بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام علي سيد خلق الله سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم ومن ولاه
## ## ##
ليله القدر .. الطريق إلي الجنه
ليله العفو و ألأصطفاء
هذه ليلة القدر ليلة العفو والاصطفاء، أو الطريق إلى الجنة، ولم سميت بليلة القدر؟
قال كثير من المفسرين: إنها سميت ليلة القدر بمعنى ليلة التقدير؛ لأن الله ابتدأ فيها اصطفاء نبيه - صلى الله عليه وسلم
وتقدير دينه وتحديد المنهج في دعوة الناس إلى ما ينقذهم مما كانوا عليه من الكفر والفساد ويهديهم إلى طريق الإيمان.
وبمعنى العظمة والشرف. وهي جليلة بجلالة ما وقع فيها من إنزال القرآن العظيم. فليلة يسطع فيها نور الرسالة خير في شرفها من ألف شهر.
لأنه قد مضى على البشرية آلاف الشهور وهم يتخبطون في ظلمات الوثنية والضلال افتراء على الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير وأن العمل فيها له فضل وتترتب عليه آثار تؤدي إلى النجاة من النار والفوز بالجنة.
أو ليس الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول عنها من حديث السنن (وفيه ليلة هي خير من ألف شهر. من حرم خيرها فقد حرم الخير).
نوه الله تعالى بشأن ليلة القدر وسماها بليلة القدر قيل : لأنها تقدر فيها الآجال والأرزاق وما يكون في السنة من التدابير الإلهية .
ليلة القدر ليلة يفتح فيها الباب، ويقرب فيها الأحباب، ويسمع الخطاب ويرد الجواب ويسني للعالمين عظيم الأجر.
قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر].
سرُّ التسمية بليلة "القدر":
الأول: الشرف والوقار والعظمة، فهي ليلة ذات قَدْرٍ وشرف؛
لنزول القرآن فيها
أولما يقع فيها مِن تَنَزُّلِ الملائكة؛
أو لما ينزل فيها من البركة والرحمة والمغفرة،
أو أن الذي يُحييها يصير ذا قَدْرٍ وشرفٍ،
أو لأنه ينزل فيها من فضل الله، وخزائن مِنَنِهِ وجوده وكرمه ما لا يُقَدَّرُ قَدَرُه،
أو لأن للطاعات فيها قدراً جزيلاً،
أو لأن الله أنزل فيها كتاباً ذا قدرٍ على رسولٍ ذي قدرٍ على أمةٍ ذاتِ قدرٍ،
أو لأن الأرض تضيق بالملائكة فيها،
فهي ليلة خير من ألف شهر فلا شك قدرها عظيم .
قال النووي : قال العلماء سميت ليلة القدر لما تكتب فيها الملائكة من الأقدار لقوله تعالى (( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ )
قال الزهري: سميت ليلة القدر لعظمها وقدرها وشرفها، من قولهم لفلان قدر أي شرف ومنزلة،
وعن مجاهد: قال: (عملها وصيامها وقيامها خير من ألف شهر).
الثاني: القدر بمعنى أن الله يُقدِّر فيها أقدار تلك السنة، فسميت ليلة القدر؛
لما يُكتب للملائكة فيها: من الأقدار، والأرزاق، والآجال التي تكون في تلك السنة؛ لقول الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 3، 4]،
يُفْرَقُ: أي يُفْصَلُ ويُبَيَّنُ كل أمر حكيم، وأمر الله كله حكيم
، قال ابن حجر: (وهو أن الله يقدر في ليلة القدر أحكام تلك السنة).
وقال ابن قدامة: قال: (... وقيل: إنما سميت ليلة القدر؛ لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة: من خير، ومصيبة، ورزق، وبركة)
. يقول الشيخ سيد قطب: (لقد فرق فيها من كل أمر حكيم، وقد قررت فيها أقدار أكبر من أقدار الأفراد.. أقدار أمم ودول وشعوب، بل أكثر وأعظم.. أقدار حقائق وأوضاع وقلوب!).
قال الإمام مالك رحمه الله : أَنَّهُ سَمِعَ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيَ أَعْمَارَ النَّاسِ قَبْلَهُ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ تَقَاصَرَ أَعْمَارَ أُمَّتِهِ أَنْ لا يَبْلُغُوا مِنْ الْعَمَلِ مِثْلَ الَّذِي بَلَغَ غَيْرُهُمْ فِي طُولِ الْعُمْرِ فَأَعْطَاهُ اللَّهُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ .
يقول فضيلة الشيخ سيد سابق رحمه الله : للعلماء آراء في تعيين هذه الليلة؛
فمنهم من يرى أنها ليلة الحادي والعشرين، ومنهم من يرى أنها ليلة الثالث والعشرين، ومنهم من يرى أنها ليلة الخامس والعشرين، ومنهم من ذهب إلى أنها ليلة التاسع والعشرين، ومنهم من قال: إنها تنتقل في ليالي الوتر من العشر الأواخر، وأكثرهم على أنها ليلة السابع والعشرين.
روى أحمد – بإسناد صحيح- عن ابن عمر – رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ” من كان متحريها فليتحرها ليلة السابع والعشرين”.
روى مسلم وأحمد وأبو داود والترمذي -وصححه- عن أبيِّ بن كعب أنه قال: “والله الذي لا إله إلا هو إنها لفي رمضان -يحلف ما يستثني- والله إني لأعلم أي ليلة هي، هي الليلة التي أمرنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم- بقيامها، هي ليلة سبع وعشرين، وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها”.
وفي فضل ليلة القدر فإن ألف شهر تساوي ثلاثًا و ثمانين سنة وأربعة أشهر، أي أن هذه الليلة الواحدة أفضل من عمر طويل يعيشه إنسان عمره ما يقارب مائة سنة، إذا أضفنا إليه سنوات ما قبل البلوغ والتكليف. وهي ليلة تتنزَّل فيها الملائكة برحمة الله وسلامه وبركاته، ويرفرف فيها السلام حتى مطلع الفج
حديث أبي هريرة: “من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه” ( رواه البخاري في كتاب الصوم).
وبحكم فضل ليلة القدر، يحذر النبي صلى الله عليه وسلم من الغفلة عن هذه الليلة وإهمال إحيائها، فيحرم المسلم من خيرها وثوابها، فيقول لأصحابه، وقد أظلهم شهر رمضان: “إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرِمَها فقد حُرِم الخيرَ كله، ولا يُحرم خيرها إلا محروم”
وكيف لا يكون محرومًا من ضيع فرصة هي خير من ثلاثين ألف فرصة ؟
إن من ضيع صفقة كان سيربح فيها 100% يتحسر على فواتها أيّما تحسر،
فكيف بمن ضيع صفقة كان سيربح فيها 3000000% ثلاثة ملايين في المائة؟!
زمان ليلة القدر:
• ليلة القدر باقية إلى قيام الساعة، قال ابن الملقن :: (أجمع من يعتدّ به من العلماء على دوام ليلة القدر إلى آخر الدهر...)
• ليلة القدر في رمضان لا شك في ذلك، لقول الله تعالى {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185]، وقوله {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1]
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-،قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله –عز وجل- عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغلُّ فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خيرٌ من ألف شهر، من حُرِمَ خيرَها فقد حُرِم».
ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان لأحاديث منها:
1- حديث عائشة- رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:«تحرُّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان».
2- حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-قال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «أُريتُ ليلة القدر ثم أيقظني بعض أهلي فَنُسِّيتُهَا فالتمسوها في العشر الغوابر»
. ليلة القدر في السبع الأواخر أرجى العشر الأواخر:
1- حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنه-: أن رجالاً من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أُرُوا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أرى رُؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحرِّيها فليتحرَّها في السبع الأواخر».
2- حديث عبد الرحمن بن عسيلة الصُّنَابِحي -رضي الله عنه-، قيل له: هل سمعت في ليلة القدر شيئاً؟ قال: نعم، أخبرني بلال مؤذن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أنها في السبع في العشر الأواخر»
. ليلة القدر في أوتار العشر الأواخر آكد من أشفاعها؛ لأحاديث منها:
1- حديث عائشة -رضي الله عنها-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «تحرُّوا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان»
. 2- حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، وفيه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم-قال: «وإني أُريتها ليلة وترٍ، وأني أسجد صبيحتها في طين وماء» (([وإذا هي ليلة إحدى وعشرين من العشر الأواخر])). وفي لفظ للبخاري: «إني أُريت ليلة القدر ثم أُنْسيتها أو نُسِّيتها، فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر»
. 3- حديث معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه-، في ليلة القدر، قال: «ليلة القدر ليلة سبع عشرين»
. • ليلة القدر متنقلة في كل سنة في العشر الأواخر من رمضان،
قال النووي -رضي الله عنه (وأجمع من يعتدُّ به على وجودها ودوامها إلى آخر الدهر؛ للأحاديث الصحيحة، المشهورة،
قال القاضي: واختلفوا في محلِّها، فقال جماعة: هي متنقلة: في سنة في ليلة، وفي سنة أخرى في ليلة أخرى، وهكذا، وبهذا يُجمع بين الأحاديث،
ويُقال كل حديث جاء بأحد أوقاتها، ولا تعارض فيها، قال: ونحو هذا قول: مالك، والثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور وغيرهم، قالوا: إنما تنتقل في العشر الأواخر من رمضان...)
. وذكر ابن حجر: ستة وأربعين قولاً في تحديدها ثم قال: (وأرجحها كلها أنها في وتر من العشر الأخير وأنها تتنقل وأرجاها العشر وأرجى أوتار العشر عند الجمهور ليلة سبع وعشرين ).
ويقول ابن تيمية: (ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان، هكذا صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((هي في العشر الأواخر من رمضان))، وتكون في الوتر منها،
لكن الوتر يكون باعتبار الماضي فتطلب ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين وليلة خمس وعشرين وليلة سبع وعشرين وليلة تسع وعشرين،
ويكون باعتبار ما بقي كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : «لتاسعة تبقى لسابعة تبقى لخامسة تبقى لثالثة تبقى»
فعلى هذا إذا كان الشهر ثلاثين يكون ذلك ليالي الأشفاع، وتكون الاثنين والعشرين تاسعة تبقى وليلة أربع وعشرين سابعة تبقى، وهكذا فسره أبو سعيد الخدري في الحديث الصحيح، وهكذا أقام النبي -صلى الله عليه وسلم-في الشهر.
وإن كان الشهر تسعا وعشرين كان التاريخ بالباقي كالتاريخ الماضي. وإذا كان الأمر هكذا فينبغي أن يتحراها المؤمن في العشر الأواخر جميعه كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «تحروها في العشر الأواخر» ((، وتكون في السبع الأواخر أكثر، وأكثر ما تكون ليلة سبع وعشرين،
كما كان أبي بن كعب يحلف أنها ليلة سبع وعشرين)
علامات ليلة القدر:
من الأحاديث الصحيحة التي بينت علامات ليلة القدر:
1- حديث أبيٍّ بن كعب -رضي الله عنه- وفيه ذكر علامة ليلة القدر،
عندما سُئِل: بأي شيءٍ يَعْرِف ليلة القدر؟ فقال: بالعلامة، أو بالآية التي أخبرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أنها تطلع يومئذٍ لا شعاع لها»
، ولفظ أبي داود: يا أبا المنذر أنّى علمت ذلك؟ قال: بالآية التي أخبرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فقيل لزرٍّ: ما الآية؟ قال: ((تصبح الشمس صبيحة تلك الليلة مثل الطست لا شعاع لها حتى ترتفع))
. 2- حديث جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:«....وهي ليلة طلقة بلجةٌ، لا حارة ولا باردة، كأن فيها قمراً يفضح كواكبَها لا يخرج شيطانها حتى يضيء فجرها»
. 3- حديث ابن عباس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها : «ليلة طلقة: لا حارة ولا باردة، تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة»
. 4- حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:«ليلة القدر ليلة السابعة أو التاسعة والعشرين، وإن الملائكة تلك الليلة أكثر من عدد الحصى»
5- حديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- الطويل، وفيه:...
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن أمارة ليلة القدر: أنها صافية بلجة، كأنَّ فيها قمراً ساطعاً، ساكنة ساجية، لا برد فيها ولا حر، ولا يحلُّ لكوكب أن يُرمى به فيها حتى يصبح، وإن أمارَتَها أن الشمس صبيحتها تخرج مستويةً ليس لها شعاع، مثل القمر ليلة البدر، لا يحل لشيطان أن يخرج معها يومئذٍ»
ولقد ذكر الشيخ بن عثيمين : أن لليلة القدر علامات مقارنة وعلامات لاحقة:
العلامات المقارنة:
لا. قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة، وهذه العلامة في الوقت الحاضر لا يحس بها إلا من كان في البر بعيداً عن الأنوار.
2. الطمأنينة، أي طمأنينة القلب، وانشراح الصدر من المؤمن، فإنه يجد راحة وطمأنينة وانشراح صدر في تلك الليلة أكثر من مما يجده في بقية الليالي.
3. أن الرياح تكون فيها ساكنة أي لا تأتي فيها عواصف أو قواصف، بل بكون الجو مناسبا.
4. أنه قد يُري الله الإنسان الليلة في المنام، كما حصل ذلك لبعض الصحابة -رضي الله عنهم-.
5. أن الانسان يجد في القيام لذة أكثر مما في غيرها من الليالي.
العلامة اللاحقة:
أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع، صافية ليست كعادتها في بقية الأيام، ويدل لذلك حديث أبي بن كعب ت
قال : أخبرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أنها تطلع يومئذ ٍ لا شعاع لها».
الدعاء ليلة القدر:
يستحب للعبد أن يكثر من الدعاء في العشر الأواخر التماساً لها، والأفضل أن يدعو بالمأثور عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، مثل ما ورد في حديث عائشة ل قالت: قلت: يا رسول الله أرأيت إن علمتُ أيُّ ليلة ليلةُ القدر ما أقول فيها؟
قال: «قولي اللهم إنك عفوٌّ كريمٌ تحبُّ العفو فاعف عني»
فضائل ليلة القدر:
1- نزل فيها القرآن العظيم، قال الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1].
2- ليلة مباركة قال الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الدخان: 3 - 6].
3- العمل فيها خير من العمل في ألف شهر، كما قال تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3] يعني في الفضل والشرف، وكثرة الثواب والأجر،
ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه»
، وفي حديث أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرمها فقد حُرِمَ الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم»
. 4- تنزل الملائكة وجبريل في ليلة القدر وهم لا ينزلون إلا بالخير، والبركة والرحمة، قال تعالى: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ} [القدر: 4]
وقد جاء في الحديث: «... وإن الملائكة في تلك الليلة أكثر من عدد الحصى».
{سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: 5] قال قتادة " هي خير كلها إلى مطلع الفجر ".
5- من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه كما تقدم في الحديث
. 6- من حُرم خيرها فقد حُرم الخير كله، ولا يُحرم خيرها إلا محروم
. كتمان ليلة القدر:
ذكر ابن حجر: أن الحكمة من استحباب كتمان ليلة القدر: أنها كرامة، والكرامة ينبغي
كتمانها بلا خلاف بين أهل الطريق من جهة رؤية النفس، فلا يأمن السلب، ومن جهة أنه لا يأمن الرياء، ومن جهة الأدب
فلا يتشاغل عن الشكر لله بالنظر إليها، وذِكْرها للناس،
ومن جهة أنه لا يأمن الحسد، فيوقع غيره في المحذور، قال: ويستأنس له بقول يعقوب -عليه السلام-: {قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [يوسف]
فالأفضل أن تكتم ولا يُخْبِرُ بها من رآها، ويسأل الله القبول ولله حكمة بالغة في إخفائها عنا، فلو تيقنا أي ليلة هي لتراخت العزائم طوال رمضان، واكتفت بإحياء تلك الليلة، فكان إخفاؤها حافزًا للعمل في الشهر كله، ومضاعفته في العشر الأواخر منه
، وفي هذا خير كثير للفرد وللجماعة. وهذا كما أخفى الله تعالى عنا ساعة الإجابة في يوم الجمعة، لندعوه في اليوم كله،
وأخفى اسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب؛ لندعوه بأسمائه الحسنى جميعًا.
روى البخاري عن عبادة بن الصامت قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين (أي تنازعا وتخاصما) فقال: “خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان، فرفعت (أي من قلبي فنسيت تعيينها) وعسى أن يكون خيرًا لكم”.
لقد ذهب جمع من العلماء إلى الاعتبار الأول، مستدلين بحديث أبي هريرة: “من يقم ليلة القدر فيوافقها..”
يتبين بعد سرد الأحاديث المتنوعة في ذكر ليلة القدر أن ليلة القدر ليست بليلة ثابتة ، بل هي متنقلة بين الليالي العشر الأخيرة من شهر رمضان ، وقد تأتي في الليالي الفردية منها أو الزوجية على السواء ، فينبغي لمن أراد أن يرزق خيرها ولا يحرم منها أن يجتهد في طلبها طيلة الليالي العشر دون أن تفوته ليلة منها .
قال أبو قلابة : ليلة القدر تنتقل في العشر الأواخر .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ هَكَذَا صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : (هِيَ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ ) . وَتَكُونُ فِي الْوِتْرِ مِنْهَا .
لَكِنَّ الْوِتْرَ يَكُونُ بِاعْتِبَارِ الْمَاضِي فَتُطْلَبُ لَيْلَةَ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَلَيْلَةَ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ وَلَيْلَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَلَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَلَيْلَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ .
وَيَكُونُ بِاعْتِبَارِ مَا بَقِيَ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : (لِتَاسِعَةٍ تَبْقَى ، لِسَابِعَةٍ تَبْقَى ، لِخَامِسَةٍ تَبْقَى ، لِثَالِثَةٍ تَبْقَى ) .
فَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ الشَّهْرُ ثَلاثِينَ يَكُونُ ذَلِكَ لَيَالِيَ الأَشْفَاعِ . وَتَكُونُ الاثْنَيْنِ وَالْعِشْرِينَ تَاسِعَةً تَبْقَى وَلَيْلَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ سَابِعَةً تَبْقَى . وَهَكَذَا فَسَّرَهُ أَبُو سَعِيدٍ الخدري فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ . وَهَكَذَا أَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الشَّهْرِ .
وَإِنْ كَانَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ كَانَ التَّارِيخُ بِالْبَاقِي . كَالتَّارِيخِ الْمَاضِي .
وَإِذَا كَانَ الأَمْرُ هَكَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَحَرَّاهَا الْمُؤْمِنُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ جَمِيعِهِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسل (تَحَرَّوْهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ) وَتَكُونُ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ أَكْثَرَ .
وَأَكْثَرُ مَا تَكُونُ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ كَمَا كَانَ أبي بْنُ كَعْبٍ يَحْلِفُ أَنَّهَا لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ . فَقِيلَ لَهُ : بِأَيِّ شَيْءٍ عَلِمْت ذَلِكَ ؟ فَقَالَ بِالآيَةِ الَّتِي أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ، أَخْبَرَنَا أَنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ صُبْحَةَ صَبِيحَتِهَا كَالطَّشْتِ لا شُعَاعَ لَهَا) .
فَهَذِهِ الْعَلامَةُ الَّتِي رَوَاهَا أبي بْنُ كَعْبٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَشْهَرِ الْعَلامَاتِ فِي الْحَدِيثِ
وَقَدْ رُوِيَ فِي عَلامَاتِهَا (أَنَّهَا لَيْلَةٌ بلجة مُنِيرَةٌ) وَهِيَ سَاكِنَةٌ لا قَوِيَّةُ الْحَرِّ وَلا قَوِيَّةُ الْبَرْدِ وَقَدْ يَكْشِفُهَا اللَّهُ لِبَعْضِ النَّاسِ فِي الْمَنَامِ أَوْ الْيَقَظَةِ . فَيَرَى أَنْوَارَهَا أَوْ يَرَى مَنْ يَقُولُ لَهُ هَذِهِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَقَدْ يُفْتَحُ عَلَى قَلْبِهِ مِنْ الْمُشَاهَدَةِ مَا يَتَبَيَّنُ بِهِ الأَمْرُ .
ليلة القدر هل هي باقية أم رفعت ؟
ـ (( عن أبي مَرْثَد قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا ذَرٍّ قُلْتُ كُنْتَ سَأَلْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ؟ قَالَ : أَنَا كُنْتُ أَسْأَلَ النَّاسِ عَنْهَا ، قَالَ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ أَفِي رَمَضَانَ هِيَ أَوْ فِي غَيْرِهِ
؟ قَالَ : بَلْ هِيَ فِي رَمَضَانَ ، قَالَ قُلْتُ : تَكُونُ مَعَ الأَنْبِيَاءِ مَا كَانُوا فَإِذَا قُبِضُوا رُفِعَتْ أَمْ
هِيَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ؟ قَالَ : بَلْ هِيَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، قَالَ قُلْتُ : فِي أَيِّ رَمَضَانَ هِيَ ؟
قَالَ : الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأُوَلِ أَوْ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ ، ثُمَّ حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَحَدَّثَ ثُمَّ اهْتَبَلْتُ وَغَفَلْتُهُ قُلْتُ فِي أَيِّ الْعِشْرِينَ هِيَ ؟ قَالَ : ابْتَغُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ لا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا ،
ثُمَّ حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدَّثَ ثُمَّ اهْتَبَلْتُ وَغَفَلْتُهُ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقْ سَمْتُ عَلَيْكَ بِحَقِّي عَلَيْكَ لَمَا أَخْبَرْتَنِي
فِي أَيِّ الْعَشْرِ هِيَ ؟ قَالَ : فَغَضِبَ عَلَيَّ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ مِثْلَهُ مُنْذُ صَحِبْتُهُ أَوْ صَاحَبْتُهُ كَلِمَةً نَحْوَهَا
قَالَ الْتَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ لا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا ))
############################################
تابعونا جزاكم الله خيرا
للموضوع بقيه
^^^^^^^^
لا تنسونا من صالح دعائكم
عدل سابقا من قبل sadekalnour في الثلاثاء يناير 03, 2023 9:40 pm عدل 1 مرات
اليوم في 3:00 pm من طرف عبدالله الآحد
» كتاب الترجيح في مسائل الطهارة والصلاة
أمس في 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
أمس في 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد
» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» العبادة وأركانها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد
» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور
» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد
» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد
» هيئات السجود المسنونة
الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد