ـــــــــــــــ علم الفراسة ــــــــــــــــــ
الفراسة هى :ـ
علم يقزفه الله فى قلب بعض عباده الصالحين
فيعنهم فى الدنيا على مشاق التعبد يظهروا بة معانى الحب فى اللة
هو العلم الذي يبحث في ظواهر الناس ليكشف بواطنهم . وتعرف الفراسة اصطلاحا على أنها الاستدلال بالأحوال الظاهرة على الباطنة، ويعرفها البعض على أنها معرفة أخلاق وطباع وأحوال البشر دون اتصال مباشر بهم أو معرفة الأمور من نظرة .
علم الفراسة هو العلم القديم الحديث فأول من كتب عنه أرسطو, وبرع العرب والمسلمين بهذا العلم من أمثال الرازي وابن سينا وابن الجوزية ثم أخذه الأوربيين وطوروه وأصبح علم قائم بحد ذاته يُدرس ويُتخصص به وهو (الباراسيكولوجيا) الذي كان يُدرّس في جامعة بغداد,
يقال في أيام العرب تفرست في وجه الرجل فعرفت من أين هو ومن أين قدم ، وهكذا اعتبر من ضمن العلوم الشائعة آنذاك .
كما أن الفراسة قد تناولها القرآن في عدة آيات كما في قوله تعالى : (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم) سورة الفتح الآية 29 .
وقد عُرًف علم الفراسة تعريفاً بسيطاً يعتبره إلهام , فالفراسة تُعتبر فكرة تقفز فجأة للوعي ممن شهد لهم بالذكاء والمعرفة الطويلة كما اشتهرت أسر عربية ببراعتها في الفراسة وتقصي الأثر .الفراسة هي: ذهن سريع الاستدلال بدون حد وسط ، من المعلوم إلى المجهول .
وقيل :هي القدرة على التنبؤ يهبها الله لمن يشاء من أولياءه وأصفياءه .
وقيل: هي الأستدلال بالخَلْقِ على الخُلُق .
أنواعها :
1- إيمانية : نور يلقيه الله في قلب عبده ، يفرق به بين الحق والباطل .
قال صلى الله عليه وسلم((أتقوا فراسة المؤمن ، فإنه ينظر بنور الله))
وهذه على حسب قوة الإيمان .
وستأتي قصص عن بعض الناس من هذا النوع .
2- فراسة الرياضة والجوع ، والسهر والتخلي . فإن النفس إن تجردت من العوائق صار لها من الفراسة والكشف بحسب تجردها ، وهي مشتركة بين المؤمن والكافر . ولا تدل على إيمان ولا ولاية . وكثير من الجهال يغتر بها , وهي لاتكشف عن حق نافع ولا طريق مستقيم بل كشفها جزئي من جنس فراسة الولاة ، وأصحاب عبارة الرؤيا والأطباء ونحوهم.
3- الفراسة الخَلْقية . وهي التي صنف فيها الأطباء ونحوهم ، وأستدلوا بالخَلْق على الخُلُق لما بينهما من الأرتباط الذي أقتضته حكمة الله. كالاستدلال على صغر الرأس بصغر العقل وبخمود العين وكلال نظرها على بلادة صاحبها وضعف حرارة قلبه. وغيره مما يأتي .
وقد وردت الفراسة في القرآن في قوله تعالى ( إن في ذلك لآيات للمتوسمين)
قال بعض السلف : المتفرسين.
أسبابها :
قوة الإيمان-الإخلاص لله – الإكثار من ذكر الله –قوة الذكاء وغيره مما لايتسع المجال للمرور عليه .
ومعلوم أن فراسة الأنبياء وفطنتهم فوق كل الفطن فإليك بعض الشيء عنهم
أنواع الفراسة قديماً :
===========
1- فراسة الأثر (العيافة): تتبع آثار الأقدام والخفاف والنعال في التربة
2- فراسة البشر (القيافة): معرفة الإنسان بالنظر إلى بشراتهم وملامحهم وأجسادهم.
3- فراسة ومعرفة الجبال واستنباط معادن الفلزات
4- فراسة ومعرفة مصادر المياه (الريافة) من التربة والرائحة ورؤية النبات وحركات الحيوانات المخصوصة
5- الاستدلال بأحوال البروق والسحاب والمطر والريح
6- فراسة اللغة
7- فراسة طباع وأخلاق الشعوب (جزء من فراسة وجوه البشر)
8- الفراسة المتعلقة بحذق المرء في صنعته
9- الفراسة المتعلقة في أخلاق الحيوانات وصفاتها المحمودة والمذمومة (الخيل، الإبل..الخ)
10- فراسة الحس (اللون والذوق واللمس)
11- فراسة السلوك والمزاج والأصوات والأحوال النفسية
أنواع الفراسة حديثاً :
===========
1- فراسة الوجوه (علم الفيسيونومي)
2- فراسة الإيماءات والحركات (علم الكينيسيكز) وفيه فراسة الإحساس والنبرات والهيئات والمظهر والوضعيات..الخ
3- فراسة خط اليد (علوم الجرافولوجي، الجرافونومي، والجرافوثيرابي)
4- فراسة الألوان (سيكولوجية الألوان، تفسير ألوان الهالات النورانية)
5- الفراسة المتخصصة (يعرفها الشخص مع الخبرة والتجربة والدراسة في مجال العمل : بائع العسل، بائع الذهب والألماس، بائع العطور والأطياب، العطار أو بائع الأعشاب، الطبيب أو الجراح، المهندس، خبير الأرصاد، خبير تتبع الأثر الجنائي، عالم تصنيف النبات أو الحيوان، فني السيارات، فني الكمبيوتر...الخ)
الرجل فراسته أقوى من فراسة المرأة :
=====================
هناك دراسة تقول أنه لا يوجد فرق، وهناك دراسة تقول أن المرأة أفضل في قراءة تعبيرات الوجه والحركات والإيماءات لارتباطها القوي مع أطفالها منذ ولادتهم وخلال تربيتهم فهي تتعود على فهم ملامحهم وتعبيراتهم في الوقت الذي تتواصل معهم لا لفظيا لعدم تكون اللغة لديهم، وهناك دراسة حديثة حول معرفة الفروق في عمل دماغ الفتيان والفتيات دون الحادية عشر أظهرت أن الفتيات في هذا السن لهن القدرة على قراءة تعبيرات الوجه (فراسة تعبيرات الوجه) أكثر من أقرانهم الفتيان .
الدراسة على حداثتها محصورة على فئة سنية معينة وتعتبر ضعيفة جدا حيث أن مجتمع الدراسة مكون من 17 ولدا و 18 بنتا كما أنها لم تخلص إلى هل هذه الفروق تستمر مع ازدياد العمر أم هي محصورة في فترة ما قبل المراهقة. وهناك دراسة تقول أن المرأة تتفرس في أشياء وتغيب عنها أشياء وكذلك الرجل فكل شخص له طريقته في التفرس .
قال تعالى :
"سيماهم في وجوههم من أثر السجود"
دليل على أن فراسة الوجه هي الأخصب علما ، فنحن نمارس الفراسة بأبسط صورها كقولنا (وجه ..فلان أو فلانة .. مريح أو عكس ذلك)فالوجه مرآة لحالة الشخص النفسية ، والتاريخ الإسلامي يزودنا بأمثلة عديدة لأناس كان لهم وقفات مع الفراسة فأثناء رحلة رسول الله مع عمه إلى بلاد الشام للتجارة وعمره 12 سنة توقفوا لدى بحيرا الراهب النصراني الذي تفرس في وجه الرسول وتنبأ له بأحداث جسام فحرص عم الرسول عليه وخاصة من اليهود .
كما صح تفرس الرسول لأسامة بن زيد حيث ولاه حمله مشهورة إلى الشام وهو في الــ17 من عمره...
واليك اقوال فى تفرس الوجوة
الوجه المربع أو الحديدي :
(عرض الفك يوازي عرض الوجنتين):
يتمتع صاحب هذا الوجه بالشخصية القوية ، وهو قيادي في عمله لديه الإصرار في الوصول إلى غاياته وهو محب للنظام سريع الانفعال ، يجمع بين الشدو واللين بنفس الوقت ، محبوبا ويملك عدة صداقات ، إنسان حديدي وصلب في قراراته ، يقنع الآخرين بوجهة نظره لأنه يملك القوة والحجة والإقناع .
_ الوجه الرفيع :
وهم يتميزون بنحف الوجه ، والخدان غائران والعينان حادتان ، صاحبه ذو حس مرهف ، مثالي ،يسعى للتميز والاستقلالية ، ويحس بالإحباط إذا عاكسته الأمور ، ومع ذلك يهمه أن يكون لا معا ، بعض العلماء أطلقوا عليه لقب (الوجه الملكي) . وأصحاب هذا الوجه غالبا من الملوك والمسؤولين ، وجه قيادي مع إصرار وصرامة ورغبة في تمام كل شيء .. ومع هذا لا يستسلم بسهولة للفشل الذي أحيانا يكون من ثقته الزائدة بنفسه .
_ الوجه البيضاوي ( عريض الوسط والخدين ، وضيق الدقن بالنسبة للجبهة ) :
الوجه البيضاوي يتميز بالجمال ويعكس السحر والفتنة ، صاحبه جاد وصلب ويواجه الفشل ، شديد الجاذبية وحساس وشاعري ، ومتسامح ، ويميل للرومانسية ، أصدقائه معدودون ، وللأسف فسبب طيبته وثقته الزائدة بالآخرين علاقاته مصيرها الفشل ، لا يتمتع بشعبية كبيرة ويفضل العزلة بعالمه الخاص، والعلماء يسمون أصحاب هذا الوجه بأنهم ( صانعوا أنفسهم)
_ الوجه المثلث أو الجبلي (جبهته ضيقة وصدغ عريض وفك أعرض):
يعتبر صاحبه ذو تميز بطلة وجهه ودقة ملامحه ، وصاحب هذا الوجه عقلاني ذو ذهن حاد ومتفائل وناقد جيد ، يحاسب نفسه على الأخطاء بكثرة ، وهو ذو حماس للعمل ، يتميز بفم واسع وأنف بارز أو أفطس .
_ الوجه المستدير أو القمري :
كثيرا ما نسمع عن تشبيهات لطيفة لأصحاب الوجوه المكتنزة كقولنا :" وجهك كالقمر"لاستدارته وجماله ، والحقيقة أن معظم أصحاب هذا الوجه يميلون للسمنة ، ومع ذلك فهم يعانون من مشاكل كثيرة ولديهم قدرة على التأقلم السريع مع ظروف الحياة ومواقفها الجديدة والمستجدة .
صاحب هذا الوجه ينجح في الوظائف التي تحتاج إلى إقناع كالتجارة ، إلا أنه يشعر بالملل بسرعة وعقلانيته الواضحة في الأمور ، أحيانا يندم على أخطائه ويسترضي أصحابها وهذه الأخطاء السبب الرئيسي لها في أغلب الأحيان عصبيته الشديدة .
[[والحين يالغالين ما عليكم إلا إنكم تتمقلون في وجيه اللي حواليكم وتقيسونها على ما سبق]]
كما أطلق العرب كلمة "دعجاء" على العيون شديدة السواد ، و"الجوزاء"
للعيون متسعة السواد ، وقد جاءت فراسة الألوان على النحو التالي :
_ العيون الغامقة _ القاتمة :
أصحابها ذوو عزيمة ونشاط .
_ العيون البنية :
تعبر عن ذكاء كبير وطباع انفعالية وشخصية منطلقة .
_ العيون السوداء :
شخصية غامضة وساحرة في آن واحد .
_ العيون العسلية :
تدل على الأحلام والخيال الواسع .
_ العيون الزرقاء :
تدل على النعومة والضعف والعطف وأحيانا للافتقار للطموح والسلبية .
_ العيون الخضراء :
شخصية حالمة ومخلصة وذكية تحب المغامرات .
وبحسبة بسيطة تجدون أن بؤبؤ العين في وقت الفرح والصدق والخوف والكذب تضيق أو تتوسع حسب الحالة ، ونحن نعرف أن هناك تعابير للوجه اتفق عليها العلماء لا يمكن تجاهلها فمثلا خفض العينين يشير إلى الزهد والتواضع والخضوع ، أما العينان المحملقتان فتدلان على التحدي والثقة بالنفس والمفاجأة وهناك من يحتسبها تكبرا من باب قوله تعالى : "ولا تمشي في الأرض مرحا" أما النظرة المائلة فهي نظرة متلصصة كونها خفية وأيضا دلت على الخجل كما هي لدى الأطفال ، أما العيون المتجهمة للسماء فتوحي بالبراءة واتساع الأفق والشك أحيانا آخر ، وهذا يجرنا إلى شخوص العين للسماء عند حضور الموت فهي تتطلع إلى ما ينتظرها من نعيم أو جحيم باعتبارها آخر ما يقبض في الجسد ز
الأذنان:
الأذن الكبيرة ذات الحواشي الرقيقة : تدل على طباع هادئة .
الأذن العريضة : تدل على الذكاء والقدرات المميزة وشخصية فذة .
الأذن المنفرجة : تدل على شخصية قوية ، وواثقة بنفسها .
الأذن الملتصقة بالرأس:تدل على حب العزلة والانطواء وعدم التصرف الجيد في المواقف المحرجة التي تتطلب الفتنة والذكاء .
الفراسة الإيمانية،
وهذا يكون بحسب قوة الايمان، فمن كان أقوى إيماناً فهو أحد فِراسةً. فمن غرس الايمان في أرض قلبه الطيبة الزاكية وسقى ذلك الغراس بماء الاخلاص والصدق والمتابعة، كان من بعض ثمره هذه الفراسة. عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله، ثم قرأ قول الله تعالى: إن في ذلك لآيات للمتوسمين )). رواه الترمذي. وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله عباداً يعرفون الناس بالتوسم)) رواه الطبراني في الأوسط. وأصل هذا النوع من الفراسة، من الحياة والنور اللذين يهبهما الله تعالى لمن يشاء من عباده فيحيا القلب بذلك ويستنير، فلا تكاد فراسته تخطئ قال الله تعالى: أومن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها .
هذه الفراسة تتكون للعبد بحسب قربه من الله، فإن القلب إذا قرب من الله انقطعت عنه معارضات السوء المانعة من معرفة الحق وإدراكه، وكان تلقيه من مشكاة قريبة من الله بحسب قربه منه، وأضاء له من النور بقدر قربه، فرأى في ذلك ما لم يره البعيد المحجوب. دخل قوم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعمر في مقدمة الصحابة ممن عرف بالفراسة رضي الله عنه وسيأتي معنا شيئ من أخباره بعد قليل، قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري: ((لقد كان فيما قبلكم من الأمم ناس مُحدّثون فإن يك في أمتي فإنه عمر)). دخل قوم من مَذحِج على الفاروق عمر فيهم الأشتر النخعي، فصعّد فيه عمر النظر وصوّبه، وقال: أيهم هذا؟ قالوا: مالك بن الحارث، فقال: ما له قاتله الله، إني لأرى للمسلمين منه يوماً عصيباً. فكان كما تفرس رضي الله عنه فكان منه في الفتنة ما كان.
ودخل رجل على عثمان بن عفان رضي الله عنه وقد رأى امرأة في الطريق فتأمل محاسنها، فقال له عثمان: يدخل عليّ أحدكم وأثر الزنى ظاهر على عينيه؟! فقلت: أوحيٌ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لا، ولكن تبصرة وبرهان وفراسة صادقة.
قال أبو شجاع الكرماني: من عمر ظاهره باتباع السنة وباطنه بدوام المراقبة وكفَّ نفسه عن الشهوات وغض بصره عن المحارم واعتاد أكل الحلال لم تخطىء له فراسة وقد ذكر الله سبحانه قصة قوم لوط وما ابتلوا به ثم قال بعد ذلك: إن في ذلك لآيات للمتوسمين وهم المتفرسون الذين سلموا من النظر المحرم والفاحشة، وقال تعالى عقيب أمره للمؤمنين بغض أبصارهم وحفظ فروجهم: الله نور السموات والأرض . قال ابن القيم رحمه الله معقباً على كلام الكرماني وسر هذا: أن الجزاء من جنس العمل فمن غض بصره عما حرم الله عز وجل عليه عوضه الله تعالى من جنسه ما هو خير منه فكما أمسك نور بصره عن المحرمات أطلق الله نور بصيرته وقلبه، فرأى به ما لم يره من أطلق بصره ولم يغضه عن محارم الله تعالى، وهذا أمر يحسه الإنسان من نفسه، فإن القلب كالمرآة والهوى كالصدأ فيها فإذا خلصت المرآة من الصدأ انطبعت فيها صور الحقائق كما هي عليه، وإذا صدئت لم تنطبع فيها صور المعلومات فيكون علمه وكلامه من باب الخرص والظنون،
الفرق بين الفراسة والظن
أن الظن يخطىء ويصيب وهو يكون مع ظلمة القلب ونوره وطهارته ونجاسته، ولهذا أمر تعالى باجتناب كثير منه، وأخبر أن بعضه إثم. وأما الفراسة فأثنى على أهلها ومدحهم في قوله تعالى: إن في ذلك لآيات للمتوسمين قال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره أي للمتفرسين وقال تعالى: يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم وقال تعالى: ولو نشاء لأريناهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول فالفراسة الصادقة لقلب قد تطهر وتصفى وتنـزه من الأدناس وقرب من الله فهو ينظر بنور الله الذي جعله في قلبه. ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه عز وجل أنه قال: ((ما تقرب إليّ عبدي بمثل ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها)). فأخبر سبحانه أن تقرب عبده منه يفيده محبته له فإذا أحبه قرب من سمعه وبصره ويده ورجله فسمع به وأبصر به وبطش به ومشى به فصار قلبه كالمرآة الصافية تبدو فيها صور الحقائق على ما هي عليه فلا تكاد تخطىء، له فراسة فإن العبد إذا أبصر بالله أبصر الأمر على ما هو عليه، فإذا سمع بالله سمعه على ما هو عليه وليس هذا من علم الغيب بل علام الغيوب قذف الحق في قلب قريب مستبشر بنوره غير مشغول بنقوش الأباطيل والخيالات والوساوس التي تمنعه من حصول صور الحقائق فيه، وإذا غلب على القلب النور فاض على الأركان وبادر من القلب إلى العين فكشف بعين بصره بحسب ذلك النور، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مقدمة المتفرسين روى الحاكم في المستدرك وغيره عن عمرو بن عبسة السُلمي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض الخيل وعنده عيينة بن بدر الفزاري فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنا أعلم بالخيل منك. فقال عيينة: وأنا أعلم بالرجال منك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فمن خير الرجال؟ قال: رجال يحملون سيوفهم على عواتقم ورماحهم على مناسج خيولهم من رجال نجد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذبت بل خير الرجال رجال اليمن، والإيمان يمان إلى لخمٍ وجُذام، ومأكول حمير خير من أكلها، وحضرموت خير من بني الحارث، والله ما أبالي لو هلك الحارثان جميعاً، لعن الله الملوك الأربعة، جَمَداً، ومَخُوساً، وأبضَعة، وأختهم العَمَرَّدة، ثم قال: أمرني ربي أن ألعن قريشاً مرتين فلعنتهم، وأمرني أن أصلي عليهم فصليت عليهم مرتين مرتين. ثم قال: لعن الله تميم بن مرة خمساً وبكر بن وائل سبعاً ولعن الله قبيلتين من قبائل بني تميم: مَقاعس وملادس، ثم قال: عُصية عصت الله ورسوله. ثم قال: أسلم وغفار ومزينة وأحلافهم من جهينة خير من بني أسد وتميم وغطفان وهوازن عند الله يوم القيامة، ثم قال: شر قبيلتين في العرب نجران وبنو تغلب، وأكثر القبائل في الجنة مَذحِج)).
للموضوع بقية
الفراسة هى :ـ
علم يقزفه الله فى قلب بعض عباده الصالحين
فيعنهم فى الدنيا على مشاق التعبد يظهروا بة معانى الحب فى اللة
هو العلم الذي يبحث في ظواهر الناس ليكشف بواطنهم . وتعرف الفراسة اصطلاحا على أنها الاستدلال بالأحوال الظاهرة على الباطنة، ويعرفها البعض على أنها معرفة أخلاق وطباع وأحوال البشر دون اتصال مباشر بهم أو معرفة الأمور من نظرة .
علم الفراسة هو العلم القديم الحديث فأول من كتب عنه أرسطو, وبرع العرب والمسلمين بهذا العلم من أمثال الرازي وابن سينا وابن الجوزية ثم أخذه الأوربيين وطوروه وأصبح علم قائم بحد ذاته يُدرس ويُتخصص به وهو (الباراسيكولوجيا) الذي كان يُدرّس في جامعة بغداد,
يقال في أيام العرب تفرست في وجه الرجل فعرفت من أين هو ومن أين قدم ، وهكذا اعتبر من ضمن العلوم الشائعة آنذاك .
كما أن الفراسة قد تناولها القرآن في عدة آيات كما في قوله تعالى : (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم) سورة الفتح الآية 29 .
وقد عُرًف علم الفراسة تعريفاً بسيطاً يعتبره إلهام , فالفراسة تُعتبر فكرة تقفز فجأة للوعي ممن شهد لهم بالذكاء والمعرفة الطويلة كما اشتهرت أسر عربية ببراعتها في الفراسة وتقصي الأثر .الفراسة هي: ذهن سريع الاستدلال بدون حد وسط ، من المعلوم إلى المجهول .
وقيل :هي القدرة على التنبؤ يهبها الله لمن يشاء من أولياءه وأصفياءه .
وقيل: هي الأستدلال بالخَلْقِ على الخُلُق .
أنواعها :
1- إيمانية : نور يلقيه الله في قلب عبده ، يفرق به بين الحق والباطل .
قال صلى الله عليه وسلم((أتقوا فراسة المؤمن ، فإنه ينظر بنور الله))
وهذه على حسب قوة الإيمان .
وستأتي قصص عن بعض الناس من هذا النوع .
2- فراسة الرياضة والجوع ، والسهر والتخلي . فإن النفس إن تجردت من العوائق صار لها من الفراسة والكشف بحسب تجردها ، وهي مشتركة بين المؤمن والكافر . ولا تدل على إيمان ولا ولاية . وكثير من الجهال يغتر بها , وهي لاتكشف عن حق نافع ولا طريق مستقيم بل كشفها جزئي من جنس فراسة الولاة ، وأصحاب عبارة الرؤيا والأطباء ونحوهم.
3- الفراسة الخَلْقية . وهي التي صنف فيها الأطباء ونحوهم ، وأستدلوا بالخَلْق على الخُلُق لما بينهما من الأرتباط الذي أقتضته حكمة الله. كالاستدلال على صغر الرأس بصغر العقل وبخمود العين وكلال نظرها على بلادة صاحبها وضعف حرارة قلبه. وغيره مما يأتي .
وقد وردت الفراسة في القرآن في قوله تعالى ( إن في ذلك لآيات للمتوسمين)
قال بعض السلف : المتفرسين.
أسبابها :
قوة الإيمان-الإخلاص لله – الإكثار من ذكر الله –قوة الذكاء وغيره مما لايتسع المجال للمرور عليه .
ومعلوم أن فراسة الأنبياء وفطنتهم فوق كل الفطن فإليك بعض الشيء عنهم
أنواع الفراسة قديماً :
===========
1- فراسة الأثر (العيافة): تتبع آثار الأقدام والخفاف والنعال في التربة
2- فراسة البشر (القيافة): معرفة الإنسان بالنظر إلى بشراتهم وملامحهم وأجسادهم.
3- فراسة ومعرفة الجبال واستنباط معادن الفلزات
4- فراسة ومعرفة مصادر المياه (الريافة) من التربة والرائحة ورؤية النبات وحركات الحيوانات المخصوصة
5- الاستدلال بأحوال البروق والسحاب والمطر والريح
6- فراسة اللغة
7- فراسة طباع وأخلاق الشعوب (جزء من فراسة وجوه البشر)
8- الفراسة المتعلقة بحذق المرء في صنعته
9- الفراسة المتعلقة في أخلاق الحيوانات وصفاتها المحمودة والمذمومة (الخيل، الإبل..الخ)
10- فراسة الحس (اللون والذوق واللمس)
11- فراسة السلوك والمزاج والأصوات والأحوال النفسية
أنواع الفراسة حديثاً :
===========
1- فراسة الوجوه (علم الفيسيونومي)
2- فراسة الإيماءات والحركات (علم الكينيسيكز) وفيه فراسة الإحساس والنبرات والهيئات والمظهر والوضعيات..الخ
3- فراسة خط اليد (علوم الجرافولوجي، الجرافونومي، والجرافوثيرابي)
4- فراسة الألوان (سيكولوجية الألوان، تفسير ألوان الهالات النورانية)
5- الفراسة المتخصصة (يعرفها الشخص مع الخبرة والتجربة والدراسة في مجال العمل : بائع العسل، بائع الذهب والألماس، بائع العطور والأطياب، العطار أو بائع الأعشاب، الطبيب أو الجراح، المهندس، خبير الأرصاد، خبير تتبع الأثر الجنائي، عالم تصنيف النبات أو الحيوان، فني السيارات، فني الكمبيوتر...الخ)
الرجل فراسته أقوى من فراسة المرأة :
=====================
هناك دراسة تقول أنه لا يوجد فرق، وهناك دراسة تقول أن المرأة أفضل في قراءة تعبيرات الوجه والحركات والإيماءات لارتباطها القوي مع أطفالها منذ ولادتهم وخلال تربيتهم فهي تتعود على فهم ملامحهم وتعبيراتهم في الوقت الذي تتواصل معهم لا لفظيا لعدم تكون اللغة لديهم، وهناك دراسة حديثة حول معرفة الفروق في عمل دماغ الفتيان والفتيات دون الحادية عشر أظهرت أن الفتيات في هذا السن لهن القدرة على قراءة تعبيرات الوجه (فراسة تعبيرات الوجه) أكثر من أقرانهم الفتيان .
الدراسة على حداثتها محصورة على فئة سنية معينة وتعتبر ضعيفة جدا حيث أن مجتمع الدراسة مكون من 17 ولدا و 18 بنتا كما أنها لم تخلص إلى هل هذه الفروق تستمر مع ازدياد العمر أم هي محصورة في فترة ما قبل المراهقة. وهناك دراسة تقول أن المرأة تتفرس في أشياء وتغيب عنها أشياء وكذلك الرجل فكل شخص له طريقته في التفرس .
قال تعالى :
"سيماهم في وجوههم من أثر السجود"
دليل على أن فراسة الوجه هي الأخصب علما ، فنحن نمارس الفراسة بأبسط صورها كقولنا (وجه ..فلان أو فلانة .. مريح أو عكس ذلك)فالوجه مرآة لحالة الشخص النفسية ، والتاريخ الإسلامي يزودنا بأمثلة عديدة لأناس كان لهم وقفات مع الفراسة فأثناء رحلة رسول الله مع عمه إلى بلاد الشام للتجارة وعمره 12 سنة توقفوا لدى بحيرا الراهب النصراني الذي تفرس في وجه الرسول وتنبأ له بأحداث جسام فحرص عم الرسول عليه وخاصة من اليهود .
كما صح تفرس الرسول لأسامة بن زيد حيث ولاه حمله مشهورة إلى الشام وهو في الــ17 من عمره...
واليك اقوال فى تفرس الوجوة
الوجه المربع أو الحديدي :
(عرض الفك يوازي عرض الوجنتين):
يتمتع صاحب هذا الوجه بالشخصية القوية ، وهو قيادي في عمله لديه الإصرار في الوصول إلى غاياته وهو محب للنظام سريع الانفعال ، يجمع بين الشدو واللين بنفس الوقت ، محبوبا ويملك عدة صداقات ، إنسان حديدي وصلب في قراراته ، يقنع الآخرين بوجهة نظره لأنه يملك القوة والحجة والإقناع .
_ الوجه الرفيع :
وهم يتميزون بنحف الوجه ، والخدان غائران والعينان حادتان ، صاحبه ذو حس مرهف ، مثالي ،يسعى للتميز والاستقلالية ، ويحس بالإحباط إذا عاكسته الأمور ، ومع ذلك يهمه أن يكون لا معا ، بعض العلماء أطلقوا عليه لقب (الوجه الملكي) . وأصحاب هذا الوجه غالبا من الملوك والمسؤولين ، وجه قيادي مع إصرار وصرامة ورغبة في تمام كل شيء .. ومع هذا لا يستسلم بسهولة للفشل الذي أحيانا يكون من ثقته الزائدة بنفسه .
_ الوجه البيضاوي ( عريض الوسط والخدين ، وضيق الدقن بالنسبة للجبهة ) :
الوجه البيضاوي يتميز بالجمال ويعكس السحر والفتنة ، صاحبه جاد وصلب ويواجه الفشل ، شديد الجاذبية وحساس وشاعري ، ومتسامح ، ويميل للرومانسية ، أصدقائه معدودون ، وللأسف فسبب طيبته وثقته الزائدة بالآخرين علاقاته مصيرها الفشل ، لا يتمتع بشعبية كبيرة ويفضل العزلة بعالمه الخاص، والعلماء يسمون أصحاب هذا الوجه بأنهم ( صانعوا أنفسهم)
_ الوجه المثلث أو الجبلي (جبهته ضيقة وصدغ عريض وفك أعرض):
يعتبر صاحبه ذو تميز بطلة وجهه ودقة ملامحه ، وصاحب هذا الوجه عقلاني ذو ذهن حاد ومتفائل وناقد جيد ، يحاسب نفسه على الأخطاء بكثرة ، وهو ذو حماس للعمل ، يتميز بفم واسع وأنف بارز أو أفطس .
_ الوجه المستدير أو القمري :
كثيرا ما نسمع عن تشبيهات لطيفة لأصحاب الوجوه المكتنزة كقولنا :" وجهك كالقمر"لاستدارته وجماله ، والحقيقة أن معظم أصحاب هذا الوجه يميلون للسمنة ، ومع ذلك فهم يعانون من مشاكل كثيرة ولديهم قدرة على التأقلم السريع مع ظروف الحياة ومواقفها الجديدة والمستجدة .
صاحب هذا الوجه ينجح في الوظائف التي تحتاج إلى إقناع كالتجارة ، إلا أنه يشعر بالملل بسرعة وعقلانيته الواضحة في الأمور ، أحيانا يندم على أخطائه ويسترضي أصحابها وهذه الأخطاء السبب الرئيسي لها في أغلب الأحيان عصبيته الشديدة .
[[والحين يالغالين ما عليكم إلا إنكم تتمقلون في وجيه اللي حواليكم وتقيسونها على ما سبق]]
كما أطلق العرب كلمة "دعجاء" على العيون شديدة السواد ، و"الجوزاء"
للعيون متسعة السواد ، وقد جاءت فراسة الألوان على النحو التالي :
_ العيون الغامقة _ القاتمة :
أصحابها ذوو عزيمة ونشاط .
_ العيون البنية :
تعبر عن ذكاء كبير وطباع انفعالية وشخصية منطلقة .
_ العيون السوداء :
شخصية غامضة وساحرة في آن واحد .
_ العيون العسلية :
تدل على الأحلام والخيال الواسع .
_ العيون الزرقاء :
تدل على النعومة والضعف والعطف وأحيانا للافتقار للطموح والسلبية .
_ العيون الخضراء :
شخصية حالمة ومخلصة وذكية تحب المغامرات .
وبحسبة بسيطة تجدون أن بؤبؤ العين في وقت الفرح والصدق والخوف والكذب تضيق أو تتوسع حسب الحالة ، ونحن نعرف أن هناك تعابير للوجه اتفق عليها العلماء لا يمكن تجاهلها فمثلا خفض العينين يشير إلى الزهد والتواضع والخضوع ، أما العينان المحملقتان فتدلان على التحدي والثقة بالنفس والمفاجأة وهناك من يحتسبها تكبرا من باب قوله تعالى : "ولا تمشي في الأرض مرحا" أما النظرة المائلة فهي نظرة متلصصة كونها خفية وأيضا دلت على الخجل كما هي لدى الأطفال ، أما العيون المتجهمة للسماء فتوحي بالبراءة واتساع الأفق والشك أحيانا آخر ، وهذا يجرنا إلى شخوص العين للسماء عند حضور الموت فهي تتطلع إلى ما ينتظرها من نعيم أو جحيم باعتبارها آخر ما يقبض في الجسد ز
الأذنان:
الأذن الكبيرة ذات الحواشي الرقيقة : تدل على طباع هادئة .
الأذن العريضة : تدل على الذكاء والقدرات المميزة وشخصية فذة .
الأذن المنفرجة : تدل على شخصية قوية ، وواثقة بنفسها .
الأذن الملتصقة بالرأس:تدل على حب العزلة والانطواء وعدم التصرف الجيد في المواقف المحرجة التي تتطلب الفتنة والذكاء .
الفراسة الإيمانية،
وهذا يكون بحسب قوة الايمان، فمن كان أقوى إيماناً فهو أحد فِراسةً. فمن غرس الايمان في أرض قلبه الطيبة الزاكية وسقى ذلك الغراس بماء الاخلاص والصدق والمتابعة، كان من بعض ثمره هذه الفراسة. عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله، ثم قرأ قول الله تعالى: إن في ذلك لآيات للمتوسمين )). رواه الترمذي. وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله عباداً يعرفون الناس بالتوسم)) رواه الطبراني في الأوسط. وأصل هذا النوع من الفراسة، من الحياة والنور اللذين يهبهما الله تعالى لمن يشاء من عباده فيحيا القلب بذلك ويستنير، فلا تكاد فراسته تخطئ قال الله تعالى: أومن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها .
هذه الفراسة تتكون للعبد بحسب قربه من الله، فإن القلب إذا قرب من الله انقطعت عنه معارضات السوء المانعة من معرفة الحق وإدراكه، وكان تلقيه من مشكاة قريبة من الله بحسب قربه منه، وأضاء له من النور بقدر قربه، فرأى في ذلك ما لم يره البعيد المحجوب. دخل قوم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعمر في مقدمة الصحابة ممن عرف بالفراسة رضي الله عنه وسيأتي معنا شيئ من أخباره بعد قليل، قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري: ((لقد كان فيما قبلكم من الأمم ناس مُحدّثون فإن يك في أمتي فإنه عمر)). دخل قوم من مَذحِج على الفاروق عمر فيهم الأشتر النخعي، فصعّد فيه عمر النظر وصوّبه، وقال: أيهم هذا؟ قالوا: مالك بن الحارث، فقال: ما له قاتله الله، إني لأرى للمسلمين منه يوماً عصيباً. فكان كما تفرس رضي الله عنه فكان منه في الفتنة ما كان.
ودخل رجل على عثمان بن عفان رضي الله عنه وقد رأى امرأة في الطريق فتأمل محاسنها، فقال له عثمان: يدخل عليّ أحدكم وأثر الزنى ظاهر على عينيه؟! فقلت: أوحيٌ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لا، ولكن تبصرة وبرهان وفراسة صادقة.
قال أبو شجاع الكرماني: من عمر ظاهره باتباع السنة وباطنه بدوام المراقبة وكفَّ نفسه عن الشهوات وغض بصره عن المحارم واعتاد أكل الحلال لم تخطىء له فراسة وقد ذكر الله سبحانه قصة قوم لوط وما ابتلوا به ثم قال بعد ذلك: إن في ذلك لآيات للمتوسمين وهم المتفرسون الذين سلموا من النظر المحرم والفاحشة، وقال تعالى عقيب أمره للمؤمنين بغض أبصارهم وحفظ فروجهم: الله نور السموات والأرض . قال ابن القيم رحمه الله معقباً على كلام الكرماني وسر هذا: أن الجزاء من جنس العمل فمن غض بصره عما حرم الله عز وجل عليه عوضه الله تعالى من جنسه ما هو خير منه فكما أمسك نور بصره عن المحرمات أطلق الله نور بصيرته وقلبه، فرأى به ما لم يره من أطلق بصره ولم يغضه عن محارم الله تعالى، وهذا أمر يحسه الإنسان من نفسه، فإن القلب كالمرآة والهوى كالصدأ فيها فإذا خلصت المرآة من الصدأ انطبعت فيها صور الحقائق كما هي عليه، وإذا صدئت لم تنطبع فيها صور المعلومات فيكون علمه وكلامه من باب الخرص والظنون،
الفرق بين الفراسة والظن
أن الظن يخطىء ويصيب وهو يكون مع ظلمة القلب ونوره وطهارته ونجاسته، ولهذا أمر تعالى باجتناب كثير منه، وأخبر أن بعضه إثم. وأما الفراسة فأثنى على أهلها ومدحهم في قوله تعالى: إن في ذلك لآيات للمتوسمين قال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره أي للمتفرسين وقال تعالى: يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم وقال تعالى: ولو نشاء لأريناهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول فالفراسة الصادقة لقلب قد تطهر وتصفى وتنـزه من الأدناس وقرب من الله فهو ينظر بنور الله الذي جعله في قلبه. ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه عز وجل أنه قال: ((ما تقرب إليّ عبدي بمثل ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها)). فأخبر سبحانه أن تقرب عبده منه يفيده محبته له فإذا أحبه قرب من سمعه وبصره ويده ورجله فسمع به وأبصر به وبطش به ومشى به فصار قلبه كالمرآة الصافية تبدو فيها صور الحقائق على ما هي عليه فلا تكاد تخطىء، له فراسة فإن العبد إذا أبصر بالله أبصر الأمر على ما هو عليه، فإذا سمع بالله سمعه على ما هو عليه وليس هذا من علم الغيب بل علام الغيوب قذف الحق في قلب قريب مستبشر بنوره غير مشغول بنقوش الأباطيل والخيالات والوساوس التي تمنعه من حصول صور الحقائق فيه، وإذا غلب على القلب النور فاض على الأركان وبادر من القلب إلى العين فكشف بعين بصره بحسب ذلك النور، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مقدمة المتفرسين روى الحاكم في المستدرك وغيره عن عمرو بن عبسة السُلمي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض الخيل وعنده عيينة بن بدر الفزاري فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنا أعلم بالخيل منك. فقال عيينة: وأنا أعلم بالرجال منك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فمن خير الرجال؟ قال: رجال يحملون سيوفهم على عواتقم ورماحهم على مناسج خيولهم من رجال نجد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذبت بل خير الرجال رجال اليمن، والإيمان يمان إلى لخمٍ وجُذام، ومأكول حمير خير من أكلها، وحضرموت خير من بني الحارث، والله ما أبالي لو هلك الحارثان جميعاً، لعن الله الملوك الأربعة، جَمَداً، ومَخُوساً، وأبضَعة، وأختهم العَمَرَّدة، ثم قال: أمرني ربي أن ألعن قريشاً مرتين فلعنتهم، وأمرني أن أصلي عليهم فصليت عليهم مرتين مرتين. ثم قال: لعن الله تميم بن مرة خمساً وبكر بن وائل سبعاً ولعن الله قبيلتين من قبائل بني تميم: مَقاعس وملادس، ثم قال: عُصية عصت الله ورسوله. ثم قال: أسلم وغفار ومزينة وأحلافهم من جهينة خير من بني أسد وتميم وغطفان وهوازن عند الله يوم القيامة، ثم قال: شر قبيلتين في العرب نجران وبنو تغلب، وأكثر القبائل في الجنة مَذحِج)).
للموضوع بقية
أمس في 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
أمس في 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد
» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» العبادة وأركانها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد
» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور
» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد
» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد
» هيئات السجود المسنونة
الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» (( - 2 -)) خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأربعاء نوفمبر 13, 2024 11:28 pm من طرف صادق النور