آل راشد



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

آل راشد

آل راشد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
آل راشد

ثقافى-اجتماعى

*** - اللَّهُمَّ اَنَكَ عَفْوٍ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعِفُو عَنَّا - *** - اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك . *** - اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ الْمَوْتِ وَ ارْزُقْنَا حُسْنَ الْخَاتِمَةِ . *** -

إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا شَابَتْ عَبِيدَهُمْ.. .. فِي رِقِّهِمْ عَتَقُوهُمْ عِتْقَ أَبْرَارٍ .. .. وَأَنْتَ يَا خَالِقِيُّ أوْلَى بِذَا كَرَمًا.. .. قَدْ شُبْتُ فِي الرِّقِّ فَأَعْتَقَنِي مِنَ النَّارِ .

المواضيع الأخيرة

» خطر الشرك والخوف من الوقوع فيه
الأعداء الثلاثة  (الهوى والنفس والشيطان) Ooou110اليوم في 3:17 pm من طرف عبدالله الآحد

» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأعداء الثلاثة  (الهوى والنفس والشيطان) Ooou110اليوم في 12:53 pm من طرف صادق النور

» إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بأن الشرك سيظهر في هذه الأمة بعد إخفائه واندحاره
الأعداء الثلاثة  (الهوى والنفس والشيطان) Ooou110أمس في 2:19 pm من طرف عبدالله الآحد

» فضل توحيد الله سبحانه
الأعداء الثلاثة  (الهوى والنفس والشيطان) Ooou110الجمعة نوفمبر 22, 2024 3:20 pm من طرف عبدالله الآحد

» وجوب الدعوة إلى توحيد الله سبحانه
الأعداء الثلاثة  (الهوى والنفس والشيطان) Ooou110الخميس نوفمبر 21, 2024 3:00 pm من طرف عبدالله الآحد

» كتاب الترجيح في مسائل الطهارة والصلاة
الأعداء الثلاثة  (الهوى والنفس والشيطان) Ooou110الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد

» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
الأعداء الثلاثة  (الهوى والنفس والشيطان) Ooou110الأربعاء نوفمبر 20, 2024 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد

» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
الأعداء الثلاثة  (الهوى والنفس والشيطان) Ooou110الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد

» العبادة وأركانها
الأعداء الثلاثة  (الهوى والنفس والشيطان) Ooou110الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد

» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
الأعداء الثلاثة  (الهوى والنفس والشيطان) Ooou110الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد

اهلا بكم

الثلاثاء نوفمبر 08, 2011 2:32 am من طرف mohamed yousef

الأعداء الثلاثة  (الهوى والنفس والشيطان) Ooousu10

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 39 عُضو متصل حالياً :: 3 عُضو, 0 عُضو مُختفي و 36 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحث

انهار الجنه, صادق النور, عبدالله الآحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الأربعاء سبتمبر 15, 2021 4:26 am

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 10134 مساهمة في هذا المنتدى في 3409 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 315 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو زكية فمرحباً به.

دخول

لقد نسيت كلمة السر

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع


    الأعداء الثلاثة (الهوى والنفس والشيطان)

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5386
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود الأعداء الثلاثة (الهوى والنفس والشيطان)

    مُساهمة من طرف صادق النور الثلاثاء أبريل 26, 2022 11:34 pm


    بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي سيد المرسلين

    :::::: :::::::: ::

    الأعداء الثلاثة
    (الهوى والنفس والشيطان)

    فيقول ربُّنا - جل وعلا -: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ *
    مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ *
    إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾
    [الذاريات: 56 - 58].

    في هذه الآية الكريمة يُبيِّن الله - تعالى - أنه خلق العباد لعبادته، وقد تكفَّل بأرزاقهم، وسخَّر لهم ما في الأرض؛
    قال ابن كثير - رحمه الله - في تفسيره: (ومعنى الآية: أنه - تبارك وتعالى - خلق العباد ليَعبدوه وحده لا شريك له؛ فمَن أطاعة جازاه أتمَّ الجزاء، ومَن عصاه عذَّبه أشدَّ العذاب، وأخبر أنه غير مُحتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم؛ فهو خالقهم ورازقهم).

    وقال في تفسيره أيضًا: (وقد ورَد في بعض الكتب الإلهية: يقول الله - تعالى- : "ابنَ آدم، خلقتُك لعبادتي فلا تلعَب، وتكفَّلْتُ برزقك فلا تَتعَب، فاطلُبْني تَجدْني، فإن وجدَتني وجدتَ كل شيء، وإن فُتُّكَ فاتَك كل شيء، وأنا أَحبُّ إليك مِن كل شيء").
    ولا شك أن مَن أقبل على الله وفرَّغ نفسه لعبادة ربه فإنه يُيسِّره لليُسرى، ويُجنِّبه العُسرى، ويَرزقه مِن حيث لا يحتسب، وليس معنى تفرُّغه أن يجلس ويَنقطع عن طلب الرزق الحلال من أبوابه المشروعة، ويَبقى عالةً على غيره، وَيُضيِّع مَن يقوت، وإنما المطلوب أن يَعبد الله وحده ويعمل على بصيرة من أمره، وأن يكون عمله لله فيما يأتي ويَذر، حتى تكون أعماله الدينيَّة والدُّنيوية لله؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: ((كفى بِالمرْء إِثمًا أن يضيِّع مَن يقوت))، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((وابدأْ بمَن تَعول)).

    كما أنَّ أحدَنا يأتي شَهوته ويكون له فيها أجر؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم: ((وفِى بُضْعِ أحدكم صدقة))، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجرٌ؟ قال: ((أرأيتم لو وضعها فِى حرامٍ أكان عليه فيها وزرٌ؟ وكذلك إذا وضعها فى الحَلال كان له أجرٌ)).
    كما أن العادات قد تَنقلِب إلى عبادات إذا صلَحت النيَّة؛ فقد ينام العبد وينوي بنومه التَّقَوِّي على قيام الليل، ويَغرسُ غرسًا فيؤكل منه فيكون له صدقة، وهذا مِن فضل الله على عبده المسلم؛ ففي الحديث عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما مِن مسلمٍ يغرِس غرسًا، أو يزرع زرعًا، فيأكل منه طيرٌ أو إنسانٌ أو بهيمةٌ؛ إلا كان له به صدقة)).
    فيَنبغي استحضار النية الصالحة في جميع الأعمال، حتى في الحِرَف والصناعات التي يحتاج إليها الناس، فيكون ذلك مِن باب التعاون على البر والتقْوى.
    والمرء في هذه الحياة في صراع وجهاد مع أعداء ثلاثة؛ هم: الهوى، والنفس، والشيطان، ولا بدَّ له مِن الاستعداد لمُجاهَدة كل عدو بما يناسبه من سلاح؛ ولذا سوف نتطرَّق إلى شيء يسير مما يتعلَّق بهؤلاء الأعداء.



    العدو الأول: الهوى:

    الهوى: هو مَيل النفس إلى الشيء، وميل الطبْع إلى ما يُلائمه، وسُمِّي: هوى؛ لأنه يَهوي بصاحبه.

    والهوى كما قيل: يُعمي ويُصمُّ، يُعمي عن النظر في الحق وإن كان مشهورًا، ويُصمُّ عن سماعه وإن كان واضحًا؛ لأن الهوى قد سيطر على آلة البصر والسمع، وتجاهَل وجودهما وإدراكهما، وأصبح الهوى هو المتصرِّف والمُسيطِر، وأصبح صاحبه إنما يأتمر بهواه.
    ولذا، فإن صاحب الهوى يظلُّ يتخبَّط في مهاوي التِّيه والضَّلال، لا يَعرف معروفًا، ولا يُنكر منكرًا، لا يُحقُّ حقًّا، ولا يُبطل باطلاً، إلا ما أُشرِب مِن هواه.
    قال ابن كثير - رحمه الله - في قول الله - تعالى -: ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ ﴾ [الجاثية: 23] أي: إنما يأتمر بهواه، فمَهما رآه حسنًا فعله، ومهما رآه قبيحًا ترَكه، ثم قال - تعالى -: ﴿ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً ﴾ [الجاثية: 23]، أي: فلا يَسمع ما ينفعه، ولا يَعي شيئًا يَهتدي به، ولا يرى حُجَّة يَستضيء بها؛ ولهذا قال - تعالى -: ﴿ فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الجاثية: 23].

    واتِّباع الهوى قد يكون سببه الحسد؛ كما حصل مِن اليهود مع نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - حين بُعث مِن العرب؛ فقد صدَّهم الهوى عما يدعوهم إليه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم.
    قال ابن كثير - رحمه الله - في تفسيره على قول الله - جلَّ وعلا -: ﴿ وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 89]، قال - بعد كلام ساقه رحمه الله -:
    (وقال أبو العالية: كانت اليهود تَستنصِر بمحمد - صلى الله عليه وسلم - على مُشركي العرب، يقولون: اللهم ابعث هذا النبي - الذي نجده مكتوبًا عندنا - حتى نُعذِّب المشركين ونقتلهم، فلما بعث اللهُ محمدًا - صلى الله عليه وسلم - ورأوا أنه مِن غيرهم كفَروا به حسدًا للعرب، وهم يعلمون أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم؛ فلذا قال الله - تعالى -: ﴿ فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 89].

    وقد يَرجع اتِّباع الهوى إلى التكذيب والاستكبار والقتل بغير حق، فقد ذمَّ الله اليهود لاتِّباعهم لأهوائهم؛ قال - جل وعلا -: ﴿ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ﴾ [البقرة: 87].
    وأصْل الحسد والكِبر من إبليس حين امتنَع مِن السجود لآدم - عليه الصلاة والسلام - لما أمر الله الملائكة بالسجود لآدَم؛ فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر، قال الله - تعالى -: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 34].
    فالكِبر والحسد مما يَحمل على اتِّباع الهوى، ولا شك أنهما من الخصال المذمومة والمؤدية بصاحبها إلى الهلاك في الدنيا والآخِرة.
    ومما يَحمل على اتِّباع الهوى: حبُّ الرئاسة والحِفاظ عليها، فيرى مُتَّبعه أن انقياده لبعض الأمور المحمودة والصالحة يُفوِّت عليه بعض مصالحه الدنيوية المُكتسَبة مِن هذه الرئاسة فيتركها إيثارًا لمَصالِحه الدنيوية.
    وقد يَحمل غيره ممَّن يُجامِله على ارتكاب بعض المحظورات، ويزيِّن له ذلك ويُشجِّعه، وإن كان يَعلم في قرارة نفسه أن ما ارتكَبه هذا الشخص محرَّم؛ كالرِّشوة والغِيبة والنميمة؛ حيث يرى مُتَّبِع الهوى أن له في ذلك مصلحةً دُنيويةً، وأنه بإنكاره على هذا المُجامِل له يُفوِّتُ على نفسه بعض المصالح، فيَحمله اتِّباع الهوى على السكوت؛ بل على التشجيع حفاظًا على رئاسته ومنزلته فيها.
    وقد يَزعم أنه مُصلح وغيره ممَّن أتى بالحق مُفسِد؛ كما قال - جلَّ وعلا - عن فرعون: ﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ ﴾ [غافر: 26].

    ومنها الجاه والمَنزلة في المُجتمَع؛ فقد يُبتلى البعض من الناس بالحرص على هذه الأمور، والحِفاظ عليها، فيَرتكب بعض المنهيات تعصُّبًا؛ للحفاظ على هذه المنزلة، فلا يَقبل التوجيه فيما يُلاحَظ عليه؛ لأنه يرى أن انصياعَه لما يوجَّه إليه يقلِّل مِن منزلته في عيون الآخَرين، فيَحمله ذلك على اتِّباع الهوى، مع معرفته ويقينه أن ما هو عليه باطل؛ إيثارًا للعاجل في الدنيا والزائل على الآجِل في الآخِرة والباقي.

    ومنها الاغتِرار بالعلم؛ فقد يكون مِن أنصاف المتعلِّمين مَن يقول في مسألة مَرجوحة فيُعارضه غيره ممَّن لديه الدليل الراجِح، وقد يكون مِن تلامذته أو ممَّن هو أقل منه منزلةً في العِلم، إلا أن الدليل معه، فتثور ثائرة هذا المتعصِّب لرأيه؛ احتقارًا لمعارضه، وتعصُّبًا لرأيه؛ حِفاظًا على سمعته، وهذا مِن البلوى لدى كثير مِن المتعلِّمين، مع أن مِن ثمرات العلم قَبولَ الحق ممن جاء به، بصرف النظر عن منزلته؛ فالحِكمة ضالَّة المؤمن يأخذها أين وجدها.

    ومنها ترويج السِّلَع والدعايات الكاذبة؛ وما أكثرها في هذه الأزمنة؛ فقد تفنَّن الكثير في الدعايات وخِداع الناس بالإعلانات اللافِتة للنظَر، والبرَّاقة، ووضع الجوائز لمن يَشتري كذا فله كذا، أو التَّخفيضات إلى نِسبة كذا في المائة، أو ما يُسمَّى: بتحطيم الأسعار؛ كل ذلك خِداع ومكْر وتضليل للسُّذَّج من الناس، فلولا ترويج السلعة لم يَنشُر هذه الإعلانات الباهظةِ الثمن، ويَعرض الجوائز، ويُخفِّض السلع؛ إلا بعد أن عرَف أنه أخذ مُقابل ذلك مِن أموال المُستهلِكين بالزيادة في الأثمان.
    وإلا فكيف يَبيع السلعة في أول الأمر بمائة مثلاً، وفي آخِر الأمر يَبيعها بخصْم خمسة وعشرين مِن المائة، أو بخصْم خمسين من المائة؟

    فهل هذا إحسان لمَن يتأخَّر في الشراء؟! أو خِداع لمَن يتقدَّم بالشراء؟! مع أن السِّلعة واحدة، فلا شك أن ذلك مِن اتباع الهوى لكسْب الأموال الطائلة على حساب السذَّج مِن المُستهلِكين، أرجو الله أن يَحميهم بالمسؤولين المُخلِصين، وأن يَهدي أصحاب الأموال إلى النظر فيما يأتون ويذرون في تصرفاتهم؛ حتى تكون على نهْج سليم، لا مكْر فيه ولا خِداع ولا تَضليل،
    وحتى يكون المجتمع مُتماسِكًا سليم الصدور فقيره وغنيُّه، يَسير في تصرُّفاته على نهْج نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي ما ترَك خيرًا إلا دلَّ أمَّته عليه، ولا شرًّا إلا حذَّرها منه؛ فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن غشَّنا فليس منَّا))، وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: نَهى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ النَّجشِ، وهو: أن يزيد في السلعة مَن لا يُريد شراءها؛ إما لنفْع البائع، أو مضرَّة المشتري.

    ثم اعلم أن السلاح للوقاية من اتباع الهوى أن يُفكِّر العبد:

    مِن أي شيء خُلق؟!

    وكيف تدرَّج في رحم أمِّه؟!

    وبعد أن خرج إلى هذه الدنيا ماذا يَحمِل في بطنِه؟!

    وكيف يصير إذا مات ووُضِع في قبره؟!

    وبعد البعث إلى أين يصير إلى الجنة أم إلى النار؟!

    كل ذلك ليَعرف منشأه ومصيره، فيحمله ذلك إلى معرفة ما خُلق له، فيعمل بأوامر الله ويَنتهي عن نواهيه، حتى يسعد في دنياه وأُخراه.

    وأخيرًا: فالهوى ما خالَط شيئًا إلا أفسده، فعلى العبد أن يَحذَره كلَّ الحذَر؛ حتى لا يُفسِد عليه أعماله الصالِحة فتَضيع هباءً منثورًا.


    العدو الثاني: النفْس:

    ومِن الأعداء التي تَعترض العبد في هذه الدنيا: النفْس التي بين جنبَيه وداخل كيانه، وهي العدو اللَّدود؛ لأنها تأمُر بالسوء؛ ولذلك تسمَّى بالنفس الأمارة بالسوء، فهي تَميل للشهوات، وتَكره القُيود، وتحبُّ الانفلات والتحرُّر مِن كل ما تُمنَع منه، وتَضيق ذَرعًا إذا أُلزمتْ بأمر مِن الأمور.

    وقد تكلَّم ابن القيم - رحمه الله - عن أنواع النفْس، وتكلَّم على كل نوع، فبعد أن ذكَر صفَة النفس المُطمئنَّة وصِفة النفس اللَّوامة فقد ذكَر صفة النفس الأمارة بالسوء، فقال - رحمه الله -: (وأما النفس الأمَّارة فهي المَذمومة؛ فإنها التي تأمُر بكل سوء، وهذا مِن طبيعتها، إلا ما وفَّقها الله وثبَّتها وأعانها، فما تخلَّص أحد مِن شرِّ نفسه إلا بتوفيق الله له، كما قال تعالى - حاكيًا عن امرأة العزيز -: ﴿ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [يوسف: 53].

    وقال - رحمه الله -: (وقد امتحَن الله - سبحانه - الإنسان بهاتَين النَّفسَين الأمارة واللوَّامة، كما أكرَمه بالمُطمئنَّة، فهي نفْس واحدة، تكون أمَّارةً ثمَّ لوامةً ثم مُطمئنَّة، وهي غاية كَمالها وصلاحها، وأيَّد المُطمئنَّة بجُنود عديدة، فجعل المَلَك قرينَها وصاحبها الذي يَليها ويُسدِّدها، ويقذف فيها الحقَّ ويُرغِّبها فيه، ويُريها حسن صورته، ويَزجُرها عن الباطل، ويُزهِّدها فيه.

    إلى أن قال: وأما النفْس الأمارة فجعل الشيطان قرينها وصاحبها الذي يليها، فهو يَعِدُها ويمنِّيها، ويَقذف فيها الباطل، ويَأمُرها بالسوء، ويُزيِّنه لها، ويُطيل في الأمل، ويُريها الباطل في صورةٍ تَقبَلها وتَستحسِنها، ويمدُّها بأنواع الإمداد الباطل؛ مِن الأمانيِّ الكاذِبة، والشهوات المُهلِكة، ويَستعين عليها بهَواها وإرادتها.

    إلى أن قال - رحمه الله -: والمقصود التَّنبيه على بعض أحوال النفْس المطمئنَّة واللوَّامة والأمَّارة، وما تَشترِك فيه النفوس الثلاثة، وما يتميَّز به بعضها مِن بعض، وأفعال كل واحدة منها، واختِلافها، ومَقاصدها، ونياتها، وفي ذلك تنبيه على ما وراءه، وهي نفس واحدة، تكون أمَّارة تارة، ولوَّامة أُخرى، ومطمئنَّة أخرى، وأكثر الناس الغالب عليهم الأمَّارة.

    وأما المطمئنَّة فهي أقل النُّفوس البشرية عددًا، وأعظمها عند الله قدْرًا، وهي التي يُقال لها: ﴿ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر: 28 - 30].

    والخلاصة: أن الله - تعالى - منَح الإنسان الإرادة الحرَّة، ليَضعه موضع الامتحان، فإذا عمل خيرًا فإنه سوف يَرى خيرًا، ومَن عمل شرًّا فإنه سوف يرى شرًّا؛ كما قال - تعالى -: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7، 8].

    ومِن هذا نعلم أن منابع الخير والشرِّ لدى الإنسان موجودة في زوايا نفسِه، فكل ما يَعمل مِن أعمال ظاهرة - سواء كانت أعمالاً صالحةً أو أعمالاً سيِّئةً - فهي ثمرة ونتيجة لحرَكات نفسِه واندِفاعاتها واتِّجاهاتها الجازِمة.

    فلذا يَنبغي للعبد أن يتسلَّح بسلاح الإيمان القوي الذي لا يُخالطه شكٌّ ولا ريب للتخلُّص من هذه النفس، ويَحمل نفسه على معرفة الله بصفاته وأفعاله وآلائه ومحبَّته وإرادته، والإنابة إليه، والإقبال عليه، والشوق إليه، والأُنسِ به، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، وشُكرِه على نعمه وآلائه، حتى يكون الله وحده هو محبوبه وإلهه ومعبوده وغاية مَطلبه، وأن يُحقِّق قول الله - تعالى -: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5].
    وعلى العبد أن يُظهِر عجْز نفسه وذلَّها بين يدَي ربِّها الذي خلقها وسوَّاها وأطعَمها وسقاها، حتى تكون نفسه مطمئنَّةً، وحتى يَصدُق فيها قول الله - سبحانه وتعالى -: ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر: 27 - 30]، وذلك بفضْل الله ورحمته ومنِّه وكرمه.

    اللهم اجعل نُفوسنا مُطمئنَّةً إليك، راغبةً فيما عِندك، مُمتثلةً لأوامِرك، مُجتنِبةً نواهيك، اللهم إنا نعوذ بك مِن شُرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، إنك حسْبُنا ونِعم الوكيل.


    العدو الثالث: الشيطان:

    لا شكَّ أن عداوة الشيطان للإنسان قديمة قِدَم الإنسان؛ فهو قد نصَب العداء له منذ أن خلق اللهُ آدم - عليه السلام - بيده، ونفَخ فيه مِن روحه، ثم أمَر الملائكة بالسجود له، فرفض الشيطان أن يسجد؛ حسدًا لآدم - عليه السلام - قال - تعالى -: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا ﴾ [الإسراء: 61]،
    وقال - تعالى -: ﴿ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴾ [الأعراف: 12].

    لذا فقد أمرنا الله - تعالى - بأن نتَّخذ الشيطان عدوًّا؛ فقال - تعالى -: ﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [فاطر: 6].

    وعداوة الشيطان لابن آدَم ظاهِرة، ومَسالِكه في ذلك كثيرة؛ قال تعالى - إخبارًا عن إبليس -: ﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾ : 16، 1

    فالشيطان - عليه لعائن الله - حريص يَبذل جهده في إغواء العباد وصدِّهم عن صراط الله المستقيم بكلِّ ما يَستطيع، فما مِن طريق خير إلا وله فيه صدٌّ واعتِراض وتثبيط، وما مِن طريق شرٍّ إلا وله فيه ترغيب وتسهيل وتزيين وحثٌّ وتشجيع، فهو حريص على إيقاع بني آدم معه في النار، فيُحسِّن لهم الكفْر والمعاصي، ويَعِد ويُمنِّي؛

    قال الله - تعالى -:[color=#cc33cc] ﴿ يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ﴾
    [النساء: 120]، وقال - تعالى -: ﴿ وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ ﴾ [الأنفال: 48]، وقال - تعالى -: ﴿ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الحشر: 16]؛ فالشيطان يَعد ويمنِّي، فإذا وقع العبد في حبائله تخلَّى عنه وتبرَّأ منه.

    وإن مَظاهِر عداوة الشيطان للإنسان كثيرة جدًّا،
    فمنها: الوسوسة، ومنها: التحريش وإيقاع العداوة بين المسلمين، ومنها: الصدُّ عن ذكْر الله - تعالى،
    ومنها: الغضب والشَّهوة، ومنها: العجلة وترْك التثبُّت، ومنها: الشبَع مِن الطعام،
    ومنها: التكاسُل في الطاعات وارتكاب المحرمات، ومنها: الرفيق السيِّئ،
    ومنها: البُخْل، ومنها: الحسد، ومنها: التعصُّب للهوى والمذاهب، وغيرها مِن المداخل التي لا يسع المقام للتفصيل فيها.

    فالعاقل الناصح لنفسه عليه أن يعرف عدوه الذي حذَّره الله منه، فلا يَنخدِع بما يُزيِّن له الشيطان مِن مَعاصٍ؛ فهو عدو يوقع في المعصية ويتبرَّأ ممَّن وقَع في فخِّه؛ كما قال - تعالى -: ﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [إبراهيم: 22].

    فيَنبغي للعبد أن يتسلَّح بسلاح الإيمان، وأن يَكون حَذِرًا مِن هذا العدو في جميع أحواله، وأن يكون متمسِّكًا بكتاب ربِّه وسنَّة نبيِّه محمد - صلى الله عليه وسلم.

    كما يجب عليه أن يكون معتدلاً في أموره، لا إفراط ولا تفريط، سادًّا على الشيطان جميع المَنافذ التي يُمكن أن يدخل عليه منها؛ فإن الشيطان يشمُّ منافذ الضَّعف في العبد فيَأتيه منها، فقد يأتيه عن طريق الطاعة إذا لم يقدر عليه مِن طرق المعصية، فيُشكِّكه في عمله، ويُقلِّل مِن شأنه وإن كان متَّفقًا مع ما جاء به الشرع، فيَأمره بالزيادة والغلو حتى يَخرج مما شرع على لسان نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - فإن الشيطان يَجري مِن ابن آدم مجرَى الدم.

    فعلى العبد أن يتحصَّن مِن هذا العدو الشيطان بما شُرع مِن الأذكار والتعوُّذات، وكثرة الاستِغفار والمُحافَظة عليه، ويلجأ إلى الله ويدعوه بالدعوات المأثورة، بأن يَحفظه مِن عدوِّه بالتعوُّذ وقراءة القرآن، وخاصَّةً السور والآيات التي ورَدت في ذلك؛ كالمعوِّذتَين والإخلاص وآية الكرسي، ونحوها.

    وعليه أن يَحرص كل الحِرص على أن تكون أعماله متَّفقةً مع هدْي نبيِّه محمد - صلى الله عليه وسلم - حتى يَنال ثواب الله وفضْله وجنَّته بفضْل الله ورحمته، ويَسلم مِن عدوِّه الشيطان وحزبِه، والنار المعدَّة لعدوِّه وأوليائه ممَّن أطاع الشيطانَ وحِزبه.


    وختامًا: أقول:

    إن العبد في هذه الحياة لا يَدري مدَّة إقامته فيها؛ لذا ينبغي عليه أن يُبادِر بالأعمال الصالحة قبل فوات الأوان؛ يقول نبيُّنا - صلوات الله وسلامه عليه -: ((اغتنم خمسًا قبل خمسٍ؛ شبابك قبل هَرَمك، وصحَّتك قبل سقمك، وغِناك قبل فقرك، وفراغَك قبل شُغلك، وحياتك قبل موتك))،

    وكان ابن عمر - رضي الله عنهما - يقول: ((إِذا أمسيتَ فلا تَنتظرِ الصَّباح، وإِذا أصبحتَ فلا تنتظرِ المساء، وخذْ مِن صحَّتك لمرضك، ومِن حياتك لمَوتِك)).

    فإذا كان العبد بهذه المثابة، وأخَذ بهذه الوصايا، فإنه بذلك يكون على الدوام مُستحضِرًا ما لله عليه مِن حُقوق، عاملاً بأوامره مُجتنبًا لنواهيه، فتكون حياته سعادةً وسرورًا ولذَّةً وطُمأنينةً، فتلك جنَّة الدنيا، والطريق والوسيلة إلى جنَّة الآخِرة.

    فهذه الحياة الحقيقية التي يَنبغي للعبد أن يَحياها ويَلتزمها لينال سعادة الدنيا والآخِرة بفضل الله وكرمه.

    يقول أحد السلف: "لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم لجالَدونا عليه بالسُّيوف"؛ لِما هو فيه مِن لذَّة الطاعة وطمأنينة النفس، بخلاف ما عليه أصحاب المعاصي من شَقاء وعناء وتعبٍ ونكدِ عَيش،
    وإن تلذَّذ أحدهم ببعض الشهوات والمأكولات ومَجالس التَّرفيه فتلك قشور يُشاركه فيها معظم الحيوانات، وسرعان ما تَذبُل
    وتتبدَّل بأضدادها، وصاحبها في وقتها في قلقٍ عليها يَخاف مِن زوالها أو زواله عنها، فيَلقى الله وهو على تلك الحال السيئة،
    قد ختم له بخاتمة سوء، فهو لا يَدري متى تزول أو يزول عنها، هذا إذا كان لدَيه عقل يميِّز به.

    أما إن كان قد غَرق في بحر الجهل وأنْتان المعاصي، واسْوَدَّ قلبه مِن المعاصي، وران عليه ما كسب، فهو الذي لا يَعرف معروفًا ولا يُنكِر منكرًا؛ يقول - جل وعلا -:
    ﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [المطففين: 14].


    وفي الحديث عن أبي هُريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((إن العبد إذا أذنب ذنبًا كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب منها صُقل قلبه، وإن زاد زادتْ؛

    فذلك قول الله - تعالى -: ﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [المطففين: 14]))، وقال الترمذي حسن صحيح.

    ولا شكَّ أن للطاعات أثرًا في سعادة العبد في حياته، وللمعاصي تأثيرًا على العبد في حياته، يَعرِف ذلك مَن اتَّصف بصفات أهل السعادة، ومَن اتَّصف بصفات أهل الشَّقاوة، والسعيد مَن وفَّقه الله واختار لنفسه سعادة الدنيا والآخِرة، والشقي مَن اختار لنفسِه طريق الشَّقاوة فخَسِر دُنياه وأُخراه.

    واعلم - أخي - أن الله لا يَظلم الناس شيئًا، ولكنَّ الناس أنفسهم يَظلمون، فقد بيَّن الله - سبحانه وتعالى - طريق السعادة،
    ورغَّب في سلوكه، وطريقَ الشقاوة ونهَى وحذَّر مِن سُلوكه؛
    يقول - جل وعلا -: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]،

    ويقول - سبحانه وتعالى -: ﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ﴾ [طه: 123 - 126].



    • فالحياة الطيبة والحياة السعيدة هي حياة الطاعة لله، والإقبال عليه، والأُنسِ به - جل وعلا.

    • ونكَد العيش، وشَقاء الحياة؛ في ارتكاب المعاصي، والإعراض عن الله.

    والعبد لن يؤتى إلا مِن قِبَل نفسه؛ ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7، 8]،

    فعليه أن يَحتاط لنفسه؛ بعمل الصالحات، والبُعدِ عن الموبقات، ويطَّرح بين يدَي مولاه ومالكه، ويتضرَّع إليه بأن يوفِّقه لعمل الصالحات، وأن يجنِّبه السيئات، حتى يَفوز بخيرَي الدنيا والآخِرة؛
    يقول - جل وعلا -: ﴿ إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾ [الأنفال: 29].

    وفي الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنَّ الدُّنيا حُلوةٌ خضِرةٌ، وإنَّ الله - تعالى - مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتَّقوا الدُّنيا واتَّقوا النِّساء؛ فإنَّ أوَّل فتنة بني إسرائيل كانت في النِّساء))؛ رواه مسلم.



    فالعبد في هذه الحياة أمامه فرصة للعمل، والعمل يَحتاج إلى صيانته عن المؤثِّرات، ولا بدَّ مِن مُحاسَبة النفس قبل الحساب؛

    يقول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: ((حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسَبوا، وزِنوا أنفسكم قبل أن توزَنوا)).

    فعلى العبد أن يغتنم فرصة العمل؛ فاليوم عمل ولا حساب، وغدًا حساب ولا عمل.



    اللهم وفِّقنا للعمل بما يُرضيك، وجنِّبْنا مَساخِطك ومعاصيك، واختم بالصالحات أعمالنا، وتبْ علينا بمنِّك وفضلك،
    وارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
    ######################
    المقال لفضيله الشيخ عبدالعزيز بن محمد العقيل
    ***********************
    تابعونا

    ولا تنسونا من صالح دعائكم


    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5386
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود أثر أتباع الهوي

    مُساهمة من طرف صادق النور الثلاثاء أبريل 26, 2022 11:45 pm


    أثر اتباع الهوى



    إن فريقا من ذوي الضلالات الاعتقادية، لم يصدهم عن الحق جهل بالحقيقة، أو عامل من عوامل الانحراف الفكري، وإنما ضلوا بسبب هروبهم من الحق، إرضاء لشهوات نفوسهم، وإتباعا لرغباتهم وأهوائهم.



    والهوى كما عرفه الإمامان ابن القيم وابن الجوزي رحمهما الله هو( ميل الطبع إلى ما يلائمه)

    . وقيل( ميلان النفس إلى ما تستلذه من الشهوات، من غير داعية الشرع)



    وهذا الميل خلق في الإنسان لضرورة بقائه فإنه لولا ميله إلى المطعم والمشرب والمنكح، ما أكل ولا شرب ولا نكح، فالهوى مستحث لها لما يريده، كما أن الغضب دافع عنه ما يؤذيه، فلا ينبغي ذم الهوى مطلقا ولا مدحه مطلقا، وإنما يذم المفرط من ذلك، وهو ما يزيد على جلب المصالح ودفع المضار.



    ولما كان الغالب من مطيع هواه، أنه لا يقف منه على حد المنتفع، أطلق ذم الهوى والشهوات، لعموم غلبة الضرر، لأنه يندر من يقصد العدل في ذلك ويقف عنده
    و( إنما سمي هوى لأنه يهوي بصاحبه)



    وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (ما ذكر الله عز وجل الهوى في كتابه إلا ذمه)[6]،

    كما قال تعالى ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾



    والمعاصي التي يقترفها العبد، في غالبها تقع منه استجابة لداعي الهوى، دون النظر إلى حكم الشرع في فعله، كما قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله: ( جميع المعاصي إنما تنشأ عن تقديم هوى النفوس على محبة الله ورسوله)
    فهو يترك متابعة الهدى إلى مطاوعة الهوى فكأنه عبده

    كما في قوله تعالى ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾



    وقد نهى الله تعالى عن اتباع الهوى، وبين أثره القبيح على النفس، في قوله ﴿ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ﴾



    ومدح من نهى نفسه ومنعها عن اتباع الشهوات وزجرها عنه وضبطها بالصبر والتوطين على الخير،

    ولم يعتد بمتاع الحياة الدنيا وزهرتها، ولم يغتر بزخارفها وزينتها علما منه بوخامة عاقبتها[13].



    وكذلك جاء في السنة النبوية ذم الهوى وإتباعه كما قال صلى الله عليه وسلم: ((الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله))



    كما بيَّن صلى الله عليه وسلم أن اتباع الهوى يؤدي بصاحبه إلى الهلاك في قوله: (( وأما المهلكات، فشح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه)).



    والنفس تهوى ما يضرها ولا ينفعها، لجهلها بمضرته لها تارة ولفساد قصدها تارة، ولمجموعهما تارة،

    فإن كان للجهل فهو لشبهة أضلت القلب، وإن كان لفساد قصد فهو لشهوة حلت فيه، فأمراض القلوب نوعان: مرض شبهة، ومرض شهوة


    ومرض الشهوة أو الهوى، هو أصل كل شر وأساس كل بلوى، ومعتمد كل بدعة في الدين، وهو الباعث القوي وراء الصد عن

    دين الله، ومعصية أوامره، وهو أشد وطأة من الجهل (مرض الشبهة)، لأن الجهل ميسور علاجه،

    وذلك بطلب العلم والتفقه في الدين، أما الهوى فهو الآفة الخطيرة التي تحتاج إلى مجاهدة نفس، وعلاج طويل الأمد



    وقد استغرق علاج النبي صلى الله عليه وسلم لنفوس أهل مكة ما يربو على عشرين عاما، فمن كان منهم شديد المخالفة لهواه، ورث قوة في قلبه وبدنه ولسانه،
    وكان من السابقين للإسلام، ومنهم من اتبع هواه، وأغلق على نفسه أبواب التوفيق، وفتح على نفسه أبواب الخذلان،وتأخر إسلامه حتى تمكن من مخالفة هذا الهوى واتبع الحق.



    وقد كانوا في صدودهم عن الحق كسابقيهم من الأمم، التي استكبرت ولم تقبل الحق والهدى والنور، إتباعا لهواها،

    كما قال تعالى ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ﴾.



    وقد قال تعالى في تعليل عدم استجابة أهل مكة للحق: أنه اتباع لأهوائهم، بلا دليل أو حجة ﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾.



    قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في تفسير الآية الكريمة: فاعلم أن تركهم إتباعك ليسوا ذاهبين إلى حق يعرفونه،
    ولا إلى هدى، وإنما ذلك مجرد اتباع لأهوائهم، فهذا من أضل الناس، حيث عرض عليه الهدى والصراط المستقيم الموصل إلى الله وإلى دار كرامته، فلم يلتفت إليه ولم يقبل عليه، ودعاه هواه إلى سلوك الطرق الموصلة إلى الهلاك والشقاء، فاتبعه وترك الهدى



    وذكر فائدة عظيمة من الآية وهي أنها ( دليل على أن كل من لم يستجب للرسول صلى الله عليه وسلم، وذهب إلى قول مخالف لقول الرسول صلى الله عليه سلم، فإنه لم يذهب إلى هدى، وإنما ذهب إلى هوى)



    والنجاة إنما ينالها الإنسان بإتباعه الحق، وهو الفرقان بين المسلم والكافر،

    كما قال تعالى ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ )

    فلا يستوي من كان على يقين من ربه، ولا يكون كمن زين له سوء عمله، وهو عبادة الأوثان والإشراك بالله، والعمل لمعاصي الله واتبع هواه في عبادتها وانهمك في الضلالات بلا شبهة توجب الشك ، فضلا عن حجة نيرة

    وقد قال تعالى ﴿ أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ﴾.
    ##############################
    تابعونا جزاكم الله خيرا

    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5386
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود التخلص من الهوى

    مُساهمة من طرف صادق النور الثلاثاء أبريل 26, 2022 11:51 pm


    التخلص من الهوى

    إن اتباع الهوى من أعظم الآفات التي قد يُصاب بها المسلم، فانظر حولك ترَ أناسًا يمدحون أمورًا ثم يذمونها، ويعيبون أشياء ثم يفعلونها، ويعيبون فلانًا لأنه فعل كذا، وإذا وُضِع أحدهم مكانه عَمِل ما كان يعيبه وزيادة!
    ترى أناسًا يتبنون أفكارًا معينة؛ لأنها صادرة عن فلان، ولو قالها غيره ردُّوها ولم يقبلوها!



    ترى شخصًا يقول قولًا أو يعمل عملًا ظاهر العيب واضح الخطأ، ومع ذلك يستميت في الدفاع عنه، ويذكر مبررات يضحك منها عامة الناس قبل خواصهم! ترى إنسانًا يقول ما يشاء، ويفعل ما يشاء! وما ذاك إلا لأن صاحب الهوى لا يرى إلا هواه،

    إذا تكلَّم فبهوى وإذا صمت فلهوى، وإذا فعل أو ترك فلهوى؛ لأنه يعيش في محيط هواه الذي أضلَّه وأعماه، بل أسَرَه وقيَّده؛

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "المحبوس مَن حبس قلبه عن ربه، والمأمور مَن اتَّبع هواه".



    خطورة اتباع الهوى:

    1- الهوى سبب لفساد الأمور وتقلُّب الأحوال؛ قال تعالى: ﴿ وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ﴾ [المؤمنون: 71].

    الهوى يقود صاحبه إلى الضلال؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [ص: 26].



    2- الهوى يصد عن الحق ويحرم صاحبه الانتفاع بالوعظ؛ قال تعالى: ﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [القصص: 50]،

    وقال تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الجاثية: 23].

    قال علي: "إن أخوف ما أخاف عليكم اثنتان طول الأمل واتباع الهوى، فأما طول الأمل فيُنسي الآخرة، وأما اتباع الهوى فيصد عن الحق"



    3- الهوى سبب لفساد الرأي والفكر والوقوع في التناقض:


    ولذلك قال تعالى: ﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28]؛ أي: ضياعًا.



    4- الهوى سبب الفرقة والشقاق.



    5- الهوى سبب في البعد عن السنة والنطق بالبدعة.

    ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من الهوى، ويُحذر أمته منه،

    فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء)؛ (صحيح الترمذي)،

    وكان يقول: (ثلاث مهلكات: شُح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه)،

    (السلسة الصحيحة)، وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن أفضل الجهاد جهاد الهوى، فقال: (أفضل الجهاد أن يجاهد الرجل نفسه وهواه)، (صحيح الجامع).



    كيف يجاهد الإنسان الهوى؟

    1- خشية الله تعالى ومراقبته في القول والعمل والسر والعلن؛ قال تعالى: ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات: 40، 41].



    2- استحضار عواقب اتباع الهوى وآثاره السيئة في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا تناقض وذِلة، وفي الآخرة عذاب وحسرة.



    3- أن يُعوِّد الإنسان نفسه مخالفة هواها، ويسوقها قهرًا إلى خالقها ومولاها، ويمكن أن يُمثِّل لذلك بحال من يغضب، فيكظم غيظه ويمنع جوارحه من التعدي بالقول أو الفعل، ويعفو عمن ظلمه، ويعطي مَن حرمه، ويَصِل مَن قطَعه؛

    قال تعالى: ﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [الشورى: 43].

    قيل ليحيى بن معاذ: "من أصح الناس عزمًا؟ قال: الغالب لهواه"

    ودخل خلف بن خليفة على سليمان بن حبيب بالأهواز، وعنده جارية له يقال لها: البدر، من أحسن الجواري وجهًا،

    فقال سليمان الخلف: كيف ترى هذه الجارية؟ فقال: أصلح الله الأمير، ما رأت عينياي جارية قط أحسن منها،

    فقال: خذ بيدها، فقال خلف: ما كنت لأفعل ولا أسلبها الأمير وقد عرَفت عجبه بها، فقال: خذها، وَيْحَك على عجبي؛ ليعلم هواي أني غالب"



    4- الدعاء والتضرع إلى الله أن يرزقك الهدى ويُجنبك الهوى.

    ###############################
    لا تنسونا من صالح دعائكم




    صادق النور يعجبه هذا الموضوع


      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد نوفمبر 24, 2024 4:13 pm