آل راشد



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

آل راشد

آل راشد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
آل راشد

ثقافى-اجتماعى

*** - اللَّهُمَّ اَنَكَ عَفْوٍ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعِفُو عَنَّا - *** - اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك . *** - اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ الْمَوْتِ وَ ارْزُقْنَا حُسْنَ الْخَاتِمَةِ . *** -

إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا شَابَتْ عَبِيدَهُمْ.. .. فِي رِقِّهِمْ عَتَقُوهُمْ عِتْقَ أَبْرَارٍ .. .. وَأَنْتَ يَا خَالِقِيُّ أوْلَى بِذَا كَرَمًا.. .. قَدْ شُبْتُ فِي الرِّقِّ فَأَعْتَقَنِي مِنَ النَّارِ .

المواضيع الأخيرة

» أَسْرارُ اَلْمُسَبَّحَةِ اَوْ السُّبْحَةِ وَأَنْواعُها وَأَعْدادُها - - ( ( الجُزْءُ أَلْأَولٌ ) )
الحادي عشر : صلاةُ المُسافِر . حُكم قَصْرِ الصَّلاةِ . التطوُّعُ في السَّفرِ .  جَمْعُ الصَّلاةِ .  صلاةُ المريضِ وأحكامها                   Ooou110اليوم في 8:52 am من طرف صادق النور

» أَسْرارُ اَلْمُسَبَّحَةِ اَوْ السُّبْحَةِ وَأَنْواعُها وَأَعْدادُها - - ( ( اَلْجُزْءُ الثَّانِي ))
الحادي عشر : صلاةُ المُسافِر . حُكم قَصْرِ الصَّلاةِ . التطوُّعُ في السَّفرِ .  جَمْعُ الصَّلاةِ .  صلاةُ المريضِ وأحكامها                   Ooou110اليوم في 8:06 am من طرف صادق النور

» أقسام صفات الله
الحادي عشر : صلاةُ المُسافِر . حُكم قَصْرِ الصَّلاةِ . التطوُّعُ في السَّفرِ .  جَمْعُ الصَّلاةِ .  صلاةُ المريضِ وأحكامها                   Ooou110أمس في 8:52 pm من طرف عبدالله الآحد

» اثبات أن الله يتكلم بالصوت والحرف وأن القرآن كلامه حقيقة
الحادي عشر : صلاةُ المُسافِر . حُكم قَصْرِ الصَّلاةِ . التطوُّعُ في السَّفرِ .  جَمْعُ الصَّلاةِ .  صلاةُ المريضِ وأحكامها                   Ooou110الجمعة أبريل 26, 2024 4:11 pm من طرف عبدالله الآحد

» الرياء شرك أصغر إن كان يسيرا
الحادي عشر : صلاةُ المُسافِر . حُكم قَصْرِ الصَّلاةِ . التطوُّعُ في السَّفرِ .  جَمْعُ الصَّلاةِ .  صلاةُ المريضِ وأحكامها                   Ooou110الخميس أبريل 25, 2024 4:39 pm من طرف عبدالله الآحد

» لم يصح تأويل صفة من صفات الله عن أحد من السلف
الحادي عشر : صلاةُ المُسافِر . حُكم قَصْرِ الصَّلاةِ . التطوُّعُ في السَّفرِ .  جَمْعُ الصَّلاةِ .  صلاةُ المريضِ وأحكامها                   Ooou110الأربعاء أبريل 24, 2024 5:12 pm من طرف عبدالله الآحد

» إثبات رؤية الله للمؤمنين في الجنة
الحادي عشر : صلاةُ المُسافِر . حُكم قَصْرِ الصَّلاةِ . التطوُّعُ في السَّفرِ .  جَمْعُ الصَّلاةِ .  صلاةُ المريضِ وأحكامها                   Ooou110الثلاثاء أبريل 23, 2024 7:24 am من طرف عبدالله الآحد

» الرد على من زعم أن أهل السنة وافقوا اليهود
الحادي عشر : صلاةُ المُسافِر . حُكم قَصْرِ الصَّلاةِ . التطوُّعُ في السَّفرِ .  جَمْعُ الصَّلاةِ .  صلاةُ المريضِ وأحكامها                   Ooou110الثلاثاء أبريل 23, 2024 5:40 am من طرف عبدالله الآحد

» طائِفُهُ الصَّفْوِيِّينَ - - اَلْدوَلهُ الصِّفْوِيهُ
الحادي عشر : صلاةُ المُسافِر . حُكم قَصْرِ الصَّلاةِ . التطوُّعُ في السَّفرِ .  جَمْعُ الصَّلاةِ .  صلاةُ المريضِ وأحكامها                   Ooou110الإثنين أبريل 22, 2024 11:18 am من طرف صادق النور

» حكم الرقى والتمائم
الحادي عشر : صلاةُ المُسافِر . حُكم قَصْرِ الصَّلاةِ . التطوُّعُ في السَّفرِ .  جَمْعُ الصَّلاةِ .  صلاةُ المريضِ وأحكامها                   Ooou110الأحد أبريل 21, 2024 7:19 am من طرف عبدالله الآحد

اهلا بكم

الثلاثاء نوفمبر 08, 2011 2:32 am من طرف mohamed yousef

الحادي عشر : صلاةُ المُسافِر . حُكم قَصْرِ الصَّلاةِ . التطوُّعُ في السَّفرِ .  جَمْعُ الصَّلاةِ .  صلاةُ المريضِ وأحكامها                   Ooousu10

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 35 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 35 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الأربعاء سبتمبر 15, 2021 4:26 am

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 9630 مساهمة في هذا المنتدى في 3191 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 286 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو عبدالرحمن فمرحباً به.

دخول

لقد نسيت كلمة السر

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع


    الحادي عشر : صلاةُ المُسافِر . حُكم قَصْرِ الصَّلاةِ . التطوُّعُ في السَّفرِ . جَمْعُ الصَّلاةِ . صلاةُ المريضِ وأحكامها

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5190
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    الحادي عشر : صلاةُ المُسافِر . حُكم قَصْرِ الصَّلاةِ . التطوُّعُ في السَّفرِ .  جَمْعُ الصَّلاةِ .  صلاةُ المريضِ وأحكامها                   Empty الحادي عشر : صلاةُ المُسافِر . حُكم قَصْرِ الصَّلاةِ . التطوُّعُ في السَّفرِ . جَمْعُ الصَّلاةِ . صلاةُ المريضِ وأحكامها

    مُساهمة من طرف صادق النور الخميس أكتوبر 20, 2022 5:34 pm


    صلاةُ أهلِ الأَعذارِ
    الفَصْلُ الأَوَّل: صلاةُ المُسافِر

    المَبْحَثُ الأوَّلُ: قَصْرُ الصَّلاةِ في السَّفَرِ

    المطلبُ الأوَّل: تعريفُ قَصرِ الصَّلاةِ[/size]
    قَصْر الصَّلاةِ: خلافُ الإتمامِ، وهو أنْ تُصلَّى الصَّلاةُ الرُّباعيَّةُ رَكعتينِ

    المطلب الثاني: مشروعيَّةُ القَصْرِ في السَّفَرِ
    يُشرَعُ قَصرُ الصَّلاةِ الرُّباعيَّةِ في السَّفرِ، في الجُملةِ.
    الأدلَّة:أولًا: من الكِتاب
    قال اللهُ تعالى: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا [النساء: 101]
    ثانيًا: من السُّنَّة
    1- عن يَعلَى بن أُميَّة رَضِيَ اللهُ عنه قال: (سألتُ عُمرَ بن الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه قلتُ: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا، وقد أمَّن اللهُ الناسَ؟ فقال لي عُمرُ رَضِيَ اللهُ عنه: عجبتُ ممَّا عجبتَ منه، فسألتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن ذلك فقال: ((صَدقَةٌ تَصدَّق اللهُ بها عليكم، فاقْبَلوا صَدقتَه ))
    2- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((صحبتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فكان لا يَزيدُ في السَّفرِ على ركعتينِ، وأبا بكر وعُمرَ وعثمانَ كذلك، رَضِيَ اللهُ عنهم ))
    3- عن عبدِ اللهِ بن عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ الله يحبُّ أن تُؤتَى رُخَصُه، كما يُحبُّ أن تُؤتَى عزائمُه ))
    ثالثا: مِنَ الِإِجْماع
    نقَل الإجماعَ على مشروعيَّة قَصْر الصَّلاةِ للمسافرِ: ابنُ المنذر، وابنُ عبد البَرِّ، وابنُ رُشد، وابنُ قُدامة، والنوويُّ، وابنُ تَيميَّة
    فَرْع: حُكمُ مَن سافَرَ ليترخَّصَ
    لا يجوزُ إنشاءُ السَّفرِ من أجْلِ الترخُّصِ برُخَص السَّفرِ، من الإفطارِ في رمضان، وقَصْرِ الصَّلاة، ومَن أنشأ السَّفرَ لذلك لم يُبَحْ له الترخُّصُ؛ نصَّ على هذا فقهاءُ الشافعيَّة، والحَنابِلَة، واختارَه ابنُ القيِّم، وابنُ عثيمين
    وذلك للآتي:
    أولًا: أنَّ السفرَ للترخُّصِ وسيلةٌ إلى الفِطرِ المحرَّمِ، وما كان وسيلةً إلى الحرامِ، فهو حرامٌ
    ثانيًا: أنَّ التحيُّلَ على إسقاطِ الواجِبِ لا يُسقِطُه، كما أنَّ التحيُّلَ على المحرَّمِ لا يَجعله مباحًا
    المطلب الثالث: ما لا يُشرَعُ قَصرُه من الصَّلوات


    لا يُشرَعُ قَصرُ صلاةِ الصُّبحِ، ولا صلاةِ المَغربِ.
    الدَّليل من الإجماع:
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المنذر
    ، وابنُ حزم، وابنُ عبد البَرِّ، وابن بطَّال، والنوويُّ، وابن مُفلِح، والعينيُّ

    المبحث الثاني: حُكم قَصْرِ الصَّلاةِ

    يُسنُّ قَصرُ الصَّلاةِ في السَّفرِ، وهذا مذهبُ الجمهور: المالِكيَّة والشافعيَّة، والحَنابِلَة،
    وبه قال أكثرُ العلماءِ من السَّلَفِ والخَلَفِ
    الأدلَّة: أولًا: من الكِتاب
    قال الله تعالى: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا [النساء: 101]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ (لا جُناح) لا يُستعملُ إلَّا في المباح كما قال الشافعي؛ كقوله تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ [البقرة: 198] ، وقوله تعالى لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ [البقرة: 236]
    ثانيًا: من السُّنَّة
    1- عن يَعلَى بن أُميَّة رَضِيَ اللهُ عنه قال: (سألتُ عُمرَ بن الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه قلت: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا، وقد أمَّن اللهُ الناسَ؟ فقال لي عُمرُ رَضِيَ اللهُ عنه: عجبتُ ممَّا عجبتَ منه، فسألتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن ذلك فقال: ((صَدقَةٌ تَصدَّق اللهُ بها عليكم، فاقْبَلوا صَدقتَه))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ قوله: ((صَدقةٌ تَصدَّق اللهُ بها عليكم)) دلَّ على أنَّ القَصرَ شُرِع في السَّفرِ رِفقًا بالعباد، وتخفيفًا عنهم، وأنَّه ليس بمعنى الحتْم، ولا إلزامَ فيه للمسافر؛ فقد أجمعتِ الأمَّة أنَّه لا يَلزم المُتصدَّقَ عليه قَبولُ الصَّدقةِ
    2- عن عبدِ الرَّحمنِ بن يَزيدَ قال: ((صلَّى بنا عُثمانُ بمنًى أربعَ ركَعات، فقِيل ذلك لعبد الله بن مسعودٍ، فاسترجع، ثم قال: صليتُ مع رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بمنًى ركعتينِ، ثم صليتُ مع أبي بكرٍ بمنى ركعتينِ، وصليتُ مع عُمرَ بمنًى ركعتينِ، فليتَ حظِّي من أربعِ ركَعاتٍ ركعتانِ مُتقبَّلتانِ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه لو كان القَصرُ واجبًا لَمَا أتمَّ عثمانُ رَضِيَ اللهُ عنه، ولَمَا وافَقَه الصَّحابةُ رَضِيَ اللهُ عنهم على ذلِك
    3- عن نافعٍ عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((صَلَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بمِنًى ركعتينِ، وأبو بكرٍ بَعدَه، وعُمرُ بعدَ أبي بكرٍ، وعثمانُ صدرًا من خِلافتِه، ثم إنَّ عثمانَ صَلَّى بعدُ أربعًا، قال: فكان ابنُ عُمرَ إذا صلَّى مع الإمامِ صلَّى أربعًا، وإذا صلَّاها وَحدَه صلَّى رَكعتينِ ))
    ثانيًا: أنَّ عامَّةَ العلماءِ- وحُكي فيه الإجماعُ- على أنَّ المسافرَ إذا اقتدَى بمقيمٍ، لزِمَه الإتمامُ، ولو كان الواجبُ ركعتينِ حتمًا لَمَا جازَ فِعلُها أربعًا خَلفَ مسافرٍ ولا حاضرٍ كالصُّبح
    ثالثًا: أنَّه تخفيفٌ ورخصةٌ أُبيح للمسافِر، فجاز تركُه كسائرِ الرُّخَص


    المَبحثُ الثالث: شُروطُ قَصْرِ الصَّلاةِ
    المَطْلَبُ الأَوَّلُ: أن يكونَ السَّفرُ مسافةَ قَصرٍ


    الفَرْع الأوَّل: مِقدارُ مَسافةِ القَصرِ
    اختَلف أهلُ العِلمِ في مِقدارِ مَسافةِ السَّفرِ الذي تُقصَرُ فيه الصَّلاةُ على أقوالٍ عِدَّة
    ، أقواها قولان:
    القول الأوّل: أنَّ المسافةَ التي تُقصَرُ فيها الصَّلاةُ: أربعةُ بُرُدٍ (88 كم تقريبًا)، وهذا مذهبُ الجمهور: المالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ بَعضِ السَّلفِ، وقولُ أبي يُوسفَ من الحَنَفيَّة، وبه قال فُقهاءُ أصحابِ الحديثِ، واختارَه ابنُ بازٍ
    الأَدِلَّة: أولًا: من الآثار
    1- عن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((يا أهلَ مَكَّةَ، لا تَقْصُروا في أقلَّ مِن أربعةِ بُرُد، وذلِك مِن مَكَّةَ إلى الطَّائفِ وعُسْفَانَ))
    2- عن عَطاءٍ قال: (سُئِلَ ابنُ عَبَّاسٍ: أأَقْصُرُ الصَّلاةَ إلى عَرفَةَ؟ فقال: لا، ولكن إلى عُسْفانَ وإلى جُدَّة، وإلى الطَّائِفِ) قال مالكٌ: (بَينَ مَكَّةَ والطَّائِفِ وجُدَّة وعُسْفَانَ أَربعةُ بُرُدٍ)
    3- عن عَطاءِ بنِ أبي رَبَاحٍ: (أنَّ ابنَ عُمرَ وابنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما كانَا يُصلِّيانِ رَكعتينِ، ويُفطِرانِ في أَربعةِ بُرُدٍ فما فَوقَ ذلِك)
    4- عن سالِمٍ ونافعٍ، عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: (أنَّه كان لا يَقصُرُ إلَّا في اليومِ التامِّ- قال مالك: وذلك أَربعةُ بُرُد)
    وَجْهُ الدَّلالةِ من هذِه الآثارِ:
    أنَّ هذه أقوالُ صحابةٍ، وقول الصَّحابيِّ حُجَّةٌ، خُصوصًا إذا خالَفَ القِياسَ
    ثانيًا: أنَّ في هذا القَدْرِ تَتكرَّرُ مَشقَّةُ الشدِّ والتَّرحالِ، وفيما دونه لا تَتكرَّرُ
    ثالثًا: أنَّها مسافةٌ تَجمَعُ مَشقَّةَ السَّفَر، من الحَلِّ والشدِّ؛ فجازَ القصرُ فيها، كمسافةِ الثَّلاثةِ الأيَّام، ولم يَجُز فيما دونها؛ لأنَّه لم يثبُتْ دليلٌ يُوجِبُ القَصرَ فيها
    القول الثاني: أنَّ القَصرَ يجوزُ في أيِّ سَفرٍ, ما دام يُسمَّى سَفرًا، طويلًا كان أمْ قصيرًا، ولا حَدَّ له، وهذا مذهبُ الظَّاهريَّة، وبعضِ الحَنابِلَةِ، واختارَه ابنُ قُدامةَ، وابنُ تَيميَّةَ، وابنُ القَيِّمِ، والشوكانيُّ، والشِّنقيطيُّ، وابنُ عُثيمين، والألبانيُّ
    الأدلَّة: أولًا: من الكِتاب
    قال اللهُ تعالى: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا [النساء: 101]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الآيةَ مُطلقَةٌ في قَصْرِ الصَّلاةِ في كلِّ ضَرْبٍ في الأرضِ، وليس فيها تقييدٌ بالمسافةِ أو بالزَّمَنِ
    ثانيًا: من السُّنَّة
    1- عن يَعلَى بنِ أُميَّةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: (سألتُ عُمرَ بنَ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه قلتُ: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا، وقدْ أمَّنَ اللهُ الناسَ؟ فقال لي عُمرُ رَضِيَ اللهُ عنه: عجبتُ ممَّا عجبتَ منه! فسألتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن ذلك فقال: ((صَدَقةٌ تَصدَّقَ اللهُ بها عَليكم، فاقْبَلُوا صَدقتَه))
    2- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((صَحِبتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فكان لا يَزيدُ في السَّفرِ على رَكعتينِ، وأبا بَكرٍ وعُمرَ وعُثمانَ كذلِك رَضِيَ اللهُ عنهم ))
    وجه الدَّلالةِ من هذه النُّصوصِ:
    أنَّ الأحاديثَ مُطلقَةٌ وليس فيها تقييدُ القصرِ في السَّفرِ بمسافةٍ مُعيَّنة
    ثالثًا: من الآثارِ
    عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: (إنِّي لأُسافِرُ الساعةَ من النَّهارِ فأَقْصُر, يعني: الصَّلاةَ)، وعنه أيضًا: (لو خَرجتُ مِيلًا قصرتُ الصَّلاةَ)
    رابعًا: أنَّ نُصوصَ الكتاب والسُّنَّة ليس فيها تفريقٌ بين سَفَرٍ طويلٍ وسفرٍ قصير؛ فمَن فرَّق بين هذا وهذا فقَدَ فرَّق بين ما جمَع الله بينه، فرقًا لا أصلَ له من كِتاب اللهِ ولا سُنَّة رسولِه، فالمرجعُ فيه إلى العُرْف، فما كان سَفرًا في عُرْف النَّاسِ فهو السَّفَرُ، الذي عَلَّقَ به الشارعُ الحُكمَ
    خامسًا: أنَّ السَّفَر لو كان له حَدٌّ لَمَا أَغفَل بيانَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
    سادسًا: أنَّ حدَّه بالسَّيرِ أو بالأيَّام لا يَنضبِطُ؛ لأنَّه يتفاوتُ حسبَ سرعةِ الدَّابَّة ونوعِها، إلى غيرِ ذلك
    سابعًا: أنَّه لا فَرْقَ بين سَفرِ أهل مكَّةَ إلى عرفةَ، حيث يَقصُرونَ الصلاةَ لذلك، وبين سَفرِ سائرِ المسلمينَ إلى قدْرِ ذلك من بلادِهم؛ فإنَّ هذه مسافةُ بَريدٍ، وقد ثبَت فيها جوازُ القَصرِ والجَمْعِ
    الفَرْعُ الثَّاني: حُكمُ مَن شَكَّ في قَدْرِ المَسافةِ:
    مَن شَكَّ في قَدْرِ المسافةِ؛ هل هي مسافةُ قَصْرٍ أمْ لا، لا يَقْصُر، ويَجِبُ عليه الإتمامُ؛ نصَّ على هذا فُقهاءُ الحَنابِلَةِ، وهو ظاهرُ مذهبِ المالِكيَّة، ونصَّ عليه الشافعيُّ
    وذلك للآتي:
    أولًا: أنَّ الأصلَ وُجوبُ الإتمامِ؛ فلا يزولُ بالشَّكِّ
    ثانيًا: أنَّ الأصل هو الإقامةُ حتَّى نتحقَّق أنَّه يُسمَّى سفرًا
    ثالثًا: أنَّ في الإتمامِ براءةً للذِّمَّة
    رابعًا: أنَّه صلَّى شاكًّا في صِحَّةِ صلاتِه، فأَشبهَ ما لو صلَّى شاكًّا في دخولِ الوقتِ
    الفَرعُ الثَّالِثُ: حُكمُ التائِهِ الذي لا يَقصِدُ مكانًا معينًا
    يُشترَطُ لجوازِ القَصرِ أنْ يَقصِدَ قطْعَ مسافةِ قَصرٍ، فلو خرَج تائهًا أو لحاجةٍ من غيرِ قَصْدِ قَطْعِ مسافةِ القَصرِ، فإنَّه لا يَقصُرْ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
    وذلك للآتي:
    أولًا: أنَّه لم يقصدْ مسافةَ القَصرِ؛ فلم يُبَحْ له، كابتداءِ سَفرِه
    ثانيًا: أنَّه اجتمَعَ في الصلاةِ ما يُوجِبُ الإتمامَ وما يُبيحُ الرُّخَصَ، فترجَّحَ الإتمامُ احتياطًا


    المطلب الثاني: عدم نيةُ الإقَامَةِ في السَّفرِ


    الفرع الأوَّل: حُكْمُ القَصْرِ لِمَن نوى الإقامَةَ
    مَن نوَى الإقامةَ يَلزمُه الإتمامُ.
    الدَّليل من الإجماع:    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ عبد البرِّ
    الفرع الثاني: مُدَّةُ الإقامةِ التي تَقطَعُ السَّفَرَ إذا نواها.
    اختلَفَ العُلماءُ في مدَّة الإقامةِ التي تَقطَع السَّفَرَ إذا نَواها إلى عِدَّة أقوالٍ أقْواها ثلاثةٌ :
    القولُ الأولُ: لا يَقْصُرُ المسافِرُ الصلاةَ إذا نوى الإقامةَ أربعةَ أيَّامٍ فأكثرَ، وهذا مذهبُ المالِكيَّة ، والشافعيَّة ، وروايةٌ عن أحمد ، وبه قال بعضُ السَّلَف ، واختارَه الطبريُّ ، وابنُ تيميَّةَ احتياطًا
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1-عن العَلاءِ بنِ الحضرميِّ قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يُقيمُ المهاجرُ بمكَّةَ بعدَ قضاءِ نُسُكِه ثَلاثًا ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه كان يَحرُم على المهاجرين الإقامةُ بمكَّةَ؛ فالإذنُ في الثلاثةِ؛ ليقضوا حوائِجَهم، يدلُّ على بقاءِ حُكمِ السَّفرِ فيها، وأنَّ ثلاثةَ أيامٍ ليس لها حكمُ الإقامةِ، وأنَّ ما زاد عليها -وهي أربعةُ أيامٍ- تُعتبَرُ إقامةً لِمن نواها
    ثانيًا: من الآثار
    عن عُمرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه: (أنَّه أجْلَى اليهودَ مِن الحجازِ، ثم أذِنَ لِمَن قدِمَ منهم تاجرًا أن يُقيمَ ثلاثًا)
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الاقتصارَ في الإذنِ لهم للتجارةِ ثلاثًا بعدَ إجلائِهم منها يُشيرُ إلى أنَّ ذلك مقامُ السَّفر، وما جاوزه مقامُ الإقامةِ
    ثالثًا: عمَلُ أهلِ المدينةِ:
    نقَل الإمامُ مالكٌ: عمَلَ أهلِ المدينةِ على ذلك
    القولُ الثاني: يَقصُرُ إذا أقامَ تِسعةَ عشَرَ يومًا، وإنْ زادَ أتمَّ، وهو قولٌ للشافعيِّ ، وهو قولُ ابن عَبَّاسٍ ، وإسحاق ابن راهَوَيه ، ووصَفَه الترمذيُّ بأقوى المذاهِبِ
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّةِ
    عن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: (أَقَامَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تِسْعَةَ عَشَرَ يَقْصُرُ، فَنَحْنُ إذَا سَافَرْنَا تِسْعَةَ عَشَرَ قَصَرْنَا، وإنْ زِدْنَا أتْمَمْنَا.)
    القَولُ الثَّالِثُ: ليس للسفَرِ مُدَّةٌ محدَّدةٌ إذا لم يُجمِعْ على إقامةٍ أو اسْتيطانٍ ، وهذا قَولُ ابنِ تيميَّةَ ، وابنِ القَيِّمِ ، وعبدِ الرَّحمنِ بنِ سَعديٍّ ، وابنِ عُثَيمين
    الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
    1- قَولُه تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ [النساء: 43]
    2- قَولُه تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة: 184]
    3- قَولُه تعالى: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا [النساء: 101]
    وَجهُ الدَّلالةِ مِنَ الآياتِ:
    أنَّ اللهَ سُبحانَه وتعالى لم يُفَرِّقْ بين سَفَرٍ طويلٍ وسَفَرٍ قَصيرٍ. وهذا الفَرقُ لا أصلَ له في كتابِ اللهِ ولا في سُنَّةِ رَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، بل الأحكامُ التي علَّقَها اللهُ بالسَّفَرِ عَلَّقَها به مُطلَقًا
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: (جَعَلَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثَلاثَةَ أيَّامٍ ولَيالِيَهُنَّ لِلْمُسافِرِ، ويَوْمًا ولَيْلَةً لِلْمُقِيمِ)
    2- عن أبي موسى الأَشعريِّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (إذَا مَرِضَ العَبْدُ، أوْ سَافَرَ، كُتِبَ له مِثْلُ ما كانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا)
    3- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ العَذَابِ، يَمْنَعُ أحَدَكُمْ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ ونَوْمَهُ، فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ، فَلْيُعَجِّلْ إلى أهْلِهِ)
    وَجهُ الدَّلالةِ مِنَ الأحاديثِ:
    في هذه الأحاديثِ لم يُفَرَّقْ بين سَفَرٍ طويلٍ وسَفَرٍ قصيرٍ، وهذا الفَرقُ لا أصلَ له في كتابِ اللهِ ولا في سُنَّةِ رَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، بل الأحكامُ التي علَّقها اللهُ بالسَّفَرِ عَلَّقَها به مُطلَقًا
    4- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: (الصَّلاَةُ أَوَّلُ مَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ، فَأُقِرَّتْ صَلاَةُ السَّفَرِ، وَأُتِمَّتْ صَلاَةُ الحَضَرِ)
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يَشرَعْ للمُسافِرِ أن يصلِّيَ إلَّا ركعتيِن ولم يَحُدَّ السَّفَرَ بزَمانٍ أو بمكانٍ، ولا حَدَّ الإقامةَ أيضًا بزمنٍ محدودٍ؛ لا ثلاثةٌ، ولا أربعةٌ، ولا اثنا عَشَرَ، ولا خمسةَ عَشَرَ
    ثالثًا: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أقام هو وأصحابُه بعد فتحِ مكَّةَ قريبًا من عشرينَ يومًا يَقصُرون الصَّلاةَ، وأقاموا بمكَّةَ عَشَرةَ أيامٍ يُفطِرون في رمضانَ، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَمَّا فتح مكَّةَ يَعلَمُ أنَّه يحتاجُ أن يُقيمَ بها أكثَرَ مِن أربعةِ أيَّامٍ. وإذا كان التحديدُ لا أصلَ له فما دام المسافِرُ مُسافِرًا يَقصُرُ الصَّلاةَ ولو أقام في مكانٍ شُهورًا
    رابعًا: لَمَّا عَلَّق الشَّارعُ القَصْرَ بمسَمَّى السَّفَرِ، فهي تتعلَّقُ بكُلِّ سَفَرٍ سواءٌ كان ذلك السَّفَرُ طويلًا أو قصيًرا، كما علَّق الطَّهارةَ بمسَمَّى الماءِ في قَولِه: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا [النساء: 43] ، ولم يُفَرِّقْ بين ماءٍ وماءٍ
    الفرع الثالث: مَن حُبِسَ ولم يَنوِ الإقامةَ، أو مَكَثَ لقضاءِ حاجتِه
    مَن مكَثَ لقضاءِ حاجتِه ولم يُجْمِعْ على الإقامةِ، فإنَّ له قَصرَ الصَّلاةِ، وإنْ طالتْ مدَّةُ إقامتِه.
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((أقامَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تِسْعةَ عَشَرَ يَقْصُرُ ))
    ثانيًا: مِنَ الِإِجْماع
    نقَل الإجماعَ على أنَّ للمُسافرِ أن يَقصُرَ ما لم يَجمعْ إقامةً، وإنْ طالتْ مُدَّةُ إقامتِه: الترمذيُّ، وابنُ عبد البَرِّ، وابنُ رُشدٍ
    الفرع الرابع: الملَّاحُ الذي معه أهلُه لا يَنوي الإقامةَ ببلدٍ
    الملَّاحُ مسافِرٌ وله قَصرُ الصَّلاةِ، ولو كان أهلُه معه، ما دامَ أنَّه ليس قريبًا من وطنِه، وهذا مذهبُ الجمهور: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، وهو قول داودَ
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    عن ابنِ عبَّاسٍ قال: (فرَضَ اللهُ الصَّلاةَ على لِسانِ نبيِّكم صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الحضَرِ أربعًا، وفي السَّفَرِ ركعتينِ، وفي الخوف ركعةً)
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الملَّاحَ في البحرِ مسافرٌ؛ فله حُكمُه
    ثانيًا: أنَّه مسافرٌ؛ فله الترخُّصُ برُخَصِ السَّفرِ، وكونُ أهلِه معه لا يَمنَعُ الترخُّصَ، كالجَمَّالِ


    المَطلَبُ الثالث: أن يكونَ السَّفرُ مُباحًا  



    اختَلَف أهلُ العِلمِ في الترخُّصِ برُخَصِ السَّفر في سفرِ المعصيةِ، على قولين:
    القول الأول: يُشترَطُ في الترخُّصِ برُخَصِ السَّفرِ، كقَصْرِ الصَّلاةِ، والإفطارِ في رمضانَ: أنْ يكونَ السفرُ مباحًا، فإنْ كان في سَفرِ معصيةٍ لم يُبَحْ له الترخُّصُ، وهذا مذهبُ الجمهور: المالِكيَّة  والشافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:  أولًا: من الكِتاب
    قال اللهُ تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ [المائدة: 3]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه شرَطَ في الترخيصِ بالاضطرارِ إلى أكْلِ المَيتةِ كونَه غيرَ متجانفٍ لإثمٍ، ويُفهَمُ منه أنَّ المتجانِفَ لإثمٍ لا رُخصةَ له، والعاصي بسَفرِه متجانِفٌ لإثم، وهو أَوْلى بالمنعِ من المضطرِّ في المَخْمَصةِ
    ثانيًا: أنَّ المعصيةَ لا تكونُ سببَ الرُّخصةِ، كما أنَّ السُّكرَ لا يُسقِطُ التكاليفَ
    ثالثًا: أنَّ رُخَصَ السفر متعلِّقةٌ بالسَّفرِ، ومنوطةٌ به، فلمَّا كان سفرُ المعصيةِ ممنوعًا منه لأجْل المعصيةِ، وجَبَ أن يكونَ ما تَعلَّق به من الرُّخَص ممنوعًا منه لأجْل المعصيةِ
    رابعًا: أنَّ في جوازِ الرُّخَصِ في سفرِ المعصيةِ والتخفيفِ عليه إعانةً له على معصيتِه
    خامسًا: أنَّ ما يتعلَّقُ بالسفرِ من رُخصةِ تخفيفٍ من الله سبحانه على عباده لِمَا يَلحقُهم من المشقَّةِ فيه؛ ليكون ذلك معونةً لهم وقوةً على سفرهم، والعاصي لا يستحقُّ المعونةَ؛ فلم يَجُزْ أن يَستبيحَ الرُّخصةَ
    سادسًا: أنَّ السببَ المحظور لا يُسقِطُ شيئًا من فَرْض الصَّلاةِ، كالخوف بالقِتال المحظورِ لا يُبيحُ صلاةَ شِدَّةِ الخوفِ
    سابعًا: أنَّ النُّصوصَ وردتْ في حقِّ الصَّحابةِ، وكانت أسفارُهم مباحةً؛ فلا يَثبُتُ الحُكمُ في سفرٍ مخالفٍ لسفرِهم؛ لأنَّه رُخصةٌ، فتتقيَّدُ بمحلِّها الذي وردتْ فيه
    القول الثاني: كلُّ مسافرٍ له الترخُّصُ برُخَصِ السَّفرِ، من غيرِ تفريقٍ بين السَّفرِ المباحِ، وبين سَفرِ المعصيةِ، وهذا مذهبُ الحَنَفيَّة، ورواية عن مالك، وبه قال طائفةٌ من السَّلفِ، واختاره ابنُ حزمٍ، وابنُ تيميَّة، والشوكانيُّ، والسعديُّ، وابنُ باز, وقوَّاه ابنُ عُثَيمين
    الأدلَّة: أولًا: من الكِتاب
    قال اللهُ تعالى: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا [النساء: 101]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ عمومَ الآيةِ تَقتضي الرُّخْصةَ في كلِّ ضاربٍ في الأرضِ من طائعٍ أو عاصٍ
    ثانيًا: من السُّنَّة
    1- عن يَعلَى بنِ أُميَّة رَضِيَ اللهُ عنه، قال: سألتُ عُمرَ بنَ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه قلتُ: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وقدْ أمَّن اللهُ الناسَ؟ فقال لي عُمرُ رَضِيَ اللهُ عنه: عجبتُ ممَّا عجبتَ منه! فسألتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن ذلك، فقال: ((صدَقةٌ تصدَّق اللهُ بها عليكم، فاقبَلوا صدقَتَه))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلام لم يَخصَّ سفرًا من سفرٍ، بل عمَّ، فلا يجوزُ لأحدٍ تخصيصُ ذلك، ولم يجُزْ ردُّ صدقةِ اللهِ تعالى التي أمَر- عليه السَّلامُ- بقَبولِها؛ فيكون مَن لا يَقبَلُها عاصيًا
    2- عنِ ابنِ عبَّاسٍ قال: فرَضَ اللهُ الصَّلاةَ على لِسانِ نبيِّكم صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الحَضَر أربعًا، وفي السَّفَرِ ركعتينِ، وفي الخوفِ ركعةً
    وجْه الدَّلالةِ من هذه النُّصوصِ:
    أنَّها عامَّةٌ في كلِّ سفرٍ، ولم تُقيَّدْ بسَفرِ الطَّاعةِ دون سفرِ المعصيةِ
    ثالثًا: أنَّ كلَّ صلاةٍ جاز الاقتصارُ فيها على ركعتينِ، استوى في فِعلها الطائعُ والعاصي كالجُمُعةِ
    رابعًا: أنَّ للمقيمِ رُخصةً وللمسافرِ رُخصةً، فلو مَنَعتِ المعصيةُ من رُخصةِ المسافِرِ لَمَنَعتْ من رُخصةِ المقيمِ، فلمَّا جازَ للمقيمِ أن يترخَّص أيضًا، وإنْ كان عاصيًا، جاز للمسافِرِ أن يترخَّصَ أيضًا وإنْ كان عاصيًا
    خامسًا: أنَّه لو أنشأَ سفرًا في طاعةٍ من حجٍّ، أو جهاد، ثم جعَلَه معصيةً لسعيهِ بالفسادِ جازَ أن يَستبيحَ رُخَصَ السَّفرِ، كذلك إذا أنشأ سفرَه عاصيًا
    سادسًا: أنَّه لَمَّا جازَ للعاصي أن يتيمَّمَ في سفرِه إجماعًا، ولم تمنعْه المعصيةُ من التيمُّم، فكذلك لا تَمْنَعُه من سائرِ الرُّخَصِ كالقَصرِ وغيرِه
    سابعًا: أنَّ نفْس السَّفرِ ليس بمعصيةٍ، وإنَّما المعصيةُ ما يكونُ بَعدَه أو يُجاوِرُه، فصَلَحَ أن تتعلَّقَ به الرُّخصةُ
    ثامنًا: أنَّ القُبحَ المجاوِرَ لا يعدمُ المشروعيَّةَ


    المَطْلَب الرابع: أن يكونَ قد فارَق بلَدَه      



    يُشترَطُ في قَصْر الصَّلاة في السَّفَر أنْ يكونَ قد خرَج من بيوتِ بلدِه، وفارَق عمرانَها، وترَكها وراءَ ظَهرِه
    ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة: أولًا: من الكِتاب
    قال اللهُ تعالى: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا [النساء: 101]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه رتَّب القصرَ على الضَّرْبِ في الأرضِ، والكائنُ في البُيوتِ ليس بضاربٍ في الأرضِ؛ فلا يَقصُر
    ثانيًا: من السُّنَّة
    عن أَنسِ بن مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلَّى الظُّهَر بالمدينةِ أربعًا، وصلَّى العصرَ بذِي الحُلَيفةِ رَكعتينِ
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه من المعلومِ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قدَّم النيَّةَ لسفرِه قبلَ الزَّوالِ، ثم أتمَّ الظهرَ؛ لأنَّه صلَّاها قبل خُروجِه، ولم يَقصُرْ حتى خرجَ من المدينةِ
    ثالثًا: أنَّ الإقامة تتعلَّقُ بدخولِ بيوتِ البَلدِ فيتعلَّقُ السَّفرُ بالخروجِ عنها
    رابعًا: أنَّه لَمَّا وجب عليه الإتمامُ إذا دخَلَ بنيانَ بلدِه عند قدومِه من سَفرِه إجماعًا، وجَب أنْ لا يجوزَ له القَصرُ في ابتداءِ خُروجِه قبلَ مُفارقةِ بُنيانِ بلدِه
    خامسًا: أنَّ المقيمَ في بلدِه وإنْ خرَج عن منزلِه لا يُسمَّى مسافرًا؛ لأنَّ المقيم قد يَخرُج من منزلِه للتصرُّفِ في أشغالِه، فلمْ يجُزْ له القصرُ؛ لعدمِ الشَّرْطِ المبيحِ له

    المَطلَبُ الخامس: دخولُ وقتِ الصَّلاةِ وهو في السَّفَرِ  


    لا يُشترَطُ لقصرِ الصَّلاةِ في السَّفرِ أن يكونَ قد دخَلَ عليه الوقتُ وهو في سفَرٍ، فمَن سافَر بعدَ دُخولِ الوقتِ فله قصرُ الصَّلاةِ، وهذا مذهبُ الجمهور: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، وروايةٌ عن أحمد، وحُكيَ الإجماع على ذلك
    وذلك للآتي:
    أولًا: أنَّ الاعتبارَ في صِفةِ الصَّلاةِ بحالِ الأداءِ لا بحالِ الوجوبِ، وهذا في حالِ الأداءِ مسافرٌ؛ فوَجَب أن يَقصُرَ
    ثانيًا: أنَّه سافرَ قبلَ خروجِ وقتِها، أشبَهَ ما لو سافَرَ قبل وجوبِها  


    المَطلبُ السادس: مَن أحْرَم في الحضرِ ثمَّ سافَر، أو العَكْس


    الفَرعُ الأوَّل: مَن أحْرَمَ بالصَّلاةِ في الحضَرِ ثمَّ سافَرَ
    مَن أَحْرَمَ بالصَّلاةِ في الحضرِ ثم سافَرَ ، وجَب عليه أن يُتِمَّ الصلاةَ كالمُقيمِ.
    الأدلَّة:أولًا: مِنَ الِإِجْماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: الماورديُّ، والنوويُّ
    ثانيًا: لأنَّها عبادةٌ اجتمع لها حُكمُ الحَضرِ والسَّفرِ؛ فغُلِّبَ حُكمُ الحَضرِ
    ثالثًا: أنَّه ابتداءٌ للصَّلاةِ في حالٍ يَلزمُه إتمامُها، فلزِمَه الإتمامُ
    الفَرْعُ الثَّاني: مَن أَحْرَم في السَّفر ثمَّ أقام
    مَن أحْرَم في السَّفرِ ثمَّ أقامَ، وجَبَ أن يُتمَّها صلاةَ مقيمٍ؛ نصَّ على هذا فُقهاءُ الحَنَفيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكِيَ الإجماع على ذلك؛ وذلك لأنَّها عبادةٌ اجتَمَع لها حُكمُ الحضَر والسَّفر؛ فغُلِّب حُكمُ الحَضَرِ


    المَطلَبُ السابع: نِيَّةُ القَصرِ


    اختَلفَ أهلُ العِلمِ في اشتراطِ نيَّة القَصرِ لجوازِ قَصْرِ الصَّلاةِ، على قولين:
    القول الأوّل: أنَّ نيَّة القصرِ عند تكبيرةِ الإحرام شَرْطٌ لجوازِه، وهذا مذهبُ الشافعيَّة
    ، والحَنابِلَة، وأحد القولين للمالكيَّة، وبه قال أكثرُ الفقهاء؛ وذلك لأنَّ الأصلَ الإتمامُ، فإذا لم يَنوِ القصرَ انعقَدَ إحرامُه على الإتمامِ؛ فلم يجُزْ القصرُ كالمُقيمِ
    القول الثاني: أنَّ القصرَ لا يَفتقِرُ إلى نيَّة، وهذا مذهبُ الحَنَفيَّة، وأحدُ القولينِ للمالكيَّة، وروايةٌ عن أحمدَ، واختاره ابنُ تَيميَّة، وابن عُثيمين
    وذلك للآتي:
    أولًا: أنَّ قَصرَ الصلاةِ في السَّفرِ هو الأصلُ؛ فلم يَفتقرْ إلى نيَّة
    ثانيًا: وأنَّه كما أنَّ المقيمَ لا يَلزمُه نِيَّةُ الإتمام، كذا المسافرُ لا يَلزمه نيَّةُ القصرِ
    ثالثًا: ولأنَّه لم يَنقُلْ قطُّ أحدٌ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنه أمَرَ أصحابَه لا بِنيَّةِ قصْرٍ، ولا نِيَّة جمْع، ولا كان خلفاؤه وأصحابُه ولا التابعون يأمرون بذلك مَن يُصلِّي خَلفَهم مع أنَّ المأمومين- أو أكثرهم- لا يَعرِفون ما يَفعلُه الإمامُ


    المَبحثُ الرابع: قضاءُ صَلاةِ السَّفرِ في الحضَرِ، أو العَكْس

    المطلب الأوَّل: قضاءُ صلاةِ الحضرِ في السَّفرِ



    مَن فاتتْه صلاةٌ في الحضَرِ قضاها في السَّفرِ تامَّةً، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة
    ، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكي الإجماعُ على ذلك
    وذلك للآتي:
    أولًا: أنَّ القضاء يَحكِي الأداءَ
    ثانيًا: أنَّها وجبتْ في الوقتِ كذلك، وفاتتْه كذلك، فيُراعَى وقتُ الوجوبِ لا وقتُ القَضاءِ
    ثالثًا: أنَّها ثبتَتْ في ذِمَّتِه تامَّةً؛ فيَجبُ قضاؤُها كذلك


    المطلب الثاني: قضاءُ صلاةِ السَّفرِ في الحضَرِ    


    اختَلَف أهلُ العِلمِ فيمَنْ فاتتْه صلاةٌ في السَّفرِ فأراد قضاءَها في الحضَرِ على قولين:
    القول الأوّل: مَن فاتتْه صلاةٌ في السَّفرِ قضاها في الحضَرِ مقصورةً، وهذا مذهبُ الحَنَفيَّة
    ، والمالِكيَّة، وبه قال الشافعيُّ في القديمِ، وهو قولُ سفيانَ الثوريِّ، واختارَه ابنُ عثيمين
    الأدلَّة:  أولًا: من السُّنَّة
    عن أنس بن مالك رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن نَسِيَ صَلاةً أو نام عنها فكفَّارتُها أن يُصلِّيَها إذا ذَكرَها
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الحديثَ يدلُّ على أنَّه يُصلِّي تلك الصَّلاةَ التي نسِيَها أو نام عنها بعينِها ووصْفِها، إنْ كانتْ مقصورةً فمقصورةً، وإنْ كانتْ غيرَ مقصورةٍ فغيرَ مقصورةٍ
    ثانيًا: أنَّ القضاءَ يَحكي الأداءَ
    ثالثًا: أنَّها وجبتْ في الوقتِ كذلك، وفاتتْه كذلك، فيُراعَى وقتُ الوجوبِ لا وقتُ القَضاءِ
    رابعًا: أنَّها صلاةُ سفرٍ؛ فكان قضاؤُها كأدائها في العدَد كما لو فاتتْه في الحضَر فقَضاها في السَّفرِ
    خامسًا: أنَّه إنما يَقضِي ما فاتَه، ولم يفته إلا ركعتان
    القول الثاني: أنَّ مَن فاتتْه صلاةٌ في السَّفرِ فقَضاها في الحضرِ، وجَب عليه أن يُتمَّها، وهذا مذهبُ الشافعيَّة على الأصحِّ، والحَنابِلَة، وبه قال الأوزاعيُّ، وداود الظاهريُّ، واختاره ابنُ باز
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن أنس بن مالك رَضِيَ اللهُ عنه أن نبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن نسِي صلاةً أو نامَ عنها فكفَّارتُها أنْ يُصلِّيَها إذا ذكَرَها
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الأمرَ بصلاتها إذا ذكرَها يدلُّ على أنَّه إنما وجبَتْ عليه في الحضَرِ حين ذكرَها، فيُتمُّها أربعًا
    ثانيًا: أنَّه تخفيفٌ تعلَّق بعُذرٍ، فزال بزوالِ العُذرِ كالقُعودِ في صلاةِ المريضِ
    ثالثًا: أنَّه اجتمَع ما يَقتضي القصرَ والإتمامَ، فغُلِّب جانبُ الإتمام، كما لو أقام المسافِرُ

    المَبحثُ الخامس: إتمامُ المُسافِرِ إذا صلَّى خلْفَ مُقيمٍ


    إذا ائتمَّ مسافرٌ بمقيمٍ وجَبَ عليه الإتمامُ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة
    ، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو مذهبُ عامَّة الفقهاءِ، وحُكِي الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن مُوسَى بنِ سَلمةَ قال: (كنَّا مع ابن عبَّاسٍ بمَكَّةَ، فقلتُ: إنَّا إذا كنَّا معكم صلَّيْنا أربعًا، وإذا رجَعْنا إلى رِحالنا صَلَّيْنا ركعتينِ، قال: تِلك سُنَّةُ أبي القاسِمِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم )
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ قوله (السُّنة) يَنصرِفُ إلى سُنَّة رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
    2- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليُؤتمَّ به؛ فلا تَختَلِفُوا عليه ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ مفارقةَ إمامِه اختلافٌ عليه، فلم يَجُزْ مع إمكانِ مُتابعتِه
    3- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، يقول: ((إذا أُقيمتِ الصَّلاةُ فلا تأتوها تَسعَوْنَ، وأتُوها تَمشُونَ وعليكم السَّكينةُ؛ فما أدركتُم فصلُّوا، وما فاتَكم فأتمُّوا ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ عُمومَ الحديثِ يدلُّ على مُتابعةِ الإمامِ
    ثانيًا: من الآثارِ
    عن نافِعٍ قال: (كان ابنُ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنه إذا صلَّى مع الإمامِ صلَّاها أربعًا، وإذا صلَّى وحْدَه صلَّاها رَكعتينِ)
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ هذا فِعلُ ابن عُمرَ، وكذلك ورد عن ابن عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، ولا مخالفَ لهم من الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم
    ثالثًا: أنَّ قصْد الاقتداءِ من المسافِر بالمقيم يكونُ بمنزلةِ نيَّة الإقامةِ في حقِّ وجوبِ التَّكميلِ
    رابعًا: أنَّه اجتمع ما يَقتضي القصرَ والتَّمامَ، فغُلِّب التمامُ، كما لو أحْرَم بها في السَّفرِ ثم أقام
    المَبحَثُ السادس: إذا ائتمَّ مسافرٌ بمَن يَشُكُّ فيه

    اختلَف أهلُ العِلم في إتمام المسافِر وقصره للصلاة إذا ائتمَّ بمَن يشكُّ فيه؛ هل هو مسافرٌ أو مُقيمٌ؟ على قولين:
    القول الأول: إذا ائتمَّ مسافرٌ بمَن يشكُّ في حاله؛ هل هو مسافرٌ أو مقيم، وجَب عليه الإتمامُ، وهذا مذهبُ الشافعيَّة، والحَنابِلَة
    وذلك للآتي:
    أولًا: عدَم الجزمِ بكونه مسافرًا عندَ الإحرامِ
    ثانيًا: أنَّ الأصلَ وجوبُ الصَّلاةِ تامَّةً، فليس له نِيَّةُ قَصْرِها مع الشكِّ في وجوبِ إتمامِها
    القول الثاني: أنَّه يلزمُه الإتمامُ إذا أتَمَّ إمامُه، أمَّا إذا قصَر الإمامُ فلا يلزمه الإتمامُ، وهذا وجهٌ عندَ الشافعيَّة، واختارَه ابنُ عثيمين؛ وذلك لأنَّ الأصلَ في صلاةِ المسافِرِ القَصرُ، ولا يَلزَمُه الإتمامُ خَلْفَ الإمامِ إلَّا إذا أتمَّ الإمامُ، وهنا لم يُتمَّ الإمامُ
    المبحث السابع: الجَمْعُ في السَّفرِ
    سيأتي في الفصلِ الثَّاني: جمعُ الصَّلاةِ

    ---------------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا احبابنا  
    تابعونا جزاكم الله خيرا
    لا تنسونا من صالح دعائكم



    عدل سابقا من قبل sadekalnour في الخميس أكتوبر 20, 2022 9:14 pm عدل 2 مرات

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5190
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    الحادي عشر : صلاةُ المُسافِر . حُكم قَصْرِ الصَّلاةِ . التطوُّعُ في السَّفرِ .  جَمْعُ الصَّلاةِ .  صلاةُ المريضِ وأحكامها                   Empty المبحث الثامن: التطوُّعُ في السَّفرِ

    مُساهمة من طرف صادق النور الخميس أكتوبر 20, 2022 7:51 pm

    ا
    لمبحث الثامن
    :
    التطوُّعُ في السَّفرِ

    المطلب الأوَّل
    :
    التطوُّعُ المُطلَقُ في السَّفرِ

    يشرَعُ التطوُّعُ المطلَقُ في السَّفرِ.
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن عامرِ بنِ رَبيعةَ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّه رأى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي السُّبحةَ باللَّيلِ في السَّفرِ على ظهرِ راحلتِه ))

    2- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي التطوُّعَ وهو راكبٌ في غيرِ القِبلةِ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ (أل) في (التطوُّع) للاستغراقِ، والأصل بقاءُ التطوُّعِ بالنوافلِ على مشروعيَّته، حتى يَرِدَ دليلٌ على تَرْكِه، ولم يَرِدِ الدليلُ على التركِ إلَّا في راتبةِ الظهرِ والمغربِ والعشاءِ
    ثانيًا: مِن الآثار
    عن مجاهدٍ، قال: (صحبتُ ابنَ عمرَ من المدينةِ إلى مكَّةَ، وكان يُصلِّي تطوعًا على دابَّتِه حيثُما توجَّهتْ به، فإذا كانتِ الفريضةُ نزَلَ فصلَّى)
    ثالثا: مِنَ الِإِجْماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: النوويُّ، وابنُ مفلحٍ
    رابعًا: أنَّ الأصلَ بقاءُ التطوُّعِ بالنوافلِ على مشروعيَّته حتى يرِدَ دليلٌ على تركِه، ولم يَرِدِ الدليلُ على التركِ إلَّا في راتبةِ الظُّهرِ والمغربِ والعِشاءِ


    المطلب الثاني: ركعتَا الفجرِ والوترُ في السَّفرِ

    تُصلَّى ركعتَا الفجرِ والوترُ في السَّفرِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّه، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّة:
    1- عن أبي قَتادةَ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّهم كانوا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سفرٍ فناموا عن صلاةِ الصُّبحِ حتى طلعتِ الشمسُ، فساروا حتى ارتفعتِ الشمسُ ثم نزَلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فتوضَّأ، ثم أذَّن بلالٌ بالصلاةِ فصَلَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ركعتينِ، ثم صلَّى الغداةَ فصنَعَ كما كان يَصنَعُ كلَّ يومٍ ))
    2- وعن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه في هذه القِصَّة أيضًا: ((ثمَّ دعا بماءٍ فتوضَّأ، ثم صلَّى سجدتينِ، أي: ركعتين، ثم أُقيمتِ الصلاةُ فصلَّى صلاةَ الغداة.... ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ هاتينِ الركعتينِ اللَّتين قضاهما هما سُنَّةُ الصبحِ
    3- عن سعيدِ بنِ يَسارٍ، قال: ((كنتُ أسيرُ مع عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ بطريق مكَّة، فلمَّا خشيتُ الصبحَ نزلتُ فأوترتُ ثم لحقتُه، فقال: أينَ كُنتَ؟ فأخبرتُه، فقال: أليس لك في رسولِ اللهِ أُسوةٌ حسنةٌ؟! قلتُ: بلَى واللهِ! قال: إنَّ رسولَ اللهِ كان يُوتِرُ على البَعيرِ ))

    المطلب الثَّالث: السُّننُ الرَّواتبُ في السَّفرِ غيرُ ركعتَي الفجرِ، والوترِ


    لا يُسَنُّ أداءُ السُّننِ الرواتبِ في السَّفرِ غيرَ رَكعتَي الفجرِ والوترِ، وبه قال كثيرٌ من مشايخِ الحَنَفيَّة
    ، واختاره ابنُ تيميَّة، وابنُ القيِّم، وابنُ عُثيمين، وبه أفتت اللَّجنة الدَّائمة
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    1- عن حفصِ بنِ عاصمٍ، قال: ((صحبتُ ابنَ عُمرَ في طريقِ مكَّةَ، فصَلَّى لنا الظهرَ ركعتينِ، ثم أقبل وأقبَلْنا معه، حتى جاء رَحلَه وجلَس وجلَسْنا معه، فحانتْ منه التفاتةٌ نحوَ حيثُ صلَّى فرأى ناسًا قيامًا، فقال: ما يَصنَعُ هؤلاءِ؟ قلنا: يُسبِّحون، فقال: لو كنتُ مسبِّحًا أتممتُ صلاتي! يا ابنَ أخي إنِّي صحبتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في السفرِ فلم يزِدْ على ركعتينِ حتَّى قبضَه اللهُ، وصحبتُ أبا بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه فلم يزِدْ على ركعتينِ حتى قبضَه اللهُ، وصحبتُ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنه فلم يزِدْ على ركعتين حتى قبضَه الله، وصحبتُ عُثمانَ رَضِيَ اللهُ عنه فلم يزِدْ على ركعتينِ حتى قبضَه الله،
    وقد قال الله تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب: 21] ))
    2- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّه قال في حديثِه الطويلِ في صِفة حجَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((حتى أتى المزدلفةَ، فصلَّى بها المغربَ والعِشاءَ بأذانٍ واحدٍ وإقامتينِ، ولم يُسبِّح بينهما شيئًا ))
    3- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((جمَع النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بين المغربِ والعِشاءِ بجَمْعٍ كلَّ واحدةٍ منهما بإقامةٍ، ولم يُسبِّحْ بينهما، ولا على إثرِ كلِّ واحدةٍ منهما ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنه ترَكَ التنفُّلَ عقبَ المغربِ وعقبَ العِشاءِ
    4- عنِ عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: رأيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا أَعجلَه السيرُ يُؤخِّرُ المغربَ فيُصلِّيها ثلاثًا ثم يُسلِّم، ثم قلَّما يَلبَثُ حتى يُقيمَ العِشاءَ، فيُصلِّيها ركعتينِ ثم يُسلِّم، ولا يُسبِّحُ بعدَ العِشاءِ (يعني لا يَتنفَّل) حتى يقومَ من جوفِ اللَّيلِ

    المطلب الرَّابع: صلاةُ الوترِ على الراحلةِ في السَّفرِ


    تجوزُ صلاةُ الوترِ على الراحلةِ في السَّفرِ، وهذا مذهبُ الجمهورِ
    : المالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ داودَ، وقولُ جمهورِ العلماءِ من الصَّحابةِ ومَن بَعدَهم
    الدَّليل من السُّنَّة:
    عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يُوتِرُ على بعيرِه ))
    المطلب الخامسُ: استقبالُ القِبلةِ في التطوُّعِ في السَّفرِ على الرَّاحلةِ
    تَقدَّمَ الكلامُ عن هذه المسألةِ في مسألةِ صلاةِ النافلةِ على الراحلةِ في السَّفرِ.
    ---------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا ... تابعونا جزاكم الله خيرا ....
    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5190
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    الحادي عشر : صلاةُ المُسافِر . حُكم قَصْرِ الصَّلاةِ . التطوُّعُ في السَّفرِ .  جَمْعُ الصَّلاةِ .  صلاةُ المريضِ وأحكامها                   Empty الفصل الثاني: جَمْعُ الصَّلاةِ

    مُساهمة من طرف صادق النور الخميس أكتوبر 20, 2022 8:16 pm


    الفصل الثاني: جَمْعُ الصَّلاةِ
    معنى جَمْعِ الصَّلاةِ
    المُرادُ بجَمْعِ الصَّلواتِ: هو أن يَجمعَ المصلِّي بين فَريضتينِ في وقتِ إحداهما؛ إمَّا جمْعَ تَقديمٍ، وإمَّا جمْعَ تأخيرٍ.
    والصَّلواتُ التي يجوز فيها الجَمْعُ هي: الظُّهرُ مع العَصر، والمغربُ مع العِشاءِ

    المبحث الأول: أسبابُ الجَمْعِ

    المطلب الأوَّل: الجَمْعُ بعَرفَةَ ومُزدلِفةَ

    يُسنُّ جمْعُ صلاتيِ الظُّهرِ والعصرِ بعَرفةَ جَمْعَ تقديمٍ، وجمْعُ صلاتيِ المغربِ والعِشاءِ بالمزدلفةِ جمْعَ تأخيرٍ.
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    1- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه- في صِفة حَجَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: ((ثمَّ أذَّن، ثمَّ أقام فصلَّى الظُّهرَ، ثمَّ أقام فصلَّى العصرَ، ولم يُصلِّ بينهما شيئًا... حتى أتى المزدلفةَ، فصلَّى بها المغربَ والعِشاءَ بأذانٍ واحدٍ وإقامتين، ولم يُسبِّحْ بينهما شيئًا ))

    2- عن ابنِ شِهابٍ، قال: أخبرني سالمٌ، أنَّ الحَجَّاجَ بنَ يوسفَ، عامَ نزَل بابنِ الزُّبَيرِ رَضِيَ اللهُ عنهما، سألَ عبدَ اللهِ بن عمر رَضِيَ اللهُ عنهما، كيف تَصنَعُ في الموقف يومَ عرفة؟ فقال سالمٌ: «إنْ كُنتَ تُريدُ السُّنَّة فهَجِّرْ بالصلاةِ يومَ عَرفةَ، فقال عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ: صدَق؛ إنَّهم كانوا يَجمعون بين الظُّهرِ والعصرِ في السُّنَّة، فقلتُ لسالمٍ: أَفعَلَ ذلك رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟ فقال سالمٌ: وهلْ تَتَّبعون في ذلِكَ إلَّا سُنَّتَه؟! »
    3- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((جمَع النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بين المغربِ والعِشاءِ بجَمْعٍ، كلَّ واحدةٍ منهما بإقامةٍ، ولم يُسبِّحْ بينهما، ولا على إثرِ كلِّ واحدةٍ منهما ))
    4- عن أبي أيُّوبَ الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جمَع في حَجَّةِ الوداعِ المغربَ والعِشاءَ بالمزدلفةِ ))
    5- عن أُسامةَ بنِ زَيدٍ رَضِيَ اللهُ عنه- وكان رَديفَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن عرفةَ إلى المزدلفة- قال: ((فنَزَلَ الشِّعب، فبال ثم توضَّأ ولم يُسبِغِ الوضوءَ، فقلت له: الصَّلاةُ؟ فقال: الصَّلاةُ أمامَك، فركِب فلمَّا جاءَ المزدلفةَ نزَلَ فتوضَّأ، فأسبغَ الوضوءَ، ثم أُقيمتِ الصَّلاةُ فصلَّى المغربَ، ثم أناخَ كلُّ إنسانٍ بعيرَه في منزلِه، ثم أُقيمتِ العِشاءُ فصلَّاها، ولم يصلِّ بينهما شيئًا ))
    ثانيًا: مِنَ الِإِجْماع
    نقَلَ الإجماعَ على سُنيَّةِ الجَمْعِ بعرفةَ والمزدلفةِ: ابنُ عبد البرِّ، وابنُ رُشدٍ

    المطلبُ الثاني: الجَمْعُ في السَّفرِ

    الفرعُ الأولُ: حُكمُ الجمْعِ في السَّفَر
    يَجوزُ الجمعُ في السَّفرِ
    تقديمًا وتأخيرًا، وهو المشهورُ من مذهبِ المالِكيَّة، ومذهب الشافعيَّة، والحَنابِلَة، وبه قال جمهورُ العلماءِ مِن السَّلفِ والخَلَفِ
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    1- عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَجمَعُ بين المغرب والعشاء إذا جَدَّ به السَّيرُ ))
    2- عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا ارتحَلَ قبلَ أن تَزيغَ الشَّمس، أخَّرَ الظهرَ إلى وقتِ العَصرِ، ثم نزَلَ فجَمَعَ بينهما، فإنْ زاغتِ الشمسُ قبلَ أن يرتحِلَ، صلَّى الظهرَ ثم ركِب ))
    3- عن معاذٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((خرَجْنا مع رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غزوةِ تَبُوكَ، فكانَ يُصلِّي الظهرَ والعصرَ جميعًا، والمغربَ والعِشاءَ جميعًا ))
    4- عن أبي جُحَيفةَ، قال: ((خرَج رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بِالهاجِرَةِ إلى البَطْحاءِ، فتوضَّأ، ثم صلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، والعَصْرَ رَكعتينِ ))
    ثانيًا: أنَّه سفرٌ يجوزُ فيه القصرُ، فجاز فيه الجَمْعُ كالحجِّ
    ثالثًا: أنَّه لَمَّا كان للسَّفرِ تأثيرٌ في تَرْكِ بعضِ الصَّلاةِ، فلأنْ يكونَ له تأثيرٌ في ترْكِ الوقتِ أَوْلى
    الفرع الثاني: الأفضلُ في وقتِ الجَمْعِ للمُسافِرِ
    الأفضلُ هو أن يَفعلَ المسافرُ الأرفقَ به، مِن تقديمٍ أو تأخيرٍ، وهذا مذهبُ الشافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو اختيار ابن تيميَّة، وابن باز، وابن عُثَيمين
    الأدلَّة: أولًا: من الكِتاب
    قولُ الله تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة: 185]
    ثانيًا: من السُّنَّة
    عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ الدِّينَ يُسرٌ ))
    ثالثًا: أنَّ الجَمْع إنَّما شُرِعُ رفقًا بالمكلَّف؛ فما كان أرفقَ فهو أفضلُ
    رابعًا: أنَّ الجَمْعَ مِن رُخَصِ السَّفرِ؛ فلم يختصَّ بحالةٍ كسائرِ رُخَصِه
    المطلب الثالث: الجَمْعُ في المَرَضِ
    سيأتي في الفصل الثالث: صلاةُ المريض

    المطلب الرابع: حُكمُ جَمْعِ المُستحاضَةِ


    يجوزُ للمستحاضةِ أن تَجمَعَ بين الصَّلاتينِ
    ؛ نصَّ على هذا فُقهاءُ الحَنابِلَةِ، واختارَه ابنُ تيميَّة، والشَّوكانيُّ، وابنُ بازٍ، وابنُ عُثَيمين
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن حَمْنةَ بِنتِ جَحشٍ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّها استفتَتِ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الاستحاضةِ، فقال لها: ((فإنْ قَويتِ على أنْ تُؤخِّري الظُّهرَ، وتُعجِّلي العَصرَ، فتَغتسلينَ وتَجمعينَ بين الصَّلاتينِ، فافعلي ))
    المطلب الخامس: الجَمْعُ لِلمَطَرِ

    الفرع الأول: حُكْمُ الجَمْعِ للمَطَر
    يَجوزُ الجمعُ بين الصَّلاتينِ لِمَطرٍ، وهذا مذهبُ الجمهور: المالِكيَّة
    ، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وبه قال الفقهاءُ السَّبعةُ، وحُكي الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن ابن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((جمَعَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بين الظُّهرِ والعَصرِ والمغربِ والعِشاءِ بالمدينةِ من غيرِ خوفٍ ولا مَطرٍ. فقيل لابن عَبَّاسٍ: ما أرادَ إلى ذلك؟ قال: أرادَ أنْ لا يُحرِجَ أُمَّتَه )
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ تَعبيرَ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنه: (مِن غيرِ خَوفٍ ولا مَطرٍ)، يُشعِرُ أنَّ الجَمْعَ للمَطرِ كان معروفًا في عَهدِه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم, ولو لم يَكُنْ كذلك لَمَا كان ثَمَّة فائدةٌ مِن نَفْي المطرِ كسببٍ مسوِّغٍ للجمعِ
    2- عنِ ابنِ عَبَّاسٍ، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلَّى بالمدينةِ سَبعًا وثمانيًا، الظُّهرَ والعَصرَ، والمغربَ والعِشاءَ. فقال أيُّوبُ: لعلَّه في ليلةٍ مطيرةٍ؟ قال: عسى
    ثانيًا: من الآثارِ
    عن نافعٍ: (أنَّ ابنَ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنه كان إذا جَمَعَ الأُمراءُ بين المغربِ والعِشاءِ جمَعَ معهم في المطرِ)
    ثالثًا: أنَّ هذا معنًى يَلحَقُ به المشقَّةُ غالبًا؛ فكانَ له تَأثيرٌ في أداءِ الصَّلاةِ في وقتِ الضَّرورةِ كالسَّفرِ والمرضِ
    الفرع الثاني: الصَّلواتُ التي تُجمَعُ بعُذرِ المَطرِ
    تُجمَعُ الظهرُ مع العَصرِ، والمغربُ مع العِشاءِ بعُذرِ المطرِ، وهذا مذهبُ الشافعيَّة، ووجْهٌ للحنابلة، وبه قال بعضُ السَّلفِ، واختاره ابنُ تيميَّة، وابنُ باز، وابنُ عُثَيمين
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن ابن عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((صلَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الظُّهرَ والعَصرَ جميعًا بالمدينةِ. في غيرِ خوفٍ ولا سفرٍ)) قال أبو الزُّبيرِ: فسألتُ سعيدًا: لِمَ فَعَلَ ذلِك؟ فقال: سألتُ ابنَ عبَّاسٍ كما سألتَني. فقال: أرادَ أنْ لا يُحْرِجَ أحدًا من أُمَّتِه
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ الحديثَ دلَّ على مشروعيَّةِ الجَمْعِ بين الظُّهرينِ والعِشاءينِ؛ للحاجةِ ودَفْعِ الحرَجِ، ومن ذلك المطر
    2- عن ابنِ عَبَّاسٍ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلَّى بالمدينةِ سَبعًا وثمانيًا، الظُّهرَ والعصرَ، والمغربَ والعِشاءَ. فقال أيُّوبُ: لعلَّه في ليلةٍ مطيرةٍ؟ قال: عسى
    ثانيًا: أنَّ الظهر والعصر صلاتانِ يَجوزُ الجمعُ بينهما في السَّفرِ؛ فجاز الجمعُ بينهما في الحضَرِ كالمغربِ والعِشاءِ
    ثالثًا: أنَّ المطرَ معنًى أباح الجَمعَ، فأباحَه بين الظُّهرِ والعَصرِ، كالسَّفرِ

    المطلبُ السَّادِسُ: الجَمْعُ للخَوْفِ


    اختَلَفَ أهلُ العِلمِ في كونِ الخوفِ عُذرًا يُجيزُ الجَمْعَ، على قولينِ:
    القولُ الأوَّل: يجوزُ الجَمْعُ للخوفِ، وهذا مذهبُ الحَنابِلَة
    ، وقولٌ للمالكيَّة، ووجْهٌ للشَّافعيَّة، وهو قولُ ابنِ تَيميَّة، وابنِ باز، وابنِ عُثَيمين
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    عن ابن عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: صلَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الظُّهرَ والعصرَ جميعًا، والمغربَ والعِشاءَ جميعًا، في غيرِ خوفٍ ولا سَفرٍ
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ قولَ ابنِ عبَّاسٍ: (من غيرِ خوفٍ ولا سَفرٍ)، يدلُّ بمفهومه على جوازِ الجَمْعِ للخوفِ
    ثانيًا: أنَّ هذا عُذرٌ تَلحَقُ به المشقَّةُ، ومشقتُه أكثرُ من مَشقَّةِ السَّفرِ والمرَضِ والمطرِ؛ فإذا كانَ الجمعُ يجوزُ في السَّفرِ والمطرِ والمرضِ، فلأنْ يجوزَ للخوفِ من العدوِّ أَوْلَى
    القول الثاني: لا يجوزُ الجمعُ للخوفِ، وهذا مذهبُ الحَنَفيَّة، والشافعيَّة، وقولٌ للمالكيَّة، وعليه فتوى اللَّجنة الدَّائمة
    الأدلَّة: أولَا: مِن الكِتاب
    قال اللهُ تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا [البقرة: 238-239]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ معنى الآية: إذا كُنتم لا تَتمكَّنون من أداءِ الصَّلاةِ على ما هي عليه، وخِفتُم من العدوِّ، فرجالًا أو ركبانًا، أي: حتى لو كُنتمْ ماشينَ أو راكبينَ، فصَلُّوا ولا تُؤخِّروها؛ فلا يجوزُ للإنسانِ أن يُؤخِّرَ الصلاةَ عن وقتِها لأيِّ عَملٍ كان
    ثانيًا: أنَّه لم يُنقَلْ جَمْعُ الصَّلاةِ لعُذرِ الخوفِ
    ثالثا: أنَّ الصَّلاةَ لها مواقيتُ معلومةٌ شرعًا؛ فلا يُخرَجُ عنها إلَّا بدليلٍ

    المطلب السابع: حُكْمُ الجَمْعِ للمُرضِع


    يَجوزُ للمُرضِعِ جَمْعُ الصَّلاةِ إذا شَقَّ عليها غَسْلُ ثيابِها عند كلِّ فريضةٍ؛ نصَّ على ذلك فُقهاءُ الحَنابِلَةِ
    ، واختارَه ابنُ تيميَّة، وابنُ عُثَيمين؛ وذلك لكثرةِ ما يَلحَقُها من نجاسةِ الطِّفلِ، ومشقَّةِ تَطهيرِ ثِيابِها لكلِّ صلاةٍ

    المطلَبُ الثَّامِنُ: الجَمْعُ لدَفْعِ الحَرَجِ والمَشَقَّة
    يجوز الجَمْعُ في الحَضَرِ لدَفْعِ الحَرَجِ والمشَقَّة، وهو المنصوصُ عن أحمَدَ
    وقولُ طائفةٍ من الفقهاءِ وأصحابِ الحديثِ، واختارَه ابنُ تيميَّةَ، وابنُ عثيمينَ
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن ابنِ عَبَّاسٍ، قال: ((جمَعَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بين الظُّهْرِ والعَصْرِ، وبين المغْرِبِ والعِشاءِ بالمدينةِ، من غَيْرِ خَوْفٍ ولا مَطَرٍ))، قال: فقيل لابنِ عبَّاسٍ: ما أراد بذلك؟ قال: أرادَ أنْ لا يُحْرِجَ أُمَّتَه
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه عَلَّلَ الجمْعَ بقوله: (أراد أن لا يُحْرِجَ أُمَّتَه) فمتى لحِقَ المكَلَّفَ حَرَجٌ في تركِ الجَمْعِ؛ جاز له أن يَجْمَعَ
    ----------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا ... تابعونا جزاكم الله خيرا
    ::
    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5190
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    الحادي عشر : صلاةُ المُسافِر . حُكم قَصْرِ الصَّلاةِ . التطوُّعُ في السَّفرِ .  جَمْعُ الصَّلاةِ .  صلاةُ المريضِ وأحكامها                   Empty المبحث الثاني: شُروطُ الجَمْعِ

    مُساهمة من طرف صادق النور الخميس أكتوبر 20, 2022 8:30 pm

    المبحث الثاني: شُروطُ الجَمْعِ

    المطلب الأوَّلُ: ما يُشترَطُ للجَمعِ في وقتِ الأُولى
    الفرع الأوَّلُ: البَداءَةُ بالأُولَى
    يُشترَطُ أنْ يبدَأَ بالأُولى من الصَّلاتينِ، أي: أن يَبدأَ بالظُّهرِ إذا جمَعَها مع العصرِ، وأنْ يَبدأَ بالمغربِ إذا جمَعَها مع العِشاءِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّة الأربعةِ: الحَنَفيَّة والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن مالكِ بنِ الحُويرثِ رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((صَلُّوا كما رَأيتُموني أُصلِّي ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَرَنا أنْ نُصلِّيَ كما كان يُصلِّي، وقد كان يَجمَعُ بين الصَّلاتينِ، فيَبدأ بالأُولى
    ثانيًا: أنَّ الوقتَ للصَّلاة الأُولى والثانية تبعٌ لها، والتابِعُ لا يَتقدَّمُ على متبوعِه
    ثالثًا: أنَّ الشَّرعَ جاءَ بترتيبِ الأوقاتِ في الصَّلواتِ؛ فوَجَب أن تكونَ كلُّ صلاةٍ في المحلِّ الذي رتَّبَها الشارعُ فيه
    الفرع الثاني: نِيَّةُ الجَمْعِ
    النيَّةُ ليستْ شرطًا في جواز الجمْع، بل يُجزئ الجمعُ ولو لم يَنْوِه في الصَّلاةِ الأولى ما دام سببُه باقيًا، وهو مذهبُ الحَنَفيَّة، وقولٌ للمالكيَّة، وبه قال طائفةٌ من الشافعيَّة، وقولٌ للحنابلة، اختارَه ابنُ تيميَّة، وذهَب إليه ابنُ حجرٍ، وابنُ باز، وابنُ عُثَيمين
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((صَلَّى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إحْدى صلاتَي العَشيِّ- قال محمد: وأكثرُ ظنِّي العَصر- ركعتينِ، ثمَّ سَلَّم ثمَّ قام إلى خَشبةٍ في مُقدَّمِ المسجدِ فوضع يدَه عليها، وفيهم أبو بكر وعُمرُ رَضِيَ اللهُ عنهما، فهابَا أن يُكلِّماهُ وخرَج سَرَعانُ الناسِ، فقالوا: أَقصُرتِ الصَّلاةُ؟ ورجل يدعوه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم (ذو اليدين) فقال: أَنسيتَ أم قَصُرتْ؟ فقال: لم أَنسَ ولم تَقْصُر! قال: بلى قد نَسيتَ، فصلَّى ركعتينِ، ثمَّ سلَّمَ، ثمَّ كبَّر فسجَد مثلَ سجودِه أو أطولَ، ثمَّ رفَعَ رأسَه فكَبَّر، ثمَّ وضَع رأسَه فَكبَّر فسجَد مِثل سجودِه أو أطولَ، ثمَّ رفَع رأسَه وكبَّر ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه لو كان لا يجوزُ قَصْرُ الصَّلاةِ إلَّا بنيَّة القَصرِ، لَمَا أوردَ الصحابةُ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كونَ الصَّلاةِ قَصُرتْ
    ثانيًا: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَمَّا خرَج من المدينةِ صلَّى بهم بذِي الحُلَيفةِ العصرَ ركعتينِ، ولم يأمرْهم بنيَّة قَصْرِ الصَّلاةِ
    ثالثًا: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يُصلِّي بأصحابِه جمعًا وقصرًا، ولم يكُنْ يأمُرُ أحدًا منهم بنيَّةِ الجَمْعِ والقَصرِ
    رابعًا: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلَّى بهم الظهرَ بعَرفةَ ولم يُعلِمْهم أنَّه يُريدُ أنْ يُصلِّيَ العصرَ بعدَها، ثمَّ صلَّى بهم العصرَ ولم يكونوا نَوَوُا الجَمعَ
    الفرع الثَّالِثُ: الموالاةُ بَينهُما
    يُشترَطُ الموالاةُ بين الصَّلاتينِ لجوازِ الجَمْعِ في وقتِ الصَّلاةِ الأُولى، فإنْ فُصِلَ بَينهما بفاصلٍ طويلٍ لم يُجمَع، وهذا مذهبُ الجمهور: المالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
    وذلك للآتي:
    أولًا: أنَّ المأثورَ في السُّننِ هو الموالاةُ بين الصَّلاتينِ المجموعتينِ؛ ولهذا تُرِكتِ الرواتبُ بينهما
    ثانيًا: أنَّ معنى الجَمْعِ المتابعةُ والمقارنةُ، ولا يحصُلُ ذلك مع التفريقِ الطَّويلِ
    ثالثًا: لأنَّ الجَمْعَ يَجعلهما كصلاةٍ واحدةٍ، فوجبتِ الموالاةُ كركَعاتِ الصَّلاةِ
    الفرع الرَّابِعُ: وجودُ العُذرِ المبيحِ عندَ افتتاحِ الصَّلاةِ
    اختَلفَ أهلُ العِلمِ في اشتراطِ وجودِ العُذرِ في افتتاحِ الصَّلاةِ، وذلك على قولينِ:
    القولُ الأوَّل: يُشترَطُ أنْ يكونَ العُذرُ المبيحُ للجَمْعِ موجودًا عندَ افتتاحِ الصَّلاةِ، وهو المشهورُ من مذهبِ المالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة؛ وذلِك ليكونَ العذرُ موجودًا وقتَ النيَّة، وهو عندَ الإحرامِ بالأُولى
    القول الثاني: لا يُشترَطُ وجودُ العذرِ عندَ افتتاحِ الصَّلاةِ الأُولى، فإذا حصَل مطرٌ في أثناءِ الصَّلاةِ، فإنَّه يجوزُ الجمْعُ، ولو لم يكُنِ العذرُ موجودًا عند افتتاحِ الصَّلاةِ الأُولى، وهو قولُ بعضِ الشَّافعيَّة، واختيارُ ابنِ باز وابنِ عُثَيمين؛ وذلك لأنَّ سببَ الجمْعِ موجودٌ عند افتتاحِ الصَّلاةِ الثانيةِ، ولأنَّ نيَّةَ الجمْعِ لا تُشترَطُ عندَ افتتاحِ الصَّلاةِ الأُولى
    الفرع الخامِسُ: أنْ لا تكونَ الصَّلاةُ الأُولى صَلاةَ جُمُعةٍ
    لا يجوزُ الجمعُ بين صلاتَيِ الجُمُعةِ والعَصر؛ نصَّ على هذا فُقهاءُ الحَنابِلَة، وهو وجه للشافعية وهو اختيارُ ابنِ باز، وابن عُثَيمين، وعليه فتوى اللَّجنةِ الدَّائمة
    الأَدِلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((أصابت النَّاسَ سَنَةٌ على عهد رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فبينا رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يخطبُ على المنبرِ يومَ الجُمعة، قام أعرابيٌّ فقال: يا رسولَ الله، هلك المالُ، وجاع العيالُ، فادعُ الله لنا أن يسقيَنا.
    قال: فرفَع رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يديه، وما في السَّماء قَزَعة، قال: فثار سحابٌ أمثالُ الجبالِ، ثم لم ينزلْ عن منبرِه حتى رأيتُ المطرَ يتحادرُ على لحيتِه. قال: فمُطرنا يومَنا ذلك، وفي الغدِ، ومِن بعد الغدِ، والذي يليه إلى الجمعةِ الأُخرى.
    فقام ذلك الأعرابيُّ، أو رجلٌ غيرُه، فقال: يا رسولَ الله، تهدَّم البناءُ، وغرقَ المالُ، فادعُ الله لنا. فرفَع رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يديه وقال: اللهمَّ حوالينا ولا علينا. قال: فما جعل يشيرُ بيده إلى ناحيةٍ مِن السَّماء إلا تفرَّجت، حتى صارت المدينةُ في مثلِ الجوبة ، حتى سال الوادي، وادي قَناةَ، شهرًا. قال: فلم يجئْ أحدٌ مِن ناحيةٍ إلَّا حدَّث بالجود ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أولًا: أنَّه قد وقَع المطرُ في عهدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولم يجمعْ فيه بينَ العصرِ والجمعةِ، فدلَّ على أنَّه غيرُ مشروعٍ.
    ثانيًا: أنَّ الجُمُعةَ صلاةٌ منفردةٌ مُستقلَّةٌ في شُروطِها، وهيئتِها، وأركانِها، وثوابِها
    ثالثًا: أنَّ السُّنَّة إنَّما وردتْ في الجمْعِ بيْنَ الظُّهرِ والعَصرِ، ولم يرِدْ عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه جمَعَ العصرَ إلى الجُمُعةِ أبدًا
    رابعًا: لا يصحُّ أن تُقاسَ الجُمعةُ على الظُّهرِ؛ لِمَا بين الصَّلاتينِ من المخالفةِ

    المطلب الثَّاني: ما يُشترَطُ للجَمْعِ في وقتِ الثَّانيةِ

    الفرع الأوَّل: نيَّةُ الجمْعِ
    أن يكونَ تأخيرُ الصَّلاةِ إلى وقتِ الثانيةِ بنيَّةِ الجمْعِ في وقتِ الصَّلاة الأولى، وهذا مذهبُ الشافعيَّة والحَنابِلَة، واختاره ابنُ عُثَيمين
    وذلك للآتي:
    أولًا: أنَّه متى أخَّرها عن وقتِها بلا نيَّة، صارتْ قضاءً لا جمعًا
    ثانيًا: أنَّ التَّأخيرَ قد يكونُ معصيةً كالتَّأخيرِ لغَيرِ الجَمْعِ، وقد يكونُ مباحًا كالتأخيرِ له؛ فلا بدَّ مِن نيَّةِ تُميِّزُ بينهما
    الفرع الثَّاني: استمرارُ العُذرِ
    يُشترَطُ استمرارُ العُذرِ حتى دخولِ وقتِ الصَّلاةِ الثانيةِ؛ نصَّ على هذا فقهاءُ الشافعيَّة، والحَنابِلَة، واختارَه ابنُ عُثَيمين؛ وذلك لأنَّ تأخيرَ الصَّلاةِ الأُولى لا يجوزُ إلَّا مع استمرارِ عُذرِ الجمعِ

    المطلب الثالث: ما يَحرُم جَمْعُه من الصَّلواتِ

    لا يَجوزُ جَمْعُ الصُّبحِ مع غيرِها، ولا جمْعُ العَصرِ مع المغرِب.
    الدَّليل من الإجماع:
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ عبدِ البَرِّ ، وابنُ قُدامةَ، والنوويُّ، والعراقيُّ
    ------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا ... تابعونا ... جزاكم الله خيرا

    ::
    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5190
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    الحادي عشر : صلاةُ المُسافِر . حُكم قَصْرِ الصَّلاةِ . التطوُّعُ في السَّفرِ .  جَمْعُ الصَّلاةِ .  صلاةُ المريضِ وأحكامها                   Empty الفصْلُ الثَّالِثُ: صلاةُ المريضِ

    مُساهمة من طرف صادق النور الخميس أكتوبر 20, 2022 8:57 pm

    الفصْلُ الثَّالِثُ: صلاةُ المريضِ

    المبحثُ الأَوَّلُ: حُكْمُ قيام المريضِ العاجِزِ عن القيامِ
    مَن لم يستطعِ القيامَ- كالمريضِ ونحوِه- فله أن يُصلِّيَ جالسًا، ولا إعادةَ عليه.
    الأدلَّة:أولًا: مِن الكتابِ
    1- قال اللهُ تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16]
    2- وقال تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة: 286]
    3- الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ [آل عمران: 191]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه قيل في معنى الآيةِ: الَّذين يُصلُّون قيامًا مع القدرةِ عليه، وقعودًا مع العجزِ عن القيامِ، وعلى جنوبِهم مع العجزِ عن القعودِ
    ثانيًا: من السُّنَّة
    عن عِمرانَ بنِ حُصَينٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كانت بي بواسيرُ، فسألتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن صلاةٍ، فقال: صلِّ قائمًا، فإن لم تستطِعْ فقاعدًا، فإن لم تستطِعْ فعلى جَنبٍ ))
    ثالثا: مِنَ الِإِجْماع
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنذِرِ، وابن رُشدٍ، والنَّوويُّ، وابنُ تيميَّةَ

    المطلبُ الأوَّلُ: كيفيَّةُ جلوسِ المريضِ في صلاتِه

    مَن صلَّى قاعدًا لمرض يجوزُ له أن يقعُدَ كيف شاءَ، إن شاءَ متربِّعًا أو مُفترِشًا وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّةِ، والحَنابِلَةِ
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن عِمرانَ بن حُصَينٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((صلِّ قائمًا، فإن لم تستطِعْ فقاعدًا، فإن لم تستطِعْ فعلى جَنبٍ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه لم يُبيِّنْ كيفيَّةَ القعودِ، فيُؤخَذُ مِن إطلاقِه جوازُه على أيِّ صفةٍ شاءَ المُصلِّي
    ثانيًا: أنَّ عُذرَ المرَضِ أسقَطَ عنه الأركانَ؛ فلَأَنْ يسقُطَ عنه الهيئاتُ أَوْلى

    المطلب الثاني: جُلُوسُ المريضِ في التَّشَهُّدِ
    المريض إذا جلَس بدلًا عن القيامِ فإنَّه في حالِ التشهُّدِ يجلِسُ كما يجلِسُ للتشهُّدِ.
    الدَّليل من الإجماع:
    نقَل الإجماعَ على ذلك: الكَاسَانيُّ ، وابنُ نُجَيمٍ

    المبحث الثالث: الاضْطِجاعُ

    يجوز للمريض أن يصلي مضطجعًا إذا عجز عن القعودِ، وهذا باتِّفاق المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
    الدَّليلُ مِنَ السنة:
    عن عِمرانَ بن حُصَينٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: كان بي الناصورُ، فسألتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الصَّلاةِ؟ فقال: ((صلِّ قائمًا، فإنْ لم تستطعْ فقاعدًا، فإنْ لم تستطعْ فعلى جَنبٍ ))
    المبحث الرابع: المريضُ العاجِزُ عن الرُّكوعِ والسُّجودِ
    المريضُ العاجِزُ عن الرُّكوعِ والسجودِ يُومِئُ بهما، ويكونُ السُّجودُ أخفَضَ مِن الرُّكوعِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّةِ الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّةِ، والحَنابِلَةِ، وبه قال أكثرُ أهلِ العِلمِ
    الأدلَّة:أولًا: مِن الكتابِ
    1- قال اللهُ تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16]
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه أتَى بما استطاعَ، وهو الإيماءُ
    2- وقال عزَّ وجلَّ: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة: 286]
    ثانيًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((فإذا أمرتُكم بشيءٍ فأتُوا منه ما استطعْتُم، وإذا نهيتُكم عن شيءٍ فدَعُوه ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّ قولَه: ((فأْتُوا مِنه ما استطعتُم)) دلَّ على أنَّ مَن عجزَ عن فِعل المأمورِ به، فإنَّه يأتي بما أمكنَه منه
    2- عن عِمرانَ بن حُصَينٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: كان بي الناصورُ، فسألتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الصَّلاةِ؟ فقال: ((صلِّ قائمًا، فإنْ لم تستطعْ فقاعدًا، فإنْ لم تستطعْ فعلى جَنبٍ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنه رتَّب الأمرَ على حسَبِ الاستطاعةِ، فيَركَعُ ويسجُدُ بقدْرِ ما يَستطيعُ، فإنْ عجَزَ أَوْمأَ برأسِه
    ثالثًا: مِن الآثار
    1- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((صلِّ على الأرضِ إن استطعتَ، وإلَّا فأَوْمِ إيماءً، واجعَلْ سجودَك أخفَضَ مِن ركوعِكَ ))
    2- عن نافعٍ أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عمرَ كان يقولُ: (إذا لم يستطِعِ المريضُ السُّجودَ أومَأَ برأسِه إيماءً، ولم يرفَعْ إلى جَبهتِه شيئًا)
    رابعًا: مِنَ الِإِجْماع
    نقَل الإجماعَ على سقوطِ الرُّكوعِ والسُّجودِ على مَن لم يستطِعْهما: ابنُ رُشدٍ، وابنُ تيميَّةَ
    خامسًا: أنَّ الإيماءَ هو أكثرُ ما يستطيعُه
    سادسًا: أنَّ نفْسَ السُّجودِ أخفضُ مِن الرُّكوعِ، فكذلك الإيماءُ بالسُّجودِ أخفضُ مِن الإيماءِ بالرُّكوعِ

    المبحث الخامس: حُكْمُ الجماعةِ للمَريضِ

    للمريضِ أن يتخلَّفَ عن الجماعاتِ من أجْلِ المَرَضِ.
    الأدلَّة: أولًا: من الكِتاب
    1- قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16]
    2- قال الله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة: 286]
    ثانيًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((دَعُوني ما تركتُكم، إنَّما هلَك مَن كان قبلكم بسؤالِهم واختلافِهم على أنبيائهم، فإذا نهيتُكم عن شيءٍ فاجْتَنِبوه، وإذا أمرتُكم بأمرٍ فأتُوا منه ما استطَعْتُم ))
    2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((صلَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في بيتِه وهو شاكٍ جالسًا، وصلَّى وراءَه قومٌ قِيامًا، فأشار إليهم أَنِ اجلِسوا، فلمَّا انصرَف قال: إنَّما جُعِل الإمامُ ليؤتَمَّ به، فإذا ركَع فاركَعوا، وإذا رفَع فارفَعوا ))
    3- عن أبي موسى رَضِيَ اللهُ عنه، قال: مرِضَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فاشتدَّ مرضُه، فقال: ((مُروا أبا بكرٍ فلْيُصلِّ بالناسِ
    ثالثًا: مِنَ الِإِجْماعِ
    نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المنذرِ، وابنُ حزم، وحكاه ابنُ قُدامةَ عن عامَّةِ أهلِ العِلم
    فرعٌ: حَدُّ المَرَضِ المُسْقِطِ للجماعةِ
    المرضُ المسقِطُ للجماعةِ هو الذي يشُقُّ معه الإتيانُ إلى الجماعةِ

    المبحث السَّادسُ: الجَمْعُ في المَرَضِ

    يَجوزُ الجمعُ بين الصَّلاتينِ لعُذرِ المرضِ
    ، وهذا مذهبُ المالِكيَّة، والحَنابِلَة، وقولُ طائفةٍ من الشافعيَّة، واختاره النوويُّ، وابنُ تيميَّة، والشوكانيُّ، وابنُ باز، وابنُ عُثَيمين
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((جمَعَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بين الظُّهرِ والعَصرِ، والمغربِ والعِشاءِ بالمدينةِ، من غيرِ خوفٍ ولا مَطرٍ ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه لا عُذرَ بعدَ ذلك إلَّا المرضُ
    2- عن حَمنةَ بنتِ جَحشٍ حين استفتت النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في استحاضتِها، فقال لها عليه الصَّلاةُ والسَّلام: ((إنْ قويتِ على أن تُؤخِّري الظهرَ وتُعجِّلي العصرَ، ثم تَغتسلِينَ حتى تطهُرين، وتُصلِّين الظهرَ والعصرَ جميعًا، ثم تُؤخِّرينَ المغربَ وتُعجِّلِينَ العِشاءَ، ثم تَغتسلِينَ وتَجْمَعِينَ بين الصَّلاتينِ، فافْعَلِي ))
    وَجْهُ الدَّلالَةِ:
    أنَّه قد ثبَت فيه جوازُ الجمْع للمستحاضةِ، وهي نوعُ مرضٍ
    ثانيًا: قياسًا على الجَمْعِ في السَّفرِ بجامعِ المشقَّة، بل المرضُ أَوْلى؛ لأنَّ المشقَّةَ على المريضِ في إفرادِ الصَّلواتِ أشدُّ منها على المسافِرِ
    ثالثًا: أنَّ حاجةَ المريضِ آكدُ مِن الممطورِ
    ----------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا نتمتع بهدي الحبيب صل الله عليه وسلم
    تابعونا ...
    جزاكم الله خيرا

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع


      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28, 2024 5:30 pm