بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام علي سيدنا ومولانا رسول الله وحبيب مولاه محمد بن عبد الله وآله وصحبه ومن ولاه
مناقب ليله النصف من شعبان
ليلة النصف من شعبان
هي ليلة الخامس عشر من شهر شعبان، وهي الليلة التي تسبق يوم 15 شعبان،
وتبدأ مع مغرب يوم 14 شعبان وتنتهي مع فجر يوم 15 شعبان. ولهذه الليلة أهمية خاصّة في الإسلام، لأنه تم فيها تحويل القبلة من بيت المقدس إلى البيت الحرام بمكة المكرمة - بالعام الثاني من الهجرة على أرجح الآراء - بعد أن صلى المسلمين قرابة الستة عشر شهراً تقريباً تجاه المسجد الأقصى. ولأنه ورد فيها عدة أحاديث نبوية تبيّن فضلها وأهميتها، ويحييها عدد من المسلمين بالصلاة والذكر وتلاوة القرآن والدعاء.
من أسمائها
ليلة البراءة.
ليلة الدعاء.
ليلة القِسمة.
ليلة الإجابة.
الليلة المباركة.
ليلة الشفاعة.
ليلة الغفران والعتق من النيران.
وقيل: إن للملائكة في السماء ليلتي عيد، كما أن للمسلمين في الأرض يومي عيد،
فعيد الملائكة ليلة البراء وهي ليلة النصف من شعبان وليلة القدر، وعيد المؤمنين يوم الفطر ويوم الأضحى.
ولهذا سميت ليلة النصف من شعبان ليلة عيد الملائكة.
وتسمى أيضاً ليلة التكفير وليلة الحياة وليلة الشفاعة، وليلة المغفرة وليلة العتق، وليلة القسمة والتقدير.
الأحاديث الواردة فيها
ليلة النصف من شعبان، ورد في فضلها عدة أحاديث غالبها ضعيفة أو موضوعة، وقليل منها اختلف أهل المعرفة بالحديث في صحتها، فضعفها الأكثرون.
من أطلق من علماء الحديث أنه لم يصح في ليلة النصف من شعبان حديث أبو شامة المقدسي قال ناقلاً عن ابن دحية:«وَقَالَ فِي كتاب «مَا جَاءَ فِي شهر شعْبَان» من تأليفه أَيْضا:
قَالَ أهل التَّعْدِيل وَالتَّجْرِيح: لَيْسَ فِي حَدِيث لَيْلَة النّصْف من شعْبَان حَدِيث يَصح، فتحفظوا عباد الله من مفترٍ يروي لكم حَدِيثا مَوْضُوعًا يَسُوقهُ فِي معرض الْخَيْر،فاستعمال الْخَيْر يَنْبَغِي أَن يكون مَشْرُوعا من النَّبِي صل الله عليه وسلم، فَإِذا صَحَّ أَنه كذب خرج من المشروعية،
وَكَانَ مستعمله من خدم الشَّيْطَان لاستعماله حَدِيثا على رَسُول الله صل الله عليه وسلم لم ينزل الله بِهِ من سُلْطَان».
ابن العربي المعافري، قال:«وَلَيْسَ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ حَدِيثٌ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، لَا فِي فَضْلِهَا، وَلَا فِي نَسْخِ الْآجَالِ فِيهَا، فَلَا تَلْتَفِتُوا إلَيْهَا».
القرطبي، قال: «وَلَيْسَ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ حَدِيثٌ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ لَا فِي فَضْلِهَا وَلَا فِي نَسْخِ الْآجَالِ فِيهَا فَلَا تَلْتَفِتُوا إِلَيْهَا»
علي محفوظ، قال: (وجملة القول) أن كل الأحاديث الواردة في ليلة النصف من شعبان دائر أمرها بين الوضع والضعف وعدم الصحة.
عبد العزير بن باز، قال: وقد ورد في فضلها أحاديث ضعيفة لا يجوز الاعتماد عليها. ونقل هذه عن جمهور العلماء.
الأحاديث التي وردت في فضلها
«إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن» رواه البيهقي في شعب الإيمان والطبراني في المعجم الكبير وفي المعجم الأوسط، وفي مسند الشاميين، والهيثمي في موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان. وقال المنذري في الترغيب والترهيب بعد ذكره: رواه الطبراني في الأوسط وابن حبان في صحيحه والبيهقي، ورواه محمد بن ماجه بلفظه من حديث أبي موسى الأشعري والبزار والبيهقي من حديث أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- بنحوه بإسناد لا بأس به، انتهى كلام المنذري. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: «ورجاله ثقات».
حديث عائشة: «إن الله تعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب» رواه أحمد الترمذي ومحمد بن ماجه من طريق حجاج بن أرطأة عن يحيى بن أبي كثير عن عروة عن عائشة، ورواه ابن الجوزي عن الدارقطني عَن عَطاء بن عجلَان عَن عبد الله بن أبي ملكية عَن عَائِشَة، ورواه البيهقي في «الدعوات الكبير» عن أبي عبد الله الحاكم بسنده إلى إِبْرَاهِيم بن إِسْحَاق الْغَسِيلِيِّ ثَنَا وهب ثَنَا سعيد بن عبد الْكَرِيم الوَاسِطِيّ عَن أبي نعْمَان السَّعْدِيّ عَن أبي رَجَاء العطاردي عَن أنس بن مَالك عَن عَائِشَة.
المضعفون
وعلته عند المحدثين في الطريق الأولى: هي ضعف الحجاج بن أرطأة، والانقطاع بين الحجاج بن أرطأة ويحيى بن أبي كثير، والانقطاع بين يحيى بن أبي كثير وعروة بن الزبير. وإيضًا الإرسال عند من يرى أن رواية الإسناد منكرة كالبيهقي.
وفي الطريق الثانية أن عطاء بن عجلان قَالَ عنه ابْن معِين: لَيْسَ بِشَيْء كَانَ يوضع لَهُ حَدِيث فَيحدث بِهِ، وَقَالَ الفلاس وَالسَّعْدِي: كَذَّاب. وفي الطريق الثالثة علتان: سعيد بن عبد الْكَرِيم وهو متروك، وإبراهيم بن إسحاق وهو كذاب.
البخاري: فيما نقله عنه تلميذه الترمذي حيث قال: «حَدِيثُ عَائِشَةَ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ الْحَجَّاجِ، وَسَمِعْتُ مُحَمَّدًا يُضَعِّفُ هَذَا الْحَدِيثَ، وَقَالَ: يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُرْوَةَ، وَالْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ».
الدارقطني: حيث ذكره من عدة طرق ثم قال: وإسناد الحديث مضطرب غير ثابت.
أبو بكر البيهقي حيث قال: إنما المحفوظ هذا الحديث من حديث الحجاج بن أرطأة عن يحيى بن أبي كثير مرسلًا.
ابن الجوزي.
ابن دحية الكلبي.
جمال الدين الزيلعي.
الحافظ العراقي.
محمد عبد الرؤوف المناوي.
الحافظ محمد بن إبراهيم المناوي.
الشوكاني، قال: فيه ضعف وانقطاع.
محمد ناصر الدين الألباني، قال: ضعيف جدًا.
شعيب الأرنؤوط، قال: ضعيف.
مصطفى العدوي.
شرح الحديث
قال فضيله الشيخ أحمد عمر هاشم: ومعني النزول هو نزول أمره ورحمته فالله منزه عن الجسمية والحلول، فالمعني علي ما ذكره أهل الحق نور رحمته، ومزيد لطفه علي العباد وإجابة دعوتهم وقبول معذرتهم:
فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب (هو اسم قبيلة) وخص شعر غنم كلب لأنه لم يكن في العرب أكثر غنما منهم.
«إن الله يطلع على عباده في ليلة النصف من شعبان، فيغفر للمؤمنين، ويملي للكافرين، ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه» رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه، وابن أبي شيبة في المصنف، والطبراني في المعجم الكبير والمعجم الأوسط، والبيهقي في شعب الإيمان.
قال نور الدين الهيثمي في المجمع: رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجالهما ثقات. ومعنى يُملي للكافرين: أي يُمهلهم لعلهم يرجعون. ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه: أي أن أهل الحقد والكراهية لا يُغفر لهم حتى يتركوا حقدهم ويُطهروا قلوبهم فهم محرومون من المغفرة ليلة النصف من شعبان.
من رأى من العلماء أن هذه الأحاديث بمجموعها تدل على أن لفضيلتها أصلًا
قال عبد الرحمن المباركفوري في (تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي) باب ما جاء في ليلة النصف من شعبان: «فهذه الأحاديث بمجموعها حجة على من زعم أنه لم يثبت في فضيلة ليلة النصف من شعبان شيء، والله تعالى أعلم».
وقال الشيخ عطية صقر في (فتاوى الأزهر: مايو 1997م): "هل ليلة النصف من شعبان لها فضل؟ والجواب: قد ورد في فضلها أحاديث صحح بعض العلماء بعضاً منها وضعفها آخرون وإن أجازوا الأخذ بها في فضائل الأعمال".
وقال بعد سرد الأحاديث: "بهذه الأحاديث وغيرها يمكن أن يقال: إن لليلة النصف من شعبان فضلاً، وليس هناك نص يمنع ذلك، فشهر شعبان له فضله روى النسائي عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: لم أرك تصوم من شهر من الشهور، ما تصوم من شعبان قال: "ذاك شهر تغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملى وأنا صائم"
الأحاديث التي وردت في فضل الصلاة فيها
«إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها؛ فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى السماء الدنيا، فيقول: ألا من مستغفر فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه، ألا مبتلى فأعافيه، ألا كذا، ألا كذا، حتى يطلع الفجر» رواه محمد بن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان كلاهما عن علي بن أبي طالب.
وهذا الحديث ضعيف بالإجماع.
القادحون
البوصيري، قال: «هَذَا إِسْنَاد فِيهِ ابْن أبي سُبْرَة واسْمه أَبُو بكر بن عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي سُبْرَة قَالَ أَحْمد وَابْن معِين يضع الحَدِيث»
ابن الجوزي، قال: لا يصح.
العراقي، قال: حديث باطل.
ابن رجب الحنبلي.
بدر الدين العيني.
الشوكاني، قال: ضعيف الإسناد.
المباركفوري، قال: ضعيف جدًّا.
أحمد بن عبد الرحمن البنا الساعاتي، قال: شديد الضعف.
محمد ناصر الدين الألباني قال: «وهذا إسناد مجمع على ضعفه، وهو عندي موضوع؛ لأن ابن أبي سبرة رموه بالوضع كما في «التقريب»».
شعيب الأرنؤوط، قال: إسناد تالف بمرة؛ ابن أبي سبرة -وهو أبو بكر بن عبد الله بن محمَّد القرشي- رموه بالوضع.
«من أحيا الليالي الخمس وجبت له الجنة ليلة التروية وليلة عرفة وليلة النحر وليلة الفطر وليلة النصف من شعبان» رواه إسماعيل الأصبهاني في «الترغيب والترهيب» من حديث معاذ بن جبل.
القادحون
الألباني قال عنه: موضوع.
حديث كردوس: «من قام ليلة النصف من شعبان وليلتي العيدين لم يمت قلبه يوم تموت القلوب» .
المضعفون
ابن الجوزي، حيث قال: هَذَا حَدِيثٌ لا يَصِحُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صل الله عليه وسلم وفيه آفات: أما مروان بْن سالم فقال أَحْمَد: ليس بثقة، وقال النسائي والدارقطني والأزدي: متروك.
وأما سلمة بْن سليمان؛ فقال الْأَزْدِيّ: هُوَ ضعيف، وأما عِيسَى فقال يَحْيَى: ليس بشيء.
الذهبي، حيث قال: وهذا حديث منكر مرسل.
ابن الملقن. أبن حجر العسقلاني، حيث قال: ومروان هذا متروك متهم بالكذب.
المراد من الليلة المباركة في سورة الدخان
يقول فخر الدين الرازي في التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب:
ليلة منتصف شعبان اختلفوا في هذه الليلة المباركة، فقال الأكثرون: إنها ليلة القدر، وقال عكرمة وطائفة آخرون: إنها ليلة البراءة، وهي ليلة النصف من شعبان....
وأما القائلون بأن المراد من الليلة المباركة المذكورة في هذه الآية هي ليلة النصف من شعبان، فما رأيت لهم فيه دليلا يعول عليه، وإنما قنعوا فيه بأن نقلوه عن بعض الناس،
فإن صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه كلام فلا مزيد عليه، وإلا فالحق هو الأول، ثم إن هؤلاء القائلين بهذا القول زعموا أن ليلة النصف من شعبان لها أربعة أسماء: الليلة المباركة، وليلة البراءة، وليلة الصك، وليلة الرحمة،
وقيل: إنما سميت بليلة البراءة وليلة الصك، لأن البندار إذا استوفى الخراج من أهله كتب لهم البراءة، كذلك الله عز وجل يكتب لعباده المؤمنين البراءة في هذه الليلة، وقيل: هذه الليلة مختصة بخمس خصال:
الأولى: تفريق كل أمر حكيم فيها، قال تعالى : (فيها يفرق كل أمر حكيم).
والثانية: فضيلة العبادة فيها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى في هذه الليلة مائة ركعة أرسل الله إليه مائة ملك، ثلاثون يبشرونه بالجنة، وثلاثون يؤمنونه من عذاب النار، وثلاثون يدفعون عنه آفات الدنيا، وعشرة يدفعون عنه مكايد الشيطان.
الخصلة الثالثة: نزول الرحمة، قال عليه الصلاه و السلام: إن الله يرحم أمتي في هذه الليلة بعدد شعر أغنام بني كلب.
والخصلة الرابعة: حصول المغفرة، قال صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى يغفر لجميع المسلمين في تلك الليلة، إلا لكاهن، أو مشاحن، أو مدمن خمر، أو عاق للوالدين، أو مصر على الزنا.
والخصلة الخامسة: أنه تعالى أعطى رسوله في هذه الليلة تمام الشفاعة، وذلك أنه سأل ليلة الثالث عشر من شعبان في أمته فأعطي الثلث منها، ثم سأل ليلة الرابع عشر فأعطي الثلثين، ثم سأل ليلة الخامس عشر فأعطي الجميع إلا من شرد على الله شراد البعير.
هذا الفصل نقلته من "الكشاف".
ليلة منتصف شعبان
قال عبد الرحمن المباركفوري في (تحفة الأحوذي): «اعلم أن المراد من ليلة مباركة في قوله تعالى: إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم عند الجمهور هي ليلة القدر، وقيل هي ليلة النصف من شعبان، وقول الجمهور هو الحق،
قال الحافظ ابن كثير: من قال: إنها ليلة النصف من شعبان فقد أبعد، فإن نص القرآن أنها في رمضان، .
وفي المرقاة شرح المشكاة قال جماعة من السلف: إن المراد في الآية هي ليلة النصف من شعبان إلا أن ظاهر القرآن، بل صريحه يرده لإفادته في آية أنه نزل في رمضان وفي أخرى أنه نزل في ليلة القدر ولا تخالف بينهما؛ لأن ليلة القدر من جملة رمضان، وإذا ثبت أن هذا النزول ليلة القدر ثبت أن الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم في الآية هي ليلة القدر لا ليلة النصف من شعبان، ولا نزاع في أن ليلة نصف شعبان يقع فيها فرق كما صرح به الحديث،
وإنما النزاع في أنها المرادة من الآية والصواب أنها ليست مرادة منها، وحينئذ يستفاد من الحديث والآية وقوع ذلك الفرق في كل من الليلتين إعلاما لمزيد شرفها، ويحتمل أن يكون الفرق في أحدهما إجمالا وفي الأخرى تفصيلا أو تخص إحداهما بالأمور الدنيوية والأخرى بالأمور الأخروية، وغير ذلك من الاحتمالات العقلية، انتهى».
وقال ابن عجيبة في (البحر المديد): «وروى أبو الشيخ، بسند صحيح، عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله: {يمحو الله ما يشاء ويثبت} قال:» ليلة النصف من شعبان، يُدبر أمر السنة، فيمحو ما يشاء ويُثبت غيره؛ الشقاوة والسعادة، والموت والحياة«.
قال السيوطي: سنده صحيح لا غُبار عليه ولا مطعن فيه. هـ. وروي عن ابن عباس: قال: إن الله يقضي الأقضية كلها ليلة النصف من شعبان، ويسلمها إلى أربابها ليلة القدر.
وفي رواية: ليلة السابع والعشرين من رمضان، قيل: وبذلك يرتفع الخلاف أن الأمر يبتدأ في ليلة النصف من شعبان، ويكمل في ليلة السابع والعشرين من رمضان. والله أعلم»
أعمال ليلة النصف من شعبان
اختلف علماء الإسلام في أعمال هذه الليلة:
مَن ذهب إلى تحريم تخصيصها بشيء من العبادات مطلقًا
ذهب جمع من علماء الإسلام إلى تحريم الاحتفال بها أو تخصيصها بشيء من العبادات كإحياءها أو قيامها أو صيام يومها، واحتجوا في ذلك أن هذا لم يصح على النبي صل الله عليه وسلم، فهو من البدع والمحدثات التي يأثم فاعلها،
ومن هؤلاء:
علي محفوظ، حيث قال:«ومن البدع الفاشية في الناس احتفال المسلمين في المساجد بإحياء ليلة النصف من شعبان بالصلاة، والدعاء عقب صلاة المغرب، يقرءونه بأصوات مرتفعة بتلقين الإمام، فإن إحياءها بذلك على الهيئة المعروفة لم يكن في عهد رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ولا في عهد الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين،
وإنما اشتهر عن خالد بن معدان ومكحول الشامى من التابعين أنهما كانا يجتهدان في العبادة ليلة النصف من شعبان، فاختلف الناس بعدهما في فضل هذه الليلة وإحيائها بالعبادة، فمنهم من أقره ومنهم من أنكره،
والمقرون له فريقان: فريق ذهب إلى استحباب إحيائها جماعة في المسجد، ومنهم إسحاق بن راهويه،
وفريق يكره الاجتماع لها في المسجد، ولا يكره للرجل إحياءها بالصلاة وحده، واختاره الأوزاعى إمام أهل الشام»
أحمد البنا، قال:«تحذير مما ابتدعه الناس في ليلة النصف من شعبان، اعلم أرشدني الله وإياك إلى العمل بكتابه وسنة رسوله صل الله عليه وسلم أن ليلة النصف من شعبان ليلة فاضلة ورد في فضلها أحاديث لا بأس بها، سيأتي بعضها في فضل ليلة النصف من شعبان من أبواب فضائل الأزمنة في كتاب الفضائل،
وسنفيض القول هناك إن شاء الله تعالى، ونقتصر هنا على ما يناسب الباب، وقد تغالي الناس في فضائل ليلة النصف من شعبان فأوردوا فيها أحاديث بعضها ضعيف شديد الضعف، وبعضها موضوع لا أصل له، وابتدعوا لها بدعًا شتى لم ترد في كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم والدين برئ منها»
ثم ذكر بعض الأحاديث إلى أن قال: «ومن البدع: ما أحدثوه من صلاة مخصوصة وأدعية وغيرها ما أنزل الله بها منن سلطان، ومن أقبحها الدعاء المسمى بدعاء ليلة النصف من شعبان الذي أوله (اللهم يا ذا المن ولا يمن عليك)، وهو يقرأ بعد صلاة المغرب ثلاث مرات مع سوة يس، الأولى بنية طول العمر.
والثانية بنية اتساع الرزق. والثالثة بنية الاستغناء عن الناس،
وقد عمت به البلوى في القطر المصري فصار يقرأ علنا بأعلى صوت في مساجد الأوقاف فضلاً عن المساجد الأخرى، ومن عظيم البلوى أن أئمة المساجد الذي يلقنونه للعوام فيرددونه وراءهم بأعلى صوت، وفي ذاك الوقت تضيق المساجد بمن فيها لأنه لا يتخلف عنها أحد من المصلين إلا النادر لاعتقادهم أن قراءة هذا الدعاء تطيل العمر وتوسع الرزق، وتغني عن الناس مع ما فيه من مخالفة كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صل الله عليه وسلم والتخليط في قراءة سورة يس بعد الدعاء، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
اللهم أرشد العلماء إلى العمل بكتابك واتباع سنة نبيك محمد صل الله عليه وسلم ليقتدي بهم العوام ويظهر رونق الإسلام آمين».
عبد العزيز بن عبد الله بن باز، مفتي السعودية السابق، ونقل ذلك عن جمهور العلماء،
قال: والذي عليه جمهور العلماء: أن الاحتفال بها بدعة، وأن الأحاديث الواردة في فضلها كلها ضعيفة، وبعضها موضوع .
الاجتماع لإحيائها في المساجد
ذهب جمهور الفقهاء إلى كراهة الاجتماع لإحياء ليلة النصف من شعبان وليلتي العيدين في المساجد لأنه لم يفعله النبي صل الله عليه وسلم ولا الصحابة فأنكره أكثر العلماء من أهل الحجاز منهم: عطاء وابن أبي مليكة وفقهاء أهل المدينة وأصحاب مالك وغيرهم وقالوا ذلك كله بدعة ولم ينقل عن النبي صل الله عليه وسلم ولا عن أصحابه إحياء ليلة النصف من شعبان وليلتي العيدين جماعة.
واختلف علماء الشام في صفة إحياء ليلة النصف من شعبان على قولين:
أحدهما: أنه استحب إحياؤها بجماعة في المسجد، وقال بذلك طائفة من أعيان التابعين كخالد بن معدان ولقمان بن عامر ووافقهم إسحاق بن راهويه.
والقول الثاني: أنه يكره الاجتماع لها في المساجد للصلاة وهذا قول الأوزاعي إمام أهل الشام وفقيههم وعالمهم.
قال ابن رجب الحنبلي في (لطائف المعارف): أنه يكره الاجتماع فيها في المساجد للصلاة والقصص والدعاء، ولا يكره أن يصلي فيها بخاصة نفسه،
وهذا قول الأوزاعي إمام أهل الشام وفقيههم، وهذا الأقرب إن شاء الله تعالى.
وقال أيضاً ما نصه: فينبغي للمؤمن أن يتفرغ تلك الليلة لذكر الله تعالى ودعائه بغفران الذنوب وستر العيوب وتفريج الكروب
وأن يقدّم على ذلك التوبة فإن الله تعالى يتوب فيها على من يتوب.
وقد بيّن الإمام الغزالي في الإحياء كيفية خاصة لإحيائها، وقد أنكر الشافعية تلك الكيفية واعتبروها بدعة قبيحة، وقال الثوري هذه الصلاة بدعة موضوعة قبيحة منكرة.
بينما استحب بعض العلماء قيام مثل ليلة النصف من شبعان وليلة القدر فرادى،
وقال بعضهم: لا بأس باجتماع الناس بمكان كالمسجد لإحيائها جماعة
--------------------------------------------------------------
وما زلنا أحبابنا تابعونا جزاكم الله خيرا
ولا تنسونا من صالح دعائكم
التالي :
دعاء ليلة النصف من شعبان
وتبدأ مع مغرب يوم 14 شعبان وتنتهي مع فجر يوم 15 شعبان. ولهذه الليلة أهمية خاصّة في الإسلام، لأنه تم فيها تحويل القبلة من بيت المقدس إلى البيت الحرام بمكة المكرمة - بالعام الثاني من الهجرة على أرجح الآراء - بعد أن صلى المسلمين قرابة الستة عشر شهراً تقريباً تجاه المسجد الأقصى. ولأنه ورد فيها عدة أحاديث نبوية تبيّن فضلها وأهميتها، ويحييها عدد من المسلمين بالصلاة والذكر وتلاوة القرآن والدعاء.
من أسمائها
ليلة البراءة.
ليلة الدعاء.
ليلة القِسمة.
ليلة الإجابة.
الليلة المباركة.
ليلة الشفاعة.
ليلة الغفران والعتق من النيران.
وقيل: إن للملائكة في السماء ليلتي عيد، كما أن للمسلمين في الأرض يومي عيد،
فعيد الملائكة ليلة البراء وهي ليلة النصف من شعبان وليلة القدر، وعيد المؤمنين يوم الفطر ويوم الأضحى.
ولهذا سميت ليلة النصف من شعبان ليلة عيد الملائكة.
وتسمى أيضاً ليلة التكفير وليلة الحياة وليلة الشفاعة، وليلة المغفرة وليلة العتق، وليلة القسمة والتقدير.
الأحاديث الواردة فيها
ليلة النصف من شعبان، ورد في فضلها عدة أحاديث غالبها ضعيفة أو موضوعة، وقليل منها اختلف أهل المعرفة بالحديث في صحتها، فضعفها الأكثرون.
من أطلق من علماء الحديث أنه لم يصح في ليلة النصف من شعبان حديث أبو شامة المقدسي قال ناقلاً عن ابن دحية:«وَقَالَ فِي كتاب «مَا جَاءَ فِي شهر شعْبَان» من تأليفه أَيْضا:
قَالَ أهل التَّعْدِيل وَالتَّجْرِيح: لَيْسَ فِي حَدِيث لَيْلَة النّصْف من شعْبَان حَدِيث يَصح، فتحفظوا عباد الله من مفترٍ يروي لكم حَدِيثا مَوْضُوعًا يَسُوقهُ فِي معرض الْخَيْر،فاستعمال الْخَيْر يَنْبَغِي أَن يكون مَشْرُوعا من النَّبِي صل الله عليه وسلم، فَإِذا صَحَّ أَنه كذب خرج من المشروعية،
وَكَانَ مستعمله من خدم الشَّيْطَان لاستعماله حَدِيثا على رَسُول الله صل الله عليه وسلم لم ينزل الله بِهِ من سُلْطَان».
ابن العربي المعافري، قال:«وَلَيْسَ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ حَدِيثٌ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، لَا فِي فَضْلِهَا، وَلَا فِي نَسْخِ الْآجَالِ فِيهَا، فَلَا تَلْتَفِتُوا إلَيْهَا».
القرطبي، قال: «وَلَيْسَ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ حَدِيثٌ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ لَا فِي فَضْلِهَا وَلَا فِي نَسْخِ الْآجَالِ فِيهَا فَلَا تَلْتَفِتُوا إِلَيْهَا»
علي محفوظ، قال: (وجملة القول) أن كل الأحاديث الواردة في ليلة النصف من شعبان دائر أمرها بين الوضع والضعف وعدم الصحة.
عبد العزير بن باز، قال: وقد ورد في فضلها أحاديث ضعيفة لا يجوز الاعتماد عليها. ونقل هذه عن جمهور العلماء.
الأحاديث التي وردت في فضلها
«إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن» رواه البيهقي في شعب الإيمان والطبراني في المعجم الكبير وفي المعجم الأوسط، وفي مسند الشاميين، والهيثمي في موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان. وقال المنذري في الترغيب والترهيب بعد ذكره: رواه الطبراني في الأوسط وابن حبان في صحيحه والبيهقي، ورواه محمد بن ماجه بلفظه من حديث أبي موسى الأشعري والبزار والبيهقي من حديث أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- بنحوه بإسناد لا بأس به، انتهى كلام المنذري. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: «ورجاله ثقات».
حديث عائشة: «إن الله تعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب» رواه أحمد الترمذي ومحمد بن ماجه من طريق حجاج بن أرطأة عن يحيى بن أبي كثير عن عروة عن عائشة، ورواه ابن الجوزي عن الدارقطني عَن عَطاء بن عجلَان عَن عبد الله بن أبي ملكية عَن عَائِشَة، ورواه البيهقي في «الدعوات الكبير» عن أبي عبد الله الحاكم بسنده إلى إِبْرَاهِيم بن إِسْحَاق الْغَسِيلِيِّ ثَنَا وهب ثَنَا سعيد بن عبد الْكَرِيم الوَاسِطِيّ عَن أبي نعْمَان السَّعْدِيّ عَن أبي رَجَاء العطاردي عَن أنس بن مَالك عَن عَائِشَة.
المضعفون
وعلته عند المحدثين في الطريق الأولى: هي ضعف الحجاج بن أرطأة، والانقطاع بين الحجاج بن أرطأة ويحيى بن أبي كثير، والانقطاع بين يحيى بن أبي كثير وعروة بن الزبير. وإيضًا الإرسال عند من يرى أن رواية الإسناد منكرة كالبيهقي.
وفي الطريق الثانية أن عطاء بن عجلان قَالَ عنه ابْن معِين: لَيْسَ بِشَيْء كَانَ يوضع لَهُ حَدِيث فَيحدث بِهِ، وَقَالَ الفلاس وَالسَّعْدِي: كَذَّاب. وفي الطريق الثالثة علتان: سعيد بن عبد الْكَرِيم وهو متروك، وإبراهيم بن إسحاق وهو كذاب.
البخاري: فيما نقله عنه تلميذه الترمذي حيث قال: «حَدِيثُ عَائِشَةَ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ الْحَجَّاجِ، وَسَمِعْتُ مُحَمَّدًا يُضَعِّفُ هَذَا الْحَدِيثَ، وَقَالَ: يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُرْوَةَ، وَالْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ».
الدارقطني: حيث ذكره من عدة طرق ثم قال: وإسناد الحديث مضطرب غير ثابت.
أبو بكر البيهقي حيث قال: إنما المحفوظ هذا الحديث من حديث الحجاج بن أرطأة عن يحيى بن أبي كثير مرسلًا.
ابن الجوزي.
ابن دحية الكلبي.
جمال الدين الزيلعي.
الحافظ العراقي.
محمد عبد الرؤوف المناوي.
الحافظ محمد بن إبراهيم المناوي.
الشوكاني، قال: فيه ضعف وانقطاع.
محمد ناصر الدين الألباني، قال: ضعيف جدًا.
شعيب الأرنؤوط، قال: ضعيف.
مصطفى العدوي.
شرح الحديث
قال فضيله الشيخ أحمد عمر هاشم: ومعني النزول هو نزول أمره ورحمته فالله منزه عن الجسمية والحلول، فالمعني علي ما ذكره أهل الحق نور رحمته، ومزيد لطفه علي العباد وإجابة دعوتهم وقبول معذرتهم:
فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب (هو اسم قبيلة) وخص شعر غنم كلب لأنه لم يكن في العرب أكثر غنما منهم.
«إن الله يطلع على عباده في ليلة النصف من شعبان، فيغفر للمؤمنين، ويملي للكافرين، ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه» رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه، وابن أبي شيبة في المصنف، والطبراني في المعجم الكبير والمعجم الأوسط، والبيهقي في شعب الإيمان.
قال نور الدين الهيثمي في المجمع: رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجالهما ثقات. ومعنى يُملي للكافرين: أي يُمهلهم لعلهم يرجعون. ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه: أي أن أهل الحقد والكراهية لا يُغفر لهم حتى يتركوا حقدهم ويُطهروا قلوبهم فهم محرومون من المغفرة ليلة النصف من شعبان.
من رأى من العلماء أن هذه الأحاديث بمجموعها تدل على أن لفضيلتها أصلًا
قال عبد الرحمن المباركفوري في (تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي) باب ما جاء في ليلة النصف من شعبان: «فهذه الأحاديث بمجموعها حجة على من زعم أنه لم يثبت في فضيلة ليلة النصف من شعبان شيء، والله تعالى أعلم».
وقال الشيخ عطية صقر في (فتاوى الأزهر: مايو 1997م): "هل ليلة النصف من شعبان لها فضل؟ والجواب: قد ورد في فضلها أحاديث صحح بعض العلماء بعضاً منها وضعفها آخرون وإن أجازوا الأخذ بها في فضائل الأعمال".
وقال بعد سرد الأحاديث: "بهذه الأحاديث وغيرها يمكن أن يقال: إن لليلة النصف من شعبان فضلاً، وليس هناك نص يمنع ذلك، فشهر شعبان له فضله روى النسائي عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: لم أرك تصوم من شهر من الشهور، ما تصوم من شعبان قال: "ذاك شهر تغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملى وأنا صائم"
الأحاديث التي وردت في فضل الصلاة فيها
«إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها؛ فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى السماء الدنيا، فيقول: ألا من مستغفر فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه، ألا مبتلى فأعافيه، ألا كذا، ألا كذا، حتى يطلع الفجر» رواه محمد بن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان كلاهما عن علي بن أبي طالب.
وهذا الحديث ضعيف بالإجماع.
القادحون
البوصيري، قال: «هَذَا إِسْنَاد فِيهِ ابْن أبي سُبْرَة واسْمه أَبُو بكر بن عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي سُبْرَة قَالَ أَحْمد وَابْن معِين يضع الحَدِيث»
ابن الجوزي، قال: لا يصح.
العراقي، قال: حديث باطل.
ابن رجب الحنبلي.
بدر الدين العيني.
الشوكاني، قال: ضعيف الإسناد.
المباركفوري، قال: ضعيف جدًّا.
أحمد بن عبد الرحمن البنا الساعاتي، قال: شديد الضعف.
محمد ناصر الدين الألباني قال: «وهذا إسناد مجمع على ضعفه، وهو عندي موضوع؛ لأن ابن أبي سبرة رموه بالوضع كما في «التقريب»».
شعيب الأرنؤوط، قال: إسناد تالف بمرة؛ ابن أبي سبرة -وهو أبو بكر بن عبد الله بن محمَّد القرشي- رموه بالوضع.
«من أحيا الليالي الخمس وجبت له الجنة ليلة التروية وليلة عرفة وليلة النحر وليلة الفطر وليلة النصف من شعبان» رواه إسماعيل الأصبهاني في «الترغيب والترهيب» من حديث معاذ بن جبل.
القادحون
الألباني قال عنه: موضوع.
حديث كردوس: «من قام ليلة النصف من شعبان وليلتي العيدين لم يمت قلبه يوم تموت القلوب» .
المضعفون
ابن الجوزي، حيث قال: هَذَا حَدِيثٌ لا يَصِحُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صل الله عليه وسلم وفيه آفات: أما مروان بْن سالم فقال أَحْمَد: ليس بثقة، وقال النسائي والدارقطني والأزدي: متروك.
وأما سلمة بْن سليمان؛ فقال الْأَزْدِيّ: هُوَ ضعيف، وأما عِيسَى فقال يَحْيَى: ليس بشيء.
الذهبي، حيث قال: وهذا حديث منكر مرسل.
ابن الملقن. أبن حجر العسقلاني، حيث قال: ومروان هذا متروك متهم بالكذب.
المراد من الليلة المباركة في سورة الدخان
يقول فخر الدين الرازي في التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب:
ليلة منتصف شعبان اختلفوا في هذه الليلة المباركة، فقال الأكثرون: إنها ليلة القدر، وقال عكرمة وطائفة آخرون: إنها ليلة البراءة، وهي ليلة النصف من شعبان....
وأما القائلون بأن المراد من الليلة المباركة المذكورة في هذه الآية هي ليلة النصف من شعبان، فما رأيت لهم فيه دليلا يعول عليه، وإنما قنعوا فيه بأن نقلوه عن بعض الناس،
فإن صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه كلام فلا مزيد عليه، وإلا فالحق هو الأول، ثم إن هؤلاء القائلين بهذا القول زعموا أن ليلة النصف من شعبان لها أربعة أسماء: الليلة المباركة، وليلة البراءة، وليلة الصك، وليلة الرحمة،
وقيل: إنما سميت بليلة البراءة وليلة الصك، لأن البندار إذا استوفى الخراج من أهله كتب لهم البراءة، كذلك الله عز وجل يكتب لعباده المؤمنين البراءة في هذه الليلة، وقيل: هذه الليلة مختصة بخمس خصال:
الأولى: تفريق كل أمر حكيم فيها، قال تعالى : (فيها يفرق كل أمر حكيم).
والثانية: فضيلة العبادة فيها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى في هذه الليلة مائة ركعة أرسل الله إليه مائة ملك، ثلاثون يبشرونه بالجنة، وثلاثون يؤمنونه من عذاب النار، وثلاثون يدفعون عنه آفات الدنيا، وعشرة يدفعون عنه مكايد الشيطان.
الخصلة الثالثة: نزول الرحمة، قال عليه الصلاه و السلام: إن الله يرحم أمتي في هذه الليلة بعدد شعر أغنام بني كلب.
والخصلة الرابعة: حصول المغفرة، قال صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى يغفر لجميع المسلمين في تلك الليلة، إلا لكاهن، أو مشاحن، أو مدمن خمر، أو عاق للوالدين، أو مصر على الزنا.
والخصلة الخامسة: أنه تعالى أعطى رسوله في هذه الليلة تمام الشفاعة، وذلك أنه سأل ليلة الثالث عشر من شعبان في أمته فأعطي الثلث منها، ثم سأل ليلة الرابع عشر فأعطي الثلثين، ثم سأل ليلة الخامس عشر فأعطي الجميع إلا من شرد على الله شراد البعير.
هذا الفصل نقلته من "الكشاف".
ليلة منتصف شعبان
قال عبد الرحمن المباركفوري في (تحفة الأحوذي): «اعلم أن المراد من ليلة مباركة في قوله تعالى: إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم عند الجمهور هي ليلة القدر، وقيل هي ليلة النصف من شعبان، وقول الجمهور هو الحق،
قال الحافظ ابن كثير: من قال: إنها ليلة النصف من شعبان فقد أبعد، فإن نص القرآن أنها في رمضان، .
وفي المرقاة شرح المشكاة قال جماعة من السلف: إن المراد في الآية هي ليلة النصف من شعبان إلا أن ظاهر القرآن، بل صريحه يرده لإفادته في آية أنه نزل في رمضان وفي أخرى أنه نزل في ليلة القدر ولا تخالف بينهما؛ لأن ليلة القدر من جملة رمضان، وإذا ثبت أن هذا النزول ليلة القدر ثبت أن الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم في الآية هي ليلة القدر لا ليلة النصف من شعبان، ولا نزاع في أن ليلة نصف شعبان يقع فيها فرق كما صرح به الحديث،
وإنما النزاع في أنها المرادة من الآية والصواب أنها ليست مرادة منها، وحينئذ يستفاد من الحديث والآية وقوع ذلك الفرق في كل من الليلتين إعلاما لمزيد شرفها، ويحتمل أن يكون الفرق في أحدهما إجمالا وفي الأخرى تفصيلا أو تخص إحداهما بالأمور الدنيوية والأخرى بالأمور الأخروية، وغير ذلك من الاحتمالات العقلية، انتهى».
وقال ابن عجيبة في (البحر المديد): «وروى أبو الشيخ، بسند صحيح، عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله: {يمحو الله ما يشاء ويثبت} قال:» ليلة النصف من شعبان، يُدبر أمر السنة، فيمحو ما يشاء ويُثبت غيره؛ الشقاوة والسعادة، والموت والحياة«.
قال السيوطي: سنده صحيح لا غُبار عليه ولا مطعن فيه. هـ. وروي عن ابن عباس: قال: إن الله يقضي الأقضية كلها ليلة النصف من شعبان، ويسلمها إلى أربابها ليلة القدر.
وفي رواية: ليلة السابع والعشرين من رمضان، قيل: وبذلك يرتفع الخلاف أن الأمر يبتدأ في ليلة النصف من شعبان، ويكمل في ليلة السابع والعشرين من رمضان. والله أعلم»
أعمال ليلة النصف من شعبان
اختلف علماء الإسلام في أعمال هذه الليلة:
مَن ذهب إلى تحريم تخصيصها بشيء من العبادات مطلقًا
ذهب جمع من علماء الإسلام إلى تحريم الاحتفال بها أو تخصيصها بشيء من العبادات كإحياءها أو قيامها أو صيام يومها، واحتجوا في ذلك أن هذا لم يصح على النبي صل الله عليه وسلم، فهو من البدع والمحدثات التي يأثم فاعلها،
ومن هؤلاء:
علي محفوظ، حيث قال:«ومن البدع الفاشية في الناس احتفال المسلمين في المساجد بإحياء ليلة النصف من شعبان بالصلاة، والدعاء عقب صلاة المغرب، يقرءونه بأصوات مرتفعة بتلقين الإمام، فإن إحياءها بذلك على الهيئة المعروفة لم يكن في عهد رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ولا في عهد الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين،
وإنما اشتهر عن خالد بن معدان ومكحول الشامى من التابعين أنهما كانا يجتهدان في العبادة ليلة النصف من شعبان، فاختلف الناس بعدهما في فضل هذه الليلة وإحيائها بالعبادة، فمنهم من أقره ومنهم من أنكره،
والمقرون له فريقان: فريق ذهب إلى استحباب إحيائها جماعة في المسجد، ومنهم إسحاق بن راهويه،
وفريق يكره الاجتماع لها في المسجد، ولا يكره للرجل إحياءها بالصلاة وحده، واختاره الأوزاعى إمام أهل الشام»
أحمد البنا، قال:«تحذير مما ابتدعه الناس في ليلة النصف من شعبان، اعلم أرشدني الله وإياك إلى العمل بكتابه وسنة رسوله صل الله عليه وسلم أن ليلة النصف من شعبان ليلة فاضلة ورد في فضلها أحاديث لا بأس بها، سيأتي بعضها في فضل ليلة النصف من شعبان من أبواب فضائل الأزمنة في كتاب الفضائل،
وسنفيض القول هناك إن شاء الله تعالى، ونقتصر هنا على ما يناسب الباب، وقد تغالي الناس في فضائل ليلة النصف من شعبان فأوردوا فيها أحاديث بعضها ضعيف شديد الضعف، وبعضها موضوع لا أصل له، وابتدعوا لها بدعًا شتى لم ترد في كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم والدين برئ منها»
ثم ذكر بعض الأحاديث إلى أن قال: «ومن البدع: ما أحدثوه من صلاة مخصوصة وأدعية وغيرها ما أنزل الله بها منن سلطان، ومن أقبحها الدعاء المسمى بدعاء ليلة النصف من شعبان الذي أوله (اللهم يا ذا المن ولا يمن عليك)، وهو يقرأ بعد صلاة المغرب ثلاث مرات مع سوة يس، الأولى بنية طول العمر.
والثانية بنية اتساع الرزق. والثالثة بنية الاستغناء عن الناس،
وقد عمت به البلوى في القطر المصري فصار يقرأ علنا بأعلى صوت في مساجد الأوقاف فضلاً عن المساجد الأخرى، ومن عظيم البلوى أن أئمة المساجد الذي يلقنونه للعوام فيرددونه وراءهم بأعلى صوت، وفي ذاك الوقت تضيق المساجد بمن فيها لأنه لا يتخلف عنها أحد من المصلين إلا النادر لاعتقادهم أن قراءة هذا الدعاء تطيل العمر وتوسع الرزق، وتغني عن الناس مع ما فيه من مخالفة كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صل الله عليه وسلم والتخليط في قراءة سورة يس بعد الدعاء، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
اللهم أرشد العلماء إلى العمل بكتابك واتباع سنة نبيك محمد صل الله عليه وسلم ليقتدي بهم العوام ويظهر رونق الإسلام آمين».
عبد العزيز بن عبد الله بن باز، مفتي السعودية السابق، ونقل ذلك عن جمهور العلماء،
قال: والذي عليه جمهور العلماء: أن الاحتفال بها بدعة، وأن الأحاديث الواردة في فضلها كلها ضعيفة، وبعضها موضوع .
الاجتماع لإحيائها في المساجد
ذهب جمهور الفقهاء إلى كراهة الاجتماع لإحياء ليلة النصف من شعبان وليلتي العيدين في المساجد لأنه لم يفعله النبي صل الله عليه وسلم ولا الصحابة فأنكره أكثر العلماء من أهل الحجاز منهم: عطاء وابن أبي مليكة وفقهاء أهل المدينة وأصحاب مالك وغيرهم وقالوا ذلك كله بدعة ولم ينقل عن النبي صل الله عليه وسلم ولا عن أصحابه إحياء ليلة النصف من شعبان وليلتي العيدين جماعة.
واختلف علماء الشام في صفة إحياء ليلة النصف من شعبان على قولين:
أحدهما: أنه استحب إحياؤها بجماعة في المسجد، وقال بذلك طائفة من أعيان التابعين كخالد بن معدان ولقمان بن عامر ووافقهم إسحاق بن راهويه.
والقول الثاني: أنه يكره الاجتماع لها في المساجد للصلاة وهذا قول الأوزاعي إمام أهل الشام وفقيههم وعالمهم.
قال ابن رجب الحنبلي في (لطائف المعارف): أنه يكره الاجتماع فيها في المساجد للصلاة والقصص والدعاء، ولا يكره أن يصلي فيها بخاصة نفسه،
وهذا قول الأوزاعي إمام أهل الشام وفقيههم، وهذا الأقرب إن شاء الله تعالى.
وقال أيضاً ما نصه: فينبغي للمؤمن أن يتفرغ تلك الليلة لذكر الله تعالى ودعائه بغفران الذنوب وستر العيوب وتفريج الكروب
وأن يقدّم على ذلك التوبة فإن الله تعالى يتوب فيها على من يتوب.
وقد بيّن الإمام الغزالي في الإحياء كيفية خاصة لإحيائها، وقد أنكر الشافعية تلك الكيفية واعتبروها بدعة قبيحة، وقال الثوري هذه الصلاة بدعة موضوعة قبيحة منكرة.
بينما استحب بعض العلماء قيام مثل ليلة النصف من شبعان وليلة القدر فرادى،
وقال بعضهم: لا بأس باجتماع الناس بمكان كالمسجد لإحيائها جماعة
--------------------------------------------------------------
وما زلنا أحبابنا تابعونا جزاكم الله خيرا
ولا تنسونا من صالح دعائكم
التالي :
دعاء ليلة النصف من شعبان
أمس في 3:00 pm من طرف عبدالله الآحد
» كتاب الترجيح في مسائل الطهارة والصلاة
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد
» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» العبادة وأركانها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد
» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور
» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد
» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد
» هيئات السجود المسنونة
الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد