جَامِعُ عَقِبَةِ بْن نَافِعٍ أَوْ جَامِعُ الْقَيْرَوَانِ الْكَبِيرِ
جامع عقبة بن نافع أو جامع القيروان الكبير
هو مسجد بناه عقبة بن نافع في مدينة القيروان التي أسسها بعد فتح إفريقية (تونس حاليًا) على يد جيشه.
كان الجامع حين إنشائه على أغلب الظن بسيطاً صغير المساحة تستند أسقفه على الأعمدة مباشرة، دون عقود تصل بين الأعمدة والسقف.
وحرص الذين جددوا بناءه فيما بعد على هيئته العامة، وقبلته ومحرابه، وتوسع وزيد في مساحتهِ عدة مرات ولقي اهتمام الأمراء والخلفاء والعلماء في شتى مراحل التاريخ الإسلامي، حتى أصبح معلماً تاريخياً بارزاً ومهما.
وبناء الجامع في شكلهِ وحجمهِ وطرازهِ المعماري الذي نراه اليوم يعود أساسا إلى عهد الدولة الأغلبية في القرن الثالث هجري أي القرن التاسع ميلادي وقد تواصلت أعمال الصيانة والتحسينات خصوصا في ظل الحكم الصنهاجي ثم في بداية العهد الحفصي.
ويعتبر المسجد الجامع بالقيروان من أضخم المساجد في الغرب الإسلامي وتبلغ مساحتهُ الإجمالية حوالي 9700 متر مربع، وبقياس ما يقارب 126 متر طولا و 77 متر عرضا،
وحرم الصلاة فيهِ واسع ومساحته كبيرة يستند إلى مئآت الأعمدة الرخامية هذا إلى جانب صحن فسيح الأرجاء تحيط بهِ الأروقة ومع ضخامة مساحته يعد أيضا تحفة معمارية وأحد أروع المعالم الإسلامية.
مئذنة جامع عقبة تعد من أقدم المآذن في العالم الإسلامي وهي تتكون من ثلاث طبقات ويصل ارتفاعها إلى 31.5 مترا
جامع القيروان يحتوي على كنوز قيمة فالمنبر يعتبر تحفة فنية رائعة وهو مصنوع من خشب الساج المنقوش ويعتبر أقدم منبر في العالم الإسلامي ما زال محتفظا به في مكانه الأصلي ويعود إلى القرن الثالث للهجرة أي التاسع ميلادي.
كذلك مقصورة المسجد النفيسة التي تعود إلى القرن الخامس هجري أي الحادي عشر ميلادي وهي أيضا أقدم مقصورة ما زالت محتفظة بعناصرها الزخرفية الأصلية.
الشكل الخارجي للجامع يوحي للناظر أنه حصن ضخم إذ أن جدران المسجد سميكة ومرتفعة وشدت بدعامات واضحة.
ومن آياته أن جمعت بقايا هذه الأمم السالفة لتؤلّف بيتا يذكر فيها اسم الله. وهو ما يضفي على جامع القيروان مسحة إنسانية تؤهّله ليصبح تراثا عالميا قد أسهمت في تشييده حضارات متتالية، وهو يعكس بذلك تاريخ إفريقية على امتداد ثلاثة آلاف سنة. فما من أمير أو خليفة أو سلطان يسعى لجميل الذكر وحسن الخلود ويبتغي ثواب ربه إلا وقد التمس وجها لاعمار هذا الجامع أو ترميمه وتحسين مظهره. فهذا الجامع مرآة ناصعة لتجليات الحضارة العربية الإسلامية في بلادنا.
وجامع القيروان يمثّل الوجه المتألّق للعمارة القيروانية التي ظلّت من أبرز روافد العمارة المغربيّة والأندلسية عبر التاريخ حيث أصبح جامع عقبة بن نافع النموذج السائد والمثال الذي تحتذي به الجوامع المغربيّة عامّة والتونسيّة خاصّة.
وتقع القيروان في تونس على بُعد 156 كم من العاصمة تونس.
وكلمة القيروان كلمة فارسية دخلت إلى العربية، وتعني مكان السلاح ومحط الجيش أو استراحة القافلة وموضع اجتماع الناس في الحرب.
تاريخ الجامع
مثلما بُنيت مدينة القيروان بعد الفتح الإسلامي لشمال أفريقيا، بُني جامعها الكبير ويسمونه أيضا جامع عقبة بن نافع نسبة للقائد الأموي الذي اخضع القيروان كليا في حملته الثالثة عليها عام 665م.
ويقال أن المدينة شيدت على أنقاض حصن للروم ودام بناؤها خمس سنوات انتهى عام 670 م، بعد عام بني الجامع الواقع في الطرف الشمالي من المدينة، فليس «أقدم من المدينة جامعها» كما هو متداول. والحال أنهما الاثنان ولدا في زمن واحد قبل ثلاثة عشر قرنا.
إن من أبرز ما جادت به العبقريّة التونسية عبر العصور: جامع عقبة بن نافع بالقيروان.
وهو يعتبر من أروع وأجل مآثر الحضارة العربية الإسلامية في العالم.
وقد ظل هذا المعلم الشامخ يبهر الناظرين والدارسين بتناسق عمارته وتآلف عناصره وثراء رصيد الفني وتلألأ أنواره.
فمن أعلى صومعته صاح الرسام العالمي بول كلي « Paul Klee » الآن أصبحت رساما وذلك لفرط ما سرى فيه من إحساس بالظل النور.
واعتبر الأديب الفرنسي قي دي منبسان الذي زار القيروان في أواخر القرن التاسع عشر جامع عقبة بن نافع من روائع الدنيا لما ينطوي عليه من إبراز للعبقريّة الإسلامية التي استطاعت نحت روحها وعقيدتها الدينية من خلال شتات من المواد الصخرية المتناثرة في إطلال بائدة لأمم غابرة.
فالمتأمل في العناصر التي اتّخذت في بناء جامع القيروان يقف على مجموعة فريدة من الأعمدة والتيجان والوسادات المستجلبة من الخرائب الرومانية والبيزنطيّة آثار حضارات تلاشت واندثرت فيتذكر ارم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وثمود الذين جابوا الصخر بالواد، كل هذه الحضارات انقرضت ولم يبق إلا وجه ربك الواحد الأحد.
أول من جدد بناء الجامع بعد عقبة هو حسان بن النعمان الغساني الذي هدمه كله وأبقى المحراب وأعاد بناءه بعد أن وسعه وقوى بنيانه وكان ذلك في عام 80 هـ.
في عام 105 هـ طلب الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك من واليه على القيروان بشر بن صفران أن يزيد في بناء المسجد ويوسعه، فأشترى بشر أرض شمالي المسجد وضمها إليه،
=
وأضاف لصحن المسجد مكانا للوضوء وبنى مئذنة للمسجد في منتصف جداره الشمالي عند بئر تسمى بئر الجنان. وبعدها بخمسين عاما (155 هـ) قام يزيد بن حاتم والي أبي جعفر المنصور على أفريقية بإصلاح وترميم وزخرفة المسجد.
في عام 221 هـ هدم ثاني أمراء الأغلبيين زيادة الله بن الأغلب أجزاء من الجامع لتوسعته كما رفع سقفه وبنى قبة مزخرفة بلوحات رخامية على أسطوانة المحراب.
أراد زيادة الله أن يهدم المحراب إلا أن فقهاء القيروان عارضوه وقالوا له: «إن من تقدمك توقفوا عن ذلك لما كان واضعه عقبة بن نافع ومن كان معه».
قال بعض المعماريين: «أنا أدخله بين حائطين فيبقى دون أن يظهر في الجامع أثر لغيرك»، فأخذ بهذا الرأي وأمر ببناء محراب جديد بالرخام الأبيض المخرم الذي يطل منه الناظر على محراب عقبة الأساسي.
في عام 248 هـ زين أحمد بن محمد الأغلبي المنبر وجدار المحراب بلوحات رخامية وقرميد خزفي.
وفي عام 261 هـ وسع أحمد الأغلبي الجامع وبنى قبة باب البهو وأقام مجنبات تدور حول الصحن.
وفي هذه المرحلة يعتقد أن الجامع قد وصل إلى أقصى درجات جماله.
في عام 441 هـ قام المعز بن باديس بترميم المسجد وتجديد بنائه وبنى لهُ مقصورة خشبية لا تزال موجودة إلى يومنا هذا بجانب محراب المسجد. ثم جدد الحفصيون المسجد مرة أخرى بعد الغزوة الهلالية.
==
في المسجد ست قباب وهي: قبة المحراب، وقبة باب البهو، وقبتان تعلوان مدخل بيت الصلاة، وقبة تعلو المجنبة الغربية للمسجد، وقبة في أعلى المئذنة.
لذلك فهو تحفة فنية نادرة الوجود، تدل على عظمة أجدادنا في فن العمار الهندسي الرائع.
مقاييس الجامع
المسجد اليوم لا يزال يحتفظ بمقاييسه الأولى التي كان عليها أيام إبراهيم بن أحمد الاغلبي، يبلغ طوله 126 متراً وعرضه 77 مترا. وطول بيت الصلاة فيه 70 مترا وعرضه حوالي 38 مترا وصحنه المكشوف طوله 67 وعرضه 56 مترا.
ولهذا الصحن مجنبات عرض كل منها نحو ستة أمتار وربع المتر.
يغطي بيت الصلاة ثلث مساحة المسجد تقريبا.
يوحي الجامع للناظر أنه حصن ضخم. إذ أن جدرانه سميكة ومرتفعة وشدت بدعامات واضحة. ويتميّز تخطيط الجامع ببساطته فهو يتكوّن من مستطيل منحرف ومبنى في اتّجاه الطول اقتداء بالجوامع العراقيّة ويبلغ طوله بين 127،6و 125.2 وعرضه بين 78م عند جدار القبلة و71.70م.
ويُعَدُّ بذلك من أكبر المساجد الجامعة الباقية في الإسلام، وأعظمها مظهرًا. وأبعاد جامع القيروان تخضع إلى العدد الذهبي 62.1 المتعارف لدى الإغريق ثمّ الرومان من بعدهم. وهذا العدد هو المعتمد في التدليل على حسن تناسق الأبعاد الهندسيّة لمعلم ما وتناغم أحجامه.
المئذنة والفباب
تعتبر مئذنة جامع عقبة من أقدم وأجمل المآذن التي بناها المسلمون في أفريقيا. وتعد جميع المآذن التي بنيت بعدها في بلاد المغرب العربي على شاكلتها ولا تختلف عنها إلا قليلا،
ومن المآذن التي تشبهها مئذنة جامع صفاقس، ومآذن جوامع تلمسان وأغادير والرباط وجامع القرويين،
هذا غير بعض مآذن مساجد الشرق كمئذنة مسجد الجيوشي في مصر.
تتكون المئذنة من ثلاث طبقات كلها مربعة الشكل، والطبقة الثانية أصغر من الأولى، والثالثة أصغر من الثانية، وفوق الطبقات الثلاث قبة مفصصة.
يصل ارتفاع المئذنة الكلية إلى 31.5 متراً.
تقع المئذنة في الحائط المواجه لجدار القبلة في أقصى الصحن المكشوف، وضلع طبقتها الأولى المربعة من أسفل يزيد على 10.5 متر مع ارتفاع يضاهي 19 مترا، وتم بناء الأمتار الثلاثة والنصف الأولى منه بقطع حجرية مصقولة، بينما شيد بقية جسم المئذنة بقطع حجرية مستطيلة الشكل كقوالب الأجر.
الطابق الثاني من المئذنة مزين بطاقات ثلاث مغلقة ومعقودة في كل وجه من أوجه المنارة، في حين زين كل وجه من أوجه الطابق الثالث بنافذة حولها طاقتان مغلقتان، ويوجد في أعلى الجدار الأعلى من كل طابق شرفات على هيئة عقود متصلة ومفرغة وسطها.
يدور بداخل المئذنة درج ضيق يرتفع كلما ارتفع المبنى متناسبا مع حجمه حيث يضيق كلما ارتفعنا لأعلى. يعتقد أن هذه المنارة لم تبن دفعة واحدة، حتى إن الجزء الأول الأضخم منها بني في عهد الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك أيام واليه على القيروان بشر بن صفوان، ثم أكملت عملية البناء بعد مدة طويلة حيث بني الجزءان الثاني والثالث فوق تلك القاعدة الضخمة.
القباب
في مسجد عقبة ست قباب:
قبة المحراب وتعد أقدم قبة بنيت في المغرب الإسلامي.
قبة باب البهو على مدخل البلاط الأوسط من جهة الصحن، وقد تم الاعتناء بها وزخرفتها بشكل كبير، وأعطت توازنا على بيت الصلاة.
بعدها، أصبح بناء قبتين في بيوت الصلاة قاعدة ثابتة في مساجد المغرب الإسلامي.
قبتان تعلوان مدخل بيت الصلاة في الشرق والغرب.
قبة تعلو المجنبة الغربية للمسجد.
قبة في أعلى المئذنة.
=============================================
ما زلنا أحبابنا --- تابعونا --- جزاكم الله خيرا
=====
التالي :
زخارف الجامع
----------------------------
لا تنسونا من صالح دعائكم
عدل سابقا من قبل صادق النور في الثلاثاء يوليو 09, 2024 10:32 pm عدل 1 مرات
أمس في 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
أمس في 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد
» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» العبادة وأركانها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد
» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور
» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد
» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد
» هيئات السجود المسنونة
الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» (( - 2 -)) خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأربعاء نوفمبر 13, 2024 11:28 pm من طرف صادق النور