آل راشد



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

آل راشد

آل راشد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
آل راشد

ثقافى-اجتماعى

*** - اللَّهُمَّ اَنَكَ عَفْوٍ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعِفُو عَنَّا - *** - اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك . *** - اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ الْمَوْتِ وَ ارْزُقْنَا حُسْنَ الْخَاتِمَةِ . *** -

إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا شَابَتْ عَبِيدَهُمْ.. .. فِي رِقِّهِمْ عَتَقُوهُمْ عِتْقَ أَبْرَارٍ .. .. وَأَنْتَ يَا خَالِقِيُّ أوْلَى بِذَا كَرَمًا.. .. قَدْ شُبْتُ فِي الرِّقِّ فَأَعْتَقَنِي مِنَ النَّارِ .

المواضيع الأخيرة

» أقسام صفات الله
سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد صل الله عليه وسلم ((مولده الشريف صلى الله عليه وسلم )) Ooou110اليوم في 8:52 pm من طرف عبدالله الآحد

» اثبات أن الله يتكلم بالصوت والحرف وأن القرآن كلامه حقيقة
سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد صل الله عليه وسلم ((مولده الشريف صلى الله عليه وسلم )) Ooou110أمس في 4:11 pm من طرف عبدالله الآحد

» أَسْرارُ اَلْمُسَبَّحَةِ اَوْ السُّبْحَةِ وَأَنْواعُها وَأَعْدادُها - - ( ( اَلْجُزْءُ الثَّانِي ))
سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد صل الله عليه وسلم ((مولده الشريف صلى الله عليه وسلم )) Ooou110أمس في 3:05 pm من طرف صادق النور

» الرياء شرك أصغر إن كان يسيرا
سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد صل الله عليه وسلم ((مولده الشريف صلى الله عليه وسلم )) Ooou110الخميس أبريل 25, 2024 4:39 pm من طرف عبدالله الآحد

» لم يصح تأويل صفة من صفات الله عن أحد من السلف
سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد صل الله عليه وسلم ((مولده الشريف صلى الله عليه وسلم )) Ooou110الأربعاء أبريل 24, 2024 5:12 pm من طرف عبدالله الآحد

» إثبات رؤية الله للمؤمنين في الجنة
سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد صل الله عليه وسلم ((مولده الشريف صلى الله عليه وسلم )) Ooou110الثلاثاء أبريل 23, 2024 7:24 am من طرف عبدالله الآحد

» الرد على من زعم أن أهل السنة وافقوا اليهود
سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد صل الله عليه وسلم ((مولده الشريف صلى الله عليه وسلم )) Ooou110الثلاثاء أبريل 23, 2024 5:40 am من طرف عبدالله الآحد

» طائِفُهُ الصَّفْوِيِّينَ - - اَلْدوَلهُ الصِّفْوِيهُ
سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد صل الله عليه وسلم ((مولده الشريف صلى الله عليه وسلم )) Ooou110الإثنين أبريل 22, 2024 11:18 am من طرف صادق النور

» حكم الرقى والتمائم
سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد صل الله عليه وسلم ((مولده الشريف صلى الله عليه وسلم )) Ooou110الأحد أبريل 21, 2024 7:19 am من طرف عبدالله الآحد

» كثرة الأشاعرة ليست دليلا على أنهم على حق في كل شيء
سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد صل الله عليه وسلم ((مولده الشريف صلى الله عليه وسلم )) Ooou110السبت أبريل 20, 2024 5:13 pm من طرف عبدالله الآحد

اهلا بكم

الثلاثاء نوفمبر 08, 2011 2:32 am من طرف mohamed yousef

سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد صل الله عليه وسلم ((مولده الشريف صلى الله عليه وسلم )) Ooousu10

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 26 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 26 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الأربعاء سبتمبر 15, 2021 4:26 am

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 9628 مساهمة في هذا المنتدى في 3191 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 288 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو دينا عصام فمرحباً به.

دخول

لقد نسيت كلمة السر

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع


    سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد صل الله عليه وسلم ((مولده الشريف صلى الله عليه وسلم ))

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5188
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد صل الله عليه وسلم ((مولده الشريف صلى الله عليه وسلم )) Empty سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد صل الله عليه وسلم ((مولده الشريف صلى الله عليه وسلم ))

    مُساهمة من طرف صادق النور الخميس سبتمبر 28, 2023 10:36 am


    بسم الله الرحمن الرحيم
    والصلاة والسلام علي نور الكون وضياء السموات وألأرض المصطفي المجتبي سيدنا محمد بن عبد الله وعلي آله وصحبه وسلم .


    مقتطفات من كتاب ::سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد صل الله عليه وسلم  ::
    لفضيله الحافظ العلامه / محمد بن يوسف الصالحي الشامي

    مولده الشريف صلى الله عليه وسلم

    الباب الأول في سبب تزويج عبد المطلب ابنه عبد الله امرأة من بني زهرة

    روى ابن سعد وابن البرقي والطبراني والحاكم وأبو نعيم عن العباس بن عبد المطلب عن أبيه قال: قدمنا اليمن في رحلة الشتاء فنزلت على حبر من اليهود فقال لي رجل من أهل الزبور، يعني الكتاب: ممن الرجل؟ قلت من قريش. قال من أيهم؟ قلت: من بني هاشم . قال: أتأذن لي أن أنظر إلى بعضك؟ قلت: نعم، ما لم يكن عورة. قال ففتح إحدى منخري فنظر فيه ثم نظر في الآخر .
    فقال: أشهد أن في إحدى يديك ملكا وفي الأخرى نبوة وإنا نجد ذلك في بني زهرة فكيف ذلك. قلت: لا أدري قال هل لك من شاعة قلت: وما الشاعة؟ قال الزوجة.
    ((- الشاعة: بشين معجمة وعين مهملة: الزوجة سميت بذلك لمتابعتها الزوج وشيعة الرجل أتباعه وأنصاره. فلج بفتح أوله وثانيه: ظفر بما طلب.-))
    قلت، أما اليوم فلا. فقال: إذا رجعت فتزوج منهم فلما رجع عبد المطلب إلى مكة تزوج هالة بنت أهيب بن عبد مناف وزوج ابنه عبد الله آمنة بنت وهب فولدت له رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    فقالت قريش : فلج عبد الله على أبيه.

    وروى البيهقي وأبو نعيم عن ابن شهاب رحمه الله تعالى قال: كان عبد الله أحسن رجل رئي قط، خرج يوما على نساء قريش .
    فقالت امرأة منهن: أيتكن تتزوج بهذا الفتى فتصطب النور الذي بين عينيه فإني أرى بين عينيه نورا؟ فتزوجته آمنة بنت وهب.

    وروى الزبير بن بكار عن أن سودة بنت زهرة بن كلاب الكاهنة قالت يوما لبني زهرة:
    إن فيكم نذيرا أو تلد نذيرا فاعرضوا علي بناتكم. فعرضن عليها فقالت في كل واحدة منهن قولا ظهر بعد حين، حتى عرضت عليها آمنة بنت وهب فقالت هذه: النذيرة أو تلد نذيرا له شأن وبرهان منير. ولما سئلت عن جهنم قالت: سيخبركم عنها النذير.

    الباب الثاني في حمل آمنة برسول الله صلى الله عليه وسلم وما وقع في ذلك من الآيات

    روى البيهقي من طريق يونس بن بكير عن ابن إسحاق رحمه الله تعالى قال: إن عبد المطلب أخذ بيد ابنه عبد الله فمر به فيما يزعمون على امرأة من بني أسد بن عبد العزى بن قصي فقالت له حين نظرت إلى وجهه أين تذهب يا عبد الله؟ فقال مع أبي.
    فقالت لك عندي من الإبل مثل الذي نحرت عنك وقع علي الآن فقال لها: إني مع أبي لا أستطيع خلافه ولا فراقه ولا أريد أن أعصيه شيئا. فخرج به عبد المطلب حتى أتى به وهب بن عبد مناف بن زهرة ووهب يومئذ سيد بني زهرة نسبا وشرفا فزوجه آمنة بنت وهب بن عبد مناف، وهي يومئذ أفضل امرأة من قريش نسبا وموضعا.
    فذكروا أنه دخل عليها حين أملكها مكانه، فوقع عليها عبد الله فحملت برسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم خرج فمر على تلك المرأة التي قالت له ما قالت فلم تقل شيئا، فقال لها: ما لك لا تعرضين علي اليوم مثل الذي عرضت بالأمس؟ فقالت: فارقك النور الذي معك بالأمس فليس لي بك اليوم حاجة.
    وكانت تسمع من أخيها ورقة بن نوفل، وكان قد تنصر في الجاهلية واتبع الكتب يقول: إنه لكائن في هذه الأمة نبي من بني إسماعيل .

    روى أبو نعيم والخرائطي وابن عساكر من طريق عطاء عن ابن عباس والبيهقي ، وأبو نعيم ، وابن عساكر عن عكرمة عنه، وابن سعد، عن أبي الفياض الخثعمي وابن سعد، عن أبي يزيد المديني، أن عبد المطلب لما خرج بابنه ليزوجه مر به على امرأة كاهنة من أهل تبالة متهودة قد قرأت الكتب يقال لها فاطمة بنت مر الخثعمية فرأت نور النبوة في وجه عبد الله فقالت: يا فتى هل لك أن تقع علي الآن وأعطيك مائة من الإبل؟ فقال عبد الله:
    أما الحرام فالممات دونه     والحل لا حل فأستبينه
    فكيف بالأمر الذي تبغينه     يحمي الكريم عرضه ودينه

    ثم مضى مع أبيه فزوجه آمنة بنت وهب فأقام عندها ثلاثا، ثم مر على تلك المرأة فلم تقل له شيئا، فقال لها: ما لك لا تعرضين علي ما عرضت علي بالأمس؟ فقالت: من أنت؟ قال: أنا فلان. قالت: ما أنت هو، ولئن كنت ذاك لقد رأيت بين عينيك نورا ما أراه الآن، ما صنعت بعدي؟ فأخبرها. فقالت: والله ما أنا بصاحبة ريبة ولكن رأيت في وجهك نورا فأردت أن يكون في وأبى الله إلا أن يجعله حيث أراده اذهب فأخبرها أنها حملت خير أهل الأرض ثم أنشأت تقول:
    إني رأيت مخيلة لمعت     فتلألأت بحناتم القطر
    فلمائها نور يضيء له     ما حوله كإضاءة البدر
    ورجوتها فخرا أبوء به     ما كل قادح زنده يوري
    لله ما زهرية سلبت     ثوبيك ما استلبت وما تدري

    وقالت أيضا:
    بني هاشم قد غادرت من أخيكم     أمينة إذ للباه يعتلجان
    كما غادر المصباح بعد خبوه     فتائل قد ميثت له بدهان
    وما كل ما يحوي الفتى من تلاده     بحزم ولا ما فاته بتواني
    فأجمل إذا طالبت أمرا فإنه     سيكفيكه جدان يصطرعان

    وروى ابن سعد، عن يزيد بن عبد الله بن وهب بن زمعة عن عمه، والبيهقي عن ابن إسحاق رحمهما الله تعالى .
    قال: كنا نسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حملت به آمنة كانت تقول: ما شعرت أني حملت به ولا وجدت ثقله كما تجد النساء إلا أنني أنكرت رفع حيضتي وربما ترفعني وتعود وأتاني آت وأنا بين النائم واليقظان فقال لي هل شعرت أنك حملت؟ فأقول: ما أدري فقال: إنك حملت بسيد هذه الأمة ونبيها وذلك يوم الاثنين وآية ذلك أنه يخرج معه نور يملأ قصور بصرى من أرض الشام ، فإذا وضع فسميه محمدا. قالت: فكان ذلك مما يقن عندي الحمل، ثم أمهلني حتى إذا دنت ولادتي أتاني ذلك فقال قولي:
    أعيذه بالواحد     من شر كل حاسد
    قالت: فكنت أقول ذلك فذكرته لنسائي فقلن: تعلقي عليك حديدا وفي عضديك وفي عنقك. ففعلت فلم يكن يترك علي إلا أياما فأجده قد قطع، فكنت لا أتعلقه.
    حملته آمنة وقد شرفت به     وتباشرت كل الأنام بقربه
    حملا خفيفا لم تجد ألما به     وتباشرت وحش الفلا فرحا به
    واستبشرت من نورهن وكيف لا     وهو الغياث ورحمة من ربه
    وعن بريدة وابن عباس رضي الله تعالى عنهما قالا: رأت آمنة وهي حامل برسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل لها: إنك حبلى بخير البرية وسيد العالمين، فإذا ولدتيه فسميه أحمد أو محمدا أو علقي عليه هذه. فانتبهت وعند رأسها صحيفة من ذهب مكتوب عليها:
    أعيذه بالواحد     من شر كل حاسد
    وكل خلق زائد     من قائم وقاصد
    عن السبيل حائد     على الفساد جاهد
    من نافث أو عاقد     وكل خلق مارد

    تنبيهان
    الأول قال الحافظ أبو الفضل العراقي رحمه الله تعالى: وسيأتي أنها رأت النور أيضا خرج منها عند الولادة. وهذا أولى لتكون طرقه متصلة. ويجوز أن يكون خرج منها النور مرتين مرة حين حملت به ومرة حين وضعته ولا مانع من ذلك. ولا يكون بين الحديثين تعارض انتهى.
    وقال الشيخ رحمه الله تعالى: قوله حين "حملت به" هي رؤيا منام وقعت في الحمل [ ص: 330 ] وأما ليلة المولد فرأت ذلك رؤية عين كما سيأتي.

    الثاني: في شرح غريب ما تقدم: الآن: اسم للوقت الذي أنت فيه: جاء فعل ماضي قصره للنظم. بكا: بمعنى مع. أي فارقك النور الذي كان معك. حافلا: بالحاء المهملة أي ممتلئا من النور أو المنى. الشأن: الأمر والحال والخطب. خلوا: أي خالية من الزوج. أصبت: أدركت. جنينا بالجيم كما في خط مغلطاي في الزهر. وفي نسخة صحيحة من دلائل النبوة بالحاء المهملة وموحدتين. قد أعم بعين مهملة. وفي نسخة: به يدعم الله البرية بمثناة تحتية فدال فعين مهملتين أي يقومها. البرية: الخلق ترا عليها: أي واقعها، براه: خلعه. الصفاء: ممدود خلاف الكدر. حباه بالمهملة والموحدة أي أعطاه. تبالة. بتاء مثناة فوقية فباء موحدة مفتوحتين: بلد صغير من اليمن . مخيلة بميم مفتوحة فخاء معجمة مكسورة. موضع الخيل، وهو الظن، كالمظنة، وهي السحابة الخليقة بالمطر ويجوز أن تكون مسماة بالمخيلة التي هي المصدر كالمحبسة من الحبس.

    الحناتم: بحاء مهملة فنون فألف فمثناة فوقية: سحائب سود، لأن السواد عندهم خضرة. أبوء به: أرجع. الزند وزان فلس: الذي يقدح به النار وهو الأعلى، وهو مذكر والسفلى زندة بالهاء ويجمع على زناد. يوري: يوقد.

    غادرت: تركت أمينة تصغير آمن. خبوه. طفئة ميثت: بمثناة تحتية فثاء مثلثة يقال: ماث فلان الدواء يميثه ميثا. ويموثه موثا مرسه التلاد والتالد والتليد: المال القديم. وخلافه: الطارف والطريف.

    جدان: الجد بفتح الجيم الحظ. والجد: الغني. مقفعلة: بقاف ففاء فعين مهملة: أي منقبضة يقال اقفعلت يده إذا انقبضت وتشنجت. البنان: الأصابع وقيل أطرافها الواحدة بنانة.

    نبا: ارتفع. كل يقال كل من الإعياء كلالا وكلالة. والبصر واللسان كلة وكلولا. ما شعرت بفتح أوله وثانيه: أي ما علمت. ثقله بثاء مثلثة فقاف فلام مفتوحات أي ثقلا وفتورا حيضتي.

    بكسر الحاء المهملة: الاسم من الحيض والحال التي تلزمها الحائض من التجنب. فأما الحيضة بالفتح فالمرة الواحدة من رفع الحيض ونوبه. وقولها: وأبا بين النائم واليقظان على إرادة الشخص. والله تعالى أعلم.

    الباب الثالث في وفاة عبد الله بن عبد المطلب

    قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى: ثم لم يلبث عبد الله بن عبد المطلب أن توفي وأم رسول الله صلى الله عليه وسلم حامل به.

    هذا ما جزم به ابن إسحاق ورجحه الواقدي وابن سعد والبلاذري ، وصححه الذهبي وقال ابن كثير إنه المشهور. وقال ابن الجوزي: إنه الذي عليه معظم أهل السير، ورواه الحاكم وصححه، وأقره الذهبي عن قيس بن مخرمة رضي الله تعالى عنه.

    قال غير ابن إسحاق: وذلك حين تم لها شهران. وقيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في المهد حين توفي أبوه.
    وعليه فقيل وله شهران. وقيل ثمانية وعشرون شهرا. وقيل تسعة أشهر، ونقل السهيلي عن الدولابي أنه قول الأكثرين قلت: والحق أنه قول كثيرين لا أكثرين.

    وروى ابن سعد عن محمد بن كعب، وعن أيوب بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة رحمهما الله تعالى .
    قالا: خرج عبد الله إلى الشام إلى غزة في عير من عيرات قريش يحملون تجارات، ففرغوا من تجاراتهم، ثم انصرفوا فمروا بالمدينة وعبد الله يومئذ مريض، فقال: أتخلف عند أخوالي بني عدي بن النجار. فأقام عندهم مريضا شهرا ومضى أصحابه فقدموا مكة فسألهم عبد المطلب عن ابنه فقالوا: خلفناه عند أخواله بني عدي بن النجار مريضا، فبعث عبد المطلب أكبر ولده الحارث فوجده قد توفي ودفن في دار النابغة فرجع فأخبره فوجد عليه عبد المطلب وعماته. وإخوته وأخواته وجدا شديدا. ورسول الله صلى الله عليه وسلم حمل، ولعبد الله بن عبد المطلب يوم توفي خمس وعشرون سنة.
    قال الواقدي: وهذا أثبت الأقاويل في وفاة عبد الله وسنه. وقال الحافظ العلائي وابن حجر إن عمره كان يوم توفي ثماني عشرة سنة قال الواقدي: ولم يتزوج عبد الله قط غير آمنة.

    وآمنة لم تتزوج قط غير عبد الله.

    أخذ الإله أبا الرسول ولم يزل برسوله الفرد اليتيم رحيما     نفسي الفداء لمفرد في يتمه
    والدر أحسن ما يكون يتيما

    لطيفة: نقل أبو حيان في بحره وغيره عن جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه قال: إنما يتم رسول الله صلى الله عليه وسلم لئلا يكون عليه حق لمخلوق.

    وقال ابن العماد في كشف الأسرار: إنما رباه يتيما لأن أساس كل كبير صغير وعقبى كل حقير خطير.
    وأيضا لينظر صلى الله عليه وسلم إذا وصل إلى مدارج عزه إلى أوائل أمره ليعلم أن العزيز من.  أعزه الله تعالى وإن قوته ليست من الآباء والأمهات ولا من المال بل قوته من الله تعالى. وأيضا ليرحم الفقير والأيتام.

    وقالت آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم ترثي زوجها. كما ذكر ذلك ابن إسحاق في المبتدأ وابن سعد في الطبقات. رحمهما الله تعالى.
    عفا جانب البطحاء من ابن هاشم     وجاور لحدا خارجا في الغماغم
    دعته المنايا بغتة فأجابها     وما تركت في الناس مثل ابن هاشم
    عشية راحوا يحملون سريره     يعاوره أصحابه في التزاحم
    فإن يك غالته المنايا وريبها     فقد كان معطاء كثير التراحم

    وقالت أيضا، أورده القاسم الوزيري المغربي رحمه الله تعالى ورضي عنه ترثي عبد الله زوجها والد رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    أضحى ابن هاشم في مهماء مظلمة     في حفرة بين أحجار لدى الحصر
    سقى جوانب قبر أنت ساكنه     غيث أحم الذرى ملآن ذو درر

    الباب الرابع في تاريخ مولده صلى الله عليه وسلم ومكانه

    وفيه فصلان: الأول: في بيان يومه، وشهره، وعامه.
    الصواب: أنه صلى الله عليه وسلم ولد يوم الاثنين.
    روى الإمام أحمد ومسلم وأبو داود عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن يوم الاثنين فقال: "ذاك يوم ولدت فيه. أو قال أنزل علي فيه".
    وروى يعقوب بن سفيان عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين واستنبئ يوم الاثنين، وتوفي يوم الاثنين، ورفع الحجر الأسود يوم الاثنين.
    وفي بعض الطرق عند ابن عساكر: وأنزلت سورة المائدة يوم الاثنين: اليوم أكملت لكم دينكم وكانت وقعة بدر يوم الاثنين.
    قال ابن عساكر : المحفوظ أن وقعة بدر ونزول: اليوم أكملت لكم دينكم يوم الجمعة.
    وروى الزبير بن بكار وابن عساكر عن معروف بن خربوذ رحمه الله تعالى قال: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين حين طلع الفجر.
    وقال الحافظ أبو الفضل العراقي في المورد: الصواب أنه صلى الله عليه وسلم ولد في النهار، وهو الذي ذكره أهل السير. وحديث أبي قتادة مصرح به.
    روى الأربعة عن سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى قال: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عند إبهار النهار، وجزم به ابن دحية، وصححه الزركشي رحمه الله تعالى في شرح البردة ولبعضهم في ذلك.

    يا ساعة فتح الهدى أرفادها لطفا وقد منح الجزا إسعادها لاحت بشهر ربيع الزاكي الذي
    فاق الشهور جلالة إذ سادها حيث النبوة أشرقت بمآثر
    كالشهب لا يحصي الورى تعدادها حيث الأمانة والرسالة قد بدت
    يعلي ل مكة غورها ونجادها

    قال ابن دحية رحمه الله تعالى: وأما ما روي من تدلي النجوم فضعيف، لاقتضائه أن الولادة كانت ليلا.
    قال الزركشي : وهذا لا يصلح أن يكون تعليلا فإن زمان النبوة صالح للخوارق، ويجوز أن تسقط النجوم نهارا.

    يا ساعة نلنا السعادة والهنا فيها بخير العالمين محمد
    تمت لنا أفراحها بظهوره وتكملت في شهر مولد أحمد

    توالت أمور السعد في خير ساعة بمولد خير الرسل في ساعة السعد
    فيا طيب أوقات ويا طيب مولد ويا طيب مولود حوى سائر المجد

    يقول لنا لسان الحال منه وقول الحق يعذب للسميع
    فوجهي والزمان وشهر وضعي ربيع في ربيع في ربيع

    قال بعض أهل المعاني: كان مولده صلى الله عليه وسلم في فصل الربيع وهو أعدل الفصول ليله ونهاره معتدلان بين الحر والبرد، ونسيمه معتدل بين اليبوسة والرطوبة وشمسه معتدلة في العلو والهبوط، وقمره معتدل في أول درجة من الليالي البيض، وينعقد في سلك هذا النظام، ما هيأ الله تعالى له صلى الله عليه وسلم من أسماء مربيه ففي الوالدة والقابلة الأمن والشفاء وفي اسم الحاضنة البركة والنماء، وفي مرضعيه صلى الله عليه وسلم الآتي ذكرهما الثواب والحلم والسعد.

    قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى: لاثنتي عشرة ليلة [خلت] منه ورواه ابن أبي شيبة في المصنف عن جابر وابن عباس. قال في الغرر: وهو الذي عمل العمل. وقيل لليلتين خلتا منه وقدمه في الإشارة، وقيل لثمان. ونقل أبو عمر عن أصحاب الزيج أنهم صححوه ورجحه ابن دحية.
    وقال الحافظ : إنه مقتضى أكثر الأخبار. وقيل: لعشر. حكاه الدمياطي عن جعفر الباقر وصححه. وقيل: لسبع عشرة. وقيل لثماني عشرة، وقيل: في أوله حين طلع الفجر.

    قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى: عام الفيل. قال ابن كثير: وهو المشهور عند الجمهور. وقال إبراهيم بن المنذر الحزامي شيخ البخاري : وهو الذي لا يشك فيه أحد من العلماء. وبالغ خليفة بن خياط وابن الجزار وابن دحية وابن الجوزي وابن القيم فنقلوا فيه الإجماع.

    وروى البيهقي والحاكم في المستدرك وصححه وأقره الذهبي في مختصره، وصححه في تاريخه الكبير عن يحيى بن معين، عن حجاج بن محمد ، عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفيل.

    قال الحافظ في شرح الدرر: والمحفوظ لفظ العام. وقيل: يطلق اليوم ويراد به مطلق الوقت، كما يقال يوم الفتح، ويوم بدر، فإن كان المراد حقيقة اليوم فيكون أخص من الأول وبذلك صرح ابن حبان في تاريخه فإنه قال: ولد عام الفيل في اليوم الذي بعث الله فيه الطير الأبابيل على أصحاب الفيل. قال: ثم وجدت الحديث عن ابن مسعود عن يحيى بن معين بسنده المذكور قال: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفيل يعني عام الفيل.

    وروى ابن إسحاق وأبو نعيم والبيهقي عن المطلب بن عبد الله بن قيس بن مخرمة عن أبيه عن جده قال: ولدت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل كنا لدين.

    وسأل عثمان بن عفان قباث بن أشيم الكناني ثم الليثي: يا قباث أنت أكبر أم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر مني وأنا أسن منه ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل ووقفت بي أمي على خذق الفيل أخضر محيلا.

    مخرمة بفتح الميم وإسكان الخاء المعجمة. ومات على دينه. لدين: قال أبو ذر المشهور فيه: لدتين بالتاء يقال فلان لدة فلان إذا ولد معه في وقت واحد.

    قال أبو عبد الله بن الحاج رحمه الله تعالى في المدخل: فإن قال قائل: ما الحكمة في كونه صلى الله عليه وسلم خص مولده بشهر ربيع وبيوم الاثنين على الصحيح المشهور عند أكثر العلماء، ولم يكن في شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن وفيه ليلة القدر، واختص بفضائل عدة، ولا في الأشهر الحرم التي جعل الله لها الحرمة يوم خلق السماوات والأرض، ولا في ليلة النصف من شعبان، ولا في يوم الجمعة ولا في ليلتها؟

    فالجواب من أربعة أوجه: الأول: ما ورد في الحديث من أن الله تعالى خلق الشجر يوم الاثنين. وفي ذلك تنبيه عظيم وهو أن خلق الأقوات والأرزاق والفواكه والخيرات التي يمتد بها بنو آدم ويحيون ويتداوون وتنشرح صدورهم لرؤيتها وتطيب بها نفوسهم وتسكن خواطرهم عند رؤيتها لاطمئنان نفوسهم لتحصيل ما يبقي حياتهم، على ما جرت به حكمة الحكيم سبحانه وتعالى.
    فوجوده صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر في هذا اليوم قرة عين بسبب ما وجد من الخير العظيم والبركة الشاملة لأمة محمد صلى الله عليه وسلم.
    الوجه الثاني: أن ظهوره صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع فيه إشارة ظاهرة لمن تفطن لها بالنسبة إلى اشتقاق لفظة ربيع إذ أن فيه تفاؤلا حسنا وبشارة لأمته صلى الله عليه وسلم.

    وقد قال الشيخ الإمام أبو عبد الرحمن الصقلي رحمه الله تعالى: لكل إنسان من اسمه نصيب. هذا في الأشخاص وكذلك في غيرها، وإذا كان كذلك ففصل الربيع فيه تنشق الأرض عما في باطنها من نعم المولى سبحانه وتعالى وأرزاقه التي بها قوام العباد وحياتهم ومعايشهم وصلاح أحوالهم، فتنفلق الحبة والنوى وأنواع النبات والأقوات المقدرة فيها، فتبهج الناظر عند رؤيتها وتبشره بلسان حالها بقدوم ينعها. وفي ذلك إشارة عظيمة إلى الاستبشار بابتداء نعم المولى سبحانه وتعالى، ألا ترى أنك إذا دخلت إلى البستان في مثل هذه الأيام تنظر إليه كأنه يضحك لك، وتجد زهرة كأن لسان حاله يخبرك بما لك من الأرزاق المدخرة والفواكه. وكذلك الأرض إذا أبهج نوارها كأنه يحدثك بلسان حاله كذلك أيضا.

    فمولده صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع فيه من الإشارات ما تقدم ذكر بعضه. وذلك إشارة ظاهرة من المولى تبارك وتعالى إلى التنويه بعظيم قدر هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وإنه رحمة للعالمين. وبشرى للمؤمنين. وحماية لهم من المهالك والمخاوف في الدارين وحماية للكافرين بتأخير العذاب عنهم لأجله صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى: وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم فوقعت البركات وإدرار الأرزاق والأقوات. ومن أعظمها منته على عباده لهدايته عليه الصلاة والسلام لهم إلى صراط الله المستقيم.

    الوجه الثالث: ما في شريعته صلى الله عليه وسلم من شبه الحال، ألا ترى أن فصل الربيع أعدل الفصول وأحسنها إذ ليس فيه برد مزعج ولا حر مقلق، وليس في ليله ولا نهاره طول خارق، بل كله معتدل وفصله سالم من العلل والأمراض والعوارض التي يتوقعها الناس في أبدانهم في زمان الخريف، بل الناس فيه تنتعش قواهم وتنصلح أمزجتهم وتنشرح صدورهم لأن الأبدان يدركها فيه من أمداد القوة ما يدرك النبات حين خروجه، إذ منها خلقوا، فيطيب ليلهم للقيام ونهارهم للصيام، لما تقدم من اعتداله في الطول والقصر والحر والبرد، فكان في ذلك شبه الحال بالشريعة السمحة التي جاء بها صلوات الله وسلامه عليه من رفع الإصر والأغلال التي كانت على من قبلنا.

    الوجه الرابع: أنه قد شاء الحكيم سبحانه وتعالى أنه صلى الله عليه وسلم تتشرف به الأزمنة والأمكنة لا هو يتشرف بها، بل يحصل للزمان أو المكان الذي يباشره عليه الصلاة والسلام الفضيلة العظمى والمزية على ما سواه من جنسه إلا ما استثني من ذلك لأجل زيادة الأعمال فيها وغير ذلك،

    الفصل الثاني: في مكانه: اختلف: هل ولد بمكة أو غيرها؟ والصحيح الذي عليه الجمهور هو الأول.

    وعليه فاختلف في مكانه من مكة على أقوال: أحدها: في الدار التي في الزقاق المعروف بزقاق المولد في شعب مشهور بشعب بني هاشم . وكانت بيد عقيل.
    قال ابن الأثير رحمه الله تعالى: قيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهبها عقيل بن أبي طالب فلم تزل بيده حتى توفي عنها فباعها ولده من محمد بن يوسف أخي الحجاج، وقيل إن عقيلا باعها بعد الهجرة تبعا لقريش حين باعوا دور المهاجرين.

    الثاني: أنه صلى الله عليه وسلم ولد في شعب بني هاشم . حكاه الزبير.

    الثالث: أنه ولد صلى الله عليه وسلم بالردم.

    الرابع: بعسفان.
    -------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا - تابعونا - جزاكم الله خيرا
    -
    التالي :
    -
    : - الباب الخامس في إخبار الأحبار وغيرهم بليلة ولادته صلى الله عليه وسلم  - :

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5188
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد صل الله عليه وسلم ((مولده الشريف صلى الله عليه وسلم )) Empty : - الباب الخامس في إخبار الأحبار وغيرهم بليلة ولادته صلى الله عليه وسلم - :

    مُساهمة من طرف صادق النور الخميس سبتمبر 28, 2023 4:40 pm


    يتبع ما قبله :
    : - الباب الخامس في إخبار الأحبار وغيرهم بليلة ولادته صلى الله عليه وسلم - :

    روى أبو نعيم والبيهقي عن حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه قال: إني لغلام يفعة ابن سبع سنين أو ثمان أعقل ما رأيت وسمعت إذا يهودي يصرخ ذات غداة على أطمه: يا معشر يهود. فاجتمعوا إليه وأنا أسمع. قالوا: ويلك ما بك؟ قال: طلع نجم أحمد الذي ولد به في هذه الليلة.

    يفعة بفتح الفاء والعين المهملة أي شاب. أطمه: بالإضافة للضمير والأطم بضم الهمزة والطاء المهملة: الحصن ويروى على أطمة بتاء تأنيث على معنى البقعة.

    وروى ابن سعد والحاكم وأبو نعيم بسند حسن في الفتح عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يهودي قد سكن مكة يتجر بها، فلما كانت تلك الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مجلس من قريش: يا معشر قريش، هل ولد فيكم الليلة مولود؟ فقال القوم: والله ما نعلمه. قال: احفظوا ما أقول لكم: ولد هذه الليلة نبي هذه الأمة الأخيرة، بين كتفيه علامة فيها شعرات متواترات كأنهن عرف فرس، لا يرضع ليلتين. فتصدع القوم من مجلسهم وهم يتعجبون من قوله: فلما صاروا إلى منازلهم أخبر كل إنسان منهم أهله فقالوا: لقد ولد الليلة لعبد الله بن عبد المطلب غلام سموه محمدا. فالتقى القوم حتى جاءوا اليهودي فأخبروه الخبر. قال: اذهبوا معي حتى أنظر إليه فخرجوا حتى أدخلوه على آمنة فقالوا: أخرجي إلينا ابنك. فأخرجته وكشفوا له عن ظهره فرأى تلك الشامة، فوقع مغشيا عليه فلما أفاق قالوا: ويلك ما لك؟ قال: والله ذهبت النبوة من بني إسرائيل، أفرحتم به يا معشر قريش والله ليسطون بكم سطوة يخرج خبرها من المشرق إلى المغرب.

    متواترات أي متتابعات أو متفرقات.

    وروى ابن سعد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: كانت يهود قريظة والنضير وفدك وخيبر يجدون صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث وأن دار هجرته المدينة، فلما ولد قالت أحبار يهود ولد الليلة أحمد ، هذا الكوكب قد طلع. فلما تنبأ قالوا تنبأ أحمد . كانوا يعرفون ذلك ويقرون به ويصفونه إلا الحسد والبغي.

    وروى أبو نعيم وابن عساكر من طريق المسيب بن شريك عن محمد بن شريك عن شعيب بن شعيب، عن أبيه عن جده،
    قال: كان بمر الظهران راهب من أهل الشام يدعى عيص، وكان قد آتاه الله علما كثيرا، وكان يلزم صومعة له ويدخل مكة فيلقى الناس ويقول: يوشك أن يولد فيكم مولود يا أهل مكة تدين له العرب ويملك العجم هذا زمانه، فمن أدركه واتبعه أصاب حاجته، ومن أدركه وخالفه أخطأ حاجته، وبالله ما تركت أرض الخمر والخمير والأمن وحللت أرض البؤس والخوف إلا في طلبه. فكان لا يولد بمكة مولود إلا يسأل عنه فيقول: ما جاء بعد. فلما كان صبيحة اليوم الذي ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عبد المطلب حتى أتى عيص فوقف على أصل صومعته فناداه فقال: من هذا؟ فقال: أنا عبد المطلب. فأشرف عليه فقال: كن أباه فقد ولد ذلك المولود الذي كنت أحدثكم عنه يوم الاثنين ويبعث يوم الاثنين وإن نجمه طلع البارحة، وآية ذلك أنه الآن وجع فيشتكي ثلاثا ثم يعافى، فاحفظ لسانك فإنه لم يحسد حسده أحد، ولم يبغ على أحد كما يبغى عليه. قال: فما عمره؟ قال: إن طال عمره لم يبلغ السبعين يموت في وتر دونها في الستين في إحدى وستين أو ثلاث وستين.

    الباب السادس في وضعه صلى الله عليه وسلم والنور الذي خرج معه .
    وتدلي النجوم له ونزوله ساجدا على الأرض بيديه وما رأته قابلته الشفاء أم عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه من الآيات
    عن أبي العجفاء رحمه الله تعالى مرسلا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأت أمي حين وضعتني سطع منها نور فضاءت له قصور بصرى".رواه ابن سعد ورجاله ثقات.
    بصرى - بباء موحدة مضمومة فصاد مهملة ساكنة فألف مقصورة - والمراد بها هنا بلد بالشام من أعمال دمشق. قال في المسكة الفائحة: وفي تخصيص بصرى لطيفة، وهي أنها أول موضع من بلاد الشام دخلها ذلك النور المحمدي، وكذلك هي أول ما افتتح من بلاد الشام .وبصرى أيضا من قرى بغداد
    .


    وعن عثمان بن أبي العاص رضي الله تعالى عنه قال: حدثتني أمي أنها شهدت ولادة آمنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة ولدته قالت: فما شيء أنظر إليه من البيت إلا نورا وإني لأنظر إلى النجوم تدنو حتى إني لأقول: ليقعن علي، فلما وضعته خرج منها نور أضاء له الدار والبيت حتى جعلت لا أرى إلا نورا.
    وعن العرباض بن سارية رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إني عند الله لخاتم النبيين" الحديث وفيه رؤيا أمي التي رأت وكذلك أمهات النبيين يرين، وإن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم رأت حين وضعته نورا أضاءت له قصور الشام .رواه الإمام أحمد والبزار والحاكم وابن حبان وصححاه.

    وروى ابن حبان عن حليمة رضي الله تعالى عنها عن آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها قالت: إن لابني هذا لشأنا أني حملت به فلم أجد حملا قط كان أخف علي ولا أعظم بركة منه، ثم رأيت نورا كأنه شهاب خرج مني حين وضعته أضاءت لي أعناق الإبل ببصرى، ثم وضعته فما وقع كما تقع الصبيان، وقع واضعا يديه بالأرض رافعا رأسه إلى السماء.
    وروى ابن سعد وبن عساكر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن آمنة قالت: لما فصل مني ابني محمد صلى الله عليه وسلم خرج منه نور أضاء له ما بين المشرق والمغرب.
    وروى ابن أبي حاتم عن عكرمة. رحمه الله تعالى قال: لما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشرقت الأرض نورا.
    وروى الإمام أحمد وابن سعد بسند حسن عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قلت: يا رسول الله ما كان بدء أمرك؟ قال: "دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى بن مريم، ورأت أمي أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام ".
    وروى ابن سعد عن محمد بن عمر الأسلمي بأسانيد له متعددة عن آمنة أنها قالت: لما وضعته خرج معه نور أضاء له ما بين المشرق والمغرب، ثم وقع جاثيا على ركبتيه معتمدا على الأرض بيديه، ثم أخذ قبضة من تراب وقبضها ورفع رأسه إلى السماء، وأضاءت له قصور الشام وأسواقها، حتى رأيت أعناق الإبل ببصرى.
    وإنما أضاءت قصور بصرى بالنور الذي خرج منه إشارة إلى ما خص الشام من نبوته صلى الله عليه وسلم، فإنها دار مجده وملكه كما ذكره كعب أن في الكتب السابقة: محمد رسول الله مولده بمكة ومهاجره بيثرب وملكه بالشام .

    وقال بعضهم: أضاءت قصور بصرى إشارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم. ينور البصائر ويحيي القلوب الميتة.

    وفي خروج هذا النور معه صلى الله عليه وسلم حين وضعته إشارة إلى ما يجيء به من النور الذي اهتدى به أهل الأرض وزال به ظلمة الشرك منها.
    كما قال الله تعالى:( قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم )16-15المائده .
    قال الإمام أبو شامة رحمه الله تعالى: وقد كان هذا النور الذي ظهر وقت ولادته صلى الله عليه وسلم قد اشتهر في قريش وكثر ذكره فيهم، وإلى ذلك أشار عمه العباس رضي الله تعالى عنه في أبياته السابقة حيث قال في حقه صلى الله عليه وسلم وزاده شرفا وفضلا:
    وأنت لما ولدت أشرقت الأر ض وضاءت بنورك الأفق فنحن في ذلك الضياء وفي النور وسبل الرشاد نخترق
    ويرحم الله تعالى القائل.
    لما استهل المصطفى طالعا أضاء الفضا من نوره الساطع
    وعطر الكون شذا عطره الط يب من دان ومن شاسع
    ونادت الأكوان من فرحة يا مرحبا بالقمر الطالع

    وروى ابن سعد عن موسى بن عبيدة رحمه الله تعالى عن أخيه قال: لما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقع على الأرض وقع على يديه رافعا رأسه إلى السماء وقبض قبضة من تراب، فبلغ ذلك رجلا من لهب فقال لصاحبه: انجه لئن صدق الفأل ليغلبن هذا المولود أهل الأرض.
    وروى ابن سعد وأبو نعيم بسند قوي عن حسان بن عطية - رحمه الله تعالى: - ورضي عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ولد وقع على كفيه وركبتيه شاخصا ببصره إلى السماء. زاد السهيلي : مقبوضة أصابع يده مشيرا بالسبابة كالمسبح بها.

    قال الشيخ الإمام العلامة شمس الدين الجوجري رحمه الله تعالى: وفي رفع بصره صلى الله عليه وسلم في تلك الحال إشارة وإيماء إلى ارتفاع شأنه وعلو قدره وأنه يسود الخلق أجمعين، وكان هذا من آياته صلى الله عليه وسلم، وهو أنه أول فعل وجد منه في أول ولادته، وفيه إشارة وإيماء لمن له تأمل إلى أن جميع ما يقع له من حين يولد إلى حين يقبض صلى الله عليه وسلم ما يدل عليه العقل فإنه صلى الله عليه وسلم لا يزال متزايد الرفعة في كل وقت وحين، علي الشأن على المخلوقات. وفي رفعه صلى الله عليه وسلم رأسه إشارة وإيماء إلى كل سؤدد وأنه لا يتوجه قصده إلا إلى جهات العلو دون غيرها مما لا يناسب قصده.
    وروى ابن الجوزي في "الوفا" عن أبي الحسين بن البراء - مرسلا - رحمه الله تعالى قال: قالت آمنة وجدته جاثيا على ركبتيه ينظر إلى السماء، ثم قبض قبضة من الأرض وأهوى ساجدا.

    قال بعض أهل الإشارات: لما ولد عيسى صلى الله عليه وسلم قال:( إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا ) 30- مريم .
    فأخبر عن نفسه بالعبودية والرسالة، ونبينا صلى الله عليه وسلم وضع ساجدا وخرج معه نور أضاء له ما بين المشرق والمغرب، وقبض قبضة من تراب ورفع رأسه إلى السماء فكانت عبودية عيسى المقال، وعبودية محمد صلى الله عليه وسلم الفعال، ورسالة عيسى بالإخبار، ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم بظهور الأنوار.
    وفي سجوده صلى الله عليه وسلم عند وضعه إشارة إلى أن مبدأ أمره على القرب، قال الله تعالى: ( واسجد واقترب )19 - العلق
    وقال صلى الله عليه وسلم: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد"
    فحال عيسى عليه الصلاة والسلام يشير إلى مقام العبودية، وحال محمد صلى الله عليه وسلم يشير إلى مقام القرب من الحضرة الإلهية.
    ولبعضهم:
    لك القرب من مولاك يا أشرف الورى وأنت لكل المرسلين ختام
    وأنت لنا يوم القيامة شافع وأنت لكل الأنبياء إمام
    عليك من الله الكريم تحية مباركة مقبولة وسلام

    وروى أبو نعيم عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه عن أمه الشفاء بنت عمرو بن عوف رضي الله تعالى عنها قالت: لما ولدت آمنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقع على يدي فاستهل، فسمعت قائلا يقول: رحمك الله أو رحمك ربك فأضاء ما بين المشرق والمغرب حتى إني نظرت إلى بعض قصور الروم . قالت: ثم ألبسته وأضجعته فلم أنشب أن غشيتني ظلمة ورعب وقشعريرة عن يميني فسمعت قائلا يقول: أين ذهبت به. قال: إلى المغرب وأسفر عني ذلك. ثم عاودني ذلك الرعب والقشعريرة عن يساري فسمعت قائلا يقول: أين ذهبت به؟ قال: إلى المشرق. قالت: فلم يزل الحديث مني على بال حتى بعثه الله تعالى.

    الباب السابع في انفلاق البرمة حين وضع صلى الله عليه وسلم تحتها

    روى أبو نعيم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: كان في عهد الجاهلية إذا ولد لهم مولود من تحت الليل وضعوه تحت الإناء لا ينظرون إليه حتى يصبحوا فلما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم طرحوه تحت برمة فلما أصبحوا أتوا البرمة فإذا هي قد انفلقت اثنتين وعيناه صلى الله عليه وسلم إلى السماء، فعجبوا من ذلك.
    وروى ابن سعد بسند رجاله ثقات أثبات عن عكرمة رحمه الله تعالى - مرسلا - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما وضعته أمه وضعته تحت برمة فانفلقت عنه، قالت: فنظرت إليه فإذا هو قد شق بصره ينظر إلى السماء.

    وروى البيهقي عن أبي الحسن التنوخي رحمه الله تعالى قال: كان المولود إذا ولد في قريش دفعوه إلى نسوة من قريش إلى الصبح فكفأن عليه برمة، فلما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع إلى نسوة فكفأن عليه برمة، فلما أصبحن أتين فوجدت البرمة قد انفلقت عنه باثنتين، فوجدنه- مفتوح العين شاخصا ببصره إلى السماء فأتاهن عبد المطلب فقلن: ما رأينا مولودا مثله ووجدناه قد انفلقت عنه البرمة ووجدناه مفتوحا عينه شاخصا ببصره إلى السماء فقال: احفظنه فإني أرجو أن يصيب خيرا.
    وروى ابن الجوزي عن أبي الحسين بن البراء - مرسلا - رحمه الله تعالى عن آمنة أنها قالت: وضعت عليه إناء فوجدته قد انفلق الإناء عنه وهو يمص إبهامه يشخب لبنا.

    قال بعض أهل الإشارات في انفلاق البرمة عنه صلى الله عليه وسلم إشارة إلى ظهور أمره وانتشاره وأنه يفلق ظلمة الجهل ويزيلها.

    الباب الثامن في ولادته صلى الله عليه وسلم مختونا مقطوع السرة

    عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كرامتي على ربي أني ولدت مختونا ولم ير أحد سوأتي".رواه الطبراني وأبو نعيم

    قال الخيضري: فإن قيل إن فيه أي في ولادته صلى الله عليه وسلم مختونا بعض نقص في حق من يوجد كذلك.
    فيقال: هذا في حقه صلى الله عليه وسلم غاية الكمال لأن القلفة ربما تمنع من تكميل النظافة والطهارة، وتمنع كمال لذة الجماع فأوجد الله تعالى عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم مختونا مسرورا مكملا سالما من سائر النقائص والمعايب
    فإن قيل: إذا كان كذلك فلم شق صدره صلى الله عليه وسلم واستخرج منه العلقة السوداء التي هي حظ الشيطان، ولو كان كما ذكرت لخلقه سالما منها؟
    قلت: لا سواء لأن الختان والإسرار من الأمور الظاهرة التي تحتاج إلى فعل الآدمي،
    فخلقه الله تعالى سليما منها لئلا يكون لأحد عليه منة، كما في كمال الطهارة،
    وأما إخراج العلقة التي هي حظ الشيطان فمحلها القلب ولا اطلاع للآدمي عليها، ولو خلق الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم سليما منها لم يكن للآدميين اطلاع على حقيقته، فأظهره الله تعالى لعباده على يد جبريل ليتحققوا كمال باطنه كما برز لهم مكمل الظاهر انتهى. وهو مأخوذ من كلام السبكي يأتي ذكره في باب شرح صدره صلى الله عليه وسلم.

    وروى ابن سعد بسند رجاله ثقات عن إسحاق بن أبي طلحة مرسلا رحمه الله تعالى أن آمنة قالت: وضعته نظيفا، ما ولدته كما يولد السخل، ما به قذر، ووقع إلى الأرض وهو جالس على الأرض بيديه.
    فائدة:
    ولد من الأنبياء مختونا جماعة. نقل ابن دريد في الوشاح وابن الجوزي في التلقيح عن كعب الأحبار رحمه الله تعالى أنهم ثلاثة عشر.
    ونقل ابن الجوزي عن محمد بن حبيب رحمه الله تعالى أنهم أربعة عشر. وكل منهما ذكر ما لم يذكر الآخر.
    فالذي اتفقا عليه: آدم. وشيث. ونوح، ولوط ويوسف، وشعيب، وموسى، وسليمان وعيسى ، ومحمد صلى الله عليه وسلم.

    والذي زاده كعب: إدريس، وسام، ويحيى والذي زاده ابن حبيب: هود، وصالح، وزكريا، وحنظلة بن صفوان نبي أصحاب الرس صلى الله عليه وسلم أجمعين فاجتمع من كلامهما سبعة عشر نبيا أولهم آدم وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم وقد نظم الشيخ رحمه الله تعالى ورضي عنه أسماءهم في قلائد الفوائد فقال:
    وسبعة مع عشر قد روى خلقوا وهم ختان فخذ لا زلت مأنوسا محمد آدم إدريس شيث ونوح سام هود شعيب يوسف موسى لوط سليمان يحيى صالح زكريا وحنظلة الرسي مع عيسى

    وقال العلامة القاضي عبد الباسط البلقيني رحمه الله تعالى ونفعنا به:
    وفي الرسل مختونا لعمرك خلقة ثمان وتسع طيبون أكارم
    وهم زكريا شيث إدريس يوسف وحنظلة عيسى وموسى وآدم
    ونوح شعيب سام لوط وصالح سليمان يحيى هود ياسين خاتم
    ---------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا - تابعونا - جزاكم الله خيرا
    -
    التالي :
    : - الباب التاسع في مناغاته صلى الله عليه وسلم للقمر في مهده وكلامه فيه - :
    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5188
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد صل الله عليه وسلم ((مولده الشريف صلى الله عليه وسلم )) Empty : - الباب التاسع في مناغاته صلى الله عليه وسلم للقمر في مهده وكلامه فيه - :

    مُساهمة من طرف صادق النور الخميس سبتمبر 28, 2023 5:30 pm


    يتبع ما قبله :
    : - الباب التاسع في مناغاته صلى الله عليه وسلم للقمر في مهده وكلامه فيه - :

    روى الطبراني والبيهقي عن العباس بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه قال: قلت يا رسول الله دعاني إلى الدخول في دينك أمارة لنبوتك، رأيتك في المهد تناغي القمر وتشير إليه بإصبعك فحيث ما أشرت إليه مال. قال: "كنت أحدثه ويحدثني ويلهيني عن البكاء وأسمع وجبته حين يسجد تحت العرش".


    المناغاة: المحادثة. وناغت الأم صبيها لاطفته وشاغلته بالمحادثة والملاعبة. قال الحافظ في الفتح وفي سير الواقدي أن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم في المهد أوائل ما ولد. وذكر ابن سبع رحمه الله تعالى في الخصائص أن مهده صلى الله عليه وسلم كان يتحرك بتحريك الملائكة له. وأن أول كلام تكلم به أن قال: "الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا".
    فائدة:
    تكلم في المهد جماعة نظم شيخنا رحمه الله تعالى أسماءهم في كتابه قلائد الفوائد
    فقال:
    تكلم في المهد النبي محمد وموسى وعيسى والخليل ومريم ومبرئ جريج ثم شاهد يوسف
    وطفل لدى الأخدود يرويه مسلم وطفل عليه مر بالأمة التي يقال لها تزني ولا تتكلم وماشطة في عهد فرعون طفلها
    وفي زمن الهادي المبارك يختم
    .
    الباب العاشر في حزن إبليس وحجبه من السماوات وما سمع من الهواتف لما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم

    نقل السهيلي وأبو الربيع وغيرهما عن تفسير الحافظ بقي بن مخلد رحمه الله تعالى أن إبليس رن أربع رنات: رنة حين لعن، ورنة حين أهبط، ورنة حين ولد النبي صلى الله عليه وسلم، ورنة حين أنزلت فاتحة الكتاب.
    رن: صوت بحزن وكآبة.

    وروى ابن أبي حاتم عن عكرمة رحمه الله تعالى قال: قال إبليس لما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد ولد الليلة ولد يفسد علينا أمرنا فقال له جنوده: لو ذهبت إليه فخبلته فلما دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الله جبريل فركضه برجله ركضة فوقع بعدن.

    وروى الزبير بن بكار وابن عساكر عن معروف بن خربوذ رحمه الله تعالى قال: كان إبليس يخترق السماوات السبع. فلما ولد عيسى حجب من ثلاث سموات، وكان يصل إلى أربع فلما ولد النبي صلى الله عليه وسلم حجب من السبع.
    وروى الخرائطي وابن عساكر عن عروة بن الزبير رحمه الله تعالى أن نفرا من قريش منهم ورقة بن نوفل وزيد بن عمرو بن نفيل وعبيد الله بن جحش وعثمان بن الحويرث كانوا عند صنم يجتمعون إليه فلما دخلوا يوما فرأوه مكبوبا على وجهه، فأنكروا ذلك فأخذوه فردوه إلى حاله فلم يلبث أن انقلب انقلابا عنيفا فردوه إلى حاله، فانقلب الثالثة فقال عثمان: إن هذا لأمر حدث. وذلك في الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فجعل عثمان بن الحويرث يقول:
    أيا صنم العيد الذي صف حوله صناديد وفد من بعيد ومن قرب ينكس مقلوبا فما ذاك قل لنا
    أذاك سفيه أم تنكس للعتب فإن كان من ذنب أسأنا فإننا
    نبوء بإقرار ونلوي على الذنب وإن كنت مغلوبا تنكست صاغرا
    فما أنت في الأصنام بالسيد الرب

    قال: فأخذوا الصنم فردوه إلى حاله فلما استوى هتف بهم هاتف من جوف الصنم بصوت جهير وهو يقول:
    تردى لمولود أضاءت لنوره جميع فجاج الأرض بالشرق والغرب
    وخرت له الأوثان طرا وأرعدت قلوب ملوك الأرض طرا من الرعب
    ونار جميع الفرس باخت وأظلمت وقد بات شاه الفرس في أعظم الكرب
    وصدت عن الكهان بالغيب جنها فلا مخبر منهم بحق ولا كذب
    فيا لقصي ارجعوا عن ضلالكم وهبوا إلى الإسلام والمنزل الرحب


    الفجاج: جمع فج وهو الطريق الواسع بين الجبلين. وقيل في جبل. باخت: خمدت.
    وروى الخرائطي عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما قالت: كان زيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل يذكران أنهما أتيا النجاشي بعد رجوع أبرهة من مكة ، قالا: فلما دخلنا عليه قال: اصدقاني أيها القرشيان: هل ولد فيكم مولود أراد أبوه ذبحه فضرب عليه بالقداح فسلم ونحرت عنه جمال كثيرة؟ فقلنا نعم. قال: فهل لكما علم به ما فعل؟ قلنا: تزوج امرأة منا يقال لها آمنة تركها حاملا وخرج. قال: فهل تعلمان ولدت أم لا؟ قال ورقة: أخبرك أيها الملك. إني قد قربت عند وثن لنا إذ سمعت من جوفه هاتفا يقول:
    ولد النبي فذلت الأملاك ونأى الضلال وأدبر الإشراك

    ثم تنكس الصنم على رأسه. فقال زيد: عندي خبره أيها الملك، إني في مثل هذه الليلة خرجت حتى أتيت جبل أبي قبيس إذ رأيت رجلا ينزل له جناحان أخضران فوقف على أبي قبيس ثم أشرف على مكة فقال: ذل الشيطان وبطلت الأوثان وولد الأمين. ثم نشر ثوبا معه وأهوى به نحو المشرق والمغرب فرأيته قد جلل ما تحت السماء وسطع نور كاد يخطف بصري، وهالني ما رأيت وخفق الهاتف بجناحيه حتى سقط على الكعبة فسطع له نور أشرقت له تهامة وقال: زكت الأرض وأدت ربيعها. وأومأ إلى الأصنام التي كانت على الكعبة فسقطت كلها.

    قال النجاشي: أخبركما عما أصابني: إني لنائم في الليلة التي ذكرتما في قبتي وقت خلوتي إذ خرج علي من الأرض عنق ورأس وهو يقول: حل الويل بأصحاب الفيل، رمتهم طير أبابيل بحجارة من سجيل، هلك الأشرم المعتدي المجرم، وولد النبي المكي الحرمي، من أجابه سعد ومن أباه عند، ثم دخل الأرض فغاب فذهبت أصيح فلم أطق الكلام ورمت القيام فلم أطق القيام فأتاني أهل فقلت: احجبوا عني الحبشة فحجبوهم فأطلق الله لساني ورجلي.

    وروى ابن أبي الدنيا عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه قال: لما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم هتف هاتف على أبي قبيس وآخر على الحجون الذي بأصل المقبرة فقال الذي على جبل الحجون:
    فأقسم ما أنثى من الناس أنجبت ولا ولدت أنثى من الناس والده
    كما ولدت زهرية ذات مفخر مجنبة لؤم القبائل ماجده
    فقد ولدت خير البرية أحمدا فأكرم بمولود وأكرم بوالده


    وقال الذي على جبل أبي قبيس:
    يا ساكني البطحاء لا تغلطوا وميزوا الأمر بعقل مضي
    إن بني زهرة من سركم في غابر الأمر وعند البدي
    واحدة منكم فهاتوا لنا فيمن مضى في الناس أو من بقي
    واحدة من غيرهم مثلها جنينها مثل النبي التقي

    الباب الحادي عشر في انبثاق دجلة وارتجاس الإيوان وسقوط الشرفات وخمود النيران وغير ذلك مما يذكر

    ذكر ابن جرير وغيره أن كسرى أبرويز كان قد سكر دجلة العوراء وأنفق عليها مالا عظيما، وكان طاق ملكه قد بناه بنيانا عظيما لما ير مثله، وكان عنده ثلاثمائة رجل من كاهن وساحر ومنجم، وكان فيهم رجل من العرب اسمه السائب قد بعث به بأذان من اليمن ، وكان كسرى إذا حزبه أمر جمعهم فقال: انظروا في هذا الأمر ما هو.

    فلما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبح كسرى وقد انقصم طاق ملكه من غير ثقل وانخرقت دجلة العوراء فلما رأى ذلك أحزنه فدعا كهانه وسحاره ومنجميه وفيهم السائب .
    فقال لهم: قد انقصم طاق ملكي من غير ثقل فانظروا في أمره بما تعلمونه من علمكم فأخذت عليهم أقطار السماء وأظلمت الأرض فلم يمض لهم ما رأوه وبات السائب في ليلة مظلمة على ربوة من الأرض ينظر فرأى برقا من قبل الحجاز قد استطار فبلغ المشرق،
    فلما أصبح رأى تحت قدميه روضة خضراء فقال فيما يعتاف: إن صدق ما أرى ليخرجن من الحجاز سلطان يبلغ المشرق وتخصب الأرض عليه كأفضل ما أخصبت على ملك.

    فلما خلص الكهان والمنجمون بعضهم إلى بعض ورأوا ما أصابهم ورأى السائب ما رأى قال بعضهم لبعض: والله ما حيل بينكم وبين علمكم إلا لأمر جاء من السماء وأنه لنبي يبعث أو هو مبعوث يسلب هذا الملك ملكه ويكسر وإن نعيتم إلى كسرى كسر ملكه ليقتلنكم فاتفقوا على أن يكتموه الأمر وقالوا له قد نظرنا فوجدنا وضع دجلة العوراء وطاق الملك قد وضع على النحوس،
    فلما اختلف الليل والنهار فوقعت النحوس مواقعها زال كل ما وضع عليها، ونحن نحسب لك حسابا تضع عليه بنيانك فلا يزول. - فحسبوا فأمروه بالبناء فبنى دجلة العوراء في ثمانية أشهر وأنفق عليها أموالا جليلة حتى فرغ منها، فلما فرغ قال لهم: أجلس على سورها؟ قالوا: نعم. فجلس في أساورته ومرازبته، فبينما هو كذلك انشقت دجلة وخرج ذلك البنيان من تحته، فلم يخرج إلا بآخر رمق، فلما أخرجوه جمع كهانه وسحرته ومنجميه وقتل منهم نحو مائة وقال لهم: أقربتكم وأجريت عليكم الأموال ثم إنكم تخونونني؟

    فقالوا: أيها الملك أخطأنا كما أخطأ من قبلنا. ثم حسبوا له وأمروه بالبناء فبناه وفرغ منه وأمروه بالجلوس عليه فخاف أن يجلس عليه فركب وسار على البناء فبينما هو يسير إذ انشقت أيضا. فلم يدرك إلا بآخر رمق. فدعاهم وقال: لأقتلنكم أو لتصدقني. فصدقوه وأخبروه بالأمر فقال: ويحكم هلا بينتم لي ذلك فأرى فيه ما أرى قالوا: منعنا الخوف. فتركهم.

    وروى ابن جرير في تاريخه والبيهقي وأبو نعيم كلاهما في الدلائل، والخرائطي عن مخزوم بن هانئ عن أبيه .
    وأتت عليه مائة وخمسون سنة قال: لما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتجس فيها إيوان كسرى وسقطت منه أربع عشر شرافة وخمدت نار فارس ولم تخمد قبل ذلك بألف عام،
    وغاضت بحيرة ساوة ورأى الموبذان إبلا صعابا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها، فلما أصبح كسرى أفزعه ذلك وتصبر عليه تشجعا، ثم رأى أن لا يدخر ذلك عن وزرائه ومرازبته حين عيل صبره فجمعهم ولبس تاج ملكه وقعد على سريره ثم بعث إليهم فلما اجتمعوا عنده .
    قال: تدرون فيما بعثت؟ قالوا: لا إلا أن تخبرنا بذلك، فبينما هم كذلك إذ أتاه كتاب بخمود نار فارس فازداد غما إلى غمه ثم أخبرهم بما هاله،
    فقال الموبذان: وأنا أصلح الله الملك قد رأيت في هذه الليلة. فقص عليهم رؤياه في الإبل، فقال: أي شيء يكون هذا يا موبذان؟ وكان أعلمهم في أنفسهم قال: حدث يكون من ناحية العرب ، فكتب كسرى عند ذلك: من ملك الملوك كسرى إلى النعمان بن المنذر: أما بعد فوجه إلي عالما بما أريد أن أسأله عنه فوجه إليه بعبد المسيح بن عمرو بن حسان بن بقيلة - بضم الموحدة وفتح القاف وسكون التحتية - الغساني.
    فلما قدم عليه قال: ألك علم بما أريد أن أسألك عنه؟ قال: يسألني الملك أو يخبرني الملك، فإن كان عندي علم منه أخبرته وإلا دللته على من يعلمه. قال: فأخبره. فقال: علم ذلك عند خال لي يسكن مشارق الشام يقال له سطيح. قال: فاذهب إليه فاسأله وائتني بتأويل ما عنده. فنهض عبد المسيح حتى قدم على سطيح وقد أشفى على الموت فسلم عليه وحياه فلم يحر جوابا فأنشأ عبد المسيح يقول: أصم أم يسمع غطريف اليمن .. في أبيات ذكرها.

    فلما سمع سطيح كلامه فتح عينيه ثم قال: عبد المسيح على جمل مشيح، أقبل إلى سطيح، وقد أوفى على الضريح، بعثك - ملك بني ساسان، لارتجاس الإيوان وخمود النيران، ورؤيا الموبذان. رأى إبلا صعابا تقود خيلا عرابا، قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها.
    يا عبد المسيح إذا أكثرت التلاوة. وظهر صاحب الهراوة، وفاض وادي سماوة، وغاضت بحيرة ساوة، فليس الشام لسطيح شاما، يملك منهم ملوك وملكات على عدد الشرفات، وكل ما هو آت آت.
    ثم قضى سطيح مكانه فأتى عبد المسيح إلى كسرى فأخبره فقال: إلى أن يملك منا أربعة عشر ملكا كانت أمور وأمور. فملك منهم عشرة في أربع سنين وملك الباقون إلى خلافة عثمان رضي الله تعالى عنه. ويرحم الله تعالى الإمام أبا عبد الله محمد بن أبي زكريا يحيى بن علي الشقراطسي حيث قال:
    ضاءت لمولده الآفاق واتصلت بشرى الهواتف في الإشراق والطفل وصرح كسرى تداعى من قواعده
    وانقض منكسر الأرجاء ذا ميل ونار فارس لم توقد وما خمدت
    من ألف عام ونهر القوم لم يسل خرت لمولده الأوثان وانبعثت
    ثواقب الشهب ترمي الجن بالشعل


    والإمام أبا عبد الله محمد بن سعيد بن حماد الدلاصي الشهير بالبوصيري رحمه الله تعالى حيث قال:
    أبان مولده عن طيب عنصره يا طيب مبتدإ منه ومختتم
    يوم تفرس فيه الفرس أنهم قد أنذروا بحلول البؤس والنقم
    وبات إيوان كسرى وهو منصدع كشمل أصحاب كسرى غير ملتئم
    والنار خامدة الأنفاس من أسف عليه والنهر ساهي العين منسدم
    وساء ساوة أن غاضت بحيرتها ورد واردها بالغيظ حين ظمي
    كأن بالنار ما بالماء من بلل حزنا وبالماء ما بالنار من ضرم
    والجن تهتف والأنوار ساطعة والحق يظهر من معنى ومن كلم
    عموا وصموا فإعلان البشائر لم يسمع وبارقة الإنذار لم تشم
    من بعد ما أخبر الأقوام كاهنهم بأن دينهم المعوج لم يقم
    من بعد ما عاينوا في الأفق من شهب منقضة وفق ما في الأرض من صنم
    حتى غدا عن طريق الحق منهزم من الشياطين يقفو إثر منهزم


    وقال أيضا في قصيدته الهمزية:
    ومحيا كالشمس منك مضيء أسفرت عنه ليلة غراء
    ليلة المولد الذي كان للدي ن سرور بيومه وازدهاء
    وتوالت بشرى الهواتف أن قد ولد المصطفى وحق الهناء
    وتداعى إيوان كسرى ولو لا آية منك ما تداعى البناء
    وغدا كل بيت نار وفيه كربة من خمودها وبلاء
    وعيون للفرس غارت فهل كا ن لنيرانهم بها إطفاء
    فهنيئا به لآمنة الفض ل الذي شرفت به حواء
    من لحواء أنها حملت أح مدا وأنها به نفساء
    يوم نالت بوضعه ابنة وه ب من فخار ما لم تنله النساء
    وأتت قومها بأفضل مما حملت قبل مريم العذراء
    شمتته الأملاك إذ وضعته وشفتنا بقولها الشفاء
    رافعا رأسه وفي ذلك الرف ع إلى كل سؤدد إيماء
    رامقا طرفه السماء ومرمى عين من شأنه العلو العلاء
    وتدلت زهر النجوم إليه وأضاءت بضوئها الأرجاء
    وتراءت قصور قيصر بالشا م يراها من داره البطحاء

    تفسير الغريب

    كسرى بفتح الكاف وكسرها: اسم ملك الفرس. والذي ولد النبي صلى الله عليه وسلم في زمانه: أنوشروان بن قباذ بن فيروز بن يزدجرد بن بهرام جور. والذي كتب إليه الكتاب ومزقه: أبرويز بن هرمز أنوشروان. والذي قتل في زمن عثمان وأخذ منه المسلمون البلاد: يزدجرد بن شهريار.

    دجلة بكسر الدال المهملة: نهر بغداد. قال ثعلب - رحمه الله تعالى - تقول: عبرت دجلة بغير ألف ولام.

    باذان: بذال معجمة.

    انقصم: انكسر وانفصل بعضه من بعضه.

    اعتاف: قال في النهاية: العيافة: زجر الطير والتفاؤل بأسمائها وأصواتها وممرها، يقال: عاف يعيف عيفا إذا زجر وحدس وظن. قلت: والمراد هنا الحدس والظن.

    ارتجس: اضطرب وانشق. والرجس بفتح الراء وإسكان الجيم وبالسين المهملة: الصوت الشديد من الرعد ومن هدير البعير.

    الإيوان: بوزن الديوان ويقال فيه بوزن كتاب بناء أزج غير مسدود الوجه. والأزج: بيت. يبنى طولا، وجمعه على الأول: أواوين كدواوين. وإيوانات. وعلى الثاني: أون كخوان وخون: بناء مشهور بالمدائن من أرض العراق، كان بناء محكما مبنيا بالآجر الكبار والجص، سمكه مائة ذراع في طول مثلها، فارتجس حتى سمع صوته وانشق وسقطت منه أربعة عشر شرافة.

    ليس السبب في ذلك من جهة خلل في بنائه في نفسه، وإنما أراد الله تعالى أن يكون ذلك آية باقية على وجه الدهر لنبيه صلى الله عليه وسلم.

    الموبذان: بضم الميم ثم واو ساكنة وفتح الباء الموحدة. وحكى الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين الدمشقي رحمه الله تعالى كسرها أيضا وبذال معجمة: اسم لحاكم المجوس كقاضي القضاة للمسلمين.

    مشيح بشين معجمة وحاء مهملة وزن مليح يقال ناقة مشحاة إذا كانت سريعة. والإبل كناية عن الناس هنا.

    الهراوة. بكسر الهاء: العصا.

    الشرفات بضم الراء وفتحها وسكونها جمع شرفة - إما تحقيرا لها أو أن جمع القلة قد يقع موضع جمع الكثرة.

    خمدت بفتح الميم وكسرها كنصر وسمع. غاضت بغين وضاد معجمتين: غارت.

    خيلا عرابا، بكسر العين. الخيل العراب خلاف البراذين الفرس إن كان أبواه عربيين فهو عتيق، وإن كانا أعجميين فهو برذون، وإن كان الأب عربيا والأم عجمية فهو هجين. وإن كان بالعكس فهو مقرف.

    بحيرة ساوة بحيرة متسعة الأكناف جدا. وقد قال فيها الصرصري - رحمه الله تعالى - في بعض قصائده:


    غارت وقد كانت جوانبها تفوت الميلا



    وقال غيره: كانت أكثر من ستة فراسخ تركب فيها السفن ويسافر فيها إلى ما حولها من البلاد والمدن، فأصبحت ليلة المولد ناشفة كأن لم يكن بها شيء من الماء.
    المرازبة بفتح الميم جمع مرزبان بضم الزاي وهو الفارس الشجاع المتقدم على القوم دون المكره.

    هاله: أفزعه. رؤيا بترك التنوين.

    حدث بفتح الحاء والدال المهملتين ومثلثة أي وقع.

    مشارف بميم مفتوحة فشين معجمة مخففة فألف فراء ففاء. المشارف: القرى التي تقرب من المدن، وقيل التي بين بلاد الريف وجزيرة العرب قيل لها ذلك لأنها أشرفت على السواد. قاله في النهاية وقال في الصحاح: مشارف الأرض أعاليها.

    أشفى: أشرف. أنشأ بهمزة مفتوحة أوله وآخره أي ابتدأ.

    أصم: بهمزة الاستفهام ثم بضم الصاد المهملة فتشديد الميم مبني للمفعول.

    الغطريف: بغين معجمة فطاء مهملة فراء مكسورة فمثناة تحتية ففاء المراد به هنا السيد.

    عبد المسيح: بالرفع لأنه مبتدأ والجار والمجرور في قوله "على جمل" الخبر.

    أوفى: أشرف.

    ساوة مدينة بين الري وهمذان.

    السماوة بسين مهملة مفتوحة فميم مخففة: بادية لبني كلب عند الكوفة، أرض عالية لا حجر فيها لها طول ولا عرض لها سميت السماوة لسموها أي علوها.

    الطفل بفتحتين: العشي عند تطفيل الشمس ونقصان ضوئها. ومعنى تطفيلها دنوها من المغيب.

    أنقاض يروى بضاد معجمة. ويروى بصاد مهملة. وعليهما فمعناه سقط.

    الأرجاء: النواحي.

    الميل بفتح الميم والمثناة التحتية قال في المحكم: الميل أي بسكون الياء في الحادث. والميل في الخلقة.

    فارس: اسم علم كالفرس لطائفة من العجم كانوا مجوسا يعبدون النار وكان لبيوت النار سدنة يقومون عليها. ويتناوبون إيقادها فلم يخمد لها لهب لا ليل ولا نهار إلا ليلة مولده صلى الله عليه وسلم، فإنهم أوقدوها فلم تقد. وإنما انتفى إيقادها في نفسها مع كونهم تعاطوا إيقادها فهذا موضع الآية العجيبة، ولو كانوا لم يتعاطوا إيقادها لم يكن في ذلك آية لمولد النبي صلى الله عليه وسلم وكان ذلك وقع اتفاقا. وخمدت تلك النار مع إيقادهم لها ولها ألف سنة لم تخمد وتلك مدة عبادة المجوس للنار.

    المحيا: الوجه.

    أسفرت: انحسرت. غراء: تأنيث - الأغر وهو السيد والأبيض النير. الازدهاء: الافتخار.

    توالت: تتابعت.

    الهواتف: جمع هاتف وهو ما يسمع صوته ولا يرى شخصه.

    تداعى: ته آدم .

    غدا بالدال المهملة: صار.

    خمود النار: سكون لهبها ولم يطف جمرها، فإن انطفأ أيضا قيل: همدت.

    الكربة بالضم: الهم الذي يأخذ النفس. والاستفهام عن انطفاء نار فارس بمياه العيون التي غارت يفيد التعجب من هذه القضية وتأكيد وقوعها وأن ذلك من آياته صلى الله عليه وسلم.

    رمق الشيء: نظر إليه نظرا خفيا.

    المرمى في الأصل: الغرض الذي ينتهي إليه سهم الرامي. والمراد ما انتهى إليه البصر.

    الشأن: القصد.

    العلو: الارتفاع في المكان.

    العلاء بالفتح والمد: الرفعة والشرف، والعلى بالضم والقصر بمعناه.

    تراءت من رؤية العين. وتراءى الجمعان: رأى بعضهم بعضا.

    قيصر: أحد ملوك الروم .

    البطحاء: الأبطح. وهو في الأصل مسيل واسع فيه دقاق الحصى والمراد به هنا بطحاء مكة .

    التشميت: بالمعجمة، ويجوز إهمالها: أن تقول للعاطس: رحمك الله.

    الشفاء بكسر الشين المعجمة وتخفيف الفاء وقيل بفتحها والتثقيل: أم عبد الرحمن بن عوف - رضي الله تعالى عنه -

    الباب الثاني عشر في فرح جده عبد المطلب به صلى الله عليه وسلم وتسميته له محمدا

    قال ابن إسحاق والواقدي وغيرهما: لما وضعت آمنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى جده عبد المطلب : أنه قد ولد لك غلام فائته فانظر إليه. فأتاه ونظر إليه. وحدثته بما رأت حين حملت به وما قيل لها وما أمرت به أن تسميه،
    فيزعمون أن عبد المطلب أخذه فدخل به الكعبة فقام يدعو الله ويشكره على ما أعطاه، ثم خرج به صلى الله عليه وسلم إلى أمه وهو يقول:
    الحمد لله الذي أعطاني هذا الغلام الطيب الأردان قد ساد في المهد على الغلمان
    أعيذه بالبيت ذي الأركان حتى يكون بلغة الفتيان
    حتى أراه بالغ التبيان أعيذه من شر ذي شنآن
    من حاسد مضطرب العيان ذي همة ليس له عينان
    حتى أراه رافعا للشان أنت الذي سميت في الفرقان
    أحمد مكتوب على اللسان


    وروى البيهقي عن أبي الحسن التنوخي - رحمه الله تعالى - أنه لما كان يوم السابع من ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم ذبح عنه جده ودعا قريشا ، فلما أكلوا قالوا: يا عبد المطلب ما سميته؟

    قال: سميته محمدا. قالوا: لم رغبت به عن أسماء أهل بيته. قال: أردت أن يحمده الله في السماء وخلقه في الأرض.

    وروى أبو عمر وأبو القاسم بن عساكر من طرق عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عنده جده بكبش وسماه محمدا. فقيل له: يا أبا الحارث ما حملك على أن تسميه محمدا ولم تسمه باسم آبائه؟ قال: أردت أن يحمده الله في السماء ويحمده الناس في الأرض.

    وذكر السهيلي وأبو الربيع - رحمهما الله تعالى - أن عبد المطلب إنما سماه محمدا لرؤيا رآها. زعموا أنه رأى مناما كأن سلسلة من فضة خرجت من ظهره ولها طرف في السماء وطرف في الأرض وطرف في المشرق وطرف في المغرب، ثم عادت كأنها شجرة على كل ورقة منها نور، وإذا أهل المشرق والمغرب يتعلقون بها. فقصها فعبرت له بمولود يكون من صلبه يتبعه أهل المشرق والمغرب ويحمده أهل السماء والأرض، فلذلك سماه محمدا مع ما حدثته به أمه صلى الله عليه وسلم.
    ويرحم الله تعالى الإمام العلامة العارف إبراهيم بن أحمد الرقي حيث قال:
    لو أن كل الخلق ليلة مولد ال هادي على الهامات منهم قاموا
    شكرا لنعمة ربهم فيما حبوا فيها بعشر عشيرها ما قاموا
    هي نعمة ما غادرت من دينه كفر ولا من دينه الإسلام
    عمتهم ببحارها فالعالم ال علوي والسفلي فيها عاموا
    فالحمد لله الذي من فضله عم البرية كلها الإنعام
    نظر الرحيم إلى الورى فرآهم أغوتهم الأنصاب والأزلام
    وتحيروا في ظلمة الكفر الذي عبدت به الأوثان والأصنام
    تغشى الفواحش في المحافل جهرة لا ينكرون كأنهم أنعام
    يبغي القوي على الضعيف ويقهر ال والي اليتيم وتقطع الأرحام
    فأغاثهم رب العباد بشرعة فيها الحدود على السداد تقام
    دين النبي محمد خير الورى من فصلت في دينه الأحكام
    موسى وعيسى بشرا بظهوره ودعا به من قبل إبراهام
    شكرا لمهديه إلينا نعمة ليست تحيط بكنهها الأوهام
    -------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا - تابعونا - جزاكم الله خيرا
    -
    التالي :
    -
    : - الباب الثالث عشر في أقوال العلماء في عمل المولد الشريف واجتماع الناس له وما يحمد من ذلك وما يذم - :

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5188
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد صل الله عليه وسلم ((مولده الشريف صلى الله عليه وسلم )) Empty : - الباب الثالث عشر في أقوال العلماء في عمل المولد الشريف واجتماع الناس له وما يحمد من ذلك وما يذم - :

    مُساهمة من طرف صادق النور الخميس سبتمبر 28, 2023 6:21 pm


    : - الباب الثالث عشر في أقوال العلماء في عمل المولد الشريف واجتماع الناس له وما يحمد من ذلك وما يذم - :


    قال الحافظ أبو الخير السخاوي - رحمه الله تعالى- في فتاويه: عمل المولد الشريف لم ينقل عن أحد من السلف الصالح في القرون الثلاثة الفاضلة، وإنما حدث بعد، ثم لا زال أهل الإسلام في سائر الأقطار والمدن الكبار يحتفلون في شهر مولده صلى الله عليه وسلم بعمل الولائم البديعة المشتملة على الأمور المبهجة الرفيعة ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات ويظهرون السرور ويزيدون في المبرات ويعتنون بقراءة مولده الكريم ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم. .

    وقال الإمام الحافظ أبو الخير بن الجزري - رحمه الله تعالى- شيخ القراء: من خواصه أنه أمان في ذلك العام وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام.
    قلت: وأول من أحدث ذلك من الملوك صاحب إربل الملك المظفر أبو سعيد كوكوبري بن زين الدين علي بن بكتكين أحد الملوك الأمجاد والكبراء الأجواد.

    قال الحافظ عماد الدين ابن كثير - رحمه الله تعالى- في تاريخه: كان يعمل المولد الشريف في ربيع الأول ويحتفل به احتفالا هائلا، وكان شهما شجاعا بطلا عاقلا عادلا- رحمه الله تعالى- وأكرم مثواه. وقد صنف الشيخ أبو الخطاب بن دحية- رحمه الله تعالى- كتابا له في المولد سماه: «التنوير في مولد البشير النذير » فأجازه بألف دينار.

    قال سبط بن الجوزي - رحمه الله تعالى- في مرآة الزمان: حكى من حضر سماط المظفر في بعض المولد أنه عد في ذلك السماط خمسة آلاف رأس غنم شوي وعشرة آلاف دجاجة ومائة ألف قرص ومائة ألف زبدية أي من طعام، وثلاثين ألف صحن حلوى، قال: وكان يحضر عنده في المولد أعيان العلماء والصوفية فيخلع عليهم ويطلق لهم. وكان يصرف على المولد في كل سنة ثلاثمائة ألف دينار، وكانت له دار ضيافة للوافدين من أي جهة على أي صفة. فكان يصرف على هذه الدار في كل سنة مائة ألف دينار وكان يفتك من الفرنج في كل سنة بمائتي ألف دينار، وكان يصرف على الحرمين والمياه بدرب الحجاز في كل سنة ثلاثين ألف دينار، وهذا كله سوى صدقات السر.

    وحكت زوجته ربيعة خاتون بنت أيوب أخت الملك الناصر صلاح الدين أن قميصه كان من كرباس غليظ لا يساوي خمسة دراهم. قالت: فعاتبته في ذلك فقال: ألبس ثوبا بخمسة دراهم وأتصدق بالباقي خير من أن ألبس ثوبا مثمنا وأدع الفقير والمسكين.

    وقد أثنى عليه الأئمة، منهم الحافظ أبو شامة شيخ النووي في كتابه «الباعث على إنكار البدع والحوادث » وقال: مثل هذا الحسن يندب إليه ويشكر فاعله ويثنى عليه.

    قال ابن الجوزي : لو لم يكن في ذلك إلا إرغام الشيطان وإدعام أهل الإيمان.

    وقال العلامة ابن ظفر - رحمه الله تعالى-: بل في الدر المنتظم: وقد عمل المحبون للنبي صلى الله عليه وسلم فرحا بمولده الولائم-، فمن ذلك ما عمله بالقاهرة المعزية من الولائم الكبار الشيخ أبو الحسن المعروف بابن قفل قدس الله تعالى سره، شيخ شيخنا أبي عبد الله محمد بن النعمان، وعمل ذلك قبل جمال الدين العجمي الهمذاني وممن عمل ذلك على قدر وسعه يوسف الحجار بمصر وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحرض يوسف المذكور على عمل ذلك.

    قال: وسمعت يوسف بن علي بن زريق الشامي الأصل المصري المولد الحجار بمصر في منزله بها حيث يعمل مولد النبي صلى الله عليه وسلم يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام منذ عشرين سنة وكان لي أخ في الله تعالى يقال له الشيخ أبو بكر الحجار فرأيت كأنني وأبا بكر هذا بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم جالسين، فأمسك أبو بكر لحية نفسه وفرقها نصفين وذكر للنبي صلى الله عليه وسلم كلاما لم أفهمه فقال النبي صلى الله عليه وسلم مجيبا له: لولا هذا لكانت هذه في النار. ودار إلي وقال: لأضربنك.
    وكان بيده قضيب فقلت: لأي شيء يا رسول الله؟ فقال: حتى لا تبطل المولد ولا السنن.
    قال يوسف : فعملته منذ عشرين سنة إلى الآن. قال:
    وسمعت يوسف المذكور يقول: سمعت أخي أبا بكر الحجار يقول: سمعت منصورا النشار يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام يقول لي: قل له لا يبطله. يعني المولد ما عليك ممن أكل وممن لم يأكل.
    قال: وسمعت شيخنا أبا عبد الله بن أبي محمد النعمان يقول: سمعت الشيخ أبا موسى الزرهوني يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فذكرت له ما يقوله الفقهاء في عمل الولائم في المولد فقال صلى الله عليه وسلم: «من فرح بنا فرحنا به » .

    وقال الشيخ الإمام العلامة نصير الدين المبارك الشهير بابن الطباخ في فتوى بخطه: إذا أنفق المنفق تلك الليلة وجمع جمعا أطعمهم ما يجوز إطعامه وأسمعهم ما يجوز سماعه ودفع للمسمع المشوق للآخرة ملبوسا،
    كل ذلك سرورا بمولده صلى الله عليه وسلم فجميع ذلك جائز ويثاب فاعله إذ أحسن القصد، ولا يختص ذلك بالفقراء دون الأغنياء، إلا أن يقصد مواساة الأحوج فالفقراء أكثر ثوابا، نعم إن كان الاجتماع كما يبلغنا عن قراء هذا الزمان من أكل الحشيش واجتماع المردان وإبعاد القوال إن كان بلحية وإنشاد المشوقات للشهوات الدنيوية وغير ذلك من الخزي والعياذ بالله تعالى فهذا مجمع آثام.


    وقال الشيخ الإمام جمال الدين بن عبد الرحمن بن عبد الملك الشهير بالمخلص الكتاني - رحمه الله تعالى- مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم مبجل مكرم، قدس يوم ولادته وشرف وعظم، وكان وجوده صلى الله عليه وسلم مبدأ سبب النجاة لمن اتبعه وتقليل حظ جهنم لمن أعد لها لفرحه بولادته صلى الله عليه وسلم وتمت بركاته على من اهتدى به، فشابه هذا اليوم يوم الجمعة من حيث إن يوم الجمعة لا تسعر فيه جهنم، هكذا ورد عنه صلى الله عليه وسلم فمن المناسب إظهار السرور وإنفاق الميسور وإجابة من دعاه رب الوليمة للحضور.

    وقال الإمام العلامة ظهير الدين جعفر التزمنتي - رحمه الله تعالى-: هذا الفعل لم يقع في الصدر الأول من السلف الصالح مع تعظيمهم وحبهم له إعظاما ومحبة لا يبلغ جمعنا الواحد منهم ولا ذرة منه، وهي بدعة حسنة إذا قصد فاعلها جمع الصالحين والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وإطعام الطعام للفقراء والمساكين، وهذا القدر يثاب عليه بهذا الشرط في كل وقت، وأما جمع الرعاع وعمل السماع والرقص وخلع الثياب على القوال بمروديته وحسن صوته فلا يندب بل يقارب أن يذم، ولا خير فيما لم يعمله السلف الصالح، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها » .

    وقال الشيخ نصير الدين أيضا: ليس هذا من السنن، ولكن إذا أنفق في هذا اليوم وأظهر السرور فرحا بدخول النبي صلى الله عليه وسلم في الوجود واتخذ السماع الخالي عن اجتماع المردان وإنشاد ما يثير نار الشهوة من العشقيات والمشوقات للشهوات الدنيوية كالقد والخد والعين والحاجب، وإنشاد ما يشوق إلى الآخرة ويزهد في الدنيا فهذا اجتماع حسن يثاب قاصد ذلك وفاعله عليه، إلا أن سؤال الناس ما في أيديهم بذلك فقط بدون ضرورة وحاجة سؤال مكروه، واجتماع الصلحاء فقط ليأكلوا ذلك الطعام ويذكروا الله تعالى ويصلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم يضاعف لهم القربات والمثوبات.

    وقال الإمام الحافظ أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل المعروف بأبي شامة في كتابه: «الباعث على إنكار البدع والحوادث » قال الربيع: قال الشافعي - رحمه الله تعالى ورضي عنه-: المحدثات من الأمور ضربان: أحدهما ما أحدث مما يخالف كتابا أو سنة أو أثرا أو إجماعا، فهذه البدعة الضلالة. والثانية: ما أحدث من الخير مما لا خلاف فيه لواحد من هذا.

    فهي محدثة غير مذمومة، وقد قال عمر - رضي الله تعالى عنه- في قيام رمضان نعمت البدعة هذه. يعني أنها محدثة لم تكن. وإذا كانت فليس فيها رد لما مضى.

    قلت: وإنما كان كذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث على قيام شهر رمضان وفعله هو صلى الله عليه وسلم واقتدى به فيه بعض أصحابه ليلة أخرى. ثم ترك النبي صلى الله عليه وسلم فعلها بالمسجد جماعة، لما فيه من إحياء هذا الشعار الذي أمر به الشارع وفعله والحث عليه والترغيب فيه. والله تعالى أعلم.

    فالبدعة الحسنة متفق على جواز فعلها والاستحباب لها ورجاء الثواب لمن حسنت نيته فيها، وهي كل مبتدع موافق لقواعد الشريعة غير مخالف لشيء منها ولا يلزم من فعله محذور شرعي. وذلك نحو بناء المنابر والربط والمدارس وخانات السبيل وغير ذلك من أنواع البر التي لم تعهد في الصدر الأول،
    فإنه موافق لما جاءت به الشريعة من اصطناع المعروف والمعاونة على البر والتقوى.
    ومن أحسن ما ابتدع في زماننا هذا من هذا القبيل ما كان يفعل بمدينة «إربل » جبرها الله تعالى، كل عام في اليوم الموافق ليوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم من الصدقات والمعروف وإظهار الزينة والسرور،
    فإن ذلك مع ما فيه من الإحسان إلى الفقراء مشعر بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه وجلالته في قلب فاعله وشكر الله تعالى على ما من به من إيجاد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أرسله رحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

    وكان أول من فعل ذلك بالموصل الشيخ عمر بن محمد الملا أحد الصالحين المشهورين وبه اقتدى في ذلك صاحب إربل وغيرهم رحمهم الله تعالى.

    وقال الشيخ الإمام العلامة صدر الدين موهوب بن عمر الجزري الشافعي رحمه الله تعالى: هذه بدعة لا بأس بها ولا تكره البدع إلا إذا راغمت السنة، وأما إذا لم تراغمها فلا تكره، ويثاب الإنسان بحسب قصده في إظهار السرور والفرح بمولد النبي صلى الله عليه وسلم.

    وقال في موضع آخر: هذا بدعة، ولكنها بدعة لا بأس بها، ولكن لا يجوز له أن يسأل الناس بل إن كان يعلم أو يغلب على ظنه أن نفس المسؤول تطيب بما يعطيه فالسؤال لذلك مباح أرجو أن لا ينتهي إلى الكراهة.

    وقال الحافظ- رحمه الله تعالى-: أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة، ولكنها مع ذلك قد اشتملت على محاسن وضدها، فمن تحرى في عمله المحاسن وتجنب ضدها كان بدعة حسنة ومن لا فلا. قال: وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت، وهو ما ثبت في الصحيحين من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود يصومون عاشوراء فسألهم فقالوا: هذا يوم أغرق الله فيه فرعون وأنجى فيه موسى فنحن نصومه شكرا لله تعالى. فقال: «أنا أحق بموسى منكم. فصامه وأمر بصيامه .

    فيستفاد من فعل ذلك شكرا لله تعالى على ما من به في يوم معين من إسداء نعمة أو دفع نقمة، ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة، والشكر لله تعالى يحصل بأنواع العبادات والسجود والصيام والصدقة والتلاوة، وأي نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبي الكريم نبي الرحمة في ذلك اليوم؟

    وأما ما يعمل فيه فينبغي أن يقتصر فيه على ما يفهم الشكر لله تعالى من نحو ما تقدم ذكره من التلاوة والإطعام والصدقة وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهدية المحركة للقلوب إلى فعل الخيرات والعمل للآخرة وأما ما يتبع ذلك من السماع واللهو وغير ذلك فينبغي أن يقال ما كان من ذلك مباحا بحيث يتعين السرور بذلك اليوم لا بأس بإلحاقه به، ومهما كان حراما أو مكروها فيمنع وكذا ما كان خلافا للأولى. .

    وقال شيخ القراء الحافظ أبو الخير ابن الجزري رحمه الله تعالى: قد رئي أبو لهب بعد موته في النوم فقيل له: ما حالك؟ فقال: في النار إلا أنه يخفف عني كل ليلة اثنين وأمص من بين إصبعي هاتين ماء بقدر هذا- وأشار لرأسي إصبعيه- وإن ذلك بإعتاقي لثويبة عند ما بشرتني بولادة محمد صلى الله عليه وسلم وبإرضاعها له.
    فإذا كان أبو لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمه جوزي في النار لفرحه ليلة مولد محمد صلى الله عليه وسلم فما حال المسلم الموحد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ببشره بمولده وبذل ما تصل إليه قدرته في محبته؟ لعمري إنما يكون جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله جنة النعيم.

    وذكر نحوه الحافظ شمس الدين محمد بن ناصر الدين الدمشقي- رحمه الله تعالى- ثم أنشد:

    إذا كان هذا كافر جاء ذمه وتبت يداه في الجحيم مخلدا أتى أنه في يوم الاثنين دائما
    يخفف عنه بالسرور بأحمدا فما الظن بالعبد الذي كان عمره
    بأحمد مسرورا ومات موحدا


    وقال شيخنا- رحمه الله تعالى- في فتاويه: عندي أن أصل المولد الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ورواية الأخبار الواردة في مبدأ أمر النبي صلى الله عليه وسلم وما وقع في مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه وينصرفون من غير زيادة على ذلك من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها، لما فيه من تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف.
    قال: وقد ظهر لي تخريجه على أصل صحيح غير الذي ذكره الحافظ، وهو ما رواه البيهقي عن أنس - رضي الله تعالى عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه بعد النبوة مع أنه ورد أن جده عبد المطلب عق عنه في سابع ولادته، والعقيقة لا تعاد مرة ثانية، فيحمل ذلك على أن هذا فعله صلى الله عليه وسلم إظهارا للشكر على إيجاد الله تعالى إياه رحمة للعالمين وتشريعا لأمته صلى الله عليه وسلم، كما كان يصلي على نفسه لذلك، فيستحب لنا أيضا إظهار الشكر بمولده صلى الله عليه وسلم بالاجتماع وإطعام الطعام ونحو ذلك من وجوه القربات والمسرات.
    وقال في شرح سنن ابن ماجه : الصواب أنه من البدع الحسنة المندوبة إذا خلا عن المنكرات شرعا.
    يا مولد المختار أنت ربيعنا بك راحة الأرواح والأجساد
    يا مولدا فاق الموالد كلها شرفا وساد بسيد الأسياد
    لا زال نورك في البرية ساطعا يعتاد في ذا الشهر كالأعياد
    في كل عام للقلوب مسرة بسماع ما نرويه في الميلاد
    فلذاك يشتاق المحب ويشتهي شوقا إليه حضور ذا الميعاد


    وزعم الإمام العلامة تاج الدين الفاكهاني المالكي - رحمه الله تعالى-

    أما بعد: فقد تكرر سؤال جماعة من المباركين عن الاجتماع الذي يعمله بعض الناس في شهر ربيع الأول ويسمونه المولد: هل له أصل في الشرع أو هو بدعة حدثت في الدين؟

    وقصدوا الجواب عن ذلك مبينا والإيضاح عنه معينا. فقلت وبالله التوفيق: ما أعلم لهذا المولد أصلا في كتاب ولا سنة، ولا ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة، الذين هم القدوة في الدين المتمسكون بآثار الصالحين المتقدمين، بل هو بدعة أحدثها البطالون،
    وشهوة نفس اعتنى بها الأكالون، بدليل أنا أدرنا عليه الأحكام الخمسة قلنا: إما أن يكون واجبا، أو مندوبا، أو مباحا، أو مكروها أو محرما. وليس بواجب إجماعا، ولا مندوبا، لأن حقيقة المندوب ما طلبه الشرع من غير ذم على تركه، وهذا لم يأذن فيه الشرع ولا فعله الصحابة ولا التابعون المتدينون فيما علمت.
    وهذا جوابي عنه بين يدي الله تعالى إن عنه سئلت. ولا جائز أن يكون مباحا لأن الابتداع في الدين ليس مباحا بإجماع المسلمين،
    فلم يبق إلا أن يكون مكروها أو حراما وحينئذ يكون الكلام فيه في فصلين والتفرقة بين حالين: أحدهما: أن يعمله رجل من عين ماله لأهله وأصحابه وعياله لا يجاوزون ذلك الاجتماع على أكل الطعام ولا يقترفون شيئا من الآثار.

    فهذا الذي وصفناه بأنه بدعة مكروهة وشناعة إذ لم يفعله أحد من متقدمي أهل الطاعة الذين هم فقهاء الإسلام وعلماء الأنام سرج الأزمنة وزين الأمكنة.

    والثاني: أن تدخله الجناية وتشتد به العناية حتى يعطي أحدهم الشيء ونفسه تتبعه وقلبه يؤلمه ويوجعه لما يجد من ألم الحيف، وقد قال العلماء رحمهم الله تعالى: أخذ المال بالحياء كأخذه بالسيف، لا سيما إن انضاف إلى ذلك شيء من الغناء من البطون الملأى بآلات الباطل من الدفوف والشبابات واجتماع الرجال مع الشباب المرد والنساء الغانيات إما مختلطات بهن أو متشرفات والرقص بالتثني والانعطاف والاستغراق في اللهو ونسيان يوم المخاف، وكذلك النساء إذا اجتمعن على انفرادهن رافعات أصواتهن بالتهنيك والتطريب في الإنشاد والخروج في التلاوة والذكر المشروع والأمر المعتاد، غافلات عن قوله تعالى: إن ربك لبالمرصاد وهذا الذي لا يختلف في تحريمه اثنان، ولا يستحسنه ذو المروءة الفتيان، وإنما يحلو ذلك بنفوس موتى القلوب وغير المستقيلين من الآثام والذنوب، وأزيدك أنهم يرونه من العبادات لا من الأمور المنكرات المحرمات. فإنا لله وإنا إليه راجعون، بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ! ولله در شيخنا القشيري رحمه الله تعالى حيث يقول فيما أجازناه:

    ولقد أحسن الإمام أبو عمرو بن العلاء رحمه الله تعالى حيث يقول: لا يزال الناس بخير ما تعجب من العجب!.
    هذا مع أن الشهر الذي ولد فيه صلى الله عليه وسلم وهو ربيع الأول هو بعينه الشهر الذي توفي فيه، فليس الفرح بأولى من الحزن فيه. وهذا ما علينا أن نقول ومن الله تعالى نرجو حسن القبول.

    وتعقبه الشيخ- رحمه الله تعالى- في فتاويه فقال: أما قوله: لا أعلم لهذا المولد أصلا في كتاب ولا سنة فيقال عليه: نفي العلم لا يلزم منه نفي الوجود، وقد استخرج له إمام الحفاظ أبو الفضل بن حجر أصلا من السنة واستخرجت أنا له أصلا ثانيا. قلت: وتقدم ذكرهما.

    وقوله بل هو بدعة أحدثها البطالون إلى قوله: «ولا العلماء المتدينون » يقال عليه: إنماىةىأحدثه ملك عادل عالم وقصد به التقرب إلى الله تعالى، وحضر عنده فيه العلماء والصلحاء من غير نكير منهم. وارتضاه ابن دحية - رحمه الله تعالى- وصنف له من أجله كتابا، فهؤلاء علماء متدينون رضوه وأقروه ولم ينكروه.

    وقوله: «ولا مندوبا لأن حقيقة المندوب ما طلبه الشرع » يقال عليه: إن الطلب في المندوب تارة يكون بالنص وتارة يكون بالقياس، وهذا وإن لم يرد فيه نص ففيه القياس على الأصلين الآتي ذكرهما.

    وقوله: «ولا جائز أن يكون مباحا لأن الابتداع في الدين ليس مباحا بإجماع المسلمين »
    كلام غير مستقيم لأن البدعة لم تنحصر في الحرام والمكروه، بل قد تكون أيضا مباحة ومندوبة وواجبة.
    قال النووي - رحمه الله تعالى- في «تهذيب الأسماء واللغات: البدعة في الشرع: هي ما لم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي منقسمة إلى حسنة وقبيحة » .
    وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام- رحمه الله تعالى- في القواعد: البدعة منقسمة إلى واجبة وإلى محرمة ومندوبة ومكروهة ومباحة.
    قال: والطريق في ذلك أن نعرض البدعة على قواعد الشرع، فإذا دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، أو في قواعد التحريم فهي محرمة، أو الندب فمندوبة، أو المكروه فمكروهة أو المباح فمباحة. وذكر لكل قسم من هذه الخمسة أمثلة منها: إحداث الربط والمدارس وكل إحسان لم يعهد في العصر الأول. ومنها التراويح والكلام في دقائق التصوف وفي الجدل ومنها جمع المحافل للاستدلال في المسائل إن قصد بذلك وجه الله تعالى
    .

    وروى البيهقي بإسناده في «مناقب الشافعي » عن الشافعي - رحمه الله تعالى- ورضي عنه قال: المحدثات من الأمور ضربان: أحدهما ما أحدث مما يخالف كتابا أو سنة أو أثرا أو إجماعا فهذه البدعة الضلالة والثاني: ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا. وهذه محدثة غير مذمومة. وقد قال عمر- رضي الله تعالى عنه- في قيام شهر رمضان: نعمت البدعة هذه. يعني أنها محدثة لم تكن وإذا كانت ليس فيها رد لما مضى. هذا آخر كلام الشافعي .

    فعرف بذلك منع قول الشيخ تاج الدين : «ولا جائز أن يكون مباحا » إلى قوله: «وهذا الذي وصفناه بأنه بدعة مكروهة » الخ لأن هذا القسم مما أحدث وليس فيه مخالفة لكتاب ولا سنة ولا أثر ولا إجماع، فهي غير مذمومة كما في عبارة الشافعي وهو من الإحسان الذي، لم يعهد في العصر الأول، فإن إطعام الطعام الخالي من اقتراف الآثام إحسان، فهو من البدع المندوبة كما في عبارة ابن عبد السلام.

    الأشياء المحرمة التي ضمت إليه، لا من حيث الاجتماع لإظهار شعار المولد، بل لو وقع مثل هذه الأمور في الاجتماع لصلاة الجمعة مثلا لكانت قبيحة شنيعة، ولا يلزم من ذلك تحريم أصل الاجتماع لصلاة الجمعة وهو واضح. وقد رأينا بعض هذه الأمور يقع في ليال من رمضان عند اجتماع الناس لصلاة التراويح فلا تحرم التراويح لأجل هذه الأمور التي قرنت بها، كلا بل نقول: أصل الاجتماع لصلاة التراويح سنة وقربة وما ضم إليها من هذه الأمور قبيح شنيع.

    وكذلك نقول: أصل الاجتماع لإظهار شعائر المولد مندوب وقربة. وما ضم إليه من هذه الأمور مذموم وممنوع.
    وقوله مع «أن الشهر الذي وقع فيه » الخ. جوابه
    أن يقال: إن ولادته صلى الله عليه وسلم أعظم النعم علينا ووفاته أعظم المصائب لنا،
    والشريعة حثت على إظهار شكر النعم والصبر والسكون والكتم عند المصائب. وقد أمر الشرع بالعقيقة عند الولادة وهي إظهار شكر وفرح بالمولود ولم يأمر عند الموت بذبح ولا غيره، بل نهى عن النياحة وإظهار الجزع، فدلت قواعد الشريعة على أنه يحسن في هذا الشهر إظهار الفرح بولادته صلى الله عليه وسلم دون إظهار الحزن فيه بوفاته صلى الله عليه وسلم .
    وقد قال ابن رجب- رحمه الله تعالى- في كتاب «اللطائف » في ذم الرافضة حيث اتخذوا يوم عاشوراء مأتما لأجل قتل الحسين- رضي الله تعالى عنه- لم يأمر الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم باتخاذ أيام مصائب الأنبياء وموتهم مأتما فكيف بمن هو دونهم؟

    وقد تكلم الإمام أبو عبد الله بن الحاج- رحمه الله تعالى- في كتابه «المدخل » على عمل المولد فأتقن الكلام فيه جدا وحاصله: مدح ما كان فيه من إظهار شعار وشكر، وذم ما احتوى عليه من محرمات ومنكرات. وأنا أسوق كلامه فصلا فصلا.
    قال: فصل في المولد:

    ومن جملة ما أحدثوه من البدع مع اعتقادهم أن ذلك من أكبر العبادات وإظهار الشعائر ما يفعلونه في شهر ربيع الأول من المولد وقد احتوى ذلك على بدع ومحرمات جملة.

    فمن ذلك: استعمال المغاني ومعهن آلات الطرب من الطار المصرصر والشبابة وغير ذلك مما جعلوه آلة للسماع ومضوا في ذلك على العوائد الذميمة في كونهم يشغلون أكثر الأزمنة التي فضلها الله تعالى وعظمها ببدع ومحدثات، ولا شك أن السماع في غير هذه الليلة فيه ما فيه، فكيف به إذا انضم إلى فضيلة هذا الشهر العظيم الذي فضله الله تعالى وفضلنا فيه بهذا النبي الكريم الذي من الله علينا فيه بسيد الأولين والآخرين، وكان يجب أن يزداد فيه من العبادة والخير شكرا للمولى على ما أولانا به من هذه النعم العظيمة وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم لم يزد فيه على غيره من الشهور شيئا من العبادات.
    وما ذاك إلا برحمته صلى الله عليه وسلم لأمته ورفقه بهم لأنه صلى الله عليه وسلم كان يترك العمل خشية أن يفرض على أمته رحمة منه بهم، لكن أشار صلى الله عليه وسلم إلى فضيلة هذا الشهر العظيم بقوله للسائل الذي سأله عن صوم يوم الاثنين:
    « ذاك يوم ولدت فيه »
    فتشريف هذا اليوم متضمن تشريف هذا الشهر الذي ولد فيه فينبغي أن نحترمه حق الاحترام ونفضله بما فضل الله تعالى به الأشهر الفاضلة وهذا منها، لقوله صلى الله عليه وسلم « أنا سيد ولد آدم ولا فخر، آدم فمن دونه تحت لوائي ».

    وفضيلة الأزمنة والأمكنة بما خصها الله تعالى به من العبادات التي تفعل فيها، لما قد علم أن الأمكنة والأزمنة لا تشرف لذاتها. وإنما يجعل التشريف بما خصت به من المعاني.
    فانظر إلى ما خص الله به هذا الشهر الشريف ويوم الاثنين، ألا ترى أن صوم هذا اليوم فيه فضل عظيم لأنه صلى الله عليه وسلم ولد فيه؟
    فعلى هذا ينبغي إذا دخل هذا الشهر الكريم أن يكرم ويعظم ويحترم الاحترام اللائق به، اتباعا له صلى الله عليه وسلم في كونه كان يخص الأوقات الفاضلة بزيادة فعل البر فيها وكثرة الخيرات. ألا ترى إلى قول ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما-: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان » فنمتثل تعظيم الأوقات الفاضلة بما امتثله على قدر استطاعتنا.

    فإن قال قائل: قد التزم صلى الله عليه وسلم في الأوقات الفاضلة ما التزمه في غيره.
    فالجواب: أن ذلك لما علم من عادته الكريمة أنه يريد التخفيف عن أمته سيما فيما كان يخصه، ألا ترى إلى أنه صلى الله عليه وسلم حرم المدينة مثل ما حرم إبراهيم مكة، ومع ذلك لم يشرع في قتل صيده ولا شجره الجزاء تخفيفا على أمته ورحمة بهم، وكان ينظر إلى ما هو من جهته وإن كان فاضلا في نفسه فيتركه للتخفيف عنهم.

    فعلى هذا: تعظيم هذا الشهر الشريف إنما يكون بزيادة الأعمال الزاكيات فيه والصدقات إلى غير ذلك من القربات، فمن عجز عن ذلك فأقل أحواله أن يجتنب ما يحرم عليه ويكره له تعظيما لهذا الشهر الشريف، وإن كان ذلك مطلوبا في غيره إلا أنه في هذا الشهر أكثر احتراما، كما يتأكد في شهر رمضان وفي الأشهر الحرم فيترك الحدث في الدين ويجتنب مواضع البدع وما لا ينبغي.

    وقد ارتكب بعضهم في هذا الزمان ضد هذا المعنى، أنه إذا دخل هذا الشهر الشريف تسارعوا فيه إلى اللهو واللعب بالدف والشبابة وغيرهما.

    ويا ليتهم عملوا المغاني ليس إلا، بل يزعم بعضهم أنه يتأدب فيبدأ المولد بقراءة الكتاب العزيز وينظرون إلى من هو أكثر معرفة بالتهوك والطرق المهيجة لطرب النفوس، وهذا فيه وجوه من الفساد.

    ثم إنهم لم يقتصروا على ما ذكر، بل ضم بعضهم إلى ذلك الأمر الخطر، وهو أن يكون المغني شابا نظيف الصورة حسن الصوت والكسوة والهيئة، فينشد التغزل ويتكسر في صوته وحركاته، فيفتن بعض من معه من الرجال والنساء، فتقع الفتنة في الفريقين ويثور من الفساد ما لا يحصى.

    وقد يؤول ذلك في الغالب إلى إفساد حال الزوج وحال الزوجة ويحصل الفراق والنكد العاجل ويتشتت أمرهم بعد جمعهم وهذه المفاسد مركبة على فعل المولد إذا عمل بالسماع.

    فإن خلا منه وعمل طعاما فقط ونوى به المولد ودعا إليه الإخوان وسلم من كل ما تقدم ذكره فهو بدعة بنفس نيته فقط لأن ذلك زيادة في الدين، وليس من عمل السلف الماضين، واتباع السلف أولى ولم ينقل عن أحد منهم أنه نوى المولد ونحن تبع فيسعنا ما يسعهم. انتهى.

    وحاصل ما ذكره: أنه لم يذم المولد بل ذم ما يحتوي عليه من المحرمات والمنكرات،
    وأول كلامه صريح في أنه ينبغي أن يخص هذا الشهر بزيادة فعل البر وكثرة الخيرات والصدقات وغير ذلك من وجوه القربات، وهذا هو عمل المولد الذي استحسناه، فإنه ليس فيه شيء سوى قراءة القرآن وإطعام الطعام وذلك خير وبر وقربة.

    وأما قوله آخرا: إنه بدعة: فإما أن يكون مناقضا لما تقدم، أو أنه يحمل على أنه بدعة حسنة، كما تقدم تقريره في صدر الباب، أو يحمل على أن فعل ذلك خير والبدعة منه نية المولد كما أشار إليه بقوله: «فهو بدعة بنفس نيته فقط، ولم ينقل عن أحد منهم أنه نوى المولد » فظاهر هذا الكلام أنه كره أن ينوي به المولد فقط ولم يكره عمل الطعام ودعاء الإخوان إليه. وهذا إذا حقق النظر يجتمع مع أول كلامه لأنه حث فيه على زيادة فعل البر وما ذكر معه على وجه الشكر لله تعالى إذ أوجد في هذا الشهر الشريف سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وهذا هو معنى نية المولد. فكيف يذم هذا القدر مع الحث عليه أولا؟!.
    وأما مجرد فعل البر وما ذكر معه من غير نية أصلا فإنه لا يكاد يتصور، ولو تصور لم يكن عبادة ولا ثواب فيه، إذ لا يعمل إلا بنية، ولا نية هنا إلا الشكر لله تعالى على ولادة هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر الشريف، وهذا معنى نية المولد فهي نية مستحسنة بلا شك.
    ثم قال ابن الحاج : ومنهم من يفعل المولد لا لمجرد التعظيم، ولكن له فضة عند الناس متفرقة كان قد أعطاها في بعض الأفراح أو المواسم ويريد أن يستردها ويستحي أن يطلبها بذلك، فيعمل المولد حتى يكون سببا لأخذ ما اجتمع له عند الناس وهذا فيه وجوه من المفاسد: أنه يتصف بصفة النفاق، وهو أن يظهر خلاف ما يبطن، وظاهر حاله أنه عمل المولد يبتغي به الدار الآخرة، وباطنه أنه يجمع فيه فضة. ومنهم من يعمل المولد لأجل جمع الدراهم.
    أو طلب ثناء الناس عليه ومساعدتهم له، وهذا أيضا فيه من المفاسد ما لا يخفى. .
    وهذا أيضا من نمط ما تقدم ذكره، وهو أن الذم فيه إنما حصل من عدم النية الصالحة، لا من أصل عمل المولد. انتهى ما أوردته من كلام الشيخ رحمه الله تعالى. ورضي عنه، والله هو الهادي للصواب.
    -------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا - تابعونا - جزاكم الله خيرا
    -
    التالي :
    -
    : - جماع أبواب رضاعه صلى الله عليه وسلم وزاده شرفا وفضلا - :

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5188
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد صل الله عليه وسلم ((مولده الشريف صلى الله عليه وسلم )) Empty : - جماع أبواب رضاعه صلى الله عليه وسلم وزاده شرفا وفضلا - :

    مُساهمة من طرف صادق النور الخميس سبتمبر 28, 2023 7:45 pm

    يتبع ما قبله :

    : - جماع أبواب رضاعه صلى الله عليه وسلم وزاده شرفا وفضلا - :
    الباب الأول في مراضعه صلى الله عليه وسلم

    جملة من قيل إنهن أرضعنه صلى الله عليه وسلم عشر نسوة.


    الأولى: أمه صلى الله عليه وسلم أرضعته سبعة أيام. ذكر ذلك جماعة منهم صاحب المورد والغرر.
    الثانية: ثويبة بضم الثاء المثلثة وفتح الواو وسكون المثناة التحتية بعدها ياء موحدة أرضعته بلبن ابنها مسروح بفتح الميم وسكون السين المهملة ثم راء مضمومة وآخره حاء مهملة. قال ابن منده : اختلف في إسلامها وقال أبو نعيم لا أعلم أحدا ذكر إسلامها إلا ابن منده .
    قال الحافظ: وفي باب من أرضع النبي صلى الله عليه وسلم من طبقات ابن سعد ما يدل على أنها لم تسلم، ولكنه لا يدفع نقل ابن منده به..
    وقال ابن الجوزي رحمه الله تعالى: لا نعلم أنها أسلمت. وقال الحافظ: لم أقف في شيء من الطرق على إسلام ابنها مسروح وهو محتمل. .
    فأرضعته صلى الله عليه وسلم أياما حتى قدمت حليمة، وكانت ثويبة أرضعت قبله حمزة وبعده أبا سلمة بن عبد الأسد، وكانت مولاة أبي لهب .

    روى عبد الرزاق والإسماعيلي والبخاري في كتاب النكاح في باب «وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم » عن عروة : ثويبة مولاة أبي لهب، كان أبو لهب أعتقها فأرضعت النبي صلى الله عليه وسلم،

    وذكر السهيلي وغيره أن الرائي له أخوه العباس، وكان ذلك بعد سنة من وفاة أبي لهب بعد وقعة بدر:
    أن أبا لهب قال للعباس، إنه ليخفف علي في يوم الاثنين. قالوا: لأنه لما بشرته ثويبة بميلاد ابن أخيه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم أعتقها من ساعته، فجوزي بذلك لذلك.

    وقال الحافظ: واستدل بهذا على أن الكافر قد ينفعه العمل الصالح في الآخرة، وهو مردود بظاهر قوله تعالى: ( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا)23- الفرقان -
    لا سيما والخبر مرسل أرسله عروة ولم يذكر من حدثه به. وعلى تقدير أن يكون موصولا فلا يحتج به.

    وأما عياض رحمه الله تعالى فقال: انعقد الإجماع على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم ولا يثابون عليها بنعيم ولا تخفيف عذاب، وإن كان بعضهم أشد عذابا من بعض، قال الحافظ:
    وهذا لا يرد الاحتمال الذي ذكره البيهقي، فإن جميع ما ورد من ذلك فيما يتعلق بذنب الكفر، وأما ذنب غير الكفر فما المانع من تخفيفه.
    وقال القرطبي رحمه الله تعالى: هذا التخفيف خاص بهذا أو بمن ورد النص فيه.

    وقال ابن المنير رحمه الله تعالى في الخامسة: هما قضيتان إحداهما محال، وهي اعتبار طاعة الكافر مع كفره، لأن شرط الطاعة أن تقع بقصد صحيح، وهذا مفقود من الكافر.

    الثانية: إثبات ثواب على بعض الأعمال تفضلا من الله تعالى وهذا لا يحيله العقل، فإذا تقرر ذلك لم يكن عتق أبي لهب لثويبة قربة معتبرة، ويجوز أن يتفضل الله تعالى عليه بما شاء كما تفضل علي بن أبي طالب، والمتبع في ذلك التوقيف نفيا وإثباتا.
    وقال الحافظ: وتتمة هذا أن يقع التفضل المذكور إكراما لمن وقع من الكافر البر له ونحو ذلك.

    حيبة: بحاء مهملة مكسورة فمثناة تحتية ساكنة وفي لفظ عند السهيلي بالخاء المعجمة المفتوحة.

    عتاقتي: بفتح العين المهملة: أحد مصادر عتق العبد الذي هو فعل لازم وإنما عبر في هذا الحديث بالعتاقة دون الإعتاق وإن كان المناسب الإعتاق لأنها أثره: فلذلك أضافها إلى نفسه بقوله: عتاقتي. قاله الترمذي في شرح العمدة.

    النقرة: قال ابن بطال رحمه الله تعالى: يعني أن الله سقاه ما في مقدار نقرة إبهامه لأجل عتق ثويبة . كما ذكر في حديث أبي طالب أنه في ضحضاح من نار لا في النار، بسبب حفظه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، بخلاف أبي لهب فإنه كان يؤذيه فكان نصيبه من الرفق والرحمة دون أبي طالب . قال غيره: أراد بالنقرة التي بين إبهامه وسبابته إذا مد إبهامه فصار بينهما نقرة يسقى من الماء بقدر ما يسع تلك النقرة نقل ذلك في غريبي الهروي .

    وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وخديجة يكرمان ثويبة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث إليها من المدينة بكسوة وصلة حتى ماتت بعد فتح خيبر، فسأل عن ابنها مسروح فقيل قد مات فسأل عن قرابتها فقيل لم يبق منهم أحد.
    الثالثة: امرأة من بني سعد غير حليمة . روى ابن سعد عن ابن أبي مليكة رحمه الله تعالى أن حمزة كان مسترضعا له عند قوم من بني سعد بن بكر، وكانت أم حمزة قد أرضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عند أمه حليمة.

    الرابعة: خولة بنت المنذر بن زيد بن لبيد بن خداش بن عامر بن عدي بن النجار، أم بردة الأنصارية، ذكر الإمام أبو الحسن إبراهيم بن يحيى بن إبراهيم المعروف بابن الأمين أنها أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ذكرها العدوي وتابعه في العيون والمورد، وهو وهم إنما أرضعت ولده صلى الله عليه وسلم إبراهيم. كما ذكر ابن سعد وأبو عمر وغيرهما وعليه جرى الحافظ في الإصابة كما رأيته بخطه. ونصه بعد أن ساق نسبها: مرضعة ابن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا هو الصواب. خلافا لما في بعض النسخ السقيمة من إسقاط ابن ولم أر من نبه على ذلك ثم بعد مدة رأيت القاضي عز الدين بن القاضي بدر الدين بن جماعة رحمهما الله تعالى ذكر في سيرته المختصرة أن ابن الأمين وهم في ذكرها في الرضاع وأن بعض العصريين حكوا ذلك عنه من غير تعقب. انتهى فسررت بذلك وحمدت الله تعالى.

    الخامسة: أم أيمن بركة ذكرها القرطبي . والمشهور أنها من الحواضن لا من المراضع.

    السادسة والسابعة والثامنة: قال أبو عمر رحمه الله تعالى: أنه صلى الله عليه وسلم مر به على نسوة ثلاثة من بني سليم فأخرجن ثديهن فوضعنها في فيه فدرت عليه. ورضع منهن.

    التاسعة: أم فروة ذكرها المستغفري . ثم روي عن ابن إسحاق عن أم فروة ظئر النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ: قل يا أيها الكافرون فإنها براءة من الشرك قال أبو موسى المديني رحمه الله تعالى: اختلف في راوي هذا الحديث. فقيل فروة. وقيل أبو فروة وقيل أم فروة وهذا أغرب الأقوال.

    قال الحافظ في الإصابة: بل هو غلط محض وإنما هو أبو فروة وكأن بعض رواته لما رأى عن أبي فروة ظئر النبي صلى الله عليه وسلم ظنه خطأ والصواب أم فروة فرواه على ما ظن فأخطأ هو واسم الظئر لا يختص بالمرأة المرضعة بل يطلق على زوجها أيضا. وقد أخرجه أصحاب السنن الثلاثة من طرق عن ابن إسحاق عن فروة بن نوفل عن أبيه. وهكذا أخرجه أبو داود والنسائي من رواية إسرائيل كلاهما عن أبي إسحاق مجردا وفيه على أبي إسحاق اختلاف. وهذا هو المعتمد.
    العاشرة: حليمة بنت أبي ذؤيب بذال معجمة. ابن عبد الله بن سجنة بسين مهملة مكسورة فجيم ساكنة فنون مفتوحة. ابن رزام براء مكسورة ثم زاي، ابن ناصرة بن فصية بالفاء تصغير فصاه وهي النواة من التمر، ابن سعد بن بكر بن هوازن . كذا قاله ابن إسحاق . وقال ابن الكلبي : اسم أبي ذؤيب الحارث بن عبد الله بن سجنة . قال البلاذري : وهو الثبت. قال النووي رحمه الله تعالى: كنية حليمة أم كبشة اسم أبيه الذي أرضعه الحارث بن عبد العزى

    الباب الثاني في إخوته صلى الله عليه وسلم من الرضاعة

    عمه حمزة أسد الله وسيد الشهداء رضي الله تعالى عنه،
    روى سعيد بن منصور وابن سعد والشيخان عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، قال: قال علي بن أبي طالب للنبي صلى الله عليه وسلم: ألا تتزوج ابنة حمزة فإنها من أحسن فتاة في قريش؟ قال: «إنها ابنة أخي من الرضاعة »

    وحمزة رضي الله تعالى عنه رضيع رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهة حليمة. ومن جهة السعدية السابقة.

    أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم من السابقين الأولين إلى الإسلام.

    روى الشيخان عن زينب بنت أم سلمة عن أم حبيبة، بنت أبي سفيان رضي الله تعالى عنهما قالت: قلت يا رسول الله: ألا تنكح أختي بنت أبي سفيان. ولمسلم : عزة بنت أبي سفيان؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أتحبين ذلك؟ » قالت: نعم لست لك. بمخلية وأحب من شاركني في خير أختي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «فإن ذلك لا يحل لي » . قالت: فإنا نحدث أنك تريد أن تنكح بنت أبي سلمة . وفي رواية: درة بنت أبي سلمة . قال: «بنت أبي سلمة؟ » قلت: نعم.
    قال: «إنها لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي إنها لابنة أخي من الرضاعة أرضعتني وأبا سلمة ثويبة » .

    وذكر الحديث.

    مخلية بضم الميم وسكون الخاء المعجمة وكسر اللام وبالتحتية المثناة أي لم أجدك خاليا من الزوجات غيري وقال ابن الجوزي : المعنى بمنفردة للخلوة بك.

    نحدث بضم النون وفتح الحاء والدال المهملتين.

    حجري بفتح الحاء المهملة وكسرها.

    عزة بفتح المهملة بعدها زاي.

    درة: بضم المهملة.

    مسروح: تقدم الكلام عليه.

    عبد الله بن جحش رضي الله تعالى عنه. قال السهيلي رحمه الله تعالى. وتعقبه في الزهر بأن الذي ذكره أهل التاريخ وأهل الصحيح لا أعلم بينهم اختلافا أن الراضع مع حمزة أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد لا ذكر لابن جحش عندهم. قلت: هذا هو الصواب.
    وما ذكره السهيلي سبق قلم فإن أبا سلمة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنه رضع هو وإياه من ثويبة كما في صحيح البخاري ولم يذكر ذلك السهيلي، وذكر ابن جحش.

    عبد الله بن الحارث بن عبد العزى ابن حليمة وهو الذي شرب مع النبي صلى الله عليه وسلم، ووقع للبيهقي من طريق العلائي أن اسمه ضمرة. فالله تعالى أعلم.

    حفص بن الحارث : ذكره الحافظ في الإصابة.

    أمية بنت الحارث
    ذكرها أبو سعيد النيسابوري في الشرف وأقره الحافظ.

    خذامة بخاء مكسورة وذال معجمتين. ويقال بجيم مضمومة ودال مهملة، ويقال حذافة بحاء مهملة مضمومة وذال معجمة وفاء،
    قال الخشني : وهو الصواب وهي: الشيماء بفتح المعجمة وسكون المثناة التحتية.
    وكانت تحضن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أمها إذ كان عندهم. قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى في رواية يونس بن بكير وغيره: إن حذافة وهي الشيماء غلب عليها ذلك، وذكر أن الشيماء كانت تحضن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أمها.

    وروى ابن إسحاق عن أبي وجزة السعدي أن الشيماء لما انتهت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: يا رسول الله إني لأختك من الرضاعة. قال: «وما علامة ذلك؟ » قالت: عضة عضضتنيها في ظهري وأنا متوركتك.
    فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم العلامة فبسط لها رداءه ثم قال: ها هنا فأجلسها عليه وخيرها فقال:
    «إن أحببت فأقيمي عندي محببة مكرمة وإن أحببت أن أمتعك فترجعي إلى قومك فعلت » .

    فقالت: بل تمتعني وترجعني إلى قومي.

    فمتعها وردها إلى قومها. فزعم بنو سعد بن بكر أنه صلى الله عليه وسلم أعطاها غلاما يقال له مكحول وجارية فزوجوا الغلام الجارية فلم يزل من نسلهما بقية. أبو وجزة بفتح الواو وسكون الجيم بعدها زاي اسمه يزيد بن عبيد .

    وذكر أبو عمر رحمه الله تعالى نحوه. وزاد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها وشيا أي ثوبا موشى وثلاثة أعبد وجارية. ونقل في الزهر والإصابة أن محمد بن المعلى قال في كتاب الترقيص: إن الشيماء كانت ترقص رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول في ترقيصه هذا الكلام:
    يا ربنا أبق أخي محمدا حتى أراه يافعا وأمردا وأكبت أعاديه معا والحسدا
    وأعطه عزا يدوم أبدا


    زاد في الزهر في النقل عنه.

    هذا أخ لي لم تلده أمي وليس من نسل أبي وعمي
    فديته من مخول معم فأنمه اللهم فيما تنمي


    وتقول أيضا رضي الله تعالى عنها:
    محمد خير البشر ممن مضى ومن غبر
    من حج منهم أو اعتمر أحسن من وجه القمر
    من كل أنثى وذكر من كل مشبوب أغر
    جنبني الله الغير فيه وأوضح لي الأثر

    ------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا - تابعونا - جزاكم الله خيرا
    -
    التالي :
    -
    نبذة عن صاحب كتاب : سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد
    الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي


    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5188
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد صل الله عليه وسلم ((مولده الشريف صلى الله عليه وسلم )) Empty الإمام محمد بن يوسف الصالحي الشامي

    مُساهمة من طرف صادق النور الخميس سبتمبر 28, 2023 9:17 pm


    الإمام محمد بن يوسف الصالحي الشامي

    محمد بن يوسف بن علي بن يوسف، شمس الدين الشامي: محدث، عالم بالتأريخ. من الشافعية. ولد في صالحية دمشق وسكن البرقوقية بصحراء القاهرة

    محمد بن يوسف الصالحي الشامي (المتوفى: 942هـ) كان مؤرخ من مؤرخي القرن العاشر الهجري، وقد أتاح له تأخره النسبي الاطلاع على كتب التواريخ والسير منذ عصر التدوين حتى زمانه. قام بتأليف موسوعة ضخمة في السيرة النبوية أطلق عليها «سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد».

    رحل إلى مصر واستقر في البرقوقية من صحراء مصر وتوفي بها سنة 942 هـ، وذكره ابن العماد في كتاب «شذرات الذهب »، وكذلك في وفيات هذه السنة
    ونقل عن الشعراني في ذيل طبقاته،
    قال:«كان عالماً مفنناً في العلوم،
    وألف في السيرة النبوية التي جمعها من ألف كتاب، وأقبل الناس على كتابتها،
    ومشى فيها على أنموذج لم يسبقه إليه أحد، وكان عزباً لم يتزوج قط، .
    وإذا قدم عليه الضيف يعلق القدر ويطبخ له. وكان حلو المنطق مهيب النظر كثير الصيام والقيام، بتّ عنده الليالي فما كنت أراه ينام إلا قليلاً.
    وكان إذا مات أحد من طلبة العلم وخلف أولاداً قاصرين، وله وظائف، يذهب إلى القاضي ويتقرر فيها ويباشرها ويعطي معلومها للأيتام حتى يصلحوا للمباشرة. وكان لا يقبل من مال الولاة وأعوانهم شيئاً، ولا يأكل من طعامهم»

    من كتبه (سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد - ) أربعة مجلدات، يعرف بالسيرة الشامية، جمعه من ألف كتاب،
    و (عقود الجمان ) في مناقب أبي حنيفة،
    و (مطلع النور في فضل الطور )
    و (الإتحاف بتمييز ما تبع فيه البيضاوي صاحب الكشاف - )
    و (عين الإصابة في معرفة الصحابة)
    و (الجامع الوجيز الخادم للغات القرآن العزيز)
    و (مرشد السالك إلى ألفية ابن مالك)
    و (إتحاف الراغب الواعي) في ترجمة الأوزاعي،
    و (الفضل المبين في الصبر عند فقد البنات والبنين ) رسالة،
    و (الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة) ،
    و (الفتح الرحماني في شرح أبيات الجرجاني) في الكلام .
    -الاعلام للزركلي-

    ------------------------------------------------------
    جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
    -
    لا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع


      الوقت/التاريخ الآن هو السبت أبريل 27, 2024 10:23 pm