آل راشد



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

آل راشد

آل راشد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
آل راشد

ثقافى-اجتماعى

*** - اللَّهُمَّ اَنَكَ عَفْوٍ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعِفُو عَنَّا - *** - اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك . *** - اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ الْمَوْتِ وَ ارْزُقْنَا حُسْنَ الْخَاتِمَةِ . *** -

إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا شَابَتْ عَبِيدَهُمْ.. .. فِي رِقِّهِمْ عَتَقُوهُمْ عِتْقَ أَبْرَارٍ .. .. وَأَنْتَ يَا خَالِقِيُّ أوْلَى بِذَا كَرَمًا.. .. قَدْ شُبْتُ فِي الرِّقِّ فَأَعْتَقَنِي مِنَ النَّارِ .

المواضيع الأخيرة

» أَسْرارُ اَلْمُسَبَّحَةِ اَوْ السُّبْحَةِ وَأَنْواعُها وَأَعْدادُها - - ( ( الجُزْءُ أَلْأَولٌ ) )
 ثالثاً ::أوصاف اليهود وأخلاقهم :.مواقفهم مع المسلمين قديماً وحديثاً :أهداف اليهود ومخططاتهم : الصهيونية                                                                                              Ooou110اليوم في 8:52 am من طرف صادق النور

» أَسْرارُ اَلْمُسَبَّحَةِ اَوْ السُّبْحَةِ وَأَنْواعُها وَأَعْدادُها - - ( ( اَلْجُزْءُ الثَّانِي ))
 ثالثاً ::أوصاف اليهود وأخلاقهم :.مواقفهم مع المسلمين قديماً وحديثاً :أهداف اليهود ومخططاتهم : الصهيونية                                                                                              Ooou110اليوم في 8:06 am من طرف صادق النور

» أقسام صفات الله
 ثالثاً ::أوصاف اليهود وأخلاقهم :.مواقفهم مع المسلمين قديماً وحديثاً :أهداف اليهود ومخططاتهم : الصهيونية                                                                                              Ooou110أمس في 8:52 pm من طرف عبدالله الآحد

» اثبات أن الله يتكلم بالصوت والحرف وأن القرآن كلامه حقيقة
 ثالثاً ::أوصاف اليهود وأخلاقهم :.مواقفهم مع المسلمين قديماً وحديثاً :أهداف اليهود ومخططاتهم : الصهيونية                                                                                              Ooou110الجمعة أبريل 26, 2024 4:11 pm من طرف عبدالله الآحد

» الرياء شرك أصغر إن كان يسيرا
 ثالثاً ::أوصاف اليهود وأخلاقهم :.مواقفهم مع المسلمين قديماً وحديثاً :أهداف اليهود ومخططاتهم : الصهيونية                                                                                              Ooou110الخميس أبريل 25, 2024 4:39 pm من طرف عبدالله الآحد

» لم يصح تأويل صفة من صفات الله عن أحد من السلف
 ثالثاً ::أوصاف اليهود وأخلاقهم :.مواقفهم مع المسلمين قديماً وحديثاً :أهداف اليهود ومخططاتهم : الصهيونية                                                                                              Ooou110الأربعاء أبريل 24, 2024 5:12 pm من طرف عبدالله الآحد

» إثبات رؤية الله للمؤمنين في الجنة
 ثالثاً ::أوصاف اليهود وأخلاقهم :.مواقفهم مع المسلمين قديماً وحديثاً :أهداف اليهود ومخططاتهم : الصهيونية                                                                                              Ooou110الثلاثاء أبريل 23, 2024 7:24 am من طرف عبدالله الآحد

» الرد على من زعم أن أهل السنة وافقوا اليهود
 ثالثاً ::أوصاف اليهود وأخلاقهم :.مواقفهم مع المسلمين قديماً وحديثاً :أهداف اليهود ومخططاتهم : الصهيونية                                                                                              Ooou110الثلاثاء أبريل 23, 2024 5:40 am من طرف عبدالله الآحد

» طائِفُهُ الصَّفْوِيِّينَ - - اَلْدوَلهُ الصِّفْوِيهُ
 ثالثاً ::أوصاف اليهود وأخلاقهم :.مواقفهم مع المسلمين قديماً وحديثاً :أهداف اليهود ومخططاتهم : الصهيونية                                                                                              Ooou110الإثنين أبريل 22, 2024 11:18 am من طرف صادق النور

» حكم الرقى والتمائم
 ثالثاً ::أوصاف اليهود وأخلاقهم :.مواقفهم مع المسلمين قديماً وحديثاً :أهداف اليهود ومخططاتهم : الصهيونية                                                                                              Ooou110الأحد أبريل 21, 2024 7:19 am من طرف عبدالله الآحد

اهلا بكم

الثلاثاء نوفمبر 08, 2011 2:32 am من طرف mohamed yousef

 ثالثاً ::أوصاف اليهود وأخلاقهم :.مواقفهم مع المسلمين قديماً وحديثاً :أهداف اليهود ومخططاتهم : الصهيونية                                                                                              Ooousu10

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 31 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 31 زائر

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الأربعاء سبتمبر 15, 2021 4:26 am

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 9630 مساهمة في هذا المنتدى في 3191 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 286 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو عبدالرحمن فمرحباً به.

دخول

لقد نسيت كلمة السر

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع


    ثالثاً ::أوصاف اليهود وأخلاقهم :.مواقفهم مع المسلمين قديماً وحديثاً :أهداف اليهود ومخططاتهم : الصهيونية

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5190
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

     ثالثاً ::أوصاف اليهود وأخلاقهم :.مواقفهم مع المسلمين قديماً وحديثاً :أهداف اليهود ومخططاتهم : الصهيونية                                                                                              Empty ثالثاً ::أوصاف اليهود وأخلاقهم :.مواقفهم مع المسلمين قديماً وحديثاً :أهداف اليهود ومخططاتهم : الصهيونية

    مُساهمة من طرف صادق النور الأحد سبتمبر 03, 2023 9:03 pm


    الجزء الثالث :
    يتبع ما قبله :
    من أوصاف اليهود وأخلاقهم:

    لليهود أوصاف قبيحة، وأخلاق ذميمة مرذولة، والكتاب والسنة حافلان في بيان ذلك.
    كما أن شواهد التاريخ والواقع شاهدان على اليهود بالسوء والفساد.
    فمن أخلاقهم وصفاتهم على سبيل الإجمال: الكبر، والحسد، والظلم، وكتمان الحق، وتحريف الكلم عن مواضعه.
    ومنها الخيانة، والغدر، وسوء الأدب، واحتقار الآخرين، والسعي في الفساد، وإثارة الفتن والحروب.
    ومنها الكذب، والجشع، وقسوة القلب، ومحبة إشاعة الفاحشة، وأكل الربا.

    فمن صفاتهم وأخلاقهم:
    أ ـ كتمان الحق والعلم، حتى وإن كان وحياً منزلا من الله تعالى لهم، فإنهم لا يتورعون عن جحده وكتمانه ما دام لا يخدم أغراضهم وغاياتهم الفاسدة، قال الله تعالى عنهم يعاتبهم على ذلك ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُون ) [عمران: 71]
    ب ـ الخيانة والغدر والمخادعة، فهم بجهلهم وغرورهم يخادعون الله تعالى وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون، فقد خانوا موسى عليه السلام، وخانوا الله ورسوله في المدينة حيث نقضوا عهدهم، وحالفوا المشركين، وهموا بقتل الرسول صلى الله عليه وسلم حتى أجلاهم من المدينة.
    ج ـ الحسد : فهم يحسدون الناس على كل شيء حتى على الهدى والوحي المنزل من الله رحمة للعالمين، قال الله تعالى ( وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير ) [ البقرة: 109]
    وقال تعالى( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ  ) [ النساء: 54]
    د ـ الإفساد وإثارة الفتن والحروب: قال الله تعالى( وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم ما أنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِين )[المائدة: 64]
    هـ ـ تحريف كلام الله تعالى وشرعه، والكذب على الله بما يتفق مع أهوائهم وأغراضهم الفاسدة، فقد قال تعالى عنهم( يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ )  [المائدة: 13]
    ثم هم يبتدعون كلاما وشرعا ويوهمون الناس بكلامهم المزيف أنه منزل من الله، قال تعالى( وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) [آل عمران: 78]
    وإذا لم توافق أحكام الشرع أهواءهم تحايلوا في انتهاك حرمات الله، قال صلى الله عليه وسلم، فيما رواه البخاري ومسلم في (صحيحيهما) (( قاتل الله اليهود حرَّم الله عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها)) هذا لفظ مسلم   كما حصل منهم في قصة اعتدائهم في السبت.و
    ـ البذاءة وسوء الأدب : وهذا ناشئ عن احتقارهم لغيرهم من الأمم والشعوب، بل إنهم ليحتقرون أنبياء  الله تعالى ويسخرون منهم، فقد كانوا يمرون برسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون له : (السام عليك). فقد روى مسلم عن جماعة من الصحابة ((أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم من اليهود فقالوا: السام عليك يا أبا القاسم.  قال : وعليكم))  
    ولذلك صح في السنة أن يردَّ المسلم على الكافر إذا  سلَّم عليه بقوله :  (وعليك). ليردَّ التحية بمثلها، والمبادر بالسوء أظلم.
    ز ـ احتقار الآخرين : فهم يزعمون أنهم شعب الله المختار، وأنهم أولياء الله وأحباؤه، وأنهم وحدهم أهل الجنة والمستحقون لرضا الله ورحمته، ويسمون غيرهم من النصارى والمسلمين وسواهم (الأمميين) أو الأميين؛ لذلك هم يستبيحون أموال الآخرين ودماءهم وأعراضهم، بل يرون أنهم كالأنعام مسخرة لليهود، وذكر الله عنهم بأنهم يقولون ( لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ  [ آل عمران: 75]
    أي: ليس علينا حرج إذا أخذنا أموالهم واغتصبنا حقوقهم وجعلناهم فريسة لنا.وقد ذكروا ذلك أيضا في مخططاتهم يقولون:  (إن الأمميين (غير اليهود) كقطيع من الغنم وإننا الذئاب، فهل تعلمون ما تفعل الغنم حينما تنفذ الذئاب إلى الحظيرة)  
    ح ـ قسوة القلوب : وقد جاء ذلك عقوبة من الله تعالى لهم على مخالفتهم لأوامره، وكثرة شغبهم على رسله، قال تعالى ( فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ) [المائدة: 13]
    وقال: ( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً )  [ البقرة: 74]
    ط ـ الجشع والطمع والحرص على الحياة الدنيا، قال الله تعالى (  وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ  )[البقرة: 96]
    ي ـ كراهية المسلمين والكيد الدائم لهم : قال الله تعالى ( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ )  [ المائدة: 82]
    ومن صفاتهم الغباوة:
    ... فقد حكى الله لك عن جهل أسلافهم وغباوتهم وضلالهم ما يدل على ما وراءه من ظلمات الجهل التي بعضها فوق بعض،
    ويكفي في ذلك عبادتهم العجل الذي صنعته أيديهم من ذهب، ومن عبادتهم أن جعلوه على صورة أبلد الحيوان وأقله فطانة،
    الذي يضرب المثل به في قلة الفهم، فانظر إلى هذه الجهالة والغباوة المتجاوزة للحد، كيف عبدوا مع الله إلهاً آخر وقد شاهدوا من أدلة التوحيد وعظمة الرب وجلاله ما لم يشاهده سواهم ؟!
    وإذ قد عزموا على اتخاذ إله دون الله، اتخذوه ونبيهم حي بين أظهرهم لم ينتظروا موته!
    وإذ قد فعلوا لم يتخذوه من الملائكة المقربين ولا من الأحياء الناطقين، بل اتخذوه من الجمادات!
    وإذ قد فعلوا لم يتخذوه من الجواهر العلوية كالشمس والقمر والنجوم، بل من الجواهر الأرضية!
    وإذ قد فعلوا لم يتخذوه من الجواهر التي خلقت فوق الأرض عالية عليها كالجبال ونحوها، بل من جواهر لا تكون إلا تحت الأرض، والصخور والأحجار عالية عليها!
    وإذ قد فعلوا لم يتخذوه من جوهر يستغني عن الصنعة وإدخال النار وتقليبه وجوهاً مختلفة وضربه بالحديد وسبكه، بل من جوهر يحتاج إلى الأيدي له بضروب مختلفة وإدخاله النار وإحراقه واستخراج خبثه!
    وإذ قد فعلوا لم يصوغوه على تمثال ملك كريم ولا نبي مرسل ولا على تمثال جوهر علوي لا تناله الأيدي بل على تمثال حيوان أرضي.
    وإذ قد فعلوا لم يصوغوه على تمثال أشرف الحيوانات وأقواها وأشدها امتناعاً من الضيم كالأسد والفيل ونحوهما، بل صاغوه على تمثال أبلد الحيوان وأقبله للضيم والذل بحيث يحرث عليه الأرض، ويسقى عليه بالسواقي والدواليب، ولا له قوة يمتنع بها من كبير ولا صغير.
    فأي معرفة لهؤلاء بمعبودهم ونبيهم وحقائق الموجودات ؟
    وحقيق بمن سأل نبيه أن يجعل له إلهاً فيعبد إلهاً مجعولاً بعد ما شاهد تلك الآيات الباهرات، أن لا يعرف حقيقة الإله ولا أسماءه وصفاته ونعوته ودينه، ولا يعرف حقيقة المخلوق وحاجته وفقره.
    ولو عرف هؤلاء معبودهم ورسولهم لما قالوا لنبيهم ( لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ) [البقرة:55]
    ولا قالوا له ( فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا )[المائدة:24]  
    ولا قتلوا نفساً وطرحوا المقتول على أبواب البرآء من قتله، ونبيهم حي بين أظهرهم، وخبر السماء والوحي يأتيه صباحاً ومساءً، فكأنهم جوزوا أن يخفى هذا على الله كما يخفى على الناس!
    ولو عرفوا معبودهم لما قالوا في بعض مخاطباتهم له : يا أبانا انتبه من رقدتك، كم تنام ؟.
    ولو عرفوه لما سارعوا إلى محاربة أنبيائه وقتلهم وحبسهم ونفيهم، ولما تحيلوا على تحليل محارمه وإسقاط فرائضه بأنواع الحيل.
    ولقد شهدت التوراة بعدم فطانتهم، وأنهم من الأغبياء، ولو عرفوه لما حجروا عليه بعقولهم الفاسدة أن يأمر بالشيء في وقت لمصلحة، ثم يزيل الأمر به في وقت آخر؛ لحصول المصلحة وتبدله بما هو خير منه، وينتهي عنه ثم يبيحه في وقت آخر؛ لاختلاف الأوقات والأحوال في المصالح والمفاسد، كما هو مشاهد في أحكامه القدرية الكونية التي لا يتم نظام العالم ولا مصلحته إلا بتبديلها واختلافها بحسب الأحوال والأوقات والأماكن، فلو اعتمد طبيب أن لا يغير الأدوية والأغذية بحسب اختلاف الزمان والأماكن والأحوال لأهلك الحرث والنسل وعُدَّ من الجهال، فكيف يحجر على طبيب القلوب والأبدان أن تتبدل أحكامه بحسب اختلاف المصالح ؟!

    وهل ذلك إلا قدح في حكمته ورحمته وقدرته وملكه التام وتدبيره لخلقه ؟
    ومن جهلهم بمعبودهم ورسوله وأمره أنهم أُمروا أن يدخلوا باب المدينة التي فتحها الله عليهم سُجَّداً ويقولوا - حطة. فيدخلوا متواضعين لله سائلين منه أن يحط عنهم خطاياهم, فدخلوا يزحفون على أستاههم بدل السجود لله، ويقولون : هنطا سقمانا. أي: حنطة سمراء، فذلك سجودهم وخشوعهم، وهذا استغفارهم واستقالتهم من ذنوبهم.
    ومن جهلهم وغباوتهم أن الله سبحانه أراهم من آيات قدرته وعظيم سلطانه وصدق رسوله ما لا مزيد عليه، ثم أنزل عليهم بعد ذلك كتابه وعهد إليهم فيه عهده، وأمرهم أن يأخذوه بقوة فيعيدوه بما فيه، كما خلصهم من عبودية فرعون والقبط فأبوا أن يقبلوا ذلك وامتنعوا منه، فتنقل الجبل العظيم فوق رؤوسهم على قدرهم، وقيل لهم : إن لم تقبلوا أطبقته عليكم. فقبلوه من تحت الجبل.
    قال ابن عباس رضي الله عنهما : رفع الله الجبل فوق رؤوسهم، وبعث ناراً من قبل وجوههم، وأتاهم البحر من تحتهم ونودوا: إن لم تقبلوا أرضختكم بهذا وأحرقتكم بهذا وأغرقتكم بهذا. فقبلوه وقالوا : سمعنا وأطعنا ولولا الجبل ما أطعناك. ولمّا أمنوا بعد ذلك قالوا : سمعنا وعصينا.
    ومن جهلهم أنهم شاهدوا الآيات ورأوا العجائب التي يؤمن على بعضها البشر ثم قالوا بعد ذلك ( لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً) [البقرة:55 ]
    وكان الله سبحانه قد أمر موسى أن يختار من خيارهم سبعين رجلاً لميقاته، فاختارهم موسى وذهب بهم إلى الجبل، فلما دنا موسى من الجبل وقع عليه عمود الغمام حتى تغشى الجبل،
    وقال للقوم : ادنوا. ودنا القوم حتى إذا دخلوا في الحجاب وقعوا سُجَّداً، فسمعوا الرب تعالى وهو يكلم موسى ويأمره وينهاه ويعهد إليه، فلما أنكشف الغمام قالوا: ( لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً )[البقرة:55]

    ومن جهلهم أن هارون لما مات ودفنه موسى قالت بنو إسرائيل لموسى : أنت قتلته حسدته على خلقه ولينه ومحبة بني إسرائيل له. قال : فاختاروا سبعين رجلاً فوقفوا على قبر هارون، فقال موسى : يا هارون أقتلت أم مت ؟ قال: بل مت وما قتلني أحد.
    فحسبك من جهالة أُمة وجفائهم أنهم اتهموا نبيهم ونسبوه إلى قتل أخيه، فقال موسى : ما قتلته. فلم يصدقوه حتى أسمعهم كلامه وبراءة أخيه مما رموه به.
    ومن جهلهم أن الله سبحانه شبههم في حملهم التوراة وعدم الفقه فيها والعمل بها بالحمار يحمل أسفاراً،
    وفي هذا التشبيه من النداء على جهالتهم وجوه متعددة :
    منها : أن الحمار من أبلد الحيوانات التي يضرب بها المثل في البلادة.
    ومنها : أنه لو حمل غير الأسفار من طعام أو علف أو ماء لكان له به شعور، بخلاف الأسفار.
    ومنها : أنهم حملوها لا أنهم حملوها طوعاً واختياراً، بل كانوا كالمكلفين لما حملوه لم يرفعوا به رأساً.
    ومنها : أنهم حيث حملوها تكليفاً وقهراً لم يرضوا بها ولم يحملوها رضا واختياراً، وقد علموا أنهم لا بد لهم منها، وأنهم إن حملوها اختياراً كانت لهم العاقبة في الدنيا والآخرة.
    ومنها : أنها مشتملة على مصالح معاشهم ومعادهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة، فإعراضهم عن التزام ما فيه سعادتهم وفلاحهم إلى ضده من غاية الجهل والغباوة وعدم الفطانة.

    ومن جهلهم وقلة معرفتهم أنهم طلبوا عوض المن والسلوى- اللذين هما أطيب الأطعمة وأنفعها وأوفقها للغذاء الصالح- البقل والقثاء والثوم والعدس والبصل ،
    ومن رضي باستبدال هذه الأغذية عوضاً عن المن والسلوى، لم ينكر عليه أن يستبدل الكفر بالإيمان والضلالة بالهدى والغضب بالرضا والعقوبة بالرحمة، وهذه حال من لم يعرف ربه ولا كتابه ولا رسوله ولا نفسه.
    وأما نقضهم ميثاقهم، وتبديلهم أحكام التوراة، وتحريفهم الكلم عن مواضعه، وأكلهم الربا وقد نهوا عنه، وأكلهم الرشا، واعتداؤهم في السبت حتى مُسخوا قردة، وقتلهم الأنبياء بغير حق، وتكذيبهم عيسى ابن مريم رسول الله، ورميهم له ولأمه بالعظائم، وحرصهم على قتله، وتفردهم دون الأمم بالخبث والبهت، وشدة تكالبهم على الدنيا وحرصهم عليها، وقسوة قلوبهم وحسدهم وكثرة سخطهم، فإليه النهاية.
    وهذا وأضعافه من الجهل وفساد العقل، قليلٌ على من كذَّب رسل الله وجاهر بمعاداته ومعاداة ملائكته وأنبيائه وأهل ولايته،
    فأي شيء عرف من لم يعرف الله ورسله ؟
    وأي حقيقة أدرك من فاتته هذه الحقيقة  ؟
    وأي علم أو عمل حصل لمن فاته العلم بالله والعمل بمرضاته ومعرفة الطريق المؤولة إليه ومآله بعد الوصول إليه ؟!
    فأهل الأرض كلهم في ظلمات الجهل والغي إلا من أشرق عليه نور النبوة

    موقف اليهود وأهدافهم تجاه المسلمين:

    الأول: مواقف اليهود مع المسلمين قديماً وحديثاً:

    منذ أن بعث الله سبحانه وتعالى محمداً صلى الله عليه وسلم بدين الإسلام واليهود يكيدون لهذا الدين ولنبيه، مع أنهم يعرفون أنه رسول الله حقًّا، ولديهم الأدلة على ذلك،
    كما ذكر الله عنهم أنهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، ومع ذلك كله جحدوا نبوته وأنكروها، وحاولوا النيل من النبي صلى الله عليه وسلم، فحاولوا قتله، وسحروه، ووضعوا له السم، وقاموا بإثارة الفتن بين الأوس والخزرج حتى قال الله تعالى فيهم ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) [آل عمران: 100- 101]
    وتتبع اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأسئلة ليحرجوه، وطلبوا أن ينزل عليهم كتاباً من السماء، وقد هوَّن الله أمرهم على رسوله، فقال ( يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاء فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُّبِينًا  )[النساء: 153]
    وعندما فشلوا في إثارة الفتن لَبس بعضهم لباس الإسلام؛ ليطعنوا الإسلام باسم المسلمين : (  وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) [آل عمران: 72]

    واستمر كيدهم ونشطوا في عهد عثمان رضي الله عنه ، ولبسوا لباس الإسلام بقيادة ابن السوداء عبد الله بن سبأ، وظلوا يؤلبون المسلمين على عثمان بدعوى أنه ليس أحق بالخلافة، وأن انتقال الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى يعني انتقال شخصه إلى علي، كما أنتقلت شخصية موسى إلى يوشع، وذهب عثمان ضحية لهذه الفتنة.
    وعندما فتح المسلمون الكثير من الأمصار رحب أكثر أهل الذمة من اليهود والنصارى بهذه الفتوح في بلاد العراق والشام ومصر؛ رغبة في الخلاص من الاضطهاد الروماني، حيث عاشوا في ظل دولة الإسلام عيشة أحسن من التي كانوا يعيشونها في السابق مع بني قومهم، إلا أنهم لم يتخلوا عن مكرهم وكيدهم؛ فكلما سنحت لهم فرصة اهتبلوها، وبادروا إليها.

    وخلاصة القول :
    أننا لوا استعرضنا التاريخ الإسلامي لوجدنا أن لليهود دوراً في كل فتنة وحدث يضر بالمسلمين، وإن لم يكن الحدث من صنعهم ابتداءً، لكنهم يوقدونه ولو بعد حين.
    وهذا ما جعل بعض الباحثين يذهبون إلى أن اليهود وراء كل الفتن والأحداث.
    ولا يشك أحد بأن اليهود عملوا جهدهم- ولا يزالون- في الدس والتفريق بين المسلمين، ومحاولة إفساد عقيدتهم وأخلاقهم؛ فالمحققون يجزمون بأن اليهود هم الذين أنشؤوا التشيع  والرفض ابتداءً،
    وهم الذين بذروا بذور الفرق الضالة كالمعتزلة والجهمية وسائر الفرق الباطنية كالنصيرية، والإسماعيلية، والدروز، والقرامطة، وهم الذين مهدوا للدولة الفاطمية الشيعية وعن طريقها نشر اليهود البدع القبورية، والطرق الصوفية، والأعياد المبتدعة، كعيد الميلاد، والبدع والخرافات التي سادت في عهد الدولة الفاطمية، ودولة القرامطة وما بعدها. ولما ظهرت القاديانية، والبهائية أيدوها ثم احتضنوها.
    وهم الذين ساهموا في سقوط الخلافة العثمانية، ولن ينسى المسلمون ما فعله يهود الدونمة في تركيا حين أظهروا الإسلام، ودخلوا في عمق الخلافة، وكادوا الإسلام؛ فأسسوا الجمعيات السرية للإطاحة بالخلافة، ثم إعلان العلمانية ومكَّنوا لصنيعتهم مصطفى كمال أتاتورك.

    عرف اليهود أنهم لن يستطيعوا أن ينالوا من شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أصل دينه ما يريدون علنا، كما فعلوا بدين النصارى، وكما فعلوا بالأنبياء من قبل من التكذيب المعلن والإيذاء والقتل.
    لذلك سلكوا مسلك الكيد الخفي للمسلمين، وصارت لهم اليد الطولى في إثارة الفرقة والخلافات والفتن التي حدثت في التاريخ الإسلامي ولا يزالون.
    ويجب أن لا نبالغ- كما يسلك بعض الكتاب والباحثين- لنقول بأنهم هم وراء كل الأحداث والفتن؛ لأنهم أجبن وأضعف من أن يكونوا كذلك.
    لكن الذي نجزم به أنهم انتهازيون، وكيدهم متواصل للإسلام وأهله، ولذلك فهم يستفيدون من الأحداث والاضطرابات والفتن، فيكونون من جندها ويوقدونها لئلا تنطفئ، كما أنهم يدعمونها بما يملكون من جهد ووقت ومال.
    فإذا استعرضنا التاريخ الإسلامي وجدنا أن لليهود دورا في كل فتنة وحدث يضر بالمسلمين، وإن لم يكن هذا الحدث من صنعهم ابتداء لكونهم يوقدونه ولو بعد حين، وهذا ما جعل بعض الكتاب والباحثين يذهبون إلى أن اليهود هم وراء كل الفتن والأحداث.
    ولا يشك أحد بأن اليهود عملوا جهدهم  ـ
    ولا يزالون ـ في الدس والتفريق بين المسلمين ومحاولة إفساد عقيدتهم وأخلاقهم، فالمحققون يجزمون بأن اليهود هم الذين أنشؤوا التشيع والرفض ابتداء، وهم الذين أسهموا في بذور الفرق التي حادت عن طريق السنة والعقيدة السليمة:  كالمعتزلة،  والجهمية، وسائر الفرق الباطينة و كالإسماعيلية،  والنصيرية والقرامطة والدروز.
    وهم الذين مهدوا للدولة الفاطمية حتى قامت، وحين قامت أيضا عملوا تحت لوائها معززين مكرمين، وصار لهم نفوذ ظاهر وباطن، وعن طريقها تحقق لليهود الكثير من أهدافهم، مثل نشر البدع القبورية والطرق الصوفية،  والأعياد المبتدعة ـ كعيد الميلاد ـ والبدع والخلافات التي سادت في عهد الدولة الفاطمية ودولة القرامطة وما بعدهما.
    ولما ظهرت القاديانية والبهائية أيدوهما ثم احتضنوهما فيما بعد، ولن ينسى المسلمون ما فعل يهود الدونمة في تركيا حيث أظهروا الإسلام ودخلوا في عمق الخلافة وكادوا للإسلام فأسسوا الجمعيات السرية للإطاحة بالخلافة ثم إعلان العلمانية المشؤومة (بالحكم بغير ما أنزل الله) وحرب الإسلام من الداخل.
    هذه نماذج من دور اليهود في الكيد للمسلمين، ولا يزال كيدهم متواصلا، ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين

    الثاني: أهداف اليهود:

    أهداف اليهود وطموحاتهم لا تقف عند حد؛ فهم يخططون للسيطرة على العالم كله حتى يكون تحت هيمنة مملكتهم إسرائيل التي تم إنشاؤها في فلسطين، والتي يزعمون أن حدودها تكون من العراق شرقاً إلى مصر غرباً- من الفرات إلى النيل- ومن شمال الشام شمالاً إلى يثرب جنوباً.
    ويمكن إجمال بعض أهدافهم فيما يلي :
    1- تأسيس وتثبيت مملكتهم إسرائيل : بحيث يكون مركزها أور شليم- القدس- وتكون هي منطلق نشاطهم.
    وبسبب تخلف المسلمين وبعدهم عن دينهم تمكن اليهود من تحقيق أكثر أحلامهم مع الأسف.
    2- التحكم في شعوب العالم، وتسخيرها لخدمتهم؛ لأنهم بزعمهم هم شعب الله المختار، وغيرهم يجب أن يكون مسخراً لخدمتهم.
    3- القضاء على المسلمين ( لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُون ) [التوبة: 10] ،
    ( وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ )... [البقرة: 217] ,
    4- إفساد الشعوب، وتحطيم أخلاقهم بسلاح المنكرات من خمر، وزنى، وكذب، وسينما، وربا، وغش، وغدر، وخيانة.

    الثالث: وسائل اليهود ومخططاتهم:

    يسلك اليهود في سبيل الوصول إلى أهدافهم وسائل شتى، ويقومون بمخططات واسعة مدروسة،
    ومن ذلك :
    1- إشعال نار الفتنة بين الحكومات وشعوبها - وذلك عن طريق إغراء الحكومات باضطهاد الشعوب، وإغراء الشعوب بالتمرد على الحكومات، ومحاولة إبقاء كل من قوة الحكومة، وقوة الشعب؛ لتبقى العداوة دائمة مستمرة.
    2- إغراء الحكام والوزراء والرؤساء بالاستعلاء على شعوبهم والانغماس بالفساد، والرذيلة، والعهر عن طريق النساء، والخمر، والقمار، والرشاوى والمناصب، والمؤامرات، والفتن.
    3- استعمال العنف والإرهاب في حكم العالم -  فهم يصرحون بذلك في بروتوكولاتهم كقولهم -  خير النتائج في حكم العالم ما ينتزع بالعنف والإرهاب.
    4- إشاعة الفوضى والخيانة؛ ليتردى العالم، وينحط، ويسهل التحكم به.
    5- العمل على تحطيم عقيدة الولاء والبراء في نفوس المسلمين باسم السلام والتطبيع؛ لكي يزول حاجز النفرة منهم.
    6- استغلال أجهزة الإعلام، وتوجيهها وجهة تخدم مصالحهم، بأن تكون هابطة أخلاقيًّا، ومضللة سياسيًّا، ومذبذبة فكريًّا.
    7- التحكم بالاقتصاد العالمي - وذلك بامتلاك أكبر عدد من المؤسسات والشركات والبنوك، واحتكار الذهب، ومضاعفة الأعمال الربوية، وتشجيع الأنظمة الرأسمالية الربوية، والضرائبية، والاشتراكية التأمينية المحطمة.
    8- نشر المبادئ الهدامة والجمعيات السرية التجسسية، والأحزاب المتطرفة والحركات الثورية، وتشجيع عصابات الخطف والاغتيالات.
    9- السيطرة على الدول النصرانية والشيوعية؛ لتكون أداة مسخرة تخدم أهدافهم، وتحمي دولة إسرائيل الناشئة.
    وهذا ما حدث فعلاً من بعض الدول خاصة بريطانيا، وأمريكا، وروسيا.
    هذا شيء من أهدافهم ومخططاتهم، وقد عملوا وجَدُّوا في تحقيق ذلك، وحقَّقوا الكثير، ولم يكن ليتحقق لهم ذلك إلا بعد أن غفل المسلمون عما يدور حولهم.
    ومتى ما رجع المسلمون إلى رشدهم، وآبوا إلى ربهم فلن تقوم لإسرائيل قائمة بإذن الله.
    -----------------------------------------------------------------
    وما زلنا احبابنا --- تابعونا --- جزاكم الله خيرا

    التالي ::

    : يهود الدونمة:

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5190
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

     ثالثاً ::أوصاف اليهود وأخلاقهم :.مواقفهم مع المسلمين قديماً وحديثاً :أهداف اليهود ومخططاتهم : الصهيونية                                                                                              Empty : يهود الدونمة:

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين سبتمبر 04, 2023 9:25 am


    يتبع ما قبله :

    : يهود الدونمة:

    هم جماعة من اليهود أظهروا الإسلام وأبطنوا اليهودية؛ للكيد للمسلمين، سكنوا منطقة الغرب من آسيا الصغرى،
    وأسهموا في تقويض الدولة العثمانية وإلغاء الخلافة عن طريق انقلاب جماعة الاتحاد والترقي...
    ولا يزالون إلى الآن يكيدون للإسلام، لهم براعة في مجالات الاقتصاد والثقافة والإعلام؛ لأنها هي وسائل السيطرة على المجتمعات.

    : التأسيس وأبرز الشخصيات:

    أسسها سباتاي زيفي (1626م-1675) م، وهو يهودي إسباني الأصل، تركي المولد والنشأة، وكان ذلك سنة (1648) م حين أعلن أنه مسيح بني إسرائيل ومخلصهم الموعود، واسمه الحقيقي موردخاي زيفي، وعرف بين الأتراك باسم قرامنتشته.
    كان (ساباتاي) شغوفا بمطالعة الكتب الدينية ويتردد على دروس الحاخامات وهو لم يبلغ الخامسة عشرة من عمره، وكان يدلي آراء تدعو إلى الإعجاب والتقدير من قومه.

    فترة ظهور (ساباتاي) تزامنت مع أوقات حرجة تمر بها الدولة العثمانية، وأوروبا تمر فترة محاكم التفتيش..واليهود مضطهدون في كل مكان.. وقد تيقظت في أذهان اليهود دعوى «المسيح المنتظر»، حتى أنّ كهنة اليهود يعتقدون بظهور المخلص سنة 1648.

    في هذه الأجواء قرر (ساباتاي) أن يدّعي النبوة فراح يصوم كل يوم ويغتسل استعدادًا لليوم الموعود وبعض الروايات تقول أنه لم يباشر زوجتيه الأوليين وظل عزبا…

    في سنة 1648 أشاع (ساباتاي) بين أصحابه المقربين أنه قد نُبّئ. فصدّقوه واتبعوه ولم يجد رفضا وعندما رأى تأييدا لدعوته من قبل يهود العالم أخذ يُصدّق بأنه المسيح الموعود فأخذ يضفي لنفسه ألقابا برسائله مثل: «ابن الله البكر»، «أبوكم إسرائيل» مما أثار بعض الحاخامين عليه، وألغى الدعاء للخليفة العثماني الذي كان يُقرأ في المعبد اليهودي ووضع بدلاً منه الدعاء له كملك لليهود ومخلّص لهم.

    وأخذ يُعدّل في دين اليهود ويبدل ويزيد حتى ثار عليه بعض الحاخامين، ولكنه استطاع أن ينتصر عليهم ويؤلّب عليهم، وأضحى يهود إزمير طوع أمره ورهن إشارته، وبدأت الوفود تأتيه من الخارج: من أدرنة ورودس وصوفيا وألمانية، وأخذَ يُنظم أموره وأمور أتباعه ومريديه.. فبدأ يستقبل زواره بمواعيد ومراسيم معينة، وكان على شغف خاص باستقبال زواره من النساء.

    قسّم (ساباتاي)العالم إلى 38 منطقة وعيّن لكل منها حاكمًا كما غيّر بعض التقاليد اليهودية،
    أمّا السلطة العثمانية فلم تهتم بما يجري لسببين: 1- التسامح الديني الذي كانت تنتهجه وقتها. 2-انشغالها بحرب جزيرة كريت

    (كان السلطان آنذاك محمد الرابع).. ولما أصبح وضع (ساباتاي) خطير على الدولة سُجنَ، وكان ينكر كل التهم التي وُجهت إليه،
    ولكن الوقائع والمستندات كانت دامغة عليه، ثمّ وصلت وشاية للمسؤولين بأنه خَطّطَ لإنشاء إمبراطورية يهودية داخل الدولة العثمانية.. فأمروا بنقله لقصر أدرنة لحسم أمره.

    كانَ عندَ السلطان محمد..ويتحاور مع رئيس الوزراء (مصطفى باشا) وشيخ الإسلام (يحيى أفندي منقري زادة) وإمام القصر (محمد أفندي وانلي) ثم قيل له بواسطة الترجمان: تدّعي أنك المسيح المنتظر فأرنا معجزتك. سنجردك من الثياب ونجعلك هدفا لسهام المهرة من رجالنا..
    إن لم تُغرز السهام بجسمك سيقبل السلطان ادعائك فأنكر (ساباتاي) كل شيء وادّعى أنّ الواشين عليه هم الذين رسموا صورته، وأمر السلطان محمد بعرض الإسلام عليه فآثر بدهاء اليهودي وحرصه على الحياة أن يفتدي إمبراطوريته الوهمية بدخوله في الإسلام ظاهرًا ويتسمى باسم محمد عزيز أفندي وينجو من الموت المحتوم، وبهذا كان (ساباتاي) أول شخص في العالم من (الدونمة) ومؤسس مذهب هذه الطائفة.
    ثم أرسل إلى مريديه وأتباعه يقول لهم: «لقد جعلني الله مسلمًا، أنا أخوكم محمد البواب هكذا أمرني الله فامتثلت».
    ـ واصل دعوته الهدامة من موقعه الجديد كمسلم وكرئيس للحجاب، وأمر أتباعه بأن يظهروا الإسلام ويبقوا على يهوديتهم في الباطن.
    ـ طلب من الدولة السماح له بالدعوة في صفوف اليهود، فسمحت له بذلك، فعمل بكل خبث واستفاد من هذه الفرصة العظيمة للنيل من الإسلام.
    ـ اتضح للحكومة بعد أكثر من (10) سنوات أن إسلام سباتاي كان خدعة، فنفته إلى ألبانيا ومات بها.
    - أطلق الأتراك على أتباع هذا المذهب الدونمة، وهي مشتقة من المصدر التركي دونمك، بمعنى العودة والرجوع.
    - إبراهام نطحان: يهودي، وقد أصبح رسول سباتاي إلى الناس.
    - جوزيف بيلوسوف: وهو خليفة سباتاي ووالد زوجته الثانية، كان يتحرك باسم عبد الغفور أفندي.
    - مصطفى جلبي رئيس فرقة قاش، وهي من ضمن ثلاث فرق تفرعت عن الدونمة،
    وهم اليعاقبة والقاقاشية والقاباتجية.
    - ليس لهم مؤلفات مطبوعة ومتداولة، ولكن لهم نشرات سرية كثيرة يتداولونها فيما بينهم.

    : الأفكار والمعتقدات:

    يعتقدون أن سباتاي هو مسيح إسرائيل المخلص لليهود.
    - يقولون : إن الجسم القديم لسباتاي صعد إلى السماء، فعاد بأمر الله في شكل ملاك يلبس الجلباب والعمامة ليكمل رسالته.
    - يظهرون الإسلام ويبطنون اليهودية الماكرة الحاقدة على المسلمين.
    - لا يصومون ولا يصلون ولا يغتسلون من الجنابة، وقد يظهرون بعض الشعائر الإسلامية في بعض المناسبات كالأعياد مثلاً؛
    إيهاماً وخداعاً، ومراعاة لعادات الأتراك, ذرًّا للرماد في عيونهم، ومحافظة على مظاهرهم كمسلمين.
    - يحرمون مناكحة المسلمين، ولا يستطيع الفرد منهم التعرف على حياة الطائفة وأفكارها إلا بعد الزواج.
    - لهم أعياد كثيرة تزيد على العشرين منها : الاحتفال بإطفاء الأنوار وارتكاب الفواحش، ويعتقدون أن مواليد تلك الليلة مباركون، ويكتسبون نوعاً من القدسية بين أفراد الدونمة.
    - لهم زي خاص بهم، فالنساء ينتعلن الأحذية الصفراء، والرجال يضعون قبعات صوفية بيضاء مع لفها بعمامة خضراء.
    - يحرمون المبادرة بالتحية لغيرهم.
    - يهاجمون حجاب المرأة، ويدعون إلى السفور والتحلل من القيم، ويدعون إلى التعليم المختلط؛ ليفسدوا على الأمة شبابها.

    : الجذور الفكرية والعقائدية:

    عقيدتهم يهودية صرفة، وبالتالي فهم يتحلّون بالخصال الأساسية لليهود، كالخبث والمراوغة والدهاء والكذب والجبن والغدر، وتظاهرهم بالإسلام إنما هو وسيلة لضرب الإسلام من داخله.
    - لهم علاقة وطيدة بالماسونية، وكان كبار الدونمة من كبار الماسونيين.
    - يعملون ضمن مخططات الصهيونية العالمية.
    - يمتلكون ويديرون أكثر الجرائد التركية انتشاراً، مثل جريدة حريت ومجلة حياة ومجلة التاريخ وجريدة مليت وجريدة جمهوريت، وكلها تحمل اتجاهات يسارية، ولها تأثير واضح على الرأي العام التركي.

    : الانتشار ومواقع النفوذ:

    غالبيتهم العظمى توجد الآن في تركيا.
    ـ ما يزالون إلى الآن يملكون في تركيا وسائل السيطرة على الإعلام والاقتصاد، ولهم مناصب حساسة جدًّا في الحكومة.
    ـ كانوا وراء تكوين جماعة الاتحاد والترقي، التي كانت جل أعضائها منهم، وكما ساهموا من موقعهم هذا في علمنة تركيا المسلمة، وسخَّروا كثيرًا من شباب المسلمين المخدوعين لخدمة أغراضهم التدميرية.

    ويتضح مما سبق:
    أن الدونمة طائفة من اليهود ادعت الإسلام ولا علاقة لهم به قدر ذرة، وكانوا يتحينون الفرص للانتقام من الإسلام،
    وإفساد الحياة الاجتماعية الإسلامية، والهجوم على شعائر الإسلام. ويكفي أنهم أداروا الجزء الأعظم من انقلاب تركيا الفتاة الذي أسقط السلطان عبد الحميد الثاني.
    -----------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا --- تابعونا ---جزاكم الله خيرا

    التالي :

    : الصهيونية:

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5190
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

     ثالثاً ::أوصاف اليهود وأخلاقهم :.مواقفهم مع المسلمين قديماً وحديثاً :أهداف اليهود ومخططاتهم : الصهيونية                                                                                              Empty : الصهيونية:

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين سبتمبر 04, 2023 9:56 am


    يتبع ما قبله :

    : الصهيونية:

    : التعريف بهم:
    الصهيونية حركة سياسية عنصرية متطرفة، ترمي إلى إقامة دولة لليهود في فلسطين تحكم من خلالها العالم كله. واشتقت الصهيونية من اسم (جبل صهيون) في القدس حيث ابتنى داود قصره بعد انتقاله من حبرون (الخليل) إلى بيت المقدس في القرن الحادي عشر قبل الميلاد. وهذا الاسم يرمز إلى مملكة داود وإعادة تشييد هيكل سليمان من جديد، بحيث تكون القدس عاصمة لها.
    وقد ارتبطت الحركة الصهيونية الحديثة بشخصية اليهودي النمساوي هرتزل، الذي يعد الداعية الأول للفكر الصهيوني الحديث والمعاصر، الذي تقوم على آرائه الحركة الصهيونية في العالم.
    سبب التسمية : سميت الصهيونية بذلك نسبة إلى جبل صهيون الذي يقع جنوب بيت المقدس، ويقدسه اليهود.
    : تاريخ الصهيونية:

    تاريخ الصهيونية جزء من تاريخ اليهود، والصهيونية هي امتداد لما يقوم به اليهود منذ القدم، وللصهيونية جذور تاريخية وسياسية منذ قيام حركة المكابين التي أعقبت السبي البابلي.
    ومرت بعد ذلك بمراحل كثيرة منذ تلك القرون، وذلك قبل ظهور المسيحية، وقبل ظهور الإسلام وبعده.
    وكانت مهمتها في مراحلها الأولى تحريض اليهود على العودة إلى أرض فلسطين، وبناء هيكل سليمان، وتأسيس دولة إسرائيل الكبرى.
    أما في العصر الحديث فقد بدأت نواتها الأولى عام (1806) م حين اجتمع المجلس الأعلى لليهود بدعوة من نابليون لاستغلال أطماع اليهود، وتحريضهم على مساعدته.
    والصهيونية الحديثة هي المنسوبة لـ (تيودور هرتزل) الصحفي اليهودي النمساوي (1860- 1904) م، وهدفها الأساسي الواضح قيادة اليهود إلى حكم العالم.
    وقد بدأ اليهود بإقامة دولة لهم في فلسطين، وفي محاولتين لكنهم أخفقوا.
    وبعد ذلك أقام هرتزل أول مؤتمر صهيوني عالمي في بال بسويسرا عام (1897) م، ونجح في تجميع يهود العالم حوله،
    كما نجح في جمع دهاة اليهود الذين صدرت عنهم أخطر مقررات في تاريخ اليهود، وهي (بروتوكولات حكماء صهيون) المستمدة من تعاليم كتب اليهود المحرفة التي يقدسونها.
    ومن ذلك الوقت بدأ حكماء اليهود يتحركون بدقة، ودهاء، وخفاء؛ لتحقيق أهدافهم التدميرية التي أصبحت نتائجها اليوم واضحة للعيان.
    ومما هو معروف أنه بعد انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في - بال- بدأ هرتزل جولته في العمل؛ لاحتواء السلطان عبد الحميد عن طريق الترغيب ثم الترهيب.
    وقد كان موقف السلطان عبد الحميد واضحاً صريحاً حيث قال : بلِّغوا الدكتور هرتزل ألا يبذل بعد اليوم شيئاً من المحاولة في هذا الأمر- التوطن بفلسطين- فإني لست مستعدًّا لأن أتخلى عن شبر واحد في هذه البلاد ليذهب إلى الغير، فالبلاد ليست ملكي، بل هي ملك شعب روَّى ترابها بدمائهم؛ فلتحتفظ اليهود بملايينهم من الذهب.
    ثم بدأ الصهاينة من ذلك اليوم بمحاولة الإطاحة بعبد الحميد، وإزالة الخلافة الإسلامية، ثم تحقَّق لهم ما يريدون، وكان إسقاط عبد الحميد (1909) م، والتمهيد لإلغاء الخلافة عام (1924) م، وكان الذي بلغ السلطان قرار الخلع قُرَّه صُو عضو حزب الاتحاد والترقي اليهودي الأصلي.
    وقبل ذلك تمكَّن اليهود من تأليب الدول الاستعمارية على الدولة العثمانية، وإثارة السموم، والدسائس حول السلطان، ورميه بمختلف الاتهامات.
    ولم تكن الخلافة لتسقط لولا أن البدع قد انتشرت، وبدأت تدب في جسم الخلافة وتنخر فيه.
    وبالرغم من ذلك كله فإن الخلافة كانت ترهب أعداء الله، وتضع هيبة ومنعة للمسلمين.
    وكما نجح اليهود في بث الدعايات والأكاذيب على السلطان عبد الحميد، ووصفه بأنه سكير فاسق ظالم متوحش، فإنها أيضاً نجحت في إضفاء جميع صور البطولة على اليهودي مصطفى كمال الذي مثَّل رأس الأفعى اليهودية، ونفَّذ لدغتها القاتلة التي أدت إلى هدم الخلافة الإسلامية، وتمزيق الوجود السياسي للمسلمين.
    وقد كان هذا الخبيث يتظاهر بالتدين، ويصلي في مقدمة الجنود، ويتملق العلماء، وعموم المسلمين، وعندما تمكَّن نفَّذ خطته اللئيمة على النحو التالي:
    1- إلغاء الخلافة الإسلامية.
    2- فصل تركيا عن باقي أجزاء الدولة العثمانية؛ فحطم الدولة الإسلامية العظيمة.
    3- أعلن العلمانية الإلحادية.
    4- اضطهد العلماء أبشع اضطهاد، وقتل منهم العشرات، وعلقهم بأعواد الشجر.
    5- أغلق كثيراً من المساجد، وحرَّم الأذان، والصلاة باللغة العربية.
    6- أجبر الشعب على تغيير الزي الإسلامي، ولبس الزي الأوروبي.
    7- ألغى الأوقاف، ومنع الصلاة في جامع (أيا صوفيا)، وحوَّله إلى متحف.
    8- ألغى المحاكم الشرعية، وفرض القوانين الوضعية المدنية السويسرية.
    9- فرض العطلة الأسبوعية يوم الأحد، بدلاً من يوم الجمعة.
    10- ألغى استعمال التقويم الهجري، ووضع مكانه التاريخ الميلادي.
    11- حرَّم تعدد الزوجات، والطلاق، وساوى بين الذكر والأنثى في الميراث.
    12- شجع الشباب والفتيات على الدعارة، والفجور، وأباح المنكرات، بل كان قدوة في انحطاط الخلق، والفساد، وإدمان الخمر.
    13- قضى على التعليم الإسلامي، ومنع مدارس القرآن الكريم، واستبدل اللاتينية بالعربية.
    14- فتح باب تركيا لعلماء اليهود.
    هذه صورة عامة عن تاريخ الصهيونية.

    : أهداف الصهيونية:

    من المعلوم أن الصهيونية حركة يهودية خالصة، أما أهدافها فهي أهداف سياسية دينية، وتلك الأهداف تتلخص فيما يلي:
    1- إثارة الحماس الديني لدى أفراد اليهود في جميع أنحاء العالم لعودتهم إلى أرض الميعاد المزعومة.
    2- هدم الأديان لإعلاء اليهودية التلمودية.
    3- حث سائر اليهود على التمسك بالتعاليم الدينية، والعبادات، والشعائر اليهودية، والالتزام بأحكام الشريعة اليهودية.
    4- إثارة الروح القتالية، والعصبية الدينية والقومية لدى اليهود؛ للتصدي للأديان، والأمم، والشعوب الأخرى.
    5- تزييف التاريخ للادعاء بوعد فلسطين.
    6- تدمير الإنسان عن طريق نظريات (فرويد) في الأخلاق، و(ماركس) في المال، و(دوركايم) في الاجتماع، و(سارتر) في أدب الانحلال والضياع.
    7- فرض المادية على الفكر البشري.
    8- محاولة تهويد فلسطين، وذلك بتشجيع الهجرة من سائر أقطار العالم إلى فلسطين.
    9- تدويل الكيان الإسرائيلي عالميًّا، وذلك بانتزاع اعتراف أكثر دول العالم بوجود دولة إسرائيل في فلسطين.
    10- متابعة وتنفيذ المخططات اليهودية العالمية السياسية، والاقتصادية خطوة خطوة، ووضع الوسائل الكفيلة بالتنفيذ السريع والدقيق لهذه المخططات، ثم التهيئة لها إعلاميًّا، وتمويلها اقتصاديًّا، ودعمها سياسيًّا.
    11- توحيد وتنظيم جهود اليهود في جميع أنحاء العالم أفراداً، أو جماعات ومؤسسات، وتحريك العملاء والمأجورين عند الحاجة لخدمة اليهود، وتحقيق مصالحهم ومخططاتهم.
    12- تطوير اللغة العبرية، والثقافة العبرية.

    : التأسيس وأبرز الشخصيات:

    للصهيونية العالمية جذور تاريخية- فكرية وسياسية- تجعل من الواجب الوقوف عند الأدوار التالية:
    ـ وردت لفظة صهيون لأول مرة في العهد القديم عندما تعرض للملك داود الذي أسس مملكته (1000ـ 960) ق. م.
    ـ حركة المكابيين التي أعقبت العودة من السبي البابلي (586ـ 538) قبل الميلاد، وأول أهدافها العودة إلى صهيون وبناء هيكل سليمان.
    ـ حركة باركوخيا (118ـ 138) م, وقد أثار هذا اليهودي الحماسة في نفوس اليهود، وحثَّهم على التجمع في فلسطين وتأسيس دولة يهودية فيها.
    ـ حركة موزس الكريتي، وكانت شبيهة بحركة باركوخيا.
    ـ مرحلة الركود في النشاط اليهودي بسبب اضطهاد اليهود وتشتتهم. ومع ذلك فقد ظل الشعور القومي عند اليهود عنيفاً لم يضعف.
    ـ حركة دافيد روبين وتلميذه سولومون مولوخ (1501ـ 1532) م, وقد حثَّ اليهود على ضرورة العودة لتأسيس ملك إسرائيل في فلسطين.
    ـ حركة منشه بن إسرائيل (1604ـ 1657) م, وهي النواة الأولى التي وجَّهت خطط الصهيونية وركَّزتها على أساس استخدام بريطانيا في تحقيق أهداف الصهيونية.
    ـ حركة سباتاي زيفي (1626ـ 1676) م, الذي ادَّعى أنه مسيح اليهود المخلص، فأخذ اليهود في ظله يستعدون للعودة إلى فلسطين، ولكن مخلصهم مات.
    ـ حركة رجال المال التي تزعَّمها روتشيلد وموسى مونتفيوري، وكانت تهدف إلى إنشاء مستعمرات يهودية في فلسطين كخطوة لامتلاك الأرض ثم إقامة دولة اليهود.
    ـ الحركة الفكرية الاستعمارية التي دعت إلى إقامة دولة يهودية في فلسطين في بداية القرن التاسع عشر.
    ـ الحركة الصهيونية العنيفة التي قامت إثر مذابح اليهود في روسيا سنة (1882) م، وفي هذه الفترة ألف هيكلر الجرماني كتاب بعنوان (إرجاع اليهود إلى فلسطين حسب أقوال الأنبياء).
    ـ ظهور مصطلح الصهيونية Zionism لأول مرة على يد الكاتب الألماني ناثان برنباوم سنة (1893) م.
    ـ في عام (1882) م, ظهرت في روسيا لأول مرة حركة عرفت باسم (حب صهيون)، وكان أنصارها يتجمَّعون في حلقات اسمها (أحباء صهيون)، وقد تم الاعتراف بهذه الجماعات في عام (1890) م, تحت اسم ( جمعية مساعدة الصناع والمزارعين اليهود في سوريا وفلسطين) وترأسها ليون بنسكر، واستهدفت الجماعة تشجيع الهجرة إلى فلسطين وإحياء اللغة العبرية.

    ـ الصهيونية الحديثة وهي الحركة المنسوبة إلى تيودور هرتزل الصحفي اليهودي المجري،
    ولد في بودابست في (2/5/1860) م, حصل على شهادة الحقوق من جامعة فينا (1878) م، وهدفها الأساسي الواضح قيادة اليهود إلى حكم العالم بدءًا بإقامة دولة لهم في فلسطين. وقد فاوض السلطان عبد الحميد بهذا الخصوص في محاولتين، لكنه أخفق، عند ذلك عملت اليهودية العالمية على إزاحة السلطان وإلغاء الخلافة الإسلامية.
    ـ وقد أقام هرتزل أول مؤتمر صهيوني عالمي سنة (1897) م، مستغلًّا محاكمة الضابط اليهودي الفرنسي دريفوس الذي اتهم بالخيانة (1894) م؛ لنقله أسراراً عسكرية من فرنسا إلى ألمانيا، لكن ثبتت براءته فيما بعد، ونجح هرتزل من تصوير المأساة اليهودية- في زعمه- من خلال هذه الواقعة الفردية، وأصدر كتابه الشهير الدولة اليهودية الذي أكسبه أنصاراً لا بأس بعددهم مما شجَّعه على إقامة أول مؤتمر صهيوني في - بال- بسويسرا ( 29ـ 31/8/47) وقد علَّق عليه بقوله (لو طلب إليَّ تلخيص أعمال المؤتمر فإني أقول بل أنادي على مسمع من الجميع : إنني قد أسست الدولة اليهودية). ونجح في تجميع يهود العالم حوله، كما نجح في جمع دهاة اليهود الذين صدرت عنهم أخطر مقررات في تاريخ العالم، وهي بروتوكولات حكماء صهيون المستمدة من تعاليم كتب اليهود المحرفة التي يقدسونها، ومن ذلك الوقت أحكم اليهود تنظيماتهم، وأصبحوا يتحرَّكون بدقة ودهاء وخفاء لتحقيق أهدافهم التدميرية التي أصبحت نتائجها واضحة للعيان في زماننا هذا.

    : الأفكار والمعتقدات:

    - تستمد الصهيونية فكرها ومعتقداتها من الكتب المقدسة التي حرَّفها اليهود، وقد صاغت الصهيونية فكرها في بروتوكولات حكماء صهيون.
    - تعتبر الصهيونية جميع يهود العالم أعضاء في جنسية واحدة هي الجنسية الإسرائيلية.
    - تهدف الصهيونية إلى السيطرة اليهودية على العالم، كما وعدهم إلههم يهوه، وتعتبر المنطلق لذلك هو إقامة حكومتهم على أرض الميعاد، التي تمتد من نهر النيل إلى نهر الفرات.
    - يعتقدون أن اليهود هم العنصر الممتاز الذي يجب أن يسود، وكل الشعوب الأخرى خدم لهم.
    - يرون أن أقوم السبل لحكم العالم هو إقامة الحكم على أساس التخويف والعنف.
    - يدعون إلى تسخير الحرية السياسية من أجل السيطرة على الجماهير، ويقولون: يجب أن نعرف كيف نقدم لهم الطعم الذي يوقعهم في شباكنا.
    - يقولون : لقد انتهى العهد الذي كانت فيه السلطة للدين، والسلطة اليوم للذهب وحده، فلا بد من تجميعه في قبضتنا بكل وسيلة؛ لتسهل سيطرتنا على العالم.
    - يرون أن السياسة نقيض للأخلاق، ولا بد فيها من المكر والرياء، أما الفضائل والصدق فهي رذائل في عرف السياسة.
    - يقولون : لا بد من إغراق الأمميين في الرذائل بتدبيرنا عن طريق من نهيئهم لذلك من أساتذة وخدم وحاضنات ونساء الملاهي.
    - يقولون : يجب أن نستخدم الرشوة والخديعة والخيانة دون تردد ما دامت تحقق مآربنا.
    - يقولون : يجب أن نعمل على بثِّ الفزع الذي يضمن لنا الطاعة العمياء، ويكفي أن يشتهر عنا أننا أهل بأس شديد؛ ليذوب كل تمرد وعصيان.
    - يقولون : ننادي بشعارات الحرية والمساواة والإخاء؛ لينخدع بها الناس ويهتفوا وينساقوا وراء ما نريد لهم.
    - يقولون : لا بد من تشييد أرستقراطية تقوم على المال الذي هو في يدنا والعلم الذي اختص به علماؤنا.
    - يقولون : سنعمل على دفع الزعماء إلى قبضتنا، وسيكون تعيينهم في أيدينا، واختيارهم يكون حسب وفرة أنصبتهم من الأخلاق الدنيئة وحب الزعامة وقلة الخبرة.
    - يقولون : سنسيطر على الصحافة تلك القوة الفعالة التي توجه العالم نحو ما نريد.
    - يقولون : لا بد من توسيع الشقة بين الحكام والشعوب وبالعكس؛ ليصبح السلطان كالأعمى الذي فقد عصاه، ويلجأ إلينا لتثبيت كرسيه.
    - يقولون : لا بد من إشعال نار الخصومة الحاقدة بين كل القوى لتتصارع، وجعل السلطة هدفاً مقدساً تتنافس كل القوى للوصول إليه، ولابد من إشعال نار الحرب بين الدول، بل داخل كل دولة، عند ذلك تضمحل القوى، وتسقط الحكومات، وتقوم حكومتنا العالمية على أنقاضها.
    - يقولون : سنتقدم إلى الشعوب الفقيرة المظلومة في زي محرريها ومنقذيها من الظلم، وندعوها إلى الانضمام إلى صفوف جنودنا من الاشتراكيين والفوضويين والشيوعيين والماسونيين، وبسبب الجوع سنتحكم في الجماهير، ونستخدم سواعدهم لسحق كل من يعترض سبيلنا.
    - يقولون : لا بد أن نفتعل الأزمات الاقتصادية لكي يخضع لنا الجميع بفضل الذهب الذي احتكرناه.
    - يقولون : إننا الآن بفضل وسائلنا الخفية في وضع منيع بحيث إذا هاجمتنا دولة نهضت أخرى للدفاع عنا.
    - يقولون : إن كلمة الحرية تدفع الجماهير إلى الصراع مع الله ومقاومة سنته، فلنشغلها هي وأمثالها إلى أن تصبح السلطة في أيدينا.
    - يقولون : لنا قوة خفية لا يستطيع أحد تدميرها، تعمل في صمت وخفاء وجبروت، ويتغير أعضاؤها على الدوام، وهي الكفيلة بتوجيه حكام الأمميين كما نريد.
    - يقولون : لا بد أن نهدم دولة الإيمان في قلوب الشعوب، وننزع من عقولهم فكرة وجود الله، ونحل محلها قوانين رياضية مادية؛ لأن الشعب يحيا سعيداً هانئاً تحت رعاية دولة الإيمان. ولكي لا ندع للناس فرصة المراجعة يجب أن نشغلهم بشتى الوسائل، وبذلك لا يفطنوا لعدوهم العام في الصراع العالمي.
    - يقولون : لا بد أن نتبع كل الوسائل التي تتولى نقل أموال الأمميين من خزائنهم إلى صناديقنا.
    - يقولون : سنعمل على إنشاء مجتمعات مجردة من الإنسانية والأخلاق، متحجرة المشاعر، ناقمة أشد النقمة على الدين والسياسة، ليصبح رجاؤها الوحيد تحقيق الملاذ المادية، وحينئذ يصبحون عاجزين عن أي مقاومة، فيقعون تحت أيدينا صاغرين.
    - يقولون : سنقبض بأيدينا على كل مقاليد القوى، ونسيطر على جميع الوظائف، وتكون السياسة بأيدي رعايانا، وبذلك نستطيع في كل وقت بقوتنا محو كل معارضة مع أصحابها من الأمميين.
    - يقولون : لقد بثثنا بذور الشقاق في كل مكان، بحيث لا يمكن اجتثاثه، وأوجدنا التنافر بين مصالح الأمميين المادية والقومية، وأشعلنا نار النعرات الدينية والعنصرية في مجتمعاتهم، ولم ننفك عن بذل جهودنا في إشعالها منذ (20) قرناً،
    ولذلك من المستحيل على أي حكومة أن تجد عوناً من أخرى لضربنا، وأن الدول لن تقدم على إبرام أي اتفاق مهما كان ضئيلاً دون موافقتنا؛ لأن محرك الدول في قبضتنا.
    - يقولون : لقد هيَّأنا الله لحكم العالم، وزوَّدنا بخصائص ومميزات لا توجد عند الأمميين، ولو كان في صفوفهم عباقرة لاستطاعوا مقاومتنا.
    - يقولون : لا بد من الانتفاع بالعواطف المتأججة لخدمة أغراضنا عوض إخمادها، ولا بد من الاستيلاء على أفكار الآخرين وترجمتها بما يتفق مع مصالحنا بدل قتلها.
    - يقولون : سنولي عناية كبرى بالرأي العام إلى أن نفقده القدرة على التفكير السليم، ونشغله حتى نجعله يعتقد أن شائعاتنا حقائق ثابتة، ونجعله غير قادر على التمييز بين الوعود الممكن إنجازها والوعود الكاذبة، فلا بد أن نكوِّن هيئات يشتغل أعضاؤها بإلقاء الخطب الرنانة التي تغدق الوعود، ولا بد أن نبثَّ في الشعوب فكرة عدم فهمهم للسياسة، وخير لهم أن يدعوها لأهلها.
    - يقولون : سنكثر من إشاعة المتناقضات، ونلهب الشهوات، ونؤجج العواطف.
    - يقولون : سننشئ ( إدارة الحكومة العليا ) ذات الأيدي الكثيرة الممتدة إلى كل أقطار الأرض، والتي يخضع لها كل الحكام.
    - يقولون: يجب أن نسيطر على الصناعة والتجارة، ونعوِّد الناس على البذخ والترف والانحلال، ونعمل على رفع الأجور وتيسير القروض ومضاعفة فوائدها، عند ذلك سيخر الأمميون ساجدين بين أيدينا.
    - يقولون : في الرسميات يجب علينا أن نتظاهر بنقيض ما نضمر، فنستنكر الظلم، وننادي بالحريات، ونندد بالطغيان.
    - يقولون : إن الصحافة جميعها بأيدينا إلا صحفاً قليلة غير محتفل بها، وسنستعملها لبث الشائعات حتى تصبح حقائق، وسنشغل بها الأمميين عما ينفعهم، ونجعلهم يجرون وراء الشهوة والمتعة.
    - يقولون : الحكام أعجز من أن يعصوا أوامرنا؛ لأنهم يدركون أن السجن أو الاختفاء من الوجود مصير المتمرد منهم، فيكونوا طاعة لنا وأشد حرصاً ورعاية لمصالحنا.
    - يقولون : سنعمل على ألا يكشف مخططنا قبل وقته، ولا نهدم قوة الأمميين قبل الأوان.
    - يقولون : نحن الذين وضعنا طريقة التصويت ونظام الأغلبية المطلقة؛ ليصل إلى الحكم كل من نريد بعد أن نكون قد هيأنا الرأي العام للتصويت عليهم.
    - يقولون : سنفكك الأسرة، وننفخ روح الذاتية في كل فرد ليتمرد، ونحول دون وصول ذوي الامتياز إلى الرتب العالية.
    - يقولون : لا يصل إلى الحكم إلا أصحاب الصحائف السود غير المكشوفة، وهؤلاء سيكونون أمناء على تنفيذ أوامرنا؛ خشية الفضيحة والتشهير، كما نقوم بصنع الزعامات وإضفاء العظمة والبطولة عليها.
    - يقولون : سنستعين بالانقلابات والثورات كلما رأينا فائدة لذلك.
    - يقولون : لقد أنشأنا قوانا الخفية لتحقيق أهدافنا، ولكن البهائم من الأمميين يجهلون أسرارها فوثقوا بها، وانتسبوا إلى محافلها، فسيطرنا عليهم وسخرناهم لخدمتنا.
    - يقولون : إن تشتيت شعب الله المختار نعمة وليست ضعفاً، وهو الذي أفضى بنا إلى السيادة العالمية.
    - يقولون : ستكون كل دور النشر بأيدينا، وستكون سجلات التعبير عن الفكر الإنساني بيد حكومتنا، وكل دار تخالف فكرنا سنعمل على إغلاقها باسم القانون.
    - يقولون : ستكون لنا مجلات وصحف كثيرة مختلفة النزعات والمبادئ، وكلها تخدم أهدافنا.
    - يقولون : لا بد أن نشغل غيرنا بألوان خلابة من الملاهي والألعاب والمنتديات العامة والفنون والجنس والمخدرات؛ لنلهيهم عن مخالفتنا أو التعرض لمخططاتنا.
    - يقولون : سنمحو كل ما هو جماعي، وسنبدأ المرحلة بتغيير الجامعات، وسنعيد تأسيسها حسب خططنا الخاصة.
    - يقولون : سنتصرف مع كل من يقف في طريقنا بكل عنف وقسوة.
    - يقولون : سنكثر من المحافل الماسونية، وننشرها في كل وسط؛ لتوسيع نطاق سيطرتنا.
    - يقولون : عندما تصبح السلطة في أيدينا لن نسمح بوجود دين غير ديننا على الأرض.

    : الجذور الفكرية والعقائدية:

    الصهيونية قديمة قدم التوراة نفسها، وهي التي أجَّجت الروح القومية عند اليهود منذ أيامها الأولى، وحركة (هرتزل) إنما هي تجديد وتنظيم للصهيونية القديمة.
    - تقوم الصهيونية على تعاليم التوراة المحرفة والتلمود، ولكن لا بد من الإشارة إلى أن عدداً من زعماء الصهيونية هم من الملاحدة، واليهودية عندهم ليست سوى ستار لتحقيق المطامع السياسية والاقتصادية.
    - تعتبر أكثرية من اليهود ما يعرف بالتلمود دستوراً دينيًّا لهم، وهو مؤلف من بحوث أحبار اليهود وفقهائهم، وقد رسموا فيه الحدود لكل جوانب الحياة الخاصة والعامة، وقد دُوِّن فيه من الأحكام والتعليمات ما يبرِّر وضعهم الاجتماعي والسياسي، وما يغرس في نفوسهم ونفوس أجيالهم اللاحقة احتقار المجتمع البشري، وحب الانتقام منه، وأكل أموال الناس بالباطل، والسطو على أرواحهم وأعراضهم وأموالهم، واستنـزاف دماء غير اليهود لاستعمالها في بعض المناسبات الدينية، حيث يستعمل الدم البشري بوضع نقط منه على فطير الفصح أو غيره.

    : الانتشار ومواقع النفوذ:

    الصهيونية هي الواجهة السياسية لليهودية العالمية، وهي كما وصفها اليهود أنفسهم (مثل الإله الهندي فشنو الذي له مائة يد) فهي لها في جلِّ الأجهزة الحكومية في العالم يد مسيطرة موجهة، تعمل لمصلحتها.
    - هي التي تقود إسرائيل وتخطط لها.
    - الماسونية تتحرك بتعاليم الصهيونية وتوجيهاتها وتخضع لها زعماء العالم ومفكريه.
    - للصهيونية مئات الجمعيات في أوروبا وأمريكا في مختلف المجالات التي تبدو متناقضة في الظاهر، لكنها كلها في الواقع تعمل لمصلحة اليهودية العالمية.
    --------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا --- تابعونا --- جزاكم الله خيرا

    التالي :

    : أعمال الصهيونية في العالم:

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5190
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

     ثالثاً ::أوصاف اليهود وأخلاقهم :.مواقفهم مع المسلمين قديماً وحديثاً :أهداف اليهود ومخططاتهم : الصهيونية                                                                                              Empty : أعمال الصهيونية في العالم:

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين سبتمبر 04, 2023 10:38 am


    يتبع ما قبله :
    : أعمال الصهيونية في العالم:

    هناك من يبالغ في قوة الصهيونية مبالغة كبيرة جدًّا، وهناك من يهون من شأنها، والحقيقة، كما قيل : تضيع بين التهوين والتهويل.
    ومن استقرأ الواقع تبيَّن له أن اليهود يعيشون الآن فترة علوٍّ استثنائية.
    وقد حقَّقوا الكثير مما يصبون إليه، والواقع يشهد بذلك.
    ولم يكونوا ليحققوا ذلك إلا لأسباب عديدة منها:
    1- أخذهم بالأسباب.
    2- انغماس الناس في الشهوات، وركونهم للحياة الدنيا، وخصوصاً المسلمين.
    3- ترك فريضة الجهاد، وتعطيل السنن الربانية.
    4- أن هذا الاستعلاء الاستثنائي إنما هو استدراج وإملاء وإمهال من الله لهم، وهو في الوقت نفسه امتحان للمسلمين وعقوبة لهم.
    5- الخواء الروحي عند الغرب، والطغيان الكنسي.
    6- تخلِّي أمة الإسلام عن مهمتها في قوامة البشرية.
    ومن هذا المنطلق حقَّق اليهود كثيراً من أهدافهم.
    وهم عندما يضعون الخطط لا يستطيعون الجزم بتحقيقها، وغالباً ما يخفقون، إلا أنهم يضعون احتمالات كثيرة لكل عمل يعملونه.
    وما نراه الآن في هذا العالم دليل واضح على أنهم نجحوا في تنفيذ مخططاتهم.
    ومن خلال نظرة سريعة على الإعلام العالمي، والتعليم، والاقتصاد، والاجتماع، والرياضة، والفن يتبين لنا مدى نجاحهم.
    ولعل أهم هدف سعوا من أجله واجتهدوا في الحصول عليه هو استيطانهم في فلسطين، فما سبب حرصهم عليها ؟
    وكيف حصلوا عليها ؟ وهل اكتفوا بها ؟ وماذا يريدون بعد ذلك ؟
    هذا ما سيتبين في الفقرة الآتية.

    الصهاينة وفلسطين:

    أ - سبب حرص الصهاينة على فلسطين:

    أما سبب حرص الصهاينة على فلسطين : فذلك راجع لاعتقادهم أنها أرض الميعاد التي سيعود إليها اليهود، ويجتمعون فيها، وذلك حسب ما جاء في كتبهم المحرفة، كذلك حرصوا على فلسطين لموقعها الجغرافي الاستراتيجي، الذي يهدفون من ورائه إلى احتلال العالم.
    ويؤيد ذلك ما صرَّح به (ناحوم غولدمان) قائلاً : (لم يختر اليهود فلسطين لمعناها التوراتي بالنسبة إليهم، ولا لأن مياه البحر الميت تعطي سنويًّا بسبب التبخر قيمة ثلاثة آلاف مليار دولار من المعادن، وأشباه المعادن، وليس أيضاً لأن مخزون فلسطين من البترول يعادل عشرين مرة مخزون الأمريكتين مجتمعتين، بل لأن فلسطين نقطة الارتكاز الحقيقية لكل قوى العالم، ولأنها المركز الاستراتيجي العسكري للسيطرة على العالم).
    ومن هذا المنطلق جدَّ اليهود في الحصول عليها، وقد مرَّ بنا موقف السلطان عبد الحميد من طلب اليهود، ومرَّ بنا سعيهم في الإطاحة به ونجاحهم في ذلك.
    ومنذ أن سقط السلطان عبد الحميد فتحت فلسطين أبوابها للهجرة اليهودية، وجرى المخطط في طريقه إلى غايته عن طريق (هرتزل) وحلفائه.
    وتمت مؤامرة إنجليزية أخرى كانت الدعامة الأولى لإسرائيل، وهي التي منحت اليهود وعد بلفور عام (1917) م، وهي التي هَجَّرت ثلاثمائة ألف يهودي ما بين عام (1922 -  1939) م.
    وفي أغسطس عام (1923) م, تم تهجير اليهود الألمان لأرض فلسطين (أرض الميعاد) كما يزعمون، واليهود الألمان هم أخطر وأهم يهود الأرض، وهم الذين حركوا الصناعة اليهودية، وانبعثت على أيديهم الصناعة،
    وذلك بما سرقوه وتعلَّموه من الألمان، وهم أرقى وأعلم اليهود.
    ولذا فهم في المناصب العسكرية، والبحوث العلمية، وقد حرص (هرتزل) على تهجيرهم.

    ب- وعد بلفور:

    يعدُّ وعد بلفور الدعامة الأولى لإسرائيل؛ فما هو ذلك الوعد، وما أسبابه، وماذا يتضمن ؟
    وعد بلفور : هو ذلك الوعد الذي أصدرته الحكومة البريطانية بإنشاء الوطن القومي اليهودي في فلسطين، وذلك في الثاني من نوفمبر عام (1917) م.
    وقد تواتر أن الباعث الأعظم الذي حقق حلم الصهيونية هو ما رواه (لويد جورج) رئيس الوزارة البريطانية الأسبق في مذكراته عن الدور الذي قام به وايزمان في خدمة بريطانيا إبان الحرب العظمى، وذلك عندما ساعد بريطانيا في استخراج مادة الأسيتون التي تستخدم في صنع الذخائر الحربية التي كانت تستخرج من خشب الأشجار، وكان استخراجها بكميات كافية يحتاج إلى مقادير هائلة من الخشب،
    وليس في إنجلترا غابات كثيرة تفي بهذه الحاجة، فكانت تستورد من أمريكا، والأسعار ارتفعت.

    وأخيراً اهتدى لويد- وكان يومئذ رئيس لجنة الذخائر- إلى أستاذ بارع في الكيمياء وضع مواهبه تحت تصرف بريطانيا، وهو الدكتور (وايزمان) الذي أصبح بعد ذلك مشهوراً،
    وكان وايزمان مقتنعاً بأن أمل الصهيونية رهين بانتصار الحلفاء؛ فاستطاع بعد بضعة أسابيع أن يستخرج المادة المطلوبة الأسيتون من عناصر أخرى غير الخشب، مثل الحبوب والذرة على وجه الخصوص، وبذلك حلَّ لبريطانيا أعوص مشكلة عانتها أثناء الحرب.
    ورفض الدكتور (وايزمان) كل جزاء مقابل عمله، بشرط أن تصنع بريطانيا شيئاً في سبيل الوطن القومي اليهودي.
    ولما تولى (لويد جورج) رئاسة الوزارة خاطب بلفور بأن بريطانيا تريد أن تجتذب إلى صفها اليهود في الدول المجاورة، وكانوا ميالين إلى ألمانيا لسخطهم على روسيا، وكان لذلك أثره على وعد بلفور.
    وبعبارة أخرى فإن بريطانيا رغبت في مكافأة إسرائيل على عملها، ومساعدتها لها في الحرب، ورغبت أيضاً في كسب اليهود،
    فكان ذلك الوعد... عام (1917) م.
    وكان الثمن إعطاء ما لا يملك شيئاً لمن لا يستحق شيئاً.
    وبعد ذلك تتابعت الهجرة اليهودية من شتى أقطار العالم، وانصهرت في بوتقة اليهودية أكثر من سبعين جنسية من مصر، واليمن، والحبشة، والعراق، والهند، وأوربا، وروسيا، وأمريكا، وغيرها.
    وفي عام (1948) م, ارتفع عدد اليهود من خمسين ألف مهاجر إلى ستمائة وخمسين ألفاً، ثم تتابعت الهجرات من كل أنحاء العالم.
    وآخر ما حصل من ذلك تهجير يهود الفلاشا من الحبشة، ومحاولات تهجير اليهود الروس،
    وصدق الله تعالى : ( فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا ) [الإسراء: 104]
    ولعل تلك الهجرات مصداق للآيات، والأحاديث التي أخبرت بذلك.
    وبرغم تلك العمليات التهجيرية، فإن هناك كثيراً من اليهود لم يستجب للعودة إلى فلسطين، وليس ذلك كرهاً لفلسطين،
    وإنما ذلك لخوفهم من الذبح في فلسطين، فهم يعلمون من كتبهم بأنهم سيذبحون بسيوف عباد الله، وأنهم في فلسطين سيدفنون بلا أحفاد.
    ولهذا فإن كثيراً منهم هاجر من فلسطين بعد أن هاجر إليها.
    وما هذا الوعد إلا سلسلة من التعاون بين اليهود والنصارى الذين يودون إبعاد المسلمين عن دينهم.

    ج- الوعــود البلفوريــة:

    Balfour Declarations
    «الوعود البلفورية» مصطلح نستخدمه للإشارة إلى مجموعة من التصريحات التي أصدرها بعض رجال السياسة في الغرب يدعون فيها اليهود لإقامة وطن قومي لهم في فلسطين، ويعدون بدعمه وتأمينه نظير أن يقوم اليهود على خدمة مصالح الدولة الراعية، أي أنها دعوة لتوقيع العقد الصامت بين الحضارة الغربية والمنظمة الصهيونية.
    والوعود البلفورية تعبير عن نموذج كامن في الحضارة الغربية يضرب بجذوره فيها.
    وهي حضارة تنحو منحى عضويًّا، وتجعل التماسك العضوي مثلاً أعلى. ونظراً لأن التماسك العضوي هو المثل الأعلى،
    فإن عدم التجانس يصبح سلبيًّا كريهاً. وينتج عن هذه الرؤية للكون رفض الآخر في شكل الأقليات.
    ومن ثم، نجد أن الحضارة الغربية (والمسيحية الغربية) لم تتوصل إلى إطار تتعامل من خلاله مع الأقليات، وبالذات اليهود، وإنما همَّشتهم (شعب شاهد) وحوسلتهم (جماعة وظيفية).
    ومنذ عصر النهضة الغربية والثورة العلمانية الشاملة، بدأت أزمة الجماعات اليهودية، وظهرت الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة التي تُعَدُّ جزءاً من فكرة العقد الصامت بين الحضارة الغربية والحركة الصهيونية بشأن يهود العالم : شعب عضوي منبوذ ـ نافع ـ يُنقَل خارج أوربا إلى فلسطين؛ ليُوظَّف لصالحها في إطار الدولة الوظيفية.
    وقد صدرت معظم الوعود البلفورية في القرن التاسع عشر، واستمرَّت حتى صدور وعد بلفور عام (1917) م، الذي حسم مسألة علاقة اليهود بالحضارة الغربية. وسنقوم بمحاولة تحليل عدد من الوعود البلفورية، وسنقسمها إلى ثلاثة عناصر أساسية.
    1 ـ نص الوعد.
    2 ـ الديباجة العلنية (أو الأسباب المعلنة) التي عادةً ما ترد في الوعد نفسه أو في مجال الدفاع عنه.
    3 ـ الدوافع الخفية (العميقة أو الحقيقية) وهي عادةً لا ترد في أيٍّ من الوعود، وعلينا أن نبحث عنها في نصوص وحقائق تاريخية تشكِّل السياق التاريخي للوعد البلفوري موضع البحث.
    ويُعتبَر نابليون بونابرت من أوائل القادة الغربيين الذين أصدروا وعداً بلفوريًّا، وهو أيضاً أول غاز للشرق في العصر الحديث. وفيما يلي الجزء المهم من نص الوعد :
    (من نابليون القائد الأعلى للقوات المسلحة للجمهورية الفرنسـية في أفريقيا وآسيا إلى ورثة فلسطين الشرعيين.
    أيها الإسرائيليون، أيها الشعب الفريد، الذين لم تستطع قوى الفتح والطغيان أن تسلبهم اسمهم ووجودهم القومي، وإن كانت قد سلبتهم أرض الأجداد فقط.

    إن مراقبي مصائر الشعوب الواعين المحايدين ـ وإن لم تكن لهم مواهب المتنبئين مثل إشعياء ويوئيل ـ قد أدركوا ما تنبَّأ به هؤلاء بإيمانهم الرفيع من دمار وشيك لمملكتهم ووطنهم :
    أدركوا أن عتقاء الإله سيعودون لصهيون وهم يغنُّون، وسيُولَد الابتهاج بتَملُّكهم إرثهم دون إزعاج، فرحاً دائماً في نفوسهم (إشعياء 35/10 ) انهضوا إذن بسرور أيها المبعدون. إن حرباً لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، تخوضها أمة دفاعاً عن نفسها بعد أن اعتبر أعداؤها أرضها التي توارثوها عن الأجداد غنيمة ينبغي أن تُقسَّم بينهم حسب أهوائهم.
    وبجرة قلم من مجلس الوزراء تقوم للثأر وللعار الذي لحق بها وبالأمم الأخرى البعيدة. ولقد نُسي ذلك العار تحت قيد العبودية والخزي الذي أصابكم منذ ألفي عام. ولئن كان الوقت والظروف غير ملائمة للتصريح بمطالبكم أو التعبير عنها، بل وإرغامكم على التخلي عنها، فإن فرنسا تقدم لكم إرث إسرائيل في هذا الوقت بالذات، وعلى عكس جميع التوقعات، إن الجيش الذي أرسلتني العناية الإلهية به، والذي يقوده العدل ويواكبه النصر، جعل القدس مقرًّا لقيادتي، وخلال بضعة أيام سينتقل إلى دمشق المجاورة التي لم تَعُد تُرهب مدينة داود.
    يا ورثة فلسطين الشرعيين : إن الأمة التي لا تتاجر بالرجال والأوطان، كما فعل أولئك الذين باعوا أجدادهم لجميع الشعوب (يوئيل 4/6(، تدعوكم لا للاستيلاء على إرثكم بل لأخذ ما تم فتحه والاحتفاظ به بضمانها وتأييدها ضد كل الدخلاء.  انهضوا وأظهروا أن قوة الطغاة القاهرة لم تُخمد شجاعة أحفاد هؤلاء الأبطال الذين كان تَحالُفهم الأخوي شرفاً لإسبرطة وروما (مكابيون 12/15(، وأن معاملـة العبـودية التي دامت ألفي عام لم تُفلح في إخمادها.  
    سارعوا! إن هذه هي اللحظة المناسبة ـ التي قد لا تتكرر لآلاف السنين ـ للمطالبة باستعادة حقوقكم ومكانتكم بين شعوب العالم، تلك الحقوق التي سُلبت منكم لآلاف السنين، وهي وجودكم السـياسي كأمة بين الأمم، وحقـكـم الطـبيعي في عبادة يهـوه، طبقاً لعقيدتكم، علناً وإلى الأبد. (يوئيل 4/20.)  وفيما يتعلق بوعد نابليون البلفوري، يمكن ملاحظة ما يلي :
    1 ـ جوهر الوعد هو العبارة التالية: ( تقدِّم فرنسا فلسطين لليهود في هذا الوقت بالذات، وعلى عكس جميع التوقعات... وهذه هي اللحظة المناسبة التي قد لا تتكرر لآلاف السنين). (تدعوكم (فرنسا) لا للاستيلاء على إرثكم بل لأخذ ما تم فتحه والاحتفاظ به بضمانها وتأييدها ضد كل الدخلاء). (وجودكم السياسي كأمة بين الأمم، وحقكم الطبيعي في عبادة يهوه طبقاً لعقيدتكم، علناً وإلى الأبد.
    2 ـ لا يختلف تصريح نابليون عن وعد بلفور، فنابليون يعتبر أعضاء الجماعات اليهودية شعباً غريباً عن وطنه (وهو ما يعني إسقاط المواطنة عنه) وهو شعب مرتبط بفلسطين. وقد وجَّه نابليون نداءه إلى (الشعب الفريد) و(المبعدين) الذين عاشوا (تحت قيد العبودية والخزي... منذ ألف عام)  و(ورثة فلسطين الشرعيين) (أي : الشعب العضوي المنبوذ) بأن يتبعوا فرنسا التي ستقدم لهم إرث إسرائيل، أي : أرض فلسـطين، أي: أنهم سـيتم خروجهم من فرنسا وتوطينهم في فلسطين.

    3 ـ ثم نأتي ثالثاً إلى الدوافع الخفية الحقيقية، وليس من الصعب تخمينها، فنابليون لم يَكُنْ يُكِنُّ كثيراً من الحب أو الاحترام لليهود، وهذا يظهر في تشريعاته داخل فرنسا. ولذا فإن إرسالهم إلى فلسطين فيه حل للمسألة اليهودية في فرنسا (والتي كانت قد بدأت في التفاقم). ومع هذا كان نابليون يهدف إلى توظيف اليهود في خدمة مشاريعه وتحويلهم إلى عملاء له، وهذا ما قاله ملك إيطاليا لهرتزل (وقد وافقه الزعيم الصهيوني على رأيه). ولعل إشارة نابليون إلى التقاليد المكابية هو إشارة خفية للدور القتالي (المملوكي) الذي يمكن أن تلعبه الدولة اليهودية المقترحة في خدمة المصالح الغربية.
    وقد صدرت أيضاً عدة وعود بلفورية ألمانية. ويمكننا هنا أن نتوقف قليلاً عند واحد من أهم إسهامات (هرتزل) للحركة الصهيونية، وهو أنه إذا كانت الفكرة الصهيونية إمكانية كامنة في الحضارة الغربية تود أن تتحقق، فلم يكن بإمكانها أن تخرج من عالم الوجود بالقوة إلى عالم الوجود بالفعل إلا من خلال آليات محددة، أهمها :
    تنظيم المادة البشرية (اليهودية) التي سيتم ترحيلها، وتأسيس إطار تنظيمي يستطيع أن يتلقَّى الوعود، وأن يقوم بتنفيذها. وحينما أصدر نابليون وعده البلفوري لم يكن هناك تنظيم يهودي يمكنه تلقِّي هذا الوعد، والعمل على تسخير المادة البشرية لتنفيذه.
    وهذا ما أنجزه (هرتزل) بعد أن نشر كتابه (دولة اليهود) الذي وضَّح فيه ما نسميه «العقد الصامت بين الحضارة الغربية والحركة الصهيونية».
    فقرَّر (هرتزل) أن يأخذ بزمام الأمور، وأن يتوجه للدول العظمى. وقد ساعده في مسعاه هذا القس (الواعظ) الصهيوني نصف المجنون (هشلر) إذ قدمه إلى أحد كبار المسئولين الألمان الذي تحدَّث إلى القيصر عن الموضوع. وكانت ثمرة هذه الاتصالات وعد بلفوري ورد في خطاب من دون إيلونبرج باسم حكومة القيصر إلى (هرتزل) مؤرخ في سبتمبر (1898) وجاء فيه :
    (إن صاحب الجلالة على استعداد أكيد أن يناقش الأمر(توطين اليهود) مع السلطان، وأنه سيسعده أن يستمع إلى مزيد من التفاصيل منكم في القدس. وقد أصدر جلالته أوامره بأن تُذلِّل كل الصعاب التي تواجه استقبال وفدكم.  وأخيراً يحب جلالته أن يخبركم عن استعداده أن يأخذ على عاتقه مسئولية محمية (يهودية) في حالة تأسيسها. وجلالته حينما يكشف لكم عن نواياه، فهو يعوِّل، بطبيعة الحال، على مقدرتكم على الكتمان. وكم يسعدني أن أنقل لكم هذه المعلومات، وأتمنى أن تنجح في الوصول إلى القدس في الموعد المحدد. وفي الحقيقة، فإن فشلكم في هذا سيسبب لجلالته خيبة الأمل. وأترك لكم- بما تتميزون به من لباقة- أن تقرروا ما إذا كنتم تودون الوصول إلى إستنبول في الوقت الذي يصل فيه جلالته إليها أم لا ).
    ويمكننا ملاحظة ما يلي
    1 ـ جوهر الوعد يُوجَد في العبارة (يحب جلالته أن يخبركم عن استعداده أن يأخذ على عاتقه مسئولية محمية (يهودية) في حالة تأسيسها ( وأنه ) على استعداد أكيد أن يناقش الأمر(توطين اليهود)  مع السلطان.
    2 ـ وإذا انتقلنا بعد ذلك إلى الديباجة العلنية والنوايا المعلنة، فإننا لن نجد لها أيَّ أثر، فقيصر ألمانيا لم يكن تحت أية ضغوط للبحث عن مسوغات رومانسية، بل إن العكس في حالته هو الصحيح؛ إذ كان عليه أن يبرر أمام شعبه مسألة تعاطفه مع المشروع الصهيوني وتأييده له، بل واستعداده لأن يضع الصهاينة تحت حمايته. وكما قال في خطابه المؤرخ (29) سبتمبر (1898) م,والمُرسَل إلى دوق بادن، فإن تسعة أعشار شعبه سيُصدَم صدمة عميقة إذا اكتشف هذه الحقيقة. فاليهود ـ كما يقول ـ هم قتلة المسـيح، وهو يعـترف بهـذه الحقيقـة، ولكنه يضـيف قائلاً : (إن الإله قد أنزل بهـم العـقاب على ما اقترفوه من آثام، إلا أنه لم يأمر المسيحيين بأن يسيئوا معاملة هذا الشعب).
    3 ـ وأما العنصر الثالث، أي: الدوافع الحقيقية الخفية، فهي موجودة وبغزارة، في خطاب القيصر المذكور، وفي تعليقه على تقرير سفير ألمانيا في سويسرا عن المؤتمر الصهيوني الأول (1897) م, فهو في مجال تسويغ تعاونه مع (قتلة المسيح) يورد الأسباب التالية لتأييد ألمانيا للمشروع الصهيوني:
    أ) سينتج عن توطين شعب إسرائيل رخاء للمنطقة، ولا سيما أن الملايين ستصب في الأكياس العثمانية، الأمر الذي قد يؤدي إلى شفاء الرجل المريض.
    ب) ستُوجَّه طاقة اليهود ومواهبهم إلى أهداف أكثر نبلاً من استغلال المسيحيين.
    جـ) إفراغ ألمانيا من اليهود الذين فيها (وكلما عجلوا بالذهاب..، كان ذلك أفضل. فلن أضع أية عراقيل في طريقهم).
    د) إذا بُحثت المسألة من منظور الحقائق السياسية (لا الأخلاقية)، فإن ألمانيا ستستفيد غاية الاستفادة؛ لأن رأس المال اليهودي العالمي، بكل خطورته، سينظر بعين العرفان إلى ألمانيا.
    ولعل موقف القيصر من اليهود، بما يتسم به من كره عميق لهم، وترحيب شديد بالتخلص منهم، واستعداد تام لتوظيفهم في خدمة المصالح الألمانية- لا يختلف كثيراً عن موقف نابليون من قبله، أو موقف بلفور من بعده.
    ورغم وعود القيصر، ورغم حرصه على تبنِّي المشروع الصهيوني، إلا أنه لم يكن مدركاً مدى عُمْق الرفض العثماني للمشروع الصهيوني، وهو الأمر الذي أدركه إبان زيارته لإستنبول. ولذا، فحينما تم اللقاء في نهاية الأمر في القدس، حيث كان من المتوقع أن يُصدر القيصر وعده البلفوري العلني الكامل، تراجع واكتفى ببعض المجاملات الخالية من المعنى.
    ومن الأمثلة الأخرى على الوعود البلفورية : الوعد البلفوري الروسي القيصري. فقد قام (هرتزل) بمقابلة فون بليفيه، وزير الداخلية الروسي المعادي لليهود، بتفويض من المؤتمر الصهيوني الخامس (1901) م، حتى يَحصُل على تصريح يُعبِّر عن نوايا الروس يتلوه في المؤتمر الصهيوني السادس المزمع عقده سنة (1903) م. وبالفعل، صَدَر الوعد البلفوري القيصري على النحو التالي (في شكل رسالة وجَّهها فون بليفيه إلى تيودور هرتزل).
    وهذا هو منطوق الوعد :  (ما دامت الصهيونية تحاول تأسيس دولة مستقلة في فلسطين، وتنظيم هجرة اليهود الروس، فمن المؤكد أن تظل الحكومة الروسية تحبذ ذلك. وتستطيع الصهيونية أن تعتمد على تأييد معنوي ومادي من روسيا إذا ساعدت الإجراءات العملية التي يفكر فيها على تخفيف عدد اليهود في روسيا).
    وقد توصَّـل (هرتزل) أيضـاً إلى اتفاق مع المسئولين الروس مفـاده : أنْ تبذل الحكومـة الروسيـة مسـاعيها الحميـدة لـدى تركـيا؛ لتسـهيل دخـول اليهود إلى فلسطين.  وستقدم مساعدات مالية للمهاجرين تُجمَع من مصادر يهودية، وستُسهِّل تنظيم الجمعـيات الصهيـونيـة الملتـزمة ببرنامج بازل. وقد سُمح أيضاً لبنك الاستـيطان اليهودي ببيع أسهمه في روسيا شريطة أن يفتح فرعاً له في البلد لكـي تستطيع السلطات مراقبة عمليات البيع. كذلك قام (بليفيـه) بتزويد (هـرتزل) برسـالة موقعـة منه، وبعد أن بحث محتوياتها مع القيصر، أعلن فيها أن الحكومة الروسية تنظر بعين العطف إلى الصهيونية ما دام هدفها إقامة دولة مستقلة في فلسطين، وأنها على استعداد لمساعدتها. وهذه المساعدة قد تتخذ شكل حماية الممثلين الصهاينة أمام الحكومة العثمانية، وتسهيل نشاط جمعيات الهجرة ومساعدتها ماليًّا من الضرائب التي تُجبى من اليهود.
    وقد استغلَّ (هرتزل) هذه الرسالة، في أكثر من مناسبة، فيما بعد. ويُلاحَظ أنه لا توجد أية ديباجات رومانسية في هذا الوعد، فهو مسألة تعاقدية جافة يتحدث فيها كل طرف عن الفائدة المرجوة وعلى العائد من الصفقة. ولذا، فقد أكَّد فون بليفيه- دون مواربة أو حياء- أن الهدف هو التخلص من اليهود عامة، باستثناء الأثرياء منهم، وجاء هذا واضحاً في قوله : (...إن نجاح اليهود في إقامة دولة مستقلة لهم تستوعب عدة ملايين منهم لهو أمر نقبله وندعمه... إننا لا نريد التخلص من جميع اليهود الروس... إننا نريد فقط التخلص من المعدمين والمضطربين). وحذَّر فون بليفيه من أن التأييد الروسـي القيـصري سـيتم سحبه إن كان هـدف الصهيونية، غير المعلن، هو تحقيق تركيز قومي لليهود في روسيا، فالدعم الروسي مشروط بالتخلص من اليهود.
    وقد كان ذلك مفهوماً تماماً لدى (هرتزل) الذي أكد في مفاوضاته مع بليفيه أن الحركة الصهيونية (ستستقطب جميع اليهود وضمنهم المتطرفون (أي : العناصر الثورية التي كانت تقض مضجع الدولة الروسية القيصرية).
    أما إذا انهارت آمالنا، فإن الوضع سينقلب رأساً على عقب، وستكسب الأحزاب الثورية إلى صفوفها أولئك الذين سينسحبون من الصهيونية التي أُمثِّلها أنا وزملائي). كما أن (هرتزل) فهم تماماً تحذير بليفيه. وهكذا فإننا نجده، في المؤتمر الصهيوني السادس (1903) م, يؤكد للمجتمعين أن الحكومة الروسية لن تسبب أية مشاكل للحركة الصهيونية، ما دام نشاطها منحصراً ضمن النظام والقانون (أي: في عملية التخلص من اليهود، وتفريغ روسيا منهم).
    واستطاع (هرتزل) بجهد وتصميم أن يحول بين المؤتمر وبين مناقشة مذابح كيشينيف، وقد علَّق على الموضوع في رسالة بعث بها إلى بليفيه قال فيها ( رغم المصاعب التي واجهتني في إدارة جلسات المؤتمر بجوها المشحون نتيجة الأحداث المؤلمة (مذابح كيشينيف)، إلا أنني نجحت في المحافظة على النظام وإعادة الهدوء إلى الجلسات.. ولا شك في أن الفضل يعود في ذلك إلى رسالتكم التي تكرمت بإرسالها في (12) أغسطس، والتي كشـفت محتوياتها؛ لأخـمد بذلك كل جـدال ثار حول تلك الأحداث).
    ويمكن أن ننظر إلى مشروع شرق أفريقيا باعتباره أحد أهم الوعود البلفورية، وهو لا يختلف كثيراً عن الوعود البلفورية التي أشرنا إليها، وإن كان أكثر جدية وأكثر تحديداً منها. كما أنه يشبه في كثير من النواحي وعد بلفور الذي صدر في نهاية الأمر.
    وقد صدر آخر الوعود البلفورية عن ألمانيا بعد صدور وعد بلفور نفسه عن إنجلترا، إذ استغل الصهاينة الوضع الدولي الناشئ عن الجمود الذي ساد جبهات القتال عام (1916) م, واتجهوا إلى حثِّ الحكومة الألمانية على إصدار بيان رسمي يتضمن العطف على الصهيونية في فلسطين. ولكن الحكومة الألمانية كانت لا تزال مرتبطة بتحالف مع الحكومة العثمانية. كما كانت تخشى أن يؤدي تدهور الوضع العسكري إلى أن تسارع الحكومة العثمانية بعقد صلح منفرد مع الحلـفاء.
    وحيث إن ألمانيا لن تضـحي بتحالفها من أجل الصهاينة، فإنها ترددت كثيراً في الاستجابة للمطلب الصهيوني.
    ثم صدر وعد بلفور نفسه عام (1917) م، وعند هذه النقطة. وحسبما جاء في دراسة الدكتور محافظة، (اندفع الصهاينة يلحون على حكومة برلين لتلبية مطالبهم مع تشكيل وزارة طلعت باشا في عام (1917) م، وحاولت الحكومة الألمانية إرضاء الصهاينة بتَدخُّلها الحاسم لإلغاء التدابير العسكرية التي فرضها جمال باشا على اليهود في فلسطين عام (1917) م. وبعد صدور تصريح بلفور، اتجه الصهاينة إلى برلين لاستصدار تصريح مماثل.
    كما أنتهزوا زيارة الصدر الأعظم (طلعت باشا) في مطلع يناير (1918) م، فقابله الزعيم الصهيوني ألفريد نوسيج الذي بحث معه موضوع اليهود في الدولة العثمانية (ومما يجدر ذكره أن هذا الزعيم الصهيوني أصبح عميلاً للجستابو النازي فيما بعد، كما وضع خطة لإبادة يهود أوربا. وقد قبض عليه ثوار جيتو وارسو. وبعد محاكمة قصيرة، نُفِّذ فيه حكم الإعدام).
    وطلب نوسيج باسم الصهاينة إلغاء القيود المفروضة على هجرة اليهود إلى فلسطين. فوعدهم الصدر الأعظم بأن الباب العالي سوف يعيد تنظيم الأوضاع حالما تعود القدس وجنوب فلسطين إلى السيادة العثمانية بصورة تَكفُل الرضا التام لليهود، وتحقق أمانيهم كافة. وقد نُشر هذا التصريح في الصحف الألمانية في اليوم التالي للقاء.  ولا يمكن أن نسمِّي هذا التصريح وعداً بلفوريًّا بمعنى الكلمة، وإن كان يقترب من ذلك. ومن الواضح أن ذلك يمثل إحدى الحيل التي كانت تستعملها الدولة العثمانية على ممثلي العالم الغربي، وهو فن تَملَّك العثمانيون ناصيته نظراً لضعفهم العسكري. ولكن أهمية هذا التصريح لا تكمن فيه وإنما في أنه أعطى الضوء الأخضر للدولة الألمانية.
    وقد استمرَّ الصهاينة في ضغوطهم حتى حصلوا على تصريح من وكيل وزارة الخارجية الألمانية في اليوم التالي لتصريح الصدر الأعظم، هذا نصه : (نحن نؤيد رغبة الأقليات اليهودية، في البلدان التي لهم فيها ثقافة متطورة، في أن تختط طريقها الخاص بها، ونميل إلى دعم أمانيها. أما بالنسبة إلى أماني اليهود، وبخاصة أماني الصهاينة منهم في فلسطين، فإن الحكومة (الألمانية) ترحب بالتصريح الذي أدلى به مؤخراً الصدر الأعظم، طلعت باشا، والذي يعبِّر عن عزم الحكومة التركية، المتفق مع نظرتها الودية نحو اليهود بوجه عام، على تنمية استقرار يهودي مزدهر في فلسطين، عن طريق الهجرة غير المُقيدة، والاستيطان ضمن قدرة البلاد الاستيعابية، وقيام حكم ذاتي يتفق وقوانين البلاد، والتطور الحر لحضارتها).
    ويُلاحَظ أن صياغة هذا الوعد تميل نحو الإبهام الشديد، فهو يؤكد حق اليهود المندمجين في الاستمرار في اندماجهم، وهو يميِّز بينهم وبين الصهاينة الذين لهم أمان في فلسطين، حيث سيسمح لهم (باستقرار يهودي مزدهر في فلسطين)، وهي عبارة غامضة حاول الوعد تحديدها عن طريق عبارة ( قيام حكم ذاتي)، ثم عاد وعدَّلها من خـلال إضـافة عبارة (يتفق وقوانين البلاد والتطور الحر لحضارتها). ولنلاحظ أن فكرة  (قوانين البلاد) تحل محل عبارة (القانون العام) أو (القانون الدولي) التي ترد في الأدبيات الصهيونية، خصوصاً في صياغتها الهرتزلية، وهي عبارة تعني: (حسب القانون الغربي أو الاستعماري).
    فكأن الوعد هنا ينزع المشروع الصهيوني من سياقه الغربي، ويضعه في سياق عثماني، الأمر الذي يعني فقدانه كل معنى، فالمستوطنون الصهاينة كان معروضاً عليهم دائما أن يحصلوا على المواطنة العثمانية، ويستقروا في فلسطين كعثمانيين لا كعنصر استيطاني تابع لدولة غربية. والقضية لم تكن قضية عدة آلاف يهودي لا وطن لهم، أو مضطهدين في أوطانهم ويبحثون عن مأوى لهم، وإنما هي قضية غَرْس عنصر بشري غريب يتحول إلى دولة ذات تَوجُّـه غربي اسـتعماري اسـتيطاني رفض هذا الحـل.  وبعد صدور الوعد البلفوري الألماني، استمرَّ الصهاينة في الضغط على الدولة العثمانية. وكلَّف الصدر الأعظم- بعد عودته من برلين- النائب اليهودي التركي قاراصو بتأليف لجنة يهودية عثمانية لوضع التفاصيل العملية لإنشاء شركة ذات امتياز في إستنبول تتولَّى العمل في المناطق المأهولة باليهود لإقامة حكم ذاتي فيها. وأمر طلعت باشا بدراسة الخطة التي وضعهتا اللجنة، ووعد بتبنيها عند بَحْث شروط الصلح بعـد انتهاء الحـرب.
    وسعى الصـهاينة، انطـلاقاً من هذا الوعد، إلى الحصول على مزيد من التنازلات من الجانب العثماني، وإصدار تصريح عثماني مماثل لتصريح بلفـور. وقد تمكَّنـوا من الحصـول على هذا التصريح في (14)تمـوز (1918) م، وتشكَّلت لجنة عثمانية لوضع ما جاء فيه موضع التنفيذ.
    ويمكننا ملاحظة اختفاء الديباجات العلنية المزخرفة أو الإشارة إلى الدوافع الحقيقية، فلا توجد أية إشارة للشعب اليهودي أو أمانيه القومية أو ارتباطه الأزلي بالأرض، وإنما هي إشارة روتينية إلى (أماني الصهاينة)  وحـديث عن اسـتقرار يهودي مزدهر. ومقابل هذا، لا توجد أية إشارة لكره اليهود أو الرغبة في استخدامهم أو تأسيس حامية عسكرية يقطنون فيها كمادة قتالية. ولا شك في أن وجود العثمانيين كطرف هو الذي أفضى إلى هذا الوضع. فهم لم يتحمسوا قط للمشروع الصهيوني، بل كانوا يرونه جزءاً من المحاولة الغربية لتفتيت حكمهم ودولتهم. ومع هذا، فقد اضطروا كارهين للدخول في حوار مع الصهاينة، وتقديم بعض التنازلات بسبب تدهور الوضع العسكري العام على الجبهات كافة، وفقدان معظم فلسطين، واعتقاد الدولة العثمانية أن تحقيق بعض المطالب الصهيونية قد يُحسِّن وضعها في مؤتمر الصلح الذي كان مقبلاً.
    ويمكننا أن نقول: إن وعد بلفور هو أهم حدث في تاريخ الصهيونية وتاريخ الجماعات اليهودية في العالم، كما أن أهميته بالنسبة لفلسطين والفلسطينيين لا تخفى على أحد.

    وعـــد بلفـــور
    Balfour Declaration
    «وعد بلفور» هو التصريح الشهير الذي أصدرته الحكومة البريطانية عام (1917) م, تعلن فيه عن تعاطفها مع الأماني اليهودية في إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وحين صدر الوعد كان عدد أعضاء الجماعة اليهودية في فلسطين لا يزيد عن 5% من مجموع عدد السكان. وقد أخذ الوعد شكل رسالة بعث بها لورد بلفور في (2) نوفمبر (1917) م, إلى اللورد إدموند دي روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية آنذاك. وفيما يلي النص الكامل للرسالة :
    (عزيزي اللورد روتشيلد:  يسعدني كثيراً أن أنهي إليكم، نيابةً عن حكومة جلالة الملك، التصريح التالي تعاطفاً مع أماني اليهود الصهاينة التي قدَّموها، ووافق عليها مجلس الوزراء. إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وسوف تبذل ما في وسعها لتيسير تحقيق هذا الهدف. وليكن مفهوماً بجلاء أنه لن يتم شيء من شأنه الإخلال بالحقوق المدنية للجماعات غير اليهودية المقيمة في فلسطين أو بالحقوق أو الأوضاع القانونية التي يتمتع بها اليهود في أية دولة أخرى.  وسوف أكون مديناً بالعرفان لو قمتم بإبلاغ هذا التصريح إلى الاتحاد الصهيوني.)

    وفيما يتصل بهذا النص، نلاحظ ما يلى :
    1 ـ صيغة الوعد واضحة تماماً هنا إذ تُوجَد هيئة حكومية (حكومة جلالـة الملك) تؤكد أنها تنظر بعين العطف إلى إنشـاء وطن قومي سيضم (الشعب اليهودي)، أي : أنه تم الاعتراف باليهود لا كلاجئين أو مضطهدين مساكين، كما أن الهدف من الوعد ليس هدفاً خيريًّا، ولكنه هدف سياسي (استعماري). كما أن هذه الحكومة التي أصدرت الوعد لن تكتفي بالأمنيات، وإنما سوف تبذل ما في وسعها لتيسير تحقيق هذا الهدف. هذا هو الجوهر الواضح للوعد.
    2 ـ ثم تبدأ بعد ذلك الديباجات التي تهدف إلى التغطية، فالوعد لن يضر بمصالح الجماعات غير اليهودية المقيمة في فلسطين ولا بمصالح الجماعات اليهودية التي لا تود المساهمة في المشروع الصهيوني، بل تود الاستمرار في التمتع بما حققته من اندماج وحراك اجتماعي. وسنلاحظ أن الديباجات تتسم بكثير من الغموض؛ إذ إن الوعد لم يتحدث عن كيفية ضمان هذه الحقوق.
    ثم نأتي الآن للأسباب التي يوردها بعض المؤرخين (الصهاينة أو المتعاطفون مع الصهيونية) لتفسير إصدار إنجلترا لوعد بلفور. فهناك نظرية مفادها أن بلفور قد صدر في موقفه هذا عن إحساس عميق بالشفقة تجاه اليهود بسبب ما عانوه من اضطهاد، وبأن الوقت قد حان لأن تقوم الحضارة المسيحية بعمل شيء لليهود، ولذلك فإنه كان يرى أن إنشاء دولة صهيونية هو أحد أعمال التعويض التاريخية. ولكن من الثابت تاريخيًّا أن بلفور كان معادياً لليهود، وأنه حينما تولى رئاسة الوزارة الإنجليزية بين عامي (1903و1905) م, هاجم اليهود المهاجرين إلى إنجلترا؛ لرفضهم الاندماج مع السكان، واستصدر تشريعات تحد من الهجرة اليهودية؛ لخشيته من الشر الأكيد الذي قد يلحق ببلاده.
    وقد كان لويد جورج رئيس الوزراء لا يقل كرهاً لأعضاء الجماعات اليهودية عن بلفور، تماماً مثل تشامبرلين قبلهما، والذي كان وراء الوعد البلفوري الخاص بشرق أفريقيا. وينطبق الوضع نفسه على الشخصيات الأساسية الأخرى وراء الوعد، مثل جورج ملنر وإيان سمطس، وكلها شخصيات لعبت دوراً أساسيًّا في التشكيل الاستعماري الغربي.
    ويرى بعض المؤرخين أن إنجلترا أصدرت الوعد تعبيراً عن اعترافها بالجميل لوايزمان؛ لاختراعه مادة الأسيتون المحرقة أثناء الحرب العالمية الأولى، وهو تفسير تافه لأقصى حد، لا يستحق الذكر إلا لأنه ورد في بعض الدراسات الصهيونية والدراسات العربية المتأثرة بها. ويبدو أن وايزمان نفسه قد تقبَّل هذا التفسير بعض الوقت. ولذا حينما توترت العلاقات بين إنجلترا والمستوطنين الصهاينة في الأربعينيات، وضع وايزمان مواهبه العلمية تحت تصـرف الإمبراطـورية، متصـوراً أن بإمكانه ممارسة بعض التأثير عليها. وبطبيعة الحال، لم يُوفَّق وايزمان في مساعيه. وفيما يتصل بجهوده الدبلوماسية نفسها أثناء الحرب،
    يمكن القول بأنه كان شخصية محدودة الذكاء، فلم يدرك الأبعاد الإمبريالية للمشروع الصهيوني أو لوحشية المشروع الإمبريالي، وغير مدرك حتى لدقائق السياسة البريطانية (وهذا هو وصف موظفي الخارجية البريطانية له في تقاريرهم السرية التي تم الكشف عنها مؤخراً).
    وحينما أندلعت الحرب العالمية الأولى، كان وايزمان قد وصل لتوه إلى سويسرا في إجازة صيفية. ثم اضطر إلى العودة إلى بريطانيا، فطلب منه لويد جورج أن يقابل هربرت صمويل، فعبَّر عن خوفه من أن يكون صمويل مثل سائر يهود إنجلترا معادياً للصهيونية، ولكنه فوجئ بأن صمويل هذا صهيوني هو الآخر. وحينما تقدَّم بطلباته الصهيونية، أخبره صمويل بأن طلباته هذه متواضعة أكثر من اللازم، وأن عليه أن يفكر على مستوى أكبر من ذلك (ويبدو أن هرتزل لم يشف التسلليين تماماً من ضيق الأفق والفشل في إدراك عالمية الظاهرة الإمبريالية ووحشيتها). ثم أخبره صمويل بأن أعضاء الوزارة يفكرون في أهداف صهيونية، ودوَّن وايزمان بعد ذلك العبارة التالية: (لو كنت يهوديًّا متديناً لظننت أن عودة الماشيَّح قد دنت).
    ومع هذا، وكما سنبيِّن فيما بعد، أظهر وايزمان شيئاً من الذكاء باكتشافه بريطانيا (لا ألمانيا) باعتبارها القوة الإمبريالية الصاعدة التي يمكنها أن ترعى المشروع الصهيوني. ولعل الأمر لا يدل على ذكاء بقدر ما ينبع من وجوده في إنجلترا بالفعل، وتَحرُّكه داخل إطار المصالح البريطانية، ولعله لو وُجد في فرنسا لما أدرك شيئاً.
    وهناك نظرية تذهب إلى أن الضغط الصهيوني (واليهودي) العام هو الذي أدَّى إلى صدور وعد بلفور، ولكن من المعروف أن أعضاء الجماعات اليهودية لم يكونوا كتلة بشرية ضخمة في بلاد غرب أوربا، وهم لم يكونوا من الشعوب المهمة التي كان على القـوى العظـمى أن تساعـدها أو تعـاديها، بل كان من الممكـن تجاهلهم. ويمكن القول بأن أعضاء الجماعات اليهودية كانوا مصدر ضيق وحسب، ولم يكونوا قط مصدر تهديد. أما الصهاينة فلم تكُن لهم أية قوة عسكرية أو سياسية أو حتى مالية (فأثرياء اليهود كانوا ضد الحركة الصهيونية). ولكل هذا، لم يكن مفر من أن تكون المطالب الصهيونية على هيئة طلب لخدمة مصالح إحدى الدول العظمى الإمبريالية.
    ولعل أكبر دليل على أن الضغط الصهيوني أو اليهودي لا يشكل عنصراً فعالاً في عملية استصدار وعد بلفور، وأنه عنصر ثانوي على أحسن تقدير، هو نجاح الصهاينة في إنجلترا وفشلهم في ألمانيا. فقد بذل صهاينة ألمانيا جهوداً محمومة لاستصدار وعد بلفوري، وكانت توجد عنـدهم مقومـات النجـاح، ولكن كل هذا لم يُجد فتيلا :
    1 ـ بذل صهاينة ألمانيا قصارى جهدهم ليبينوا للحكومة الألمانية مدى نفع اليهود للمشروع الاستعماري الألماني، وقد كان هناك كثير من المفكرين الألمان غير اليهود يشاركون في هذه الرؤية.
    2 ـ كان عدد كبير من الزعماء الصهاينة يقف وراء ألمانيا، وكانت برلين لوقت طويل المقر الرئيسي للمنظمة.
    3 ـ كانت ألمانيا حليفة لتركيا التي كانت فلسطين تابعة لها.
    4 ـ كانت لغة المؤتمرات الصهيونية هي الألمانية، كما كانت ثقافة مؤسسي الحركة الصهيونية ألمانية.
    5 ـ كانت الجماعة اليهودية في ألمانيا مُشرَّبة بالثقافة الألمانية، وكان كثير من أعضاء النخبة الثقافية الألمانية من اليهود، وقد يسَّر هذا على اليهود الحركة داخل المجتمع الألماني.
    6 ـ كانت الجماعة اليهودية في ألمانيا ذات ثقل مالي وثقافي وسياسي كبير؛ إذ كانت أهم البنوك الألمانية في أيد يهودية.
    7 ـ اشترك أعضاء الجماعة اليهودية في ألمانيا في القوات الألمانية أثناء الحرب بأعداد تفوق نسبتهم القومية.
    8 ـ كانت القوات الألمانية في الحرب العالمية الأولى تقوم بما سمته «تحرير» بولندا وليتوانيا وغرب روسيا (مراكز الكثافة البشرية اليهودية)، واعتبرت اليهود عنصراً بشريًّا ألمانيًّا تابعاً لألمانيا.  وقد أسَّس الزعيم الصهيوني ماكس بودنهايمر لجنة لتحرير يهود روسيا عام (1914) م. وكان بين أعضائها ليو موتزكين. وقد تم إصدار نشرة بالعبرية كتب ناحوم سوكولوف افتتاحيتها. وكان أمل الصهاينة أن تستولي القوات الألمانية على غرب روسيا حيث كان يوجد معظم اليهود. ومعنى هذا أنه كان ثمة تلاق بين الآمال الصهيونية والآمال التوسعية الألمانية.
    9 ـ كانت أرستقراطية اليهود في أمريكا (كبار المموِّلين) من أصل ألماني، وقد كانت هذه الأرسـتقراطية متعـاطفة تماماً مع ألمانيا ومؤيدة لها.
    ويمكن أن نقـارن هـذا الوضع بوضـع الجماعة اليهوديـة في إنجلترا، التي كانت صغيرة العدد ومندمجة ومعادية للصهيونية، وكانت الحركة الصهيونية فيها ضعيفة للغاية. ومع هذا، فشل صهاينة ألمانيا في استصدار وعد بلفوري من ألمانيا. وحينما نجحوا، كان ذلك في مرحلة متأخرة من الحرب وكان وعداً باهتاً للغاية، بينما نجح صهاينة إنجلترا فيما فشل فيه صهاينة ألمانيا.
    وفي الواقع، يمكننا تفسير الفشل الصهيوني في ألمانيا، والنجاح الصهيوني في إنجلترا، لا بالقوة والضعف الذاتيين الصهيونيين،
    ولا بحجم الضغوط الصهيونية مهما كانت ضخمة ومهمة وحيوية، ولكن بالعودة إلى المصالح الإستراتيجية الغربية.
    ويبدو أن ألمانيا، بسبب علاقتها الحميمة مع تركيا، لم يكن بإمكانها أن تُصدر مثل هذا الوعد (تماماً كما كان الوضع مع إنجلترا عام (1904) م, حينما أصدرت وعد شرق أفريقيا البلفوري، ولم تذكر فلسطين من قريب أو بعيد؛ لأن علاقتها مع الدولة العثمانية لم تكن تسمح بذلك).
    ومن المعروف أن وايزمان، كي ينجح في الحصول على وعد بلفور، قطع علاقته مع اللجنة التنفيذية الصهيونية في برلين، ورفض التراسل مع زملائه في دول الوفاق Entente ورفض موقف الحياد الرسمي الذي اتخذته المنظمة. كما أنه لم يخبر المقر الرئيسي للمنظمة في كوبنهاجن بمباحثاته مع إنجلترا.  ويُقال: إن انقسام الحركة الصهيونية لم يُعق جهوده بل ساعدها. والواقع أن نجاحه في إنجلترا، تماماً مثل الفشل الصهيوني في ألمانيا، يمكن تفسيره بإستراتيجية الإمبراطورية الإنجـليزية التي قـررت تقسيـم الدولة العثمانية واحـتلال الشرق العربي. ولعل ذكاء وايزمان يَكمُن في اكتشافه ذيلية الصهيونية، وحتمية الاعتماد على الإمبريالية، وصعود القوة البريطانية، فتبعها بكل قوته، وقطع كل علاقاته مع المنظمة الصهيونية ذات الجذور الألمانية والتوجه الألماني.
    -------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا -- تابعونا -- جزاكم الله خيرا

    التالي :

    : خطط اليهود المستقبلية:

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5190
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

     ثالثاً ::أوصاف اليهود وأخلاقهم :.مواقفهم مع المسلمين قديماً وحديثاً :أهداف اليهود ومخططاتهم : الصهيونية                                                                                              Empty خطط اليهود المستقبلية:

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين سبتمبر 04, 2023 3:31 pm


    يتبع ما قبله :

    : خطط اليهود المستقبلية:

    اليهود لم يكتفوا بفلسطين فقط، بل إنهم يسيرون ويعملون على تحقيق أطماعهم، وأحلامهم المستقبلية،
    وذلك بإقامة دولة إسرائيل الكبرى التي تسيطر على العالم.
    وكما أنهم يسعون سعياً حثيثاً في سبيل رفع الحصار عنهم، فهم يعملون على إزالة حاجز النفرة بينهم وبين المسلمين باسم السلام تارة، وباسم التطبيع أخرى.
    وقد حدث شيء من ذلك، فقد حصل تطبيع بينها وبين بعض الدول العربية، فوجدوا بذلك الفرصة للإفساد والخراب،
    ونشر الرذيلة والفحشاء، كما حدث في مصر والسعوديه وغيرها، وهم لا يقتنعون بشيء، ولا يرضون حتى نتبعهم وندخل معهم في كل ما يريدون، وصدق الله إذ يقول ( وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ) [البقرة: 120]
    وقد استعملوا في ذلك شتى الطرق، واستعانوا بالنصارى وغيرهم، وجعلوهم حميراً يمتطونها؛ لتحقيق أغراضهم وأهدافهم.

    : اللوبي اليهودي والصهيوني (أو جماعات الضغط الصهيونية) :

    Jewish and Zionist Lobby
    » لوبي«Lobby كلمة إنجليزية تعني : «الرواق» أو «الردهة الأمامية في فندق»، ولذا يُقال مثلاً: (سأقابلك في لوبي الفندق)،
    أي : في الردهة الأمامية التي توجد عادةً أمام مكتب الاستقبال. وتُطلَق الكلمة كذلك على الردهة الكبرى في مجلس العموم في إنجلترا، وعلى الردهة الكبرى في مجلس الشيوخ في الولايات المتحدة، حيث يسـتطيع الأعـضاء أن يقابلوا الناس،
    وحـيث تُعقَد الصـفقات فيها، كما تدور فيها المناورات والمشاورات، ويتم تبادل المصالح. وقد أصبحت الكلمة تُطلَق على جماعات الضغط (الترجمة الشائعة للمعنى المجازي لكلمة «لوبيlobby «) التي يجلس ممثلوها في الردهة الكبرى، ويحاولون التأثير على أعضاء هيئة تشريعية ما مثل مجلس الشيوخ أو مجلس النواب.
    وفعل «تو لوبيto lobby « يعني أن يحاول شخص ذو نفوذ (يستمده من ثروته أو مكانته أو من كونه يمثل جماعة تشكل مركز قوة) أن يكسب التأييد لمشروع قانون ما عن طريق مفاوضة أعضاء المجلس التشريعي في ردهته الكبرى، فيعدهم بالأصوات أو بالدعم المالي لحملاتهم الانتخابية، أو بالذيوع الإعلامي إن هم ساندوا مطالبه، وساعدوا على تحقيقها، ويهددهم بالحملات ضدهم، وبحجب الأصوات عنهم إن هم أحجموا عن ذلك.
    ويوجد في الولايات المتحدة أكثر من لوبي أو جماعة ضغط تمارس معظم نشاطاتها في العلن بشكل مشروع، وإن كان هذا لا يستبعد بعض الأساليب الخفية غير الشرعية (مثل الرشاوي التي قد تأخذ شكل منح نقدية مباشرة، أو تسهيلات معيَّنة، أو منح عقود، أو التهديد بنشر بعض التفاصيل أو الحقائق التي قد تسبب الحرج لأحد أعضاء النخبة الحاكمة وصانعي القرار... إلخ)
    وتوجد أشكال وأنواع من جماعات الضغط، فهناك جماعات الضغـط الإثنيـة:
    مثل اللوبي اليوناني أو اللوبي الأيرلندي، كما يوجد الآن لوبي عربي. وهناك كذلك جماعات الضغط الدينية، فهناك لوبي كاثوليكي وآخر علماني. ويوجد جماعات ضغط مهنية وجيلية ونفسية واقتصادية، فيوجد لوبي للمصالح البترولية، وآخر لمنتجي الألبان، وثالث لمنتجي البيض، ورابع لزارعي البطاطس، وخامس لنقابات العمال، وسادس لمنتجي التبغ، وسابع لصانعي السجائر،
    وثامن لمن يحاربون التدخين، وتاسع للعجائز، وعاشر للشواذ جنسيًّا (وهناك بالطبع لوبي لمن يحاربون الشذوذ الجنسي، ويدافعون عن قيم الأسرة).
    وقد أصبحت جماعات الضغط على درجة من الأهمية جعلت النظام السياسي الأمريكي أصبح يُسمَّى «ديموقراطية جماعات الضغط»، أي : أنه لم يَعُد هناك نظام ديموقراطي تقليدي يعبِّر عن مصالح الناخبين مباشرةً حسب أعدادهم (لكل رجل صوت
    بل أصبح النظام يعبِّر عن مقادير الضغوط التي تستطيع جماعات الضغط أن تمارسها على المشرِّعين الأمريكيين لتحديد قرارهم بشأن قضية ما، بحيث تَصدُر تشريعات وقوانين معيَّنة وتُحجَب أو تُعدَّل أخرى.
    فالمواطن الأمريكي لم يَعُد يمارس حقوقه الديموقراطية مباشرةً، وإنما أصبح يمارسها من خلال هذه الجماعات.
    ويُقال : إن أهم جماعات الضغط في الولايات المتحدة جماعة المدافعين عن حق المواطن الأمريكي في اقتناء الأسلحة النارية (دون ترخيص) واستخدامها للدفاع عن النفس.
    وهو حق يعود للجذور الاستيطانية الإحلالية للولايات المتحدة، ويشبه (حق) المستوطنين الصهاينة في الضفة الغربية في استخدام الأسلحة لقتل العرب (دفاعاً عن النفس).
    وتشير كلمة «لوبي»، بالمعنى المحدَّد والضيق للكلمة، إلى جماعات الضغط التي تسجل نفسها رسـميًّا باعتبارها كذلك، ولكنها، بالمعنى العام، تشير إلى مجموعة من المنظمات والهيئات وجماعات المصالح والاتجاهات السياسية التي قد لا تكون مسجلة بشكل رسمي، ولكنها تمارس الضغط على الحكام وصناع القرار.
    وعبارة «اللوبي اليهودي الصهيوني» في الأدبيات العربية والغربية (في كثير من الأحيان) تشير إلى معنيين اثنين:
    1 ـ اللوبي الصهيوني بالمعنى المحدَّد : تشير كلمة لوبي في هذا السياق إلى لجنة الشئون العامة الإسرائيلية الأمريكية (إيباك)، وهي من أهم جماعات الضغط، ومهمته، كما يدل اسمه، الضغط على المشرعـين الأمريكيين؛ لتأييد الدولة الصهــيونية.
    ويتم ذلك بعـدة سبل، من بينها تجميع الطاقات المختلفة للجمعيات اليهودية والصهيونية، وتوجيه حركتها في اتجاه سياسات وأهداف محددة عادةً تخدم إسرائيل. كما أن اللوبي يحاول أيضاً أن يحوِّل قوة الأثرياء من أعضاء الجماعات اليهودية (وخصوصاً القادرين على تمويل الحملات الانتخابية)، وأعضاء الجماعات اليهودية على وجه العموم (أصحاب ما يُسمَّى «الصوت اليهودي») إلى أداة ضغط على صناع القرار في الولايات المتحدة، فيلوح بالمساعدات والأصوات التي يمكن أن يحصل المرشح عليها إن هو ساند الدولة الصهيونية، والتي سيفقدها لا محالة إن لم يفعل.
    2 ـ اللوبي الصهيوني بالمعنى العام الشائع للكلمة : وهو إطار تنظيمي عام يعمل داخله عدد من الجمعيات والتنظيمات والهيئات اليهودية والصهيونية تنسق فيما بينها،
    من أهمها : مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الكبرى، والمؤتمر اليهودي العالمي، واللجنة اليهودية الأمريكية، والمؤتمر اليهودي الأمريكي، والمجلس الاستشاري القومي لعلاقات الجماعة اليهودية.

    وكل هذه المنظمات لديها ممثلون في واشنطن للتأثير على عملية صنع السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط.
    ورغم أن هذه المنظمات لديها أنشطة مختلفة ترتبط بالموضوعات الاجتماعية، فإنها أيضاً تعمل بشكل مباشر في الموضوعات التي ترضي إسرائيل حيث تسعى إلى الضغط على الكونجرس من خلال إرسال الخطابات إلى أعضائه، وغير ذلك من أشكال الضغط.
    وهناك أيضاً عدد من الجماعات الصهيونية التي تسعى إلى كسب تعاطف الرأي العام الأمريكي مع إسرائيل، والتي ظهرت في بداية الأمـر من أجـل السعي لإنشاء دولة إسرائيل ثم تأييدها بعد ذلك.
    ومن هذه المنظمات : المنظمة الصهيونية لأمريكا، والتحالف العمالي الصهيوني، والهاداساه، ومنظمة النساء الصهاينة في أمريكا. وتعمل هذه الجماعات على كسب الرأي العام عن طريق مشروعات متعددة تتراوح بين إنشاء المدارس التي تعلِّم العبرية، وإنشاء المستشفيات، وإنتاج الأفلام الموالية لإسرائيل، وتمويل رحلات الباحثين والسياسيين الأمريكيين إلى إسرائيل.
    ومن الناحية التنظيمية : تتميَّز هذه الجمعيات والمنظمات عن نظيراتها الأمريكيات بكونها تضم عضوية كبيرة، كما أن أجهزتها تتميَّز بوجود موظفين متميزين ومدربين على العمل في مجالات جماعات الضغط والتأثير. كذلك فإنها قادرة حالياً على تشجيع برامج سياسية واجتماعية غير مرتبطة دائماً بالبرنامج الصهيوني،
    كما أنها تملك جماعات متخصصة وقادرة على معالجة مشاكل بعينها، وتنمية شبكات للاتصال. وكذلك فإن لديهم بيروقراطية مركزية لها القدرة على الربط الدائم بين اليهود النشيطين سياسيًّا على مستوى أمريكا كلها عن طريق كل من مؤتمر الرؤساء ولجنة الشئون العامة. هذا بدوره يجعل لدى الجمــاعات الصهيونية القدرة على الرد الفوري والتعبئة السريعة وبشكل منسق على المستوى القومي، وذلك عندما تظهر موضوعات تستحق التدخل من جانب هذه الجماعات.
    وفي مجال الدعاية والتأثير على الرأي العام الأمريكي، فإن اللوبي الصهيوني بالمعنى المحدد للكلمة، وبالمعنى العام، نجح في جعله موالياً لإسرائيل بصورة عامة.
    وهذا النجاح لا يرجع فقط إلى الدعاية المنظمة والمؤتمرات، وإنما يرجع أيضاً لقدرة اللوبي الصهيوني على عقد تحالفات دائمة مع جماعات المصالح الأخرى، مثل العمال والمرأة والمنظمات الدينية، وتلك التي تمثل الأقليات الأخرى، وجمعيات حقوق الإنسـان، واسـتخدام هذه الجماعات للتأثير على الرأي العام والكونجرس.
    ولا يعمل اللوبي الصهيوني (بالمعنى العام الشائع) بشكل مستقل عن الحركة الصهيونية، وإنما ينسق معها. وعندما يُثار موضوع مهم، فإن قادة مؤتمر الرؤساء ولجنة الشئون العامة يحتفظون باتصال وثيق مع العاملين في السفارة الإسرائيلية في واشنطن ومع المستويات العليا في الحكومة الإسرائيلية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن كلتا المنظمتين لديها القدرة على تنسيق أنشطتها مع الجماعات الصهيونية على المستوى العالمي من خلال المنظمة الصهيونية.

    هذا هو المعنى الشائع، ولكننا سنطرح معنى ثالثاً غير شائع؛ إذ إننا نذهب إلى أن اللوبي الصهيوني لا يتكون من عناصر يهودية وحسب، وإنما يضم عناصر غير يهودية أيضاً، وهو يضم كل أصحاب المصالح الاقتصادية الذين يرون أن تفتيت العالم العربي والإسلامي يخدم مصالحهم، وأعضاء النخبة السياسية والعسكرية ممن يتبنون وجهة نظرهم.
    كما يضم اللوبي الصهيوني كثيراً من الليبراليين ممن كانوا يدعون إلى اتخاذ سياسة ردع نشيطة ضد الاتحاد السوفييتي(سابقاً)، وكثيراً من المحافظين الذين يرون في إسرائيل قاعدة للحضارة الغربية وقاعدة لمصالحها، كما يضم جماعات الأصوليين (الحَرْفيين) ممن يرون في دولة إسرائيل إحدى بشائر الخلاص.
    ولا يُوظِّف اللوبي اليهودي الصهيوني عناصر اليهودية والصهيونية وحسب، وإنما يُوظِّف عناصر ليست يهودية ولا صهيونية
    (بل قد تكون معادية لليهود واليهودية) ولكنها مع هذا تُوظِّف نفسها دفاعاً عنه وعن مصالحه، بسبب الدور الذي تؤديه الدولة الصهيونية في الشرق الأوسط، وبسبب تلاقي المصالح الإستراتيجية الغربية والصهيونية.

    اللــوبي اليهــودي والصهيــوني : الأطروحـة الشائعة
    Jewish and Zionist Lobb :: The Dominant Hypothesis

    يُعَدُّ اللوبي اليهودي والصهيوني (بالمعنى الشائع) أداة ضغط فعالة في يد من يمثلون مصالح الدولة الإسرائيلية. ولا يستطيع أي دارس أن ينكر قوة اللوبي الذاتية التي يمكن تلخيص مصادرها فيما يلي :
    1 ـ يستند اللوبي اليهودي والصهيوني إلى قاعدة واسعة من الناخبين من أعضاء الجماعة اليهودية.
    2 ـ توجد بين هؤلاء الناخبين نسبة عالية من الأثرياء، يُقدَّر أنهم يتبرعون بأكثر من نصف مجموع الهبات الكبرى للحملة الانتخابية للحزب الديمقراطي، إضافة إلى مبالغ ضخمة لحملات الحزب الجمهوري.
    3 ـ ازدادت أهمية هؤلاء الناخبين بعد الزيادة الهائلة في كلفة الحملات الانتخابية.
    4 ـ من أسباب قوة اللوبي اليهودي والصهيوني ارتفاع المستوى التعليمي لأعضاء الجماعات اليهودية.
    5 ـ يوجد عدد كبير من المثقفين الأمريكيين اليهود الذين أصبحوا جزءاً عضويًّا من النخبة الحاكمة، فهم أبناء حقيقيون للمجتمع الأمريكي لا يعيشون على هامشه أو (في مسامه) وإنما في صلبه، وهو ما يجعلهم قادرين على ممارسة الضغط والتأثير بشكل مباشر.
    6 ـ الجماعة اليهودية جماعة منظمة لدرجة كبيرة، وهذا يجعلها قادرة على مضاعفـة قوتـها، وزيادة نفوذها لدرجة لا تتناسب مع أعداد أعضائها.
    7 ـ ساعد نظام الانتخابات في الولايات المتحدة على أن يلعب اليهود دوراً ملحوظاً في الانتخابات بسبب تركُّزهم في بعض أهم الولايات التي تقرر مصير الانتخابات الأمريكية.. (نيويورك ـ كاليفورنيا ـ فلوريدا).
    8 ـ لا يهتم الناخب الأمريكي كثيراً بقضايا السياسة الخارجية ولا يفهمها كثيراً، ولذا فإن أقلية مثل الجماعة اليهودية عندها هذا الاهتمام بإسرائيل وسياسة الولايات المتحدة تجاهها يمكنها أن تمارس نفوذاً قويًّا في تحديد السياسة الخارجية الأمريكية.
    والافتراض الكامن في كثير من الأدبيات العربية أن اللوبي اليهودي الصهيوني (بالمعنى الشائع) هو الذي يؤثر في صناع القرار الأمريكي، بل يرى البعض أنه يسيطر سيطرة تامة على مراكز صنع السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، وأنه يدفع هذه السياسة في اتجاه التناقض مع المصالح القومية الأمريكية الحقيقية بما يخدم مصلحة الدولة الصهيونية (وينسب البعض للوبي مقدرات بروتوكولية رهيبة).
    وهذا يعني بطبيعة الحال أن اللوبي الصهيوني هو لوبي يهودي، وأن اليهود يشكلون قوة سياسية، وكتلة اقتصادية موحدة خاضعة بشكل شبه كامل للسيطرة الصهيونية، ويتحركون وفق توجيهاتها، وأن بإمكان أقلية قوامها (4,2% ) من السكان أن تتحكم في سياسة إمبراطورية عظمى مثل الولايات المتحدة.
    كما يفترض المفهوم أن العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة علاقة عارضة متغيرة، وليست إستراتيجية مستقرة،
    وأن تأييد الولايات المتحدة لإسرائيل ناجم عن عملية ضغط عليها (من الخارج) تقوم به قوة مستقلة لها آلياتها المستقلة وحركياتها الذاتية ومصلحتها الخاصة، وليس نابعاً من مصالح الولايات المتحدة، أو من إدراكها لهذه المصالح.
    ويستند إدراك كثير من المنادين بمقولة قوة اللوبي الصهيوني إلى مجموعة من المقدمات المنطقية المعقولة التي تكاد تكون بدهية، ومن وجهة نظرهم فنحن إذا حكَّمنا العقل،
    ودرسنا الواقع بشكل موضوعي لتوصلنا إلى أنه ليس من صالح الولايات المتحدة الأمريكية أن تدخل في معركة مع الشعب العربي، بل من صالحها أن تتعاون معه في كل المجالات الممكنة؛ لأن مثل هذا التعاون سيؤدي إلى استقرار المنطقة العربية، وسيعود على الولايات المتحدة بالفائدة.
    فالعالم العربي يشغل موقعاً إستراتيجيًّا مهمًّا، فهو يقع في وسط أفريقيا وآسيا، وله امتداد حضاري وسكاني في كليهما، وهو شريك أوربا في حوض البحر الأبيض المتوسط، ويشكل نواة العالم الإسلامي.
    ولذا فمن صالح الولايات المتحدة أن تكون علاقاتها جيدة مع شعب يشغل مثل هذا الموقع الإستراتيجي، وألا يزاحمها أحد في مثل هذه المكانة. علاوة على هذا، يضم العالم العربي نسبة ضخمة من بترول العالم، ومن مخزونه الإستراتيجي المعروف، وهذا البترول ـ كما هو معروف ـ أمر حيوي بالنسبة للمنظومة الصناعية في الغرب.
    كما أن الأسواق العربية من أهم الأسواق من منظور تسويق السلع، وكذلك استثمار رأس المال. والعلاقة الطيبة بين الدول العربية والولايات المتحدة ستؤدي حتماً إلى تحسين صورتها لا في العالم العربي وحسب، بل في العالم الثالث بأسره.

    ولكن الولايات المتحدة، هذا البلد العقلاني الذي تحكمه معايير عملية عقلانية مادية باردة، لا تسـلك حسـب هـذه المعايير المعقولة البديهية، فهي تتمادى في تأييد إسرائيل، وتقف وراءها بكل قوة، وتستجلب على نفسها عداء العرب.
    مثل هذا الوضع شاذ وغير عقلاني لا يمكن تفسيره إلا بافتراض وجود قوة خارجية، ذات مقدرة ضخمة، قادرة على أن تضغط على الولايات المتحدة بحيث تتصرف، لا بحسب ما تمليه عليها مصالحها الموضوعية، وإنما حسبما تمليه عليها مصالح هذه القوة،
    أي : المصالح اليهودية والصهيونية والإسرائيلية التي يمثلها اللوبي اليهودي والصهيوني (بالمعنى الشائع ).
    ولكن ما لم يطرأ لمثل هؤلاء على بال هو أن من المحتمل أن الولايات المتحدة لا تدرك (مصالحها) بهذه الطريقة التي يتصورون أنها عقلانية،
    بل لعلها ترى أن (عدم الاستقرار أو عدم الاستقرار المحكوم) (بالإنجليزية: كونترولد إنستابيليتي (Controlled instability أفضل وضع بالنسبة لها، وأن وضع التجزئة العربية هو ما يخدم (مصالحها)، وأن إسرائيل هي أداتها في خلق حالة عدم الاستقرار المحكوم هذه، والخادم الحقيقي (لمصالحها)
    --------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا --- تابعونا --- جزاكم الله خيرا

    التالي :

    تاريخ موجز للحركة الصهيونية

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5190
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

     ثالثاً ::أوصاف اليهود وأخلاقهم :.مواقفهم مع المسلمين قديماً وحديثاً :أهداف اليهود ومخططاتهم : الصهيونية                                                                                              Empty تاريخ موجز للحركة الصهيونية

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين سبتمبر 04, 2023 5:46 pm


    يتبع ما قبله :

    تاريخ موجز للحركة الصهيونية

    أولا: المرحلة التكوينية:
    1 ـ الصهيونية ذات الديباجـة المسـيحية حتى نهاية القرن السابع عشر :
    شهدت هذه المرحلة من ناحية الخلفية العامة البدايات الحقيقية للانقلاب التجاري في الغرب.
    إذ هيمن الجيب التجاري (الذي كان منعزلاً في المدن في أوربا الإقطاعية) على الاقتصاد الزراعي الإقطاعي عام (1500) م, تقريباً، وأعاد صياغة الإنتاج وتوجيهه بحيث خرج به عن نطاق الاكتفاء الذاتي وسد الحاجة.
    وبدأ التجار يلعبون دوراً مهمًّا في توجيه سياسات الحكومات، وهذا ما يُعبَّر عنه باصطلاح «الانقلاب التجاري».
    وقد شجَّع هذا الانقلاب حركة الاكتشافات الجغرافية، وهي حركة استعمارية ضخمة كانت تأخذ شكل استيطان في مراكز تجارية على الساحل.
    وفي أواخر القرن السادس عشر، وبداية القرن السابع عشر، أصبحت إنجلترا- بعد أن تحوَّلت عن الكاثوليكية، ونفضت النفوذ الإسباني عنها- أهم قوة استعمارية، فراكمت الثروات، وسيطرت على رقعة كبيرة من الأرض.
    وواكب كل هذا حركة الإصلاح الديني التي أعادت تعريف علاقة الإنسان بالخالق وبالكتاب المقدَّس، بحيث أصبح في إمكان الفرد أن يحقق الخلاص بنفسه لنفسه خارج الإطار الكنسي الجمعي، ودون حاجة إلى رجال الدين، وأصبح من واجبه أن يفسر الكتاب المقدَّس لنفسه.
    وإذا ما تركنا الخلفية جانباً وانتقلنا إلى الساحة، فلسطين، وجدنا أن الإمبراطورية العثمانية في هذه المرحلة كانت لا تزال تقف شامخة تحمي كل رعاياها، مسلمين ومسيحيين ويهوداً، وتُشكِّل كتلة بشرية ضخمة متماسكة، ولم يكن الاستعمار الغربي يجرؤ على مواجهتها، وكان يفضل الالتفاف من حولها.
    ومع هذا يجب أن نسجل أن هذه الفترة شهدت بداية جمود الدولة العثمانية وظهور علامات ضعفها (في الوقت الذي كانت فيه الدول القومية الأوربية تزداد قوة بتأثير الانقلاب التجاري).
    ظهرت الصيغة الصهيونية الأساسية في أواخر القرن السادس عشر على شكل الأحلام الاسترجاعية في الأوساط البروتستانتية الاستعمارية، وخصوصاً في إنجلترا، وقد وُلدت كفكرة وحسب، كإمكانية تبغي التحقق لا في أوربا وإنما خارجها، وليس من خلال الإنسـان الأوربي ككـل، وإنما من خـلال الجمـاعات الوظيفية اليهودية.
    وكانت الصيغة الصهيونية الأساسية متدثرة بديباجات مسيحية بروتستانتية. وقد كانت هذه الصهيونية ترى اليهود باعتبارهم مادة بشرية يمكن حوسلتها.
    ولذا، فلم يُتصوَّر أن يكون لهم دولة وظيفية مستقلة (فمركز الحلول هو المسيحيون البروتستانت) والمكان الذي سيُنقَلون إليه كان يختلف من مفكر لآخر. والهدف من نقلهم هو الإعداد للخلاص المسيحي. ويُلاحَظ أن هذا الضرب من الصهيونية (شأنه شأن أية صهيونية توطينية) ينظر إلى اليهود من الخارج كعنصر يُستخدَم ومادة تُوظَّف.
    وإن كان يجدر ملاحظة أن الصهيونية هي بالدرجة الأولى حركة غير يهودية، لم يشترك فيها أعضاء الجماعة اليهودية من قريب أو بعيد. كما يُلاحَظ أن الخطاب الصهيوني كان هامشيًّا جدًّا، مقصوراً على الأصوليين البروتستانت.

    2 ـ صهيونية غير اليهود (العلمانية) (حتى منتصف القرن التاسع عشر)
    شهدت هذه المرحلة تراكم رؤوس الأموال وهيمنة الملكيات المطلقة (بتوجهها المركنتالي) على معظم أوربا، غربها ووسطها،
    وإلى حدٍّ ما شرقها. ورغم أن القوى السياسية التقليدية كانت لا تزال مسيطرة على دفة الحكم, فإن الطبقات البورجوازية ازدادت قوة وثقة بنفسها وبدأت تطالب بنصيب من الحكم، بل بدأت تؤثر فيه.
    وقد عبَّر هذا عن نفسه من خلال الفلسفات الثورية المختلفة والنظريات الكثيرة عن الدولة والفكر العقلاني، وأخيراً من خلال الثورة الفرنسية التي تُعدُّ ثمرة كل الإرهاصات السابقة وتشكِّل نقطة تحوُّل في تاريخ أوربا بأسرها.
    وقد أدَّى تراكم رؤوس الأموال والفتوحات العسكرية والاكتشافات الجغرافية وتقدُّم العلم والتكنولوجيا إلى حدوث النقلة النوعية التي يُطلَق عليها «الثورة الصناعية»، ويرى بعض المؤرخين أن بدايتها تعود إلى هذه الفترة.
    وكانت إنجلترا في المقدمة في هذا التحول، فقد كانت أول دولة في العالم تتحول من دولة تجارية إلى دولة رأسمالية صناعية،
    ثم تحوَّلت إلى قوة عظمى بعد انتصارها على فرنسا في حرب السنوات السبع، وبعد توقيع معاهدة أوترخت عام (1713) م.
    وفي نهاية القرن الثامن عشر كانت إنجلترا أكبر قوة استعمارية في العالم.
    ومع تصاعُد المشروع الاستعماري انزوى دعاة الديباجات الدينية، وتدثرت الصياغة الصهيونية الأساسية بالديباجات العلمانية الرومانسية والعضوية والنفعية والعقلانية.
    وقد دعا نابليون (أول غاز في الشرق الإسلامي وعدو اليهود) إلى إقامة دولة يهودية في فلسطين مستخدماً خليطاً من الديباجات الرومانسية والدينية والنفعية.
    وكان الوهن الذي دبَّ في أوصال الدولة العثمانية (رجل أوربا المريض) قد بدأ يظهر ويتضح، وكانت كل القوى الغربية تفكر في طريقة للاستفادة من هذا الضعف, لتحقق لنفسها بعض المكاسب.
    وقد أخذ هذا شكل الهجوم المباشر من روسيا التي ضمت بعض الإمارات التركية على البحر الأسود، ثم هجوم نابليون على مصر، بينما قررت إنجلترا، ومن بعدها ألمانيا (في مراحل مختلفة) الحفاظ على هذه الإمبراطورية، مع تحقيق المكاسب من خلال التدخل في شـئونها و(إصلاحـها) حتـى تقف حـاجزاً ضـد أي زحف روسي محتمل.
    ولعل أهم حقيقة سياسية في هذه المرحلة هي ظهور (محمد علي) المفاجئ وقيامه بتكوين إمبراطوريته الصغيرة. فقد قلب موازين القوى، وهدَّد المشروع الاستعماري الغربي الذي كان يفترض أن العالم كله إن هو إلا ساحة لنشاطه وسوق لسلعه، ووضع حدًّا لآمال الدول الغربية التي كانت تترقب اللحظة المواتية لاقتسام تركة الرجل المريض المحتضر. ولذا تحالفت الدول الغربية كلها، ومنها فرنسا، وعقدت مؤتمر لندن عام (1840) م, وقرَّرت فيه الإجهاز عليه، فاضطرته إلى التوقيع على معاهدة لندن؛ لتهدئة المشرق. وعند هذه النقطة تبلورت الفكرة الصهيونية بين غير اليهود، وتحوَّلت من مجرد فكرة إلى مشروع استعماري محدد، إذ بدأت تُطرَح فكرة تقسيم الدولة العثمانية،
    ومن ثم اكتسبت الصيغة الصهيونية الأساسية مضموناً تاريخيًّا وبُعْداً سياسيًّا، وأصبح بالإمكان دمج المسألة اليهودية (مسألة الشعب العضوي المنبوذ) مع المسألة الشرقية (تقسيم الدولة العثمانية) وطُرحت إمكانية توظيف الشعب المنبوذ، وبدأ التفكير في حل المسألة اليهودية عن طريق نَقْل اليهود إلى فلسطين وإيجاد قاعدة للاستعمار الغربي (أي : أن تتم حوسلة اليهود باسم الحضارة الغربية ومصالحها التي هي مركز الحلول.) ويمكن القول بأن الفكرة الصهيونية قد بدأت تتحول إلى فكرة مركزية في الوجدان السياسي الغربي. وهذه المرحلة هي مرحلة صهيونية غير اليهود (العلمانية)، وهي صهيونية توطينية. وظهر أهم مفكر صهيوني (إيرل أوف شافتسبري السابع)، كما ظهر (لورانس أوليفانت).
    ولكن حـتى هـذه المرحلة لم تكـن فكرة الدولة اليهودية قد ظهرت؛ إذ كان التصور لا يزال أن يكون التجمُّع اليهودي محمية تابعة لدولة غربية. وحتى فلسطين نفسها كمكان للتجمُّع كان لا يزال أمراً غير مقرر. وكانت النظرة لليهود لا تزال خارجية، فقد كان يُنظَر إليهم كمادة استعمالية لا قيمة لها في حد ذاتها، تكتسب قيمتها من نفعها. وكانت ديباجات الصهيونية في هذه المرحلة عقلانية مادية ورومانسية لا عقلانية مادية.

    3 ـ صهيونية أثرياء اليهود المندمجين في مجتمعاتهم الغربية (النصف الثاني من القرن التاسع عشر)
    في النصف الثاني من القرن التاسع عشر لم تَعُد الحروب ضد دول آسيا وأفريقيا، بعد التطورات الصناعية المذهلة في أوربا، أمراً يبهظ خزائن الدول الاستعمارية، بل إن العائد أصبح يفوق التكاليف (وكانت إحدى مقولات أعداء المشروع الاستعماري أن تكاليف الإمبراطورية تفوق عائدها.)
    ومما تجدر ملاحظته كذلك أن الضغوط السكانية والأزمة الاقتصادية داخل المجتمعات الغربية جعلتها تبحث عن حل لمشاكلها خارج أوربا. ولكل هذا طرحت الإمبريالية نفسها باعتبارها المخرج من المأزق التاريخي.
    ولكن المشروع الإمبريالي لم يكن يتم في ظل نظريات التجارة الحرة، إذ سيطر فكر احتكاري جديد يُسمَّى «نيو ـ مركنتالي neo-mercantile» (أي «المركنتالي الجديد») بحيث تم تقسيم العالم إلى مناطق نفوذ واحتكارات، كل منطقة منها مقصورة على الدولة التي استعمرتها (ومنها المؤتمرات الدولية المختلفة في هذه الفترة لتقسيم العالم إلى مناطق نفوذ).
    ومع منتصف القرن التاسع عشر كانت إنجلترا ورشة العالم بلا منازع، فإنتاجها الصناعي كان قد وصل إلى مستوى لم تعرفه البشرية من قبل، وإمبراطوريتها كانت مترامية الأطراف تحميها قوة عسكرية ضخمة، وأسطول يُسيطر على كل بحار العالم.
    وقد اتخذت السياسة البريطانية شكلاً إمبرياليًّا أكثر حدة، ولا سيما بعد تحطيم مطامع روسيا في حرب القرم، وبعد أن تحوَّل مشروعها الاستعماري إلى أواسط آسيا وغيرها من المناطق البعيدة عن أفريقيا والشرق الأوسط اللذين تزايد الاهتمام الإمبريالي البريطاني بهما.
    فاشترت بريطانيا أسـهم شركة قناة السـويس عام (1876) م، واستولت على قبرص عام (1878) م، واحتلت مصر (الطريق إلى الهند) عام (1882) م. ونتيجة كل هذا أصبح مصير فلسطين جزءاً من المخطط الاستعماري البريطاني، الأمر الذي حدا بكتشنر أن يطالب بتأمين ضم فلسطين للإمبراطورية.
    ومع هذا كانت بريطانيا لا تزال ملتزمة بضمان ممتلكات الدولة العثمانية (من النيل إلى الفرات) التي (وعد الرب بها إبراهيم) ومن ثم أصبحت منطقة نفوذ بريطانية. ولكن في عام (1885) م, قرَّرت حكومة المحافظين أن من الخير الموافقة على اقتراح القيصر بتقسيم الإمبراطورية (العثمانية).
    ومع هزيمة فرنسا على يد ألمانيا عام (1871) م, نشط المشروع الإمبريالي الألماني، وبالتالي العلاقة مع الدولة العثمانية، فزاد حجم القروض الألمانية لها، وزار القيصر وليام الثاني القسطنطينية عام (1898) م, وزار بعدها فلسطين، ولذا ظل المشروع الصهيوني متأرجحاً بين أعظم قوتين إمبرياليتين في ذلك الحين: البريطانية والألمانية.
    كانت الصيغة الصهيونية حتى هذه المرحلة مجرد فكرة غربية تبحث عن المادة البشرية اليهودية المُستهدَفة التي ستُوظَّف. ومع تعثُّر التحديث في شرق أوربا في أواخر القرن التاسع عشر، تدفَّق المهاجرون اليهود من شرق أوربا إلى غربها، الأمر الذي هدَّد أمن هذه الدول، كما هدَّد مكانة أعضاء الجماعات اليهودية فيها، وقد أدَّى هذا إلى تشابك مصير يهود غرب أوربا ومصير يهود اليديشية. وحلاًّ لهذه المشكلة، اكتشف يهود الغرب الحل الصهيوني دون أية ديباجات قومية أو سياسية (ومن هنا رفض فكرة الدولة اليهودية، والابتعاد عن فلسطين كمكان للتوطين، وعدم الاهتمام بالدولة الراعية؛ إذ لا حاجة لها) وظهرت الصهيونية التوطينية بين أعضاء الجماعات اليهودية في غرب أوربا، وخصوصاً بين الأثرياء منهم المندمجين في مجتمعاتهم.
    وعلى هذا، فهو يعتبر أول اتجاه صهيوني يظهر بين اليهود، ومع هذا فهو يشبه صهيونية غير اليهود في أنه ينظر لليهود من الخارج
    ويمكننا أن نقول : إن تاريخ صهيونية غير اليهود يبدأ مع ظهور حركة الاستعمار الاستيطاني، وتتبلور ديباجاته وتكتسب بُعْداً أساسيًّا مع ظهور (محمد علي) وسقوطه (ويُلاحَظ أن أعضاء الجماعات اليهودية لا علاقة لهم بتطور الفكرة الصهيونية).
    ولا يبدأ تاريخ الصهيونية عند اليهود إلا مع تعثُّر التحديث وتعاظم الإمبريالية، كرؤية وكممارسة.
    ومن أهم الصهاينة التوطينيين في هذه المرحلة إدموند دي روتشيلد وهيرش ومونتفيوري.

    4 ـ إرهاصات التيارات الصهيونية المختلفة بين اليهود (العقود الأخيرة في القرن التاسع عشر)
    لا تختلف الخلفية التاريخية لهذه المرحلة كثيراً عن سابقتها، فالإمبريالية الغربية كانت قد قسَّمت العالم بينها.
    وكانت ألمانيا تحاول أن تُعيد التقسيم؛ لتوسيع الرقعة التي تهيمن عليها. ومن هنا استمرار تذبذب الصهاينة بين بريطانيا وألمانيا. ورغم أن سياسة بريطانيا الرسمية كانت الحفاظ على الإمبراطورية العثمانية وأملاكها إلا أن القرار بتقسيمها كان قد تم اتخاذه بالفعل. وكان التعبير عن كل هذه الصراعات هو الحرب العالمية الأولى التي انتهت بضم فلسطين (الساحة) إلى الإمبراطورية البريطانية، واختفاء الدولة العثمانية كقوة سياسية.
    أ) الصهيونية التسللية :
    اكتشف يهود شرق أوربا الصهيونية كحركة استيطانية، ولكنهم لم يدركوا حتمية الحل الإمبريالي.
    ونظراً لقصور رؤيتهم، حاولوا الاستيطان دون دعم إمبريالي، وحاولوا تجنيد أثرياء يهود الغرب المندمجين ليرعوا مشروعهم ويدعموه، وهذا ما سميناه «الصهيونية التسللية» (التي يقال لها : «عملية») وهي أول صهيونية استيطانية، وتتسم بأنها نابعة من المادة البشرية المُستهدَفة. ويظل مفهوم الدولة شاحباً بين دعاة الصهيونية التسللية، كما أن فلسطين ليست بالضرورة ساحة الاستيطان. ومن أهم دعاة الصهيونية التسللية ليلينبلوم وبنسكر، ثم ظهرت جماعات البيلو وأحباء صهيون، ويمكن النظر إليها باعتبارها إرهاصات لهرتزل وللصيغة الصهيونية الأساسية بعد تهويدها.
    ب) إرهاصات الصهيونية الإثنية الدينية والعلمانية : وظهرت كتابات كاليشر والقلعي التي تُعتبر إرهاصات الصهيونية الإثنية الدينية، ونشر آحاد هعام كتاباته الصهيونية التي ترى أهمية تأسيس دولة يهودية في فلسطين، ولكن وظيفتها لم تكن الإسراع بعملية دمج اليهود، بل الحفاظ على هويتهم.
    جـ) إرهاصات الصهيونية العمالية : وقد ظهرت كذلك كتابات هس في منتصف القرن التاسع عشر التي ساعدت مفكري الصهيونية العمالية على صياغة أفكارهم.

    5 ـ مرحلة (هرتزل) (العقود الأخيرة في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين :
    ظهر (هرتزل) بين صفوف يهود الغرب المندمجين التوطينيين، فاكتشـف حاجـة الغرب ويهود الغرب للتخلص وبسرعة من يهود شرق أوربا.
    ولكنه اكتشف الحقيقة البدهية الغائبة عن الجميع : حتمية التحرك داخل إطار الإمبريالية الغربية التي يمكنها وحدها أن تنقل اليهود خارج أوربا، وأن توظفهم لصالحها، نظير أن تزودهم بالدعم والحماية.
    وقد اكتشف (هرتزل) أيضاً فكرة القومية العضوية والشعب العضوي (فولك) التي تستطيع أوربا العلمانية الإمبريالية أن تدرك اليهود من خلالها. وقد نجـح (هرتزل) في التوصُّـل إلى خطـاب مراوغ وهو ما جعل وضع نصوص العقد الصامت بين الحضارة الغربية والحركة الصهيونية بشأن يهود العالم ممكناً، وهو عقد يُرضي يهود الشرق، ولا يُفزع يهود الغرب، ويجعل بإمكان الإمبريالية أن تضع المشروع الصهيوني موضع التنفيذ.
    كما أنه فتح الباب أمام عملية تهويد الصيغة الصهيونية الأساسية من خلال الديباجات اليهودية المختلفة. ويتميز هرتزل عن كلٍّ من شافتسبري وأوليفانت في أنه هو نفسه يهودي ينظر إلى المادة البشرية المُستهدَفة من الداخل. ولكنه مع هذا يهودي غير يهودي، ولذا فهو ينظر إلى هذه المادة من الخارج، ويراها باعتبارها مشكلة تبغي حلاًّ لا قيمة إنسانية تبغي التحقق. وبسبب ازدواجيته هذه، نجح (هرتزل) في أن يكون جسراً بين التوطينيين والاستيطانيين وبين اليهود والغرب، ولذا يمكن القول بأن الصهيونية تحوَّلت من فكرة إلى مشروع استيطاني استعماري على يد (هرتزل) في مؤتمر- بال- الذي وُلدت فيه الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة. وقد فزع أثرياء الغرب اليهود من دعوة (هرتزل) في بادئ الأمر، كما رفضها معظم الجماعات والمنظمات اليهودية في العالم.

    6 ـ تبلور الفكرة الصهيونية بين اليهود :
    أ- حتمية الحل الإمبريالي : أدرك قادة يهود شرق أوربا حتمية الحل الإمبريالي من خلال (هرتزل).
    ب- استقرار الصيغة الصهيونية الشاملة : تم قبول الدولة اليهودية الوظيفية باعتبارها الهدف الأساسي للحركة الصهيونية والإطار الذي يتم توظيف اليهود من خلاله. وأدَّى تقسيم الدولة العثمانية إلى حسم الأمور تماماً لصالح دعاة الاستيطان في فلسطين.
    جـ - تهويد الصيغة الصهيونية : أحس قادة يهود شرق أوربا أن الصيغة الصهيونية الأساسية، وصيغة (هرتزل) الاستعمارية، لا يمكن أن تُجنِّد يهود اليديشية، ولذا فقد أثاروا قضية المعنى والوعي اليهودي وأضافوا ديباجات إثنية دينية وعلمانية أدَّت إلى تهويد الصيغة الصهيونية، وجعلت الشعب اليهودي مرة أخرى مركزاً للحلول، وجماعةً لها قيمة في حد ذاتها، الأمر الذي جعل بإمكان يهود شرق أوربا استبطان الصيغة الصهيونية الأساسية. ويُلاحَظ أن الصهيونية الإثنية الدينية والعلمانية لا هي بالتوطينية ولا هي بالاستيطانية؛ لأنها تتوجه لمستوى الهوية والوعي الذي يتجاوز ثنائية الاستيطان والتوطين، وإن كان لها ثنائيتها الخاصة (ديني/علماني)، وهي صهيونية تنظر إلى اليهود من الداخل.
    د - الديباجات والتيارات السياسية : أدخل بعض الصهاينة العلمانيين ديباجات ليبرالية (الصهيونية العامة) أو اشتراكية (صهيونية عمالية) أو فاشية (الصهيونية التصحيحية) لتحديد شكل الدولة المزمع إقامتها،
    أي : أنهم حددوا شكل الاستيطان، وبذا تكون الفكرة الصهيونية قد اكتملت وتحدَّدت ملامحها، وصيغت كل الديباجات اللازمة لتسويقها أمام قطاعات وطبقات الجماعات اليهودية في شرق أوربا وغربها.
    وحتى ذلك التاريخ، كانت هناك صراعات كثيرة داخل الحركة الصهيونية :
    أ - صراع بين التسلليين والدبلوماسيين.
    ب - بين الدينيين والعلمانيين.
    جـ - بين دعاة الاعتماد على ألمانيا في مواجهة دعاة الاعتماد على إنجلترا.
    د - صـراعات أيديــولوجيــة بين دعـاة الليبـرالية ودعـاة الاشــتراكية.
    هـ - صراع بين دعاة الصهيونية الإقليمية ودعاة الصهيونية التوطينية، أي: بين دعاة الاستيطان في أي مكان،
    ودعاة ما يُسمَّى «صهيونية صهيون» أي : الاستيطان في فلسطين وحدها.

    7 ـ تأسيس المنظمة الصهيونية : لم تكن بلورة الفكرة الصهيونية كافية، بل كان ضروريًّا أن يوجد إطار تنظيمي. وقد وضع (هرتزل) التصور الأساسي في كتابه (دولة اليهود) ، ثم دعا للمؤتمر الصهيوني الأول (1897) م, وتم تأسيس المنظمة الصهيونية.

    ثانياً: مرحلة الولادة في مطلع القرن العشرين:

    تختلف خريطة العالم السياسية التي ظهرت بعد الحرب العالمية الأولى عن التي سادت قبلها اختلافاً بيِّناً. فقد انتصر الاستعمار البريطاني على الاستعمار الألماني، والتهم النصيب الأكبر من الإمبراطورية العثمانية،
    ثم ظهرت إرهاصات القومية العربية (ولكن حركة القومية العربية وحركة المقاومة العربية الفلسطينية، وبخاصة في العقود الأولى من هذه الفترة كانت ضعيفة غير قادرة على تعبئة الجماهير، وتنظيمها ضد الاستعمارين الإنجليزي والصهيوني بتنظيمهما الحديث، وعلاقاتهما العالمية، وتعاونهما الوثيق داخل فلسطين وخارجها).
    وقد تصاعدت المقاومة في الثلاثينيات، ولكن المؤسستين الاستعماريتين نجحتا في قمعها، وانتهى الأمر بطرد غالبية الفلسطينيين من ديارهم، وأُعلنت الدولة عام (1948) م, بموافقة الدول الغربية العظمى كلها، وموافقة الاتحاد السوفييتي (ولم تظهر المقاومة الفلسطينية مرة أخرى بشكل منظم إلا عام (1965) م, بقيادة فتح، وبمشاركة الفصائل الفلسطينية الأخرى رغم أنها لم تتوقف إذ أخذت أشكالاً تلقائية غير منظمة طيلة الفترة السابقة(.
    وفي بداية هذه المرحلة ظهرت الولايات المتحدة كقوة كبرى لها ثقل يُعتدُّ به على الصعيد العالمي.
    أما الاتحاد السوفييتي فقد دخل مرحلة البناء والتحديث الاشتراكي التي فرضت عليه نوعاً من العزلة. ومع ثلاثينيات القرن بدأ مركز الإمبريالية في الانتقال من لندن إلى واشنطن، وهي عملية يمكن القول بأنها اكتملت بعد الحرب العالمية الثانية التي خرجت منها الولايات المتحدة قائداً للمعسكر الإمبريالي بلا منازع.
    كما يُلاحَظ تَركُّز معظم يهود العالم في الولايات المتحدة، وقد كان لهذين العنصرين أعمق الأثر في تعميق توجُّه الحركة الصهيونية ثم الدولة الصهيونية نحو أمريكا.
    مع وعد بلفور، حُسمت كل الأمور. فبعد ظهور الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة، وقبول القيادات الصهيونية لها، يظهر بلفور (ممثل الإمبراطورية البريطانية والحضارة الغربية ككل) ويوقع عقد بلفور باعتباره ممثلاً للحضارة الغربية (ويوقعه عن الطرف الآخر الصهاينة التوطينيون من يهود الغرب المندمجين، والصهاينة الاستيطانيين اليهود ممثلي المادة البشرية اليهودية من شرق أوربا) فتصبح الحركة الصهيونية مشروعاً استعماريًّا استيطانيًّا إحلاليًّا متكاملاً.
    ويجب ألا نخلق انطباعاً خاطئاً بأن هناك تعاقباً زمنيًّا صارماً، فالصهيونية ذات الديباجة المسيحية لا تزال مزدهرة رغم أن الحضارة الغربية قد تطوَّرت بطريقة همشت المسيحية ككل، كما أن صهيونية غير اليهود )العلمانية) لا تزال قائمة، والصهيونية التوطينية لا تزال هي الصهيونية المنتشرة بين معظم يهود العالم (ويُطلَق عليها صهيونية الدياسبورا ).
    وبعد إعلان وعد بلفور، وبعد اكتساب المنظمات الصهيونية، الشرعيةَ الاستعمارية التي كانت تسعى إليها، تغيَّرت الصورة تماماً، فلـم تَعُد القضـية قضـية بعض قيـادات الفائض اليهودي من شرق أوربا، ولم تَعُد المسألة متصلة بإغاثة بضعة آلاف من اليهود، وإنما أصبـحت المنظـمة تابعـة لأكبر قوة اســتعمارية على وجه الأرض آنذاك، وأصبحت ذات وظيفة محددة هي نَقْل المادة البشرية اليهودية إلى فلسطين لتأسيس قاعدة لهذه القوة.
    ولذا فلم يَعُد هناك مجال للاختلافات الصغيرة بين دعاة الاستيطان العمليين مقابل دعاة بذل الجهود الدبلوماسية مع الدولة الراعية. كما لم يَعُد هناك أي مبرر لوجـود دعاة الصـهيونية الإقلــيمية (أي : توطين اليهود خارج فلسطين)، وتساقطت بالتالي كثير من التقسيمات الفرعية، أو أصبحت غير ذات موضوع، وتم تقسيم العمل على أساس جديد يقبله الجميع، وظهر ما يمكن تسميته «الصهيونية التوفيقية».
    كما أن الرفض اليهودي للصهيونية فقد دعامته الأساسية : الخوف من ازدواج الولاء؛ إذ أصبح تأييد الصهيونية أمراً لا يتناقض مع ولاء الإنسان الغربي لوطنه وحضارته.
    ------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا - تابعونا - جزاكم الله خيرا
    -
    التالي :
    -
    ثالثاً: الاستيطان في فلسطين:

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5190
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

     ثالثاً ::أوصاف اليهود وأخلاقهم :.مواقفهم مع المسلمين قديماً وحديثاً :أهداف اليهود ومخططاتهم : الصهيونية                                                                                              Empty ثالثاً: الاستيطان في فلسطين:

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين سبتمبر 04, 2023 6:00 pm


    يتبع ما قبله :
    ثالثاً: الاستيطان في فلسطين:

    تاريخ الحركة الصهيونية بعد ذلك هو تاريخ الاستيطان الصهيوني في فلسطين تحت رعاية حكومة الانتداب ومقاومة العرب لهذا الاستيطان. وقد ظهرت بعض التوترات بين القوة الاستعمارية الراعية والمستوطنين (وهو توتر يسم علاقة أية دولة راعية بالمستوطنين التابعين لها، وهو لا يعود إلى تناقض المصالح، وإنما إلى اختلاف نطاقها، فمصالح الدولة الراعية أكثر اتساعاً وعالمية من مصالح المستوطنين)
    ولذا فقد أصدرت الحكومة البريطانية الراعية مجموعة من الكتب البيضاء؛ لتوضِّح موقفها من المستوطنين الصهاينة ومن العرب. وقد انتقل دور الدولة الراعية من إنجلترا إلى الولايات المتحدة. ولكن كل هذه العناصر لا تغيِّر بنية الفكر الصهيوني ولا اتجاه الحركة، ولا تؤثر في المنظمة الصهيونية.
    أما بالنسبة للمنظمة الصهيونية، فبعد صدور وعد بلفور كان ضروريًّا أن يكون لها ذراعها الاستيطاني الذي يتعامل مع حقائق الموقف في فلسطين.
    وقد أسَّست المنظمة الصهيونية ساعدها التنفيذي المعروف باسم الوكالة اليهودية عام (1922) م، إذ نص صك الانتداب البريطاني على فلسطين على الاعتراف بوكالة يهودية مناسبة لإسداء المشورة إلى سلطات الانتداب في جميع الأمور المتعلقة بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.
    وفي عام (1929) م، نجح وايزمان ـ رئيس المنظمة الصهيونية آنذاك ـ في إقناع أعضاء المؤتمر الصهيوني السادس عشر بضرورة توسيع الوكالة اليهودية، بحيث يتشكل مجلسها من عدد من أعضاء المنظمة وعدد مثله من غير أعضائها.
    وكان الغرض من ذلك استمالة أثرياء اليهود التوطينيين لتمويل المشروع الصهيوني دون إلزامهم بالانخراط في صفوف المنظمة، والإيحاء في الوقت نفسه بأن الوكالة تمثل جميع يهود العالم، ولا تقتصر على أعضاء المنظمة.
    وكان من شأن هذه الخطوة أن تعطي دفعة قوية للحركة الصهيونية، وتدعم الموقف التفاوضي للمنظمة الصهيونية مع الحكومة البريطانية التي كان يقلقها تصاعد الأصوات الرافضة للصهيونية في أوساط يهود بريطانيا (وقد ظلت المنظمتان تُعرَفان بالاسم نفسه على النحو التالي : المنظمة الصهيونية/الوكالة اليهودية حتى عام (1971) م, حين جرت عملية مزعومة وشكلية لإعادة التنظيم بحيث أصبحت المنظمتان منفصلتين قانونيًّا، ولكل منهما قيادة مختلفة).
    ولم يهدأ الصراع تماماً بين التوطينيين والاستيطانيين. فحتى عام (1948) م، كان الصراع يدور حول من يتحكم في المنظمة وحول تحديد أهداف المشروع الصهيوني. أما بعد عام (1948) م، فإن مجال الصراع أصبح تعريف اليهودي (الديني والعلماني) إذ حُسمت قضية التحكم في المنظمة لصالح المستوطنين تماماً، ولم يعد الصهاينة التوطينيون يهتمون به.
    رغم عدم اشتراك يهود البلاد العربية في إفراز الفكر الصهيوني أو الحركة الصهيونية، ورغم أن الصهيونية (بشقيها الشرقي والغربي) لم تتوجه إليهم بشكل خاص، ولم تحاول تجنيدهم بشكل عام وواسع قبل عام (1948) م، إلا أن إنشاء الدولة قد خلق حركيات تتخطى إرادتهم.
    كما أن حاجة الدولة الصهيونية إلى طاقة بشرية (بعد عزل يهود الشرق أو اختفائهم وبعد رفض يهود الغرب الهجرة) جعلها تهتم بهم وتجندهم، وتفرض عليهم في نهاية الأمر «مصيراً صهيونيًّا»، أي: الخروج من أوطانهــم. وقد استقرت أعداد كبيرة منهم في الدولة الصهيونية، وإن كان من الملحوظ أن أعداداً أكبر استقرت خارجها.
    وقد ظهرت صراعات بين دعاة الديمقراطية ودعاة الشمولية، وبين دعاة المشروع الرأسمالي الحر والنهج الاشتراكي،
    ولكنها صراعات لا علاقة لها بالفكر الصهيوني ولا الحركة الصهيونية، فهي صراعات داخلية بين المستوطنين، وإذا شارك فيها الصهاينة التوطينيون فإن مساهمتهم تظل ثانوية. وتعود هامشية هذه الصراعات إلى أن الولايات المتحدة تمول التجمُّع الصهيوني بأسره، بمن فيه من رأسماليين وإرهابيين وعقلاء ومجانين واشتراكيين وقتلة.
    فالحقيقة الأساسية هي وظيفية الدولة الصهيونية، ولذا فإن الصراعات ذات المضمون الأيديولوجي العميق أو السياسي المسطح ليست ذات أهمية كبيرة. أما الصراع بين الإشكناز والشرقيين فهو صراع عميق ومهم، ولكنه لا يؤثر في الفكر الصهيوني أو الحركة الصهيونية، فهو قضية إسرائيلية داخلية تماماً.
    وخاضت الدولة الصهيونية حروبها المتعددة ضد العرب، من حرب (1948) م, إلى حرب (1956) م, إلى حرب (1967) م, إلى حرب (1973) م, إلى اجتياح لبنان عام (1982) م, وما تبعه من توسُّع ومزيد من القمع.
    وتزايد الرفض الفلسطيني للدولة الاستيطانية الصهيونية والمقاومة لها.

    رابعاً: أزمة الصهيونية:

    تواجه الصهيونية- كفكرة وحركة ومنظمة ودولة- أزمة عميقة لعدة أسباب، من بينها انصراف يهود العالم عنها.
    فالصهيونية لا تعني لهم الكثير، فهم يفضلون إما الاندماج في مجتمعاتهم أو الهجرة إلى الولايات المتحدة، وقد تدهورت صورة المُستوطن الصهيوني إعلاميًّا بعد الانتفاضة؛ إذ إن هذه الدولــة الشرسـة أصبحت تسبب لهم الحرج الشـديد.
    وقـد أدَّى هـذا إلى أن المــادة البشـرية المُستـهدَفة ترفض الهجرة، الأمر الذي يسبب مشكلة سكانية استيطانية للمُستوطَن الصهيوني. ويُلاحَظ تزايد حركات رفض الصهيـونية، والتمـلص منها، وعدم الاكتراث بها بين يهود العالم.
    وعلى المستوى الأيديولوجي، يُلاحَظ، في عصر نهاية الأيديولوجيا وما بعد الحداثة، أن كل النظريات تتقلص ويختفي المركز، والشيء نفسه يسري على الصهيونية؛ إذ إن إيمان يهود العالم بها قد تقلَّص تماماً،
    ولذا فإن من يهاجر إلى إسرائيل إنما يفعل ذلك لأسباب نفعية مادية مباشرة. وفي داخل إسرائيل، تظهر أجيال جديدة تنظر إلى الصهيونية بكثير من السخرية. وعلى المستوى التنظيمي، تفقد المنظمة كثيراً من حيويتها، وتصبح أداة في يد الدولة الصهيونية، وتُقابَل اجتماعاتها بالازدراء من قبَل يهود العالم والمستوطنين في فلسطين.
    ولم تغيِّر اتفاقية أوسلو من الأمر كثيراً، بل لعلها تُسرع بتفاقم أزمة الصهيونية، باعتبار أن الدولة ستصبح أكثر ثباتاً واستقراراً، وستتحدد هويتها كدولة لها مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية المتشعبة التي ليس لها بالضرورة علاقة كبيرة بأعضاء الجماعات اليهودية في العالم.
    وهذه المرحلة شهدت تحول الفكرة الصهيونية، الاستيطانية الإحلالية، إلى واقع استيطانى إحلالي، إذ نجحت الدولة الصهيونية في طرد معظم العرب من فلسطين، واستبعاد من تبقَّى منهم. وأصبحت الدولة الصهيونية هي الدولة/ الشتتل أو الدولة/ الجيتو، المرفوضة من السكان الأصليين، أصحاب الأرض.
    ولكن في عام (1967) م، مع ضم المزيد من الأراضي العربية بمن عليها من بشر، تحوَّلت الدولة الصهيونية من دولة استيطانية إحلالية إلى دولة استيطانية مبنية على التفرقة اللونية (الأبارتهايد) الأمر الذي يتبدى في المعازل والطرق الالتفافية.
    وشهدت هذه الفترة مولد المقاومة الفلسطينية المنظمة وتصاعدها، واندلاع الانتفاضة المباركة، التى استمرت ما يزيد عن ستة أعوام، ولم تنطفئ جذوتها بعد، وهى بذلك تكون أطول حركة عصيان مدني في التاريخ.

    يتضح مما سبق :
    أن الصهيونية حركة سياسية عنصرية متطرفة ترمي لحكم العالم كله من خلال دولة اليهود في فلسطين، واسمها مشتق من اسم جبل صهيون في فلسطين، وقد قامت على تحريف تعاليم التوراة والتلمود التي تدعو إلى احتقار المجتمع البشري، وتحض على الانتقام من غير اليهود. وقد قنن اليهود مبادئهم الهدامة فيما عرف ببروتوكولات حكماء صهيون التي تحوي بحق أخطر مقررات في تاريخ العالم.

    : اليهود في العصر الحديث:

    اليهود هم اليهود في عقائدهم وأخلاقهم، كما كانوا من قبل، إلا أنهم في العصر الحاضر أجمعُ شملاً، وأقوى نفوذاً، وأكثر تنظيماً، وأحكم سيطرة على مقاليد العالم، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية؛ حيث إنتهزوا الخواء الروحي والاقتصادي والسياسي الذي مُنِيَ به الغرب؛ فتمكنوا، وتحكموا في مقاليد الأمور هناك فكريًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا، خاصة في الولايات المتحدة، وبريطانيا، وروسيا.
    ثم هم وراء ابتداع وترويج النظرية الماركسية-الشيوعية- ثم تطبيقها في روسيا القيصرية، ثم تصديرها إلى شرق أوربا وبعض دول ما يسمى بالعالم الثالث.
    وكذلك قاموا بترويج النظريات الهدامة الأخرى في الاقتصاد، والسياسة، والاجتماع كنظرية التطور لدارون، ونظرية دور كايم الاجتماعية، ونظرية ميكافيلي السياسية التي ترى أن الغاية تسوغ الوسيلة.
    ولعل أبرز عمل قاموا به في هذا العصر هو احتلالهم لفلسطين بناءً على وعد بلفور عام (1335)هـ, حيث احتلوها سنة (1367)هـ، وقامت بعدها (إلى) اليوم بتوسيع رقعتها، وضم بعض الأراضي؛ سعياً في تحقيق الحلم بإقامة دولة إسرائيل الكبرى.
    وخلال تلك الفترة إلى هذا اليوم قامت إسرائيل بمجازر رهيبة جماعية وفردية, كذلك قاموا باحتلال لبنان والجولان، وأفسدوا في البلدان التي أقاموا معها جسوراً وعلاقات؛ حيث نشروا الفساد والرذيلة؛ فانتشر بذلك الانحلال، والأمراض الفتاكة كالإيدز وغيرها, كذلك انتشرت المخدرات, وعمليات التجسس.
    كما أنهم يحرصون على كل ما فيه هدم للقيم والأخلاق.
    كما أنهم يحرصون على إقامة دولتهم، وعلى جمع اليهود في شتى بقاع العالم؛ حيث قاموا بنقل يهود الفلاشا، ويهود الاتحاد السوفييتي وغيرهم إلى فلسطين.
    ولا يزالون يعيثون في الأرض فساداً، ويكررون اعتداءاتهم على الأقصى الشريف، ويذيقون أهل فلسطين ألواناً من العَسْف، والطغيان، والتسلط.
    --------------------------------------------------------------------
    وتم بحمد الله وفضله أن من تقصير فمنا والله غفور رحيم
    -
    جزاكم الله خيرا أحبابنا
    -
    ولا تنسونا من صالح دعائكم
    _____________________________________________________
    تم ألأقتباس من مقالات لفضيله الشيخ / علوي بن عبد القادر السقاف
    جزاه الله عنا خيرا

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع


      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28, 2024 4:23 pm