آل راشد



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

آل راشد

آل راشد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
آل راشد

ثقافى-اجتماعى

*** - اللَّهُمَّ اَنَكَ عَفْوٍ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعِفُو عَنَّا - *** - اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك . *** - اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ الْمَوْتِ وَ ارْزُقْنَا حُسْنَ الْخَاتِمَةِ . *** -

إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا شَابَتْ عَبِيدَهُمْ.. .. فِي رِقِّهِمْ عَتَقُوهُمْ عِتْقَ أَبْرَارٍ .. .. وَأَنْتَ يَا خَالِقِيُّ أوْلَى بِذَا كَرَمًا.. .. قَدْ شُبْتُ فِي الرِّقِّ فَأَعْتَقَنِي مِنَ النَّارِ .

المواضيع الأخيرة

» عقيدة السلف الصالح للشيخ المحدث محمد الطيب بن إسحاق الأنصاري المدني
دولة المـمـاليك Ooou110اليوم في 4:19 pm من طرف عبدالله الآحد

» أَسْرارُ اَلْمُسَبَّحَةِ اَوْ السُّبْحَةِ وَأَنْواعُها وَأَعْدادُها - - ( ( الجُزْءُ أَلْأَولٌ ) )
دولة المـمـاليك Ooou110أمس في 6:20 pm من طرف صادق النور

» عظمة الله سبحانه وتعالى والتحذير من الاستهزاء بالله والعياذ بالله
دولة المـمـاليك Ooou110أمس في 5:54 pm من طرف عبدالله الآحد

» أَسْرارُ اَلْمُسَبَّحَةِ اَوْ السُّبْحَةِ وَأَنْواعُها وَأَعْدادُها - - ( ( اَلْجُزْءُ الثَّانِي ))
دولة المـمـاليك Ooou110أمس في 8:06 am من طرف صادق النور

» أقسام صفات الله
دولة المـمـاليك Ooou110السبت أبريل 27, 2024 8:52 pm من طرف عبدالله الآحد

» اثبات أن الله يتكلم بالصوت والحرف وأن القرآن كلامه حقيقة
دولة المـمـاليك Ooou110الجمعة أبريل 26, 2024 4:11 pm من طرف عبدالله الآحد

» الرياء شرك أصغر إن كان يسيرا
دولة المـمـاليك Ooou110الخميس أبريل 25, 2024 4:39 pm من طرف عبدالله الآحد

» لم يصح تأويل صفة من صفات الله عن أحد من السلف
دولة المـمـاليك Ooou110الأربعاء أبريل 24, 2024 5:12 pm من طرف عبدالله الآحد

» إثبات رؤية الله للمؤمنين في الجنة
دولة المـمـاليك Ooou110الثلاثاء أبريل 23, 2024 7:24 am من طرف عبدالله الآحد

» الرد على من زعم أن أهل السنة وافقوا اليهود
دولة المـمـاليك Ooou110الثلاثاء أبريل 23, 2024 5:40 am من طرف عبدالله الآحد

اهلا بكم

الثلاثاء نوفمبر 08, 2011 2:32 am من طرف mohamed yousef

دولة المـمـاليك Ooousu10

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 52 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 52 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الأربعاء سبتمبر 15, 2021 4:26 am

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 9635 مساهمة في هذا المنتدى في 3193 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 286 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو عبدالرحمن فمرحباً به.

دخول

لقد نسيت كلمة السر

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع


    دولة المـمـاليك

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5191
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود دولة المـمـاليك

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين ديسمبر 31, 2012 8:47 pm

    دولة المماليك

    قصة دولة المماليك .. الدولة التي قامت على أكتاف الرقيق، ولكنهم بإخلاصهم وشجاعتهم أقاموا للإسلام دولة استطاعت رد جحافل التتار والقضاء النهائي على الصليبيين، مع بيان فنون الحضارة والسياسة داخلها


    من هم المماليك...

    المماليك هم سلالة من الجنود حكمت مصر والشام والعراق وأجزاء من الجزيرة العربية أكثر من قرنين ونصف القرن وبالتحديد من 1250 إلى 1517 م.تعود أصولهم إلى آسيا الوسطى.قبل أن يستقروا بمصر و التي أسسوا بها دولتين متعاقبتين كانت عاصمتها هي القاهرة: الأولى دولة المماليك البحرية، ومن أبرز سلاطينها عز الدين أيبك وقطز والظاهر بيبرس والمنصور قلاوون والناصر محمد بن قلاوون والأشرف صلاح الدين خليل الذي استعاد عكا وآخر معاقل الصليبيين في بلاد الشام، ثم تلتها مباشرة دولة المماليك البرجية بانقلاب عسكري قام به السلطان الشركسي برقوق الذي تصدى فيما بعد لتيمورلنك واستعاد ما احتله التتار في بلاد الشام والعراق ومنها بغداد. فبدأت دولة المماليك البرجية الذين عرف في عهدهم أقصى اتساع لدولة المماليك في القرن التاسع الهجري الخامس عشر الميلادي. وكان من أبرز سلاطينهم برقوق وابنه فرج وإينال والأشرف سيف الدين برسباي فاتح قبرص وقانصوه الغوري وطومان باي.

    كان هؤلاء المماليك عبيدا استقدمهم الأيوبيون، زاد نفوذهم حتى تمكنوا من الاستيلاء على السلطة سنة 1250 م. كان خطة هؤلاء القادة تقوم استقدام المماليك من بلدان غير إسلامية، وكانوا في الأغلب أطفالاً يتم تربيتهم وفق قواعد صارمة في ثكنات عسكرية معزولة عن العالم الخارجي، حتى يتم ضمان ولاؤهم التام للحاكم. بفضل هذا النظام تمتعت دولة المماليك بنوع من الاستقرار كان نادرا آنذاك.

    قام المماليك في أول عهد دولتهم بصد الغزو المغولي على بلاد الشام ومصر وكانت قمة التصدي في موقعة عين جالوت. بعدها وفي عهد السلطان بيبرس (1260-1277 م) والسلاطين من بعده، ركز المماليك جهودهم على الإمارات الصليبية في الشام. قضوا سنة 1290 م على آخر معاقل الصليبيين في بلاد الشام (عكا).

    أصبحت القاهرة مركزا رئيسا للتبادل التجاري بين الشرق والغرب، وازدهرت التجارة ومعها اقتصاد الدولة. قام السلطان برقوق (1382-1399 م) بقيادة حملات ناجحة ضد تيمورلنك وأعاد تنظيم الدولة من جديد. حاول السلطان برسباي (1422-1438 م) أن يسيطر على المعاملات التجارية في مملكته، كان للعملية تأثير سيء على حركة هذه النشاطات. قام برسباي بعدها بشن حملات بحرية ناجحة نحو قبرص.

    منذ العام 1450 م بدأت دولة المماليك تفقد سيطرتها على النشاطات التجارية. أخذت الحالة الاقتصادية للدولة تتدهور. ثم زاد الأمر سوءا التقدم الذي أحرزته الدول الأخرى على حسابهم في مجال تصنيع الآلات الحربية.

    سنة 1517 م يتمكن السلطان العثماني سليم الأول من القضاء على دولتهم. ضمت مصر، الشام والحجاز إلى أراض الدولة العثمانية.

    تمتع المماليك خلال دولتهم بشرعية دينية في العالم الإسلامي وهذا لسبيبن، تمكلهم لأراضي الحجاز والحرمين، ثم استضافتهم للخلفاء العباسيين في القاهرة منذ 1260 م.

    أصل المماليك

    كانت تسمية المماليك تشير إلى العبيد البيض الذين كانوا فرسانا وجنودا محاربين يؤسرون في الحروب أو أطفالا صغارا يخطفون في غارات لصوصية أو كسبايا في حروب يتم عرضهم على مندوبي الدول والحكومات في أماكن خاصة حيث يتم إفتداؤهم بمبالغ مالية تدفع للمسؤلين عنهم ، ويتم جلبهم إلى الدولة المعنية وهي هنا الدولة الأيوبية ومن قبلها الدولة العباسية ليتم تعليمهم وتدريبهم في مدارس عسكرية خاصة ليتخرجوا منها قادة وفرسانا وجنودا مؤهلين يرفدون الجيش ويمدوه بدماء وخبرات وقدرات جديدة تزيد في قوة الجيش ومنعة الدولة، وقد استولوا على الحكم في مصر في نهاية حكم الدولة الأيوبية بمصر وضعف وعدم أهلية ملوكها وسلاطينها. قد كانت فكرة الاستعانة بالمماليك في الشرق الأدنى منذ أيام العباسيين.
    وأول من إستخدمهم كان الخليفة المأمون. ولكن استقدم الخليفة العباسي المعتصم بالله جنود تركمان ووضعهم في الجيش كي يعزز مكانته بعد ما فقد الثقة في العرب والفرس التي قامت عليهم الدولة العباسية، ولقد شجع ذلك الخلفاء والحكام الآخرين في جلب المماليك.
    واستخدم حكام مصر من الطولونيين والأخشيديين والفاطميين والأيوبيين المماليك. أحمد بن طولون (835-884م) كان يشترى مماليك الديلم، ولقد كانوا من جنوب بحر قزوين، ووصل عددهم إلي 24 ألف تركى وألف أسود و 7 آلاف مرتزق حر.جلب الأسرى من القفقاس وآسيا الصغرى إلى مصر من قبل السلطان الصالح أيوب
    لذا يكون أصل المماليك من الأتراك والروم والأوروبيين والشراكسة, إفتداهم مندوبي السلاطين ووكلاءهم وتم جلبهم إلى الدولة بعد ذلك ليستعينوا بهم في تقوية الجيش وزيادة قدراته وأعداده. و كان كل حاكم يتخذ منهم قوة تسانده، ودعم الأمن والاستقرار في إمارته أو مملكته. وممن عمل على جلبهم الأيوبيون. كما كان المماليك يبايعون الملوك والأمراء، ثم يدربون تدريبا عسكريا راقيا ويتلقون علوما شرعية وعلوما عامة ويربّون على الطاعة والإخلاص والولاء.
    مماليك الدولة الإخشيدية والفاطمية

    عندما قامت الدولة الإخشيدية، محمد بن طغج الإخشيد أتي بتركمان من الديلم، وكان عددهم كبير 400 ألف ومنهم حرسه الشخصي ويقدر عددهم بثمانية آلاف مملوك.

    لقد إحتاج الفاطميون إلي جيش كبير يساعدهم علي الحروب ويعينهم علي التوسع في الشرق. كان جيشهم الأول من المغاربة وعرب المغرب وإفريقية وذلك عند دخولهم مصر وزودوا عليه عسكر من الترك والديلم والسودانيين والبربر. توسع السلطان الأيوبي الصالح نجم الدين أيوب في شراء المماليك واستعان بهم ضد منافسيه الأيوبيين في الشام واسكنهم معه في جزيرة الروضة الواقعة في نيل القاهرة واسماهم " المماليك البحرية " نسبة إلى سكنتهم وسط بحر النيل أو لقدومهم من وراء البحر

    وفي تلك الأثناء كان المماليك رجال معتادين علي خوض الحروب وحمل السيف والرمح، ومعظمهم التحق بذلك النظام العسكري الصارم كوسيلة من وسائل طلب الرزق تماما كالسعي للوظائف العسكرية أو المدنية في العصر الحاضر والتي تستهلك معظم أو كل عمر الإنسان في خدمة مهام وظيفته ومسؤوليه وموظفيه ، مقابل تقاضيه أجوره ورواتبه الشهرية . ولكن في ظل الدولة الأيوبية عامة وفي عهد السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب خاصة تغير ذلك النظام وأصبح ذو طابع خاص.

    مماليك الصالح نجم الدين أيوب

    عندما أصبحت السلطة في يد الأيوبيين أخدوا يشترون المماليك بكميات عظيمة وذلك لخوض حروبهم مع الصليبيين تارة ومع أنفسهم تارة أخرى ؛ وذلك لعدم رغبة الأيوبيون في محاربة المسلمين بعضهم البعض فكانوا يشترون المماليك لذلك الهدف في بادئ الأمر. ولكن عندما تسلطن السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب أخذ في شراء الغلمان الصغار وذلك ليدربهم علي امتشاق الحسام والرمح وليجعل في نفوسهم الطاعة له فكان لهم بمثابة الأب وبنى لهم معسكرات وبراج في جزيرة الروضة في القاهرة وأسكنهم اياها وكذلك جعل منهم فرقة لقلعة الجبل. وعمل لهم نظام تدريب خاص ومعيشة خاصة، فأصبح له ولائهم وحبهم وإخلاصهم.

    والذي أوعز إلي السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب بهذا الأمر هو تمرد عسكره الأيبوبيين عليه في المعارك، وكذلك كثرة نفقات العسكر الخوارزمية المرتزقة الذين غالوا في نفقاتهم وأجورهم.

    أخذ السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب في بناء قلعة الروضة ووضع بها المماليك الخاصة التي سميت باسم المماليك البحرية.وانتسب المماليك البحرية بالسلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب فكانوا يلقبون باسم "المماليك الصالحيه النجميه".دولة المـمـاليك 428px-Three_Mamelukes_with_lances_on_horseback

    تربية المماليك




    كان الصالح أيوب -ومن تبعه من الأمراء- لا يتعاملون مع المماليك كرقيق.. بل على العكس من ذلك تماماً.. فقد كانوا يقربونهم جداً منهم لدرجة تكاد تقترب من درجة أبنائهم.. ولم تكن الرابطة التي تربط بين المالك والمملوك هي رابطة السيد والعبد أبداً، بل رابطة المعلم والتلميذ، أو رابطة الأب والابن، أو رابطة كبير العائلة وأبناء عائلته.. وهذه كلها روابط تعتمد على الحب في الأساس، لا على القهر أو المادة.. حتى إنهم كانوا يطلقون على السيد الذي يفتديهم لقب "الأستاذ" وليس لقب "السيد"..

    ويشرح لنا المقريزي كيف كان يتربى المملوك الصغير الذي يُشترى وهو ما زال في طفولته المبكرة، فيقول: "إن أول المراحل في حياة المملوك هي أن يتعلم اللغة العربية قراءة وكتابة، ثم بعد ذلك يُدفع إلي من يعلمه القرآن الكريم، ثم يبدأ في تعلم مبادئ الفقه الإسلامي، وآداب الشريعة الإسلامية.. ويُهتم جداً بتدريبه على الصلاة، وكذلك على الأذكار النبوية، ويُراقب المملوك مراقبة شديدة من مؤدبيه ومعلميه، فإذا ارتكب خطأً يمس الآداب الإسلامية نُبه إلى ذلك، ثم عوقب"..

    لهذه التربية المتميزة كان أطفال المماليك ينشأون عادة وهم يعظمون أمر الدين الإسلامي جدًا، وتتكون لديهم خلفية واسعة جداً عن الفقه الإسلامي، وتظل مكانة العلم والعلماء عالية جداً جداً عند المماليك طيلة حياتهم، وهذا ما يفسر النهضة العلمية الراقية التي حدثت في زمان المماليك، وكيف كانوا يقدرون العلماء حتى ولو خالفوهم في الرأي.. ولذلك ظهر في زمان دولة المماليك الكثير من علماء المسلمين الأفذاذ من أمثال العز بن عبد السلام والنووي وابن تيمية وابن القيم الجوزية وابن حجر العسقلاني وابن كثير والمقريزي وابن جماعة وابن قدامة المقدسي رحمهم الله جميعاً، وظهر وترعرع أيضاً في عهدهم ودولتهم أعداد هائلة من العلماء يصعب حصرهم..

    ثم إذا وصل المملوك بعد ذلك إلى سن البلوغ جاء معلمو الفروسية ومدربو القتال فيعلمونهم فنون الحرب والقتال وركوب الخيل والرمي بالسهام والضرب بالسيوف، حتى يصلوا إلى مستويات عالية جداً في المهارة القتالية، والقوة البدنية، والقدرة على تحمل المشاق والصعاب..

    ثم يتدربون بعد ذلك على أمور القيادة والإدارة ووضع الخطط الحربية، وحل المشكلات العسكرية، والتصرف في الأمور الصعبة، فينشأ المملوك وهو متفوق تماماً في المجال العسكري والإداري، وذلك بالإضافة إلى حمية دينية كبيرة، وغيرة إسلامية واضحة.. وهذا كله - بلا شك - كان يثبت أقدام المماليك تماماً في أرض القتال..

    وكل ما سبق يشير إلى دور من أعظم أدوار المربين والآباء والدعاة، وهو الاهتمام الدقيق بالنشء الصغير، فهو عادة ما يكون سهل التشكيل، ليس في عقله أفكار منحرفة، ولا عقائد فاسدة، كما أنه يتمتع بالحمية والقوة والنشاط، وكل ذلك يؤهله لتأدية الواجبات الصعبة والمهام الضخمة على أفضل ما يكون الأداء..

    وفي كل هذه المراحل من التربية كان السيد الذي افتداهم يتابع كل هذه الخطوات بدقة، بل أحياناً كان السلطان الصالح أيوب - - يطمإن بنفسه على طعامهم وشرابهم وراحتهم، وكان كثيراً ما يجلس للأكل معهم، ويكثر من التبسط إليهم، وكان المماليك يحبونه حباً كبيراً حقيقياً، ويدينون له بالولاء التام..

    وهكذا دائماً.. إذا كان القائد يخالط شعبه، ويشعر بهم، ويفرح لفرحهم، ويحزن لحزنهم، ويتألم لألمهم، فإنهم -ولاشك- يحبونه ويعظمونه، ولا شك أيضاً أنهم يثقون به، وإذا أمرهم بجهاد استجابوا سريعاً، وإذا كلفهم أمراً تسابقوا لتنفيذه، وبذلوا أرواحهم لتحقيقه.. أما إذا كان القائد في حالة انفصال عن شعبه، وكان يعيش حياته المترفة بعيداً عن رعيته.. يتمتع بكل ملذات الحياة وهم في كدحهم يعانون ويتألمون، فإنهم لا يشعرون ناحيته بأي انتماء.. بل إنهم قد يفقدون الانتماء إلى أوطانهم نفسها.. ويصبح الإصلاح والبناء في هذه الحالة ضرباً من المستحيل..

    وكان المملوك إذا أظهر نبوغاً عسكرياً ودينياً فإنه يترقى في المناصب من رتبة إلى رتبة، فيصبح هو قائداً لغيره من المماليك، ثم إذا نبغ أكثر أعطي بعض الإقطاعات في الدولة فيمتلكها، فتدر عليه أرباحاً وفيرة، وقد يُعطى إقطاعات كبيرة، بل قد يصل إلى درجة أمير، وهم أمراء الأقاليم المختلفة، وأمراء الفرق في الجيش وهكذا..

    وكان المماليك في الاسم ينتسبون عادة إلى السيد الذي افتداهم بماله.. فالمماليك الذين افتداهم الملك الصالح يعرفون بالصالحية، والذين افتداهم الملك الكامل يعرفون بالكاملية وهكذا..

    وقد زاد عدد المماليك الصالحية، وقوي نفوذهم وشأنهم في عهد الملك الصالح أيوب، حتى بنى لنفسه قصراً على النيل، وبنى للمماليك قلعة إلى جواره تماماً.. وكان القصر والقلعة في منطقة الروضة بالقاهرة، وكان النيل يعرف بالبحر، ولذلك اشتهرت تسمية المماليك الصالحية "بالمماليك البحرية" (لأنهم يسكنون بجوار البحر).

    وهكذا وطد الملك الصالح أيوب ملكه بالاستعانة بالمماليك الذين وصلوا إلى أرقى المناصب في جيشه وفي دولته، وتولى قيادة الجيش في عهده أحد المماليك البارزين اسمه "فارس الدين أقطاي"، وكان الذي يليه في الدرجة هو ركن الدين بيبرس، فهما بذلك من المماليك البحرية..

    فكرة الاستعانة بالمماليك في الشرق الأدنى بدت من أيام العباسيين. وأول واحد إستخدمهم كان الخليفة المأمون. ثم جاء الخليفة المعتصم فأتى بالتركمان واستخدمهم في الجيش لكي يعزز مكانته بعد ما فقد الثقة في العرب وفي الفرس الذين قامت عليهم الدولة العباسية، وكانت تلك بداية جديده شجعت الخلفاء والحكام من بعده لفعل ذات الشيء. فولاة مصر من الطولونيين الأخشيديين والفاطميين استخدموا المماليك، منهم أحمد بن طولون (835-884م) كان يشترى مماليك الديلم، وهم من جنوب بحر قزوين، وقد وصل عددهم 24 ألف تركى وألف أسود و 7 آلاف مرتزق حر.

    وكذلك فعل الأيوبيون فجلبوا المماليك إليهم، ثم ازداد نفوذهم في فترة إزدادت فيها إخفاقات الأيوبيين ونشبت صراعات فيما بينهم، حتى تمكنوا من الاستيلاء على السلطة سنة 1250 م. كانت خطة الأيوبيون تقوم على استقدام المماليك من بلدان غير إسلامية، وكانوا في الأغلب أطفالاً يتم تربيتهم وفق قواعد صارمة في ثكنات عسكرية معزولة عن العالم الخارجي، حتى يتم ضمان ولائهم.

    مماليك الدولة الإخشيدية والفاطمية
    عندما قامت الدولة الإخشيدية، أتى محمد بن طغج الإخشيدي بأتراك الديلم، ووصل عددهم إلى 400 ألف ومنهم حراسه الشخصيين الذين قاربوا 8 آلاف مملوك. أما الفاطميين فقد كانوا محتاجين لجيش كبير ليستقوا به أنفسهم في مصر ويعينهم على التوسع شرقا. فقد كان جيشهم في الأول كان من المغاربة لكن عند دخولهم مصر أضافوا إليه عساكر ترك وديلم وسودانيين وبربر.

    مماليك الصالح نجم الدين أيوب
    كان بعض المماليك فرسانا وجنودا معتادون على الحروب وفنون القتال، و قدانضم أكثرهم من تلقاءنفسه إلى النظام ، بالإضافة لأسرى الحروب والأطفال المختطفين من قبل العصابات أو المسبيين نتيجة الحروب. وعندما جاء السلطان الصالح نجم الدين أيوب في أواخر العصر الأيوبي غير النظام وجعل له شكل آخر. فقد كان الأيوبيون منذ زمن صلاح الدين الأيوبى يجلبوا عسكر مماليك متدربين على الحروب، حتى زمن الصالح أيوب في قمة صراعاته مع أيوبيي الشام تخلى عنه مماليكه وعسكره من الخوارزمية الذين كانوا يعملون لديه بالأجرة. فاضطر إلى التركيز على جلب لأطفال الصغار ليربيهم عنده ويدربهم ويصبح ولائهم خالصا إليه بدلا من الجنود والفرسان الكبار السن ، الذين يمكن أن تتبدل ولاءاتهم حسب الظروف. وبدأ بشراء مماليك صغار السن وبنى لهم معسكرا وأبراج في جزيرة الروضة واسكنهم هناك فسموا بالمماليك البحرية. وجعل لهم نظام معيشة وتدريب معين، وقد كان شديد العطف عليهم حتى أحبوه وأخلصوا له وقدمهم على الكرد والعرب. وقد انتسبت تلك المماليك إليه وتلقبوا بلقبه، فكان يقال عنهم "المماليك الصالحية النجمية"، ويضاف لأسمائهم لقب "الصالحى النجمى"، مثل عز الدين أيبك الصالحى النجمى، والظاهر بيبرس الصالحى النجمى، وقلاوون الصالحى النجمى، وغيرهم.

    دولة المماليك

    عتبر فترة حكم المماليك من الفترات التاريخية المجهولة عند كثير من المسلمين، وذلك قد يكون راجعاً لعدة عوامل.. لعل من أهمها أن الأمة الإسلامية في ذلك الوقت كانت قد تفرقت تفرقاً كبيراً، حتى كثرت الإمارات والدويلات، وصغر حجمها إلى الدرجة التي كانت فيها بعض الإمارات لا تتعدى مدينة واحدة فقط .. وبالتالي فدراسة هذه الفترة تحتاج إلى مجهود ضخم لمتابعة الأحوال في العديد من الأقطار الإسلامية.

    من العوامل التي أدت إلى جهل المسلمين بهذه الفترة أيضاً: كثرة الولاة والسلاطين في دولة المماليك ذاتها، ويكفي أن نشير إلى أن دولة المماليك الأولى - والمعروفة باسم دولة المماليك البحرية (وسنأتي إلى تعريف ذلك الاسم لاحقاً)- حكمت حوالي 144 سنة، وفي خلال هذه الفترة حكم 29 سلطانًا.. وذلك يعني أن متوسط حكم السلطان لم يكن يتعدى خمس سنوات.. وإن كان بعضهم قد حكم فترات طويلة، فإن الكثير منهم قد حكم عاماً أو عامين فقط! و كانت القوة والسلاح غالبا هي وسيلة التغيير الرئيسية للسلاطين في دولة المماليك البحرية هذه، حيث سارت البلاد على القاعدة التي وضعها أحد سلاطين الدولة الأيوبية (الذين سبقوا المماليك مباشرة) وهو السلطان "العادل الأيوبي"، والتي تقول: "الحكم لمن غلب".

    ولعل من أهم أسباب عدم معرفة كثيرين بدولة المماليك هو تزوير التاريخ الإسلامي، والذي تولى كبره المسلمين المفتونين بهم والمتتلمذين عليهم, والذين شوهوا تاريخ المماليك لإنجازاتهم المشرّفة والهامة؛ والتي كان منها: وقوفهم سداً منيعاً لصد هجمات التتار والصليبيون. حيث كان للمماليك جهاد طويل على مدى تاريخهم ضد هاتين القوتين ، وهكذا ظلت دولة المماليك تحمل راية الإسلام والخلافة الإسلامية في الأرض قرابة ثلاثة قرون، إلى أن تسلمت الخلافة العثمانية راية المسلمين

    تأسيس الدولة المملوكية
    عند وفاة الملك الصالح أيوب في المنصورة، وكانت الحرب قائمة ضد الفرنج الصليبيون ويقودهم لويس التاسع ملك فرنسا عند غزوهم دمياط وكانوا متجهين إلى القاهرة، فجلب المماليك إبنه توران شاه من حصن كيفا كي يقود الحرب ويستلم الحكم، وبعد انتهاء معركة المنصورة وأسر لويس التاسع سنة 1250، أساء السلطان الجديد التصرف مع المماليك فاغتالوه عند فارسكور بعد ذلك تسلطنت شجر الدر أرملة الصالح أيوب على عرش مصر بمساندة وتأييد المماليك البحرية وبذلك فقد الأيوبيون سيطرتهم على مصر.

    لم يرض كلا من الأيوبيين في الشام في دمشق والخليفة العباسى المستعصم بالله في بغداد بانتزاع عرش الأيوبيين في مصر وتنصيب شجر الدر ورفضا الاعتراف بسلطانها فقام الأمراء الأيوبيون بتسليم الكرك للملك المغيث عمر ودمشق للملك الناصر صلاح الدين يوسف الذي قبض على عدة من أمراء مصر في دمشق فرد المماليك بتجديد حلفهم لشجر الدر ونصبوا عز الدين أيبك أتابكا وقبضوا على الأمراء الميالون للناصر يوسف في القاهرة. وبعث المستعصم إلى الأمراء في مصر كتابا يقول: "ان كانت الرجال قد عدمت عندكم, فأعلمونا حتى نسير إليكم رجالا " .

    عدم اعتراف كلا من الخليفة العباسى وكذلك الأيوبيين في دمشق بسلطنة شجر الدر قد أربك المماليك في مصر وأقلقهم فراحوا يفكرون في وسائل توفيقية ترضى الأيوبيين والخليفة العباسي وتمنحهم شرعية لحكم البلاد فقرر المماليك تزويج شجر الدر من أيبك ثم تتنازل له عن العرش فيرضى الخليفة العباسي بجلوس رجل على تخت السلطنة ثم البحث عن رمز أيوبي يشارك أيبك الحكم اسميا فيهدأ خاطر الأيوبيين ويرضوا عن الوضع الجديد.

    تزوجت شجر الدر من أيبك وتنازلت له عن العرش بعد أن حكمت مصر ثمانين يوما بإرادة صلبة وحذق متناهي في ظروف عسكرية وسياسية غاية في التعقيد والخطورة بسبب غزو العدو الصليبي للأراضي المصرية وموت زوجها سلطان البلاد الصالح أيوب بينما الحرب ضد الصليبيين دائرة على الأرض الواقعة بين دمياط والمنصورة. نصب أيبك سلطانا وأتخذ لقب الملك المعز. وفي محاولة لإرضاء الأيوبيين والخليفة العباسي قام المماليك باحضار طفلا أيوبيا في السادسة من عمره, وقيل في نحو العاشرة من عمره , وسلطنوه باسم "الملك الأشرف مظفر الدين موسى" وأعلن أيبك أنه ليس سوى نائبا للخليفة العباسي وأن مصر لا تزال تابعا للخلافة العباسية كما كانت من قبل

    دولة المـمـاليك 220px-Bahri_Dynasty_1250_-_1382_%28AD%29_Masry

    نظام الدولة المملوكية
    بدأ نظام الحكم المملوكى بالملكة شجرة الدر وقد كان هذا الأمر بدعة في تاريخ مصر لم تحدث سوي مرات قليلة منها.

    عهد الملكة حتشبسوت، والتي حكمت مصر في العصر الفرعونى ومن ابرز ما أنشأته معبد الدير البحرى.
    الملكة تى والتي هي مشهورة في التاريخ باسم نفرت تى أو الملكة نفرتيتى والذي يعنى بالفرعونية الملكة تى الجميلة.
    عهد الملكة كليوباترا السابعة التي ماتت سنة 30 قبل الميلاد. ومن ناحيه أخرى أحدث النظام المملوكى تطوير كبير في نظم الحكم على مستوى العالم حيث ان النظام لم يكن قائم على التوريث لكن على اختيار الحاكم ووتلك كانت شيء جديد في تاريخ مصر ليست فقط علي مستوي مصر والشرق الأوسط لكن على مستوى العالم في العصور الوسطى.

    الدولة المملوكية كات منظمة من الناحية الإدارية. وأدخل المماليك أساليب جديدة للإدارة ومصطلحات لم تكن موجوده في مصر. على قمة هرم السلطة كان السلطان يرأس الدولة الذي تربع على العرش بتفويض من الخليفة العباسى في القاهرة. وعندما حاصر التتار بغداد وإحتلوها وقتلوا الخليفة المستعصم، ولي الظاهر بيبرس خليفة بدلا منه في القاهرة لكي يعطي المماليك الشرعية في الحكم. وبتفويض من الخليفة أصبح السلطان في يده كل شيء ومعه كل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية. لكن كان السلطان يعتمد في ذلك الأمر على قوة مماليكه وولائهم له وقدرتهم على كبح جماح مماليك الأمراء الآخرين. لذلك تاريخ الدولة المملوكية كان ممتلئ بسلاطين نصبوا نفسهم بعدما تمكنوا من السلطة الفعلية وجعلوا السلطان مجرد لعبة في أيديهم إلي أن يقدروا أن يخلعوه، إما بنفيه أو بقتله لو لم يسالم ويتنحي، ويتولي أميرهم بدلا منه. مثلما حدث للسلطان السعيد بركة ابن الظاهر بيبرس الذي عزله السلطان قلاوون وولي بدلا منه أخيه الأصغر العادل بدر الدين سلامش، إلي أن تمكن هو وممالكيه وعزلوه، وتربع قلاوون على العرش. ومثلما حدث لإبنه السلطان الناصر محمد من كتبغا وبيبرس الجاشنكير. وتلك أمور كانت تحدث في العصر المملوكي وكل دول العالم. لم تكن السلطنة في العصر المملوكي بالتوريث. ومن المؤكد وجود أبناء للسلاطين يورثوا الحكم كالسلطان السعيد بركة وسًلامش أنجال الظاهر بيبرس، ومن بعده أولاد وأحفاد السلطان قلاوون، ولكن العادة كانت تحتم أن يجلس أولاد السلاطين إلي أن تهدأ الأمور، وبعد ذلك يتخلعوا ويجلس بدلا منهم أمير قوى، الذي قد كان نائب السلطان والحاكم الحقيقى. الجلوس علي عرش السلطنة لم يكن بالتوريث ولا بالتفويض الشعبي بل كان بالتنافس علي القوة وكثرة المماليك والسلاح والإقطاعيات، لكن كان عادة بتفويض الأمراء الذين كانوا يجتمعون ويتفقون على تنصيب السلطان، وبطبيعة الحال الأمير الذين كانوا يختاروه كان اقواهم وله اتباع أكثر، أو اضعفهم فيجلسوه على العرش وينظموا بمفردهم شئون البلاد.

    الحرس السلطانى (المماليك السلطانية) أو الخاصكية كانوا أهم المماليك بالنسبة للدولة السلطانية. ووهؤلاء كان السلطان يهتم بهم وينفذ لهم كل ما يريدون، وكان يغدق عليهم بالكثير من الهدايا والهبات، لإن سلطنته وحياته نفسها كات متوقفه عليهم. وكان رئيس الحرس السلطانى يعتبر حاكم مطلق وله مماليكه وقواده وكانوا طبعا يعينوا في مراكز مهمة في السلطنة كوظيفة الدوادار، وهو المسئول عن نقل الرسائل بين أنحاء ومدائن السلطنة، وكان يشرف على مراكز البريد والحمام الزاجل (البريد الجوي) وكان معاه ختم السلطان الذي يختم بهجميع على الرسائل والمستندات السلطانية، وكان يحكم مصر في وقت غياب السلطان. والمؤرخ الكبير بيبرس الدوادار كان واحد منهم. وكان من المحتمل أن يكون رئيس الحرس السلطاني داوادار السلطنة. الدوادار كان تابع ديوان "أمير القلم" وده كان قسم في "ديوان الإنشا" المسئول عن علاقات مصر بالبلاد الأخرى، ووكتابة رسائل السلطان لملوك وسلاطين البلدان الأخرى، وكان لكل جواب صيغة متعارف بها بين السلطان وبقية السلاطين وفي حالة ما تكون الرسائل بصيغة أخرى كان السلطان يعرف أنها مغشوشة أو مزورة. وقد كان المؤرخ محيي الدين بن عبد الظاهر أحد رؤساء ديوان الإنشا، واخترع صيغ كتابة لم تكن تستعمل من قبل لتعارف العامة والطامعين علي الصيغ الأخرى.

    وإن لم يتولي رئيس الحرس السلطانة مهمة الدوادار كان يتولي قيادة الجيش ويطلق عليه أتابك العسكر أو الأمير الأكبر. وكان للقصر رئيس يشرف عليه اسمه "الأستادار" وكان المشرف على مخازن السلاح يعرف بالسلحدار ورئيس الإسطبلات كان بيلقب بأمير آخور.

    كان لكل طبقة من المماليك لباس معين مصنوع من أقمشة باهظة الثمن ومطرزة بالذهب والفضة، ووعندما يخرجوا مع السلطان في المواكب الفخمة كان لكل جماعة أميرها والناس تزاحم لكي تشاهد موكب السلطان.

    في العصر المملوكى كات مصر مقسمة على عشرين قسم كل قسم يتولاه والى أو أمير. وكان الوالى عبارة عن سلطان للمنطقة التي كان يحكمها. وأهم والى كان والى القاهرة وهذا كان أكبر أمير يحكم القاهرة وضواحيها وكان اسمه والى الشرطة ووالى الحرب. بعد حوادث الإسكندرية سنة (1365) أصبح في مدينة الإسكندرية والي عظيم الشأن وكان يحل محل السلطان في حالة غيابة عن البلاد هو ورئيس الحرس. ووقد كان قلعة الجبل والي، مقر الحكم وقصر السلطان، وكان يشرف علي باب المدرج وهو أكبر أبواب القلعة وكان فيه والى باب القله.

    وعندما توسعت الدولة المملوكية خارج مصر كان يرسل لها ولاة ينوبون عنه في حكم الشام والحجاز واليمن وأفريقية والعراقين وكانوا يسمون علي سبيل المثال نائب السلطان في ولاية الشام. وكانوا يختلفون عن نائب السلطان المباشر في القاهرة الملقب بكافل الممالك الشريفة، وكان مركزهم أقل منه ولم يملكوا صلاحياته التي كانت تقريبا نفس صلاحيات السلطان وكان من حقه أن يختم على مستندات الدولة وأن يحرك الجيش بدون غير أمر السلطان.

    كانت الدولة المملوكية في مصر من سنة 1250 إلي سنة 1517، المماليك البحرية، وكان معظمهم من أصل تركى (turkic) (ليسوااتراك من تركيا) حكموا إلي عام 1382، والمماليك البرجية وكان معظمهم من أصل شركسى حكموا من أيام السلطان برقوق إلي عام 1517. طومان باى كان أخر سلاطين الدولة المملوكية عندما فتحت الدولة العثمانية مصر وبدأ عصر الأتراك العثمانيين (اتراك من تركيا) وأصبحت مصر ولاية عثمانية. وعندما انتهي عصر المماليك في مصر كتب المؤرخ ابن إياس قصيدة شعر بدايتها تقول: " نوحوا على مصر لأمر قد جرى.. من حادث عمت مصيبته الورى".
    ------------------------------------------------------
    ما زلنا مع المماليك أقوا معنا ولا تنسونا من صالح دعائكم
    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5191
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود المماليك البرجية

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين ديسمبر 31, 2012 8:50 pm

    المماليك البرجية

    كان تيمور لنك ملك التتار قد اتخذَ من مسقطِ رأسه سمرقند عاصمةً له، واتجه إلى التوسُّعِ شرقًا وغربًا يحمل معه الدَّمار والقتل والدِّماء، فاستولى على بلادِ ما وراء النَّهر وخراسان وطبرستان، وخرَّبَ مدينةَ الرها في سنة (789هـ/ 1387م)، واستولى على بغداد سنة (795هـ/ 1393م) فأكثرَ فيها القتلَ والتَّدميرَ.

    ولم يجد حكَّامُ هذه المناطقِ مَنْ يلوذون به سوى المماليك، فلجأ إليهم أحمد بن أويس سلطان بغداد فأحسنَ إليه السلطان برقوق وأكرمَه، وكان أحمد بن أويس من أصلٍ مغولي ثم استعرب أجدادُه، وآل إليهم حكمُ العراق، ثُمَّ فرَّ أمام جيوش تيمور لنك.

    ووصل تيمور لنك إلى مشارفِ الشام، وطمع في الاستيلاء عليها، وأرسل كتابًا شديدَ اللهجةِ يحملُ كثيرًا من التهديد إلى السلطان برقوق، فقتل السُّلطانُ رسلَه واستعدَّ لحربِه، ولكن تيمور لنك شغل عنه بحروبِه في الجبهاتِ الأخرى وبخاصةٍ الهند.

    وأمدَّ السُّلطانُ برقوق بن أويس بالجند والعتاد حتَّى مكَّنه من استردادِ ملكه بعد عامين سنة (797هـ)، وجعله نائبًا عنه، وبذلك أصبحتْ بغدادُ من الناحية السياسية تابعةً لمصر وخاضعة لسلطة المماليك.

    أزعجت هذه الأنباءُ تيمور لنك فأسرعَ بالعودةِ من الهند، وفي هذه الأثناءِ تُوفي السُّلطانُ برقوق وتولَّى ابنُه فرج، وأرسل تيمور إنذارًا للمماليك بتسليمِ حلب، فقاوموه ولكنَّه هزمهم سنة (802هـ/ 1400م)، واقتحم حلبَ فخرَّبَها، وفزعت لذلك دمشق والقاهرة، وفرَّ كثيرٌ من النَّاس منهما خوفًا وهلعًا، ثم ازدادتْ الأمورُ سوءًا بدخول تيمور لنك دمشقَ ونهب أموالها ونقل عمَّالها وصنَّاعها المهرة إلى بلادِه سمرقند.

    وأمام هذه الهزائمِ اضطرَّ السُّلطانُ الصغير فرج بن برقوق إلى قبولِ الصُّلح، ثم ما لبث تيمور أنْ تُوفي سنة (807هـ/ 1405م)، وتنازع أبناؤُه وكفى اللهُ المؤمنين قتالَهم.

    ثانيًا: فتح جزيرة قبرص
    كانت قبرص بحكمِ موقعها القريب من بلاد الشام إحدى قواعدِ الصليبيين ومراكزِ إمدادهم الهامَّة، فلمَّا تمكَّن المسلمون من تطهيرِ بلاد الشام من الصليبيين أصبحت قبرص منطلقًا لعملياتِ القرصنةِ والتخريب ضدَّ بلاد المسلمين هي وجزيرة رودس مركز طائفة الإسبتارية، وأصبحتْ تجارةُ المسلمين مهددةً، ومعنى هذا انهيار اقتصادِ المسلمين وافتقارهم وضعفهم، مما يسمحُ للصليبيين بالتفوقِ عليهم ومعاودة غزو أراضيهم.

    ولذلك عزم السلطان الأشرف برسباي (825 – 841هـ) على غزوِ جزيرة قبرص، ووجَّه إليها ثلاثَ حملاتٍ بحرية قوية في سنوات (827هـ، 828هـ، 829)، وكانت أُولاها غارات استطلاعية استكشافية، نجحتْ في إلحاقِ الهزيمة بالقبارصة، وأحرقتْ ما في سواحلِهم من سفنِ القراصنة، وعادتْ بالنَّصرِ والغنائم، وكانت الحملةُ الثانية أكثرَ قوة، فقد توغَّلتْ داخلَ قبرص، واستولتْ على بعضِ قِلاعها وأسرت كثيرًا من جنودِها، وكانت الثالثةُ أقوى الحملاتِ وأعظمها فقد استولى المسلمون على ميناءِ ليماسول، وهزموا جموعَ القبارصة وأسروا ملكَهم "جانوس" وفتحوا عاصمتَها نيقوسيا.

    وعاد جندُ الله بالأسرى والملك الذَّليل، وعمتِ الأفراحُ والزينات أنحاءَ القاهرة، وأصبحتْ قبرص ولايةً مملوكية، وقَبِلَ السُّلطان برسباي الإفراجَ عن جانوس وإعادته إلى مملكتِه بشرطِ أن يكونَ تابعًا له ويحكم باسمه، وأن يلتزمَ بدفعِ الجزية، وتحقَّقَ بذلك الأمنُ والهدوء للسَّواحلِ الشَّامية والمصرية، ولتجارةِ المسلمين في البحر المتوسط إلى حدٍّ كبير.

    ثالثًا: غزو ردوس
    وبقيت رودس شوكةً في جنب المسلمين تؤدِّي دورَها العدواني ضدَّ الموانئ والسُّفنِ الإسلامية، حتَّى تولَّى السلطان جقمق (842 – 857هـ)، فاحتذى ما فعلَه برسباي في قبرص، فأرسلَ ثلاثَ حملاتٍ إلى رودس في سنوات (844هـ، 847هـ، 848هـ).

    وكانتُ الحملةُ الأولى استكشافية محدودة القوة؛ خرجت من ميناء دمياط دون أنْ تحقِّقَ عنصرَ المفاجأة فاستعدَّ لها فرسانُ رودس الإسبتارية بأساطيلِهم، ووقع قتالٌ شديد على سواحلِ ردوس أبلى فيه المماليك بلاءً حسنًا، وقتلوا وغنموا وسبوا وقُتِل منهم اثنا عشر رجلاً وعادوا إلى دمياط.

    وكانت الحملة الثانية بقيادةِ الأمير إينال العلائي أكثر نجاحًا، فتمكَّنتْ من تدميرِ بعض القِلاع والحصون، واضطرت إلى العودةِ قبل أن تدهمَها عواصفُ الشِّتاء، وقال المشاركون فيها: لو كنَّا جمعًا لأخذنا رودس.

    كان هذا القولُ حافزًا للسلطان جقمق، فاستكثرَ من السُّفنِ والجند، وأعدَّ كثيرًا من المراكب في دار الصناعة في بولاق، وخرج الجيشُ المملوكي ومعه كثيرٌ من المتطوِّعةِ وحاصروا جزيرةَ رودس، ولكنَّها صمدتْ بقوةٍ بفضل استعدادِ أهلِها وما تلقَّوْه من مساعداتٍ وإمدادات من الدول الصليبية، وعلم المماليك أنَّ رودس غير قبرص، فاكتفوا بفرضِ الصُّلح عليهم وتعهَّد الإسبتارية بعدمِ الاعتداء على السُّفن والتجارات الإسلامية.

    رابعًا: الكشوف الجغرافية والصراع مع البرتغاليين
    اتخذت الحروب الصليبية بعد فشلِها في المشرق ونجاحِها في طرد المسلمين من الأندلس شكلاً جديدًا؛ هو حركة الكشوفِ الجغرافية التي كان روَّادُها البرتغاليين ثم الإسبان، ولم يكن هدفُها علميًّا أو اقتصاديًّا بقدر ما كانت تهدِفُ إلى ضرب المسلمين في مقتل، وذلك بتدميرِ قوتِهم الاقتصادية، واكتشاف طرقٍ جديدة لتحويلِ التجارة عن بلاد المسلمين.

    وقد اتخذت هذه الفتوحاتُ شكلاً عدوانيًّا، واتَّسمتْ بالقرصنةِ والاعتداء على السفن التجارية وأهالي البلاد السَّاحلية الآمنين، وكان بابا الفاتيكان يدعو إلى هذا الاتجاه ويباركُه ويشجِّعُ أصحابَه، ويصدر قراراتِ الحرمان ضدَّ كلِّ مَن يتعاونُ مع المسلمين تجاريًّا واقتصاديًّا، ونسيت أوربا أنَّ ما وصلت إليه من يقظةٍ علمية وحضارية كان بسبب المسلمين في المشرقِ وجزر البحر المتوسط والأندلس وجنوبي إيطاليا وصقلية، ورأت أن تردَّ لهم الجميلَ عدوانًا وبغيًا!

    وقام البرتغاليون بجهودٍ كبيرة في مجال هذه الكشوف، حتَّى نجح بحَّارُهم الشهير فاسكو دي جاما في اكتشافِ الطَّريقِ الجديدة التي تمرُّ حولَ إفريقيا، مرورًا برأس الرجاءِ الصالح (كيب تاون أي مدينة الرأس) حتَّى تصل إلى بلاد الهند وجنوب شرقي آسيا، دون أن تمرَّ ببلادِ المسلمين، وذلك في سنة (903هـ/ 1497م).

    ويقولُ الأستاذ محمود شاكر موضِّحًا هدفَ تلك الكشوف: "تدَّعِي أوربا أنَّ الحافز لها في هذه الاكتشافاتِ هو تجارةُ التوابل والحصول على المال، لكنَّ هذا الادعاء لا يستندُ إلى حقيقةٍ علمية، ولا يقبلُه تحليلٌ صحيح، إنَّ حقيقةَ الدوافع التي تكمنُ وراء ذلك إنَّما كانت هي الحروب الصليبية التي كانت ولا تزالُ يحملُ التاريخُ صورًا منها".

    وكان البرتغاليون يسعون إلى تطويقِ المسلمين منذ عهدِ ملكِهم "حنا" الأول الذي احتلَّ "سبته" على السَّاحلِ المغربي، ووصلَ رجالُه إلى سواحلِ إفريقية الغربية وبلغ أحدُهم وهو "بارثلمي دياز" الطرفَ الجنوبي من القارة، وأسماه: رأس العواصف، ولكن ملكَ البرتغال أسماه رأس الرجاء الصالح تعبيرًا عن أملِه في تطويقِ المسلمين.

    وصبغ البرتغاليون كشوفَهم بالصبغةِ الاستعمارية الصليبية، فوضعوا نُصبَ أعينِهم السيطرةَ على كلِّ المواني والبلاد التي يتاجرُ معها المسلمون، والعمل على نشرِ المسيحية بين سكَّانِها، والإفادة من كلِّ خلافٍ يقع بين القوى الإسلامية.

    ودسَّ البرتغاليون أعدادًا من اليهودِ فتظاهروا بالإسلام وأتقنوا اللغة العربية، واندسُّوا بين المسلمين وسرقوا أسرارَهم وعلومَهم، وأمدُّوا بها البرتغاليين، ومنها خرائط البحارِ والطُّرقِ التجارية، وعرفوا أسرارَ "منطقة السكون الاستوائية"، وهي سكون الرِّياح تمامًا عند خطِّ الاستواءِ وتوقف السُّفنِ الشراعية عن الحركة، وعلموا من المسلمينَ أنَّه لا يمكنُ التحركُ شمالاً إلا في الربيعِ وجنوبًا إلا في الخريفِ، وكانت هذه المعلوماتُ النادرة معروفةً لدى دولة المماليك في مصر.

    وأرسل ملك البرتغال حملتَه البحرية المكوَّنة من ثلاثِ سفنٍ بقيادة فاسكو دي جاما فاستكملتِ اكتشافَ هذا الطريق، ووصل إلى الهندِ فلم يرحب به أمير كلكتا، فأعدَّ حملةً جديدة وعاد ليضربَ مدينتَه بالقنابل، وفي طريقِ عودتِه صادفَ سفينةً للحجَّاجِ متجهةً من الهندِ إلى مكَّةَ المكرمة، فأغرقَها في خليج عمان وقبض على ركَّابِها، وكانوا حوالي مائة فعذَّبَهم ثم أعدمهم جميعًا، ودمَّرَ ثلاثةَ مساجد وجدها في مدينة كلو في شرقي إفريقيا، وأعلنَ البرتغاليون أنَّهم سيدمِّرون الأماكنَ المقدَّسةَ في مكةَ والمدينة، ويزيلون معالِمَ الإسلام! وكان هذا أحد الدَّوافعِ التي جعلتِ العثمانيين يتجهون إلى الشَّرقِ الإسلامي لحمايةِ هذه المقدسات.

    وعقد البرتغاليون محالفاتٍ مع ملكةِ الحبشة النصرانية "إليني" التي كتبتْ إلى ملكِ البرتغال "عمانويل" تقول: "السلام على نويل سيدِ البحر وقاهرِ المسلمين القساة الكفرة، لقد بلغ مسامعَنا أنَّ سلطان مصر - يقصدُ السلطانَ الغوري - جهَّزَ جيشًا ضخمًا ليثأرَ من الهزائمِ التي ألحقها به قوادُكم في الهند، ونحن على استعدادٍ لمواجهةِ هجماتِ الكفرة...".

    واحتلَّ البرتغاليون كلكتا سنة (906هـ/ 1500م) بعد استكمالِ اكتشافهم لطريقِ رأس الرجاء بثلاث سنوات، ثم احتلُّوا بعضَ الموانئ العربيةِ؛ مثل عدن وجزيرة هرمز، كما احتلوا ميناءَ مصرع على المدخلِ الإفريقي للبحر الأحمر، وبذلك تحكَّموا في مضيقي هرمز وباب المندب، ومنعوا سفنَ المسلمين وتجارتِهم من المرور.

    وتكدَّستِ السِّلعُ والحاصلات في موانئ مصر كالإسكندرية ودمياط، لا تجدُ أحدًا من التجارِ الغربيين لينقلَها إلى أوروبا أو يشتريها منهم، واستنجدَ التجارُ المسلمون وأمراءُ المسلمين في الهندِ وسواحل بلادِ الغرب بالسلطان المملوكي قانصوة الغوري (906 – 922هـ/ 1500 – 1516م) لينقذَهم من هذا البلاءِ، وأرسلَ الغوري تحذيرًا إلى البابا في روما موجهًا عن طريقه إلى جميع القوى الأوروبية ليمنعوا ملاَّحيهم وقراصنتِهم من التعرُّضِ للمسلمين وتجارتهم، ولكنَّ تحذيرَه لم يلقَ استجابةً لديهم، فاتخذ عدةَ خطواتٍ عملية منها: تقوية أسطولِه في البحرِ الأحمر، ومكاتبة ملوك الهند ليتحالفوا معه ضدَّ هذا الخطر.

    واستعدَّ الغوري لجولةٍ حاسمة، فأعدَّ عدتَه لمعركةٍ بحرية ضدَّ البرتغاليين، وجهَّز لذلك خمسين غرابًا؛ أي: سفينة، وولَّى عليها أميرَ البحرِ حسين الكردي، ووجَّهه إلى الهند، فالتحمَ مع سفنِ البرتغاليين غربي الهند سنة (914هـ/ 1508م) فهزمهم، لكنَّهم ما لبثوا أنْ حشدوا له قواهم وأساطيلَهم، وخاضوا ضدَّه جولةً أخرى فانتصروا عليه وحطَّموا الأسطولَ المصري في موقعة ديو البحرية قرب جزيرةٍ صغيرة في مياه الهندِ، تحمل هذا الاسمَ وتقعُ شمالي بومباي.

    وكانت هذه الموقعةُ فصلَ الخطابِ في الصِّراع المملوكي البرتغالي، ونتج عنها ضياعُ مركزِ مصر التجاري، وتحقيقُ المآربِ الصليبية في إضعافِ دولة المماليك الإسلامية من النَّاحية الاقتصادية تمهيدًا للقضاءِ عليها، وازدادتْ بعدَها جرأةُ القراصنةِ الفرنج، وتعدَّدتْ غاراتُهم على الموانئ المصرية، والسُّفنِ المملوكية عند دمياط والطينة (بين الفرماوتنيس) وغيرهما، ولم يكن في مقدورِ الغوري أن يردَّ عليهم، فلجأ إلى تهديدِ الرُّهبانِ والقساوسة الموجودين في القدسِ إذا لم يتوقفْ الفرنجُ عند اعتداءاتِهم.

    وتفاقم خطرُ البرتغاليين في البحارِ الإسلامية، حتَّى قيَّضَ اللهُ لهم القوةَ الإسلامية الفتية؛ الممثَّلة في العثمانيين لتردَّهم على أعقابِهم وتحمي ديارَ الإسلام من كيدِهم.

    خامسًا: المماليك والعثمانيون
    وفي الوقتِ الذي آذنتْ فيه شمسُ المماليك بالغروب، وترنَّحتْ دولتُهم نحو السُّقوط، ارتفع نجمٌ آخرُ في سماء المنطقة، وظهرتْ دولةٌ إسلامية فتية هي دولة الأتراك العثمانيين، واستطاعت أن تثبِّتَ أقدامَها في آسيا الصغرى، وتتجاوزَ البسفور فتُسقِط عاصمةَ الرُّومِ المنيعة المتأبية على الفاتحين المسلمين عبر القرونِ الماضية، وتفرض سلطانَها على كثيرٍ من بلاد أوروبا الشَّرقية، وامتدَّتْ جيوشُها حتَّى حاصرتْ أسوارَ فيينا عاصمة النِّمسا، وكانت هذه الفتوحاتُ تضفي على الدولة العثمانية طابعَ الجهاد، وتتعاطفُ معها قلوبُ المسلمين باعتبارِها حاملة لواءِ الجهادِ ضدَّ الغربِ الصَّليبي.

    وفجأة غيَّرَ السلطان سليم العثماني وجهةَ فتوحاته من الغربِ إلى الشَّرق، واختار السيطرةَ على بلادِ المسلمين، ولعلَّ سر هذا التحولِ يكمنُ في الصِّراعِ المذهبي بين هذه الدولة السنية، وبين الدولة الصفوية الشيعية الاثني عشرية التي كانت تحكمُ إيرانَ والعراق في ذلك الوقت، فقد تحوَّلَ هذا الصِّراعُ المذهبي إلى صراعٍ عسكري، حقَّقَ فيه السُّلطانُ سليم العثماني انتصارًا كبيرًا على الشاه إسماعيل الصفوى في موقعة جالديران سنة (920هـ/ 1514م).

    ونتج عن هذه الموقعةِ استيلاءُ العثمانيين على الجزيرةِ الفراتية والموصلِ وديار بكر، فأصبحوا وجهًا لوجهٍ أمام دولة المماليك، وقد استاء المماليكُ لذلك لشعورِهم بأنَّ هناك قوةً جديدة تنافسُهم في منطقةِ الشَّرقِ الإسلامي، وتحاولُ أن تقدم عليهم بعد أن كانت محصورة في الأناضول.

    وكان من مصلحةِ المماليك حفظُ التوازن بين الصفويين والعثمانيين؛ حتَّى يتخوفَ كلٌّ منهما من الآخر، وينشغلَ بأمره فلا يفكرُ في غزوِ ديارِهم، وقد ذكر ابنُ إياس أنَّ السُّلطان الغوري عندما علمَ بالصِّراعِ بين العثمانيين والصفويين خرج إلى حلب ليطلعَ على جليةِ الأمر وقال: "حتَّى نرى ما يكون من أمرِ الصفوي وابن عثمان، فإنَّ من ينتصرُ منهما على غريمِه لا بدَّ أن يزحفَ على بلادِنا".

    واستاء المماليكُ أكثر عندما قضى السُّلطانُ سليم العثماني سنة (921هـ/ 1515م) على إمارةِ الدلغادر التركمانية الحليفةِ لهم على أطرافِ آسيا الصغرى، واتجه السُّلطانُ الغوري إلى تقويةِ عَلاقاتِه بالصفويين، وعقد حلفًا مع الشاه إسماعيل الصفوي، وآوى إليه الأمير قاسم بن أحمد العثماني بعد أن قُتِلَ أبوه على يدِ عمِّه السُّلطان سليم.

    وتزايد خطرُ العثمانيين نتيجة الحشود الضخمةِ التي عبَّأها السُّلطان سليم على حدودِ دولة المماليك، زاعمًا أنه يستعدُّ لقتالِ الصفويين، ولم يكن المماليكُ على مستوى الحدثِ الجلل، فقد كثر الصِّراعُ بينهم، وثارَ المماليك الجلبان ضدَّ السُّلطانِ قانصوة الغوري لتأخر نفقاتِهم، مما آثار حنقَ السُّلطان، وجعله يهدِّدُ المماليكَ باعتزالِ السلطنة، وأخيرًا التفتت كلمتهم على الاجتماع لمواجهةِ العدوِّ المشترك.

    وكان أميرُ حلب خاير بك متصلاً سرًّا بالعثمانيين ومتواطئًا معهم، فأرسلَ يثبِّطُ من عزيمةِ السُّلطانِ الغوري، ويقول له أنَّه تأكَّدَ أنَّ حشودَ العثمانيين موجهةٌ إلى الصفويين، وعليه ألا يخشى جانبَهم، وكانت الأحوالُ الاقتصادية ببلاد الشَّامِ سيئةً، ولا تحتملُ المزيدَ إذا قَدِمَ السُّلطان الغوري بجيشِه الجرَّار ليرابطَ فيها، وأعقب ذلك رسالةٌ ودِّية من السُّلطانِ سليم العثماني يقولُ فيها للسلطانِ الغوري: أنت والدي وأسالك الدُّعاء، وكلُّ ما يريدُه السُّلطانُ أو يراه فعلناه!

    ولم تنطلِ هذه الحيلُ على السُّلطان الغوري المحنَّكِ، فواصل استعداداتِه حتى تصله باقي الإمدادات، وكتب إلى السُّلطانِ الغوري كلامًا معسولاً، وطلب منه يمده بالسُّكَّرِ والحلوى ففعل.

    وبمجردِ أن وصلتْ باقي القواتِ العثمانية بقيادةِ سنان باشا كشفَ سليم القناعَ عن وجهِه وقال لرسولِ الغوري: "قل لأستاذِك يلاقينا على مرج دابق"، وسبقتْ تحركاتُه كلماتِه، فتقدَّم جنودُه فاستولوا على حصونِ الشَّامِ ومدنِه الحدودية؛ مثل ملطية وكركر.

    وقد أخطأ السُّلطانُ الغوري لأنَّه لم يستطع أن يفرِّقَ بين أصدقائه وأعدائه، وبين المخلصين من رجالِه والخونة، فوضع ثقتَه في خاير بك وجان بردي الغزالي، وصمَّ أذنيه عن نصائحِ سيباي نائبِ الشَّام ووالي دمشق، ووضعَهُ موضعَ الاتهام والشَّكِّ، وتوهَّمَ أنَّه طامعٌ في منصب السلطنة، وعندما أمسك سيباي بتلابيبِ خاير بك وقال للغوري: "يامولاي السُّلطان إذا أردتَ أن ينصرَك اللهُ على عدوِّك فاقتلْ هذا الخائن" لم يعير قولَه اهتمامًا، وانصرف عنه.

    وكان اللقاءُ الحاسم عند دابق وهي قريةٌ قرب حلب، تبعدُ عنها بأربعةِ فراسخ، وعندها مرج معشوشب نزه كان ينزله غزاة الصائفة منذ العصر الأموي، وأحسنَ المماليك البلاء، وأظهروا ما عُرِفوا به من شجاعةٍ ومهارة حربية، وقتلوا كثيرًا من العثمانيين واستولوا على أعلامِهم وعتادِهم، وكاد السُّلطانُ سليم أن يفرَّ من أرضِ المعركة، وعندئذٍ لعبت الخيانةُ دورَها، ومشي خاير بك بين الصفوفِ يرجفُ بالأراجيف، وينشرُ الشائعاتِ بين المقاتلين زاعمًا أنَّ السُّلطان يقدم بعضَهم للقتالِ ليتخلَّصَ منهم، ويؤخر خاصتَه وجلبانه ليحتفظَ بهم معافين، ثم أشاع في النهايةِ أنَّ السُّلطانَ وقع صريعًا.

    وتراجع خاير بك وجان بردي الغزالي ومن معهما من الخونةِ بجنودِهم متقهقرين هاربين، فاختلَّتِ الصفوفُ، وضاعتْ صيحاتُ السُّلطانِ عبثًا وهو يقول: "يا أغوات اصبروا ساعة"، وتقدَّم العثمانيون فلم يحتملِ السُّلطانُ الهزيمةَ وسقط عن جوادِه تحت أرجلِ الخيل، وذلك في رجب سنة (922هـ/ أغسطس 1516م).

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5191
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: دولة المـمـاليك

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين ديسمبر 31, 2012 8:50 pm

    الحملة الصليبية الخامسة
    أصبحتْ مصر هدفًا مباشرًا للحملات الصليبية بعد الدَّوْر الكبير الذي لعبتْه في معارك التحرير في عهدِ السُّلطان صلاح الدين الأيوبي (ت 589هـ/1193)، وقصدتْها الحملة الصليبية الخامسة القادِمة من غربي أوربا بقيادة حنا برين سنة 615هـ في سلطنة الملك العادِل الأيوبي، وتمكَّنتْ من الاستيلاء على دمياط، ولكنَّ المسلمين تمكَّنوا مِن دحْرها في النهاية سنة 618هـ.

    الحملة الصليبية السادسة
    موقعة غزة – حطين الثانية
    عاود الصليبيُّون الكَرَّةَ بعد ثلاثين عامًا تقريبًا وهو ما يعرف بالحملة الصليبية السادسة التي قادها فردريك الثاني إمبراطور ألمانيا وإيطاليا عام 626هـ 1229، وقد استطاع فريدريك الثاني أن يسيطر على بيت المقدس بعد أن أهداها له الملك الكامل بموجب اتفاقية ثنائية بينهما، فسُلِّمت بيت المقدس بدون حرب مَعَ أن الْملك النَّاصِر صلَاح الدين بذل النَّفس والنفيس فِي استخلاصها مِنْهُم سنة 583هـ، ولكن الله قيَّض للأمة الملك الصالح نجم الدين أيوب رحمه الله، إذ تمكَّن مع جنوده الخوارزمية مِن استرداد بيت المقدس وإلْحاق هزيمة مُنكَرة بالصليبيِّين في موقعة غزة سَنَة 642 هـ/ 1244م. التي قُتِل فيها حوالي ثلاثين ألف صليبي؛ ولذا سُمِّيت بموقعة حطين الثانية.

    وأعقب ذلك نجاحُ السلطان في توحيد مصر والشام، فأصبحتَا تشكِّلان جبهةً واحدة قوية في مواجهة الصليبيِّين.

    الحملة الصليبية السابعة
    ونتيجة لهذه التطورات استنفرتِ الصليبية جهودَها، ودعا البابا أنوسنت الرابع إلى حملةٍ جديدة على الشرق الإسلامي، وحاول عقدَ اتفاقيات مع المغول؛ ليهاجموا المسلمين في نفْس الوقت مِن ناحية الشرق، فيُصحبوا بين فكَّي الأسد المغولي الصليبي، وأرسل مِن أجل ذلك بعثتَين إلى بلادِ المغول.

    ولم يستجبْ للبابا من ملوك أوربا سوى لويس التاسع ملك فرنسا، الذي كان موصوفًا بشدَّة التدين والحماس للفِكر الصليبي، وبعَث بدوره سفارةً إلى المغول ليحرَّضَهم ضدَّ المسلمين.

    وكان مِن نتيجة هذه المؤامرات والمخطَّطات أنْ بدأ المغول في الزحف على شرق العالَم الإسلامي في نفْس الوقت الذي تحرَّكتْ فيه الحملة الصليبية السابعة نحوَ مصر بقيادة لويس التاسِع نفْسه، وكانتْ أكثرَ تنظيمًا، وأوفر عُدَّةً وعتادًا من سابقتها.

    ووصلتِ الحملة إلى شواطئ مصر في ظروف حَرِجة والسلطان يُعاني مِن مرض السلِّ الذي اشتدَّ به، حتى أصبح ملازمًا لفراشه، ومع ذلك لم يستسلمْ للمرَض، بل رجَع مسرعًا من دمشق إلى مصر، فأقام بعض التَّحصينات في الصالحيَّة ودمياط وشحنهما بالجند، وعسْكر هو عندَ أشموم طناح القريبة مِن دمياط.

    ونزلتِ الحملة الصليبيَّة في جزيرة قبرص أولاً؛ لتعيدَ التعبئة وتتلقَّى المساعِدات، ثم اتَّجهتْ إلى دمياط سنة 647هـ، فاستولتْ عليها وعلى ما فيها مِن عتاد وأقوات بكلِّ سهولة بعدَ أن آثَر أميرُها المملوكي الرَّحيلَ عنها، فغضِب السلطان ووبَّخ المماليك قائلاً لهم: " ما قدرتم تقفون ساعة بين يدي الفرنج؟!".

    معركة المنصورة
    توهَّم الصليبيُّون بعدَ استيلائهم على دمياط أنَّهم في نزهة، وأنَّ الأمر سيكون بمِثل هذه السُّهولة، فتقدَّموا ووجَدوا مقاومةً من الأمير فخر الدين بن شيخ الشيوخ عندَ بحر أشمون، فاستشهد هذا الأميرُ ونجَح الصليبيُّون في التقدُّم نحو المنصورة، ووجدوها ساكتةً صامتةً، فحسِبوها خالية، فدخلوها وانتشَروا في حواريها وأزقَّتها، وعندئذٍ فُوجِئوا بجندِ المماليك ينقضُّون عليهم كالوحوش الكاسِرة، فوقَع أكثرُهم بيْن قتيل وأسير، وفرَّ الباقون عائدين نحوَ دمياط.

    ولم يترُكْهم المماليك يعودون بسلام، بل طاردوهم مطاردةَ الأسود للخنازير - كما يقول ابنُ أيبك في "كنز الدرر" - وألحقوا بهم هزيمةً أكبر ، ووقَع مَلكُهم لويس نفْسه أسيرًا، فسِيق مكبَّلاً إلى المنصورة، وحبس في دار القاضي فخر الدين إبراهيم بن لقمان، في الثاني من المحرَّم سنة 648هـ/ 6 أبريل 1250م.

    وعقب ذلك جرتِ المفاوضات مع الصليبيِّين على أن يُجلوا عن دمياط، ويتعهَّدوا بعدم غزو سواحلِ الإسلام مرَّةً أخرى، ويدفعوا فديةً كبيرة مقدارها ثمانمائة ألف دينار، يدفع نصفها عاجلاً ونصفها الآخر آجلاً، مقابل أن يُطلق المسلمون سراحَ ملكهم، وجميع أَسْراهم منذ عهد الملك العادل، وأن تستمرَّ الهدنة أو الصُّلح بيْن الطَّرَفين عشر سَنوات، وكانتْ مدَّة بقاء دمياط في أيديهم هذه المرَّة أحدَ عشرَ شهرًا وتسعة أيَّام.

    وقد ضرَب الفرنسيُّون بهذه الاتِّفاقية عُرضَ الحائط، وعزَّ على لويس التاسع أن يعودَ إلى بلادِه ملطَّخًا بعار الهزيمة والأسْر، فانضمَّ إلى الصليبيِّين الموجودين في سواحل الشام، وقد صفوهم، واستغلَّ الخلاف الواقِع بيْن المماليك في مصر وأُمراء الشام، وبقِي هناك أربع سنوات.
    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5191
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: دولة المـمـاليك

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين ديسمبر 31, 2012 8:51 pm

    دولة المماليك البرجية
    ظهور المماليك الجراكسة
    ينتمي المماليك البرجية (784- 923هـ/ 1382- 1517م) إلى العنصرِ الجركسي الذي يعيشُ في بلادِ الكُرْج -بضمِّ أوله وسكون ثانيه كما ذكره ياقوت- وهي المنطقةُ الواقعة شمال أرمينية، بين البحرِ الأسود وبحر الخزر، وتُعرفُ اليومَ بجمهوريةِ جورجيا في منطقةِ القوقاز.

    وكان الرَّقيقُ الجراكسة كثيرين في الأسواقِ في ذلك الحين (النِّصف الثاني من القرنِ السَّابع الهجري)؛ بسببِ كثرةِ السَّبي منهم؛ لتعرضِهم لهجماتِ مغول فارس والقبجاق، مِمَّا أدَّى إلى انخفاضِ أسعارِهم، إلى جانبِ ما يتَّصفون به من جمالِ الشَّكلِ والقوة والشجاعة، ولذلك اتَّجه السُّلطانُ المنصور سيف الدين قلاوون (678 - 689هـ/ 1279 - 1293م) إلى الاستكثارِ منهم، والاعتمادِ عليهم، وأسكنَهم في أبراجِ القلعة، ولذا عُرِفوا بالبرجية تمييزًا لهم عن المماليك الأتراك الذين أُسكِنوا في قلعةِ الروضة وعرفوا بالبحرية.

    تربية المماليك البرجية
    تحدَّث العيني في "عقد الجمان"، وابن تغري بردي في "النجوم الزاهرة" عن تربيةِ المماليك البرجية وإعدادِهم وعَلاقتِهم بالسُّلطان قلاوون، فقال العيني: إنَّه ربَّاهم كما يربَّى أولادُهم، وكانوا عنده كبنيه أو أعز من البنين، وإنَّه جلبَهم للجهادِ والغزو، وكان يحسنُ معاملتَهم ويشفق عليهم ويفخر بهم ويقول: إنَّه لم يهتم بالإعمار والأموال قدرَ اهتمامِه بهؤلاءِ المماليك ليكونوا حصونًا منيعةً له ولأولاده وللمسلمين، وكانت قوةُ السُّلطانِ أو الأميرِ في تلك الفترة تُقاس بكثرةِ مماليكه وإخلاصهم له، وكان يعتمدُ عليهم في تحقيقِ أهدافه وتوسيع نفوذِه ومنافسةِ غيره من أمراء المماليك.
    ويقول ابن تغري بردي: إنَّ عدتهم وصلت اثني عشر ألفًا، وإنهم تولَّوا مناصبَ الأمراءِ ونواب السلطنة، ومنهم من تَسَلْطن بعد ذلك.
    وسار الأشرفُ خليل بن قلاوون (689 - 693هـ) على نهجِ أبيه في الاستكثارِ من الجراكسة، وألزَمَهم بالنِّظامِ والطَّاعة، فكان يسمحُ لهم بالنزولِ من القلعةِ نهارًا فقط، ويلزمهم أن يبيتوا فيها.
    وكان هؤلاءِ البرجية من عواملِ استمرارِ الحكم في أسرة قلاوون فترةً طويلة، وقد أدوا دورًا في الانتقامِ من قتلةِ الأشرف خليل، وتولية أخيه النَّاصرِ محمَّد برغم أنَّه كان صبيًّا في الثانيةِ عشرة.
    ونتيجةً لضعفِ بيت قلاوون وتزايدِ نفوذ الجراكسة، أخذ هؤلاء الجراكسة يعملون لحسابِ أنفسِهم، فسيطروا على النَّاصرِ محمَّد وضيَّقوا عليه، حتَّى اضطروه إلى التنازلِ عن السَّلطنةِ سنة (708 هـ / 1308م)، واعتلى كبيرُهم بيبرس الجناشنكير مقعدَ السلطنة، بعد سنةٍ واحدة، فنكل بالجراكسة، وقلَّل من شرائِهم، فتضاءل نفوذهم وضعفت قوتهم.
    أُتيحت الفرصةُ للجراكسةِ ليستعيدوا نفوذَهم عقبَ وفاةِ النَّاصرِ محمَّدٍ سنة (741 هـ / 1340م)، وتولي عددٍ من أبنائه وأحفادِه الصِّغار، ولكنَّهم وجدوا منافسةً قوية من المماليك الأتراك، وتأرجحتِ السُّلطةُ بين الفريقين، ترجح كفة كلٍّ منهما حينًا، حتَّى ظهرَ فيهم الأميرُ برقوق الذي نجحَ في الاستئثارِ بالحكم، وأسَّس دولةَ المماليك البرجية.

    تأسيس دولة المماليك الجراكسة (البرجية)
    السلطان برقوق
    كان مؤسِّسُ هذه الدولةِ الأمير الجركسي برقوق بن أنص (أو أنس) العثماني، نسبةً إلى تاجرِ الرَّقيقِ الذي باعه "عثمان"، وقيل: سُمِّي برقوقًا لجحوظِ عينيه، صار من جملة مماليكِ الأمير التركي يلبغا، فلمَّا قُتِل يلبغا على يدِ السُّلطانِ الأشرف شعبان سنة (769هـ/ 1367م) شارك برقوق مع المماليكِ اليلبغاوية في الثَّورةِ على هذا السُّلطان، وتمكَّنوا من قتلِه سنة (778هـ/ 1376م)، ومهَّد ذلك لارتفاعِ شأن برقوق ورفاقِه الجراكسة.

    وكان برقوق ذكيًّا ماكرًا؛ فلم يُظهرْ أطماعَه في السُّلطة، فالتحقَ بخدمة الأمير أينبك البدري وهو من المماليكِ اليلبغادية، وزيَّن له الإنفرادَ بالسلطةِ ومحاربة غيرِه من المماليك الموجودين بالشَّام، وكان هدفُه أن يُضعفَ الفريقين ويتخلَّص من أينبك، وفي الطَّريقِ إلى الشَّام أوعز برقوق لبعضِ أمراء الجند أن يتخلَّصوا من أينبك، فأحسَّ أينبك بمؤامرتِهم وفرَّ إلى الشَّام، وأصبح برقوق أحدَ الزُّعماء منذ ذلك الحين، وترقَّى في المناصبِ بسرعةٍ حتى أصبحَ كبيرَ الأمراء، وساعدتْه الظُّروفُ والأقدار في الوصولِ إلى مآربه، وكان لا يتورَّعُ عن الاستعانةِ بالأمراء، ثُمَّ يتخلَّصُ منهم خوفًا من منافستِهم.

    وتعرَّض برقوق لمحاولةِ اغتيالٍ من المماليك الأتراك، لكنَّه كان حذرًا يستخدمُ العيونَ والجواسيس، فكُشِف أمرُ المتآمرين وتخلَّص منهم بالنَّفي، وعرض عليه أتباعُه أن يتولَّى السُّلطةَ فتظاهرَ بالتمنع والزُّهدِ فيها عدَّةَ مراتٍ، ثم قبلها في النِّهايةِ سنة (784هـ/ 1382م) وتلقَّب بالظَّاهر سيف الدِّين، ووضع بذلك نهايةً لحكمِ أسرة قلاوون، ودولةِ المماليك البحرية.

    وقد بدأ منذ ذلك الحينِ حكمُ طائفةِ المماليك الجراكسة التي امتدَّتْ أربعًا وثلاثين ومائة سنة، وتقلَّد السَّلطنةَ منهم خمسةٌ وعشرون سلطانًا، عدا اثنين من أصلٍ رومي؛ هما: خشقدم وتمريغا.

    وقد اتَّسم عهدُ الجراكسة بكثرةِ الدَّسائسِ والمؤامرات والصِّراعات المستمرة، ولكنَّه من ناحيةٍ أخرى شهد جانبًا إيجابيًّا بتشجيعِ سلاطينهم للعلمِ والأدب وبناءِ المساجد والمدارس والمؤسَّساتِ الخيرية، وكان لهم دورٌ كبير في حمايةِ بلاد الشَّام من أطماعِ الملك التتري تيمور لنك، وألحقوا به ضربةً موجعة، كما وجَّهوا ضرباتٍ أخرى للقوى الصَّليبيةِ المجاورة لهم في جزر البحر المتوسط.

    سلاطين الجراكسة وأهم أعمالهم
    الظاهر سيف الدين برقوق
    بدأ الظَّاهرُ برقوق عهدَه باسترضاء المماليكِ الأتراك، حتَّى استتبَّ له الحكمُ، ثم بدأ في تقديمِ الجراكسة عليهم وإيثارِهم بالمناصب والإقطاعات دونهم، وكان من نتيجةِ هذه السِّياسة أنْ تآمر عليه الأتراكُ مع الخليفةِ العباسي في مصر المتوكل على الله، ثُمَّ خروج مدنِ الشَّام وأمرائها عن طاعتِه، وانضمَّ إليهم بعضُ المماليك الموجودين بالقاهرة، وتمكَّنوا من تنصيبِ أمير حاجي بن الأشرف شعبان سلطانًا، ونفي برقوق إلى حصنِ الكرك سنة (791هـ) بعد ستِّ سنواتٍ من حكمِه.

    وسيطر على الأمورِ بعضُ أمراءِ التُّرك، وعلى رأسِهم يلبغا النَّاصري ومنطاش، وما لبث الصِّراعُ أن دبَّ بينهما مما هيأ الفرصةَ لبرقوق ليجمعَ أنصارَه ويستولي على حكم الشَّام ثم مصر، وفرح به عامَّةُ أهلِها وخاصتهم، وخرجوا لاستقبالِه وفرشوا له الحريرَ في الطُّرقِ، وجدَّدوا له البيعةَ في القلعةِ سنة (792هـ/ 1389م) بعد أقل من سنةٍ من عزلِه، وتمكَّن من التخلُّصِ من معظمِ أعدائه ومناوئيه، وقضى على ثورةِ العربان في مصر والشَّام.

    السلطان فرج
    ونجحَ برقوق قُبَيْل وفاتِه سنة (801هـ/ 1399م) في أخذِ البيعة لابنِه فرج، وكان في العاشرةِ من عمره، وشكَّل له مجلسَ وصايةٍ من قادة المماليك، وكثرت الفتنُ في عهدِ السُّلطان فرج، وخرج عليه الأمراءُ في مصر وفي الشَّام، وحاول التَّصدي لها لكنَّه هُزِمَ قرب دمشق وقُتِل سنة (815هـ/ 1412م).

    المؤيد شيخ بن عبد الله المحمودي
    وبعد شهورٍ تقلَّد السلطنةَ المؤيدُ شيخ بن عبد الله المحمودي، نسبةً إلى محمود شاه الأزدي الذي باعه للسُّلطان برقوق، فأعتقَه واستخدمه، واستمرَّ سلطانًا ثماني سنوات وخمسة أشهر (815 - 824هـ/ 1412 - 1421م)، وكان بصيرًا بالحروبِ سفَّاكًا للدِّماء، وكان محبًّا للشِّعرِ والموسيقى، يقرضُ الشعرَ، ويضعُ الألحان.

    الأشرف برسباي
    قُبيل وفاة المؤيد شيخ أوصى لابنِه أحمد، وكان رضيعًا دون السنتين، ولكنَّ المماليكَ لم يؤمنوا بمبدأ الوراثة، بل كان الحكمُ عندهم للأقوى، فتنافسوا على السُّلطةِ إلى أنْ آلتْ في النِّهاية إلى الأشرفِ برسباي الذي قضى فيها ستةَ عشر عامًا (825هـ - 841هـ/ 1422م - 1437م) حقَّق فيها الاستقرارَ والقوة لدولتِه، وقام بغزواتٍ إلى جزيرة قبرص، ولكنَّه في سبيلِ ذلك ضاعفَ الضَّرائبَ والمكوس على الأهلين، مِمَّا أثار سخط الرَّعيةِ والمؤرخين عليه، برغم ما قام به من إصلاحٍ وجهاد وعمران، وقال عنه المقريزي: "وله في الشُّحِ والبخل والطَّمع أخبارٌ لم نسمعْ بمثلها، وشمل البلادَ الخرابُ وقلَّتِ الأموالُ وافتقر النَّاس"، وقال عنه ابن إياس في "بدائع الزهور": "كان ملكًا منقادًا للشَّريعة، يحبُّ أهلَ العلم، مهيبًا مع لينِ جانب، كفؤًا للملك، إلا أنَّه كان عنده طمعٌ زائد في تحصيلِ الأموال".

    جقمق
    لم يفلحْ برسباي في جعلِ المُلك وراثيًّا وحفظه في ابنه بعد وفاته، فعزله الوصي جقمق، وتولَّى السَّلطنةَ (842 - 857هـ/ 1438 - 1435م)، وكانت له محاسنُ ومساوئ، لكنَّ محاسنَه كانت أكثر من مساوئه - كما ذكر ابنُ إياس - وكان فصيحًا بالعربية مفقهًا، ولكن كانت فيه حدَّة فآذى بعضَ العلماء، واهتمَّ بالجهادِ في البحر وغزو جزيرة رودس.

    وعندما اشتدَّ المرضُ بالسُّلطانِ جقمق تنازلَ باختيارِه عن الحكمِ، ولم يقبلْ مراجعة في ذلك، وجمع أولي الأمر: الخليفة العباسي والقضاةَ، وقال لهم: الأمرُ لكم، فانظروا فيمن تسلطنونه، فبايعوا ابنَه المنصورَ عثمان، ثُمَّ عزلوه بعد شهرٍ ونصف.

    الأشرف إينال
    تولَّى الأشرفُ إينال (857 - 865هـ/ 1453 - 1460م)، وفي عهدِه بدأتْ بوادرُ الضَّعفِ تظهرُ في دولة المماليك، وكان أهمها قلة الأموالِ الواردة وكثرةِ الاضطرابات الدَّاخلية، وتمرَّدَ المماليكُ الجلبان، وهم الذين كان السُّلطانُ يجلبهم كبارًا، ويجعلهم في خدمتِه، خلافًا للقاعدة التي سار عليها المماليكُ في صدرِهم الأول بشراءِ المماليك الصِّغار دون البلوغ، والقيام على تربيتِهم وتنشئتِهم فيغرسوا فيهم حبَّ أستاذِهم والالتزام بطاعتِه والإخلاص له حتَّى بعد وفاتِه، أمَّا الأجلاب فكان من السَّهلِ عليهم أن يعزلوا سيدَهم أو يتمرَّدوا على أبنائِه، وقد ثار هؤلاء الجلبان على السُّلطانِ إينال سبعَ مراتٍ خلال فترة حكمِه التي امتدَّتْ حوالي ثماني سنوات.

    السلطان الأشرف قايتباي
    وقد تمرَّد المماليكُ على السُّلطانِ أحمد بن إينال برغم كفاءتِه وحسنِ سيرته، فخلعوه بعد أربعةِ أشهر، وكثُرتِ الاضطراباتُ والصِّراعاتُ، حتَّى تولى السلطان الأشرف قايتباي (872 - 901هـ/ 1468 - 1496م)، وكان يلقَّبُ بالمحمودي نسبة إلى التَّاجرِ الذي باعه للسُّلطانِ الأشرف برسباي، ثم اشتراه الظَّاهرُ جقمق وأعتقَه، وعلا شأنُه حتَّى صار أتابكًا؛ أي: قائد الجيشِ في عهد تمربغا.

    وكان الأشرفُ قايتباي من أعظمِ سلاطين الجراكسة وأطولِهم عهدًا، فقد حكم تسعةً وعشرين عامًا، ظهرتْ خلالَها كفاءتُه السياسية والعسكرية، وفي عهدِه بدأ خطرُ العثمانيين الذين أسماهم المؤرِّخون "أصحاب القسطنطينية"، فأنفق كثيرًا من الأموالِ على الجيوشِ لردِّهم عن حلب وما حولها.

    وشغله ذلك عن نصرةِ صاحب الأندلس، التي كانت تلفظُ أنفاسَها في غرناطة؛ عندما طلب منه الغوث لردِّ الفرنج، واكتفى بإرسالِ رسائلِ التَّهديدِ إلى ملوكِ الفرنجة عن طريق الحجَّاجِ المسيحيين والقساوسة الذين كانوا يَفِدون إلى بيت المقدس، ولم يتمكَّنْ من نجدةِ غرناطة، فسقطتْ في أيدي الأسبان، وأصبحتِ الأندلس مجردَ ذكرى في خواطرِ المسلمين وكتبِ التاريخ.
    وقد أصاب البلادَ في عهده وباءٌ خطيرٌ سنة (897هـ/ 1492م) حصد عشراتِ الآلاف من أهلِ مصر، وهلك فيه حوالي ثلث المماليكِ، ومنهم زوجةُ السُّلطان وابنته.

    قنصوه الغوري
    وتعاقبَ على السَّلطنةِ بعد وفاة قايتباي سنة (901هـ/ 1496م) خمسةُ سلاطين، حكموا فتراتٍ قصيرة تتراوح بين ثلاثةِ أيامٍ وأقل من عامين، وكثر الشَّغبُ وقتل السَّلاطين، حتَّى تردَّد بعضُهم في قبولِ منصب السَّلطنة، وعندما اجتمع الأمراءُ على مبايعةِ قنصوه الغوري تمنَّع وبكى حتى أجلسوه على العرش كرهًا فقال لهم: "أقبل ذلك بشرطِ ألا تقتلوني، بل إذا أردتم خلعي وافقتكم".

    وكان الأشرف قانصوه الغوري (906 - 922هـ/ 1501 - 1516م) قد تجاوز السِّتين عندما تولَّى الحكمَ فأثبت كفاءةً ومقدرة، واستطاع أن يعيدَ الأمنَ والنِّظامَ إلى البلاد، لكنَّه لجأ إلى القسوةِ في معالجةِ الأزمة المالية، فجمع الضَّرائبَ من النَّاسِ مقدَّمًا، وفرض ضرائبَ جديدة لم تكن موجودةً على الطَّواحين والمراكبِ والسُّفن والدَّواب والخدم، والأوقاف الخيرية، وضاعتِ الرُّسومُ الجمركية، ولجأ إلى غشِّ العُملةِ بخلطِها بمعادنَ أخرى أو إنقاصِ وزنِها، وصادر عددًا من أعيانِ البلاد والتُّجار، ولم يتورعْ عن مصادرةِ الخليفة العباسي المستمسك بالله!

    واستخدم الغوري هذه الأموالَ في إرضاءِ الجند والاستكثار من المماليك والعمران، فأنشأ الحيَّ المعروف باسمِه "الغورية" وبنى فيه مدرسةً ومسجدًا، وعمَّر طريقَ الحجِّ وزوَّده بالاستراحات، وشقَّ عددًا من الترع، وجدَّد القلعةَ ومدينتي الإسكندرية ورشيد، كما اهتمَّ بمظاهرِ السَّلطنةِ فأفضى الفخامة على قصرِه ومطبخه ومماليكه وموكبه، ولذا اختلف المؤرِّخون في تقويم أعمالِه والحكم على تصرفاتِه، فاتَّهمه البعضُ بالسَّرفِ وزخرفة الجدارانِ والحوائط، والاهتمامِ بالمظاهر التي لا تعودُ بالنَّفعِ على المسلمين، ورأى البعضُ أنَّه اتجه إلى العمرانِ والإصلاح والنفع العام.

    وفي عهدِه بدأ خطرُ الاستعمارِ البرتغالي، وخطرُ العثمانيين يتهدَّدُ الدولةَ اقتصاديًّا وعسكريًّا وسياسيًّا؛ مِمَّا أدَّى إلى سقوطِها في النهاية.
    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5191
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: دولة المـمـاليك

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين ديسمبر 31, 2012 8:54 pm

    ظهور المماليك ونهاية الدولة الأيوبية في مصر

    من هم المماليك ؟!

    المماليك في اللغة العربية هم الذين سُبُوا ولم يُسْبَ آباؤهم ولا أمهاتهم. ومع أن لفظ المماليك بهذا التعريف يعتبر عامًّا على معظم الرقيق، إلا أنه اتخذ مدلولًا اصطلاحيًّا خاصًّا في التاريخ الإسلامي، وذلك منذ أيام الخليفة العباسي الشهير "المأمون" والذي حكم من سنة 198هـ إلى 218هـ، وأخيه "المعتصم" الذي حكم من سنة218هـ إلى 227هـ.. ففي فترة حكم هذين الخليفتين استجلبا أعدادًا ضخمة من الرقيق عن طريق الشراء، واستخدموهم كفرق عسكرية بهدف الاعتماد عليهم في تدعيم نفوذهما.

    وبذلك -ومع مرور الوقت- أصبح المماليك هم الأداة العسكرية الرئيسية -وأحيانًا الوحيدة- في كثير من البلاد الإسلامية.. وعندما قامت الدولة الأيوبية كان أمراؤها يعتمدون على المماليك الذين يمتلكونهم في تدعيم قوتهم، ويستخدمونهم في حروبهم، لكن كانت أعدادهم محدودة إلى حدٍّ ما، إلى أن جاء الملك الصالح أيوب، وحدثت فتنة خروج الخوارزمية من جيشه، فاضطُرَّ -رحمه الله- إلى الإكثار من المماليك حتى يقوي جيشه ويعتمد عليهم، وبذلك تزايدت أعداد المماليك، وخاصة في مصر[2].

    تاريخ المماليك

    كان الملك الصالح يستعين بالجنود الخوارزمية الذين كانوا قد فرُّوا من قبلُ من منطقة خوارزم بعد الاجتياح التتري لها، وكان هؤلاء الجنود الخوارزمية جنودًا مرتزقة بمعنى الكلمة.. بمعنى أنهم يتعاونون مع من يدفع أكثر، ويعرضون خدماتهم العسكرية في مقابل المال، فاستعان بهم الملك الصالح أيوب بالأجرة، ودارت موقعة كبيرة بين جيش الملك الصالح أيوب وبين قوى التحالف الأيوبية الصليبية، وعُرِفَت هذه الموقعة باسم موقعة غزة، وكانت في سنة642هـ، وكانت هذه الموقعة قد وقعت بالقرب من مدينة غزة الفلسطينية، وانتصر فيها الملك الصالح انتصارًا باهرًا، حرَّر بيت المقدس نهائيًّا، ثم أكمل طريقه في اتجاه الشمال، ودخل دمشق، ووحّد مصر والشام من جديد، بل اتجه إلى تحرير بعض المدن الإسلامية الواقعة تحت السيطرة الصليبية، فحرر بالفعل طبرية وعسقلان وغيرهما.

    غير أنه حدث تطور خطير جدًّا في جيش الصالح أيوب رحمه الله، حيث انشقت عن جيشه فرقة الخوارزمية المأجورة..! وذلك بعد أن استمالها أحد الأمراء الأيوبيين بالشام مقابل دفع مال أكثر من المال الذي يدفعه لهم الصالح أيوب، ولم تكتفِ هذه الفرقة بالخروج، بل حاربت الصالح أيوب نفسه، ولم يثبت معه في هذه الحرب إلا جيشه الأساسي الذي أتى به من مصر، وعلى رأسه قائده المحنَّك ركن الدين بيبرس.

    وخرج الصالح أيوب من هذه الحرب المؤسفة وقد أدرك أنه لا بد أن يعتمد على الجيش الذي يدين له بالولاء لشخصه لا لماله.. فبدأ في الاعتماد على طائفة جديدة من الجنود بدلاً من الخوارزمية، وكانت هذه الطائفة هي: "المماليك".

    من أين جاءوا؟

    كان المصدر الرئيسي للمماليك إمّا بالأسر في الحروب، أو الشراء من أسواق النخاسة.. ومن أكثر المناطق التي كان يُجلَب منها المماليك بلاد ما وراء النهر (النهر المقصود هو نهر جيحون، وهو الذي يجري شمال تركمانستان وأفغانستان، ويفصل بينهما وبين أوزبكستان وطاجيكستان)، وكانت الأعراق التي تعيش خلف هذا النهر أعراقًا تركيةً في الأغلب؛ لذا كان الأصل التركي هو الغالب على المماليك، وإن كان لا يمتنع أن يكون هناك مماليك من أصول أرمينية، أو مغولية، أو أوربية، وكان هؤلاء الأوربيون يُعرَفون بالصقالبة، وكانوا يُستَقدَمون من شرق أوربا بوجه خاص.

    معاملة خاصة

    وقد كانت الرابطة بين المملوك وأستاذه من طرازٍ خاص؛ فقد كان السلطان الصالح نجم الدين أيوب -ومن تبعه من الأمراء- لا يتعاملون مع المماليك باعتبارهم رقيقًا.. بل على العكس من ذلك تمامًا، فقد كانوا يقربونهم جدًّا منهم لدرجة تكاد تقترب من درجة أبنائهم، ولم تكن الرابطة التي تربط بين المالك والمملوك هي رابطة السيد والعبد، بل رابطة المعلم والتلميذ، أو رابطة الأب والابن، أو رابطة كبير العائلة وأبناء عائلته.. وهذه كلها روابط تعتمد على الحب في الأساس، لا على القهر أو المادة، حتى إنهم كانوا يطلقون على السيد الذي يشتريهم لقب "الأستاذ"، وليس لقب "السيد".

    تربية متميزة

    كما كانت تربية المماليك تربيةً متميزة للغاية، يمتزج فيها تعليم الشرع بفنون الفروسية، بالمحاسبة على السلوك والآداب، ويشرح لنا المقريزي رحمه الله كيف كان يتربى المملوك الصغير الذي يُشترى وهو ما زال في طفولته المبكرة فيقول: "إن أول المراحل في حياة المملوك هي أن يتعلم اللغة العربية قراءة وكتابة، ثم بعد ذلك يُدفع إلى من يعلمه القرآن الكريم، ثم يبدأ في تعلم مبادئ الفقه الإسلامي، وآداب الشريعة الإسلامية.. ويُهتم جدًّا بتدريبه على الصلاة، وكذلك على الأذكار النبوية، ويُراقب المملوك مراقبة شديدة من مؤدبيه ومعلميه، فإذا ارتكب خطأً يمس الآداب الإسلامية نُبه إلى ذلك، ثم عُوقِب...".

    ثم إذا وصل المملوك بعد ذلك إلى سن البلوغ جاء معلمو الفروسية ومدربو القتال فيعلمونهم فنون الحرب والقتال وركوب الخيل والرمي بالسهام والضرب بالسيوف، حتى يصلوا إلى مستويات عالية جدًّا في المهارة القتالية، والقوة البدنية، والقدرة على تحمل المشاق والصعاب.

    ثم يتدربون بعد ذلك على أمور القيادة والإدارة ووضع الخطط الحربية، وحل المشكلات العسكرية، والتصرف في الأمور الصعبة، فينشأ المملوك وهو متفوق تمامًا في المجال العسكري والإداري، وذلك بالإضافة إلى حمية دينية كبيرة، وغيرة إسلامية واضحة.. وهذا كله -بلا شك- كان يثبت أقدام المماليك تمامًا في أرض القتال.

    وكل ما سبق يشير إلى دور من أعظم أدوار المربين والآباء والدعاة، وهو الاهتمام الدقيق بالنشء الصغير، فهو عادة ما يكون سهل التشكيل، ليس في عقله أفكار منحرفة، ولا عقائد فاسدة، كما أنه يتمتع بالحمية والقوة والنشاط، وكل ذلك يؤهله لتأدية الواجبات الصعبة والمهام الضخمة على أفضل ما يكون الأداء.

    اهتمام خاص من سيدهم

    وفي كل هذه المراحل من التربية كان السيد الذي اشتراهم يتابع كل هذه الخطوات بدقة، بل أحيانًا كان السلطان الصالح أيوب رحمه الله يطمئن بنفسه على طعامهم وشرابهم وراحتهم، وكان كثيرًا ما يجلس للأكل معهم، ويكثر من التبسط إليهم، وكان المماليك يحبونه حبًّا كبيرًا حقيقيًّا، ويدينون له بالولاء التام..

    وكان المملوك إذا أظهر نبوغًا عسكريًّا ودينيًّا فإنه يترقى في المناصب من رتبة إلى رتبة، فيصبح قائدًا لغيره من المماليك، ثم إذا نبغ أكثر أُعطِي بعض الإقطاعات في الدولة فيمتلكها، فتدر عليه أرباحًا وفيرة، وقد يُعطى إقطاعات كبيرة، بل قد يصل إلى درجة أمير، وهم أمراء الأقاليم المختلفة، وأمراء الفرق في الجيش، وهكذا.

    وكان المماليك في الاسم ينتسبون عادة إلى السيد الذي اشتراهم؛ فالمماليك الذين اشتراهم الملك الصالح يعرفون بالصالحية، والذين اشتراهم الملك الكامل يعرفون بالكاملية، وهكذا
    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5191
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: دولة المـمـاليك

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين ديسمبر 31, 2012 8:54 pm

    المماليك في مصر

    بدأ ظهور المماليك القوي على مسرح العالم الإسلامي في مصر في عصر الملك الصالح نجم الدين أيوب؛ ففي سنة ٦٤٧هـ/ ١٢٤٩م تواترت الأنباء عن قرب قدوم حملة جديدة تحت راية الصليب ضد مصر بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا بهدف احتلال مصر. وبسرعة عاد الملك الصالح نجم الدين أيوب من الشام إلى مصر لكي ينظم وسائل الدفاع.

    وفي العشرين من شهر صفر سنة ٦٤٧هـ/ ٤ يونيو ١٢٤٩م نزل الصليبيون قبالة دمياط، وأمامهم لويس التاسع يخوض المياه الضحلة، وهو يرفع سيفه ودرعه فوق رأسه. وانسحب الأمير فخر الدين بن شيخ الشيوخ قائد المدافعين عن المدينة بسرعة بعد أن ظن أن سلطانه المريض قد مات، وفي أعقابه فرَّ الجنود، وفي أعقاب الجنود والفرسان فرَّ السكان المذعورون، وهكذا سقطت دمياط دون قتال.

    دور مهم للمماليك في معركة المنصورة

    وفي ليلة النصف من شعبان سنة 647هـ وفي خضم هذه الأحداث توفي السلطان الصالح نجم الدين أيوب في يوم الاثنين ١٤ من شعبان سنة ٦٤٧هـ/ ٢٠ نوفمبر ١٢٤٩م، وأخفت زوجته شجرة الدر نبأ وفاته لكي لا تتأثر معنويات الجيش، وأرسلت في استدعاء ابنه توران شاه من إمارته على حدود العراق.

    واشتدت المقاومة المصرية ضد القوات الصليبية، وبعد عدة تطورات كانت القوات الصليبية تتقدم نحو مدينة المنصورة في سرعة، ولكن الأمير بيبرس البندقداري كان قد نظَّم الدفاع عن المدينة بشكل جيد، وانقشع غبار المعركة عن عدد كبير من قتلى الصليبيين بينهم عدد كبير من النبلاء، ولم ينجح في الهرب سوى عدد قليل من الفرسان هربوا على أقدامهم تجاه النيل ليلقوا حتفهم غرقًا في مياهه، أمّا الجيش الصليبي الرئيسي بقيادة لويس التاسع فكان لا يزال في الطريق دون أن يعلم بما جرى على الطليعة الصليبية التي اقتحمت المنصورة في ٤ من ذي القعدة ٦٤٧هـ/ فبراير ١٢٥٠م.

    وفي المحرم من سنة ٦٤٨هـ/ ١٢٥٠م دارت معركة رهيبة قرب فارسكور قضت على الجيش الصليبي، وتم أسر لويس التاسع نفسه في قرية منية عبد الله شمالي المنصورة، ثم نقل إلى دار ابن لقمان القاضي بالمنصورة؛ حيث بقي سجينًا فترة من الزمان حتى أُفرِجَ عنه لقاء فدية كبيرة، ومقابل الجلاء عن دمياط
    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5191
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: دولة المـمـاليك

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين ديسمبر 31, 2012 8:55 pm

    انتهاء حكم الأيوبيين في مصر

    بعد عهد الصالح أيوب، تولَّى ابنه توران شاه الذي لم يكن على قدر المسئولية؛ فانشغل باللهو بعد انتصاره على الصليبيين، وأساء معاملة قادة الجيش من المماليك، وكذلك أساء إلى زوجة أبيه شجرة الدر؛ فتآمرت هذه مع فارس الدين أقطاي وركن الدين بيبرس وقلاوون الصالحي وأيبك التركماني وهم من المماليك الصالحية البحرية على قتل "توران شاه"، وبالفعل تمت الجريمة في يوم 27 محرم سنة 648هـ، أي بعد سبعين يومًا فقط من قدومه من حصن كيفا واعتلائه عرش مصر..! وكأنه لم يقطع كل هذه المسافات لكي "يحكم" بل لكي "يُدفن"!

    وهكذا بمقتل "توران شاه" انتهى حكم الأيوبيين تمامًا في مصر، وبذلك أغلقت صفحة مهمة من صفحات التاريخ الإسلامي[7].

    لقد حدث فراغ سياسي كبير بقتل توران شاه، فليس هناك أيوبي في مصر مؤهل لقيادة الدولة، ومن ناحية أخرى فإن الأيوبيين في الشام مازالوا يطمعون في مصر، وحتمًا سيجهزون أنفسهم للقدوم إليها لضمها إلى الشام.. ولا شك أيضًا أن المماليك كانوا يدركون أن الأيوبيين سيحرصون على الثأر منهم، كما أنهم كانوا يدركون أن قيمتهم في الجيش المصري كبيرة جدًّا، وأن القوة الفعلية في مصر ليست لأيوبي أو لغيره إنما هي لهم، وأنهم قد ظُلِموا بعد موقعة المنصورة وفارسكور، لأنهم كانوا السبب في الانتصار ومع ذلك هُمِّش دورهم.

    كل هذا الخلفيات جعلت المماليك -ولأول مرة في تاريخ مصر- يفكرون في أن يمسكوا هم بمقاليد الأمور مباشرة!.. وما دام "الحكم لمن غلب"، وهم القادرون على أن يغلبوا، فلماذا لا يكون الحكم لهم؟!

    لكن صعود المماليك مباشرة إلى الحكم سيكون مستهجنًا في مصر، فالناس لا تنسى أن المماليك -في الأساس- عبيد، يباعون ويشترون، وشرط الحرية من الشروط الأساسية للحاكم المسلم.. وحتى لو أُعتِقوا فإن تقبُّل الناس لهم باعتبارهم (حُكَّامًا) سيكون صعبًا.. وحتى لو كثرت في أيديهم الأموال، وتعددت الكفاءات، وحكموا الأقاليم والإقطاعات، فهم في النهاية مماليك.. وصعودهم إلى الحكم يحتاج إلى حُجَّة مقنعة للشعب الذي لم يألفهم في كراسي السلاطين.

    كل هذا دفع المماليك البحرية الصالحية إلى أن يرغبوا بعد مقتل توران شاه في "فترة انتقالية" تمهد الطريق لحكم المماليك الأقوياء، وفي ذات الوقت لا تقلب عليهم الدنيا في مصر أو في العالم الإسلامي.

    كانت هذه هي حسابات المماليك الصالحية البحرية.. فماذا كانت حسابات شجرة الدر؟!
    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5191
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: دولة المـمـاليك

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين ديسمبر 31, 2012 8:57 pm

    وصول المماليك للحكم في مصر

    شجرة الدر تحكم

    لقد فكرت شجرة الدر في الصعود إلى كرسي الحكم في مصر...!!

    وفي ذات الوقت وجد المماليك البحرية في شجرة الدرّ الفترة الانتقالية التي يريدون.. إنها زوجة الملك الصالح أيوب الذي يُكِنّون له (ويُكِنُّ له الشعب كله) كامل الوفاء والاحترام والحب، وهي في نفس الوقت تعتبر من المماليك؛ لأن أصلها جارية وأعتقت، كما أنها في النهاية امرأة، ويستطيع المماليك من خلالها أن يحكموا مصر، وأن يوفروا الأمان لأرواحهم.

    وبذلك توافقت رغبات المماليك مع رغبة شجرة الدر.. وقرروا جميعًا إعلان شجرة الدرّ حاكمة لمصر بعد مقتل توران شاه بأيام، وذلك في أوائل صفر سنة 648هـ.

    ولكن الجو العام في مصر، وعند أمراء الأيوبيين في الشام، وكذلك الخليفة العباسي المستعصم لم يكن يقبل بولاية امرأة فتزوجت من أحد قادة المماليك وهو "عز الدين أيبك"، ثم أصبح سلطانًا على مصر، وبذلك وصل المماليك إلى حكم مصر خلفًا للأيوبيين.

    وتلقب عز الدين أيبك بالملك المعز وأُخِذت له البيعة في مصر.

    المملوك "عز الدين أيبك" سلطان

    كان الملك المعز عز الدين أيبك من الذكاء بحيث إنه لم يصطدم بشجرة الدر ولا بزعماء المماليك البحرية في أول أمره.. بل بدأ يقوي من شأنه ويعد عدته تدريجيًّا، فبدأ يشتري المماليك الخاصة به، ويعد قوى مملوكية عسكرية تدين له هو شخصيًّا بالولاء، وانتقى من مماليك مصر من يصلح لهذه المهمة، وكوَّن ما يُعرَف في التاريخ بالمماليك المعزية (نسبة إليه: المعز عز الدين أيبك)، ووضع على رأس هذه المجموعة أبرز رجاله وأقوى فرسانه وأعظم أمرائه: سيف الدين قطز رحمه الله.

    وكان هذا هو أول ظهور للبطل الإسلامي الشهير: سيف الدين قطز قائد مجموعة المماليك الخاصة بالملك المعز عز الدين أيبك.

    ومع أن الملك المعز عز الدين أيبك نفسه من المماليك البحرية إلا أنه بدأ يحدث بينه وبينهم نفور شديد.. أمّا هو فيعلم مدى قوتهم وارتباطهم بكلمة زوجته شجرة الدر التي لا تريد أن تعامله كملك بل كصورة ملك.. وأما هم فلا شك أن عوامل شتى من الغيرة والحسد كانت تغلي في قلوبهم على هذا المملوك صاحب الكفاءات المحدودة في نظرهم الذي يجلس على عرش مصر ويلقب بالملك، أما هم فيُلَقَّبون بالمماليك.. وشتان.

    لكن الملك المعز عز الدين أيبك لم يستنفر مبكرًا، بل ظل هادئًا يعد عدته في هدوء، ويكثر من مماليكه في صمت.

    ثم حدث أن تجمعت قوى الأمراء الأيوبيين لغزو مصر لاسترداد حكم الأيوبيين بها، وكانت الشام قد خرجت من حكم ملك مصر بعد وفاة توران شاه مباشرة.

    والتقى معهم الملك المعز عز الدين أيبك بنفسه في موقعة فاصلة عند منطقة تسمى العباسية (حوالي عشرين كيلو متر شرق الزقازيق الآن) في 10 من ذي القعدة سنة 648هـ (بعد أربعة أشهر فقط من حكمه) وانتصر الملك المعز عز الدين أيبك، ولا شك أن هذا الانتصار رفع أسهمه عند الشعب، وثبَّت من أقدامه على العرش.

    الخليفة يعلن أيبك ملكًا على مصر

    وفي سنة 651هـ (بعد 3 سنوات من حكم أيبك) حدث خلاف جديد بين أمراء الشام والملك المعز عز الدين أيبك، ولكن قبل أن تحدث الحرب تدخَّل الخليفة العباسي المستعصم بالله -وهذه نقطة تحسب له- للإصلاح بين الطرفين، وكان من جرَّاء هذا الصلح أن دخلت فلسطين بكاملها حتى الجليل شمالًا تحت حكم مصر.. فكانت هذه إضافة لقوة الملك المعز عز الدين أيبك، ثم حدث تطور خطير لصالحه وهو اعتراف الخليفة العباسي بزعامة الملك المعز عز الدين أيبك على مصر، والخليفة العباسي وإن كان ضعيفًا وليست له سلطة فعلية إلا أن اعترافه يعطي للملك المعز صبغة شرعية مهمة.

    كل هذه الأحداث مكَّنت الملك المعز عز الدين أيبك من التحكم في مقاليد الأمور في مصر.. ومن ثَمَّ زاد نفور زعماء المماليك البحرية منه، وبالذات فارس الدين أقطاي الذي كان يبادله كراهية معلنة، لا يخفيها بل يتعمد إبرازها.. هذه المعاملة من أقطاي، وإحساس أيبك من داخله أن المماليك البحرية -وقد يكون الشعب- ينظرون إليه على أنه مجرد زوج للملكة المتحكمة في الدولة، جعله يفكر جديًّا في التخلص من أقطاي؛ ليضمن الأمان لنفسه وليثبت قوته للجميع. وهكذا لا يحب الملوك عادة أن يبرز إلى جوارهم زعيم يعتقد الشعب في قوته أو حكمته.

    تزايد الصراعات ومقتل أقطاي

    انتظر أيبك الفرصة المناسبة، إلى أن علم أن أقطاي يتجهز للزواج من إحدى الأميرات الأيوبيات، فعلم أن أقطاي يحاول أن يضفي على نفسه صورة جميلة أمام الشعب، وأن يجعل له انتماءً واضحًا للأسرة الأيوبية التي حكمت مصر قرابة الثمانين سنة، وإذا كانت شجرة الدر حكمت مصر لكونها زوجة الصالح أيوب، فلماذا لا يحكم أقطاي لكونه زوجًا لأميرة أيوبية فضلاً عن قوته وبأسه.

    هنا شعر الملك المعز عز الدين أيبك بالخطر الشديد، وأن هذه بوادر انقلاب عليه، والانقلاب عادة يكون بالسيف، فاعتبر أن ما فعله أقطاي سابقًا وما يفعله الآن هي مؤامرة لتنحية أيبك عن الحكم، ومن ثَمَّ أصدر أوامره بقتل زعيم المماليك البحرية فارس الدين أقطاي.

    وبالفعل تم قتل فارس الدين أقطاي بأوامر الملك المعز، وبتنفيذ المماليك المعزية الذين كانوا يقودهم كبير قادة الملك المعز، وتم ذلك في 3 شعبان سنة 652هـ.

    وبقتل فارس الدين أقطاي خلت الساحة لعز الدين أيبك، وبدأ يظهر قوته ويبرز كلمته، وبدأ دور الزوجة شجرة الدر يقل ويضمحلّ، فقد اكتسب الملك المعز الخبرة اللازمة وزادت قوة مماليكه المعزية، واستقرت الأوضاع في بلده فرضي عنه شعبه، واعترف له الخليفة العباسي بالسيادة، ورضي منه أمراء الشام الأيوبيون بالصلح.

    وبقتل فارس الدين أقطاي انقسم المماليك إلى جزئيين كبيرين: المماليك البحرية الذين يدينون بالولاء لشجرة الدر، والمماليك المعزية الذين يدينون بالولاء للملك المعز عز الدين أيبك.

    وهنا قرر زعماء المماليك البحرية الهروب إلى الشام خوفًا من الملك المعز عز الدين أيبك، وكان على رأس الهاربين ركن الدين بيبرس، الذي ذهب إلى الناصر يوسف، هذا الخائن الذي كان يحكم حلب ثم دمشق ودخل في طاعته.

    وهكذا صفا الجو في مصر تمامًا للملك المعز عز الدين أيبك، وتوسط الخليفة العباسي من جديد ليضمن استقرار الأوضاع، فاتفقوا على أن يعيش المماليك البحرية في فلسطين، ويبقى الملك المعز في مصر، إلا أن ركن الدين بيبرس آثر أن يبقى في دمشق عند الناصر يوسف الأيوبي.

    مقتل أيبك وتنصيب ابنه المنصور

    وما كان للأوضاع أن تستقر على هذه الحال؛ فشجرة الدر التي شُغِفَت بالحُكم، وخاب ظنها في ضعف المعز أيبك الذي ظهرت قوته، وأخذ يقلِّل من دورها حتى قضى عليه، هذه المرأة قررت التخلص من زوجها أيبك؛ فدبرت له مكيدةً، وقتلته بمساعدة مماليكها؛ فما كان من المماليك المعزية إلا أن قتلوها قصاصًا لأستاذهم.

    وقعت البلاد في أزمة؛ فاجتمع أمراء المماليك، ونصَّبوا نور الدين علي بن أيبك من زوجته الأولى، وبُويع له، ولم يكن قد بلغ الخامسة عشرة من عمره، وهذه مخالفة كبيرة ولا شك، ولكن لعله قد وضع في هذا التوقيت لكي يوقف النزاع المتوقع بين زعماء المماليك على الحكم.. وتلقَّب السلطان الصغير بلقب "المنصور"، وتولى الوصاية الكاملة عليه أقوى الرجال في مصر وهو سيف الدين قطز قائد الجيش وزعيم المماليك المعزية، وأكثر الناس ولاءً للملك السابق المعز عز الدين أيبك.

    وكانت هذه البيعة لهذا السلطان الطفل في ربيع الأول من سنة 655هـ، وأصبح الحاكم الفعلي لمصر هو سيف الدين قطز رحمه الله.

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5191
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: دولة المـمـاليك

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين ديسمبر 31, 2012 8:58 pm

    حياة سيف الدين قطز

    من هو قطز؟

    سيف الدين قطز هو واحد من أعظم الشخصيات في تاريخ المسلمين.. اسمه الأصلي محمود بن ممدود وهو من بيت مسلم ملكي.. وهو ابن أخت جلال الدين الخوارزمي.. ملك الخوارزميين المشهور، والذي قاوم التتار فترة وانتصر عليهم ثم هُزِمَ منهم، وفرَّ إلى الهند، وعند فراره إلى الهند أمسك التتار بأسرته فقتلوا بعضهم واسترَقّوا بعضهم.

    وكان محمود بن ممدود أحد أولئك الذين استرقَّهم التتار، وأطلقوا عليه اسمًا مغوليًّا هو قطز، وهي كلمة تعني الكلب الشرس، ويبدو أنه كانت تبدو عليه من صغره علامات القوة والبأس، ثم باعه التتار في أسواق الرقيق في دمشق واشتراه أحد الأيوبيين، وجاء به إلى مصر، ثم انتقل من سيد إلى غيره حتى وصل في النهاية إلى الملك المعز عز الدين أيبك ليصبح أكبر قواده كما رأينا.

    نشأة قطز

    وقطز رحمه الله كبقية المماليك نشأ على التربية الدينية، والحمية الإسلامية، وتدرب منذ صغره على فنون الفروسية وأساليب القتال، وأنواع الإدارة، وطرق القيادة.. فنشأ شابًّا فتيًّا أبيًّا محبًّا للدين معظمًا له قويًا جلدًا صبورًا.. فإذا أضفت إلى ذلك كونه ولد في بيت ملكي، وكانت طفولته طفولة الأمراء وهذا أعطاه ثقة كبيرة بنفسه، فإذا أضفت إلى ذلك أن أسرته هلكت تحت أقدام التتار وهذا -بلا شك- جعله يفقه جيدًا مأساة التتار.

    وليس من رأى كمن سمع.. كل هذه العوامل صنعت رجلاً ذا طراز خاص جدًا، يستهين بالشدائد، ولا يرهب أعداءه مهما كثرت أعدادهم أو تفوقت قوتهم.

    التربية الإسلامية العسكرية، والتربية على الثقة بالله، والثقة بالدين، والثقة بالنفس كانت لها أثر كبير في حياة قطز رحمه الله.

    قطز في الحكم

    وجد قطز أن السلطان الطفل مشغول باللهو عن أمور الحكم، وأن بعض أمراء المماليك يستغلون ذلك في التدخل في أمور الحكم، وجاء ذلك مع قدوم رسل التتار يهددون مصر بالاجتياح؛ فقام بعزله بعد موافقة العلماء، وأعلن نفسه سلطانًا على مصر.

    بدأ قطز حكمه بمواجهة معضلة خطيرة، وهي صد التتار المتوحشين القادمين لغزو مصر بعدما أسقطوا الخلافة الإسلامية، ودمَّروا بغداد، واجتاحوا الشام.

    لم يكن قطز يستطيع صدَّ التتار بجيشٍ متشعب الولاءات بين الأمراء الذين يبحثون عن مصالحهم، ولا بشعب لاهٍ عن الجهاد وتبعاته؛ لذا بدأ بتنفيذ خطة محكمة سدَّد الله فيها خطاه؛ إذ بدأ بحشد جهود العلماء المخلصين من أجل بث روح الجهاد في نفوس الشعب، واضطلع سلطان العلماء العز بن عبد السلام بعِظم هذه المهمة، ومعه عدد من العلماء الأجِلاّء الذين تحفظ لهم الأمة مكانتهم.

    ولم يكن للشعب أن يتبع خطوات العلماء ما لم يكن الحاكم نفسه يفعل ذلك، وقد كان قطز نِعْم الحاكم الذي يوقر العلماء، ويطيعهم؛ لذا لمّا أراد فرض ضريبة على الشعب لتجهيز الجيش، وأفتى العز بن عبد السلام بعدم الجواز إلا بعد أن يُخرِج الأمراء ما عندهم من أموالهم وأموال نسائهم وجواريهم؛ كان قطز أول مَن نفَّذ تلك الفتوى على نفسه، ثم طبقها على بقية الأمراء بالقوة.

    ولكن.. لا بد للجيش من أمراء أكْفاء يقودون الجنود وهم مقتنعون بالهدف والغاية؛ لذا عمل قطز على تجميع الصفوف وتوحيدها، كما أخذ يُحمِّس الأمراء للجهاد في سبيل الله.

    قطز والثأر من التتار

    تراصَّ الجميع خلف قطز: شعبًا وأمراءً وعلماءً؛ فبدأ التجهيز العسكري للمعركة، وفي يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة 658هـ، وبشروق الشمس أضاءت الدنيا على فجرٍ جديد انبثق من سهل عين جالوت؛ إذ التقى الجيشان: المسلم والتتري، وقاتل قطز رحمه الله قتالاً عجيبًا.

    وبعد توكلٍ على الله ، وخطة ذكية من قطز أثبت بها تفوقه على خصمه كتبغا قائد جيش التتار ونائب هولاكو كتب الله النصر للمسلمين، وبدأت الكفة -بفضل الله- تميل من جديد لصالح المسلمين، وارتد الضغط على جيش التتار، وأطبق المسلمون الدائرة تدريجيًّا على التتار، وكان يومًا على الكافرين عسيرًا.. وقُتِل كتبغا بيدي أحد قادة المسلمين.

    ووصل التتار الفارُّون إلى بيسان (حوالي عشرين كيلو مترًا إلى الشمال الشرقي من عين جالوت)، ووجد التتار أن المسلمين جادّون في طلبهم، فلم يجدوا إلا أن يصطفوا من جديد، لتدور موقعة أخرى عند بيسان أجمع المؤرخون على أنها أصعب من الأولى، وقاتل التتار قتالاً رهيبًا، ودافعوا عن حياتهم بكل قوة، وبدءوا يضغطون على المسلمين، وكادوا أن يقلبوا الأمور لمصلحتهم، وابتلي المؤمنون، وزُلزلوا زلزالًا شديدًا، وكانت هذه اللحظات من أحرج اللحظات في حياة القوات الإسلامية، ورأى قطز -رحمه الله- كل ذلك.. فانطلق يحفز الناس، ويدعوهم للثبات، ثم أطلق صيحته الخالدة: واإسلاماه، واإسلاماه، واإسلاماه.

    قالها ثلاث مرات، ثم قال في تضرع: "يا الله!! انصر عبدك قطز على التتار..!!".

    ما إن انتهى من دعائه وطلبه -رحمه الله- إلا وخارت قوى التتار تمامًا..

    وقضى المسلمون تمامًا على أسطورة الجيش الذي لا يقهر..

    وأُبِيدَ جيش التتار بكامله، وانتصر الجيش الإسلامي العظيم، {وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [آل عمران: 126].
    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5191
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: دولة المـمـاليك

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين ديسمبر 31, 2012 8:59 pm

    عصرا الدولة المملوكية وحكم الظاهر بيبرس
    العصر الأول: المماليك البحرية (648- 792هـ).

    العصر الثاني: المماليك الجراكسة أو البرجية (792- 923هـ).

    عصر المماليك البحرية (648- 792هـ):

    المماليك البحرية: هم مماليك السلطان الصالح نجم الدين أيوب الذين كثر عددهم، وزادت تعدياتهم فضج منهم السكان فبنى لهم قلعة في جزيرة الروضة عام 638هـ، فعُرِفُوا بالمماليك البحرية.

    حكم هؤلاء المماليك البحرية مصر مدة أربع وأربعين ومائة سنة (648- 792هـ)، بدأت بحكم عز الدين أيبك. وقد تمثل هذا الحكم في أسرتين فقط، وهما أسرة الظاهر بيبرس البندقداري، وقد دام حكمها مدة عشرين سنة (658- 678هـ).

    أمّا الأسرة الثانية فهي أسرة المنصور قلاوون، وقد استمر أمرها أربع عشرة ومائة سنة (678 - 792هـ) وحكم هو وأولاده وأحفاده، لم يتخللها سوى خمس سنوات خرج أمر مصر من أيديهم، إذ تسلم العادل كتبغا والمنصور لاجين والمظفر بيبرس الجاشنكير وقد قُتِلَ ثلاثتهم، حكم الأوليان منهم مدة أربع سنوات (694 - 698هـ) وحكم الثالث ما يقرب من سنة (708- 709هـ)[1].

    عصر المماليك الجراكسة أو البرجية (792- 923هـ):

    موطن الجراكسة هو الأرض المشرفة على البحر الأسود من جهة الشمال الشرقي، وتشكل أرضهم الجزء الشمالي الغربي من بلاد القفقاس الممتدة بين بحري الأسود والخزر، والتي كانت تعرف يومذاك باسم بلاد القفجاق، وغدت تلك الجهات آنذاك مسرحًا للصراع بين مغول فارس أو الدولة الإيلخانية، ومغول القفجاق أو الأسرة الذهبية، وهذا الصراع جعل أعدادًا من أبناء الجراكسة تدخل سوق النخاسة، وتنتقل إلى مصر فاشترى السلطان المنصور قلاوون أعدادًا منهم ليتخلص من صراع المماليك البحرية، وليضمن الحفاظ على السلطنة له ولأبنائه من بعده، وقد أطلق على هؤلاء المماليك الجدد المماليك الجراكسة نسبة إلى أصولهم التي ينتمون إليها، كما أطلق عليهم اسم المماليك البرجية نسبة إلى القلعة التي وضعوا فيها[2].

    لقد حكم المماليك الجراكسة مصر والشام والحجاز مدة تزيد على إحدى وثلاثين ومائة سنة (792- 923هـ) وتعاقب في هذه المدة أكثر من سبعة وعشرين سلطانًا، لم تزد مدة الحكم على خمسة عشر عامًا، إلا لأربعة منهم وهم: الأشرف قايتباي، وقد حكم 29 سنة (872- 901هـ)، والأشرف قانصوه الغوري وقد حكم 17 سنة (906- 922هـ)، والأشرف برسباي وحكم 16 سنة (825- 841هـ)، والظاهر جقمق وحكم 15 سنة (842- 857هـ).

    وهناك ست سلاطين حكموا عدة سنوات أو أكثر من سنة وهم: الظاهر برقوق وحكم تسع سنوات (792- 801هـ) وهي المرة الثانية بعد خلع المنصور حاجي، وابنه الناصر فرج وقد حكم مرتين في كل مرة سبع سنوات (801- 808هـ) (808 - 815هـ)، والمؤيد وحكم تسع سنوات (815- 824هـ)، والأشرف إينال وحكم سبع سنوات (857- 865هـ)، والظاهر خشقدم وحكم سبع سنوات أيضًا (865- 872هـ).

    أما السلاطين الخمسة عشرة الباقون فكانت مدة حكم الواحد أقل من سنة بل إن بعضهم لم تزد مدة حكمه على الليلة الواحدة إذ أن خير بك قد تسلم السلطنة مساءً وخُلِعَ صباحًا وذلك عام 872هـ[3].

    وقد برز في العصر المملوكي كثير من سلاطين المماليك كان لهم دور كبير في تغيير كثير من صفحات التاريخ، كما تركوا بصمات واضحة في التاريخ الإسلامي نذكر منهم:

    الظاهر بيبرس

    اتصف بيبرس بالحزم ، والبأس الشديد، وعلو الهمة، وبعد النظر، وحسن التدبير، واجتمعت فيه صفات العدل والفروسية والإقدام، فلم يكد يستقر في الحكم حتى اتخذ عدة إجراءات تهدف إلى تثبيت أقدامه في الحكم منها: التقرب من الخاصة والعامة؛ بتخفيف الضرائب عن السكان، كما عفا عن السجناء السياسيين، وأفرج عنهم، كما عمل على الانفتاح على العالم الإسلامي لكسب ود زعمائه[4].

    وقام كذلك بالقضاء على الحركات المناهضة لحكمه، وأعاد الأمن والسكينة إلى البلاد[5]. وإضافةً إلى ذلك، أعاد إحياء الخلافة العباسية.

    وعندما توطدت دعائم سلطة المماليك، وقويت شوكتهم، نتيجة الإجراءات التي اتخذها "بيبرس"، رأى هذا السلطان ضرورة متابعة سياسة صلاح الدين الأيوبي وخلفائه في طرد الصليبيين، وإجلائهم عن البلاد الإسلامية، ولم يكن ذلك بالأمر السهل، فقد كان لزامًا عليه أن يجابه ما تبقى من الإمارات الصليبية وهي أنطاكية، وطرابلس، والجزء الباقي من مملكة بيت المقدس، وحتى يحقق هدفه اتبع إستراتيجية عسكرية قائمة على ضرب هذه الإمارات الواحدة تلو الأخرى، ولم تنقضِ سنة من السنوات العشر الواقعة بين عامي ( 659- 669هـ/ 1261- 1271م) دون أن يوجه إليهم حملة صغيرة أو كبيرة، وكان ينتصر عليهم في كل مرة[6].

    تُتَّهم الدولة المملوكية كثيرًا بالضعف الحضاري، والهزال العلمي الفكري، ولكن التاريخ الصحيح يُكذِّب ذلك؛ فقد كان لفنون الحضارة مكان عزيز عند المماليك؛ فمن ذلك جهودهم التي قاموا بها في المجالات التالية:

    تطوير الجهاز الإداري

    حرص سلاطين المماليك على تطوير الجهازين الإداري والعسكري، فاستحدث الظاهر بيبرس بعض الوظائف الإدارية لأن الوظائف التي عرفها المماليك وأخذوها عن الأيوبيين أصبحت لا تفي بحاجة الدولة الآخذة في التطور والتوسع فأنشأ وظائف جديدة لم تكن معروفة في مصر من قبل يشغلها أمراء يعينهم السلطان من بين الأشخاص الذين يثق بهم.

    تعديل نظام القضاء

    كان يتولى منصب القضاء في عهد الأيوبيين في القاهرة وسائر أعمال الديار المصرية، قاض واحد على المذهب الشافعي وله حق تعيين نواب عنه في الأقاليم، وأحيانًا كان يعين قاض للقاهرة والوجه البحري. وظل الوضع على ذلك حتى عام(660هـ/ 1262م). وما زال السلطان يطور النظام القضائي حتى ثبته وجعله مبدأ رسميًّا في (شهر ذي الحجة عام 663هـ/ شهر تشرين الأول عام 1265م)، فعين أربعة قضاة يمثلون المذاهب الأربعة وسمح لهم أن يعينوا نوابًا عنهم في الديار المصرية. فكان القاضي ابن بنت الأعز يمثل المذهب الشافعي، والقاضي صدر الدين سليمان يمثل المذهب الحنفي، والقاضي شرف الدين عمر السبكي يمثل المذهب المالكي، والقاضي شمس الدين القدسي يمثل قضاء الحنابلة، وفعل مثل ذلك في دمشق.

    وسن بيبرس عدة تشريعات لتهذيب أخلاق المصريين لعل أهمها الأمر الذي أصدره في عام (664هـ/ 1266م) ومنع بموجبه بيع الخمور، وأقفل الحانات في مصر وبلاد الشام، ونفى كثيرًا من المفسدين[7].

    المنشآت العمرانية

    من أهم منشآته العمرانية:

    - جدد بناء الحرم النبوي.

    - جدد بناء قبة الصخرة في القدس، بعد أن تداعت أركانها.

    - أعاد الضياع الخاصة بوقف الخليل في فلسطين، بعد أن دخلت في الإقطاع، ووقف عليه قرية اسمها بإذنا.

    - بنى المدرسة الظاهرية بين القصرين، وعين فيها كبار الأساتذة كان من بينهم مدرس الحنفية الصاحب مجد الدين بن العديم، ومدرس الشافعية الشيخ تقي الدين بن رزين، وولى الحافظ شرف الدين عبد المؤمن الدمياطي مشيخة الحديث، والشيخ كمال الدين الحلبي مشيخة القرَّاء.

    - بنى مسجده المعروف باسمه في ميدان الأزهر في القاهرة.

    - بنى مشهد النصر في عين جالوت تخليدًا لذكرى الانتصار على المغول.

    - جدد أسوار الإسكندرية

    - أعاد بناء القلاع التي هدمها المغول في بلاد الشام مثل قلعة دمشق، قلعة الصلت، قلعة عجلون وغيرها
    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5191
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: دولة المـمـاليك

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين ديسمبر 31, 2012 9:03 pm

    القضاء على الوجود الصليبي في الشام
    المنصور قلاوون

    اعتلى السلطان المنصور قلاوون عرش السلطنة في مصر سنة ٦٧٨هـ/ ١٢٧٩م، وبعد أن وطَّد دعائم حكمه بدأ في مواصلة جهاد الظاهر بيبرس ضد الصليبيين. وكانت بقايا الوجود الصليبي تتمثل في إمارة طرابلس، وبقايا مملكة بيت المقدس اللاتينية التي اتخذت من عكا عاصمة لها، كما كان حصن المرقب بأيدي الفرسان الإسبتارية، وطرطوس بأيدي فرسان الداوية.

    وفي سنة ٦٨٤هـ/ ١٢٨٥م شنَّ الجيش المصري هجومًا ناجحًا على حصن المرقب، وانتزعه من فرسان الإسبتارية. وكانت كل الشواهد تدل على أن نهاية الوجود الصليبي في المنطقة العربية قد اقتربت. وفي سنة ٦٨٦هـ/ ١٢٨٧م أرسل السلطان المنصور قلاوون جيشًا استولى على اللاذقية، آخر ما تبقى من إمارة أنطاكية الصليبية التي حررها بيبرس.

    وبعد ذلك بسنتين خرج السلطان بنفسه على رأس جيش ضخم فرض حصارًا على طرابلس لمدة شهرين واستولى عليها في إبريل سنة ١٢٨٩م، ثم تلتها بيروت وجبلة، وانحصر الصليبيون في عكا وصيدا وعثليت[1].

    تصفية الصليبيين

    كان لا بد من تصفية الوجود الصليبي في المشرق الإسلامي بعد أن استمرَّ ما يقرب من مائتي عامٍ، وبعد أن وهنت قوته بفعل المقاومة الإسلامية، وجهود الحكام المسلمين المجاهدين، وبالفعل تم تصفية الوجود الصليبي في بلاد الشام في عهد الأشرف صلاح الدين خليل بن قلاوون (689- 693هـ/ 1290- 1293م)؛ حيث كانت بعض أملاك للصليبيين في الشام لا تزال قائمةً، منها على سبيل المثال: (عكا) التي اتجه إليها المنصور بن قلاوون وضرب عليها الحصار، واستطاع فتحها في السابع عشر من جُمادَى الأولى عام 690هـ/ شهر أيار عام 1291م، وكان هذا بمنزلة الضربة القاضية التي نزلت بالصليبيين في بلاد الشام، إذ لم تقم لهم بعد ذلك قائمة.

    الحملة علي صور

    أرسل السلطان جيشًا إلى (صُور) بقيادة الأمير سنجر، الذي استطاع أن يدخلها في شهر رجب من سنة دخول (عكا)، ثم ظهر جيش مملوكي بقيادة الأمير الشجاعي أمام (صيدا) الذي استطاع أن يدخلها في 15من رجب، ثم بعد ذلك فتح (بيروت)، وما لبث السلطان أن فتح (حيفا)، ولم يبقَ إلا موضعان: أنطروس وعثليث، ولكن حامية كلٍّ منهما لم تكن قادرة على الصمود، فجاءت حامية أنطروس في (5 من شعبان - 3 آب)، ومن عثليث في (16 من شعبان- 14 من آب)، ولم يعد بحوزة الداوية سوى الحصن الواقع في جزيرة أرواد، فظلُّوا محافظين على موقعهم هذا طيلة اثني عشر عامًا، ولم يغادروا الجزيرة إلا في عام (703هـ/ 1303م).

    وظلَّت الجيوش المملوكية بعد طرد الصليبيين، تجوب الساحل من أقصاه إلى أقصاه بضعة أشهر في خطوة وقائية، تدمر فيها كلَّ ما تعتبره صالحًا لنزول الصليبيين إلى البر مرة أخرى والتحصن فيه من جديد
    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5191
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: دولة المـمـاليك

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين ديسمبر 31, 2012 9:06 pm

    الحضارة في عصر المماليك
    دولة المـمـاليك 11626_image002
    لحياة العلمية في العصر المملوكي

    لقد ظهر في العصر المملوكي كثير من المنشآت الدينية من مساجد وتكايا ومدارس وأربطة وحلقات العلم، تقوم على تدريس العلوم الدينية، وتقديم الخدمات لطلبة العلم، هذا إضافة إلى الكتب الدينية التي صدرت آنذاك.

    وزخر العصر المملوكي بعدد كبير من مشاهير العلماء الذين أثروا الحركة العلمية نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: الإمام النووي، والعز بن عبد السلام، وابن تيمية، وابن قيم الجوزية، والمزي، وابن حجر العسقلاني، والذهبي، وابن جماعة، وابن كثير، والمقريزي، وابن تغري بردي، والقلقشندي، وابن قدامة المقدسي، والمزي الفلكي المتوفَّى عام 750ه-[1].

    العمارة والفنون
    دولة المـمـاليك 11626_image003
    يعتبر عصر السلطان الناصر محمد بن قلاوون (698- 708ه-/1299- 1308م) من أزهى عصور الدولة المملوكية فقد أكثر من العمائر، ومن أهم منشآته في مدينة القاهرة الميدان العظيم، والقصر الأبلق بالقلعة، والإيوان ومسجد القلعة، والميدان الناصري، وبستان باب اللوق، وقناطر السباع.

    ومن بين الأعمال العظيمة التي أنجزت في عصر الناصر محمد حفر قناة من الإسكندرية إلى فوة، وبذلك أعاد وصل الإسكندرية بالنيل.

    وبلغ اهتمام الناصر بالعمارة أن أفرد لها ديوانًا، وبلغ مصروفها كل يوم اثني عشر ألف درهم
    دولة المـمـاليك 11626_image004
    وكان السلطان قايتباي (873- 902هـ / 1468- 1496م) محبًّا للعمارة، فقد بنى ورمم كثيرًا من المساجد والقلاع والحصون والمدارس والزوايا، ولا يضارع عصره في المباني وفرة وجمالاً سوى عصر الناصر محمد بن قلاوون.

    أمّا مدينة الإسكندرية فقد حظيت بعناية السلطان قايتباي، فقد أنشأ بها قلعة أطلق عليها اسم البرج، وتعتبر أكبر آثاره الحربية.

    أما الفنون في عصر المماليك فنجد أنها وصلت حدَّ الروعة والإتقان والرقي، ويشهد على ازدهار فن النحت على الخشب في العصر المملوكي، أن الفنانين استطاعوا أن يبدعوا في زخرفة الحشوات بالرسوم الدقيقة.

    كذلك ازدهرت في عصر المماليك صناعة الشبكيات من الخشب المخروط، المعروفة باسم المشربيات
    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5191
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: دولة المـمـاليك

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين ديسمبر 31, 2012 9:09 pm

    العلاقات الخارجية وسقوط دولة المماليك
    العلاقة مع الحفصيين في تونس

    لقد ربطت سلطنة المماليك البحرية في مصر ودولة الحفصيين في تونس علاقات ودية بفعل أربعة عوامل:

    1- عامل الدين الإسلامي.

    2- عامل الجوار.

    3- عامل الخطر المشترك الذي هدد العالم الإسلامي آنذاك.

    4- عامل الحج على اعتبار أن مصر واقعة على الطريق البري للحجاج القادمين من شمالي إفريقيا.

    لكن شاب هذه العلاقات بعض الفتور بسبب مشكلة الخلافة؛ ذلك أن ملوك بني حفص تلقبوا بلقب الخلفاء، فلم يعترف المماليك بإمرة المؤمنين في السلالة الحفصية، وإنما لقبوهم بـ "أمير المسلمين"، وهو لقب دون أمير المؤمنين في الرتبة.

    ويبدو أن مشكلة الخلافة لم تقف حائلاً بين الدولتين في التعاون لرد الاعتداءات الخارجية.

    العلاقة مع مغول القبجاق

    لم يلبث الدين الإسلامي أن انتشر بين المغول خاصة بعد اعتناق بركة خان ابن جوجي بن جنكيز خان هذا الدين، الأمر الذي ترتب عليه نتيجتان:

    الأولى: ازدياد التقارب بين مغول القبجاق والقوى الإسلامية في المشرق خاصة دولة المماليك البحرية الناشئة.

    الثانية: ازدياد العداء بين مغول القبجاق وبقية طوائف المغول الوثنيين، خاصة مغول فارس.

    وسعى بيبرس إلى الاستفادة من هذا الوضع الناشئ بالتحالف مع بركة خان زعيم القبيلة الذهبية، وكان من الطبيعي أن يلاقي تجاوبًا من الزعيم المغولي المسلم، إذ إن اعتناق هؤلاء المغول الديانة الإسلامية جعلت التحالف بين الطرفين ضرورة سياسية لمواجهة العدو المشترك المتمثل بهولاكو وأسرته.

    فما أن علم بيبرس باعتناق بركة خان للدين الإسلامي حتى كتب إليه يغريه بقتال هولاكو، ويرغبه في ذلك.

    وبالفعل اتفق بركة خان وبيبرس على محاربة هولاكو، وكتب بركة خان برسالة إلى بيبرس يقول له فيها: "فليعلم السلطان أنني حاربت هولاكو الذي من لحمي ودمي؛ لإعلاء كلمة الله العليا تعصبًا لدين الإسلام...".

    علاقة المماليك ببعض القوى الأوربية

    لقد اجتذبت موانئ مصر المدن التجارية الإيطالية، البندقية وجنوة وبيزا، بفضل التكاليف الزهيدة للبضائع القادمة من الشرق الأقصى عبر هذا البلد، إضافةً إلى ميزة الحصول على حاصلات الأراضي المصرية ومنتجاتها الصناعية، وكانت هناك من جهة أخرى أرباح كبيرة تتحقق بتوريد بعض السلع الأوربية التي كانت مصر بحاجة إليها مثل الحديد والخشب، لكن توثيق العلاقات السلمية مع مصر لم يكن بالسهولة التي تبدو لأول وهلة؛ بسبب عداوة مصر للصليبيين في بلاد الشام.

    وكانت المدن الإيطالية خاصة تسأل قبل أن ترتبط بعلاقات تجارية مع مصر: هل تسيء بذلك إلى بقية العالم المسيحي؟ لأن تجار مصر سوف يستفيدون حتمًا من جرَّاء المبادلات التجارية، كما تنتفع خزائن السلطان من حصيلة الرسوم الجمركية، ويترتب على ذلك تنامي قوة هذا البلد، مما يشكل ازديادًا في الخطر على المدن الصليبية في بلاد الشام.

    وكان التاجر الغربي الذي يتاجر مع مصر يُوصَف بأنه مسيحي فاجر، في حين تعرَّض حكام المماليك الذين يتعاونون مع التجار الغربيين للانتقاد أيضًا، وبالرغم من أن العقبات على التجارة بين مصر والمدن الإيطالية تأتي من الطرفين، إلا أنها استمرت ناشطة أحيانًا وسط الأجواء العاصفة، وكان الأمل عند الطرفين في الحصول على أرباح ومنافع جسيمة يبدد الكثير من المخاوف.

    وإذا كانت العلاقات بين المدن الإيطالية التجارية وبين المماليك تأرجحت بين المشاحنات والهدوء وفقًا لتقلب الظروف السياسية، فإن الوضع اختلف مع الإمارات المسيحية في أوربا الغربية مثل قشتالة وأرغونة وإشبيلية.

    ويبدو أن حرص الإمارات المسيحية في أسبانيا على عدم وصول نجدات من دولة المماليك إلى المسلمين في أسبانيا دفع ملوكها إلى مسالمة المماليك، وتبادل الهدايا مع الأمراء في مصر.

    وإذا كانت التجارة مع مصر مباحة بوجه عام لرعايا ملك أرغون فإنه كان محظورًا عليهم أن يبيعوا المسلمين مواد بناء السفن أو سفنًا مبنية، وفي عام 673هـ/ 1274م أصدر جيمس الأول ملك أرغون مرسومًا يحظر فيه تصدير المعادن والخشب والأسلحة والمواد الغذائية إلى مصر.

    كما ارتبطت صقلية بعلاقات طيبة مع حكام مصر منذ العهد الأيوبي، وقد تمتع الصقليون في مصر بتخفيض في التعريفات، واستمرت هذه العلاقة الطيبة في عهد دولة المماليك البحرية، إذ حرص مانفرد بن فريدريك الثاني على صداقة السلطان بيبرس، كما حرص هذا الأخير على الاحتفاظ بعلاقة الود التي ربطت مصر بمملكة صقلية، وقد جمعت الطرفين مصلحة مشتركة وهي العداء للصليبيين في بلاد الشام ومغول فارس.

    وتشير المراجع إلى تبادل الهدايا بين مانفرد وبيبرس، فأرسل هذا الأخير في عام 660هـ/ 1261م ، وفدًا برئاسة المؤرخ جمال الدين بن واصل إلى ملك صقلية، وحمله هدية جليلة منها بعض الزرافات، وبعض أسرى عين جالوت من المغول، وقد رد مانفرد بسفارة مشابهة تحمل الهدايا للسلطان

    العلاقة بالبرتغال والكشوف الجغرافية

    ارتبط تاريخ البرتغال التجاري منذ أوائل القرن السادس عشر الميلادي بالكشوف الجغرافية، والواقع أن حركة الكشوف هذه التي تم قسم كبير منها في القرن الخامس عشر الميلادي كانت أهم نتيجة عملية للنهضة الأوربية، فقد استطاع الملاحون الأوربيون أن يحققوا أعظم نصر في هذا المجال في أواخر ذلك القرن تمثل في حادثين:

    الأول: كشف الأمريكتين ابتداءً من عام (898هـ/ 1492م).

    الثاني: كشف الطريق البحري من أوربا إلى الهند بالالتفاف حول أفريقيا عن طريق رأس الرجاء الصالح في عام (904هـ/ 1498م).

    وكان لهذين الحادثين أثر عميق في تاريخ العالم ومستقبل البشرية

    والواقع أنه تضافرت عدة عوامل أدت إلى الكشف الجغرافي الثاني المرتبط مباشرة بموضوعنا، والذي كان رائده فاسكو دي جاما لعلَّ أهمها:

    1- التخلص من الرسوم الجمركية الفادحة التي كانت تفرضها السلطات المملوكية في مصر وبلاد الشام على السلع الشرقية عند مرورها في أراضي هذين البلدين.

    2- الرغبة في ضرب الاحتكار الذي كان يمارسه تجار البندقية في نقل السلع الشرقية من موانئ مصر وبلاد الشام إلى أوربا، كوسيلة لحرمان هذا البلد من مصادر ثرائه.

    3- تطلع التجار من رعايا دول أخرى غير البندقية إلى النزول إلى ميدان التجارة الشرقية، والحصول لأنفسهم على شطر من أرباحها الوفيرة.

    4- ضرب المسلمين حيث أدى العامل الديني دورًا بارزًا في تخطيط سياسة البرتغاليين، بهدف تحويل المسلمين في غربي إفريقيا وفي غيرها من المناطق الآهلة إلى المسيحية.

    5- سيطرت على الأوربيين في عصر النهضة رغبة قوية في زيادة معلوماتهم الجغرافية.

    وبوصول البرتغاليين إلى الهند عن طريق رأس الرجاء الصالح أنشأوا لهم مراكز تجارية مسلحة على سواحل البلاد الواقعة على هذا الطريق، وعملوا على بسط سيطرتهم العسكرية والتجارية على هذه المناطق ابتغاء احتكار تجارة الشرق، ونقلها إلى أوربا عبر الطريق الجديد.

    وقد أحدث نبأ هذا الاكتشاف الجغرافي المهم انفعالًا قويًا في الدوائر الحاكمة في كل من مصر وجمهورية البندقية؛ ذلك لأن كل ما يصيب تجارة الشرق الأدنى من ضرر يزعزع أسس قوتهما وثروتهما.

    وتابع البرتغاليون نشاطهم التجاري في الهند لتحقيق هدفين ينتهيان إلى غاية واحدة:

    الأول: توسيع مجال تجارتهم بفتح أسواق جديدة.

    الثاني: القضاء على تجارة المماليك بتدمير بحريتهم التجارية.

    وبالفعل لم يعد أحدٌ يحصي السفن المملوكية التي أغارت عليها أساطيلهم وأغرقتها أو أحرقتها بعد أن نهبت أو دمرت شحنتها وقتلت ركابها وبحارتها.

    والواقع أن اتساع نشاط البرتغاليين التجاري في الهند وسيطرتهم على مصادر تجارة التوابل والسلع الشرقية؛ أدَّى إلى حجب وصول هذه السلع بكميات كبيرة إلى مصر وبلاد الشام؛ فبدأت الدولة المملوكية تعاني أزمة اقتصادية عنيفة.

    التصادم بين المماليك والبرتغاليين

    وكان السلطان المملوكي قانصوه الغوري يدرك تمامًا أن ازدياد نفوذ البرتغاليين في الهند قد يقضي على مصالحه التجارية وهيبته أمام العالم، وقد تأكد له هذا بصورة عملية عندما أرسل في عام (910هـ/ 1504م) أسطولاً تجاريًّا إلى ساحل مالابار شحن كالمعتاد كميات ضخمة من التوابل والسلع الهندية، وأثناء عودة السفن حملت معها عددًا كبيرًا من أمراء الهنود، وعددًا من المسلمين في طريقهم إلى الحج، لكن هذه السفن لم تصل كاملة إلى ميناء جدة؛ إذ هاجمتها سفن الأسطول البرتغالي في مياه الهند، وصادرت معظم شحناتها من التوابل والسلع الهندية.

    أثارت هذه الأنباء ثائرة السلطان الغوري، فقرر إرسال أسطول حربي إلى مياه الهند مؤلفًا من خمسين سفينة، وعين عليه الأمير حسين كردي.

    تجمع الأسطول المملوكي في ميناء جدة، ثم انطلق في عام (913هـ/ 1507م) إلى سورات في مقاطعة جوجيرات، وكان أمراؤها حلفاء للمماليك، وفاجأ الأسطول البرتغالي بقيادة لورنزو دالميدا أو ألميدا الصغير، وأوقع به الهزيمة عند شول إلى الجنوب من بومباي في العام التالي، وقتل القائد البرتغالي في المعركة.

    تطلبت هذه الهزيمة التي لحقت بالبرتغاليين انتقامًا، اضطلع به ألميدا الكبير، في شهر ذي القعدة عام 914هـ/ شهر شباط عام 1509م، ودُمِّرت معظم وحدات الأسطولين المملوكي والهندي، وانسحب الأمير حسين كردي بعد ذلك إلى جَدَّة.

    فجهَّز السلطان قانصوه الغوري أسطولاً آخر لمواجهة البرتغاليين، وعهد بقيادته إلى الأمير حسين كردي، وانضم إليه عدد من الأتراك والمغاربة.

    وعندما تحرك الأسطول المملوكي نحو شواطئ الهند في شهر رمضان عام 921هـ/ شهر تشرين الأول عام 1515م رفض سلطان الطاهريين عامر الثاني بن عبد الوهاب تقديم الموانئ والقوى البشرية والتموين للأسطول، منتهكًا بذلك كل التزامات التحالف مع المماليك، وقد أدت خيانة السلطان الطاهري إلى إرباك مخططات المماليك؛ فتأجلت الحملة على الهند وظل الأسطول المملوكي راسيًا عند شواطئ جزيرة قمران مدة ثمانية أشهر، منهمكًا في بناء التحصينات الدفاعية.

    وقد حصلت هذه الأحداث في الوقت الذي قُتِلَ فيه السلطان الغوري في موقعة مرج دابق، أي في نهاية عصر الدولة المملوكية[9].

    العلاقات المملوكية العثمانية

    تُعتَبَر العلاقات المملوكية العثمانية هي مفتاح النهاية في تاريخ الدولة المملوكية؛ إذ سقطت دولة المماليك على أيدي العثمانيين نهائيًّا عام 1517م، ولكن سبق ذلك طريق طويل من العلاقات تراوحت بين المودة والتقدير، وبين القلق، ثم الصراع الدامي؛ فقد تجددت علاقات الصداقة بين السلطنتين المملوكية والعثمانية بعد زوال الخطر التيموري، وازدادت تماسكًا في عهد السلطان الأشرف برسباي.

    وازدادت أواصر الصداقة بين الدولتين في عهد السلطان جقمق، فتبودلت المراسلات والسفارات والهدايا بين الدولتين، وأرسل السلطان العثماني مراد الثاني إلى السلطان المملوكي هدية تضم خمسين أسيرًا من الأوربيين وخمسة من الجواري ومكية كبير من الحرير[11].

    واستمرت هذه السياسة الودية قائمة في عهد السلطان إينال، فبعد أن أتم السلطان العثماني محمد الفاتح فتح القسطنطينية أرسل إلى السلطان المملوكي رسالة يبشره بانتصاره الكبير، فأرسل إليه إينال رسالة تهنئة، واحتفل في القاهرة بهذا الحدث الجلل احتفالاً رائعًا.

    تردي العلاقات بين المماليك والعثمانيين (888- 896هـ)

    طُويَت صفحة العلاقات الجيدة بين الدولتين المملوكية والعثمانية على أثر فتح القسطنطينية، وفتحت صفحة جديدة سادها العداء بفعل تصادم المصالح.

    فقد توسعت الدولة العثمانية في الأناضول والجزيرة الفراتية شمالاً حتى البحر المتوسط جنوبًا، وجبال طوروس، وفي نفس الوقت كانت دولة المماليك قد سيطرت على قيليقيا.

    ومع حرص العثمانيين على استمرار تعزيز الروابط مع المماليك، إلا أن هؤلاء بدءوا يقابلون بشيء من الفتور تنامي العلاقات بين الدولتين بعد ما شعروا بتعاظم شعبية العثمانيين بين المسلمين نتيجة فتح القسطنطينية، كما لاحظوا، بقلق شديد، بروز دولة إسلامية قوية أخذت تنمو على حدودهم، وتشق طريقها الخاص بها، وتزايد قلقهم عندما نشطت في العاصمة العثمانية المساعي لتغيير نظام العلاقات بين الدولتين بعد أن أخذ البكوات، حماة الحدود، يتلقبون بألقاب السلاطين، ويذكر ابن إياس أن محمدًا الثاني كان أول زعيم في بني عثمان اتخذ لنفسه لقب سلطان وساوى نفسه بحكام مصر.

    كان اتخاذ الألقاب السلطانية يرمز إلى تحول العثمانيين إلى سياسة الدولة العظمى، وأن المقصود بذلك تأكيد الدور العالمي للسلطنة العثمانية، وقد أدت هذه السياسة إلى تدهور حاد في العلاقات المملوكية العثمانية، وبدأ المماليك يتوجسون خيفة من العثمانيين، فتبدلت نظرتهم إليهم من مشاعر الاعتزاز إلى مشاعر الغيرة، ثم أضحى الصراع على الهيمنة على زعامة العالم الإسلامي السبب الأساسي والرئيسي للنزاع المملوكي- العثماني.

    تزايد الصراع و"جم" يلجأ للمماليك

    بعد وفاة السلطان محمد الفاتح في عام 886هـ/ 1481م، بدأ النزاع الداخلي على العرش بين الأخوين بايزيد الثاني وجم.

    ولم يتمكن جم من الصمود في وجه أخيه، فلجأ إلى دولة المماليك، فاستقبله السلطان المملوكي قايتباي بحفاوة بالغة؛ مما أثار غضب السلطان العثماني بايزيد الثاني[13].

    واتخذ السلطان العثماني بايزيد الثاني موقفًا عدائيًّا صريحًا من المماليك، وتصرف على محورين:

    الأول: أنه ساند عسكريًّا علاء الدولة بن ذي القدر الذي هاجم ملطية التابعة للمماليك في عام 888هـ/ 1483م.

    الثاني: أنه أحكم سيطرته على الطرق التجارية، وعلى مصادر الخام البالغة الحيوية للمماليك كأخشاب السفن مثلاً، وبذل جميع المحاولات لإضعاف طاقتهم العسكرية، كما عرقل شراء الفتيان من أسواق البحر الأسود لنقلهم إلى مصر.

    فأرسل السلطان قايتباي حملة عسكرية بقيادة تمراز الشمسي فانتصر على علاء الدولة وحلفائه العثمانيين.

    وهكذا أدَّت الصدامات المسلحة التي نشبت مع علاء الدولة بن ذي القدر بين أعوام 888- 890هـ/ 1483- 1485م إلى أول حرب مملوكية - عثمانية.

    واضطر قايتباي إلى الدفاع عن أراضيه أما اعتداءات العثمانيين، ومن هنا بدأت حملات الأمير أزبك، ضد أراضيهم واستطاع هذا الأمير إلحاق الهزيمة بالجيوش العثمانية ثلاث مرات، أسر في الحملة الأولى عام 891هـ/ 1486م عدد كبيرًا من العثمانيين من بينهم القائد أحمد بك بن هرسك.

    ونتيجة لوساطة باي تونس عقدت اتفاقية سلام بينهما في 896هـ/ 1491م
    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5191
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: دولة المـمـاليك

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين ديسمبر 31, 2012 9:10 pm

    تحسن العلاقات بين المماليك والعثمانيين (896- 920هـ)

    لقد توقفت الحرب بين الدولتين، ولكن بشكل مؤقت، وساد الهدوء جبهات القتال، ولكن إلى حين، وتبادل الطرفان الهدايا والوفود سنة بعد سنة، كما نشطت حركة التبادل التجاري بينهما، وكان المماليك يشترون الأخشاب والحديد والبارود من آسيا الصغرى، وهي مواد غير متوفرة في مصر[17].

    ومن مظاهر المشاركة النفسية الجيدة التي تجلَّت خلال هذه الفترة، أنه عندما توفي السلطان العثماني بايزيد الثاني، بكى السلطان الغوري عليه، وحزن لوفاته ثم صلى عليه صلاة الغائب في القلعة، كما صلى الناس عليه بعد صلاة الجمعة في الجامع الأزهر، وجامع ابن طولون.

    النزاع الأخير بين المماليك والعثمانيين (920- 923هـ)

    لم يستمر الصلح بين المماليك والعثمانيين أكثر من ربع قرن، حيث إن تنامي هيبة الدولة العثمانية كحامية لجميع المسلمين، وانتصار سليم الأول على الصفويين في معركة جالديران في رجب عام 920هـ/ آب عام 1514م أزعج السلطان المملوكي قانصوه الغوري، فقد كان انتصار العثمانيين في جالديران مفاجأة غير متوقعة للمماليك الذين التزموا جانب الحياد، تاركين الدولة العثمانية وحيدة في مواجهة الصفويين.

    في أوائل عام 921هـ/ 1515م وصلت القاهرةَ تباشيرُ الأنباء عن استعدادات العثمانيين العسكرية، فقد كان الجيش والأسطول يستعدان لشن هجوم على مصر.

    وفي مرج دابق شمالي حلب دارت رحى معركة عنيفة بين المماليك والعثمانيين سنة (922هـ- 1516م)، وكان النصر حليف العثمانيين، وانتحر السلطان المملوكي قانصوه الغوري بالسم عندما علم بنتيجة المعركة، وأصبحت بلاد الشام ضمن أملاك العثمانيين.

    وبعد انتصار السلطان العثماني سليم الأول في مرج دابق، توجه إلى مصر وبعد انتصاره على المماليك في موقعة الريدانية سنة 923هـ/ 1517م، شنق السلطان المملوكي طومان باي على باب زويلة، وبذلك أصبحت مصر ضمن أملاك الدولة العثمانية، وهكذا أُسقِطَت دولة المماليك الجراكسة.
    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5191
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: دولة المـمـاليك

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين ديسمبر 31, 2012 9:13 pm

    دولة المـمـاليك 11628_image002
    عوامل سقوط دولة المماليك
    ترجع أسباب سقوط الدولة المملوكية إلى عدة عوامل داخلية وأخرى خارجية.

    أولاً: العوامل الداخلية:

    1- تراجع زعامة المماليك في العالم الإسلامي:

    على أثر نجاح المماليك في صد غزوات المغول وجحافل تيمورلنك وطرد الصليبيين من بلاد الشام، ادعى حكام مصر لأنفسهم دور الريادة في العالم الإسلامي، واعتبروا دولتهم مركز الإسلام ودار الخلافة، وحملوا لقب (حماة الإسلام والمسلمين)، وسادت أوساطهم نزعة التفرد الديني والسياسي.

    ووفقًا لمفاهيم العصر كانت الزعامة معقودة للحاكم المسلم الأقوى، أي للسلطان القادر على حماية الإسلام والمسلمين.

    إلا أن الوضع المميز الذي تمتع به سلاطين المماليك، تبدل في أواخر القرن الخامس عشر الميلادي، ومطلع القرن السادس عشر، فقد ظهر عجز المماليك عن مواجهة أوروبا المتوثبة، وأضحى زعيم المسلمين غير قادر على حماية الإسلام والمسلمين، وبرز السؤال من جديد: من الذي ينبغي أن يتزعم المسلمين ويقودهم؟.

    2- الانحلال الاجتماعي:

    ظلَّ المماليك على مدى ثلاثة قرون يعتبرون دولتهم طرازًا نموذجيًّا للمجتمع المسلم العادل المحافظ على مبادئ الشرع، والواقع أن هذا المجتمع رفض كل البدع، وساده التقوى، وانتشر الإيمان الحقيقي بين فئاته، كما احتضن الخلفاء العباسيين، إضافةً إلى علماء الدين الذين كان لهم الرأي الصائب والكلمة المسموعة.

    وتغير واقع الحال مع مرور الزمن، وأضحى الأمر بعيدًا كل البعد عن الصورة التي رسمناها، إذ إن معظم المسلمين بدءوا منذ أواخر القرن الخامس عشر الميلادي يشعرون بتراجع دولة المماليك على الصعيد الاجتماعي، وجاهروا أن مصر أضحت بلدًا لا يطبق بعض مبادئ الشريعة الإسلامية.

    3- انعزال المماليك عن المجتمع:

    كوَّن المماليك مجتمعًا مغلقًا خاصًّا بهم، فلم يختلطوا بالرعية، بل ظلوا بمعزل عنهم مترفعين عليهم، محتفظين بجنسهم وعاداتهم، وكان التحدث باللغة التركية شرطًا أساسيًّا في الانتساب إلى الطبقة الحاكمة، فالمماليك كانوا يتحدثون بهذه اللغة في مجتمعاتهم واجتماعاتهم، وانحصر زواجهم إمّا من نساء تركيات جيء بهن خصيصى لهذه الغاية، أو من بنات الأمراء، ولم يتزوجوا من بنات مصر إلا في القليل النادر، لكن زواجهم هذا لم يغير عادة العزلة فيهم، ولم يدعهم إلى الاختلاط بغيرهم؛ مما أوجد فجوة بين الحكام والمحكومين.

    4- فساد النظام الإداري:

    كان التنظيم الإداري والعسكري في بداية العصر المملوكي نظامًا فعالاً وصارمًا، فعندما يعتلي سدة الحكم سلاطين أقوياء، يضبطون الأمور بحزم وحكمة.

    لكن هذا التنظيم بدأ يفقد فعاليته تدريجيًّا، إذ إن الصلاحيات الواسعة التي منحها السلاطين للأمراء ضمانًا لولائهم قد أساءوا استعمالها، وأن السلاطين أنفسهم لم يقيدوا تلك الصلاحيات؛ مما أفسح بالمجال أمام الطامحين للخروج على الطاعة، وقد أدى التهاون في ضبط هذا التنظيم الذي حمل في طياته بذور الفساد، أن نمت هذه البذور وتفتحت؛ ففسخت أواصره وأفقدته تماسكه، خاصة في ظل حكم السلاطين الصغار والضعفاء، عندئذٍ يبرز الأمير القوي الذي يعزل السلطان ويجلس مكانه.

    5- فساد النظام الإقطاعي:

    لقد قدم الفلاح في العصر المملوكي الكثير من الضرائب النقدية والعينية، وكانت طريقة تحصيلها تتسم في الغالب بالعنف، وقد عانى إلى جانبها من التزامات متنوعة، وقيود مفروضة عليه ألزمته قسرًا الفلاحة في الإقطاعية، فأضحى عبدًا لصاحبها لا يستطيع الهرب منها والتخلص من ظلم المقطِع وقسوته، وليس له من خيراتها إلا القليل.

    أمَّا الأمراء فقد أحجموا عن الاهتمام بإقطاعاتهم طالما أنها غير وراثية، وازداد اعتمادهم على الرواتب النقدية والعينية، كما تراجع بناء الجسور والأقنية، وأُهمِلَ ترميم ما هو قائم منها، فتدهور الإنتاج الزراعي، وازداد عجز الدولة عن سد النفقات العسكرية، فاضطر السلطان إلى فرض مزيد من الضرائب بشكل تعسفي، فنتج عن ذلك انطلاق المقاومة الشعبية بكل أشكالها.

    6- التدهور الاقتصادي:

    منذ اعتلاء السلطان قايتباي عرش السلطنة في عام 872هـ/ 1468م، بدأت مظاهر التدهور الاقتصادي على الدولة المملوكية؛ وذلك من خلال المظاهر التالية:

    أ- انحلال النظام الداخلي.

    ب- إهمال الأسس التي قامت عليها تربية المماليك.

    ج- بذخ السلاطين وترفهم.

    د- كثرة المصادرات.

    هـ- كثرة فرض الضرائب.

    ثانيًا: العوامل الخارجية:

    أدَّى الانشقاق الداخلي في صفوف المسلمين في العالم الإسلامي إلى إضعاف المجتمع الإسلامي تجاه العدو الخارجي، كما أن النزاع الديني الذي أعاق علاقات الشرق بالغرب أخذ يتفاقم من جديد في أواسط القرن الخامس عشر الميلادي، وظلت الصليبية الغربية المتجددة هي العدو الرئيسي للإسلام والمسلمين كما كانت سابقًا.

    فقد وجهت البرتغال ضربة قاصمة إلى قلب التجارة المملوكية مع الهند، وشكَّل الكشف الجغرافي وتواجد البرتغاليين في مياه الهند، وسيطرتهم على التجارة الشرقية كارثة حقيقية للدولة المملوكية، وقد هدف البرتغاليون من وراء ذلك إلى القضاء على مصدر ثراء هذه الدولة، الداعم لقوتها العسكرية، وقد نجحوا في ذلك وأنهوا فعلاً السيطرة المملوكية على المياه والتجارة الشرقية منذ مطلع القرن السادس عشر الميلادي، وتبع ذلك تدهور أوضاع الدولة الاقتصادية نظرًا لفقدانها موردًا حيويًّا ومهمًا مما أدى بدوره إلى زعزعة قوتها وثروتها.

    كانت هذه الضربة الأولى التي وُجِّهت إلى الدولة المملوكية فأضعفتها.

    أما الضربة الثانية التي قضت عليها، فقد جاءت على أيدي العثمانيين، وأنهى السلطان سليم الأول العثماني دور المماليك الفاعل في معركة مرج دابق، ثم قضى على دولتهم المستقلة في موقعة الريدانية، وورث ممتلكاتهم وألقابهم ليصبح حامي الإسلام والمسلمين
    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5191
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: دولة المـمـاليك

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين ديسمبر 31, 2012 9:19 pm

    دولة المـمـاليك Tazz

    دولة المـمـاليك Bebarsجامع الظاهر بيبرس ( 1266 م – 1269 م)

    يقع هذا الجامع بميدان الظاهر بالقاهرة و يشبه في تخطيطه إلي حد كبير مسجد أحمد بن طولون،يعتبر هذا الجامع من أكبر جوامع القاهرة حيث تبلغ مساحته 103 فى 106 مترات ولم يبق منه سوى حوائطه الخارجية وبعض عقود رواق القبلة، و يتكون الجامع من صحن محاط بأروقة من جهاته الأربعة و رواق القبلة يتكون من ست بلاطات بينما يتكون الجانبين من ثلاثة و الشمالي الغربي من إثنين فقط.


    يمتاز المسجد بوجود ثلاثة مداخل محورية بارزة عن الواجهات الثلاثة عدا الواجهة الجنوبية الشرقية و المدخل الرئيسي مغطي بقبة بينما الجانبين بقبوين متقاطعين.
    ويقع أكبر هذه المداخل وأهمها فى منتصف الوجهة الغربية قبالة المحراب. وقد حلى هذا المدخل كما حلى المدخلان الآخران الواقعان بالوجهتين البحرية والقبلية بمختلف الزخارف والحليات فمن صفف معقودة بمخوصات إلى أخرى تنتهى بمقرنصات ذات محاريب مخوصة إلى غير ذلك من الوحدات الزخرفية الجميلة اقتبس أغلبها من زخارف وجهات الجامع الأقمر وجامع الصالح طلائع ومدخل المدرسة الصالحية. وكانت المنارة تقع فى منتصف الوجهة الغربية أعلى المدخل الغربى

    2- قناطر أبي المنجي

    ينسب للظاهر بيبرس أيضاً تلك القناطر المشيدة بالحجر و هي معقودة بعقود مدببة و بين كل عقدني رنك الظاهر بيبرس و تقع هذه القناطر في بداية الطريق الزراعي الرئيسي عند قليوب.

    3- مدرسة و ضريح و بيمارستان قلاوون بالنحاسين ( 1284 م – 1288 م)

    تقع مجموعة السلطان المنصور قلاوون بشارع المعز لدين الله و قد أقيمت علي رقعة من أرض القصر الفاطمي الصغير الغربي.
    أهم ما يسترعي النظر في هذه المجموعة المعمارية القبة التي تعلو الضريح و يظهر التأثير السوري في تخطيط قاعدتها فهي مقامة علي قاعدة مثمنة مكونة من أربع دعائم مربعة و أربعة أعمدة مستديرة، و الأعمدة ضخمة من الجرانيت و ذات تيجان مذهبة، أما الدعائم فبهاأربعة أعمدة رخامية في أركان كل منها و قد كسيت من الخارج بالرخام الدقيق المطعم بالصدف.

    دولة المـمـاليك Sultanqalawun01barmestane

    كما يمتاز البناء من الداخل بتكسية الحوائط بأشرطة مستطيلة تجري رأسية و هي من الرخام الملون و ذلك في الجزء السفلي من الحائط.و أمام باب القبة باب المدسة المنصورية و يعتبر محراب المدرسة أقل فخامة من محراب القبة الذي يعد من أكبر و أفخم المحاريب في مصر الإسلامية، أما الأأجزاء الباقية من البيمارستان فتنحصر في بقايا إيوانين كبيرين ،و كلها فاطمية الطراز و قد ظل البيمارستان يؤدي وظيفته إلي سنة 1856 م.

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5191
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: دولة المـمـاليك

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين ديسمبر 31, 2012 9:24 pm

    مدرسة و ضريح الناصر محمد بن قلاوون ( 703 هـ - 1304 م)

    يمتاز بمدخله القوطي الطراز المبني بالرخام و الذي نقل من كنيسة سان جورج بعكا علي يد الأشرف خليل بعد أن فتحها، يعلو الباب منارة محلاه بزخارف جصية بدية و دقيقة،

    دولة المـمـاليك _____2
    و قد شيد هذا المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد فهو يتكون من صحن مكشوف تحيط به أربعة إيوانات لم يبق منها الآن غير إيوان القبلة والإيوان المقابل له ، أما الإيوانان الآخران فقد حل محلهما بعض أبنية مستحدثة. ولم يتخلف بإيوان القبلة سوى المحراب بعموديه الرخاميين الجميليين وطاقيته المحلاة بزخارف جصية بارزة ومفرغة تعتبر بما يعلوها من زخارف جصية أخرى وما يقابلها بصدر الإيوان الغربى مثلا جميلا لما وصلت إليه هذه الصناعة من رقى وازدهار فى هذه الحقبة من الزمن. وعلى يمين الداخل من المجاز الموصل للصحن باب يؤدى إلى القبة التى لم يبق منها سوى رقبتها ومقرنصات أركانها.

    دولة المـمـاليك ___

    أما الوجهة فهى مبنية بالحجر وما زالت تحتفظ بالكثير من معالمها القديمة تحليها صفف قليلة الغور فتح بأسفلها ثلاثة شبابيك معتبة تعلوها عقود عاتقة زينت بزخارف محفورة فى الحجر وتنتهى هذه الصفف من أعلى بمقرنصات جميلة

    5- مسجد سلار و سنجر الجاولي (1303 – 1304 م)

    يقع هذا الأثر غلي ربوة عالية بشارع مراسينة الموصل من ميدان السيدة زينب إلي القلعة.
    و هو عبارة عن خانقاه مبينة علي الصخر مباشرة و مدخلها الرئيسي علي إرتفاع ثلاثة أمتار و نصف من مستوي الشارع، و الواجهة فريدة من نوعها فهي تشتمل علي قبتين و تجاورهما مئذنة ثم المدخل العمومي و تنتهي من أعلاها بشرافات مسننة علي قبتين مبنيتان بالطوب،

    دولة المـمـاليك Slar_7_songor_gawly

    و المئذنة مبنية من الحجر و قاعدتها مربعة يعلوها منطقة مثمنة ثم يليها منطقة أخري مستديرة القطاع بها فتحات و بقمة المئذنة طاقية مضلعة.
    و يتكون من صحن مسقوف وإيوان القبلة ويؤدى الباب الثانى إلى طرقة معقودة بقبوات مصلبة على يمينها قبتان الأولى أكبر من الثانية

    6- خانقاه بيبرس الجاشنكير (1306 م – 1309 م)

    تقع هذه الخانقاه حالياً بشارع الجمالية. و قد بدأ في إنشائها بيبرس الجاشنكير ،

    دولة المـمـاليك __2
    و الداخل لهذه الخانقاه يجتاز باب المدخل إلي (دار كاه) مربعة علي سارها باب القبة و هي من القباب الكبيرة و قد فرشت أرضيتها بالرخام الأسود و الأبيض، و يتوسط القبة من أسفل قبر المنشئ و جدرانها مؤززة بالرخام و كتبت بالخط الكوفي المربع "محمد" مكررة و المحراب مكسو بالرخام الدقيق.
    و تخطيط هذا الأثر من النوع المتقاطع المتعامد و يتكون من صحن مربع حوله أربعة إيوانات و اللمدخل يعلوه عقد مستدير الشكل،

    دولة المـمـاليك Khankah_bebars_eljashkeer
    و الواجهة من الحجر تقسمها تجويفات مستطيلة رأسية و تنتهي من أعلاها بصفوف من المقرنصات، كما أن الواجهة تنتهي من أعلاها بصف أفقي من الشرافات المسننة.

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5191
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: دولة المـمـاليك

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين ديسمبر 31, 2012 9:27 pm


    7- قبة حسن صدقة 715 هجرية = 1315م.

    تقع هذه القبة بشارع السيوفية وكانت ضمن المدرسة السعدية التى أنشأها الأمير شمس الدين سنقر السعدى أحد أمراء الناصر محمد بن قلاون سنة 715 هجرية = 1315م وقد سميت بقبة حسن صدقة بالنسبة إلى الشيخ حسن صدقة المدفون بها. ولم يبقى من هذه المدرسة سوى المدخل والقبة والمنارة ، فالمدخل يقع فى طرف وجهة القبة يغطيه مقرنص من ثلاث حيطات فوقه طاقية العقد وأسفله شباك على كل من جانبيه ثلاثة أعمدة رخامية صغيرة وتغطيه مقرنصات جميلة. وأسفل الشباك إطار زخرفى يحيط بعتب الباب الملبس بالرخام الأحمر والأبيض ، هذا ويعلو المدخل زخارف جصية مفرغة غاية فى الدقة والجمال شأنها شأن الزخارف الجصية التى تحلى رقبة القبة وقاعدتها وهى أهم ما امتاز به هذا الأثر. ووجهة القبة من أسفل بها صفتان تنتهيان بمقرنصات بكل منهما شباك يعلوه عتب يزدان بزخارف هندسية ذات أطباق نجمية يعلوه عقد مزرر ،

    دولة المـمـاليك Kobet_hassan_sadaka
    وبكل وجهة من وجهات منطقة الانتقال من المربع إلى الدائرة صفة معقودة بزخارف جميلة وعلى جانبيها عمودان حليا بزخارف دقيقة وبها ثلاثة شبابيك اثنان منها بعقد مثلث يعلوهما شباك مسدس كانت جميعا مملوءة بزخارف جصية مفرغة وإلى جانبى الصفة طبقان زخرفيان مستديران ، هذا ويحيط بدائر القبة أعلى هذه المنطقة نطاق زخرفى جميل يشمل على طراز مكتوب به بالخط المملوكى المزهو آيات قرآنية أسفله شبابيك جصية مفرغة يحيط بها زخارف جصية. وتقوم المنارة على يسار المدخل وقد أنشئت على طراز المآذن التى شيدت فى هذه الحقبة من الزمن - أواخر القرن السابع وأوائل الثامن- أواخر القرن الثالث عشر وأوائل الرابع عشر - وهى تتكون من بدن مربع تحلى وجهاته صفف معقودة وينتهى بدورة المؤذن التى يعلوها مثمن به ثمانى فتحات ذات عقود مورقة داخل صفف تغطيها عقود مخوصة ويعلو المثمن طبقتان من المقرنص المتعدد الحطات يعلوهما قبة مضلعة. والقبة من الداخل محمولة فى الأركان على مقرنصات مكونة من ثلاث حطات بمنتصف الحطةالأولى من كل منها شباك ذو عقد مثلث مثل الشبابيك المجاورة له والسابق الإشارة إليها. وأسفل هذه المقرنصات طراز مكتوب يحيط بالمربع. ويقع المحراب فى منتصف الحائط الشرقى للقبة ويحيط به طراز مكتوب به أدعية وبنهايته تاريخ القبة مكتوبا بالأرقام 721 هجرية وبالقبة تابوت مكتوب به اسم منشئ المدرسة وتاريخ الإنشاء 715 هجرية كما تضم القبة رفات الشيخ حسن صد

    8- جامع الأمير ألماس 730 هجرية = 1330م.

    يقع هذا الجامع بشارع السيوفية ، أنشأه فى سنة 730 هجرية = 1330م الأمير سيف الدين ألماس أحد مماليك الناصر محمد بن قلاون الذى ظل فى خدمته إلى أن صار من أكبر أمرائه. وتخطيط الجامع عبارة عن صحن مكشوف تحيط به أربعة أروقة أكبرها رواق القبلة عقودها جميعا محمولة على أعمدة رخامية أحيطت العقود المشرفة منها على الصحن بزخارف جصية ، ويتوسط جدار القبلة محراب مكسو بالرخام الملون ، وتشغل القبة الركن الغربى البحرى من الجامع ، وأهم ما فيها محرابها الصغير بعموديه الجميلين وبقايا الخردة الرخامية الدقيقة التى ما زالت موجودة به.

    دولة المـمـاليك Alameer_ulmas

    أما الوجهة العمومية فيتوسطها الباب الذى يقع فى دخلة معقودة بمقرنصات ذات دلايات على جانبيها صفتان قليلتا الغور تنتهيان بمقرنصات ، ويعتبر هذا الباب فى مجموعه من الأمثلة القليلة لأبواب الجوامع التى بنيت بهذا التصميم ، وبالواجهة صفتان على يمين الدخل ويساره فتح بها شباكان سفليان وآخران يعلوانهما صنعاهما وشباكا صفتى المدخل من الخشب المفرغ بدلا من الجص المفرغ وهذه الظاهرة نادرة الوجود فى الجوامع المملوكية. وتقوم المنارة وهى حادثة على يمين المدخل كما تقوم القبة على يساره وليس فى كلتيهما ما يسترعى النظر.

    9- جامع السلطان الناصر محمد بالقلعة 735 هجرية = 1335م

    يقع هذا الجامع داخل القلعة على يسار الصاعد إلى جامع محمد على باشا الكبير ، أمر بإنشائه الملك الناصر محمد بن قلاون سنة 718 هجرية = 1318م وما لبث أن رغب فى توسيعه فهدمه وأعاد بناءه فى سنة 735 هجرية = 1335م وبلغت مساحته من الداخل 59 مترا طولا فى 53 مترا عرضا

    دولة المـمـاليك Mohamed_ebn_kalwoon_in_citadel

    و هو يتكون من صحن مكشوف تحيط به أربعة أروقة أكبرها رواق القبلة الذى يشتمل على أربعة صفوف من العقود بينما يشمل كل من الأروقة الثلاثة الأخرى على صفين من العقود ترتكز جميعا على أعمدة رخامية مختلفة الأحجام متنوعة التيجان وفتح فى خواصرها فتحات معقودة أعلى الأعمدة قصد بها التخفيف. ويعلو وجهات الأروقة المشرفة على الصحن شرفات مسننة تنتهى عند كل ركن من أركان الصحن بخوذة مضلعة محمولة على قاعدة مقرنصة. وتقوم أمام المحراب قبة أنشئت سنة 1935م حلت محل القبة القديمة التى سقطت فى وقت غير معلوم وترتكز هذه القبة على مربع بأركانه الأربعة مقرنصات كبيرة من الخشب وبأسفلها طراز خشبى مكتوب به بالخط البارز الكبير اسم الناصر محمد وتاريخ الإنشاء سنة 735 هجرية. وهذه القبة بقاعدتها المربعة محمولة على عقود مرتفعة تحملها عشرة أعمدة ضخمة من الجرانيت الأحمر. أما سقف الجامع فهو من الخشب على هيئة قصع نصف كروية تحيط بها أشكال هندسية تحصر بينها نهود بارزة تكون فى مجموعها منظر خلابا يدل ما بقى منه على ما كان عليه هذا السقف من جمال وبهاء. وللجامع مدخلان أولهما يقع فى منتصف الوجهة الغربية والثانى فى منتصف الوجهة البحرية كما أن له مئذنتين تقوم الأولى على يمين المدخل الغربى والثانية بالطرف الشرقى للواجهة البحرية. وبالرغم من أن عدد الجوامع التى لها مئذنتان متماثلتان قليل ومحدود فإن هذا الجامع قد انفرد بمئذنتيه غير المتماثلتين هذا فضلا عن غرابة طرازهما وكسوة قمتيهما بالقاشانى الذى لم يشاهد قبل ذلك إلا فى قمة مئذنة مسجد بيبرس الجاشنكير.

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5191
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: دولة المـمـاليك

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين ديسمبر 31, 2012 9:30 pm

    دولة المـمـاليك %D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%86-%D8%AD%D8%B3%D9%86

    دولة المـمـاليك 18257_image002قلعة قايتباى بالأسكندرية

    السلطان المملوكي الكبير قايتباي أبو النصر بن عبد الله الجركسي المحمودي الظاهري، التاسع عشر في سلاطين المماليك الجراكسة أو البرجية، وأطول سلطان مملوكي مدة في حكم دولة المماليك؛ إذ مكث قرابة الثلاثين سنة، وهذا الأمر من نوادر الدولة المملوكية التي لم يكن سلاطينها يمكثون طويلاً، فإما يخلعون أو يقتلون أو يموتون سريعًا لكبر سنهم.

    وُلد قايتباي سنة 826هـ وهو من أصول جركسية، وموطن الجراكسة هو الأرض المشرفة على البحر الأسود من جهة الشمال الشرقي وكانت جزءًا من الاتحاد السوفيتي سابقًا، وقد أعتقه السلطان الظاهر جقمق، لذلك عرف بالظاهري، بويع له بالسلطة في 6 رجب سنة 872هـ بعد أن خلع السلطان «يزبك» الذي لم يمكث في السلطنة سوى يوم واحد، وتلقب قايتباي بالأشرف واستعمل الحزم واتحد مع الجد حتى استقرت له الأمور ودانت له الملوك وصارت قامته السياسية توازي وتسامي السلطان العثماني محمد الفاتح.

    سلك قايتباي مسلكًا حكيمًا في قيادة دولة المماليك دائمة التقلب، أخضع به الطامعين والمتطلعين للحكم واستمال به قلوب الناس، ولقد كان محبًا للعلماء والصالحين يخضع لهم غاية الخضوع، واعتنى قايتباي بالعمران، فبنى قلعة حصينة بالإسكندرية مازالت قائمة حتى الآن، وحصَّن ثغر دمياط الذي كان هدفًا دائمًا لغارات الصليبيين، وبنى الكثير من المدارس في الحجاز والشام، وعمَّر المناسك فأصلح مسجد الخيف وساق الماء من عرفات إلى منى، وأصلح المسجد النبوي وحفر الآبار، واهتم بالقدس الشريف والجامع الأموي، وكانت عنايته منصبة على بناء الجوامع والمدارس والطرق، ووصلت الدولة في عهده لأوج توسعها العمراني والحضاري.

    كما اهتم قايتباي بمحاربة إمارة ذي القادر التركمانية والتي تقع على أطراف الشام والأناضول، وبسبب هذا القتال وقع خلاف شديد بين قايتباي ومحمد الفاتح، وذلك سنة 877هـ، كما حارب قايتباي الدولة التركمانية الأخرى «آق قويتلو» أو الشاة البيضاء وزعيمها حسن الطويل حتى قضى عليه، ظل على خلافه مع العثمانيين حتى وفاة محمد الفاتح سنة 886هـ.

    وظل قايتباي مسيطرًا على دولة المماليك الممتدة من مصر إلى الشام والحجاز وأجزاء من اليمن والأناضول ولم يقدر أحد على منازعته الأمر، حتى مات في 27 من ذي القعدة سنة 901هـ.
    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5191
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: دولة المـمـاليك

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين ديسمبر 31, 2012 9:32 pm

    دولة المـمـاليك 112
    الأشرف سيف الدين برسباي





    بدأ "برسباي" حياته مملوكا للأمير "دقماق المحمدي" نائب "ملطية"، الذي اشتراه من أحد تجار العبيد، ومكث في خدمته فترة من الوقت ، و اليه انتيسب اسمه ، فأصبح يعرف ببرسباي الدقماقي، ثم أهداه سيده إلى السلطان الظاهر برقوق سلطان مصر، فأعتقه، وجعله من جملة مماليكه وأمرائه، وبعد وفاة السلطان برقوق تقلّب في في عدة مناصب منتقلا بين سلطان و اخر ، حتى نجح في اعتلاء عرش السلطنة في (8 من ربيع الآخر 825هـ = 1 من إبريل 1422م)، وهو السلطان الثامن في ترتيب سلاطين دولة المماليك البرجية، والثاني والثلاثون في الترتيب العام لسلاطين دولة المماليك.


    الامن في عهده

    وقد نجح السلطان برسباي في الفترة التي قضاها في الحكم -وهي نحو 17 سنة- في إشاعة الأمن والاستقرار، والقضاء على الثورات والفتن و حالات التمرد التي لا تنتهي ، و التي شبت في البلاد، والضرب على أيدي الخارجين على النظام، كما فعل مع ثورة طائفة المماليك الأجلاب، وهم الذين جاءوا إلى مصر كبارًا، وكانوا قد عاثوا في الأرض فسادًا لتأخر رواتبهم في عامي (835هـ = 1431م)، (838هـ = 1434م)، وقد مكّنه ذلك الاستقرار الذي نعمت به البلاد من القيام بغزو جزيرة قبرص.

    غزو قبرص

    شن السلطان على قبرص 3 حملات من اجل اخضاعها خاصة بعد ان تعددت هجمات القبرصيين على الموانئ الاسلامية خرجت الحملة الأولى في سنة (827هـ = 1424م)، وكانت حملة صغيرة نزلت قبرص، وهاجمت ميناء ليماسول، وأحرقت ثلاث سفن قبرصية كانت تستعد للقرصنة، وغنموا غنائم كثيرة، ثم عادت الحملة إلى القاهرة وكان الهدف من الحملة هو اختبار استعدادات و قوة الجزيرة اي انها كانت حملة استكشافية .
    شجع هذا النصر أن يبادر برسباي بإعداد حملة أكبر قوة و عتادا من الحملة السابقة ، فخرجت الحملة الثانية في رجب (828هـ = مايو 1425م) مكونة من أربعين سفينة، واتجهت إلى الشام، ومنها إلى قبرص، حيث نجحت في تدمير قلعة ليماسول، وقُتل نحو الاف القبارصة، فضلا عن حوالي ألف أسير، فضلاً عن الغنائم الكثيرة التى حصل عليها الجيش .
    وفي الحملة الثالثة استهدف برسباي فتح الجزيرة وإخضاعها لسلطانه، فأعد حملة أعظم من الحملتين السابقتين وأكثر عددا وعُدة، فأبحرت مائة وثمانون سفينة من ميناء رشيد في (829هـ = 1426م)، واتجهت إلى ليماسول، فلم تلبث أن استسلمت للقوات المصرية في (26 من شعبان 829هـ = 2من يوليو 1426م)، وتحركت الحملة شمالا في قلب جزيرة قبرص، وحاول ملك الجزيرة جاهدا أن يدفع القوات المصرية الغازية عن الاستيلاء على مملكته ، لكنه فشل وسقط أسيرافي ايدي القوات المصرية ، واستولت القوات المصرية على العاصمة "نيقوسيا"، وبذلك دخلت الجزيرة في سيطرة دولة المماليك البرجية .

    استقبل برسباي بالقلعة ملك قبرص السير الذي اعلن طاعته للسلطان و طلب اطلاق سراحه، وكان بحضرته وفود من أماكن عدة للتهنئة بالنصر الذي حققته الجيوش المصرية، مثل: شريف مكة، ورسل من آل عثمان، وملك تونس، وبعض أمراء التركمان، ، فوافق السلطان على أن يدفع ملك قبرص المأسور مائتي ألف دينار كفدية نظير اطلاق سراحه ، مع التعهد بأن تظل قبرص تابعة لسلطان دولة المماليك، وأن يكون هو نائبا عن السلطان المملوكي في حكمها، وأن يدفع جزية سنوية، واستمرت جزيرة قبرص منذ ذلك الوقت تابعة للحكم المصري، حتى سنة (923هـ = 1517م) التي سقطت فيها دولة المماليك على يد السلطان العثماني "سليم الأول".

    العلاقات الخارجية

    ارتبطت مصر في عهد برسباي بعلاقات ودية مع الدولة العثمانية، وتبادل التهنئة،
    وفي عهد السلطان برسباي تأزمت العلاقات بينه وبين الدولة التيمورية في فارس، وكان "شاه رخ" قد بعث إلى السلطان المملوكي يطلب منه إرسال بعض المؤلفات لعلماء مصر البارزين، مثل: فتح الباري لابن حجر، وتاريخ المقريزي، وأن يسمح له بكسوة الكعبة المعظمة، غير أن السلطان رفض، بل ولم يرسل له الكتب التي طلبها، ولم ييئس الشاه من الرفض فعاود الطلب والرجاء، وكان برسباي يرى أن كسوة الكعبة حق لسلاطين مصر لا يشاركهم في هذا الشرف أحد.
    وكان من شأن هذا التوتر أن ساءت العلاقات بين السلطانين، واستعد كل منهما للآخر،

    الحياة الاقتصادية

    اعتمدت الحياة الاقتصادية في العصر المملوكي على التجارة والصناعة والزراعة، غير أن التجارة استأثرت باكبر نصيب في حجم الاقتصاد المملوكي؛ حيث كانت التجارة العالمية تمر من خلال و عبر حدود الدولة المملوكية، وقصد التجار الأوروبيون موانئ الدولة من اجل الشراء والبيع، الأمر الذي عاد على الدولة بالخير الوفير.
    واتخذ السلطان برسباي عدة إجراءات لتنشيط حركة التجارة فخفض الرسوم المفروضة على التجار في بعض الموانئ التابعة له كميناء جدة، وأسبغ حمايته على التجار، و حرص على المحافظة على المن من اجل حماية التحار و بضاعتهم من السلب والنهب، ودعّم علاقاته مع دول أوروبا ومدنها، فعقد معهم الاتفاقيات التجارية التي سعادت على النمو التجاري و زيادة ثروة البلاد
    وضرب السلطان الدينار الأشرفي ليكون أساس التعامل التجاري، وأبطل التعامل بالنقد الاجنبي كالبندقي والفلورنسي، وشجع الناس على استعمال نقوده التي سكّها بان زود القيمة الشرائية لها
    و بالرغم من تشجيع السلطان للتجارة الاأنه مارس احتكار تجارة بعض السلع: كالسكر، والفلفل، والأقمشة الجيدة الواردة من الموصل وبعلبك، وهو ما أدى إلى زيادة سعرها ومعاناة الناس في شرائها كنتيجة مباشرة لعملية الاحتكار .
    وامتدت همة السلطان برسباي إلى العناية بالزراعة، فأمر بحفر الخليج الناصري بعد أن كاد يندثر ، وعُني ببناء الجسور، وإقامة القناطر، وإصلاح وصيانة ما تهدم منها، ونظرا لهذه الرعاية، فلم تتعرض المحاصيل للهلاك بسبب نقصان المياه طوال المدة التي قضاها في الحكم.



    النواحي الحضارية و الثقافية

    وعُني السلطان ببناء ثلاث مدارس إحداها بمدينة الخانكةالتابعة لمحافظة القليوبية، وقد بالغ في الاهتمام بنائها وزخرفتها، والثانية في قلب مدينة القاهرة بشارع "المعز لدين الله"، وهي المعروفة بالأشرفية نسبة إلى لقب صاحبها، وتمت عمارتها سنة (829هـ = 1425م)، و، والثالثة بالصحراء خارج القاهرة، وهي التي دُفن فيها،. لم يكتف السلطان بما شيد و اقيم من مبانٍ ومنشآت، فشملت عنايته المدارس والخانقاوات التي شيدت في العصور السابقة لعصره فاهتم بالمحافظة على صيانتها و اوقافها خاصة بعد ان تسرب الفساد إلى نفوس نظار الوقف فاهملوا مباشرة الاهتمام بالاوقاف التابعة لهم مما جعله -السلطان - يشكل مجلسا من القضاه جعل كل مهمته هو ان يراجع و يعيد النظر في امر تلك الاوقاف برئاسة شيخ الاسلام ابن حجر العسقلاني
    وكان من شأن هذه المدارس أن نشّطت الحركة العلمية، وازدهرت العلوم والفنون، و قد كان من علماء عصره العديد و من اعيانهم الامام ابن حجر العسقلاني صاحب فتح الباري و المؤرخ المقريزي صاحب الخطط

    وفاة السلطان

    تُوفى السلطان ي في (ذي الحجة 841هـ = مايو 1437م)، وتولى خلفا منه ابنه السلطان العزيز جمال الدين يوسف
    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5191
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: دولة المـمـاليك

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين ديسمبر 31, 2012 9:36 pm

    دولة المـمـاليك Koba-alghoryقصر الأمير طاز، أحد القصور التاريخية من المماليك في مصر.

    دولة المـمـاليك 800px-Taz_3
    قع القصر بالقاهرة القديمة بمنطقة الخليفة بالقلعة بشارع السيوفية المتفرع من شارع الصليبة. أنشأه صاحبه الأمير سيف الدين طاز بن قطغاج، أحد الأمراء البارزين في عصر دولة المماليك البحرية، والذي بدأ يظهر اسمه خلال حكم الصالح إسماعيل بن الناصر محمد (1343 – 1345م) إلى أن أصبح في عهد أخيه المظفر حاجي أحد الأمراء ممن بيدهم الحل والعقد في الدولة في ذلك الوقت.



    في الربع الأخير من القرن التاسع عشر وعندما بلغ قصر الأمير طاز من العمر خمسمائة عام رأت الحكومة الخديوية أن تحيل القصر إلي الاستيداع وقررت تحويله إلي مدرسة للبنات بإيعاز من علي باشا مبارك أحد رواد التنوير حينذاك ولكن لم تمض سوي عشرات قليلة من السنين إلا وأخلت وزارة التربية والتعليم القصر ليس من أجل ترميمه والحفاظ عليه بعد أن ظهرت عليه آثار الشيخوخة بشكل واضح ولكنها أخلته لتحويله إلي.. مخزن! ولأن القصر كبير ومتسع ويقع في قلب القاهرة فقد كان مؤهلا من وجهة نظر الوزارة أن يكون المخزن الرئيسي لمئات الألوف من الكتب الدراسية وعشرات العربات التي تم تكهينها ومئات الأطنان من الخردة بمختلف أنواعها.. ولأن الناس علي دين ملوكهم فلم يستشعر سكان المنطقة حرجا في استعمال القصر كمقبرة للحيوانات النافقة!.. لم يحتمل القصر كل هذا الهوان وهو الذي شهد وشاهد مئات السنين من العز والنعيم فانطوي علي نفسه بعد أن داهمته الامراض والعلل وتمايلت الكثير من جدرانه وانهارت العديد من غرفه.



    وفي أكتوبر 1992 تم إدخال القصر الي غرفة العناية المركزة بعد أن عصفت رياح الزلزال الشهير بالكثير من أركانه وأعمدته وعلي مدي عشر سنوات ظل الحال كما هو عليه إلي أن تم إعلان الوفاة إكلينيكيا في 10 مارس 2002 عندما انهار جانب كبير من الجدار الخلفي للقصر والمطل علي حارة ضيقة بها عشرات البيوت المتهالكة يسكنها مئات آلاف المواطنين أصبحت حياتهم جميعا مهددة بالخطر المنتظر بين لحظة وأخرى بعد أن أصبح الانهيار الكامل للقصر مسألة ساعات لا أكثر.. قامت وزارة الثقافة ببدء مشروع ترميم القصر بعد اهماله لفترات طويلة و لكن المهمة كانت صعبة للغاية بسبب تلف اجزاء كثيرة.. بيوت الخبرة العالمية والخبراء الاجانب اعتبروا أن الموضوع قد انتهي بالفعل وأن أي محاولات للإنقاذ مضيعة للوقت.. ولأن أبرز هوايات المصري في وقت الشدة هي تحدي المستحيل.. أو ما يبدو لغيرنا مستحيلا.. فقد هرول الجميع الي موقع القصر المنهار وفي لحظات بدأت أجهزة التنفس الصناعي وتدليك القلب في العمل بسرعة خارقة وتمت عملية الإنقاذ ووقف العالم مبهورا وهو يري الحياة تعود إلي القصر الذي تم ترميمه بكفاءة لا يمكن وصفها.. ولم يكتف المصريون بالانقاذ والترميم ولكن المفاجأة الأكبر كانت في الاكتشافات الأثرية المهمة التي واكبت ذلك وأدت إلي إزاحة الستار عن المزيد من خبايا القصر.. العمل الذي تم إنجازه ورائع بكل المقاييس ولذلك قررت أخبار النجوم أن تصحبكم في جولة سريعة لتتعرفوا علي القصة منذ بدايتها.

    وصف القصر

    تبلغ مساحة القصر الاجمالية أكثر من ثمانية آلاف متر مربع وهو عبارة عن فناء كبير في الوسط خصص كحديقة تتوزع حولها من الجهات الأربع مباني القصر الرئيسية والفرعية وأهمها جناح الحرملك والمقعد أو المبني الرئيسي المخصص للاستقبال واللواحق والتوابع والاسطبل.

    أما الآن فلم يتبق من هذه المباني سوي الواجهتين الرئيسية المطلة علي شارع السيوفية والخلفية المطلة علي حارة الشيخ خليل وهي التي بدأ منها الانهيار والمقعد الذي تم تجديده في عهد 'علي أغا دار السعادة' صاحب السبيل والكتاب الملحقين بالقصر وجزء صغير من قاعات الحرملك فضلا عن القاعات المستحدثة التي استخدمت كمخازن أو قاعات دراسية في عصور لاحقة.
    والمدخل الرئيسي للقصر عبارة عن كتلة متماسكة تبدأ بممر مستطيل له باب من خلفه واحدة في نهايته قبو علي جانبيه مدخلان يفتح كل منهما علي فناء مستطيل هو صحن القصر وهذا المدخل الكامل يطل علي شارع السيوفية.

    كما يوجد للقصر مدخل فرعي يطل علي حارة الشيخ خليل وصفته الكتابات والوثائق القديمة بأنه باب سر القصر وللقصر قاعة سفلية رئيسية تم ترميمها بالكامل جدرانها مغطاة بطبقة من الجص الذي يناسب الحجارة التي بنيت بها القاعة في الأصل. أما الجزء الخاص بالحرملك فهو يطل علي الفناء أو الحديقة بمجموعة من الشبابيك المصنوعة من الخشب 'البغدادلي' والتي تعد تحفة فنية فريدة وتعلوها ثلاثة شبابيك مستديرة وهي التي تعرف بالقمريات وبالقصر إيوانان أحدهما في الجهة الشمالية والآخر في الجهة الجنوبية والايوان الشمالي مربع يغطيه سقف ذو زخارف هندسية ونباتية كما أن به شريطا كتابيا تبقي منه النص التالي 'بسم الله الرحمن الرحيم أمر بإنشاء هذا المكان المبارك السعيد من فضل الله الكريم وكل عطائه العميم المقر الأشرف العالي المولوي المخدومي الغازي المجاهدي المرابطي' وهي كلها ألقاب خاصة بالأمير طاز كما يتوسط هذه الكتابات رسم لكأس يرمز الي وظيفة الساقي احدي الوظائف التي تقلدها الأمير طاز. كما يوجد المقعد أو صالة الاستقبال الرئيسية فهو من مستويين يربط بينهما سلم وهو في كل من مستوييه عبارة عن مساحة مستطيلة تطل علي الفناء بما يشبه 'التراس' القائم علي ثلاثية أعمدة من الخشب الخرط ويوجد أسفل السقف إزار خشبي يحتوي علي كتابات نسخية للآيات الأولي من سورة الفتح وملحق بهذا المقعد ثلاث قاعات مليئة بالزخارف الهندسية.
    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5191
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: دولة المـمـاليك

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين ديسمبر 31, 2012 9:40 pm

    دولة المـمـاليك F825bbfb93قلعة قايتباى

    أنشأ هذه القلعة السلطان الملك الأشرف أبو النصر قايتباي المحمودي سنة 882 هـ / 1477 م مكان منار الإسكندرية القديم عند الطرف الشرقي لجزيرة فاروس في أواخر دولة المماليك،
    وهي عبارة عن بناء مستقل طوله 60 مترًا، وعرْضه 50 مترًا، وسُمْك أسواره 4.5 متر.

    وكان هذا المنار قد تهدم إثر زلزال عام 702 هـ أيام الملك الناصر محمد بن قلاوون الذي أمر بترميمه إلا أنه تهدم بعد ذلك بعد عدة سنوات حتى تهدمت جميع أجزائه سنة 777 هـ / 1375 م .

    ولما زار السلطان قايتباي مدينة الإسكندرية سنة 882 هـ / 1477 م توجه إلى موقع المنار القديم وأمر أن يبني على أساسه القديم برجا عرف فيما بعد
    باسم قلعة أو طابية قايتباي وتم الانتهاء من البناء بعد عامين من تاريخ الإنشاء .

    ولأن قلعة قايتباي بالإسكندرية تعد من أهم القلاع على ساحل البحر الأبيض المتوسط فقد اهتم بها سلاطين وحكام مصر على مر العصور التاريخية
    ففي العصر المملوكي نجد السلطان قنصوه الغوري اهتم بهذه القلعة اهتماما كبيرا وزاد من قوة حاميتها وشحنها بالسلاح والعتاد ،
    ولما استولي العثمانيون على مصر استخدموا هذه القلعة مكانا لحاميتهم واهتموا بالمحافظة عليها وجعلوا بها طوائف من الجند المشاة والفرسان والمدفعية ومختلف الحاميات للدفاع عنها ومن ثم الدفاع عن بوابة مصر بالساحل الشمالي
    ولما ضعفت الدولة العثمانية بدأت القلعة تفقد أهميتها الإستراتيجية والدفاعية نتيجة لضعف حاميتها فمن ثم استطاعت الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت الاستيلاء عليها وعلى مدينة الإسكندرية سنة 1798 م الأمر الذي أدي إلى الاستيلاء عليها ومنها استولوا على باقي مصر ،
    ولما تولي محمد على باشا حكم مصر وعمل على تحصين مصر وبخاصة سواحلها الشمالية فقام بتجديد أسوار القلعة وإضافة بعض الأعمال بها لتتناسب والتطور الدفاعي للقرن التاسع عشر الميلادي تمثلت فى تقوية أسوارها وتجديد مبانيها وتزويدها بالمدافع الساحلية هذا بالإضافة إلي بناء العديد من الطوابي والحصون التي انتشرت بطول الساحل الشمالي لمصر .
    ولما قامت ثورة أحمد عرابي سنة 1882 م والتي كان من نتائجها ضرب مدينة الإسكندرية فى يوم 11 يوليو سنة 1882 م ومن ثم الاحتلال الإنجليزي لمصر تم تخريب قلعة قايتباي وإحداث تصدعات بها ،
    وقد ظلت القلعة على هذه الحالة حتى قامت لجنة حفظ الأثار العربية سنة 1904 م بعمل العديد من الإصلاحات بها والقيام بمشروع لعمل التجديدات بها استنادا على الدراسات التي قام بها علماء الحملة الفرنسية والمنشورة فى كتاب وصف مصر وأيضا التي قام بها الرحالة كاسيوس فى كتابه سنة 1799 م .

    دولة المـمـاليك 350px-Qaitbay's_Citadel_2

    دولة المـمـاليك C571

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5191
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: دولة المـمـاليك

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين ديسمبر 31, 2012 9:53 pm

    سلاطين المماليك البرجية-----

    1 الظاهر سيف الدين برقوق بن أنس اليبغاوى ....-.... 1382-1399

    2 الناصر فرج بن برقوق ....-.... 1399-1405

    3 المنصور عبد العزيز بن برقوق ....-.... 1405-1405

    2-2 الناصر فرج بن برقوق ....-1412 1405-1412

    المستعين باللّه أبو الفضل العباسي ....-.... 1412-1412

    4 المؤيد أبو النصر شيخ المحمودي ....-1412 1412-1421

    5 المظفر أحمد بن الشيخ ....-.... 1421-1421

    6 الظاهر سيف الدين ططر ....-.... 1421-1421

    7 الصالح ناصر الدين محمد بن ططر ....-.... 1421-1422

    8 الأشرف سيف الدين برسباي ....-.... 1422-1438

    9 العزيز جمال الدين يوسف بن برسباي ....-.... 1438-1438

    10 الظاهر سيف الدين جقمق ....-.... 1438-1453

    11 المنصور فخر الدين عثمان بن جقمق ....-.... 1453-1453

    12 الأشرف سيف الدين إينال العلائي ....-.... 1453-1460

    13 المؤيد شهاب الدين أحمد بن إينال ....-.... 1460-1460

    14 الظاهر سيف الدين خُشقدم ....-.... 1460-1467

    15 الظاهر سيف الدين بلباي المؤيدي ....-.... 1467-1468

    16 الظاهر تمر بغا الرومي ....-.... 1468-1468

    17 الأشرف سيف الدين قايتباي ....-.... 1468-1496

    18 الناصر محمد بن قايتباي ....-.... 1496-1497

    19 الظاهر قانصوه ....-.... 1497-1497

    18-2 الناصر محمد بن قايتباي ....-.... 1497-1498

    20 الظاهر قانصوه الأشرفي ....-.... 1498-1500

    21 الأشرف جنبلاط ....-.... 1500-1501

    22 العادل طومان باي ....-.... 1501-1501

    23 الأشرف قانصوه الغوري 1446-1516 1501-1516

    22-2 العادل طومان بأي ....-.... 1516-1517
    -------------------------------------------------------

    أسماء السلاطين المماليك في الهند
    قطب الدين أيبك (1206 - 1210)
    آرام شاه بن قطب الدين (1210 - 1211)
    شمس الدين التتمش (1211 - 1236)
    ركن الدين فيروز شاه بن التتمش (1236)
    جلالة الدين رضية الدين بكوم بنت إلتمش (1236 - 1240)
    معز الدين بهرام شاه بن التتمش (1240 - 1242)
    علاء الدين مسعود شاه بن ركن الدين (1242 - 1246)
    ناصر الدين محمود شاه بن ناصر الدين محمد بن إلتمش (1246 - 1266)
    غياث الدين بلبن ألغ خان (1266 - 1287)
    معز الدين كيقباذ بن بغرا خان بن بلبن (1287 - 1290)
    شمس الدين كي أومرث بن معز الدين كيقباذ (1290)
    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5191
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: دولة المـمـاليك

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين ديسمبر 31, 2012 9:54 pm

    دولة المـمـاليك 220px-Mamluk
    المماليك في فرنسا

    شكـّل نابليون لواءً من المماليك أثناء الحملة الفرنسية على مصر والشام في مطلع القرن التاسع عشر، وكانت آخر قوة مملوكية عسكرية في التاريخ. حتى الحرس الامبراطوري له كان يضم جنوداً مماليك أثناء حملته على بلجيكا, بما فيهم خدمه الشخصيون.

    والحارس المشهور لنابليون روستان كان أيضاً مملوكاً من مصر.

    وطيلة العصر النابليوني, كان هناك لواءً مملوكياً في الجيش الفرنسي. وفي تأريخه للفرقة الثالثة عشر 13th Chasseurs, يذكر العقيد ديكاڤ كيف استخدم ناپليون المماليك في مصر، فضمن ما أسماه "تعليمات Instructions" التي أعطاها بونابرت لكليبر بعد مغادرته مصر, كتب نابليون أنه قد اشترى بالفعل نحو 2,000 مملوك من تجار سوريين، وأنه كان ينوي تشكيل فصيلة خاصة detachment. وفي 14 سبتمبر 1799, شكـّل جنرال كليبر لواء فرسان مماليك رديف auxiliaries وانكشارية سورية من الفوات العثمانية التي اُسرت في حصار عكا.

    وفي 7 يوليو 1800, أعاد جنرال مينو تنظيم الكتيبة, مشكلاً 3 فصائل كل منها قوتها 100 رجل وغير اسمهم إلى "مماليك الجمهورية Mamluks de la République". في 1801, اُرسل جنرال راپ إلى مارسيليا ليشكـّل فصيلة من 250 مملوك تحت إمرته. وفي 7 يناير 1802, ألغي الأمر السابق وتم تخفيض قوة الفصيلة إلى 150 رجلاً. قائمة المنضوين تحت السلاح في 21 أبريل 1802 تـُظهر 3 ضباط و 155 مقاتلاً من مختلف الرتب. وبقرار في 25 ديسمبر 1803, تم تشكيل المماليك في فصيلة ملحقة بسلاح الفرسان بالحرس الإمبراطوري.

    ولقد أبلى المماليك بلاءً حسناً في معركة أوسترليتس في 2 ديسمبر, 1805.

    زي المماليك في فرنسا أثناء خدمتهم في جيش نابليون, ارتدوا اللواء المملوكي الزي التالي: قبل 1804: الجزء "النظامي" الوحيد في زيهم كان الكاهوك (قبعة) الخضراء, والعمامة البيضاء, والسروال الأحمر, وهؤلاء جميعاً يـُلبسوا مع قميص فضفاض وصديري. بعد 1804: الكاهوك أصبح أحمراً بهلال ونجمة نحاسيين, والقميص اُقفل وأصبح له ياقة.
    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5191
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: دولة المـمـاليك

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين ديسمبر 31, 2012 9:58 pm

    قائمة بأسماء سلاطين الدولة المملوكية

    الاسم فترة حكمه
    عصمة الدين أم خليل شجر الدر الأرمينية 1250-1250

    المعز عز الدين أيبك 1250-1257

    المنصور نور الدين علي بن أيبك 1257-1259

    المظفر سيف الدين قطزالخوارزمي 1259-1260

    الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداري 1260-1277

    السعيد ناصر الدين محمد بركة قان بن الظاهر بيبرس 1277-1279

    العادل بدر الدين سُلامش بن الظاهر بيبرس 1279-1279

    المنصور سيف الدين قلاوون 1279-1290

    الأشرف صلاح الدين خليل 1290-1293

    الناصر محمد بن قلاوون 1293-1294

    العادل زين الدين كتبغا 1294-1296

    المنصور حسام الدين لاجين 1296-1299

    الناصر محمد بن قلاوون 1298-1308

    المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير 1308-1309

    الناصر محمد بن قلاوون 1309-1340

    المنصور سيف الدين أبو بكر بن الناصر محمد بن قلاوون 1340-1341

    الأشرف علاء الدين كجك بن الناصر محمد 1341-1342

    الناصر شهاب الدين أحمد بن الناصر محمد 1342-1342

    الصالح عماد الدين إسماعيل بن الناصر محمد 1342-1345

    سيف الدين شعبان بن الناصر محمد 1345-1346

    المظفر زين الدين حاجي بن الناصر محمد 1346-1347

    الناصر بدر الدين أبو المعالي الحسن بن الناصر محمد 1347-1351

    الصالح صلاح الدين صالح بن الناصر محمد 1351-1354

    الناصر بدر الدين أبو المعالي الحسن بن الناصر محمد 1354-1361

    المنصور صلاح الدين محمد بن حاجي بن قلاوون 1361-1363

    الأشرف زين الدين شعبان بن حسن بن محمد بن قلاوون 1363-1376

    المنصور علاء الدين علي بن شعبان 1376-1381

    الصالح زين الدين حاجى 1381-1382

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين أبريل 29, 2024 6:48 pm