الألفاظ المجملة في كتب العقيدةم
الكلمات المُجْمَلة أو الالفاظ المجملة
(يَرِدُ في كتب العقائد مصطلح الكلمات المجملة أو الالفاظ المجملة. والمقصود بالكلمات المجملة: أنها ألفاظ يطلقها أهل التعطيل، أو: هي مصطلحات أحدثها أهل الكلام. ومعنى كونها مجملة: أي أنها تحتمل حقاً وباطلاً.
أو يقال: لأنها ألفاظ مُشتركة بين معانٍ صحيحة، ومعانٍ باطلة، أو يقال: لخفاء المراد منها؛ بحيث لا يدرك معنى اللفظ إلا بعد الاستفصال والاستفسار.
ومراد أهل التعطيل من إطلاقها: التوصل إلى نفي الصفات عن الله تعالى بحجة تنزيهه سبحانه عن النقائص،
والذي دعاهم إلى ذلك: عجزهم عن مقارعة أهل السنة بالحجة؛ فلجأوا إلى هذه الطريقة؛ ليخفوا عوارهم، وزيفهم. وهذه الألفاظ لم ترد في الكتاب، والسنة؛ بل هي من إطلاقات أهل الكلام كما تقدم).[1]
النص والمجمل والظاهر
(المقرر في الأصول أنّ الكلام إن دلّ على معنى لا يحتمل غيره فهو المسمى نصاً كقوله مثلاً: (تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَة)(البقرة/196)، فإذا كان يحتمل معنيين أو أكثر فلا يخلو من حالتين:
إمّا أن يكون أظهر في أحد الاحتمالين من الآخر
وإمّا أن يتساوى بينهما
فإن كان الاحتمال يتساوى بينهما فهذا الذي يسمى في الاصطلاح المجمل كما لو قلت: (عدا اللصوص البارحة على عين زيد)، فإنه يحتمل أن تكون عينه الباصرة عوروها أو عينه الجارية غوروها أو عين ذهبه وفضته سرقوها فهذا مجمل. وحكم المجمل أن يتوقف عنه إلاّ بدليل على التفصيل.
أمّا إذا كان نصاً صريحاً فالنص يعمل به ولا يعدل عنه إلاّ بثبوت النسخ.
فإذا كان أظهر في أحد الاحتمالين فهو المسمّى بالظاهر، ومقابله يسمّى (محتملاً مرجوحاً)، والظاهر يجب الحمل عليه إلاّ لدليل صارف عنه كما لو قلت: رأيت أسداً، فهذا مثلاً ظاهر في الحيوان المفترس، محتمل في الرجل الشجاع).[2]
وتجد السلف يستعملون كلمة (ظاهر) كثيرا، و(أمروا على ظاهرها)، و(أمروها كما جاءت)، والأخذ بدلالة (النص والظاهر).
أما قولهم (النصوص)، و(النص)، و(قد جاء في النص)، فيريدون بالنص الكتاب والسنة، وهذا ليس المراد منه الاصطلاح الخاص عند الأصوليين بذلك، وإنما ارادوا بالنص الدليل من الكتاب والسنة. فتنتبه للفرق بين هذين الاستعمالين.
موقف أهل السنة والجماعة من الكلمات (الالفاظ) المجملة
(طريقة أهل السنة في التعامل مع هذه الكلمات: أنهم يتوقفون في هذه الألفاظ؛ لأنه لم يرد نفيها، ولا إثباتها في الكتاب والسنة؛ فلا يثبتونها، ولا ينفونها.
أما المعنى الذي تحت هذه الألفاظ فإنهم يستفصلون عنه، فإن كان معنى باطلاً يُنَزَّه الله عنه رَدُّوه، وإن كان معنى حقاً لا يمتنع على الله قبلوه، واستعملوا اللفظ الشرعي المناسب للمقام).[3]
(فالألفاظ الشرعية صحيحة المعاني، سالمة من الاحتمالات الفاسدة، فكذلك يجب أن لا يعدل عن الألفاظ الشرعية نفيا ولا إثباتا، لئلا يثبت معنى فاسد، أو ينفى معنى صحيح. وكل هذه الألفاظ المجملة عرضة للمحق والمبطل).[4]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
(أن ما أخبر به الرسول عن ربه فإنه يجب الإيمان به - سواء عرفنا معناه أو لم نعرف - لأنه الصادق المصدوق؛ فما جاء في الكتاب والسنة وجب على كل مؤمن الإيمان به وإن لم يفهم معناه وكذلك ما ثبت باتفاق سلف الأمة وأئمتها مع أن هذا الباب يوجد عامته منصوصا في الكتاب والسنة متفق عليه بين سلف الأمة، وما تنازع فيه المتأخرون نفياً وإثباتاً فليس على أحد، بل ولا له أن يوافق أحدا على إثبات لفظه أو نفيه حتى يعرف مراده. فإن أراد حقا قبل، وإن أراد باطلا رُدَّ، وإن اشتمل كلامه على حق وباطل لم يقبل مطلقا، ولم يُردَّ جميع معناه، بل يوقف اللفظ ، ويفسر المعنى).[5]
وقال الامام الذهبي رحمه الله تعالى:
(وَأما الْجِسْم والجوهر والتحيز والجهة فَلَا نطق بهَا كتاب وَلَا سنة نفيا وَلَا إِثْبَاتًا وَلَا الصَّحَابَة والتابعون.
فَأول من تكلم بذلك نفيا وإثباتا الْجَهْمِية والمعتزلة ومجسمة الرافضة والمبتدعة).
(ان فِي هَذَا اللَّفْظ من المنازعات اللُّغَوِيَّة والاصطلاحية والعقلية والشرعية مَا يبين أَن الْوَاجِب الاعتصام بِالْكتاب وَالسّنة قَالَ الله تَعَالَى: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ)(آل عمران/103)، وَقَالَ تَعَالَى: (اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ)(الأعراف/3)، وَقَالَ تَعَالَى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً)(النساء/61)؛ قَالَ ابْن عَبَّاس: تكفل الله لمن قَرَأَ الْقُرْآن وَعمل بِهِ أَن لَا يضل فِي الدُّنْيَا، وَلَا يشقى فِي الْآخِرَة ثمَّ قَرَأَ: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)(طه/124)، الْآيَات.
فَمَا أثْبته الله وَرَسُوله أَثْبَتْنَاهُ وَمَا نَفَاهُ الله وَرَسُوله نفيناه، فالنصوص نعتصم بهَا فِي الْإِثْبَات وَالنَّفْي لفظا وَمعنى أما أَلْفَاظ تنَازع فِيهَا من ابتدعها كالجسم والجوهر والتحيز والجهة والتركيب والتعين فَلَا تطلق نفيا وَلَا إِثْبَاتًا حَتَّى ينظر فِي مَقْصُود قَائِلهَا فَإِن أَرَادَ بِالنَّفْيِ أَو الْإِثْبَات معنى صَحِيحا مُوَافقا للنصوص صوب الْمَعْنى الَّذِي قَصده بِلَفْظِهِ وزجر عَن اللَّفْظ المبتدع الْمُجْمل، إِلَّا عِنْد الْحَاجة فِي محاورة الْخصم مَعَ قَرَائِن تبين المُرَاد بهَا، مثل: أَن يكون الْخطاب مَعَ من لَا يتم الْمَقْصُود مَعَه إِن لم يُخَاطب بهَا، وَأما أَن يُرَاد بهَا معنى بَاطِل فَهَذَا ضلال، وَإِن أُرِيد بهَا حق وباطل عرف الْخصم وَفسّر لَهُ هَذَا من هَذَا، وَإِن اتّفق شخصان على معنى وتنازعا فِي دلائله فأقربهما إِلَى الصَّوَاب من وَافق اللُّغَة المنقولة).[
بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
فمن عادة أئمة السلف ـ رحمهم الله ـ أنهم يكرهون التعمق في شأن كيفية صفات الله تعالى، ويتحرجون من إثبات أو نفي الألفاظ المجملة التي تحمل حقا وباطلا، ويقفون في باب الصفات عند الألفاظ الواردة في الكتاب والسنة، وقد تحرج من بعدهم من إطلاق ألفاظ لم تأت بها النصوص الشرعية وإن كانت ذات معنى صحيح، ومن ذلك ما نقله الذهبي في ترجمة أبي القاسم التيمي أنه سئل: هل يجوز أن يقال: لله حد، أو لا؟ وهل جرى هذا الخلاف في السلف؟ فأجاب: هذه مسألة أستعفي من الجواب عنها، لغموضها، وقلة وقوفي على غرض السائل منها، لكني أشير إلى بعض ما بلغني: تكلم أهل الحقائق في تفسير الحد بعبارات مختلفة، محصولها أن حد كل شيء موضع بينونته عن غيره، فإن كان غرض القائل: ليس لله حد: لا يحيط علم الحقائق به، فهو مصيب، وإن كان غرضه بذلك: لا يحيط علمه تعالى بنفسه، فهو ضال، أو كان غرضه: أن الله بذاته في كل مكان، فهو أيضا ضال. اهـ.
قال الذهبي: الصواب الكف عن إطلاق ذلك، إذ لم يأت فيه نص، ولو فرضنا أن المعنى صحيح، فليس لنا أن نتفوه بشيء لم يأذن به الله، خوفا من أن يدخل القلب شيء من البدعة، اللهم احفظ علينا إيماننا. اهـ
» تاريخ الْمَسْجِدَ النَّبَوِيَّ الشَّرِيفَ / عهد عمر / عهد عثمان / ألأمويين / العباسين / المماليك / العثمانيين / الدولة السعودية / أبواب المسجد / القِباب المتحركة / محاريب المسجد / أبواب المسجد النبوي / مآذن المسجد النبوي
» لا يتصرف في الكون إلا الله شبحانه وحده لا شريك له
» حكم التبرك بقبور الصالحين
» أقوال علماء السنة في أقسام صفات الله سبحانه
» تاريخ المسجد الحرام // تشيد الكعبه // في عهد النبي صل الله عليه وسلم // عهد الخلفاء // عهد الزبير والدوله ألأمويه //عهد الدوله العباسيه // عهد المماليك // عهد الدوله العثمانيه // عصر المملكه السعوديه //
» التبرك بالقبور حرام عند أهل السنة
» حكم البناء على القبور
» هل يوجد في الإسلام بدعة حسنة
» الإيمان عند أهل السنة اعتقاد وقول وعمل