الْحَمْدُ لله الَّذِي جَعَلَ الصَّلَاَةُ عَلَى نَبِيِّهِ سَبَبًا لِتَكْفيرَ الذُّنُوبِ،
وَجَعَلَ الْوَاحِدَةُ بِعُشُرٍ كَمَا وَرَدٌّ عَنِ النَّبِيِّ الْمَحْبُوبِ،
وَالصَّلَاَةَ وَالسُّلَّامَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدَ الَّذِي إِذَا أَحَبَّهُ الْعَاصِي يَتُوبُ.
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَأَصْحَابَهُ صَلَاَةً وَسَلَاَمًا دَائِمِينَ يُفَرِّجَانِّ عَنِ الْقَائِلِ بِهُمَا الْكُرُوبُ
وَجَعَلَ الْوَاحِدَةُ بِعُشُرٍ كَمَا وَرَدٌّ عَنِ النَّبِيِّ الْمَحْبُوبِ،
وَالصَّلَاَةَ وَالسُّلَّامَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدَ الَّذِي إِذَا أَحَبَّهُ الْعَاصِي يَتُوبُ.
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَأَصْحَابَهُ صَلَاَةً وَسَلَاَمًا دَائِمِينَ يُفَرِّجَانِّ عَنِ الْقَائِلِ بِهُمَا الْكُرُوبُ
لَبَّيْكُ اللَّهُمِّ لَبَّيْكٍ، لَبَّيْكٌ لَا شَرِيكٌ لَكَ لَبَّيْكٌ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنَّعَمَةَ لَكَ وَالْمَلِكَ، لَا شَرِيكٌ لَكَ
"لبيك" معناها أنني مقيم على طاعتك، اتجاهي إليك وقصدي وإقبالي على أمرك،
أي أنني تركت كل الدنيا بمباهجها وزخارفها واستجبت لدعوتك وأقمت على طاعتك يا رب وحدك لا شريك لك،
فيقول الحاج لبيك اللهم، أي سمعا وطاعة يا من كلفتني بأداء هذه الشعيرة، وفي الكلمة معنى الترحيب بالتكليف وصفاء النفس.
وهل من أحد جدير بالحمد غير الله وحده لا شريك له، فهو سبحانه صاحب النعم كلها، وأهمها العقل ذلك المخلوق المعجز الذي يشقى إذا أنكر ألوهية خالقه وربوبيته بعدما تأمل أنه لا يجري شيء في الكون اعتباطا إنما بنظام محكم لا يقيمه إلا قادر حكيم، ومن ثم يعترف بأن الملك كله له وحده لا شريك له، فيصدح قائلا "إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك".
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن تلبية رسول الله صل الله عليه وسلم:
” لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك” (أخرجه البخاري ومسلم).
قول الحاج لبيك اللهم لبيك هو بمثابة إجابة النداء والدعوة، من الله عز وجل على لسان خليله إبراهيم: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} (الحج : 27)،
ولذا شرع لكل حاج ومثله المعتمر أن يقول: لبيك؛ إجابة لهذه الدعوة، ولهذا النداء، والتلبية كذلك إعلان التوحيد لله وإفراده بالعبادة، وفي ترديد التلبية حمد وثناء على نعم المولى الوفيرة التي لاتعد ولا تحصى.
تعريف التلبية
التلبية لغةً: إجابة المنادي، وتطلق على الإقامة على الطاعة.
التلبية اصطلاحاً :
هي قول المحرم: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك.
معنى (لبيك اللهم لبيك)
أي: نجيبك يا الله إجابة بعد إجابة، بمعنى السمع والطاعة والإقامة على طاعة الله، كما يقال: لبى بالمكان بمعنى أقام فيه، وتكون جواباً للنداء، فإذا ناديت وقلت: يا زيد! فإنه يقول: لبيك، أي سمعت وأطعت وأنا مقيم ومستديم على طاعتك.
معنى (لبيك لا شريك لك)
أي: لا شريك لك في الألوهية والعبادة، كما أنه لا شريك لك في الملك ولا في الربوبية.
وقول: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك) هذا هو التوحيد وهو بمعنى: لا إله إلا الله.
معنى (إن الحمد والنعمة لك والملك)
أي: إن جميع أنواع المحامد لله ملكا واستحقاقا، وكذلك النعمة بيده سبحانه،
وكذا الملك: هو ملك الله سبحانه وحده لا شريك له.
الحمد هو: الثناء على المحمود لكمال ذاته، لا بشيء يصدر منه إلى الحامد،
واللغة فيها الحمد، وفيها الثناء، وفيها الشكر، وكلها ثناء على المحمود والمثنى عليه والمشكور،
إلا أن الحمد ثناء على المحمود لكمال ذاته ولو لم يصلك منه شيء، وكمال الذات ليس إلا لله سبحانه وحده،
وليس في الكون ولا في المخلوقات من هو كامل لذاته، بل هو مكمَّل من غيره، ولابد أن فيه جانب نقص، حتى الرسل أقل ما يقال فيهم: أنهم ماتوا، والموت نقص، والمولى سبحانه وتعالى حياته دائمة باقية.
والنعمة هي: كل ما فيه نعومة، كالعيش والرخاء والصحة والمال، كل ذلك فيه نعومة الحياة؛ لأن الشخص إذا توفرت له الأموال توفر له الغذاء، واكتملت له الصحة، وكانت حياته ناعمة، بخلاف ما إذا كان في شظف من العيش، أو كان في مرض، أو كان في شدة فحياته تكون خشنة، فالنعمة من النعومة التي يطمئن إليها الإنسان، ويركن إليها ويستريح بها، وكل ما في الوجود من نعمة فهي من الله .
كما قال الله سبحانه وتعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْ اللَّهِ} (النحل:53)
وقال: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} (النحل :18)،
فإذا جاء الإنسان ونظر في شخصه فقط، وفيما أنعم الله عليه في ذاته وفي تكوينه من بصر وسمع وتذوق وحركة فلن يستطيع أن يحصي هذه الفضائل والنعم التي أنعم الله تعالى بها عليه.
وأما الشكر فهو يكون في مقابل ما يصل إليك ممن تشكره، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله، فتشكر الله على نعمة العافية ونعمة الرزق ونعمة العلم ونعمة التوفيق، وعلى كل ما جاءك من الله من النعم، وكذلك تشكر زيداً؛ لأنه خدمك في كذا، أو ساعدك في كذا، فتشكره مقابل ما أسدى إليك من النعم، فتشكر الشخص على ما أتاك منه من خير،
وتثني على الشخص على ما يفعله من حسن فعال، ولو لم يكن لك، وتحمد ولا يكون الحمد إلا لكمال الذات، ولا يكون ذلك إلا لله.
فقول (إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك) أي: إن كمال الذات لا يساويك يا رب! فيه أحد ولا شريك لك في ذلك، وكذلك في نعمك على خلقك ليس هناك من هو شريك لك في الإنعام، فالحمد والنعمة لك،
والملك لك تتصرف فيه كيف شئت لا شريك لك.
ويقول الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر سابقا -رحمه الله- ومعنى التلبية أن أجبناك اللهم في ما دعوتنا إليه عندما كلفت سيدنا إبراهيم -عليه السلام- فقلت "وأذّن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق"27 - الحج، فالحاج بهذا النداء استجاب إلى الله سبحانه وتعالى، ونفى الشرك عنه، وقصر الحمد عليه، واستقر في نفسه وكيانه أن ما به من نعمة فمن الله، وأن الملك كله لله وحده لا شريك له، الدنيا والآخرة، الملك والملكوت،
وفي التلبية ما يشعر بإكرام الله -عز وجل- الحجاج في بيته، لكونهم قدموا إليه بدعوة منه وتلبية لأمره.
قال: الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله (( لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ))
" لبيك اللهم لبيك " هذه التلبية عظيمة جداً أطلق عليها جابر ابن عبد الله التوحيد قال رضي الله عنه " حتى إذا استوت به ناقته على البيداء أهل بالتوحيد " والتوحيد هو الذي دعت إليه جميع الرسل (( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25- ألأنبياء)))
فلننظر " لبيك اللهم لبيك " لبيك كلمة إجابة والدّليل على هذا ما ثبت في الصحيح أن الله عز وجل يقول يوم القيامة يا آدم فيقول لبيك، فهي كلمة إجابة وتحمل معنى الإقامة من قولهم ألبّ بالمكان أي أقام فيه، فهي إذاً متضمنة للإجابة والإقامة، الإجابة لله والإقامة على طاعته ولهذا فسرها بعضهم بقوله " لبيك أنا مجيب لك مقيم على طاعتك " وهذا تفسير بالمعنى لا شك وهذا هو معناه،
فإذا قال قائل أين النداء من الله حتى يجيبه المحرم؟ قلنا هو قوله تعالى ((وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27)- الحج )) أذّن بهم أعلن بهم (( يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ))
رجالاً يعني على أرجلهم ليس المعنى ضد الإناث، والدليل أنها على أرجلهم ما بعدها وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق .
وهذه قاعدة مفيدة لكم في التفسير قد يعرف معنى الكلمة بما يقابلها ومنه قوله تعالى وهو أخفى من الآية التي معنا .
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُوا جَمِيعًا (71) - النساء)) معنى ثبات متفرقين مع أن ثبات يبعد جداً أن يفهمها الإنسان بهذا المعنى، لكن لما ذكر بعدها أو انفروا جميعاً علم أن المراد بالثبات المتفرقين،
طيب إذن نقول لبيك أي أنا مجيب لدعوتك مقيم عليها، والتثنية هنا هل المقصود بها حقيقة التثنية أي أجبتك مرّتين أو المقصود بها مطلق التكثير، الأول أو الثاني؟
إجابة بعد إجابة وإقامة بعد إقامة، فالمراد بها مطلق التكثير أي مطلق العدد وليس المراد مرتين فقط ولهذا قال النحويون إنها ملحقة بالمثنى وليست مثنّى حقيقة لأن المراد بها إيش؟ الجمع والعدد الكثير،
طيب ولماذا جاءت بالياء الدالة على أنها منصوبة ؟ قالوا لأنها مصدر لفعل محذوف وجوباً لا يجمع بينه وبينها، والتقدير ألببت إلبابين لك، ألببت يعني أقمت بمكاني إلبابين لكن حصل فيها حذف، حذف حذف الهمزة وصارت لبابين بعدها حذف الهمزة ثم قيل نحذف أيضاً الباء الثانية ونقول لبيك، فالياء هنا علامة الإعراب منصوبة بإيش؟ بفعل محذوف وجوباً فهي مفعول مطلق لفعل محذوف وجوباً،
طيب اللهم لبيك اللهم ما معنى اللهم؟ أي يا الله، لكن حذفت ياء النداء وعوّض عنها الميم وجعلت الميم أخيراً ولم تكن في مكان الياء فيرد علينا سؤالان، السؤال الأول لماذا عوّض عن الياء بالميم ولماذا نقل العوض إلى الآخر ولم يكن في مكان المعوض؟
يقال عن الأول الميم أدلّ على الجمع ولهذا هي من علامات الجمع، إليهم للجمع فكأن الداعي جمع قلبه على ربّه عزّ وجلّ لأنّه يقول يا الله وثانياً أما كونها حولت فتيمّناً بالبداءة بذكر اسم الله عز وجل اللهم، وقوله لبيك هذا من باب التوكيد اللفظي أو اللفظي المعنوي؟ الثاني، هو لفظي لم يتغير لفظ الأول لكن له معنى جديد، يكرّر ويؤكّد أنّه مجيب لربه مقيم على طاعته، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لبيك ... ثالث لأنك تجيب من؟ تجيب الله عز وجل وكلما أجبته ازددت إيماناً به وشوقاً إليه فكان التأكيد في مقتضى الحكمة، ولهذا ينبغي لك أن تشعر وأنت تقول لبيك أن تشعر نداء الله عز وجل لك وإجابتك إياه لا مجرّد كلمات تقال، لبيك لا شريك لك لا شريك لك في التلبية أو لا شريك لك في كل شيء؟
، لأنه أعمّ يعني لا شريك لك في ملكك ولا شريك لك في ألوهيتك ولا شريك لك في أسمائك وصفاتك ولا شريك لك في كل ما يختصّ بك ومنها ومنها إجابتي هذه الإجابة، فأنا مخلص لك فيها ما حجت رياء ولا سمعة ولا للمال ولا لغير ذلك، إنما حججت لك ولبيت لك فقط، وقوله لا شريك لك إعرابها أنّ " لا " نافية للجنس وشريك اسمها،
ولك خبرها، والنافية للجنس أعم من النافية مطلق نفي لأن نافية الجنس تنفي أي شيء من هذا، بخلاف ما إذا قلت لا رجل في البيت، بالرفع هذه ليست نافية للجنس هذه مطلق نفي، ولهذا يجوز أن تقول لا رجلٌ في البيت بل رجلان، لكن أن تقول لا رجلَ في البيت بل رجلان صاح عليك الناس العالمون بالنحو وقالوا هذا غلط، لا يصح أن تقول لا رجلَ في البيت بل رجلان تنفي الجنس أولاً ثم تعود وتثبت لا يمكن، طيب على كل حال لا شريك له لا نافية للجنس وأعم ما يكون في النفي.
-----------------------------------------------------------------------
ولا تنسونا من صالح دعائكم
أمس في 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
أمس في 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد
» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» العبادة وأركانها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد
» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور
» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد
» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد
» هيئات السجود المسنونة
الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» (( - 2 -)) خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأربعاء نوفمبر 13, 2024 11:28 pm من طرف صادق النور