زيارة المدينة للحاج والمعتمر
يشرع لمن حج أو اعتمر أن يذهب الى المدينة لزيارة المسجد النبوي من أجل الصلاة فيه فالصلاة فيه بالف صلاة كما قال صلى اللة علية وسلم في الحديث الذي رواه ابو هريرة رضي الله عنه: "
صلاة في مسجدي هذا ، خير من ألف صلاة في غيره من المساجد ، إلا المسجد الحرام |
وزيارة المدينة والمسجد النبوي ليسوا من مناسك الحج أو العمرة، فمناسكهما لاعلاقة لها بالمدينة وإنما تشرع زيارها فقط لكونك في هذه الأراضي المقدسة وقد لايتسنى لك الذهاب الى هناك مرة أخرى.
على أن تكون زيارة المسجد من أجل الصلاة وليس بغرض زيارة القبر لأن شد الرحال على وجه التعبد لا يكون لزيارة القبور، وإنما يشرع لأحد المساجد الثلاثة التي ذكرها رسول الله صلى اللة علية وسلم في الحديث الصحيح: "
لا تُشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى |
قال: "
لا تجعلوا بيوتكم قبورا ولا تجعلوا قبري عيداً وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم |
آداب زيارة المسجد النبوي
وهذا المكان الُمقدس الذي شيده افضل خلق الله على الإطلاق من أكثر من اربعة عشر قرناً هو وصحابته الكرام الذين وصفهم صلى الله عليه وسلم بأنهم "
خير القرون |
هذا المكان له آداب ينبغي أن يعلمها الزائر، ومحظورات لاينبغي أن يقع فيها المسلم، ومن افضل ما جاء جامعاً لهذه الآداب ما قاله الشيخ عبد العزيز بن باز عليه رحمة الله نذكره بنصه مع تخريج الأحاديث، يقول الشيخ عبد العزيز بن باز عليه رحمة الله:
فإذا وَصَلَ الزائر إلى المسجد، اسْتُحِبَّ له أن يُقَدِّمَ رِجْلَه اليُمنى عند دخوله، ويقول: "
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم |
وكان صلى الله عليه وسلم يقول كذلك: "
اللهم افتح لي أبواب رحمتك |
كما يقول ذلك عند دخول سائر المساجد، وليس لدخول مسجده صلى الله عيه وسلم ذِكْر مخصوص، ثم يصلي ركعتين، فيدعو الله فيهما بما أحب من خيْرَيِ الدنيا والآخرة، وإنْ صلاهما في الروضة الشريفة؛ فهو أفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "
ما بين بيتي ومنبري روضةٌ من رياض الجنة |
ثم يصلي عليه -عليه الصلاة السلام- ويدعو له؛ لِمَا قد تقرر في الشريعة من شرعية الجمع بين الصلاة والسلام عليه؛ عملاً بقوله تعالى: {
إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا |
وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا سلَّم على الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه؛ لا يزيد غالبًا على قوله: (
السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبتاه |
وهذه الزيارة إنما تُشرع في حق الرجال خاصّة، أما النساء؛ فليس لهن زيارة شيء من القبور، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه لعن زوَّارات القبور من النساء، والمتخذين عليها المساجدَ والسُّرُجَ. |
وأما قصد المدينة للصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، والدعاء فيه، ونحو ذلك مما يُشرع في سائر المساجد؛ فهو مشروع في حق الجميع؛ لِمَا تقدَّم من الأحاديث في ذلك.
ويُسن للزائر أن يُصلِّيَ الصلوات الخمس في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يُكْثِرَ فيه من الذكر والدعاء، وصلاة النافلة اغتنامًا؛ لِمَا في ذلك من الأجر الجزيل.
ويُستحبّ أن يُكثر من صلاة النافلة في الرَّوضة الشريفة؛ لِمَا سبق من الحديث الصحيح في فضلها، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: "
ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة |
أما صلاة الفريضة؛ فينبغي للزائر وغيره أن يتقدم إليها، ويُحافظ على الصف الأول مهما استطاع،
وإن كان في الزيادة القبلية؛ لِمَا جاء في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم من الحث والترغيب في الصف الأول؛ مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "
لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه؛ لاسْتَهَمُوا |
تقدموا فأتموا بي، وليأتم بكم مَنْ بعدكم، ولا يزال الرجل يتأخر عن الصلاة حتى يؤخره الله |
وأخرج أبو داود، عن عائشة رضي الله عنها بسند حسن، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "
لا يزال الرجل يتأخر عن الصف الْمُقَدَّم حتى يؤخِّره الله في النار |
وثبت عنه صلّى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه: "
ألا تَصُفُّون كما تصف الملائكة عند ربه |
يتمون الصفوف الأُوَلَ، ويَتَرَاصُّون في الصفِّ |
وقد صح عنِ النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يَحُثُّ أصحابه على ميامن الصفوف، ومعلوم أن يمين الصف في مسجده الأول خارج الروضة، فعلم بذلك أن العناية بالصفوف الأول وميامنِ الصفوف مقدمة على العناية بالروضة الشريفة، وأن المحافظةَ عليهما أولى من المحافظة على الصلاة في الروضة، وهذا بيِّنٌ واضح لمن تأمل الأحاديث الواردة في هذا الباب،
ولا يجوز لأحد أن يتمسح بالحجرة أو يُقبِّلها أو يطوف بها؛ لأن ذلك لم يُنقل عن السلف الصالح، بل هو بدعة منكرة، ولا يجوز لأحد أن يَسأل الرسول صلى الله عليه وسلم قضاء حاجة، أو تفريج كربة، أو شفاء مريض، ونحو ذلك؛ لأن ذلك كله لا يُطلب إلا من الله سبحانه، وطلبه من الأموات شركٌ بالله وعبادة لغيره،
ودين الإسلام مبني على أصلين:أحدهما: أن لا يُعبد إلا الله وحده.والثاني: أن لا يُعبد إلا بما شَرَعَه الله والرسول صلى الله عليه وسلم.
وهذا معنى شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله. وهكذا لا يجوز لأحد أن يطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم الشفاعة؛ لأنها ملْك الله سبحانه، فلا تُطلب إلا منه، كما قال تعالى: {
قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا |
فتقول: "اللهم شَفِّعْ فيَّ نبيك، اللهم شَفِّعْ فيَّ ملائكتك، وعبادك المؤمنين، اللهم شَفِّعْ فيَّ أفراطي"، ونحو ذلك. وأما الأموات؛ فلا يُطلب منهم شيء؛ لا الشفاعة ولا غيرها، سواء كانوا أنبياء أو غير أنبياء؛ لأن ذلك لم يُشْرَعْ، ولأن الميت قد انقطع عمله إلا مما استثناه الشارع.وفي صحيح مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "
إذا مات ابن آدم؛ انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له |
وإنما جاز طلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم في حياته ويوم القيامة لقدرته على ذلك؛ فإنه يستطيع أن يَتَقَدَّمَ فيسأل ربه للطالب، أما في الدنيا؛ فمعلوم، وليس ذلك خاصًّا به، بل هو عامّ له ولغيره،
فيجوز للمسلم أن يقول لأخيه: اشفع لي إلى ربِّي في كذا وكذا؛ بمعنى: ادع الله لي، ويجوز للمقول له ذلك أن يسأل الله ويشفع لأخيه إذا كان ذلك المطلوب مما أباح الله طلبه، وأما يوم القيامة؛ فليس لأحد أن يشفع إلا بعد إذن الله سبحانه، كما قال الله تعالى: {
مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلا بِإِذْنِهِ |
وأما حالة الموت فهي حالة خاصّة لا يجوز إلحاقُها بحال الإنسان قبْل الموت ولا بحاله بعد البعث والنشور، لانقطاع عمل الميت وارتهانه بكسبه، إلا ما استثناه الشارع، وليس طلب الشفاعة من الأموات مما استثناه الشارع، فلا يجوز إلحاقه بذلك،
ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته حيٌّ حياة برزخية أكمل من حياة الشهداء، ولكنها ليست من جنس حياته قبل الموت، ولا من جنس حياته يوم القيامة، بل حياة لا يَعلم حقيقتها وكيفيتها إلا الله سبحانه، ولهذا تقدم في الحديث الشريف قوله عليه الصلاة والسلام: "
ما من أحد يُسَلِّمُ عليَّ؛ إلا ردَّ الله عليَّ روحي حتى أردَّ عليه السلام |
وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ |
وإنما بسطنا الكلام في هذه المسألة، للحاجة إليه بسبب كثرة من يُشَبِّهُ في هذا الباب، ويدعو إلى الشرك وعبادة الأموات من دون الله، فنسأل الله لنا ولجميع المسلمين السلام من كل ما يخالف شرعه، والله أعلم.
وأما ما يفعله بعض الزوار من رفع الصوت عند قبره صلى الله عليه وسلم، وطول القيام هناك؛ فهو خلاف المشروع؛
لأن الله سبحانه نهى الأمة عن رفع أصواتهم فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم، وعن الجهر له بالقول كجهر بعضهم لبعض، وحثهم على غضِّ الصوت عنده في قوله تعالى: {
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ولا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ |
ولأنّ طول القيام عند قبره صلى الله عليه وسلم، والإكثار من تَكرار السلام يُفضي إلى الزِّحام وكثرة الضجيج وارتفاع الأصوات عند قبره صلى الله عليه وسلم، وذلك يُخالف ما شَرَعَه الله للمسلمين في هذه الآيات الْمُحْكَمَات، وهو صلى الله عليه وسلم مُحْتَرَمٌ حيًّا وميتًا، فلا ينبغي للمؤمن أن يفعل عند قبره ما يُخالف الأدبَ الشرعيَّ.
وهكذا ما يفعله بعض الزُّوَّار وغيرهم من تَحَرِّي الدعاء عند قبره مُستقبِلاً للقبر رافعًا يديه يدعو، فهذا كله خلاف ما عليه السلف الصالح من أصحاب رسول الله وأتباعهم بإحسان، بل هو من البدع المحدثات،
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "
عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة |
من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه؛ فهو ردٌّ |
من عمل عملاً ليس عليه أمرنا؛ فهو رد |
ورأى علي بن الحسين زين العابدين رضي الله عنهما رجلاً يَدعو عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فنهاه عن ذلك،
وقال: ألا أحدثك حديثًا سمعته من أبي، عن جدي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ إنه قال:
لا تَتَّخِذوا قبري عيدًا، ولا بيوتكم قبورًا، وصَلُّوا عليَّ؛ فإن تسليمكم يَبْلُغُنِي أينما كنتم |
وهكذا ما يفعله بعض الزوار عند السلام عليه صلى الله عليه وسلم، من وضع يمينه على شماله فوق صدره أو تحته كهيئة المصلي، فهذه الهيئة لا تجوز عند السلام عليه صلى الله عليه وسلم، ولا عند السلام على غيره من الملوك والزعماء وغيرهم؛ لأنها هيئة ذل وخضوع وعبادة لا تصلح إلا لله،
كما حكى ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله في "الفتح" عن العلماء، والأمر في ذلك جليّ واضح لمن تأمل المقام وكان هدفه اتباع هدي السلف الصالح. وأما من غلب عليه التعصب والهوى والتقليد الأعمى وسوء الظن بالدعاة إلى هدي السلف الصالح؛ فأمره إلى الله، ونسأل الله لنا وله الهداية والتوفيق لإيثار الحق على ما سواه إنه سبحانه خير مسؤول.
وكذا ما يفعله بعض الناس من استقبال القبر الشريف من بعيد وتحريك شفتيه بالسلام أو الدعاء، فكل هذا من جنس ما قبله من المحدثات، ولا ينبغي للمسلم أن يُحْدِثَ في دينه ما لم يأذن به الله، وهو بهذا العمل أقرب إلى الجفاء منه إلى الموالاة والصفاء،
وقد أنكر الإمام مالك رحمه الله هذا العمل وأشباهه، وقال: (
لن يَصْلُحَ آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها |
ومعلوم أن الذي أصلح أول هذه الأمة هو السَّيْرُ على منهاج النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين وصحابته المرضيين وأتباعهم بإحسان، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا تمسكهم بذلك، وسَيْرهم عليه.
وفق الله المسلمين لِمَا فيه نجاتهم وسعادتهم وعزهم في الدنيا والآخرة، إنه جَوَاد كريم. [ مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله.
الصلاة في مسجد قباء
مسجد قباء هو أول مسجد في الإسلام على الاطلاق، فقد مرّ النبي صلى الله عليه وسلم على قباء فبنى المسجد بها قبل الوصول الى المدينة، وقيل أنه مكث بها خمسة عشر يوماً وقيل أقل من ذلك، وقد أنزل الله تعالى فيه: {
لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ |
فمن كان في المدينة المنورة أو قريباً منها يشرع له زيارته والصلاة فيه؛ فقد ثبت عن الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم أن الصلاة في مسجد قباء كعمرة إلى بيت الله الحرام فعن أسيد بن ظهير الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: "
الصلاة في مسجد قباء كعمرة |
وعن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "
من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كان له كأجر عمرة |
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي إلى قباء كل يوم سبت، تارة راكباً، وتارة ماشياً؛ فيصلي فيه ركعتين، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (
كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي قباء راكباً وماشياً، زاد ابن نمير فيصلي فيه ركعتين |
وعند البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم: ( كان يأتي مسجد قباء كل سبت ماشياً وراكباً، وكان عبد الله رضي الله عنه يفعله) رواه البخاري.
وكان الصحابة رضوان الله عليهم يهتمون بالصلاة فيه، ويحثون عليها فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: (
لأَنْ أصلي في مسجد قباء أحب إلي من أن أصلي في بيت المقدس |
وقد سُئِل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن حكم الذهاب إلى مسجد قباء كل يوم سبت مشياً على الأقدام، أو راكباً أحياناً، هل يشرع هذا أم لا؟
فأجاب: "الذهاب إلى مسجد قباء في المدينة كل يوم سبت من السنَّة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله، وهذا من حكمته؛
لأن الله تعالى قال له: {
لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِِ |
والمسجدان: النبوي والقبائي كلاهما أسس على التقوى من أول يوم، مسجد قباء من أول يوم نزل فيه الرسول صلى الله عليه وسلم قباء، ومسجد المدينة من أول يوم وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فكلاهما أسس من أول يوم، لكن لا شك أن المسجد النبوي أفضل، لهذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يجعل يوم الجمعة للمسجد النبوي، ويوم السبت لمسجد قباء.
فإذا تيسر لك أن تزور قباء كل يوم سبت راكباً أو راجلاً بحسب ما تيسر لك، وتخرج من بيتك متطهراً، وتصلي فيه ما شاء الله؛ فهو خير" لقاءات الباب المفتوح مع الشيخ عليه رحمة الله.
ولهذا نقول أن من أكرمه الله بزيارة المسجد النبوي، وحلَّ بالمدينة الفاضلة يتمتع ببركاتها، وينعم بالجوار فيها؛ فلا يحرمن نفسه من زيارة هذا المسجد الفاضل للحصول على الأجر الموعود على زيارته، والصلاة فيه بقوله صلى الله عليه وسلم: "
كان له كأجر عمرة |
ولكن أن يأتيه خصيصاً، ويشدَّ الرحال من بلاده لزيارته فذلك ليس بالأمر المشروع، بل هو من الممنوع؛ فكما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "
لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومسجد الأقصى |
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: ( وإذا زار المسلم مسجد النبي صلى الله عليه وسلم دخل في ذلك على سبيل التبعية زيارة قبره صلى الله عليه وسلم، وقبر صاحبيه وقبور الشهداء، وأهل البقيع وزيارة مسجد قباء من دون شد الرحال فلا يسافر لأجل الزيارة، ولكن إذا كان في المدينة شُرع له زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقبر صاحبيه، وزيارة البقيع والشهداء، ومسجد قباء، أما شد الرحال من بعيد لأجل الزيارة فقط فهذا لا يجوز على الصحيح من قولي العلماء) مجموع فتاوى ابن باز.
-------------------------------------------
زيارة مقابر البقيع:
ومقابر البقيع هي المقابرالرئيسة لأهل المدينة وزائريها منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والى وقتنا هذا، وفيها دُفن الكثير من الصحابة رضوان الله عليهم، ولا يزال يدفن فيها الى الآن المئات من اهل المدينة وزائريها، وتقع في مواجهة القسم الجنوبي الشرقي من سور المسجد النبوي، وقد ضمت إليها أراض مجاورة وبني حولها سور جديد مرتفع مكسو بالرخام، وتبلغ مساحتها الحالية مئة وثمانين ألف متر مربع .
و يشرع لمن زار المدينة من الرجال زيارة البقيع - كما يشرع للرجل زيارة المقابر عموماً - وذلك لأخذ العظة والدعاء لأهلها كما كان يفعل رسول الله ص
فيقول الزائر عند دخوله:"
السلام عليكم أهل الديار ، من المؤمنين والمسلمين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، أنتم لنا فرط ، ونحن لكم تبع ، أسأل الله العافية لنا ولكم |
======================
مقبرة شهداء أُحد:
وتقع مقبرة شهداء أُحد في مقابل جبل أُحد بينه وبين جبل الرماه، وقد دُفن فيها صحابة رسول الله ص الذين أستشهدوا في معركة أُحد وكان منهم عم رسول الله ص وسيد الشهداء " حمزة بن عبد المطلب "، وحري بنا أن نتذكر هنا أن انهزام المسلمين أمام المشركين كان بسبب مُخالفة الرماة لأمر قد أمرهم به رسول الله صلى اللة علية وسلم فكان ما كان.
ولا بأس من زيارة المنطقة لأخذ العبرة من أحداث هذه الغزوة الشهيرة في تاريخ الاسلام، وعند المقبرة تسلم على من فيها وتدعوا كما علمنا رسول الله صلى اللة علية وسلم فتقول: "
السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم |
وقد جاء عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: ( صلى رسول الله صلى اللة علية وسلم على قتلى أحد بعد ثماني سنين كالمودع للأحياء والأموات ثم طلع المنبر فقال: "
إني بين أيديكم فرط وأنا عليكم شهيد وإن موعدكم الحوض وإني لأنظر إليه من مقامي هذا |
وعن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد قبور الشهداء حتى إذا أشرفنا على حرة واقم فلما تدلينا منها وإذا قبور بمحنية قال قلنا يا رسول الله أقبور إخواننا هذه؟ قال صلى اللة علية وسلم: "
قبور أصحابنا |
هذه قبور إخواننا |
---------------------------------------------------
وما زلنا أحبابنا تابعونا جزاكم الله خيرا ولا تنسونا من صالح دعائكم |
أمس في 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
أمس في 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد
» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» العبادة وأركانها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد
» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور
» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد
» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد
» هيئات السجود المسنونة
الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» (( - 2 -)) خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأربعاء نوفمبر 13, 2024 11:28 pm من طرف صادق النور