آل راشد



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

آل راشد

آل راشد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
آل راشد

ثقافى-اجتماعى

*** - اللَّهُمَّ اَنَكَ عَفْوٍ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعِفُو عَنَّا - *** - اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك . *** - اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ الْمَوْتِ وَ ارْزُقْنَا حُسْنَ الْخَاتِمَةِ . *** -

إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا شَابَتْ عَبِيدَهُمْ.. .. فِي رِقِّهِمْ عَتَقُوهُمْ عِتْقَ أَبْرَارٍ .. .. وَأَنْتَ يَا خَالِقِيُّ أوْلَى بِذَا كَرَمًا.. .. قَدْ شُبْتُ فِي الرِّقِّ فَأَعْتَقَنِي مِنَ النَّارِ .

المواضيع الأخيرة

» كتاب الترجيح في مسائل الطهارة والصلاة
 ( 1 )رمضان شهر ألإنتصارات *** إ نتصارات غيرت وجه التاريخ  -غزوة بدر الكبري _ فتح مكه Ooou110أمس في 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد

» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
 ( 1 )رمضان شهر ألإنتصارات *** إ نتصارات غيرت وجه التاريخ  -غزوة بدر الكبري _ فتح مكه Ooou110أمس في 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد

» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
 ( 1 )رمضان شهر ألإنتصارات *** إ نتصارات غيرت وجه التاريخ  -غزوة بدر الكبري _ فتح مكه Ooou110الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد

» العبادة وأركانها
 ( 1 )رمضان شهر ألإنتصارات *** إ نتصارات غيرت وجه التاريخ  -غزوة بدر الكبري _ فتح مكه Ooou110الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد

» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
 ( 1 )رمضان شهر ألإنتصارات *** إ نتصارات غيرت وجه التاريخ  -غزوة بدر الكبري _ فتح مكه Ooou110الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد

» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
 ( 1 )رمضان شهر ألإنتصارات *** إ نتصارات غيرت وجه التاريخ  -غزوة بدر الكبري _ فتح مكه Ooou110الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور

» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
 ( 1 )رمضان شهر ألإنتصارات *** إ نتصارات غيرت وجه التاريخ  -غزوة بدر الكبري _ فتح مكه Ooou110الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد

» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
 ( 1 )رمضان شهر ألإنتصارات *** إ نتصارات غيرت وجه التاريخ  -غزوة بدر الكبري _ فتح مكه Ooou110السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد

» هيئات السجود المسنونة
 ( 1 )رمضان شهر ألإنتصارات *** إ نتصارات غيرت وجه التاريخ  -غزوة بدر الكبري _ فتح مكه Ooou110الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد

» (( - 2 -)) خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
 ( 1 )رمضان شهر ألإنتصارات *** إ نتصارات غيرت وجه التاريخ  -غزوة بدر الكبري _ فتح مكه Ooou110الأربعاء نوفمبر 13, 2024 11:28 pm من طرف صادق النور

اهلا بكم

الثلاثاء نوفمبر 08, 2011 2:32 am من طرف mohamed yousef

 ( 1 )رمضان شهر ألإنتصارات *** إ نتصارات غيرت وجه التاريخ  -غزوة بدر الكبري _ فتح مكه Ooousu10

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 69 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 69 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحث

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الأربعاء سبتمبر 15, 2021 4:26 am

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 10128 مساهمة في هذا المنتدى في 3405 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 311 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو Pathways فمرحباً به.

دخول

لقد نسيت كلمة السر

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع


2 مشترك

    ( 1 )رمضان شهر ألإنتصارات *** إ نتصارات غيرت وجه التاريخ -غزوة بدر الكبري _ فتح مكه

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود ( 1 )رمضان شهر ألإنتصارات *** إ نتصارات غيرت وجه التاريخ -غزوة بدر الكبري _ فتح مكه

    مُساهمة من طرف صادق النور الثلاثاء أبريل 04, 2023 11:26 pm


    رمضان شهر ألإنتصارات ورفع رايه ألأمه ألإسلاميه

    "الأمة التي لا تقرأ تاريخها لا تصوغ مستقبلها"..

    رغم المشقة التي تتعبها الصيام أنفسنا، رغم الجوع الذي يأكل أحشاءنا ويضيق أنفاسنا، هناك قصص روائع مثليات تحكي لك عن عمق هذا الشهر المبارك العظيم، في كل أمم،
    توجد تواريخ خالدة وأيام لا تنسى ولا تمحى من سفر حياتها لما كانت لها أهمية كبيرة في توجيه مصيرها ومسارها،
    فللأمة الإسلامية أيام خوالد، وذكريات شواهد، حدثت في عمق هذا الشهر المبارك، موسم الخيرات والبركات،
    وإن سمينا هذا الشهر العظيم بشتى الأسماء مثل شهر الأمة، أو بشهر المواساة، أو بشهر التراويح، فإنه هناك تروايح أراحت أفئدة المسلمين وأزاحت عنهم عبأ الهموم والأزمات،
    فحقا لهو شهر الانتصارات الكبيرة، التي غيرت وجه التاريخ وأجراه من جديد، بدء من غزوة بدر الكبرى وفتح مكة، ومرورا بفتح الأندلس ومعركة بلاط الشهداء، وفتح عمورية، والحطين وعين جالوت ونهاية بحرب أكتوبر العظيمة.
    كان شهر رمضان محفزاً للجهاد والقتال عند المسلمين، مع أنّه شهر صيام عن الطعام والشراب، إلّا أنّ ذلك لم يكن مدعاة لتكاسل المسلمين عن الحرب؛ بل كان دافعاً لشنّ الغزوات، إيماناً منهم بأنّ الموت فيه في سبيل الله يثاب عليه المجاهد أضعافاً عند الله، ولذا فقد وقعت في هذا الشهر كبرى الغزوات التي انتصر فيها المسلمون على أعدائهم

    غزوة بدر الكبرى


    أم المعارك الكبرى في تاريخ الإسلام العظيم، حدثت غزوة بدر الكبرى في 17 رمضان من العام الثاني للهجرة،
    فقاد النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاثمائة من أصحابه لاعتراض قافلة لقريش يقودها أبوسفيان بن حرب، إلا أن القافلة اتخذت طريقا آخر، مما طمّع كبار قريش على الخروج من مكة والتخطيط على مواجهة المسلمين في معركة مباشرة، ظنا منهم أنها ستكون لهم نزهة عسكرية محضة، وكانت هذه المعركة هى الانتصار الأول للمسلمين في تاريخهم الحربي،
    وأكسب الانتصار في تلك الغزوة روحا معنوية عالية للمسلمين، أعطتهم الثقة في أنفسهم لمواجهة أعدائهم من يهود المدينة الذين كانوا يكيدون للمسلمين، وكذلك مواجهة قريش أخرى، فإن القوة الروحية التي غذتهم غزوة بدر لكانت سامية، حتى زال من قلوبهم الوهن وقذف في قلوب أعدائهم الرعب القاتل.

    قدّرت كتب السيرة عدد المسلمين بــ 313 رجلاً، والكفار بــ 1000 رجل،
    وفيها دعا النبي، صلّى الله عليه وسلم، ربّه وناشَده نصره الذي وعده، فأنزل الله تعالى نصره على المؤمنين وأمدهم بالملائكة المسومين، نزلت الآية الكريمة: ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ ﴾ [آل عمران: 123 - 125].
    انتصر المسلمون في هذه المعركة،  وأُسر سبعون، بلغت خسائر المشركين من القتلى في معركة بدر: سبعين رجلاً، وهم كما يلي:

    أ- من بني عبد شمس بن عبد مناف أربعة عشر رجلاً، وهم:

    1- عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، جرحه عبيدة بن الحارث، وذفف عليه علي بن أبي طالب، وحمزة بن عبدالمطلب.

    2- شيبة بن ربيعة بن عبد شمس، قتله حمزة بن عبدالمطلب.

    3- الوليد بن عتبة، قتله علي بن أبي طالب.

    4- حنظلة بن أبي سفيان بن حرب، قتله زيد بن حارثة، مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

    5- الحارث بن الحضرمي- حليف لبني عبد شمس- قتله النعمان بن عصر.

    6- عامر الحضرمي- حليف لهم أيضاً- قتله عمار بن ياسر.

    7- عمير بن أبي عمير، قتله سالم مولى أبي حذيفة.

    8- وابن عمير هذا، والاثنان موليان لبني عبد شمس.

    9- عبيدة بن سعيد بن العاص، قتله الزبير بن العوام.

    10- العاص بن سعيد بن العاص، قتله علي بن أبي طالب.

    11- عقبة بن أبي معيط، قتله عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، قتله صبراً في مكان يقال له عرق الظبية، وذلك أثناء عودة الجيش الإسلامي إلى المدينة.

    12- عامر بن عبدالله النمري- حليف لهم- قتله علي بن أبي طالب.

    13- وهب بن الحارث من بني أنمار بن بغيض، حليف لهم.

    14- عامر بن زيد، حليف لهم من اليمن.

    ب- ومن بني نوفل بن عبد مناف رجلان، وهما:

    1- الحارث بن عامر بن نوفل، قتله خبيب بن إساف.

    2- طعيمة بن عدي بن نوفل، قتله علي بن أبي طالب، ويقال قتله حمزة بن عبدالمطلب.

    ج- ومن بني أسد بن عبدالعزى سبعة نفر:

    1- زمعة بن الأسود بن المطلب، قتله ثابت بن الجذع، ويقال اشترك في قتله علي بن أبي طالب، وحمزة بن عبدالمطلب.

    2- أبو البختري بن هشام - واسمه العاص بن هشام بن الحارث - قتله المجذر بن ذياد البلوي، وقال ابن هشام: أبو البختري العاص بن هاشم.

    3- الحارث بن زمعة، قتله عمار بن ياسر.

    4- نوفل بن خويلد بن أسد، وهو أخو أم المؤمنين خديجة -وكان من شياطين قريش- قتله علي بن أبي طالب.

    5- عقيل بن الأسود بن المطلب، قتله حمزة وعلي.

    6- عتبة بن زيد - رجل من اليمن حليف لبني أسد.

    7- ومولى لهم اسمه عمير.

    د- ومن بني عبدالدار بن قصي أربعة نفر:

    1- النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة، أسر النضر في المعركة -وكان حامل لواء المشركين- وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقتله صبراً، فنفذ فيه حكم الإعدام علي بن أبي طالب في موضع يقال له (الأثيل) بوادي الصفراء، وكان النضر هذا من شياطين قريش، ومن أكبر مجرمي الحرب، ومن أشد الناس إيذاء للمسلمين.

    2- زيد بن مليص، مولى عمير بن هاشم بن عبدمناف بن عبدالدار، قتله بلال بن رباح  وهو مولى أبي بكر الصديق يومئذ، ويقال: قتله المقداد بن عمرو.

    3- نبيه بن زيد بن مليص -حليف لهم- من بني مازن ثم من بني تميم.

    4- عبيد بن سليط -حليف لهم- من قيس.

    هـ- ومن بني تميم بن مرة، أربعة نفر:

    1- مالك بن عبيدالله بن عثمان، وهو أخو طلحة بن عبيدالله، أسر فمات في الأسر، فعمد في القتلى.

    2- عمرو بن عبدالله بن جدعان.

    3- عمير بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم، قتله علي بن أبي طالب، ويقال عبدالرحمن بن عوف.



    4- عثمان بن مالك بن عبيدالله، قتله صهيب بن سنان.

    و- ومن بني مخزوم -قبيلة خالد بن الوليد- أربعة وعشرون رجلاً وهم:

    1- القائد العام لجيش مكة (أبو جهل بن هشام)، واسمه عمرو بن هشام بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم، أقعده بضربة بالسيف معاذ بن عمرو بن الجموح فقطع رجله، ثم ضربه معوذ بن عفراء حتى أثبته، ثم ذفف عليه عبد الله بن مسعود، حين احتز رأسه.

    2- العاص بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، قتله عمر بن الخطاب -وهو خاله -.

    3- يزيد بن عبدالله -حليف لهم- من بني تميم، قتله عمار بن ياسر.

    4- أبو مسافع الأشعري -حليف لهم- قتله أبو دجانة الساعدي.

    5- حرملة بن عمرو -حليف لهم- وهو من الأسد قتله خارجة بن زيد، ويقال علي بن أبي طالب.

    6- مسعود بن أبي أمية بن المغيرة، قتله علي بن أبي طالب.

    7- أبو قيس بن الوليد بن المغيرة -أخو خالد بن الوليد- قتله حمزة بن عبدالمطلب، ويقال علي بن أبي طالب.

    8- أبو قيس بن الفاكه بن المغيرة، قتله علي بن أبي طالب، ويقال عمار بن ياسر.

    9- رفاعة بن أبي رفاعة عائذ بن عبدالله بن عمر بن مخزوم، قتله سعد بن الربيع.

    10- المنذر بن أبي رفاعة بن عائذ، قتله معن بن عدي بن الجد بن العجلان.

    11- السائب بن أبي السائب بن عابد، قتله الزبير بن العوام، وفي رواية ابن هشام:أن السائب هذا أسلم وحسن إسلامه.

    12- الأسود بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، قتله حمزة بن عبدالمطلب.

    13- حاجب بن السائب بن عويمر بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم، قتله علي بن أبي طالب، قال ابن هشام: ويقال عائذ بن عبد بن عمران بن مخزوم.

    14- عويمر بن السائب بن عويمر، قتله النعمان بن مالك القوقلي مبارزة.

    15- عمرو بن سفيان - حليف لهم- من طي، قتله يزيد بن رقيش.

    16- جابر بن سفيان - حليف لهم- وهو من طي أيضاً، قتله أبو بردة بن نيار.

    17- عبدالله بن المنذر بن أبي رفاعة، قتله علي بن أبي طالب.

    18- حذيفة بن أبي حذيفة بن المغيرة، قتله سعد بن أبي وقاص.

    19- هشام بن أبي حذيفة بن المغيرة، قتله صهيب بن أبي سنان.

    20- زهير بن أبي رفاعة، قتله أبو أسيد، مالك بن ربيعة.

    21- السائب بن أبي رفاعة، قتله عبدالرحمن بن عوف.

    22- عائذ بن السائب بن عويمر، جرحه في المعركة حمزة بن عبدالمطلب، ثم أسر فافتدى ثم مات متأثراً بجراحه.

    23- رجل من طي، اسمه عمير -حليف لهم من طي -.

    24- رجل آخر أيضاً اسمه خيار - حليف لهم من القارة -.

    ز- ومن بني سهم بن عمرو - قبيلة عمرو بن العاص- سبعة نفر، وهم:

    1- منبه بن الحجاج بن عامر بن حذيفة بن سعد بن سهم، قتله أبواليسر أخو بني سلمة.

    2- ابنه العاص بن منبه بن الحجاج، قتله علي بن أبي طالب.

    3- أخوه نبيه بن الحجاج، قتله حمزة بن عبدالمطلب، وسعد بن أبي وقاص اشتركا في قتله.

    4- أبو العاص بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم، قتله علي بن أبي طالب، ويقال النعمان بن مالك القوقلي، ويقال أبو دجانة.

    5- عاصم بن أبي عوف ضبيرة بن سعيد بن سعد بن سهم، قتله أبو اليسر، أخو بني سلمة.

    6- الحارث بن منبه بن الحجاج، قتله صهيب بن سنان.

    7- عامر بن عوف بن ضبيرة، أخو عاصم بن ضبيرة، قتله عبدالله ابن سلمة العجلاني، ويقال أبو دجانة.

    ح- ومن بني عامربن لؤي رجلان، وهما:

    1- معاوية بن عامر- حليف لهم من بني عبدالقيس- قتله علي بن أبي طالب، ويقال عكاشة بن محصن .

    2- معبد بن وهب - حليف لهم من بني كلب بن عوف- قتله خالد وإياس ابنا البكير، ويقال أبو دجانة على ما قاله ابن هشام.

    ط- ومن بني جمح بن عمرو بن هصيص أربعة نفر، وهم:

    1- أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح، قتله رجل من الأنصار من بني مازن، ويقال اشترك في قتله معاذ بن عفراء وخبيب بن إيساف وخارجة بن زيد.

    2- ابنه علي بن أمية بن خلف، قتله عمار بن ياسر.

    3- أوس بن معير بن لوذان بن سعد بن جمح، قتله علي بن أبي طالب، ويقال قتله الحصين بن الحارث، وعثمان بن مظعون.

    4- سبرة بن مالك - حليف لهم- لا يعرف قاتله.

    و كان أول من قتل من كفار قريش هو  الأسود بن عبد الأسد المخزومي حيث قتله حمزة رضي الله عنه

    [1]  أسماء الذين تبارزوا يوم بدر .

    [2] هو عمار بن ياسر بن مالك بن كنانة بن قيس العنسي اليماني، أبو اليقظان - حليف بني مخزوم - وأمه سمية كانت مولاة لهم، كان عمار من السابقين في الإسلام، هو وأبوه، وكانوا ممن يعذب في الله في مكة، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يمر عليهم فيقول: "صبراً آل ياسر موعدكم الجنة " هاجر إلى المدينة، وشهد المشاهد كلها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم شهد اليمامة في جيش خالد بن الوليد فقطعت أذنه بها، ثم استعمله عمر على الكوفة، وكان أول من أظهر إسلامهم بمكة سبعة، منهم عمار بن ياسر، كما ذكره ابن ماجة، وفيه تواتر الحديث أنه قتلته الفئة الباغية، وقد قتل في صفين وهو في جيش الإمام علي رضي الله عنه، .

    [3] هو بلال بن رباح الحبشي، المؤذن المشهور، وهو بلال بن حمامة وهي أمه، اشتراه أبو بكر الصديق من المشركين في مكة، إنقاذاً له من التعذيب الشديد، ثم أعتقه، فلزم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأذن له. شهد بلال كل المشاهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين أبي عبيدة بن الجراح القائد الشهير، كان يواصل الجهاد مع جيوش الإسلام خارج جزيرة العرب، فشهد فتوحات الشام مجاهداً حتى مات بها، ومناقب بلال كثيرة، وكان من أكثر المؤمنين الأولين تحملاً لتعذيب المشركين، كان أميه بن خلف - رأس الكفر - يخرجه إذا حميت الظهيرة، فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة - في شدة القيظ - ثم يأمر بالصخرة العظيمة على صدره، ثم يقول: لا يزال على ذلك حتى يموت أو يكفر بمحمد، فيكون جواب بلال إزاء ذلك التعذيب: أحد أحد، فمر به أبو بكر الصديق فاشتراه منه بعبد له أسود الجلد، روى له أصحاب الحديث في كتبهم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعاً وأربعين حديثاً، توفي بالطاعون في عمواس زمن ابن الخطاب عام عشرين هجرية،

    [4] هو صهيب بن سنان بن مالك الصحابي الجليل المشهور، وهو الذي يقال له صهيب الرومي، اختلف النسابون في نسبه، فقيل إنه نمري من بني قاسط، وأن الروم سبوه وهو صغير؛ لأن أهله كانوا يقيمون بالعراق من جهة الفرس على مياه دجلة، فنشأ صهيب في بلاد الروم فصار ألكن، ثم اشتراه رجل من بني كلب فباعه بمكة، فاشتراه عبد الله بن جدعان التيمي فأعتقه، ويقال إنه رومي الأصل، هرب من أرض الروم، فقدم مكة فحالف ابن جدعان، والذي يجعلنا نميل إلى أنه رومي الأصل، أنه كان أحمر شديد الصهوبة، وهذه غالباً صفة الروم، كان - رضي الله عنه - من السابقين في الإسلام، ومن المستضعفين ممن يعذب في الله، هاجر إلى المدينة مع أمير المؤمنين علي، شهد المشاهد كلها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان من أعلام الصحابة، لما مات عمر أوصى أن يصلي عليه صهيب، مات صهيب سنة ثمان وثلاثين هجرية، وهو ابن السبعين،.

    [5] هو عكاشة - بضم أوله وتشديد الكاف، وتخفيفها - بن محصن بن حرثان بن قيس، من بني أسد بن خزيمة، حليف بني عبد شمس من السابقين الأولين، وهو الذي يضرب به المثل دائماً بالقول: "سبقك بها عكاشة" وهذه الكلمة قالها النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما قال: "إن سبعين ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب"، فقال عكاشة: ادع الله أن يجعلني منهم، قال: "أنت منهم" فقام آخر، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "سبقك بها عكاشة" فصار يضرب بها المثل للسبق في الأمر، استشهد عكاشة في حرب الردة، قتله طليحة بن خويلد الأسدي،

    ألقاء جثث قتلي المشركين في القليب

    روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن أبي طلحة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلاً من صناديد قريش، فقذفوا في طوي[ بئر] من أطواء بدر خبيث مخبث،
    وكان إذا ظهر على قوم، أقام بالعرصة ثلاث ليال، فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشدت عليها رحلها، ثم مشى، واتبعه أصحابه، وقالوا: ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجته، حتى قام على شفة الركي[طرف البئر]
    فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم: "يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان، ويا فلان بن فلان، أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله؟ فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً؟"
    قال: فقال عمر: يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح لها؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم".
    قال قتادة: أحياهم الله حتى أسمعهم قوله توبيخاً وتصغيراً، ونقيمة، وحسرة وندماً.

    وفي رواية للنسائي من حديث أنس بن مالك قال: سمع المسلمون من الليل ببئر بدر، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم-
    قائم ينادي: "يا أبا جهل بن هشام، ويا شيبة بن ربيعة...." الحديث.

    قال ابن حجر - رحمه الله -: "وفي رواية حميد عن أنس: فنادى يا عتبة بن ربيعة، ويا شيبة بن ربيعة، ويا أمية بن خلف، ويا أبا جهل بن هشام. أخرجه ابن إسحاق، وأحمد، وغيرهما.
    وكذا وقع عند أحمد ومسلم من طريق ثابت عن أنس فسمى الأربعة، لكن قدم وأخر، وسياقه أتم، قال في أوله: تركهم ثلاثة أيام حتى جيفوا، فذكره، وفيه من الزيادة: فسمع عمر صوته، فقال: يا رسول الله أتناديهم بعد ثلاث، وهل يسمعون؟ ويقول الله تعالى: ﴿ إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى ﴾ [النمل: 80]. فقال: والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم لكن لا يستطيعون أن يجيبوا.

    وقد رجح الحافظان ابن كثير وابن حجر أن الله أحياهم حتى سمعوا كلامه توبيخاً وتصغيراً وحسرة وندماً
    ---------------------------------------------------------------------------------
    تابعونا أحبابنا جزاكم الله كل خير
    __
    لا تنسونا من صالح دعائكم
    -------------------
    التالي : -
    شهداء بدر رضوان الله عليهم
     ( 1 )رمضان شهر ألإنتصارات *** إ نتصارات غيرت وجه التاريخ  -غزوة بدر الكبري _ فتح مكه 110


    عدل سابقا من قبل sadekalnour في الثلاثاء أبريل 11, 2023 5:12 pm عدل 6 مرات

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود شهداء غزوة بدر الكبري رضوان الله عليهم

    مُساهمة من طرف صادق النور الأربعاء أبريل 05, 2023 12:05 am


    شهداء غزوة بدر الكبري رضوان الله عليه

    وقد استُشْهِد من المسلمين في غزوة بدر أربعة عشر شهيداً، ـ كما ذكر ابن هشام وابن كثير وغيرهما ـ
    : ستة من المهاجرين، وستة من الخزرج، واثنان من الأوس،
    قال الذهبي: "شهداء بدر:
    عبيدة بن الحارث المطلبي، وعمير بن أبي وقاص الزهري ـ أخو سعد ـ، وصفوان بن بيضاء ـ واسم أبيه: وهب بن ربيعة الفهري ـ،

    وذو الشمالين عمير بن عبد عمرو الخزاعي ، وعمير بن الحمام بن الجموح الأنصاري ـ الذي رمى التمرات وقاتل حتى قُتِل ـ،

    ومعاذ بن عمرو بن الجموح السلمي، ومعاذ بن عفراء، وأخوه عوف ـ واسم أبيهما الحارث بن رفاعة من بني غنم بن عوف ـ،

    وحارثة بن سراقة بن الحارث بن عدي الأنصاري ـ جاءه سهم غرب وهو غلام حدث وهو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه

    وسلم: "يا أم حارثة
    ! إن ابنك أصاب الفردوس الأعلى" ـ، ويزيد بن الحارث بن قيس

    الخزرجي ـ وأمه هي فسحم، ويقال له هو فسحم ـ، ورافع بن المعلى الزرقي، وسعد بن خيثمة الأوسي، ومبشر بن عبد المنذر أخو

    أبي لبابة، وعاقل بن البكير بن عبد ياليل الكناني الليثي ـ أحد الإخوة الأربعة البدريين
    ـ، فعدتهم أربعة عشر شهيدا".

    وقفة مع بعض شهداء بدر:
    سعد بن خيثمة:

    استشهد سعد بن خيثمة رضي الله عنه في غزو بدر، وكان له مع أبيه في هذه الغزوة موقف،
    قال ابن حجر: "قال موسى بن عقبة، عن ابن شهاب: استهم يوم بدر سعد بن خيثمة وأبوه فخرج سهم سعد فقال له أبوه: يا بني آثرني اليوم، فقال سعد: يا أبتِ لو كان غير الجنة فعلت، فخرج سعد إلى بدر فقُتِلَ بها، وقُتِل أبوه خيثمة يوم أحد".
    وهذا الموقف من سعد رضي الله عنه يعطي صورة مشرقة عن مدى حرص وتسابق الصحابة رضوان الله عليهم في غزوة بدر على الخروج للجهاد والقتال في سبيل الله، بل وتنافسهم في الحرص على الشهادة والموت في سبيل الله،
    فسعد الابن ووالده خيثمة لا يستطيعان الخروج معاً لاحتياج أسرتهما لبقاء أحدهما، فلم يتنازل أحدهما للآخر عن الخروج للقتال رغبة في نيل الشهادة، حتى اضطرا إلى الاقتراع بينهما، فكان الخروج من نصيب سعد رضي الله عنه.
    لقد كان سعد رضي الله عنه في غاية البر والأدب مع والده، ولكنه كان حريصاً على الجهاد في سبيل الله، مشتاقاً إلى الجنة، ويعبر عن ذلك قوله لأبيه: "يا أبت لو كان غير الجنة فعلت".

    عمير بن أبي وقاص:

    من أصغر الشهداء في غزوة بدر، إذ لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره، في "سِيَّر أعلام النبلاء" للذهبي:
    عن عامر بن سعد عن أبيه قال: "ردَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عمير بن أبي وقاص عن بدر، استصغره، فبكى عمير فأجازه، فعقدت عليه حمالة سيفه".
    وأخرج ابن سعد عن الواقديّ، من رواية أبي بكر بن إسماعيل بن محمد بن سعد عن أبيه، قال: "رأيت أخي عمير بن أبي وقاص قبل أن يعرضنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر يتوارى، فقلت: ما لك يا أخي؟ قال: إني أخاف أن يراني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيستصغرني فيردّني، وأنا أحبّ الخروج، لعل الله أن يرزقني الشهادة، قال: فعُرِض على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستصغره فردّه، فبكى فأجازه، فكان سعد يقول: فكنت أعقد حمائل سيفه من صغره، فقُتِل وهو ابن ست عشرة سنة".

    حارثة بن سراقة:

    قصة استشهاده يرويها البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أنَّ أُمَّ الرُّبَيِّعِ بنت البراء ـ وهي أم حارثة بن سراقَة ـ أتتِ النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: (يا نَبيَّ الله، ألا تُحدِّثُني عن حارثة ـ وكان قُتِلَ يوم بَدرٍ، أصابَهُ سهمٌ غَرْب (لا يعرف من أَي جهة رُمِيَ به) ـ فإن كان في الجنة صَبَرتُ، وإنْ كان غير ذلك، اجتَهَدتُ عليه في البكاء؟ قال صلى الله عليه وسلم: يا أُمَّ حارثة إنها جِنانٌ في الجنَّة، وإنَّ ابنَكِ أصاب الفِردَوسَ الأعْلَى). وفي رواية أخرى: (فجاءت أمه فقالت: يا رسول الله! أخبرني عن حارثة؟ فإن كان في الجنة صبرت، وإلا فليرينَّ الله ما أصنع - تعني من النياحة -، وكانت لم تحرّم بعد!! فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم: ويحك أهبلت؟ إنّها جنان ثمان، وإنّ ابنك أصاب الفردوس الأعلى).
    قال ابن حجر: "كان ذلك قبل تحريم النوح، فلا دلالة فيه (أي على جواز النوح)، فإن تحريمه كان عقب غزوة أحد،
    وهذه القصة كانت عقب غزوة بدر". وقال القسطلاني قوله صلى الله عليه وسلم: "(أَوَ هبلتِ) للاستفهام أبكِ جنون؟ أما لكِ عقل؟ أو فقدتِ عقلك مما أصابك من الثكل بابنك حتى جهلت صفة الجنة، (أوَ جنة واحدة هي) بفتح الهمزة للاستفهام والواو للعطف، (إنها جنان كثيرة) في الجنة، (وإنه) أي ابنك حارثة في جنة الفردوس وهي أفضلها".

    عُمَيْر بن الحمام:

    أول شهيد من الأنصار في غزوة بدر، قال عاصم بن عمر بن قتادة: "أول قتيل قُتِل من الأنصار في الإسلام (أثناء القتال) عُمير بن الحُمام".
    ويروي أنس بن مالك رضي الله عنه قصة استشهاد عمير بن الحمام في غزوة بدر فيقول: ( .. فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر، وجاء المشركون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يقدمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه (أمامه)،
    فدنا المشركون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض،
    قال: يقول عمير بن الحمام الأنصاري: يا رسول الله جنة عرضها السماوات والأرض؟ قال: نعم، قال: بخٍ بخٍ (كلمة تطلق لتفخيم الأمر وتعظيمه في الخير)،
    فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يحملك على قولك بخٍ بخٍ؟
    قال: لا والله يا رسول الله إلا رجاءة أن أكون من أهلها، قال: فإنك من أهلها، فأخرج تمرات من قرنه (جعبة السهام) فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة،
    قال: فرمى بما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قُتِل) رواه مسلم.

    فضل أهل بدر


    الصحابة رضوان الله عليهم الذين شاركوا في غزوة بدر كان يقال عن أحدهم: فلان بدري، وفلان شهد بدراً،
    وكفى بهذه المنقبة شرفاً وفضلا، قال ابن القيم: "فسُعُود الأيام ونحوسها: إنما هو لسعود الأعمال وموافقتها لمرضاة الرب،
    ونحوس الأعمال إنما هو بمخالفتها لما جاءت به الرسل، واليوم الواحد يكون يوم سعد لطائفة،
    ونحس لطائفة كما كان يوم بدر، يوم سعد للمؤمنين، ويوم نحس على الكافرين".

    وفضْل الصحابة الذين شهدوا بدراً يشمل الذين قُتِلوا فيها والذين لم يُقْتَلوا، فالذين قُتِلوا أكرمهم الله بالشهادة، وميزهم بالخير،
    فعن رفاعة بن رافع الزرقي رضي الله عنه وكان من أهل بدر قال: (جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما تعدون أهل بدر فيكم؟! قال صلى الله عليه وسلم: من أفضل المسلمين، أو كلمة نحوها، قال جبريل: وكذلك من شهد بدراً من الملائكة) رواه البخاري.

    والذين شاركوا في بدرٍ ولم يُقتلوا يكفي في فضلهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لعل اللهَ اطلع إلى أهل بدرٍ فقال: اعملوا ما شئتُم، فقد وجبتْ لكم الجنةُ، أو فقد غفرتُ لكم )

    قال ابن القيم: "كل من بشَّره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة أو أخبره بأنه مغفورٌ له، لم يفهم منه هو ولا غيره من الصحابة إطلاق الذنوب والمعاصي له ومسامحته بترك الواجبات، بل كان هؤلاء أشد اجتهاداً وحذراً، وخوفاً بعد البشارة منهم قبلها، وكالعشرة المشهود لهم بالجنة".

    وقال المناوي: "اعملوا ما شئتم أن تعملوا فإني غفرت لكم ذنوبكم أي: سترتها فلا أؤاخذكم بها لبذلكم مهجكم في الله ونصر دينه، والمراد إظهار العناية بهم وإعلاء رتبتهم، والتنويه بإكرامهم، والإعلام بتشريفهم، وإعظامهم،
    لا الترخيص لهم في كل فعل".

    لقد ضرب الصحابة رضوان الله عليهم في غزوة بدر أروع الأمثلة في البطولة والاستشهاد، وأثبتوا فيها صدق إيمانهم، وعظيم بذلهم وتضحياتهم، ويقينهم بما أعد الله لهم في الجنة، الذي جعل أحدهم يستطيل حياته الباقية وإنْ لم يبق منها إلا لحظات يسيرة فيُقْدِم ويسارع إلى القتال والموت في سبيل الله،
    كما وقع مع عمير بن الحمام رضي الله عنه، والآخر ـ خيثمة ـ مع بره وأدبه مع أبيه ينافسه في الخروج للجهاد والقتال،
    والآخر ـ عمير بن أبي وقاص ـ ما زال غلاما صغيراً يبكي أمام النبي صلى الله عليه وسلم حتى يأذن له للخروج للجهاد، فيُقتل شهيداً.. فرضي الله عن أهل بدرٍ وعن جميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

    أول شهداء المسلمين في غزوة بدر

    ولم يعلم أحد بأول نفس ارتقت إلى بارئها، ولكن يقال برأي بعض أهل العلم بأن أول شهيد في غزوة بدر هو
    عمير بن الحمام رضي الله عنه وكان من الأنصار،
    والبعض قال بأنه حارثة بن سراقة،
    والبعض قال بأنه عبيدة بن الحارث،
    ويبقى علمه عند الله،

    أصغر شهداء غزوة بدر

    الصحابي عمير بن أبي وقاص رضي الله عنه

    كان أصغر المقاتلين سنًا في جيش المسلمين يوم غزوة بدر وقد لقي ربه شهيدًا فيها بعد أن أصر على الخروج للجهاد في سبيل الله رغم صغر سنه.

    وأما عن نسبه فهو عمير بن أبي وقاص بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب القرشي الزهري الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.. وأمه حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس.

    كان عمير من الأوائل الذين دخلوا في دين الله تعالى، فأسلم على يد الصحابي الجليل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، بعد إسلام أخيه سعد رضى الله عنهما.

    كان إيمان الفتى عمير إيمانا شديدا برسالة الإسلام، وبرسول الله صلى الله عليه وسلم. استمع لرسول الله فكان صغيرا فى السن كبيرا في الوعي والإدراك، فكان من أوائل المهاجرين رغم سنه الصغير مع أخيه سعد إلى المدينة، وقد آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين عمرو بن معاذ أخي سعد بن معاذ رضي الله عنهما.

    وجاء الموقف الذي وضع عميرا في سجل العظماء، جاءت غزوة بدر الكبرى وحين تفقد رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين, فوجد سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه أخاه عميرا يتوارى من رسول الله. فقال له سعد: مالك؟ قال الفتى ـ الصغير العمر عميق الإيمان: أخاف أن يرانى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيستصغرنى فيردنى, وأنا أحب الخروج للجهاد لعل الله يرزقنى الشهادة!.

    وتروي كتب التاريخ عن سعد بن أبي وقاص قوله: رد رسول الله صلى الله عليه وسلم عمير بن أبي وقاص عن بدر، استصغره، فبكى عمير، فأجازه، فعقدت عليه حمالة سيفه، ولقد شهدت بدراً وما في وجهه شعرة واحدة أمسحها بيد!.

    نتائج غزوة بدر الكبرى

    انتصار المسلمين وهزيمة المشركين

    ذُكرت غزوة بدر في القرآن الكريم بيوم الفرقان، وقد سميّت بذلك لأنها فرّقت بين الحق والباطل
    ولأنها كانت الفارق بين عهدين من عهود الإسلام؛

    مرحلة الضعف والصبر ومرحلة القوّة من جميع النواحي بعدها، وكان لها أثراً كبيراً في إعلاء شأن الإسلام

    وانتهت الغزوة بمقتل ما يقارب سبعين من المشركين، ومنهم أبو جهل،

    واستُشهد من المسلمين أربعة عشر رجلاً، وأُسِر من المشركين سبعين رجلاً، وخرج المسلمون بغنائم كثيرة،

    ولم يكن الشرع حينها موضّحاً كيفية تقسيم الغنائم، فنزل قول الله -تعالى-: (وَاعلَموا أَنَّما غَنِمتُم مِن شَيءٍ فَأَنَّ لِلَّـهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسولِ وَلِذِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينِ وَابنِ السَّبيلِ إِن كُنتُم آمَنتُم بِاللَّـهِ وَما أَنزَلنا عَلى عَبدِنا يَومَ الفُرقانِ يَومَ التَقَى الجَمعانِ وَاللَّـهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ).

    مقتل أهم قادة قريش خسِرت قريش في غزوة بدرٍ

    مجموعةً من أهمّ قادتها، وفيما يأتي ذكر أهمّ هؤلاء القادة: أميّة بن خلف: وهو من أشدّ المعاندين لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وهو الذي عُذّب بلال بن رباح على يديه،
    ويروي عبد الرحمن بن عوف قصّة مقتله، فيقول إنّه كان صديقه قبل الإسلام، وكان اسم عبد الرحمن حينها عبد عمرو،
    فلمّا أسلم صار اسمه عبد الرحمن، فاعترض أميّة وأبى أن يناديه بذلك، واتّفقوا على مناداته بعبد الإله، حتى إذاكان يوم بدر، كان عبد الرحمن ماشياً يحمل مجموعةً من الأدرع، وأمية واقفٌ مع ابنه عليّ، فنادى عليه عبد عمرو فلم يجبه، فنادى عليه بعبد الإله فأجابه، وطلب منه أن يسير معه ويحميه، فمشى معه، ثمّ رآه بلال بن رباح، فتوعّد بقتله، ونادى على الأنصار، فخاف عبد الرحمن أن يقتلوه وهو في حمياته، فترك علي بن أميّة علّهم ينشغلون به، فقتلوه وتبعوا عبد الرحمن وأميّة، وعندما وصلوا إليهم طلب عبد الرحمن من أميّة أن يجثوا حتى يحيط به ويحميه، فأصيب عبد الرحمن بقدمه وقُتل أميّة.

    أبو جهل: يروي عبد الرحمن بن عوف ويقول إنّه كان واقفاً في الصفّ فإذا عن يمينه وشماله شابّين، فسأله أحدهما عن أبي جهل، فأراد عبد الرحمن أن يعرف سبب طلبه، فأخبره أنّه سمِع أنّ أبا جهل يسبّ رسول الله، وأنّه توعّد عندما يراه أن يقتله، ثم نظر عبد الرحمن إلى الآخر فقال له مثلما قال الأوّل، حتى إذا ابتدأت المعركة وإذ بأبي جهل يركض بين الناس، فرآه عبد الرحمن ودلّ الرّجلين عليه، فأقبلا عليه فضرباه بالسيف حتى قُتل، ثم توجّها إلى رسول الله يخبرانه، فسألهما رسول الله من قتله؟ فأجاب كل منهما: "أنا قتلته"، فسألهما إن مسحا سيوفهما، فقالا: لا، فطلب منهما أن يرى السيوف، فلما رآها قال إنّ كلاهما قتله،

    والرجلان هما معاذ بن عمرو بن الجموح، ومعاذ بن عفراء

    عبيدة بن سعيد بن العاص: حيث لَقِيَه الزبير بن العوام في أرض المعركة وقَتَله.

    قادة آخرون قُتلوا في الغزوة: عتبة وشيبة ابنا ربيعة، ونبيه ومنبّه ابنا الحجاج، وأبو الحكم بن هشام، وزمعة بن الأسود، وأبو البختري بن هشام.

    زرع هيبة المسلمين في نفوس أعدائهم

    تلقّى المشركون في الجزيرة العربية خبر انتصار المسلمين بصدمةٍ كبيرة، وذلك الخبر أدّى إلى انحطاط سمعة قريش في جميع أنحاء الجزيرة، مما دفعهم للوقوف صفاً في وجه المسلمين ليعملوا جاهدين على عدم تحقيق هذا النصر مرّة أخرى،

    أمّا أهل المدينة المنورة فقد كانت ردّة فعلهم على العكس تماماً، حيث تلقّوا الخبر بالبهجة والسرور، وأصبحت القوّة العظمى في المدينة بيد المسلمين، مما دفع الكثير من المشركين بالتّظاهر بالإسلام وإخفاء العداوة للإسلام والمسلمين، وعلى رأسهم عبد الله بن أُبيّ بن سلول، فقد ظلّ يحيك الخطط والأساليب التي تُوقع برسول الله وصحابته، ويستغلّ الفرص والأحداث من أجل إضعاف قوّة المسلمين وترابطهم.
    وقد خاف الأعراب خوفاً شديداً بسبب قيام دولةً للإسلام في المدينة المنورة، حيث ستقوم هذه الدولة بالطّبع على القِيَم والمبادئ الإسلاميّة التي ستمنعهم من القيام بما اعتادوا عليه من النّهب والسّلب التي تعدّ مصدر رزقهم وقوّتهم،
    ولم يأبه هؤلاء الأعراب من ناحية الكفر والإيمان بشيءٍ، على خلاف أهل مكة الذين كانوا يعتبرون أنفسهم أهل الوثنيّة،
    وكان لهم المكانة العقديّة والسياسية عند كل من يأتي إلى البيت الحرام لأجل الحج، ومن هنا كانت العدواة من قِبلهم أشدّ،
    ورغم أنّ المسلمين حقّقوا النصر في غزوة بدر إلّا أنّهم أصبحوا في خطرٍ أكبر من كلّ من حولهم من الوثنيّين واليهود،
    وعلى الرغم من ذلك فإن مَن يريد أن يغزو المدينة من هذه القبائل فإنّه يفكّر مرّاتٍ ومرّات، فها هي قريش على عددها وعدّتها قد هُزمت من قبلهم هزيمة كبيرة
    ----------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا نتواصل في إنتصارات رمضان المبارك تابعونا
    جزاكم الله خيرا
    -----------
    التالي ::- فتح مكة

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود فتح مكة الفتح الأعظم

    مُساهمة من طرف صادق النور الأربعاء أبريل 05, 2023 6:03 pm



    فتح مكة   الفتح الأعظم

    فتح مكة المكرمة حدث عظيم من الوقائع الفاصلة في تاريخ الإسلام التي أعز الله فيها دينه وأذل أعداءه، فبهذا الفتح خسر الكفر أهم معاقله وحماته في بلاد العرب، وبعده دخل الناس في دين الله أفواجا وأصبحت مكة قلعة منيعة لدين التوحيد والهداية.

    فَتْحُ مَكَّةَ (يُسمَّى أيضاً الفتح الأعظم) غزوة وقعت في العشرين من رمضان في العام الثامن من الهجرة (الموافق 10 يناير 630م) استطاع المسلمون من خلالها فتحَ مدينة مكة وضمَّها إلى دولتهم الإسلامية.
    سبب الفتح


    كانت بين قبيلتي خزاعة وبني الدئل بن بكر عداوة وثارات في الجاهلية، سببها أن رجلاً من حضرموت اسمه مالك بن عباد الحضرمي كان يحالف الأسود بن رزن بن يعمر بن نفاثة الدؤلي، فخرج الحضرمي تاجراً، فلما توسط أرض خزاعة عدوا عليه فقتلوه وأخذوا ماله، فعدت بنو الدئل على رجل من خزاعة فقتلوه،
    فعدت خزاعة قُبيل الإسلام على بني الأسود بن رزن (وهم ذؤيب وأخواه كلثوم وسلمى، وكانوا منخر بني كنانة وأشرافهم) فقتلوهم بعرفة عند أنصاب الحرم. فبينما بنو الدئل بن بكر وخزاعة على ذلك حجز بينهم الإسلام، وتشاغل الناس به،
    فلما كان صلح الحديبية، دخلت خزاعة في حلف الرسول محمد ودخلت بنو الدئل بن بكر في حلف قريش، فلما كانت الهدنة اغتنمها بنو الدئل بن بكر، وأرادوا أن يصيبوا من خزاعة ثأر أولئك النفر، فخرج نوفل بن معاوية بن عروة الديلي في جماعة من بني الدئل بن بكر في شهر شعبان سنة 8هـ، فأغاروا على خزاعة ليلاً، وهم على ماء يقال له «الوتير» جنوب غربي مكة، فأصابوا منهم رجالاً، وتحاوزوا واقتتلوا، ورفدت قريشٌ بني الدئل بالسلاح، وقاتل معهم من قريش من قاتل بالليل مستخفياً،
    حتى حازوا خزاعة إلى الحرم، فلما انتهوا إليه قالت بنو الدئل بن بكر: «يا نوفل، إنا قد دخلنا الحرم، إلهك إلهك»، فقال: «لا إله اليوم، يا بني بكر، أصيبوا ثأركم، فلعمري إنكم لتسرقون في الحرم، أفلا تصيبون ثأركم فيه؟»، ولما دخلت خزاعة مكة لجأوا إلى دار بديل بن ورقاء الخزاعي، وإلى دار مولى لهم يقال له رافع.

    ونتيجةً لذلك الغدر والنقض في العهد، خرج عمرو بن سالم الخزاعي في أربعين من خزاعة حتى قدموا على الرسول صل الله عليه وسلم في المدينة المنورة، وأخبروه بما كان من بني الدئل بن بكر، وبمن أصيب منهم، وبمناصرة قريش لبني الدئل بن بكر عليهم، ووقف عمرو بن سالم على الرسول صل الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد بين ظهراني الناس فقال:
    يـا رب إنـي نـاشـدٌ مـحمدًا حلف أبينا وأبيه الأتـلدا
    قـد كنتم وُلدًا، وكنا والدًا ثُمت أسلـمنـا فلم ننزع يداً
    فانصر -هداك الله- نصرًا أعتداً وادع عباد الله يأتوا مـدداً
    فـيهـم رسـول الله قـد تـجردا إن سيم خسفاً وجهه تـربدا
    في فيلق كالبحر يجري مزبدًا إن قريشًا أخلفوك الموعدا
    ونـقضـوا ميـثاقك المـؤكدا وجـعلوا لي في كَدَاءِ رُصَّداً
    وزعـمـوا أن لست أدعو أحداً وهـــم أذل وأقـــل عدداً
    هم بيـتـونـا بالوتير هجّداً وقـتلـونا ركَّـعـاً وسُـجَّداً
    فقال الرسول صل الله عليه وسلم: «نُصرت يا عمرو بن سالم»، ولما عرض السحاب من السماء قال: «إن هذه السحابة لتستهل بنصر بني كعب»، وبنو كعب هم خزاعة.
    ثم خرج بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من خزاعة، حتى قدموا على الرسولِ صل الله عليه وسلم المدينةَ، فأخبروه بمن أصيب منهم، وبمظاهرة قريش لبني الدئل بن بكر عليهم، ثم رجعوا إلى مكة.
    وجاء في رواية: إن الرسول صل الله عليه وسلم بعد أن سمع وتأكد من الخبر أرسل إلى قريش فقال لهم: «أما بعد، فإنكم إن تبرؤوا من حلف بني بكر، أتُدوا خزاعة، وإلا أوذنكم بحرب»، (ومعنى أتُدوا خزاعة: أي تدفعوا دية قتلاهم)،
    فقال قرظة بن عبد عمرو بن نوفل بن عبد مناف صهر معاوية: «إن بني بكر قوم مشائيم، فلا ندى ما قتلوا لنا سبد،
    ولا لبد (السبد: الشعر، واللبد: الصوف، يعني إن فعلنا ذلك لم يبق لنا شيء)، ولا نبرأ من حلفهم، فلم يبق على ديننا أحد غيرهم، ولكن نؤذنه بحرب». ولم يكن من بني بكر بن عبد مناة محالفاً لقريش على دينهم إلا بنو الدئل بن بكر. أما بنو ليث بن بكر وبنو ضمرة بن بكر فكانوا من المسلمين وفي جيش الفتح مع الرسول محمد.

    أحست قريش بغدرها، وخافت وشعرت بعواقبه الوخيمة، فعقدت مجلساً استشارياً، وقررت أن تبعث قائدها أبا سفيان ممثلاً لها، ليقوم بتجديد الصلح. وقد أخبر الرسولُ صل الله عليه وسلم أصحابَه بما ستفعله قريش إزاء غدرتهم، قال: «كأنكم بأبي سفيان قد جاءكم ليشد العقد، ويزيد في المدة».

    وخرج أبو سفيان فلقي بديل بن ورقاء بعسفان وهو راجع من المدينة إلى مكة فقال: «من أين أقبلت يا بديل؟»،
    وظن أنه أتى الرسولَ صل الله عليه وسلم، فقال: «سرت في خزاعة في هذا الساحل وفي بطن هذا الوادي»،
    قال: «أوما جئت محمداً؟»، قال: «لا»، فلما راح بديل إلى مكة قال أبو سفيان: «لئن كان جاء المدينة لقد علف بها النوى»، فأتى مبرك راحلته، فأخذ من بعرها ففته، فرأى فيها النوى، فقال: «أحلف بالله لقد جاء بديل محمداً».
    وعند نزول أبي سفيان في المدينة دخل على ابنته أمِّ حبيبة زوجِ الرسول صل الله عليه وسلم، وأراد أن يجلس على فراش الرسول فطوته عنه، فقال: «يا بنية، ما أدري، أرغبت بي عن هذا الفراش، أم رغبت به عني؟»، قالت: «بل هذا فراش رسول الله، وأنت مشرك نجس»، قال: «والله لقد أصابك بعدي شر».

    ثم خرج أبو سفيان حتى أتى الرسولَ صل الله عليه وسلم فكلمه، فلم يرد عليه شيئاً، ثم ذهب إلى أبي بكر فكلمه أن يكلم الرسولَ، فقال: «ما أن بفاعل»، ثم أتى عمر بن الخطاب فكلمه، فقال: «أأنا أشفع لكم إلى رسول الله صل الله عليه وسلم؟ فو الله لو لم أجد إلا الذر لجاهدتكم به»،
    ثم جاء فدخل على علي بن أبي طالب، وعنده فاطمة، والحسن غلام يدب بين يديهما، فقال: «يا علي، إنك أمس القوم بي رحماً، وإني قد جئت في حاجة، فلا أرجعن كما جئت خائباً، اشفع لي إلى محمد»، فقال: «ويحك يا أبا سفيان، لقد عزم رسول الله صل الله عليه وسلم على أمر ما نستطيع أن نكلمه فيه»، فالتفت أبو سفيان إلى فاطمة، فقال: «هل لك أن تأمري ابنك هذا فيجير بين الناس، فيكون سيد العرب إلى آخر الدهر؟»، قالت: «والله ما يبلغ ابني ذاك أن يجير بين الناس، وما يجير أحد على رسول الله صل الله عليهووسلم»،
    فقال لعلي بن أبي طالب: «يا أبا الحسن، إني أرى الأمور قد اشتدت علي، فانصحني»، قال: «والله ما أعلم لك شيئاً يغني عنك، ولكنك سيد بني كنانة، فقم فأجر بين الناس، ثم الحق بأرضك»، قال: «أو ترى ذلك مغنياً عني شيئاً؟»،
    قال: «لا والله ما أظنه، ولكني لم أجد لك غير ذلك»، فقام أبو سفيان في المسجد، فقال: «أيها الناس، إني قد أجرت بين الناس»، ثم ركب بعيره وانطلق.

    ولما قدم أبو سفيان على قريش قالوا: «ما وراءك؟»، قال: «جئت محمداً فكلمته، فوالله ما رد علي شيئاً، ثم جئت ابن أبي قحافة فلم أجد فيه خيراً، ثم جئت عمر بن الخطاب، فوجدته أدنى العدو، ثم جئت علياً فوجدته ألين القوم، قد أشار علي بشيء صنعته، فو الله ما أدري هل يغني عني شيئاً أم لا؟»، قالوا: «وبم أمرك؟»، قال: «أمرني أن أجير بين الناس، ففعلت»، قالوا: «فهل أجاز ذلك محمداً؟»، قال: «لا»، قالوا: «ويلك، إن زاد الرجل على أن لعب بك»، قال: «لا والله ما وجدت غير ذلك».

    استعداد المسلمين للخروج


    عندما قرر الرسول صل الله عليه وسلم السير لفتح مكة، حرص على كتمان هذا الأمر؛ حتى لا يصل الخبر إلى قريش فتعد العدة لمجابهته، فقد كَتَمَ أمرَه حتى عن أقرب الناس إليه، فكَتَمَه عن صاحبه أبي بكر الصديق، وزوجته عائشة، فلم يعرف أحدٌ شيئًا عن أهدافه الحقيقية، ولا باتجاه حركته، ولا بالعدو الذي ينوي قتالَه،
    وكان الرسولُ صل الله عليه وسلم قد أمر عائشة قبل أن يأتي إليه خبر نقض الميثاق بثلاثة أيام أن تجهزه، ولا يعلم أحد، فدخل عليها أبوها أبو بكر الصديق، فقال: «يا بنية ما هذا الجهاز؟»، قالت: «والله ما أدري»، فقال: «والله ما هذا زمان غزو بني الأصفر، فأين يريد رسول الله؟»، قالت: «والله لا علم لي».

    كما بعث الرسول صل الله عليه وسلم قبلَ مسيرة مكة سريةً مكونةً من ثمانية رجال إلى إضم، وذلك لإسدال الستار على نياته الحقيقية،
    وفي ذلك يقول ابن سعد: «لما همَّ رسول الله صل الله عليه وسلم بغزو أهل مكة بعث أبا قتادة بن ربعي في ثمانية نفر سرية إلى بطن إضم (وهو وادي المدينة الذي يجتمع فيه الوديان الثلاثة: بطحان، وقناة، والعقيق)،
    ليظن الظان أن رسول الله صل الله عليه وسلم توجه إلى تلك الناحية، ولأن تذهب بذلك الأخبار، فمضوا ولم يلقوا جمعًا، فانصرفوا حتى انتهوا إلى ذي خُشُب (وهو موضع على مرحلة من المدينة إلى الشام يبعد عن المدينة 35 ميلاً، أي 56 كيلومتراً تقريباً)، فبلغهم أن رسول الله قد توجه إلى مكة، فأخذوا على "بيبين" حتى لقوا النبي صل الله عليه وسلم بالسُّقيا (وهي موضع يقع في وادي القرى).»

    وأعد الرسولُ صل الله عليه وسلم جيشًا وصلت عدته إلى عشرة آلاف رجل، وبث رجالَ العسس بالدولة الإسلامية داخل المدينة وخارجها حتى لا تنتقل أخباره إلى قريش، ثم دعا الله تعالى فقال: «اللهم خذ على أسماعهم وأبصارهم فلا يرونا إلا بغتة ولا يسمعوا بنا إلا فجأة».
    وعندما أكمل الرسولُ صل الله عليه وسلم استعدَاده للسير إلى فتح مكة، كتب الصحابيُّ حاطب بن أبي بلتعة اللخمي كتابًا إلى أهل مكة يخبرهم فيه نبأ تحرك الرسول إليهم، وأرسله مع امرأة مسافرة إلى مكة، ويؤمن المسلمون أن الله تعالى أطلع الرسولَ عن طريق الوحي على هذه الرسالة فقضى على هذه المحاولة وهي في مهدها،
    فأرسل عليًّا والزبيرَ والمقدادَ فأمسكوا بالمرأة في «روضة خاخ» على بعد اثني عشر ميلاً من المدينة، وهددوها أن يفتشوها إن لم تُخرج الكتابَ فسلمته لهم، ثم استدعي حاطب للتحقيق، فقال: «يا رسول الله، لا تعجل علي، إني كنت امرأً ملصقًا (أي حليفاً) في قريش ولم أكن من أنفسها، وكان من معك من المهاجرين من لهم قرابات يحمون بها أهليهم وأموالهم، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يدًا يحمون قرابتي، ولم أفعله ارتدادًا عن ديني ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام»
    فقال الرسول صل الله عليه وسلم: «أما إنه قد صدقكم»، فقال عمر: «يا رسول الله، دعني أضرب عنق هذا المنافق»، فقال الرسول صل الله عليه وسلم: «إنه قد شهد بدرًا، وما يدريك لعل الله اطلع على من شهد بدرًا فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم»،
    فنزلت الآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ "

    مسير المسلمين من المدينة إلى مكة

    خرج الرسولُ صل الله عليه وسلم قاصدًا مكة في العاشر من رمضان في العام الثامن للهجرة، واستخلف على المدينة أبا رهم كلثومَ بن حصين بن عتبة بن خلف الغفاري الكناني،
    وكان عددُ الجيش عشرةَ آلافٍ فيهم المهاجرون والأنصار الذين لم يتخلف منهم أحد، فسار هو ومن معه إلى مكة يصومُ ويصومون، فلما وصل الجيشُ منطقةَ الكديد (الماء الذي بين قديد وعسفان) أفطر وأفطر الناس معه، وفي منطقة الجحفة لقيه عمُّه العباسُ بن عبد المطلب وقد خرج مهاجرًا بعياله، فسُرَّ الرسول صل الله عليه وسلم.

    وخرج أبو سفيان بنُ الحارث الهاشمي القرشي وعبدُ الله بنُ أمية بنِ المغيرة المخزومي القرشي من مكة، فلقيا الرسولَ محمداً بثنية العقاب فيما بين مكة والمدينة، فالتمسا الدخولَ عليه، فكلمته أمُّ سلمة فقالت: «يا رسول الله ابن عمك، وابن عمتك وصهرك»،
    فقال: «لا حاجة لي فيهما؛ أما ابن عمي فهتك عرضي، وأما ابن عمتي وصهري فهو الذي قال لي بمكة ما قال»، فلما خرج الخبر إليهما بذلك -ومع أبي سفيان بن الحارث ابنٌ له- فقال: «والله ليأذنن رسولُ الله صل الله عليه وسلم أو لآخذن بيد ابني هذا، ثم لنذهب في الأرض حتى نموت عطشًا أو جوعًا»، فلما بلغ ذلك الرسولَ رقَّ لهما، فدخلا عليه، فأنشده أبو سفيان قوله في إسلامه واعتذاره عما كان مضى فيه فقال:
    لـعـمـرك إنـي يـوم أحـمـل رايـة لتغـلب خيل اللات خـيـل مـحـمـد
    لكـالمـدلج الـحيران أظـلم ليـله فهـذا أوان الحـق أهـدي وأهتدي
    فـقـل لثقيف لا أريـد قـتالـكم وقـل لثقيف تلك عنـدي فأوعدي
    هـدانـي هـادٍ غـيـر نـفسي ودلـني إلـى اللـه مـن طـرَّدت كل مطـرد
    أفـر سـريعًا جـاهـدًا عـن مـحـمـد وأدعـى وإن لـم أنـتـسب لمحـمد
    هـمُ عـصـبـة مـن لم يـقل بهـواهم وإن كـان ذا رأي يُـلَـمْ ويفـنّـد
    أريــد لأرضـيـهـم ولـسـت بـلاقــط مع القوم ما لم أهد في كل مقعد
    فما كنت في الجيش الذي نال عامراً ومـا كـان عن غير لساني ولا يدي
    قــبـائـل جـاءت مـن بـلاد بعـيدة تـوابع جاءت مـن سـهـام وسـردد
    وإن الـــذي أخــرجـتـمُ وشـتـمتمُ سـيـسـعى لكم امـرؤ غيـر مقـدد
    فلما أنشد الرسولَ  قوله: «إلى الله من طردت كل مطرد»، ضرب الرسولُ صل الله عليه وسلم في صدره فقال: «أنت طردتني كل مطرد»، وكان أبو سفيان بنُ الحارث يهجو الرسولَ محمداً بشعره كثيرًا، وأما عبد الله بنُ أمية فقد قال للرسول صل الله عليه وسلم: «فوالله لا أومن بك حتى تتخذ إلى السماء سلمًا ثم ترقى فيه وأنا أنظر إليك حتى تأتيها، ثم تأتي بصكّ معه أربعة من الملائكة يشهدون لك كما تقول، ثم وأيم الله لو فعلت ذلك ما ظننت أني أصدقك».
    ومع ذلك فإن الرسولَ محمداً عفا عنهما وقبل عذرهما.

    وتابع الرسولُ صل الله عليه وسلم سيرَه حتى أتى مر الظهران، وهو وادٍ شمال مكة بـ 22 كيلومتراً، فنزل فيه عشاءً، فأمر الجيش فأوقدوا النيران، فأوقدت عشرة آلاف نار، وجعل على الحرس عمر بن الخطاب.

    إسلام أبي سفيان بن حرب سيد مكة

    بعد أن نزل الرسولُ محمد مر الظهران، وأوقد الجيشُ عشرةَ آلاف نار، رأى الصحابيُّ العباس بن عبد المطلب ذلك، وهذه قصة ماحدث يرويها العباسُ بنفسه:

    فقلت: «واصباح قريش! والله لئن دخل رسول الله صل الله عليه وسلم مكة عنوة قبل أن يأتوه فيستأمنوه، إنه لهلاك قريش إلى آخر الدهر»،
    وركب بغلة رسول الله وخرج يلتمس من يوصل الخبر إلى مكة ليخرجوا إلى رسول الله فيستأمنوه قبل أن يدخلها عنوة،
    وكان أبو سفيان وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء قد خرجوا يلتمسون الأخبار،
    فلما رأوا النيران قال أبو سفيان: «ما رأيت كالليلة نيرانًا قط ولا عسكرًا»، فقال بديل: «هذه والله خزاعة حمشتها الحرب»،
    فقال أبو سفيان: «خزاعة أذل وأقل من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها»، وسمع العباسُ أصواتَهم فعرفهم
    فقال: «يا أبا حنظلة»، فقال: «أبو الفضل؟»، قلت: «نعم»، قال: «ما لك، فداك أبي وأمي؟»،
    قال العباس: قلت: «ويحك يا أبا سفيان، هذا رسول الله صل الله عليه وسلم في الناس، واصباح قريش والله!»،
    قال: «فما الحيلة فداك أبي وأمي؟»، قال: قلت: «والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك، فاركب في عجز هذه البغلة حتى آتي بك رسول الله فأستأمنه لك»، قال: فركب خلفي ورجع صاحباه، فجئت به، كلما مررت بنار من نيران المسلمين قالوا: «من هذا؟»، فإذا رأوا بغلة رسول الله صل الله عليه وسلم وأنا عليها قالوا: «عمُّ رسول الله على بغلته»،
    حتى مررت بنار عمر بن الخطاب فقال: «من هذا؟»، وقام إلي فلما رأى أبا سفيان على عجز الدابة قال: «أبو سفيان عدو الله، الحمد لله الذي أمكن منك بغَير عقد ولا عهد»، ثم خرج يشتد نحو رسول الله صل الله عليه وسلم،
    ودخل عليه عمر فقال: «يا رسول الله، هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد، فدعني فلأضرب عنقه»،
    قال: قلت: «يا رسول الله، إني قد أجرته»، فلما أكثر عمر في شأنه قلت: «مهلاً يا عمر، فوالله أن لو كان من بني عدي ما قلت هذا، ولكنك قد عرفت أنه من رجال بني عبد مناف»، فقال: «مهلاً يا عباس، فوالله لإسلامك يوم أسلمت كان أحب إلي من إسلام الخطاب لو أسلم، وما بي إلا أني قد عرفت أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صل الله عليه وسلم من إسلام الخطاب لو أسلم»،
    فقال صل الله عليه وسلم: «اذهب به يا عباس إلى رحلك فإذا أصبحت فأتني به»، فلما أصبح غدوت به، فلما رآه رسول الله صل الله عليه وسلم قال: «ويحك يا أبا سفيان، ألم يأن لك أن تعلم أنه لا إله إلا الله؟»،
    قال: «بأبي أنت وأمي، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك! والله لقد ظننت أن لو كان مع الله إله غيره لقد أغنى عني بعد»،
    قال: «ويحك يا أبا سفيان، ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله؟»،
    قال: «بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك! أما هذه والله فإن في النفس منها حتى الآن شيئًا»،
    فقال له العباس: «ويحك أسلم قبل أن نضرب عنقك»، قال: فشهد شهادة الحق فأسلم، قال العباس:
    قلت: «يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئًا»، قال: «نعم، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن»،
    فلما ذهب لينصرف قال رسول الله: «يا عباس، احبسه بمضيق الوادي عند خطم الجبل، حتى تمر به جنود الله فيراها»،
    قال: فخرجت حتى حبسته حيث أمرني رسول الله صل الله عليه وسلم، ومرت القبائل على راياتها،
    كلما مرت قبيلة قال: «يا عباس من هذه؟»، فأقول: «غفار»، فيقول: «ما لي ولغفار»،
    ثم تمر به القبيلة فيقول: «يا عباس من هؤلاء؟»، فأقول: «سليم»، فيقول: «ما لي ولسليم»،
    ثم تمر به القبيلة فيقول: «يا عباس من هؤلاء؟»، فأقول: «مزينة»، فيقول: «يا أبا الفضل ما لي ولمزينة قد جاءتني تقعقع من شواهقها»،
    ثم تمر به القبيلة فيقول: «يا عباس من هؤلاء؟»، فأقول: «جهينة»، فيقول: «ما لي ولجهينة»،
    ثم تمر به القبيلة فيقول: «يا عباس من هؤلاء؟»، فأقول: «كنانة: بنو ليث بن بكر وبنو ضمرة بن بكر»، فيقول: «نعم، أهل شؤم والله، هؤلاء الذين غزانا محمد بسببهم، أما والله ما شُووِرت فيهم ولا علمته، ولكنه أمر حُتِم»،
    ثم تمر به القبيلة فيقول: «يا عباس من هؤلاء؟»، فأقول: «أشجع»، فيقول: «هؤلاء كانوا أشد العرب على محمد»،
    حتى مر به رسول الله صل الله عليه وسلم في كتيبته الخضراء، فيها المهاجرون والأنصار، لا يرى منهم إلا الحدق من الحديد، قال: «سبحان الله يا عباس، من هؤلاء؟»، قال: قلت: «هذا رسول الله صل الله عليه وسلم في المهاجرين والأنصار»،
    قال: «ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة»، ثم قال: «والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم عظيمًا»،
    قال: قلت: «يا أبا سفيان: إنها النبوة»، قال: «فنعم إذن»،
    قال: قلت: «النجاء إلى قومك».
    لقد تعمد الرسول صل الله عليه وسلم شن الحرب النفسية على أعدائه أثناء سيره لفتح مكة، حيث أمر الرسول صل الله عليه وسلم بإيقاد النيران، فأوقدوا عشرة آلاف نار في ليلة واحدة حتى ملأت الأفق، فكان لمعسكرهم منظر مهيب كادت تنخلع قلوب القرشيين من شدة هوله، وقد قصد الرسولُ صل الله عليه وسلم من ذلك تحطيمَ نفسيات أعدائه والقضاءَ على معنوياتهم حتى لا يفكروا في أية مقاومة، وإجبارَهم على الاستسلام لكي يتم له تحقيقُ هدفه دون إراقة دماء.
    --------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا تابعونا جزاكم الله خيرا
    التالي :-
    الاقتراب من مكة والتخطيط لفتحها

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود الاقتراب من مكة والتخطيط لفتحها

    مُساهمة من طرف صادق النور الخميس أبريل 06, 2023 5:14 pm


    الاقتراب من مكة والتخطيط لفتحها

    عندما وصل الرسولُ صل الله عليه وسلم إلى ذي طوى وزع المهام على النحو الآتي:

    جعل خالد بن الوليد على المجنبة اليمنى، وفيها قبائل أسلم وسليم وغفار ومزينة وجهينة وقبائل من قبائل العرب، فأمره أن يدخل مكة من أسفلها، وقال: «إن عرض لكم أحد من قريش فاحصدوهم حصداً، حتى توافوني على .الصفا»
    جعل الزبير بن العوام على المجنبة اليسرى، وبعثه على المهاجرين وخيلهم، وأمره أن يدخل من كداء من أعلى مكة، وأمره أن يغرز رايته بالحجون، ولا يبرح حتى يأتيه.
    جعل أبا عبيدة على البياذقة (الرجالة) وبطن الوادي.
    بعث سعد بن عبادة في كتيبة الأنصار في مقدمة الرسولِ محمدٍ، وأمرهم أن يكفوا أيديهم ولا يقاتلوا إلا من قاتلهم، وبهذا كانت المسؤولياتُ واضحةً، وكل قد عرف ما أسند إليه من مهام والطريق الذي ينبغي أن يسير فيه.

    وكانت راية الأنصار مع سعد بن عبادة، فلما مرَّ بأبي سفيان قال له: «اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الحرمة، اليوم أذل الله قريشاً»، فلما حاذى الرسولُ محمد أبا سفيان قال: «يا رسول الله ألم تسمع ما قال سعد؟»، قال: «وما قال؟»، فقال: كذا كذا، فقال عثمان وعبد الرحمن بن عوف: «يا رسول الله، ما نأمن أن يكون له في قريش صولة»، فقال الرسولُ محمد: «بل اليوم يوم تعظم فيه الكعبة، اليوم يوم أعز الله فيه قريشاً»، ثم أرسل إلى سعد فنزع منه اللواء، ودفعه إلى ابنه قيس بن سعد بن عبادة، وقيل أن اللواء لم يخرج عن سعد، وقيل: بل دفعه إلى الزبير.

    وقال الرسولُ صل الله عليه وسلم: «يا أبا هريرة ادع لي الأنصار»، فدعاهم فجاءوا يهرولون، فقال: «يا معشر الأنصار، هل ترون أوباش قريش؟»، قالوا: «نعم»، قال: «انظروا إذا لقيتموهم غدًا أن تحصدوهم حصدًا»، وأخفى بيده ووضع يمينه على شماله وقال: «موعدكم الصفا».

    ودخل أبو سفيان إلى مكة مسرعًا ونادى بأعلى صوته: «يا معشر قريش، هذا محمد جاءكم فيما لا قِبَل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن»،
    فقامت إليه هند بنت عتبة فأخذت بشاربه فقالت: «اقتلوا الحميث الدسم الأحمس، قبح من طليعة قوم»،
    قال: «ويلكم! لا تغرنكم هذه من أنفسكم؛ فإنه قد جاءكم ما لا قبل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن»،
    قالوا: «قاتلك الله، وما تغني عنا دارك؟»،
    قال: «ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن»، وتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد.

    دخول المسلمين مكة
    دخلت قواتُ المسلمين مكةَ من جهاتها الأربع في آنٍ واحدٍ، ولم تلق تلك القوات مقاومة تقريباً،
    وكان في دخول جيش المسلمين من الجهات الأربع ضربةٌ قاضيةٌ لجنود قريش، حيث عجزت عن التجمع، وضاعت منها فرصةُ المقاومة، وهذا من التدابير الحربية الحكيمة التي لجأ إليها الرسولُ صل الله عليه وسلم عندما أصبح في مركز القوة في العدد والعتاد، ونجحت خطة الرسول؛ فلم يستطع المشركون المقاومة، ولا الصمودَ أمام الجيش الزاحف إلى أم القرى، فاحتل كل فيلق منطقته التي وُجّه إليها، في سلم واستسلام،
    إلا ما كان من المنطقة التي توجه إليها خالد بن الوليد، فقد تجمع بعضُ رجال قريش ومنهم صفوان بن أمية، وعكرمة بن أبي جهل، وسهيل بن عمرو وغيرهم مع بعض حلفائهم في مكان اسمه «الخندمة» وتصدوا للقوات المتقدمة بالسهام، وصمموا على القتال، فأصدر خالد بن الوليد أوامره بالانقضاض عليهم، وما هي إلا لحظات حتى قضى على تلك القوة وشتت شمل أفرادها، وبذلك أكمل الجيشُ السيطرةَ على مكة المكرمة.

    وقُتل من المسلمين كرز بن جابر الفهري القرشي وخنيس بن خالد الخزاعي، وكانا قد شذّا عن الجيش، فسلكا طريقاً غير طريقه فقتلا جميعاً، وأما المشركون فإن المسلمين قد أصابوا اثني عشر رجلاً منهم فانهزموا وفرّوا.

    ويُروى أن رجلاً من بني الدئل بن بكر من قبيلة كنانة اسمه حماس بن خالد الدئلي الكناني، كان قد أعد سلاحًا لمقاتلة المسلمين، وكانت امرأته إذا رأته يصلحه ويتعهده تسأله: «لماذا تعدُّ ما أرى؟»، فيقول: «لمحمد وأصحابه»، وقالت امرأته له يومًا: «والله ما أرى أنه يقوم لمحمد وصحبه شيء»، فقال: «إني والله لأرجو أن أخدمك بعضهم»، ثم قال يرتجز:

    إن يـقـبـلـوا الـيـوم فـما لي عـلـة
    هـــذا ســـلاح كـــامـــل وألَّـــة
    وذو غــراريـن ســريــع الـــســلــة
    فلما جاء يوم الفتح كان ممن قاتل مع عكرمة، ثم حين انهزم جند عكرمة، خرج منهزمًا حتى بلغ بيته
    فقال لامرأته: «أغلقي عليَّ الباب»، فقالت المرأة له: «فأين ما كنت تقول؟»،
    فقال يعتذر لها:
    إنك لو شهدت يوم الخندمة إذ فـر صفـوان وفـر عكـرمـة
    وأبو يزيد قائم كالمؤتمة واستقبلتهم بالسيوف المسلمة
    يقطـعن كل سـاعد وجمـجمة ضـربًا فـلا تـسـمع إلا غمـغمة
    لهم نهيتٌ خلفـنا وهمـهمة لم تنـطق باللوم أدنى كلمة
    وأقبل خالدٌ بن الوليد يجوس مكة حتى وافى الرسولَ صل الله عليه وسلم على الصفا.
    وأما الزبير بن العوام فقد تقدم حتى نصب راية الرسولِ صل الله عليه وسلم بالحجون عند مسجد الفتح، وضرب له هناك قبة، فلم يبرح حتى جاءه الرسول صل الله عليه وسلم.
    وحرص الرسولُ صل الله عليه وسلم أن يدخل الكداء التي بأعلى مكة تحقيقًا لقول صاحبه الشاعر حسان بن ثابت، حين هجا قريشاً وأخبرهم «بأن خيل الله تعالى ستدخل من كداء»، حيث قال:
    عدمنا خيلنا إن لم تروها تثير النقع موعـدها كـداءُ
    يـنـازعـن الأعنـة مصغيات على أكتافها الأسل الظـماءُ
    تـظـل جيـادنـا متمـطرات يلـطمهـن بالخُمُرِ النـسـاءُ
    فإما تعرضوا عنا اعتمرنا وكان الفتح وانكشف الغطاءُ
    وإلا فـاصبـروا لجـلاد يوم يعز اللـه فيـه مـن يشـاءُ
    وجبـريـل رسـول الله فـيـنا وروح القـدس ليس له كفـاءُ
    وقـال الله قد أرسـلت عبـداً يقول الحق إن نفـع البـلاءُ
    شهـدت بـه فقومـوا صدقوه فقلـتـم لا نقـوم ولا نشـاءُ
    وقال اللـه قد سيرت جندًا هم الأنصار عرصتها اللقـاءُ
    لنا في كـل يـوم من معـد سبـاب أو قتـال أو هـجـاءُ
    فنحكم بالقوافي من هجانا ونضرب حين تختـلط الدمـاءُ
    ألا أبـلغ أبا سفيـان عني مغلـغلة فقد بـرح الخفـاءُ
    بأن سيوفنا تركـتـك عبدًا وعبد الدار سادتها الإمـاءُ
    هجوتَ محمدًا فأجـبـتُ عنـه وعند الـله في ذاك الجزاءُ
    أتهجـوه ولست لـه بكـفء؟ فشركـمـا لخيركـما الفداءُ
    هجوت مباركًا بـرًّا حنـيفًا أميـن الله شـيمـتـه الوفـاءُ
    أمن يـهـجـو رسول الله منكم ويـحمـده ويـنـصـره سـواءُ
    فإن أبي ووالـده وعـرضـي لـعـرض محـمد منـكم وقـاءُ
    لسـاني صـارم لا عـيب فيه وبـحـري لا تـكـدره الـدلاءُ
    ومما يؤيد حرص الرسولِ صل الله عليه وسلم على دخوله من كداء ما جاء عن عبد الله بن عمر، إذ قال: لما دخل رسول الله صل الله عليه وسلم عام الفتح، رأى النساء يلطمن وجوه الخيل بالخمر؛ فتبسم إلى أبي بكر فقال: «يا أبا بكر، كيف قال حسان؟»، فأنشده قوله:
    تـظـل جيـادنـا متمـطرات يلـطمهـن بالخُمُرِ النـسـاءُ
    ودخل الرسولُ صل الله عليه وسلم مكةَ وعليه عمامة سوداء بغير إحرام، «وهو واضع رأسه تواضعًا لله،
    حين رأى ما أكرمه الله به من الفتح، حتى إن ذقنه ليكاد يمس واسطة الرحل، ودخل وهو يقرأ سورة الفتح مستشعرًا بنعمة الفتح وغفران الذنوب، وإفاضة النصر العزيز»،
    وعندما دخل مكة فاتحًا أردف أسامة بن زيد -وهو ابن زيد بن حارثة مولى الرسولِ محمدٍ- ولم يردف أحداً من أبناء بني هاشم وأبناء أشراف قريش وهم كثير، وكان ذلك صبح يوم الجمعة لعشرين ليلة خلت من رمضان، سنة ثمانٍ من الهجرة.

    ويقول الشيخ محمد الغزالي واصفاً دخول الرسولِ محمد مكةَ:
    وأصبحت أم القرى وقد قيّد الرعب حركاتها، واسترخت تجاه القدر المنساق إليها، فاختفى الرجال وراء الأبواب الموصدة، أو اجتمعوا في المسجد الحرام يرقبون مصيرهم وهم واجمون، على حين كان الجيش الزاحف يتقدّم ورسول الله صل الله عليه وسلم على ناقته تتوّج هامتَه عمامةٌ دسماء، ورأسه خفيض من شدة التخشّع لله، لقد انحنى على رحله، وبدا عليه التواضع الجمّ، حتى كاد عثنونه يمسّ واسطة الرحل. إنّ الموكب الفخم المهيب الذي ينساب به حثيثاً إلى جوف الحرم، والفيلق الدارع الذي يحفّ به ينتظر إشارة منه، فلا يبقى بمكة شيء آمن،
    إنّ هذا الفتح المبين ليذكّره بماضٍ طويل الفصول: كيف خرج مطارداً؟ وكيف يعود اليوم منصوراً مؤيداً؟ وأيّ كرامة عظمى حفّه الله بها في هذا الصباح الميمون؟ وكلّما استشعر هذه النعماء ازداد لله على راحلته خشوعاً وانحناءً، ويبدو أنّ هناك عواطف أخرى كانت تجيش في بعض الصدور.

    ولما نزل الرسول محمدٌ بمكة واطمأن الناس خرج حتى جاء البيت فطاف به، وفي يده قوس، وحول البيت وعليه ثلاثمائة وستون صنمًا، فجعل يطعنها بالقوس ويقول: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» و«جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ» والأصنام تتساقط على وجوهها،
    ورأى في الكعبة الصور والتماثيل فأمر بالصور وبالتماثيل فكسرت، وأبى أن يدخل جوف الكعبة حتى أخرجت الصور،
    وكان فيها صورة يزعمون أنها صورة إبراهيم وإسماعيل وفي يديهما من الأزلام، فقال الرسولُ صل الله عليه وسلم «قاتلهم الله؛ لقد علموا ما استقسما بها قط».

    ثم دخل البيت وكبَّر في نواحيه ثم صلى، فقد روى ابنُ عمر: أن رسول الله صل الله عليه وسلم دخل الكعبة هو وأسامة وبلال وعثمان بن طلحة، فأغلقها عليه ثم مكث فيها،
    قال ابن عمر: «فسألت بلالاً حين خرج: «ما صنع رسول الله؟»، قال: «جعل عمودين عن يساره وعمودًا عن يمينه وثلاثة أعمدة وراءه -وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة- ثم صلى».
    وبعد أن صلى الرسول صل الله عليه وسلم هناك، دار في البيت، وكبّر في نواحيه، ووحّد الله، ثم فتح الباب، وقريش قد ملأت المسجد صفوفاً ينتظرون ماذا يصنع، فأخذ بعضادتي الباب، وهم تحته، فقال:
    لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ألا كل مأثرة أو مال أو دم فهو تحت قدمي هاتين، إلا سدانة البيت وسقاية الحاج، ألا وقتيل الخطأ شبه العمد -السوطا والعصا- ففيه الدية مغلظة، مائة من الإبل، أربعون منها في بطونها أولادها. يا معشر قريش، إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء، الناس من آدم، وآدم من تراب،

    ثم تلا هذه الآية: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ).
    وكان مفتاح الكعبة مع عثمان بن طلحة قبل أن يسلم، فأراد عليّ أن يكون المفتاح له مع السقاية، لكن الرسولَ دفعه إلى عثمان بعد أن خرج من الكعبة ورده إليه قائلاً: «اليوم يوم بر ووفاء»،
    وكان الرسولُ قد طلب من عثمان بن طلحة المفتاحَ قبل أن يهاجر إلى المدينة، فأغلظ له القول ونال منه، فحلم عنه
    وقال: «يا عثمان، لعلك ترى هذا المفتاح يومًا بيدي، أضعه حيث شئت»،
    فقال: «لقد هلكت قريش يومئذ وذلت»،
    فقال: «بل عمرت وعزت يومئذ»،
    ووقعت كلمته من عثمان بن طلحة موقعًا، وظن أن الأمر سيصير إلى ما قال، إلا أن الرسول صل الله عليه وسلم قد أعطاه مفاتيح الكعبة قائلاً له: «هاك مفتاحك يا عثمان، اليوم يوم بر ووفاء، خذوها خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم»،
    فلم يُعْطِ الرسولُ المفتاحَ أحداً من بني هاشم، وقد تطاول لأخذه رجالٌ منهم، لما في ذلك من الإثارة، ولما به من مظاهر السيطرة وبسط النفوذ.

    وحانت الصلاة، فأمر الرسولُ صل الله عليه وسلم بلالاً أن يصعد فيؤذن على الكعبة، وأبو سفيان بن حرب وعتاب بن أسيد والحارث بن هشام جلوس بفناء الكعبة،
    فقال عتاب: «لقد أكرم الله أسيداً ألايكون سمع هذا، فيسمع منه ما يغيظه»،
    فقال الحارث: «أما والله لو أعلم أنه حق لاتبعته»،
    فقال أبو سفيان: «أما والله لا أقول شيئاً، لو تكلمات لأخبرت عني هذه الحصباء»،
    فخرج عليهم الرسولُ صل الله عليه وسلم فقال لهم: «قد علمت الذي قلتم»، ثم ذكر ذلك لهم، فقال الحارث وعتاب: «نشهد أنك رسولُ الله، والله ما اطلع على هذا أحد كان معنا فنقول أخبرك».

    وفي غداة الفتح بلغ النبيَّ أن خزاعةَ حلفاءَه عدت على رجل من هذيل فقتلوه -وهو مشرك- برجل قتل في الجاهلية، فغضب وقام بين الناس خطيبًا فقال:

    يا أيها الناس إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض، فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دمًا، ولا يعضد فيها شجرًا، لم تحل لأحد كان قبلي، ولا تحل لأحد يكون بعدي، ولم تحل لي إلا هذه الساعة غضبًا على أهلها، ثم قد رجعت كحرمتها بالأمس، فليبلغ الشاهد منكم الغائب،
    فمن قال لكم إن رسول الله صل الله عليه وسلم قد قاتل فيها فقولوا: إن الله قد أحلها لرسوله ولم يحلها لكم. يا معشر خزاعة، ارفعوا أيديكم عن القتل، فلقد كثر أن يقع، لقد قتلتم قتيلاً لأدينَّه، فمن قتل بعد مقامي هذا فأهله بخير النظرين، إن شاءوا فدم قاتله، وإن شاءوا فعقله.

    ولما تم فتح مكة على الرسول صل الله عليه وسلم، قال الأنصار فيما بينهم: «أترون رسول الله صل الله عليه وسلم إذا فتح الله عليه أرضه وبلده أن يقيم بها»، وهو يدعو على الصفا رافعاً يديه، فلما فرغ من دعائه قال: «ماذا قلتم؟»، قالوا: «لا شيء يا رسول الله»، فلم يزل بهم حتى أخبروه، فقال: «معاذ الله المحيا محياكم، والممات مماتكم».

    وأقام الرسولُ صل الله عليه وسلم بمكة تسعة عشر يوماً، يجدد معالم الإسلام، ويرشد الناس إلى الهدى والتقى، وخلال هذه الأيام أمر أبا أسيد الخزاعي، فجدد أنصاب الحرم، وبث سراياه للدعوة إلى الإسلام، ولكسر الأوثان التي كانت حول مكة، فكسرت كلها، ونادى مناديه بمكة: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع في بيته صنماً إلا كسره».
    ------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا .. تابعونا جزاكم الله خيرا
    -----------
    التالي :-
    النفر الذين أهدر الرسولُ محمد دمَهم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود النفر الذين أهدر الرسولُ محمد دمَهم

    مُساهمة من طرف صادق النور الخميس أبريل 06, 2023 5:58 pm


    النفر الذين أهدر الرسولُ محمد دمَهم

    أهدر الرسولُ صل الله عليه وسلم يومئذ دماء تسعة نفر من المشركين، وأمر بقتلهم وإن وُجدوا تحت أستار الكعبة،
    وهم: عبد العزى بن خَطَل التميمي، وعبد الله بن أبي سرح القرشي، وعكرمة بن أبي جهل القرشي، والحارث بن نفيل بن وهب، ومِقْيَسُ بن صُبابة الكناني، وهبار بن الأسود القرشي، وقينتان كانتا لابن خطل، كانتا تغنيان بهجو الرسول محمد، وسارة مولاة لبعض بني عبد المطلب بن هاشم، وهي التي وجد معها كتاب حاطب بن أبي بلتعة.

    ومن هؤلاء من قُتل، ومنهم من جاء مسلمًا تائبًا فعفا عنه الرسول صل الله عليه وسلم، وحسُن إسلامه.
    فأما ابن خَطَل فكان متعلقاً بأستار الكعبة، فجاء رجل إلى الرسول صل الله عليه وسلم وأخبره فقال: «اقتله»، فقتله،
    وأما ابن أبي سرح، فجاء به عثمان إلى الرسول صل الله عليه وسلم، وشفع فيه فحقن دمه، وقبل إسلامه،
    وأما عكرمة بن أبي جهل فأسلم وأمَّنه الرسول صل الله عليه وسلم،
    وأما الحارث فكان شديد الأذى للرسول بمكة، فقتله علي،
    وأما مِقْيَسُ بن صُبابة فقتله نميلة بن عبد الله، وكان مِقْيَسُ قد أسلم قبل ذلك، ثم عدا على رجل من الأنصار فقتله، ثم ارتد ولحق بالمشركين،
    وأما هبار بن الأسود فهو الذي كان قد عرض لزينب بنت الرسول محمد حين هاجرت، فنخس بها حتى سقطت على صخرة وأسقطت جنينها، ففر هبار يوم مكة، ثم أسلم وحسن إسلامه، وأما القينتان فقتلت إحداهما، واستؤمن للآخرى فأسلمت، كما استؤمن لسارة وأسلمت.

    إعلان العفو العام

    نال أهلُ مكة عفوًا عامًّا رغم أنواع الأذى التي ألحقوها بالرسول صل الله عليه وسلم ودعوته،
    ومع قدرة الجيش الإسلامي على إبادتهم، وقد جاء إعلان العفو عنهم وهم مجتمعون قرب الكعبة ينتظرون حكم الرسول صل الله عليه وسلم فيهم،
    فقال: «ما تظنون أني فاعل بكم؟»، فقالوا: «خيرًا أخٌ كريمٌ وابن أخٍ كريمٍ»،
    فقال: «لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ». وقد ترتب على هذا العفو العام حفظ الأنفس من القتل أو السبي، وإبقاء الأموال المنقولة والأراضي بيد أصحابها، وعدم فرض الخراج عليها، فلم تُعامل مكة كما عوملت المناطق الأخرى المفتوحة عنوة؛ لقدسيتها وحرمتها عند المسلمين، فهم يؤمنون أنها دار النسك، ومتعبد الخلق، وحرم الرب تعالى.

    كما أجار الرسولُ صل الله عليه وسلم رجلين من بني مخزوم، كانت أم هانئ بنت أبي طالب قد حمتهما،
    إذ قالت أم هانئ بنت أبي طالب: «لما نزل رسول الله صل الله عليه وسلم بأعلى مكة فر إليَّ رجلان من أحمائي، من بني مخزوم، وكانت عند هُبيرة بن أبي وهب المخزومي، قالت: فدخل عليٌّ بن أبي طالب أخي، فقال: «والله لأقتلنهما»،
    فأغلقت عليهما باب بيتي، ثم جئت رسول الله صل الله عليه وسلم وهو بأعلى مكة، فوجدته يغتسل من جفنة إن فيها لأثر العجين، وفاطمة ابنته تستره بثوبه، فلما اغتسل أخذ ثوبه فتوشح به، ثم صلى ثماني ركعات من الضحى،
    ثم انصرف إليَّ فقال: «مرحبًا وأهلاً يا أم هانئ، ما جاء بك؟»، فأخبرته خبر الرجلين وخبر علي، فقال: «قد أجرْنا من أجرتِ وأمنا من أمنت، فلا يقتلهما»».

    دخول أهل مكة الإسلام

    كان من أثر عفو الرسولِصل الله عليه وسلم الشامل عن أهل مكة، والعفو عن بعض من أَهدر دماءَهم، أن دخل أهلُ مكة رجالاً ونساءً وأحرارًا وموالي في الإسلام طواعيةً واختيارًا، وبدخول مكة تحت راية الإسلام دخل الناس في الإسلام أفواجاً،
    وبايع الرسولُ صل الله عليه وسلم الناس جميعاً الرجال والنساء، والكبار والصغار،
    وبدأ بمبايعة الرجال، فقد جلس لهم على الصفا، فأخذ عليهم البيعة على «الإسلام والسمع والطاعة لله ولرسوله فيما استطاعوا».

    وجاء مجاشع بن مسعود بأخيه مجالد بعد يوم الفتح فقال للرسولصل الله عليه وسلم: «جئتك بأخي لتبايعه على الهجرة»،
    فقال الرسول صل الله عليه وسلم: «ذهب أهل الهجرة بما فيها»، فقال: «على أي شيء تبايعه؟»، قال: «أبايعه على الإسلام والإيمان والجهاد».

    ولما فرغ الرسولُ صل الله عليه وسلم من بيعة الرجال أخذ في بيعة النساء، وهو على الصفا، وعمر قاعد أسفل منه، يبايعهن بأمره، ويبلغهن عنه،
    فجاءت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان متنكرة خوفاً من الرسولِ أن يعرفها، لِما صنعت بعمه حمزة،
    فقال الرسولُ صل الله عليه وسلم: «أبايعكن على ألا تشركن بالله شيئاً»، فبايع عمر النساء على ألا يشركن بالله شيئاً، فقال الرسول صل الله عليه وسلم: «ولا تسرقن»، فقالت هند: «إن أبا سفيان رجل شحيح، فإن أنا أصبت من ماله هنات؟»، فقال أبو سفيان: «وما أصبت فهو لك حلال»، فضحك الرسولُ وعرفها، فقال: «وإنك لهند؟»، قالت: «نعم، فاعف عما سلف يا نبيّ الله، عفا الله عنك»، فقال: «ولا يزنين»، فقالت: «أوتزني الحرة؟»، فقال: «ولا يقتلن أولادهن»، فقالت: «ربيناهم صغاراً، وقتلتموهم كباراً، فأنتم وهم أعلم» -
    وكان ابنها حنظلة بن أبي سفيان قد قتل يوم بدر- فضحك عمر حتى استلقى، فتبسم الرسول فقال: «ولا يأتين ببهتان»، فقالت: «والله إن البهتان لأمر قبيح، وما تأمرنا إلا بالرشد ومكارم الأخلاق»، فقال: «ولا يعصينك في معروف»، فقالت: «والله ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك»، ولما رجعت جعلت تكسر صنمها وتقول: «كنا منك في غرور».

    إسلام صفوان بن أمية

    لم يكن صفوان ممن أهدر دمه، لكنه بصفته زعيماً كبيراً من زعماء قريش خاف على نفسه وفَرَّ، فاستأمن له عمير بن وهب الجمحي القرشي الرسولَ فأمنه، وأعطاه عمامته التي دخل بها مكة، فلحقه عمير وهو يريد أن يركب البحر من جدة إلى اليمن فردَّه،
    فقال للرسول صل الله عليه وسلم: «اجعلني بالخيار شهرين»، قال: «أنت بالخيار أربعة أشهر»، ثم أسلم صفوان، وقد كانت امرأته أسلمت قبله، فأقرهما على النكاح الأول.

    إسلام سهيل بن عمرو
    كما أسلم سهيل بن عمرو الذي كاتَبَ الرسولَ يوم صلح الحديبية، ويروي سهيلٌ قصته بعد أن دخل المسلمون مكة فيقول:

    لما دخل رسول الله صل الله عليه وسلم مكة وظهر، انقحمت بيتي وأغلقت عليَّ بابي، وأرسلت إلى ابني عبد الله بن سهيل أن اطلب لي جوارًا من محمد، وإني لا آمن من أن أقتل، وجعلت أتذكر أثري عند محمد وأصحابه فليس أحد أسوأ أثرًا مني،
    وإني لقيت رسول الله صل الله عليه وسلم يوم الحديبية بما لم يلحقه أحد، وكنت الذي كاتبته، مع حضوري بدرًا وأحدًا، وكلما تحركت قريش كنت فيها، فذهب عبد الله بن سهيل إلى رسول الله فقال: «يا رسول الله، تؤمنه؟»، فقال: «نعم، هو آمن بأمان الله، فليظهر»، ثم قال رسول الله صل الله عليه وسلم لمن حوله: «من لقي سهيل بن عمرو فلا يشد النظر إليه، فليخرج، فلعمري إن سهيلا له عقل وشرف، وما مثل سهيل يجهل الإسلام، ولقد رأى ما كان يوضع فيه أنه لم يكن له بنافع»، فخرج عبد الله إلى أبيه، فقال سهيل: «كان والله برًّا، صغيرًا وكبيرًا».
    فكان سهيل يُقبل ويُدبر، وخرج إلى حُنين مع الرسول صل الله عليه وسلم وهو على شركه حتى أسلم بالجعرانة.

    إسلام عكرمة بن أبي جهل
    وأسلم عكرمة بن أبي جهل المخزومي القرشي، حيث جاءت أم حكيم امرأة عكرمة بن أبي جهل إلى الرسولِ صل الله عليه وسلم فقالت: «يا رسول الله، قد هرب عكرمة منك إلى اليمن، وخاف أن تقتله فأمِّنه»، فقال الرسول: «هو آمن»، فخرجت أم حكيم في طلبه ومعها غلام لها رومي، فراودها عن نفسها، فجعلت تمنيه حتى قدمت على حيّ من عكٍّ فاستغاثتهم عليه فأوثقوه رباطًا، وأدركت عكرمة، وقد انتهى إلى ساحل من سواحل تهامة فركب البحر، فجعل نُوتيَّ السفينة يقول له: «أخلص»، فقال: «أي شيء أقول؟»، قال: «قل لا إله إلا الله»، قال عكرمة: «ما هربت إلا من هذا»،
    فجاءت أم حكيم على هذا الكلام، فجعلت تلح عليه وتقول: «يا ابن عم، جئتك من عند أوصل الناس، وأبرّ الناس، وخير الناس، لا تهلك نفسك»، فوقف لها حتى أدركته فقالت: «إني قد استأمنت لك محمدًا رسول الله صل الله عليه وسلم»، قال: «أنت فعلت؟»، قالت: «نعم، أنا كلمته فأمنك»، فرجع معها وقال: «ما لقيتِ من غلامك الرومي؟»، فخبرته خبره فقتله عكرمة، وهو يومئذ لم يسلم، فلما دنا من مكة
    قال الرسولُ صل الله عليه وسلم لأصحابه: «يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمنًا مهاجرًا، فلا تسبوا أباه، فإن سب الميت يؤذي الحي ولا يبلغ الميت»، وجعل عكرمة يطلب امرأته يجامعها، فتأبى عليه، وتقول: «إنك كافر وأنا مسلمة»، فيقول: «إن أمرًا منعك مني لأمر كبير»، فلما رأى الرسولُ صل الله عليه وسلم عكرمةَ وثب إليه -وما على النبي صل الله عليه وسلم رداء- فرحاً بعكرمة، ثم جلس الرسولُ فوقف بين يديه، وزوجته متنقبة، فقال: «يا محمد، إن هذه أخبرتني أنك أمنتني»، فقال الرسول صل الله عليهه وسلم «صدقت، فأنت آمن»، فقال عكرمة: «فإلامَ تدعو يا محمد؟»، قال: «أدعوك إلى أن تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، وأن تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتفعل وتفعل» حتى عد خصال الإسلام،
    فقال عكرمة: «والله ما دعوت إلا إلى الحق وأمر حسن جميل، قد كنت والله فينا قبل أن تدعو إلى ما دعوت إليه وأنت أصدقنا حديثاً وأبرنا براً»، ثم قال عكرمة: «فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله»، فسُرَّ بذلك الرسولُ، ثم قال: «يا رسول الله، علمني خير شيء أقوله»، قال: «تقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله»، قال عكرمة: «ثم ماذا؟»،
    قال رسول الله صل الله عليه وسلم: «تقول: أشهد الله وأُشهد من حضر أني مسلم مهاجر ومجاهد»، فقال عكرمة ذلك، فقال رسول الله: «لا تسألني اليوم شيئاً أعطيه أحدًا إلا أعطيتكه»، فقال عكرمة: «فإني أسألك أن تستغفر لي كل عداوة عاديتكها، أو مسير وضعت فيه، أو مقام لقيتك فيه، أو كلام قلته في وجهك أو وأنت غائب عنه»، فقال الرسول صل الله عليه وسلم: «اللهم اغفر له كل عداوة عادانيها، وكل مسير سار فيه إلى موضع يريد بذلك المسير إطفاء نورك، فاغفر له ما نال مني من عرض، في وجهي أو وأنا غائب عنه»،
    فقال عكرمة: «رضيت يا رسول الله، لا أدع نفقة كنت أنفقها في صدّ عن سبيل الإسلام إلا أنفقت ضعفها في سبيل الله، ولا قتالاً كنت أقاتل في صدّ عن سبيل الله إلا أبليت ضعفه في سبيل الله»، ثم اجتهد في القتال حتى قُتل في سبيل الله. وبعد أن أسلم ردَّ الرسولُ امرأته له بذلك النكاح الأول.

    إسلام أبي قحافة والد أبي بكر
    قالت أسماء بنت أبي بكر: «لما دخل رسول الله صل الله عليه وسلم مكة ودخل المسجد، أتى أبو بكر الصديق بأبيه يقوده، فلما رآه رسول الله صل الله عليه وسلم قال: «هلا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه؟»، قال أبو بكر: «يا رسول الله، هو أحق أن يمشي إليك من أن تمشي إليه أنت»، قالت: فأجلسه بين يديه، ثم مسح صدره، ثم قال له: «أسلم»، فأسلم، قالت: فدخل به أبو بكر وكأن رأسه ثغامة، فقال رسول الله صل الله عليه وسلم: «غيروا هذا من شعره»»، ويُروى أن الرسول هنأ أبا بكر بإسلام أبيه.

    إسلام فضالة بن عمير الليثي

    أراد فضالة بن عمير بن الملوح الليثي الكناني قتل الرسول صل الله عليه وسلم وهو يطوف بالبيت عام الفتح، فلما دنا منه،
    قال الرسول صل الله عليه وسلم: «أفضالة؟»، قال: «نعم، فضالة يا رسول الله»،
    قال: «ماذا كنت تحدث به نفسك؟»، قال: «لا شيء، كنت أذكر الله»، قال: فضحك النبي صل الله عليه وسلم ثم قال: «استغفر الله»، ثم وضع يده على صدره، فسكن قلبه،
    فكان فضالة يقول: «والله ما رفع يده عن صدري حتى ما من خلق الله شيء أحب إليَّ منه»، قال فضالة: فرجعت إلى أهلي، فمررت بامرأة كنت أتحدث إليها، فقالت: «هلم إلى الحديث»، فقلت: «لا»،
    وانبعث فضالة يقول:
    قالت هلمَّ إلى الحديث فقلت لا ---------- يأبى عليك اللـهُ والإسلامُ
    لـو ما رأيـت محمدًا وقبيـله ------- بالفتح يوم تُكَسَّر الأصنامُ
    لـرأيت دين اللـه أضحى بيّناً ---------- والشرك يَغشى وجهَه الإظلامُ

    إسلام عبد الله بن الزِّبَعْرَى شاعر قريش

    لما فتحت مكة فر عبد الله بن الزِّبَعْرَى السهمي (شاعرُ قريش) إلى نجران، فقال الصحابي حسان بن ثابت يعيره بالجبن والفرار:
    لا تعدمنْ رجلاً أحلك بغضه ------- نجران من عيش أحذَّ لئيم
    بليت قناتك في الحروب فألقيت ----- خمانة خوفاء ذات وصوم
    غضب الإله على الزبعرى وابنه ------ وعذاب سوء في الحياة مقيم

    فلما جاء ابنَ الزبعري شعرُ حسان تهيأ للخروج، فقال هبيرة بن أبي وهب: «أين تريد يا ابن عم؟»، قال: «أردت والله محمداً»، قال: «أتريد أن تتبعه»، قال: «إي والله»، قال: يقول هبيرة: «يا ليت أني كنت رافقت غيرك والله، ما ظننت أنك تتبع محمداً أبداً»،
    قال ابن الزبعرى: «هو ذاك، فعلى أي شيء أقيم مع بني الحارث بن كعب، وأترك ابن عمي وخير الناس وأبرهم ومع قومي وداري؟»، ثم توجه إلى مكة وقصد الرسول محمداً، حتى جاء الرسول صل الله عليه وسلم
    وهو جالس وأصحابه، فلما نظر الرسول إليه قال: «هذا ابن الزبعري ومعه وجه فيه نور الإسلام»، فلما وقف على الرسولِ قال: «السلام عليكم أي رسول الله، شهدت أن لا الله إلا الله، وأنك عبده ورسوله، والحمد لله الذي هداني للإسلام، لقد عاديتك، وأجلبت عليك، وركبت الفرس والبعير، ومشيت في عداوتك، ثم هربت منك إلى نجران وأنا أريد ألا أقرب الإسلام أبداً، ثم أرادني الله منه بخير فألقاه في قلبي وحببه إلي، وذكرت ما كنت فيه من الضلالة، واتباع ما لا ينفع ذا عقل من حجر يُعبد ويُذبح له، لا يدري من عبده ومن لا يعبده»، فقال له الرسولُ محمد: «الحمد لله الذي هداك للإسلام، إن الإسلام يجب ما كان قبله»، فأسلم ومدح الرسولَ صل الله عليه وسلم فأمر له بحلة.

    إسلام أنس بن زنيم شاعر بني الدئل بن بكر

    حين خرج سيد قبيلة خزاعة عمرو بن سالم الخزاعي يستنصر النبي محمداً على قريش وبني الدئل، أنشده الأبيات المشهورة
    ثم قال له: «يا رسول الله، إن أنس بن زنيم هجاك»، فأهدر النبي صل الله عليه وسلم دمه، فبلغ ذلك أنس،
    فلما كان يوم الفتح أقبل على الرسولِ معتذراً، وقام سيد بني الدئل بن بكر نوفلُ بن معاوية الديلي الكناني
    فقال: «يا رسول الله، أنت أولى بالعفو، ومن منا لم يؤذك ولم يعادك؟ وكنا في الجاهلية لا ندري ما نأخذ وما ندع حتى هدانا الله بك وأنقذنا من الهلكة»، فقال الرسولُ صل الله عليه وسلم: «قد عفوت عنه»، فقال: «فداك أبي وأمي»، فجاء أنس بن زنيم إلى النبي صل الله عليه وسلم وقال له:
    أَأَنت الذي تُهدَى مَعَدٌّ بأَمرِه -- بَل اللهُ يهديهم وقال لَكَ اشْهَدِ
    فما حَمَلَتْ مِن ناقةٍ فوق رحْلِها -- أَبَرَّ وَأَوْفَى ذِمَّةً من محمدِ
    أَحَثّ على خَيرٍ وأسبغ نَائِلاً -- إذا راح كالسيف الصقيل المُهَنَّدِ
    وأَكْسَى لبرد الحالِ قبل ابتذاله -- وأعطى لرأس السابق المُتَجَـرِّدِ
    تَعَلَّمْ رسولَ الله أنك مدركي -- وأن وعيدًا منك كالأَخْذِ باليَدِ
    تَعَلّمْ رسولَ الله أَنّك قَادِرٌ -- على كل سَكْنِ من تِهامٍ ومُنْجِدِ
    تَعَلّمْ بأن الركب ركب عويمر -- هم الكاذبون المخلفو كل موعد
    أنبوا رسول الله أن قد هجوته -- فلا رفَعَتْ سَوْطِي إليّ إِذَنْ يَدِي
    سِوى أَنَّني قد قلتُ يَا وَيْحَ فِتْيَةٍ -- أُصِيبوا بِنَحْسٍ يوم طَلْقٍ وأَسعدِ
    أَصابَهُمُ من لم يكن لِدمَائِهِم -- كِفاءً فعزت عَبْرَتي وتَبَلُّدِي
    فإنك قد أخفرت إن كنت ساعياً -- بعبد بن عبد الله وابنة مهود
    ذُؤَيْبٌ وكُلثومٌ وسلمى تتابعوا -- جميعًا فإلاّ تَدمع العينُ أَكْمَدِ
    وسلمى وسلمى ليس حي كمِثله -- وإِخوتِه أو هَل مُلُوكٌ كأَعْبُدِ
    فإني لا عِرضًا خَرَقْتُ وَلاَ دمًا -- هَرَقْتُ فَفَكِّر عالِمَ الحقِّ واقصِدِ

    وقال بعض الأدباء إن بيت أنس:
    فما حَمَلَتْ مِن ناقةٍ فوق رحْلِها --- أَبَرَّ وَأَوْفَى ذِمَّةً من محمدِ
    هو أصدق بيت شعر قالته العرب.
    ----------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا تابعونا جزاكم الله خيرا
    ولا تنسونا من صالح دعائكم
    -------------------------
    التالي :-
    نتائج فتح مكة

    صادق النور و انهار الجنه يعجبهم هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود نتائج فتح مكه

    مُساهمة من طرف صادق النور الخميس أبريل 06, 2023 10:49 pm

    نتائج فتح مكة



    • كان من أبرز نتائج فتح مكّة المكرّمة؛ تطهيرها وتطهير بيت الله الحرام من الأصنام والأوثان التي كانت موجودةً ومعبودةً من أهل مكّة؛ حيث حطّمها النبيّ -عليه الصلاة والسلام-
      بمجرّد دخوله إلى مكّة ووصوله إلى البيت الحرام، وطاف بالكعبة المشرّفة،
      وكان الفتح سببًا في تعزيز قوّة المسلمين، وتمكين الإسلام في الجزيرة العربيّة كلّها؛
      حيث بدأت قبائل العرب بعد فتح مكّة بالدخول في الإسلام، وزادت هيبة الإسلام والمسلمين في نفوس أعدائهم في الجزيرة وخارجها، ودفعت قوّة المسلمين التي ظهرت في فتح مكّة سببًا لهيبتهم في نفوس أعدائهم

      فقد تم فتح مكة المكرمة في العام الثامن من الهجرة بشهر رمضان المبارك، وقد كان فتحًا عظيمًا،
      إذ كان المسلمون ينتظرون ذلك الفتح الذي علت كلمة الحق فيه ورُفعت راية الإسلام،
      وبعده عاد نبي الله عليه الصلاة والسلام إلى بلده ومسقط رأسه وبدأ منه نشر الدعوة للإسلام،
      وبعد أن فُتحت مكة ودخل الناس الدين الإسلامي، أنزل الله سورة من القرآن على الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك الفتح
      فقال سبحانه وتعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا* فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}.

      إن فتح مكة ترتب عليه الكثير من النتائج التي عادت على المسلمين بالنفع، وقد استطاع الرسول صلى الله عليه وسلم الوصول لأهدافه التي يسعى إليها وهي:

      عدم وجود أي خوف من قبيلة قريش، إذ أن القبائل العربية الأخرى كانت تخاف منها كثيرًا.
      منع الأذى الذي قامت به قريش للمسلمين، ومن ثم صار لكل إنسان كامل الحرية لاختيار دينه دون أي خوف أو تدخل من قريش.
      أعاد الفتح أرض مكة إلى المسلمين، إذ أنها المكان الذي يحتوي على الكعبة الشريفة، وهي خاصة بالمسلمين، ولذا صارت تحت الراية الإسلامية التي علت بكلمة التوحيد.
      هُزمت الجيوش المشركة برب العالمين، وضعفت قدرتهم على مواجهة المسلمين مجددًا، إلى أن تلاشت تلك الجيوش، وصار الإسلام هو الدين المنتشر حتى دخلت كل شبه الجزيرة العربية في الإسلام.

      من نتائج فتح مكة إعلان القبائل إسلامها وسمي ذلك العام بعام الفتح الأعظم .

      إذ أن الكثير من القبائل العربية التي كانت موجودة في تلك الفترة كانت تخاف من قبيلة قريش، وكان هذا السبب في عدم دخول تلك القبائل في الإسلام، ولكن بعد أن فُتحت مكة وتم هزيمة قريش فلم يعد لقريش أي سُلطة أو تهديد، وأصبح لكل شخص الحرية في اعتناق الدين، وتم تسميتها باسم (الفتح الأعظم).


    • إنَّ هذا الفتح المبين ليذكره صلى الله عليه وسلم بماضٍ طويل الفصول كيف خرج مطارداً،
      وكيف يعود اليوم منصوراً مؤيداً، وأي كرامة عظمى حفه الله تعالى بها هذا الصباح الميمون،
      وكلما استشعر هذه النعماء ازداد لله على راحلته خشوعاً وانحناء،

      كان من نتائج فتح مكة اعتناقُ كثيرٍ من أهلها دينَ الإسلام، ومنهم سيد قريش وكنانة أبو سفيان بن حرب، وزوجتُه هند بنت عتبة،

      وكذلك عكرمة بن أبي جهل، وسهيل بن عمرو، وصفوان بن أمية، وأبو قحافة والد أبي بكر الصديق، وغيرُهم.

      وكذلك دخلت مكةُ تحت نفوذ المسلمين، وزالت دولة قريش منها، وأصبح المسلمون قوة عظمى في جزيرة العرب.

      وتحققت أمنية الرسولِ صل الله عليه وسلم بدخول قريش في الإسلام،

      وبرزت الدولة الإسلامية قوةً كبرى في الجزيرة العربية لا يستطيع أي تجمع قبلي الوقوف في وجهها.

      ظهور رفقه صلى الله عليه وسلّم بالناس وأخذه بيدهم ليعيد لهم ثقتهم بأنفسهم، وتعيين من يعلمهم ويفقهم في دينهم،

      فقد ترك صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل رضي الله عنه في مكة أميراً عليها، ليعلّم الناس الصلاة وأمور دينهم.

      تحقيق العدل في مكة المكرمة، فقد عيّن صلى الله عليه وسلم عتاب بن أسيد أميراً على مكة يحكم في الناس بكتاب الله تعالى فيأخذ الحق للضعيف منهم وينصر المظلوم.

      إقناع العرب جميعاً بأنّ الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله تعالى لعباده فدخلوا فيه أفواجاً.

      تحقق وعد الله تعالى للمؤمنين الصادقين بالتمكين بعد أنْ ضحوا بالغالي والنفيس في سبيل نصرة الدين مع الرسول صلى الله عليه وسلّم،
      ومن صور التمكين وقوف بلال بن رباح رضي الله عنه فوق الكعبة مؤذناً للصلاة بعد أن عذّب في بطحاء مكة وهو يردد(أحدٌ، أحد) وهو مربوطٌ بالأغلال والحديد.

    ----------------------------
    أحبابنا بارك الله فيكم وجزاكم الله خير


    تابعونا في الجزء الثاني من إنتصارات شهر رمضان المبارك (( فتح الأندلس    ))

    ---------------------

    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    avatar
    انهار الجنه


    عدد المساهمات : 228
    تاريخ التسجيل : 07/03/2010

    محمد عبد الموجود جزاكم الله خيرا

    مُساهمة من طرف انهار الجنه الثلاثاء أبريل 11, 2023 5:01 pm

    جزاكم الله خيرا وبارك فيكم ونفع بكم

    انهار الجنه يعجبه هذا الموضوع

    avatar
    انهار الجنه


    عدد المساهمات : 228
    تاريخ التسجيل : 07/03/2010

    محمد عبد الموجود جزاكم الله خيرا

    مُساهمة من طرف انهار الجنه الثلاثاء أبريل 11, 2023 5:10 pm

    اللهم أنصر ألإسلام وأعز المسلمين وأرفع رايتهم ووحد قلوبهم

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 12:42 pm