السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة..
هذة هى رحلتنا الرابعة بعد السبعين فى ربوع وطنا العربى وقد توقف بنا المطاف فى منطقة نجران بالمملكة العربية السعودية تعالوا نشوف عبق التاريخ وأنشودة المحبة فى نجران..
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
منطقة نجران هي إحدى المناطق الثلاثة عشر للمملكة العربية السعودية
وتقع في جنوب غرب المملكة على الحدود مع اليمن.
وتبلغ مساحة منطقة نجران 360000 كم2،
وعدد سكانها 620,000 الف نسمة حسب إحصائيات عام (2008)م.
وعاصمتها هي مدينة نجران. .
تشتهر بالـزراعة، وبها سد وادي نجران، الذي يعد من أكبر السدود المقامة في السعودية إذ تصل طاقته التخزينية لحوالي 85 مليون مترا مكعبا، يكثر فيها الـنخيل
وأشهر آثارها المنطقة الأخدودية التي ورد ذكرها في القرآن الكريم في سورة البروج.
ولا تزال آثار الاخدود قائمة تبهر زوارها من محبي التاريخ والباحثين في طيات الاثار.
كما أن جبال نجران وكثير من مواقعها التاريخية لا تزال بكرا تزخر بالكثير من المواقع الأثرية والنقوش المتنوعة المليئة بالرسوم
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
جاء ذكرها بصيغة "نجرن" في النصوص السبئية وحرفياً تعني "النجر" فالنون آخر العلم هي أداة التعريف المطلق عند السبئيين
وكلمة "نجر" تعني الحار ولكن لا يمكن التأكد بشكل قطعي فالموضوع يحتاج لدراسات أوسع.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
حسب الضئيل المكتشف من نصوص خط المسند، فإن أقدم ذكر لنجران يعود للقرن الثامن ق.م
وكان على نجران ملك يدعى "عذرائيل" حينها تعرضت لحملة عسكرية قاسية من مملكة سبأ في تلك الفترة خلفت خمسة وأربعين ألف قتيل وثلاث وستين ألف أسير والإستيلاء على واحد وثلاثين ألف رأس من الماشية وإحراق كافة مدن وقرى نجران بالكامل
النص الثاني الذي يشير إلى نجران، ورد خلال حياة الملك السبئي كربئيل وتر وذكر أن قبيلة بنجران تدعى "مهأمر" وأنها "صارحته العداء" فقتل منهم خمسة آلاف نسمة وأخذ إثني عشر ألف طفل رهينة منهم مقابل الولاء وفرض عليهم جزية سنوية يؤدونها للإله السبئي إل مقه كل هذه النصوص أُكتشفت في معبد الإله المقه في صرواح قرب مأرب.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
كانت نجران مركزاً مهما في طريق البخور ولذلك حرص ملوك سبأ وحميَّر على إستتاب الأمن فيها ولجئوا للقسوة المفرطة لضمان عدم خروج نجران.
فقد كانت كل القوافل اليمنية سواء تلك المتجهة نحو الشام ومصر أو تلك المتوجهة نحو العراق تتوقف في نجران مما زاد من ثراء وإزدهار المنطقة وتجارها
وقد وصفها بطليموس بأنها (لاتينية:Metropolis متروبوليس ) وكلمة "متروبوليس" قد تعني المزدحم والكبير وهي دلالة على نشاط المدينة التجاري وأهميتها في تلك العصور القديمة
كانت من ضمن "الفيدرالية" ـ إن صح التعبير ـ السبئية وتحكم ذاتياً وتتبع مأرب سياسياً وإقتصادياً وعسكرياً عن طريق ضرائب سنوية تدفعها "قبيلة مهأمر" لمركز الدولة في مأرب منذ القرن السادس ق.م على الأقل
فمنذ ذلك الحين ، أقر السبئيون لهم حكماَ ذاتيا ولم يجدوا حرجاً من وصف قبيلة "مهأمر" هذه المسيطرة على نجران لأنفسهم بالملوك
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ورد ذكر نجران مرة أخرى في النصف الثاني من القرن الأول ق.م وجاء فيها عن تمرد ضد الملك السبئي الذي ينتمي لقبيلة بكيل "إيل شرح يحضب"
ورد في النص أن قائداً عسكرياً من حاشد يدعى "نوف" شن حملة لإخضاع التمرد أقدم خلالها على قتل 924 شخص وأسر 662 وأستباح 68 مدينة وأحرق ستين ألف حقل ودفن 97 بئراً وقدموا ألف طفل رهينة مقابل ولائهم وتعهد بعدم الخروج على ملوك سبأ
خلال الحرب الأهلية في القرن الأول ق.م بين سبأ وحِميَّر، ورد ذكر قبيلة يام من ضمن الأعراب التابعين لمملكة حضرموت وقاتلوا السبئيين لتخليص شبوة من قبضتهم وهو أقدم نص بخط المسند يشير إلى قبيلة يام والنص الوحيد المكتشف حتى اللحظة
ذكر الجغرافي اليوناني سترابو نجران وأنها أول مدينة سبئية تسقط أمام الرومان خلال حملة أيليوس غالوس المخفقة على "العربية السعيدة" في العام 25 ق.م
ليس من الواضح مالذي حدث بعدها إلا أن الرومان إنسحبوا قبل الوصول لـ"ماريبا" أو مأرب ولجأ سترابو لتبرير إخفاق صديقه غالوس كثيراً
وورد نص لإيل شرح يحضب المتوفى في العام 20 ق.م أي بعد خمس سنوات من الحملة الرومانية، يشير إلى "قوة غريبة تجرأت على آلهة سبأ" على حد تعبيره وأمر شعب سبأ بشكر الآلهة على تصديهم لها ولا يعرف ماهي هذه "القوى الغريبة" بصورة دقيقة ويرجح الباحثين أن الرومان هم المقصودين
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ضمت نجران لمملكة حِميَّر عقب إنتصار الحميريين في الحرب الأهلية بقيادة شمَّر يهرعش
جاء ذكر نجران في نقش النمارة الذي دونه ملك مملكة الحيرة جنوبي العراق، ووصفها ملك المناذرة بـ"مدينة شمر" ويقصد شمر يهرعش
لم يذكر قبيلة يام ولا يُعرف على وجه الدقة متى استوطنت تلك القبيلة المنطقة ولكنه ذكر مذحج ومعد ضمن القبائل قرب نجران.
ورد نص حِميّري عن توجيه قوات من كندة ومذحج إنطلقت من نجران للإستيلاء على القطيف والإحساء وتخليص نجد من قبضة المناذرة بعد غزوة الملك المنذري صاحب نقش النمارة وهزيمة تنوخ وختم النص بانتصار القوات واجلائها المناذرة عن القطيف التي وصفها صاحب النص بأنها أرض فارسية
ونص حِميّري آخر لقوات من نجران توجهت نحو مملكة الأنباط وإنتهت المعارك بإنتصار الحميريين
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
إعتنق أهل نجران المسيحية في القرن الرابع للميلاد وكانوا أرثوذكسية شرقية
ورد ذكرها في نص تركه اليهودي "يوسف أسأر" أو ذو النواس الحِميَّري وجاء فيه أنه شن حملة عسكرية بمعاونة أعراب من مملكة كندة ومذحج وأقيال همدان تركت إحدى عشر ألف قتيل من المسيحيين في نجران وحدها في العام 524 - 526 ميلادية [20]
كانت نجران أحد المراكز المسيحية المهمة في المنطقة بل كان بها أبرشية كبيرة حسب كتابات البيزنطيين والسريان ولكن لا أثر مكتشف لها حتى الآن وقد سوى ذو نواس الحِميّري الكنائس بالأرض خلال حملاته
كل هذه النصوص أُكتشفت في اليمن ولا يُعرف الكثير عن تاريخ نجران القديم سوى الوارد في هذه الكتابات القديمة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
نجران فى عهد رسول الله صالله علية وسلم
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وفد نصارى نَجران
هذا الوفد جاء إلى المدينة المنورة بعد أن تلقى خطابًا من رسول الله صلى اللله علية وسلم يدعوهم فيه إلى الإسلام، أو الجزية، أو الحرب.
ونجران هذه بلد كبير في جنوب مكة في اتجاه اليمن، وكان أهلها يدينون بالنصرانية
وقد أرسلوا وفدًا إلى رسول الله صلى الله علية وسلم، وكان هذا الوفد مكونًا من أربعة عشر رجلاً في بعض الروايات
بينما وصلت روايات أخرى بالوفد إلى ستين رجلاً
وكان أمير الوفد الذي يرجعون إلى رأيه رجلاً يُدْعى العاقب، وكان هناك رجلٌ آخر يتولى قيادة الرحلة، وتجهيز متطلباتها، وكانوا يلقبونه بالسيد
وكان هناك رجل ثالث مسئول عن الأمور الدينية، وهو أسقف وحَبْر الرحلة، وكان اسمه أبا الحارث، فهؤلاء الثلاثة هم أهم ثلاثة في الوفد، وهم الذين يتولون التفاوض.
وقد جاء الوفد في هيئة منظمة، وفي صورة منمقة بشدة لدرجة المبالغة، حيث لبسوا الثياب الحريرية، وتحلوا بالخواتم الذهبية، وكان الرسول صلى الله علية وسلم يحرم هذه الأمور على الرجال، ولذلك كره الكلام معهم وهم بهذه الصورة، وأَجّل الحديث معهم إلى اليوم التالي، حيث جاءوا يلبسون ثياب الرهبان، ومن ثَمَّ بدأ الكلام معهم.
لم يكن من همِّ الوفد ولا من نيته أن يُسلم أو يفكر في الإسلام، وإنما أتى ليناظر الرسول صلى الله علية وسلم من ناحية، وأتى ليبهره، ويبهر المسلمين من ناحية أخرى، ولذلك كان الحوار معهم على صورة تختلف كثيرًا عن الحوار مع الوفود الأخرى.
لقد عرض رسول الله صلى الله علية وسلم عليهم الإسلام، ولكنهم رفضوا وقالوا: كنا مسلمين قبلكم.
وهذه الجملة صحيحة لو كانوا فعلاً متبعين لكتبهم الأصلية دون تبديل أو تحريف
بل قال الله في أهل الكتاب الذين يتبعون الكتاب الصحيح غير المحرف:
{الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آَمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ} [القصص: 53].
ولكن يشترط لصدق هذه الكلمة أن يتبعوا كتابهم غير المحرف اتباعًا كاملاً، وفي هذا الكتاب غير المحرف بشارة برسولنا الكريم
وعلامات واضحة لنبوته، وأدلة على صدقه، لذلك فعلماء اليهودية والنصرانية يعرفون الرسول رسول الله صلى الله علية وسلم {أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آَيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الشعراء: 197].
ويعرفون علاماته، ويوقنون بصدقه، وبوجوب اتباعه، لكن يمنعهم الكبر والمصالح، والدنيا والهوى والحسد، وأشياء كثيرة، ولذلك فهم يخفون هذه الآيات والدلائل مع علمهم بها، ويتبعون كتبهم المحرفة بدلاً من اتباع الرسول الصادق رسول الله صلى الله علية وسلم.
لذلك أنكر مقولتهم هذه، وذكر لهم أنهم يحرفون دينهم في أمور كثيرة، وهذا التحريف يتنافى مع الإسلام؛
لأن الإسلام معناه أن يُسلم الإنسان نفسه تمامًا لله ، ولتشريعاته وقوانينه، ولا يسلم نفسه لأهوائه الشخصية، أو مصالحه الخاصة.
قال صلى الله علية وسلم: "يَمْنَعُكُمْ مِنَ الإِسْلامِ ثَلاثٌ: عِبَادَتُكُمُ الصَّلِيبَ، وَأَكْلِكُمْ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ، وَزَعْمُكُمْ أَنَّ لِلِّهِ وَلَدًا".
فهذه أمور ثلاثة حرفتموها في الإنجيل، ولم تسلموا فيها لله رب العالمين،
ولا يستقيم أن تطلقوا على أنفسكم مسلمين قبل أن تتركوا هذا الاعتقاد الفاسد، وللأسف فهذا اعتقاد جازم عند معظم النصارى، وهو يمنعهم من التفكير في الإسلام،
ولذلك عند نزول المسيح قبل يوم القيامة يجعل من مهمته أن يصحح هذه الأمور التي ألصقت بدينه
ولم تكن فيه، حيث يكسر الصليب. روى أحمد وابن حبان عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله علية وسلم قال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا؛ فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضُ الْمَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلُهُ أَحَدٌ".
وكنت أتعجب من أن المسيح سيجعل من همِّه أن يقوم بهذه الأمور عند نزوله، ويهتم بها للدرجة التي تستحق أن تذكر كأول أعمال يعملها على الأرض بعد نزوله، وزال عجبي بعد رؤية هذه المحاورة التي بين الرسول صلى الله علية وسلم ووفد نجران،
فإنه من الواضح أن هذه الأمور تغلغلت في قلوب النصارى، حتى اعتبروها جزءًا من الدين، لا يمكن التنازل عنه بأي حال من الأحوال، ومن ثَمَّ فإنهم -بسبب هذه الأمور- يرفضون التفكير أصلاً في مبدأ الإسلام،
فكانت هذه الأمور كالغشاوة على أعينهم، والتي تحجب الرؤية تمامًا، ومن هنا جاء حرص المسيح على إلغاء هذه الأمور بمجرد نزوله.
المهم أن وفد نجران لم يكن يريد الإسلام، ولذلك كثر الجدال بينهم وبين الرسول صلى الله علية وسلم، وكثر إلقاء الشبهات والرد عليه، وكان مما قالوه: ما لك تشتم صاحبنا -يقصدون عيسى - وتقول إنه عبد الله؟
فقال : "أَجَلْ، إِنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلى مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ".
وهذا ليس انتقاصًا أبدًا من عيسى ، بل العبودية لله تشريف، وهو رسول من أولي العزم من الرسل، وهو كلمه الله ألقاها إلى مريم عليها السلام، والتي نكرمها أيضًا ونجلَّها، وننفي عنها أي شبهة سوء، فنقول: إنها مريم العذراء البتول.
لكن النصارى يبالغون في تكريم المسيح حتى خرجوا به عن طبيعته إلى طبيعة أخرى، فقالوا: هو الله. وقالوا: هو ابن الله. وقالوا: ثالث ثلاثة.
وكلها مبالغات غير مقبولة، وعقيدة فاسدة، دفعهم إليها الحب الزائد، والتقديس الزائد عن الحد المطلوب، لذلك كان رسول الله صلى الله علية وسلم حريصًا عند موته على إبراز هذا المعنى، حتى لا يتجاوز المسلمون الحب المفروض له إلى الحب الذي يقود إلى ضلال وكفر، فيخرجون بطبيعة الرسول إلى غيرها، قال ،
وهو على فراش موته كما روى البخاري ومسلم عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله علية وسلم في مرضه الذي لم يقم منه: "لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ".
ولكون النصارى في وفد نجران لا يتنازلون عن هذا الاعتقاد، فإنهم غضبوا من وصف عيسى بالبشرية والعبودية، وقالوا: هل رأيت إنسانًا قَطُّ من غير أب، فإن كنت صادقًا فأرنا مثله؟
فأنزل الله الحجة الدافعة، حيث ضرب لهم مثلاً يوضح حقيقة عيسى فقال الله : {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [آل عمران: 60].
النصارى لا ينكرون أن آدم خلق من غير أب ولا أم، وهذا في كتبهم، فإن كان الله قادرًا على خلق آدم بدون أب أو أم، أوَيُعجز I أن يخلق عيسى بأم بلا أب؟!
إن العقل ليقبل ذلك تمامًا، لكن الذي لا يقبله العقل أن يكون الإله بشرًا يأكل ويشرب وينام ويخرج ويصاب بالألم ويجرح،
بل -في عرف النصارى- يُقتل ويصلب، وإن كنا -نحن المسلمين- نؤمن أنه لم يُقتل ولم يُصلب ،
بل رفعه الله إليه {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} [النساء: 157].
ليس من المعقول أن يكون الإله بهذه الصورة التي يعتريها الضعف البشري، ولكن المعقول والمقبول أن يكون البشر كذلك، وليس هذا تقليلاً لقيمة عيسى ، بل هو من أولي العزم من الرسل، ومن أعظم الخلق، وآية الله وكلمته، فَرْضٌ على المسلمين أن يؤمنوا به، وبنبوته، وبعظمته، ونبله.
ولكن هذا الكلام المقنع لم يقنع النصارى، أو قل: لم يعجب النصارى، ووصلت المحاورة إلى طريق مسدود.
ثم لجأ رسول الله صلى الله علية وسلم إلى طريقة أخيرة وفريدة؛ لإقامة الحجة على النصارى، فطلب منهم أن يقوموا بالمباهلة أي الملاعنة،
وذلك تنفيذًا لأمر الله الذي جاء في سورة آل عمران، إذ قال الله : {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران: 61].
وهذه طريقة فريدة فيها ثقة شديدة بالله ، ويقين كامل بالحق الذي مع رسولنا ، فهو يقول لهم: إن كل طرف يجمع أهله، ويقف مع الطرف الآخر وجهًا لوجه، يبتهل كل منهما أن ينزل الله لعنته على الذي يكذب، وينكر الحق، فلو كانوا يعتقدون اعتقادًا جازمًا أن الحق معهم، أو أن هذا ليس برسول، فلا يجب أن يخافوا من هذه المباهلة أو الملاعنة.
وبالفعل جاء معه عائلته المكونة من عليّ بن أبي طالب، وابنته فاطمة والحسن والحسين، ثم قال صلى الله علية وسلم: "إِذَا دَعَوْتُ فَأَمِّنُوا". ولما رأى النصارى جدية الرسول صلى الله علية وسلم خافوا من هذه الملاعنة، وقالوا: مَا بَاهَلَ قَوْمٌ نَبِيًّا إِلاَّ هَلَكُوا.
وهذا يثبت -بما لا يدع مجالاً للشك- أنهم يؤمنون بنبوته وصدقه، ولكنهم يجحدون ذلك لهوى في نفوسهم، واتباعًا لشهواتهم.
فقالوا: احكم علينا بما أحببت.
فصالحهم على الجزية.
ولما عزموا على العودة لبلادهم سألوا رسول الله صلى الله علية وسلم أن يرسل معهم رجلاً أمينًا ليقبض منهم الجزية، فقال : "لأَبْعَثَنَّ مَعَكُمْ رَجُلاً أَمِينًا حَقَّ أَمِينٌ".
فاستشرف لهذه المكانة أصحاب الرسول صلى الله علية وسلم، فقال : "قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ".
فلما قام، قال : "هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ".
كانت هذه نتيجة المفاوضات والمحاورات مع وفد نصارى نجران، وكما رأينا فإنهم رأوا الحق، واتبعوا غيره، وأَبَى الوفد أن يسلم من فوره، وتحقق فيهم قول الله : {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} [النمل: 14].
وهذا يعطي المسلمين ثقة كبيرة جدًّا، فإنه يؤكد لهم أن الغرب والشرق الذين يحاورونهم يعلمون في داخلهم أن الإسلام هو دين الحق، ولكنهم يراوغون ويجادلون، فلا يجب أن يحبط المسلم أبدًا من رؤية كثرة المكذبين، قال الله تعالى: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام: 33].
ذكر نصارى نجران وما أنزل الله فيهم
معنى العاقب والسيد والأسقف
قال ابن إسحاق : وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نصارى نجران ، ستون راكبا ، فيهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم ، وفي الأربعة عشر منهم ثلاثة نفر إليهم يئول أمرهم : العاقب ، أمير القوم وذو رأيهم ، وصاحب مشورتهم ، والذي لا يُصدرون إلا عن رأيه ، واسمه عبدالمسيح ؛ والسيد ، لهم ثمالهم ، وصاحب رحلهم ومجتمعهم ، واسمه الأيهم ؛ وأبو حارثة بن علقمة ، أحد بني بكر بن وائل ، أسقفهم وحبرهم وإمامهم ، وصاحب مدراسهم
منزل أبي حارثة عند ملوك الروم
وكان أبو حارثة قد شرف فيهم ، ودرس كتبهم ، حتى حسن علمه في دينهم ، فكانت ملوك الروم من النصرانية قد شرّفوه وموّلوه وأخدموه ، وبنوا له الكنائس ، وبسطوا عليه الكرامات ، لما يبلغهم عنه من علمه واجتهاده في دينهم .
سبب إسلام كوز بن علقمة
فلما رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نجران ، جلس أبو حارثة على بغلة له موجِّها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإلى جنبه أخ له ، يقال له : كوز بن علقمة - قال ابن هشام : ويقال : كرز - فعثرت بغلة أبي حارثة ، فقال كوز : تعس الأبعد : يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم : فقال له أبو حارثة : بل أنت تعست ! فقال : ولم يا أخي ؟ قال : والله إنه للنبي الذي كنا ننتظر ؛ فقال له كوز : ما يمنعك منه وأنت تعلم هذا ؟ قال : ما صنع بنا هؤلاء القوم ، شرفونا وموّلونا وأكرمونا ، وقد أبوا إلا خلافه ، فلو فعلت نزعوا منا كل ما ترى . فأضمر عليها منه أخوه كوز بن علقمة ، حتى أسلم بعد ذلك . فهو كان يحدث عنه هذا الحديث فيما بلغني .
رؤساء نجران وإسلام ابن رئيس
قال ابن هشام : وبلغني أن رؤساء نجران كانوا يتوارثون كتابا عندهم . فكلما مات رئيس منهم فأفضت الرياسة إلى غيره ، ختم على تلك الكتب خاتما مع الخواتم التي كانت قبله ولم يكسرها ، فخرج الرئيس الذي كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يمشي فعثر ، فقال له ابنه : تعس الأبعد ! يريد النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فقال له أبوه : لا تفعل ، فإنه نبي ، واسمه في الوضائع ، يعني الكتب .
فلما مات لم تكن لابنه همة إلا أن شد فكسر الخواتم ، فوجد فيها ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ، فأسلم فحسن إسلامه وحج ، وهو الذي يقول :
إليك تعدو قلقا وضينها * معترضا في بطنها جنينها
مخالفا دين النصارى دينها *
قال ابن هشام : الوضين : الحزام ، حزام الناقة . وقال هشام بن عروة : وزاد فيه أهل العراق :
معترضا في بطنها جنينها*
فأما أبو عبيدة فأنشدناه فيه .
صلاتهم إلى جهة المشرق
قال ابن إسحاق : وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، قال : لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، فدخلوا عليه مسجده حين صلى العصر ، عليهم ثياب الحبرات ، جبب وأردية ، في جمال رجال بني الحارث بن كعب . قال : يقول بعض من رآهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ : ما رأينا وفدا مثلهم ، وقد حانت صلاتهم ، فقاموا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعوهم ؛ فصلوا إلى المشرق .
أسماؤهم ومعتقداتهم ، و مناقشتهم الرسول صلى الله عليه وسلم
قال ابن إسحاق : فكانت تسمية الأربعة عشر ، الذين يئول إليهم أمرهم : العاقب ، وهو عبدالمسيح ؛ والسيد وهو الأيهم ، وأبو حارثة ابن علقمة أخو بني بكر بن وائل ، وأوس ، والحارث ، وزيد ، وقيس ، ويزيد ، ونبيه ، وخويلد ، وعمرو ، وخالد ، وعبدالله ، ويحنَّس ، في ستين راكبا .
فكلم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم منهم : أبو حارثة بن علقمة ، والعاقب عبدالمسيح ، والأيهم السيد - وهم من النصرانية على دين الملك ، مع اختلاف من أمرهم ، يقولون : هو الله ، ويقولون : هو ولد الله ، ويقولون : هو ثالث ثلاثة ، وكذلك قول النصرانية .
فهم يحتجون في قولهم : ( هو الله ) بأنه كان يحيي الموتى ، ويبرىء الأسقام ، ويخبر بالغيوب ، ويخلق من الطين كهيئة الطير ، ثم ينفخ فيه فيكون طائرا ، وذلك كله بأمر الله تبارك وتعالى : ( ولنجعله آية للناس ) .
ويحتجون في قولهم : ( إنه ولد الله ) بأنهم يقولون : لم يكن له أب يعلم ، وقد تكلم في المهد ، وهذا لم يصنعه أحد من ولد آدم قبله .
ويحتجون في قولهم : ( إنه ثالث ثلاثة ) بقول الله : فعلنا ، وأمرنا ، وخلقنا ، وقضينا ، فيقولون : لو كان واحدا ما قال إلا فعلت ، وقضيت ، وأمرت ، وخلقت ؛ ولكنه هو وعيسى ومريم . ففي كل ذلك من قولهم قد نزل القرآن - فلما كلمه الحبران ، قال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم : أسلما ؛ قالا : قد أسلمنا ؛ قال : إنكما لم تسلما فأسلما ؛ قالا : بلى ، قد أسلمنا قبلك ، قال : كذبتما ، يمنعكما من الإسلام دعاؤكما لله ولدا ، وعبادتكما الصليب ، وأكلكما الخنزير ؛ قالا : فمن أبوه يا محمد ؟ فصمت عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجبهما .
هذة هى رحلتنا الرابعة بعد السبعين فى ربوع وطنا العربى وقد توقف بنا المطاف فى منطقة نجران بالمملكة العربية السعودية تعالوا نشوف عبق التاريخ وأنشودة المحبة فى نجران..
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
منطقة نجران هي إحدى المناطق الثلاثة عشر للمملكة العربية السعودية
وتقع في جنوب غرب المملكة على الحدود مع اليمن.
وتبلغ مساحة منطقة نجران 360000 كم2،
وعدد سكانها 620,000 الف نسمة حسب إحصائيات عام (2008)م.
وعاصمتها هي مدينة نجران. .
تشتهر بالـزراعة، وبها سد وادي نجران، الذي يعد من أكبر السدود المقامة في السعودية إذ تصل طاقته التخزينية لحوالي 85 مليون مترا مكعبا، يكثر فيها الـنخيل
وأشهر آثارها المنطقة الأخدودية التي ورد ذكرها في القرآن الكريم في سورة البروج.
ولا تزال آثار الاخدود قائمة تبهر زوارها من محبي التاريخ والباحثين في طيات الاثار.
كما أن جبال نجران وكثير من مواقعها التاريخية لا تزال بكرا تزخر بالكثير من المواقع الأثرية والنقوش المتنوعة المليئة بالرسوم
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
جاء ذكرها بصيغة "نجرن" في النصوص السبئية وحرفياً تعني "النجر" فالنون آخر العلم هي أداة التعريف المطلق عند السبئيين
وكلمة "نجر" تعني الحار ولكن لا يمكن التأكد بشكل قطعي فالموضوع يحتاج لدراسات أوسع.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
حسب الضئيل المكتشف من نصوص خط المسند، فإن أقدم ذكر لنجران يعود للقرن الثامن ق.م
وكان على نجران ملك يدعى "عذرائيل" حينها تعرضت لحملة عسكرية قاسية من مملكة سبأ في تلك الفترة خلفت خمسة وأربعين ألف قتيل وثلاث وستين ألف أسير والإستيلاء على واحد وثلاثين ألف رأس من الماشية وإحراق كافة مدن وقرى نجران بالكامل
النص الثاني الذي يشير إلى نجران، ورد خلال حياة الملك السبئي كربئيل وتر وذكر أن قبيلة بنجران تدعى "مهأمر" وأنها "صارحته العداء" فقتل منهم خمسة آلاف نسمة وأخذ إثني عشر ألف طفل رهينة منهم مقابل الولاء وفرض عليهم جزية سنوية يؤدونها للإله السبئي إل مقه كل هذه النصوص أُكتشفت في معبد الإله المقه في صرواح قرب مأرب.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
كانت نجران مركزاً مهما في طريق البخور ولذلك حرص ملوك سبأ وحميَّر على إستتاب الأمن فيها ولجئوا للقسوة المفرطة لضمان عدم خروج نجران.
فقد كانت كل القوافل اليمنية سواء تلك المتجهة نحو الشام ومصر أو تلك المتوجهة نحو العراق تتوقف في نجران مما زاد من ثراء وإزدهار المنطقة وتجارها
وقد وصفها بطليموس بأنها (لاتينية:Metropolis متروبوليس ) وكلمة "متروبوليس" قد تعني المزدحم والكبير وهي دلالة على نشاط المدينة التجاري وأهميتها في تلك العصور القديمة
كانت من ضمن "الفيدرالية" ـ إن صح التعبير ـ السبئية وتحكم ذاتياً وتتبع مأرب سياسياً وإقتصادياً وعسكرياً عن طريق ضرائب سنوية تدفعها "قبيلة مهأمر" لمركز الدولة في مأرب منذ القرن السادس ق.م على الأقل
فمنذ ذلك الحين ، أقر السبئيون لهم حكماَ ذاتيا ولم يجدوا حرجاً من وصف قبيلة "مهأمر" هذه المسيطرة على نجران لأنفسهم بالملوك
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ورد ذكر نجران مرة أخرى في النصف الثاني من القرن الأول ق.م وجاء فيها عن تمرد ضد الملك السبئي الذي ينتمي لقبيلة بكيل "إيل شرح يحضب"
ورد في النص أن قائداً عسكرياً من حاشد يدعى "نوف" شن حملة لإخضاع التمرد أقدم خلالها على قتل 924 شخص وأسر 662 وأستباح 68 مدينة وأحرق ستين ألف حقل ودفن 97 بئراً وقدموا ألف طفل رهينة مقابل ولائهم وتعهد بعدم الخروج على ملوك سبأ
خلال الحرب الأهلية في القرن الأول ق.م بين سبأ وحِميَّر، ورد ذكر قبيلة يام من ضمن الأعراب التابعين لمملكة حضرموت وقاتلوا السبئيين لتخليص شبوة من قبضتهم وهو أقدم نص بخط المسند يشير إلى قبيلة يام والنص الوحيد المكتشف حتى اللحظة
ذكر الجغرافي اليوناني سترابو نجران وأنها أول مدينة سبئية تسقط أمام الرومان خلال حملة أيليوس غالوس المخفقة على "العربية السعيدة" في العام 25 ق.م
ليس من الواضح مالذي حدث بعدها إلا أن الرومان إنسحبوا قبل الوصول لـ"ماريبا" أو مأرب ولجأ سترابو لتبرير إخفاق صديقه غالوس كثيراً
وورد نص لإيل شرح يحضب المتوفى في العام 20 ق.م أي بعد خمس سنوات من الحملة الرومانية، يشير إلى "قوة غريبة تجرأت على آلهة سبأ" على حد تعبيره وأمر شعب سبأ بشكر الآلهة على تصديهم لها ولا يعرف ماهي هذه "القوى الغريبة" بصورة دقيقة ويرجح الباحثين أن الرومان هم المقصودين
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ضمت نجران لمملكة حِميَّر عقب إنتصار الحميريين في الحرب الأهلية بقيادة شمَّر يهرعش
جاء ذكر نجران في نقش النمارة الذي دونه ملك مملكة الحيرة جنوبي العراق، ووصفها ملك المناذرة بـ"مدينة شمر" ويقصد شمر يهرعش
لم يذكر قبيلة يام ولا يُعرف على وجه الدقة متى استوطنت تلك القبيلة المنطقة ولكنه ذكر مذحج ومعد ضمن القبائل قرب نجران.
ورد نص حِميّري عن توجيه قوات من كندة ومذحج إنطلقت من نجران للإستيلاء على القطيف والإحساء وتخليص نجد من قبضة المناذرة بعد غزوة الملك المنذري صاحب نقش النمارة وهزيمة تنوخ وختم النص بانتصار القوات واجلائها المناذرة عن القطيف التي وصفها صاحب النص بأنها أرض فارسية
ونص حِميّري آخر لقوات من نجران توجهت نحو مملكة الأنباط وإنتهت المعارك بإنتصار الحميريين
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
إعتنق أهل نجران المسيحية في القرن الرابع للميلاد وكانوا أرثوذكسية شرقية
ورد ذكرها في نص تركه اليهودي "يوسف أسأر" أو ذو النواس الحِميَّري وجاء فيه أنه شن حملة عسكرية بمعاونة أعراب من مملكة كندة ومذحج وأقيال همدان تركت إحدى عشر ألف قتيل من المسيحيين في نجران وحدها في العام 524 - 526 ميلادية [20]
كانت نجران أحد المراكز المسيحية المهمة في المنطقة بل كان بها أبرشية كبيرة حسب كتابات البيزنطيين والسريان ولكن لا أثر مكتشف لها حتى الآن وقد سوى ذو نواس الحِميّري الكنائس بالأرض خلال حملاته
كل هذه النصوص أُكتشفت في اليمن ولا يُعرف الكثير عن تاريخ نجران القديم سوى الوارد في هذه الكتابات القديمة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
نجران فى عهد رسول الله صالله علية وسلم
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وفد نصارى نَجران
هذا الوفد جاء إلى المدينة المنورة بعد أن تلقى خطابًا من رسول الله صلى اللله علية وسلم يدعوهم فيه إلى الإسلام، أو الجزية، أو الحرب.
ونجران هذه بلد كبير في جنوب مكة في اتجاه اليمن، وكان أهلها يدينون بالنصرانية
وقد أرسلوا وفدًا إلى رسول الله صلى الله علية وسلم، وكان هذا الوفد مكونًا من أربعة عشر رجلاً في بعض الروايات
بينما وصلت روايات أخرى بالوفد إلى ستين رجلاً
وكان أمير الوفد الذي يرجعون إلى رأيه رجلاً يُدْعى العاقب، وكان هناك رجلٌ آخر يتولى قيادة الرحلة، وتجهيز متطلباتها، وكانوا يلقبونه بالسيد
وكان هناك رجل ثالث مسئول عن الأمور الدينية، وهو أسقف وحَبْر الرحلة، وكان اسمه أبا الحارث، فهؤلاء الثلاثة هم أهم ثلاثة في الوفد، وهم الذين يتولون التفاوض.
وقد جاء الوفد في هيئة منظمة، وفي صورة منمقة بشدة لدرجة المبالغة، حيث لبسوا الثياب الحريرية، وتحلوا بالخواتم الذهبية، وكان الرسول صلى الله علية وسلم يحرم هذه الأمور على الرجال، ولذلك كره الكلام معهم وهم بهذه الصورة، وأَجّل الحديث معهم إلى اليوم التالي، حيث جاءوا يلبسون ثياب الرهبان، ومن ثَمَّ بدأ الكلام معهم.
لم يكن من همِّ الوفد ولا من نيته أن يُسلم أو يفكر في الإسلام، وإنما أتى ليناظر الرسول صلى الله علية وسلم من ناحية، وأتى ليبهره، ويبهر المسلمين من ناحية أخرى، ولذلك كان الحوار معهم على صورة تختلف كثيرًا عن الحوار مع الوفود الأخرى.
لقد عرض رسول الله صلى الله علية وسلم عليهم الإسلام، ولكنهم رفضوا وقالوا: كنا مسلمين قبلكم.
وهذه الجملة صحيحة لو كانوا فعلاً متبعين لكتبهم الأصلية دون تبديل أو تحريف
بل قال الله في أهل الكتاب الذين يتبعون الكتاب الصحيح غير المحرف:
{الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آَمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ} [القصص: 53].
ولكن يشترط لصدق هذه الكلمة أن يتبعوا كتابهم غير المحرف اتباعًا كاملاً، وفي هذا الكتاب غير المحرف بشارة برسولنا الكريم
وعلامات واضحة لنبوته، وأدلة على صدقه، لذلك فعلماء اليهودية والنصرانية يعرفون الرسول رسول الله صلى الله علية وسلم {أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آَيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الشعراء: 197].
ويعرفون علاماته، ويوقنون بصدقه، وبوجوب اتباعه، لكن يمنعهم الكبر والمصالح، والدنيا والهوى والحسد، وأشياء كثيرة، ولذلك فهم يخفون هذه الآيات والدلائل مع علمهم بها، ويتبعون كتبهم المحرفة بدلاً من اتباع الرسول الصادق رسول الله صلى الله علية وسلم.
لذلك أنكر مقولتهم هذه، وذكر لهم أنهم يحرفون دينهم في أمور كثيرة، وهذا التحريف يتنافى مع الإسلام؛
لأن الإسلام معناه أن يُسلم الإنسان نفسه تمامًا لله ، ولتشريعاته وقوانينه، ولا يسلم نفسه لأهوائه الشخصية، أو مصالحه الخاصة.
قال صلى الله علية وسلم: "يَمْنَعُكُمْ مِنَ الإِسْلامِ ثَلاثٌ: عِبَادَتُكُمُ الصَّلِيبَ، وَأَكْلِكُمْ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ، وَزَعْمُكُمْ أَنَّ لِلِّهِ وَلَدًا".
فهذه أمور ثلاثة حرفتموها في الإنجيل، ولم تسلموا فيها لله رب العالمين،
ولا يستقيم أن تطلقوا على أنفسكم مسلمين قبل أن تتركوا هذا الاعتقاد الفاسد، وللأسف فهذا اعتقاد جازم عند معظم النصارى، وهو يمنعهم من التفكير في الإسلام،
ولذلك عند نزول المسيح قبل يوم القيامة يجعل من مهمته أن يصحح هذه الأمور التي ألصقت بدينه
ولم تكن فيه، حيث يكسر الصليب. روى أحمد وابن حبان عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله علية وسلم قال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا؛ فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضُ الْمَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلُهُ أَحَدٌ".
وكنت أتعجب من أن المسيح سيجعل من همِّه أن يقوم بهذه الأمور عند نزوله، ويهتم بها للدرجة التي تستحق أن تذكر كأول أعمال يعملها على الأرض بعد نزوله، وزال عجبي بعد رؤية هذه المحاورة التي بين الرسول صلى الله علية وسلم ووفد نجران،
فإنه من الواضح أن هذه الأمور تغلغلت في قلوب النصارى، حتى اعتبروها جزءًا من الدين، لا يمكن التنازل عنه بأي حال من الأحوال، ومن ثَمَّ فإنهم -بسبب هذه الأمور- يرفضون التفكير أصلاً في مبدأ الإسلام،
فكانت هذه الأمور كالغشاوة على أعينهم، والتي تحجب الرؤية تمامًا، ومن هنا جاء حرص المسيح على إلغاء هذه الأمور بمجرد نزوله.
المهم أن وفد نجران لم يكن يريد الإسلام، ولذلك كثر الجدال بينهم وبين الرسول صلى الله علية وسلم، وكثر إلقاء الشبهات والرد عليه، وكان مما قالوه: ما لك تشتم صاحبنا -يقصدون عيسى - وتقول إنه عبد الله؟
فقال : "أَجَلْ، إِنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلى مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ".
وهذا ليس انتقاصًا أبدًا من عيسى ، بل العبودية لله تشريف، وهو رسول من أولي العزم من الرسل، وهو كلمه الله ألقاها إلى مريم عليها السلام، والتي نكرمها أيضًا ونجلَّها، وننفي عنها أي شبهة سوء، فنقول: إنها مريم العذراء البتول.
لكن النصارى يبالغون في تكريم المسيح حتى خرجوا به عن طبيعته إلى طبيعة أخرى، فقالوا: هو الله. وقالوا: هو ابن الله. وقالوا: ثالث ثلاثة.
وكلها مبالغات غير مقبولة، وعقيدة فاسدة، دفعهم إليها الحب الزائد، والتقديس الزائد عن الحد المطلوب، لذلك كان رسول الله صلى الله علية وسلم حريصًا عند موته على إبراز هذا المعنى، حتى لا يتجاوز المسلمون الحب المفروض له إلى الحب الذي يقود إلى ضلال وكفر، فيخرجون بطبيعة الرسول إلى غيرها، قال ،
وهو على فراش موته كما روى البخاري ومسلم عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله علية وسلم في مرضه الذي لم يقم منه: "لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ".
ولكون النصارى في وفد نجران لا يتنازلون عن هذا الاعتقاد، فإنهم غضبوا من وصف عيسى بالبشرية والعبودية، وقالوا: هل رأيت إنسانًا قَطُّ من غير أب، فإن كنت صادقًا فأرنا مثله؟
فأنزل الله الحجة الدافعة، حيث ضرب لهم مثلاً يوضح حقيقة عيسى فقال الله : {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [آل عمران: 60].
النصارى لا ينكرون أن آدم خلق من غير أب ولا أم، وهذا في كتبهم، فإن كان الله قادرًا على خلق آدم بدون أب أو أم، أوَيُعجز I أن يخلق عيسى بأم بلا أب؟!
إن العقل ليقبل ذلك تمامًا، لكن الذي لا يقبله العقل أن يكون الإله بشرًا يأكل ويشرب وينام ويخرج ويصاب بالألم ويجرح،
بل -في عرف النصارى- يُقتل ويصلب، وإن كنا -نحن المسلمين- نؤمن أنه لم يُقتل ولم يُصلب ،
بل رفعه الله إليه {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} [النساء: 157].
ليس من المعقول أن يكون الإله بهذه الصورة التي يعتريها الضعف البشري، ولكن المعقول والمقبول أن يكون البشر كذلك، وليس هذا تقليلاً لقيمة عيسى ، بل هو من أولي العزم من الرسل، ومن أعظم الخلق، وآية الله وكلمته، فَرْضٌ على المسلمين أن يؤمنوا به، وبنبوته، وبعظمته، ونبله.
ولكن هذا الكلام المقنع لم يقنع النصارى، أو قل: لم يعجب النصارى، ووصلت المحاورة إلى طريق مسدود.
ثم لجأ رسول الله صلى الله علية وسلم إلى طريقة أخيرة وفريدة؛ لإقامة الحجة على النصارى، فطلب منهم أن يقوموا بالمباهلة أي الملاعنة،
وذلك تنفيذًا لأمر الله الذي جاء في سورة آل عمران، إذ قال الله : {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران: 61].
وهذه طريقة فريدة فيها ثقة شديدة بالله ، ويقين كامل بالحق الذي مع رسولنا ، فهو يقول لهم: إن كل طرف يجمع أهله، ويقف مع الطرف الآخر وجهًا لوجه، يبتهل كل منهما أن ينزل الله لعنته على الذي يكذب، وينكر الحق، فلو كانوا يعتقدون اعتقادًا جازمًا أن الحق معهم، أو أن هذا ليس برسول، فلا يجب أن يخافوا من هذه المباهلة أو الملاعنة.
وبالفعل جاء معه عائلته المكونة من عليّ بن أبي طالب، وابنته فاطمة والحسن والحسين، ثم قال صلى الله علية وسلم: "إِذَا دَعَوْتُ فَأَمِّنُوا". ولما رأى النصارى جدية الرسول صلى الله علية وسلم خافوا من هذه الملاعنة، وقالوا: مَا بَاهَلَ قَوْمٌ نَبِيًّا إِلاَّ هَلَكُوا.
وهذا يثبت -بما لا يدع مجالاً للشك- أنهم يؤمنون بنبوته وصدقه، ولكنهم يجحدون ذلك لهوى في نفوسهم، واتباعًا لشهواتهم.
فقالوا: احكم علينا بما أحببت.
فصالحهم على الجزية.
ولما عزموا على العودة لبلادهم سألوا رسول الله صلى الله علية وسلم أن يرسل معهم رجلاً أمينًا ليقبض منهم الجزية، فقال : "لأَبْعَثَنَّ مَعَكُمْ رَجُلاً أَمِينًا حَقَّ أَمِينٌ".
فاستشرف لهذه المكانة أصحاب الرسول صلى الله علية وسلم، فقال : "قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ".
فلما قام، قال : "هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ".
كانت هذه نتيجة المفاوضات والمحاورات مع وفد نصارى نجران، وكما رأينا فإنهم رأوا الحق، واتبعوا غيره، وأَبَى الوفد أن يسلم من فوره، وتحقق فيهم قول الله : {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} [النمل: 14].
وهذا يعطي المسلمين ثقة كبيرة جدًّا، فإنه يؤكد لهم أن الغرب والشرق الذين يحاورونهم يعلمون في داخلهم أن الإسلام هو دين الحق، ولكنهم يراوغون ويجادلون، فلا يجب أن يحبط المسلم أبدًا من رؤية كثرة المكذبين، قال الله تعالى: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام: 33].
ذكر نصارى نجران وما أنزل الله فيهم
معنى العاقب والسيد والأسقف
قال ابن إسحاق : وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نصارى نجران ، ستون راكبا ، فيهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم ، وفي الأربعة عشر منهم ثلاثة نفر إليهم يئول أمرهم : العاقب ، أمير القوم وذو رأيهم ، وصاحب مشورتهم ، والذي لا يُصدرون إلا عن رأيه ، واسمه عبدالمسيح ؛ والسيد ، لهم ثمالهم ، وصاحب رحلهم ومجتمعهم ، واسمه الأيهم ؛ وأبو حارثة بن علقمة ، أحد بني بكر بن وائل ، أسقفهم وحبرهم وإمامهم ، وصاحب مدراسهم
منزل أبي حارثة عند ملوك الروم
وكان أبو حارثة قد شرف فيهم ، ودرس كتبهم ، حتى حسن علمه في دينهم ، فكانت ملوك الروم من النصرانية قد شرّفوه وموّلوه وأخدموه ، وبنوا له الكنائس ، وبسطوا عليه الكرامات ، لما يبلغهم عنه من علمه واجتهاده في دينهم .
سبب إسلام كوز بن علقمة
فلما رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نجران ، جلس أبو حارثة على بغلة له موجِّها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإلى جنبه أخ له ، يقال له : كوز بن علقمة - قال ابن هشام : ويقال : كرز - فعثرت بغلة أبي حارثة ، فقال كوز : تعس الأبعد : يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم : فقال له أبو حارثة : بل أنت تعست ! فقال : ولم يا أخي ؟ قال : والله إنه للنبي الذي كنا ننتظر ؛ فقال له كوز : ما يمنعك منه وأنت تعلم هذا ؟ قال : ما صنع بنا هؤلاء القوم ، شرفونا وموّلونا وأكرمونا ، وقد أبوا إلا خلافه ، فلو فعلت نزعوا منا كل ما ترى . فأضمر عليها منه أخوه كوز بن علقمة ، حتى أسلم بعد ذلك . فهو كان يحدث عنه هذا الحديث فيما بلغني .
رؤساء نجران وإسلام ابن رئيس
قال ابن هشام : وبلغني أن رؤساء نجران كانوا يتوارثون كتابا عندهم . فكلما مات رئيس منهم فأفضت الرياسة إلى غيره ، ختم على تلك الكتب خاتما مع الخواتم التي كانت قبله ولم يكسرها ، فخرج الرئيس الذي كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يمشي فعثر ، فقال له ابنه : تعس الأبعد ! يريد النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فقال له أبوه : لا تفعل ، فإنه نبي ، واسمه في الوضائع ، يعني الكتب .
فلما مات لم تكن لابنه همة إلا أن شد فكسر الخواتم ، فوجد فيها ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ، فأسلم فحسن إسلامه وحج ، وهو الذي يقول :
إليك تعدو قلقا وضينها * معترضا في بطنها جنينها
مخالفا دين النصارى دينها *
قال ابن هشام : الوضين : الحزام ، حزام الناقة . وقال هشام بن عروة : وزاد فيه أهل العراق :
معترضا في بطنها جنينها*
فأما أبو عبيدة فأنشدناه فيه .
صلاتهم إلى جهة المشرق
قال ابن إسحاق : وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، قال : لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، فدخلوا عليه مسجده حين صلى العصر ، عليهم ثياب الحبرات ، جبب وأردية ، في جمال رجال بني الحارث بن كعب . قال : يقول بعض من رآهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ : ما رأينا وفدا مثلهم ، وقد حانت صلاتهم ، فقاموا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعوهم ؛ فصلوا إلى المشرق .
أسماؤهم ومعتقداتهم ، و مناقشتهم الرسول صلى الله عليه وسلم
قال ابن إسحاق : فكانت تسمية الأربعة عشر ، الذين يئول إليهم أمرهم : العاقب ، وهو عبدالمسيح ؛ والسيد وهو الأيهم ، وأبو حارثة ابن علقمة أخو بني بكر بن وائل ، وأوس ، والحارث ، وزيد ، وقيس ، ويزيد ، ونبيه ، وخويلد ، وعمرو ، وخالد ، وعبدالله ، ويحنَّس ، في ستين راكبا .
فكلم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم منهم : أبو حارثة بن علقمة ، والعاقب عبدالمسيح ، والأيهم السيد - وهم من النصرانية على دين الملك ، مع اختلاف من أمرهم ، يقولون : هو الله ، ويقولون : هو ولد الله ، ويقولون : هو ثالث ثلاثة ، وكذلك قول النصرانية .
فهم يحتجون في قولهم : ( هو الله ) بأنه كان يحيي الموتى ، ويبرىء الأسقام ، ويخبر بالغيوب ، ويخلق من الطين كهيئة الطير ، ثم ينفخ فيه فيكون طائرا ، وذلك كله بأمر الله تبارك وتعالى : ( ولنجعله آية للناس ) .
ويحتجون في قولهم : ( إنه ولد الله ) بأنهم يقولون : لم يكن له أب يعلم ، وقد تكلم في المهد ، وهذا لم يصنعه أحد من ولد آدم قبله .
ويحتجون في قولهم : ( إنه ثالث ثلاثة ) بقول الله : فعلنا ، وأمرنا ، وخلقنا ، وقضينا ، فيقولون : لو كان واحدا ما قال إلا فعلت ، وقضيت ، وأمرت ، وخلقت ؛ ولكنه هو وعيسى ومريم . ففي كل ذلك من قولهم قد نزل القرآن - فلما كلمه الحبران ، قال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم : أسلما ؛ قالا : قد أسلمنا ؛ قال : إنكما لم تسلما فأسلما ؛ قالا : بلى ، قد أسلمنا قبلك ، قال : كذبتما ، يمنعكما من الإسلام دعاؤكما لله ولدا ، وعبادتكما الصليب ، وأكلكما الخنزير ؛ قالا : فمن أبوه يا محمد ؟ فصمت عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجبهما .
أمس في 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
أمس في 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد
» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» العبادة وأركانها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد
» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور
» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد
» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد
» هيئات السجود المسنونة
الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» (( - 2 -)) خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأربعاء نوفمبر 13, 2024 11:28 pm من طرف صادق النور