أخطاء تقع في الحج والعمرة
يقع بعض الحجاج والمعتمرين في أخطاء نتيجة تهاونهم بتعلم أحكام النسك الذي ينوون أداءه قبل البدء فيه ظنا متهم أن الأمر هين
أو أنه يكفيهم أن يفعلوا مثلما يفعل من حولهم وهذا خطأ جسيم وقد يترتب على ذلك فساد حج أو عمرة بعضهم وقد يعودون بذنوب وآثام اكثر من تلك التي أتوا بها،
وربما عاد بعضهم وهو لم يتحلل من إحرامه بعد وهو لايدري، لذا وجب التنبيه على هذه الأخطاء حتى يعلمها من كان مُقدماً على حِج أو عُمرة فيتجنب الوقوع فيها.
وقد كان للشيخ صالح بن العثيمين عليه رحمة الله رسالة شاملة تضم غالب الأخطاء الشائعة التي تقع من الحجاج والمعتمرين،
وسوف نقدمها هنا مع بعض الإضافات الطفيفة بغرض توضيح بعض المعاني أو الالفاظ أو الأماكن:
أخطاء في الإحرام:
تجاوز الميقات بدون إحرام.
الخطأ الأساسي والكبير يتعلق بالميقات، فبعض الحجاج يتجاوزون الميقات من دون إحرام.
فقد ثبت عن النبي أنه وَقَّتَ لأهل المدنية: ذا الحليفة، أهل الشام ومصر والمغرب العربي ومن جاء عن طريقهم فميقاتهم عند الجحفة
لأهل نجد :قرن المنازل ، ولأهل اليمن :يلملم.حجاج العراق ومن يمر به ميقاتهم "ذات العرق
ومن كان في مكة ميقاته منزله.
ترك بعض الناس الغسل والنظافة والتطيب وهو سنة.
إلا إذا كان في وقت برد وخاف على نفسه فإن الغسل والتطيب سنة.أما النظافة هي ما يحتاج الإنسان إلى إزالته من شعر وأظافر.
النساء تصل إلى الميقات وهي حائض فلا تحرم وهذا خطأ بل يجب عليهن الإحرام من الميقات ولو كن حيض.
لبس بعض النساء النقاب والقفازين.
ظن بعض الناس أنه لا يجوز لبس النعال التي فيها خياطة.
ظن بعضهم أنه لا يجوز له تبديل لبس الإحرام بعد لبسه إذا كان ضيقا أو واسعا.
ترك الاشتراط مع الحاجة إليه.وهو قول " فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني " وفائدته أنه إذا حصل لك شيء فإنه يحل إحرامه ولا شيء عليه.
أن بعض الناس يظن إذا لبس الإحرام أنه أحرم قبل أن يعقد النية فتراه ولا يفعل شياً من محظورات الإحرام التي تحل له كالطيب والتي تحرم عليه في حال عقده النية.
اعتقاد البعض أن للإحرام صلاة خاصة به وذلك خطأ.
اضطباع البعض منذ بداية إحرامه، وهو خطأ فالاضطباع لا يكون إلا مع بداية طواف القدوم أو العمرة.
]الاضطباع ]
الاضطباع |
مشتق من الضبع، وضبع الإنسان هو عضده، وقيل: هو النصف الأعلى من العضد، إذاً: النصف الأعلى من العضد يسمى ضبع الإنسان، والاضطباع أن يكشف هذا المكان،
فقولنا: اضطبع بمعنى: كشف المنكب الأيمن.
ويقال للاضطباع أيضاً: التوشح، والتأبط؛ لأنه يجعل رداءه تحت إبطه، فيسمى اضطباعاً؛
لأنه كشف ضبع الإنسان، ويسمى تأبطاً؛ لأنه يجعل رداءه تحت إبطه.
فاضطباع المحرم: هو أن يدخل رداءه تحت إبطه الأيمن، ويرد طرفه على يساره، ويبدي منكبه الأيمن، ويغطي الأيسر.
والاضطباع مستحب في الطواف، ولا يستحب في غير طواف القدوم في الحج وطواف العمرة، إذاً المعتمر يسن له ذلك، وهذا من السنن وليس من الفروض ولا الواجبات، فإذا نسي فلا شيء عليه، وإذا تعمد ألا يفعله فلا شيء عليه كذلك، ولكن السنة أن يفعل ذلك، فهو مستحب.
أخطاء في الطواف:
ابتداء الطواف من قبل الحجر أي من بينه وبين الركن اليماني ، وهذا من الغلو في الدين الذي نهي عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو يشبه من بعض الوجوه تقدم رمضان بيوم أو يومين ، وقد ثبت النهي عنه، وادعاء بعض الحجاج انه يفعل ذلك احتياطاً غير مقبول منه ، فالاحتياط الحقيقي النافع هو اتباع الشريعة وعدم التقدم بين يدي الله ورسوله .
طوافهم عند الزحام بالجزء المسقوف من الكعبة فقط بحيث يدخل من باب الحجر إلى الباب المقابل ويدع بقية الحجر عن يمينه ، وهذا خطأ عظيم لا يصح الطواف بفعله ، لأن الحقيقة انه لم يطف بالبيت وإنما طاف ببعضه .
الرمل في جميع الأشواط السبعة، والصحيح أن الرمل إنما يكون في الأشواط الثلاثة الأول فقط من طواف العمرة والقدوم.
(( عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وقد وهنتهم حمى يثرب، فقال المشركون: إنه يقدم عليكم قوم قد وهنتهم الحمى، ولقوا منها شراً، فأطلع الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم على ما قالوه، فأمرهم أن يرملوا في الأشواط الثلاثة وأن يمشوا بين الركنين)، وكأن هذا كان في عمرة القضاء، وقد كانت سنة سبع، وكان المشركون يراقبون يريدون أن يشمتوا بالمسلمين الذين أتوا يعتمرون، فقد صدوهم في العام الماضي سنة ست في الحديبية، والآن في سنة سبع في عمرة القضاء يريدون أن يتفرجوا عليهم، فقالوا: هؤلاء قوم وهنتهم حمى يثرب، فقد كانت المدينة تسمى بيثرب، وكان كل من قدم إليها يصاب بالحمى، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم دعا الله سبحانه أن ينقل هذه الحمى من المدينة إلى مهيعة، فاستجاب له ربه سبحانه. فلما قدموا في عمرة القضاء فلا شك أنهم قد تعبوا، فالطريق طويل جداً، وأيام وليالٍ قضوها في الطريق، ولذلك أراد المشركون أن يشتموا بالمسلمين القادمين، فقالوا: إنهم قد وهنتهم حمى يثرب، وسترون كيف سيسقطون حول البيت، ولن يستطيعوا الطواف، فأخبر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم بما قالوه، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يرملوا الأشواط الثلاثة وأن يمشوا بين الركنين، فهنا النبي صلى الله عليه وسلم رأى الكفار جالسين فوق الجبل يشاهدون المسلمين، والمكان المخفي عنهم من الكعبة هو الذي بين الركنين، فأمر المسلمين أن يمشوا بين الركنين ثم يرملوا من الحجر إلى الركن اليماني، والرمل هو: المشي السريع كهيئة الذي يجري، ففعل الصحابة ذلك، فلما رأوهم رملوا قالوا: هؤلاء الذين ذكرتم أن الحمى وهنتهم، هم أجلد منا، ولقد قدموا من هذا السفر كله، ويطوفون حول البيت بهذه الكيفية، فهم أجلد وأقوى منا. قال ابن عباس رضي الله عنهما: (
فلو أمرهم أن يرملوا الأشواط السبعة كلها لوقعوا من التعب ولشمت بهم المشركون، ولكن أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يرملوا ثلاثة أشواط فقط . )) |
اعتقادهم أن الحجر نافع بذاته،
ولذلك تجدهم إذا استلموه مسحوا بأيديهم على بقية أجسامهم أو مسحوا بها على أطفالهم الذين معهم ، وكل هذا جهل وضلال ، فالنفع والضرر من الله وحده ، وقد سبق قول أمير المؤمنين عمر : (
إني لأعلم انك لا تضر ولا تنفع ، ولولا أنى رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك |
استلامهم ـ أعني بعض الحجاج ـ لجميع أركان الكعبة وربما استلموا جميع جدران الكعبة وتمسحوا بها ،
وهذا جهل وضلال ، فإن الاستلام عبادة وتعظيم لله عز وجل فيجب الوقوف فيها على ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ،
ولم يستلم النبي صلى الله عليه وسلم من البيت سوي الركنين اليمانيين (
الحجر الأسود وهو في الركن اليماني الشرقي من الكعبة ، والركن اليماني الغربي |
وفي مسند الإمام أحمد عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه طاف مع معاوية رضي الله عنه فجعل معاوية يستلم الأركان كلها فقال ابن عباس :
لم تستلم هذين الركنين ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما |
تخصيص كل شوط بدعاء معين لا يدعو فيه بغيره ،
حتى إنه إذا أتم الشوط قبل إتمام الدعاء قطعه ولو لم يبق عليه إلا كلمة واحدة ؛ ليأتي بالدعاء الجديد للشوط الذي يليه ،
وإذا أتم الدعاء قبل تمام الشوط سكت. والصحيح أنه لم يرد عن النبي في الطواف دعاء مخصص لكل شوط .
قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله : وليس فيه ـ يعني الطواف ـ ذكر محدود عن النبي لا بأمره ولا بقوله ولا بتعليمه ، بل يدعو فيه بسائر الأدعية الشرعية ، وعلى هذا فيدعو الطائف بما احب من خيري الدنيا والآخرة ، ويذكر الله تعالى بأي ذكر مشروع من تسبيح أو تحميد أو تهليل |أو تكبير أو قراءة قرآن.
وكذلك ما يذكره كثير من الناس من دعاء معين تحت الميزاب ونحو ذلك فلا أصل له .
ومن الخطأ الذي يرتكبه بعض الطائفين أن يأخذ من هذه الأدعية المكتوبة فيدعو بها وهو لا يعرف معناها ، وربما يكون فيها أخطاء من الطابع أو الناسخ تقلب المعني رأسا على عقب ، وتجعل الدعاء للطائف دعاء عليه ، فيدعو على نفسه من حيث لا يشعر .
وقد سمعنا من هذا العجب العجاب . ولو دعا الطائف ربه بما يريده ويعرفه فيقصد معناه لكان خيراً له وأنفع ، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر تأسياً وأتباعاً .
ومن الخطا الذي يرتكبه بعض الطائفين أن يجتمع جماعة على قائد يطوف بهم ويلقنهم الدعاء بصوت مرتفع ، فيتبعه الجماعة بصوت واحد فتعلوا الأصوات وتحصل الفوضى ، ويتشوش بقية الطائفين فلا يدرون ما يقولون ؛ وفي هذا إذهاب للخشوع وإيذاء لعباد الله تعالى في هذا المكان الآمن ،
وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم على الناس وهم يصلون ويجهرون بالقراءة فقال النبي : "
كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض في القرآن |
ويا حبذا لو أن هذا القائد إذا اقبل بهم على الكعبة وقف بهم وقال افعلوا كذا ، قولوا كذا ، ادعوا بما تحبون ، وصار يمشي معهم في المطاف حتى لا يخطئ منهم أحد فطافوا بخشوع وطمأنينة يدعون ربهم خوفاً وطمعاً بما يحبونه وبما يعرفون معناه ويقصدونه ، وسلم الناس من أذاهم .
أخطاء في الركعتين بعد الطواف:
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه لما فرغ من الطواف تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ : {
وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً |
فصلي ركعتين والمقام بينه وبين الكعبة ، وقرأ في الركعة الأولى الفاتحة و {
قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ |
والخطأ الذي يفعله بعض الناس هنا ظنهم أنه لا بد أن تكون صلاة الركعتين قريباً من المقام ، فيزدحمون على ذلك ويؤذون الطائفين في أيام الموسم ، ويعوقون سير طوافهم ، وهذا الظن خطأ فالركعتان بعد الطواف تجزئان في أي مكان من المسجد ،
ويمكن أن يجعل المقام بينه وبين الكعبة وإن كان بعيداً عنه فيصلي في الصحن أو في رواق المسجد ، ويسلم من الأذية ، فلا يؤذِي ولا يؤذَي ، وتحصل له الصلاة بخشوع وطمأنينة .
ويا حبذا لو أن القائمين على المسجد الحرام منعوا من يؤذون الطائفين بالصلاة خلف المقام قريباً منه ، وبينوا لهم أن هذا ليس بشرط للركعتين بعد الطواف .
ومن الخطأ أن بعض الذين يصلون خلف المقام يصلون عدة ركعات كثيرة بدون سبب مع حاجة الناس الذين فرغوا من الطواف إلى مكانهم .
ومن الخطأ أن بعض الطائفين إذا فرغ من الركعتين وقف بهم قائدهم يدعو بهم بصوت مرتفع ، فيشوشون على المصلين خلف المقام فيعتدون عليهم، وقد قال الله تعالى : {
ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ |
أخطاء في السعي:
ثبت عن النبي صلى اللة علية وسلم انه حين دنا من الصفا قرأ : {
إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ |
ثم رقي عليه حتى رأي الكعبة فاستقبل القبلة ورفع يديه فجعل يحمد الله ويدعو ما شاء أن يدعو ، فوحد الله وكبره
وقال : "
لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده |
والخطا الذي يفعله بعض الساعين هنا إذا صعدوا الصفا والمروة استقبلوا الكعبة فكبروا ثلاث تكبيرات يرفعون أيديهم ويومئون بها كما يفعلون في الصلاة ثم ينزلون ، وهذا خلاف ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، فإما أن يفعلوا السنة كما جاءت إن تيسر لهم ، وإما أن يدعوا ذلك ولا يحدثوا فعلاً لم يفعله النبي .
ومن الخطا الذي يفعله بعض الساعين أنهم يسعون من الصفا إلى المروة، أعني أنهم يشتدون في المشي ما بين الصفا والمروة كله ، وهذا خلاف السنة ، فإن السعي ما بين العلمين فقط والمشي في بقية المسعى ، وأكثر ما يقع ذلك إما جهلاً من فاعله أو محبةً كثير من الناس للعجلة والتخلص من السعي والله المستعان .
ومن الأخطاء التي يقع فيها النساء أنهن يُهرولن مابين الميلين الأخضرين مثلما يفعل الرجال وهذه الهرولة للرجال دون النساء فلا يصح لهن أن يهرولن وسط الرجال لما قد يثيره ذلك من الفتنة.
أخطاء في الوقوف بعرفات:
بعض الحجاج ينزلون خارج حدود عرفة، أويبقون في منازلهم حتى تغرب الشمس ثم ينصرفون منها إلى مزدلفة من غير أن يقفوا بعرفة ، وهذا خطأ عظيم يفوت به الحج ، فإن الوقوف بعرفة ركن لا يصح الحج إلا به ، فمن لم يقف بعرفة وقت الوقوف فلا حج له لقول النبي صلى اللة علية وسلم : "
الحج عرفة من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك |
يقف بعض الناس بالقرب من مقدمة مسجد نمرة سواء داخله أو خارجه، مع العلم أن مقدمة المسجد، بل معظم أجزاء المسجد تقع خارج حدود عرفة ، وقد خطب الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا المكان وصلى به الظهر والعصر جمعا وقصرا، ثم توجه إلى داخل عرفة، فمن أمضى اليوم في هذا الجزء من المسجد حتى غربت الشمس فقد فاته الحج.
بعض الناس ينصرفون من عرفة قبل غروب الشمس ، وهذا حرام لأنه خلاف سنة النبي صلى الله عليه وسلم حيث وقف إلى أن غربت الشمس وغاب قرصها ، ولأن الانصراف من عرفة قبل الغروب عمل أهل الجاهلية .
البعض يستقبلون جبل عرفة عند الدعاء حتى ولو كانت القبلة خلف ظهورهم أو على أيمانهم أو شمائلهم ، وهذا خلاف السنة ، فإن السنة استقبال القبلة كما فعل النبي .
أخطاء عند رمي الجمرات:
اعتقاد البعض أنه لا بد من اخذ الحصا من مزدلفة، فيتعبون أنفسهم بالتقاطها في الليل واستصحابها في أيام مني حتى أن الواحد منهم إذا ضاع حصاه حزن حزناً كبيراً ، وطلب من رفقته أن يتبرعوا له بفضل ما معهم من حصا مزدلفة ..
وقد علم مما سبق أنه لا أصل لذلك عن النبي صلى اللة علية وسلم ، وانه أمر ابن عباس رضي الله عنهما بلقط الحصا له وهو واقف على راحلته ، والظاهر أن هذا الوقف كان عند الجمرة إذ لم يحفظ عنه أنه وقف بعد مسيره من مزدلفة قبل ذلك ،
ولأن هذا وقت الحاجة إليه فلم يكن ليأمر بلقطها قبله لعدم الفائدة فيه وتكلف حمله .
اعتقاد الكثيرين أنهم برميهم الجمار يرمون الشيطان، ولهذا يطلقون اسم الشياطين على الجمار فيقولون : رمينا الشيطان الكبير أو الصغير أو رمينا أبا الشياطين يعنون به الجمرة الكبرى جمرة العقبة ، ونحو ذلك من العبارات التي لا تليق بهذه المشاعر ،
وتراهم أيضا يرمون الحصاة بشدة وعنف وصراخ وسب وشتم لهذه الشياطين على زعمهم ، حتى شاهدنا من يصعد فوقها يبطش بها ضرباً بالنعل والحصى الكبار بغضب وانفعال والحصا تصيبه من الناس وهو لا يزداد إلا غضباً وعنفاً في الضرب،
والناس حوله يضحكون ويقهقهون كان المشهد مشهد مسرحيه هزلية ، شاهدنا هذا قبل أن تبني الجسور وترتفع أنصاب الجمرات . وكل هذا مبني على هذه العقيدة أن الحجاج يرمون شياطين ، وليس لها اصل صحيح يعتمد عليه ،
وقد علمت مما سبق الحكمة في مشروعية رمي الجمار ، لإقامة ذكر الله عز وجل ، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبر على أثر كل حصاة .
رميهم الجمرات بحصى كبيرة وبالحذاء ( النعل ) والخفاف ( الجزمات ) والأخشاب ، وهذا خطا كبير مخالف لما شرعه النبي لأمته بفعله وأمره حيث رمي صلى الله عليه وسلم بمثل حصا الخذف ، وأمر أمته أن يرموا بمثله ، وحذرهم من الغلو في الدين . وسبب هذا الخطا الكبير ما سبق اعتقادهم أنهم يرمون الشيطان .
تقدمهم إلى الجمرات بعنف وشدة لا يخشعون لله تعالى ، ولا يرحمون عباد الله ، فيحصل بفعلهم هذا الأذية للمسلمين والإضرار بهم والمشاتمة والمضاربة ما يقلب هذه العبادة وهذا المشعر إلى مشهد مشاتمة ومقاتله ، ويخرجها عما شرعت من أجله ، وعما كان عليه النبي . ففي المسند عن قدامه بن عبد الله بن عمار قال : (
رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر يرمي جمرة العقبة على ناقة صهباء لا ضرب ولا طرد ولا إليك إليك |
ترك البعض الوقوف للدعاء بعد رمي الجمرة الأولي والثانية في أيام التشريق، وقد علمت أن النبي كان يقف بعد رميهما مستقبل القبلة رافعاً يديه يدعو دعاءً طويلاً ،
وسبب ترك الناس لهذا الوقوف الجهل بالسنة أو محبة كثير من الناس للعجلة والتخلص من العبادة. ويا حبذا لو أن الحاج تعلم أحكام الحج قبل أن يحج ليعبد الله تعالى على بصيرة ويحقق متابعة النبي .
ولو أن شخصاًُ أراد أن يسافر إلى بلد لرأيته يسأل عن طريقها حتى يصل إليها عن دلالة ، فكيف بمن أراد أن يسلك الطريق الموصلة على الله تعالى وإلى جنته ، أفليس من الجدير به أن يسأل عنها قبل أن يسلكها ليصل على المقصود ؟ !
رميهم الحصي جميعاً بكف واحدة وهذا خطأ فاحش وقد قال آهل العلم انه إذا رمي بكف واحدة اكثر من حصاة لم يحتسب سوى حصاة واحدة ، فالواجب أن يرمي الحصا واحدة فواحدة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم .
زيادتهم دعوات عند الرمي لم ترد عن النبي صلى اللة علية وسلم مثل قولهم :
اللهم اجعلها رضاً للرحمن وغضباً للشيطان |
تهاونهم برمي الجمار بأنفسهم تراهم يوكلون من يرمي عنهم مع قدرتهم على الرمي ليسقطوا عن أنفسهم معاناة الزحام ومشقة العمل ، وهذا مخالف لما أمر الله تعالى به من إتمام الحج حيث يقول سبحانه : {
وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ |
أخطاء في طواف الوداع:
نزول بعض المُتعجلين من مني يوم النفر قبل رمي الجمرات فيطوفوا للوداع ثم يرجعوا إلى مني فيرموا الجمرات، ثم يسافروا إلى بلادهم من هناك وهذا لا يجوز لأنه مخالف لأمر النبي صلى اللة علية وسلم أن يكون آخر عهد الحجاج بالبيت، فإن من رمي بعد طواف الوداع فقد جعل آخر عهده بالجمار لا بالبيت، ولأن النبي صلى اللة علية وسلم لم يطف للوداع إلا عند خروجه حين استكمل جميع مناسك الحج، وقد قال: "
خذوا عني مناسككم |
وأثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه صريح في أن الطواف بالبيت آخر النسك، فمن طاف للوداع ثم رمي بعده فطوافه غير مجزئ لوقوعه في غير محله ، فيجب عليه إعادته بعد الرمي ، فإن لم يعد كان حكمه حكم من تركه.
بقاء البعض بمكة بعد طواف الوداع فلا يكون آخر عهدهم بالبيت، وهذا خلاف ما أمر به النبي وبينه لأمته بفعله ، فإن النبي أمر بأن يكون آخر عهد الحجاج بالبيت ، ولم يطف للوداع إلا عند خروجه وهكذا فعل أصحابه ،
ولكن رخص أهل العلم الإقامة بعد الوداع للحاجة إذا كانت عارضة كبيرة كما لو أقيمت الصلاة بعد طوافه للوداع فصلاها أو حضرت جنازة فصلي عليها ، أو كان له حاجة تتعلق بسفره كشراء متاع وانتظار رفقة ونحو ذلك فمن أقام بعد طواف للوداع إقامة غير مرخص فيها وجبت عليه إعادته.
خروجهم من المسجد بعد طواف الوداع على أقفيتهم يزعمون بذلك تعظيم الكعبة ،
وهذا خلاف السنة بل هو من البدع التي حذرنا منها النبي وقال فيها كل بدعة ضلالة ) والبدعة كل ما أُحدث من عقيدة أو عبادة على خلاف ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون ، فهل يظن هذا الراجع على قفاه تعظيماً للكعبة على زعمه انه أشد تعظيماً لها من رسول الله ، أم يظن أن النبي صلى اللة علية وسلم لم يكن يعلم أن في ذلك تعظيم لها لا هو ولا خلفاؤه الراشدون ؟!
التفاتهم للكعبة عند باب المسجد بعد انتهائهم من طواف الوداع ودعاؤهم هناك كالمودعين للكعبة ، وهذا من البدع لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن خلفائه الراشدين ، وكل ما قصد به التعبد لله تعالى وهو مما لم يرد به الشرع فهو باطل مردود على صاحبه ؛ لقول النبي :" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " . أي مردود على صاحبه .
فالواجب على المؤمن بالله ورسوله أن يكون في عبادته متبعاً لما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها لينال بذلك محبة الله ومغفرته كما قال تعالى : { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } (آل عمران:31) واتباع النبي كما يكون في مفعولاته يكون كذلك في متروكاته ، فمتي وجد مقتضي الفعل في عهده ولم يفعله كان ذلك دليلاً على أن السنة والشريعة تركه ، فلا يجوز إحداثه في دين الله تعالى ولو أحبه الإنسان وهواه ، قال الله تعالى : { وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ } (المؤمنون: من الآية71) وقال النبي : " لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به " صححه أحمد شاكر والألباني من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
أخطاء في زيارة المسجد النبوي:-
اعتقاد البعض أن زيارة المسجد النبوي من متعلقات الحج ومتمماته، وهذا خطأ، فليس لزيارة المسجد النبوي وقت محدد من السنة، ولا يختص ذلك بوقت الحج .
البدء عند دخول المسجد بزيارة قبره ، والصحيح أن يبدأ بصلاة ركعتين تحية المسجد، وإن تيسر له أن تكون في الروضة فهو أفضل، ثم يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما .
إستقبال الحجرة النبوية حال الدعاء، وهو خطأ يقع فيه كثير من الناس ولا يجوز فعله ، والسنة أن يستقبل القبلة إذا أراد الدعاء، كغيره من المواطن.
التمسح والتبرك بالحجرة النبوية وتقبيلها، وهو من البدع المنكرة.
دعاء النبي والاستغاثة به، لكشف الكربات، وقضاء الحاجات، وهو من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله لصاحبه إلا إذا تاب،
كما قال تعالى: {
إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء |
نسأل الله أن يهدينا إلى صراطه المستقيم، وألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب .
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
-----------------------------------------------------------------
تابعونا أحبابنا وجزاكم الله خيرا
ولا تنسونا من صالح دعائكم
أمس في 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
أمس في 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد
» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» العبادة وأركانها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد
» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور
» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد
» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد
» هيئات السجود المسنونة
الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» (( - 2 -)) خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأربعاء نوفمبر 13, 2024 11:28 pm من طرف صادق النور