آل راشد



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

آل راشد

آل راشد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
آل راشد

ثقافى-اجتماعى

*** - اللَّهُمَّ اَنَكَ عَفْوٍ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعِفُو عَنَّا - *** - اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك . *** - اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ الْمَوْتِ وَ ارْزُقْنَا حُسْنَ الْخَاتِمَةِ . *** -

إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا شَابَتْ عَبِيدَهُمْ.. .. فِي رِقِّهِمْ عَتَقُوهُمْ عِتْقَ أَبْرَارٍ .. .. وَأَنْتَ يَا خَالِقِيُّ أوْلَى بِذَا كَرَمًا.. .. قَدْ شُبْتُ فِي الرِّقِّ فَأَعْتَقَنِي مِنَ النَّارِ .

المواضيع الأخيرة

» أَسْرارُ اَلْمُسَبَّحَةِ اَوْ السُّبْحَةِ وَأَنْواعُها وَأَعْدادُها - - ( ( الجُزْءُ أَلْأَولٌ ) )
 ( 2 ) رمضان شهر ألإنتصارات *** إ نتصارات غيرت وجه التاريخ  -  فتح ألأندلس Ooou110اليوم في 8:52 am من طرف صادق النور

» أَسْرارُ اَلْمُسَبَّحَةِ اَوْ السُّبْحَةِ وَأَنْواعُها وَأَعْدادُها - - ( ( اَلْجُزْءُ الثَّانِي ))
 ( 2 ) رمضان شهر ألإنتصارات *** إ نتصارات غيرت وجه التاريخ  -  فتح ألأندلس Ooou110اليوم في 8:06 am من طرف صادق النور

» أقسام صفات الله
 ( 2 ) رمضان شهر ألإنتصارات *** إ نتصارات غيرت وجه التاريخ  -  فتح ألأندلس Ooou110أمس في 8:52 pm من طرف عبدالله الآحد

» اثبات أن الله يتكلم بالصوت والحرف وأن القرآن كلامه حقيقة
 ( 2 ) رمضان شهر ألإنتصارات *** إ نتصارات غيرت وجه التاريخ  -  فتح ألأندلس Ooou110الجمعة أبريل 26, 2024 4:11 pm من طرف عبدالله الآحد

» الرياء شرك أصغر إن كان يسيرا
 ( 2 ) رمضان شهر ألإنتصارات *** إ نتصارات غيرت وجه التاريخ  -  فتح ألأندلس Ooou110الخميس أبريل 25, 2024 4:39 pm من طرف عبدالله الآحد

» لم يصح تأويل صفة من صفات الله عن أحد من السلف
 ( 2 ) رمضان شهر ألإنتصارات *** إ نتصارات غيرت وجه التاريخ  -  فتح ألأندلس Ooou110الأربعاء أبريل 24, 2024 5:12 pm من طرف عبدالله الآحد

» إثبات رؤية الله للمؤمنين في الجنة
 ( 2 ) رمضان شهر ألإنتصارات *** إ نتصارات غيرت وجه التاريخ  -  فتح ألأندلس Ooou110الثلاثاء أبريل 23, 2024 7:24 am من طرف عبدالله الآحد

» الرد على من زعم أن أهل السنة وافقوا اليهود
 ( 2 ) رمضان شهر ألإنتصارات *** إ نتصارات غيرت وجه التاريخ  -  فتح ألأندلس Ooou110الثلاثاء أبريل 23, 2024 5:40 am من طرف عبدالله الآحد

» طائِفُهُ الصَّفْوِيِّينَ - - اَلْدوَلهُ الصِّفْوِيهُ
 ( 2 ) رمضان شهر ألإنتصارات *** إ نتصارات غيرت وجه التاريخ  -  فتح ألأندلس Ooou110الإثنين أبريل 22, 2024 11:18 am من طرف صادق النور

» حكم الرقى والتمائم
 ( 2 ) رمضان شهر ألإنتصارات *** إ نتصارات غيرت وجه التاريخ  -  فتح ألأندلس Ooou110الأحد أبريل 21, 2024 7:19 am من طرف عبدالله الآحد

اهلا بكم

الثلاثاء نوفمبر 08, 2011 2:32 am من طرف mohamed yousef

 ( 2 ) رمضان شهر ألإنتصارات *** إ نتصارات غيرت وجه التاريخ  -  فتح ألأندلس Ooousu10

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 37 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 37 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحث

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الأربعاء سبتمبر 15, 2021 4:26 am

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 9630 مساهمة في هذا المنتدى في 3191 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 286 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو عبدالرحمن فمرحباً به.

دخول

لقد نسيت كلمة السر

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع


2 مشترك

    ( 2 ) رمضان شهر ألإنتصارات *** إ نتصارات غيرت وجه التاريخ - فتح ألأندلس

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5190
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود ( 2 ) رمضان شهر ألإنتصارات *** إ نتصارات غيرت وجه التاريخ - فتح ألأندلس

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أبريل 08, 2023 7:56 am


     ( 2 ) رمضان شهر ألإنتصارات *** إ نتصارات غيرت وجه التاريخ  -  فتح ألأندلس 311

    فتح ألأندلس
    قد عرف شهر رمضان – وهو شهر الصبر والصيام والعبادة- بشهر الفتوحات وقد ارتبط اسمه بالمعارك والانتصارات،
    وقد حدث في نهاية الشهر العظيم معركة من أعظم معارك المسلمين، وهي معركة (وادي بَربَاط) التي شهد على أثرها فتح الأندلس، وطويت صفحة من صفحات الظلم والجهل والاستبداد، وبدأت صفحة جديدة من صفحات الرقي والتحضر.

    فـكـرة الفتـح

    يمكن القول بأن فكرة فتح الجزيرة الأيبيريَّة هي فكرة إسلامية تماماً؛ بل يُروى بأنها فكرة قديمة تمتد إلى أيام الخليفة الراشد عثمان بن عفان،
    فقد كان عقبة بن نافع الفهري يفكر في اجتياز المضيق إلى إسبانية لو استطاع، وسبق للمسلمين نشاط على شواطئ إسبانية الشرقية وبعض الجزر القريبة منها، وهي مَيورْقة ومَنورقة، واليابسة،
    ويذكر الذهبي أنه في سنة 89 هـ: جهز موسى بن نصير ولده عبد الله، فافتتح جزيرتي مَيورْقة ومَنورقة،

    في عهد الدولة الأموية استطاع القائد المسلم موسى بن نصير فتح بلاد المغرب العربي،
    وبذلك دخل البربر في دين الله وعمل موسى بن نصير على تعليم الناس أمور دينهم وتفقيههم فيه، وعمل على تدعيم الوجود الإسلامي ببلاد المغرب العربي فكان له ذلك بخبرته وحنكته والتزامه بشرع الله، فصار البربر من جند الله المجاهدين.

    لكن بقيت إحدى مدن المغرب عصية على الفتح الإسلامي وتسمى سبتة، وحاكمها يسمى يوليان وكان من حلفاء ملك الأندلس غيطشة، وكان يأتيه المدد عبر البحر من الأندلس، ثم مات غيطشة وخلفه في ملك الأندلس لذريق، وحدث أن اغتصب لذريق هذا ابنة يوليان حيث كان قد أرسلها إلى القصر لتتعلم وتتأدب بأدب الملوك، فأقسم يوليان على أن يزيل ملك لذريق،
    وحاول محاولات عدة لكنه لم يجد غير التحالف مع المسلمين سبيلا، ورأى موسى بن نصير أن الفرصة سانحة لفتح الأندلس ونشر الإسلام فيها وهى في هذه الحالة من الضعف والفوضى.

    كان أمام مُوسى بن نُصير خياران: توجيه الفُتوحات نحو الصحاري المغربيَّة الجنوبيَّة المُؤدية إلى البلاد السودانيَّة (السنغال والنيجر وغانا المُعاصرة)، أو عُبُور المضيق نحو أيبيريا.
    ولمَّا كانت الأقاليم السودانيَّة تُشبه تمامًا الطبيعة العربيَّة الصحراويَّة من ناحية القحط وصُعوبة المسالك،
    وكان المُسلمين قد عرفوا وفتحوا بلادًا غنيَّة في الشَّام ومصر والعراق وفارس والمغرب، واستفادوا من مواردها الاقتصاديَّة والبشريَّة، فضَّلوا توجيه أنظارهم نحو الأندلُس خاصَّةً بعد أن علموا ما كانت عليه هذه البلاد من الغنى

    وبعث موسى بن نصير إلى الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك يستأذنه في فتح هذه البلاد وواصفا له مكانتها من المسلمين مبينا سهولة دخولها بناء على ما أوضحه له يوليان،
    فأمره الوليد بن عبد الملك بإرسال سرية صغيرة تختبر تلك البلاد كي لا يقع المسلمين في مأزق في تلك البلاد،
    فأرس موسى بن نصير أحد قادة جنده ويسمى طريف بن ملوك فعبر إلى الأندلس في خمسمائة جندي وكان ذلك في رمضان سنة إحدى وتسعين للهجرة، ونزلوا في بلدة سميت باسم القائد طريف وشن المسلمون غارات على الساحل غنموا فيها مغانم كثيرة ثم رجعوا إلى موسى بن نصير بما حصلوا عليه في تلك المعارك.

    بعدما رأى موسى بن نصير نتيجة السرية التي قام بها طريف بن ملوك أخذ يجهز جيشا كبيرا
    وندب على رأسه رجلا بربريا شجاعا يسمى طارق بن زياد، وأرسله إلى الأندلس على رأس سبعة آلاف مقاتل مسلم جلهم من البربر الذين حسن إسلامهم والبربر كانوا يتصفون بالقوة والشجاعة والإقدام، وبدأ عبور المسلمين إلى الأندلس ولم يكن لديهم سوى أربعة سفن فتم العبور على دفعات واختبأ الذين عبروا أولا حتى عبر الجيش كله وتجمعوا عند جبل سمى بجبل طارق تيمنا باسم القائد الفاتح طارق بن زياد،
    واستولى المسلمون على الجزيرة الخضراء قبالة جبل طارق فصارت مواصلات الجيش مع أفريقيا حيث المسلمون كلها آمنة.

    لما علم ملك القوط لذريق بخبر المسلمين أرسل فرقة من جيشه لتهاجم المسلمين لكنها هزمت وقتل كل جنودها إلا رجل واحد عاد فأخبر لذريق بما رآه من المسلمين في قتالهم،
    فسار لذريق جنوبا واستولى على قرطبة وعسكر في سهل البرباط وكان تعداد جيشه مائة ألف مقاتل تقريبا،
    وسار طارق بن زياد بجيشه متوجها إلى قرطبة وتوقف عند نهر البرباط وتحسس أخبار لذريق فعرف مكانه وعدد جيشه،
    فأرسل إلى موسى بن نصير طالبا المدد فأرسل له موسى مددا تعداده خمسة آلاف مقاتل جلهم من العرب فسار تحت قيادة طارق بن زياد حوالي اثني عشر ألفا من المسلمين.

    أما لذريق فلم يكن من بيت الملك في بلاد الأندلس، لكنه لما هلك غيطشة ملك الأندلس ترك أولادا لم يرضهم أهل الأندلس واضطرب الأمر هناك، فتراضوا على لذريق هذا
    وكان من قوادهم وفرسانهم فولوه ملكهم، لكنه خالف تقاليد الملك وفعل أشياء شنيعة، لذا لما تلاقى الجيشان كان أبناء ملك الأندلس قد اتفقوا على أن ينهزموا بجنودهم وقد ظنوا أن المسلمين إنما جاؤوا طلبا للغنائم فقط،

    معركة وادي لكة

    طلب لُذريق من جميع الأشراف والنُبلاء والإقطاعيين أن يحشدوا المُقاتلين، وأخذت الإمدادات ترد عليه من كُل المناطق،
    حتَّى اجتمع لديه في وقتٍ قصير ما بين أربعين إلى مائة ألف مُقاتل، كما طلب المُساعدة من أولاد غيطشة نظرًا لِعُموميَّة المحنة، ولكن هؤلاء ظلّوا على ولائهم، سرًا، لِلخطَّة التي وضعوها مع يُليان من أجل الإطاحة به،
    ومع ذلك فقد استجاب له اثنان منهم هُما «ششبرت» و«أبَّة»، لكن ظاهريًّا فقط، وهُما ينويان الغدر به، فرحَّب بهما،
    وعيَّن الأوَّل على ميمنته والثاني على ميسرته. كانت وجهة لُذريق مدينة قُرطُبة لِلمُحافظة عليها نظرًا لِأهميَّة موقعها الوسطي بين العاصمة طُليطلة والجزيرة الخضراء، وهي مفتاح الطريق الذي يُسيطرُ على الأندلُس الجنوبيَّة الشرقيَّة،
    فوصل إلى ضواحيها ثُمَّ تابع زحفه باتجاه الجنوب. وأخذت أخبار لُذريق تصل إلى مسامع طارق بن زياد، فتهيَّب الموقف،
    وأدرك أنَّهُ لا طاقة لهُ على مواجهته بِهذا العدد الضئيل نسبيًّا الذي معه، فأرسل إلى مُوسى بن نُصير يشرح لهُ الموقف ويطلب منهُ الإمدادات. لم يتردَّد مُوسى، لدى استلامه كتاب طارق، وأمدَّهُ بِخمسة آلاف مُقاتل بِقيادة طريف بن مالك.
    استأنف طارق بن زياد زحفهُ باتجاه الشمال، على أثر وُصول الإمدادات، عبر أرضٍ سهليَّةٍ تتخلَّلُها المُستنقعات، واستقرَّ به المقام أخيرًا حول بُحيرة لاخندا من كورة شذونة، والتي يخترقها نهر برباط الصغيرن وعسكر على ضفَّته اليُسرى،
    ثُمَّ وصل لُذريق وعسكر على الضفَّة اليُمنى لِلنهر. وكان في ذلك المكان قرية صغيرة سمَّاها المُسلمون «لكة» أو «بكة»،
    ومنها جاء اسم المعركة. تنصُّ بعض المصادر العربيَّة والإسلاميَّة أنَّ طارق بن زياد خطب بالمُسلمين خطبةً قويَّةً يُشجعهم فيها ويحُثُّهم على القتال والجهاد، جاء فيها:

    أيُّهَا النَّاس إلى أينَ المَفَر؟ البَحرُ وَرَائَكُم وَالعَدُوُّ أَمامَكُم، فَلَيْسَ وَالله إلَّا الصِّدقُ والصَّبرُ فِإنَّهُما لا يُغلَبَان،
    وَهُمَا جُندَانِ مَنصُورَان لا تُضَرُّ مَعُهُما قِلَّة وَلا يَنفَعُ مَعَهُمَا الخَورُ وَالكَسَل وَالإِختِلَافُ وَالفَشَل، وَالعَجَبُ كِثرَة.
    أيُّهَا النَّاس، مَا فَعَلتُ مِن شَيءٍ فافعَلُوا مِثلُه، وإن حَمَلتُ فَاحمِلُوا وإن وَقَفتُ فَقِفُوا، وَكُونُوا كَهَيبةِ رجُلٍ وَاحدٍ في القِتَالِ،
    وَإِنِّي صَامِدٌ إلى طَاغِيَتِهِم لا أَتَهَيَّبُه حتَّى أُخَالِطُه، أو أُقتَلُ دُونُه، فَلَا تَنَازَعُوا إن قُتِلت فَتَفشَلُوا وَتذهَبَ رِيحُكُم،
    وَتُولُوا الأَدبَار لِعَدُوِّكُم فَتَتَبَدَّدوا بَينَ قَتيلٍ وَمَأسُورٍ. وإيَّاكُم أن تَرضَوا بِالدُنيَا ولا تُعطُوا بِأيدِيَكُم مَا قد عُجِّلَ لِكُم مِنَ الكَرَامَةِ وَالرَّاحَةِ من المَهَانةِ والذِّلَّةِ، وما قد أُجِّل لكُم من ثوابُ الشَّهادةِ فَإنَّكُم إن تَفعَلُوا،
    واللهُ يعِظُكم تَتَبَوَّؤا بِالخُسرَانِ المُبِين وَسُوءِ الحَديث، غدًا بَينَ مَن عَرَفَكُم مِنَ المُسلِمين، ومَا أنَا ذا حتَّى أَغشَاه فَاحمِلُوا بِحَملَتِي،
    وَأَنَا غَيرُ مَقصُودٍ دُونِهِ.


    تقابل الجمعان يوم الأحد 28 رمضان 92هـ المُوافق فيه 19 تمُّوز (يوليو) 711م،
    واشتبكا في قتالٍ عنيفٍ استمرَّ سبعة أيَّام. ولمَّا تراءى الجيشان ثبت طارق في مكانه وأطمع لُذريق في أن يقطع المُستنقعات إليه، على غرار الخطَّة التي كان خالد بن الوليد قد رتَّبها على نهر اليرموك. تكبَّد لُذريق الكثير من القتلى والجرحى خِلال المعركة، وحدث في اليوم الرابع من القتال أن انسحب ابنا غيطشة ششبرت وأبَّة مع فُرسانهما من الجناحين وانضمَّا إلى صُفُوف المُسلمين، وفق الخطَّة الموضوعة، ممَّا أدَّى إلى تضعضع صُفوف الجيش القوطي،

    وبدأ أفراده بِالترنُّح والهرب طلبًا لِلنجاة. والمعروف أنَّ هذا الجيش ضمَّ كثيرًا من العبيد الساخطين على حُكم القوط ويتمنون زواله، فوجدوا في تلك المعركة فُرصتهم لِلخلاص، لِذلك تراخى هؤلاء في القتال قبل أن يفُرُّوا بعد انسحاب الفُرسان من الجناحين،
    وأضحى لُذريق لا يملك القُوَّة الكافية لِلاستمرار في القتال، ومع ذلك فقد صمد حتَّى اليوم الثامن،
    وعندما تحقَّق من هزيمته، هرب من ميدان المعركة من دون أن يُعرف مصيره بِالضبط، وقد وُجد فرسه بِالقُرب من إحدى المُستنقعات، كما وُجد أحد خُفَّيه وهو طافٍ فوق الطين الأسود، ممَّا يدُل على أنَّهُ وقع عن حصانه لدى وُصوله إلى المُستنقع وغاص فيه من دون أن يتمكَّن من الخُروج فغرق، وفرَّ من نجا من جُنوده إلى الداخل نحو المعاقل والحُصُون.
    ويذكر عدد من المُؤرِّخين المُحدثين أنَّ لُذريق لم يُقتل في تلك المعركة، بل انسحب نحو الشمال، إلى ماردة، ثُمَّ إلى سلسلة جبال سلمنقة لِيُعيد تنظيم صُفُوف قُوَّاته، وأنَّهُ قُتل في المعركة الثانية مع المُسلمين، التي واجه فيها جيش مُوسى بن نُصير وطارق بن زياد، في السواقي، على يد مروان بن مُوسى بن نُصير.
    على أنَّ المصادر الإسلاميَّة لا تُكرر ذكر لُذريق بعد معركة وادي لكة، أضف إلى ذلك، ظهرت في الأندلُس الملاحم التي ظلَّ الناس يتناقلونها على مدى أجيال، وفحواها أنَّ لُذريق سيعود لِتخليص البلاد من أيدي المُسلمين.
    كانت معركة وادي لكة كاليرموك في الشَّام والقادسيَّة في العراق ونهاوند في فارس، إذ دمَّرت القُوَّة الميدانيَّة لِلجيش القوطي ممَّا أفقده القدرة على الدفاع عن المُدن الكُبرى، وأضحت المُقاومة بعدها قصيرة الأمد، ممَّا هيَّأ لِلمُسلمين أن ينسابوا إلى جوف الأندلُس ويفتحوا المُدن ويستقرّوا فيها. تكبَّد المُسلمون ثلاثة آلاف قتيل، أمَّا قتلى القوط فكانوا أضعاف ذلك لِأنَّ عدد الذين نجوا من المعركة وفرّوا، بعد ذلك، كان قليلًا. وحاز المُسلمون على جميع ما كان في مُعسكر القوط من العدَّة والمتاع والمُؤن والأموال، وقُسِّم الفيء بين الآلاف التسعة الذين نجوا، فأصاب كُلًا منهم مائتان وخمسون دينارًا.

    فتح إستجَّة

    إن هذه معركة انتصر فيها المسلمون انتصارا عظيما على الكفر وأهله، رغم فارق كبير جدا في العدد والعتاد، ولكن الإيمان الصادق والرجال المخلصون والقيادة الواعية المدركة بمآل الأمور، والفهم الواضح لهذا الدين العظيم
    إذا اجتمعوا في جيش فهذا الجيش لا بد منتصر، هذا رغم اختلاف الأعراق فكان الجيش مكونا من العرب والبربر وكان لكل منهم لغة ولكل منهم عادات وتقاليد، لكن جمعهم الإيمان بالله والأخوة في الله والرغبة الصادقة في نشر الإسلام في كل بلاد الأرض،
    لكي لا يدعى المدعون والذين ينادون بالقومية والوطنية إن الدين لا ينفع أن يكون جامعا للناس تحت لوائه، بل يقصرون ذلك على اللغة والعرق فقط.
    كتب طارق بن زياد إلى مُوسى بن نُصير بِالقيروان يُبشِّره بِالنصر، ويُخبره بِأنَّ الطريق بات مفتوحًا أمامهُ لِلوًلوج إلى قلب البلاد. فأرسل مُوسى بن نُصير بِدوره تقريرًا مُفصلًا إلى الخليفة الوليد بن عبد الملك في دمشق يصف فيه الانتصار الكبير، الذي أكسب الإسلام أرضًا جديدة،
    وقال: «لَم يَكُن هَذَا فَتحًا كَغيرِهِ مِنَ الفُتُوحِ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِين، فَإِنَّ الوَاقِعَةَ كَانَت أَشبَه بِاجتماعِ الحَشرِ يَومَ القِيَامَة»،
    فاستبشر الوليد خيرًا بِهذا النصر، وسمح لِلقادة المُسلمين بِمواصلة الطريق، وفي نفس الوقت تناهى إلى أسماع المُسلمين في المغرب والشَّام ومصر بانتصار طارق بن زياد، فتطوَّعوا من كُل جهة لِلحاق به والمُساهمة معهُ في فتح الأندلُس.
    ازدادت قُوَّة المُسلمين بعد معركة وادي لكة وارتفعت معنويَّاتهم بعد ذلك الانتصار، ومن جهةٍ أُخرى أصاب القوط الارتباك والذُعر، الأمر الذي أتاح لِطارق بن زياد أن يستغل هذا الوضع كي لا يُتيح لِلجيش القوطي فُرصة لِإعادة التنظيم والتجمُّع، ويدعم سيطرته على جنوبي الأندلُس، فبدأ ما يُمكن تسميته بـ«حرب المُدن».

    فتح المُسلمون مدينة شذونة بعد انتهاء المعركة، ثُمَّ توجهوا نحو مدينة إستجَّة الواقعة على الطريق المُؤدي إلى قُرطُبة،
    حيثُ احتشدت فيها فُلُول القوط الهاربة في مُحاولةٍ لِمنع المُسلمين من دُخولها، وفتح طارق بن زياد في طريقه مدينة مورور في منطقة إشبيلية،
    ولمَّا وصل إليها ضرب الحِصار عليها. ونظرًا لِمناعتها اضطرَّ إلى طلب المُساعدة من يُليان الذي كان آنذاك في الجزيرة الخضراء، فجاء سريعًا واشترك معهُ في الحصار. وجرت مُناوشات شديدة بين المُسلمين وحامية المدينة كثُر فيها القتل والجراح،
    وبعد مُرور عدَّة أشهر من الحصار أدرك حاكم المدينة صُعوبة الاستمرار في المُقاومة فاستسلم،
    ودخل المُسلمون المدينة وفرضوا الجزية على سُكَّانها بعد تأمينهم على حياتهم ودينهم وكنائسهم وأديرتهم،
    وهربت فُلول القوط إلى مُدنٍ أُخرى. وانضمَّ إلى طارق بن زياد في إستجَّة، جمعٌ غفيرٌ من الساخطين على النظام الملكي القوطي، ممَّن فضَّلوا التحالف مع المُنتصر على ذُل العُبوديَّة.
    وقدَّم لهُ اليهود العون العسكري كأدلَّاء أرشدوه إلى أيسر الطُرق والمسالك عبر أراضي الأندلُس الشاسعة، بِالإضافة إلى الخدمات المدنيَّة، مُستبشرين بِزوال حُكم القوط ونجاتهم من اضطهادات رجال الحُكم البائد،
    فكان هذا الدور نابعًا من موقفهم من النظام القوطي الذي أضرَّ كثيرًا بِمصالحهم التجاريَّة والمصرفيَّة،
    ومع ذلك، فقد بولغ بِالدور الذي ساهم فيه هؤلاء في الفتح لا سيَّما من قِبل بعض المُؤرخين الإسپان، بِهدف مُحاولة التلميح بِأنَّ المُسلمين لم يتمكَّنوا من فتح البلاد لولا مُساعدة اليهود.

    وذكر ابن الأثير: أن طارقاً لما ركب البحر غلبته عينه فرأى النبي صل الله عليه وسلم ـ في نومه ـ ومعه المهاجرون والأنصار قد تقلّدوا السيوف وتنكّبوا القسّي،
    فقال له النبي صل الله عليه وسلم: يا طارق تقدم لشأنك، وأمره بالرفق بالمسلمين، والوفاء بالعهد،
    فنظر طارق فرأى النبي صل الله عليه وسلم، وأصحابه قد دخلوا الأندلس أمامه، فاستيقظ من نومه مستبشراً وبشر أصحابه وقويت نفسه ولم يشك في الظفر.
    -------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا تابعون جزاكم الله خيرا
    ----------
    التالي :- فتح قُرطُبة


    عدل سابقا من قبل sadekalnour في الثلاثاء أبريل 11, 2023 5:14 pm عدل 1 مرات

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5190
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود فتح قُرطُبة

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أبريل 08, 2023 8:10 am

     ( 2 ) رمضان شهر ألإنتصارات *** إ نتصارات غيرت وجه التاريخ  -  فتح ألأندلس 410



    فتح قُرطُبة

    أضحى الطريق مفتوحًا أمام طارق بن زياد لِلزحف إلى قُرطُبة، غير أنَّهُ عدل عن خطَّته وقرَّر التوجُّه نحو طُليطلة عاصمة القوط بِسبب ما استجدَّ فيها من أحداث، حيثُ برز التنافُس بين الجماعتين المُتنافرتين: جماعة لُذريق وجماعة آل غيطشة،
    ذلك أنَّ الهيئات الحاكمة بدأت تُعيد تنظيم صُفوفها لِلتصدي لِلمُسلمين بعد أن تناهت إلى أسماعها الشائعات بِأنَّ لُذريق لم يُقتل،
    وفي الوقت نفسه، راح أنصار آل غيطشة يعقدون الاجتماعات، بِدورهم، في طُليطلة ويتشاورون فيما بينهم لِإعلان أحدهم ملكًا مكان لُذريق المهزوم، وبذل أخيلا جُهدًا كبيرًا في مُحاولةٍ لِإقناع مجلس المدينة بالاعتراف به ملكًا وسط الذُعر الذي ساد الجميع عقب الهزيمة.
    لِذا كان على طارق بن زياد أن يزحف بسُرعة إلى عاصمة القوط قبل أن يتمكَّن أي طرف من الطرفين المُتنازعين من السيطرة عليها، ممَّا قد يُصعِّب على المُسلمين مُواجهة الموقف، والمعروف أنَّ آل غيطشة ظلُّوا واهمين بِأنَّ المُسلمين لم يدخُلوا الأندلُس لِيستقرُّوا فيها، بل لِمُساعدتهم على استعادة الحُكم مُقابل الحُصُول على الغنائم. وبِفعل أهميَّة قُرطُبة في إحكام السيطرة على جنوبي الأندلُس،
    استجاب طارق بن زياد إلى نصيحة يُليان الذي قال له: «قَد فَتَحتَ الأَندَلُس، فَخُذ مِن أَصحَابِيَ أَدِلَّاء، فَفَرِّق مَعَهُم جُيُوشك وَسِر مَعَهُم إلى مَدِينَةِ طُلَيطِلَة»،
    ففصل فرقةً عسكريَّةً تُقدَّر بِسبعُمائة فارس، بِقيادة مُغيث الرومي، مولى عبد الملك بن مروان، وأرسلهُم إلى قُرطُبة لِفتحها.
    عسكر مُغيث الرومي في قرية شقندة على بُعد ثلاثة أميال من قُرطُبة، وأرسل الجواسيس لِلوُقوف على أوضاعها،
    فعلم بِأنَّ النُبلاء غادروا المدينة ولم يبق فيها سوى الضُعفاء وحامية عسكريَّة تُقدَّر بِأربعمائة مُقاتل بِقيادة حاكم المدينة، فزحف إليها وضرب حصارًا عليها واقتحمها، وفرَّت حاميتها إلى كنيسة تقع في غربيّ المدينة وتحصَّنت فيها،
    فضرب مُغيث الرومي الحصار عليها، وضيَّق على من فيها وقطع الماء عنهم، واستمرَّ الحصار مُدَّة ثلاثة أشهر تضايق المُحاصرون خلالها واضطرُّوا إلى إخلائها والاحتماء بِجبل قُرطُبة.
    وما أن خرج الحاكم من الكنيسة حتَّى شاهده مُغيث الرومي، فطارده وقبض عليه، فلمَّا شاهد أفراد الحامية ما حلَّ بِقائدهم استسلموا، فقتلهم مُغيث الرومي، وأبقى على حياة القائد لِيُسلِّمه إلى الخليفة. أمَّا مصير السُكَّان الذين احتموا بِالكنيسة، فتقول إحدى الروايات أنَّ مُغيث الرومي أمَّنهم على حياتهم ومُمتلكاتهم ودينهم، وفي روايةً أُخرى أنَّهُ دعاهم إلى الإسلام أو الجزية فرفضوا، عندئذٍ أضرم النار في الكنيسة فاحترقوا، وسُمِّيت هذه الكنيسة بِـ«كنيسة الحرقى» أو «كنيسة الأسرى»، واستمرَّ المسيحيُّون في الأندلُس يُعظمونها لِصبر من كان فيها على دينهم من شدَّة البلاء

    تقسيم الجيش الإسلامي
    قسَّم طارق بن زياد الجيش الإسلامي أربعة أقسام: بعث قسمًا منهُ بِقيادة مُغيث الرومي إلى قُرطُبة كما أُسلف،
    وبعث قسمًا آخر إلى مالقة،
    ثُمَّ بعث قسمًا ثالثًا إلى إلبيرة وأمرهُ بِأن يُتابع طريقه بعد ذلك إلى مرسية.
    ثُمَّ سار هو بِبقيَّة الجيش في اتجاه طُليطلة. وكان قد جعل في كُلٍ من هذه الأقسام أدلَّاء من أصحاب يُليان.
    أمَّا الجيش الذي توجَّه إلى قُرطُبة فقد فتحها كما أُسلف، وأمَّا الجيش الذي توجَّه إلى مالقة، على الشاطئ الجنوبي من الأندلُس،
    فقد فتحها وجميع أعمالها فتحًا يسيرًا هيِّنًا، بعد أن هربت حاميتها من القوط والفرنجة إلى جبال رية واعتصموا بها.
    ولم يجد المُسلمين في مالقة يهودًا.
    وأمَّا الجيش الذاهب إلى إلبيرة فاتجه أولًا جنوبًا في شرق حتَّى فتح أُرشُذونة ثُمَّ عطف شرقًا نحو غرناطة مدينة كورة إلبيرة ففتحها فتحًا هيِّنًا، لِأنَّ كثيرًا من أهلها كانوا يهودًا، وقد استعان المُسلمين بهم على ضبط المدينة وإدارتها ومُساندة الحامية الإسلاميَّة فيها.

    وكان في الجيش الذي فتح غرناطة المُجاهد المشهور حنش بن عبد الله الصنعاني، فأسَّس فيها مسجدًا. ثُمَّ سار الجيش نفسه الذي كان قد سار إلى غرناطة إلى مرسية، في الجانب الشرقي الجنوبي من الأندلُس.
    وكان في مرسية نبيلٌ قوطيّ عرفهُ المُسلمين باسم «تُدمير بن عبدوس» (ويُلفظ في لُغته الأُم «ثيوديمير» أو «تيودمير») يعيشُ شبه مُستقل في تلك المنطقة مُنذ أيَّام لُذريق، الذي قيل بأنَّهُ استخلفهُ على الأندلُس قُبيل اندلاع معركة وادي لكة
    وقال لهُ: «قَد وَقَعَ بِأَرضِنَا قَومٌ لَا نَدرِي مِن أَهلِ الأَرضِ هُم أَم مِن السَّمَاء». واختار تُدمير هذا أن يُقاوم المُسلمين فانهزم أمامهم هزيمة مُنكرة في قرطاجنة، وهي ثغر مدينة مرسية، حتَّى كاد جيشه أن يفنى.
    عندئذٍ انسحب تُدمير بِمن بقي معه إلى مدينة أوريولة، وعمد إلى الحيلة، فأمر النساء فنشرن شُعورهُنَّ ثُمَّ أعطاهُنَّ القصب وأوقفهُنَّ على سور المدينة وأوقف معهُنَّ بقيَّة الرجال لِيُوهم المُسلمين بِأنَّ في المدينة حُماةً كثيرين، كما ذهب بنفسه إلى المُسلمين مُتنكرًا على هيئة رسولٍ مُفاوض، فاستأمن على نفسه وما يملك من بلاد، فأمَّنهُ المُسلمين على ذلك كُلِّه،
    وعقد عبدُ العزيز بن مُوسى بن نُصير بينه وبين تُدمير مُعاهدة، جاء فيها:

    بسم الله الرحمن الرحيم
    كتابٌ من عبدُ العزيز بن مُوسى بن نُصير لِتُدمير بن عبدوس أنَّهُ نزل على الصُلح، وأنَّ لهُ عهد الله وذمَّة نبيِّه صل الله عليه وسلم ألَّا يُقدَّم لهُ ولا لِأحدٍ من أصحابه ولا يُؤخَّر، ولا يُنزع من مُلكه، وأنَّهُم لا يُقتلون ولا يُسبون ولا يُفرَّق بينهم وبين أولادهم ولا نسائهم، ولا يُكرهوا على دينهم ولا تُحرق كنائسهم ولا يُنزع من كنائسهم ما يُعبد. وذلك ما أدَّى الذي اشترطنا عليه. وأنَّهُ صالح على سبع مدائن: أوريولة وبلتنة ولقنت ومولُه وبلَّانة ولورقة وألُه، لا يُؤوي لنا آبقًا ولا يُؤوي لنا عدُوًّا ولا يُخيفُ لنا آمنًا ولا يكتُمُ خبر عدوٍّ علمه. وصالح على أنَّ عليه وعلى كُل واحدٍ من أصحابه دينارًا كُلَّ سنة وأربعة أمداد قمح وأربعة أمداد شعير وأربعة أقساط طِلاء وأربعة أقساطٍ خل وقِسطيّ عسل وقسطيّ زيت. وعلى العبد نصف ذلك. وكُتب في رجب في سنة 94 من الهجرة.


    فلمَّا تسلَّم تُدمير كتاب الصُلح هذا من عبد العزيز بن مُوسى أدخل المُسلمين إلى أوريولة فرأوا ما فيها من ضعف الحامية وأدركوا خدعة تُدمير وعلموا أنَّهُ كان بإمكانهم دُخُول المدينة عنوة. وقد أسفوا لِما حدث، ولكنَّهم وفوا لِتُدمير بما كانوا قد شرطوا له على أنفُسهم في كتاب الصُلح.
    --------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا تابعونا جزاكم الله خيرا
    ------------------------------------
    التالي :- فتح طُليطلة

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5190
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود فتح طُليطلة

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أبريل 08, 2023 8:24 am


    فتح طليطله

    عبر طارق بن زياد نهر الوادي الكبير عند منجيبار وتقدَّم نحو الشمال عبر الطريق الروماني القديم المُسمِّى «طريق حنبعل»
    (نسبةً إلى القائد القرطاجي حنبعل أو هنيبعل الذي مرَّ عبره أثناء حملته على روما خِلال الحُروب البونيقيَّة)،
    فألقى نفسهُ أمام العاصمة القوطيَّة. كانت المدينة خالية ممن يحميها أو يُدافع عنها، فقد فرَّت منها حاميتها مع كبار رجال الدولة، عندما علموا بِتقدُّم المسلمين باتجاه مدينتهم في جوٍ من الارتباك من واقع عدم قُدرتهم على الصُمُود والمُقاومة،
    فهرب حاكمها إلى مدينةٍ خلف الجبل يُقالُ لها «ماية»، وكذلك كان أُسقفها «سندريد» قد تركها أيضًا ولحق بِروما،
    كما غادرها مُعظم السُكَّان باستثناء اليهود، فدخلها طارق بن زياد من دون قتال. وبعد أن تعرَّف على أوضاعها،
    ترك فيها حامية عسكريَّة وغادرها باتجاه الشمال لِتعقُّب فُلُول الهاربين.
    فسلك وادي الحجارة واجتاز الجبل عبر ممر فج، فألقى نفسه أمام قريةٍ تقع خلف الجبل على مقرُبةٍ من قلعة هنارس،
    أطلق المُسلمون عليها اسم «المائدة»، لِأنَّهُم عثروا فيها على كنزٍ ثمينٍ هو عبارة عن أواني ذهبيَّة مُرصَّعة بِالجواهر والأحجار الكريمة تُشبه أواني الموائد التي يستعملها المُلوك عادةً، فنسبوها إلى النبي سُليمان بن داود.
    بعد ذلك تابع المُسلمون توغُّلهم في منطقة وادي الحجارة، وفتحوا قلعة هنارس،
    ثُمَّ عاد طارق بن زياد بِجيشه إلى طُليطلة لِيقضي فيها فصل الشتاء، ولِيدرُس خطَّة المرحلة التالية من الفتح على ضوء ما يستجد من تعليمات والي إفريقية.
    ومع ذلك فهُناك روايات تُشير إلى أنَّهُ استمرَّ في زحفه حتَّى وصل إلى مدينة أماية في منطقة بُرغُش في إقليم كنتبرية في أقصى شمال شبه الجزيرة الأيبيريَّة، وتابع تقدُّمه إلى مدينة أسترقة في إقليم أشتوريس،
    حيثُ استقرَّ بها حتَّى وافاه مُوسى بن نُصير فيما بعد، ويذهب بعض المُؤرِّخين المُحدثين أنَّهُ استرسل في التقدُّم حتَّى أشرف على مدينة خيخون المُطلَّة على خليج غسقونية.
    والواقع أنَّهُ من الصعب على طارق بن زياد أن يصل إلى تلك المناطق النائية عبر أراضٍ جبليَّة، وبِخاصَّةٍ أنَّ جيشه قد أجهده المسير الطويل والشاق وهو مُثقل بِالغنائم، وقد أضحى فصل الشتاء على الأبواب،
    كما أنَّهُ لم يكن قد ثبَّت أقدامه في الأراضي المفتوحة. ولا شكَّ بِأنَّهُ أدرك أنَّ ابتعاده عن طُليطلة رُبَّما يُشجِّعُ أعداءه على إعادة تنظيم صُفوفهم واسترداد ما خسروه، يُضافُ إلى ذلك، أنَّهُ لم يكن هدفه آنذاك تعقُّب الفارّين بعد أن حصروا أنفُسهم في إقليم أشتوريس بِقدر ما كان هدفه تصفية مراكز المُقاومة في المناطق المفتوحة، وتثبيت أقدامه فيها خشية عودتهم إلى تهديد العاصمة، لِذلك كانت إقامته في طُليطلة ضروريَّة لِتحقيق هذا الهدف. وهكذا، ففي أقل من سنة فتح المُسلمون جنوبي أيبيريا ووسطها وثبَّتوا أقدامهم في أرض الأندلُس، وقضوا على المملكة القوطيَّة المُتداعية.

    عُبُور موسى بن نُصير
    كان رد الفعل لِنجاح طارق بن زياد كبيرًا في شمالي أفريقيا، فقد توجَّه البربر إلى الأندلُس بعد سماعهم بانتصارات المُسلمين هُناك، وبدأوا بالاستقرار في المناطق السهليَّة من البلاد لا سيَّما تلك التي هجرها سُكَّانها الذين هربوا إلى القلاع والحُصُون.
    وكان مُوسى بن نُصير يُتابعُ تحرُّكات طارق بن زياد العسكريَّة خُطوةً خُطوة، ويبدو أنَّهُ أدرك خُطورة الانتشار الواسع لِلقُوَّات الإسلاميَّة بدون تغطية عسكريَّة كافية، الأمر الذي يُسهِّل على العدو مُهاجمتها، من دون أن تتمكَّن من اتخاذ وسائل الدفاع المُناسبة عن نفسها، فتضيع ثمرات النصر،
    ذلك أنَّ خُطوط مُواصلاتها، بين طُليطلة والجزيرة الخضراء والمغرب، أضحت غير آمنة، لِأنَّ المعاقل الكُبرى المُبعثرة على امتداد تلك الخُطوط لم تخضع لِلمُسلمين، وما زالت جماعاتٌ من القوط تحكم المُدن الواقعة وراء خُطوط مواصلاتهم، وتنتظر الوقت المُناسب للانقضاض عليهم. كما يبدو أنَّهُ رأى أنَّ قائده استنفذ طاقاته القتاليَّة بعد الجُهد الكبير الذي بذله، وبِخاصَّةً أنَّ عدد جُنُوده لم يكن كافيًا لِفتح تلك البلاد الواسعة والدفاع عن المُنجزات المُكتسبة، ولا بُدَّ من دعمه بِمددٍ عسكريٍّ فضَّل أن يترأسه بنفسه.

    استخلف مُوسى بن نُصير ابنه عبد الله على القيروان ثُمَّ غادرها على رأس جيشٍ يُقدَّر بِثمانية عشر ألف مُقاتل - وقيل في عشرة آلاف - مُعظمهم من القبائل العربيَّة اليمنيَّة والقيسيَّة والشَّاميَّة، وضمَّ أعدادًا كثيرةً من رجال قُريش البارزين الذين كانوا في مناصب القيادة في القيروان، إضافةً إلى الإداريين ورجال الدين وبقيَّة القادة المشهورين،
    أمثال: مُحمَّد بن أوس الأنصاري وحبيب بن أبي عُبيدة الفهري وعيَّاش بن أخيل وعبدُ الجبَّار بن أبي سلمى الزهري،
    واصطحب معهُ عددًا من أولاده. ونهض مُوسى بن نُصير من القيروان في شهر رجب من سنة 93هـ المُوافق فيه شهر نيسان (أبريل) 712م، فعبر مضيق جبل طارق وعسكر في الجزيرة الخضراء في رمضان 93هـ المُوافق فيه حُزيران (يونيو) 712م لِعدَّة أيَّام حيثُ وزَّع المُهمَّات العسكريَّة على قادته.

    فتح قرمونة

    عقد مُوسى بن نُصير اجتماعًا مع يُليان الذي اتخذ الجزيرة الخضراء مقرًا له، ناقش فيه التطوُّرات المُستجدَّة، وجرى تقييم حملة طارق. ولعلَّ يُليان زوَّده بِالمعلومات اللازمة عن المعاقل الهامَّة في المناطق التي ما زالت خارج نطاق السيطرة الإسلاميَّة وبِخاصَّةً مدينة إشبيلية، بِالإضافة إلى أفضل الطُرُق التي سيسلُكها،
    وتقرَّر اعتماد الطريق الغربي المُؤدي إلى إشبيلية، وهو غير الطريق الذي سلكه طارق بن زياد، وذلك بِهدف غزو غربي الأندلُس، وإحكام السيطرة على المنطقة، وبِخاصَّةً أنها كانت مأوى مُعظم الفُلول الهاربة من الجيش القوطي.
    وقبل أن يُغادر مُوسى بن نُصير الجزيرة الخضراء، أمر بوضع حجر الأساس لِبناء مسجدٍ هُناك تخليدًا لِذكرى حملته هذه، سُمي بِمسجد الرايات. تقدَّمت القُوَّات الإسلاميَّة على الطريق المُؤدي إلى إشبيلية فأعادت إخضاع شذونة بعد أن خرج أهلها عن طاعة المُسلمين، فحاصرهم مُوسى بن نُصير حتَّى أذعنوا من جديد،
    كما فُتحت قلعة رعوان، ثُمَّ سار المُسلمون إلى مدينة قرمونة المشهورة بِحصانتها، لِذا استخدم مُوسى بن نُصير الحيلة في فتحها، فأرسل بعض الجُند على هيئة المُنهزمين ومعهم السلاح، فأظهروا لِحاميتها أنهم أصدقاء جاؤوا فرارًا من المُسلمين، فسمح لهم أفراد الحامية بِالدُخول. وما أن حلَّ الليل حتَّى هاجم هؤلاء الحُرَّاس، وفتحوا أبواب المدينة لِلجيش الإسلامي الذي دخلها وسيطر عليها. أمَّن فتح قرمونة إقامة خطٍ عسكريٍّ يربط الجزيرة الخضراء بِكُلٍ من شذونة وقرمونة وإستجَّة وقُرطُبة، مُدعَّمًا بِمراكز عسكريَّة، بِالإضافة إلى سيطرة المُسلمين على المراكز الدفاعيَّة الأماميَّة لِإشبيلية.

    فتح إشبيلية

    تقدَّمت القُوَّات الإسلاميَّة بعد ذلك إلى إشبيلية التي تُعدُّ من أكبر مُدن القوط بعد طُليطلة، ومصدر الخطر المُباشر على القُوَّات الإسلاميَّة التي كانت تحت قيادة طارق بن زياد في الداخل، ونُقطة التقاء الطُرق الهامَّة في جنوبي الأندلُس،
    لا سيَّما تلك التي تربط الجزيرة الخضراء بِداخل البلاد، وضربوا عليها حصارًا مُركَّزًا استمرَّ بضعة أشهر، دافع خلالها القوط عن مدينتهم بِضراوة، ممَّا يدُل على خُطُورة مركز القوط بها واستعدادهم لِمُقاومة المُسلمين،
    ولم تسقط المدينة إلَّا بعد أن تلقَّى مُوسى بن نُصير مُساعداتٍ من الداخل، حيثُ قام اليهود في المدينة بِدورهم المُتفق عليه لِمصلحة المُسلمين، كما أدَّى أُسقفها «أوپاس» دورًا في ذلك، وفرَّت حاميتها إلى مدينة باجة المُجاورة وانضمَّت إلى جُمُوع القوط بها.
    أمَّن فتح إشبيلية، المركز المُسيطر عسكريًّا على جنوبي الأندلُس، وحرم القوط من قطع خُطوط مُواصلات المُسلمين، وشكَّلت المدينة، بِفعل أهميَّة موقعها، إحدى القواعد الدفاعيَّة الكُبرى لِلمُسلمين في الأندلُس.

    حصار ماردة وفتحها

    واصل المُسلمون تقدُّمهم حتَّى ماردة الواقعة في شمال غربيّ الأندلُس في منطقةٍ وعرة المسالك. وكانت ماردة هذه آخر العواصم القديمة الأربع لِلقُوط بعد طُليطلة وإشبيلية وقُرطُبة، وكانت حصينةً جدًا، إذ أحاط بها سورٌ منيع، واحتشدت فيها بقايا القوط وأنصار الملك السابق لُذريق، فمضى إليها مُوسى بن نُصير فقاتلهُ أهلها قتالًا شديدًا على نحو ميلٍ منها أو أكثر قليلًا. وكان أهلُ ماردة يخرُجون لِقتال المُسلمين نهارًا ثُمَّ يلجأون إلى المدينة ليلًا. وفي ذات ليلة أكمن مُوسى الرجال والخيل في حُفر كانت عبارة عن مقالع يقطعُ منها أهل ماردة الحجارة. فلمَّا خرج الأهالي في اليوم التالي على عادتهم لِقتال المُسلمين أثار عليهم مُوسى الكمائن من الرجال والخيل حتَّى أوقع بهم هزيمةً مُنكرة، فانسحبوا نهائيًّا إلى المدينة وجعلوا يُقاتلون المُسلمين من وراء سورها. ضرب المُسلمون الحصار على المدينة بضعة أشهر - قيل أنَّهُ أطول حصارٍ عرفهُ المُسلمون في الأندلُس - ثُمَّ أمر مُوسى بن نُصير بِصُنع دبَّابة، فدبَّ المُسلمون تحتها حتَّى وصلوا إلى أحد أبراج المدينة، وبينما كانوا ينقبون السور اصطدموا بِصخرةٍ صمَّاء طال نقبهم إيَّاها حتَّى تنبَّه أهل ماردة فهاجموهم فهلك جميع المُسلمين الذين كانوا تحت الدبَّابة. وشدَّد مُوسى الحصار على المدينة حتَّى يئس أهلها من الصُمُود في وجه المُسلمين فهرب نفرٌ منهم خفيةً إلى جُليقية في الشمال الشرقي من شبه الجزيرة الأيبيريَّة، ومال الذين آثروا البقاء في مدينتهم إلى طلب الصُلح، فأرسلوا وفدًا إلى مُوسى بن نُصير لِلتفاوض بِشأن الاستسلام، وأسفرت المُفاوضات عن عقد مُعاهدة بين الجانبين جاء فيها: ضمان المُسلمين سلامة جميع الأهالي سواء الذين يُفضلون البقاء في ماردة أو مُغادرتها إلى مكانٍ آخر، وضمان الحُريَّة الدينيَّة لِلسُكَّان وعدم إرغامهم على اعتناق الإسلام والحفاظ على كنائسهم من أن تُهدم، وتسليم الأهالي جميع مُمتلكات وأموال الذين قُتلوا في الحرب إلى المُسلمين، بِالإضافة إلى تلك الخاصَّة بِالهاربين من القوط إلى جُليقية، والأموال والحُليّ التي كانت الكنائس - ذلك لأنَّ القوط كانوا يجعلون من الكنائس قلاعًا يُحاربون المُسلمين من وراء جُدرانها - فقبل أهلُ ماردة بِذلك وتمَّ التوقيع على الاتفاق. وفي يوم 1 شوَّال 94هـ المُوافق فيه 30 حُزيران (يونيو) 713م، فتح السُكَّانُ أبواب مدينتهم إلى المُسلمين، فدخلوها ونشروا راية السلام. وبعد سُقُوط المدينة، نظَّم مُوسى بن نُصير حاميتها العسكريَّة من العرب والبربر من دون اللُجوء إلى جاليتها اليهوديَّة الكبيرة، ولعلَّ هذا مُؤشِّر على أهميَّة المدينة من جهة، وبداية السيطرة الإسلاميَّة المُركَّزة على مرافق البلاد من جهةٍ أُخرى.

    انتفاضة إشبيلية
    ظلَّت فُلُول القوط المهزومة، التي التجأت إلى المُدن المُجاورة، خارج نطاق السيطرة الإسلاميَّة، فأخذت تُراقب تحرُّكات المُسلمين وتنتظر الفُرصة المُناسبة لِلانقضاض على الحاميات الإسلاميَّة في المُدن المفتوحة لاستردادها، وبدأت بِإشبيلية، فهاجمتها وقتلت مُعظم أفراد حاميتها البالغ عددهم نحو ثمانين رجلًا، في حين غادر الباقون المدينة ولحقوا بِمُوسى في ماردة.
    كانت هذه الحركة أوَّل رد فعل قوطي ضدَّ السيادة الإسلاميَّة، وعنوانًا على شدَّة مُقاومة القوط، والخطر الذي كان سيتعرَّض لهُ طارق بن زياد لولا مجيء مُوسى بن نُصير لِإنقاذ الموقف.
    وما أن انتهى مُوسى بن نُصير من فتح ماردة حتَّى أرسل ابنه عبد العزيز على رأس قُوَّةٍ عسكريَّةٍ إلى إشبيلية لِقمع التمرُّد.
    نجح عبد العزيز في القضاء على الثورة وأعاد الأُمور إلى نصابها، وحتَّى يُطهِّر المنطقة المُجاورة من المُقاومة القوطيَّة،
    هاجم لبلة وباجة وأكشونبة الواقعة على شاطئ البحر، فدخلها وقضى على كُل أثر لِلمُقاومة فيها، واحتاط لِلأمر،
    فترك فيها حامية عسكريَّة تحسُّبًا فيما لو كرَّر القوط مُحاولتهم، فاستقامت أُمُور هذه النواحي الغربيَّة واستقرَّت لِلمُسلمين،
    وعاد عبدُ العزيز إلى إشبيلية حيثُ تركه والده فيها لِيقضي على ما قد يظهر في نواحيها من مُقاومة.
    لفتت شدَّة مُقاومة القوط انتباه مُوسى بن نُصير، وحتَّى يدعم مُنجزات المُسلمين، رأى ضرورة وضع المُدن المفتوحة في أيدي قادة من المُسلمين بِدون الاعتماد على السُكَّان المحليين أو غيرهم من الجماعات التي انضمَّت إليه أثناء زحفه،
    فعيَّن عبد الجبَّار بن أبي سلمى الزهري، قائد ميسرة جيشه، واليًا على باجة
    ------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا تابعونا جزاكم الله خيرا
    -------------
    النالي :- اللقاء بين موسى بن نُصير وطارق بن زياد

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5190
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود اللقاء بين موسى بن نُصير وطارق بن زياد

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أبريل 08, 2023 8:40 am


    اللقاء بين موسى بن نُصير وطارق بن زياد

    مكث مُوسى بن نُصير في ماردة مُدَّة شهر أراح فيها جُنده قبل أن يستأنف السير إلى طُليطلة،
    واستدعى طارق بن زياد لِيُقابله في الطريق، وفي روايةٍ أُخرى أنَّ طارقًا علم بِقُدُوم مُوسى إلى طُليطلة فخرج لاستقباله.
    خرج طارق بن زياد من طُليطلة وانحدر منها في حوض نهر تاجة حتَّى لقي سيِّدُه في مكانٍ يُدعى «المعرض» بين نهري تاجة والتيتار، وهو كورة من كُور مدينة طلبيرة على بُعد سبعين ميلًا إلى الغرب من طُليطلة.
    وعقد الرجُلان مجلسًا عسكريًّا قوَّما فيه الموقف العسكري العام، وناقشا خطَّة المرحلة التالية من الفتح.
    ويكاد يجمع المُؤرخون العرب والمُسلمون على أنَّ لقاء مُوسى بِطارق لم يكُن وديًّا لِأسبابٍ مُختلفة، على أنَّ مراجع أُخرى تُشير إلى اعتراف مُوسى بن نُصير بِمكانة طارق بن زياد وفضله في فتح الأندلُس،
    بحيث خاطبه قائلًا: «لَن يُجَازِيكَ الوَلِيدُ بنُ عَبدِ المَلِكِ عَلَى بِلَائِكَ بِأَكثَرَ مِن أَن يُبِيحَكَ الأَندَلُسِ، فَاستَبِحهُ هَنِيًّا مَرِيًّا»،
    فقال لهُ طارق: «أَيُّهَا الأَمِير، وَاللهِ لَا أَرجِعُ عَن قَصدِيَ هَذَا مَا لَم أَنتَهِيَ إِلَى البَحرِ المُحِيطِ أَخُوضُ فِيهِ بِفَرَسي»، -
    يعني أنَّهُ لن يتوقَّف عن الغزو والجهاد قبل أن يبلغ بحر الشمال أي المُحيط الأطلسي - من ناحية شمال شبه الجزيرة الأيبيريَّة، فيضُم كُل تلك البلاد لِديار الإسلام.

    فتح شمال أيبيريا

    عاد مُوسى وطارق إلى طُليطلة وقضيا فيها شتاء سنة 95هـ المُوافقة لِسنتيّ 713-714م،
    وأرسل موسى الخبر بِالفتح وبِالغنائم إلى الخليفة الوليد بن عبد الملك في دمشق مع علي بن رباح اللخمي ومُغيث الرومي.
    وفي طُليطلة سكَّ مُوسى بن نُصير الدراهم والدنانير الأندلُسيَّة الأولى، مضروبة بِاللُغة العربيَّة والألفاظ الإسلاميَّة،
    فجعل على إحدى وجهيها: «بسم الله. لا إله إلَّا الله وحده لا إله غيره»، وعلى الوجه الآخر: «هذا الدرهم ضُرب في الأندلُس سنة...».
    ولمَّا حلَّ الربيع من السنة سالِفة الذِكر، باشر مُوسى بن نُصير وطارق بن زياد تنفيذ خطَّتهما القاضية بِالسيطرة على الأقاليم الأيبيريَّة الشماليَّة المُمتدَّة من سرقسطة، في إقليم أرغون شرقًا، حتَّى ساحل جُليقية، على المُحيط الأطلسي غربًا، بِهدف إقامة حاجز دفاعي يُؤمِّن مُنجزات المُسلمين في جنوب ووسط البلاد،
    ولا يتم ذلك إلَّا بِالقضاء على الجماعات القوطيَّة اللاجئة إلى تلك الأقاليم، وبخاصَّة أنَّ المُسلمين كانوا يعلمون أنها المأوى الوحيد الذي التجأ إليه مُعظم الفارّين،
    لِذا كان مُوسى شديد الحرص على اقتحام تلك المنطقة وفتحها. كانت مدينة سرقسطة أوَّل هدفٍ لِلحملة، فاقتربت منها القُوَّات الإسلاميَّة، على حين غفلة من أهلها، ففوجئ هؤلاء بالمُسلمين يُعسكرون أمام مدينتهم، ودبَّ الذُعر بينهم،
    وبعث إليهم مُوسى بن نُصير من أمَّنهم وأعطاهم عهده، فطاب نُفوسهم، وفتحوا أبواب مدينتهم لِلمُسلمين.
    وجالت القُوَّات الإسلاميَّة في نواحي إقليم سرقسطة، مثل وشقة ولاردة وطرَّكونة وبرشلونة، وأقام مُوسى مُدَّةً في المدينة نظَّم خلالها أوضاعها الإداريَّة،
    وأنشأ فيها مسجدًا خطَّهُ التابعيّ حنش بن عبد الله الصنعاني، مُهندس المساجد في الغرب الإسلامي.

    وبِسيطرة المُسلمين على إقليم سرقسطة طُويت صفحة التاريخ القوطي في الأندلُس، ولم يبق أمامهم سوى فتح إقليم جُليقية المُمتد إلى الغرب من سرقسطة حتَّى المُحيط الأطلسي، وهو الإقليم الذي اشتمل على أشتوريس في الوسط وكنتبرية في الشرق.
    وفي الوقت الذي كان فيه مُوسى بن نُصير يتأهَّب لِلزحف نحو ذلك الإقليم، عاد إليه مُغيث الرومي قادمًا من دمشق، وحمل معهُ أمرًا من الخليفة إلى كُلٍ من مُوسى وطارق بِالتوقُّف فورًا عن الفُتُوح والمُثُول بين يديه، ويبدو أنَّ الخليفة شعر أنَّهُما تجاوزا حدَّ التوسُّع المُتفق عليه.
    رأى مُوسى بن نُصير أنَّ هذا الاستدعاء جاء في وقتٍ غير مُناسب، لِأنَّ تعقُّب القوط لم ينتهِ، وكان حريصًا على فتح جُليقية والقضاء نهائيًّا على المُقاومة القوطيَّة، كما أنَّ مُغادرة المنطقة كانت تعني المُغامرة بِمُستقبل المُسلمين في الأندلُس كُلَّها؛
    لِذلك تباطأ في الاستجابة لِأوامر الخليفة، وتواطأ مع مبعوثه لِيُمهله أيَّامًا حتَّى ينتهي من تنفيذ خطَّته والدُخُول إلى إقليم جُليقية،
    مُقابل أن يكون شريكه في أجر فتحها، ويهبه موضعًا في مدينة قُرطُبة بِجميع أرضه، فوافقهُ مُغيث ورافقهُ في حملته على هذا الإقليم. الواقع أنَّ هذا الاتفاق مع مبعوث الخليفة دفع بِمُوسى أن ينشط في حملته هذه، ويُسرع من دون أن يُضيِّع وقتًا في حصار المُدن أو التحايُل على من يُعصي من سُكَّانها كما كان الشأن من قبل، ما طبع حملته بِطابع الشدَّة والقسوة والعُنف المقرون بِالتدمير، وهو ما أشارت إليه الروايات الإسلاميَّة، الأمر الذي أدخل الجزع والفزع في قُلُوب السُكَّان، وهُم الذين لم يكونوا أصلًا بِحاجةٍ إلى من يزيدهم ذُعرًا ورُعبًا، فتسارع أعيانهم وكبارهم إلى الطاعة وطلب الأمان والصُلح.

    الأندلُس في ظل الحُكم الإسلامي

    يتفق المُؤرخون والباحثون أنَّ الفتح الإسلامي لِلأندلُس كان خيرًا على تلك البلاد، إذا انتشلها من الفوضى والتنازُع السياسي وأحدث فيها ثورة اجتماعيَّة، وقضى على مساوئ العهد القوطي التي كانت البلاد ترزح تحتها مُنذ عدَّة قُرون.

    أمَّا نتائج هذا الفتح فمن أهمِّها:

    غيَّر الفتح الإسلامي أوضاع الأيبيريين بِشكلٍ عام، إذ بعد زوال الحُكم القوطي تجمَّع زُعماء القوط في منطقة جُليقية في الشمال الغربي، وأبقى المُسلمون على الذين ساعدوهم. فأُعيد يُليان إلى حُكم سبتة، ورُدَّت إلى أولاد غيطشة أموالهم ومُمتلكاتهم وضياعهم، كما سُمح لِبعض النُبلاء والإقطاعيين، في بعض المناطق، بالاحتفاظ بِأراضيهم، أمَّا الأراضي التي تركها أصحابها بِفعل الفرار أو القتل في المعارك، فقد صادرها المُسلمون وجرى توزيعها عليهم. وقد ترك هذا الأمر بِدوره بعض النتائج الكبيرة من الناحية الاجتماعيَّة حيثُ أدَّت مُصادرة مُمتلكات كثيرٌ من النُبلاء، بِالإضافة إلى مُمتلكات الكنيسة، إلى زيادة عدد صغار المُزارعين زيادةً ملحوظة.

    استقرَّ المُسلمون من عربٍ وبربرٍ في الأندلُس في مناطق مُختلفة إلى جانب القوط أو في تجمُّعاتٍ مُنفصلة بِسبب العصبيَّات القبليَّة التي كانت قائمة، ممَّا حوَّل المُجتمع الأيبيري الإسلامي إلى مُجتمعٍ فُسيفسائيٍّ من الناحية السُكَّانيَّة.
    وكان العربُ الذين استقرُّوا في الأندلُس ينتمون إلى عصبيَّتان مُتخاصمتان: القيسيَّة واليمنيَّة، كما كانوا ينقسمون إلى قسمين من حيثُ تاريخ نُزولهم في الأندلُس، فعُرف القُدماء منهم الذين جاؤوا في موجات الفُتُوح الأولى مع طارق بن زياد ومُوسى بن نُصير بِـ«البلديين» أو «أهل البلد»، وكان منهم أيضًا «الشَّاميُّون» الذين جاؤوا مع بلج بن بشر القُشيري، وعُرفوا بِهذا الاسم لأنهم كانوا يسكنون أجناد الشَّام قبل مجيئهم إلى الأندلُس، مثل حِمص ودمشق والأُردُن وفلسطين. وقد نزل العرب في الأندلُس في الأكثر على الشواطئ الشرقيَّة والشرقيَّة الجنوبيَّة، وهي الشواطئ الدافئة التي تُشبه في مُناخها البلاد التي جاؤوا منها، على أنَّ جماعاتٍ منهم نزلت في غربيّ الأندلُس وفي شماليها. وكان البربر المُستقرين في الأندلُس أيضًا ينتمون إلى فرعين كبيرين: البُترُ والبرانس، وكان بين ذينك الفرعين من العصبيَّة مثل ما كان بين القيسيَّة واليمنيَّة، ونزل البربر في المناطق الجبليَّة من الأندلُس، في الوسط والغرب لِشبه تلك المناطق بِالبلاد التي جاؤوا منها في جبال الأطلس.

    هذا وبقي الأهالي الأصليين لِلبلاد، وهم القوط، مُنتشرين في مُختلف المُدن والمناطق، واستمرَّ بعض الرومان والفرنجة يسكنون البلاد أيضًا، وهؤلاء سمَّاهم المُسلمون جميعًا بـ«النصارى» ما داموا قد اختاروا البقاء على المسيحيَّة، ولم يُفرقوا بين عرقيَّاتهم، وكذلك سمُّوهم «المُعاهدين» كونهم تعاهدوا والمُسلمين على الصُلح والسلام زمن الفتح. ونتج عن التعدُد العرقي في الأندلُس بُعيد الفتح الإسلامي أن كثُر اختلاط الأنساب، فتزوَّج بعض العرب بِالبربر وتزوَّج بعض البربر بِالعرب، كما تزاوج المُسلمون والقوط والفرنجة، وعُرف أبناء الزيجات المُختلطة هذه باسم «المُولَّدون»، كما أُطلقت تلك التسمية على أبناء القوط والفرنجة والرومان الذين اعتنقوا الإسلام. وكان الغالب أن يتزوَّج العربي امرأةً بربريَّة أو مولدة أو مسيحيَّة أيضًا، وكذلك الحال بِالنسبة لِلبربري، ولم يكن من المألوف أن تتزوَّج العربيَّة مولدًا، ذلك لأنَّ عدد العرب، وبالتالي عدد العربيَّات، كان في الأندلُس قليلًا مُقارنةً بِعدد البربر والقوط الذين أسلموا. وكان المُولَّدون يتخذون عادةً أسماء عربيَّة ويتلقبون بِالألقاب الشرقيَّة، ثُمَّ أنَّهم سُرعان ما اتخذوا اللُغة العربيَّة والعادات العربيَّة والزي العربي تميُّزًا لِأنفُسهم من الذين لم يدخلوا في الإسلام

    منح المُسلمون سُكَّان البلاد الحُريَّة الدينيَّة، وعيَّنوا لهم قُضاةً منهم وحُكَّامًا محليين، يقضون في النزاعات فيما بينهم ويجبون الضرائب منهم. وأحسن المُسلمون مُعاملة أهل البلاد الذين تعرَّضوا لِلاضطهاد في العهد القوطي، فسُمح لِلمُزارعين أن يُمارسوا حياتهم الزراعيَّة على حسابهم على أن يُؤدوا الخِراج. وسارع الكثير من رقيق الأرض والعبيد إلى اعتناق الإسلام كما دان به عددٌ كبيرٌ من أهالي الطبقات الدُنيا. وسمح المُسلمون لِليهود، الذين ساندوهم، بِمُزاولة التجارة وأمَّنوهم على أنفُسهم وأموالهم وأولادهم، ومنحوهم حُريَّة التملُّك واختصَّ كثيرٌ منهم في العُلُوم والآداب والطب والفلسفة، وتبوؤوا مراكز سياسيَّة وإداريَّة حسَّاسة، فكانوا أكثر الطوائف استفادةً من الفتح. وجعل المُسلمون لِنصارى الأندلُس تنظيمٌ دينيٌّ يُشرف عليه رجال الدين منهم: فكان لهم ثلاث أبرشيَّات في طُليطلة وإشبيلية وماردة، كما كان لهم ثماني عشرة أُسقُفيَّة، أمَّا الأديرة فكانت كثيرةً جدًا إذ كان منها حول قُرطُبة وحدها أكثر من خمسة عشر ديرًا.

    وبنى المُسلمون المساجد في كُل مكانٍ نزلوا فيه، غير أنَّهُم في بعض الأحيان كانوا يجعلون من الكنائس مساجد في الأمكنة التي دخل جميع أهلها من القوط والإفرنج في الإسلام، أو كانوا يقسمون الكنائس بين الذين دخلوا في الإسلام وبين الذين اختاروا أن يبقوا على المسيحيَّة من أهل البلد الواحد. وقد هدم المُسلمون عددًا من الكنائس التي كان أهلها يتخذون منها حُصونًا يُحاربون من ورائها، كما سمحوا أحيانًا ببناء كنائس جديدة. ومع مُرور الوقت أصبح الإسلام أكثر الديانات انتشارًا في الأندلُس بِسبب إقبال القوط وغيرهم على اعتناقه،
    وكان أهلُ الأندلُس في زمن الفتح والوُلاة على مذهب السلف وأهل الحديث، أي أنَّهُم كانوا يُقلِّدون الصحابة من غير تقيُّد بِمذهبٍ فقهيٍّ مخصوص لأنَّ المذاهب الفقهيَّة لم تكن قد وُجدت بعد،
    على الرُغم من أنَّ المُؤرِّخ أحمد بن مُحمَّد المُقري قال بِأنَّ أهل الأندلُس كانوا على مذهب الأوزاعي وأهل الشَّام مُنذ الفتح الإسلامي لِلبلاد، لكن من المُتفق عليه بين المُؤرخين المُحدثين بِأنَّ هذا خطأٌ وقع فيه المُقري،
    لأنَّ الإمام عبد الرحمٰن الأوزاعي وُلد سنة 88هـ المُوافقة لِسنة 707م، أي قبل فتح الأندلُس بِأربع سنوات. وغلب التديُّن والتقوى على النُفُوس في الأندلُس، وكانت روح الجهاد متمكنة في الأهالي، وبِالأخص على القوط الذين دخلوا في الإسلام، على أنَّهُ كان ثمَّة جماعات من القوط لم يدخلوا في الإسلام إلَّا جرًّا لِمنفعة، ثُمَّ أنَّ نفرًا من هؤلاء كانوا يسكنون في جُليقية فارتدوا عن الإسلام لمَّا غزتهم الممالك المسيحيَّة في الشمال.

    هكذا فتحت الأندلس في القرن الأول الميلادي، فتحت بدماء الشهداء الأبرار، ونقل المسلمون بلاد الأندلس من التخلف والجهل إلى نور العلم وحضارة الإسلام، فصارت الأندلس رمزا لحضارة الإسلام وللمكانة التي وصل إليها المسلمون من العلم والتقدم، في ذات الوقت الذي كانت مدن أوروبا في ظلام دامس من تخلف وجهل.
    ------------------------------------------------------------
    جزاكم الله خيرا ولا تنسونا من صالح دعائكم
    التالي :- معركه بلاط الشهداء

    صادق النور و انهار الجنه يعجبهم هذا الموضوع

    avatar
    انهار الجنه


    عدد المساهمات : 220
    تاريخ التسجيل : 07/03/2010

    محمد عبد الموجود جزاكم الله خيرا

    مُساهمة من طرف انهار الجنه الثلاثاء أبريل 11, 2023 5:03 pm

    جزاكم الله خيرا وبارك فيكم ونفع بكم

    صادق النور و انهار الجنه يعجبهم هذا الموضوع

    avatar
    انهار الجنه


    عدد المساهمات : 220
    تاريخ التسجيل : 07/03/2010

    محمد عبد الموجود جزاكم الله خيرا

    مُساهمة من طرف انهار الجنه الثلاثاء أبريل 11, 2023 5:08 pm

    معلومات قيمه ومفيده أفادكم الله

    صادق النور و انهار الجنه يعجبهم هذا الموضوع


      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28, 2024 12:47 pm