الْحَمْدَ لله الَّذِي دَلٍّ عَلَى مَعْرِفَتِهِ بِإِتْقَانِ صَنْعَتِهِ، وَبَدِيعٌ لِطَائِفَ حُكْمَتِهِ، وَبِمَا أَوَدَعَهُ نُفُوسُ الْمُمَيَّزِينَ مِنْ أَعْلَاَمِ رُبُوبِيَّتِهِ،
وَاِسْتَحَقَّ عَلَى كُلُّ مُكَلَّفُ الْخُضُوعِ لِعَظَّمَتْهُ، وَالْخُشُوعَ لِعَزَتْهُ، وَالشُّكْرَ وَالْإشَادَةَ بِمَا أَسْبَغَ مِنْ نِعْمَتِهِ، وَنُشِرْ مِنْ رَحْمَتِهِ،
وَجَعَلَ قُلُوبُ أَوْلِيَائِهِ تَسْرَحُ فِي مَيَادِينِ مَحَاسِنِ مَا اِبْتَدَعَهُ، وَعُقُولَهُمْ تَرْتَاحُ لَمَّا مِنْ عَلَّيْهِمْ مِنَ اِسْتِنْبَاطِ الْمَعْرِفَةِ بِمَا اِخْتَرَعَهُ،
فَأَغْنَاهُمْ بِالتَّنَعُّمِ بِمَا بَسْطٍ لَهُمْ مِنَ الْمُبَاحَاتِ، عَمَّا زَجَرَهُمْ عَنْهُ مِنَ الْمَحْظُورَاتِ، فَصَارَ مَا تُدْرِكُهُ الْعُقُولُ مِنْ لَطِيفٍ مَا أَنْشَأَهُ،
وَشَرِيفَ الْغَرَضِ فِيمَا اِبْتَدَأَهُ، وَغَرِيبَ أَفْعَالِهِ فِي تَدْبِيرِ عِبَادِهِ، وَتَصرِيفَهُمْ، وَتَقْديرَ مَنَافِعِهِمْ وَمُصَالِحِهِمْ،
وَالصَّلَاَةُ وَالسَّلَاَمُ عَلِيُّ سَيِّدِنَا.مُحَمَّدً عَبَّدَهُ الَّذِي اِرْتَضَاهُ، وَنَبِيهَ الَّذِي اِخْتَارَهُ وَاِجْتَبَاهُ، وَرَسُولَهُ الَّذِي اِئْتَمَنَهُ وَاِصْطَفَاهُ، وَرَفَعَهُ وَأَعْلَاهُ، وَخَصَّهُ بِخَتْمِ النُّبُوَّةِ وَحُبَاِهِ، وَأَبَانَهُ بِأَعْلَى مُنَازِلِ الْفَضْلِ عَلَى كُلُّ آدَمِيٍّ عَدَاهُ، وَنَسْأَلُهُ أَنَّ يُصَلِّي عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَيُسَلِّمُ أَزَكَّى تَسَلُّمٌ وَصَلَاَةٌ، وَيُكَرِّمُهُ أَتَمَّ تَكْريمٌ وَأَنْبَاهُ، وَيَجْعَلُنَا مِنَ الآوين إِلَى ظِلِّهِ وَذَرَاِهِ، وَالدَّاعِينَ إِلَى نُورِهِ وَهُدَاِهِ، وَيَعْصِمُنَا مِنَ الْخُرُوجِ عَنْ طَاعَتِهِ، وَالْوُلُوجَ فِي مَعْصِيَتِهِ، وَيُوَفِّقُنَا لِإِيثَارِ عِبَادَتِهِ، وَمُجَانَبَةَ عِصْيَانِهِ وَمُخَالَفَتِهِ، وَهُوَ لِي الْإِنْعَامُ بِذَلِكَ، وَالتَّيْسيرَ لَهُ، وَالْمَعُونَةَ عَلَيْهِ مِنْ رَحْمَتِهِ.
مفهوم الصاحب
إذا بحثنا عن معنى كلمة صاحِب، بكسر الحاء، في المعجم الوسيط، فسنجد أن للكلمة معانٍ كثيرة، ولكن ما يهمنا الآن هو التفرقة بين الصاحب والصديق، لذا سنختزل المعنى في ظل الموضوع المطلوب. الصاحِب جمع أصْحاب، وصَحابة، وصِحاب، وصَحْب، وصُحْبَة، مؤنثه صاحبة، والجمع المؤنث السالم له صاحِبات، وصَواحِب، وهم اسم فاعل من صحب، فيقال أصحاب الكهف عن الفتية الذين آمنوا بالله واختبؤوا في الكهف، والصاحب بالجنب أي الرفيق، وهو لقب يطلق على الزوجة، وعلى الرفيق في التعلم أو الصنعة أو السفر. الأمور التي تقتضيها الصحبة قد يكون الصاحب صديقاً، وقد لا يكون، فلا تظهر حقيقة مشاعره تجاهك بشكل واضح،
ولكنه في كلتا الحالتين مصاحبٌ لك في ذات المكان والزمان.
الصاحب قد يكون الشخص الذي لا تثق به في كل صغيرة وكبيرة، ولا تفكر في اللجوء إليه وقت الشدة، لأنه قد يخذلك، أو لا يعد قريباً منك بدرجة كافية.
الصاحب لا يشترط أن يكون مماثلاً دائماً، أو مناقضاً دائماً لصاحبه في العقيدة، والفكر، والخلق.
علاقات الصحبة الصحبة المؤقتة:
وهي الصحبة التي تنتهي بانتهاء الطريق الذي يجمع الشخصين، أو الفريقين، وأعطى القرآن الكريم عدة أمثلة على هذه الصحبة، مثل: علاقة العبد الصالح مع موسى عليه السلام: (قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي) [الكهف:76]،
وطبيعة العلاقة المحتملة بين المسلم والكافر التي قد تنتهي بسبب جحد الكافر واستكباره، كما حصل في قصة الرجلين،
حيث كان الكافر يملك الحديقة أو الجنة: (فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا) [الكهف: 34]
فيرد عليه صاحبه المسلم: (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا) [الكهف: 37]،
وقد تظهر هذه الصحبة في صورة علاقة النبي بالكافر، مثل صحبة سيدنا يوسف مع رجلين كافرين في السجن: (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) [يوسف:39].
الصحبة الدائمة:
وهي الصحبة المستمرة، وغير المشروطة، ولا تنتهي بانتهاء وقت معين، أو بتغير المكامثل: صحبة الوالدين، فيقول الله تعالى في كتابه العزيز: (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) [لقمان: 15]، كما يصف الله تعالى الزوجة الدائمة بالصاحبة، لأنها تبقى مع زوجها حتى يفرقهما الموت، سواء كان قلبها ممتلئاً بالحنان، أو يملؤه الشر والحقد، ففي كلتا الحالتين هي صاحبة زوجها،
وإذا كان الزوج هو الحامي لزوجته في الدنيا، فلن ينفعها في الآخرة، وسيهرب منها: (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ) [عبس:34-36]،
ومن أمثلة الصحبة الدائمة أيضاً، العلاقة بالجار، والذي له عليك حق، فقال الله تعالى: (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ) [النساء:36].
أما بخصوص أصحاب الأنبياء فلا يعني قربهم من الأنبياء أن يكونوا مؤمنين جميعهم، فالله تعالى يقول عن قوم موسى عليه السلام: (فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) [الشعراء:61]، وعندما عبر بهم موسى البحر، عبدوا العجل.
مفهوم الصديق :
عند البحث عن معنى كلمة صديق في معجم الوسيط، نجد أنّ معناه الصاحب صادق الود، وجمعه هو أصدقاء، أو صُدَقاء، وقد يستعمل لفظ الصديق لوصف الواحد، والجمع، والمؤنث فهو صديق، وهي صديق، وهم صديق، وهنّ صديق.
الأمور التي تقتضيها الصداقة :
الصديق هو من تتوفر فيه صفات الصدق، والمصداقية، والتصديق،
فهو من يصدقك قولاً وفعلاً. الصديق من لا تثنيه الظروف مهما كانت عن الوقوف بجانبك وقت الشدة.
الصديق يكنُّ لك مشاعر صادقة، ولا ينتظر منك المقابل، ولا مصلحة في علاقته بك.
قد يكون للشخص صاحب واحد، أو فرقة من الأصحاب، ولكن الصديق غالباً ما ينحصر بشخص واحد، أو قلة من الأشخاص،
ولعل أبرز مثال على ذلك وهو العدد الكبير لصحابة الرسول الكريم،
ولكن صديقه الأوحد كان أبا بكر الصديق رضي الله عنه.
ذكر القرآن الكريم كلمة الصديق في موضعين اثنين، أولهما عندما أراد سبحانه وتعالى الحديث عن تشريع جواز الأكل من بيت الصديق، واعتباره مقرباً مثل صلة القرابة: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ) [النور:61]،
وهنا تضرب الآية مثلاً أنّ بيت الصديق مثل البيت الذي تملك مفاتيحه، وهذا من أجمل الأمثلة على الصداقة.
في الموضع الآخر يصف الله تعالى حال المشركين وهم يصرخون في نار جهنم: (فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ) [الشعراء:101]، أي أنّ الصديق هو الشخص الذي تجده وقت الضيق، وهو المعين على الابتلاء في الدنيا، ولكنّ أصحاب النار مهما صرخوا في نار جهنم، فلن يجدوا الصديق الذي يؤنسهم، ويشفع لهم.
الأرواح جنودٌ مجندةٌ :
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صل الله عليه وسلم -قَالَ " الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ ". فإن بعضها يقود إلى الخير، وبعضها يقود إلى الشرِّ.
هناك صاحباً يأخذ بيدك إلى الله، وصاحباً آخر يمتعك بزينة الحياة الدنيا:
قال تعالى:﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ 28 -سورة الكهف
وعَنْ حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ قَالَ: ((لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ، قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ ! مَا تَقُولُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صل الله عليه وسلم يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صل الله عليه وسلم عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ، فَنَسِينَا كَثِيرًا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَ اللَّهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صل الله عليه وسلم قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ،
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صل الله عليه وسلم وَمَا ذَاكَ ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ، نَسِينَا كَثِيرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صل الله عليه وسلم : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وَفِي الذِّكْرِ لَصَافَحَتْكُمْ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ، وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً، وَسَاعَةً، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ))
هذه حقيقة، ذلك أن النفس تتأثر بما حولها، عش مع التجار تتمنَّ أن تكون تاجراً، عش مع مدرسي الجامعات تتمنَّ أن تكون مثلهم، عش ـ لا سمح الله ولا قدر ـ مع فاسق، إذا أدمنت العلاقة معه قد تشتهي أن تكون مثله، هنا مشكلة الإنسان، البيئة خطيرة جداً،
لذلك كأن الله يقول:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ الحشر 18 -
ثم يبين طريقة التقوى:﴿ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾،119 التوبه- فما لم تُحِط نفسك بالمؤمنين الصادقين، بالمستقيمين بالأتقياء فلن تستطيع أن تطيع الله عز وجل، لذلك تعد صحبة الأخيار في حد ذاتها عملاً صالحاً.
المرء مع من أحب :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صل الله عليه وسلم -فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِى رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمًا وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهِمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صل الله عليه وسلم " الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ ".
ضرب النبي صل الله عليه وسلم مثلاً للجليس الصالح وجليس السوء:
فعن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم : ((مَثَلُ الجليس الصالح وجليس السوء؛ كحامل المسك ونافخ الكِير، فحامل المسك: إما أن يُحْذِيَك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافح الكِير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة)) ومعني يُحذِيَك: يُعطيك، ونافخ الكِير: الحداد الذي يصهر الحديد وينفخه فيتطاير الشرر.
فهذا الحديث يفيد أن الجليس الصالح جميعُ أحوال صديقه معه خير وبركة، ونفع ومَغْنَم، مثل حامل المسك الذي تنتفع بما معه،
إما بهبة، أو ببيع، أو أقل شيءٍ: مدة الجلوس معه وأنت قرير النفس، منشرح الصدر برائحة المسك، وهذا تقريبٌ وتشبيهٌ له بذلك، وإلا فما يحصل من الخير الذي يصيبه العبد من جليسه الصالح أبلغ وأفضل من المسك الأَذْفَر: فإنه إمَّا أن يعلِّمك أموراً تنفعك في دينك، وإما أن يعلِّمك أموراً تنفعك في دنياك، أو فيهما جميعاً، أو يُهدي لك نصيحةً تنفعك مدة حياتك، وبعد وفاتك، أو ينهاك عمَّا فيه مضرَّةٌ لك؛ فأنت معه دائماً في منفعة، وربحك مضمون - بإذن الله. فتجده إن رأى أنك مقصِّرٌ في طاعة الله؛ أرشدك، فتزداد همَّتك في الطاعة، وتجتهد في الزيادة منها، وتراه يبصِّرك بعيوبك، ويدعوك إلى مكارم الأخلاق ومحاسنها، بقوله وفعله وحاله،
وأقل نفعٍ يحصل من الجليس الصالح: انكفاف الإنسان بسببه عن السيئات والمساوئ والمعاصي؛ رعايةً للصحبة، ومنافسةً في الخير، وترفُّعاً عن الشرِّ.
ومما يستفاد من الجليس الصالح: أنه يحمي عِرْضَك في مغيبك وفي حضرتك، يدافع ويذبُّ عنك، ومن ذلك أنك تنتفع بدعائه لك حياً وميتاً.
أما مصاحبة الأشرار: فهي السمُّ النَّاقع، والبلاء الواقع، فتجدهم يشجعون على فعل المعاصي والمنكرات، ويرغِّبون فيها، ويفتحون لمن خالطهم وجالسهم أبواب الشرور، ويزيِّنون لمجالسيهم أنواع المعاصي، ويحثُّونهم على أذيَّة الخلق، ويذكِّرونهم بأمور الفساد، التي لم تَدُرْ في خَلَدِهم، وإن همَّ أحدهم بتوبةٍ وابتعد عن المعاصي، حسَّنوا عنده تأجيل ذلك،
وطولَ الأمل، وأن ما أنت فيه أهون من غيره، وفي إمكانك التوبة والإنابة إذا كبرت في السن، وما يحصل من مخالطتهم ومعاشرتهم أعظم من هذا بكثير.
البطانة الصالحة والفاسدة
عن أبي سعيد الخدري: عن النبي صل الله عليه وسلم قال (ما استخلف خليفة إلا له بطانتان بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه والمعصوم من عصم الله)
olor=#663300]خليفة) هو من يقوم مقام الذاهب ويسد مسده من الحكام والأمراء والقضاة والولاة. (بطانتان) مثنى بطانة وبطانة الرجل خاصته وأهل مشورته في الأمور. (تحضه) تحثه على فعله وتؤكد عليه فيه. (المعصوم) المحفوظ من شر بطانة السوء والوقوع فيما يجر إلى الهلاك]
وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صل الله عليه وسلم (( إذا أراد الله بالأمير خيرا جعل له وزير صدق إن نسي ذكره وإن ذكر أعانه وإذا أراد الله به غير ذلك جعل له وزير سوء إن نسي لم يذكره وإن ذكر لم يعنه ))
لا يستوي الخبيث والطيب:
قال تعالى: {قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللهَ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 100]
حال هؤلاء الجلساء وبراءة بعضهم من بعض في الآخرة :
قال تعالى:﴿ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ﴾[الزخرف: 67].
قرن الله تعالى الصداقة بالقرابة :
فقال سبحانه - ﴿ لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً ﴾-61 -النور فتأملوا كيف قرن الله تعالى الصديق بالآباء و الإخوة و الأعمام و الأخوال، فانظُرْ كيفَ أنزلَ اللهُ تعالَى الصديقَ منْزلةَ النَّفْسِ والأَبِ والأَخِ والابْنِ فِي الأُنْسِ.
أنواع الأصدقاء
وقد حصر الإمام ابن القيم أنواع الأصدقاء فقال: "الأصدقاء ثلاثة،
الأول: كالغذاء لا بد منه،
والثاني: كالدواء يحتاج إليه وقت دون وقت،
والثالث: كالداء لا يُحتاج إليه قط"،
فالأول هو الجليس الصالح،
والثاني هو الجليس الذي به بعض صفات السوء ولكن يُرتجى منه الخير
والثالث هو الجليس السوء،
.
الصداقة ليست في الأشخاص فحسب :
وإنما هي كذلك في كل ما تجلس إليه وتقضي وقتا معه كالكمبيوتر والمحمول والكتاب والانترنت وغيرهم ...
الترغيب في مصاحبة الأخيار :
1-- من السبعة الذين يظلهم الله في ظله :
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صل الله عليه وسلم -قَالَ " سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِى ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ الإِمَامُ الْعَادِلُ وَشَابٌّ نَشَأَ بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِى الْمَسَاجِدِ وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِى اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّى أَخَافُ اللَّهَ. وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ".
2- -يحبهم الله تعالى :
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صل الله عليه وسلم -
" أَنَّ رَجُلاً زَارَ أَخًا لَهُ فِى قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قَالَ أُرِيدُ أَخًا لِى فِى هَذِهِ الْقَرْيَةِ. قَالَ هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا قَالَ لاَ غَيْرَ أَنِّى أَحْبَبْتُهُ فِى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. قَالَ فَإِنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ"
ومعنى المدرجة: الطريق، ترب: تحفظ وتراعى وتربى .
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صل الله عليه وسلم -" إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلاَلِى الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِى ظِلِّى يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلِّى ".
3- - لا يشقى بهم جليسهم :
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صل الله عليه وسلم -
قَالَ " إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلاَئِكَةً سَيَّارَةً فُضْلاً يَتَبَّعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ فَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فِيهِ ذِكْرٌ قَعَدُوا مَعَهُمْ وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَجْنِحَتِهِمْ حَتَّى يَمْلَئُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعِدُوا إِلَى السَّمَاءِ -
قَالَ - فَيَسْأَلُهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ فَيَقُولُونَ جِئْنَا مِنْ عِنْدِ عِبَادٍ لَكَ فِى الأَرْضِ يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيُهَلِّلُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيَسْأَلُونَكَ،
قَالَ وَمَاذَا يَسْأَلُونِى قَالُوا يَسْأَلُونَكَ جَنَّتَكَ. قَالَ وَهَلْ رَأَوْا جَنَّتِى قَالُوا لاَ أَىْ رَبِّ. قَالَ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا جَنَّتِى قَالُوا وَيَسْتَجِيرُونَكَ.
قَالَ وَمِمَّ يَسْتَجِيرُونَنِى قَالُوا مِنْ نَارِكَ يَا رَبِّ. قَالَ وَهَلْ رَأَوْا نَارِى قَالُوا لاَ. قَالَ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِى قَالُوا وَيَسْتَغْفِرُونَكَ -
قَالَ -فَيَقُولُ قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ فَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوا وَأَجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا -قَالَ -فَيَقُولُونَ رَبِّ فِيهِمْ فُلاَنٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ قَالَ فَيَقُولُ وَلَهُ غَفَرْتُ هُمُ الْقَوْمُ لاَ يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ ".
4- كونوا مع الصادقين
قال تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ"- 119 - التوبة
5- الأمر بنكاح المرأة الصالحة :
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صل الله عليه وسلم -
قَالَ " تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ ".
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صل الله عليه وسلم - قَالَ "الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ".
6- الدخول ضمن الذين لا خوف عليهم يوم القيامة ولاهم يحزنون :
قال تعالى:﴿ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ، يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ ﴾"الزخرف: 67، 68 "
7- من جالس الصالحين تشمله بركة مجالسهم
ويعمه الخير الحاصل لهم وان لم يعمل عملهم، قال بعض الحكماء: " من جالس خيرا أصابته بركته فجليس أولياء الله لا يشقى وان كان كلبا ككلب أصحاب الكهف "
8- تنتفع بدعائهم لك بظهر الغيب في حياتك وبعد مماتك :
عَنْ صَفْوَانَ -وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ -
وَكَانَتْ تَحْتَهُ الدَّرْدَاءُ قَالَ قَدِمْتُ الشَّامَ فَأَتَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فِى مَنْزِلِهِ فَلَمْ أَجِدْهُ وَوَجَدْتُ أُمَّ الدَّرْدَاءِ فَقَالَتْ أَتُرِيدُ الْحَجَّ الْعَامَ فَقُلْتُ نَعَمْ.
قَالَتْ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا بِخَيْرٍ فَإِنَّ النَّبِىَّ صل الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ " دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لأَخِيهِ بِخَيْرٍ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ آمِينَ وَلَكَ بِمِثْلٍ ".
وقال عبيد الله بن الحسين ـ رحمه الله ـ لرجل " استكثر من الصديق ـ يعني الصالح ـ فان أيسر ما تصيب أن يبلغه موتك فيدعو لك "
: صفات أصدقاء الخير ونماذج عليهم :
1- - المؤمن التقي :
عن أبي سعيد الخدري أنه سمع النبي صل الله عليه وسلم - يقول(( لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي))
2- يذكرك بالله
عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ حَدَّثَهُ قَالَ نَظَرْتُ إِلَى أَقْدَامِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رُءُوسِنَا وَنَحْنُ فِى الْغَارِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ أَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ فَقَالَ " يَا أَبَا بَكْرٍ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا ".
3- - يوصيك بحسن الخلق بحسن الخلق :
(وذلك ببثِّ فضائل حسن الخلق، وبالتحذير من مساوئ الأخلاق، وبنصح المبتلين بسوء الخلق، وبتشجيع حسني الأخلاق، فحسن الخلق من الحقِّ، والله سبحانه يقول: وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر: 3].
وكان الرجلان من أصحاب النبي صل الله عليه وسلم إذا التقيا لم يفترقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر: وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ [العصر: 1]، ثم يسلم أحدهما على الآخر .
والربح الحقيقي للمسلم أن يكون له ناصحون ينصحونه، ويوصونه بالخير والاستقامة، فإذا حسنت أخلاق المسلم، كثر مصافوه، وأحبه الناس.
ل
|
4- يدعوا لصاحبه بالرحمة والخير
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِىَّ صل الله عليه وسلم- سَمِعَ رَجُلاً يَقْرَأُ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ " يَرْحَمُهُ اللَّهُ لَقَدْ أَذْكَرَنِى كَذَا وَكَذَا آيَةً كُنْتُ أَسْقَطْتُهَا مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا "([18]).
5- يعين على قيام الليل :
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم - : (رحم الله رجلا قام من الليل يصلي وأيقظ امرأته فإن أبت نضح في وجهها الماء ورحم الله امرأة قامت من الليل وأيقظت زوجها فإن أبى نضحت في وجهه الماء)
6- يعين على زيارة المرضى :
إن المرء بزيارته إخوانه في الله يطيب بنفسه ويطيب ممشاه ويتبوأ منازل عظيمة في الجنة فعن أبي هريرة أيضا . قال قال رسول الله صل الله عليه وسلم - (( من عاد مريضا أو زار أخا له في الله ناداه مناد بأن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا ))
7- يبصرك بعيوبك ويدلك على اوجه الضعف عندك
عن أبي هريرة، عن النبي صل الله عليه وسلم - قال: " المؤمن مرآة أخيه، والمؤمن أخو المؤمن؛ يكف عليه ضيعته، ويحوطه من ورائه". أي يمنعه ضياعه وهلاكه فيجمع عليه معيشته ويضمها إليه، ويذب عنه ويوفر عليه مصالحه.
8- يشفع لك عند الله تعالى يوم القيامة
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قال قال رسول الله صل الله عليه وسلم - " .حَتَّى إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ بِأَشَدَّ مُنَاشَدَةً لِلَّهِ فِى اسْتِقْصَاءِ الْحَقِّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لِلَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ فِى النَّارِ يَقُولُونَ رَبَّنَا كَانُوا يَصُومُونَ مَعَنَا وَيُصَلُّونَ وَيَحُجُّونَ.
فَيُقَالُ لَهُمْ أَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ. فَتُحَرَّمُ صُوَرُهُمْ عَلَى النَّارِ فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثيرًا قَدْ أَخَذَتِ النَّارُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ وَإِلَى رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ يَقُولُونَ رَبَّنَا مَا بَقِىَ فِيهَا أَحَدٌ مِمَّنْ أَمَرْتَنَا بِهِ. فَيَقُولُ ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالَ دِينَارٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ.
فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا ثُمَّ يَقُولُونَ رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا أَحَدًا مِمَّنْ أَمَرْتَنَا.
ثُمَّ يَقُولُ ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالَ نِصْفِ دِينَارٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ. فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا ثُمَّ يَقُولُونَ رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا مِمَّنْ أَمَرْتَنَا أَحَدًا.
ثُمَّ يَقُولُ ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ. فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا ثُمَّ يَقُولُونَ رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا خَيْرًا.."
- الجليس الصالح :
يبعدك عن المعصية ويرشدك ويدللك على أمور من أمور الخير التي ينفعك العلم بها ويحفظك في حضرتك وغيبتك فلا يفشي لك سرا ولا ينتهك لك حرمة ويحثك على أعمال البر والإحسان وصلة الرحم وبر الوالدين وصدق الحديث والعفاف والحفاظ على الصلاة والصيام وذكر الله تعالى ومصاحبة الصالحين والتنافس في الخير وحضور مجالس العلم ويتفقد أحوالك وكل ما فيه خير .
وانظر إلى أصحاب الكهف واعانتهم لبعضهم على الطاعة والفرار من الظلم معتمدين على ربهم لاجئين إليه فكانت النتيجة ان أعلى الله ذكرهم وما زلنا نقرأ قصتهم في كتاب الله كما قال تعالى :" أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آَيَاتِنَا عَجَبًا (9) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10) فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (12) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14)" سورة الكهف
التالي :
-
-------------------------------------------------------
عدل سابقا من قبل صادق النور في الأحد يوليو 21, 2024 1:52 pm عدل 1 مرات
أمس في 11:58 am من طرف صادق النور
» الْحُكْمُ فِي الْقُرْانِ الْكَرِيمِ .
السبت أغسطس 31, 2024 12:40 pm من طرف صادق النور
» الجامع الكبير بصنعاء
الأحد أغسطس 25, 2024 9:58 am من طرف صادق النور
» نسب راشد بن منصور في كتاب كتاب المشجر المبسط
الإثنين أغسطس 19, 2024 12:04 am من طرف اسماعيل صبري الرشدابي
» هام جدا شرح مراد كلام العلماء
السبت أغسطس 03, 2024 4:14 pm من طرف عبدالله الآحد
» اثبات علو الله وفوقيته على خلقه بالفطرة والرد على الشبهات
الجمعة أغسطس 02, 2024 4:36 pm من طرف عبدالله الآحد
» صَلُحُ الْحَدِيبِيهْ فَتْحَ وَإِنْتِصَارٌ
الخميس أغسطس 01, 2024 4:51 pm من طرف انهار الجنه
» المزيد من الأدلة على علو الله وفوقيته على خلقه سبحان الله العظيم
الخميس أغسطس 01, 2024 4:04 pm من طرف عبدالله الآحد
» كنوز الدعاء وأبتهال الصالحين
الخميس أغسطس 01, 2024 1:27 pm من طرف صادق النور
» أحد عشر إجماعا في إثبات علو الله على خلقه
الأربعاء يوليو 31, 2024 4:15 pm من طرف عبدالله الآحد