آل راشد



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

آل راشد

آل راشد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
آل راشد

ثقافى-اجتماعى

*** - اللَّهُمَّ اَنَكَ عَفْوٍ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعِفُو عَنَّا - *** - اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك . *** - اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ الْمَوْتِ وَ ارْزُقْنَا حُسْنَ الْخَاتِمَةِ . *** -

إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا شَابَتْ عَبِيدَهُمْ.. .. فِي رِقِّهِمْ عَتَقُوهُمْ عِتْقَ أَبْرَارٍ .. .. وَأَنْتَ يَا خَالِقِيُّ أوْلَى بِذَا كَرَمًا.. .. قَدْ شُبْتُ فِي الرِّقِّ فَأَعْتَقَنِي مِنَ النَّارِ .

المواضيع الأخيرة

» *لا إله إلا الله الحليم الكريم*
الخلافات الزوجية  الأسباب –الحلول Ooou110اليوم في 7:59 am من طرف صادق النور

» دعاء ان قراته تؤجر وعندما تقراه يرجف قلبك لاعادة قراتها
الخلافات الزوجية  الأسباب –الحلول Ooou110اليوم في 7:56 am من طرف صادق النور

»  كيف تحافظ على الصلاة ؟
الخلافات الزوجية  الأسباب –الحلول Ooou110اليوم في 7:23 am من طرف صادق النور

» ألأخلاق في ألإسلام ...ألأخلاق المحموده.. الجزء ألأول
الخلافات الزوجية  الأسباب –الحلول Ooou110اليوم في 6:47 am من طرف صادق النور

» ألأخلاق في ألإسلام .. ألأخلاق المحموده ..الجزء الثاني
الخلافات الزوجية  الأسباب –الحلول Ooou110اليوم في 6:41 am من طرف صادق النور

» ألأخلاق في ألإسلام .. . ألأخلاق المحموده .. الجزء الثالث
الخلافات الزوجية  الأسباب –الحلول Ooou110اليوم في 6:38 am من طرف صادق النور

» ألأخلاق في ألإسلام .( الجزء الرابع ) ألأخلاق المذمومه
الخلافات الزوجية  الأسباب –الحلول Ooou110اليوم في 6:31 am من طرف صادق النور

» أقوال العلماء في الاستغاثة بغير الله
الخلافات الزوجية  الأسباب –الحلول Ooou110أمس في 5:16 pm من طرف عبدالله الآحد

» تعليم الصبيان التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
الخلافات الزوجية  الأسباب –الحلول Ooou110الثلاثاء أبريل 30, 2024 10:00 pm من طرف عبدالله الآحد

» عقيدة السلف الصالح للشيخ المحدث محمد الطيب بن إسحاق الأنصاري المدني
الخلافات الزوجية  الأسباب –الحلول Ooou110الإثنين أبريل 29, 2024 4:19 pm من طرف عبدالله الآحد

اهلا بكم

الثلاثاء نوفمبر 08, 2011 2:32 am من طرف mohamed yousef

الخلافات الزوجية  الأسباب –الحلول Ooousu10

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 22 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 22 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الأربعاء سبتمبر 15, 2021 4:26 am

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 9651 مساهمة في هذا المنتدى في 3195 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 286 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو عبدالرحمن فمرحباً به.

دخول

لقد نسيت كلمة السر

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع


    الخلافات الزوجية الأسباب –الحلول

    avatar
    أم محمد


    انثى عدد المساهمات : 23
    تاريخ التسجيل : 01/11/2011
    العمر : 58

    محمد عبد الموجود الخلافات الزوجية الأسباب –الحلول

    مُساهمة من طرف أم محمد الخميس يناير 10, 2013 6:18 am

    لخلافات الزوجية الأسباب –الحلول

    وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (21) سورة الروم.
    m
    الحمْدُ لله في الأُوْلى والآخِرَة، الحَمْدُ لله الَّذِي لا يَنْسَى منْ ذَكرَهُ، والحَمْدُ لله الَّذِي لا يَخِيْبُ منْ دَعَاهُ، ولا يَقْطَعُ رَجَاءَ منْ رَجَاهُ.
    الحمْدُ لله عدَدَ ما خَلَق، الحمْدُ لله مِلْء ما خَلَق، الحمْدُ لله عَدد ما فِي السَّمَواتِ وما فِي الأَرْضِ، الحمْدُ لله عَدد ما أحْصَى كِتـَابُهُ , والصلاة والسلام على نجم أنبيائه وأحبابه , محمد بن عبد الله , وعلى آله وصحبه ومن والاه واتبع هداه .
    وبعد ... ،
    فإن صلاح الأسرة هو الطريق الأمثل إلى صلاح المجتمع ، بل إلى صلاح الأمة كلها .
    وهيهات أن يصلح مجتمع وَهَنتْ فيه حبال الأسرة ، فالأسرة المؤمنة تربى الأجيال، وتخرج القادة والمصلحين, وتكون سبباً من أهم أسباب الرقي الإنساني .
    ولقد امتنَّ اللّه سبحانه وتعالى بهذه النعمة؛ نعمة اجتماع الأسرة وتآلفها وترابطها . فقال عز من قائل: (وَاللّهُ جَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مّنَ الطّيّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ)(سورة: النحل : الآية: 72)
    إن الزوجين وما بينهما من وطيد العلاقة يمثلّان حاضر أمة ومستقبلها، ومن ثم فإن الشيطان حين يفلح في فَكِّ روابط أسرة فهو لا يهدم بيتًا واحدًا، ولا يحدث شرا محدودًا، وإنما يوقع الأمة جمعاء في أذى مُسْتعر وشرٍّ مستطير.
    ولا يقوم بناء السعادةِ الزوجية إلا على ركنين أساسيين:
    أحدُهما:جلبُ أسباب المودة، واستدامتُها.
    والثاني: دفعُ أسباب الخلاف، ورفعُها.
    وجلب أسباب المودة والسعادة لها سُبل كثيرة منها :
    1ـ الاحترام والتقدير المتبادل بين الزوجين.
    2- المودة والرحمة بين الزوجين .
    3- الصراحة والوضوح بين الزوجين.
    4-معرفة كل من الزوجين ما له وما عليه.
    5- الاشتغال بعظائم الأمور والترفع عن سفاسفها.
    6- الاحتكام إلى شرع الله عند الخلاف.
    7- تلبية رغبات أحدهما للآخر على قدر المستطاع.
    8- الحوارالهادئ والبناء.
    9- التشاور فيما يخصهما من أمور.
    10- طاعة الزوجة لزوجها وحسنمعاشرة الزوج لزوجته.
    11- قوامةالرجل وحنان المرأة.
    وأما دفعُ أسباب الخلاف، ورفعُها. فإنه يحتاج ابتداء إلى معرفة أسباب الخلاف , ثم إلى البدء في وضع الحلول المناسبة لكل سبب .
    وأسباب الخلافات الزوجية كثيرة ومتشعبة فمنها ما يرجع إلى البيئة والتنشئة الأولى , والاختلاف في نمط الشخصية , والخلل في أسلوب التعامل .ومنها ما يرجع إلى التدخلات الخارجية من بعض الأهل أو الأصدقاء أو الجيران .ومنها ما يرجع إلى الضغوط الاجتماعية والمادية من يسر وإقتار , وإسراف وإمساك.
    وهذا البحث يتناول أسباب الخلافات والمشاكل الزوجية والحلول التي وضعها الإسلام لهذه الخلافات .
    وقد حصرت هذه الخلافات في اثني عشر مبحثا :
    الأول : عدم تحديد الهدف من الزواج .
    الثاني : سوء الاختيار وانعدام الكفاءة .
    الثالث : عدم وجود آلية للتفاهم بين الزوجين.
    الرابع : الكذب والخيانة .
    الخامس : التدخلات الخارجية .
    السادس : نشر أسرار الحياة الزوجية.
    السابع : البخل وعدم الإنفاق.
    الثامن : الغيرة القاتلة .
    التاسع : مشكلة الإنجاب.
    العاشر : عدم العدل بين الزوجات .
    الحادي عشر : الصراع في تربية الأبناء .
    الثاني عشر : الإهمال في العلاقة الجنسية .
    فكل مبحث من هذه المباحث يتحدث عن سبب من أسباب الخلاف الذي يمكن أن يحدث بين الزوجين , وقد تكون هناك أسباب أخرى تركتها للاختصار وعدم التطويل , فاقتصرت على البارز والمهم منها .
    والله اسأل أن يجنبنا الزلل في القول والعمل .


    المبحث الأول: عدم تحديدالهدف من الزواج
    هناك كثير من الشباب المُقبل على الزواج إذا سألته عن الهدف والغاية المرجوّه من الزواج فإنك قد لا تجد لديه إجابة واضحة عن سؤالك , أو قد تجده يفهم الزواج فهما خاطئا أو قاصرا.
    - فمنهم من يرى أن الزواج متعة وشهوة جسدية فحسب.
    - ومنهم من يرى أنه سبيل للإنجاب والتفاخر بكثرة الأولاد.
    - ومنهم من يرى أنه فرصة للسيطرة والقيادة وبسط النفوذ.
    - ومنهم من يرى أنه فرصة لإعفاف النفس وتكثير سواد المؤمنين.
    - ومنهم من يرى أنه عادة توارثها الأبناء عن الآباء.
    وقليل منهم من يرى أنه رسالة ومسئولية عظمى، وتعاون مستمر، وتضحية دائمة في سبيل إسعاد البشرية وتوجيهها إلى الطريق السليم.
    : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (سورة الحجرات : 13)
    و: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (سورة الروم : 21)
    فالزواج في الإسلام له حِكَمٌ وفوائد عديدة منها ما يلي:
    (1) أنه أعظم رباط إنساني يجمع بين شخصين:ولهذا سماه القرآن الكريم ميثاقاً غليظاً، Sadوَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً)(سورة النساء: 21)
    والإسلام يعتبر الزواج شِرعة دينية وسنة اجتماعية وسنة كونية .
    (2) أنه سكن وأمان:قال الله تعالىSadوَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا) (سورة : الأعراف:189)
    (3) تكثير نسل الأمة:عن معقل بن يسار أن النبي قال :" تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم "(سنن أبي داوود وسنن النسائي)
    (4) فيه غض للبصر وإحصان للفرج:عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي قال:" يا معشر الشباب ! من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه غض للبصر و حصن للفرج و من لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء "(متفق عليه )
    (5) امتثال أمر الله تعالى ورسوله في الحث على النكاح :لقوله تعالىSadوَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً)(الرعد: 38)
    وقالSadوَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ)(النور: 32 )
    وقال ـ عزّ وجل : (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ) (النساء: 3 )
    ولقول النبي :" من استطاع منكم الباءة فليتزوج " ((متفق عليه)) .
    (6) المرأة الصالحة خير متاع الدنيا :عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن النبي قال :"الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة "(( رواه مسلم ))
    وحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي قال :"أربع من السعادة: المرأة الصالحة و المسكن الواسع والجار الصالح و المركب الهنيء و أربع من الشقاء: المرأة السوء و الجار السوء و المركب السوء و المسكن الضيق " (ابن حبان في صحيحه برقم (4032) وهو صحيح)
    والرجل والمرأة اللذان لا يعرفان ولا يحددان الهدف من الزواج ؛ فإنهما كذلك لن يعرفا حق كل منهما على الآخر.
    فعلى الرجل أن له حقوقاً على زوجته والتي منها :
    (1) طاعة الزوج في غير معصية .
    (2) حفظ غيبة الزوج في نفسها وماله .
    (3) أن ترعى ماله وولده وتحافظ عليهما .
    (4) أن تتزين له وأن تبتسم في وجهه ولا تعبس في وجهه .
    (5) أن لا تصوم تطوعاً إلا بإذنه .
    (6) أن ترضى باليسير وأن تقنع بالموجود وأن لا تكلفه من النفقة ما لا يطيق .
    (7) ألا تمنع نفسها منه متى طلبها للفراش .
    (Cool و أن لا تسأل الطلاق من غير بأس .
    (9) أن تلزم بيته فلا تخرج منه إلا بإذنه ولو إلى المسجد .
    (10) ومن حق الرجل على المرأة أن لا تأذن في بيته إلا بإذنه .
    (11) أن لا تنفق شيئاً من بيتها إلا بإذنه.
    (12) وجوب خدمة المرأة لزوجها.
    كما أن على المرأة أن تعرف أن لها حقوقاً على زوجها والتي منها:
    (1) المعاشرة بالمعروف وحسن الخلق .
    (2) المهر والنفقة والسكنى.
    (3) القوامة عليها .
    (4) حق المبيت والمعاشرة وقضاء الوطر.
    (5) التأدب في معاملتها وعدم التعرض للوجه بالضرب أو التقبيح.
    (6) عدم الهجر في غير البيت.
    (7) مداراتها وملاطفتها.
    (Cool أن يصبر عليها ويتحمل الأذى منها وأن يعفو عن زلاتها .
    (9) النهي عن التماس عثرات النساء.
    (10) أن يعين الزوجة في أمور الدنيا والآخرة.
    (11) أن يحفظها ويصونها عن كل ما يخدش دينها وشرفها .
    (12) ألا يُفْشِي سِرَها وألا يذكر عيبها .
    ولا بد أن تكون هناك واقعية في المطالبة بالحقوق وأداء الواجبات , فليس من حسن العشرة أن يُكلّف الزوج امرأته شططاً، وينهكها في تحقيق حقوقه تعباً، بل عليه أن يسلك هدياً قاصداً، ويتغاضى عن بعض حقوقه في سبيل تحقيق المهم منها، إحساناً للعشرة، وتخفيفاً على الزوجة.
    وكذا حال المرأة مع زوجها لتستديم محبته، وتكسب ثقته ومودته.
    والواقعية في هذا قد نبه عليها الشاعر بقوله:
    فسـامح ولا تسـتوف حـقك كلـه* * * وأبـق فلــم يســـتوف قـط كـريم
    ولا تغل في شـيء من الأمر واقتصد* * * كــلا طـرفي قصــد الأمـور ذميـم
    وانظر إلى السلف الصالح كيف كانوا يحسمون أمورهم ويحددون أهدافهم من أول ليلة في زواجهم , فيضعون النقاط على الحروف , ويبينون لزوجاتهم ما يحبون وما يكرهون .ومثال ذلك ما رواه شريح القاضي , فقال : خطبتُ امرأة من بني تميم، فلما كان يوم بنائي بها أقبلت نساؤها يهدينها حتى دخلت علي، فقلت: إن من السنة إذا دخلت المرأة على زوجها أن يقوم ويصلي ركعتين، ويسأل الله تعالى من خيرها ويتعوذ من شرها، فتوضأْتُ فإذا هي تتوضأ بوضوئي، وصليت فإذا هي تصلي بصلاتي، فلما خلا البيت دنوت منها فمددت يدي إلى ناحيتها، فقالت: على رسلك يا أبا أمية، ثم قالت: الحمد لله أحمده وأستعينه وأصلي على محمد وآله وصحبه، أما بعد.. فإني امرأة غريبة لا علم لي بأخلاقك، فبين لي ما تحب فآتيه، وما تكره فأجتنبه، فإنه قد كان لك مَنكح في قومك ولي في قومي مثل ذلك، ولكنْ إذا قضى الله أمراً كان مفعولاً، وقد ملكت فاصنع ما أمرك الله تعالى به (إما إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)فقلت الحمد لله أحمده وأستعينه، وأصلي وأسلم على محمد وآله وصحبه، أما بعد.. فإنك قد قلت كلاماً إن ثبتِّ عليه يكنْ ذلك حظاً لي، وإنْ تدعيه يكن حجةً عليك، أحب كذا وأكره كذا، وما رأيت من حسنة فبثيها، وما رأيت من سيئة فاستريها، فقالت: كيف محبتك لزيارة الأهل؟ قلت: ما أحب أن يملني أصهاري، قالت: من تحب مِن جيرانك أن يدخل دارك آذن له، ومَن تكره أكرهه؟ قلت: بنو فلان قوم صالحون، وبنو فلان قوم سوء، قال: فبت معها بأنعم ليلة، ومكثت معي حولاً، لا أرى منها إلا ما أحب، فلما كان رأس الحول جئت من مجلس القضاء، وإذا أنا بعجوز تأمر وتنهى فقلت: مَن هذه؟ قالوا: فلانة أم حليلتك، قلت: مرحبا وأهلا وسهلا، فلما جلسْتُ أقبلت العجوز، فقالت: السلام عليك يا أبا أمية، فقلت: وعليك السلام ومرحبا بك وأهلاً، قالت: كيف رأيت زوجتك؟ قلت: خيرُ زوجة وأوفق قرينة، لقد أدبتِ فأحسنت الأدب، وريضتِ فأحسنت الرياضة، فجزاك الله خيراً، فقالت: يا أبا أمية، إن المرأة لا يُرى أسوأ حالاً منها في حالتين: إذا ولدت غلاماً أو حظيت عند زوجها، فإن رابك مريب فعليك بالسوط، فوالله ما حاز الرجال في بيوتهم أشرّ من الروعاء المد.
    قالت: كيف تحب أن يزورك أصهارك؟ قلت: ما شاءوا، فكانت تأتيني في رأس كل حول فتوصيني بتلك الوصية، فمكثَت معي عشرين سنة لم أعب عليها شيء، وكان لي جارٌ يفزع امرأته ويضربها فقلت في ذلك:
    رأيت رجالاً يضربون نساءهم ‍* * * فشلّت يميني يوم تضرب زينب
    أأضربها من غير ذنب ٍأتت به ِ ‍* * * فما العدل ُمني ضرب من ليس يذنبِ
    فزينب شمس ٍوالنساء َكواكب * * * إذا طلعت لم يبد َمنهنّ كوكب (انظر:عشرة النساء للنسائي ج 1 / العقد الفريد 6/92).
    فلا بد أن تحدد هدفك من الزواج ولا تجعل التوافه تغلبك عن تحقيق هذا الهدف.



    المبحث الثانى: سوءالاختياروانعدام الكفاءة
    حث الإسلام على حسن الاختيار والكفاءة في الزواج وعنى بذلك الكفاءة في الدين والخلق ، كما قال الله عز وجلSadإِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)(الحجرات:13)
    وقول الله عز وجلSadالزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ )(النور:3)
    وكما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ" (البخاري (5090) ومسلم (أخرجه 1466))
    وفي حديث أبي هريرة، رضي الله عنهن أن النبي ، قال:"إذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَه ودِينَهُ فَزَوِّجُوهُ"(أخرجه ابن ماجه (1967) والترمذي (1084))
    قال رسول الله :"تخيروا لنطفكم ، فانكحوا الأكفاء،وأنكحوا إليهم "(( رواه الألباني في صحيحه برقم 1067))
    قال ابن حجر:" واعتبار الكفاءة في الدين متفق عليه فلا تحل المسلمة لكافر أصلاً"(( فتح الباري 9/1329))
    وقال ابن القيم:" والذي يقتضيه الحكم اعتبار الدين في الكفاءة أصلاً وكمالاً فلا تزوج عفيفة لفاجر ولم يعتد القرآن والسنة في الكفاءة أمراً وراء ذلك "(( زاد الميعاد 5/159).) .
    فهذه هي الكفاءة الحقيقية ، أما ما عدا ذلك من أمر الصناعة أو النسب، أو الحرية، أو الغنى، فهذا كله لا اعتبار له بميزان الله سبحانه وتعالى، ورسوله .
    وحينما حث الإسلام على الاختيار على أساس الدين والخلق وطيب الأصل والمنبت , فلأن صاحب الدين والأصل الطيب أعون على استدامة الحياة الزوجية و أقرب إلى طيب العشرة فلا يصدر منه إلا العشرة الكريمة و الحياة الطيبة و إذا أحب أكرم و إذا أبغض لا يظلم .
    قال رجل للحسن البصري:إن لي بنتا وإنها تُخطب ،فممن أزوجها ؟ فقال زوجها ممن يتقي الله فان أحبها أكرمها وان ابغضها لم يظلمها(الغزالي : إحياء علوم الدين 2/14).).
    ولما أراد نوح بن مريم أن يزوج ابنته واستشار جاراً له مجوسياً،فقال المجوسي سبحان الله ! الناس يستفتونك وأنت تستفتيني ، قال لا بد أن تشير علي ، فقال : إن رئيس الفرس {كسرى } كان يختار المال ، ورئيس الروم { قيصر } كان يختار الجمال ،ورئيس العرب كان يختار الحسب ، ورئيسكم محمد كان يختار الدين ، فانظر لنفسك بمن تقتدي(الزمخشري : ربيع الأبرار1/469).)
    ومثال ذلك ما قالته العاقلة الرزان الحصان ، أم سليم ( الرميصاء بنت ملحان ) حينما خطبها أبو طلحة الأنصاري ؟ فقالت له : إن مثلك يا أبا طلحة لا يُرَدُّ ، لكنني لن أتزوجك وأنت رجل كافر ، أيْ أنت من حيث الصفات ممتاز ، شهم ، شجاع ، فارس ، لك مكانة علية في قومك هذا كله كلام طيب .. إن مثلك لا يُرد ، ولكنني لن أتزوجك وأنت رجل كافر ، فظن أبو طلحة أن أم سليم تتعلل عليه بذلك ، وأنها قد آثرت عليه رجلاً آخر أكثر منه مالاً أو أعز ونفراً ، فقدْ أساء ظنًّا حين اعتقد أنّ خاطبًا أغنى منه قد سبقه إلى أم سليم ، فتعللت بموضوع الكفر كي تنسحب منه ، وتتزوج ذلك الأغنى .فقال : والله ، ما هذا الذي يمنعك مني يا أم سليم قالت ما الذي يمنعني إذاً ؟ قال : الأصفر والأبيض ، الذهب والفضة ، هذا سوء ظن محض .قالت : الذهب والفضة !!.قال : نعم .قالت : بل إني أشهدك يا أبا طلحة ، وأشهد الله ورسوله أنك إن أسلمتَ رضيتُ بك زوجاً من غير ذهب ولا فضة ، وجعلتُ إسلامك لي مهراً .. فما دمتَ تقول : إنني آثرتُ عليك رجلاً أغنى منك ، فأنا أشهِد الله ، وأشهِدك أنك إذا أسلمتَ فلن آخذ منك شيئًا ، مهري هو إسلامك ، هكذا كان الصحابة .أنا أقول لكم هذه الكلمات : لو أن الإسلام الذي نحن عليه هو الذي كان على عهد النبي، واللِه الذي لا إله إلا هو ما خرج الإسلام من مكة المكرمة إلى المدينة ، ولمَا وصل إلى مشارق الأرض ومغاربها إلا بعدما أظهر الصحابة الكرام من المواقف البطولية ما يعجز عن إدراكه البشر .قالت : له أشهد الله ، وأشهدك يا أبا طلحة ، أنك إن أسلمت لا آخذ منك شيئاً لا أصفر ولا أبيض ، وأن مهري هو إسلامك .وما إن سمع أبو طلحة كلام أم سُليم حتى صرف ذهنه إلى صنمه الذي اتخذه من نفيس الخشب وخص به نفسه كما يفعل السادة من قومه .. عنده صنم من خشب محفور مرتب هو إلهه ، لكن أم سليم أرادت أن تطرق الحديد وهو ما زال حامياً ، فقالت له : ألست تعلم يا أبا طلحة أن إلهك الذي تعبده من دون الله قد نبت من الأرض ..قال : بلى ، قالت : أفلا تشعر بالخجل ، وأنت تعبد جذع شجرة جعلت بعضه لك إلهاً ، بينما جعل غيرك بعضه الآخر وقوداً به يصطلي ، فأنت جعلته صنماً تعبده من دون الله ، وغيرك جعله حطباً يصطلي به في الشتاء إنك إن أسلمت يا أبا طلحة رضيت بك زوجاً ولا أريد منك صداقاً غير الإسلام .قال لها : ومن لي بالإسلام ؟ قالت : أنا لك به ، قال وكيف ؟ قالت : تنطق بكلمة الحق ، فتشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدًا رسول الله ، ثم تمضي إلى بيتك ، وتحطم صنمك ، فانطلقتْ أسارير أبي طلحة ، وقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً رسول الله .. ثم تزوج مِن أمّ سليم ، فكان المسلمون يقولون : ما سمعنا بمهر قط كان أكرمَ من مهر أم سليم ، فقد جعلت صداقها الإسلام (( انظر القصة في : النسائي في سننه ج 6/ ص 114 حديث رقم: 3341 صحيح أحكام الجنائز للألباني( 24 - 26 ).)
    لكن لكل من الزوجين وأولياء الزوجة الحق باختيار من يناسبها ويساويها وتحسن معه العشرة وتتحقق معه دواعي الاستقرار والانسجام في الأسرة وتجنب دواعي الشِقاق والضرر والتنغيص لكنها إن تنازلت عمّن يناسبها من حيث الحسب والصنعة والسن والتعليم والمال ونحو ذلك فزواجها صحيح لا شيء فيه .
    وان كان من الأفضل والأولى أن يكون هناك تقارب بين الزوجين في الحسب والسن والثقافة حتى لا تكون هناك فجوة بينهما , قد تكون سبباً في النزاع والشقاق .
    فمما يندى له الجبين أن نجد ولي المرأة يحملها على الزواج من رجلٍ طاعنٍ في السن وليس بينها وبينه أي تكافؤ من أي ناحية فكأنما يذبحها بغير سكين ، أو يبيعها في أسواق النخاسة.
    وبعضهم يزوجها لم يدفع أكثر , حتى لو كان هذا الزوج سكيراً عربيدً .
    فلا ينبغي للمسلم أن يُزوج موليته الصالحة من رجل فاسق فقد قال تعالي Sad الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ )(النور/ 26)
    وليختر كل من الزوجين كفؤه وما يشاكله , ومن هنا فقد قال النبي لجابر بن عبد الله الأنصاري وقد نكح ثيبا" هلا بكرا تلاعبها وتلاعبك "(متفق عليه).
    وعنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللهِ :"لاَ تَزَوَّجُوا النِّسَاءَ لِحُسْنِهِنَّ ، فَعَسَى حُسْنُهُنَّ أَنْ يُرْدِيَهُنَّ ، وَلاَ تَزَوَّجًوهُنَّ لأَمْوَالِهِنَّ ، فَعَسَى أَمْوَالُهُنَّ أَنْ تُطْغِيَهُنَّ ، وَلَكِنْ تَزَوَّجُوهُنَّ عَلَى الدِّينِ ، وَلأَمَةٌ خَرْمَاءُ سَوْدَاءُ ذَاتُ دِينٍ ، أَفْضَلُ"(أخرجه عبد بن حُميد (328)و أخرجه ابن ماجه (1/597 ، رقم 1859))
    فانعدام الكفاءة يؤدي إلى الجفاء والغلظة وقد يتعالى أحدهما على الآخر بماله أو حسبه أو بسنه أو بمستوى تعليمه ؛ مما يؤدي إلى التنافر والتباعد .
    فيا أيها المقبل على الزواج أحسن الاختيار ابتداء تحصل على الراحة والسعادة انتهاء .
    avatar
    أم محمد


    انثى عدد المساهمات : 23
    تاريخ التسجيل : 01/11/2011
    العمر : 58

    محمد عبد الموجود رد: الخلافات الزوجية الأسباب –الحلول

    مُساهمة من طرف أم محمد الخميس يناير 10, 2013 6:20 am

    المبحث الثالث:عدم وجودآلية للتفاهم بين الزوجين
    لا تخلو أي أسرة من مشكلات وسوء تفاهم من كلاالطرفين لسبب أو لآخر وبدرجات متفاوتة , وقد تؤدي هذه المشكلات إلي تفكك الأسرةوانفراط عقدها , ولكن إذا تم تشخيص الداء سهل وصف الدواء .
    والتفاهم بين الزوجينلاشك يؤدي إلي استقرار الحياة الزوجية واستئصال المشكلة من جذورها قبل أن تقع , لذاوجب علي الزوجين المصارحة والوضوح وإفضاء كل شريك لشريكه عما بصدره , ما يقلقه وما يزعجه وما يفرحه وما يحزنه.
    هذا إن كانا يريدان للحياة أن تستقر ولسفينة الحياة أن تسير , هذا نوع من العشرة بالمعروف أن يحترم كل شريك شريكةيحترم صمته وحديثه بل و يحسن الاستماع والإصغاء لكل ما يقول ولا يسفه له رأياً . يحترم مشاعره ولا يكثر من اللوم و العتاب و النصح , فاللوم لا يأتي بنتائج ايجابيةفي الغالب و كثرة العتاب يحطم كبرياء النفس كما أن كثرة التجريح والتوبيخ يكسرالنفس و يجعل كل شريك يفتش عن عيوب شريكة و تَصِيٌد أخطاءه.
    وعلى الزوجين أن يتفقا من البداية على وضع آلية لحسم الخلاف فعدم وجود آلية للتفاهم بين الزوجين يؤدي إلى تفاقم الخلاف واشتداد التنافر , وتباعد كل منهما عن الأخر .
    وهذه الآلية لابد أن تقوم علي هذه المبادئ :
    1- الزوجان ليسا معصومين من الخطأ , فلا بد أن يقع من الزوج هفوات وأخطاء ، والزوجة كذلك، وكثير من الرجال لا يعترف بهفوته وزلته، ويعظم زلة زوجته ولو صغرت، والمقام ليس مقام تجريح أو تأنيب؛ وإنما هو سبيل المسامحة والملاينة ، ما دام أن الأمر ليس فيه تهاون في حق الله أو حق الزوج .
    قال أبو الدرداء :"إذارأيتنيغضبافرضنيوإذا رأيتك غضبى رضيتك وإلا لم نصطحب"وحكى ( البيهقي في الشعب ) أن أسماء بنت خارجة الفزاري لما أراد إهداء ابنته إلى زوجها قال لها : يا بنية كوني لزوجك أمة يكن لك عبداً ولا تدني منه يملك ولا تباعدي عنه فتثقلي عليه وكوني كما قلت لأمك .
    2- القوامة في البيت للرجل , فعلى المرأة أن لا تعامله معاملة الند أو الخصم , فقالتعالى : " الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُبَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُقَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ الله "((النساء 34)).
    قال ابنجرير الطبري : نزلت هذه الآية في سعد بن الربيع وامرأته حبيبة بنت زيد ، وذلك أنهانشزت عليه فلطمها ، فأنطلق أبوها معها إلى رسول الله فقال : أفرشته كريمتي فلطمها ! فقال النبي : " لتقتص من زوجها " فانصرفتمع أبيها لتقتص منه ، فقال النبي : " ارجعوا هذا جبريل أتاني ،وانزل الله : " الرجال قوامون على النساء " الآية فقال " أردناأمرا وأراد الله أمرا ، والذي أراد الله خير " ورفع القصاص(( تفسير الطبري :5/58).).
    3- على الزوجين أن يضعا كل مشكلة في حجمها الحقيقي , وأن لا يضخما التافه , ولا يكبرا الصغير , وأن لا يجعلا الخلافات تتراكم بل لا بد أن يصفيا خلافهما يوما بيوم , ولا تبيت المشكلة إلى الصباح , لأنها لن تصبح مشكلة واحدة بل أكثر من مشكلة.
    قال الشافعي رحمه الله :
    وعين الرضا عن كل عيب كليلة* * *ولكن عين السخط تبدي المساويا
    ولست بهياب لمـن لا يهابنـي * * * ولست أرى للمرء ما لا يرى ليا
    فإن تدن مني تدن منك مودتـي* * * وإن تنأ عني تلقني عنك نائيـاً
    كلانا غني عـن أخيـه حياتـه * * * ونحـن إذا متنـا أشـد تغانيـا
    كما أن على الزوج أن يتذكر قول الله تعالىSadوَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)((النساء: 19).).
    وقول النبي عليه الصلاة والسلام:"خيرُكم خيرُكُم لأهله، وأنا خيركم لأهله"(( رواه الترمذي (3895) وقال: حسن غريب صحيح، قال الألباني (الصحيحة 285): وإسناده صحيح على شرط الشيخين وابن حبان) .).

    avatar
    أم محمد


    انثى عدد المساهمات : 23
    تاريخ التسجيل : 01/11/2011
    العمر : 58

    محمد عبد الموجود رد: الخلافات الزوجية الأسباب –الحلول

    مُساهمة من طرف أم محمد الخميس يناير 10, 2013 6:21 am

    روي أن رجلاً جاء إلى عمر رضي الله عنه يشكو خلق زوجته فوقف على بابعمر ينتظر خروجه فسمع امرأة عمر تستطيل عليه بلسانها وتخاصمه وعمر ساكت لايرد عليها فانصرف الرجل راجعاً وقال : إن كان هذا حال عمر مع شدته وصلابتهوهو أمير المؤمنين فكيف حالي ؟ فخرج عمر فرآه مولياً عن بابه فناداه وقالما حاجتك يا رجل فقال: يا أمير المؤمنين جئت أشكو إليك سوء خلق امرأتيواستطالتها علي فسمعت زوجتك كذلك فرجعت وقلت: إذا كان حال أمير المؤمنينمع زوجته فكيف حالي فقال: عمر يا أخي إني احتملتها لحقوق لها علي إنهاطبَّاخة لطعامي خبَّازة لخبزي غسَّالة لثيابي مُرْضِعة لولدي وليس ذلك كله بواجبعليها ويسكن قلبي بها عن الحرام فأنا أحتملها لذلك. فقال الرجل: يا أميرالمؤمنين وكذلك زوجتي قال عمر: فاحتملها يا أخي فإنما هي مدة يسيرة(النسائي : عشرة النساء 1/28).).
    قال الشاعر:


    والعيش ليس يطيب من * * * إلفين من غير اتفاق
    4- الزوجة هي الصدر الحنون وموطن الحنان والرحمة , ومن طباع الرجل أنه لا يحب من زوجته أن ترفع صوتها عليه , فإذا ما غضب الزوج فما عليه إلا أن تسكت عنه حتى يذهب عنه غضبه ثم تناقشه بهدوء في أسباب الخلاف والسبيل إلى حله .
    قال :"ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟ الودود الولود العؤود، التي إذا ظلمت قالت: هذه يدي في يدك، لا أذوق غمضاً حتى ترضى" (رواه الدار قطني والطبراني وحسنه الألباني)
    عن عائشة رضي الله عنها قالت:قال لي رسول الله Sadإني لأعلم إذا كنت عني راضية، وإذا كنت علي غضبى)قالت: فقلت: من أين تعرف ذلك؟ فقالSadأما إذا كنت عني راضية، فإنك تقولين: لا ورب محمد، وإذا كنت غضبى، قلت: لا ورب إبراهيم) قالت: قلت: أجل والله يا رسول الله، ما أهجر إلا اسمك(( متفق عليه ))
    وقال الشافعي :

    خذي العفـو مني تسـتديمي مَوَدَتِي* * * ولا تنطقي في سورتي حين أغضب
    ولا تنقـريني نقرك الدف مــــرةً* * * فإنك لا تدرين كيـــــف المُغَيَبُ
    ولا تكثـري الشـكوى فتذهب بالهوى* * * ويأباك قلبـي والقلــــوبُ تُقَلَّبُ
    فإني وجدت الحـب في القلب والأذى* * * إذا اجتمــعا لم يلبث الحبيذهبُ

    والزوجة العاقلة لا تعدم الوسيلة لترويض زوجها , مهما كان جموحه وجنوحه , رووا أن امرأة في إحدى القرى لأحد العلماء وهي تظنه ساحرا وطلبت منه أن يعمل لها عملا سحريا بحيث يحبها زوجها حبا لا يرى معه أحد من نساء العالم. ولأنه عالم ومرب قال لها إنك تطلبين شيئا ليس بسهل لقد طلبت شيئا عظيما فهل أنت مستعدة لتحمل التكاليف؟ قالت : نعم قال لها : إن الأمر لا يتم إلا إذا أحضرت شعرة من رقبة الأسد .قالت: الأسد ؟ قال : نعم قالت : كيف أستطيع ذلك والأسد حيوان مفترس ولا أضمن أن يقتلني أليس هناك طريقة أسهل وأكثر أمنا ؟ قال لها : لا يمكن أن يتم لك ما تريدين من محبة الزوج إلا بهذا وإذا فكرت ستجدين الطريقة المناسبة لتحقيق الهدف .ذهبت المرأة وهي تضرب أخماس بأسداس تفكر في كيفية الحصول على الشعرة المطلوبة فاستشارت من تثق بحكمته فقيل لها أن الأسد لا يفترس إلا إذا جاع وعليها أن تشبعه حتى تأمن شره .أخذت بالنصيحة وذهبت إلى الغابة القريبة منهم وبدأت ترمي للأسد قطع اللحم وتبتعد واستمرت في إلقاء اللحم إلى أن ألفت الأسد وألفها مع الزمن. وفي كل مرة كانت تقترب منه قليلا إلى أن جاء اليوم الذي تمدد الأسد بجانبها وهو لا يشك في محبتها له فوضعت يدها على رأسه وأخذت تمسح بها على شعره ورقبته بكل حنان وبينما الأسد في هذا الاستمتاع والاسترخاء لم يكن من الصعب أن تأخذ المرأة الشعرة بكل هدوء وما إن أحست بتمكلها للشعرة حتى أسرعت للعالم الذي تظنه ساحرا لتعطيه إياها والفرحة تملأ نفسها بأنها الملاك الذي سيتربع على قلب زوجها وإلى الأبد. فلما رأى العالم الشعرة سألها: ماذا فعلت حتى استطعت أن تحصلي على هذه الشعرة؟ فشرحت له خطة ترويض الأسد، والتي تلخصت في معرفة المدخل لقلب الأسد أولا وهو البطن ثم الاستمرار والصبر على ذلك إلى أن يحين وقت قطف الثمرة حينها قال لها العالم : يا أمة الله . زوجك ليس أكثر شراسة من الأسد افعلي مع زوجك مثل ما فعلت مع الأسد تملكيه.
    تعرفي على المدخل لقلبه وأشبعي جوعته تأسريه وضعي الخطة لذلك واصبري .
    5- على الزوج – كذلك – أن يتفهم طبيعة المرأة من جيشان عاطفتها , وتسرعها في الحكم على الأشياء على خلاف الرجل .
    قال النبي : "ورأيت أكثر أهلها النساء قالوا لم يا رسول الله قال لكفرهن قيل أيكفرن بالله قال ويكفرن العشير ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خيرا قط " ((مالك في الموطأ ج 1/ 187 حديث رقم: 445))
    روى أن المعتمد بن عباد وكان ملكا من ملوك الطوائف اشترى جارية تسمى الرميكية وهي أمّ أولاده والملقّبة باعتماد، روي أنّها رأت ذات يوم بأشبيلية نساء البادية يبعن اللبن في القرب وهنّ رافعات عن سوقهنّ في الطين، فقالت له: أشتهي أن أفعل أنا وجواريّ مثل هؤلاء النساء، فأمر المعتمد بالعنبر والمسك والكافور وماء الورد، وصيّر الجميع طيناً في القصر، وجعل لها قرباً وحبالاً من إبريسم، وخرجت هي وجواريها تخوض في ذلك الطين، فيقال: إنّه لمّا خلع وكانت تتكلّم معه مرّة فجرى بينهما ما يجري بين الزوجين، فقالت له: والله ما رأيت منك خيراً، فقال لها: ولا يوم الطين؟ تذكيراً لها بهذا اليوم الذي أباد فيه من الأموال مالا يعلمه إلاّ الله تعالى، فاستحيت وسكتت ((أحمد بن المقري التلمساني : نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب 1/440).).
    6- إذا اشتد الخلاف ووصل إلى مرحلة النشوز , فقد علمنا القرآن الكريم كيف يتعامل الزوج مع الزوجة الناشز فقال عز من قائل : " وَاللاَّتِي تَخَافُونَنُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْأَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِياًّكَبِيراً * وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِّنْأَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُبَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً "((النساء 34 ، 35) .
    فهناك مراحل يجب أن يتبعها الزوج في علاج الزوجة التي تمردت على الحياة الزوجية دونما سبب واضح , وهذه المراحل هي :
    (1) النصح والإرشاد ، حيث يلفت الزوج نظر زوجته إلى خطئها ، ويبين لها الصواب ،بالقول اللين ، والوعظ الحسن .
    (2) الهجر في المضاجع أي يترك الجماع ، مع الصد والإعراض ، قال ابن عباس يوليها ظهرهولا يجامعها ، وقد هجر رسول الله نساءه شهرا حتى شاع في المدينة أنه طلقهن .
    (3) الضرب الخفيف [ غير المُبَرِّح ] ، فان لم ترتدع الزوجة بالموعظة ولا بالهجران فله أن يؤدبها بالضربغير المبرح ضربا رقيقا رحيما يؤدب ولا يحطم ، : " وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْأَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِياًّكَبِيرا"ً (النساء /34)
    وعلى الزوج أن يفهم أن الإسلام قد وضع قيودا وضوابط لهذا العلاج حتى ربطبين الضرب وبين الإتيان بقبائح الأفعال كالفاحشة كما في حديث عَمْروِ بنِ الأحْوَصِ الثابت أن النبي قال :«ألاَ واسْتَوْصُوا بالنّسَاءِ خَيراً، فإنّمَا هُنّ عَوانٌ عِنْدَكمْ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنّ شَيْئاً غَيْرَ ذلِكَ، إلاّ أَنّ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيّنَةٍ فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهجُرُوهُنّ في المضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنّ ضَرْباً غَيْرَ مُبَرّحٍ. فَإنْ أطَعْنكُمُ فَلاَ تَبْغُوا علَيْهِنّ سَبِيلاً. أَلاَ إنّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُم حَقّاً. ولِنسَائِكمْ عَلَيْكُمْ حَقاً. فَأَمّا حَقكّمْ عَلَى نِسَائِكُمْ فَلاَ يُوطِئنَ فُرُشكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ ولاَ يَأْذَنّ في بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ. ألاَ وحَقهُنّ عَلَيْكُمْ أنْ تُحسِنُوا إِلَيْهِنّ فِي كِسْوَتِهِنّ وطَعَامِهِن»(( رواه الترمذي وابن ماجه ))
    وقال ابن حجر : " إن كان لابد فليكن التأديب بالضرب اليسير بحيث لا يحصل منه النفورالتام ، فان اكتفى بالتهديد ونحوه كان أفضل ، ومهما كان الوصول إلى الغرض بالإيهاملا يعدل إلى الفعل لما في وقوع ذلك من النفرة المضادة لحسن المعاشرة المطلوبة فيالزوجة إلا إذا كان في أمر يتعلق بمعصية الله تعالى " (( فتح الباري :9/204))
    (4)إذا اشتد الخلاف وعجزت كل الطرق السابقة في العلاج فعلى الحاكمإن يختار حكمين عدلين واحدا من أقرباء الزوجة والثاني من أقرباء الزوج ليبحثا فيموضوع الخلاف ويحاولا الإصلاح بين الزوجين بالطرق الحكيمة " وَإِنْخِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْأَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَكَانَ عَلِيماً خَبِيراً "(النساء /35)
    (5) إذا اتسعت الفجوة بين الزوجين ويقع ما تستحيل معه العشرة وترتفع الألفة والمودة فيلجأإلى الطلاق ، وأخر الداء الكي كالذي جاء إلى رسول الله فقاليا رسول الله إن لي امرأة لا ترد يد لامس فقال طلقها(رواه النسائي 6/170)
    وفي كل الأحوال ما على الزوج إلا أن يتحلى بالتروي والحكمة فالحياة الزوجية ليست كلها خيالات وأحلام , وليست كلها ورد كما يفهما البعض , بل فيها الورد وفيها الشوك , والعاقل هو من يأخذها جملة بحلوها ومرها .
    روى أنس رضي الله عنه قال : " كان النبي عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام فضربت التي النبي في بيتها يد الخادم فسقطت الصحفة فانفلقت فجمع النبي فلق الصحفة ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول غارت أمكم ثم حبس الخادم حتى أتى بصحفة من عند التي هو في بيتها فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت"((رواه البخاري ).
    وحكي أن بعض الصالحين كان له أخ في الله وكان من الصالحين ، وكان يزوره في كل سنة مرة فجاء لزيارته فطرق الباب فقالت امرأته من ؟ فقال أخو زوجك في الله جئت لزيارته ، فقالت راح يحتطب لا رَدَهُ الله ولا سَلَمَه وفَعَل به وفعل وجعلت تذمذم عليه ، فبينما هو واقف على الباب وإذا بأخيه قد أقبل من نحو الجبل وقد حمل حزمة الحطب على ظهر أسد وهو يسوقه بين يديه فجاء فسلم على أخيه ورحب به ودخل المنزل وأدخل الحطب وقال للأسد اذهب بارك الله فيك ثم أدخل أخاه والمرأة على حالها تذمذم وتأخذ بلسانها وزوجها لا يرد عليها فأكل مع أخيه شيئا ثم ودعه وانصرف وهو متعجب من صبر أخيه على تلك المرأة قال فلما كان العام الثاني جاء أخوه لزيارته على عادته فطرق الباب فقالت امرأته : من بالباب ؟ قال أخو زوجك فلان في الله ، فقالت مرحبا بك وأهلا وسهلا اجلس فإنه سيأتي إن شاء الله بخير وعافية ، قال فتعجب من لطف كلامها وأدبها ، إذ جاء أخوه وهو يحمل الحطب على ظهره فتعجب أيضا لذلك فجاء فسلم عليه ودخل الدار وأدخله وأحضرت المرأة طعاما لهما وجعلت تدعو لهما بكلام لطيف ، فلما أراد أن يفارقه قال يا أخي أخبرني عما أريد أن أسألك عنه ؟ قال وما هو يا أخي ؟ قال عام أول أتيتك فسمعت كلام امرأة بذيئة اللسان قليلة الأدب تذم كثيرا ورأيتك قد أتيت من نحو الجبل والحطب على ظهر الأسد وهو مسخر بين يديك ؟ ورأيت العام كلام المرأة لطيفا لا تذمذم ورأيتك قد أتيت بالحطب على ظهرك فما السبب قال يا أخي توفيت تلك المرأة الشرسة وكنت صابرا على خلقها وما يبدو منها كنت معها في تعب وأنا أحتملها فكأن الله قد سخر لي الأسد الذي رأيت يحمل عني الحطب بصبري عليها واحتمالي لها فلما توفيت تزوجت هذه المرأة الصالحة وأنا في راحة معها فانقطع عني الأسد فاحتجت أن أحمل الحطب على ظهري لأجل راحتي مع هذه المرأة المباركة الطائعة (الذهبي : الكبائر 172)
    فما عليكما أيها الزوجان الحبيبان إلا أن تتحملا فضغوط الحياة فكثيرة , والحياة كلها عمرها قصير , وحال سوف يحول , وظل سوف يزول , فهي أهون من أن نضيعها في قيل وقال , وفي خصام وهجران .
    : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) (سورة النساء: 19)
    ورحم الله القائل :

    عسى ما ترى ألا يدوم وإن ترى ‍*** له فرجا مما ألح به الدهر
    عسى فرج يأتي به الله إنه ‍‍*** له كل يوم في خليقته أمر
    إذا لاح عسر فارتج اليسر إنه ‍***‍ قضى الله أن العسر يتبعه اليسر
    avatar
    أم محمد


    انثى عدد المساهمات : 23
    تاريخ التسجيل : 01/11/2011
    العمر : 58

    محمد عبد الموجود رد: الخلافات الزوجية الأسباب –الحلول

    مُساهمة من طرف أم محمد الخميس يناير 10, 2013 6:21 am

    المبحث الرابع:الكب والخيانة
    رغب الإسلام في الصدق و حذر من الكذب حيث قال الله تعالى" :يا أيٌها الٌذين آمنوا اتقوا الله و كونوا مع الصٌادقين"(سورة التوبة , الآية : 119.).
    وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي قال :" إنالصدق يهدي إلى البر وان البر يهدي إلى الجنة, وان الرجل ليصدق حتى يكون صديقا, وإن الكذب يهدي إلى الفجور, وإن الفجور يهدي إلى النار, وان الرجل ليكذب حتى يكتبعند الله كذابا"(( متفق عليه ).).
    وإذا كان الصدق مطلوباً على كل حال فانه آكد وأولى في الحياة الزوجية .
    فالحياة الزوجية التي تقوم على الكذب والخداع لاشك أنها ستنهار سريعا وسيصبح الوالدان قدوة سيئة للأبناء . روى عبد الله بن عامر رضي الله عنه انهقال : " رسول الله صلىالله عليه وسلم في بيتنا و أنا صبي , قال : فذهبت أخرج لألعب . فقالت أمي : يا عبدالله تعال أعطيك. فقال رسول الله :"وما أردت أن تعطيه؟"قالت : أعطيه تمرا. قال: فقال رسول الله :" إما إنك لو لم تعطه شيئاكتبت عليك كذبة"(مسند الإمام أحمد ج3 /447))
    فالصدق والوضوح والصراحة لا بد أن يكونوا من أركان الحياة الزوجية فرب كذبة من أحد الزوجين تجعله يفقد الثقة في الآخر طوال العمر .
    قال الشاعر :
    عود لسانك قول الصدق تحظ به * * * إن اللسان لما عودت معتادُ
    والصدق لا يكون في الأقوال وفقط ؛ إنما يكون في الأقوال والأفعال والمشاعر .
    فعن ‏ ‏أسماء بنت أبي بكر ‏- رضي الله عنها - ‏قالت :" ‏جاءت إلى النبي ‏ ‏ ‏ ‏امرأة فقالت يا رسول الله إني على ضرة فهل علي جناح أن أتشبع من زوجي بما لم يعطني فقال رسول الله ‏ ‏ ‏ ‏المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي ‏ ‏زور"(( متفق عليه ).).
    فقد حذر النبي صلى اله عليه وسلم هذه المرأة التي أرادت أن تكذب على ضُرتها وتدعي أن زوجها أعطاها وخصها بأشياء وهو لم يعطها . فشبه النبي صلى اله عليه وسلم ذلك بمن يلبس ثوبين من الزور والكذب والبهتان .
    وأما ما ورد من الرخصة في الكذب بين الزوجين كما روى من حديث أم كلثوم بنت عقبة قالت :" رخص النبي من الكذب في ثلاث : في الحرب و في الإصلاح بين الناس و قول الرجل لامرأته ( و في رواية ) : و حديث الرجل امرأته و حديث المرأة زوجها "(أخرجه الإمام أحمد ( 6 / 404 ) "السلسلة الصحيحة" 2 / 74 .).
    فإن ذلك مقيد وليس على إطلاقه فالمقصود بالكذب بين الزوجين هو ترضية أحدهما للآخر، ومجاملته بالكلمات والعبارات ليشعر كلمنهما الآخر أنه أفضل زوج وأنها أجمل زوجة.
    فالرخصة هنا لا تتعدى مواضعها ولا تؤتى في غير ما شرعت من أجله .
    روي أن ابن أبي عذرة الدؤلي وكان في خلافة عمر رضي الله عنه كانيخلع النساء اللاتي يتزوج بهن فطارت له في الناس من ذلك أحدوثة يكرهها فلما علمبذلك أخذ بيد عبد الله بن الأرقم حتى أتى به إلى منزله ثم قال لامرأته‏:‏ أنشدكبالله هل تبغضيني قالت‏:‏ لا تنشدني قال‏:‏ فإني أنشدك الله قالت‏:‏ نعم فقال لابنالأرقم‏:‏ أتسمع ثم انطلقا حتى أتيا عمر رضي الله عنه فقال‏:‏ إنكم لتحدثون إنيأظلم النساء وأخلعهن فأسأل ابن الأرقم فسأله فأخبره فأرسل إلى امرأة بن أبي عذرةفجاءت هي وعمتها فقال‏:‏ أنت التي تحدثين لزوجك أنك تبغضينه فقالت‏:‏ إني أول منتاب وراجع أمر الله تعالى إنه ناشدني فتحرجت أن أكذب أفأكذب يا أمير المؤمنينقال‏:‏ نعم فاكذبي فإن كانت إحداكن لا تحب أحدنا فلا تحدثه بذلك فإن أقل البيوتالذي بيني على الحب ولكن الناس يتعاشرون بالإسلام والأحساب‏ (الغزالي : الإحياء 3/138، الفسوي : المعرفة والتاريخ 1/392).
    وأما الأمانة في الحياة الزوجية فهي صفة لازمة لنجاحها . : "إنٌ الله يأمركم أن تؤدوا الأماناتإلى أهلها"(سورة النساء , الآية : 58.).
    وقال : " يا أيٌها الٌذين آمنوا لاتخونوا الله و الرٌسول و تخونوا أماناتكم و أنتم تعلمون"(سورة الأنفال : 27)
    وعن عبد الله بن عمرو –رضي الله عنه- أن النبي, , قال " أ ربع من كنفيه كان منافقا خالصا, وما كان فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها, إذا اؤتمن خان, و إذا عاهد غدر, و إذا خاصم فجر"((متفق عليه).).
    وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ :مَا خَطَبَنَا نَبِيُّ اللهِ إِلاَّ قَالَ:"لاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ أَمَانَةَ لَهُ ، وَلاَ دِينَ لِمَنْ لاَ عَهْدَ لَهُ."(أخرجه أحمد 3/135(12410).
    فالخيانة في الحياة الزوجية من أهم أسباب تدميرها , فلن يقبل زوج شريف على نفسه أن تخونه زوجته وإلا كان ديوثاً , وكذا لن تقبل امرأة شريفة عاقله على زوجها أن يخونها .
    ذكر الإمام ابن القيم (روضة المحبين ونزهة المشتاقين ص 477) : أن الإمام الحافظ ابن الجوزى قال بلغني عن بعض الأشراف انه اجتاز بمقبرة وإذا بجاريه حسناء كأنها البدر أو أسنى وعليها ثياب سود فنظر إليها فعلقت بقلبه فكتب لها :
    قد كنت أحسب إن الشمس واحدة ‍* * * والبدر في نظري بالحسن موصوف
    حتى رايتك في أثواب ثاكلة ‍* * * سود وصدغك فوق الخد معطوف
    فرحت والقلب منى هائم دنف ‍* * * والكبد حرى ودمع العين مذروف
    ردى الجواب ففيه الشكر واغتنمي * * * وصل المحب الذي بالحب مشغوف
    ورمى بالرقعة إليها فلما رأتها كتبت
    إن كنت ذا حسب ذاك وذا نسب * * * ‍ إن الشريف بغض الطرف معروف
    إن الزناة أناس لا خلاق لهم * * * ‍ فاعلم بأنك يوم الدين موقوف
    واقطع رجاك لحاك الله من رجل* * * فأن قلبي عن الفحشاء مصروف
    فلما قراء الرقعة زجر نفسه وقال أليس امرأة تكون أشجع منك ثم تاب ولبس مدرعة من الصوف والتجاء إلى الحرم ينما هو في الطواف وإذا بتلك المرأة عليها جبة من صوف فقالت له ما أليق هذا بالشريف هل لك في المباح فقال : قد كنت أروم هذا قبل أن اعرف الله وأحبه والآن فقد شغلني حبه عن حب غيره فقالت : أحسنت .
    ولله در الشافعي الذي قال :
    عفوا تعف نساؤكم في المحرم * * * وتجنبوا ما لايليق بمســــــلم
    إن الزنا دين فإن أقرضته * * * كان الوفا من أهل بيتكفاعلــــــــم
    يا هاتكا حرم الرجال وقاطعا * * * سبل المودة عشت غيرمكــــرم
    لو كنت حرا من سلالة ماجد * * * ما كنت هتاكا لحرمة مســـــــلم
    منيزن يزن به ولو بجداره * * * إن كنت يا هذا لبيبا فافهـــــــــم
    من يزن في قومبألفي درهم * * * يزن في أهل بيته ولو بالدرهـم
    فالكذب والخيانة من الأسباب التي تؤدي إلى الخلاف بين الزوجين , بل إلى الوصول بالحياة الزوجية إلى طريق مسدود .
    avatar
    أم محمد


    انثى عدد المساهمات : 23
    تاريخ التسجيل : 01/11/2011
    العمر : 58

    محمد عبد الموجود رد: الخلافات الزوجية الأسباب –الحلول

    مُساهمة من طرف أم محمد الخميس يناير 10, 2013 6:23 am

    المبحث الخامس:التدخلات الخارجية

    التدخلات الخارجية من بعض الأهل والأقارب والجيران والأصدقاء في الحياة الزوجية قد يفسدها ويسير بها إلى طريق آخر غير الذي وجدت من أجله .
    فالحياة الزوجية حياة لها طبيعتها الخاصة, ولها أسرارها التي لا ينبغي لأحد أن يعرفها , ويكفيها وصف الله تعالى لها بقوله : ( هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ..)((187) سورة البقرة.).
    فهناك بعض من لا دين لهم ولا خلق من الأقارب أو من الجيران أو من الأصدقاء أو ربما من زملاء العمل , يحاولون الوقيعة بين الرجل وزوجته بغرض إفساد العلاقة بينهما , وتشتيت أسرة وضياعها .
    ولقد حذرنا النبي من ذلك فقال , فيما رواه عنه أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله : " ليس منا من خبب امرأة على زوجها أو عبدا على سيده "(( صحيح ) انظر حديث رقم : 5437 في صحيح الجامع .).
    وتلك أحبولة من حبائل الشيطان لإفساد العلاقات الأسرية المتماسكة .
    فعن أَبِي سُفْيَانَ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللهِ :إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ : فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا ، فَيَقُولُ : مَا صَنَعْتَ شَيْئًا ، قَالَ : ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ : مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ ، قَالَ : فَيُدْنِيهِ مِنْهُ ، وَيَقُولُ : نِعْمَ أَنْتَ.قَالَ الأَعْمَشُ : أُرَاهُ قَالَ : فَيَلْتَزِمُهُ. وفي رواية : إِنَّ عَرْشَ إِبْلِيسَ عَلَى الْبَحْرِ ، فَيَبْعَثُ سَرَايَاهُ ، فَيَفْتِنُونَ النَّاسَ ، فَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَهُ ، أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً.(أخرجه مسلم (8/138)، وأحمد (3/314).).
    وإذا كان الإسلام قد نهي المسلم أن يخطب على خطبة أخيه , فما بالنا بمن يفسد زوجة على زوجها ؟ .
    عن عطاء بن السائب عن ميسرةقال كان رجل من بني إسرائيل من عباد بني إسرائيل يعمل بالمسحاة وكانت لهامرأة من أجمل نساء بني إسرائيل فبلغ جبارا من جبابرة بني إسرائيل جمالهافأرسل إليها عجوزا فقال خببيها عليه وقولي لها ترضين أن تكوني عند مثل هذاالذي يعمل بالمسحاة ولو كنت عندي لحليتك بالذهب وكسوتك بالحرير وأخدمتكالخدم يعني فقالت لهاوكانت تقرب إليه فطره وتفرش له فراشا فلم تفعلوتغيرت عليه فقال يا هنتاه ما هذا الخلق الذي لا اعرفه قالت هو ما ترى قالفطلقها فتزوجها جبار بني إسرائيل فلما دخلت عليه وأرخيت الستور عمي وعميتفأهوى بيده ليلمسها فجفت يده وأهوت بيدهاتلمسه فجفت يدها وصما وخرسا ونزعت منهما الشهوةفلما أصبحا رفعت الستور فإذا هم صم عمي خرس فرفع خبرهما إلى نبي بنيإسرائيل فرفع خبرهما إلى الله تعالى فقال إني لست أغفر لهما أبدا ظنا أنليس بعيني ما عملا بصاحب المسحاة (ابن الجوزي : ذم الهوى 287.).
    قال عثمان بن عطاء: كان أبو مسلم الخولاني إذا دخل منزله سلم، وإذا بلغ وسط الدار كبر وكبرت امرأته، فإذا بلغ البيت كبر وكبرت امرأته. فيدخل فينزع رداءه وحذاءه وتأتيه امرأته بطعام فيأكل.فجاء ذات ليلة فكبر فلم تجبه، ثم أتى البيت فكبر وسلم فلم تجبه، وإذا البيت فيه سراج، وإذا هي جالسة بيدها عود تنكت به في الأرض. فقال لها: مالك؟فقالت: الناس كلهم بخير، وأنت أبو مسلم!!- تعني فقير- فلو أنك أتيت معاوية، فيأمر لنا بخادم، ويعطيك شيئاً نعيش به.. فقال أبو مسلم!: اللهم من أفسد علي أهلي فأعم بصره.قال: وكانت أتتها امرأة فقالت: أنت امرأة أبي مسلم، فلو كلمت زوجك يكلم معاوية ليخدمكم ويعطيكم!!قال: فبينا هذه المرأة في بيتها والسراج يزهر، إذ أنكرت بصرها. فقالت: سراجكم طفئ؟قالوا : لا قالت: إنا لله، ذهب بصري، فأقبلت كما هي إلى أبي مسلم، فرق لحالها، ودعا الله طويلاً فرد إليها بصرها، ورجعت امرأته إلى حالها (أبو نعيم الأصبهاني : حلية الأولياء وطبقات الأصفياء 2/ 130 , ابن الجوزي : صفة الصفوة 4/212).).
    والملاحظ أن كثيراً من الخلاف والشقاق الذي قد يحدث بين بعض الأزواج اليوم قد يكون سببه التدخلات الخارجية , وقد يكون ذلك ربما من اقرب الناس إلى الزوجين .
    فقد يتدخل أحد الوالدين في تلك العلاقة فيفسدها ربما بقصد أو بغير قصد .
    وما على الزوجين ألا أن يجعلا لحياتهما الزوجية خصوصية وسياج لا يقترب منه أحد , وإذا ما حدث خلاف حاولا حله داخل البيت ، دون تدخل قريب أو بعيد في هذا الخلاف .
    وقع بين الأعمش وزوجته وحشة ، فسأل بعض أصحابه من الفقهاء أن يرضيها ويصلح ما بينهما .فدخل إليها وقال : إن أبا محمد شيخ كبير فلا يزهدنك فيه عمش عينيه، ودقة ساقيه ، وضعف ركبتيه ، وجمود كفيه .فقال له الأعمش: قبحك الله ، فقد أريتها من عيوبي ما لم تكن تعرفه. (الراغب الأصفهاني :محاضرات الأدباء 1/494).).
    إن اعتماد الزوجين على أنفسهما في حل مشاكلهما هيأفضل طريقة لسعادتهما ودليل النضج النفسي والتفاهم بينهما، ويجب ألا يلجأ الزوجانأبداً إلى عرض مشاكلهما على الأهل إلا إذا استعصى الأمر بينهما،وأصبح تدخل الأهللا بديل عنه ‏،وعلى الزوجين أن يتذكرا أن بينهما جزءاً كبيراً من الحب والمودة لنيشعر به الأهل عند الحكم بينهما، لأن الأزواج في حالة الخلاف يعرضون دائماً الجانبالسيئ من العلاقة، وبالتالي سيكون حكم الأهل على هذا الجانب دون مراعاة الجانبالآخر، وعندها سيكون حكماً غير سليم. ‏
    وليس تدخل الأهل أو الأصدقاء شر كله , بل أحيانا يحتاج الزوجان إلى هذا التدخل وبخاصة إذا كان من أهل الصلاح وأهل الحكمة والتعقل .
    فقد تدخل النبي في خلاف نشب بين على وابنته فاطمة رضي الله عنهما. فقد روى عن سهل بن سعد قال جاء رسول الله بيت فاطمة فلم يجد عليا في البيت فقال أين ابن عمك قالت كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج فلم يقل عندي فقال رسول الله لإنسان انظر أين هو فجاء فقال يا رسول الله هو في المسجد راقد فجاء رسول الله وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه وأصابه تراب فجعل رسول الله يمسحه عنه ويقول " قم أبا تراب قم أبا تراب "
    وروى أن أبا بَكْرٍ رضي الله عنه جاء يَسْتَأْذِنُ عَلَى النَّبِيِّ ، فَسَمِعَ عَائِشَةَ وَهِيَ رَافِعَةٌ صَوْتَهَا عَلَى رَسُولِ اللهِ ، فَأَذِنَ لَهُ ، فَدَخَلَ ، فَقَالَ : يَا ابْنَةَ أُمِّ رُومَانَ ، وَتَنَاوَلَهَا ، أَتَرْفَعِينَ صَوتَكِ عَلَى رَسُولِ اللهِ ؟ قَالَ : فَحَالَ النَّبِيُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ، قَالَ : فَلَمَّا خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ جَعَلَ النَّبِيُّ يَقُولُ لَهَا يَتَرَضَّاهَا : أَلاَ تَرَيْنَ أَنِّي قَدْ حُلْتُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَكِ ؟ قَالَ: ثُمَّ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ ، فَوَجَدَهُ يُضَاحِكُهَا ، قَالَ : فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَشْرِكَانِي فِي سِلْمِكُمَا كَمَا أَشْرَكْتُمَانِي فِي حَرْبِكُمَا. (أخرجه أحمد 4/271(18584) و"أبو داود" 4999 .).
    وتدخل سلمان الفارسي في خلاف بين أبي الدرداء وزوجه أم الدرداء , فقد روى أن رسول الله آخى بين سلمان وبين أبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة فقال ما شأنك متبذلة قالت إن أخاك أبا الدرداء ليس له حاجة في الدنيا قال فلما جاء أبو الدرداء قرب إليه طعاما فقال كل فإني صائم قال ما أنا بآكل حتى تأكل قال فأكل فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء ليقوم فقال له سلمان نم فنام ثم ذهب يقوم فقال له نم فنام فلما كان عند الصبح قال له سلمان قم الآن فقاما فصليا فقال إن لنفسك عليك حقا ولربك عليك حقا ولضيفك عليك حقا وإن لأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه فأتيا النبي فذكرا ذلك فقال له صدق سلمان. ((البخاري والترمذي).).
    وقد نحتاج إلى تدخل الأهل والأقارب في مراحل متقدمة من الشقاق , : (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا )((سورة النساء.35)).
    وهنا لا بد أن يراعي في تدخل الأهل وأهل الصلاح هذه الأمور :
    1 ـ أن يكون التدخل لتخفيف حدة الحوار والمناقشة وتقريب وجهات النظر ومراعاة رأي كل من الطرفين، وأن يحاول الأهل إبراز أوجه الاتفاق والاشتراك بين الزوجين، وليس أوجه الخلاف، وهذا يجعل الأمور أفضل ويكون بذلك تدخلاً ايجابياً من ناحية الأهل. ‏
    2 ـ يجب على الأهل ألا يتدخلوا كطرف منحاز لأحد بل يكونوا مستمعين لوجهة نظر الزوجين ويبتعدوا عن إسداء النصائح والمواعظ، لأنها لن تفيد، ولكن يمكن عرض خبرات الأهل وتجاربهم حتى يستفيد منها الزوجان الشابان. ‏
    3 ـ يجب أن يكون رأي الأهل واضحاً وصريحاً في حضور الزوجين، ولا يصح بعد انتهاء المناقشة الانفراد بأي طرف، وإبداء رأي مخالف بالطرف الآخر فهذا يولد مرة أخرى الخلاف بين الزوجين. ‏
    4 ـ لابد أن تدور مناقشة المشكلة في وجود احد من الأهل الذي يحترمه الزوجان، حتى يلزم الزوجين بأصول المناقشة والحوار، وبالتالي يعطي لهم فرصة أن يستمع كل طرف إلى الآخر بدلاً من أن تتحول المناقشة إلى أصوات عالية ومشادات، فتضيع الحقيقة. ‏
    وعلى الزوج أن يتذكر حديث النبي : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ :"لاَ يَفْرَكُ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً ، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ"(أخرجه أحمد 2/329(8345) و"مسلم" 3639)
    5 ـ أن تدخل الأهل يكون مفيداً أحياناً لردع أي تجاوز من احد الزوجين كما أن الخوف من انتقاد الآخرين وفقد المكانة بين الأهل، يكون سبباً في تراجع الزوجين عن الكثير من الأخطاء.
    وقديما قال الشاعر :

    إذا كنتَ في حاجة ٍ مرسلاً * * * فأرْسِلْ حَكِيماً، ولا تُوصِهِ
    وإنْ ناصحٌ منكَ يوماً دنَا * * * فلا تنأَ عنه ولا تُقْصهِ
    وإنْ بابُ أمرٍ عليكَ التَوَى * * * فشاوِرْ لبيباً ولا تعصهِ
    وذو الحقّ لا تَنْتَقِصْ حَقَّهُ* * * فإنَّ الوثيقة َ في نصِّهِ
    فعلى الزوجين أن لا يدخلا بينهما إلا صاحب الدين والعقل إن احتاجا إلى ذلك كما يُحتاج الطعام إلى الملح . والضرورة تقدر بقدرها . ولا يدخلا كل من هب ودب بينهما .
    يحكى أن رجلاً باع عبدا، وقال للمشتري: ما فيه عيب إلا النميمة، قال: قد رضيت، فاشتراه، فمكثالغلام أياماً، ثم قال لزوجة مولاه: إن سيدي لا يحبك، وهو يريد أن يتسرى عليك، فخذيالموسى، واحلقي من شعر قفاه عند نومه شعرات حتى أسحره عليها، فيحبك، ثم قال للزوج: إن امرأتك اتخذت خليلاً، وتريد أن تقتلك، فتناوم لها حتى تعرف ذلك، فتناوم لها،فجاءت المرأة بالموسى، فظن أنها تريد قتله، فقام إليها فقتلها، فجاء أهل المرأةفقتلوا الزوج، ووقع القتال بين القبيلتين(الغزالي : إحياء علوم الدين 3/158))
    وصدق القائل من نمّ لك نمّ عليك .
    avatar
    أم محمد


    انثى عدد المساهمات : 23
    تاريخ التسجيل : 01/11/2011
    العمر : 58

    محمد عبد الموجود رد: الخلافات الزوجية الأسباب –الحلول

    مُساهمة من طرف أم محمد الخميس يناير 10, 2013 6:24 am

    المبحث السادس:نشرأسرارالحياةالزوجية
    لا شك أن أسرار البيت أمانة يجب على الزوجين المحافظة عليها وتفريط أحد الزوجين في تلك الأسرار سيجعله محل ريبة وشك وفقدان ثقة من الآخر .
    وفوق هذا وقبله فإن حفظ أسرار الحياة الزوجية مطلب شرعي يتعبد به الزوجان لله رب العالمين.
    وقد حذر النبي من ذلك فقال : عَنْ شَهْرٍ , قال : حَدَّثَتْنِي أسْمَاءُ فِيْ يَزِيدَ ؛أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ الله ، وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ قُعُودٌ عِنْدَهُ . فَقال : لَعَلَّ رَجُلاً يَقُولُ مَا يَفْعَلُ بِأَهْلِهِ ، وَلَعَلَّ امْرَأَةً تُخْبِرُ بِمَا فَعَلَتْ مَعَ زَوْجِهَا ، فَأَرَمَّ الْقَوْمُ . فَقُلْتُ: إِي وَالله ، يَا رَسُولَ الله ، إِنَّهُنَّ لَيَقُلْنَ ، وَإِنَّهُمْ لَيَفْعَلُونَ , قال : فَلاَ تَفْعَلُوا ، فَإِنَّمَا مِثْلُ ذَالِكَ مِثْلُ الشَّيْطَانِ لَقِيَ شَيْطَانَةً في طَرِيقٍ فَغَشِيَهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ. ((أخرجه أحمد 6/456).).

    وعنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ , قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ , يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : "إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الأَمَانَةِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِى إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِى إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا"((رواه مسلم (1437). وأحمد 3/69(11678).).
    وقد عاتب الله تعالى بعض نساء النبي على إفشاءها سراً للنبي عليه الصلاة والسلام . وكان ذلك سبباً لنزول سورة كاملة من سور القرآن الكريم وهي سورة التحريم التي قال الله تعالى في مبتدأها :" يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ *"(( التحريم 1-3).).
    أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه عن ابن عباس قال نزلت سورة التحريم بالمدينة، ولفظ ابن مردويه سورة المحرم. وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير قال: أنزلت بالمدينة سورة النساء "يا أيها النبي لم تحرم". قوله: 1- "يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك" اختلف في سبب نزول الآية على أقوال: الأول قول أكثر المفسرين. قال الواحدي: قال المفسرون: كان النبي في بيت حفصة فزارت أباها، فلما رجعت أبصرت مارية في بيتها مع النبي ، فلم تدخل حتى خرجت مارية ثم دخلت، فلما رأى النبي في وجه حفصة الغيرة والكآبة قال لها: لا تخبري عائشة ولك علي أن لا أقربها أبداً، فأخبرت حفصة عائشة وكانت متصافيتين، فغضبت عائشة ومل تزل بالنبي حتى حلف أن لا يقرب مارية، فأنزل الله هذه السورة. قال القرطبي: أكثر المفسرين على أن الآية نزلت في حفصة، وذكر القصة.
    وقيل السبب أنه كان يشرب عسلاً عند زينب بنت جحش، فتواطأت عائشة وحفصة أن تقولا له إذا دخل عليهما إنا نجد منك ريح مغافير فحرم النبي العسل على نفسه فأنزل الله هذه الآيات. ((تفسير ابن كثير 8/161, تفسير القرطبي 10/312 , فتح القدير للشوكاني 5/348 صحيح البخاري (5431).).
    قال الله تعالى في وصف المؤمنات الصالحات :" فَالصَّالِحَاتُقَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ الله"(النساء 34) .
    قالت أمامة بنت الحارثابنتها في وصيتها المشهورة قبل زواجها:".. فإن أفشيت سره فلن تأمنيغدره.".
    يقول الشاعر:
    إذَا الْمَرْءُ أَفْشَى سِرَّهُ بِلِسَانِهِ ** * وَلاَمَ عَلَيْهِ غَيْرَهُ فَهُوَ أَحْمَقُ
    إذَا ضَاقَ صَدْرُ الْمَرْءِ عَنْ سِرِّ نَفْسِهِ * * * فَصَدْرُ الَّذِي يُسْتَوْدَعُ السِّرَّ أَضْيَقُ

    وأسرار البيت ليست على درجة واحدة منالأهمية، فهناك أسرار العلاقة الخاصة بين الزوجين وهذه يجب أن تحتفظ بها الزوجة فيبئر عميق داخل نفسها – وكذلك الزوج – وقد مر علينا تحذير النبي صلىاللهعليه وسلم من إفشاء هذه الأسرار.

    وهناك الأسرار المتعلقةبالخلافات بين الزوجين، وهذه تقدر بقدرها، والزوجة العاقلة هي التي تحفظ هذهالأسرار ولا تنقل منها إلا ما يعالج المشكلة، ولكن ليس إلى صديقاتها أو قريباتها،بل إلى منتتوسم فيهم الحكمة ليحققوا النصيحة الإلهية: (فَابْعَثُوا حَكَماًمِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُبَيْنَهُمَا)(النساء:35).).

    ويجب ألا تبادر الزوجة إلى ذلك بمجردحدوث المشكلة وألا تفعل ذلك مع كل صغيرة وكبيرة، فما أكثر المشكلات التي لا تحتاجإلى تدخل من أحد بل مجرد حنكة وصبر في الزوجة.

    وهناك الأسرار المتعلقة بخصوصيات البيت وهذه أيضًا لا يجوزنشرها حتى لا تصبح الأسرة كتابًا مكشوفًا أمام الآخرين.. : (ضَرَبَاللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَاتَحْتَعَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِفَخَانَتَاهُمَا)(التحريم:10 .).
    قال بعض المفسرين عن هذه الخيانة:إن امرأة نوح كانتتكشف سره فإذا آمن مع نوح أحد أخبرت الجبابرة من قوم نوح به، أما امرأة لوط فكانتإذااستضاف لوط أحدًا أخبرت أهل المدينة ممن يعملون السوء حتى يأتواويفعلوا بهم الفاحشة( تفسير الطبري 23/497 ).
    وقد يقول أحدهم إن المرأة – خاصة – تحتاج إلى شيء من (الفضفضة ) التي تروح بها عن نفسها ,فان علماء النفس يؤكدون أن ترويحالزوجة عن نفسها بالفضفضة إلى صديقاتها ونشر أسرار بيتها غالبًا ما يصنع من القلقأكثر مما يجلب من الراحة، صحيح أن الراحة قد تكون آنية وعاجلة لكن القلقحتمًا سيكون هو النتيجة , ولا بد أن يكشف السر يوما وتكون العاقبة غير محمودة .
    يقول الشاعر:
    واحفظ لسانك واحترز من لفظه *** فالمرء يسلم باللسان ويعطب
    والسر فاكتمه ولا تنـطق بـه ***فهو الأسير لديك إذ لا ينشب
    واحرص على حفظ القلوب منالأذى ***فرجوعها بعد التنافر يصعب
    إن القـلوب إذا تنـافرودهـا ***مثل الزجاجة كسرها لا يشعب
    وكـذاك سر المرء إن لم يطوه ***نشرته ألسنة تزيد وتكذب
    وقد ربي النبي أهل بيته على ذلك عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مَشْيُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"مَرْحَبَاً بِابْنَتي ثمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ ثمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثَاً فَبَكَتْ فَقُلْتُ لهَا لِمَ تَبْكِينَ ثمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثَاً فَضَحِكَتْ فَقُلْتُ مَا رَأَيْتُ كَاليَوْمِ فَرَحَاً أَقْرَبَ مِنْ حُزْنٍ فَسَأَلْتُهَا عَمَّا قَالَ فَقَالَتْ مَا كُنْتُ لأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتى قُبِضَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهَا فَقَالَتْ أَسَرَّ إِليَّ إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُني القُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً وَإِنَّهُ عَارَضَني العَامَ مَرَّتَيْنِ وَلا أُرَاهُ إِلا حَضَرَ أَجَلي وَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتي لَحَاقَاً بي فَبَكَيْتُ فَقَالَ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُوني سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ أَوْ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ فَضَحِكْتُ لِذَلِكَ "(( أخرجه "البُخَارِي" 4/247 وأحمد 6/282 ).).
    وعنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , قَالَ:قَدِمَ رَسُولُ اللهِ الْمَدِينَةَ ، وَأَنَا ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ ، فَأَخَذَتْ أُمِّي بِيَدِي ، فَانْطَلَقَتْ بِي إِلَى رَسُولِ اللهِ ، فَقَالَتْ :"يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ رَجُلٌ وَلاَ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِلاَّ قَدْ أَتْحَفَكَ بِتُحْفَةٍ ، وَإِنِّي لاَ أَقْدِرُ عَلَى مَا أُتْحِفُكَ بِهِ ، إِلاَّ ابْنِي هَذَا ، فَخُذهُ فَلْيَخْدُمْكَ مَا بَدَا لَكَ، فَخَدَمْتُ رَسُولَ اللهِ عَشْرَ سِنِينَ ، فَمَا ضَرَبَنِي ضَرْبَةً ، وَلاَ سَبَّنِي سَبَّةً ، وَلاَ انْتَهَرَنِي ، وَلاَ عَبَسَ فِي وَجْهِي ، وَكَانَ أَوَّلَ مَا أَوْصَانِي بِهِ أَنْ قَالَ : يَا بُنَيَّ ، اكْتُمْ سِرِّي تَكُ مُؤْمِنًا . فَكَانَتْ أُمِّي وَأَزْوَاجُ النَّبِيِّ يَسْأَلْنَنِي عَنْ سِرِّ رَسُولِ اللهِ ، فَلاَ أُخْبِرُهُمْ بِهِ ، وَمَا أَنَا بِمُخْبِرٍ سِرَّ رَسُولِ اللهِ أَحَدًا أَبَدًا "(خرجه التِّرْمِذِي (589 و2678 و2698) وانظر: المسند الجامع 2/396).).
    وعند البُخَارِي عن أنس : أَتَانَا رَسُولُ اللهِ ، وَنَحْنُ صِبْيَانٌ ، فَسَلَّمَ عَلَيْنَا ، وَأَرْسَلَنِي فِي حَاجَةٍ ، وَجَلَسَ فِي الطَّرِيقِ يَنْتَظِرُنِي ، حَتَّى رَجَعْتُ إِلَيْهِ ، قَالَ : فَأَبْطَأْتُ عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ ، فَقَالَتْ : مَا حَبَسَكَ ؟ فَقُلْتُ : بَعَثَنِي النَّبِيُّ فِي حَاجَةٍ ، قَالَتْ : مَا هِيَ ؟ قُلْتُ : إِنَّهَا سِرٌّ ، قَالَتْ : فَاحْفَظْ سِرَّ رَسُولِ اللهِ . (البُخَارِي"في (الأدب المفرد) 1139).).
    فعلى الزوجين أن يحفظا ويحافظا على أسرار بيتهما حتى لا يكون ذلك سبباً في الخلاف والشقاق.
    avatar
    أم محمد


    انثى عدد المساهمات : 23
    تاريخ التسجيل : 01/11/2011
    العمر : 58

    محمد عبد الموجود رد: الخلافات الزوجية الأسباب –الحلول

    مُساهمة من طرف أم محمد الخميس يناير 10, 2013 6:24 am

    المبحث السابع:البخل وعدم الإنفاق
    البخل هو الإمساك عما يحسن السخاء فيه، وهو ضد الكرم , وهو من السجايا الذميمة، والخلال الخسيسة، الموجبة لهوان صاحبها ومقته وازدرائه، وقد عابها الإسلام، وحذر منها تحذيرا رهيبا.
    و: ((الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل، ويكتمون ما آتاهم الله من فضله، واعتدنا للكافرين عذابا مهينا)) (النساء: 37.).
    و: ((ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خير لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة)) (آل عمران: 180.).

    وإذا كان البخل مذموما في كل أحواله فان البخل في الحياة الزوجية اشد خطرا على تلك الحياة ,فالمرأة تكره الزوج البخيل ولا تحب الارتباط به .
    َخَطَبَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَفَتًى مِنْ الْعَرَبِ امْرَأَةً ، وَكَانَ الْفَتَى جَمِيلًا ، فَأَرْسَلْت إلَيْهِمَا الْمَرْأَةُ : لَا بُدَّ أَنْ أَرَاكُمَا ، وَأَسْمَعَ كَلَامَكُمَا ، فَاحْضُرَا إنْ شِئْتُمَا ، فَأَجْلَسَتْهُمَا بِحَيْثُ تَرَاهُمَا . فَعَلِمَ الْمُغِيرَةُ أَنَّهَا تُؤْثِرُ عَلَيْهِ الْفَتَى ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : لَقَدْ أُوتِيتَ حُسْنًا وَجَمَالًا وَبَيَانًا . فَهَلْ عِنْدَك سِوَى ذَلِكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ . فَعَدَّدَ عَلَيْهِ مَحَاسِنَهُ ، ثُمَّ سَكَتَ . فَقَالَ الْمُغِيرَةُ : فَكَيْفَ حِسَابُك ؟ فَقَالَ : لَا يَسْقُطُ عَلَيَّ مِنْهُ شَيْءٌ ، وَإِنِّي لَأَسْتَدْرِكُ مِنْهُ أَقَلَّ مِنْ الْخَرْدَلَةِ ، فَقَالَ لَهُ الْمُغِيرَةُ : لَكِنِّي أَضَعُ الْبَدْرَةَ فِي زَاوِيَةِ الْبَيْتِ ، فَيُنْفِقُهَا أَهْلُ بَيْتِي عَلَى مَا يُرِيدُونَ ، فَمَا أَعْلَمُ بِنَفَادِهَا حَتَّى يَسْأَلُونِي غَيْرَهَا ، فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ : وَاَللَّهِ لَهَذَا الشَّيْخُ الَّذِي لَا يُحَاسِبُنِي أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الَّذِي يُحْصِي عَلَيَّ أَدْنَى مِنْ الْخَرْدَلَةِ . فَتَزَوَّجَتْ الْمُغِيرَةَ . (( ابن منظور : مختصر تاريخ دمشق 7/384).).
    وإذا ما أوقعها قدرها في زوج بخيل فإنها تتمنى الانفصال عنه، ولكن خوفها على أولادها، وحرصها على بيتها يحملانها على الصبر.
    والمشكلات الناتجة عن بخل الزوج، كثيرة منها:
    1- نفور الزوجة من زوجها: وهذا يؤدي إلى تصدع البنيان الأسري، فالمرأة مفطورة على حب إكرام زوجها لها، وهي تعتبر إكرامه لها من أهم معايير حبه لها، ومن هنا فهي تحب الزوج الكريم، وتكره الزوج البخيل.
    روي أن أحد الأزواج البخلاء طبخ قدراً من الطعام وجلس يأكل مع زوجته، فقال: ما أطيب هذا الطعام لولا كثرة الزحام!! فقالت امرأته: أي زحام ولا يوجد إلا أنا وأنت!! فقال: كنت أحب أن أكون أنا والقدر فقط!.
    وقيل إن امرأة بشَّرَتْ زوجها البخيل بأن ابنها بدأت أسنانه تظهر، فقال: أتبشرينني بعدوّ الخبز؟!! اذهبي إلى أهلك!.
    وهذا أحد البخلاء اسمه عيسى وصف أحد لشعراء شدة شحه فقال :
    يقتر عيسى على نفسه .....وليس بباق ولا خالد
    ولو يستطيع لتقتيره ....لتنفس من منخر واحد

    2- شعور الأولاد والزوجة بالحرمان: وهذا يسبب لديهم عقداً نفسية قد تؤدي إلى سلوكيات ضارة ممقوتة كالسرقة، والانتقام والغيرة.. وغير ذلك.
    لان من حق الزوجة على زوجه أن يوفر لها ما يضمن لها حياة آمنة كريمة .
    روى حكيم بن معاوية عن أبيه قال:قلت: يا رسول الله، ما حق الزوجة على أحدنا؟ قال:"أن تَطعمها إذا طَعِمْتَ، وأن تكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبّح، ولا تهجُر إلا في البيت" (رواه أحمد 4/446، وأبو داود (2142) وابن ماجه (1850) والاكم (2/187) وصححه ووافقه الذهبي.).
    3- قد تضطر الزوجة إلى الأخذ من مال الزوج دون علمه: حتى توفر لنفسها وأولادها الاحتياجات الأساسية.. وقد أباح الشرع ذلك شريطة أن تأخذ بالمعروف على قدر الاحتياج . فعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: "دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله فقالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني إلا ما أخذته من ماله بغير علمه، فهل علي من ذلك من جناح ؟ فقال رسول الله : "خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك "((متفق عليه ).).
    وإن كان الشرع أباح ذلك، إلا أن الأمر إذا اكتشفه الزوج قد تجد الزوجة نفسها مضطرة أحياناً إلى الكذب وإخفاء الحقيقة خشية العقاب أو إثارة المشاكل، ومن ثم تغيب الشفافية والمصارحة عن أجواء البيت.
    4- تقطيع الرحم والروابط الاجتماعية: فالبخيل يرفض زيارة الأقارب والأصدقاء والآخرين تجنباً للمصروفات وشراء الهدايا، وهو أيضاً يعرض عن زيارتهم له، لأن ذلك سيكلفه واجبات الضيافة.
    هجا أبو نواس سعيداً بن سليمبن قتيبة ناعتا إياه بالبخل ,فقال :
    رغيف سعيد عندهعدل نفسه *** يقلبه طورا وطورا يداعبه
    ويأخذه في حضنه ويشمه *** ويلثمه حيناوحينا يلاعبه

    5- وقوع ألم نفسي وجسدي بسبب الحرمان الذي تعانيه الزوجة والأطفال: مما يؤدي إلى مشكلات أسرية تنعكس على الصحة النفسية لأفرادها، والتأخر الدراسي لأولادها، وقد ينتهي الأمر إلى الطلاق.
    وروى أنَّ رجُلاً كان يأكل مع زوْجَتِه الدجاج ، فإذا بالباب يُطْرق ، فقامَتْ لِتَرى من الطارق ، فإذا بالباب سائِلٌ ، فالزوجة أرادت أنْ تُطْعم ذاك السائل ، ولِبُخل الزوج صار يسبّها ويعَنَّفُها ، وقال : اطْرُديه ، فَطَرَدَتْهُ ، وعادت ، ولا زالت العلاقة تسوء بينه وبيْنها إلى أنْ طلَّقها ، وبعد تطْليقها تَزَوَّجَها إنْسانٌ آخر فقير ، وهذا الإنسان أخذ اللهُ بِيَدِهِ حتى أصْبح غَنِيّاً ، ومرَّةً كانت تَجْلِسُ معه يأكلان الدجاج ، وإذا بالباب يُطْرق ، وعادَتْ مُضْطَربة فقال لها : ما بك؟ فقالت : لا شيء ، سائِلٌ ، فقال : من هذا السائِل ؟! قالَتْ : إنه زوْجي الأول ، قال : أَتَعْلمين من أنا ؟ أنا السائِلُ الأول !!.
    6- بغض الله تعالى للبخيل ثم بغض الناس له حتى أقرب الناس منه , كما قال ربنا عز وجل: "ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون"(التغابن : 16،).
    قال رجل من البخلاء لأولاده: اشتروا لي لحماً، فاشتروه، فأمرهم بطبخه، فلما استوى أكله جميعه حتى لم يبق في يديه إلا عظمة، كل هذا وعيون أولاده ترمقه. فقال: لن أعطي هذه العظمة أحداً منكم حتى يحسن وصف أكلها. فقال ولده الأكبر: أمشمشها يا أبتِ وأمصمصها حتى لا أدع للذر فيها مقيلاً. قال الرجل: لست بصاحبها. فقال الابن الأوسط: ألوكُها يا أبتِ وألحسها حتى لا يدري أحد لعام أو لعامين.فقال الرجل: لست بصاحبها، فقال الأصغر: يا أبتِ أمُصُّها ثم أدُقها وأسفّها. قال: أنت صاحبها وهي لك. زادك الله معرفةً وحزماً!.
    وهجا ابن طباطبا بخيلا فقال :
    أجاع بطني حتى ** شممت ريحالمنية
    وجاءني برغيف ** قد أدرك الجاهلية
    فقمت بالفأس حتى ** أدقمنه شظية
    تلثم الفأس وانصاع ** مثل سهم الرمية
    فشج راسي ثلاثا ** ودقمنيالثنية.
    قال بخيل لغلام :بكم تعمل عندي ؟ فقال الغلام : بطعامي . فقال البخيل : راعني قليلا . فقال الولد : إذا أصوم الأثنين والخميس .
    وهناك نوع آخر من البخل في الحياة الزوجية وهو بخل العاطفة والمشاعر , وإن بخل الزوج بالعاطفة والمشاعر أشدُّ على الزوجة من البخل بالمال، وفي كليهما أذى وإيلام للزوجة، فقد تحتمل الزوجة بخل الزوج بالمال، ولكنها لا تستطيع أن تتحمل بخله بالعواطف والمشاعر وكلمات الثناء، وقد تعوض الزوجة شح إنفاق الزوج بمساعدة أهلها لها، أو بعمل تعمله، أو بدخل يأتيها، أو ولد يكرمها، لكن إذا بخل الزوج بعواطفه ومشاعره وحبه وحنانه الزوجي فلا طريق إلى تعويض ذلك لدى الزوجة.وإن نعجب فعجب أن يكيل الزوج لزميلاته أو قريباته كلمات الثناء والشكر والإطراء والإعجاب بغير حساب.
    وقد يكون بخل المشاعر والعواطف –كذلك –من جانب الزوجة, فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ :"لاَ يَنْظُرُ اللهُ إِلَى امْرَأَةٍ ، لاَ تَشْكُرُ لِزَوْجِهَا ، وَهِيَ لاَ تَسْتَغْنِي عَنْهُ"(أخرجه النَّسائي في "الكبرى" 9086 والحاكم (2/207 ، رقم 2771) وقال : صحيح الإسناد.).
    ولقد علمنا رسولنا الكريم ، أن نستعيذ بالله من البخل , فقد كان يقول في دعائه :" اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ "(أخرجه أبو داود (2/93 ، رقم 1555) .).
    avatar
    أم محمد


    انثى عدد المساهمات : 23
    تاريخ التسجيل : 01/11/2011
    العمر : 58

    محمد عبد الموجود رد: الخلافات الزوجية الأسباب –الحلول

    مُساهمة من طرف أم محمد الخميس يناير 10, 2013 6:25 am

    المبحث الثامن:الغيرةالقاتلة


    لعل الخوف من فقدان الزوج أو الزوجة, والرغبة في استمرارالعيش مع الطرف الآخر مدى الحياة, أو الحب الذي يصل إلى المراتب العليا, كلها مشاعرتؤدي إلى ظهور ما يسمى بالغيرة التي تعد من المشاعر المحتوية على المتناقضان لتكونمن أزكى المشاعر في حال ومن أسوئها في حال أخرى , فالغيرة شيء مطلوب فيالعلاقات الزوجية بحدود إذا تم تجاوزها فستؤول إلى ما لا يحمدعقباه .
    وقد عُلم أنَّ حسن العشرة وأسباب السعادة لا تكون إلا في اللين والبعد عن الظنون والأوهام التي لا أساس لها، إن الغيرة قد تذهب ببعض الناس إلى سوء ظنّ.. يحمله على تأويل الكلام والشك في التصرفات، مما ينغص العيش ويقلق البال من غير مستند صحيح.
    وإن مما يجب على كل زوجين أن يبتعدا عن مواطن الشبهات لحديث النعمان بن بشير رضي الله عنه : أن النبي قال :" الحلال بين و الحرام بين و بينهما مشبهات لا يعلمهن كثيرٌ من الناس فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه و عرضه و من وقع في الشبهات كراعٍ يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه ألا و إن لكل ملك حمى ألا و إن حمى الله تعالى في أرضه محارمه ألا و إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله و إذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب".((البخاري في صحيحه ج 2/ ص 724 حديث رقم: 1946).).
    والمرأةتمنع الغيرة والريبة عن زوجها إذا تحلتْ بالفضائل ، والتزمتْ بأوامر الشرعفي خروجها من بيتها ، وفي زيها ، وقولها ، وفعلها ، ومِشْيَتها ، وفي سائرأخلاقها، والرجل يدفع الغيرة عن زوجته ، إذا تمسك بأوامر الله، وانتهى عننواهيه في كل أحواله.
    والغيرة نوعان :
    1- الغيرة المحمودة :
    وهي التي تكون في محلها فإن أشرف الناس وأعلاهم همة، أشدهم غيرة فالمؤمن الذي يغار في محل الغيرة، قد وافق ربه في صفة من صفاته، ومن وافقه في صفة منها كانت تلك الصفة بزمامه وأدخلته عليه وقربته من رحمته.
    عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، قَالَ:قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ : لَوْ رَأَيْتُ رَجُلاً مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَِحٍ عَنْهُ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ ، فَقَالَ :"أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ ؟ فَوَاللهِ لأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ ، وَاللهُ أَغْيَرُ مِنِّي ، مِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، وَلاَ شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ ، وَلاَ شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللهِ ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ اللهُ الْمُرْسَلِينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ، وَلاَ شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ اللهِ ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللهُ الْجَنَّةَ. وفي رواية : بَلَغَ النَّبِيَّ ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةُ يَقُولُ : لَوْ وَجَدْتُ مَعَهَا رَجُلاً لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَِحٍ , قَالَ : فَقَالَ النَّبِيُّ : أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ ؟ فَوَاَللهِ لأَنَا أَغْيَرُ مِنْ سَعْدٍ , وَاَللهُ أَغْيَرُ مِنِّي , وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ"((أخرجه أحمد 4/248(18351) و"البُخَارِي" 8/215(6846) و"مسلم"4/211(3757).).
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال Sadمنالغيرة ما يحبه الله، ومنها ما يكره الله، فأمَّا ما يحبُّ الله فالغيرةفي الريبة وأما ما يكره فالغيرة في غير ريبة)((رواه أبو داود والنسائي وابن حبان).).
    وعن أبي هريرة قال :قال رسول الله :"إن الله تعالى يغار و إن المؤمن يغار و غيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه "(( صحيح ) انظر حديث رقم : 1901 في صحيح الجامع .).
    وعن علي بن أبي طالب قال :الغيرة غيرتان غيرة حسنة جميلة يصلح بها الرجل أهله ، وغيرة تدخله النار تحمله على القتل فيقتل .(( رواه الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة ج: 2 ص: 226 وقال : إسناده صحيح) .).
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية : فالغيرة المحبوبة هي ما وافقت غيرة الله تعالى وهذه الغيرة هي أن تنتهك محارم الله وهي أن تؤتى الفواحش الباطنة والظاهرة . لكن غيرة العبد الخاصة هي من أن يشركه الغير في أهله فغيرته من فاحشة أهله ليست كغيرته من زنا الغير لأن هذا يتعلق به وذاك لا يتعلق به إلا من جهة بغضه لمبغضة الله ولهذا كانت الغيرة الواجبة عليه هي في غيرته على أهله وأعظم ذلك امرأته ثم أقاربه ومن هو تحت طاعته ، ولهذا كان له إذا زنت أن يلاعنها لما عليه في ذلك من الضرر بخلاف ما إذا زنا غير امرأته ، ولهذا يحد قاذف المرأة التي لم يكمل عقلها ودينها إذا كان زوجها محصناً في أحد القولين وهو إحدى الروايتين عن أحمد .اهـ.(ابن تيمية : الاستقامة ج2 ص 7 .).
    وقال الإمام ابن القيم: فمحب الله ورسوله يغار لله ورسوله على قدر محبته وإجلاله، وإن خلا قلبه من الغيرة لله ولرسوله فهو من المحبة أخلى، وان زعم أنه من المحبين. فكذب من ادعى محبة محبوب من الناس. وهو يرى غيره ينتهك حرمة محبوبه... ويستهين بحقه، ويستخف بأمره. وهو لا يغار لذلك . بل قلبه بارد، فكيف يصح لعبد يدعي محبة الله، ولا يغار لمحارمه إذا انتهكت. ولا لحقوقه إذا أضيعت. وأقل الأقسام أ، يغار له من نفسه وشيطانه! فيغار لمحبوبة من تفريطه في حقه، وارتكابه لمعصيته. وإذا ترحلت هذه الغيرة من اللب ترحلت منه المحبة، بل ترحل منه الدين! وأن بقيت فيه آثاره.(ابن القيم : روضة المحبين ص 274.).
    روى البخاري في صحيحه من حديث عمرو بن ميمون الأودي": أن قِرداٍ جاءَبقِردة اضطجعَ، ثم مدّ يده لها، فاضطجعت بجانبهِ، فلما نام انسلّت، وجاء قردٌآخر فذهب معها، ـ إذًا الأول الزّوج، والثاني هو الغريب ـ، ثم شعَر زوجها فانتفضوأزعجه،ثم صارت المطاردة، اجتمعت القردة، فتجمّعت وقاموا برجمها،قال عمرو بن ميمون: وكنتُ ممن رجمها"(صحيح البخاري 3/1397.).
    والحادثة وقعت في اليمن فيزمن النبوة.
    فإذا كانَ هذا القِرد عنده غيرة، فما بال أهل الإيمان؟!.
    قال أحدهم :

    وأترك حبّها من غير بغضٍ***وذلك لكثرةِ الشركاء فيه
    إذا وقَع الذباب على طعامٍ***رفعت يدي ونفسي تشتهيه
    وتجتنب الأسود ورودَ ماءٍ***إذا رأت الكلابَ ولغن فيه





    ------------



    الموضوع منقول دكتور /
    بدر عبد الحميد هميسه
    avatar
    أم محمد


    انثى عدد المساهمات : 23
    تاريخ التسجيل : 01/11/2011
    العمر : 58

    محمد عبد الموجود رد: الخلافات الزوجية الأسباب –الحلول

    مُساهمة من طرف أم محمد الخميس يناير 10, 2013 6:31 am

    وللغيرة المحمودة علامات منها : كره من يدخل بين المحب الصادق، وبين محبوبه .
    قال بعضهم :

    أغارُ عليكَ من عيني ونفسي *** ومنكَ ومن زمانكَ والمكانِ
    ولو أني وضعتكَ فيعيــوني *** إلى يوم القيامةِ ما كفاني
    ومن علاماتها أيضا :أن لا يحب أن يراه حيثما يكره .
    عن عائشة رضي الله عنها قَالَت:دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ وعندي رَجُلٌ قَاعِدٌ ، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ ، ورأيت الْغَضَبَ في وَجْهِهِ . قَالَتْ: فَقُلْتَُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ انَّهُ آخى مِنَ الرَّضَاعَةِ . قَالَتْ: فَقال : انْظُرْنَ إخوتكن مِنَ الرَّضَاعَةِ ، فإنما الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ.((أخرجه أحمد 6/94 )).
    وروى ابن جرير بإسناده عن ابن عباس قال : } قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين { . قال : فأحفظته الغيرة أن قال : لا ، وما يدريك ما قوته وأمانته ؟ قالت : أما قوته فما رأيت منه حين سقى لنا لم أر رجلاً قط أقوى في ذلك السقي منه ، وأما أمانته فإنه نظر حين أقبلت إليه وشخصت له فلما علم أني امرأة صوب رأسه فلم يرفعه ولم ينظر إلي حتى بلغته رسالتك ، ثم قال امشي خلفي وانعتي لي الطريق ولم يفعل ذلك إلا وهو أمين . فسري عن أبيها وصدقها وظن به الذي قالت (تفسير الطبري ج: 20 ص: 63.).
    وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما :أن نفراً من بني هاشم دخلوا على أسماء بنت عميس رضي الله عنها ، فدخل أبو بكر الصديق t وهي تحته يومئذ فرآهم فكره ذلك . فذكر ذلك لرسول الله وقال لم أر إلا خيراً . فقال رسول الله : إن الله قد برأها من ذلك . ثم قام رسول الله على المنبر فقال :"لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان "(( رواه مسلم ) .).
    وحدّث ابن الأعرابي عن بعض مشايخه أن رجلا من بني تميم كانت له ابنة جميلة، وكان غيوراً ، فابتنى لها في داره صومعة وجعلها فيها، وزوّجها من أكفائه من بني عمها، وأن فتى من كنانة مر بالصومعة فنظر إليها ونظرت إليه فاشتد وَجْد كل واحد منهما بصاحبه ولم يمكنه الوصول إليها، وأنه افتعل بيتاً من الشعر ودعا غلاماً من الحي فعلمه البيت، وقال له: ادخل هذه الدار وأنشد كأنك لاعب، ولا ترفع رأسك ولا تصوبه ولا تومئ في ذلك إلى أحد، ففعل الغلام ما أمر به، وكان زوج الجارية قد أزمع على السفر بعد يوم أو يومين فأنشأ الغلام يقول:
    لحى الله من يلحي على الحب أهله ‍* * * ومن يمنع النفس اللجوج هواها
    قال فسمعت الجارية البيت ففهمت ، فقالت :
    ألا إنما بين التفرق ليلة * * * وتُعطَى نفوس العاشقين مناها
    قال فسمعت الأم ففهمت فأنشأت تقول:
    ألا إنما تعنون ناقة رحلكم * * * فمن كان ذا نوق لديه رعاها
    قال فسمع الأب ففهم فأنشأ يقول:
    فإنا سنرعاه ونوثق قيدها* * * ونطرد عنها الوحش حين أتاها
    فسمع الزوج ففهم فأنشأ يقول:
    سمعت الذي قلتم فها أنا مطلق* * * فتاتكم مهجورة لبلاها
    قال فطلقها الزوج وخطبها ذلك الشاب وأرغبهم في المهر وتزوجها (الأذكياء لابن الجوزي 94.).
    فالزوجة الصالحة هي التي تراعي غيرة زوجها , وتحفظ عليه مشاعره .
    عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء غير ناضح وغير فرسه فكنت أعلف فرسه وأستقي الماء وأخرز غربة وأعجن ولم أكن أحسن أخبز وكان يخبز جارات لي من الأنصار وكن نسوة صدق ، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله على رأسي وهي مني على ثلثي فرسخ . فجئت يوماً والنوى على رأسي فلقيت رسول الله ومعه نفر من الأنصار فدعاني ، ثم قال : أخ أخ ليحملني خلفه فاستحييت أن أسير مع الرجال ، وذكرت الزبير وغيرته ، وكان أغير الناس فعرف رسول الله أني قد استحييت فمضى . فجئت الزبير فقلت : لقيني رسول الله وعلى رأسي النوى ومعه نفر من أصحابه فأناخ لأركب فاستحييت منه وعرفت غيرتك .فقال : "والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه قالت حتى أرسل إلي أبو بكر بعد ذلك بخادم يكفيني سياسة الفرس فكأنما أعتقني "(رواه البخاري ج: 5 ص: 2002 ح 4926.).
    عن أبي السائب مولى هشام بن زهرة أنه دخل على أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في بيته قال : فوجدته يصلي فجلست أنتظره حتى يقضي صلاته فسمعت تحريكاً في عراجين في ناحية البيت ، فالتفت فإذا حية فوثبت لأقتلها فأشار إلي أن اجلس فجلست ، فلما انصرف أشار إلى بيت في الدار فقال : أترى هذا البيت ؟ فقلت : نعم . قال : كان فيه فتى منا حديث عهد بعرس ، قال : فخرجنا مع رسول الله إلى الخندق فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله بأنصاف النهار فيرجع إلى أهله . فاستأذنه يوماً فقال له رسول الله : خذ عليك سلاحك فإني أخشى عليك قريظة . فأخذ الرجل سلاحه ثم رجع فإذا امرأته بين البابين قائمة فأهوى إليها الرمح ليطعنها به وأصابته غيرة . فقالت له : اكفف عليك رمحك وادخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني . فدخل فإذا بحية عظيمة منطوية على الفراش فأهوى إليها بالرمح فانتظمها به ثم خرج فركزه في الدار فاضطربت عليه فما يدرى أيهما كان أسرع موتاً الحية أم الفتى . قال فجئنا إلى رسول الله فذكرنا ذلك له وقلنا : ادع الله يحييه لنا . فقال : استغفروا لصاحبكم ثم قال : إن بالمدينة جناً قد أسلموا فإذا رأيتم منهم شيئاً فآذنوه ثلاثة أيام ، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان (رواه مسلم (4150 ) .).
    إن من واجب كل من الزوجين أن يكون عاقلا رزينا ولا يجعل الشك والريبة أمام ناظريه وفي قلبه ، فيعكر حياته ويهدد كيان أسرته بالخراب نتيجة الظنون والوساوس الشيطانية وخلل في غريزة حب التملك .
    avatar
    أم محمد


    انثى عدد المساهمات : 23
    تاريخ التسجيل : 01/11/2011
    العمر : 58

    محمد عبد الموجود رد: الخلافات الزوجية الأسباب –الحلول

    مُساهمة من طرف أم محمد الخميس يناير 10, 2013 6:31 am

    فالغيرة المعتدلة المحمودة تحفظ العلاقة الزوجية ، وتوفرالسعادة ، وتقضي على كثير من المشكلات، أما إذا اشتدتْ الغيرة (وهي الغيرةفي غير ريبة) ، فأصبح كل من الزوجين يشك في الآخر ، ويتمنى أن يكون شرطيًّاعلى رفيقه ، يراقبه في كل أعماله ، ويسأله عن كل صغيرة وكبيرة ، فهذا ممايوجد أسباب الخلاف، فتكون الغيرة مدخلاًللشيطان بين الزوجين ، وربما أحدثالفرقة من هذه السبيل، وعلى الزوجين أن يثقا في بعضهما البعض ، فلا يكثرامن الظن والشك ، فذلك وسوسة والمسلم منهي عن ذلك . فعن أبي هريرة رضي الله عنه رضي الله عنه أن النبي قال (إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تناجشوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا)(( متفق عليه ).).


    لا يعجبنك من يصون ثيابه * * حذر الغبار وعرضه مبلول
    ولربمـا افتقر الفتى فرأيته* * دنس الثياب وعرضه مغسول

    2- الغيرة المذمومة :
    الغيرة المذمومة كسائر الأمراض النفسية تفتك بصاحبها، فيختل توازنه، ويضطرب حبل شخصيته وتضطرب حياته الوجدانية وينبري جسمه، وتنحط قواه العقلية، ويقل إنتاجه.
    فمما لا شك فيه أن الفطرة البشرية تقتضي غيرةالشريك على شريكه سواء كانت العلاقة بينهما علاقة قرابة كالإخوة مثلا أو علاقةميثاق غليظ كالزوج مع زوجته. لتكون برهانا على المحبة التي تجمعهما ولتقوى بهاأواصر الود الذي يربطهما.
    إلا أن هذا الإحساس الحميد قد يؤدي إلىالانفصال إذا ما تخطت الغيرة حدودها المسموح بها شرعا وواقعا ، فغالبا ما تبدأ فيالبداية بالغيرة المحمودة النابعة من حب الأزواج لبعضهم البعض لتتحول إلى الغيرةالتي يغلب عليها الشك إذا كانت الظروف المحيطة بهم تساعد على ذلك إلى أن تصل إلىالغيرة المذمومة لتنعكس على حياة الطرفين وتنتهي بارتكاب ما لا يمكن أن يخطر علىبال .
    ومن الغيرة المنهي عنها ما وقع لأمنا عائشة رضي الله عنها؛ عنمحمد بن قيس بن مخرمة بن المطلب أنه قال: قالت عائشة: ألا أحدثكم عني وعن رسول الله قلنا: بلى. قال: قالت: لما كانت ليلتي التي كان النبي صلى اللهعليه وسلم عندي، انقلب فوضع رداءه وخلع نعليه فوضعهما عند رجليه، وبسط طرف إزارهعلى فراشه فاضطجع، فلم يلبث إلا ريثما ظن أن قد رقدت، فأخذ رداءه رويدًا وانتعلرويدًا، وفتح الباب فخرج ثم أجافه رويدًا، فجعلت درعي في رأسي واختمرت وتقنعتإزاري، ثم انطلقت على إثره حتى جاء البقيع، فقام فأطال القيام ثم رفع يديه ثلاثمرات، ثم انحرف فانحرفت، فأسرع فأسرعت، فهرول فهرولت، فأحضر فأحضرت فسبقته فدخلت. فليس إلا أن اضطجعت فدخل فقال: ما لك يا عائش حَشْيا رابية؟ قلت: لا شيء. قال: لتخبريني أو لَيُخْبِرَنِّي اللطيف الخبير. قلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي،فأخبرته. قال: فأنت السواد الذي رأيت أمامي؟ قلت: نعم. فَلَهَدَني في صدري لَهْدَةأوجعتني. ثم قال: أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله! قالت: مهما يكتم الناس يعلمهالله، نعم. قال: فإن جبريل أتاني حين رأيت فناداني فأخفاه منك، فأجبته فأخفيته منك،ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك، وظننت أن قد رقدت فكرهت أن أوقظك، وخشيت أنتستوحشي. فقال: إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم. قالت قلت: كيف أقوللهم يا رسول الله؟ قال: قولي:" السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحمالله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون"((رواه مسلم).).
    فما أشقى المرأة الغيورة وما أتعس حياتها، قالت إحدى الخبيرات: "كانت لي صديقة كثيرة الشكوك، شديدة الغيرة، فإذا خرج زوجها، أو ضرب موعدا، أو تكلم في الهاتف، أو حرر رسالة، أو أطرق مفكرا، أو بدا منشرحا، أو أرسل ابتسامة، أيقنت أن هناك امرأة أخرى في حياته".

    حكى المبرد عن إسحاق بن الفضل الهاشمي قال: كانت لي جارية وكنت شديد الوجد بها، وكنت أهاب ابنة عمي فيها. فبينما أنا ذات ليلة على السرير إذ عرض لي ذكرها، فنزلت من على السرير أريدها، إذ لدغتني في طريقي عقرب، فرجعت إلى السرير مسرعا وأنا أتأوه. فانتبهت ابنة عمي وسألتني عن حالي، فعرفتها أن عقربا لدغني.
    فقالت : أعلى السرير لدغتك العقرب ؟! فقلت لا ، قالت أصدقني الخبر ، فأعلمتها فضحكت وأنشدت :
    وداري إذا نام سكانها ‍* * * تقيم الحدود بها العقرب
    إذا رام ذو حاجة غفلة ‍* * * فإن عقاربها ترقب
    ثم دعت جواريها وقالت : عزمت عليكن أن تقتلن عقربا هذه السنة !!.(الجاحظ : المحاسن والأضداد228.).
    والزوجةالفَطِنَة هي التي تبعد الغيرة عن زوجها ، فلا تصف رجلا أمامه ، ولا تمدحهولا تثني عليه؛ فذلك مما يسبب غيرته ، وضيق صدره ، مما قد يدخل التعاسة بينالزوجين ، بل تمتدح زوجها وتثني عليه بما فيه من خير، وتعترف بفضله ، وعلىالزوجة أن لا تمنع زوجها من زيارة أهله بدافع الغيرة ، وليكن شعارها: منأحب أحدًا أحب من يحبه. وهذا يساعد على استقرار الحياة الزوجية ودوامالمودة والقربى.
    كما على الزوج أيضا أن لا يمتدح امرأة أخرى أمام زوجته فان ذلك مما يؤجج نار الغيرة في صدرها . فالغيرة كالملح للطعام كثيره يفسد وقليله كذلك يفسد .
    أنشد بعضهم في ذلك :

    ما أحسن الغيرة في حينها‍* * * ‍ وأقبح الغيرة في غير حين
    من لم يزل متهما عرسه‍* * * ‍ متبعا فيها لقول الظنون
    يوشك أن يغريها بالذي ‍* * * ‍ يخاف أن تبرزها للعيون
    حسبك من تحصينها وضعها‍* * * منك إلى عرض صحيح ودين
    لا يطعن منك على ريبة ‍* * * فيتبع المقرون حبل القرين



    avatar
    أم محمد


    انثى عدد المساهمات : 23
    تاريخ التسجيل : 01/11/2011
    العمر : 58

    محمد عبد الموجود رد: الخلافات الزوجية الأسباب –الحلول

    مُساهمة من طرف أم محمد الخميس يناير 10, 2013 6:32 am

    المبحث التاسع :مشكلة الإنجاب
    مشكلة الإنجاب في الحياة الزوجية مشكلة تتكون من شقين :الأول :عدم الإنجاب : فقد يسبب ذلك أرقاً في الحياة الزوجية بسبب تأخر الإنجاب أو عدم إمكان حدوثه ، وإذا لم يتفهم الزوجان أن الأمر كله بيد الله تعالى وحده وأنه هو الذي يهب ويعطي فان ذلك يؤدي حتما إلى سوء العشرة بينهما.
    فلقد رغبنا الشارع الحكيم في النكاح والتناسل وطلب الذرية. فعن أنس قال: كان رسول الله - - يأمر بالباءة وينهى عن التبتل نهياً شديداً ويقول:"تزوجوا الودود الولود فإن مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة" . (أخرجه أحمد (3/158 ، رقم 12634) ، وابن حبان (9/338 ، رقم 4028) ، والبيهقى (7/81 ، رقم 13254)).
    ولا شك أن الولد نعمة لا يحس بها إلا من حرمها, قال سبحانه :{ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ* أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ}((49-50) سورة الشورى).
    كانت هناك طبيبة مشهورة حازت من المال والشهرة الكثير , لكنها حُرمت من نعمةالإنجاب , فأنشدت تقول:
    لقد كنت أرجو أن يقال طبيبة ‍* * * فقد قيل .. ماذا نالني من مقالها
    فقل للتي كانت ترى فيّ قدوة ‍* * * هي اليوم بين الناس يرثى لحالها
    وكل مناها بعض طفل تضمه * * * فهل ممكن أن تشتريه بمالها ؟
    والشق الثاني :من مشكلة الإنجاب هي عدم رضا بعض الأزواج ممن لا دين لهم ولا عقل بإنجاب البنات .فإذا كان الإنجاب هبة ونعمة من الله فهي خير على كل حال، وشأن المسلم أن يستقبل هبة الله تعالى بالشكر والرضا وليس بالضجر والكره. ولقد أنكر الله تعالى على الجاهلين تسخطهم بالإناث وذم ذلك، فقالSadوإِذَا بُشّر أحدُهُم بالأُنثى ظلَّ وجْهُهُ مُسْودَّاً وهُو كظيم * يتوارى من القوْمِ مِن سُوءِ ما بُشر به أيُمْسكه على هُونٍ أمْ يدُسُّه في التُّرابِ ألا سَاءً ما يَحْكُمُون) ((النحل: 58 ، 59)).
    قال أحدهم :
    أحب بنيتي ووددت أني *** دفنت بنيتي في قاع لحدِ
    وما بي أن تهون عليّ لكن *** مخافة أن تذوق الذل بعدي
    فإن زوجتها رجلاً فقيراً *** أراها عنده والهم عندي
    وإن زوّجتها رجلاً غنياً *** سيلطم خدها ويسب جدّي
    سألت الله أن يأخذها قريباً *** ولو كانت أحب الناس عندي
    وإنه لينقضي عجبك من قوم تسمع عن أحدهم أنه هدد امرأته بالطلاق، لأنها تنجب البنات. وكأنه لا يدري أن أمر الولد ليس موكولاً إليها، ولا إلى أحد من المخلوقين، بل هو تقدير العزيز العليم , وكأنه أدرى بالحكمة وأعرف بالمصلحة من ربه – جل وعلا -، وهذا التصرف دليل على ضعف الإيمان، وقلة اليقين.
    وأعرف بعضهم حلف أن لا يعمل عقيقة لابنته الثالثة اعتراضاً على تلك النعمة .
    وقد روت كتب الأخبار أنه كان لأبي حمزة الأعرابيّ زوجتان فولدت إحداهما ابنة ،فعزّ عليه ،واجتنبها وصار في بيت ضرتها إلى جنبها فأحست به يوماً في بيت صاحبتها ،فجعلت ترقّص ابنتها الطفلة وتقول :
    ما لأبي حمزة لا يأتينا ... يظلّ في البيت الذي يلينا
    غضبان ألاّ نلد البنينا ... تا الله ما ذلك في أيدينا
    بل نحن كالأرض لزارعينا ... يلبث ما قد زرعوه فينا
    وإنما نأخذ ما أعطينا
    فعرف أبو حمزة قبح ما فعل ، وراجع امرأته. (ابن عبد البر : بهجة المجالس وأنس المجالس 162 ، محاضرات الأدباء , للراغب الأصفهاني 147).
    فكراهية البنات من رواسب الجاهلية البغيضة التي جاء الإسلام لمحوها .
    يُحكى أن رجلاً كان لا يولد له إلا البنات ، فضاق وتضجر من ذلك حتى هدّد زوجته بالطلاق ، فحملت المرأة مرة أخرى ، فحُملت إلى المستشفى ، وأسفر حملها عن بنت حسناء ، فرُئي عليها الحزن والكآبة من ذلك ، فلاحظَ الممرضات ذلك ، فسألتها إحداهن فذكرت لهن الخبر ، فأُخبر أحد الدكاترة بالقضية ، فقال : دعوا الأمر لي .
    فلما أتى زوجها سأل الدكتور: ما الخبر ؟ فقال الدكتور: هنيئًا ، فقد ولد لك مولود ذكر ، فاستبشر الأب ، فقال الدكتور : لكنه مشوّه الخِلقة ، وفيه كذا وكذا ، ويشكو من كذا وكذا ، ويحتاج إلى إشراف وعناية ، فتغيّر وجه الزوج كأنما صُفع صفعة شديدة وأحسّ بابتلاء الله تعالى له ..فراجع نفسه وتساءل وقال : إنه ابتلاء الله لي لأنني كرهت البنات وما أحببتهن ، فهذا جزائي ، فقال له الدكتور : لا عليك بل افرح واستبشر ، فقد رزقك الله بنتًا جميلة حسناء ، فاستبشر الأب وحمد الله ورضي لقضاء الله وقدره ، (فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) (النساء : 19.).
    عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ Sadمَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ ، حَتَّى تَبْلُغَا ، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ ، وَضَمَّ أَصَابِعَهُ)(أخرجه مُسْلم 8/38(6788).).
    وروى الإمام أحمد في مسنده عن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُSadمَنْ كَانَ لَهُ ثَلاَثُ بَنَاتٍ ، فَصَبَرَ عَلَيْهِنَّ ، وَأَطْعَمَهُنَّ ، وَسَقَاهُنَّ ،وَكَسَاهُنَّ مِنْ جِدَتِهِ ، كُنَّ لَهُ حِجَابًا مِنَ النًّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)(أخرجه أحمد 4/154(17538).).
    وعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ Sadمَنْ كُنَّ لَهُ ثَلاَثُ بَنَاتٌ ، أَوْ ثَلاَثُ أَخَوَاتٍ ، أَوِ ابْنَتَيْنِ ، أَوْ أُخْتَيْنِ ، اتَّقَى اللهَ فِيهِنَّ ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ ، حَتَّى يَبِنَّ ، أَوْ يَمُتْنَ ، كُنَّ لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ. وفي لفظ ابن بَكْر : مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَكُونُ لَهُ ثَلاَثُ بَنَاتٍ ، فَأَنْفَقَ عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَبِنَّ، أَوْ يَمُتْنَ ، إِلاَّ كُنَّ لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَوِ اثْنَانِ ؟ قَالَ : أَوِ اثْنَانِ).(أخرجه أحمد 6/27(24491).).
    قال الشاعر في حب بناته :
    لولا بنيّاتٌ كزغب القطا ... حططن من بعضٍ إلى بعض
    لكان لي مضطربٌ واسعٌ ... في الأرض ذات الطّول والعرض
    وإنما أولادنا بيننا ... أكبادنا تمشي على الأرض
    لو هبّت الريح على بعضهم ... لامتنعت عيني من الغمض
    فالزوجان اللذان لا يستطيعان أن يتعاملا بحكمة مع مشكلة الإنجاب ويتجاوزاها , فإن ذلك قد يؤدي إلى تقويض بنيان الحياة الزوجية بكاملها , ويصبح ذلك دليلا على ضعف الإيمان وزعزعة اليقين بعطاء رب العالمين .
    avatar
    أم محمد


    انثى عدد المساهمات : 23
    تاريخ التسجيل : 01/11/2011
    العمر : 58

    محمد عبد الموجود رد: الخلافات الزوجية الأسباب –الحلول

    مُساهمة من طرف أم محمد الخميس يناير 10, 2013 6:33 am

    المبحث العاشر :عدم العدل بين الزوجات
    إذا كان عند الرجل أكثر من امرأة واحدة فإنه يجب عليه التسوية بينهن لقول الله تعالى :
    { فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ}((3) سورة النساء.).
    ولحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَSadمَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ ، يَمِيلُ لإِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى ، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَحَدُ شِقَّيْهِ سَاقِطٌ.ـ وفي رواية : مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ ، فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا ، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ.ـ وفي رواية : إِذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ امْرَأَتَانِ ، فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا ، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ سَاقِطٌ)(أخرجه ابن أبي شَيْبَة 4/388(17548) و"أحمد" 2/295(7921). صحيح الجامع 6491.).
    وأراد بهذا الميل :الميل بالفعل ، ولا يؤاخذ بميل القلب إذا سوى بينهن في فعل القسم . قال الله سبحانه وتعالى:{وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا}((129) سورة النساء.).
    معناه :لن تستطيعوا أن تعدلوا بما في القلوب ، فلا تميلوا كل الميل ، أي : لا تتبعوا أهواءكم أفعالكم .. .أ.هـ.(شرح السنة" للبغوي (9/150-151).).
    والعدل بين الزوجات يكون في :
    أ - المبيت :
    قال ابن القيم رحمه الله :وكان يقسم بينهن في المبيت والإيواء والنفقة…. ولا تجب التسوية في ذلك - أي الحب والجماع- لأنه مما لا يملك .أ.هـ. (زاد المعاد" (1/151).).
    وقـال ابن حـزم رحمه الله : " والعدل بين الزوجـات فرض ، وأكثر ذلك في قسمة الليـالي" .أ.هـ. "(المحلى" (9/175).).
    ب – السكنى
    قال ابن حزم رحمه الله : ويلزمه إسكانها على قدر طاقته لقول الله تعالى {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ }(6) سورة الطلاق.أ.هـ (المحلى لابن حزم " (9/253). المغني لابن قدامة" (9/237)).
    ج- النفقة والكسوة
    أوجب الشرع المطهر على الزوج النفقة والكسوة بالمعروف، ولا شك أن أحكام النفقة والكسوة تختلف من شخص لآخر، من حيث وُجده وعدمه أو قلته، لذا كان لا بد للنساء أن يعقلن أن أمر النفقة والكسوة ليس له ضابط شرعي إلا أنه "بالمعروف"، فليس على الزوج إلا النفقة التي تقوم بها حياة نسائه من طعام وشراب، فما زاد على ذلك من تحفة أو هدية أو فاكهة أو حلي أو غيره فهو له إن شاء أعطى ، وإن شاء منع.
    قال شيخ الإسـلام رحمه الله : " وأما العدل في النفقة والكسوة فهو السنة أيضا إقتداء بالنبي فإنه كان يعدل بين أزواجه في النفقة كما كان يعدل في القسمة " أ.هـ. (مجموع الفتاوى" (32/269).).
    عن جابر رضي الله عنه قال :قال النبي " فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف" (رواه مسلم (8/183).).
    عن عائشة رضي الله عنها قالت في قوله تعالى{ وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا} (النساء/128)أنزلت في المرأة تكون عند الرجل ، فتطول صحبتها فيريد طلاقها، فتقول، لا تطلقني وأمسكني وأنت في حل من النفقة علي والقسم لي، فذلك قوله{ فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير}[النساء/128].(رواه البخاري (9/380) مسلم (18/157)).
    قال مجاهد :لا تتعمدوا الإساءة . بل الزموا التسوية في القسم والنفقة ، لأن هذا مما يستطاع .أ.هـ.(تفسير القرطبي" (5/407)).
    فعن جابر بن زيد قال :كانت لي امرأتان وكنت أعدل بينهما حتى في القبل .
    وعن مجاهد قال :كانوا يستحبون أن يعدلوا بين النساء ، حتى في الطيب يتطيب لهذه كما يتطيب لهذه .
    وكان محمد بن سيرين رحمه الله يقول فيمن له امرأتان :يُكره أن يتوضأ في بيت إحداهما دون الأخرى(المصنف" لابن أبي شيبة (4/37)).
    وإن سوء أخلاق بعض الزوجات وتغييرها على زوجها نتيجة الزواج عليها بل ربما وصل الأمر ببعضهن إلى أن تجحد كل فضل لزوجها عليها وهو من كفران العشير الذي هو سبب لدخول النار والعياذ بالله .
    وهناك بعض الزوجات تحاول الإفساد بين زوجها وزوجاته الأخريات بحيث تبغضهن إليه وهذا خلاف ما دعا إليه الإسلام من وجوب التآخي والتعاون على البر والتقوى وتحريم التباغض والتعادي . فعلى الزوجات أن يتنبهن لحديث النبي .عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ Sad لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تَسْأَلُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا فَإِنَّمَا لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا )(رواه البخاري (5152) ، ومسلم (1408)).
    كما أنه لا يجوز لها أن تطلب الطلاق لنفسها منه لمجرد زواجه الثاني ، وذلك لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ " (رواه الترمذي (1187) وحسنه ، وصححه الألباني في "الإرواء" (7/100)).
    ولبعضهم في الصراع بين الزوجتين :
    تزوجت اثنتين لفرط جهلي * * * بما يشقى به زوج اثنتين
    فقلت أصيربينهما خروفا* * * انعم بين أكرم نعجتين
    فصرت كنعجة تصحي وتمسي* * * تداول بين أخبث ذئبتين
    رضا هذي يهيج سخط هذي* * * فما أعرى من إحدىالسخطين
    وألقى في المعيشة كل ضر* * * كذاك الضر بين الضرتين
    لهذيليله ولتلك أخرى* * * عتاب دائم في الليلتين
    فان أحببت أنتبقى كريما* * * من الخيرات مملوء اليدين
    فعش عزبا فان لمتستطعه* * * فضربـا في عرض الجحفلين
    وهناك بعض المعددين يهمل تربية أولاده وخاصة إذا كانت بيوتات هؤلاء الزوجات متباعدات لأنه ربما تطول غيبته فلا يتابع حال أولاده والواجب أن يتقي الله تعالى ويستعين به على هذه Sad يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً) (التحريم : 6).
    مما يؤدي ذلك كله إلى وجود خلافات وشقاق بين الزوجين , والحل إذا ما كان هناك سبب للتعدد في العدل الذي هو أساس الملك , ومنبع الأمان والاستقرار .
    avatar
    أم محمد


    انثى عدد المساهمات : 23
    تاريخ التسجيل : 01/11/2011
    العمر : 58

    محمد عبد الموجود رد: الخلافات الزوجية الأسباب –الحلول

    مُساهمة من طرف أم محمد الخميس يناير 10, 2013 6:33 am

    المبحث الحادي عشر:الصراع في تربية الأبناء
    تربية الأبناء مسؤولية كبيرة سوف يسأل عنها الوالدان يوم القيامة . قال النبي :{ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته: فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم، والعبد راع على مال سيده وهو مسؤول عنه. ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته} (متفق عليه).
    وهذه المسؤولية لا بد أن تؤدي بحكمة وروية بعيداً عن المزاحمة والمنافسة والصراع , فإن هناك بعض الآباء يتخذون من أولادهم مادة وحلبة للصراع , فيتنافس الزوجان على تربية الأولاد , كل حسب رغباته وفكره ونزواته , وهذا يعد من أسباب الخلاف بين الزوجين , ويحار الأولاد بين من يتخذ القرار في المنزل، وهو ما يسمّى في علم الاجتماع "صراع الأدوار بين الزوجين".
    ولقد قال علماء الاجتماع إن أكثر الأزواج عرضة للتنازع على سلطة أخذ القرار في الحياة الزوجية هم:
    -الزوجة المتسلطة والزوج المتسلط في منزل واحد حيث لا يمكن لأحدهما أن يتنازل عن رأيه.
    فكيف نظن بالأبناء خيراً *** إذا نشئوا بحضن الجاهلات؟!
    وهل يرجى لأطفال كمال *** إذا ارتضعوا ثديَّ الناقصات؟!
    -اختلاف البيئة الأسرية بين الزوجين أي أن تكون الزوجة من بيئة أسرية تربت على التشاور والاحترام المتبادل بين الزوجين بينما يكون الرجل من بيئة أسرية تربى فيها على أن الرجل وحده الآمر والناهي (والعكس صحيح).
    -التفاوت الطبقي والثقافي بين الزوجين: عندما تكون الزوجة أغنى من الرجل أو من طبقة اجتماعية أعلى والعكس صحيح.
    -عدم الانسجام الفكري وعدم النضج العاطفي والعقلي المتبادل بين الزوجين.
    -النقص المعرفي في الحقوق والواجبات الشرعية بين الرجل والمرأة.
    -فقدان الثقة المتبادلة بين الزوجين(الثقة هنا فيما يتعلق بالقدرة على اتخاذ القرارات السليمة).
    -إصابة أحد الزوجين بأمراض نفسية واضطرابات سلوكية (مثال البارانويا، العدوانية، النرجسية).
    وإذا ما حدث صراع بين الزوجين على تربية الأبناء فلا بد من تقريب وجهات النظر وذلك بأن يسعى لفهم وجهة نظر الآخر واحترامها وتقبلها.
    ويعرفان أن مسؤولية تربة الأبناء مسؤولية مشتركة وقد تكون وظيفة الأم أكبر من وظيفة الأب في مرحلة معينة أو في ظروف خاصة وقد تكون وظيفة الأب أكبر من وظيفة الأم في مراحل معينة أو في ظروف خاصة، والمهم أن يتفق الزوجان على سياسة تربوية موحدة يعتمدونها في تربية الأبناء تفادياً لنشوء خلافات زوجية حول هذا الموضوع.
    والمشاورة مطلوبة من قبل الشريكين، الزوجة من زوجها والزوج من زوجته، ولن تنقص قيمة أحد منهما أو كرامته أو رجولته -كما يظن البعض- إن هو أخذ بمشورة الآخر. ويجب أن نبيّن أن المشورة لا تعني الأمر ولا تعني الفرض، يعني إذا تم التشاور بين الزوجين ثم قرر الزوج خلافاً لما أشارت إليه الزوجة فإن ذلك لا يعني شماتة أو نقص بثقة الآخر ولا يصح لها أن تغضب، ويمكنها طلب توضيح ذلك فقط دون ممارسة الضغط النفسي أوالمعاتبة.
    وقد ثبت من هديه صلى الله عليه وسلّم أنّه استشار أم سلمة رضي الله تعالى عنها، وقد كانت راجحة العقل نافذة البصر، ففي من حديث المسور بن مخرمة رضي الله عنه في قصة الحديبية وفيها:«قال فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله لأصحابه: قوموا فانحروا ثم احلقوا، قال فو الله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات. فلما لم يقم منهم أحد، دخل على أم سلمة رضي الله عنها فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: (يا نبي الله أتحب ذلك؟ اخرج لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحَرَ بُدْنَك وتدعو حالِقَك فيحلِقَك، فخرج فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك: نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً). وقد أوضح الحسن البصري ما يؤخذ من هذه الواقعة‏،‏ من شرعية استشارة النساء‏،‏ فقال‏:‏ "إنْ كان رسول الله لفي غنى عن مشورة أم سلمة‏،‏ ولكنه أحبّ أن يقتدي الناس في ذلك‏،‏ وأن لا يشعر الرجل بأي معرّة في مشاورة النساء"‏.(رواه البخاري برقم (1566)).
    فيا أيها الزوجان لا تجعلا الأبناء مادة للصراع , لأن الضحية في النهاية هم الأبناء .
    ولله در القائل :
    ليس اليتيم من انتهى أبواه *** من همّ الحياة وخلّفاه ذليلاً
    إن اليتيم هو الذي تلقى له *** أمّا تخلّت أو أباً مشغولاً
    avatar
    أم محمد


    انثى عدد المساهمات : 23
    تاريخ التسجيل : 01/11/2011
    العمر : 58

    محمد عبد الموجود رد: الخلافات الزوجية الأسباب –الحلول

    مُساهمة من طرف أم محمد الخميس يناير 10, 2013 6:37 am

    المبحث الثاني عشر:الإهمال في العلاقة الجنسية
    ينبغي أن يحرص كلٌ من الزوجين أن يبدو جميلاً في نظر صاحبه، لئلا يتنافرا، وليزداد قرباً وتألفاً، وأعظم طيب : الماء وأعظم تجمل : النظافة، ولقد وصف النبي أنه كان يرجل شعره، ويكثر دَهنَ رأسه وتسريحَ شعره، وأنه كان كثير الاكتحال، وكثير الاستياك وكثير التطيب، لذلك لم يشم من في رسول الله ولا من جسمه رائحة تكره.
    وإذا كان المسلم يحب من زوجته أن تتزين له فلا بد أن يعرف أنها تحب منه ذلك, وإذا كان يتجمل للقاء الناس فأولى به أن يتجمل لزوجته . قال ابن عباس: إني أحب أن أتزين للمرأة ، كما أحب أن تتزين لي؛ لأن الله يقول :{ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ}(228) سورة البقرة.((عبد الرزاق في مصنفه ج 4/ ص 196 حديث رقم: 19263).
    فإهمال كل من الزوجين في نفسه يؤدي إلى وجود خلافات بينهما , ويتبع هذا الإهمال في التزين والتجمل إهمال أشد ضرراً وأكثر خطراً وهو الإهمال في المعاشرة الجنسية , والباحث في أكثر الخلافات الزوجية يتبين له أن أكثرها يأتي من سوء أو إهمال في تلك المعاشرة , وقد لا يفصح الزوجان عنها حياءً , لكن عند اشتداد الخلاف واحتداد الشقاق قد لا يتورعان عن الإفصاح عنه .
    ولقد علمنا النبي أن في تلك المعاشرة عبادة وأجر فالزوجان يهدفان منها إلى : غض البصر وإحصان الفرج واعفاف النفس عن الحرام وكذا التكاثروإشباع الرغبة الغريزيةللطرفينو تبادل الحب والعواطفوالشعور بالدفء وحرارة العلاقة بين الزوجين .
    عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي قال : "وفي بُضع أحدكم صدقة, فقالوا : يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال عليه الصلاة والسلام : أرأيتم لو وضعها في الحرام ، أكان عليه وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر".(أخرجه أحمد 5/167(21805) و"البُخاري" في "الأدب المفرد" 227 و"مسلم" 3/82(2292).).
    وعن أبي جحيفة رضي الله عنه قال:آخى النبي بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء متبذلة، فقال لها: ما شأنك؟. قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا. فجاء أبو الدرداء، فصنع له طعاما، فقال: كل، قال: فإني صائم، قال: ما أنا بآكل حتى تأكل، قال: فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، قال: نم، فنام، ثم ذهب يقوم، فقال: نم، فلما كان من آخر الليل، قال سلمان: قم الآن، فصليا، فقال له سلمان: إن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه، فأتى النبي فذكر ذلك له، فقال النبي Sadصدق سلمان). (رواه البخاري 4/209)).
    وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي يسألون عن عبادته ، فلما أُخبروا كأنهم تقالّوها فقالوا : أين نحن من النبي ؟ فقد غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فقال أحدهم : أما أنا فأصلي الليل أبداً ، قال الآخر : أنا أصوم الدهر ولا أفطر ، وقال آخر : أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً ، فجاء رسول الله ( فقال : إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ، لكني أصوم وأفطر ، وأصلي وأرقد ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني ) (رواه البخاري ومسلم.).
    ولقد نهى الإسلام المرأة عن امتناعها عن زوجها إذا دعاها للفراش وشدد عيها في ذلك قَالَ رَسُولُ اللهِ :إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ ، فَأَبَتْ عَلَيْهِ ، فَبَاتَ وَهُوَ غَضْبَانُ ، لَعَنَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ. وفي رواية : (إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ ، فَأَبَتْ أَنْ تَجِيءَ ، لَعَنَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ.وفي رواية : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهَا ، فَتَأْبَى عَلَيْهِ ، إِلاَّ كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا ، حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا. وفي رواية : إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ ، فَلَمْ تُجِبْهُ ، فَبَاتَتْ عَاصِيَةٌ ، لَعَنَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ).(( أخرجه ابن أبي شَيْبَة 4/306(17133) و"أحمد" 2/439(9669) و"البُخاري" 3237 و"مسلم" 3530 )).
    فمن هذه النصوص يتبين أنه لا يجوز للمرأة أن تمنع زوجها إذا دعاها للفراش، ولو كانت في شغل شاغل؛ إلا أن يكون لها عذر، قال المباركفوري في تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي عند قوله : (وإن كانت على التنور)قال: وإن كانت تخبز على التنور مع أنه شغل شاغل لا يتفرغ منه إلى غيره إلا بعد انقضائه انتهى.(المباركفوري : تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي 4/271).
    فمن الأخطاء الامتناع على الزوج إذا دعاها للفراش إما بحجة أنها مرهقة أو أنها تريد إغضابه أو لجهلها، وما علمت أنها قد حرمت زوجها من أعظم حقوقه وعرضت نفسها للوعيد الشديد لأن من أعظم غايات النكاح أن يعف الرجل نفسه ويقيها مهالك الشهوة.
    فلا يجوز لها الامتناع عنه إلا أن يكون لديها عذر شرعي من حيض ونفاس، أو يكون ذلك في نهار رمضان، أو أي سبب شرعي آخر يمنع من هذا اللقاء، ما عدا ذلك فلا يحل لها ولا يحق أن تمنع نفسها من زوجها متى طلبها.
    عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ Sadاثْنَانِ لا تُجَاوِزُ صَلاتُهُمَا رُءُوسَهُمَا : عَبْدٌ أَبَقَ مِنْ مَوَالِيهِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ ، وَامْرَأَةٌ عَصَتْ زَوْجَهَا حَتَّى تَرْجِعَ).(أخرجه الحاكم (4/191 ، رقم 7330) . قال المناوى (1/150) : صحيح ، ورده الذهبي بأنه من حديث بكر بن بكار وهو ضعيف . وأخرجه أيضًا : الطبراني في الأوسط (4/67 ، رقم 3628) ، وفى الصغير (1/289 ، رقم 478) من وجه آخر ليس فيه بكر بن بكار الضعيف . قال المنذرى (3/18) : إسناد جيده . وقال الهيثمى (4/313) : رجاله ثقات .وذكره الألباني في الصحيحة 1/580.).
    عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - - :«لا تُؤذِي امْرَأَةٌ زَوجَهَا إِلاَّ قَالَتْ زَوجَتُهُ مِنَ الْحُور العِينِ : لا تُؤْذِيهِ قَاتَلَكِ اللهُ! فَإِنَّمَا هُوَ عِندَكِ دَخِيلٌ أَوْشَكَ أَنْ يُفَارِقَكِ إِلَينَا»( الترمذي ( 1147 ) ، ابن ماجه ( 2014 ) باب في المرأة تؤذي زوجها ، تعليق الألباني "صحيح" ، أحمد ( 22154 )).
    ولطالما عنف أصحابه الذين ضيعوا أو همّوا أن يضيعوا حقوق زوجاتهم في الفراش، وقد نقلت لنا كتب السنة كثيرا من هذا, ومن ذلك ما أخرجه أبو داود وأحمد واللفظ له عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النبي . قَالَتْSadدَخَلَتْ عَلَىَّ خُوَيْلَةُ بِنْتُ حَكِيمِ بْنِ امَيَّةَ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ الاوْقَصِ السُّلَمِيَّةُ ، وَكَانَتْ عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ . قَالَتْ: فرأى رَسُولُ اللَّه ِبَذَاذَةَ هَيْئَتِهَا . فَقَالَ لي: يَا عَائِشَةُ ، مَا ابَذَّ هَيْئَةَ خُوَيْلَةَ . قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، امرأة لا زَوْجَ لَهَا ، يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ ، فهي كَمَنْ لا زَوْجَ لَهَا ، فَتَرَكَتْ نَفْسَهَا وَاضَاعَتْهَا . قَالَتْ: فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ إلى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ فَجَاءَهُ . فَقال : يَا عُثْمَانُ ، ارَغْبَةً عَنْ سنتي ؟ قال : فَقال : لا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَلَكِنْ سُنَّتَكَ اطْلُبُ . قَالَ : فإني أنام وأصلى ، وأصوم وَافْطِرُ ، وَانْكِحُ النِّسَاءَ . فَاتَّقِ اللَّهَ يَا عُثْمَانُ ، فَانَّ لأهلك عَلَيْكَ حَقًّا ، وَانَّ لِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَانَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، فَصُمْ وَافْطِرْ ، وَصَلِّ وَنَمْ).((أخرجه أحمد 6/268 ، وأبو داود (1369) .).
    ذكر الزبير بن بكار حدثني إبراهيم الحزامي عن محمد بن معن الغفاري قال:أتتامرأة إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ فقالت:يا أمير المؤمنين، إن زوجي يصومالنهار ويقوم الليل وأنا أكره أن أشكوه،وهو يعمل بطاعة الله عز وجل. فقال لها: نعم الزوج زوجك:فجعلت تكرر عليه القول وهو يكرر عليها الجواب.فقال له كعبالأسدي:يا أمير المؤمنين، هذه المرأة تشكو زوجها في مباعدته إياها عنفراشه.فقال عمر: كما فهمت كلامها فاقض بينهما.فقال كعب:علي بزوجها، فأتيبه فقال له:إن امرأتك هذه تشكوك.قال:أفي طعام أم شراب؟ قال لا.فقالتالمرأة:

    يا أيها القاضي الحكيم أرشده * * * ألهى حليلي عن فراشي مسجده
    زهده في مضجعي تعبده * * * نهاره وليله ما يرقده
    فلست من أمر النساء أحمده * * * فاقض القضا يا كعب لا تردده
    فقال الزوج :

    زهدني في قربها وفي الحجل * * * أني امرؤٌ أذهلني ما قد نزل
    في سورة النحل وفي السبع الطول * * * وفي كتاب الله تخويفٍ جلل
    فقال كعب :

    إن لها حقاً عليك يا رجل * * * نصيبها في أربع لمن عقل
    فأعطها ذاك * * * ودع عنك العلل
    ثم قال :إن الله سبحانه وتعالى قد أحل لك من النساء مثنى وثلاث ورباع ، فلك ثلاثة أيام ولياليهن تعبد فيهن ربك ، ولها يومٌ وليلة .
    فقال عمر رضي الله عنه لكعب :ما أدري من أي أمريك أعجب أمن فهمك أمرهما ، أم من حكمك بينهما اذهب فقد وليتك القضاء بالبصرة (السيوطي : الدر المنثور 1/654, نهاية الأرب في فنون الأدب للنويري 6/239 , الأذكياء لابن الجوزي 99).
    وفي الختام أقول لكل زوجين :احرصا على بناء بيتكما على أساس التّقوى فإنها أزهى وأربى، فإن من أحاط بيته بالمحرّمات أذِن بحلول الشّقاء؛ لأن الذّنوب تعسِّر الأمورَ، وتوحِش القلبَ بين الزّوجين، وكلّما كان الزّواج أقربَ إلى الصّواب كانَ أحرى بالتّوفيق.
    ولأن المعصية تجلب الهم والغم، وتولد الشقاء والتعاسة، وتجلب سواداً في الوجه وقسوةً في القلب، وتتبدل السعادة إلى شقاء والحب إلى كره إلى غير ذلك , وتجعل المرء مغيّيباً في سجون شهواته ونزواته , ولن ينال العفو والمعافاة إلا بالإنابة إلى ربه , والرجوع إلى مولاه.
    وقال أبو علي الدقاق رحمه الله :ظهرت علة بالملك يعقوب بن الليث أعيت الأطباء ، فقالوا له : في ولايتك رجل صالح يسمى سهل بن عبد الله لو دعا لك لعل الله يستجيب له ، فاستحضره ، فقال : ادع الله ، فقال : كيف يستجاب دعائي فيك.
    وفي حسبك مظلومون ، فأطلق كل من حبسه ، فقال سهل : اللهم كما أريته ذل المعصية ، فأره عز الطاعة وفرج عنه فعوفي .(الأصفهاني : حلية الأولياء 10/201 , إسماعيل حقي: تفسير روح البيان 8/221).
    قال جعفر بن محمد :من أخرجه الله من ذل المعصية إلى عز التقوى أغناه الله بلا مال وأعزه بلا عشيرة وآنسه بلا أنيس ومن خاف الله أخاف منه كل شيء ومن لم يخف الله أخافه من كل شئ .(الشورى:44، 45.).
    والمعصية شؤم على صاحبها , بل وعلى أهله أيضا لأنها ذل في هذه الدنيا، وهي ذل في الآخرة أيضا عندما يرى العاصي نتاج عمله وقطوف زرعه، يقول سبحانهSadوَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ مِّن بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ)(البيهقي : شعب الإيمان 5/450).
    قال بعض السلف:إني لأعصى الله فأرى ذلك في خلق امرأتي ودابتي.
    فيا أيها الزوجان حرصا على طاعة الله وعلى تحكيم شرعه عند كل خلاف بينكما , واعلما أن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل . وكونا ممن يدعوان الله دائما :{وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}(سورة الفرقان :74).
    بارك الله لكل زوجين وبارك عليهما وجمع بينهما على خير وفي الخير

    ------------


    المضوع منقول للدكتور /
    بدر عبد الحميد هميسه

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 02, 2024 12:34 pm