من علامات قَبول الطاعة استقامة السلوك، ولا شك أن تارك الصلاة في أحسن أحواله فاسق غير أن هناك من العلماء من قال بكفره ، والكافر لا تقبل له عبادة أصلا، والفاسق محروم من ثواب ما يؤديه فهو وإن كان صومه صحيحا ألا إنه لم يفعل ما يجعله مقبولا ، فالله لا يقبل العمل من كل من يعمله بل كما قال تعالى : { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ } المائدة : 27،كما أنه معرض لعذاب الله على تركه للصلاة التي هي عماد الدين والتي أمره الله به، أما عن صومه فنسأل الله ألا يكون حظه من الصيام الجوع والعطش، وهو بهذا لا يعدو أن يكون ضعيف الإيمان .
يقول الأستاذ الدكتور على محيي الدين القره داغي أستاذ الشريعة ـ قطر:
رأي الحنابلة أنه لا يصح، لأن تارك الصلاة عندهم كافر،
أما رأي الجمهور فإنه يصح أخذاً بقوله تعالى: (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) الزلزلة:7، 8.
ويقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي :
المسلم مطالب أن يؤدي العبادات كلها: يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويصوم رمضان ويحج البيت متى استطاع إليه سبيلاً .
فمن ترك واحدة من هذه الفرائض بغير عذر يعتد الله به، فلعلماء الإسلام فيه آراء شتى، فمنهم من يذهب إلى كفره بترك أي واحدة منها .
ومنهم من يكفر تارك الصلاة ومانع الزكاة.
ومنهم من يكفر تارك الصلاة فحسب، لمنزلتها في دين الله ولما ورد أن " بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة " (رواه مسلم).
ومن ذهب إلى تكفير تارك الصلاة عمدًا فلا يظن أن يقبل صومه، إذ الكافر لا تقبل له عبادة أصلاً.
ومنهم من يبقى عليه إيمانه وإسلامه ما دام مصدقًا بالله ورسوله وما جاء به غير جاحد ولا مرتاب .
ويكتفي هذا الفريق من العلماء بوصفه بالفسوق عن أمر الله.
ولعل هذا الرأي - والله أعلم - هو أعدل الأقوال وأقربها .
وعلى هذا فإذا قصر لكسل أو هوى في بعض الفرائض - غير منكر ولا مستهزئ - وأدى البعض الآخر كان ناقص الإسلام،
ضعيف الإيمان، ويخشى على إيمانه إذا استمر على الترك .
ولكن الله تعالى لا يضيّع أجر عمل أحسنه . بل له عند الله بقدر عمله: له مثوبة ما أدى .
وعليه وزر ما فرط ( وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ) القمر: 53 ،
(فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ). الزلزلة: 7، 8. أهـ
ويقول الأستاذ الدكتور أحمد يوسف سليمان أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة :
ذكر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أركان الإسلام، وأسسه التي يقوم عليها فقال في الحديث الصحيح المشهور ـ
"بني الإسلام على خمس: شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمد رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا"
وركن الشيء جزء من حقيقته، فأركان الإسلام تعني حقيقته التي يقوم عليها، فإذا أديت بعض الأركان دون بعض كان
هذا البناء ناقصًا مختلا، يخشى عليه من السقوط والهلاك.
وبالرغم من أن هذه العبادات والشعائر أركان الإسلام، فإن كلا منها مطلوب على حدة، وليس أداء بعضها شرطًا لصحة أداء البعض الآخر، فمن صام صومًا صحيحًا ولم يصل، أو لم يزك، أو لم يحج مع استطاعته، قُبِل صومه وحوسب بالسؤال عن العبادات الأخرى.
وإنني أنتهز هذه الفرصة لألفت نظرك ونظر أمثالك ممن يصومون شهر رمضان ولا
يصلون فيه ولا في غيره، أو يصومون ويصلون فيه دون غيره، بأن الصلاة عماد الدين، وهي العبادة الوحيدة التي لا تسقط عن
المكلف في مرض ولا صحة، ولا حضر ولا سفر، ولا أمن ولا خوف، فهي مفروضة على كل مسلم،
ما دام عقله سليمًا منذ بلوغه حتى يلقى الله ـ عز وجل ـ وأن أول ما يحاسب عليه العبد من أعماله الصلاة،
وترك الصلاة من أسباب دخول النار والعياذ بالله، قال الله تعالى: ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ *
فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ *
وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ ) المدثر : 38 ـ47 .
وقد طالب الله بها في كثير من آيات القرآن الكريم، وجعلها السبيل لذكره، كما جعلها حائلا دون الوقوع في الفحشاء والمنكر، وأمر بالخشوع فيها، وعدم السهو عنها كما حث على أدائها في بيوته التي أذن أن ترفع، في جماعات لتقوية العقائد، والصلات الاجتماعية. فانتهز يا بني فرصة الشهر الكريم، واحرص على تذوق حلاوة الصلاة، واحرص على أدائها؛ فقد ظل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوصي بالمواظبة عليها حتى فاضت روحه الشريفة إلى بارئها.
أمس في 3:20 pm من طرف عبدالله الآحد
» وجوب الدعوة إلى توحيد الله سبحانه
الخميس نوفمبر 21, 2024 3:00 pm من طرف عبدالله الآحد
» كتاب الترجيح في مسائل الطهارة والصلاة
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد
» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» العبادة وأركانها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد
» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور
» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد
» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد