السؤال
أريد أن أسأل عن من ينكر صفات الله ، هل هو مسلم أم لا ؟ مثل من يقول أن المقصود بـ "يد الله" أي قوة الله ، ويؤولون صفات الله ، هل هؤلاء الذين ينكرون صفات ليسوا من أهل السنة ، أم إنهم خارجون من ملة الإسلام كلها ؟
الجواب
ذات صلة
الحمد لله.
أولا :
عقيدة أهل السنة والجماعة في توحيد الأسماء والصفات : أنهم يؤمنون بما جاء في كتاب الله عز وجل ، وبما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من غير تأويل ولا تمثيل ، ومن غير تحريف ولا تعطيل ، فيصفون الله تعالى بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم .
قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى :
" أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها ، وحملها على الحقيقة لا على المجاز ، إلا أنهم لا يكيفون شيئا من ذلك ، ولا يحدون فيه صفة محصورة ، وأما أهل البدع والجهمية والمعتزلة كلها والخوارج فكلهم ينكرها ، ولا يحمل شيئا منها على الحقيقة " انتهى ، من "التمهيد" (7/145) .
ثانيا :
من أنكر أسماء الله أو صفاته بالكلية ونفاها عن الله تعالى ، كما هو حال الباطنية ، وغلاة الجهمية ، فهو كافر خارج عن الملة مكذب للقرآن والسنة خارق لإجماع الأمة .
وكذا من جحد اسما من أسماء الله أو صفة من صفاته مما ثبت لله تعالى في كتابه فهو كافر ؛ لأن مقتضى جحده أنه مكذب بالقرآن .
وأما من تأول شيئا من صفات الله ، وحرفها عن معناها ، كمن يؤول صفة اليد على أنها القدرة ، ويقول استوى يعني استولى ، ونحو ذلك ، فهو مخطئ فيما تأوله على غير ظاهره ، مبتدع بقدر ما عنده من المخالفة للسنة ، والخروج عن طريق أهل السنة والجماعة ؛ وفيه من البدعة بقدر ما فيه من المخالفة ، ولكنه ليس بكافر لمجرد هذا التأويل ، وقد يكون معذورا باجتهاده وتأويله ، بحسب حاله من العلم والإيمان ، وإنما المدار في ذلك على طلب ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، والحرص على متابعته .
قال ابن باز رحمه الله :
" لا يجوز تأويل الصفات , ولا صرفها عن ظاهرها اللائق بالله , ولا تفويضها , بل هذا كله من اعتقاد أهل البدع , أما أهل السنة والجماعة فلا يؤولون آيات الصفات وأحاديثها ولا يصرفونها عن ظاهرها ولا يفوضونها , بل يعتقدون أن جميع ما دلت عليه من المعنى كله حق ثابت لله لائق به سبحانه لا يشابه فيه خلقه " انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (2 /106-107) .
وسئل رحمه الله :
هل الأشاعرة من أهل السنة والجماعة أم لا ؟ وهل نحكم عليهم من المذهب أم كفار ؟
فأجاب : " الأشاعرة من أهل السنة في غالب الأمور ، ولكنهم ليسوا منهم في تأويل الصفات ، وليسوا بكفار ، بل فيهم الأئمة والعلماء والأخيار ، ولكنهم غلطوا في تأويل بعض الصفات ، فهم خالفوا أهل السنة في مسائل ؛ منها تأويل غالب الصفات ، وقد أخطأوا في تأويلها ، والذي عليه أهل السنة والجماعة إمرار آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت من غير تأويل ولا تعطيل ولا تحريف ولا تشبيه " انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز "(28 /256) .
وسئل الشيخ عبد العزيز الراجحي :
هل إذا ثبت على الأشاعرة صفة تأولوها هل يكفرون ؟
فأجاب : " لا ، المتأول لا يكفر ، الجاحد من جحد اسماً من أسماء الله كفر ، قال الله تعالى: ( وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ ) إذا جحد اسماً من الأسماء أو صفة من الصفات بدون تأويل كفر ، قال الله تعالى: ( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ) لو أنكر الآية كفر ، لكن إذا أوَّلها بالاستيلاء يكون له شبهة ، يدرأ بها عنه التكفير " انتهى .
والله تعالى أعلم .
منقول اسلام سؤال بتصرف
فلا تُثبَتُ إلَّا بما ورد في الكِتابِ والسُّنَّةِ، لا بغَيرِهما؛ إذ لا أحدَ أعلَمُ باللهِ من اللهِ، ولا أحَدَ أعلَمُ به مِن خَلْقِه مِن رَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم .
فلا يجوزُ تسميةُ اللهِ تعالى، أو وَصْفُه بما لم يأتِ في الكِتابِ والسُّنَّةِ؛ لأنَّ ذلك قَولٌ على اللهِ تعالى بلا عِلمٍ.
فاللهُ تعالى أعلَمُ بنَفْسِه؛ حيث قال: أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ [البقرة: 140] .
ونفى إحاطةَ النَّاسِ بالعِلْمِ به، فقال: وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا [طه: 110] .
ووصَفَ كَلامَه بأنَّه أحسَنُ الحَديثِ وأصدَقُ الحَديثِ، فقال: وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا [النساء: 87] ، وقال: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ [الزمر: 23] . ووصفُه بذلك يقتضي سلامتَه من الخَطَأِ في الأخبارِ والأحكامِ، ويقتضي كذلك اشتِمالَه على أحسَنِ الطُّرُقِ لدَلالةِ النَّاسِ وهِدايتِهم.
قال أبو حنيفة: (لا ينبغي لأحَدٍ أن ينطِقَ في ذاتِ اللهِ بشَيءٍ، بل يَصِفُه بما وصف به نَفْسَه، ولا يقولَ فيه برأيِه شيئًا، تبارك اللهُ رَبُّ العالَمينَ) .
وقال الشَّافعي عن صفاتِ اللهِ عزَّ وجَلَّ: (حرامٌ على العقولِ أن تمثِّلَ اللهَ عزَّ وجَلَّ، وعلى الأوهامِ أن تحُدَّه، وعلى الظُّنونِ أن تقطَعَ، وعلى النُّفوسِ أن تفَكِّرَ، وعلى الضَّمائِرِ أن تَعمَّقَ، وعلى الخواطِرِ أن تحيطَ، وعلى العُقولِ أن تَعقِلَ، إلَّا ما وصف به نَفْسَه، أو على لسانِ نبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) .
وقال أحمدُ بنُ حَنبَلٍ: (لا يُوصَفُ اللهُ تعالى بأكثَرَ مِمَّا وَصَف به نَفْسَه، أو وصَفَه به رَسولُه بلا حَدٍّ ولا غايةٍ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى 11] ولا يبلُغُ الواصفونَ صِفَتَه، وصِفاتُه منه، ولا نتعَدَّى القُرآنَ والحديثَ، فنقولُ كما قال، ونَصِفُه كما وَصَفَ نَفْسَه، ولا نتعَدَّى ذلك، نؤمِنُ بالقُرآنِ كُلِّه؛ مُحكَمِه ومُتشابِهِه) .
وقال عُثمانُ بنُ سَعيدٍ الدَّارميُّ: (لا نُجيزُ اجتهادَ الرَّأيِ في كثيرٍ مِن الفرائِضِ والأحكامِ التي نراها بأعيُنِنا، وتُسمَعُ في آذانِنا، فكيف في صِفاتِ اللهِ التي لم تَرَها العيونُ، وقَصُرَت عنها الظُّنونُ؟!) ..
وقال البَربهاريُّ: (اعلَمْ -رَحِمَك اللهُ- أنَّ الكلامَ في الرَّبِّ مُحْدَثٌ، وهو بِدعةٌ وضَلالةٌ، ولا يُتكَلَّمُ في الرَّبِّ إلَّا بما وَصَف به نَفْسَه في القُرآنِ، وما بَيَّن رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأصحابِه) .
وقال الأزهريُّ: (لا يجوزُ عند أهلِ العِلمِ أن يُوصَفَ اللهُ جَلَّ وعَزَّ بصِفةٍ لم يُنزِلْها في كتابِه، ولم يُبَيِّنْها على لسانِ نبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) .
وقال ابنُ أبي زمنين: (اعلَمْ أنَّ أهلَ العِلمِ باللهِ وبما جاءت به أنبياؤه ورسُلُه يَرَونَ الجَهلَ بما لم يخبِرْ به -تبارك وتعالى- عن نَفْسِه عِلمًا، والعَجْزَ عمَّا لم يَدْعُ إيمانًا، وأنَّهم إنما ينتهون من وَصْفِه بصفاتِه وأسمائِه إلى حيثُ انتهى في كتابِه، وعلى لسانِ نبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) .
وقال أبو نصرٍ السجزيُّ: (قد اتَّفَقَت الأئمَّةُ على أنَّ الصِّفاتِ لا تؤخَذُ إلَّا توقيفًا، وكذلك شَرْحُها لا يجوزُ إلَّا بتوقيفٍ) .
وقال البيهقيُّ: (لا يجوزُ وَصْفُه تعالى إلَّا بما دَلَّ عليه كتابُ اللهِ تعالى، أو سُنَّةُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أو أجمعَ عليه سَلَفُ هذه الأمَّةِ) .
وقال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (ما غاب عن العُيونِ فلا يَصِفُه ذَوُو العُقولِ إلَّا بخَبَرٍ، ولا خَبَرَ في صِفاتِ اللهِ إلَّا ما وَصَفَ نَفْسَه به في كتابِه، أو على لسانِ رَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلا نتعَدَّى ذلك إلى تشبيهٍ أو قياسٍ أو تمثيلٍ أو تنظيرٍ؛ فإنَّه لَيسَ كمِثْلِه شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ. قال أبو عُمَرَ: أهلُ السُّنَّةِ مُجموعون على الإقرارِ بالصِّفاتِ الواردةِ كُلِّها في القُرآنِ والسُّنَّةِ، والإيمانِ بها، وحَمْلِها على الحقيقةِ لا على المجازِ) .
وقال أيضًا: (ليس في الاعتقادِ كُلِّه في صِفاتِ اللهِ وأسمائِه إلَّا ما جاء منصوصًا في كتابِ اللهِ، أو صَحَّ عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أو أجمعَت عليه الأُمَّةُ، وما جاء من أخبارِ الآحادِ في ذلك كُلِّه أو نحوِه يُسَلَّمُ له ولا يُناظَرُ فيه) .
وقال أيضًا: (لا نُسَمِّيه ولا نَصِفُه ولا نُطلِقُ عليه إلَّا ما سَمَّى به نَفْسَه، على ما تقَدَّم ذِكْرُنا له مِن وَصْفِه لنَفْسِه لا شريكَ له، ولا ندفَعُ ما وَصَف به نَفْسَه؛ لأنَّه دَفعٌ للقُرآنِ) .
ونَقَل ابنُ رُشدٍ عن مالكٍ أنَّه قال: (لا ينبغي لأحَدٍ أن يَصِفَ اللهَ إلَّا بما وَصَف به نَفْسَه في القُرآنِ، ولا يُشَبِّهَ يَدَيه بشَيءٍ، ولا وَجْهَه تبارك وتعالى بشَيءٍ، ولكِنَّه يَقولُ: له يدانِ كما وَصَف به نَفْسَه، وله وَجهٌ كما وَصَفَ نَفْسَه، تَقِفُ عند ما وَصَف به نَفْسَه في الكِتابِ؛ فإنَّه تبارك وتعالى لا مِثْلَ له ولا شَبيهَ ولا نظيرَ... قال محمَّدُ بنُ رُشدٍ: قَولُه: لا ينبغي لأحَدٍ أن يَصِفَ اللهَ إلَّا بما وَصَف به نَفْسَه في القُرآنِ. يريدُ: أو وَصَفَه به رَسولُه في مُتواتِرِ الآثارِ، واجتَمَعَت الأُمَّةُ على جوازِ وَصْفِه به، وكذلك لا ينبغي عنده على قَولِه هذا أن يُسَمَّى اللهُ تعالى إلَّا بما سَمَّى به نَفْسَه في كتابِه، أو سَمَّاه به رَسولُه، أو اجتَمَعَت الأُمَّةُ عليه) .
وقال ابنُ تَيميَّةَ: (القَولُ الشَّامِلُ في جميعِ هذا البابِ: أن يُوصَفَ اللهُ بما وَصَف به نَفْسَه، أو وصَفَه به رَسولُه، وبما وصفه به السَّابِقون الأوَّلونَ، لا يتجاوَزُ القُرآنَ والحَديثَ؛ قال الإمامُ أحمَدُ رَضِيَ اللهُ عنه: لا يُوصَفُ اللهُ إلَّا بما وَصَف به نَفْسَه، أو وصفه به رَسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، لا يَتجاوَزُ القُرآنَ والحَديثَ) .
وقال ابنُ القَيِّمِ: (ما يُطلَقُ عليه في بابِ الأسماءِ والصِّفاتِ توقيفيٌّ، وما يُطلَقُ عليه من الإخبارِ لا يجِبُ أن يكونَ توقيفيًّا؛ كالقديمِ، والشَّيءِ، والموجودِ، والقائِمِ بنَفْسِه) .
وقال الدهلويُّ: (الحَقُّ أنَّ صِفاتِه وأسماءَه توفيقيَّةٌ) .
وقال السَّعْديُّ: (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ [البقرة: 169] في أسمائِه وصِفاتِه وأفعالِه وشَرْعِه، فكُلُّ هذه قد حَرَّمها اللهُ، ونهى العِبادَ عن تعاطيها؛ لِما فيها من المفاسِدِ الخاصَّةِ والعامَّةِ، ولِما فيها من الظُّلمِ والتجَرِّي على اللهِ، والاستطالةِ على عبادِ اللهِ، وتغييرِ دينِ اللهِ وشَرْعِه) .
وقال ابنُ باز: (الواجِبُ على جميعِ المُسلِمينَ هو الإيمانُ بأسمائِه وصِفاتِه الواردةِ في الكِتابِ العزيزِ والسُّنَّةِ الصَّحيحةِ، وإثباتُها له سُبحانَه على الوَجهِ اللَّائِقِ بجَلالِه، مِن غيرِ تحريفٍ ولا تعطيلٍ، ولا تكييفٍ ولا تمثيلٍ، كما قال سُبحانَه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى: 11] ، وقال عزَّ وجَلَّ: فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [النحل: 74] ، وقال سُبحانَه: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُوْلَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص: 4] ، وهي توقيفيَّةٌ لا يجوزُ إثباتُ شَيءٍ منها للهِ إلَّا بنَصٍّ من القُرآنِ، أو من السُّنَّةِ الصَّحيحةِ؛ لأنَّه سُبحانَه أعلَمُ بنَفْسِه، وأعلَمُ بما يليقُ به، ورَسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هو أعلَمُ به، وهو المبَلِّغُ عنه، ولا يَنطِقُ عن الهوى، كما قال اللهُ سُبحانَه: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى* وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم: 1-4] ) .
وقال ابن عثيمين: (لا يجوزُ تسميةُ اللهِ تعالى أو وَصْفُه بما لم يأتِ في الكِتابِ والسُّنَّةِ؛ لأنَّ ذلك قَولٌ على اللهِ تعالى بلا عِلمٍ، وقد قال اللهُ تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ [الأعراف: 33] ، وقال: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا [الإسراء: 36] .
ولا يجوزُ إثباتُ اسمٍ أو صفةٍ لله تعالى مع التَّمْثيلِ؛ لِقَولِه تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى: 11] ، وقَولِه: فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [النحل:74] ، ولأنَّ ذلك إشراكٌ باللهِ تعالى يستلزِمُ تحريفَ النُّصوصِ أو تكذيبَها، مع تنقُّصِ اللهِ تعالى بتمثيلِه بالمخلوقِ النَّاقِصِ.
ولا يجوزُ إثباتُ اسمٍ أو صفةٍ لله تعالى مع التكييفِ؛ لأنَّ ذلك قَولٌ على اللهِ تعالى بلا عِلمٍ، يستلزِمُ الفوضى والتخَبُّطَ في صِفاتِ اللهِ تعالى؛ إذ كُلُّ واحدٍ يتخَيَّلُ كيفيَّةً مُعَيَّنةً غيرَ ما تخَيَّله الآخَرُ، ولأنَّ ذلك محاوَلةٌ لإدراكِ ما لا يمكِنُ إدراكُه بالعقولِ، فإنَّك مهما قدَّرْتَ من كيفيَّةٍ، فاللهُ أعلى وأعظَمُ) .
وقال ابنُ عُثَيمين أيضًا: (أسْماءُ اللهِ تعالى توقيفيَّةٌ لا مجالَ للعَقلِ فيها، وعلى هذا فيَجِبُ الوقوفُ فيها على ما جاء به الكِتابُ والسُّنَّةُ، فلا يُزادُ فيها ولا يُنقَصُ؛ لأنَّ العَقْلَ لا يُمكِنُه إدراكُ ما يَستَحِقُّه تعالى من الأسماءِ، فوَجَب الوقوفُ في ذلك على النَّصِّ؛ لِقَولِه تعالى: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا [الإسراء:36] ، وقَولِه: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ [الأعراف: 33] ، ولأنَّ تَسميتَه تعالى بما لم يُسَمِّ به نَفْسَه، أو إنكارَ ما سَمَّى به نَفْسَه: جنايةٌ في حَقِّه سُبحانَه، فوَجَب سُلوكُ الأدَبِ في ذلك، والاقتِصارُ على ما جاء به النَّصُّ) .
منقول موقع الدرر السنية
أريد أن أسأل عن من ينكر صفات الله ، هل هو مسلم أم لا ؟ مثل من يقول أن المقصود بـ "يد الله" أي قوة الله ، ويؤولون صفات الله ، هل هؤلاء الذين ينكرون صفات ليسوا من أهل السنة ، أم إنهم خارجون من ملة الإسلام كلها ؟
الجواب
ذات صلة
الحمد لله.
أولا :
عقيدة أهل السنة والجماعة في توحيد الأسماء والصفات : أنهم يؤمنون بما جاء في كتاب الله عز وجل ، وبما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من غير تأويل ولا تمثيل ، ومن غير تحريف ولا تعطيل ، فيصفون الله تعالى بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم .
قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى :
" أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها ، وحملها على الحقيقة لا على المجاز ، إلا أنهم لا يكيفون شيئا من ذلك ، ولا يحدون فيه صفة محصورة ، وأما أهل البدع والجهمية والمعتزلة كلها والخوارج فكلهم ينكرها ، ولا يحمل شيئا منها على الحقيقة " انتهى ، من "التمهيد" (7/145) .
ثانيا :
من أنكر أسماء الله أو صفاته بالكلية ونفاها عن الله تعالى ، كما هو حال الباطنية ، وغلاة الجهمية ، فهو كافر خارج عن الملة مكذب للقرآن والسنة خارق لإجماع الأمة .
وكذا من جحد اسما من أسماء الله أو صفة من صفاته مما ثبت لله تعالى في كتابه فهو كافر ؛ لأن مقتضى جحده أنه مكذب بالقرآن .
وأما من تأول شيئا من صفات الله ، وحرفها عن معناها ، كمن يؤول صفة اليد على أنها القدرة ، ويقول استوى يعني استولى ، ونحو ذلك ، فهو مخطئ فيما تأوله على غير ظاهره ، مبتدع بقدر ما عنده من المخالفة للسنة ، والخروج عن طريق أهل السنة والجماعة ؛ وفيه من البدعة بقدر ما فيه من المخالفة ، ولكنه ليس بكافر لمجرد هذا التأويل ، وقد يكون معذورا باجتهاده وتأويله ، بحسب حاله من العلم والإيمان ، وإنما المدار في ذلك على طلب ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، والحرص على متابعته .
قال ابن باز رحمه الله :
" لا يجوز تأويل الصفات , ولا صرفها عن ظاهرها اللائق بالله , ولا تفويضها , بل هذا كله من اعتقاد أهل البدع , أما أهل السنة والجماعة فلا يؤولون آيات الصفات وأحاديثها ولا يصرفونها عن ظاهرها ولا يفوضونها , بل يعتقدون أن جميع ما دلت عليه من المعنى كله حق ثابت لله لائق به سبحانه لا يشابه فيه خلقه " انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (2 /106-107) .
وسئل رحمه الله :
هل الأشاعرة من أهل السنة والجماعة أم لا ؟ وهل نحكم عليهم من المذهب أم كفار ؟
فأجاب : " الأشاعرة من أهل السنة في غالب الأمور ، ولكنهم ليسوا منهم في تأويل الصفات ، وليسوا بكفار ، بل فيهم الأئمة والعلماء والأخيار ، ولكنهم غلطوا في تأويل بعض الصفات ، فهم خالفوا أهل السنة في مسائل ؛ منها تأويل غالب الصفات ، وقد أخطأوا في تأويلها ، والذي عليه أهل السنة والجماعة إمرار آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت من غير تأويل ولا تعطيل ولا تحريف ولا تشبيه " انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز "(28 /256) .
وسئل الشيخ عبد العزيز الراجحي :
هل إذا ثبت على الأشاعرة صفة تأولوها هل يكفرون ؟
فأجاب : " لا ، المتأول لا يكفر ، الجاحد من جحد اسماً من أسماء الله كفر ، قال الله تعالى: ( وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ ) إذا جحد اسماً من الأسماء أو صفة من الصفات بدون تأويل كفر ، قال الله تعالى: ( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ) لو أنكر الآية كفر ، لكن إذا أوَّلها بالاستيلاء يكون له شبهة ، يدرأ بها عنه التكفير " انتهى .
والله تعالى أعلم .
منقول اسلام سؤال بتصرف
فلا تُثبَتُ إلَّا بما ورد في الكِتابِ والسُّنَّةِ، لا بغَيرِهما؛ إذ لا أحدَ أعلَمُ باللهِ من اللهِ، ولا أحَدَ أعلَمُ به مِن خَلْقِه مِن رَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم .
فلا يجوزُ تسميةُ اللهِ تعالى، أو وَصْفُه بما لم يأتِ في الكِتابِ والسُّنَّةِ؛ لأنَّ ذلك قَولٌ على اللهِ تعالى بلا عِلمٍ.
فاللهُ تعالى أعلَمُ بنَفْسِه؛ حيث قال: أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ [البقرة: 140] .
ونفى إحاطةَ النَّاسِ بالعِلْمِ به، فقال: وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا [طه: 110] .
ووصَفَ كَلامَه بأنَّه أحسَنُ الحَديثِ وأصدَقُ الحَديثِ، فقال: وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا [النساء: 87] ، وقال: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ [الزمر: 23] . ووصفُه بذلك يقتضي سلامتَه من الخَطَأِ في الأخبارِ والأحكامِ، ويقتضي كذلك اشتِمالَه على أحسَنِ الطُّرُقِ لدَلالةِ النَّاسِ وهِدايتِهم.
قال أبو حنيفة: (لا ينبغي لأحَدٍ أن ينطِقَ في ذاتِ اللهِ بشَيءٍ، بل يَصِفُه بما وصف به نَفْسَه، ولا يقولَ فيه برأيِه شيئًا، تبارك اللهُ رَبُّ العالَمينَ) .
وقال الشَّافعي عن صفاتِ اللهِ عزَّ وجَلَّ: (حرامٌ على العقولِ أن تمثِّلَ اللهَ عزَّ وجَلَّ، وعلى الأوهامِ أن تحُدَّه، وعلى الظُّنونِ أن تقطَعَ، وعلى النُّفوسِ أن تفَكِّرَ، وعلى الضَّمائِرِ أن تَعمَّقَ، وعلى الخواطِرِ أن تحيطَ، وعلى العُقولِ أن تَعقِلَ، إلَّا ما وصف به نَفْسَه، أو على لسانِ نبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) .
وقال أحمدُ بنُ حَنبَلٍ: (لا يُوصَفُ اللهُ تعالى بأكثَرَ مِمَّا وَصَف به نَفْسَه، أو وصَفَه به رَسولُه بلا حَدٍّ ولا غايةٍ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى 11] ولا يبلُغُ الواصفونَ صِفَتَه، وصِفاتُه منه، ولا نتعَدَّى القُرآنَ والحديثَ، فنقولُ كما قال، ونَصِفُه كما وَصَفَ نَفْسَه، ولا نتعَدَّى ذلك، نؤمِنُ بالقُرآنِ كُلِّه؛ مُحكَمِه ومُتشابِهِه) .
وقال عُثمانُ بنُ سَعيدٍ الدَّارميُّ: (لا نُجيزُ اجتهادَ الرَّأيِ في كثيرٍ مِن الفرائِضِ والأحكامِ التي نراها بأعيُنِنا، وتُسمَعُ في آذانِنا، فكيف في صِفاتِ اللهِ التي لم تَرَها العيونُ، وقَصُرَت عنها الظُّنونُ؟!) ..
وقال البَربهاريُّ: (اعلَمْ -رَحِمَك اللهُ- أنَّ الكلامَ في الرَّبِّ مُحْدَثٌ، وهو بِدعةٌ وضَلالةٌ، ولا يُتكَلَّمُ في الرَّبِّ إلَّا بما وَصَف به نَفْسَه في القُرآنِ، وما بَيَّن رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأصحابِه) .
وقال الأزهريُّ: (لا يجوزُ عند أهلِ العِلمِ أن يُوصَفَ اللهُ جَلَّ وعَزَّ بصِفةٍ لم يُنزِلْها في كتابِه، ولم يُبَيِّنْها على لسانِ نبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) .
وقال ابنُ أبي زمنين: (اعلَمْ أنَّ أهلَ العِلمِ باللهِ وبما جاءت به أنبياؤه ورسُلُه يَرَونَ الجَهلَ بما لم يخبِرْ به -تبارك وتعالى- عن نَفْسِه عِلمًا، والعَجْزَ عمَّا لم يَدْعُ إيمانًا، وأنَّهم إنما ينتهون من وَصْفِه بصفاتِه وأسمائِه إلى حيثُ انتهى في كتابِه، وعلى لسانِ نبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) .
وقال أبو نصرٍ السجزيُّ: (قد اتَّفَقَت الأئمَّةُ على أنَّ الصِّفاتِ لا تؤخَذُ إلَّا توقيفًا، وكذلك شَرْحُها لا يجوزُ إلَّا بتوقيفٍ) .
وقال البيهقيُّ: (لا يجوزُ وَصْفُه تعالى إلَّا بما دَلَّ عليه كتابُ اللهِ تعالى، أو سُنَّةُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أو أجمعَ عليه سَلَفُ هذه الأمَّةِ) .
وقال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (ما غاب عن العُيونِ فلا يَصِفُه ذَوُو العُقولِ إلَّا بخَبَرٍ، ولا خَبَرَ في صِفاتِ اللهِ إلَّا ما وَصَفَ نَفْسَه به في كتابِه، أو على لسانِ رَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلا نتعَدَّى ذلك إلى تشبيهٍ أو قياسٍ أو تمثيلٍ أو تنظيرٍ؛ فإنَّه لَيسَ كمِثْلِه شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ. قال أبو عُمَرَ: أهلُ السُّنَّةِ مُجموعون على الإقرارِ بالصِّفاتِ الواردةِ كُلِّها في القُرآنِ والسُّنَّةِ، والإيمانِ بها، وحَمْلِها على الحقيقةِ لا على المجازِ) .
وقال أيضًا: (ليس في الاعتقادِ كُلِّه في صِفاتِ اللهِ وأسمائِه إلَّا ما جاء منصوصًا في كتابِ اللهِ، أو صَحَّ عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أو أجمعَت عليه الأُمَّةُ، وما جاء من أخبارِ الآحادِ في ذلك كُلِّه أو نحوِه يُسَلَّمُ له ولا يُناظَرُ فيه) .
وقال أيضًا: (لا نُسَمِّيه ولا نَصِفُه ولا نُطلِقُ عليه إلَّا ما سَمَّى به نَفْسَه، على ما تقَدَّم ذِكْرُنا له مِن وَصْفِه لنَفْسِه لا شريكَ له، ولا ندفَعُ ما وَصَف به نَفْسَه؛ لأنَّه دَفعٌ للقُرآنِ) .
ونَقَل ابنُ رُشدٍ عن مالكٍ أنَّه قال: (لا ينبغي لأحَدٍ أن يَصِفَ اللهَ إلَّا بما وَصَف به نَفْسَه في القُرآنِ، ولا يُشَبِّهَ يَدَيه بشَيءٍ، ولا وَجْهَه تبارك وتعالى بشَيءٍ، ولكِنَّه يَقولُ: له يدانِ كما وَصَف به نَفْسَه، وله وَجهٌ كما وَصَفَ نَفْسَه، تَقِفُ عند ما وَصَف به نَفْسَه في الكِتابِ؛ فإنَّه تبارك وتعالى لا مِثْلَ له ولا شَبيهَ ولا نظيرَ... قال محمَّدُ بنُ رُشدٍ: قَولُه: لا ينبغي لأحَدٍ أن يَصِفَ اللهَ إلَّا بما وَصَف به نَفْسَه في القُرآنِ. يريدُ: أو وَصَفَه به رَسولُه في مُتواتِرِ الآثارِ، واجتَمَعَت الأُمَّةُ على جوازِ وَصْفِه به، وكذلك لا ينبغي عنده على قَولِه هذا أن يُسَمَّى اللهُ تعالى إلَّا بما سَمَّى به نَفْسَه في كتابِه، أو سَمَّاه به رَسولُه، أو اجتَمَعَت الأُمَّةُ عليه) .
وقال ابنُ تَيميَّةَ: (القَولُ الشَّامِلُ في جميعِ هذا البابِ: أن يُوصَفَ اللهُ بما وَصَف به نَفْسَه، أو وصَفَه به رَسولُه، وبما وصفه به السَّابِقون الأوَّلونَ، لا يتجاوَزُ القُرآنَ والحَديثَ؛ قال الإمامُ أحمَدُ رَضِيَ اللهُ عنه: لا يُوصَفُ اللهُ إلَّا بما وَصَف به نَفْسَه، أو وصفه به رَسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، لا يَتجاوَزُ القُرآنَ والحَديثَ) .
وقال ابنُ القَيِّمِ: (ما يُطلَقُ عليه في بابِ الأسماءِ والصِّفاتِ توقيفيٌّ، وما يُطلَقُ عليه من الإخبارِ لا يجِبُ أن يكونَ توقيفيًّا؛ كالقديمِ، والشَّيءِ، والموجودِ، والقائِمِ بنَفْسِه) .
وقال الدهلويُّ: (الحَقُّ أنَّ صِفاتِه وأسماءَه توفيقيَّةٌ) .
وقال السَّعْديُّ: (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ [البقرة: 169] في أسمائِه وصِفاتِه وأفعالِه وشَرْعِه، فكُلُّ هذه قد حَرَّمها اللهُ، ونهى العِبادَ عن تعاطيها؛ لِما فيها من المفاسِدِ الخاصَّةِ والعامَّةِ، ولِما فيها من الظُّلمِ والتجَرِّي على اللهِ، والاستطالةِ على عبادِ اللهِ، وتغييرِ دينِ اللهِ وشَرْعِه) .
وقال ابنُ باز: (الواجِبُ على جميعِ المُسلِمينَ هو الإيمانُ بأسمائِه وصِفاتِه الواردةِ في الكِتابِ العزيزِ والسُّنَّةِ الصَّحيحةِ، وإثباتُها له سُبحانَه على الوَجهِ اللَّائِقِ بجَلالِه، مِن غيرِ تحريفٍ ولا تعطيلٍ، ولا تكييفٍ ولا تمثيلٍ، كما قال سُبحانَه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى: 11] ، وقال عزَّ وجَلَّ: فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [النحل: 74] ، وقال سُبحانَه: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُوْلَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص: 4] ، وهي توقيفيَّةٌ لا يجوزُ إثباتُ شَيءٍ منها للهِ إلَّا بنَصٍّ من القُرآنِ، أو من السُّنَّةِ الصَّحيحةِ؛ لأنَّه سُبحانَه أعلَمُ بنَفْسِه، وأعلَمُ بما يليقُ به، ورَسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هو أعلَمُ به، وهو المبَلِّغُ عنه، ولا يَنطِقُ عن الهوى، كما قال اللهُ سُبحانَه: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى* وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم: 1-4] ) .
وقال ابن عثيمين: (لا يجوزُ تسميةُ اللهِ تعالى أو وَصْفُه بما لم يأتِ في الكِتابِ والسُّنَّةِ؛ لأنَّ ذلك قَولٌ على اللهِ تعالى بلا عِلمٍ، وقد قال اللهُ تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ [الأعراف: 33] ، وقال: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا [الإسراء: 36] .
ولا يجوزُ إثباتُ اسمٍ أو صفةٍ لله تعالى مع التَّمْثيلِ؛ لِقَولِه تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى: 11] ، وقَولِه: فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [النحل:74] ، ولأنَّ ذلك إشراكٌ باللهِ تعالى يستلزِمُ تحريفَ النُّصوصِ أو تكذيبَها، مع تنقُّصِ اللهِ تعالى بتمثيلِه بالمخلوقِ النَّاقِصِ.
ولا يجوزُ إثباتُ اسمٍ أو صفةٍ لله تعالى مع التكييفِ؛ لأنَّ ذلك قَولٌ على اللهِ تعالى بلا عِلمٍ، يستلزِمُ الفوضى والتخَبُّطَ في صِفاتِ اللهِ تعالى؛ إذ كُلُّ واحدٍ يتخَيَّلُ كيفيَّةً مُعَيَّنةً غيرَ ما تخَيَّله الآخَرُ، ولأنَّ ذلك محاوَلةٌ لإدراكِ ما لا يمكِنُ إدراكُه بالعقولِ، فإنَّك مهما قدَّرْتَ من كيفيَّةٍ، فاللهُ أعلى وأعظَمُ) .
وقال ابنُ عُثَيمين أيضًا: (أسْماءُ اللهِ تعالى توقيفيَّةٌ لا مجالَ للعَقلِ فيها، وعلى هذا فيَجِبُ الوقوفُ فيها على ما جاء به الكِتابُ والسُّنَّةُ، فلا يُزادُ فيها ولا يُنقَصُ؛ لأنَّ العَقْلَ لا يُمكِنُه إدراكُ ما يَستَحِقُّه تعالى من الأسماءِ، فوَجَب الوقوفُ في ذلك على النَّصِّ؛ لِقَولِه تعالى: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا [الإسراء:36] ، وقَولِه: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ [الأعراف: 33] ، ولأنَّ تَسميتَه تعالى بما لم يُسَمِّ به نَفْسَه، أو إنكارَ ما سَمَّى به نَفْسَه: جنايةٌ في حَقِّه سُبحانَه، فوَجَب سُلوكُ الأدَبِ في ذلك، والاقتِصارُ على ما جاء به النَّصُّ) .
منقول موقع الدرر السنية
اليوم في 3:00 pm من طرف عبدالله الآحد
» كتاب الترجيح في مسائل الطهارة والصلاة
أمس في 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
أمس في 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد
» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد
» العبادة وأركانها
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد
» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد
» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور
» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد
» تابع زبدة التوحيد لنعمان بن عبد الكريم الوتر
السبت نوفمبر 16, 2024 2:15 pm من طرف عبدالله الآحد
» هيئات السجود المسنونة
الخميس نوفمبر 14, 2024 3:24 pm من طرف عبدالله الآحد