إنتصار العاشر من رمضان 1393ه -السادس من أكتوبر 1973 م
السيد الرئيس / محمد أنور السادات رئيس جمهوريه مصر العربيه وقائد النصر في العاشر من رمضان رحمه الله
---
حرب أكتوبر أو حرب العاشر من رمضان
أو حرب يوم الغفران (بالعبرية: מלחמת יום כיפור، ميلخمت يوم كيبور) كما تعرف في إسرائيل،
هي حرب شنتها كل من مصر وسوريا في وقتٍ واحدٍ على إسرائيل عام 1973 وهي خامس الحروب العربية الإسرائيلية بعد حرب 1948 (حرب فلسطين) وحرب 1956 (حرب السويس) وحرب 1967 (حرب الستة أيام) وحرب الاستنزاف (1967-1970)،
وكانت إسرائيل في الحرب الثالثة قد احتلت شبه جزيرة سيناء من مصر وهضبة الجولان من سوريا، بالإضافة إلى الضفة الغربية التي كانت تحت الحكم الأردني وقطاع غزة الخاضع آنذاك لحكم عسكري مصري.
بدأت الحرب يوم السبت 6 أكتوبر/ تشرين الأول 1973 م الموافق 10 رمضان 1393 هـ
بتنسيق هجومين مفاجئين ومتزامنين على القوات الإسرائيلية؛ أحدهما للجيش المصري على جبهة سيناء المحتلة وآخر للجيش السوري على جبهة هضبة الجولان المحتلة. وقد ساهمت في الحرب بعض الدول العربية سواء بالدعم العسكري أو الاقتصادي
لم تكن حرب أكتوبر المجيدة، مجرد معركة تحرير للأرض من المحتل الغاصب،
إنما كانت ملحمة وطنية متكاملة، قام بها رجال قواتنا المسلحة، تجمعت فيها كل المبادئ الوطنية والقيم السامية
وأسس النجاح والتميز، من إرادة حديدية وإيمان بالله وثقة فى النصر والانتماء للوطن والولاء لتراب مصر العظيمة.
وصدر البيان الأول عن القيادة العامة في تمام الساعة الثانية وعشر دقائق ظهر يوم السادس من أكتوبر عام 1973، وجاء فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم
قام العدو الساعة الواحدة والنصف بعد ظهر اليوم بمهاجمة قواتنا بمنطقتي الزعفرانة والسخنة بخليج السويس بواسطة تشكيلات من قواته الجوية عندما كانت بعض من زوارقه البحرية تقترب من الساحل الغربي للخليج، وتقوم قواتنا حالياً بالتصدى للقوات المغيرة.
العدوان الثلاثي
في ديسمبر/كانون الأول 1955 قبلت مصر عرضاً من أمريكا وانجلترا والبنك الدولي للحصول على قرض لتنفيذ مشروع السد العالي،
تلاها طلب مصر شراء صفقة أسلحة إلا أن هذا الطلب قوبل بالرفض فاتجهت مصر لشراء ما تحتاج من أسلحة من الاتحاد السوفيتي، فرأت أمريكا وانجلترا في الخطوة المصرية مظهراً من مظاهر التحدي فتراجعا عن تمويل السد العالي،
فأعلن جمال عبد الناصر في 26 يوليو/تموز 1956 قرار تأميم شركة قناة السويس. رداً على تأميم القناة قامت كل من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل بعقد «اتفاقية سيفر» في 28 يوليو/تموز 1956 بباريس للهجوم على مصر.
بدأ العدوان بهجوم إسرائيلي مفاجئ يوم 29 أكتوبر 1956، تلاه في يوم 30 أكتوبر/ تشرين الأول تقديم كل من بريطانيا وفرنسا إنذاراً لمصر يطالب بوقف القتال بين الطرفين، ويطلب من مصر وإسرائيل الانسحاب عشرة كيلو مترات عن قناة السويس وقبول احتلال بورسعيد والإسماعيلية والسويس، من أجل حماية الملاحة في القناة،
وهو ما أعلنت مصر رفضه، وفي 31 أكتوبر/ تشرين الأول هاجمت الدولتان مصر، فأصدر جمال عبد الناصر الأوامر بسحب جميع القوات المصرية من صحراء سيناء إلى غرب قناة السويس لمواجهة تلك القوات.
وفي 5 نوفمبر/تشرين الثاني بدأت عملية غزو مصر من جانب القوات البريطانية والفرنسية من بورسعيد.
دارت في بورسعيد معارك عنيفة بين قوات العدوان الثلاثي وقوات المقاومة الشعبية،
وفي 2 نوفمبر/تشرين الثاني اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بإيقاف القتال،
وأدى الضغط الدولي بقيادة الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة إلى توقف التغلغل الإنجليزي الفرنسي، وقبولهما وقف إطلاق النار اعتباراً من 7 نوفمبر/تشرين الثاني،
تلا ذلك انسحاب القوات الإنجليزية والفرنسية من بورسعيد وانسحاب القوات الإسرائيلية من سيناء وقطاع غزة،
وقررت الأمم المتحدة وضع قوات دولية في شرم الشيخ وعلى حدود مصر الشرقية وحدود قطاع غزة الفلسطيني،
ونالت إسرائيل حق تأمين ملاحتها البحرية والجوية عبر خليج العقبة من وإلى ميناء إيلات.
السيد الرئيس / جمال عبد الناصر رئيس جمهوريه مصر العربيه رحمه الله
حرب 1967
المناطق التي سيطرت عليها إسرائيل بعد حرب 1967
في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1966 قامت إسرائيل بإغارة عسكرية على قرية السموع الأردنية بحجة تدمير قواعد الفلسطينيين، ومع بداية عام 1967 وجهت إسرائيل الاتهام لسوريا بتشجيع أعمال الفدائيين داخل فلسطين، وحدث اشتباك بين الطيران الإسرائيلي والسوري في 7 أبريل/نيسان 1967،
أعلنت بعده إسرائيل في 12 مايو/أيار 1967 أنها ستشن حرباً على سوريا لإسقاط نظام الحكم وقامت باستدعاء الجزء الأكبر من قواتها الاحتياطية. الأمر الذي دفع مصر إلى اتخاذ إجراءات استثنائية لارتباطها مع سوريا باتفاقية دفاع مشترك،
فتم إعلان حالة الطوارئ القصوى وإعلان التعبئة العامة بالقوات المسلحة المصرية، وبدأت القيادة المصرية حشد قواتها في سيناء استعداداً لتنفيذ خطة القاهر الدفاعية.
طلبت مصر في 16 مايو/أيار 1967 سحب قوات الطوارئ الدولية الموجودة على الحدود الشرقية،
وأعلن الرئيس جمال عبد الناصر في 23 مايو/أيار 1967 قراره بإغلاق مضايق تيران (خليج العقبة) أمام الملاحة الإسرائيلية، تذرعت إسرائيل بأزمة غلق المضايق وأعلنت في 29 مايو/أيار أن التدخل في حرية الملاحة في خليج العقبة يعتبر عدواناً ضد إسرائيل وأعلنت تعبئة الاحتياطي ورفعت درجة استعداد الجيش الإسرائيلي.
خلال تلك الفترة كان قد مضى على خوض القوات المسلحة المصرية لمعاركها بحرب اليمن خمس سنوات والتي شاركت بعملياتها ثلث القوات البرية بدعم من القوات الجوية والبحرية مما ترتب عليه خسائر متزايدة في الأفراد والمعدات وانخفاض مستوى التدريب والحالة الفنية للأسلحة مما أثر على الكفاءة القتالية للقوات،
وذلك في وقت عانى فيه الجيش المصري من تشتت في القيادة وتوزيع المهام، وسوء التنسيق بين الأفرع المختلفة والإدارات وأحادية اتخاذ القرار.
في 5 يونيو/حزيران 1967 شنت إسرائيل هجومها ضد القوات المصرية في سيناء، وضد القوات الأردنية للاستيلاء على الضفة الغربية، وضد القوات السورية للاستيلاء على هضبة الجولان، وكان رأس حربة هذا الهجوم سلاح الطيران الإسرائيلي المتفوق على الطيران العربي في ذلك الوقت كماً ونوعاً،
فقامت بقصف المطارات المصرية لمنع أي طلعات جوية مصرية. أعقب ذلك اجتياح بري لسيناء وقطاع غزة من قبل الجيش الإسرائيلي. وعلى الجبهة الأردنية وجهت الطائرات الإسرائيلية ضربتها ضد القوات الجوية الأردنية ومطاراتها واجتاحت برياً الضفة الغربية والقدس الشرقية. وبنفس الأسلوب أجهض الطيران الإسرائيلي الطلعات الجوية السورية واحتلت هضبة الجولان.
حرب الاستنزاف
حرب الاستنزاف هي حرب استمرت ثلاث سنوات ونصف السنة، شنتها القوات المصرية على القوات الإسرائيلية في سيناء عقب هزيمة حرب 1967.
قامت الحرب على أساس استنزاف قدرات الجيش الإسرائيلي وليس على أساس المواجهة المباشرة ومنعه من الوصول إلى غرب القناة.
تضمنت الحرب ثلاث مراحل رئيسية هي مرحلة الصمود، ثم مرحلة المواجهة والدفاع، وأخيرا مرحلة الردع والحسم.
نجحت مصر خلال تلك الفترة في استكمال بناء منظومة الدفاع الجوى المصري، وتحريك حائط صواريخ الدفاع الجوى إلى قرب حافة الضفة الغربية للقناة، وتنفيذ عدة عمليات لعبور الشاطئ الشرقي للقناة داخل عمق سيناء،
كما أعادت بناء قواتها الجوية، وأعادت تنظيم وتدريب القوات المسلحة. خلال عمليات تلك الفترة استشهد الفريق عبد المنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المصرية وهو على الخطوط الأمامية للجبهة في موقع المعدية رقم 6 بمنطقة الإسماعيلية أثناء معارك المدفعية يوم 9 مارس/آذار 1969.
مبادرة روجرز
في 5 يونيو/حزيران 1970 قدمت الولايات المتحدة الأمريكية مبادرةً عن طريق وزير خارجيتها وليام روجرز لإيقاف النيران لمدة 90 يوماً بين مصر وإسرائيل وأن يدخل الطرفان في مفاوضات جديدة لتنفيذ القرار 242.
استجاب الطرفان لإيقاف النيران في 8 أغسطس/آب 1970 إلا أن إسرائيل لم تفِ بالشق الثاني، وتم تمديد وقف إطلاق النار لثلاثة أشهر أخرى تنتهي في 4 فبراير/شباط 1971 ثم مددت لشهر واحد ينتهي في 7 مارس/آذار 1971،
وبعدها أعلنت مصر رفضها تمديد وقف إطلاق النار مرة أخرى مع استمرار حالة اللاسلم واللاحرب.
مقدمات الحرب
في 28 سبتمبر/أيلول 1970 توفي الرئيس جمال عبد الناصر، وانتخب نائبه أنور السادات رئيساً لمصر في 15 أكتوبر/تشرين الأول 1970.
عقد السادات النية على دخول الحرب وأعلن ذلك في عدة مناسبات منها إعلانه في 22 يونيو/حزيران 1971 أن عام 1971 هو عام الحسم، وكلامه أمام المجلس الأعلى للقوات المسلحة في 24 أكتوبر/تشرين الأول 1972 الذي أوضح فيه وجوب تجهيز القوات المسلحة لدخول الحرب.
في عام 1973 قرر الرئيسان المصري أنور السادات والسوري حافظ الأسد اللجوء إلى الحرب لاسترداد الأرض التي خسرتها الدولتان في حرب حرب 1967،
فقرر مجلس اتحاد الجمهوريات العربية في 10 يناير/كانون الثاني 1973 تعيين الفريق أول أحمد إسماعيل علي قائداً عاما للقوات الاتحادية، وخلال يومي 22 و23 أغسطس/آب 1973
اجتمع القادة العسكريون السوريون برئاسة مصطفى طلاس وزير الدفاع مع القادة العسكريين المصريين برئاسة أحمد إسماعيل علي في الإسكندرية سراً ليشكلوا معاً المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية والسورية المكون من 13 قائد،
وذلك للبت في الموضوعات العسكرية المشتركة والاتفاق النهائي على موعد الحرب، واتفق في هذا الاجتماع على بدء الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 1973، وخلال اجتماع السادات مع الأسد في دمشق يومي 28 و29 أغسطس/آب اتفقا على أن يكون يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول 1973 هو يوم بدء الحرب.
ميزان القوى
المدفعية الإسرائيلية على هضبة الجولان
لا يزال تقدير القوات المشاركة في حرب أكتوبر على الجبهتين المصرية والسورية بدقة أمراً صعباً،
نظراً لأن بعض الوثائق الخاصة بالحرب لا تزال سرية ولم يسمح بنشرها بعد،
ولذلك اختُلف في تقدير ميزان القوى بين القوات طبقاً للروايات المختلفة حول الحرب،
ولكن يمكن تقدير معظمها على النحو التالي من حيث العدد فقط، مع مراعاة أن نوع التسليح العربي يختلف تماماً عن نوع التسليح الإسرائيلي في ذلك الوقت المتفوق نوعياً وتكنولوجياً،
وحقيقة أن الولايات المتحدة مدت جسراً جوياً مباشراً بينها وبين إسرائيل لتعويض جميع خسائرها على خلاف ما حدث على الجبهات العربية التي مد إليها الاتحاد السوڤييتي جسراً جوياً متواضعاً بالمقارنة مع الإمدادات الأمريكية لإسرائيل،
ما جعل من الصعب تحديد الحجم الدقيق للقوات. وفي حين تميزت القوات البحرية المصرية بالتفوق العددي في الأسلحة البحرية إلا أنها لم تشارك بشكل مباشر ومناسب بالعمليات الحربية بسبب التفوق الجوي الإسرائيلي الذي كبح قدرة القطع البحرية المصرية على التحرك والمناورة بحريّة،
وذلك فيما عدا الحصار البحري الذي فرضته مصر على إسرائيل من خلال إغلاق مضيق باب المندب بوجه الملاحة الإسرائيلية وعدة عمليات قصف مدفعي أخرى:
التشكيلات العسكرية
التشكيل------------------------------ مصر ----- سوريا------ إسرائيل لواء مدرع __________________ 10------- 10 ------ 16 لواء ميكانيكي "آلي _____________ 8 -----------5 -------- 6 لواء مشاة ------------------------- 19 -------- 12-------- 9 لواء قوات خاصة "مظليين، محمولة جواً، مغاوير" 3 - -------------------- 5 لواء صواريخ __________________ 1 (R-17E) - - |
الأسلحة الرئيسية
السلاح ----------------------------- مصر--- -----سوريا ------------ إسرائيل دبابات -----------------------------1700------1600-1800---------2350 - 2400 مركبات مدرعة -----------------------2000------1300-1500-------- 4000 مدافع وهاونات وراجمات صواريخ ----- --- 2500------1000-1200--------- 950-1470 طائرات (مقاتلة، قاذفة، عمودية)----------- 650-750--310-350----------- 465-485 زوارق طوربيد----------------------- 34-36----- 13-17------------- 9-81 زوارق صواريخ ----------------------17-19----- 8-9---------------- 14 زوارق دورية------------------------- 12-------3 ------------------ 20 مدمرات----------------------------- 5 ـ ـ فرقاطات ___________________ 3 ـ ـ غواصات____________________ 12 ـ 1-2 كاسحات ألغام__________________ 8-14 ___4 ____________ 4 سفن إنزال _________________ 14 ـ 10_ |
الجبهة المصرية (سيناء)
الدفاعات الإسرائيلية (خط بارليف)
خط بارليف
أنشأ الإسرائيليون سداً ترابياً على الضفة الشرقية لقناة السويس بارتفاع يصل في الأماكن المهمة إلى 20 م،
وبميل يتراوح ما بين 45 و65 درجة بهدف منع عبور أي مركبةٍ برمائيةٍ من القناة إلى الضفة الشرقية.
وعلى طول هذا السد الترابي بني خط دفاعي قوي أطلق عليه «خط بارليف»
يتكون من 35 حصناً تتراوح المسافة بينهم ما بين 1 كم في الاتجاهات المهمة و5 كم في الاتجاهات غير المهمة على طول القناة، وفي منطقة البحيرات المرة تباعدت هذه الحصون لتصل المسافة بينها ما بين 5 إلى 10 كم.
كانت تلك الحصون مدفونة في الأرض وذات أسقف يمكنها تحمل قصف المدفعية وكانت تحيط بها الألغام والأسلاك الشائكة الكثيفة لتصعيب مهمة الاقتراب منها،
وتمكينها من غمر القناة بالنيران الكثيفة لمنع أي مهمة عبور للقوات المصرية، وبين تلك الحصون كانت هناك مرابض للدبابات يفصل بين كل منها 100 متر يمكن للقوات الإسرائيلية احتلالها في حالات التوتر لصد الهجمات.
كفل تصميم الخط الدفاعي للدبابات الإسرائيلية التحرك بحرية من مربض لآخر دون أن تراها القوات المصرية من الجانب الغربي للقناة،
كما تم تزويد تلك الحصون بمؤن وذخيرة تجعلها تكتفي ذاتياً لمدة سبعة أيام،
وتم تأمين وسائل اتصالها بشكل جيد مع قياداتها بالخطوط الخلفية.
وخصصت القيادة الإسرائيلية لواء مشاة لاحتلال تلك الحصون ولواء مدرع يعمل كاحتياطي قريب متمركز على بعد 5 إلى 8 كم، ولواءين مدرعين يتمركزان بمنطقة أبعد على بعد 25 إلى 30 كم.
التخطيط
خطة المآذن العالية
حينما تولى السادات منصب الرئاسة عام 1970 لم تكن القيادة العسكرية المصرية تمتلك خططاً عسكريةً لمهاجمة القوات الإسرائيلية، والتي تحتل شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة منذ حرب 1967 وكل ما كانت تمتلكه هو خطة دفاعية أطلق عليها اسم «الخطة 200»، بجانب خطة تعرضية تسمى «جرانيت» والتي تشمل تنفيذ بعض الغارات على مواقع القوات الإسرائيلية في سيناء إلا أنها لم تكن بالمستوى الذي يسمح بتسميتها خطةً هجومية.
بدأ الإعداد للخطط الهجومية المصرية عقب تولي الفريق سعد الدين الشاذلي منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة في 16 مايو/أيار 1971 والذي بدأ مهام عمله بدراسة الإمكانيات الفعلية للقوات المسلحة المصرية ومقارنتها بالمعلومات المتاحة عن قدرات الجيش الإسرائيلي وذلك بهدف التوصل إلى خطةٍ هجوميةٍ واقعيةٍ تتوافق مع الإمكانيات المتاحة للقوات المصرية في ذلك الوقت.
وخلص الشاذلي من دراسته -وطبقاً للإمكانيات المتاحة- بأن المعركة يجب أن تكون محدودةً وأن يكون هدفها عبور قناة السويس وتدمير خط بارليف ثم اتخاذ أوضاعٍ دفاعيةٍ على مسافةٍ تتراوح ما بين 10 و12 كم شرق القناة، وأن تبقى القوات في تلك الأوضاع الجديدة إلى أن يتم تجهيزها وتدريبها للقيام بالمرحلة التالية من تحرير الأرض.
عرض الشاذلي فكرته على وزير الحربية الفريق الأول محمد صادق، إلا أنه عارضها بحجة أنها ستبقي ما يزيد عن 60,000 كم² من أراضي سيناء بالإضافة إلى قطاع غزة تحت الاحتلال الإسرائيلي فضلاً عن أنها ستوجد وضعاً عسكرياً أصعبَ من وضع الجبهة الحالي الذي يحتمي خلف قناة السويس باعتبارها مانعاً مائياً جيداً،
وكان يرغب في التخطيط لعمليةٍ عسكريةٍ هجوميةٍ تهدف إلى تدمير جميع القوات الإسرائيلية في سيناء لتحريرها هي وقطاع غزة في عمليةٍ واحدةٍ ومستمرة.
في نهاية المطاف وبعد نقاشاتٍ وجلساتٍ مطولةٍ جرى التوصل إلى حلٍّ وسطٍ تمثل في إعداد خطتين الأولى هي «العملية/الخطة 41» التي تهدف إلى الاستيلاء على المضائق الجبلية في سيناء وقد أُعدت بالتعاون مع المستشارين السوڤييت بهدف إطلاعهم على احتياجات القوات المسلحة لتنفيذ الخطة،
والثانية هي «خطة المآذن العالية» وتهدف إلى عبور قناة السويس وتدمير خط بارليف واحتلاله واتخاذ أوضاعٍ دفاعيةٍ واستنزاف إمكانيات الجيش الإسرائيلي إلى حين القيام بالمرحلة التالية من المعركة،
وجرى إعداد تلك الخطة في سريةٍ تامّةٍ بعيداً عن أعين المستشارين السوڤييت.
وخلال عام 1972 أدخلت تعديلات على «العملية/الخطة 41» وتغير اسمها إلى «جرانيت 2» ولكن بقي جوهرها كما هو.
وركزت القوات المسلحة المصرية على تنفيذ «خطة المآذن العالية» التي كانت تناسب إمكاناتها في ذلك الوقت،
وتغير اسم الخطة في سبتمبر/أيلول 1973 إلى «الخطة بدر» بعد أن تحدد موعد الهجوم ليكون السادس من أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه.
وبناءً على هذه الخطة صدر «التوجيه 41» عن رئاسة الأركان المصرية الذي نظم عملية العبور.
اختيار موعد الحرب
في 22 يوليو/تموز 1972 طلب الرئيس السادات سحب المستشارين العسكريين السوڤييت من مصر،
وقرر أن الحرب ستجري بما هو متوفر من السلاح والمعدات وضمن طاقتها التي تسمح بها.
منذ تكليف السادات للقوات المسلحة بالاستعداد للحرب في مؤتمر الجيزة يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول 1972 عملت هيئة عمليات القوات المسلحة برئاسة اللواء عبد الغني الجمسي على تحديد أنسب التوقيتات للهجوم،
وذلك بناءً على عدة عواملَ منها الموقف العسكري الإسرائيلي، وحالة القوات المصرية، والمواصفات الفنية للقناة من ناحية حالة المد والجزر وسرعة التيار واتجاهه والأحوال الجوية،
وذلك بهدف تحقيق أفضل الظروف للقوات المصرية وأسوئها للقوات الإسرائيلية، مع مراعاة أن يناسب التاريخ الجبهة السورية أيضاً (يبدأ الثلج والجليد في نوفمبر/تشرين الثاني على مرتفعات الجولان فتوجب ألا تتأخر الحرب عن أكتوبر).
بناءً على العديد من الدراسات حددت شهور مايو/أيار أو أغسطس/آب أو سبتمبر/أيلول-أكتوبر/تشرين الأول كأنسب الشهور للهجوم،
وكان أفضلها شهر أكتوبر/تشرين الأول 1973 لعدة أسبابٍ منها لكونه أفضلَ الشهورِ بالنسبة لحالة المناخ على كلا الجبهتين المصرية والسورية،
كما أن الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية ستُجرى يوم 28 منه وسينشغلُ الشعب والجيش بالحملات الانتخابية (باعتبار جميع المدنيين القادرين على حمل السلاح هم عناصر احتياطٍ في الجيش في إسرائيل)،
وبعد دراسة العطلات الرسمية في إسرائيل حيث تكون قواتها المسلحة في أدنى استعداداتها
وُجد أن يوم السبت -عيد الغفران أو كيبور- 6 أكتوبر 1973 م / 10 رمضان 1393 هـ هو الأنسب لأنه اليوم الوحيد في السنة الذي تتوقف فيه الإذاعة والتلفزة عن البث،
مما سيتطلب من إسرائيل وقتاً أطول لاستدعاء الاحتياطي الذي يمثل القاعدة العريضة لقواتها المسلحة.
واختيرت الساعة 14:00 (1400 وفق العرف العسكري) بعد الظهر لانطلاق الهجوم حيث تكون الشمس جهة الغرب خلف ظهور المصريين وتغشى عيون الإسرائيليين مما يُتيح رؤيةً جيدةً جداً للمهاجمين على عكس المدافعين،
وتقرر هذا في الاجتماع المشترك السري بين القيادتين العسكريتين المصرية والسورية برئاسة وزيريْ الدفاع في 22 أغسطس/آب في قيادة القوات البحرية في الإسكندرية.
الخداع الإستراتيجي
في يوليو/تموز 1972 اجتمع الرئيس السادات مع رئيس المخابرات العامة ومدير المخابرات الحربية ومستشار الأمن القومي والقائد العام للقوات المسلحة لوضع خطة خداع استراتيجي تسمح لمصر بالتفوق على التقدم التكنولوجي والتسليحي الإسرائيلي عن طريق إخفاء أي علامات للاستعداد للحرب
وحتى لا تقوم إسرائيل بضربة إجهاضية للقوات المصرية في مرحلة الإعداد على الجبهة،
واشتملت الخطة على ستة محاور رئيسية
تضمنت إجراءات تتعلق بالجبهة الداخلية، إجراءات تتعلق بنقل المعدات للجبهة، إجراءات خداع ميدانية، إجراءات خداع سيادية، تأمين تحركات واستعدادات القوات المسلحة، توفير المعلومات السرية عن القوات الإسرائيلية وتضليلها
التغلب على مشكلات العبور
شكلت قناة السويس مانعاً مائياً صناعياً صعب العبور، إذ يبلغ عرضها ما بين 180 إلى 200 متر،
وأجنابها حادة ومكسوة بالحجارة مما يمنع عبور الدبابات البرمائية،
بالإضافة إلى ذلك أنشأ الإسرائيليون سداً ترابياً على الضفة الشرقية أسسوه على التلال الرملية الناتجة من حفر القناة عند شقها، وعلى طول هذا السد شيدوا خطَّ دفاعٍ منيعٍ جداً مؤلفٍ من خمسةٍ وثلاثين حصناً منيعاً من بور فؤاد شمالاً إلى لسان بور توفيق جنوباً أطلقوا عليه «خط بارليف» نسبةً إلى حاييم بارليف رئيس الأركان الإسرائيلي السابق.
استندت خطة العبور إلى فتح ثغراتٍ في الساتر الترابي الشرقي لإنشاء رؤوس الجسور وتسهيل عبور المشاة والمعدات والمركبات باستخدام فكرةٍ بسيطةٍ ولكنها فعالةٌ، وهي التجريف بضغط المياه باستخدام المضخات
وخُصِّص لكل ثغرةٍ خمس مضخاتٍ يمكنها إزاحة 1500 متر مكعب من الأتربة خلال ساعتين بعدد أفراد من 10 إلى 15 جندي.
للتغلب على نيران النابالم المشتعلة على سطح القناة خُطِّط لسد فتحات أنابيب المواد المشتعلة قبل بدء العبور بمادة قوية سريعة التصلب،
مع قصف خزاناتها بالمدفعية أثناء فترة التمهيد المدفعي الذي يسبق الهجوم،
وانتخاب نقط عبور فوق اتجاه التيار لتفادي تأثير السائل المحترق.
ولتدعيم المشاة العابرة إلى الضفة الشرقية بالذخيرة والمؤن -ريثما يبدأ عملُ الجسور وبجري نقلُ المعداتِ والأسلحةِ الثقيلة-
جرى تغيير الشدات الميدانية لجنود المشاة لتسمح بحمل أوزانٍ تصل إلى ثلاثين كيلوجراماً وبحيث تسمحُ للجندي بالتحرك بيسرٍ داخل أرض المعركة.
وتم إمدادهم بعربات جر يدوي يمكنها حمل مئةٍ وخمسينَ كيلوجراماً من الذخيرة والمعدات ويمكن جرها بواسطة فردين.
كما زُودوا بنظاراتٍ مُعتمةٍ يُمكن ارتداؤها لمواجهة الأضواء المبهرة التي قد تستخدم لإعاقة ضرباتهم.
بالإضافة إلى سلالم الحبال المستخدمة في البحرية المصنوعة من درجاتٍ خشبيةٍ وأجنابٍ من الحبال مما يسهل طيه وحمله ويمنع غوص أرجل الجنود وعرباتهم في رمال الساتر الترابي.
-------------------------------------------------------
وما زلنا أحبابنا نعيش لحظات ألإنتصار علي العدو لحظه بلحظه
تابعونا جزاكم الله خيرا
التالي :- يوم السادس من أكتوبر العاشر من رمضان
يوم النصر والملحمه
عدل سابقا من قبل sadekalnour في الإثنين أبريل 10, 2023 6:26 am عدل 1 مرات
اليوم في 3:00 pm من طرف عبدالله الآحد
» كتاب الترجيح في مسائل الطهارة والصلاة
أمس في 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
أمس في 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد
» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» العبادة وأركانها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد
» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور
» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد
» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد
» هيئات السجود المسنونة
الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد