الاستغاثة
الشيخ : عبد الله بن فيصل الأهدل
المقدمة
الحمد لله الذي أنزل الكتاب ، وهزم الأحزاب .
الحمد لله الذي جعل القرآن بياناً وتبياناً لا شك فيه ولا ارتياب ، ولا إله إلا الله كلمة قامت عليها الأرض والسموات ، وابتدئت بها الرسالات ، وجردت لأجلها السيوف القاطعات .
وأشهد أن محمداً رسول الله خاتم الأنبياء والمرسلين ، والمبعوث رحمة للعالمين ، جاء بالحق اليقين ، والنور المبين ، بلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، ونصح الأمة ، وجاهد في الله حق جهاده ، فتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك .
أما بعد :
إننا في زمان تلبّس معظم أهله بالجهل ، واتبعوا صوت كل ناعق ، فعميت أبصارهم وبصائرهم عن معالم سنن الهدى ، ونطق فيهم الرويبضة ، فأفتى بغير علم فضلَّ وأضل .
وإن من أشد أنواع الجهل جهلاً أن لا يُفرّق بين الكفر والإسلام ، ولا بين المعصية والطاعة ، وأشد منه أن يُحسب الكفرُ إسلاماً والمعصية طاعةً .
وهذا مبحث مختصر يكشف زيف المارقين الجاهلين ، الداعين إلى الاستغاثة بالأموات والغائبين ، مبيناً في ذلك جهلهم ، ودافعاً إليهم شبههم ، مقرراً فيه ما دلّت عليه الأدلة وأجمع عليه أهل الملّة .
فأقول مستعيناً بالله وحده :
معنى الاستغاثة وأنواعها
الاستغاثة : مصدر الفعل اسثغاث . وهي : طلب الغوث لإزالة الشدة .
مثل الاستعانة : طلب العون .
قال تعالى : ] فاستغاثه الذي من شيعته [ .
فالاستغاثة إذاً من جنس الدعـــاء ، إلا أن الدعاء أعم فيكون لإزالة الشدة – وهو الاستغـاثة - ، أو لجلب الخير - فيكون إستعانة - .
وقال بعضهم : [ الاستغاثة هي الإعانة ] .
وعلى أية حال فهي لا تخرج عن الدعاء ، كما قال تعالى :
] إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم [ .
ومعلوم يقيناً وقطعاً أن الدعاء منه ما هو عبادة ، ومنه ما ليس كذلك ، فأما الذي هو عبادة فلا يجوز صرفه لغير الله تعالى ، لأن من صرف شيئاً من العبادات الشرعية صغرت أم كبرت لغير الله تعالى صار كافراً مرتداً بإجماع أهل الإسلام، ومما يدل على ذلك :
قول الله تعالى :] ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون [ .
وقوله تعالى : ] وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً [ .
وقوله تعالى ] ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذاً من الظالمين [ .
وقوله تعالى : ] ومن أضل ممن يدع من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون [ .
وقوله تعالى : ] له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى المـاء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال [ .
وقوله تعالى : ] والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ، إن تدعوهم لا يسمعــوا دعاءكم ولو سمعــوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم [ .
وغيرها من الآيات الكثيرة الدالة على هذا المعنى .
ومن الأحاديث : قول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه البخاري (( من مات وهو يدع من دون الله ندّاً دخل النار )).
وقوله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه أحمد والترمذي (( الدعاء هو العبادة )) . ومما يدل على أن الدعاء هو العبادة من القرآن :
قوله تعالى ] وقال ربكم أدعوني أستجب لكم ، إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين [ .
وقوله ] وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقياً ، فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب [ .
وقوله -صلى الله عليه وسلم- في الصحيحين (( ينـزل ربنا تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير ثم يقول : من يدعوني فأستجب له ؟ ... )) الحديث .
وعند أحمد وابن أبي شيبة والحاكم وصححه (( من لم يدع الله يغضب عليه )) .
والصنف الثاني من الدعاء ؛ الذي هو ليس بعبادة ، فهذا ليس بشرك ولا كفر . ومن ذلك :
استغاثة ذلك الرجل بموسى عليه السلام في قوله تعالى : ] فاستغاثه الذي من شيعته [ .
ومنه قوله -صلى الله عليه وسلم- (( من دعاكم فأجيبوه )) .
ومثله في النصرة ] وإن استنصروكم فعليكم النصر [ .
ومثله في الإعانة ] فتعاونوا على البر والتقوى [ .
وفي الحديث (( والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه )) .
بيان حكم الاستغاثة
من خلال ما قدمنا يقوم الجواب عن سبب كتابة هذه الأسطر وهو :
حكم الاستغاثة بالأموات والغائبين ، بل والحاضرين فيما لا يقدر عليه إلا الله .
فهل هذه الاستغاثة من النوع الأول فتكون شركاً مخرجاً من الملة ؟
أم من النوع الثاني فلا تكون شركاً ؟
وللإجابة عن ذلك :
ينبغي أولاً معرفة حال المشركين ، الذين كفّرهم القرآن ، لصرفهم الدعاء لغيره تعالى الذي مر في الآيات السابقة .
فالمشركون هؤلاء لم يكونوا يجحدون وجود الله بل كانوا يقرّون ويعترفون أن الله سبحانه وتعالى خالقهم ومدبّر شأنهم ومالك أمرهم وأنه المحيي والمميت وأنه رب السموات والأرض ؛
قال تعالى ] ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله [ .
وقال تعالى ] ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم [ .
وقال تعالى ] قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار والأفئدة ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبّر الأمر فسيقولون الله ، فقل ألا تتقون [ .
وقال تعالى ] قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل أفلا تذكرون ، قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم سيقولون الله قل أفلا تتقون [ .
وقال تعالى ] قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل فأنى تصرفون [ .
ومع كل ذلك كفّرهم القرآن ، ووصفهم بالشرك ، ومما كفّرهم به أنهم جعلوا لهم وسائط بينهم وبين ربهم ، يتوجهون إليها ويدعونهم ويستغيثون بهم ؛
قال تعالى ] ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله [ .
وقال تعالى ] والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى [ . وقد قدمنا أن الدعاء هو العبادة .
وهؤلاء المدعوون من الأصنام كان منهم رجال صالحون ، كما جـاء في صحيح البخاري من قول ابن عباس عن ؛ ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر ، أنهم رجال صالحون عُبدوا بعد موتهم .
ومنهم أنبياء وملائكة وغير ذلك اتخذوهم وسطاء وشفعاء عند الله ، يرفعون إليهم حاجاتهم ، ويستغيثون بهم ، حيث جعلوا الله كملوك الأرض يحتاجون إلى وسطاء في رفع الحوائج .
قال شيخ الإسلام ابن تيميه في كتابه < الواسطة بين الحق والخلق ص 18 > : [ ومن أثبتهم ( أي الأنبياء والصالحين ) وسائط بين الله وخلقه كالحجّاب بين الملك ورعيته بحيث يكونون هم يرفعون إلى الله حوائج خلقه ، فالله إنما يهدي عباده ويرزقهم بتوسطهم ، فالخلق يسألونهم وهم يسألون الله ، كما أن الوسائط عند الملوك يسألون الملوك الحوائج للناس لقربهم منهم ، والناس يسألون أدباً منهم أن يباشروا سؤال الملك ، ولأن طلبهم من الوسائط أنفع لهم من طلبهم من الملك ، لكونهم أقرب إلى الملك من الطالب للحوائج ، فمن أثبتهم وسائط على هذا الوجه فهو كافر مشرك ، يجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل ، وهؤلاء مشبهون لله شبّهوا المخلوق بالخالق وجعلوا لله أنداداً ] .
وكان هؤلاء المشركون يعتقدون في عبادتهم لتلك الأصنام أنها قربة إلى الله .
قال الإمام البكري الشافعي عند قوله ] من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار والأفئدة ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي [ الآية : [ فإن قلتَ : إذا أقرّوا فكيف عبدوا الأصنام ؟ قلتُ : كانوا يعتقدون بعبادتهم الأصنام عبادة الله ( وهكذا ما يفعله عباد القبور ) والتقرّب إليه ولكن بطرق مختلفة ، ففرقة قالت : ليس لنا أهلية عبادة الله تعالى بلا واسطة لعظمته ، فعبدناها لتقربنا إليه زلفى . وفرقة قالت : الملائكة ذو جاه ومنزلة عند الله تعالى ، فاتخذنا لنا أصناماً على هيئة الملائكة لتقربنا إلى الله زلفى . وفرقة قالت : جعلنا الأصنام لنا قبلة في العبادة كما أن الكعبة قبلة في عبادته . وفرقة اعتقدت أن لكل صنم شيطاناً موكلاً بأمر الله ( وهذا ما يعتقده أيضاً كثير من عبدة القبور أن للولي الفلاني نفر من الجن مسخّر له بزعمهم ) فمن عبد الصنم حق عبادته قضى الشيطان بأمر حوائجه ، وإلا أصابه شيطانه بنكبة بإذن الله ] .
وقال شيخ الإسلام في الرسالة السنية : [ والذين يدعون مع الله آلهة أخرى مثل المسيح والملائكة والأصنام ، لم يكونوا يعتقدون أنها تخلق الخلائق ، أو تنـزل المطر ، أو تنبت النبات ، وإن كانوا يعبدونهم ويعبدون قبورهم أو صورهم ، ويقولون : إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى . ويقولون : هؤلاء شفعاؤنا عند الله . فبعث الله رسله تنهي أن يدعى أحد من دونه ، لا دعاء عبادة ولا دعاء استغاثــة ، وقال : ] قل ادع الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشـف الضـر عنكم ولا تحويلاً ، أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب [ ] < راجع كتاب صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان لمحمد بشير السهسواني > .
وبعد كل ما تقدم نقول :
هل ما يفعله المستغيثون بالأموات ونحوهم من الأنبياء والصالحين يشابه ما يفعله المشركون أم لا ؟
الجواب :
الحق الذي لا مرية فيه أن هؤلاء قد صنعوا عين ما فعله المشركون بل زادوا عليه .
وإليك برهان ذلك :
أولاً : إنهم جعلوا من يستغيثون بهم وسائط بينهم وبين الله ، فشبهوا الله بملوك الأرض ، وهذا التشبيه شرك صراح تنـزه الله عنه ، قال تعالى ] ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [ .
يقول أحد أقطابهم معترفاً بهذه الوسائط بأنه [ لا يوجد أحد يعبد نبياً أو ولياً ، وإنما غاية ما يفعله الناس أن يجعلونهم وسائط بينهم وبين خالقهم ] .
وهذا الجاهل المصرّح بذلك لا يعرف معنى العبادة ، إذ العبادة عنده صلاة وصوم ونحوها ، لذلك كان أجهل من المشركين بمعنى العبادة .
فالمشركون كانوا يعرفون أن العبادة تشمل الصلاة والزكاة والصيام والحج والنذر والذبح والدعاء والاستغاثة والاستعانة واتخاذ الوسائط قربى ، فلذا قالوا وهم عالمون بذلك : ] ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى [ .
أما هؤلاء فلجهلهم بمعنى العبادة وحقيقتها - حيث اقتصر مفهومها على الشعائر ونحوها - وقعوا في الشرك والكفر بصرفهم بعض العبادة لغير الله .
قال الإمام الصنعاني في كتابه < تطهير الاعتقاد ص 51 > رداً على قولهم : [ نحن لا نعبـد هؤلاء ولا نعبد إلا الله وحده ولا نصلي ولا نصوم ولا نحج لغيره ، قلتُ : هذا جهل بمعنى العبادة ، فإنها ليســت منحصرة فيما ذكرنا ، بل رأسها وأساسها الاعتقاد ، وقد حصل في قلوبهم ذلك بل يسمونه معتقداً ، ويصفـون له ما سمعت مما يتفرّع عن الاعتقاد من دعائهم وندائهم والتوسل بهم و الاستغاثة والاستعانة والحلف والنذر وغير ذلك ] إلى أن قال [ ومن تكلم بكلمة الكفر صار كافراً فكيف بمن بلغ هذه المرتبة اعتقاداً وقولاً وفعلاً ] .
وقال أيضاً < صفحة 4.-41 > في ردّه على مثل قولهم : نحن لا نشرك بالله شيئاً ولا نجعل لله نداً وإن الالتجاء إلى الأولياء ليس شركاً . قال الصنعاني : [ نعم يقولون بافواههم ما ليس في قلوبهم ، ولكن هذا جهل بمعنى الشـرك ، فإن تعظيم الأولياء ونحرهم النحائر شرك والله يقول ] فصل لربك وانحر [ أي لا لغيره كما يفيده تقديم الظرف ، ويقول تعالى ] وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً [ ] .
ثانياً : إنهم اعتقدوا فيمن يستغيثون به ما يعتقدون في الله تعالى ، فإنهم جعلوا لهم سمعاً مطلقاً وعلماً مطلقـاً ، فتراهم يدعونهم ربما على بعد آلاف الأميال ، فذاك في مصر يستغيث بمن في العراق ، وذاك في اليمن يستغيث بمن في الهند ، اعتقاداً منه أنه يعلم بحاله ويسمع ندائه ودعائه ، وقادر على تحقيق طلبه من جلب خير أو دفع ضر وأنه حاضر وقت الطلب ، فتسمع : يا محضار احضر ، وغير ذلك .
[ ومن المواقف العديدة المعاصرة في ذلك أنه قد زعم الخليفة الحالي للسيد البدوي في مولد عام 1991م ( أن السيد البدوي معك أينما كنت ولو استعنت به في شدتك وقلت : يا بدوي مدد ، لأعانك وأغاثك ) قال ذلك أمام الجموع المحتشدة بسرادق وزارة الأوقاف بالقاهرة أمام العلماء والوزراء وقد تناقلته الإذاعات وشاشات التلفاز ] < مجلة البيان العدد 132 ص42 > .
ثالثاً : إنهم أعظم من الأوائل شركاً . فإن الأوائل يدعون معبوداتهم في الرخاء ، فإذا حلّت بهم النازلة وأشرفوا على المهالك ، تركوا أصنامهم وهرعوا إلى ربهم مخلصين له .
قال الله تعالى ] وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون من دون الله ، فلما نجّاهم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفوراً [ .
وقال ] وإذا مسّ الإنسان ضر دعا ربه منيباً إليه ، ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل .. [ .
وقال ] وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين [ .
وهذا بخلاف ما يفعله المستغيثون بالأموات والغائبين ، فإنهم إذا دهمتهم الشدائد ، وحلت بهم المهالك ، اشتدت اسغاثتهم بهم وكثرت النذور ، وهذا أمر يعرفه كل من خالطهم أو سار معهم ، وتراهم فوق ذلك يطوفون حول قبورهم ومشاهدتهم ويشرعون لها المناسك ، وهذا موجود عندنا في حضرموت كزيارة نبي الله هود المزعومة ، والحول السنوي عند قبر علي بن محمد الحبشي وغيرها ، وربما قال بعضهم للقادم من هناك ( حج مقبول أو مبرور ) ونحوها من العبارات .
[ وعلى ذلك فليس بمستغرب أن يقول السخاوي : جاء الحجّاج هذه السنة لسيد أحمد بدوي من الشام وحلب ومكة أكثر من حجاج الحرمين ] < مجلة البيان العدد 132 > .
وربما تقربوا بالنذور إليهم بما لا يتقربون به إلى الله ؛
يقول الشوكاني في الدر النضيد : [ وأما التقرّب إلى الأموات ، فانظر ما يجعلونه من النذور لهم على قبورهم في كثير من المحلات ، ولو طلب الواحد منهم ليسمح بجزء من ذلك لله تعالى لم يفعل ، وهذا معلوم يعرفه من عرف حال هؤلاء ] < راجع صيانة الإنسان ص 161 > .
[ ومن ذلك أن أبا المواهب الشاذلي يقول : ( رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لي إذا كانت لك حاجة وأردت قضاءها فانذر لنفيسـة الطاهرة ولو فلساً فإن حاجتك تُقضى ) < طبقات الشعراني 2/74 > فهذا الحلم الشيطاني دعوة صريحة للشرك بالله ونقض التوحيد ] < البيان العدد 131 ص 55 > .
رابعاً : إنهم يطلبون ممن يستغيثـون بهم من الأموات والغائبين ، أموراً لا يقدر على تحقيقها نبي مرسل ولا ملك مقرب ولا أحد من الخلق أبداً ، وينادونهم بالألفاظ التي لا تليق إلا بالله تعالى ، مما يدل على أنهم يعتقدون فيهم كمال التصرّف في الكون ، وأنهم قادرون على ما لا يقدر عليه البشر من جلب الرزق والشفـاء والولــد والنصر على الأعداء واعتقاد الضر والنفع ، بل ربما رأوا أنهم إن دعوا الله لم يستجب لهم ، وإن دعوا غيره من أوليائهم استجاب لهم وسارع في تحقيق مطلبهم ، بل تفضّل عليهم بأكثر مما طلبوا .
[ وقد أورد أبو بكر العراقـي عن بعض القبوريـين وهو إمام وخطيب في أحد مساجد ديالي المهمة يقول : ( دعوت الله ست سنوات أن يرزقني الولد فلم أرزق ، وذهبت إلى شيخــي مصطفى النقشبندي – أربيل – فما أن استغثت به وطلبت منه الولد حتى رزقت بطفلين توأمين ) .
تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً .
وهذا النموذج الصارخ يحوي على جميع أنواع الشرك ؛ ربوبية وألوهية وأسماء وصفات ] < مجلة البيان العدد 132 ص 56 > .
وقد صرّح أحد كبار التنظير القبوري وهو أحمد بن محمد بن صديق الغماري بوجود الشرك الأكبر الصراح في القبورية ، قال : [ .. وإن عندنا في المغرب من يقول في ابن مشيش إنه خلق الابن والدنيا ، ومنهم من قال والمطر نازل بشدة : يامولانا عبد السلام الطف بعبادك !! فهذا كفر ] < البيان العدد 132 ص 63 > .
يقول محمد بن علي خرد : ثلاثة لا تزال خيل ساحتهم مسرجة ملجمة لمن دعاهم أو استغاث بهم ( عمر المحضار ، وعلوي بن محمد بن الفقيه المقدم ، وابنه علي بن علوي خالع قسم ) . فنظمهم بقوله :
إذا خفت أمراً أو توقعت شدة فنوه بهم أن يدركوك ويحضروا
فنوه بعلوي الفتى وابنه علي كذا عمر فيما يحل ويعسر
فغارتهم تنجيك من كل شدة وعسر وضيق أو بصدرك يكبر
< راجع المشرع الروي ص 2.1 >
وتراهم أيضاً يطلبون منهم العفو ومغفرة الذنوب وإجابة الدعوة ويرجونهم .
يقول البرعي في استغاثته برسول الله -صلى الله عليه وسلم- :
أرجوك في سكرات الموت تشهدني كي ما يهون إذ الأنفاس في صعد
وإن نزلت ضريحاً لا أنيــس به فكن أنيس وحيد فيه منفــرد
وارحـم مؤلفها عبد الرحيم ومن يليه من أجله وانعشه وافتقــد
وإن دعا فأجبه واحـمِ جانبــه من حاسد شامت أو ظالم نكـد
وقال بعضهم في استغاثته بميت :
وامنن علي بتوفيق وعافيـــة وخير خاتمة مهما انقضى عمري
وكفَّ عنا أكف الظالمين إذا أشـ ـتدت بسوء لأمر مؤلم نكـرِ
فإنني عبدك الراجي بودك مــا أمّلته يا صفي السادة الغــررِ
قال بعض العلماء : [ فلا ندري أي معنى اختص به الخالق تعالى بعد هذه المنـزلة ، وماذا أبقى هذا المتكلم الخبيث لخالقه ، فإن المشركين أهل الأوثان ما يؤهلون من عبدوه لشيء من هذا ] < راجع تيسير العزيز الحميد ص142-143 > .
فهذا الغلو في الأموات بلغ بهم أن صيّروهم أصناماً ، قال ابن كثير في البداية والنهاية عن موت السيدة نفيسة سنة 2.8هـ وتعظيم المصريين لها ولقبرها : [ وأصل عبادة الأصنام من المغالاة في القبور وأصحابها ] وقال الذهبي في ترجمة السيدة نفيسة في < السير 1./1.6 > : [ ولجهلة المصريين فيها اعتقاد يتجاوز الوصف ولا يـجوز مما فيه من الشرك ، ويسجدون لها ويلتمسون منها المغفرة وكان ذلك من دسائس دعاة العبيدية ] .
وبعد هذا كله ؛ لا يستريب لبيب ، ولا يشك كل من له أدنى مسكة عقل ، في أن هؤلاء قد ارتكبوا الكفر البواح ، والشرك الصـراح الذي لا تأويل معه ، فإن لم يكن ما فعلوه كفراً وشركاً فليس في الدنيا بعده كفر ولا شرك .
أمس في 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
أمس في 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد
» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» العبادة وأركانها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد
» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور
» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد
» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد
» هيئات السجود المسنونة
الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» (( - 2 -)) خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأربعاء نوفمبر 13, 2024 11:28 pm من طرف صادق النور