.
    طلب من الله لنفع محتاج أو دفع الضر عنه.

    الشفاعة: مأخوذة من الشفع، وهو ضد الوتر، وهو جعل الوتر شفعاً مثل أن تجعل الواحد اثنين، والثلاثة أربعة،وهكذا هذا من حيث اللغة.
    أما في الاصطلاح: فهي "التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة"، يعني أن يكون الشافع بين المشفوع إليه، والمشفوع له واسطة لجلب منفعة إلى المشفوع له، أو يدفع عنه مضرة.


    الحكمة من الشفاعة:

    من حِكمها تكريمُ اللهِ تعالى للشافعين، ورفعُ شأنهم على رؤوس الأشهاد يوم القيامة، وإفاضة كرمِ الله وعفوه على المشفوع لهم.


    أنواع الشفاعة:

    الشفاعة نوعان: شفاعة في الدنيا وشفاعة في الآخرة، وسوف نتحدث كل منهما:

    أولًا: الشفاعة في الدنيا:

    الشفاعة في الدنيا منها ما هو مشروع ومنها ما هو غير مشروع؛ قال الله تعالى: ﴿ مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا ﴾ [النساء: 85].


    والشفاعة المشروعة
    هي التي يترتَّب عليها قضاء حوائج الناس المشروعة، فقد روى الشيخانِ عَنْ أَبِي مُوسَى الأشْعَرِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
    كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا جَاءَهُ السَّائِلُ أَوْ طُلِبَتْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ قَالَ: «اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ»؛.
    وروى البخاريُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا يُقَالُ لَهُ: مُغِيثٌ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعبَّاسٍ: «يَا عَبَّاسُ، أَلاَ تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ، وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا»،
    فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ رَاجَعْتِهِ»، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: «إِنَّمَا أَنَا أَشْفَعُ» قَالَتْ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيهِ؛

    ثانيًا: الشفاعة في الآخرة:

    أجمع أهل السُّنَّة على ثبوت الشفاعة في الآخرة، وتشتمل على نوعين: شفاعة مثبتة، وشفاعة منفية، وسوف نتحدث عن كل منهما.


    بيان أنواع الشفاعة:
    الشفاعة المثبتة في النصوص الشرعية  بالشفاعة المثبتة هي تلك التي جاءت النصوص الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية بإثباتها، فلا شفاعة بدون دليل شرعي معتبر، ومن ادّعى شفاعةً لأحد يُطالَب بالدليل عليها وإلا فلا قيمة لقوله،

    الشفاعة المثبتة المقبولة هي الشفاعة التي أثبتها الله تعالى في كتابة العزيز، وهي خاصة بأهل التوحيد.

    (1) قال تعالى: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [البقرة: 255].

    (2) وقال سبحانه: ﴿ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ﴾ [الأنبياء: 28].
    (3) وقال جل شأنه: ﴿ يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا ﴾ [طه: 109]؛
    شروط الشفاعة المقبولة:

    الشفاعة المقبولة عند الله تعالى لا بد أن تتوفر فيها ثلاثةُ شروطٍ هي:

    أولًا: إسلام المشفوع له: قال الله تعالى: ﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ﴾ [غافر: 18].
    قال الإمامُ البيهقيُّ (رحمه الله): الظَّالِمُونَ هَا هُنَا هُمُ الْكَافِرُونَ، وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ مُفْتَتَحُ الْآيَةِ إِذْ هِيَ فِي ذِكْرِ الْكَافِرِينَ؛
    ثانيًا: رضا الله تعالى عن الشافع والمشفوع له:
    قال تعالى: ﴿ وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى ﴾ [النجم: 26]، وقال جل شأنه: ﴿ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ﴾ [الأنبياء: 28].
    ثالثًا: إذن الله تعالى بالشفاعة: قال سبحانه: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾ [البقرة: 255]، وقال تعالى: ﴿ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [يونس: 3]؛

    شفاعة النبي للناس كافة وهي من الخصائص التي تفرّد بها النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وثبتت في الأحاديث الصحيحة، فهو الوحيد من دون كل البشر الذي يشفع للخلائق يوم المحشر،
    وذلك حين لا يجد الناس يوم القيامة إلا سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- ليشفع عند الله لبدء الحساب. وقد جاء ذكر هذه الشفاعة في قوله -تعالى-: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا)، فالمقام المحمود هو شفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- عند ربه للمخلوقات يوم القيامة بأن يبدأ الحساب.
    كما ذكرت في قوله -صلى الله عليه وسلم- عن حديث حشر الناس يوم القيام وقول سيدنا نوح -عليه السلام-: (ائْتُوا النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فَيَأْتُونِي فَأسْجُدُ تَحْتَ العَرْشِ، فَيُقال: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ).
    أنواع الشفاعة المثبتة:

    شفاعة الملائكة والنبيين والمؤمنين:
    روى مسلمٌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: شَفَعَتِ الْمَلَائِكَةُ، وَشَفَعَ النَّبِيُّونَ، وَشَفَعَ الْمُؤْمِنُونَ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ، فَيُخْرِجُ مِنْهَا قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ قَدْ عَادُوا حُمَمًا، فَيُلْقِيهِمْ فِي نَهَرٍ فِي أَفْوَاهِ الْجَنَّةِ يُقَالُ لَهُ: نَهَرُ الْحَيَاةِ، فَيَخْرُجُونَ كَمَا تَخْرُجُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ؛ (مسلم حديث:183).
    وروى الشيخانِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ (وذلك في حديث الشفاعة)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم (وهو يتحدث عن المؤمنين الذين نجاهم الله من النار): وَإِذَا رَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ نَجَوْا فِي إِخْوَانِهِمْ، يَقُولُونَ: رَبَّنَا إِخْوَانُنَا، كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَنَا، وَيَصُومُونَ مَعَنَا، وَيَعْمَلُونَ مَعَنَا، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: اذْهَبُوا، فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ دِينَارٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ، وَيُحَرِّمُ اللَّهُ صُوَرَهُمْ عَلَى النَّارِ، فَيَأْتُونَهُمْ وَبَعْضُهُمْ قَدْ غَابَ فِي النَّارِ إِلَى قَدَمِهِ، وَإِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ، فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا، ثُمَّ يَعُودُونَ، فَيَقُولُ: اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ نِصْفِ دِينَارٍ فَأَخْرِجُوهُ، فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا، ثُمَّ يَعُودُونَ، فَيَقُولُ: اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ، فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا؛ (البخاري حديث: 7439/ ، مسلم حديث، 183).

    شفاعة نبينا صلى الله عليه وسلم:

    لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم شفاعات يوم القيامة وهي:

    الشفاعة العظمى له صلى الله عليه وسلم للفصل بين العباد، وهي المقام المحمود الذي وعده الله تعالى به.

    وهذه الشفاعة خاصة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم دون سائر الأنبياء والمرسلين.

    شفاعته صلى الله عليه وسلم في دخول المؤمنين الجنة.

    شفاعته صلى الله عليه وسلم لأقوام تساوت حسناتهم وسيئاتهم أن يدخلوا الجنة.

    شفاعته صلى الله عليه وسلم لأقوام من أهل الجنة، وذلك برفع درجاتهم فيها.

    شفاعته صلى الله عليه وسلم في إخراج العُصاة مِن الموحدين مِن النار، ودخولهم الجنة.

    شفاعته صلى الله عليه وسلم في تخفيف العذاب عن عمه أبي طالب، فيكون في قليل مِن نار تغلي منها دماغه.

    شفاعته صلى الله عليه وسلم لأقوام من الموحدين العصاة, قد استوجبوا دخول النار، فيشفع لهم ألا يدخلوها.

    شفاعته صلى الله عليه وسلم في أقوام يدخلون الجنة بغير حساب؛ كعُكاشة بن مِحْصن رضي الله عنه؛


    شفاعة النبي صل الله عليه وسلم لدخول أهل الجنة الجنة
    حيث يُحبس الناس بعد الحساب قبل دخول الجنة، وهنا أيضاً يبحثون عمن يشفع لهم عند الله لفتح أبواب الجنة،
    ويتنقل الناس بين الأنبياء حتى يصلوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيقول -عليه الصلاة والسلام-:
    (أنا أول شفيع في الجنة). حينها يشفع النبي -صلى الله عليه وسلم- عند ربّه،
    يقول -صلى الله عليه وسلم-: (فأقولُ: يا ربِّ وعدْتَني الشفاعةَ، فشفِّعْني في أهلِ الجنةِ، أن يدخلوا الجنةَ، فيقولُ: قد شفعْتُكَ فيهم، وأذنْتُ في دخولِ الجنةِ)، وقد ثبتت هذه الشفاعة بالسنة للنبي -صلى الله عليه وسلم- ومجمع على ذلك.

    الشفاعة لمن تساوت حسناته وسيئاته
    يدخل يوم القيامة أناس إلى مكانٍ بين الجنة والنار يسمّى الأعراف، وهم قوم قد تساوت حسناتهم مع سيئاتهم،
    ويروى عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنه قال: أصحاب الأعراف يدخلون الجنة بشفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم-.

    شفاعة النبي لعمه أبي طالب
    شفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمّه أبو طالب على الرغم من عدم إسلامه؛ سببها أن أبا طالب قد حمى النبي -صلى الله عليه وسلم- من أذى قريش، وكان يتصدى لمحاولة إيذاء كفار مكة للنبي -صلى الله عليه وسلم-.
    وقد سأل العباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه- النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: هلْ نَفَعْتَ أبَا طَالِبٍ بشَيءٍ؟ فإنَّه كانَ يَحُوطُكَ ويَغْضَبُ لَكَ، فقالَ -صلى الله عليه وسلم-: (نَعَمْ، هو في ضَحْضَاحٍ مِن نَارٍ، لَوْلَا أنَا لَكانَ في الدَّرَكِ ألأسْفَلِ مِنَ النَّارِ
    أي إن أبا طالب خُفّفِ عنه العذاب بسبب شفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فبدلاً من أن يكون في أسفل جهنم أصبح في نار تصل إلى كعبيه فقط.

    شفاعة الشهيد
    الشهيد الذي قاتل في سبيل الله فَقُتل لجعل كلمة الله هي العليا جَعَله الله شفيعاً في أهله الذين تركهم ليقاتل في سبيل الله -تعالى-، فأكرمه الله بأن جعله شفيعاً لسبعين من أهله، قال -صلى الله عليه وسلم-: (يَشْفَعُ الشهيدُ في سبعينَ من أهلِ بيتِه
    فيشفع للآباء والأمهات والأولاد والبنات وغيرهم، والشهيد لا يُصلّى عليه؛ لأن الصلاة شفاعة وهو شافع لغيره

    الشفاعة المنفية في النصوص الشرعية

    كما أن هناك شفاعة أثبتتها النصوص الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية، فأيضاً هناك شفاعة نفتها النصوص الشرعية؛
    إما لأنها تُطلب من غير أهلها؛ كطلب الشفاعة من الأولياء، أو لأنها تُطلب لغير أهلها كالمشركين،

    طلب الشفاعة من غير الله -تعالى

    - الشفاعة لا تُطلب ولا تصحّ إلا من الله -تعالى-؛ لأنها تتعلق بأمرٍ لا يقدر عليه إلا الله -تعالى-،
    فمثلاً المخلوقات عاجزة عن أن تغفر لنفسها الذنب، فكيف تطلب منها الشفاعة لتغفر لغيرها،
    فكل شفاعة من غير الله شفاعة منفية لا تنفع صاحبها، فقد قال -تعالى-: (وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ
    فطلب الشفاعة من غير الله لا تصح، لأن الله لم يأذن لهم أن يشفعوا للناس.
    الشفاعة التي نفاها القرآنُ الكريمُ هي الشفاعة للمشركين؛
    (1) قال الله تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾ [البقرة: 48].
    (2) وقال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [البقرة: 254]،
    وقال سبحانه: ﴿ وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 51].
    (3) وقال جَلَّ شأنه: ﴿ فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ * وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ * فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 100 - 102].
    (4) وقال تعالى: ﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ﴾ [غافر: 18].
    وممن لا يقبل الله شفاعتهم يوم القيامة اللعانون، فقد روى مسلمٌ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم،
    يَقُولُ: «إِنَّ اللَّعَّانِينَ لَا يَكُونُونَ شُهَدَاءَ، وَلَا شُفَعَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»؛ (مسلم حديث:2598).
    واللعن: هو الطردُ من رحمة الله تعالى التي وسعت كُلَّ شيءٍ، واللَّعَّانُون: الذينَ يُكْثِرُونَ مِن اللعْنِ.

    الشفاعة لغير المسلم

    يبيّن الله -تعالى- حال الكفار يوم القيامة بأنهم يقولون كما جاء في القرآن الكريم: (فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ)،  فقد منع الله -تعالى- الشفاعة لغير المسلمين.

    شروط الشفاعة
    جاءت النصوص الشرعية بتقييد الشفاعة بشرطين، ولا تصح أي شفاعة بدونها، وهما:
    أن يأذن الله للشافع بالشفاعة قال -تعالى-: (مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ
    فحتى التقدّم للشفاعة لا يكون إلا بعد إذن الله -تعالى- للشافع بأن يقدم شفاعته، وهذا يدل على أن هناك من يرغب بالشفاعة يوم القيامة إلا أن الله -تعالى- لا يأذن له بذلك؛ لأنه لا يستحق أن يكرمه الله -تعالى- بها. أن يرضى الله -تعالى- عن المشفوع له ولا يرضى الله ولا يأذن بها إلا إذا كانت لأهل التوحيد والإيمان،
    قال -تعالى-: (يَوْمَئِذٍ لاَّ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً
    وقال -تعالى-: (وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى
    فالشفعاءُ لا يشفعون إلا لمن يرضى عنه الرحمن، والرحمن لا يقبل الشفاعة إذا كانت لمن لا يستحقها.
    من أسباب نيل الشفاعة في الآخرة:
    (1) تلاوة القرآن:
    روى مسلمٌ عَنْ أبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "اقْرَؤُوا الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ"؛ ( مسلم حديث 804 ).
    (2) الصيام:
    روى أحمدٌ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بنِ العَاصِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ إِنِّي مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النُّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ فيُشَفعانِ؛ (حديث صحيح)، (صحيح الجامع للألباني حديث: 3882).
    (3) صلاة الجنازة على الميت:

    روى مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا مِنْ مَيِّتٍ تُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُ إِلَّا شُفِّعُوا فِيهِ؛ (مسلم حديث 947).
    روى مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ مَاتَ ابْنٌ لَهُ بِقُدَيْدٍ أَوْ بِعُسْفَانَ، فَقَالَ: يَا كُرَيْبُ انْظُرْ مَا اجْتَمَعَ لَهُ مِنْ النَّاسِ؟ قَالَ: فَخَرَجْتُ فَإِذَا نَاسٌ قَدْ اجْتَمَعُوا لَهُ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: تَقُولُ هُمْ أَرْبَعُونَ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَخْرِجُوهُ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ، فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا لَا يُشْرِكُونَ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا شَفَّعَهُمْ اللَّهُ فِيهِ؛ (مسلم حديث 948).
    (4) ترديد الأذان والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وطلب الوسيلة له:
    روى مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ»؛ (مسلم حديث: 384).
    (5) الشهادة في سبيل الله:
    روى أبو داودَ عَنْ أبي الدَّرْدَاءَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يُشَفَّعُ الشَّهِيدُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث:2201).

    ----------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا
    تابعونا جزاكم الله خيرا
    ولا تنسونا من صالح دعائكم


    عدل سابقا من قبل sadekalnour في الثلاثاء ديسمبر 20, 2022 10:54 pm عدل 1 مرات

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5202
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود حكم التوسل بغير الله

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين ديسمبر 19, 2022 8:06 am


    حكم التوسل بغير الله



    فالتوسُّل: هو طلب المَعُونة من الله بطريقة غير مباشرة، يتَّكِئ بها الدَّاعي تقرُّبًا، كأن يقول: اللَّهم فرِّجْ كربي بجاه نبيِّك، أو بجاه فلان من الصَّالحين.

    والاستغاثة: طلَب الغَوْث مِن مَخْلوقٍ كائنًا مَن كان وبطريقة مباشِرة،
    كأنْ يقول: يا فلان، نجِّني من الكُربات، ارزُقني أولادًا، ونحو ذلك.
    وهو على قسْمَيْن؛
    توسُّل غير مشْروع، وتوسُّل مشْروع، أمَّا التوسُّل غير المشروع فكَما جاء في التَّعريف.

    أمَّا التَّوسُّل المشروع:
    فكالتوسُّل بأسماء الله الحُسْنى وصفاتِه العُلا، وبالإيمان بالله وبالعمل الصَّالح، وكدعاء ولي حيٍّ منَ الأولياء في مصائب عامَّة، كما توسَّلَت الصحابة بالعبَّاس عمِّ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - وتوسَّل مَن بعدهم بأسود بن يزيد.

    فمفهوم التوسُّل الممنوع:
    إنما هو التقرُّب والتزَلُّف بما يَعتقِده المُتوسِّل أنه مبارك ومقبول عند الله، وهو منْهِي عنه، بل هو شرك بالله ، فنقول: إذا كان التوسُّل بالنبي المرْسَل والملَكِ المقرَّب منْهيًّا عنه، فكيف بِمَن دونهما؟ لا شكَّ أن النَّهْي عن التوسُّل بغيرهما من بابِ أَوْلى وأحرى.

    ثُمَّ إنه إذا توسَّل متوسِّلٌ بغير الله، فهو بذلك يعبد غير الله؛ كطَلَبِه منهم كشْف الضَّرر أو جَلْبهم له مصلحة، مع أنهم لا يَملكون لأنفسهم ضرًّا ولا نفْعًا، ولا موتًا ولا حياة ولا نُشورًا،
    كما قال تعالى في أوَّل سورة الفرقان: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ ﴾ [الفرقان: 1] إلى قوله ﴿ وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا ﴾ [الفرقان: 3]،
    وكما قال تعالى: ﴿ أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ ﴾ [يس: 23]،
    وقال تعالى: ﴿ فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾ [الأحقاف: 28]،
    وقد قال تعالى بعدَما تكَلَّم الله في أوَّل سورة الزُّمر عن الإخلاص، وأنَّ لله الدِّينَ الخالِص: ﴿ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ﴾ [الزمر: 3].

    فعُلِم بذلك أنَّ مَن اتَّخذ من دون الله أولياء للتقرُّب أو للتزلُّف؛ سواء كانوا أصنامًا أو أشخاصًا، فقد خالَف التَّوحيد والإخلاص، وأشرَكَ بالله العظيم، وانحَرَف عن الصِّراط المستقيم والدِّين الخالص لله، واتَّبَع خطوات الشيطان، ووقَع في الضَّلال المُبِين، وقد حَكَم الله - سبحانه وتعالى - على مَن كان أمرُه كذلك بالكذب والكفر كما ترى.

    إذًا ظهر لك جليًّا أن مفهوم التوسُّل: التقرُّب واتِّخاذ شفعاء ووسائط من دون الله، وهو عَيْن الشِّرك الذي منَعه الله في كتابه العزيز، كما جاء في الآيات القرآنية الكثيرة، ولِتَشبيه المتوسِّل خالقه بالمخلوق الضَّعيف الذي يحتاج إلى وزير يُعِينه، كما أفاده شيخ الإسلام ابن تيميَّة في بحوثه.

    والغريبُ في الأَمر أنَّ الصُّوفية تجهل الأدلَّة الواضحة الجليَّة في القرآن، بل إنَّك تجد سورة الفاتحة - وهي التي تُقرأ سبعَ عشرةَ مرَّة في الفرائض، ومع الرَّواتب والنَّوافل تقريبًا خمسين مرة - تأمر بعبادة الله وحْدَه، والاستعانة بالله وحْدَه، فإذا كان الله يَأْمرك ألاَّ تستعين إلاَّ به، فلماذا تذهب إلى غيره لتستعين به وتسأله، أو تتوسَّل به فيما لم يأمرك الله أن تتوسَّل به؟!

    وقد قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة: 35].

    فهنا قال الله تعالى: ﴿ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ﴾ ولم يقل: وابتغوا إلى الأولياءِ الوسيلة،
    أو: وابتغوا إلى الله الوسيلة بالأولياء، وقوله تعالى: ﴿ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ إشارةٌ إلى التوسُّل بالأعمال الصَّالحات كالجهاد في سبيل الله؛ إذْ هو أدعى للإجابة لا التوسُّل بالأولياء كما تزعم الصُّوفية؛ ولِذَلك ختم الله الآية بقوله: ﴿ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ دليلاً على أنَّ مَن سلك غير هذه السبيل، فقد ضلَّ عن سواء السَّبيل، وخسر خسرانًا مبينًا.

    وإن كانت الصُّوفية قد تقول جدَلاً وبهتانًا: قوله تعالى: ﴿ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ﴾ عامٌّ،
    ولكننا نقول لهم: هو تمسُّك بظاهر اللَّفظ بدون مستَنَد، وتكَلُّف بلا مسوِّغ، ولو كان استدلالكم صحيحًا لمَا عارضه مجْمَلُ آيات القرآن البيِّنات، والقرآن يؤيِّد بعضه بعضًا.

    وقال تعالى في سورة الإسراء: ﴿ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ﴾ [الإسراء: 56 - 57].

    وهنا أيضًا قد بيَّن الله أنَّ هؤلاء يبتغون إلى ربِّهم الوسيلة، ولم يَقُل: يتوسَّلون بالأولياء، وسبب نُزول الآيتين هو أن نفَرًا من الجِنِّ كانوا يُعبَدون، فأسلَمُوا، فبقيَ الذين كانوا يعبدونهم على حالهم، والحديثُ في صحيح البُخاري في كتاب التفْسير.

    وأيضًا في هذه الآية إشارات:

    الأولى: خطأ التوسُّل بغَيْر الله؛ حيث صار الذين كان يُتَوسَّل بهم إلى الله يَتوسَّلون ويدعون يبتغون إلى ربِّهم الوسيلةَ - أي: التوسُّل المشروع - مما يدلُّ على ضَلال الفِرْقةِ الأُولى، وخطَئِهم الفادح؛ لتوسُّلهم بالمخلوق الضعيف.

    الثانية: يأمر الله سبحانه أن يَدْعُوَ المشركون الذين زعَمُوا مِن دون الله، وأخبر أنهم إنْ فعَلوا ذلك فإنَّهم لا يملكون لهم ضرًّا ولا نفعًا، وهذا أسلوب بليغ تعجيزي، لا على حقيقته؛ إذْ أخبرَ الله أنهم سيَخْسرون في ذلك فعلاً؛ لأنَّ المدْعُوِّين لا يملكون ضرًّا ولا نفعًا، وإنما الواجب الذي عليهم هو أن يفعلوا كما فعلوا، ويوجِّهوا دعاءهم ووسيلتهم إلى ربِّهم وحْدَه، ويَرجو رحمة الله، ويخافوا مِن عذاب الله، لا أن يكونَ رجاؤُهم وخوفهم واستعانتهم وتوكُّلهم مرتبطًا بعبادٍ ضعفاء مثْلِهم لا يملكون لأنفسِهم ضرًّا ولا نفعًا، فضْلاً عن غيرهم، وهذا هو الضلال المُبين.

    والثالثة: عبَّر الله سبحانه بتصرُّفاتهم بالزَّعم، وهو ما يَزِيد في توبيخهم وتهكُّمهم بما كابروا وعاندوا فيه، وأنهم مع ذلك لا يَجْنون مِن وراء ذلك كشْفَ الضرِّ عنهم ولا تحويلاً؛ وذلك لأنهم لا يتَّبعون إلاَّ الظن.

    وأيضًا قال تعالى في سورة سبأ: ﴿ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ * وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ﴾ [سبأ: 22 - 23].
    وفيه دروس:

    الدَّرس الأول: أخبر الله سبحانه أنَّ الذين يزْعُمون من دون الله لا يملكون مِثْقال ذَرَّة في السَّماوات ولا في الأرض، وهذا غاية في التَّيئِيس عنهم لمن له أدْنَى مسكة من العقل.

    الدرس الثاني: قوله تعالى: ﴿ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ ﴾؛ أيْ: هؤلاء المدعوُّون لا يشتركون مع الله في شيء من مُلكه أبدًا، حتى يُسألوا أو يُتوسَّل بهم، وليس لهم أيُّ صلاحية في شيءٍ أبدًا؛ وذلك لأنَّ الله غنيٌّ عن الشركة والاستِعانة بمخلوق، كائنًا مَن كان،
    كما قال تعالى في آخر سورة الإسراء: ﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾ [الإسراء: 111].

    فوالله الذي لا إله إلاَّ هو، إنَّ هذا التوحيد مِن أجَلِّ النِّعم التي تستحقُّ الحَمْد والشُّكر؛ إذْ لم يُحْوِجْنا الله إلاَّ إلى مَلِكٍ غنيٍّ عزيزٍ واحدٍ؛ لأنَّ مِن كمالِ غِنى الله ألاَّ يَحتاج إلى ولدٍ، ومِن كمال مُلكه ألاَّ يحتاج إلى شريكٍ، ومن كمال عِزَّته ألاَّ يتَّخذ وليًّا من الذُّل،
    وكلُّ هذه المعاني متضمِّنة ما جاء في أوَّل سورة الفاتحة: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 2 - 4]، ما جاء في هذه الإضافة من معانٍ أو نكت بينت فيها لماذا أن الله سبحانه خصَّ ذكر ملكه في الآخرة وقال: ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾، وقد ختَم الله السورةَ بتكبير ذاته العظيمة؛ لأنَّ التحوُّل إلى غيره يوجب تنقيصه؛ لذلك يوجِّهنا الله أن نَشْكره أوَّلاً بالتوحيد، ثم نُكبِّره؛ لأنَّ الله وحْدَه هو المستحقُّ للتَّكبير، لا أن يُكبَّر معه أحد، فنقعَ في الشِّرك المحذور.

    ثم لو احْتَجنا - على سبيل الفرض والتَّقدير - أن نسأل ونَعبد إلهين لَكَثُر تعَبُنا وشقاؤُنا بينهما فقد يأمر هذا بالقيام مثلاً، ويأمر الآخَرُ بالقعود، فكيف نُطِيعهما في آنٍ واحد؟! قال تعالى مخْبِرًا عن هذه الحقيقة ومُمْتنًّا علينا:
    ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الزمر: 29].
    أن الَّذين يُدْعَون في هذه العصور المتأخِّرة أولياءَ لا يَخْلو منهم ادِّعاء القُدْرة والعِلْم والمُلْك على مُرِيديهم؛ حتىَّ يلتزموا طاعتهم، وينفعوهم بالأموال والتَّبجيل والتكبير بغير حقٍّ، وهو شِركٌ بالله واضح.

    فالله - سبحانه وتعالى - يُريد أن يُريحنا ويُخلِّصنا مِن هذه المتاعب، وهذا الشَّقاء كلِّه، ويوجِّهنا إلى عبادته وحده؛ لأنَّه هو المَلِك الوحيد، وله مُطْلَق التصرُّف في ملْكِه، وهو العزيز وحْده، لا يُمكن أن يعتزَّ بشركة أحد ولا بمعاونة ولي؛ لذلك فهو المستحِقُّ وحده التكبير والتبجيل، بل والاستعانة والتوسُّل به وحده، والشُّكر والامتنان، فسبحانه لا إله إلا هو، الفرد الصَّمد، الكبير المتعال.

    الدرس الثالث: ﴿ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ ﴾ [سبأ: 22]:

    فكأنَّ الذي يطلب الشفاعة من دون الله، يَظُن أنَّ الشافع ظهير، أو معاوِن لله، كما هو حال ملوك الأرض، فنَفى الله عن نفْسِه ذلك، وبيَّن أنَّ هؤلاءِ الشُّركاء ليس لهم أيُّ مساعدة؛ إذْ كيف لهم ذلك، وهم لا يملكون مِثْقال ذرَّة في السَّماوات ولا في الأرض، ولا أي شركة، بل هم عبادٌ فُقراءُ لا يملكون لأنفسِهم ضرًّا ولا نفعًا، فكيف يملكون لغيرهم؟!

    الدرس الرابع:

    وهذا أيضًا بيان من الله تعالى في عدم تمكُّن أيِّ أحدٍ كائنًا مَن كان أن يتجرَّأ بالشفاعة، مهما بلغ منَ الفَضْل والشَّرف عند الله، ولو كان ملَكًا مقرَّبًا، أو نبيًّا مرسَلاً، إلاَّ بعد أن يَأذن الله لمن يشاء ويرضى.

    ثُمَّ إنَّ هؤلاءِ المشْرِكينَ قد جَعَلوا شُركاءَهم وكأنَّ لهم سُلْطة مطْلَقة، بحيث يقدرون أن يشفعوا لِمَن يريدون، ومتى ما يريدون وكيفما يريدون، وهو باطل مردودٌ بصريح المعقول وصريح المنقول،
    وقد ثبت عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن أحْدَث في أمْرِنا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ))، وفي رواية: ((مَن عمل عملاً ليس عليه أمْرُنا فهو ردٌّ)).

     --------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا
    تابعونا جزاكم الله خيرا
    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5202
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود حكم التوسل بغير الله

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين ديسمبر 19, 2022 8:36 am


    تابع .. حكم التوسل بغير الله

    فالتوسل بغير الله يناقض التوحيد للأسباب الآتية:

    أولاً: يرجو المتوسلُ بغير الله خيرًا مِمَّن لا يملِك لنفسه ضرًّا ولا نفعًا، فضلاً عن غيرِه؛ وقد قال - تعالى -:
    ﴿ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [يونس: 18].

    وقد جعل الله اللجوءَ إلى ما لا يضرُّ ولا ينفع، واتخاذَهم شفعاءَ من دون الله - عبادةً كما ترى، كما أنكر اللهُ على الصانعين بمثل هذه الأفعال بقولِه: ﴿ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ﴾ [يونس: 18]، ونزَّه اللهُ نفسَه أن يُعبد بمثل ذلك، وجعله كذلك شركًا بقولِه: ﴿ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [يونس: 18].

    وعليه جرى ذلك الحُكم في آيات القرآن كلِّها التي وردت في اتخاذ الشفعاءِ من دون الله؛ إذ حكم اللهُ عليهم أنهم عبدوا من دون الله آلهةً، وأشركوا في عبادته - سبحانه -
    كما قال - تعالى -: ﴿ أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ ﴾ [يس: 23]،
    وقال - تعالى -: ﴿ فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾ [الأحقاف: 28]،
    وقال - تعالى -: ﴿ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ﴾ [الزمر: 3].

    ثانيًا: فيه صرفُ المتوسلِ بغير الله رجاءَه وتوكُّلَه واستعانتَه لغيرِ الله، وربما صرَف - كذلك - الخوفَ والإنابة وسائرَ الأعمال التعبدية؛ سواءٌ كانت قلبية أم قولية أم فعلية، وهذا هو الشركُ الواضح الذي لا غبارَ عليه؛
    وقد قال - تعالى -: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]،
    وقال: ﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾ [فاطر: 13- 14].

    وقال - سبحانه -: ﴿ لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ﴾ [الرعد: 14].


    ثالثًا: فيه تشبيه المتوسِّل بغير اللهِ الخالقِ بمخلوقٍ يحتاج إلى مُعينٍ ووزير، وقد نفى اللهُ عن نفسه ذلك،
    وقال: ﴿ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ ﴾ [سبأ: 22]؛ أي: مِن مُعين، والله - سبحانه - غنيٌّ عن ذلك كلِّه، وفي الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:
    قال الله - تبارك وتعالى -: ((أنا أغنى الشُّركاءِ عن الشرك، من عمِل عملاً أشرك فيه معي غيري تركتُه وشِرْكَه))؛ رواه مسلم، وفي رواية ابن ماجه: ((فأنا منه بريءٌ، وهو لِلَّذي أشرك)).
    وهذا إذًا يُعتبر أقبحَ ما وقع فيه المتوسِّل بغيرِ الله، وإن لم يكن سببٌ آخر يُنهى عن التوسَّل بغير الله بسببه غير هذا لكفى.

    فالله - سبحانه - قال لك في القرآن يا عبدَ الله: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60]، وقال - سبحانه -: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ [البقرة: 186]، فلماذا تريد أن يكونَ اللهُ بعيدًا عنك وهو يقول لك ﴿ فَإِنِّي قَرِيبٌ ﴾؟! ثم الله - سبحانه وتعالى - سهَّل لك إجابةَ دعوتك؛ فلماذا تُصعِّب على نفسك، وتكلِّف نفسك ما لم يكلِّفك الله؟!

    وهذا التشبيه وإن لم يصرِّح المتوسِّل بغير الله به بلسانه، أو حتى لو لم يدُرْ بنفسه ذلك - فإن لسان حاله وواقعه يقول ذلك؛ إذ إن الله - سبحانه - كريمٌ، وهو أكرم الأكرمين، ولم يحتجب عنَّا، بل هو أقربُ من أحدنا مِن راحلته، فلماذا نُبعِّده عن أنفسنا، ونكلِّف أنفسنا العناءَ والشقاءَ لا نحتاجه، بل نوقعها في البدعة والشرك والعياذ بالله؟!

    وما أحسنَ قولَ القائل:
    واللهُ يغضِبُ إن تركتَ سؤالَه .. وبُنَيُّ آدمَ حين يُسأَلُ يغضبُ

    ولَمَّا سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بعضًا من أصحابه يدعو اللهَ بصوت مرتفع، نهاهم عن ذلك
    وقال لهم: ((أيها الناس، اربَعُوا على أنفسِكم؛ فإنكم لا تدعونَ أصمَّ ولا غائبًا))،
    وأنزل الله في إثرها: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].

    وقد قال - تعالى -: ﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [الأعراف: 55].

    فإذا كان اللهُ لا يحب مَن يرفع صوتَه بالدعاء، وجعله مُعتَدِيًا بذلك، فما ظنُّك بمن لا يدعو ربَّه إلا أن يتحوَّلَ إلى مَن يتقرَّبُ به إلى الله، ويَنسب له الفضلَ والجاه عند الله؛ ليجيب اللهُ دعاءَه - حسب زعمه - لا شك أن هذا أبغضُ عند الله مِن هذا المعتدي المشارِ إليه في الآيةِ.

    إذا كان ربُّك وحده هو الذي يجيب دعوةَ المضطر، وهو وحده يرفع عنك الضَّرر، ووحده يكشف السوءَ عن المشتكي البلايا وحده، إذًا فلماذا تلجأُ إلى غيره، أو تدور هنا وهناك،
    وقد قال ربك - سبحانه وتعالى -: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62]؟!


    قال صاحب التسهيل لعلوم التنزيل:

    ﴿ آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [النمل: 59] على وجه الردِّ على المشركين، فدخلت "خير" التي يرادُ بها التفضيل لتبكيتهم وتعنيفهم، مع أنه معلوم أنه لا خير فيما أشركوا أصلاً، ثم أقام عليهم الحجة بأن الله هو الذي خلق السمواتِ والأرض، وبغير ذلك مما ذكره إلى تمام هذه الآيات، وأعقب كلَّ برهان منها بقوله: ﴿ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ ﴾ [النمل: 61] على وجه التقريرِ لهم، على أنه لم يفعل ذلك كله إلا اللهُ وحده، فقامت عليهم الحجةُ بذلك، وفيها أيضًا نِعم يجب شكرُها، فقامت بذلك أيضًا".

    رابعًا: التوسل بجاهِ وفضل ذوات الأشخاص المكرَّمة - كالأنبياء والملائكة - إلى الله، بدعةٌ، ما أنزل الله بها من سلطان، ووسيلة إلى الغلو والشرك بالله، لم يشرعْه النبي - صلى الله عليه وسلم - بل كان يقول - بأبي هو وأمي -:
    ((إذا سألتَ فاسأل اللهَ، وإذا استعنتَ فاستعن بالله)).

    وهذا من توجيهات النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في مثلِ هذه المسألة، وما يقال في مسألةِ التوسل هذه يقالُ في مسألة الاستغاثة؛ بل هي أشدُّ وأصرح في الشرك بالله، والعياذ بالله.
    ولو كانت طريقةُ التوسل بذات النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أجدرَ بالإجابة عند الله، لحرَص عليها الصحابةُ - رضوان الله عليهم - ولنُقلت إلينا أخبارُهم في ذلك, ولَمَّا لم يُنقَلْ إلينا شيءٌ من ذلك؛ بل جاء عكس ذلك، علِمنا أن ذلك بدعةٌ في دين الله لا تجوز، بل هي وسيلةٌ إلى الشِّرك والغلو في دين الله.

    ولكنَّ التحقيق في هذه المسألة هو أن نفصِّلَ ونبيّن الضابطَ في مسألة التوسل البدعي هذه، التي اعتبرناها وسيلة إلى الشرك، فأقول: إذا كان المتوسِّل بغير الله يتوسل بجاهِ وفضل ذوات الأشخاص المكرمة - كالأنبياء والملائكة – إلى الله، فهي بدعةٌ ووسيلة إلى الشرك، على ألا يتخذَ المتوسل ذلك طريقه وديدنَه التي يدعو بها ربه، أما إذا اتخذ ذلك طريقَه، ودندن بها صباحًا ومساءً، فقد وقع في الشرك المحذور، وصرَف توكُّلَه ورجاءَه واستعانتَه إلى غير الله، واعتقد أن الضرَّ والنفع الذي كان لا يجلبُه إلا اللهُ في هذا المَلَكِ والنبيِّ الذي توسَّل به.

    وخذ قاعدة مهمة في العقيدة، وهي:

    "كلُّ من أشرك شركًا أصغر، واعتقد صاحبُه في الذي أشرك فيه أنه يجلبُ له نفعًا أو يدفع عنه ضرًّا، فقد انقلب شركُه شركًا أكبرَ يُخرج عن الملة".

    فعلى سبيل المثال لا الحصر: رجُل كان يُكثر الحلف بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وجرى على لسانه ذلك؛ فهذا شركٌ أصغرُ، ولكن إذا اعتقد أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ينفعُ كما ينفع ربُّه، ويضرُّ كما يضر ربُّه، فقد أشرك شركًا أكبر.

    مثال آخر: رجُل يكثر من قوله: ما شاء اللهُ وشئتَ، أو لولا الملاَّحُ حاذقًا لغرقنا، ونحو ذلك من الأقوال - فهذا شركٌ أصغرُ،
    ولكن إذا اعتقد صاحبُ هذه المقولة في المخلوق أنه ينفعُ كما ينفع الرحمنُ، ويضر كما يضرُّ - فهو مشركٌ شركًا أكبرَ، وقِسْ على ذلك.

    أما المتوسلون بجاه وفضل ذوات الأشخاص بمن يسمونهم أولياء، فهذا هو ما يأباه العقلُ السليم والنقلُ الصحيح، وإنما هذا جهل وغباء؛ إذ هؤلاء الذين يتوسَّلون بهم ليسوا بمعصومين، ولسنا ندري سرائرَهم وقلوبهم وإخلاصَهم، فكيف يُتعلَّق بهم؟!
    ثم لماذا تميز هؤلاء عن غيرهم من سائر الأمة؟ ولِم لَم يتوسلوا بأبي بكر وعمرَ، وهما المشهود لهما بالجنة وأفضلُ هذه الأمة على الإطلاق؟!

    وقد نتج عن هذا التوسل بهؤلاء الميتين المساكين - الذين هم بأمسِّ الحاجة إلى دعائهم لهم بالرحمة والمغفرة إن كانوا موحِّدين أصلاً - الغلوُّ والإطراء، والعبادة، والتمسح بالقبور، والطواف بها كما يطاف بالكعبة، والعكوف على القبور، والنذر لأصحابها حتى ألَّف أحدُهم كتابًا أسماه: "مناسك حج المشاهد"، ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه: "الرد على البكري والإخنائي"، فإنا لله وإنا إليه راجعون!

    خامسًا: التوسل - بحدِّ ذاته - عبادةٌ من العبادات، شرعها اللهُ لنا لنتقرب به إلى الله بما شرَعه، فمَن صرفها لغير الله فقد أحدث في الدِّين، وابتدع أو شرع شرعًا جديدًا مما لم ينزلِ الله به سلطانًا، فأشرك بذلك أو صار طاغوتًا - والعياذ بالله - بحسب عمله بهذه البدعة ودعائه إليها، وقهرِه على الناس؛ إذ قد تتحوَّل البدعةُ الصغيرة إلى بدعة مكفِّرة بل طاغوت،
    نسأل الله السلامةَ والعافية؛ قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة: 35].

    قال ابن جرير الطبري - رحمه الله -: وحقِّقُوا إيمانكُمْ وتصديقَكم ربَّكُم ونَبِيَّكم بالصَّالحِ مِن أعمالِكم، "وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ"، يقول: واطلبوا القُربةَ إليه بالعملِ بما يُرضيه.

    و"الوسيلة": هي "الفعيلة"، من قول القائل: "توسَّلت إلى فلانٍ بكذا"، بمعنى: تقرَّبت إليه،

    يعني بـ: "الوسيلة"، القُرْبة، ومنه قول الآخر:
    إِذَا غَفَلَ الوَاشُونَ عُدْنَا لِوَصْلِنَا .. وَعَادَ التَّصَافِي بَيْنَنَا وَالوَسَائِلُ

    حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: "وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ"، قال: المحبَّة، تحبَّبوا إلى الله، وقرأ: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ ﴾ [الإسراء: 57].

    وحدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عبدالله بن كثير قوله : "وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ"، قال: القُربة؛ اهـ.

    وهذه القربةُ عامة، فلا نحصرها بعدد معين، وإنما هي تشمل الإيمانَ كله، وكلمةَ التوحيد بصفة خاصة، وما اشتملت عليه هذه الكلمة؛ من التوسل بأسماء الله الحسنى، وغيره، بل وتشمل جميعَ العبادات والطاعات، وفِعْل الخيرات.

    التوسل الممنوع

    التوسل الممنوع هو الذي لا أصل له في الدين، وهو أنواع:

    1- التوسل بالأموات، وطلب الحاجات منهم، والاستعانة بهم، كما هو واقع اليوم، ويُسمونه توسلًا، وليس كذلك، لأن التوسل هو الطلب من الله بواسطة مشروعة كالإيمان والعمل الصالح وأسماء الله الحسنى؛ ودعاء الأموات إعراض عن الله، وهو من الشرك الأكبر،
    لقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإنْ فَعَلْتَ فَإنَّكَ إذًا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [يونس: 106].. (الظالمين: المشركين).

    2- أما التوسل بجاه الرسول كقولك: (يارَب بجاه محمّد اشفني) فهو بدعة، لأن الصّحابة لم يفعلوه، ولأن عمر الخليفة، توسل بالعباس حَيًّا بدعائه، ولم يتوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم بعد موته عندما طلب نزول المطر، وحديث "توسَّلوا بجاهي" لا أصل له، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية. وهذا التوسل البدعي قد يؤدي للشرك، وذلك إذا اعتقد أن الله محتاج لواسطة، كالأمير والحاكم، لأنه شبه الخالق بانحلوق.

    وقاك أبو حنيفة: "أكره أن أسأل الله بغير الله" كما في الدر الختار.

    3- وأما طلب الدعاء من الرسول بعد موته، كقولك: (يا رسول الله ادع لي) فغير جائز، لأن الصحابة لم يفعلوه، ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا مات الإنسانُ انقطع عملُه إلا مِن ثلاث: صَدقةٍ جاريةٍ أَوْ عِلم يُنتَفَع به، أَوْ ولدٍ صالح يدعو له))؛ [رواه مسلم].


    والله - سبحانه وتعالى - أعلمُ، وهو المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
    -------------------------------------------------------------------------
    بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا أحبابنا

    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع


      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 09, 2024 5:23 am