آل راشد



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

آل راشد

آل راشد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
آل راشد

ثقافى-اجتماعى

*** - اللَّهُمَّ اَنَكَ عَفْوٍ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعِفُو عَنَّا - *** - اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك . *** - اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ الْمَوْتِ وَ ارْزُقْنَا حُسْنَ الْخَاتِمَةِ . *** -

إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا شَابَتْ عَبِيدَهُمْ.. .. فِي رِقِّهِمْ عَتَقُوهُمْ عِتْقَ أَبْرَارٍ .. .. وَأَنْتَ يَا خَالِقِيُّ أوْلَى بِذَا كَرَمًا.. .. قَدْ شُبْتُ فِي الرِّقِّ فَأَعْتَقَنِي مِنَ النَّارِ .

المواضيع الأخيرة

» خطر الشرك والخوف من الوقوع فيه
الفائزون في رمضان .. لذة ألإنتصار علي النفس والشيطان Ooou110اليوم في 3:17 pm من طرف عبدالله الآحد

» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الفائزون في رمضان .. لذة ألإنتصار علي النفس والشيطان Ooou110اليوم في 12:53 pm من طرف صادق النور

» إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بأن الشرك سيظهر في هذه الأمة بعد إخفائه واندحاره
الفائزون في رمضان .. لذة ألإنتصار علي النفس والشيطان Ooou110أمس في 2:19 pm من طرف عبدالله الآحد

» فضل توحيد الله سبحانه
الفائزون في رمضان .. لذة ألإنتصار علي النفس والشيطان Ooou110الجمعة نوفمبر 22, 2024 3:20 pm من طرف عبدالله الآحد

» وجوب الدعوة إلى توحيد الله سبحانه
الفائزون في رمضان .. لذة ألإنتصار علي النفس والشيطان Ooou110الخميس نوفمبر 21, 2024 3:00 pm من طرف عبدالله الآحد

» كتاب الترجيح في مسائل الطهارة والصلاة
الفائزون في رمضان .. لذة ألإنتصار علي النفس والشيطان Ooou110الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد

» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
الفائزون في رمضان .. لذة ألإنتصار علي النفس والشيطان Ooou110الأربعاء نوفمبر 20, 2024 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد

» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
الفائزون في رمضان .. لذة ألإنتصار علي النفس والشيطان Ooou110الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد

» العبادة وأركانها
الفائزون في رمضان .. لذة ألإنتصار علي النفس والشيطان Ooou110الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد

» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
الفائزون في رمضان .. لذة ألإنتصار علي النفس والشيطان Ooou110الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد

اهلا بكم

الثلاثاء نوفمبر 08, 2011 2:32 am من طرف mohamed yousef

الفائزون في رمضان .. لذة ألإنتصار علي النفس والشيطان Ooousu10

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 45 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 45 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحث

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الأربعاء سبتمبر 15, 2021 4:26 am

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 10134 مساهمة في هذا المنتدى في 3409 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 315 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو زكية فمرحباً به.

دخول

لقد نسيت كلمة السر

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع


2 مشترك

    الفائزون في رمضان .. لذة ألإنتصار علي النفس والشيطان

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5386
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود الفائزون في رمضان .. لذة ألإنتصار علي النفس والشيطان

    مُساهمة من طرف صادق النور الثلاثاء أبريل 26, 2022 10:51 pm


    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله الذي أكرمنا بشهر رمضان، وأعاننا فيه على الصيام والقيام وتلاوة القرآن وسائر الصالحات .
    أحمده تعالى حمدا كثيراً طيباً مباركاً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، وهو الكريم المنان.
    وأصلي وأسلم علي من علمنا الهدي وأرشدنا للتقي وأنار لنا طريق الفلاح والصلاح سيدنا وحبيبنا محمد بن عبد الله صل الله عليه وعلي آله وصحبه ومن ولاه .

    ::::
    ها هو شهر رمضان قد قارب على الرحيل، وتصرمت أيامه، وانقضت لياليه، صام فيه من صام، وقام فيه من قام، وتصدق فيه من

    تصدق، وقرأ فيه القرآن من قرأ، وبادر فيه بالصالحات من بادر، والفائز فيه من لبى أمر ربه، واستجاب لندائه، وجاهد نفسه لطلب مرضاته وجنته.

    فحري بمن علم فضل هذا الشهر أن يجتهد فيما تبقى فيه من أيام، وخاصة في تلك العشر الأخيرة منه، ففيها ليلة هي خير من ألف شهر، من قامها إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه، فبادروا يا عباد الله وسارعوا وسابقوا إلى تقديم ما ينفعكم عند ربكم، وإن من أعظم الغبن والخسران أن يفرط العبد في تلك الليالي بعد أن علم فضلها وليعلم أن الأعمال بالخواتيم، ورب توبة صادقة تكون سبباً في نيل الرحمة والمغفرة..
    وكل من ذاق طعم الإيمان، وسعد بمناجاة الكريم المنان، وتلذذ بالصيام، والقيام، والركوع والسجود، والصدقة، وتلاوة القرآن، وصلة الأرحام ليس له أن يرجع بعد تلك الغنيمة خاسراً، وأن يرتد بعد الإقبال مدبراً، وبعد المسارعة إلى الخيرات مهاجراً،
    وبعد عمران المساجد بالتلاوات والطاعات معرضاً، وأن يبدد جميع مكاسبه التي قدمها في هذا الشهر هباء منثوراً.

    فشهر رمضان يَمُر، وكأنه يوم أو يومان، وهكذا العمر يَنْقَضي، فيَفْرح الفائزون بِرَمضان، سبق قوم ففازوا، وتَخَلَّفَ آخرون فخابوا، يفوز المحسنون، ويخسر المبطلون.
    إِنْ أَحْسَنُوا فَقَدْ أَحْسَنُوا لِأَنْفُسِهِمْ        وَإِنْ  أَسَاؤُوا  فَبِئْسَ  مَا   صَنَعُوا
    مَن هذا الفائز منا فَنُهنئه؟ ومن هذا الخاسر فنعزيه؟
    أيها الفائز في رمضان... هنيئًا لك.
    أيها الخاسر... جَبر الله مصيبتكَ.
    وفي آخر رمضان تُعْلن أسماء الفائزين بِرَمضان في مُصليات الأعياد، يوم رجعوا إلى بُيوتهم كيوم ولدتهم أمهاتهم
    .
    اللهم اجْعَلْنا منَ الفائزين برمضان.


    الفائزون في رمضان


    وبيان صفاتهم وأحوالهم

    مَن هم هؤلاء؟ وما صفاتهم؟ وما أعمالهم؟


    تعالوا لنُحَلِّق وإياكم إلى عالَم الفائزين برمضان، إلى عالَم الحبِّ والإخاء، عالَم المجتهدين والمستغفرين، عالم الرِّقة والخشوع والذلة والخضوع، عالَم الحِرص والاستزادة، والتمرع بأنواع العبادة.

    وهذه الصِّفات عَرَفْناها في سَلَفِنا الصالح، فنِعْم العالَم عالمهم، ونِعْم الصفات صفاتهم، أما الذين سنتكلم عنهم ليسوا من ذلك الزمن؛ بل هم من عالَمِنا اليوم، فئة من أهل زماننا، بهم تفرح قلوبنا، وبالنَّظر إلى وجوههم تكتحل عيوننا، وبِمجالسهم تأنس نفوسنا، وبالحديثِ معهم تحلو ساعاتنا، إنهم من آبائنا وإخواننا، وهم من أمهاتنا وأخواتنا.

    إنهم التالون لكتاب الله، الراكعون الساجدون، المتأثرون الباكون، المتصدقون المنفقون، المتحدثون الناصحون، العاملون المخلصون، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.

    مَن قال: إن أعمال الخير وقف على السَّلَف فقط؟ مَن قال: إن الرقة والبكاء حِكْر على "بشر الحافي"، و"مالك بن دينار"، "رابعة العدوية" - رحمة الله عليهم أجمعين؟

    مَن قال: إنَّ المتصدقين فقط هم: "أبو بكر"، و"عمر"، و"عائشة"، و"فاطمة" - رضي الله عنهم أجمعين؟

    انظروا لبيوت الله وخاصَّة في رمضان، صلاة وقيام، وركوع وسجود، إطعام للطعام، بِرٌّ وإحسان، تذكيرٌ بأطيب الكلام،
    تدبُّر وترتيل، وأزيز وخنين، عندها تَذَكَّرْت حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
    أتى المقبرة، فقال: ((السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وددتُ أنا قد رأينا إخواننا))،
    فقالوا: أَوَلَسْنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: ((أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعدُ))،
    فقالوا: فكيف تعرف مَن لم يأتِ بعد من أمتك، يا رسول الله؟
    فقال: ((أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلاً لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ، بَيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْم ، أَلاَ يَعْرِفُ خَيْلَهُ؟

    قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ، وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ،أَلاَ لَيُذَادَن رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ أُنَادِيهِمْ، أَلاَ هَلُمَّ؟ فيقال: إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ: سُحْقًا سُحْقًا)).

    إنَّ الذي دعاني لِمِثل هذا الحديث مواقف وصور شاهدتُها بأمِّ عيني - وما لم أشهد أكثر، وما لا نعلمه لا يحصر، أسوقها إليكم لأسباب.

    منها: تعطير الأسماع، ولتعلم أن لصالحي زماننا سير ومواقف.

    ومنها: تنبيه الأمَّة لعلو الهمَّة، وقوة الإرادة، وصدق العزيمة.

    ومنها: ذكر الفضل لأهل الفضل والإحسان، فحرامٌ أن يبخس حقهم، أو ينتقص قدرهم.

    ومنها: تنبيه وتذكير لإخواني، مُعَلِّمي الخير، وصنَّاع الحياة ألا يبخس حق المحسنينَ، فمنَ العدل أن نقولَ للمحسن: أحسنتَ، كما نقول للمُسيء: أسأتَ.

    ثم إنَّ مِن واجبنا أيضًا أن نتلمس الخير في صُفُوف الناس، فينشر ويشهر، فهو نسمة الصباح الذي ننتظره، وبريق الأمل الذي نرجوه، بمثل هذا تكسب النفوس، فالتعامل مع النفوس فن يجب أن نتعلَّمَه.

    لماذا ننسى خير الخيرين، وصلاة العابدين، وصدقة المنفقين، وبكاء المخبتين؟

    لماذا نغفل عن جهد العاملين، وتضحية المصلحين، وصدق المخلصين، ودمعة التائبين؟
    لِمَ لا نذكر صلاح المؤمنات، وقيام القَانِتات، وصِدق الصادقات، وصبر الصابرات؟

    لماذا لا نتحدث عن عطاء المتصدقات، وعفاف الحافظات، ودعاء الذَّاكرات، وبُكاء الخاشِعات؟

    لماذا ننسى الحديث عن هؤلاءِ، وما أعدَّ الله لهم منَ الأجر والثواب، وقد أعلن الرحيم الرحمن ذلك في القرآن،
    فقال - عز وجل - وهو الكريم المنان: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 35]،

    نسأل الله - عَزَّ وجَلَّ - أن نكونَ منهم.

    هذه الصور وهذه المواقف، وقفتُ عليها بأمِّ عيني، فإلى هذه الصور:

    الصورة الأولى: في صلاة التَّراويح والقيام:

    كنتُ في طريقي لأحد المساجد لصلاة التراويح، وقبل الأذان بِدَقائق، مَرَرْت بمسجد آخر، ورأيت ذلك الرَّجل الكبير، يَتَّكِئُ على عكازتينِ، ويدب على الأرض بِمهل شديد، يسحب قدميه فتخط في الأرض خطًّا، وكان واضحًا أن المرض أنهكه، وأن التَّعَب بلغ منه مبلغه، ومع ذلك خرج، لماذا؟

    خرج من أجل صلاة الجَمَاعة، ومِن أجل صلاة التراويح، فذكرتُ عندها قول ابن مسعود - رضي الله عنه -
    وفيه: "ولقد كان الرجل يؤتى بها يُهَادى بين الرَّجُلين، حتى يُقَام في الصَّف" ، ولا أنسى تلك العجوز، محدوبة الظهر، متقاربة الخطا، مُتَسارعة الأنفاس، وهي تزحف إلى المسجد زحفًا، والعجب أنها صَلَّت واقفة، رفضتِ الجلوس.

    إيه، أيتها النفوس، أين أنت وهذه الصور، أليس ذلك معتبر؟ فما ملكت نفسي إلاَّ ودمعة تسيل على الخد، وأنا أُرَدِّد اللهُمَّ أَعِنْها، اللهُمَّ يَسِّر عليها، اللهم تَقَبل منها، اللهم إن لم يكن هؤلاءِ منَ الفائزين برمضان، فمَنْ؟

    أهمُ الكُسَالى من أصحاب السواعد الفتيَّة؟ فأين أنتَ يا بن العشرين؟ أين أنت يا بن الثلاثين والأربعين من هؤلاءِ؟

    هذه صور وما أكثر صور تلك الآباء والأمهات، الذين تعجب مِن حِرْصهم، رغم الأيدي المرتعشة، والعِظام الواهنة؟

    واللهِ إنَّ الإنسان لَيَحْتَقِر نفسه وعمله، وهو يرى هؤلاءِ الكِبار مِن رجال ونساء، وكيف يتحامَلُون على أنفسهم على عجز، وثقل، ومرض، وَلأْوَاء، ومع ذلك قلوبُهم مُتَعَلِّقة بالمساجد، فهم - إن شاء الله - في ظِلِّ الله يوم لا ظِل إلاَّ ظِله، كما في حديث السَّبعة  - وربَّما أصاب الإنسان منا التَّعَب والإرهاق في صلاة التَّراويح والقِيام، فإذا شاهد هؤلاءِ الآباء ونشاطهم على ما هم فيه، كأنما نشط من عقال، أفلا تسجل مواقفهم، وتسطر لِيَعِيَها الأجيال؟ اللهُمَّ تقبَّل منهم، واجْعَلهم منَ الفائزين برمضان؟

    الصورة الثانية:

    رجل وَسَّع الله عليه بِمَاله، وحسن سمعته، ودماثة خلقه، فهو ينفق إنفاق مَن لا يخشى الفقر، ذات يوم بحثتُ عنه عصرًا في رمضان، توجهت إلى محلاته فلم أجده، سألتُ عنه، فلم أجد جوابًا، فقيل لي: ربما وجدته في الجامع، دخلت الجامع فوجدت العجب، وجدت الموائد ممدودة بالطول والعرض، حتى أنك لا تجد مكانًا لموضع قدميك، وفيها ما لَذَّ وطاب من أنواع المأكولات.

    بحثت عن صاحبي وجدته يصول ويجول بين تلك الموائد، لحظات قبل الغروب، فإذا بمئات من المسلمين الصائمين تَتَوَافد على الجامع من كل صوب، ألفًا أو يزيدون.

    قلتُ: سبحان الله في الوقت الذي انشغل أهل الأموال بِبَيْعهم وشرائهم، فعصر رمضان موسم تجاري لا يعوض.

    أمَّا هذا الرجل فهو في تجارة أخرى، تجارة مع الله، فلم يكفه أن دفع المال لتفطير الصائمين؛ بل وقف بنفسه وعمل بيده، ولم يعتذر يوم أن دعيَ للإنفاق في مشروع ثانٍ، بل وثالث ورابع... وعاشر من تلك المشاريع الخَيِّرة، التي يَتَسابَق فيها أهل الخير والصلاح، مما لا نعلمه؛ ولكن الله يعلمه، عنده ذكرت حديث أبي كبشة، عمرو بن سعد الأنماري، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ثلاث أقسم عليهنَّ، ما نقص مال عبد مِن صدقة))?.

    حَدَّثت صاحبي هذا، والأنس والبشر على محياه، يعلم الله ما فقدت الابتسامة من وجهه يومًا منَ الأيام، الجميع يشهد له بالفضل، والإحسان، والوَرَع، وحسن الخُلُق، وكَثْرة العِبادة، هكذا نحسبه ولا نزكي على الله أحدًا.

    خرجتُ منَ الجامع بِصُعوبة بالغة؛ لكثرة الحاضرين منَ الصائمين والمساكين، خرجت وأنا أرددت عند الغروب:

    اللهُمَّ تَقَبل منه، اللهُمَّ وَسِّع عليه في ماله وولده، اللهُمَّ بارك له وَزِدْه، وأعطه ولا تحرمه، فإن لم يكن هذا منَ الفائزين برمضان، فمَن إذًا؟ هل هم الذين يكنزون الأموال ويقبضون أيديهم؟

    عندها تَذَكَّرتُ حديثًا لأسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنها - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لاَ تُوكِي فَيُوكَى عَلَيْكِ))؛ أي: لا تمنعي ما في يدكِ خشية النفاذ، فيقطع الله عليك مادة الرِّزق.

    وذكرت قول الملكين اللذين ينزلان في كل صباح، فيقول أحدهما: ((اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تَلَفًا)).

    وذكرتُ قول الحق - عَزَّ وجَلَّ - كما في الحديث القدسي: ((أنفق يا بن آدم، ينفق عليك))[13]، وحديث: ((أنفق يا بلال، ولا تخشَ من ذي العرش إقلالاً))[14].

    ولا شك أنَّ الموفَّق مَن وَفَّقه الله - عَزَّ وجل - علمًا بأنَّ هناك مَن تذهب نفسه حسرات، أن لو كان يملك لينفق ويتصدق؛ ولكنه لا يجد القليل فينفقه مع أنه أحوج الناس إليه.

    وبعضهم يسمع عن هذه الفضائل، فلا يجد ما يَتَصدق به سوى الدمعة تسيل على الخدينِ أن لو كان ذا مال فيتصدق...
    عندما ذكرت قول الحق - عَزَّ وَجَلَّ -: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ} [التوبة: 91، 92].

    الصورة الثالثة:

    تُصَلي التراويح والقِيام فتسمع آيات القرآن، وتسمع الخنين والبكاء ينبعث من جنبات المسجد، فيسجد المصلون، فإذا بأزيز كأزيز المرجل ينبعث من الصدور، وقد غلبهم خوف الله وخشيته، فوجلت القلوب وذرفت العيون،
    عندها ذكرت قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يلج النار رجل بكى من خشية الله، حتى يعود اللَّبن في الضرع))

    في صلاة القيام وفي ثُلُث الليل الأخير، يركعون ويسجدون، ويدعون ويتضرعون، يبكون ويَتَأَثَّرون، منكسرة قلوبهم، دامِعة عيونهم، شاحبة وجوههم، هجروا الفراش ولَذَّة النوم من أجل أي شيء، طلبًا لِمَرْضاة الله، طلبًا لِرَحْمة الله:
    {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 16، 17].

    القَانِتُونَ     المُخْبِتُونَ      لِرَبِّهِمْ        النَّاطِقُونَ    بِأَصْدَقِ     الأَقْوَالِ
    يُحْيُونَ   لَيْلَهُمُ   بِطَاعَةِ    رَبِّهِمْ        بِتِلاَوَةٍ      وَتَضَرُّعٍ      وَسُؤَالِ
    وَعُيُونُهُمْ تَجْرِي بِفَيْضِ دُمُوعِهِمْ        مِثْلَ   انْهِمَالِ   الوَابِلِ    الهَطَّالِ
    فِي وَجْهِهِمْ أَثَرُ السُّجُودِ  لِرَبِّهِمْ        وَبِها    أَشِعَّةُ    نُورِهِ    المُتَلاَلِي

    إن لم يكن هؤلاءِ منَ الفائزين بِرَمضان، فمَن؟ هل هم الذين ينامون أو يذهبون ويجيئون؟ أو أولئك الذين يلعبون ويلهون؟

    اللهم لا تَحْرِمنا أجر الصِّيام والقِيام، واجْعَلْنا ممَّن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، اللهُمَّ اجْعَلْنا منَ الفائزين المقبولينَ،
    يا رحمن يا رحيم.


    الصُّورة الرَّابعة:

    رأينا وسَمِعْنا حرص بعض النِّساء على الصَّدَقة، ورمضان الخير يشهد للنِّساء بِحُسن السَّخاء والبَذْل والعَطَاء، سمعتُ عن تلك التي جمعت رواتبها فتَصَدَّقَت بها دفعةً واحدةً.

    وسمعتُ عن تلك التي كفلت يتيمًا، وأعطت مسكينًا، ووزعت شريطًا، وفطرت صائمًا حتى قلتُ في نفسي، ماذا بقيَ لها؟ فأجابت بلسان حالها: {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [القصص: 60].

    فذكرت قول الرَّسول - صلى الله عليه وسلم -: ((يا معشر النساء تصدقن، فإنِّي رأيتكنَّ أكثر أهل النار)).

    فقلتُ: أبشرن أيتها الصالحات، فإن هذا لا يكون لمن أكثرت السَّبَّ واللَّعن، ونسيت نعمة الله - عَزَّ وجَلَّ - عليها، أمَّا أنتِ،
    فإني أحسبك - إن شاء الله - منَ الفائزين بِرَمضان، ثلة من الفتيات عرفتُ فيهنَّ الخير كله، الهاجس في نفوسهنَّ إصلاح الأخريات ودعوتهن، يسألن وبِكَثْرة عنِ المواضيع والمسائل الرَّمضانية المناسبة للطَّرح في مثل هذا الشهر، يسألن وبإلحاح عن الأشرطة والرسائل المناسبة للإهداء والتوزيع، انتهت المكافأة الشهرية اقترضن حتى لا ينقطع هذا الخبر، تركن اللباس والموديلات، وآخر الصيحات، وأدوات الزينة، لا لعدم الرغبة - فهي جبلة في المرأة - بل لأنَّ هَمَّ الإصلاح والغيرة على الدِّين كان أكبر من ذلك، وكأن لسان حالهن يقول: رمضان فرصة لا تُعَوَّض، فالقلوب مُنكَسِرة، والشياطين مُصَفدة، والإيمان يزيد.

    وعلمتُ أنَّهنَّ يجتمعن لقراءة القرآن، وبحث بعض مسائل الصِّيام، ويحرصْنَ على النوافل والسنن الرواتب، وصلاة القيام، ويقمْنَ بِبِرّ الوالدين، وصِلة الأرحام، وخدمة الأهل والإخوان، وإعداد الطَّعام.

    هذا كله بعد صلاة الفرض في وقتها، والقيام بِحَقّ زوجها، فنالتْ رضا ربها، وفازتْ بِشَهْرها فهنيئًا لها، ثم هنيئًا لها.

    الحياة يبنيها صُنَّاع، كلٌّ منهم يُؤَثِّر في جانب منها، فمَن جَدَّ وَجَد، وإما أنا وإما الفاسق، فإن الفاسق يصنع الحياة على طريقتِه، وكل منا له موهبة يحبها، فيجب أن ينميها، ويبرع فيه ويبتكر لها؛ لكي يستطيع أن يجمعَ الناس حوله في تَخَصُّصه.

    رمضان كل عام، ترى إقبال الشَّباب والفتيات مِن صُنَّاع الحياة، ودلال الخير، ودعاة الهدى، وكل منهم على خير، فهم يصلون ويجولون من حي إلى حي، من مسجد إلى مسجد لإرشاد الناس وتذكيرهم، حرموا أنفسهم من لَذَّة العبادة، خلف إمام واحد، تذهب أنفسهم حسرات لختم القرآن مرات ومرات؛ ولكن هيهات هيهات، فالوقت ينصرف للبحث عن تفسير آية أو شرح حديث، أو بحث مسألة.

    فلسان حالهم يقول: رمضان فرصة للتوبة، وموسم للإقبال على الله، والنَّدَم على ما فات، فكم من ضالٍّ فرح بكلمته، وكم من جاهل اهتدى بعبارته، وكم من تائب نَوَّر الله به بصيرته.

    وهؤلاء قاموا على تفطير الصائمين في مسجدهم، حرموا أنفسهم فرحة الإفطار مع أهلهم وأزواجهم، ضاعت اللغات، وتلاشت الجنسيات، لا كفيل ولا مكفول: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10]، إخوة في توادِّهم، إخوة في تَرَاحمهم وتعاطُفهم.
    وكذلك، فهم يجمعون المال لشراء الأشرطة والمطويات، وتوزيعها على المُصَلِّين والمُصليات.
    وآخرون حملوا الطَّعام والأرزاق، وقطعوا الفيافي والمسافات وهم صيام، تحت حرارة الشمس المُحْرِقة، والرِّمال المُلْتهبة ليقفوا مع المُحتاجين والمساكين والأرامل واليتامى، فيطعموا الطعام، ويلبسوا اللِّباس مع كلمةٍ طيبة، وشريطٍ نافع.

    أما حُرَّاس الفضيلة، وأعداء الرَّذيلة - رجال الحسبة الآمرون بالمعروف، والناهون عنِ المنكر - فحَدِّث ولا حرج، فنحن بصلاة وقيام وتدبُّر للقرآن، أما هم ففي أعظم الأيام تبرج وسفور، مشكلات ومعاكسات، ومنكرات وسيئات، وكأنِّي بهم والألم يعصر قلوبهم على ليالي رمضان، ولكن أبشر أيها الأب الحبيب، فأنت على خير عظيم.

    أَبْشِر - أيها الأخ الحبيب - فأنتَ على خير، ولن يضيعَ الله جهدك أبدًا، فإن شاء الله أنت منَ الفائزين برمضان.

    ذكرت بعد هذه الصور حديث أبي ذر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم
    -قال: ((ليس من نَفْس ابن آدم إلاَّ عليها صدقة، في كل يوم طَلَعت فيه الشمس))، قيل: يا رسول الله، ومِن أين لنا بِصَدقة نَتَصَدَّق بها؟ قال: ((إن أبواب الخير لكثيرة، التسبيح والتَّحميد، والتَّهليل، والأمر بالمعروف، والنَّهْي عنِ المنكر، وتميط الأذى عنِ الطريق، وتسمع الأصم، وتهدي الأعمى، وتدل على حاجته، وتسعى بشدة ساقيك مع اللهفان المستغيث، وتحمل بِشِدَّة ذراعيك مع الضَّعيف))

    فهذا كله صَدَقة منك على نفسك، فأبواب الخير كثيرة فَلِله در شبابنا وفتياتنا، فلسان حالهم يردد في كل لحظة:
    أنا مسلم، أنا مسلمة، فلمَ لا أكون محور حق، ومركز إشعاع ومشعل هداية؟
    عندها قلت: إن لم يكن أمثال هؤلاء من الفائزين برمضان، فمَن إذًا؟ أهو ذلك الذي لا يفكر إلا في نفسه ووظيفته وماله وولده؟
    لا شك أنَّ الفرق بينهما كبير، والبون بعيد: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: 90].

    الصورة الخامسة:

    في العَشْر الأَوَاخر، وفي صلاة القيام في آخر الليل، وفي جلسة الاستراحة، أنظر للمصلين وأحوالهم.

    هذا يقرأ القرآن، وهذا لسانه يلهج بالذكر والاستغفار، وذاك رفع يديه بالدعاء وعلامات الانكسار، والتَّذَلُّل على محياه، ورابع قد سالت دموعه على خَدَّيه، وخامس يركع ويسجد، وسادس يغالب النوم، هجر فراشه وحرم عينيه.
    أَ
    رياح الأسحار تحمل أنين المذنبين، وأنفاس المحبين، وقصص التائبين، شابٌّ في زاوية منَ المسجد وقد عرفته بِفِسْقه، وشدة غفلته، وضع وجهه بين يديه، والدَّمع يسيل على خَدّيه، وقد أجهش بالبكاء، لعله تلطخ بمعصية، أو تذكر ما سلف من الذنوب والمعاصي.

    شدني إليه شدة مناجاته لربه، علم أنَّ له ربًّا يغفر الذنب فاستغفره، أسرع يقرع الباب لعلمه أن الله سريع الحساب، فذل، وانكسر لغافر الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب، تمنيت لو ضممته وقلت له: هنيئًا لك بالتَّوبة والاستغفار.
    هنيئًا لك بِعَيْنَيْك اللتينِ ذرفتا الدموع من خشية الله، هنيئًا لك بصيامكَ وقيامك، تمنيت لو ذكرته بقول الحق - عز وجل -:
    {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53].
    وأسأله - سبحانه وتعالى - وهو صاحب الفضل والمن - أن يلحقك بِرِكاب الفائزين برمضان.
    الصورة السادسة:

    حريصة على صغارها، فهي معهم ترقبهم وتلحظهم، تعلم هذا، وتوجه ذاك، ومع هذا فقلبها يهفو لصلاة التراويح ومع المسلمين، لكن هيهات، فتُصَلِّي في بيتها.

    تريد أن تَخْشعَ، وأن يَرِقَّ قلبها، أن تشعر بِلَذَّة المُنَاجاة لِرَبِّها؛ لكن الأصوات والضَّحكات والتّعَلُّق بثوبها من صغارها حرمها كل ذلك، فما ملكت سوى الدمعات والعبرات على ليالي رمضان.

    ثم جاءت العشر الأخير، فإذا بها تُهَدْهِد صبيانها وتخادع صغارها حتى ناموا، ثم قامت فانسلت في هدوء وحذر، فجَهَّزَتْ سحورها، ورَتَّبَتْ أمورها، ثم توضأت وتلحفت بِجِلْبابها، ثم سارت إلى مسجد حَيِّها والظلام يلفها، فركعت وسجدت، وقامت فَبَكَتْ وخشعت، وربما تذكرت صغارها، فرجعت وصلت في بيتها وبجوار صغارها، وهي تسمع صوت الإمام يردد: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} [المؤمنون: 60، 61].
    فقلتُ لها: أبْشِري - أيتها الصالحة - أنتِ على خير؛ لكن احرصي وأخلصي، واحْتَسبي الأجر على الله، ولن يخيب ظنك، وهو أعلم بحالك، ثم إني أهمسُ إليك بهذا الحديث: ((مَنِ ابتلي من هذه البنات بشيء، فأحسن إليهن، كن له سترًا منَ النار)).

    فأسأل الله اللطيف المَنَّان أن يجعلكَ منَ الفائزين برمضان، فإن لم تكونِي أنتِ فمَن؟ أهيَ تلك الولاجة الخراجة الجوالة في الأسواق، التي لم ترع حق ولد ولا تلد؟ أم تلك السافرة الساهرة أمام الأفلام والمسلسلات العاهرة؟!
    ثناء لِتِلْك المَرأة الصالحة التي عرفت فضائل هذا الشَّهر، فحرصت على استغلال ساعاته، فهي محافظة على الصَّلوات في أوقاتها، جالِسة بعد الصَّلوات في مُصَلاها، تقرأ القرآن، ثم إلى الذِّكر والتَّسبيح والتَّهليل، والتَّكبير والتَّحميد.

    وتقديرٌ لها يوم أن كانت خلف كل عمل صالح في بيتها، فهي خلف أبنائها وإخوانها بالمُحافظة على الصَّلوات، فتوقظ هذا، وتنبه ذاك، وهي خلفهم تدفعهم وتشجعهم لقراءة القرآن، وصلاة القيام، وصيام رمضان، تلهب الحماس، وتُقَوي العزائم، بالكلمة الطيبة تارة، وبالشريط النافع تارة، وبالهدية المشجعة تارة أخرى.

    ووفاء لتلك الزَّوجة الوفيَّة يوم أن كانت لزوجها حقًّا وفيَّة، أصبحت وجه سعد على زوجها، أنارتْ جَنَبات بيتها، فهي وراء زَوْجها بالتَّذكير والتَّنبيه إن نام أو غفل، وهي مُعِينة له إن ذكر، فلا تقطع عليه ساعات الطاعة في ذلك السَّهر بِكَثرة طلباتها، ولا تُعَرّضه لِفِتن المتبرجات السافرات في شهر الفضل والإحسان، وفي أعظم الأيام "العشر الأواخر" بِكَثْرة دخولها وخروجها للأسواق.

    وهي وفيَّة لِزَوْجها يوم أن قالتْ: إنَّ الذِّكر وقراءة القرآن واستغلال رمضان، لا يجتمعان أبدًا في بيتٍ مع ملاهِي الشيطان، فقُم وتوكّل على الله، وطهر البيت لتحل علينا ملائكة الرَّحمن، ويرحل مَرَدة الجانّ، وما هيَ إلا عزيمة وإرادة، وخوف وتوبة، ومَن ترك شيئًا لله عَوَّضه الله خيرًا منه.

    وإعجاب وإكبار لك - أيُّتها الصالحة - وأنت في المدرسة والعمل، فها أنت قد حرصت كل الحرص على إتقان العمل وإخلاصه لله ليتم صومك، فأنت تخافين من خيانة الأمة التي وكلها الله لك.
    فكلنا إعجاب وإكبار يوم أن جاءت بناتنا وأخواتنا ليُحَدثن أنك تكلمت عن فضائل هذا الشهر، وكيفية استغلاله والحرص عليه.

    وأنك قُمت بِوَضع مسابقة رمضانيَّة لتَفقيه الطالبات بأحكام الصيام.

    وأنك أهديت لكل واحدة منهن شريطًا لتعليم آداب الصيام وأحكامه.

    وأنت ما تفتئين تذكرينَ بثمرة الصيام وسره العظيم تقوى الله، ومراقبته في السر والعلن، وأنها العبادة الوحيدة التي خصها الله لنفسه؛ لأنها عبادة خفية بينك وبينه، فلا أحد يعلم عن حقيقة صومك.
    إنك - أيتها المخلصة - لا تَتَصَوَّرين عظيم فرحتي، وأنا أسمع هذه الكلمات تَتَرَدَّد على ألسنة البنات.

    إعجاب أُسَطِّره لك - أيتها المعلمة - وأنا أرى أختي وابنتي، وقد حرصن على الصيام في رمضان، وعلى الصلاة والقيام وكثرة الأعمال، فيحضرني قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الدال على الخير كفاعله)) وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((فوالله، لئن يهدي الله بك رجلاً واحدًا، خيرٌ لك من حمر النعم))[21]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ومَن سَنَّ في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها، وأجر مَن عمل بها من بعده))

    فما أملك إلاَّ أن أرفع يدي قائلاً: اللهُمَّ لا تحرم تلك المعلمة أجر تلك الأعمال، فتتوارد الأدعية لك أيتها الصادقة، وتفيض تلك الدمعة لِحُسن رعايتك للأمانة.

    وحملك همَّ إصلاح الأخريات، فشكر الله سعيك، وبارك فيك، وأَجْزل لك المثوبة، فأنت أهل لذلك، فأبْشِري بالقبول بإذْن الله، قبول الصيام والقيام والعتق منَ النيران، ودخول الجنان والفوز بِرَمضان.

    كل ذلك بِفَضل ورحمة منَ الكريم المنان، ثم بِفَضل ما فعلت وقدمت، ابتغاء وجه الله، وهكذا فلتكن المرأة المسلمة في رمضان.

    الصورة السابعة:

    رأيته وسلمتُ عليه، فأجْهَش في البكاء، وفاضت عيناه بالدَّمع، أوجست في نفسي خيفة، قلت: ابتلي بموت قريب، أو حبيب له أصيب، فقال بصوت كئيب: جبر الله مصيبتك خروج رمضان، انكسر قلبه، وهطل دمعه، وانتحب صوته، وقلت: سبحان الله لكل محب حبيب، ورمضان حبيب الصالحين.

    يَا شهر رمضان ترفق، دموع المحبين تدفق، قلوبهم مِن ألم الفراق تشقق، رحل رمضان، ورحيله مَرَّ على الصالحين، بين الجوانح في الأعمال سكناه، فكيف أنسى ومَن في الناس ينساه، في كل عام لنا لقيًا محببة، يهتز كل كياني حين ألقاه.

    بالعين والقلب بالآذان أرقبه، وكيف لا؟ وأنا بالروح أحياه، ألقاه شهرًا ولكن في نهايته، يمضي كطيف خيال قد لمحناه، في موسم الطهر في رمضان الخير تجمعنا، محبة الله لا مال ولا جاه.

    من كل ذي خشية لله ذي ولع، بالخير تعرفه دومًا بسيماه، قد قدروا موسم الخيرات فاستبقوا، والاستباق هنا المحمود عقباه، صاموه قاموه إيمانًا ومحتسبًا، أحبوه طوعًا، وما في الخير إكراه، فالآذان سامعة والعين دامعة، والروح خاشعة، والقلب أَوَّاه، وكلهم بات بالقرآن مندمجًا، كأنه الدم يسري في خلاياه، فوداعًا يا رمضان، وإلى أن نلقاكَ في عام قادم - إن شاء الله -

    اللهم تقبل منا رمضان، واجعلنا منَ الفائزين بِرَمضان.

    هذه بعض صور ومواقف للفائزين برمضان، سلكوها على سبيل المثال، والحصر يصعب، وهي غيض من فيض، ومحبوا الخير كثير، وأبواب الخير كثيرة، ولكنها مشاهد ومواقف لبعض الصالحين والصالحات، ذكرناها لأسباب سبقت.

    فيا باغي الخير أقبل، فرمضان فرصة لا تَتَكَرَّر وموسم قد لا يعوض، فالبدار البدار قبل فجأة موت، أو مصيبة مرض، وعندها لا ينفع الندم.

    قال تعالى: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد: 21]، فالسَّعيد مَن أدرك رمضان فغفر له،
    قال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 133، 134].


    وسائل الفوز برمضان:

    وعند الختام نذكر بعض المسائل التي تعين على الفوز برمضان، وتُساعد على استغلال أيامه ولياليه، وسوف نسردها للذِّكرى، فإن الذِّكرى تنفع المُؤمنين.

    أولاً: المجاهدة:

    قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69]،
    فمَن أراد الهداية وأراد الاستقامة، فليجاهد هذه النفس وليقبل على الأسباب، فإن أقبلنا أقبل الله - عز وجل - علينا، أمَّا التَّمَني فهو رأس مال المفاليس، نعوذ بالله من حالهم وحال إبليس.

    ثانيًا: الهمة والعزيمة
    :
    قال ابن الجوزي: مِن علامة كمال العقل عُلُو الهمة، والرَّاضي بالدُّون دَنِيء:

    ثالثا: معرفة فضائل الشَّهر ومزاياه:

    فإنَّ من عرف شيئًا اهتم به وحرص عليه، ولو لم يكن فيه سوى ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، لَكَفَى.

    رابعا: قلة أيامه، وسرعة ذهابه:

    وصَدَق الله - عز وجل - إذ قال: {أَيَّامًا مَعْدُودَات} [سورة البقرة: 184].

    بالأمس القريب يهنئ بعضنا بعضًا بِقُدُوم الشهر، واليوم نُعَزي بعضنا بعضًا بخروجه، وهكذا الأيام تعمل فينا ولا نعمل فيها، وهكذا العمر يمضي كأنه أيام.

    خامسًا: التَّنَافُس:

    الصالحون تنافسوا في الخيرات، ففازوا بالحسنات، وأنت أيها المسكين، ما زلت أسيرًا للشهوات وعبدًا للذَّات، وصدق الله يوم أن قال: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} [فاطر: 32].

    سادسًا: تذكر الموت، والحذر من فجأته: فقد لا تدرك رمضان آخر، فانْتَبه لنفسك.

    خاتـمة:

    هذه مناجاة مُتَهجد، ونفثات صدر، وأشجان قلب، وخلجات نفس، وكلمات ناصح، ودمعات محب، وهي حديث أنس، وصدقة قائم، ومشاعر صائم.

    بل هي - والله - آهات متوجع، وأنات مذنب، وزفرات مقصر.

    سبحانك خالقي، فأنا تائب إليك فاقبل توبتي، واستجب دعائي، وارحم شبابي وأقل عثراتي، ولا تفضحني بالذي قد كان مني، اللهم استر عيوبنا، يا حي يا قيوم، اللهم ارحمنا برحمتك، اللهم اجعلنا منَ الفائزينَ برمضان.

    اللهم اجعلنا ممن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، فغفرت له ما تَقَدَّمَ من ذنبه، اللهم اجعلنا ممن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، فغفرت له ما تَقَدَّمَ من ذنبه، اللهم اجعلنا من الفائزين برمضان.

    سبحانك الله وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

    وصل اللهم وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

    #########################################
    هذه مقتطفات من مقال لفضيله الدكتور / أبراهيم الدويش

    ########################
    جزاكم الله خيرا
    ::
    ::
    ولا تنسونا من صالح دعائكم


    عدل سابقا من قبل sadekalnour في الخميس أبريل 20, 2023 11:33 am عدل 1 مرات
    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5386
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود فضيله الدكتور / أبرهيم الدويش

    مُساهمة من طرف صادق النور الثلاثاء أبريل 26, 2022 10:57 pm


    فضيله الدكتور / إبراهيم بن عبد الله الدويش

    الشيخ الدكتور إبراهيم بن عبد الله الدويش إمام وخطيب جامع الملك عبد العزيز بمدينة الرس - القصيم وأستاذ قسم السنة بجامعة القصيم, داعية معروف له اهتمام فائق بأمور المسلمين, ويهتم الشيخ بجانب التربية على اختلاف أنواعه.

    من مواليد محافظة الرس بمنطقة القصيم في المملكة العربية السعودية عام 1384هجري

    درس البكالوريوس في قسم الدراسات الإسلامية في كلية التربية بجامعة الملك سعود
    حصل على الماجستير بامتياز في السنة وعلومها من قسم السنة بكلية أصول الدين في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في تحقيق وتخريج ودراسة جزء من أحاديث مسند أبي داوود الطيالسي
    حصل على درجة الدكتوراة من نفس القسم بامتياز في تخريج ودراسة اسانيد أحاديث واثار جزء من مجموعة فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية

    له مشاركات كثيرة في المحاضرات والندوات والمؤتمرات المحلية والعالمية
    يعمل استاذا مساعدا في قسم الدراسات الإسلامية بكلية المعلمين بالرياض
    امام وخطيب جامع الملك عبد العزيز في الرس ويقوم بتدريس عدد من الكتب والمتون العلمية بالجامع المذكور اسبوعيا
    مؤسس ورئيس مركز رؤية للدراسات الاجتماعية وهو أول مركز خيري للدرسات بالمملكة العربية السعودية
    #################################################
    لا تنسونا من صالح دعائكم

    avatar
    انهار الجنه


    عدد المساهمات : 228
    تاريخ التسجيل : 07/03/2010

    محمد عبد الموجود الفائزون في رمضان

    مُساهمة من طرف انهار الجنه الخميس أبريل 20, 2023 11:29 am

    الفائزون في رمضان

    هم الذين أدركوا معني الصوم وخصوصيته ومعني الشهر وامتيازه وهم الذين فقهوا أحاديث الرسول العظيم صلي الله عليه وسلم حول صيام وقيام رمضان:

    عن أبي هريرة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال:
    (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).

    وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال :
    (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه)
    متفق عليه.

    وهم الذين تعرضوا لنفحات الله تعالي في هذه الأيام المباركة التي خصّها الله بالذكر والتنبيه وقد قسّمها الرسول صلي الله عليه وسلم إلي ثلاثة أقسام فأخبر عن رمضان أن
    أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار.

    الفائزون هم الذين حرصوا من بداية الشهر علي ألا يُحرموا «ليلة القدر» وهي الليلة العظيمة التي قال عنها ربنا تعالي :

    ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّي مَطْلَعِ الْفَجْرِ)
    «القدر»

    والتي حذّر النبي صلي الله عليه وسلم من فواتها وتضييع الأجر فيها فقال:
    «من حرمها فقد حرم الخير كله»
    .

    وكيف لا ؟ وهي التي يستجيب الله فيها الدعاء، وتتنزل فيها الرحمات ويحطّ الله عنا السيئات، ويمحو الخطايا، ويقبل التائبين.

    ولحكمة بالغة أخفاها الله عنا معشر المسلمين لنجتهد في تحصيلها من بداية الشهر الفضيل، وإلي نهايته، ويزداد اجتهادنا في العشر الأواخر منه حيث يعوّض المتأخرون ما فاتهم ويواصل المجتهدون نشاطهم، فيتأسوا بالرسول العظيم صلي الله عليه وسلم الذي كان يشدّ المئزر ويوقظ أهله ويحيي الليل كله.

    الفائزون في رمضان هم الذين أحيا القرآن قلوبهم، فتدبروا آياته وتوقفوا عند معاني القرآن، وأحسنوا الصلة بكتاب الله عز وجل فصار سلساً علي ألسنتهم، مؤثراً في أفئدتهم، قريباً من أسماعهم، فغيّرهم وغيّر مفاهيمهم وسلوكهم كما غيّر الصحابة رضوان الله عليهم.

    الفائزون في رمضان هم الذين أدركوا معني الإيمان والاحتساب للأجر عند الله تعالي. فهم صدقوا وأيقنوا بأن صومهم سر بينهم وبين ربهم لا يطلع عليه أحد من الخلق ولا يراؤون به الناس.

    وهم الذين يعلمون أن الأجر الحقيقي هو ما خبأه الله لهم فإن الصوم له وهو الذي يجزي به، وإنما يوفّي الصابرون أجرهم بغير حساب، والصوم نصف الصبر.

    هم الذين حققّ الله الفرحة في قلوبهم عند فطرهم وعند لقاء ربهم. هم الذين حصلوا علي الجائزة مع انتهاء شهر الصوم فكان عيد الفطر لهم عيداً، ليس ككل الأعياد ولكنه انتهاء الامتحان وظهور النتائج وبيان نتائج الأعمال، فيفرحون لتوفيق الله لهم، ويخرجون صدقة فطرهم لتطهير أعمالهم من أي نقص أو تقصير.

    الفائزون في رمضان هم الذين بدأوا الشهر مبكراً، فاستعدوا له قبل قدومه وعقدوا النيّة علي تحصيل فوائد الشهر العظيم،
    فبدأوا صومهم وقيامهم بهمة وعزم أكيد، ثم واصلوا النشاط طوال الشهر بنفس الهمة القوية والعزيمة الأكيدة فلم يفتر نشاطهم
    ولم يفلح الشيطان في صرفهم عن عباداتهم وأعمالهم،
    وختموا الشهر بهمة أكبر ونشاط أشدّ وعزيمة أقوي، لا يضيعون من الأوقات الثمينة دقيقة واحدة في غير رضوان الله تعالي، فاجتهدوا في أيام العشر وتهجدوا طويلاً وبكوا بين يدي الله حسرة علي الشهر الذي يكاد ينقضي ولا يعلمون هل يأتي عليهم رمضان القادم وهم من أهل الدنيا أم من أهل القبور، وهل سيكونون من أهل الصحة والعافية القادرين علي الصيام والقيام أم تقعدهم الأمراض والشيخوخة، نسأل الله العفو والعافية.

    الفائزون في رمضان هم الذين تلهج ألسنتهم بالدعاء الذي علّمه الرسول صلي الله عليه وسلم لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
    «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني»
    فلا يرون لأنفسهم فضلاً، ولا يرون لأعمالهم ذكراً، ولا يشعرون إلا بالتقصير في جنب الله تعالي، فيشتدون في الدعاء أن يجبر الله تقصيرهم ويعفو عن زلاتهم ويشملهم برحمته، فلن يدخل أحدكم الجنة عمله كما قال الرسول صلي الله عليه وسلم، إلا أن يتغمدني الله برحمته.

    الفائزون في رمضان هم الذين اكتشفوا المؤامرات الشيطانية لإفساد الليالي والأيام الرمضانية، فلم تلههم عن واجباتهم في رمضان ولم تصرفهم عن القيام والذكر والدعاء فقد حولوا شهر الجوع والعطش إلي شهر الطعام والشراب والولائم والموائد الممتدة، وبدلاً من الانكباب علي المصاحف إذا بالمسلمين ينشغلون بين المطابخ والفنادق والنوادي.

    وقد حولوا شهر السهر بين يدي الله خاشعين متبتلين إلي شهر السهرات الطويلة أمام التليفزيون من مسلسل إلي مسلسل ومن برنامج إلي برنامج وياليتها تفيد، بل هي لكشف ستر الله علي العصاة وللنميمة والغيبة والعراك والشقاق، وكأنهم يتعمدون أن يغيظوا المؤمنين الذين يتحسرون علي رفع تعيين ليلة القدر بسبب المشاحنة فإذا بهم يحولون الليل في رمضان إلي مشاحنات وخناقات.

    وبعد أن انقضي عهد الفوازير التي لم تكن تأخذ دقائق معدودات إذا نحن في عهد المسلسلات التي وصل عددها إلي العشرات وقاربت المائة لتفسد علي الناس صومهم وقيامهم وتلاوتهم بالساعات.

    الفائزون في رمضان هم الذين صاموا وقاموا وأقبلوا علي القرآن وتدبروا فهماً وعملاً ودعوة، وهم الذين تضرعوا بين يدي الله طويلاً واجتهدوا في الدعاء لأنفسهم وأزواجهم وذرياتهم وللمسلمين والمسلمات عسي الله أن يتقبل منهم ويستجيب لهم.

    الفائزون في رمضان هم الذين تخلصوا من شح أنفسهم وأخرجوا زكواتهم وصدقاتهم للفقراء الحقيقيين الذين لا يسألون الناس إلحافاً وتحسبهم أغنياء من التعفف وتواصلوا مع أرحامهم خاصة ما انقطع منها طوال العام.

    الفائزون في رمضان هم الذين تزودوا من رمضان لبقية العام، فشحنوا بطارية الإيمان وتخلقوا بأخلاق المحسنين وغيروا من أنفسهم لعل الله يغيّر ما بهم مع إخوانهم في فلسطين وباكستان والعراق والصومال واجتهدوا في الدعاء والتطوع بالأموال لإغاثة هؤلاء المنكوبين.
    *******************************************************
    اللهم أجعلنا من الفائزين في رمضان وأعتق رقابنا ورقاب أبائنا وأمهاتنا وأولادنا وبناتنا وأخواتنا وأخواننا وأعمامنا وعماتنا وأخوالنا وخالاتنا وأجداننا وجداتنا وكل من له رحم بنا وأحبابنا وأصدقائنا ومعارفنا وكل من عرفنا وعرفناه وكل المسلمين والمسلمات
    اللهم أعتق رقابنا من النار وأجعلنا من عتقاء هذا الشهر المبارك
    اللهم أكتبنا من الصائمين القائمين الراكعين الساجدين
    اللهم يمن كتابنا ونور قبورنا وأرفع درجاتنا وأنزلنا منزلاً كريما
    اللهم أحقن دماء المسلمين وألف بين قلوبهم وردهم إلي دينك رداً جميلا

    اللهم آمين

    صادق النور و انهار الجنه يعجبهم هذا الموضوع


      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد نوفمبر 24, 2024 6:26 pm