من النسائم ما يحيى الروح ومنها ما يطير بك للسعادة المنشودة ومنها ما يطهر القلب ومنها ما يشفى العليل تعال معى نعيش بعض هذة النسائم
النسمة الأولى "الذنوب جراحات وآلام"
حرمان العلم والرزق
كيف لا تكره ذنوباً كانت سبب سقوطك من عين الله و كراهية الناس لك، و حاجبة التوفيق عنك، و مانعة الإحسان إليك، و فاتحة الأحزان عليك ؟، و من كره شيئا هرب منه...
هذه الرسالة لإيقاظ النائمين من أهل المعاصي، الغافلين من أصحاب الذنوب، حتى يهجروا الخطايا قبل حلول المنايا، و يبعثوا الأمل قبل دنو الأجل.
هذه رسالة للمؤمنين من أهل التقوى ... و الصالحين من إخوان الفلاح حتى يتجنبوا السقوط في مهاوي الذنوب.
عرضت فيها إلى آثار الذنوب القبيحة فاقرأوها بقلوبكم قبل عيونكم، ولا تنسونا من صالح دعائكم.
1. حرمان العلم والرزق
جلس الشافعي إلى الإمام مالك يوماً، فأعجب به مالك و قال له: إن الله قد قذف في قلبك نوراً فلا تطفئه بظلمة المعصية، لكن الشافعي خالف وصية مالك يوماً، فنظر إلى كعب امرأة في طريق ذهابه إلى شيخه وكيع بن الجراح فنسي و تعثر حفظه ( كان الشافعي يحفظ طبعا، بل كان يضع يده على الصفحة المقابلة حتى لا يختلط حفظه) فأكد وكيع نصيحة مالك بترك الذنوب دواء ناجعا للحفظ.
شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي.
و اخبرني بان العلم نـــور و نـور الله لا يهدى لعاصي.
وهذا المعنى هو الذي أبكى أبا الدرداء لما فتح المسلمون قبرص قيل له: ما يبكيك في يوم اعز الله فيه الإسلام و أذل الشرك و أهله؟! فقال.. ما أهون الخلق على الله عز وجل إذا تركوا أمره، بينما هم أمة قاهرة قادرة إذا تركوا أمر الله عز وجل.
إذا كنت في نعمة فارعها فإن الذنوب تزيل النعم.
و حطها بطاعة رب العباد فرب العباد سريع النقم.
وقد تسأل و تقول .. كيف أصبح اليوم أهل الفسق و العصيان في المعالي، و كثير من أهل الحق و التمسك بالإسلام يعانون الفقر و الضعف و الذل؟! و يرد عليك رسول الله صلى الله علية وسلم فيقول " إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج"، ثم تلا ((فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ)) الأنعام 44
أخي الغافل.. إذا رأيت الله يوالي عليك نعمه و أنت تعصيه فاحذره، و إذا رزقك بمال أو عيال أو صحة أو جمال ثم رددت عليه النعمة بالمعصية فاحذره،بل خف على نفسك من زوال نعمته و فجاءة نقمته و عظيم سخطه و تحول عافيته.
أتريدني أن أثبت لك هذه السنة الربانية من كتاب الله عز وجل؟!.
اسمع إلى قول الله عز وجل يصف الكافرين "وَلَوْلا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِؤُونَ * وَزُخْرُفًا وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ" الزخرف 33
القلب المستوحش
فإن الذنوب تورث القلب وحشة وحزناً يلقيان ظلالهما على القلب فور اقتراف الذنب مقارفة الخطيئة، و نحن نتحدث هنا عن من عمر الإيمان قلبه، فمثل هذا لا تتم له لذة المعصية أبداً و لا يكمل بها فرحه، بل لا يباشرها إلا والحزن يخالط قلبه، و لكن سكر الشهوة يحجبه عن الشعور به، فمن خلا قلبه من هذا الحزن فليتهم إيمانه، و ليبك على موت قلبه...
إنا لله و إنا إليه راجعون.
خراب الديار
قال مالك بن دينار " إن القلب إذا لم يكن فيه حزن خرب، كما أن البيت إذا لم يسكن خرب".
ليس الحزن ضماناً لعدم خراب القلب فحسب، بل هو سبب من أسباب دخول الجنة عند الحسن البصري، الذي قال " إن المؤمن ليذنب الذنب فما يزال به كئيباً حتى يدخل الجنة".
يا أخــي... يا مدعي الحزن بالقول، و أفعالك تكذب لسانك، لو كان في قلبك حزن...لبدا أثره على جسدك، لظهر...بكاء من خشية الله، لظهر...إتباعاً للسيئات بالحسنات، لظهر...دفناً للنفس في أحضان الصالحين، لظهر...هجرانا لأهل المعاصي، لظهر...توبة صادقة و عبرة نادمة و عزماً حديداً.
وحشة مع الصالحين
قال أبو الدرداء "ليحذر أحدكم أن تلعنه قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر، ثم قال أتدرون مم هذا ؟ قال إن العبد ليخلو بمعاصي الله ، فيلقي الله ببغضه في قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر".
إذا وجدت من إخوانك جفاء فذلك لذنب أحدثته، فتب إلى الله عز وجل، و إذا وجدت منهم زيادة محبة فذلك لطاعة أحدثتها فاشكر الله عز وجل.
و ليس فقط الجفاء بل الإستهانة و الإستخفاف من كل من دب فوق الأرض صغيراً كان أو كبيراً حقيراً كان أو جليلاً،
دل ذلك قانون حذيفة بن اليمان الذي نص على أنه " ما استخف قوم بحق الله عز وجل إلا بعث الله عليهم من يستخف بحقهم".
و ما أصدق قول العمري الزاهد حين برهن على صحة قانون حذيفة فقال
" من ترك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر من مخافة المخلوقين، نزعت منه هيبة الطاعة، فلو أمر ولده أو بعض مواليه لاستخف به".
تعسير الأمور
قال سبحانه و تعالى {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30].
فالمؤمن الذي يقيس أموره بمقاييس الإيمان على يقين بأنه لا يقع بلاء إلا بذنب،و لا تنزل محنة إلا بإثم.
أما الماديون الغارقون في بحر الشهوات فيتبرمون و يضجرون إذا وقعوا في شدة ، أو واجهتهم محنة دون أن يعلموا أنهم السبب، لأنهم بدؤوا بالإعتداء أولاً، و اقترفوا الذنب فعوقبوا، والبادي أظلم.
قال سفيان الثوري: « إني لأعرف ذنبي في خلق امرأتي و فارة بيتي».
و هذه معرفة لا ينالها إلا من نور الله قلبه و أضاء بصيرته و هداه سواء السبيل، نسأل الله أن نكون منهم.
حرمان الطاعة
يقول سفيان "حرمت قيام الليل أربعة أشهر بذنب"، و ابن سيرين يعير رجلاً بالفقر فيحبس في دين، ومكحول يعير آخر بالرياء في البكاء فيحرم البكاء من خشية الله سنة.
و الحقيقة أن تعجيل هذه العقوبات هو من علامات حب الله للعبد فإنها محتملة تمر سريعاً و تنقضي، أما عقوبة الآخرة فما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر.
قال رسول الله صلى الله علية وسلم" إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا و إذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة".
فالمقرب عند الله هو المعاقب، و المطرود من رحمة الله هو المسكوت عنه في الدنيا ليدخر له العقاب في الآخرة.
لحظة من فضلك!!!
قد يذنب العبد و لا يشعر أن الله عاقبه، و لا يحس أن نعم الله عليه تغيرت، فما تفسير ذلك؟
أقول فقدان حلاوة الخشوع و لذة المناجاة حرمان ،الزهد في الإزدياد من الطاعات حرمان ،إغلاق باب القبول حرمان، قحط العين و عدم بكائها حرمان، قسوة القلب و عدم تأثره عند سماع الموعظة حرمان، و المحرومون كثير ولكن لا يشعرون.
أخي العاصي...
كم نظرت عينك إلى الحرام فقل بكاؤها، و كم غبت عن صلاة الفجر فانطمس نور وجهك، وكم رتعت في المال الحرام محقت بركته، و كم مرة استمتعت بلذاذة الألحان فحرمت تلاوة القرآن، و غزا حب الدنيا قلبك فخرجت الآخرة منه، لأن الآخرة عزيزة لا تقبل الشراكة.
لطيفة
قال إبراهيم بن أدهم: *كثرة النظر إلى الباطل تذهب بمعرفة الحق من القلب*
المعاصي تزرع المعاصي
و مناط ذلك هو أن الرجل إذا عمل بمعصية الله ابتدره الشيطان و ابتعد عنه الملك، فلا يدل الشيطان إلا على شر و معصية و إثم ومهلكة،
لذلك صدق سهل بن عاصم حين قال عقوبة الذنب الذنب.
تماما كحلقات السلسلة يشد بعضها بعضاً، أو كحبات العقد الواحد إذا سقطت منه حبة انفرط العقد و سقطت باقي الحبات.
وكان ابن القيم موفقاً حين اقسم فقال تالله ما عدا عليك العدو[ الشيطان{ إلا بعد أن تولى عنك الولي ] الملك[ فلا تظن الشيطان غلب ولكن الحافظ أعرض.
و الطاعات مثل ذلك
و إذا عمل العبد بطاعة الله ابتدره الملك و ابتعد عنه الشيطان فلا يدله الملك إلا على طاعة وخير وتزكية و بر، و لذلك قالوا الطاعة ولود، وثواب الطاعة... الطاعة.
فإذا رأيت الرجل يعمل الطاعة فاعلم أن لهذه الطاعة عنده أخوات، و اسمع إلى انتباه خليد العصري إلى هذا المعنى و اغتنامه لإقتراب الملائكة منه عقب طاعته، فيشهدهم على صالح عمله ليرفعوه إلى الله مباشرة.
كان خليد العصري يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم يغلق بابه و قد اطمأن على أن الملائكة ابتدرته و الشياطين اجتنبته، فينادي على الملائكة المقربين فيقول مرحباً بملائكة ربي، و الله لأشهدنكم اليوم من نفسي خيراً...خذوا بسم الله... سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر، و لا يزال كذلك حتى تغلبه عيناه، أو يخرج إلى الصلاة!!.
شؤم على الخلق كلهم
ليت العاصي يضر نفسه فحسب، لكنه يضر كل من حوله... الإنس والجن و الإنسان والحيوان و الشجر والحجر، فذنبه متعدي الضرر و إن بدا في ظاهره أنه لم يؤذ غيره و لم يصب أحداً بسوء.
صحح أبو هريرة هذا الفهم الخاطئ حين سمع رجلاً يقول إن الظالم لا يظلم إلا نفسه.
قال أبو هريرة كذبت، و الذي نفسي بيده إن الحبارى [ نوع من الطيور]لتموت في وكرها من ظلم الظالم.
و ليس أبو هريرة وحده من أصحاب رسول الله صلى الله علية وسلم من يؤكد هذا، فهذا أنس بن مالك يقول كاد الضب يموت في جحره هزلاً من ظلم بني آدم.
و لذلك وبسبب ذنب ابن آدم و إصراره على ذنب هو تعدي ضر ذنبه تتأذى الخلائق كلها فتستنصر عليه العظيم و تستعدي عليه الجليل، فتطلب من الله أن يحرمه من نعمته و يطرده من رحمته و يلعنه..
قال مجاهد في تفسير قول الله عز وجل:" و يلعنهم اللاعنون":
* دواب الأرض و العقارب و الخنافس منعت القطر [ المطر] بخطاياهم*
لطيفة
قال فقيه العراق ابن شبرمة عجبت للناس يحتمون من الطعام مخافة الداء، و لا يحتمون من الذنوب مخافة النار.
عجبا لك!
• تضيع منك حبة فتبكي، و تضيع منك الجنة و أنت تضحك!
• لو كنت بالمال الحرام أكسى من الكعبة، لم تخرج من الدنيا إلا أعرى من الحجر الأسود !!
• الدنيا حلم والموت يقظة، ويوم الحساب تفسير الأحلام.
• الدنيا بحر و ساحله المقبرة، و قد اقتربت مركب نفسك من الشاطئ.
• علمت كلبك أن يترك شهوته في تناول ما صاده شكراً لنعمتك و خوفاً من سطوتك، وكم علمك الله ورسوله، و أنت كما أنت!!
إيقاظة نبوية
و لا شيء يوقظ العقل من سكرته، و ينبهه من نومته مثل ذكر النار، لذا عمد النبي صلى الله علية وسلم في حالات فساد العقل، و غياب الوعي إلى ذكر هذه الكلمة [ النــــار].
* ففي حالة التخلف عن صلاة الجماعة يقول صلى الله علية وسلم "والذى نفسى بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها،ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم".
* و في حالة لبس الرجال الذهب يقولصلى الله علية وسلم "يعمد أحدكم إلى جمرة من النار فيجعلها في يده".
* و في حالة أكل أموال الناس بالباطل يقول رسول الله صلى الله علية وسلم "إنكم تختصمون و إنما أنا بشر ، و لعل بعضكم أن يكون أعلم بحجته من بعض فاقضي له بما أسمع منه،فأظنه صادقاً ، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فإنها قطعة من النار فليأخذها أو ليدعها".
كل هذا لأنه عليه الصلاة والسلام بنا رؤوف رحيم يلفح وجوهنا بكلامه عن النار بدلاً أن تلفح وجوهنا غداً ألسنة النار.
و العاقل من إذا وصلته رسالة الإنذار أورثته الإعتذار، فيرد على جواب التهديد بالرجوع إلى توبته بالتجديد.
أخي الغافل
يا من باع الجنة بأبخس الثمن، إذا لم تكن لك خبرة بقيمة السلعة فاسأل جموع الصالحين فهم الخبراء المثمنون، فيا عجباً من بضاعة وهبك الله إياها هي نفسك و مالك ثم منك اشتراها، ووعدك في المقابل جنة الخلد ، والسفير الذي جرى على يده عقد البيع هو النبي ، فكيف بالله عليك بعتها بعد ذلك لغير الله بثمن بخس و بجزء يسير من دنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة؟!
موت القلب
قال ذلك زين القرآن محمد بن واسع
الذنب على الذنب يميت القلب.
و لهذا لما قيل لسعيد بن المسيب إن عبد الملك بن مروان قال قد صرت لا أفرح بالحسنة أعملها و لا أحزن على السيئة أرتكبها، قال الآن موت قلبه.
و ليست هذه علامة موت القلب الوحيدة، بل هناك علامات أخرى منها
* الفرح بالذنب و المجاهرة به.
* البشاشة للقاء أهل المعاصي.
* الإنقباض لرؤية أهل الطاعة.
* الإصرار على الذنب دون التعجيل بالتوبة.
* عدم الحزن على فوات الطاعة.
* عدم إنكار المنكر باليد أو باللسان أو بالقلب.
أخي العاصي... مازلت أناديك و أقول
و نبه فؤادك من نومـه فإن الموفق مــن ينتبه
و إن كنت لم أنتبه بالذي وعظت به فانتبه أنت به
يسير الذنب يقتل!!!
قال ابن الجوزي لا تحتقر يسير الذنب، فان العشب الضعيف يفتل منه الحبل القوي فيختنق منه الجمل السمين.
هوان حق الله على العبد
لأن الذنب يجرئ العبد على حدود الله، فيألف قلبه العصيان و انتهاك محارم الله، خاصة إذا انمحت من ذاكرته مترادفات كلمة [توبة].
و لذلك لما رأى أنس بن مالك رضى الله عنه جيل التابعين قال إنكم لتعملون أعمالاً هي في أعينكم أدق من الشعر، كنا نعدها على عهد رسول الله من الموبقات.
و إنما كانت كذلك ، في- أعينهم – لأن إيمانهم جلى الغشاوة عن بصيرتهم فعلموا قدر الله و عظمته.
فانطلق أحدهم ينصحك لا تنظر إلى صغر المعصية، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت.
بل كان حذيفة بن اليمان رضى الله عنه يقول
« إن الكلمة كان الرجل في مجلس رسول الله صلى الله علية وسلم يحسب بها من المنافقين، أسمعها اليوم في المجلس الواحد أربع مرات».
منافق أنت أم مؤمن؟!
قال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه إن المؤمن يرى ذنوبه كأنها في أصل جبل يخاف أن يقع عليه،و إن الفاجر يرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه فقال له هكذا فطار.
هذا هو ميزان ابن مسعود رضى الله عنه الذي أمرنا النبي بإتباعه، و قال صلى الله علية وسلم "وماحدثكم ابن مسعود فاقبلوه".
و نحن نصدق ما أمرنا به رسول الله صلى الله علية وسلم أن نصدقه و نسألك كيف ترى ذنبك؟ هل تراه في أصل جبل يوشك أن يقع عليك؟ أم تراه كذباب تهشه من على أنفك؟.
واجه نفسك، فإليك أوجه الخطاب، و أشير بأصبع العتاب.
أخي العاصي... أنت الذي بيدك أن تنجو أو تهلك، كلما عظم الذنب في قلبك صغر عند الله.. و كلما هان عليك عظم عند الله، فعظم الله في قلبك يعظم عليك ذنبك لتثبت بذلك أنك مؤمن، و إلا.. كتبت اسمك في سجل المنافقين.
الحرمان اليوم أهون منه غداً
أظنك يا أخي لم تسمع حديث النبي صلى الله علية وسلم الذي قال فيه "إن كنتم تحبون حلية الجنة و حريرها، فلا تلبسوها في الدنيا"
.الراوي عقبة بن عامر المحدث الألباني - المصدر صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 1438
إخواني... من لبس الحري في الدنيا حرم من لبسه في الآخرة، و من شرب الخمر في الدنيا حرمها في الجنة، ومن أطلق بصره اليوم إلى نساء الدنيا حرم غداً النظر إلى الحور العين، و من استمع إلى غناء الدنيا حرم الإستماع إلى غناء الآخرة.
قال ابن عباس ويرسل ربنا ريحا تهز ذوائب الأغصان
فتثير أصواتاً تلذ لمسمع الإنسان كالنغمات و الألحان
يا أيها الآذان لا تتعوضــي بلذاذة الأوتار و العيــدان
واحدة بواحدة
قال سلمة بن دينار "ما أحببت أن يكون معك في الآخرة فاتركه اليوم".
عبادات ضائعة
قال النبي صلى الله علية وسلم "رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع، و رب قائم ليس له من قيامه إلا السهر"
.الراوي أبو هريرة المحدث المنذري - المصدر الترغيب والترهيب - الصفحة أو الرقم: 2/155
و تأمل حال هذا الصائم الذي ضاع صيامه بذنب أذنبه كلمة غيبة أو افتراء كذب أو نظرة حرام أو رشوة، فخسر الآخرة و باع الدين ، وأتعب جسده من غير طائل أو مصلحة.
قال يحيي بن كثير
* يصوم الرجل عن الحلال الطيب، و يفطر على الحرام الخبيث- لحم أخيه- يعني اغتيابه.
و تأمل حال هذا القائم الذي نوى بقيامه مراءاة الناس، فحبط عمله و ضاع ثوابه، بسبب هذه الخطيئة القلبية.
شراكة لا تنفك
كل معصية من المعاصي هي ميراث أمة من الأمم التي أهلكها الله عز وجل، فمن علا في الأرض و أفسد فله من تركة فرعون نصيب، و من تكبر و تجبر فله من تركة قوم هود نصيب و من نقص المكيال و الميزان فقد تشبه بقوم شعيب و من سار على طريق الهالكين هلك ومن اقتفى أثر الضائعين ضل سواء السبيل.
و هذا هو ما أرشد إليه حديث البشير النذير عليه الصلاة والسلام الذي هو غذاء الحياة و بلسم الشفاء و مادة الفضل
* "كما لا يجتنى من الشوك العنب كذلك لا ينزل الفجار منازل الأبرار"
الراوي أبو ذر الغفاري المحدث: ابن حبان - المصدر: المجروحين - الصفحة أو الرقم: 2/382
فاسلكوا أي طريق شئتم فأي طريق سلكتم ورتم على أهله.
أمامك طريقان
طريق أبي بكر وعمر أو طريق أبي جهل و فرعون، إما معالجة القلب في مصحة الهوى و تقييده بقيود الشرع و كيه بنيران الخوف وإلا فإن علاجه سيكون في أودية جهنم ومعاناة أغلال الهوان وكيه بنيران العقوبة.
أخي العاصي..علي وجه الطائع نور طاعته.وعلي وجه العاصي ظلام معصيته.وعند الموت يؤتي هذا بالبشارة ويقع ذالك في الخسارة.وينزلان القبر ليفترش الطائع مهاد الجنان ويتقلب العاصي علي جمرات النيران.وعند الحشر هذا يركب وذاك يسحب.هذا في ظل عرش الرحمن والآخر غارق في بحور العرق والنسيان.
ثم يقال للعصاة "ألم يأتكم نذير" .وللطائعين "سلام عليكم بما صبرتم "
.فاسلك طريق أهل الهداية.واطلب رفقتهم توفق للشهادة.
كانوا يصومون وأنت تفطر .كانوا يقومون وأنت نائم .كانوا يبكون وهم يطيعون فخلف من بعدهم خلف يضحكون وهم يعصون .
شماتة الشيطان
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية هل ينام الشيطان فقال لو ينام لاسترحنا
أخي ..كل ذنب منك يسعده وكل معصية لك تفرحه لأنك بفعلها تساويت معه في المعصية والمعاصي بريد الكفر والكفر طريق النار وهو لا يريد الخلود فيها وحده
وهذا هو السر في أنه إذا قرأ ابن آدم سجدة التلاوة فسجد اعتزل الشيطان يبكي بقوله ياويله أمر بالسجود فسجد فله الجنة ،وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار .
فأرغم أنف شيطانك بإدمان السجود وإطالة الركوع وظمأ الهاجر، حتى يظل باكياً في الدنيا قبل أن ينفجر
في البكاء غداً علي أعتاب جهنم
لطيفة
قال مطرف بن عبد الله "لو أن رجلا رأي صيداً ،والصيد لا يراه،أليس يوشك أن يأخذه؟قالوا بلي .قال فإن الشيطان هو يرانا ،ونحن لا نراه فيصيب منا ".
سوء الخاتمة
الذنوب بريد إلي سوء الخاتمة، لأن الإنسان يموت علي ماعاش عليه ، فمن أراد أن يموت ساجداً فليكن أكثر أعماله السجود،ومن أراد أن يموت صائماً فليكن أكثر أعماله الصيام ،ومن أراد أن يموت ذاكراً فليكثر من الذكر ،والعاصي مثل ذلك ، فمن رأيتموه يختم له بسوء فاعلموا أنه أسرف علي نفسه في حياته فحرم التوفيق عند مماته.
وإليك نموذجين لهذه الخاتمة اللعينة، كتبها الله عز وجل علي أصحابها ثمرة ذنوبهم القبيحة
أ-محمد بن مغيث المغربي [ت:403هـ].
كان مفتوناً بالخمر متبذلاً فيها ، مدمناً عليها لا يفيق منها ،سأله بعض إخوانه في مرضه الذي مات فيه ليختبر قواه ،فقال له هل تقدر علي النهوض إن أردت؟.
فقال لو شئت مشيت من هاهنا إلي حانوت أبي زكريا الخمار .
فقال ألا قلت إلي الجامع؟!.
فقال لكل امرئ من دهره ما تعودا ،ولم تجر العادة بذلك .
ومن مات علي شيء بعث عليه
ب-مصطفي كمال أتاتورك[ت:1358هـ]
إسم علي غير مسمي..حارب الإسلام فهدم الخلافة وجعل الآذان باللغة التركية،وجعل العطلة الأسبوعية يوم الأحد بدلاً من يوم الجمعة،وحول مسجد آيا صوفيا إلي متحف ،وضاق مرة بآذان الفجر فأمر بقتل المؤذن وهدم المئذنة..والمضحك المبكي أنه عند موته أوصي أن لا يصلي عليه ودار الجدل بعد موته أيصلون عليه فيخالفون وصيته أم يتركون الصلاة ؟! وأخيراً وبعد جدل وافقوا علي الصلاة عليه،ولكن ترى من كان الإمام؟!
إنه مدير الأوقاف شرف الدين أفندي الذي حاول إقناع رئيس الجمهورية التركية عصمت إينونوا بجعل اللغة التركية للقرآن الكريم لغة للعبادة،وفرض قراءتها في الجوامع بقوة القانون،وشرف الدين هذا هو إمام الصلاة علي أتاتورك.
وافق الشن الطبق،ولا يظلم ربك أحداً.
المال
كم عميت عيون عن رؤية نعم، فغفلت عن شكرها، فكان الحرمان جزاءها و البعد عقابها و الشقاء جليسها صباح مساء..
1- المال
أ- المال نعمة
لأن الله عز وجل إنما أعطاك هذا المال لتشتري به الجنة إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ" (التوبة 111)
فهم عثمان بن عفان هذا فاشترى الجنة مرتين مرة يوم سمع النبي صلى الله علية وسلم " من جهز جيش العسرة فله الجنة"، فجهز جيش العسرة ،
و مرة يوم سمع النبي صلى الله علية وسلم يقول " من حفر بئر رومة فله الجنة"، فحفر بئر رومة، و هو مع ذلك قال عنه عبد الله بن مسعود: كنا إذا دخلنا عليه لم نميز بينه و بين خدمه!!
أخــي.. الإسلام لا يحرم عليك إقتناء المال، فإن نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام قال " نعم المال الصالح للعبد الصالح".
الراوي: عمرو بن العاص المحدث: محمد بن محمد الغزي - المصدر: إتقان ما يحسن - الصفحة أو الرقم: 2/672
خلاصة حكم المحدث إسناده صحيح
و كذلك كان عثمان بن عفان ملياردير الصحابة، لكن هل صرفه ماله يوماً عن الجهاد في سبيل الله؟!كلا لأن المال كان في يده لا في قلبه، و لأنه عرف الحكمة من خلق المال.
ففي الحديث عن النبي صلى الله علية وسلم إن الله عز وجل قال " إن أنزلنا المال لإقام الصلاة و إيتاء الزكاة".
النبي المعلم
ذبحت شاة عند النبي صلى الله علية وسلم فتصدقوا بها جميعاً إلا الذراع، فقالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها " ما بقي عندنا إلا الذراع" فصحح النبي عليه الصلاة والسلام العبارة و قال " كلها بقي إلا الذراع".
فما أنفقته هو الباقي الذي تدفعه ثمناً لإنارة حفرة قبرك و توسيع رقعتك في الجنة، و لخطبة الحور العين المنتظرة لك على شوق، أما ما أبقيته.. فعما قليل سيفنى و تحت الثرى.
ب- المال نقمة
و في المقابل قد يكون المال أعظم صارف عن الله، و أكبر عامل يلهي عن الآخرة، و يشغل بالفاني عن الباقي كما هو حاصل في زماننا، لذلك قال النبي صلى الله علية وسلم " إن لكل أمة فتنة، و إن فتنة أمتي المال".
فإن شراهة ابن آدم للمال لا نهاية لها، و لو كان لديه واديان من ذهب لتمنى أن يكون له الثالث، فيدفعه شرهه إلى تحصيل المال من أي مصدر و لو كان حراماً لتنمو طبقات اللحم الحرام في جسده، فإذا اكتمل نموها الخبيث لم يصلح إلا أن تطهر بالنار.
قال رسول الله عليه الصلاة والسلام " كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به".
التاجر التائب
كان الحارث المحاسبي طفلاً يلعب مع أقرانه أمام دكان تمار يوماً فأراد التمار أن يصرفهم عن محله فأعطاهم تمرات كانت قد سقطت من أحد المشترين، فانصرف الأطفال إلا المحاسبي فإنه أخذ يرمق التمار من مفرق رأسه إلى أخمص قدميه ثم انصرف عنه، فلحق به التمار فقال و الله لا أتركك حتى تخبرني بما دار في خاطرك قال يا رجل...أتؤكل أبناء المسلمين السحت ؟! أتؤكل أبناء المسلمين الحرام ؟!لو كنت مكانك لبحثت عن صاحب التمر بحث الظمآن عن الماء البارد، ثم تركه و انصرف، ففزع التمار و قال و الله ما تاجرت بعدها في دنيا قط.
--------------------------------------------------------
وما زال للحديث بقية
أسالكم من صالح دعائكم لا تنسونى
عدل سابقا من قبل sadekalnour في الجمعة يناير 11, 2013 11:26 pm عدل 1 مرات
أمس في 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
أمس في 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد
» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» العبادة وأركانها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد
» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور
» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد
» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد
» هيئات السجود المسنونة
الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» (( - 2 -)) خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأربعاء نوفمبر 13, 2024 11:28 pm من طرف صادق النور