آل راشد



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

آل راشد

آل راشد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
آل راشد

ثقافى-اجتماعى

*** - اللَّهُمَّ اَنَكَ عَفْوٍ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعِفُو عَنَّا - *** - اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك . *** - اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ الْمَوْتِ وَ ارْزُقْنَا حُسْنَ الْخَاتِمَةِ . *** -

إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا شَابَتْ عَبِيدَهُمْ.. .. فِي رِقِّهِمْ عَتَقُوهُمْ عِتْقَ أَبْرَارٍ .. .. وَأَنْتَ يَا خَالِقِيُّ أوْلَى بِذَا كَرَمًا.. .. قَدْ شُبْتُ فِي الرِّقِّ فَأَعْتَقَنِي مِنَ النَّارِ .

المواضيع الأخيرة

» (_84 )_ مدينه العلا :- وطنا العربي الجميل - : السعوديه
الهجره وأختيار الصَّاحِبَ/ مفهوم الصاحب/ مفهوم الصديق/ المرء مع من أحب/ البطانة الصالحة والفاسدة/ أنواع الأصدقاء/صفات أصدقاء الخير/ الجليس الصالح/                                                                                                         Ooou110أمس في 11:58 am من طرف صادق النور

» الْحُكْمُ فِي الْقُرْانِ الْكَرِيمِ .
الهجره وأختيار الصَّاحِبَ/ مفهوم الصاحب/ مفهوم الصديق/ المرء مع من أحب/ البطانة الصالحة والفاسدة/ أنواع الأصدقاء/صفات أصدقاء الخير/ الجليس الصالح/                                                                                                         Ooou110السبت أغسطس 31, 2024 12:40 pm من طرف صادق النور

» الجامع الكبير بصنعاء
الهجره وأختيار الصَّاحِبَ/ مفهوم الصاحب/ مفهوم الصديق/ المرء مع من أحب/ البطانة الصالحة والفاسدة/ أنواع الأصدقاء/صفات أصدقاء الخير/ الجليس الصالح/                                                                                                         Ooou110الأحد أغسطس 25, 2024 9:58 am من طرف صادق النور

» نسب راشد بن منصور في كتاب كتاب المشجر المبسط
الهجره وأختيار الصَّاحِبَ/ مفهوم الصاحب/ مفهوم الصديق/ المرء مع من أحب/ البطانة الصالحة والفاسدة/ أنواع الأصدقاء/صفات أصدقاء الخير/ الجليس الصالح/                                                                                                         Ooou110الإثنين أغسطس 19, 2024 12:04 am من طرف اسماعيل صبري الرشدابي

» هام جدا شرح مراد كلام العلماء
الهجره وأختيار الصَّاحِبَ/ مفهوم الصاحب/ مفهوم الصديق/ المرء مع من أحب/ البطانة الصالحة والفاسدة/ أنواع الأصدقاء/صفات أصدقاء الخير/ الجليس الصالح/                                                                                                         Ooou110السبت أغسطس 03, 2024 4:14 pm من طرف عبدالله الآحد

» اثبات علو الله وفوقيته على خلقه بالفطرة والرد على الشبهات
الهجره وأختيار الصَّاحِبَ/ مفهوم الصاحب/ مفهوم الصديق/ المرء مع من أحب/ البطانة الصالحة والفاسدة/ أنواع الأصدقاء/صفات أصدقاء الخير/ الجليس الصالح/                                                                                                         Ooou110الجمعة أغسطس 02, 2024 4:36 pm من طرف عبدالله الآحد

» صَلُحُ الْحَدِيبِيهْ فَتْحَ وَإِنْتِصَارٌ
الهجره وأختيار الصَّاحِبَ/ مفهوم الصاحب/ مفهوم الصديق/ المرء مع من أحب/ البطانة الصالحة والفاسدة/ أنواع الأصدقاء/صفات أصدقاء الخير/ الجليس الصالح/                                                                                                         Ooou110الخميس أغسطس 01, 2024 4:51 pm من طرف انهار الجنه

» المزيد من الأدلة على علو الله وفوقيته على خلقه سبحان الله العظيم
الهجره وأختيار الصَّاحِبَ/ مفهوم الصاحب/ مفهوم الصديق/ المرء مع من أحب/ البطانة الصالحة والفاسدة/ أنواع الأصدقاء/صفات أصدقاء الخير/ الجليس الصالح/                                                                                                         Ooou110الخميس أغسطس 01, 2024 4:04 pm من طرف عبدالله الآحد

» كنوز الدعاء وأبتهال الصالحين
الهجره وأختيار الصَّاحِبَ/ مفهوم الصاحب/ مفهوم الصديق/ المرء مع من أحب/ البطانة الصالحة والفاسدة/ أنواع الأصدقاء/صفات أصدقاء الخير/ الجليس الصالح/                                                                                                         Ooou110الخميس أغسطس 01, 2024 1:27 pm من طرف صادق النور

» أحد عشر إجماعا في إثبات علو الله على خلقه
الهجره وأختيار الصَّاحِبَ/ مفهوم الصاحب/ مفهوم الصديق/ المرء مع من أحب/ البطانة الصالحة والفاسدة/ أنواع الأصدقاء/صفات أصدقاء الخير/ الجليس الصالح/                                                                                                         Ooou110الأربعاء يوليو 31, 2024 4:15 pm من طرف عبدالله الآحد

اهلا بكم

الثلاثاء نوفمبر 08, 2011 2:32 am من طرف mohamed yousef

الهجره وأختيار الصَّاحِبَ/ مفهوم الصاحب/ مفهوم الصديق/ المرء مع من أحب/ البطانة الصالحة والفاسدة/ أنواع الأصدقاء/صفات أصدقاء الخير/ الجليس الصالح/                                                                                                         Ooousu10

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 33 عُضو متصل حالياً :: 1 أعضاء, 0 عُضو مُختفي و 32 زائر :: 3 عناكب الفهرسة في محركات البحث

صادق النور


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الأربعاء سبتمبر 15, 2021 4:26 am

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 9935 مساهمة في هذا المنتدى في 3317 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 296 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو محمود0 فمرحباً به.

دخول

لقد نسيت كلمة السر

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع


    الهجره وأختيار الصَّاحِبَ/ مفهوم الصاحب/ مفهوم الصديق/ المرء مع من أحب/ البطانة الصالحة والفاسدة/ أنواع الأصدقاء/صفات أصدقاء الخير/ الجليس الصالح/

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5323
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود الهجره وأختيار الصَّاحِبَ/ مفهوم الصاحب/ مفهوم الصديق/ المرء مع من أحب/ البطانة الصالحة والفاسدة/ أنواع الأصدقاء/صفات أصدقاء الخير/ الجليس الصالح/

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت يوليو 20, 2024 10:21 pm


    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

    الْحَمْدَ لله الَّذِي دَلٍّ عَلَى مَعْرِفَتِهِ بِإِتْقَانِ صَنْعَتِهِ، وَبَدِيعٌ لِطَائِفَ حُكْمَتِهِ، وَبِمَا أَوَدَعَهُ نُفُوسُ الْمُمَيَّزِينَ مِنْ أَعْلَاَمِ رُبُوبِيَّتِهِ،
    وَاِسْتَحَقَّ عَلَى كُلُّ مُكَلَّفُ الْخُضُوعِ لِعَظَّمَتْهُ، وَالْخُشُوعَ لِعَزَتْهُ، وَالشُّكْرَ وَالْإشَادَةَ بِمَا أَسْبَغَ مِنْ نِعْمَتِهِ، وَنُشِرْ مِنْ رَحْمَتِهِ،
    وَجَعَلَ قُلُوبُ أَوْلِيَائِهِ تَسْرَحُ فِي مَيَادِينِ مَحَاسِنِ مَا اِبْتَدَعَهُ، وَعُقُولَهُمْ تَرْتَاحُ لَمَّا مِنْ عَلَّيْهِمْ مِنَ اِسْتِنْبَاطِ الْمَعْرِفَةِ بِمَا اِخْتَرَعَهُ،
    فَأَغْنَاهُمْ بِالتَّنَعُّمِ بِمَا بَسْطٍ لَهُمْ مِنَ الْمُبَاحَاتِ، عَمَّا زَجَرَهُمْ عَنْهُ مِنَ الْمَحْظُورَاتِ، فَصَارَ مَا تُدْرِكُهُ الْعُقُولُ مِنْ لَطِيفٍ مَا أَنْشَأَهُ،
    وَشَرِيفَ الْغَرَضِ فِيمَا اِبْتَدَأَهُ، وَغَرِيبَ أَفْعَالِهِ فِي تَدْبِيرِ عِبَادِهِ، وَتَصرِيفَهُمْ، وَتَقْديرَ مَنَافِعِهِمْ وَمُصَالِحِهِمْ،

    وَالصَّلَاَةُ وَالسَّلَاَمُ عَلِيُّ سَيِّدِنَا.مُحَمَّدً عَبَّدَهُ الَّذِي اِرْتَضَاهُ، وَنَبِيهَ الَّذِي اِخْتَارَهُ وَاِجْتَبَاهُ، وَرَسُولَهُ الَّذِي اِئْتَمَنَهُ وَاِصْطَفَاهُ، وَرَفَعَهُ وَأَعْلَاهُ، وَخَصَّهُ بِخَتْمِ النُّبُوَّةِ وَحُبَاِهِ، وَأَبَانَهُ بِأَعْلَى مُنَازِلِ الْفَضْلِ عَلَى كُلُّ آدَمِيٍّ عَدَاهُ، وَنَسْأَلُهُ أَنَّ يُصَلِّي عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَيُسَلِّمُ أَزَكَّى تَسَلُّمٌ وَصَلَاَةٌ، وَيُكَرِّمُهُ أَتَمَّ تَكْريمٌ وَأَنْبَاهُ، وَيَجْعَلُنَا مِنَ الآوين إِلَى ظِلِّهِ وَذَرَاِهِ، وَالدَّاعِينَ إِلَى نُورِهِ وَهُدَاِهِ، وَيَعْصِمُنَا مِنَ الْخُرُوجِ عَنْ طَاعَتِهِ، وَالْوُلُوجَ فِي مَعْصِيَتِهِ، وَيُوَفِّقُنَا لِإِيثَارِ عِبَادَتِهِ، وَمُجَانَبَةَ عِصْيَانِهِ وَمُخَالَفَتِهِ، وَهُوَ لِي الْإِنْعَامُ بِذَلِكَ، وَالتَّيْسيرَ لَهُ، وَالْمَعُونَةَ عَلَيْهِ مِنْ رَحْمَتِهِ.

    الهجره وأختيار الصَّاحِبَ


    مفهوم الصاحب

    إذا بحثنا عن معنى كلمة صاحِب، بكسر الحاء، في المعجم الوسيط، فسنجد أن للكلمة معانٍ كثيرة، ولكن ما يهمنا الآن هو التفرقة بين الصاحب والصديق، لذا سنختزل المعنى في ظل الموضوع المطلوب. الصاحِب جمع أصْحاب، وصَحابة، وصِحاب، وصَحْب، وصُحْبَة، مؤنثه صاحبة، والجمع المؤنث السالم له صاحِبات، وصَواحِب، وهم اسم فاعل من صحب، فيقال أصحاب الكهف عن الفتية الذين آمنوا بالله واختبؤوا في الكهف، والصاحب بالجنب أي الرفيق، وهو لقب يطلق على الزوجة، وعلى الرفيق في التعلم أو الصنعة أو السفر. الأمور التي تقتضيها الصحبة قد يكون الصاحب صديقاً، وقد لا يكون، فلا تظهر حقيقة مشاعره تجاهك بشكل واضح،
    ولكنه في كلتا الحالتين مصاحبٌ لك في ذات المكان والزمان.

    الصاحب قد يكون الشخص الذي لا تثق به في كل صغيرة وكبيرة، ولا تفكر في اللجوء إليه وقت الشدة، لأنه قد يخذلك، أو لا يعد قريباً منك بدرجة كافية.
    الصاحب لا يشترط أن يكون مماثلاً دائماً، أو مناقضاً دائماً لصاحبه في العقيدة، والفكر، والخلق.

    علاقات الصحبة الصحبة المؤقتة:

    وهي الصحبة التي تنتهي بانتهاء الطريق الذي يجمع الشخصين، أو الفريقين، وأعطى القرآن الكريم عدة أمثلة على هذه الصحبة، مثل: علاقة العبد الصالح مع موسى عليه السلام: (قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي) [الكهف:76]،
    وطبيعة العلاقة المحتملة بين المسلم والكافر التي قد تنتهي بسبب جحد الكافر واستكباره، كما حصل في قصة الرجلين،
    حيث كان الكافر يملك الحديقة أو الجنة: (فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا) [الكهف: 34]
    فيرد عليه صاحبه المسلم: (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا) [الكهف: 37]،
    وقد تظهر هذه الصحبة في صورة علاقة النبي بالكافر، مثل صحبة سيدنا يوسف مع رجلين كافرين في السجن: (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) [يوسف:39].

    الصحبة الدائمة:

    وهي الصحبة المستمرة، وغير المشروطة، ولا تنتهي بانتهاء وقت معين، أو بتغير المكامثل: صحبة الوالدين، فيقول الله تعالى في كتابه العزيز: (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) [لقمان: 15]، كما يصف الله تعالى الزوجة الدائمة بالصاحبة، لأنها تبقى مع زوجها حتى يفرقهما الموت، سواء كان قلبها ممتلئاً بالحنان، أو يملؤه الشر والحقد، ففي كلتا الحالتين هي صاحبة زوجها،
    وإذا كان الزوج هو الحامي لزوجته في الدنيا، فلن ينفعها في الآخرة، وسيهرب منها: (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ) [عبس:34-36]،
    ومن أمثلة الصحبة الدائمة أيضاً، العلاقة بالجار، والذي له عليك حق، فقال الله تعالى: (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ) [النساء:36].
    أما بخصوص أصحاب الأنبياء فلا يعني قربهم من الأنبياء أن يكونوا مؤمنين جميعهم، فالله تعالى يقول عن قوم موسى عليه السلام: (فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) [الشعراء:61]، وعندما عبر بهم موسى البحر، عبدوا العجل.

    مفهوم الصديق :

    عند البحث عن معنى كلمة صديق في معجم الوسيط، نجد أنّ معناه الصاحب صادق الود، وجمعه هو أصدقاء، أو صُدَقاء، وقد يستعمل لفظ الصديق لوصف الواحد، والجمع، والمؤنث فهو صديق، وهي صديق، وهم صديق، وهنّ صديق.
    الأمور التي تقتضيها الصداقة :

    الصديق هو من تتوفر فيه صفات الصدق، والمصداقية، والتصديق،
    فهو من يصدقك قولاً وفعلاً. الصديق من لا تثنيه الظروف مهما كانت عن الوقوف بجانبك وقت الشدة.
    الصديق يكنُّ لك مشاعر صادقة، ولا ينتظر منك المقابل، ولا مصلحة في علاقته بك.
    قد يكون للشخص صاحب واحد، أو فرقة من الأصحاب، ولكن الصديق غالباً ما ينحصر بشخص واحد، أو قلة من الأشخاص،
    ولعل أبرز مثال على ذلك وهو العدد الكبير لصحابة الرسول الكريم،

    ولكن صديقه الأوحد كان أبا بكر الصديق رضي الله عنه.
    ذكر القرآن الكريم كلمة الصديق في موضعين اثنين، أولهما عندما أراد سبحانه وتعالى الحديث عن تشريع جواز الأكل من بيت الصديق، واعتباره مقرباً مثل صلة القرابة: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ) [النور:61]،

    وهنا تضرب الآية مثلاً أنّ بيت الصديق مثل البيت الذي تملك مفاتيحه، وهذا من أجمل الأمثلة على الصداقة.

    في الموضع الآخر يصف الله تعالى حال المشركين وهم يصرخون في نار جهنم: (فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ) [الشعراء:101]، أي أنّ الصديق هو الشخص الذي تجده وقت الضيق، وهو المعين على الابتلاء في الدنيا، ولكنّ أصحاب النار مهما صرخوا في نار جهنم، فلن يجدوا الصديق الذي يؤنسهم، ويشفع لهم.

    الأرواح جنودٌ مجندةٌ :

    عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  صل الله عليه وسلم -قَالَ " الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ ".   فإن بعضها يقود إلى الخير، وبعضها يقود إلى الشرِّ.

    هناك صاحباً يأخذ بيدك إلى الله، وصاحباً آخر يمتعك بزينة الحياة الدنيا:

    قال تعالى:﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ 28 -سورة الكهف
    وعَنْ حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ قَالَ: ((لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ، قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ ‍! مَا تَقُولُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ  صل الله عليه وسلم  يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صل الله عليه وسلم  عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ، فَنَسِينَا كَثِيرًا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَ اللَّهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صل الله عليه وسلم  قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ،
    فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صل الله عليه وسلم  وَمَا ذَاكَ ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ، نَسِينَا كَثِيرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صل الله عليه وسلم : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وَفِي الذِّكْرِ لَصَافَحَتْكُمْ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ، وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً، وَسَاعَةً، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ))  

    هذه حقيقة، ذلك أن النفس تتأثر بما حولها، عش مع التجار تتمنَّ أن تكون تاجراً، عش مع مدرسي الجامعات تتمنَّ أن تكون مثلهم، عش ـ لا سمح الله ولا قدر ـ مع فاسق، إذا أدمنت العلاقة معه قد تشتهي أن تكون مثله، هنا مشكلة الإنسان، البيئة خطيرة جداً،
    لذلك كأن الله يقول:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ﴾  الحشر 18 -
    ثم يبين طريقة التقوى:﴿ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾،119 التوبه-   فما لم تُحِط نفسك بالمؤمنين الصادقين، بالمستقيمين بالأتقياء فلن تستطيع أن تطيع الله عز وجل، لذلك تعد صحبة الأخيار في حد ذاتها عملاً صالحاً.

    المرء مع من أحب :

    عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صل الله عليه وسلم  -فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِى رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمًا وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهِمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صل الله عليه وسلم  " الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ ".

    ضرب النبي  صل الله عليه وسلم مثلاً للجليس الصالح وجليس السوء:
    فعن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم  : ((مَثَلُ الجليس الصالح وجليس السوء؛ كحامل المسك ونافخ الكِير، فحامل المسك: إما أن يُحْذِيَك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافح الكِير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة))  ومعني يُحذِيَك: يُعطيك، ونافخ الكِير: الحداد الذي يصهر الحديد وينفخه فيتطاير الشرر.

    فهذا الحديث يفيد أن الجليس الصالح جميعُ أحوال صديقه معه خير وبركة، ونفع ومَغْنَم، مثل حامل المسك الذي تنتفع بما معه،
    إما بهبة، أو ببيع، أو أقل شيءٍ: مدة الجلوس معه وأنت قرير النفس، منشرح الصدر برائحة المسك، وهذا تقريبٌ وتشبيهٌ له بذلك، وإلا فما يحصل من الخير الذي يصيبه العبد من جليسه الصالح أبلغ وأفضل من المسك الأَذْفَر: فإنه إمَّا أن يعلِّمك أموراً تنفعك في دينك، وإما أن يعلِّمك أموراً تنفعك في دنياك، أو فيهما جميعاً، أو يُهدي لك نصيحةً تنفعك مدة حياتك، وبعد وفاتك، أو ينهاك عمَّا فيه مضرَّةٌ لك؛ فأنت معه دائماً في منفعة، وربحك مضمون - بإذن الله. فتجده إن رأى أنك مقصِّرٌ في طاعة الله؛ أرشدك، فتزداد همَّتك في الطاعة، وتجتهد في الزيادة منها، وتراه يبصِّرك بعيوبك، ويدعوك إلى مكارم الأخلاق ومحاسنها، بقوله وفعله وحاله،
    وأقل نفعٍ يحصل من الجليس الصالح: انكفاف الإنسان بسببه عن السيئات والمساوئ والمعاصي؛ رعايةً للصحبة، ومنافسةً في الخير، وترفُّعاً عن الشرِّ.
    ومما يستفاد من الجليس الصالح: أنه يحمي عِرْضَك في مغيبك وفي حضرتك، يدافع ويذبُّ عنك، ومن ذلك أنك تنتفع بدعائه لك حياً وميتاً.

    أما مصاحبة الأشرار: فهي السمُّ النَّاقع، والبلاء الواقع، فتجدهم يشجعون على فعل المعاصي والمنكرات، ويرغِّبون فيها، ويفتحون لمن خالطهم وجالسهم أبواب الشرور، ويزيِّنون لمجالسيهم أنواع المعاصي، ويحثُّونهم على أذيَّة الخلق، ويذكِّرونهم بأمور الفساد، التي لم تَدُرْ في خَلَدِهم، وإن همَّ أحدهم بتوبةٍ وابتعد عن المعاصي، حسَّنوا عنده تأجيل ذلك،
    وطولَ الأمل، وأن ما أنت فيه أهون من غيره، وفي إمكانك التوبة والإنابة إذا كبرت في السن، وما يحصل من مخالطتهم ومعاشرتهم أعظم من هذا بكثير.

    البطانة الصالحة والفاسدة

    عن أبي سعيد الخدري: عن النبي صل الله عليه وسلم  قال (ما استخلف خليفة إلا له بطانتان بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه والمعصوم من عصم الله)  
    olor=#663300]خليفة) هو من يقوم مقام الذاهب ويسد مسده من الحكام والأمراء والقضاة والولاة. (بطانتان) مثنى بطانة وبطانة الرجل خاصته وأهل مشورته في الأمور. (تحضه) تحثه على فعله وتؤكد عليه فيه. (المعصوم) المحفوظ من شر بطانة السوء والوقوع فيما يجر إلى الهلاك]

    وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صل الله عليه وسلم ((  إذا أراد الله بالأمير خيرا جعل له وزير صدق إن نسي ذكره وإن ذكر أعانه وإذا أراد الله به غير ذلك جعل له وزير سوء إن نسي لم يذكره وإن ذكر لم يعنه ))

    لا يستوي الخبيث والطيب:

    قال تعالى: {قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللهَ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 100]

    حال هؤلاء الجلساء وبراءة بعضهم من بعض في الآخرة :

    قال تعالى:﴿ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ﴾[الزخرف: 67].

    قرن الله تعالى الصداقة بالقرابة :

    فقال سبحانه - ﴿ لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً ﴾-61 -النور  فتأملوا كيف قرن الله تعالى الصديق بالآباء و الإخوة و الأعمام و الأخوال، فانظُرْ كيفَ أنزلَ اللهُ تعالَى الصديقَ منْزلةَ النَّفْسِ والأَبِ والأَخِ والابْنِ فِي الأُنْسِ.

    أنواع الأصدقاء

    وقد حصر الإمام ابن القيم أنواع الأصدقاء فقال: "الأصدقاء ثلاثة،

    الأول: كالغذاء لا بد منه،
    والثاني: كالدواء يحتاج إليه وقت دون وقت،
    والثالث: كالداء لا يُحتاج إليه قط"،
    فالأول هو الجليس الصالح،
    والثاني هو الجليس الذي به بعض صفات السوء ولكن يُرتجى منه الخير
    والثالث هو الجليس السوء،
    .
    الصداقة ليست في الأشخاص فحسب :

    وإنما هي كذلك في كل ما تجلس إليه وتقضي وقتا معه كالكمبيوتر والمحمول والكتاب والانترنت وغيرهم ...

    الترغيب في مصاحبة الأخيار :

    1-- من السبعة الذين يظلهم الله في ظله :

    عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صل الله عليه وسلم -قَالَ " سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِى ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ الإِمَامُ الْعَادِلُ وَشَابٌّ نَشَأَ بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِى الْمَسَاجِدِ وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِى اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّى أَخَافُ اللَّهَ. وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ".

    2- -يحبهم الله تعالى :

    عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صل الله عليه وسلم -
    " أَنَّ رَجُلاً زَارَ أَخًا لَهُ فِى قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قَالَ أُرِيدُ أَخًا لِى فِى هَذِهِ الْقَرْيَةِ. قَالَ هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا قَالَ لاَ غَيْرَ أَنِّى أَحْبَبْتُهُ فِى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. قَالَ فَإِنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ"
    ومعنى المدرجة: الطريق، ترب: تحفظ وتراعى وتربى .

    وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صل الله عليه وسلم -" إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلاَلِى الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِى ظِلِّى يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلِّى ".
    3- - لا يشقى بهم جليسهم :

    عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صل الله عليه وسلم -
    قَالَ " إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلاَئِكَةً سَيَّارَةً فُضْلاً يَتَبَّعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ فَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فِيهِ ذِكْرٌ قَعَدُوا مَعَهُمْ وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَجْنِحَتِهِمْ حَتَّى يَمْلَئُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعِدُوا إِلَى السَّمَاءِ -
    قَالَ - فَيَسْأَلُهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ فَيَقُولُونَ جِئْنَا مِنْ عِنْدِ عِبَادٍ لَكَ فِى الأَرْضِ يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيُهَلِّلُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيَسْأَلُونَكَ،
    قَالَ وَمَاذَا يَسْأَلُونِى قَالُوا يَسْأَلُونَكَ جَنَّتَكَ. قَالَ وَهَلْ رَأَوْا جَنَّتِى قَالُوا لاَ أَىْ رَبِّ. قَالَ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا جَنَّتِى قَالُوا وَيَسْتَجِيرُونَكَ.
    قَالَ وَمِمَّ يَسْتَجِيرُونَنِى قَالُوا مِنْ نَارِكَ يَا رَبِّ. قَالَ وَهَلْ رَأَوْا نَارِى قَالُوا لاَ. قَالَ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِى قَالُوا وَيَسْتَغْفِرُونَكَ -
    قَالَ -فَيَقُولُ قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ فَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوا وَأَجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا -قَالَ -فَيَقُولُونَ رَبِّ فِيهِمْ فُلاَنٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ قَالَ فَيَقُولُ وَلَهُ غَفَرْتُ هُمُ الْقَوْمُ لاَ يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ
    ".

    4- كونوا مع الصادقين

    قال تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ"- 119 - التوبة

    5- الأمر بنكاح المرأة الصالحة :

    عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ  صل الله عليه وسلم -
    قَالَ " تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ ".

    وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صل الله عليه وسلم - قَالَ "الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ".

    6- الدخول ضمن الذين لا خوف عليهم يوم القيامة ولاهم يحزنون :

    قال تعالى:﴿ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ، يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ ﴾"الزخرف: 67، 68 "

    7- من جالس الصالحين تشمله بركة مجالسهم

    ويعمه الخير الحاصل لهم وان لم يعمل عملهم، قال بعض الحكماء: " من جالس خيرا أصابته بركته فجليس أولياء الله لا يشقى وان كان كلبا ككلب أصحاب الكهف "

    8- تنتفع بدعائهم لك بظهر الغيب في حياتك وبعد مماتك :

    عَنْ صَفْوَانَ -وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ -
    وَكَانَتْ تَحْتَهُ الدَّرْدَاءُ قَالَ قَدِمْتُ الشَّامَ فَأَتَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فِى مَنْزِلِهِ فَلَمْ أَجِدْهُ وَوَجَدْتُ أُمَّ الدَّرْدَاءِ فَقَالَتْ أَتُرِيدُ الْحَجَّ الْعَامَ فَقُلْتُ نَعَمْ.
    قَالَتْ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا بِخَيْرٍ فَإِنَّ النَّبِىَّ  صل الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ " دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لأَخِيهِ بِخَيْرٍ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ آمِينَ وَلَكَ بِمِثْلٍ ".

    وقال عبيد الله بن الحسين ـ رحمه الله ـ لرجل " استكثر من الصديق ـ يعني الصالح ـ فان أيسر ما تصيب أن يبلغه موتك فيدعو لك "

    : صفات أصدقاء الخير ونماذج عليهم :

    1- - المؤمن التقي :

    عن أبي سعيد الخدري  أنه سمع النبي صل الله عليه وسلم - يقول(( لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي))

    2- يذكرك بالله

    عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ حَدَّثَهُ قَالَ نَظَرْتُ إِلَى أَقْدَامِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رُءُوسِنَا وَنَحْنُ فِى الْغَارِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ أَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ فَقَالَ " يَا أَبَا بَكْرٍ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا ".

    3- - يوصيك بحسن الخلق بحسن الخلق :

    (وذلك ببثِّ فضائل حسن الخلق، وبالتحذير من مساوئ الأخلاق، وبنصح المبتلين بسوء الخلق، وبتشجيع حسني الأخلاق، فحسن الخلق من الحقِّ، والله سبحانه يقول: وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر: 3].

    وكان الرجلان من أصحاب النبي صل الله عليه وسلم  إذا التقيا لم يفترقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر: وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ [العصر: 1]، ثم يسلم أحدهما على الآخر .

    والربح الحقيقي للمسلم أن يكون له ناصحون ينصحونه، ويوصونه بالخير والاستقامة، فإذا حسنت أخلاق المسلم، كثر مصافوه، وأحبه الناس.        
    ل
    لا تَصْحَبِ الْكَسْلَاَنَ فِي حَالَاتِهِ** كَمْ صَالِحُ بِفَسَادِ آخِرِ يُفْسِدُ
    كَالْْجَمْرِ يُوضَعُ فِي الرَّمَادِ فَيُخْمِدُ** عَدْوَى الْبَليدِ إِلَى الْجَلِيدِ سَرِيعَةً


    4- يدعوا لصاحبه بالرحمة والخير

    عَنْ عَائِشَةَ  رضي الله عنها أَنَّ النَّبِىَّ صل الله عليه وسلم-  سَمِعَ رَجُلاً يَقْرَأُ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ " يَرْحَمُهُ اللَّهُ لَقَدْ أَذْكَرَنِى كَذَا وَكَذَا آيَةً كُنْتُ أَسْقَطْتُهَا مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا "([18]).

    5- يعين على قيام الليل :

    عن أبي هريرة قال: قال رسول الله  صل الله عليه وسلم -  : (رحم الله رجلا قام من الليل يصلي وأيقظ امرأته فإن أبت نضح في وجهها الماء ورحم الله امرأة قامت من الليل وأيقظت زوجها فإن أبى نضحت في وجهه الماء)

    6- يعين على زيارة المرضى :

    إن المرء بزيارته إخوانه في الله يطيب بنفسه ويطيب ممشاه ويتبوأ منازل عظيمة في الجنة فعن أبي هريرة أيضا . قال قال رسول الله  صل الله عليه وسلم -   (( من عاد مريضا أو زار أخا له في الله ناداه مناد بأن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا ))

    7- يبصرك بعيوبك ويدلك على اوجه الضعف عندك

    عن أبي هريرة، عن النبي صل الله عليه وسلم -  قال: " المؤمن مرآة أخيه، والمؤمن أخو المؤمن؛ يكف عليه ضيعته، ويحوطه من ورائه".  أي يمنعه ضياعه وهلاكه فيجمع عليه معيشته ويضمها إليه، ويذب عنه ويوفر عليه مصالحه.

    8- يشفع لك عند الله تعالى يوم القيامة

    عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قال قال رسول الله صل الله عليه وسلم - " .حَتَّى إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ بِأَشَدَّ مُنَاشَدَةً لِلَّهِ فِى اسْتِقْصَاءِ الْحَقِّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لِلَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ فِى النَّارِ يَقُولُونَ رَبَّنَا كَانُوا يَصُومُونَ مَعَنَا وَيُصَلُّونَ وَيَحُجُّونَ.
    فَيُقَالُ لَهُمْ أَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ. فَتُحَرَّمُ صُوَرُهُمْ عَلَى النَّارِ فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثيرًا قَدْ أَخَذَتِ النَّارُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ وَإِلَى رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ يَقُولُونَ رَبَّنَا مَا بَقِىَ فِيهَا أَحَدٌ مِمَّنْ أَمَرْتَنَا بِهِ. فَيَقُولُ ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالَ دِينَارٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ.
    فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا ثُمَّ يَقُولُونَ رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا أَحَدًا مِمَّنْ أَمَرْتَنَا.
    ثُمَّ يَقُولُ ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالَ نِصْفِ دِينَارٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ. فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا ثُمَّ يَقُولُونَ رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا مِمَّنْ أَمَرْتَنَا أَحَدًا.
    ثُمَّ يَقُولُ ارْجِعُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ فَأَخْرِجُوهُ. فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا ثُمَّ يَقُولُونَ رَبَّنَا لَمْ نَذَرْ فِيهَا خَيْرًا
    .."

    - الجليس الصالح :

    يبعدك عن المعصية ويرشدك ويدللك على أمور من أمور الخير التي ينفعك العلم بها ويحفظك في حضرتك وغيبتك فلا يفشي لك سرا ولا ينتهك لك حرمة ويحثك على أعمال البر والإحسان وصلة الرحم وبر الوالدين وصدق الحديث والعفاف والحفاظ على الصلاة والصيام وذكر الله تعالى ومصاحبة الصالحين والتنافس في الخير وحضور مجالس العلم ويتفقد أحوالك وكل ما فيه خير .

    وانظر إلى أصحاب الكهف واعانتهم لبعضهم على الطاعة والفرار من الظلم معتمدين على ربهم لاجئين إليه فكانت النتيجة ان أعلى الله ذكرهم وما زلنا نقرأ قصتهم في كتاب الله كما قال تعالى :" أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آَيَاتِنَا عَجَبًا (9) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10) فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (12) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14)" سورة الكهف
    ====================================

    التالي :
    -
    : نعم الصديقان (- النبي صل الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه - )


    -------------------------------------------------------
    أبقوا معنا جزاكم الله خيرا --- ولا تنسونا من صالح دعائكم



    عدل سابقا من قبل صادق النور في الأحد يوليو 21, 2024 1:52 pm عدل 1 مرات

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5323
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود نِعْمَ الصَّدِيقَانِ - سَيِّدَنَا النَّبِيَّ صِلِ اللهَ عَلَيْهِ وَسُلَّمٌ وَ سَيِّدُنَا أَبُو بِكْرِ رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت يوليو 20, 2024 11:24 pm

    ما قبله :

    :- نِعْمَ الصَّدِيقَانِ - سَيِّدَنَا النَّبِيَّ صِلِ اللهَ عَلَيْهِ وَسُلَّمٌ وَ سَيِّدُنَا أَبُو بِكْرِ رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ - :


    1- اعتراف النبي صل الله عليه وسلم لصاحبه بالفضل لصاحبه دون مغالاة -


    عن أبي هريرة قال قال رسول الله صل عليه وسلم - (ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافأناه ما خلا أبا بكر فإن له عندنا يدا يكافئه الله بها يوم القيامة وما نفعني مال أحد قط ما نفعني مال أبي بكر ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ألا وإن صاحبكم خليل الله "

    عن عائشة أن أبا بكر دخل على رسول الله صل الله عليه وسلم فقال أنت عتيق الله من النار فيومئذ سمي عتيقا"
    وعن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين"

    وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته
    فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( أما صاحبكم فقد غامر ) .
    فسلم وقال إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى علي فأقبلت إليك فقال صل الله عليه وسلم ( يغفر الله لك يا أبا بكر ) . ثلاثا ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فسأل أثم أبو بكر فقالوا لا فأتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم فجعل وجه النبي صلى الله عليه وسلم يتمعر حت أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال يا رسول الله والله أنا كنت أظلم مرتين فقال النبي صلى الله عليه و سلم ( إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت وقال أبو بكر صدق . وواساني بنفسه وماله فهل أنتم تاركوا لي صاحبي ) . مرتين فما أوذي بعدها

    ( أبدى ) أظهر . ( صاحبكم ) يعني أبا بكر رضي الله عنه . ( غامر ) رمى بنفسه في الأمور الخطرة . ( فأسرعت إليه ) بالكلام الغليظ . ( يتمعر ) يتغير لونه من الضجر . ( واساني ) من المواساة وهي التسلية والسعي في إزالة الهم وتفريج الكرب ]

    - 2- لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا

    عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً وَلَكِنَّهُ أَخِى وَصَاحِبِى وَقَدِ اتَّخَذَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلاً » .

    فإذا صدق الود واشتد فإن أعلى أنواع المحبة هي الخلة ولهذا اتخذ الله إبراهيم خليلا واتخذ محمدا صلى الله عليه وسلم خليلا ولا نعلم أنه اتخذ خليلا من خلقه إلا هذين النبيين إبراهيم ومحمدا صلى الله عليهما وسلم .
    ولهذا نقول من قال إن إبراهيم خليل الله وموسى كليم الله ومحمدا حبيب الله فقد هضم محمدا صلى الله عليه وسلم حقه لأنه إذا جعله حبيب الله فقط فقد نزل رتبته .
    بل هو عليه الصلاة والسلام أعلى من الحبيب فالله تعالى يحب المؤمنين ويحب المقسطين ويحب المتقين فمحبته أوسع لكن الخلة لا تحصل لكل واحد .
    فهؤلاء المساكين الجهال يقولون محمد حبيب الله وإبراهيم خليل الله سبحان الله يقولون ذلك مع أنه يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدِ اتَّخَذَنِى خَلِيلاً كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً }
    وقال عليه الصلاة والسلام: لو كنت متخذا من أمتي خليلا". فالخلة أعلى من المحبة ولهذا فالنبي صل الله عليه وسلم حبيب الله وخليله، ولولا ذلك لاتخذ أبي بكر خليلا.

    - 3- -أول مصدق ومعاون -


    ومن شدة حبه للرسول صل الله عليه وسلم - كان أول من أسلم من الرجال، ولما سمع عن الاسراء برسول الله صل الله عليه وسلم صدق الخبر فورا، وقام ليسأل النبي صل الله عليه وسلم ليبين للناس صدقه،
    وأول من صدق الرسول صل الله عليه وسلم في كل كلمة قالها ومن شدة حبه أيضا خدم الإسلام بإخلاص وتفاني لم يكن له مثيل ،فكان خير صديق لخير الأنبياء ..

    أبو بكر رضي الله عنه هو أحب الرجال إليه صل الله عليه وسلم

    عن عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلاَسِلِ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ أَىُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ « عَائِشَةُ ». قُلْتُ مِنَ الرِّجَالِ قَالَ « أَبُوهَا ». قُلْتُ ثُمَّ مَنْ قَالَ « عُمَرُ ». فَعَدَّ رِجَالاً.

    - 4- - حب الخروج مع الصديق رغم المخاطر المحيطة من كل جانب -


    عَنْ عُرْوَةَ ، قَالَ : قَالَتْ عَائِشَةُ :
    فَبَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ فِي بَيْتِنَا فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ قَالَ قَائِلٌ لأَبِي بَكْرٍ : هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقْبِلا مُتَقَنِّعًا فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا . قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : فِدَاءً لَهُ أَبِي وَأُمِّي إِنْ جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ لأَمْرٌ ،
    قَالَتْ عَائِشَةُ : فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنَ ، فَأُذِنَ لَهُ ، فَدَخَلَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ دَخَلَ لأَبِي بَكْرٍ : " أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ " فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : إِنَّمَا هُمْ أَهْلِكَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ ،
    فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ " فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : الصُّحْبَةُ بِأَبِي أَنْتَ ،
    قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " نَعَمْ
    "

    - 5- كتمان السر


    لقد أبرم رسول الله صل الله عليه وسلم الخطة مع سيدنا أبو بكر واتفقا عليها ولم يفش احهم الخطة لأحد وهذا ما ينبغي ان يكون عليه على كل مسلم إذا أمنك أحد على سر أو شيء فلا تخون الأمانة أبدا مهما حدث .

    -6- خوف سيدنا أبو بكر على رسول الله صل الله عليه وسلم وتطمين النبي صل الله عليه وسلم له باعتماده على الله:


    ( إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) - (40)" التوبة. ،

    وعن أنس عن أبي بكر قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار، فرفعت رأسي فإذا أنا بأقدام القوم، فقلت : يا نبي الله، لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا . قال : ( اسكت يا أبا بكر، اثنان، الله ثالثهما ) ، وفي لفظ : ( ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما )

    - 7- نعم الصديق أنت يا أبا بكر


    عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: جَاءَ أَبُو بَكْرٍ، إِلى أَبِي فِي مَنْزِلِهِ فَاشْتَرَى مِنْهُ رَحْلاً فَقَالَ لِعَازِبٍ: ابْعَثِ ابْنَكَ يَحْمِلُهُ مَعِي قَالَ: فَحَمَلْتُهُ مَعَهُ وَخَرَجَ أَبِي يَنْتَقِدُ ثَمَنَهُ فَقَالَ لَهُ أَبِي: يَا أَبَا بَكْرٍ حَدِّثْنِي كَيْفَ صَنَعْتُمَا حِينَ سَرَيْتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: نَعَمْ أَسْرَيْنَا لَيْلَتَنَا، وَمِنَ الْغَدِ، حَتَّى قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ وَخَلاَ الطَّريقُ، لاَ يَمُرُّ فِيهِ أَحَدٌ فَرُفِعَتْ لَنَا صَخْرَةٌ طَوِيلَةٌ، لَهَا ظِلٌّ، لَمْ تَاتِ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَنَزَلْنَا عِنْدَهُ، وَسَوَّيْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَكَانًا بِيَدِي يَنَامُ عَلَيْهِ وَبَسَطْتُ فِيهِ فَرْوَةً .
    وَقُلْتُ: نَمْ يَا رَسُولَ اللهِ وَأَنَا أَنْفُضُ لَكَ مَا حَوْلَكَ، فَنَامَ وَخَرَجْتُ أَنْفُضُ مَا حَوْلَهُ، فَإِذَا أَنَا بِرَاعٍ مُقْبِلٍ بَغَنَمِهِ إِلَى الصَّخْرَةِ، يُرِيدُ مِنْهَا مِثْلَ الَّذِي أَرَدْنَا فَقُلْتُ: لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلاَمُ فَقَالَ: لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ (أَوْ مَكَّةَ) قُلْتُ: أَفِي غَنَمِكَ لَبَنٌ قَالَ: نَعَمْ قلْتُ: أَفَتَحْلُبُ قَالَ: نَعَمْ فَأَخَذَ شَاةً فَقُلْتُ: انْفُضِ الضَّرْعَ مِنَ التُّرَابِ وَالشَّعَرِ وَالْقَذَى : فَرَأَيْتُ الْبَرَاءَ يَضْرِبُ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأُخْرَى، يَنْفُضُ فَحَلَبَ فِي قَعْبٍ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، وَمَعِي إِدَاوَةٌ حَمَلْتُهَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، يَرْتَوِي مِنْهَا، يَشْرَبُ وَيَتَوَضَّأُ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم،
    فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُ فَوَافَقْتُهُ حِينَ اسْتَيْقَظَ فَصَبَبْتُ مِنَ الْمَاءِ عَلَى اللَّبَنِ، حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ فَقُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ ثُمَّ قَالَ: أَلَمْ يَأْنِ لِلرَّحِيلِ قُلْتُ: بَلَى قَالَ: فَارْتَحَلْنَا بَعْدَ مَا مَالَتِ الشَّمْسُ
    "
    والإداوة : إناء صغير من جلد .

    - 8 - الصديق يأمر أولاده وخدمة بمعاونة صديقه


    قالت عائشة: فجهزناهما أحث الجهاز وصنعنا لهما سفرة في جراب قطعت أسماء بنت أبى بكر قطعة ً من نطاقها فربطت به على فم الجراب فبذلك سميت ذات النطاق قالت ثم لحق رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وأبو بكر بغار في جبل ثورٍ فمكثا فيه ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر وهو غلام شاب ثقف لقن يدلج من عندهما بسحر فيصبح مع قريش بمكة كبائت فلا يسمع أمراً يكادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبى بكر منحة ً من غنم فيريحها عليهما حين تذهب ساعة العشاء فيبيتان في رسلٍ حتى ينعق بهما عامر بن فهيرة بغلس يفعل ذلك في كل ليلة من تلك الليالي الثلاث"

    - 9 - فداءه لصاحبه بأغلى ما يملك وهي نفسه:


    عن محمد بن سرين : قال : ذكر رجال على عهد عمر رضي الله عنه فكأنهم فضلوا عمر على أبي بكر رضي الله عنهما .
    قال : فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فقال : والله لليلة من أبي بكر خير من آل عمر و ليوم من أبي بكر خير من آل عمر لقد خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم لينطلق إلى الغار و معه أبو بكر فجعل يمشي ساعة بين يديه و ساعة خلفه حتى فطن له رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا أبا بكر مالك تمشي ساعة بين يدي و ساعة خلفي ؟ فقال : يا رسول الله أذكر الطلب فأمشي خلفك ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك فقال : يا أبا بكر لو كان شيء أحببت أن يكون بك دوني قال : نعم والذي بعثك بالحق ما كانت لتكون من ملمة إلا أن تكون بي دونك فلما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر : مكانك يا رسول الله حتى أستبرئ لك الغار فدخل و استبرأه حتى إذا كان في أعلاه ذكر أنه لم يستبرئ الحجرة فقال : مكانك يا رسول الله حتى استبرئ الحجرة فدخل و استبرئ ثم قال : انزل يا رسول الله فنزل فقال عمر : و الذي نفسي لتلك الليلة خير من آل عمر"

    وعن عروة بن الزبير قال : سألت عبد الله بن عمرو عن أشد ما صنع المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم قال رأيت عقبة بن أبي معيط جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فوضع رداءه في عنقه فخنقه به خنقا شديدا فجاء أبو بكر حتى دفعه عنه فقال أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم"

    ===================================

    التالي :
    -
    لماذا اختار الرسول صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق دون غيره؟

    -------------------------------------------------------
    تابعونا جزاكم الله خيرا --- ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5323
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود لِمَاذَا اِخْتَارَ الرَّسُولُ صَلَّ اللهَ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بِكْرِ الصَّدِيقِ دُونَ غَيْرَهُ ؟

    مُساهمة من طرف صادق النور الأحد يوليو 21, 2024 6:32 am

    ما قبله :

    لِمَاذَا اِخْتَارَ الرَّسُولُ صَلَّ اللهَ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بِكْرِ الصَّدِيقِ دُونَ غَيْرَهُ ؟


    لقد كان يمكنه أن يختار عمر الفاروق أو حمزة العم رضي الله عنهما ليحمياه لو تعرض له أحد المشركين، وهما المعروفان بالقوة والمنعة.
    ولقد كان يمكنه أن يختار عليا رضي الله عنه، قريبه الشاب الفتي الشجاع القوي،
    ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يفعل.

    لماذا الصديق إذن؟ هل لأنه السابق للإسلام؟ قد يكون، ولكنه ليس سببا كافيا،
    فقد علَّمنا صلى الله عليه وسلم أن "المناسَبة" هي معياره الأول في الاختيار، ويسبق أي معيار آخر حتى لو كان معيار السبق،
    وما اختياره لخالد لقيادة الحروب، ولحذيفة ليكتم سره، ولأبي عبيدة ليكون أمين الأمة، رضي الله عنهأجمعين، إلا أبرز دليل؛ بل بقي هذا دأبه صلى الله عليه وسلم حتى قبيل وفاته،
    حين سير الجيش بقيادة الشاب اليافع أسامة رضي الله عنه، ذلك الجيش الذي ضم بين أركانه كبار الصحابة وعظامهم.
    بقي السؤال بلا إجابة: لمَ الصديق إذن؟ للإجابة على هذا السؤال علينا أن نقرأ حادثة الهجرة من جديد، ولكن بعين مختلفة، إنها عين "إختيار الصاحب"..

    طمع الصديق لأن يكون الصاحب وتشوقه لذلك:


    1- - طمع الصديق أن يكون الرفيق:

    قال ابن إسحاق: "وكان أبو بكر كثيرا ما يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة؛ فيقول له رسول الله: (لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحبا) فيطمع أبو بكر أن يكونه".

    فرح الصديق بالخبر:

    قال ابن إسحاق: "عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: كان لا يخطئ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي بيت أبي بكر أحد طرفي النهار، إما بكرة، وإما عشية،
    حتى إذا كان اليوم الذي أذن فيه لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة والخروج من مكة من بين ظهري قومه، أتانا رسول الله بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها،
    قالت: فلما رآه أبو بكر، قال: ما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الساعة إلا لأمر حدث.
    قالت: فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس عند أبي بكر إلا أنا وأختي أسماء بنت أبي بكر،
    فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أخرجْ عني من عندك)، فقال: يا رسول الله، إنما هما ابنتاي، وما ذاك فداك أبي وأمي؟
    فقال: (إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة
    قالت: فقال أبو بكر: الصحبةَ يا رسول الله؟
    قال: (الصحبة)، قالت: فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ".

    2- - لم يكتف الصديق بالطمع والشوق، بل أعد العدة:


    قال ابن إسحاق: "وكان أبو بكر رضي الله عنه رجلا ذا مال؛ فكان حين استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة،
    فقال له رسول الله: (لا تعجل لعل الله يجد لك صاحبا)، قد طمع بأن يكون رسول الله إنما يعني نفسه حين قال له ذلك،
    فابتاع راحلتين فاحتبسهما في داره يعلفهما إعدادا لذلك".

    3- - آل الصديق أهل الثقة:


    قال ابن إسحاق: "ولم يعلم-فيما بلغني-بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد حين خرج إلا علي بن أبي طالب، وأبو بكر الصديق، وآل أبي بكر".

    4- - آل الصديق بيت تضحية:


    قال ابن إسحاق: "فحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير أن أباه عبادا حدثه عن جدته أسماء بنت أبي بكر
    قالت: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرج أبو بكر معه، احتمل أبو بكر ماله كله ومعه خمسة آلاف درهم أو ستة آلاف فانطلق بها معه،
    قالت: فدخل علينا جدي أبو قحافة وقد ذهب بصره، فقال: والله إني لا أراه قد فجعكم بماله مع نفسه، قالت: قلت: كلا يا أبت، إنه قد ترك لنا خيرا كثيرا،
    قالت: فأخذت أحجارا فوضعتها في كوة في البيت الذي كان أبي يضع ماله فيها، ثم وضعت عليها ثوبا، ثم أخذت بيده فقلت: يا أبت ضع يدك على هذا المال، قالت: فوضع يده عليه فقال: لا بأس، إذا كان ترك لكم هذا فقد أحسن، وفي هذا بلاغ لكم،
    ولا والله ما ترك لنا شيئا، ولكني أردت أن أسكن الشيخ بذلك".

    5- - من قام بالخدمة عليهما في الرحلة؟


    إنهم بيت الصديق:

    عبد الله، وأسماء، وعامر مولاه، قال ابن إسحاق: "فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار ثلاثا ومعه أبو بكر، وجعلت قريش فيه-حين فقدوه-مائة ناقة لمن يرده عليهم،

    وكان عبد الله بن أبي بكر يكون في قريش نهاره معهم يسمع ما يأتمرون به وما يقولون في شأن رسول الله وأبي بكر، ثم يأتيهما إذا أمسى فيخبرهما الخبر.

    وكان عامر بن فهيرة مولى أبي بكر يرعى في عيان أهل مكة، فإذا أمسى أراح عليهما غنم أبي بكر فاحتلبا وذبحا،

    فإذا عبد الله بن أبي بكر غدا من عندهما إلى مكة، اتبع عامر بن فهيرة أثره بالغنم حتى يعفي عليه،
    حتى إذا مضت الثلاث، وسكن عنهما الناس، أتاهما صاحبهما الذي استأجراه ببعيريهما وبعير له،
    وأتتهما أسماء بنت أبي بكر بسفرتهما، ونسيت أن تجعل لها عصاما فلما ارتحلا ذهبت لتعلق السفرة فإذا ليس لها عصام، فتحل نطاقها فتجعله عصاما، ثم علقتها به".

    6- - حرص الصديق على رفيقه النبي صلى الله عليه وسلم وتقديمه على نفسه:


    * أخذ الصديق كل ماله معه، ولم يترك شيئا لأهل بيته.

    * تأكد من سلامة الغار:

    قال ابن هشام: "وحدثني بعض أهل العلم أن الحسن بن أبي الحسن البصري قال: انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر إلى الغار ليلا؛ فدخل أبو بكر قبل رسول الله، فلمس الغار لينظر أفيه سبع أو حية يقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه".

    * أعطاه الدابة الأفضل:

    قال ابن إسحاق: "فلما قرب أبو بكر الراحلتين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم له أفضلهما،
    ثم قال: اركب فداك أبي وأمي، فقال رسول الله: (إني لا أركب بعيرا ليس لي)، قال: فهي لك يا رسول الله بأبي أنت وأمي، قال: (لا، ولكن ما الثمن الذي ابتعتها به؟)، قال: كذا وكذا، قال: (قد أخذتها به
    قال: هي لك يا رسول الله، فركبا وانطلقا، وأردف أبو بكر عامر بن فهيرة مولاه خلفه ليخدمهما في الطريق".

    * ظل الصديق الرسول صلى الله عليه وسلم ليحميه حر الشمس:

    قال ابن إسحاق على لسان أهل قباء:
    "لما سمعنا بمخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة، وتوكفنا قدومه، كنا نخرج إذا صلينا الصبح إلى ظاهر حرتنا ننتظر رسول الله، فوالله ما نبرح حتى تغلبنا الشمس على الظلال فإذا لم نجد ظلا دخلنا، وذلك في أيام حارة،
    حتى إذا كان اليوم الذي قدم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، جلسنا كما كنا نجلس، حتى إذا لم يبق ظل دخلنا بيوتنا، وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخلنا البيوت،

    فكان أول من رآه رجل من اليهود، وقد رأى ما كنا نصنع، وأنا ننتظر قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا، فصرخ بأعلى صوته: يا بني قيلة، هذا جدكم قد جاء، قال: فخرجنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في ظل نخلة، ومعه أبو بكر رضي الله عنه في مثل سنه،
    وأكثرنا لم يكن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك، ورقبه الناس وما يعرفونه من أبي بكر، حتى زال الظل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام أبو بكر فأظله بردائه، فعرفناه عند ذلك".

    هكذا يتحقق لنا وجه آخر من إبداعات رسولنا صلى الله عليه وسلم في الهجرة حين عرف من يختار ليكون رفيقه في هذه الرحلة شديدة الأهمية والحساسية في تاريخ رسالة الإسلام.
    ولعلها وجه آخر من تعليمه صلى الله عليه وسلم أفرادَ أمته كيف يختارون أصحابهم،

    وكم هو مهم وأساسي أن ندقق ونمحص ونتروى في اختيار هذا الصاحب الذي يشاركنا رحلة الهجرة إلى الله تعالى، فيكون عونا وسندا وقوة، لا سدا يمنع هدى الله تعالى أن يأتينا،
    وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أكد فعله في اختيار الصاحب في الهجرة،
    أكد فعله بقوله عليه الصلاة والسلام: (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه.

    فالدرس الذي نستنبطه من دروس الهجرة المباركة هو الصحبة الصالحة، الصحبة النقيَّة، الصحبة الخالصة لله - تعالى -
    لذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - يُوصي أُمَّته في الحديث الذي أَخرجه أبو داود، والترمذي: ((لا تُصَاحِبْ إلا مُؤمِنًا، ولا يأكُلْ طَعَامَكَ إلا تَقِيٌّ)).

    ها هم سلفنا الصالح - رحمهم الله - يرشدون أبناءَهم إلى اختيار الصاحب الصالح:
    هذا أحدُهم يقول: "يا بُني، إذا أردتَ مصاحبة شخصٍ، فلا تَصحبه إلا بخصالٍ يتَّصف بها، ما هي يا أَبَتاه؟ فقال له: "يكتم سرَّك، ويَستر عَيبَك، ويَكن معك في النوائب، ويَنشر حَسَناتك، ويَطوي سيِّئاتك، فإن لَم تكنْ هذه، فعليك بنفسك".

    وهذا آخر يقول لولده: "لا تصاحبْ إلا رجلين: رجل تتعلَّم منه ما ينفعك من أمور دينك، ورجل تُعَلِّمه شيئًا من أمور دينه، فيتقبَّل منك، والثالث اهربْ منه".

    وثالث يقول لولده: "يا بُني، لا تَصْحب إلاَّ من أضرَّ بنفسه ليَنفعَك".

    ليفتش كلٌّ منَّا عن صاحبه: هل هو ممن يتخلَّق بمثل هذه الأخلاق، وبمثل هذه الصفات؟

    على المسلم أن يَعْلَمَ أنَّ الذي يصاحب الطالِح والعاصي سيندم، بل سيعضُّ يدَه من الندم، وانظر كيف صَوَّر - سبحانه - ما سيكون عليه الكافرون وأصدقاء السوء يوم القيامة من حَسرة ونَدَامة، تصويرًا بليغًا مؤثِّرًا،
    فقال: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴾ [الفرقان : 27 - 29].

    صلى الله تعالى عليك وسلم يا نبينا المحنك في ذكرى هجرتك،

    ورضي الله تعالى عنك يا صديق الأمة الصاحب،

    يا من أكدت مع كل حدث أنك نِعْم "ثاني اثنين"، ولم يكن ليحل محلك أحد أيا كان.
    الهجرة حدثٌ جَلَلٌ عظيمٌ للأمة الإسلامية؛ فابحث عن الصاحب حين تقوم بخطوة عظيمة في حياتك.
    =======================================
    التالي :
    فَوَائِدُ وَحُكْمٌ فِي أدَبِ الصُّحْبَةِ

    ----------------------------------------
    تابعونا جزاكم الله خيرا --- ولا تنسونا من صالح دعائكم


    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5323
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود فَوَائِدُ وَحُكْمٌ فِي أدَبِ الصُّحْبَةِ

    مُساهمة من طرف صادق النور الأحد يوليو 21, 2024 7:10 am

    ما قبله :

    فَوَائِدُ وَحُكْمٌ فِي أدَبِ الصُّحْبَةِ


    هذه فوائد وحِكَم في الصحبة وآدابها، التقطتُها لأتَّعظ بها ويتَّعظ بها غيري، وننتفع بها جميعًا، وتكون لنا مرشدة إلى طريق الخير في معاملة الأصحاب والأحباب - إن شاء الله.

    • عن أنس رضي الله عنه: ((ما تَحَابَّ اثنان في الله إلا كان أحبُّهما إلى الله أشدَّهما حبًّا لصاحبه))؛ أخرجه ابن حِبَّان والحاكم، وقال: صحيح الإسناد.

    • عن علي رضي الله عنه:

    ولا تَصْحَبْ أخَا الجهل ** فإيَّاك وإيَّاه

    فكم مِن جاهلٍ أرْدَى ** حليمًا حين آخاه


    • وقال عليٌّ رضي الله عنه رجَزًا:

    إنَّ أخاك الحقَّ مَن كان معَكْ ** ومَن يَضرُّ نفسَه ليَنْفَعَكْ

    ومَنْ إذا ريبُ زمانٍ صَرَعَكْ ** شتَّتَ فِيهِ شَمْلَهُ لِيَجْمَعَكْ


    • وفي الخبر عن أبي هريرة رضي الله عنه: ((المؤمن مِرآةُ المؤمن، والمؤمنُ أخو المؤمن، يَكفُّ عليه ضَيْعتَه، ويَحوطُه من ورائِه))؛ رواه أبو داود.
    أي: يجمع عليه معيشته، ويحفظ عليه حالته، وقوله: ((المؤمن مِرآة المؤمن))؛ أي: يرى منه ما لا يرى من نفسه، فيستفيد المرءُ بأخيه في معرفة عيوبِ نفسه، ولو انفرد لم يَستفِدْ، كما يستفيد بالمرآة الوقوفَ على عيوب صورته الظاهرة.

    • وقال الإمام الشافعي: مَن وعظَ أخاه سرًّا فقد نصحه وزانَه، ومن وعظه علانيةً فقد فضَحَه وشانَه، والله سبحانه يُعاتِبُ المؤمن يوم القيامة تحت كَنَفِه، وفي ظِلِّ سترِه، ويُوقِفُه على ذنوبه سرًّا.

    • وقال علقمة العطاردي في وصيته لابنه: يا بُني، إن عرَضَتْ لك إلى صحبة الرجال حاجةٌ، فاصحبْ من إذا خدمته صانك، وإذا صحبته زانك، وإن قعدتْ بك مؤنةٌ مانك، اصحبْ من إذا مددتَ يدَك بخيرٍ مدَّها، وإن رأى منك حسنةً عدَّها، وإن رأى منك سيئة سدَّها، اصحبْ مَن إذا سألته أعطاك، وإن سكتَّ ابتداك، وإن نزلتْ بك نازلة واساك، اصحبْ مَن إذا قلتَ صدَّق قولك، وإن تنازعتما آثرك.

    • قال بعض الحكماء: كل إنسان يأنس إلى شكلِه، كما أن كل طير يطير مع مثله، وإذا اصطحب اثنان بُرهةً من الزمان ولم يتشاكلاَ في الحال، فلا بُدَّ أن يفترقَا في الاستقبال.

    رُئِيَ غرابٌ يومًا مع حمامة، فعَجِبَ الحكيم من ذلك، فقال: اتفقَا وليسَا من شكل واحدٍ، ثم طارَا فإذا هما أعرجان، فقال: مِن هنا اتَّفقا!

    • جاء فتح الموصلي إلى منزلِ أخ له - وكان غائبًا - فأمر أهله، فأخرجت صندوقَه ففتحه فأخذ حاجتَه، فأخبرت الجارية مولاها، فقال: إن صدقتِ فأنت حرة - سرورًا بما فعل - وذلك لأنه دلَّ على صداقته؛ كما حقق في قوله تعالى: ﴿ أَوْ صَدِيقِكُمْ ﴾ [النور: 61].

    • قال بعضهم: إذا استقضَيْتَ أخاك حاجة فلم يقضها، فذكِّره ثانية؛ فلعله أن يكون قد نَسِيَ، فإن لم يقضِها فتوضَّأ للصلاة وكبِّر عليه أربع تكبيرات، واقرأ هذه الآية: ﴿ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ﴾ [الأنعام: 36].

    وقيل: ما مِن أحدٍ مِن الناس إلا وله محاسن ومساوئ، فإذا غَلبت المحاسنُ المساوئَ، فهو الغاية والمنتهى في المنى.

    وقيل: سترُ العيوب والتجاهل والتغافل عن الذنوب شيمةُ أهل الدين، ومن التخلُّق بأخلاق علاَّم الغيوب، فوَرَد: يا مَن أظهرَ الجميل، وستر القبيح.

    • نظر أبو الدرداء رضي الله عنه إلى ثورَيْنِ يحرثان في فدان، فوقف أحدُهما يَحُكُّ جسمه، فوقف الآخر؛ فبكى أبو الدرداء وقال: هكذا الإخوان في الله يعملان لله، فإذا وقف أحدهما وافقه الآخر، وفي المثل: لولا الوئامُ لهلك الأنامُ.

    • قيل لحكيم: أيما أحب إليك أخوك أو صديقك؟ فقال: إنما أحب أخي إذا كان صديقًا.

    وكان الحسَن البصريُّ يقول: كم مِن أخ لم تلدْه أمُّك، ولذا قيل: القَرابةُ تحتاج إلى المودة، والمودة لا تحتاج إلى القرابة.

    وورد: قليلُ الوفاءِ بعد الوفاة خيرٌ من كثير في الحياة.

    وقيل: المحبة تكون لكل من يَلوذُ بالمحبوب.

    ولله درُّ القائل:

    رأى المجنونُ في البيداءِ كلبًا ** فمدَّ له من الإحسانِ ذيلا

    فلامُوهُ على ما كان مِنْهُ ** وقالوا: لِمْ مَنحْتَ الكلبَ نيلا؟

    فقال: دعوا المَلامَةَ إن عيني ** رَأَتْهُ مرةً في حَيِّ ليلَى



    وقال بعضهم:
    إن الكِرام إذا ما أَسْهَلُوا ذَكَروا ** مَن كان يَأْلَفُهُمْ في المَنْزِلِ الخَشِنِ




    وأوصى بعض السلَف ابنه فقال: يا بني، لا تصحبْ مِن الناس إلا مَن إذا افتقرت إليه قَرُبَ منك، وإن استَغْنيتَ عنه لم يطمعْ فيك، وإن عَلتْ مرتبتُه لم يرتفعْ عليك.

    • وحكى الربيع أن الإمام الشافعي آخى رجلاً ببغداد، ثم إن أخاه ولي السِّيبَيْنِ - وهما نهران أحدهما بالبصرة - والآخر في ذنابة الفرات، فتغير له عما كان عليه،
    فكتب الشافعي هذه الأبيات:

    اذهَبْ فوُدُّك مِن ودادي طالقٌ ** أبدًا وليس طلاقَ ذاتِ البَيْنِ
    فإن ارعَوَيْتَ فإنها تَطْليقةٌ ** ويدومُ ودُّك لي على ثِنْتَيْنِ
    وإذا امتَنَعْتَ شَفَعْتُها بمثالِها ** فتكونُ تَطْليقَيْنِ في حَيْضَيْنِ
    فإذا الثلاثُ أتَتْكَ مني بتَّةً ** لم يُغْنِ عنك ولاية السِّيبَيْنِ


    • وقال بعضُ الحكماء: تمامُ التَّخفيفِ بِطَيِّ بساط التكليف.

    • وقال عليٌّ رضي الله عنه: شرُّ الأصدقاء مَن تكلَّف لك، ومَن أحوجك إلى مداراته، وألجأك إلى اعتذار في حالاته.

    • وقال الفُضيل بن عياض: إنما تقاطع الناس بالتكلُّف، يزور أحدهم أخاه فيتكلَّف له، فيقطعه ذلك عنه.

    • وقيل لبعضهم: مَنْ تصحب؟ قال: من يرفع عنك ثقل التكلُّف، وتَسقُط بينك وبينه مؤنة التحفُّظِ.

    • وقد قيل: مَن سقطت كلفتُه دامتْ أُلفتُه، ومن خفَّت مؤنته دامت مَوَدَّتُه.

    • وروى الدارقطني: المؤمن يَألَفُ ويُؤلَفُ، ولا خير فيمن لا يَألَف ولا يُؤلَفُ، خيرُ الناس أنفعهم للناس.

    • والمؤمن يستر العيوب؛ أي: عيوبَ غيره، وكذا عيوب نفسه، فورَد في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: ((مَن ستر على مسلم ستره الله في الدنيا والآخرة)).

    • وعن ابن عمر رضي الله عنهما: ((مِنْ أحبِّ الأعمال إلى الله إدخالُ السرور)).

    • وعن عمر رضي الله عنه: (مَن أقام نفسَه مُقامَ التُّهْمة، فلا يُلومنَّ من أساء به الظن).

    • والمؤمن يشفع في غير الحدود؛ لقوله تعالى: ﴿ مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا ﴾ [النساء: 85]،
    وفي الصحيحين عن أبي موسى: (اشفعوا تُؤجَروا، ويقضي الله ما يشاء على لسان نبيه ما شاء).

    • وينصر أخاه المظلوم؛ ففي الصحيحين: ((انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا))، فقيل: كيف ينصره ظالمًا؟ فقال: ((يَمنعُه مِن الظلم)).

    • ويسعى في حاجة أخيه؛ فالمشي فيها ساعةً خير من اعتكاف شهرين، وإن لم تُقضَ.

    • ويحفظ غيبة أخيه؛ فيمنع أحدًا من أن يقع في غيبةٍ فيه.

    • ويحسن المعاشرة مع المرأة؛ أمًّا، وأختًا، وزوجة، وبنتًا، ويحتمل الأذى عنهن ترحُّمًا عليهن،
    وورد: ((خيرُكم خيرُكم لأهله، وأنا خيرُكم لأهلي)).

    وقال رجل لزوجته:

    خُذي العفوَ مني تستديمي مودَّتي ** ولا تنطقي في سَوْرتي حين أَغضَبُ
    ولا تَنقُريني نقرةَ الدفِّ مرةً ** فإنك لا تدرين كيف المُغيَّبُ؟
    لأني رأيتُ الحبَّ في القلب والأذَى ** إذا اجتمعَا لم يَلْبَثِ الحبُّ يَذهَبُ


    ==================================
    التالي :

    آداب الصحبة

    ---------------------------------
    تابعونا أحبابنا --- جزاكم الله خيرا --- ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5323
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود آدَابُ الصُّحْبَةِ

    مُساهمة من طرف صادق النور الأحد يوليو 21, 2024 1:39 pm

    ما قبله :

    آدَابُ الصُّحْبَةِ


    يقول الله عز وجل: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات: 10]،
    فالأخوة الإيمانية أقوى رابطة تربط المسلم بإخوانه في مشارق ومغاربها، وهذه الأخوة تستلزم أن يحبَّ المؤمن لإخوانه الخير،
    وأن لا يحقد عليهم، ولا يحسدهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لا تحاسدُوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدَابروا، ولا يبعْ بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانًا، المسلم أخو المسلم؛ لا يخذله، ولا يحقره »؛ [أخرجه مسلم].

    ومن آداب الصحبه :

    صحبة أهل الدين والخير والأمانة:


    من آدابها:
    معاشرة من يثق بدينه وأمانته، في ظاهره وباطنه، لقول الله تبارك وتعالى: ﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ [المجادلة: 22].

    وواجب على المؤمن أن..
    يجتهد في معاشرة أهل الخير، ومن يدله على طلب الآخرة قال يوسف بن الحسين:
    قلت لذي النون: أوصني؟ قال: عليك بصحبة من تسلم منه في ظاهر أمرك، ويبعثك على الخير صحبته، ويذكرك الله رؤيته.

    معاشرة أهل السنة، والبعد عن أهل الهوى والبدع:


    إذا أراد الله بعبد من عبيده خيرًا وفقه لمعاشرة أهل السنة، وأهل الستر، والصلاح، والدين، ويرده عن صحبة أهل الهوى والبدع، والمخالفين.

    صفات الصاحب:


    ومن آدابها:
    ألا يصحب إلا عاقلًا، وعالمًا، وحليمًا، وتقيًّا، قال ذا النون: ما خلع الله على عبدٍ من عبيده خلعة أحسن من العقل، ولا قلده الله قلادة أجمل من العلم، ولا زينه بزينةٍ أفضل من الحلم، وكمال ذلك التقوى.

    اجتناب معاشرة أهل الدنيا:


    وواجب على المؤمن أن يتجنب عِشرةَ طلابِ الدنيا؛ فإنهم يدلونه على طلبها وجمعها ومنعها، وذاك الذي يبعده عن طلب نجاته، ويقطعه عنها.

    ستر العيوب:


    قال عبدالله بن محمد بن منازل: المؤمن يطلبُ معاذير إخوانه، والمنافق يطلبُ عثرات إخوانه.

    الصفح عن العثرات ونسيانها:


    من آدابها:
    الصفح عن عثرات الإخوان وترك تأنيبهم عليها، قال الله تعالى: ﴿ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ﴾ [الحجر: 85]، في التفسير: أن لا يكون فيه تقريع، ولا تأنيب، ولا معاتبة، وقيل أيضًا: رضا بلا عتاب.
    عن الأصمعي قال: قال أعرابي: تناس مساوئ الإخوان يدم لك ودهم.

    اجتناب الحسد:


    ومن آدابها:
    أن لا يحسد إخوانه على ما يرى عليهم من آثار نعم الله، بل يفرح بذلك، ويحمد الله على ما يرى من النعمة عليهم، كما يحمده بنعمته على نفسه، قال الله تعالى: ﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ [النساء: 54]،
    وقال صلى الله عليه وسلم: ( لا تحاسَدُوا).

    سلامة الصدر، والنصيحة لهم، وقبول النصيحة منهم:


    ومن آدابها:
    سلامة الصدر للإخوان، والأصحاب، والنصيحة لهم، وقبول النصيحة منهم، وأصله قوله تعالى: ﴿ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 89].
    : أن يحفظ في عشرته صلاح إخوانه، لا مرادهم، ويدلهم على رشدهم، لا على ما يحبونه.
    قال أبو صالح: المؤمن يعاشرك بالمعروف، ويدلك على صلاح دينك ودنياك،
    والمنافق يعاشرك بالممادحة، ويدلك على ما تشتهيه، والمعصوم من فرق بين الحالين.

    صدق المودة، وصفاء المحبة:


    للمعاشرة ثمن، فيجب أن يطالب صاحبه بثمن معاشرته، وهو صدق المودة، وصفاء المحبة، فإن العشرة لا تتم إلا بهما.

    ملازمة الحياء، ومصاحبة من يستحيى منه:


    ومن آدابها:
    ملازمة الحياء في كل حال، سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا يعظ أخاه في الحياء،
    فقال: « الحياءُ من الإيمانٍ ».

    ومن آدابها:
    صحبة من يستحيى منه، ويحتشمه ليزجره ذلك من المخالفات.
    قال علي بن أبي طالب: أحبوا الطاعات بمجالسة من يستحيا منه.
    وقال عبدالله بن أحمد بن حنبل: ما أوقعني في بلية إلا صحبة من لا أحتشمه.
    وقال ابن نجيد: عاشر من تحتشمه، ولا تعاشر من لا تحتشمه.

    التماس المعاذير لزلاتهم:


    ومن آدابها:
    أن تضع كلام أخيك وأبرزه على أحسن الوجوه، ما وجدت لها وجهًا حسنًا.
    قال سعيد بن المسيب: كتب إليَّ بعض إخواني من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أنْ ضعْ أمر أخيك على أحسنه، ما لم يظهر منه ما يغلبك.
    وقال حمدون القصار: إذا زلّ أخ من إخوانكم فاطلبوا له سبعين بابًا عذرًا.

    عدم إخلاف الوعد:


    ومن آدابها:

    أن لا تعد أخاك وعدًا ثم تخلفه فإنه من النفاق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (علامة النفاق ثلاثة: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أوتمن خان).

    قال الثوري: لا تعد أخاك موعدًا فتخلفه، فتستبدل المودة بغضًا.

    حفظ السرِّ:


    أفشى رجل إلى صديق له سرًّا من أسراره، فلما فرغ قال: حفظته؟ قال: لا، بل نسيته.
    ولذلك قال بعض الحكماء: قلوب الأحرار قبور الأسرار.

    وإن وقعت بينهم وحشة أو نفرة... فلا يفشي الأسرار التي يعلمها في أيام إخوته منه.

    عدم الإيذاء:


    ومن آدابها:
    أن لا تؤذى مؤمنًا، ولا تجاهل جاهلًا.
    قال الربيع بن خثيم: الناس رجلان: مؤمن فلا تؤذه، وجاهل فلا تجاهله.

    التواضع وترك التكبر:


    ومن آدابها:
    التواضع للإخوان، وترك التكبر عليهم. قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:
    (إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد).
    قال المبرد: النعمة التي لا يحسد عليها صاحبها: التواضع، والبلاء الذي لا يرحم صاحبه عليه: العجب.

    حفظ المودة القديمة:


    ومن آدابها:
    حفظ المودة القديمة. قال المغازلي: من أحبَّ أن تدوم له المودة، فليحفظ مودة إخوانه القدماء.

    الأدب وحسن العشرة
    :


    ومن آدابها:
    ملازمة الأدب، وحسن معاشرتهم. قال بعض الحكماء من السلف: عاشروا الناس معاشرة إن غبتم حنوا إليكم، وإن متم بكوا عليكم.
    وأن يداوم لإخوانه على حسن العشرة.

    قلة المخالفة على أمور الدنيا:


    ومن آدابها:
    قلة مخالفة الإخوان في أسباب الدنيا، فإن الدنيا أقل خطر من أن يخالف فيها أخ من الإخوان... فيتحرى موافقتهم فيما يرون ما لم يكن مخالف للدين والسنة.
    قال يحيى بن معاذ: الدنيا بأجمعها لا تسوى غم ساعة، فكيف بغم طول عمرك فيها، وقطع إخوانك بسببها مع قليل نصيبك منها.

    عدم مقاطعة الصديق:


    ومن آدابها:
    أن لا تقطع صديقًا بعد أن صادقته، ولا ترده بعد أن قبلته،
    قال الخليل بن أحمد: لا تواصلن صديقًا إلا بعد تجربة، وإذا صادقته فلا تقاطعه، فمؤمن بلا صديق خير من مؤمن كثير الأعداء.
    أن المؤمن إذا ظفر بأخ، أو صديق أن لا يضيعه، ويعلم أن الأخوة والصداقة عزيزة.

    قبول العذر:


    ومن آدابها:
    قبول العذر ممن اعتذر إليك صادقًا كان فيه أو كاذبًا.

    اقبل من يأتيك مُعتذرًا
    إن برَّ عندك فيما قال أو فجرا
    فقد أطاعك من أرضاك ظاهره
    وقد أجلك من يعصيك مستترا



    أمور متفرقة في آداب الصحبة:


    • أن لا يواجه أخًا من إخوانه بما يكره.

    • البر والصلة: البر بالنفس، والصلة باللسان.

    • بشاشة الوجه، ولطف اللسان، وسعة القلب، وبسط اليد، وملازمة الحرمة.

    • أن لا تستخف بأحدٍ من الخلق، وتعرف محل كل واحد منهم، وتكرمه على قدره.

    • التسارع إلى قضاء حوائج من يرفع إليه حاجة.

    • احتمال الأذى، وقلة الغضب، وبسط الشفقة، والرحمة، وطيب الكلام.

    • إيثار الإرفاق على الإخوان، قال الله تعالى: ﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ﴾ [الحشر: 9].

    • المشورة مع الإخوان، وقبول ما يشيرون به عليه.

    • القيام بخدمة من هو دونه، كيف بمن هو فوقه أو مثله؟!! ويعلم أن سيد القوم خادمه.

    • القيام بأعذار الإخوان، والأصحاب، والذب عنهم، والانتصار لهم.

    • أن لا يمنَّ بمعروفه على من يحسن إليه، ويستصغره، ويعظم ما إليه من إخوانه ويستكثره.

    • أن يصون السمع عن سماع القبيح والخنا، كما يصون اللسان عن النطق به.

    • أن يشارك إخوانه في المكروه كما يشاركهم في المحبوب.

    • أن لا يقبل على إخوانه مقالةَ واشٍ ولا نمام.

    • الوفاء للإخوان في حياتهم، وبعد وفاتهم.

    • زيارة الإخوان، والسؤال عن أحوالهم.

    • أن يجتهد في ستر عورة إخوانه، وإظهار مناقبهم، وكتمان قبائحهم.

    • إنصاف الإخوان من نفسه، ومواساتهم من ماله.

    • الصبر على جفاء... وجفوة الإخوان.

    • أن لا يتغير لإخوانه بأن يحدث له ثروة أو غنى.

    • أن لا يغرق في الخصومة، ويترك للصفح موضعًا.

    • معرفة الرجال ومعاشرتهم على حسب ما يستحقونه.

    • معرفة حق من سبقه بالود.

    ومن جامع آدابها:

    قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
    ثلاث يصفين لك ود أخيك:
    أن تسلم عليه إذا لقيته،
    وتوسع له في المجلس،
    وتدعوه بأحب أسمائه إليه.


    أقوال رائعة في الصحبة والأخوة



    قال بعض السلف:
    "لا تصحب من الناس إلا من يكتُمُ سرَّك، ويستر عيبك، فيكون معك في النوائب، ويُؤثِرك بالرغائب، وينشر حسنتك،
    ويطوي سيئتك، فإن لم تجده فلا تصحب إلا نفسك".

    وقد قيل:

    إن أخاك الحقَّ من كان معك
    ومن يضر نفسه لينفعك
    ومن إذا رِيبَ زمانٌ صدعك
    شتَّت فيه شمله ليجمعك

    قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه:

    ليك بإخوان الصدق تعِش في أكنافهم؛ فإنهم زينة في الرخاء، وعُدَّة في البلاء، وضَعْ أمرَ أخيك على أحسنه حتى يجيئك ما يُقِليك منه، واعتزل عدوَّك، واحذر صديقك إلا الأمين، ولا أمين إلا من يخشى الله، ولا تصحب الفاجر فتتعلم من فجوره، ولا تُطْلِعْه على سرك، واسْتَشِرْ في أمرك الذين يخشون الله تعالى".

    قال أبو جعفر لأصحابه:

    "أيُدخِل أحدكم يده في كمِّ - أي جيب - أخيه فيأخذ منه ما يريد؟ فقالوا: لا، فقال لهم: فلستم بإخوان كما تزعمون".

    قال بعض السلف لأخ له:

    "يا أخي إذا ذكرتني فادعُ لي، وإذا ذكرتك أدعو لك، فإذا لم نلتَقِ فكأنما قد التقينا، فذاك أروع اللقاء".

    بالله عليكم قولوا لي بصدق وأمانة: من كان له صاحب وصديق تتوافر فيه هذه الصفات والمواصفات، فليكتب لي وليخبرني:

    أولًا: يحب لك من الخير ما يحب لنفسه.

    ثانيًا: يكره لك ما يكره لنفسه.

    ثالثًا: يؤثِرك على نفسه ولو كان به خصاصة؛ أي: ولو كان به حاجة وضعف، وفقر وفاقة.

    رابعًا: يضر نفسه لينفعك.

    خامسًا: يتمنى لو أن بك ضرًّا أو أذًى، لكان به هو ولا يكون بك أنت.

    سادسًا: أن يكون يحبك لله وفي الله فقط، لا لمصلحة ولا لحاجة دنيوية.

    ====================================

    بارك الله فيكم إخواني، ورضِيَ الله تعالى عنكم، ورفع قدركم، وشرح لكم صدوركم، وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.
    --
    لا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع


      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد سبتمبر 08, 2024 6:27 am