بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام علي سيد المرسلين وإمام المحجلين وقرة عين المؤمنين وقائدنا لجنات النعيم وعلي آله وأصحابه أجمعين
الألوان في القرآن الكريم
اللون من أهم وأجمل ظواهر الطبيعة ومن أهم العناصر التي تشكل الصورة الأدبية لما يشتمل عليه من شتى الدلالات الفنية، الدينية، النفسية، الاجتماعية الرمزية والأسطورية.
للون دوره الخاص في الصورة الفنية القرآنية لأنّ اللون قد وظف في المستويات البنيوية والتعبيرية، الحسية، التزيينية والجمالية والرمزية للتصوير الفني القرآني.
فاللون في القرآن قد يدل على القدرة الإلهية والرحمة الربانية والجمال الإلهي الذي تبارز وتظاهر في الطبيعة
وقد يرمز إلى الحياة أو الموت والأمل أو الخيبة والكفر أو الإيمان، الهداية أو الضلالة والنشاط أو الحزن
و استخدم اللون لشتى الدلالات فيما يدل عليه مباشراً كالأخضر والأصفر والأبيض والأحمر والأزرق والأسود وما يدل عليه غير مباشر كالليل والنهار والنور والظلام.
لاشك أنّ اللون من أهم الظواهر والعناصر التي تشكل الصورة الأدبية لأنّ له ارتباطاً وثيقاً بجميع مجالات الحياة وظواهر الكون
وله علاقة وطيدة بالعلوم الطبيعية وعلم النفس، الدين والثقافة والأدب، الفن والأسطورة
و هذا وقد يعمق اللون علاقة الأدب بفن الرسم لأنّه كما يقول سيمونيدس الشاعر اليوناني: الرسم شعر صامت والشعر تصوير ناطق.
إن ظاهرة اللون في القرآن الكريم، من مظاهر الإعجاز، والتعبير الفني والجمالي، وحلية لفظية يتميز بها الأسلوب القرآني المعجز، لدرجة أنها جاءت متناسقة في النص، لكي تؤدي وظيفة مهمة إلى جانب الوظائف التعبيرية التي حفل بها كتاب الله العزيز الحكيم.
وهذه الظاهرة بالذات تقدم للإنسان دلالات نفسية، مما يثير فيه مشاعر وأحاسيس تبعث على التفكير والتدبر، مما شغلت المفكرين والكتّاب والشعراء، فأفردوا لها مؤلفات مشوقة بين معجم متخصص،
ماهية اللون
يعرف اللون بأنّه الإنطباع الذي يولده النور على العين، فكل لون يتخذ قيمة معينة بالنسبة للبيئة التي تحيط به
وهذا التعريف يقع ضمن دائرة الوعي الاجتماعي لمدركات الأشياء أما التفسير الفيزيائي للون فهو عبارة عن موجات ضوئية اهتزازية تدركها العين وهذه الموجات تقصر أو تطول وفقاً لطول الموجه وعليه فأنّ اللون يكون أكثر من مجرد زخرفة أو زينة للعين، أنّه النور وقد تجزأ أطوال موجات إلى نسب اهتزازية مختلفة، فالشيء الذي يمتص كامل النور يسمى أبيض.
وبما أنّ كل جسم يمتص موجات خاصة ويعكس الموجه التي تناسب لونه، فالموجه التي تدخل العين هو لون نفس الجسم.
دلالة اللون
كل إنسان يفضل ويحبذ بعض الألوان ولا يحب البعض الآخر وقد يرفض الألوان بالطبع، اختيار الألوان ورفضها وقبولها يعود إلى أسباب متنوعة فيزيولوجية، نفسية، اجتماعية، دينية، رمزية، ذوقية
ولكل لون معنى نفسياً يتكون نتيجة لتأثيره الفيزيولوجي على الإنسان. يقال أنّ الوقت يمضي بسرعة تحت أشعة خضراء ويمضي ببطء تحت أشعة حمراء،
فاللون الأخضر لون هادئ، ومريح للأعصاب مما يشعر بمرور الوقت ضعيفاًً
وأما اللون الأحمر فمشهور بأنّه لون مثير ومهيج ومقلق ويؤدي إلى الشعور بالملل مما يجعل المرء يشعر بأنّ الوقت لا يمضي. فيمكن القول أنّ الحالات النفسية والعاطفية قد تسبب عن آثار الألوان على الإنسان.
فالألوان مفرحة، مهدئة، مهيجة، محزنة، مشوشة، مقلقة، مؤملة، مخيبة و... هكذا العوامل الاجتماعية كالآداب، السنن، التقاليد والعادات لها آثرها في اختيار وتفضيل اللون. فلبس السواد لون الحداد والحزن عند كل الشعوب كما أنّ البياض ليس لون الفرح والسرور عند الجميع.
قال تعالى في كتابه العزيز: «ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود» (27، 28 ـ فاطر).وقوله تعالى: «ألم ترو كيف خلق الله سبع سموات طباقاً وجعل القمر فيها نوراً وجعل الشمس سراجاً» (15، 16 ـ نوح).
واختلاف الألوان، دعوة للتأمل في هذا الكون ليجد أن توزيع الألوان لم يكن عبثاً بل تكاملت واتصلت حركة الكون صوتاً وصورة، ليلاً ونهاراً، شمساً وقمراً، ولكل منها لونه المميز، حين يتتبعه الإنسان يخر ساجداً لله جلت قدرته.
وردَت الألوانُ في القرآنِ الكريمِ في مواضعَ عِدّةٍ بصيغةِ المُفرد والجَمع،
أما صيغةُ المُفرد: لون.. فوَردت مرَّتَينِ في آيةٍ واحدةٍ مِن سورة البقرة
وهي قوله تعالىٰ: ﴿ قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين ﴾ البقرة: 69.
وأما لفظةُ ألوان.. فوَردت في سبعةِ مواضعَ في ستِّ آياتٍ منها قوله تعالىٰ: ﴿ ومن آياته خَلْقُ السماوات والأرض وَاخْتِلَافُ ألسنتكم وألوانكم إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ للعالمين﴾ الروم:22،
ومنها أيضا قوله تعالى: ﴿ وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأرض مختلفا أَلْوَانُهُ إن في ذلك لآية لقوم يذّكرون﴾ النحل: 13.
وإن المتأملَ في الألوانِ ودلالاتِها في القرآنِ الكريم يدركُ أنه لا بدَّ من علاقةٍ وتأتير لتلكَ الألوان على النُّفوسِ والأرواح،
ولا بدَّ من أسرارٍ وراءَ تلكَ اللَّفتات واللَّوحاتِ البديعة في القرآن،
فقد قالَ علماءُ النَّفس: إنّ تأثيرَ الألوانِ فينا شديد، وإنَّ الألوانَ تؤثِّرُ في سعادَتنا وكآبَتِنا،
وفي إقدامِنا وإحجامِنا، ورُبمَّا أشْعَرَنا ذلكَ اللَّونُ بالحرارة، أو بالبرودة، بل رُبَّما أثَّر اللونُ في شخصيّةِ الإنسان، ونظرتِه إلى الحياةِ فإنَّ لكلِّ لون سرٌّ وتأثير.
فاللونُ الأبيض مثلاً يدلُّ على النَّقاءِ والصفاء، ولهُ دلالة على ظهورِ الحقِّ من غيرِ زَيْفٍ ولا شكّ، وهكذا هي دلالَتُه في
قوله تعالىٰ: ﴿ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ﴾ الأعراف: 108،
ولذلكَ نجدُ مولانا جلَّ وعزَّ يصفُ وجوهَ أهلِ الرَّحمة والغفران بالبياض؛ لدلالتِه علىٰ النُّور والإشراقِ كما في
قوله تعالى: ﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وجوههم فَفِي رحمة الله هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ آل عمران: 107.
وفي انتقالِ البياض إلى الحُمرة في الصخور لفْتةٌ تُوقِظُ حاسّةَ الذَّوقِ الجماليِّ الرَّفيع في قوله تعالى: ﴿ وَمِنَ الْجبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا ﴾ فاطر: 27.
أكثرُ الألوانِ وروداً في القرآن:
اللونُ الأخضر، الذي قالَ عنهُ علماءُ النَّفس أنّه لونٌ مريحٌ للبصر، يبعثُ السرورَ داخلَ النفسِ ويثيرُ بواعثَ البهجةِ فيها، ويبعثُ الهدوءَ والسَّكينة
فاللهُ سبحانَه وتعالى خلقَ الجبال مختلفةَ الألوان، فالجُدد البيض مختلفٌ ألوانها فيما بينها. والجُدد الحُمر مختلفٌ ألوانها فيما بَينها،
في درجةِ اللونِ والتظليل، والألوان الأخرى المتداخلة فيه التي تنتقلُ منَ البياض الهادئ الصافي إلى الحُمرةِ وما فيها من قُوّةٍ في اللونِ والحرارة فكأنها ألوانٌ تعددت في لونٍ واحد. واللونُ الأسود ومشتقاتُه لونٌ دالُّ على الغُموض،
وفيه دلالةٌ علىٰ الخِزي والخُسران، وهو غالباً ما يَرتبطُ بوصفِ الكافرينَ والمنافقينَ وأحوالَهم، ومثالُه:
قولُه جلَّ وعزّ: ﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ﴾ آل عمران: 106.
أما اللونُ الأصفر:
فهو لونٌ طويلُ الأمواج، غالباً ما يدلُّ على النَّشاطِ والفرح،
لذلكَ يقولُ علماءُ النَّفس: إذا أردتَ أنْ تُعلِنَ إعلاناً صارخاً في الطُّرقاتِ العامّةِ مثلاً، فهوُ أطولُ أمواجاً من غيره مِنَ الألوان،
يُنشِّطُ الجهازَ العصبيّ، ويؤثِّرُ فيهِ أبلغَ التأثير، وسُبحانَ من قال: ﴿ إنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ﴾ البقرة: 69،
قالَ وَهب بن مُنبّه في وصفِ البقرة : كانت كأنَّ شُعاعَ الشمسِ يخرجُ من جلدها، فمعناه: تُعجبُ الناظرين ،
ولهذا قالَ ابنُ عباس: الصُّفرةُ تَسرُّ النَّفس.
وإذا التفتنا إلى اللون الأزرق
في قوله تعالى: ﴿ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً ﴾ طه: 102،
نجد أن العلامةُ البيضاويّ في تفسيره فسّر الزّرقة بقوله: زُرْقاً: زُرقُ العيونِ وُصِفوا بذلك؛ لأن الزُّرقةَ أسوأُ ألوانِ العين وأبغضها إلى العرب. فدلَّت الزُّرقة هنا على ذلك، حتى إنَّ أطباءَ العيون اليوم يخبروننا بأنَّ الأعينَ الأكثر حساسيّة وعُرضة للتأثُّرِ بالعواملِ الطبيعيّة وغيرها هي تلكَ العيون الزرقاء.
أما أكثرُ الألوانِ وروداً في آياتِ القرآن:
هو اللونُ الأخضر الذي قالَ عنهُ علماءُ النَّفس: إنّه لونٌ مريحٌ للبصر، يبعثُ السرورَ داخلَ النفسِ ويثيرُ بواعثَ البهجةِ فيها، ويبعثُ الهدوءَ والسَّكينة، وأغلب مواضع هذا اللون في آيات القرآن الكريم امتازَت بالرِّقةِ والدَّلال.. وذلك في وصف أهلِ الجنّة وما هم فيه من آلاء وأرزاق،
كقوله جلَّ وعز: ﴿ ويَلبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ ﴾ الكهف: 31،
وقوله: ﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ﴾ الرحمن : 76 ،
فكأن الخُضرةَ من أسرارِ سعادَتهم في دارِ الخُلد حتى في المساند التي يتكِؤونَ عليها والملابس التي يلبَسونها .. وإنّها لنِعمةٌ وأيُّ نعمة.
واللون في حد ذاته آية من آياته تبارك وتعالى، قال تعالى: «وما ذرأ لكم في الأرض مختلفاً ألوانه إن في ذلك لآية لقوم يذكرون» (31 ـ النحل)
ومن آياته عز وجل اختلاف ألواننا وألسنتنا: «ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين» (22 ـ الروم).
وقد وردت كلمة اللون ومشتقاتها في القرآن الكريم تسع مرات في سبع آيات كريمة تحدث فيها عن اختلاف ألوان الناس والدواب والثمار والزروع والنفوس، وقد جعل الله تعالى اختلاف الألوان آيات لقوم يتفكرون،
وفي ذلك دعوة إلى التأمل فيما نحن فيه من نعم تقع علينا ؟ الأسود الحالك والأبيض الناصع والأخضر الزاهي، والتفكير في عظمة الخالق ودقة الصانع وجمال هذا الكون في مواضع جماله.
فما هذه الألوان؟
في القرآن الكريم ستة ألوان هي: الأخضر والأصفر والأبيض والأزرق والأسود والأحمر.
إضافة إلى وجود ألفاظ أخرى تحمل معاني الألوان من دون لفظها، كألفاظ: أحوى، مدهامتان، وردة كالدهان.. الخ.
1ـ اللون الأخضر:
ورد اللون الأخضر في ثماني آيات كريمة من القرآن الكريم، حيث تعدد استخدامه لكونه سر روح الحياة وسر النضارة والجمال،
هو في الشجر والنبات والثمر والطير والفراش وفي الثوب والبساط وهذه الآيات ـ بعض منها ـ.
( فلينظر الإنسان إلى طعامه أنا صببنا الماء صباً ثم شققنا الأرض شقاً فأنبتنا فيها حباً وعنباً وقضباً وزيتوناً ونخلاً وحدائق غلباً وفاكهة وأبا متاعا لكم ولأنعامكم ) (24، 32)
«ويلبسون ثياباً خضراً من سندس وإستبرق متكئين فيها الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقاً» (13 ـ الكهف).
«إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وآخر يابسات» )24 ـ يوسف)
«الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه توقدون» (80 ـ يس)
وثمة أيات أخرى.. حيث ورد اللون الأخضر فيها ومنها الآية (46 يوسف) الآية (76 ـ الرحمن)، الآية (21 ـ الإنسان)، الآية (63 ـ الحج).
2ـ اللون الأصفر:
وهذا اللون بالذات أحد الألوان الرئيسية الثلاثة، وهو وسيلة رائعة وآية من آيات الله تعالى التي خلقها لنعقل ونتدبر.
فمثلاً في الصحة والمرض كان اللون الأصفر وسيلة لتشخيص الحالة، وهو لون النار والزروع اليابس والناضج،
وقد ورد اللون الأصفر في القرآن الكريم واصفاً لحالات ثلاث:
ـ هو مرحلة الإثمار وقمة النضج في النباتات والزهور يقول تعالى: «اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد، كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفراً ثم يكون حطاماً وفي الآخرة عذاب شديد» (20 ـ الحديد).
قال تعالى: (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعاً مختلفاً ألوانه ثم يهيج فتراه مصفراً ثم يجعله حطاماً)
ـ وصف لمشهد يوم القيامة يقول تعالى: «إنها ترمي بشرر كالقصر كأنه جمالة صفر» (32، 33 ـ المرسلات).
وتصف آية أخرى الرياح الخانقة التي تثير الرمال وتمر على الزرع فتفسده وتجعله مصفراً، فإذا رآه الكافرون جحدوا نعمة الله تعالى واستغرقوا في طغيانهم: «ولئن أرسلنا ريحاً فرأوه مصفراً لظلوا من بعده يكفرون» (15 ـ الروم).
ـ يثير اللون الأصفر انطباعاً ساراً في نفس الإنسان، وقد استخدم القرآن الكريم هذا اللون للتعبير عن ذلك:
«قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين» (96 ـ البقرة).
3 ـ اللون الأبيض:
إنه لون الصفاء والنقاء والهداية والحب، والخير والحق، وإثارة المشاعر الإنسانية النبيلة، وهو لون تعبيري في الدرجة الأولى، كما هو لون رمزي، وقد ورد هذا اللون في تسع آيات كريمة.
حيث وصفت اثنتان منها المؤمنين، أهل الطاعة: «وأما الذين أبيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون» (107 ـ آل عمران).
وآية أخرى تصف النبي يعقوب عليه السلام وقد بلغ قمة الحزن على أبنه يوسف: «وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم» (84 ـ يوسف) بينما هناك خمس آيات كريمة تتحدث عن يد النبي موسى عليه السلام التي ضمها إلى جناحه فخرجت بيضاء من غير سوء نوراً ساطعاً تضيء ليلاً، يقول جل وعلا: «ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين»(33 ـ الشعراء).
وقال تعالى: «وادخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء» (12 ـ النمل).
قال تعالى: «اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء» (32 ـ القصص)
كما تصف آية شراب أهل الجنة: «يطاف عليهم بكأس من معين بيضاء لذة للشاربين»(45، 46 ـ الصافات).
وقد ورد هذا اللون في الآيات التالية:
قال تعالى: «يوم تبيض وجوه وتسود وجوه» ( 106 ـ آل عمران).
قال تعالى: «ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين» (33 ـ الشعراء).
4ـ اللون الأزرق:
وهو لون رئيسي من مجموعة الألوان السبعة نراه في صفحة السماء في صفحة البحر الممتدة حتى الأفق وكذلك في النبات.
ولقد ورد اللون الأزرق في القرآن الكريم مرة واحدة لوصف حال الشؤم والعذاب، في نهاية قصة قوم كفروا بالله وعاندوه
«ونحشر المجرمين يومئذ زرقاً» (102 ـ طه) لشدة ما أصابهم من الفزع والهول.
ناهيك عن مجيء لفظ اللون الأزرق في هذه الصورة، كان على عكس ما يراه علماء اللون الذين وجدوا فيه لوناً بارداً ورمزاً للصداقة والحكمة.
5 ـ اللون الأسود:
ورد اللون الأسود في أربع آيات كريمة... وصفت ثلاث منها المجرمين والكفار والمنافقين، الذين تسود وجوههم من الحزن وشدة العذاب يوم القيامة: «فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون» 106 ـ آل عمران».
بينما حددت الآية الرابعة توقيت بدء الإمساك عن الطعام والنساء في شهر رمضان، فكان لفظ اللون في مكانه، حيث أحكم اختيارها، لأن القرآن الذي حمل هذا اللفظ نزل بلسان عربي مبين على النبي الأمين محمد «صلى الله عليه وسلم» ـ كما في قوله تعالى: «وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر». «187 ـ البقرة»
قال تعالى: «وذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم» «سورة النحل».
قال تعالى: «وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلاً ظل وجهه مسوداً وهو كظيم» «17 ـ الزخرف».
قال تعالى: «ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة» «60 ـ الزمر».
6 ـ اللون الأحمر:
لم يرد اللون الأحمر في القرآن الكريم بلفظة الصريح سوى مرة واحدة مروعة بين اللونين الأبيض والأسود في الآية «27» من سورة فاطر، قال تعالى: «ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود».
كما وردت في لفظ آخر لتدل على السماء حين تنفرج أبوابها لنزول الملائكة في قوله تعالى:
«فكانت وردة كالدهان» «37 ـ الرحمن».
ولون الوردة يدل على لون الجلد: كناية عن عظم هول يوم القيامة، وتدل الحقائق العلمية على أن اللون الأحمر أول لون يذبل ويختفي في الضوء الخافت..
كما أن ما يطلى باللون الأحمر يبدوا أكبر من حجمه الحقيقي، حيث إن هناك علامة بين وضوح الرؤية وراحة العين:
واللون الأحمر يستخدم في إبراز الأشياء بسبب وضوحه للعيان.
فما هذه إلا بعض اللَّفتات الكونيّة تتبَّعتُ فيها أمثلةً بسيطةً في الألوانِ ظهرَ فيها عنصرُ الجمال.. ليبقى القلبُ مأخوذاً بذلكَ المعرضِ الإلهيِّ الرائع الذي يشملُ الأرضَ جميعاً. فسُبحانَ الله العظيم،
اللهمَّ اجعل القرآنَ العظيمَ ربيعَ قلوبِنا ونوِّر به دروبنا.. واجعلهُ حُجّةً لنا لا علينا،
وصلِّ اللهمَّ على سيِّدنا مُحمَّد الحبيب وعلى آله وصَحبه وسلِّم.
------------------------------------------------------------
جزاكم الله خيرا
ولا نسونا من صالح دعائكم
اليوم في 3:00 pm من طرف عبدالله الآحد
» كتاب الترجيح في مسائل الطهارة والصلاة
أمس في 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
أمس في 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد
» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» العبادة وأركانها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد
» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور
» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد
» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد
» هيئات السجود المسنونة
الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد