كل عام وانتم بخير
اللهم بارك لنا فى رجب وشعبان وبلغنا رمضان
تكلمنا عن شهر رجب وفضائلة واليوم مع شهر شعبان وفضائلة
اللهم أقبل أعمالنا وأجعلنا من المقبولين
شهر شعبان شهر عظيم مبارك وهو موسم عظيم من مواسم العبادة والطاعة,ومغنم كبير من مغانم البر والتقوى وفعل الخير ورفع الأعمال الصالحة,
وهو شهر فيه ليلة النصف من شعبان وهي ليلة يصدر عفواً عاماً يشمل الخلائق كلهم إلا ستة أصناف محرومون من هذا العفو كما سيأتي في الحديث بعد قليل.
وفي هذا الشهر حادثتان عظيمتان وهما إنشقاق القمر وتحويل القبلة من المسجد الأقصى الى المسجد الحرام
فعن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم شِقَّتَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: اشْهَدُوا أخرجه البخاري في: 61 كتاب المناقب: 27 باب سؤال المشركين أن يريهم النبي صلى الله عليه وسلم آية فأراهم انشقاق القمر.
وعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه،(( أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ))أخرجه البخاري في: 61 كتاب المناقب: 27 باب سؤال المشركين أن يريهم النبي صلى الله عليه وسلم آية فأراهم انشقاق القمر. وزاد الترمذي
فنزلت { اقتربت الساعة وانشق القمر - إِلى قوله - سِحْرمستمر } [القمر :1 -2 ] والآيتان قوله تعالى {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ{1} وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ}2
والحادثة الثانية هي تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة
فعن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه، قَالَ .. كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ أَنَّ يُوَجَّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ،
فَأنْزَلَ اللهُ (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ)
فتَوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ وَقَالَ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ، وَهُمُ الْيَهُودُ مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ للهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ مَا صَلَّى، فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ منَ الأَنْصَارِ فِي صَلاَةِ الْعَصْرِ يُصَلُّونَ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَالَ هُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَّهُ تَوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ؛ فَتَحَرَّفَ الْقَوْمُ حَتَّى تَوجَّهُوا نَحْوَ الْكَعْبَةِ))أخرجه البخاري في: 8 كتاب الصلاة: 31 باب التوجه نحو القبلة
.والآيات التي نزلت في تحويل القبلة هي قوله تعالى .. {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّايَعْمَلُونَ{144}
وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ{145}
الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ{146}
الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ{147}
وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{148}
وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ{149}
وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ{150} سورة البقرة.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على الصيام والقيام في هذا الشهر المبارك
فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال .. قلت :يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان قال ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم ))رواه النسائي.
وروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال (( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ولا يفطر حتى نقول ما في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفطر العام ثم يفطر فلا يصوم حتى نقول ما في نفسه أن يصوم العام وكان أحب الصوم إليه في شعبان)) رواه أحمد والطبراني
وفي رواية للبخاري ومسلم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها قالت (( لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرًا أكثرَ من شعبان فإنه كان يصومُ شعبانَ كُلَهُ وكان يقولُ خذوا من العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا وكان أحب الصلاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما دووم عليها وإن قلت وكان إذا صلى صلاة داوم عليها ))
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان)) رواه الترمذي وقال حديث حسن وأبو داود . قالت عائشة دخل علي رسول الله صلى الله عليه و سلم فوضع عنه ثوبيه ثم لم يستتم أن قام فلبسهما فأخذتني غيرة شديدة فظننت أنه يأتي بعض صويحباتي فخرجت اتبعه فأدركته بالبقيع بقيع الغرقد يستغفر للمؤمنين و المؤمنات والشهداء فقلت بأبي و أمي أنت في حاجة ربك و أنا في حاجة الدنيا فانصرفت فدخلت حجرتي و لي نفس عال و لحقني رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : ما هذا النفس يا عائشة ؟
فقالت بأبي و أمي أتيتني فوضعت عنك ثوبيك ثم لم تستتم أن قمت فلبستهما فأخذتني غيرة شديدة ظننت أنك تأتي بعض صويحباتي حتى رأيتك بالبقيع تصنع ما تصنع قال ..
يا عائشة أكنت تخافين أن يحيف الله عليك و رسوله بل أتاني جبريل عليه السلام فقال هذه الليلة ليلة النصف من شعبان و لله فيها عتقاء من النار بعدد شعور غنم كلب لا ينظر الله فيها إلى مشرك و لا إلى مشاحن و لا إلى قاطع رحم و لا إلى مسبل و لا إلى عاق لوالديه و لا إلى مدمن خمر قال : ثم وضع عنه ثوبيه فقال لي يا عائشة تأذنين لي في قيام هذه الليلة
فقلت : نعم بأبي و أمي فقام فسجد ليلا طويلا حتى ظننت أنه قبض فقمت التمسته و وضعت يدي على باطن قدميه فتحرك ففرحت و سمعته يقول في سجوده : أعوذ بعفوك من عقابك و أعوذ برضاك من سخطك و أعوذ بك منك جل وجهك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك فلما أصبح ذكرتهن له فقال : يا عائشة تعلمتهن ؟ فقلت : نعم فقال : تعلميهن و علميهن فإن جبريل عليه السلام علمنيهن و أمرني أن أرددهن في السجود)) و هذا إسناد ضعيف و روى من وجه آخر شعب الإيمان – البيهقي
عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إذا كانت ليلة النصف من شعبان ، فقوموا ليلها وصوموا نهارها ، فإن الله عز وجل ينزل فيها لغروب الشمس إلى السماء الدنيا ، فيقول : » ألا مستغفر فأغفر له ؟ ألا مسترزق فأرزقه ؟ ألا مبتلى فأعافيه ؟ « ألا كذا ، حتى يطلع الفجر))متلىً: المصاب بالعاهات والمصائب والأمراض وغيرها أخرجه ابن ماجه في سننه . وقال الألبانى في ضعيف الترغيب والترهيب 623: موضوع.و في الزوائد إسناده ضعيف لضعف ابن يسرة واسمه أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي يسرة . قال فيه أحمد بن حنبل وابن معين يضع الحديث. ورد حديث في ليلة النصف من شعبان: (إذا كانت ليلة النصف من شعبان نزل الله عز وجل إلى السماء الدنيا، فيغفر لكل إنسان إلا مشرك أو مشاحن) وقد صححه جمع من أهل العلم، ومنهم الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة رحمه الله، فهل في هذا الحديث مزية لهذه الليلة من حيث زيادة الذكر والاستغفار والتضرع إلى الله في آخر الليل؟ الجواب: يوجد كثير من أهل العلم لم يصححوا هذا الحديث، وضعفوا كل الأحاديث التي وردت فيما يتعلق بليلة النصف من شعبان،والله أعلم وأجل وأكرم.
وَعَن ابْنِ عُمَرَ ، رَضِيَ الله عَنْهُمَا , قَالَ : كَانَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم رُبَما يُقْرِنُ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ. رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ.
الكتاب : إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرةللمؤلف : أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري
عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" لا تَقَدَّمُوا صوم رمضان بيوم ولا يومين؛ إلا أن يكون صوماً يصومه
رجل؛ فَلْيَصُمْ ذلك اليوم ". صحيح أبي داودعن عبد العزيز بن محمد قال:
قَدِمَ عَبَّادُ بن كثيرٍ المدينةَ، فمال إلى مجلس العلاء، فأخذ بيده فأقامه، ثم قال: اللهم! إن هذا يحدث عن أبيه عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:" إذا انتصف شعبان؛ فلا تصوموا "!
فقال العلاء: اللهم! إن أبي حدثني عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك!
قالت لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم من السنة شهرا تاما إلا شعبان كان يصله برمضان رواه النسائي باللفظين جميعا
عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ((كان يتحرى صوم شعبان وصوم الإثنين والخميس)) ابن حنبل في مسنده
سئلت عائشة عن صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت كان أكثر صومه بعد شهر رمضان شعبان عامته أو كله)) النسائي في سننه الكبرى
عن أبي هريرة أن عائشة حدثتهم * أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان كله قالت قلت يا رسول الله أحب الشهور إليك أن تصومه شعبان قال إن الله يكتب على كل نفس ميتة تلك السنة فأحب أن يأتي أجلي وأنا صائم )) أبو يعلى في مسنده ج8/ص312 ح4911
عن عائشة قالت كان رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم وما رأيت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} استكمل صيام شهرٍ قط إلا شهر رمضان وما رأيته في شهرٍ أكثر منه صياماً في شعبان))متفق عليه
وأخرج مسلم من حديث عبد الله بن أبي لبيد عن أبي سلمة قال:
سألت عائشة عن صيام رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فقالت كان يصوم حتى نقول قد صام ويفطر حتى نقول قد أفطر ولم أره صائماً في شهرٍ قط أكثر منه في شعبان كان يصوم شعبان كله كان يصوم شعبان إلا قليلاً)) متفق عليه عن أبي ثعلبة الخشني ، عن النبي [ صلى الله عليه وسلم ] قال : ' إذا كان ليلةُ النصف من شَعْبَان اطلع الله إلى خلقه فيَغْفِر للمؤمنين ويملي للكافرين ، ويدع أهل الحِقْد لِحقْدِهم حتى يدعوه ' . المنة الكبرى شرح وتخريج السنن الصغرى محمد ضياء الرحمن الأعظمي
صوم سرر شعبان
حديث عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ سَأَلَهُ، أَوْ سَأَلَ رَجُلاً وَعِمْرَانُ يَسْمَعُ، فَقَالَ: يَا أَبَا فُلاَنٍ أَمَا صُمْتَ سَرَرَ هذَا الشَّهْرِ قَالَ: أَظُنُّهُ قَالَ: يَعْنِي رَمَضَانَ قَالَ الرَّجُلُ: لاَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: فَإِذَا أَفْطَرْتَ فَصُمْ يَوْمَيْنِ)) أخرجه البخاري
((إذا انتصف شعبانُ فلا تصوموا حتى يكون رمضانُ )) أحمد ، وأبو داود ، والترمذى ، والنسائى ، وابن ماجه ، والبيهقى عن أبى هريرة)
((أربعٌ لياليهُنَّ كأيامِهِن وأيامُهُنَّ كلياليهِنَّ يبرُّ اللهُ فيهن القَسَمَ ويَعْتِقُ فيهن النَّسَمَ ويعطى الجزيلَ : ليلةُ القدرِ وصباحُها وليلةُ عرفةَ وصباحُها وليلةُ النصفِ من شعبانَ وصباحُها وليلةُ الجمعةِ وصباحُها)) (الديلمى عن أنس)
شعبان : اسم للشهر ، سمي بذلك لتشعبهم فيه أي تفرقهم في طلب المياه ، وقيل في الغارات . اللسان 7/129
ولشدة معاهدته صلى الله عليه وسلم للصيام في شعبان، قال بعض أهل العلم: إن صيام شعبان أفضل من سائر الشهور، وإن كان قد ورد النص أن شهر الله المحرم هو أفضل الصيام بعد رمضان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل)) [رواه مسلم].
وعند النسائي بسند صحيح عن جندب بن سفيان رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن أفضل الصلاة بعد المفروضة الصلاة في جوف الليل، وأفضل الصيام بعد رمضان شهر الله الذي تدعونه المحرم)).
وذكر أهل العلم حكما في تفضيل التطوع بالصيام في شعبان على غيره من الشهور: منها: أن أفضل التطوع ما كان قريبا من رمضان قبله وبعده، وذلك يلتحق بصيام رمضان، لقربه منه، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها، فيلتحق بالفرائض في الفضل، وهي تكملة لنقص الفرائض، وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده، فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالنسبة للصلاة، فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بعد منه، ولذلك فإنك تجد رمضان يسبق بالصيام من شعبان والاستكثار منه ثم بعد انقضاء رمضان يسن صيام ست من شوال، فهي كالسنن الرواتب التي قبل وبعد الصلاة المفروضة.
ومن الحكم كذلك في الإكثار من صيام شعبان: ما تضمنه حديث أسامة بن زيد المتقدم ذكره وفيه قلت يا رسول الله: لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ فبين له صلى الله عليه وسلم سبب ذلك فقال له: ((ذاك شهر يغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان)) وماذا أيضا؟ قال: ((وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم)).
إن هذا الحديث تضمن معنيين مهمين: أحدهما: أنه شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان. وثانيهما: أن الأعمال ترفع وتعرض على رب العالمين، فأما كون شعبان تغفل الناس فيه عنه، فإن ذلك بسبب أنه بين شهرين عظيمين، وهما الشهر الحرام رجب، وشهر الصيام رمضان، فاشتغل الناس بهما عنه، فصار مغفولا عنه، وكثير من الناس يظن أن صيام رجب أفضل من صيام شعبان لأن رجب شهر محرم، وهذا ليس بصحيح، فإن صيام شعبان أفضل من صيام رجب للأحاديث المتقدمة.
وفي قوله: ((يغفل الناس عنه، بين رجب ورمضان)) إشارة إلى أن بعض ما يشتهر فضله من الأزمان أو الأماكن أو حتى الأشخاص قد يكون غيره أفضل منه إما مطلقا أو الخصوصية فيه، لا يتفطن لها أكثر الناس، فيشتغلون بالمشهور عندهم عنه، ويفوتون تحصيل فضيلة ما ليس بمشهور عندهم، ولما كان الناس يشتغلون بغير شعبان عن شعبان فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعمره بالطاعة وبالصيام، ويقول لأسامه لما رآه مستفهما عن سبب الإكثار من الصيام في شعبان، ذاك شهر يغفل الناس فيه عنه بين رجب ورمضان، ولذلك قال أهل العلم: وهذه لفتة فتنبه لها يا عبد الله قالوا: هذا فيه دليل على استحباب عمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة، وأن ذلك محبوب لله عز وجل، ولذا كان طائفة من السلف يستحبون إحياء ما بين العشائين بالصلاة ويقولون: هي ساعة غفلة، وكذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم فضل القيام في وسط الليل لشمول الغفلة لأكثر الناس فيه عن الذكر كما قال: ((إن افضل الصلاة بعد المفروضة الصلاة في جوف الليل))
ولهذا المعنى كان النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يؤخر العشاء لنصف الليل، وإنما علل ترك ذلك لخشية المشقة على الناس، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: مكثنا ذات ليلة ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء الآخرة، فخرج إلينا حين ذهب ثلث الليل أو بعده، فلا ندري أشيء شغله في أهل، أو غير ذلك؟ فقال حين خرج: ((انكم لتنتظرون صلاة ما ينتظرها أهل دين غيركم ولولا أن يثقل على أمتي لصليت بهم هذه الساعة)) [رواه مسلم].
وفي رواية: ((ما ينتظرها أحد من أهل الأرض غيركم)) وفي هذا إشارة إلى فضيلة التفرد بالذكر في وقت من الأوقات لا يوجد فيه ذاكر ولاستيلاء الغفلة على الناس ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شرع فيه ما يشرع في رمضان من الصيام وقراءة القران، ليحصل التأهب لتلقي رمضان وتتروض النفوس بذلك على طاعة الرحمن، ولهذه المعاني المتقدمة وغيرها كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الصيام في هذا الشهر المبارك، ويغتنم وقت غفلة الناس وهو من؟ هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ولذلك فإن السلف كان يجدّون في شعبان، ويتهيأون فيه لرمضان
قال سلمة بن كهيل: كان يقال شهر شعبان شهر القراء. وكان عمرو بن قيس إذا دخل شهر شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القران، قال أبو بكر البلخي: شهر رجب شهر الزرع، وشهر شعبان شهر سقي الزرع، وشهر رمضان شهر حصاد الزرع، وقال أيضا: مثل شهر رجب كالريح، ومثل شعبان مثل الغيم، ومثل رمضان مثل المطر، ومن لم يزرع ويغرس في رجب، ولم يسق في شعبان فكيف يريد أن يحصد في رمضان، وها قد مضى رجب فما أنت فاعل في شعبان إن كنت تريد رمضان، هذا حال نبيك وحال سلف الأمة في هذا الشهر المبارك، فما هو موقعك من هذه الأعمال والدرجات: مضى رجب وما أحسنت فيـه وهذا شهر شـعبان المبـارك فيـا من ضيع الأوقـات جهلا بحرمتها أفق واحـذر بواركفسـوف تفـارق اللذات قهـرا ويخلى الموت قهرا منك داركتدارك ما استطعت من الخطايا بتوبة مخلص واجعل مـدارك على طلب السـلامة من جحيم فخير ذوي الجرائم من تدارك
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن)) [رواه الطبراني وابن حبان وهو حديث صحيح]. ولنا مع هذا الحديث الذي يتعلق بالنصف من شعبان أربع وقفات مهمة:
الأولى:
أن الله يغفر فيها لكل عباده إلا المشرك فتفقد نفسك يا عبد الله، وفتش باطنها، فلعلك أن تكون مبتلى بشيء من هذه الشركيات المنتشرة في الأمة، ولا تظنن بنفسك خيرا بل فاتهمها في جانب الله وفي تقصيرها، ولا تقل أني بريء من الشركيات، ولا يمكن أن أقع فيها، ويكفى أنني أعيش في بلد التوحيد، فإن هذا غرور وجهل منك، إذا كان أبو الأنبياء وإمام الحنفاء خليل الرحمن يخشى على نفسه الشرك، بل يخشى على نفسه وعلى بنيه عبادة الأصنام، قال الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام: واجنبني وبنيّ أن نعبد الأصنام وقد بين إبراهيم ما يوجب الخوف من ذلك فقال: رب انهن أضللن كثيراً من الناس .قال إبراهيم التيمي: من يأمن البلاء بعد إبراهيم؟ فلا يأمن الوقوع في الشرك إلا من هو جاهل به، وبما يخلصه منه، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ((أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، فسئل عنه؟ فقال: الرياء))
الوقفة الثانية:
خطورة الشحناء والبغضاء بين الناس، وأن الله لا يغفر للمتشاحنين، والشحناء هي: حقد المسلم على أخيه المسلم بغضا له لهوى في نفسه، لا لغرض شرعي ومندوحة دينية، فهذه تمنع المغفرة في أكثر أوقات المغفرة والرحمة، كما في صحيح مسلم عن أبى هريرة رضي الله عنه مرفوعا: ((تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقول: انظروا هذين حتى يصطلحا))، وقد وصف الله المؤمنين عموما بأنهم يقولون: ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين ءامنوا ربنا إنك رؤوف رحيم . قال بعض السلف: أفضل الأعمال سلامة الصدور وسخاوة النفوس والنصيحة للأمة وبهذه الخصال بلغ من بلغ، وسيد القوم من يصفح ويعفو، فأقِل يا عبد الله حتى تُقال.
الوقفة الثالثة:
إحياء بعض الناس لليلة النصف من شعبان، وبعضهم يصليها في جماعة ويحتفلون بأشياء وربما زينوا بيوتهم، وكل هذا من البدع المحدثة التي لم يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا صحبه ولا تابعوهم، وهم الحجة لمن أراد سواء السبيل وما ثبت في هذه الليلة من فضل هو ما قدمناه من أنك يجب عليك أن تحقق التوحيد الواجب، وتنأى بنفسك عن الشرك، وأن تصفح وتعفوا عمن بينك وبينه عداوة وشحناء، أما إحداث البدع في هذه الليلة فإن أهلها هم أولى الناس بالبعد عن رحمة الله، وأن ينظروا هم حتى يتوبوا من بدعتهم.
لوقفة الرابعة:
أن لا يصوم الإنسان بعد منتصف شعبان بنية استقبال رمضان وحتى يحتاط لشهر رمضان بزعمه فإن هذا من التنطع والغلو في الدين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا انتصف شعبان فلا تصوموا حتى رمضان)) فهذا الحديث وما في معناه للمتنطعين والمتشددين الذين يستقبلون رمضان بالصيام بنية الاحتياط لرمضان، فهذا منهي عنه، ولا يدخل في هذا أن يصوم الإنسان ما كان معتادا له من صيام الاثنين والخميس مثلا، أو ثلاثة أيام من كل شهر، أو القضاء، أو النذر. وما له تعلق بهذا أيضا، حرمة صيام يوم الشك قال عمار بن ياسر رضي الله عنه: من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم. ويوم الشك هو اليوم الذي يشك فيه هل هو من رمضان أو من شعبان و هو يوم الثلاثين، فيحرم صومه بنية الاحتياط قال: صلى الله عليه وسلم: ((لا تقدموا رمضان بيوم أو يومين إلا من كان يصوم صوما فليصمه))
فهذا في الرجل الذي له عادة ويصومه بنية التطوع لا بنية الفرض، وأنه من رمضان أو بنية الاحتياط، فالنية هي الفيصل هنا، ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)).
قال سيدنا علي رضى الله عنة في فضل شهر شعبان : ".. سماه ربّنا شعبان لتشعب الخيرات فيه ، قد فتح ربكم فيه أبواب جناته ، وعرض عليكم قصورها وخيراتها بأرخص الأثمان ، وأسهل الأمور ، فاشتروها
أحداث ومآثر اسلامية حدثت في شهر شعبان
حدثت في شهر شعبان المبارك العديد من الحوادث التاريخية، والبطولاتٌ والانتصارات العظيمة ، التي قوضت الشرك ودكت المعتدين
.. ففي ظل شعبان في أوائل السنة الرابعة للهجرة، كانت غزوة بدر الثالثة، وهي غير غزوة بدر الكبرى التي كانت في رمضان، غزوة بدر الثالثة وقصتها أن أبا سفيان، بعد غزوة أُحد، صاح على مسمع من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قائلاً: يا محمد موعدنا معكم العام القادم في بدر، عندها طلب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، من أحد صحابته، أن يَرُدَ عليه ويقول: نعم موعدنا معكم العام القادم إن شاء الله، وفي شهر شعبان في أوائل السنة الرابعة للهجرة، جاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على رأس ألف وخمس مئةٍ من المسلمين المجاهدين، يحمل لواءهم سيدنا عليٌّ كرم الله وجهه، وجاء أبو سفيان، ومعه ألفان من المشركين، لكن الله دبَّ الرعب في قلوبهم، فعادوا خائبين مدحورين دون قتال.
..كذلك في شهر شعبان، وفي العام الخامس للهجرة، كانت غزوة بني المصطلق، انتصر فيها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ومن معه وكان من جملة السبي في هذه الغزوة، السيدة جويرية بنت الحارث الخزاعي، التي سمعت من رسول الله عن الإسلام، ما أثلج قلبها، وملأ عقلها فأسلمت، ولما جاء أبوها سيد بني المصطلق ليفتديها، آثرت البقاء مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الذي تزوجها لتصبح بهذا من أمهات المؤمنين.
.. وفي شهر شعبان كانت سرايا أخرى على مر السنين، تحقق فيها النصر للمسلمين، كسرية أبي قتادة الأنصاري لتأديب غطفان، وسرية زيد بن حارثة إلى وادي القُرى، وسرية عمر بن الخطاب لتأديب بعض أهل هوازن وغيرها.. تحقق فيها نصر الله للمسلمين
اللهم بارك لنا فى رجب وشعبان وبلغنا رمضان
تكلمنا عن شهر رجب وفضائلة واليوم مع شهر شعبان وفضائلة
اللهم أقبل أعمالنا وأجعلنا من المقبولين
فضائل شهر شعبان
شهر شعبان شهر عظيم مبارك وهو موسم عظيم من مواسم العبادة والطاعة,ومغنم كبير من مغانم البر والتقوى وفعل الخير ورفع الأعمال الصالحة,
وهو شهر فيه ليلة النصف من شعبان وهي ليلة يصدر عفواً عاماً يشمل الخلائق كلهم إلا ستة أصناف محرومون من هذا العفو كما سيأتي في الحديث بعد قليل.
وفي هذا الشهر حادثتان عظيمتان وهما إنشقاق القمر وتحويل القبلة من المسجد الأقصى الى المسجد الحرام
فعن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم شِقَّتَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: اشْهَدُوا أخرجه البخاري في: 61 كتاب المناقب: 27 باب سؤال المشركين أن يريهم النبي صلى الله عليه وسلم آية فأراهم انشقاق القمر.
وعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه،(( أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ))أخرجه البخاري في: 61 كتاب المناقب: 27 باب سؤال المشركين أن يريهم النبي صلى الله عليه وسلم آية فأراهم انشقاق القمر. وزاد الترمذي
فنزلت { اقتربت الساعة وانشق القمر - إِلى قوله - سِحْرمستمر } [القمر :1 -2 ] والآيتان قوله تعالى {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ{1} وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ}2
والحادثة الثانية هي تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة
فعن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه، قَالَ .. كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ أَنَّ يُوَجَّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ،
فَأنْزَلَ اللهُ (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ)
فتَوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ وَقَالَ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ، وَهُمُ الْيَهُودُ مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ للهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ مَا صَلَّى، فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ منَ الأَنْصَارِ فِي صَلاَةِ الْعَصْرِ يُصَلُّونَ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَالَ هُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَّهُ تَوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ؛ فَتَحَرَّفَ الْقَوْمُ حَتَّى تَوجَّهُوا نَحْوَ الْكَعْبَةِ))أخرجه البخاري في: 8 كتاب الصلاة: 31 باب التوجه نحو القبلة
.والآيات التي نزلت في تحويل القبلة هي قوله تعالى .. {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّايَعْمَلُونَ{144}
وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ{145}
الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ{146}
الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ{147}
وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{148}
وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ{149}
وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ{150} سورة البقرة.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على الصيام والقيام في هذا الشهر المبارك
فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال .. قلت :يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان قال ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم ))رواه النسائي.
وروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال (( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ولا يفطر حتى نقول ما في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفطر العام ثم يفطر فلا يصوم حتى نقول ما في نفسه أن يصوم العام وكان أحب الصوم إليه في شعبان)) رواه أحمد والطبراني
وفي رواية للبخاري ومسلم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها قالت (( لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرًا أكثرَ من شعبان فإنه كان يصومُ شعبانَ كُلَهُ وكان يقولُ خذوا من العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا وكان أحب الصلاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما دووم عليها وإن قلت وكان إذا صلى صلاة داوم عليها ))
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان)) رواه الترمذي وقال حديث حسن وأبو داود . قالت عائشة دخل علي رسول الله صلى الله عليه و سلم فوضع عنه ثوبيه ثم لم يستتم أن قام فلبسهما فأخذتني غيرة شديدة فظننت أنه يأتي بعض صويحباتي فخرجت اتبعه فأدركته بالبقيع بقيع الغرقد يستغفر للمؤمنين و المؤمنات والشهداء فقلت بأبي و أمي أنت في حاجة ربك و أنا في حاجة الدنيا فانصرفت فدخلت حجرتي و لي نفس عال و لحقني رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : ما هذا النفس يا عائشة ؟
فقالت بأبي و أمي أتيتني فوضعت عنك ثوبيك ثم لم تستتم أن قمت فلبستهما فأخذتني غيرة شديدة ظننت أنك تأتي بعض صويحباتي حتى رأيتك بالبقيع تصنع ما تصنع قال ..
يا عائشة أكنت تخافين أن يحيف الله عليك و رسوله بل أتاني جبريل عليه السلام فقال هذه الليلة ليلة النصف من شعبان و لله فيها عتقاء من النار بعدد شعور غنم كلب لا ينظر الله فيها إلى مشرك و لا إلى مشاحن و لا إلى قاطع رحم و لا إلى مسبل و لا إلى عاق لوالديه و لا إلى مدمن خمر قال : ثم وضع عنه ثوبيه فقال لي يا عائشة تأذنين لي في قيام هذه الليلة
فقلت : نعم بأبي و أمي فقام فسجد ليلا طويلا حتى ظننت أنه قبض فقمت التمسته و وضعت يدي على باطن قدميه فتحرك ففرحت و سمعته يقول في سجوده : أعوذ بعفوك من عقابك و أعوذ برضاك من سخطك و أعوذ بك منك جل وجهك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك فلما أصبح ذكرتهن له فقال : يا عائشة تعلمتهن ؟ فقلت : نعم فقال : تعلميهن و علميهن فإن جبريل عليه السلام علمنيهن و أمرني أن أرددهن في السجود)) و هذا إسناد ضعيف و روى من وجه آخر شعب الإيمان – البيهقي
عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إذا كانت ليلة النصف من شعبان ، فقوموا ليلها وصوموا نهارها ، فإن الله عز وجل ينزل فيها لغروب الشمس إلى السماء الدنيا ، فيقول : » ألا مستغفر فأغفر له ؟ ألا مسترزق فأرزقه ؟ ألا مبتلى فأعافيه ؟ « ألا كذا ، حتى يطلع الفجر))متلىً: المصاب بالعاهات والمصائب والأمراض وغيرها أخرجه ابن ماجه في سننه . وقال الألبانى في ضعيف الترغيب والترهيب 623: موضوع.و في الزوائد إسناده ضعيف لضعف ابن يسرة واسمه أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي يسرة . قال فيه أحمد بن حنبل وابن معين يضع الحديث. ورد حديث في ليلة النصف من شعبان: (إذا كانت ليلة النصف من شعبان نزل الله عز وجل إلى السماء الدنيا، فيغفر لكل إنسان إلا مشرك أو مشاحن) وقد صححه جمع من أهل العلم، ومنهم الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة رحمه الله، فهل في هذا الحديث مزية لهذه الليلة من حيث زيادة الذكر والاستغفار والتضرع إلى الله في آخر الليل؟ الجواب: يوجد كثير من أهل العلم لم يصححوا هذا الحديث، وضعفوا كل الأحاديث التي وردت فيما يتعلق بليلة النصف من شعبان،والله أعلم وأجل وأكرم.
وَعَن ابْنِ عُمَرَ ، رَضِيَ الله عَنْهُمَا , قَالَ : كَانَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم رُبَما يُقْرِنُ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ. رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ.
الكتاب : إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرةللمؤلف : أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري
عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" لا تَقَدَّمُوا صوم رمضان بيوم ولا يومين؛ إلا أن يكون صوماً يصومه
رجل؛ فَلْيَصُمْ ذلك اليوم ". صحيح أبي داودعن عبد العزيز بن محمد قال:
قَدِمَ عَبَّادُ بن كثيرٍ المدينةَ، فمال إلى مجلس العلاء، فأخذ بيده فأقامه، ثم قال: اللهم! إن هذا يحدث عن أبيه عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:" إذا انتصف شعبان؛ فلا تصوموا "!
فقال العلاء: اللهم! إن أبي حدثني عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك!
قالت لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم من السنة شهرا تاما إلا شعبان كان يصله برمضان رواه النسائي باللفظين جميعا
عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ((كان يتحرى صوم شعبان وصوم الإثنين والخميس)) ابن حنبل في مسنده
سئلت عائشة عن صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت كان أكثر صومه بعد شهر رمضان شعبان عامته أو كله)) النسائي في سننه الكبرى
عن أبي هريرة أن عائشة حدثتهم * أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان كله قالت قلت يا رسول الله أحب الشهور إليك أن تصومه شعبان قال إن الله يكتب على كل نفس ميتة تلك السنة فأحب أن يأتي أجلي وأنا صائم )) أبو يعلى في مسنده ج8/ص312 ح4911
عن عائشة قالت كان رسول الله {صلى الله عليه وسلم} يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم وما رأيت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} استكمل صيام شهرٍ قط إلا شهر رمضان وما رأيته في شهرٍ أكثر منه صياماً في شعبان))متفق عليه
وأخرج مسلم من حديث عبد الله بن أبي لبيد عن أبي سلمة قال:
سألت عائشة عن صيام رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فقالت كان يصوم حتى نقول قد صام ويفطر حتى نقول قد أفطر ولم أره صائماً في شهرٍ قط أكثر منه في شعبان كان يصوم شعبان كله كان يصوم شعبان إلا قليلاً)) متفق عليه عن أبي ثعلبة الخشني ، عن النبي [ صلى الله عليه وسلم ] قال : ' إذا كان ليلةُ النصف من شَعْبَان اطلع الله إلى خلقه فيَغْفِر للمؤمنين ويملي للكافرين ، ويدع أهل الحِقْد لِحقْدِهم حتى يدعوه ' . المنة الكبرى شرح وتخريج السنن الصغرى محمد ضياء الرحمن الأعظمي
صوم سرر شعبان
حديث عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ سَأَلَهُ، أَوْ سَأَلَ رَجُلاً وَعِمْرَانُ يَسْمَعُ، فَقَالَ: يَا أَبَا فُلاَنٍ أَمَا صُمْتَ سَرَرَ هذَا الشَّهْرِ قَالَ: أَظُنُّهُ قَالَ: يَعْنِي رَمَضَانَ قَالَ الرَّجُلُ: لاَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: فَإِذَا أَفْطَرْتَ فَصُمْ يَوْمَيْنِ)) أخرجه البخاري
((إذا انتصف شعبانُ فلا تصوموا حتى يكون رمضانُ )) أحمد ، وأبو داود ، والترمذى ، والنسائى ، وابن ماجه ، والبيهقى عن أبى هريرة)
((أربعٌ لياليهُنَّ كأيامِهِن وأيامُهُنَّ كلياليهِنَّ يبرُّ اللهُ فيهن القَسَمَ ويَعْتِقُ فيهن النَّسَمَ ويعطى الجزيلَ : ليلةُ القدرِ وصباحُها وليلةُ عرفةَ وصباحُها وليلةُ النصفِ من شعبانَ وصباحُها وليلةُ الجمعةِ وصباحُها)) (الديلمى عن أنس)
شعبان : اسم للشهر ، سمي بذلك لتشعبهم فيه أي تفرقهم في طلب المياه ، وقيل في الغارات . اللسان 7/129
ولشدة معاهدته صلى الله عليه وسلم للصيام في شعبان، قال بعض أهل العلم: إن صيام شعبان أفضل من سائر الشهور، وإن كان قد ورد النص أن شهر الله المحرم هو أفضل الصيام بعد رمضان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل)) [رواه مسلم].
وعند النسائي بسند صحيح عن جندب بن سفيان رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن أفضل الصلاة بعد المفروضة الصلاة في جوف الليل، وأفضل الصيام بعد رمضان شهر الله الذي تدعونه المحرم)).
وذكر أهل العلم حكما في تفضيل التطوع بالصيام في شعبان على غيره من الشهور: منها: أن أفضل التطوع ما كان قريبا من رمضان قبله وبعده، وذلك يلتحق بصيام رمضان، لقربه منه، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها، فيلتحق بالفرائض في الفضل، وهي تكملة لنقص الفرائض، وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده، فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالنسبة للصلاة، فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بعد منه، ولذلك فإنك تجد رمضان يسبق بالصيام من شعبان والاستكثار منه ثم بعد انقضاء رمضان يسن صيام ست من شوال، فهي كالسنن الرواتب التي قبل وبعد الصلاة المفروضة.
ومن الحكم كذلك في الإكثار من صيام شعبان: ما تضمنه حديث أسامة بن زيد المتقدم ذكره وفيه قلت يا رسول الله: لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ فبين له صلى الله عليه وسلم سبب ذلك فقال له: ((ذاك شهر يغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان)) وماذا أيضا؟ قال: ((وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم)).
إن هذا الحديث تضمن معنيين مهمين: أحدهما: أنه شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان. وثانيهما: أن الأعمال ترفع وتعرض على رب العالمين، فأما كون شعبان تغفل الناس فيه عنه، فإن ذلك بسبب أنه بين شهرين عظيمين، وهما الشهر الحرام رجب، وشهر الصيام رمضان، فاشتغل الناس بهما عنه، فصار مغفولا عنه، وكثير من الناس يظن أن صيام رجب أفضل من صيام شعبان لأن رجب شهر محرم، وهذا ليس بصحيح، فإن صيام شعبان أفضل من صيام رجب للأحاديث المتقدمة.
وفي قوله: ((يغفل الناس عنه، بين رجب ورمضان)) إشارة إلى أن بعض ما يشتهر فضله من الأزمان أو الأماكن أو حتى الأشخاص قد يكون غيره أفضل منه إما مطلقا أو الخصوصية فيه، لا يتفطن لها أكثر الناس، فيشتغلون بالمشهور عندهم عنه، ويفوتون تحصيل فضيلة ما ليس بمشهور عندهم، ولما كان الناس يشتغلون بغير شعبان عن شعبان فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعمره بالطاعة وبالصيام، ويقول لأسامه لما رآه مستفهما عن سبب الإكثار من الصيام في شعبان، ذاك شهر يغفل الناس فيه عنه بين رجب ورمضان، ولذلك قال أهل العلم: وهذه لفتة فتنبه لها يا عبد الله قالوا: هذا فيه دليل على استحباب عمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة، وأن ذلك محبوب لله عز وجل، ولذا كان طائفة من السلف يستحبون إحياء ما بين العشائين بالصلاة ويقولون: هي ساعة غفلة، وكذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم فضل القيام في وسط الليل لشمول الغفلة لأكثر الناس فيه عن الذكر كما قال: ((إن افضل الصلاة بعد المفروضة الصلاة في جوف الليل))
ولهذا المعنى كان النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يؤخر العشاء لنصف الليل، وإنما علل ترك ذلك لخشية المشقة على الناس، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: مكثنا ذات ليلة ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء الآخرة، فخرج إلينا حين ذهب ثلث الليل أو بعده، فلا ندري أشيء شغله في أهل، أو غير ذلك؟ فقال حين خرج: ((انكم لتنتظرون صلاة ما ينتظرها أهل دين غيركم ولولا أن يثقل على أمتي لصليت بهم هذه الساعة)) [رواه مسلم].
وفي رواية: ((ما ينتظرها أحد من أهل الأرض غيركم)) وفي هذا إشارة إلى فضيلة التفرد بالذكر في وقت من الأوقات لا يوجد فيه ذاكر ولاستيلاء الغفلة على الناس ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شرع فيه ما يشرع في رمضان من الصيام وقراءة القران، ليحصل التأهب لتلقي رمضان وتتروض النفوس بذلك على طاعة الرحمن، ولهذه المعاني المتقدمة وغيرها كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الصيام في هذا الشهر المبارك، ويغتنم وقت غفلة الناس وهو من؟ هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ولذلك فإن السلف كان يجدّون في شعبان، ويتهيأون فيه لرمضان
قال سلمة بن كهيل: كان يقال شهر شعبان شهر القراء. وكان عمرو بن قيس إذا دخل شهر شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القران، قال أبو بكر البلخي: شهر رجب شهر الزرع، وشهر شعبان شهر سقي الزرع، وشهر رمضان شهر حصاد الزرع، وقال أيضا: مثل شهر رجب كالريح، ومثل شعبان مثل الغيم، ومثل رمضان مثل المطر، ومن لم يزرع ويغرس في رجب، ولم يسق في شعبان فكيف يريد أن يحصد في رمضان، وها قد مضى رجب فما أنت فاعل في شعبان إن كنت تريد رمضان، هذا حال نبيك وحال سلف الأمة في هذا الشهر المبارك، فما هو موقعك من هذه الأعمال والدرجات: مضى رجب وما أحسنت فيـه وهذا شهر شـعبان المبـارك فيـا من ضيع الأوقـات جهلا بحرمتها أفق واحـذر بواركفسـوف تفـارق اللذات قهـرا ويخلى الموت قهرا منك داركتدارك ما استطعت من الخطايا بتوبة مخلص واجعل مـدارك على طلب السـلامة من جحيم فخير ذوي الجرائم من تدارك
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن)) [رواه الطبراني وابن حبان وهو حديث صحيح]. ولنا مع هذا الحديث الذي يتعلق بالنصف من شعبان أربع وقفات مهمة:
الأولى:
أن الله يغفر فيها لكل عباده إلا المشرك فتفقد نفسك يا عبد الله، وفتش باطنها، فلعلك أن تكون مبتلى بشيء من هذه الشركيات المنتشرة في الأمة، ولا تظنن بنفسك خيرا بل فاتهمها في جانب الله وفي تقصيرها، ولا تقل أني بريء من الشركيات، ولا يمكن أن أقع فيها، ويكفى أنني أعيش في بلد التوحيد، فإن هذا غرور وجهل منك، إذا كان أبو الأنبياء وإمام الحنفاء خليل الرحمن يخشى على نفسه الشرك، بل يخشى على نفسه وعلى بنيه عبادة الأصنام، قال الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام: واجنبني وبنيّ أن نعبد الأصنام وقد بين إبراهيم ما يوجب الخوف من ذلك فقال: رب انهن أضللن كثيراً من الناس .قال إبراهيم التيمي: من يأمن البلاء بعد إبراهيم؟ فلا يأمن الوقوع في الشرك إلا من هو جاهل به، وبما يخلصه منه، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ((أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، فسئل عنه؟ فقال: الرياء))
الوقفة الثانية:
خطورة الشحناء والبغضاء بين الناس، وأن الله لا يغفر للمتشاحنين، والشحناء هي: حقد المسلم على أخيه المسلم بغضا له لهوى في نفسه، لا لغرض شرعي ومندوحة دينية، فهذه تمنع المغفرة في أكثر أوقات المغفرة والرحمة، كما في صحيح مسلم عن أبى هريرة رضي الله عنه مرفوعا: ((تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقول: انظروا هذين حتى يصطلحا))، وقد وصف الله المؤمنين عموما بأنهم يقولون: ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين ءامنوا ربنا إنك رؤوف رحيم . قال بعض السلف: أفضل الأعمال سلامة الصدور وسخاوة النفوس والنصيحة للأمة وبهذه الخصال بلغ من بلغ، وسيد القوم من يصفح ويعفو، فأقِل يا عبد الله حتى تُقال.
الوقفة الثالثة:
إحياء بعض الناس لليلة النصف من شعبان، وبعضهم يصليها في جماعة ويحتفلون بأشياء وربما زينوا بيوتهم، وكل هذا من البدع المحدثة التي لم يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا صحبه ولا تابعوهم، وهم الحجة لمن أراد سواء السبيل وما ثبت في هذه الليلة من فضل هو ما قدمناه من أنك يجب عليك أن تحقق التوحيد الواجب، وتنأى بنفسك عن الشرك، وأن تصفح وتعفوا عمن بينك وبينه عداوة وشحناء، أما إحداث البدع في هذه الليلة فإن أهلها هم أولى الناس بالبعد عن رحمة الله، وأن ينظروا هم حتى يتوبوا من بدعتهم.
لوقفة الرابعة:
أن لا يصوم الإنسان بعد منتصف شعبان بنية استقبال رمضان وحتى يحتاط لشهر رمضان بزعمه فإن هذا من التنطع والغلو في الدين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا انتصف شعبان فلا تصوموا حتى رمضان)) فهذا الحديث وما في معناه للمتنطعين والمتشددين الذين يستقبلون رمضان بالصيام بنية الاحتياط لرمضان، فهذا منهي عنه، ولا يدخل في هذا أن يصوم الإنسان ما كان معتادا له من صيام الاثنين والخميس مثلا، أو ثلاثة أيام من كل شهر، أو القضاء، أو النذر. وما له تعلق بهذا أيضا، حرمة صيام يوم الشك قال عمار بن ياسر رضي الله عنه: من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم. ويوم الشك هو اليوم الذي يشك فيه هل هو من رمضان أو من شعبان و هو يوم الثلاثين، فيحرم صومه بنية الاحتياط قال: صلى الله عليه وسلم: ((لا تقدموا رمضان بيوم أو يومين إلا من كان يصوم صوما فليصمه))
فهذا في الرجل الذي له عادة ويصومه بنية التطوع لا بنية الفرض، وأنه من رمضان أو بنية الاحتياط، فالنية هي الفيصل هنا، ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)).
قال سيدنا علي رضى الله عنة في فضل شهر شعبان : ".. سماه ربّنا شعبان لتشعب الخيرات فيه ، قد فتح ربكم فيه أبواب جناته ، وعرض عليكم قصورها وخيراتها بأرخص الأثمان ، وأسهل الأمور ، فاشتروها
أحداث ومآثر اسلامية حدثت في شهر شعبان
حدثت في شهر شعبان المبارك العديد من الحوادث التاريخية، والبطولاتٌ والانتصارات العظيمة ، التي قوضت الشرك ودكت المعتدين
.. ففي ظل شعبان في أوائل السنة الرابعة للهجرة، كانت غزوة بدر الثالثة، وهي غير غزوة بدر الكبرى التي كانت في رمضان، غزوة بدر الثالثة وقصتها أن أبا سفيان، بعد غزوة أُحد، صاح على مسمع من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قائلاً: يا محمد موعدنا معكم العام القادم في بدر، عندها طلب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، من أحد صحابته، أن يَرُدَ عليه ويقول: نعم موعدنا معكم العام القادم إن شاء الله، وفي شهر شعبان في أوائل السنة الرابعة للهجرة، جاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على رأس ألف وخمس مئةٍ من المسلمين المجاهدين، يحمل لواءهم سيدنا عليٌّ كرم الله وجهه، وجاء أبو سفيان، ومعه ألفان من المشركين، لكن الله دبَّ الرعب في قلوبهم، فعادوا خائبين مدحورين دون قتال.
..كذلك في شهر شعبان، وفي العام الخامس للهجرة، كانت غزوة بني المصطلق، انتصر فيها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ومن معه وكان من جملة السبي في هذه الغزوة، السيدة جويرية بنت الحارث الخزاعي، التي سمعت من رسول الله عن الإسلام، ما أثلج قلبها، وملأ عقلها فأسلمت، ولما جاء أبوها سيد بني المصطلق ليفتديها، آثرت البقاء مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الذي تزوجها لتصبح بهذا من أمهات المؤمنين.
.. وفي شهر شعبان كانت سرايا أخرى على مر السنين، تحقق فيها النصر للمسلمين، كسرية أبي قتادة الأنصاري لتأديب غطفان، وسرية زيد بن حارثة إلى وادي القُرى، وسرية عمر بن الخطاب لتأديب بعض أهل هوازن وغيرها.. تحقق فيها نصر الله للمسلمين
اليوم في 3:00 pm من طرف عبدالله الآحد
» كتاب الترجيح في مسائل الطهارة والصلاة
أمس في 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
أمس في 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد
» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» العبادة وأركانها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد
» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور
» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد
» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد
» هيئات السجود المسنونة
الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد