آل راشد



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

آل راشد

آل راشد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
آل راشد

ثقافى-اجتماعى

*** - اللَّهُمَّ اَنَكَ عَفْوٍ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعِفُو عَنَّا - *** - اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك . *** - اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ الْمَوْتِ وَ ارْزُقْنَا حُسْنَ الْخَاتِمَةِ . *** -

إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا شَابَتْ عَبِيدَهُمْ.. .. فِي رِقِّهِمْ عَتَقُوهُمْ عِتْقَ أَبْرَارٍ .. .. وَأَنْتَ يَا خَالِقِيُّ أوْلَى بِذَا كَرَمًا.. .. قَدْ شُبْتُ فِي الرِّقِّ فَأَعْتَقَنِي مِنَ النَّارِ .

المواضيع الأخيرة

» اثبات أن الله يتكلم بالصوت والحرف وأن القرآن كلامه حقيقة
عاشراً : .  الحَلقُ والتَّقصيرُ -  طوافُ الإفاضةِ - التحلُّل الأوَّل - أيَّام التَّشْريق - رَمْيُ الجِمارِ  -                                                                                                                                                   Ooou110أمس في 4:11 pm من طرف عبدالله الآحد

» أَسْرارُ اَلْمُسَبَّحَةِ اَوْ السُّبْحَةِ وَأَنْواعُها وَأَعْدادُها - - ( ( اَلْجُزْءُ الثَّانِي ))
عاشراً : .  الحَلقُ والتَّقصيرُ -  طوافُ الإفاضةِ - التحلُّل الأوَّل - أيَّام التَّشْريق - رَمْيُ الجِمارِ  -                                                                                                                                                   Ooou110أمس في 3:05 pm من طرف صادق النور

» الرياء شرك أصغر إن كان يسيرا
عاشراً : .  الحَلقُ والتَّقصيرُ -  طوافُ الإفاضةِ - التحلُّل الأوَّل - أيَّام التَّشْريق - رَمْيُ الجِمارِ  -                                                                                                                                                   Ooou110الخميس أبريل 25, 2024 4:39 pm من طرف عبدالله الآحد

» لم يصح تأويل صفة من صفات الله عن أحد من السلف
عاشراً : .  الحَلقُ والتَّقصيرُ -  طوافُ الإفاضةِ - التحلُّل الأوَّل - أيَّام التَّشْريق - رَمْيُ الجِمارِ  -                                                                                                                                                   Ooou110الأربعاء أبريل 24, 2024 5:12 pm من طرف عبدالله الآحد

» إثبات رؤية الله للمؤمنين في الجنة
عاشراً : .  الحَلقُ والتَّقصيرُ -  طوافُ الإفاضةِ - التحلُّل الأوَّل - أيَّام التَّشْريق - رَمْيُ الجِمارِ  -                                                                                                                                                   Ooou110الثلاثاء أبريل 23, 2024 7:24 am من طرف عبدالله الآحد

» الرد على من زعم أن أهل السنة وافقوا اليهود
عاشراً : .  الحَلقُ والتَّقصيرُ -  طوافُ الإفاضةِ - التحلُّل الأوَّل - أيَّام التَّشْريق - رَمْيُ الجِمارِ  -                                                                                                                                                   Ooou110الثلاثاء أبريل 23, 2024 5:40 am من طرف عبدالله الآحد

» طائِفُهُ الصَّفْوِيِّينَ - - اَلْدوَلهُ الصِّفْوِيهُ
عاشراً : .  الحَلقُ والتَّقصيرُ -  طوافُ الإفاضةِ - التحلُّل الأوَّل - أيَّام التَّشْريق - رَمْيُ الجِمارِ  -                                                                                                                                                   Ooou110الإثنين أبريل 22, 2024 11:18 am من طرف صادق النور

» حكم الرقى والتمائم
عاشراً : .  الحَلقُ والتَّقصيرُ -  طوافُ الإفاضةِ - التحلُّل الأوَّل - أيَّام التَّشْريق - رَمْيُ الجِمارِ  -                                                                                                                                                   Ooou110الأحد أبريل 21, 2024 7:19 am من طرف عبدالله الآحد

» كثرة الأشاعرة ليست دليلا على أنهم على حق في كل شيء
عاشراً : .  الحَلقُ والتَّقصيرُ -  طوافُ الإفاضةِ - التحلُّل الأوَّل - أيَّام التَّشْريق - رَمْيُ الجِمارِ  -                                                                                                                                                   Ooou110السبت أبريل 20, 2024 5:13 pm من طرف عبدالله الآحد

» حقيقة الإسلام العلماني
عاشراً : .  الحَلقُ والتَّقصيرُ -  طوافُ الإفاضةِ - التحلُّل الأوَّل - أيَّام التَّشْريق - رَمْيُ الجِمارِ  -                                                                                                                                                   Ooou110السبت أبريل 20, 2024 8:37 am من طرف صادق النور

اهلا بكم

الثلاثاء نوفمبر 08, 2011 2:32 am من طرف mohamed yousef

عاشراً : .  الحَلقُ والتَّقصيرُ -  طوافُ الإفاضةِ - التحلُّل الأوَّل - أيَّام التَّشْريق - رَمْيُ الجِمارِ  -                                                                                                                                                   Ooousu10

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 33 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 33 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحث

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الأربعاء سبتمبر 15, 2021 4:26 am

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 9627 مساهمة في هذا المنتدى في 3190 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 288 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو دينا عصام فمرحباً به.

دخول

لقد نسيت كلمة السر

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع


2 مشترك

    عاشراً : . الحَلقُ والتَّقصيرُ - طوافُ الإفاضةِ - التحلُّل الأوَّل - أيَّام التَّشْريق - رَمْيُ الجِمارِ -

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5188
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    عاشراً : .  الحَلقُ والتَّقصيرُ -  طوافُ الإفاضةِ - التحلُّل الأوَّل - أيَّام التَّشْريق - رَمْيُ الجِمارِ  -                                                                                                                                                   Empty عاشراً : . الحَلقُ والتَّقصيرُ - طوافُ الإفاضةِ - التحلُّل الأوَّل - أيَّام التَّشْريق - رَمْيُ الجِمارِ -

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين مايو 22, 2023 10:34 am

    ===== الحَلقُ والتَّقصيرُ =====
    :
    حُكْمُ الحَلْقِ والتقصيرِ
    :
    حَلْقُ شَعْرِ الرَّأسِ أو تقصيرُه واجبٌ من واجباتِ الحجِّ والعُمْرةِ، وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة
    ، والمالِكيَّة، والحَنابِلة
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    قَولُه تعالى: لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ [الفتح: 27]
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ اللهَ تعالى جَعَلَ الحَلْقَ والتقصيرَ وصفًا للحَجِّ والعُمْرةِ، والقاعدةُ أنَّه إذا عَبَّرَ بجزءٍ مِنَ العبادةِ عن العبادةِ، كان دليلًا على وجوبِه فيها
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خَرَجَ معتَمِرًا، فحالَ كفَّارُ قريشٍ بينه وبين البيتِ، فنحَرَ هَدْيَه وحَلَقَ رَأسَه بالحُدَيبِيَةِ ))
    2- عن عبدِ الله بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما ((أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حلَقَ رأسَه في حَجَّةِ الوداع ))، وقد قال عليه
    الصَّلاة والسلامُ: ((لِتَأخُذوا مناسِكَكم ))، مع كونِ فِعْلِه وقعَ بيانًا لمُجمَلِ الكتابِ.
    : إجزاءُ التَّقصيرِ عن الحَلْقِ
    يُجْزِئُ التقصيرُ عن الحَلْقِ.
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    ظاهِرُ قَولِه تعالى: لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ [الفتح: 27]
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((اللهُمَّ ارحَمِ المُحَلِّقينَ، قال في الرَّابعةِ: والمُقَصِّرينَ ))
    ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك، ابنُ المُنْذِر، والنوويُّ وابنُ حجرٍ
    : القَدْرُ الواجِبُ حَلقُه أو تقصيرُه
    الواجِبُ حَلْقُ جميعِ الرَّأسِ، أو تقصيرُه كُلِّه، وهذا مذهَبُ المالِكيَّة، والحَنابِلة، واختارَه ابنُ باز، وابنُ عُثيمين
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    عمومُ قَولِه تعالى: لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ [الفتح: 27]
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنه عامٌّ في جميعِ شَعْرِ الرَّأسِ، فالرَّأسُ اسمٌ لجميعِه
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
    أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حلَقَ رأسَه في حجَّةِ الوداع
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حلَقَ جميعَ رأسِه؛ تفسيرًا لمُطلَقِ الأمرِ به، فيجِبُ الرُّجوعُ إليه
    ثالثًا: ولأنَّه نُسُكٌ تعَلَّقَ بالرَّأسِ، فوجبَ استيعابُه به، كالمسحِ
    : أفضَلِيَّةُ الحَلْقِ على التَّقصيرِ
    حَلْقُ جميعِ الرَّأسِ أفضَلُ مِن تقصيرِه
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    ظاهِرُ قولِه تعالى: لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ [الفتح: 27]
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ بدأ بالحَلْقِ، والعَرَبُ إنَّما تبدأُ بالأهَمِّ والأفضَلِ
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((اللهمَّ ارحَمِ المُحَلِّقينَ. قالوا: والمُقَصِّرينَ يا رسولَ الله، قال: اللهُمَّ ارحم المُحَلِّقينَ. قالوا: والمُقَصِّرينَ يا رسولَ اللهِ، قال: والمُقَصِّرينَ ))
    2- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّه قال: ((حَلَقَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في حَجَّتِه ))
    ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ عَبْدِ البَرِّ، والنوويُّ
    :
    الحلْقُ والتقصيرُ للمرأةِ

    المطلب الأوَّل: حَلْقُ المرأةِ رَأسَها
    يُشْرَعُ للمرأةِ التَّقصيرُ لا الحَلْقُ.
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((ليس على النِّساءِ حَلْقٌ، وإنَّما عليهِنَّ التَّقصيرُ ))
    ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ المُنْذِر، وابنُ عَبْدِ البَرِّ، وابنُ قُدامة، والنوويُّ
    ثالثًا: أنَّ الحَلْقَ في حقِّ النِّساءِ فيه مُثْلَةٌ؛ ولهذا لم تَفْعَلْه نساءُ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
    رابعًا: أنَّ المرأةَ محتاجةٌ إلى التجمُّلِ والتزَيُّنِ، والشَّعْرُ جمالٌ وزينةٌ؛ ولذا شُرِعَ في حَقِّهنَّ التَّقصيرُ فقط
    : إمرارُ الموسى على مَن ليسَ على رأسِه شَعْرٌ
    إذا لم يكُنْ على رأسِه شَعْرٌ- كالأقرعِ ومَن برأسِه قروحٌ- فقد اختلفَ أهلُ العِلمِ فيه على أقوالٍ، أقواها قولان:
    القول الأوّل: أنَّه يُستحَبُّ له إمرارُ الموسى على رأسِه، ولا يجب،
    وهو مذهَبُ الشَّافعيَّة، والحَنابِلة، وهو قولٌ للحَنَفيَّة وهو قَوْلُ طائِفةٍ مِنَ السَّلَفِ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: لأنَّ الحَلْقَ مَحَلُّهُ الشَّعْرُ، فسقَطَ بعَدَمِه كما سَقَطَ وجوبُ غَسْلِ العُضوِ في الوضوءِ بفَقْدِه
    ثانيًا: لأنَّه إمرارٌ لو فَعَلَه في الإحرامِ لم يجِبْ به دمٌ، فلم يجِبْ عند التحلُّلِ كإمرارِه على الشَّعْرِ من غيرِ حَلْقٍ
    ثالثًا: لأنَّه عبادةٌ تتعَلَّقُ بالشَّعرِ، فتنتقِلُ للبَشَرةِ عند عَدَمِه، كالمسحِ في الوضوءِ
    رابعًا: تَشَبُّهًا بالحالقين
    القول الثاني: لا يُستحَبُّ له إمرارُ الموسى على رأسِه، وهو مرويٌّ عن أبي بكرِ ابنِ داودَ، وبه قال ابنُ القَيِّم، ومال إليه المرداوي، واختارَه ابنُ عُثيمين؛ وذلك لأنَّ القاعدةَ المُتَّفَقَ عليها أنَّ الوسائِلَ يسقُطُ اعتبارُها عند تعذُّرِ المقاصِدِ، وإمرارُ الموسى وسيلةٌ لإزالةِ الشَّعْر، وليست مقصودةً بذاتها
    : التَّيامُنُ في حَلْقِ الرَّأسِ
    يُستحَبُّ التيامُنُ في حَلْقِ الرَّأسِ، والعبرةُ في التيامُنِ في الحَلْقِ بيمينِ المحلوقِ، فيبدأ بشِقِّ رأسِه الأيمنِ ثمَّ الشِّقِّ الأيسرِ، وهذا مَذهَبُ
    الجُمْهورِ: المالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة، واختاره ابنُ الهمام مِنَ الحَنَفيَّة
    الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:
    عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رمى جَمْرةَ العَقَبةِ، ثمَّ انصرَفَ إلى البُدُنِ فنَحَرَها، والحجَّامُ جالسٌ، وقال بيَدِه عن رأسِه، فحَلَقَ شِقَّه الأيمنَ فقَسَمَه فيمَن يليه، ثم قال: احلِقِ الشِّقَّ الآخَرَ، فقال: أين أبو طَلحةَ؟ فأعطاه إيَّاه ))
    وفي روايةٍ عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((لَمَّا رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجَمْرةَ ونَحَرَ نسُكَه وحَلَقَ، ناول الحلَّاقَ شِقَّه الأيمنَ فحَلَقَه، ثم دعا أبا طلحةَ الأنصاريَّ رَضِيَ اللهُ عنه فأعطاه إيَاه، ثمَّ ناوله الشِّقَّ الأيسرَ، فقال: احلِقْ: فحَلَقَه، فأعطاه أبا طلحةَ، فقال: اقسِمْه بين النَّاسِ ))
    ---------------------------
    :::::: . طوافُ الإفاضةِ .::::::
    : تعريفُ طوافِ الإفاضةِ
    الإفاضة لغةً: هي الزَّحْفُ والدَّفْعُ في السَّيرِ بكثرةٍ، ولا يكونُ إلَّا عن تفرُّقٍ وجَمعٍ.
    وأصلُ الإفاضةِ الصَّبُّ، فاستُعيرَتْ للدَّفعِ في السير... ومنه طوافُ الإفاضةِ يومَ النَّحرِ، يُفيضُ مِن مِنًى إلى مكَّةَ، فيطوفُ ثم يرجِعُ
    أسماءُ طَوافِ الإفاضةِ:
    سُمِّيَ طوافُ الإفاضةِ بعدَّةِ أسماءَ؛ منها:
    1- طوافُ الإفاضةِ: وسُمِّيَ بذلك؛ لأنَّه يأتي بعد إفاضَتِه من مِنًى إلى مكَّة.
    2- طوافُ الزِّيارة: وذلك لأنَّ الحاجَّ يأتي مِن مِنًى لزيارةِ البَيتِ، ولا يقيمُ بمكَّةَ بل يرجِعُ إلى مِنًى.
    3- طوافُ الصَّدَر: لأنَّه يُفعَل بعد الرُّجوعِ, والصَّدَرُ: يطلق أيضًا على طوافِ الوَداعِ.
    4- طوافُ الواجِبِ، وطوافُ الرُّكْنِ، وطوافُ الفَرْضِ: وذلك باعتبارِ الحُكْمِ
    : حُكْمُ طوافِ الإفاضةِ
    طوافُ الإفاضةِ رُكْنٌ مِن أركانِ الحَجِّ، لا يَصِحُّ الحجُّ إلا به، ولا ينوبُ عنه شيءٌ.
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    يقول الله تعالى: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج: 29]
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    اتَّفَق أهلُ التَّفسيرِ أنَّ المرادَ بالطَّوافِ المأمورِ به في هذه الآيةِ: هو طوافُ الإفاضةِ
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
    أنَّ صَفِيَّةَ بنتَ حُيَيٍّ- زوجَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- حاضَتْ، فذكَرَتْ ذلك لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: ((أحابِسَتُنا هي؟ قالوا: إنَّها قد أفاضت، قال: فلا إذًا. وفي روايةٍ لمسلمٍ: لَمَّا أراد النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن ينفِرَ، إذا صفِيَّةُ على بابِ خِبائِها كئيبةً حزينةً. فقال: عَقْرى حَلْقى! إنَّكِ لحابِسَتُنا. ثم قال لها: أكنتِ أفضْتِ يومَ النَّحرِ؟ قالت: نعم. قال: فانفِري ))
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ قولَ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أحابِسَتُنا هي؟)) يدلُّ على أنَّ هذا الطَّوافَ
    لا بدَّ مِنَ الإتيانِ به, وأنَّ عدَمَ الإتيانِ به موجِبٌ للحَبْسِ
    ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
    نقل الإجماعَ على ركنيَّة طوافِ الإفاضةِ: ابنُ المُنْذِر, وابْنُ حَزْمٍ, وابنُ عَبْدِ البَرِّ, وابنُ رشد, وابنُ قُدامة, والنوويُّ, وابنُ تيميَّة
    : اشتراطُ كونِ طوافِ الإفاضةِ بعد الوقوفِ بعَرَفةَ
    يُشْتَرَطُ أن يَسْبِقَ طوافَ الإفاضةِ الوقوفُ بعَرَفةَ, فلو طاف للإفاضةِ قبل الوقوفِ بعَرَفةَ لا يَسْقُطُ به فَرْضُ الطَّوافِ
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    قال الله تعالى: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ[الحج: 29]
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه لا يُمكِنُ قضاءُ التَّفَثِ والوفاءُ بالنَّذْرِ إلَّا بعد الوقوفِ بعَرَفةَ ومُزْدَلِفةَ
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه في صِفَةِ حجَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، حاكيًا عمَلَه بعد الوقوفِ بعَرَفةَ والمبيتِ بالمُزْدَلِفةِ والرميِ: ((ثم ركِبَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأفاضَ إلى البيتِ، فصلَّى بمكَّة الظُّهرَ ))
    2- عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ((أفاض يومَ النَّحرِ، ثم رجَعَ فصَلَّى الظُّهرَ بمِنًى)) قال نافعٌ: ((فكان ابنُ عُمَرَ يُفيضُ يومَ النَّحرِ، ثمَّ يرجِعُ فيُصَلِّي الظُّهرَ بمِنًى، ويذكُرُ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَعَلَه ))
    ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ تيميَّة
    : وقتُ طوافِ الإفاضةِ
    المطلب الأوَّل: السنَّةُ في وقتِ طوافِ الإفاضةِ
    يُسَنُّ أن يكونَ طوافُ الإفاضةِ في يومِ النَّحْرِ أوَّلَ النَّهارِ، بعد الرَّميِ والنَّحرِ والحَلْقِ، وهو أفضلُ وقتٍ لبدايَتِه
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- حديثُ جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما في صِفَةِ حجَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وفيه: ((أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رمى جَمْرةَ العَقَبةِ، ثمَّ انصرَفَ إلى المنحَرِ، فنَحَرَ هَدْيَه, ثمَّ أفاض إلى البيتِ، فصلى بمكَّةَ الظُّهْرَ ))
    2- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أفاض يومَ النَّحْرِ، ثم رجَعَ فصلى الظُّهرَ بمِنًى. قال نافعٌ: فكان ابنُ عُمَرَ يُفيضُ يومَ النَّحرِ، ثم يرجِعُ فيُصَلِّي الظهرَ بمِنًى. ويذكُرُ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَعَلَه ))
    ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك النوويُّ
    المطلب الثَّاني: أوَّلُ وقتِ طوافِ الإفاضةِ؟
    اختلف العُلَماء في تحديدِ أوَّل وقت طواف الإفاضة على قولينِ:
    القول الأوّل: أنَّ أوَّلَ وقتِ طوافِ الإفاضةِ بعد منتصَفِ ليلةِ النَّحرِ لِمَن وقف بعَرَفةَ قَبْلَه، وهذا مذهَبُ الشَّافعيَّة، والحَنابِلة, واختارَه ابنُ باز
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّها قالت: ((أرسلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأمِّ سَلَمةَ ليلةَ النَّحْرِ، فرَمَتِ الجَمْرةَ قبل الفَجْرِ
    ثم مَضَتْ فأفاضت، وكان ذلك اليومُ اليومَ الذي يكون رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- تعني عندَها ))
    2- عن أسماءَ ((أنَّها نَزَلت ليلةَ جَمعٍ عند المُزدَلفةِ، فقامت تصلِّي، فصلَّت ساعةً، ثم قالت: يا بُنَيَّ، هل غاب القمَرُ؟
    قلتُ: لا. فصلَّت ساعةً، ثم قالت: هل غاب القمَرُ؟ قلتُ: نعم. قالت: فارتَحِلوا. فارتَحَلْنا، ومضَينا حتى رَمَت الجمرةَ،
    ثم رجَعَت فصَلَّت الصُّبحَ في مَنزِلِها. فقلتُ لها: يا هنتاه، ما أرانا إلَّا قد غَلَّسْنا. قالت: يا بنيَّ، إنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم
    أذِنَ للظُّعُنِ ))
    وَجْهُ الدَّلالةِ مِنَ الحديثينِ:
    أنَّ ظاهِرَ النَّصِّ جوازُ الدَّفعِ مِنَ المُزْدَلِفةِ قبل منتصَفِ اللَّيلِ، والرَّميِ؛ لأنَّ أمَّ سَلَمةَ وأسماءَ رَضِيَ اللهُ عنهما رَمَتا الجَمْرةَ
    قبل الصُّبحِ؛ فهذا دليلٌ على جوازِ الرَّميِ قبل الفجرِ، فإذا جاز رميُ الجَمْرةِ قبل الفجرِ؛ جاز فِعْلُ بقيَّةِ أعمالِ يومِ النَّحرِ؛
    لأنَّها مترابطةٌ
    ثانيًا: قياسُ الطَّوافِ على الرَّميِ؛ بجامعِ أنَّهما من أسبابِ التَّحلُّلِ؛ فإنَّه بالرميِ للجِمار والذَّبحِ والحَلْقِ يحصُلُ التحلُّلُ الأوَّلُ،
    وبالطَّوافِ يحصُلُ التَّحلُّلُ الأكبرُ، فكما أنَّ وقتَ الرَّميِ يبدأُ عندهم بعد نِصْفِ اللَّيلِ، فكذا وقتُ طوافِ الإفاضةِ
    القول الثاني: يبتِدئُ مِن طُلوعِ الفَجرِ الثَّاني يومَ النَّحرِ، وهذا مذهب الحَنَفيَّة, والمالِكيَّة, وهو روايةٌ عن أحمد
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- فِعْلُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مع قوله: ((لِتَأخُذوا مناسِكَكم ))؛ فقد طاف طوافَ الإفاضةِ يومَ النَّحرِ
    ثانيًا: أنَّ ما قبل الفجْرِ مِنَ الليلِ وقْتُ الوقوفِ بعَرَفة، والطَّوافُ مُرَتَّبٌ عليه، فلا يصِحُّ أن يتقدَّمَ ويَشغَلَ شيئًا من وقتِ الوقوف، فالوقتُ الواحدُ لا يكون وقتًا لركنينِ
    فرعٌ: أداءُ طوافِ الإفاضةِ أيَّامَ التَّشريقِ
    إذا أخَّرَ طوافَ الإفاضةِ عن يومِ النَّحرِ وأدَّاه في أيَّامِ التَّشريقِ؛ صَحَّ طوافُه، ولا شيءَ عليه.
    الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ المُنْذِروالنوويُّ
    المطلب الثَّالث: آخِرُ وقتِ طوافِ الإفاضةِ
    طوافُ الإفاضةِ ليس لآخِرِه وقتٌ، ولا يلزَمُ بتأخيرِه دَمٌ، وهو مذهَبُ الشَّافعيَّة، والحَنابِلة، وهو قَوْلُ طائِفةٍ مِنَ السَّلَفِ،
    وهو اختيارُ ابنِ باز، وبه أفتَتِ اللجنةُ الدَّائمةُ
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: لأنَّ طوافَ الإفاضةِ ليس له وقتٌ يفوتُ بفواتِه، فإنَّه متى أتى به صَحَّ
    ثانيًا: أنَّ الأصلَ عَدَمُ الدَّمِ حتى يَرِدَ الشَّرْعُ به
    ثالثًا: أنَّه طاف فيما بعد أيَّامِ النَّحرِ طوافًا صحيحًا، فلم يلزَمْه دمٌ، كما لو طاف أيَّامَ النَّحرِ
    المطلب الرابع: وقتُ طوافِ الإفاضةِ الواجِبِ وما يترتَّبُ على تأخيرِه
    اختلف أهلُ العِلْمِ في وقتِ طوافِ الإفاضةِ الواجِبِ، وما يترتَّبُ على تأخيرِه، على أقوال، أقواها قولان:
    القول الأوّل: يجِبُ أداؤُه قبل خروجِ شَهْرِ ذي الحِجَّةِ، فإذا خرج لَزِمَه دمٌ، وهذا مذهَبُ المالِكيَّة واختارَه ابنُ عُثيمين
    الدَّليل مِنَ الكتاب
    قال اللهُ تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ [البقرة: 197]
    وَجْهُ الدَّلالةِ:
    في الآيةِ دليلٌ على أنَّ الحجَّ مؤَقَّتٌ بأشهُرٍ محدَّدةٍ، لا يجوزُ تأخيرُه عنها, وتأخيرُ الطَّوافِ إلى مُحَرَّمٍ، فِعْلٌ للرُّكْنِ في غيرِ أشهُرِ الحَجِّ
    القول الثاني: لا يلزَمُه شيءٌ بالتأخيرِ أبدًا، وهذا مذهب الشَّافعيَّة، والحَنابِلة، وبه قالَتْ طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ، واختاره ابنُ المُنْذِر,
    وابنُ باز
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: أنَّه لا دليلَ على عَدَمِ جوازِ تأخيرِ طوافِ الإفاضةِ عن ذي الحِجَّةِ
    ثانيًا: أنَّ الأصلَ عَدَمُ الدَّمِ حتى يَرِدَ الشَّرْعُ به
    ***** المطلب الرابع: الشُّربُ مِن ماءِ زَمْزَمَ *****
    يُسَنُّ الشُّرْبُ مِن ماءِ زَمْزَمَ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة، وهو قولُ ابْنِ حَزْمٍ
    الأدِلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
    1- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ، فذكر حديثَ حَجَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: (ثم ركِبَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأفاض بالبيتِ، فصلَّى بمكَّةَ الظُّهرَ، وأتى بني عبد المطَّلِب يَسقونَ على زمزمَ، فقال: انزِعُوا بني عبدِ المُطَّلِبِ، فلولا أنْ يغْلِبَكم النَّاسُ على سِقايَتِكم لنَزَعْتُ معكم، فناوَلُوه دَلْوًا فشَرِبَ منه)
    2- قولُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأبي ذرٍّ- في حديث إسلامِ أبي ذَرٍّ-: ((فمَن كان يُطْعِمُك؟)) قال قلتُ: ما كان لي طعامٌ إلَّا ماءُ زمزمَ، فسَمِنْتُ حتى تكسَّرَتْ عُكَنُ بطني وما أجدُ على كَبِدي سَخْفَةَ جُوعٍ
    فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ((إنَّها مباركةٌ؛ إنَّها طعامُ طُعْمٍ ))
    وفي رواية: ((وشِفاءُ سُقْمٍ ))
    ثانيًا: مِنَ الآثار
    عن عبَّادِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ الزُّبيرِ، قال: ((لَمَّا حجَّ معاويةُ رَضِيَ اللهُ عنه حجَجْنا معه، فلَمَّا طاف بالبيتِ، وصلَّى عند المقامِ ركعتينِ، ثم مرَّ بزمزمَ، وهو خارِجٌ إلى الصَّفا، فقال: انزِعْ لي منها دَلْوًا يا غلامُ، فنَزَعَ له منها دَلْوًا،فأُتِيَ به فشَرِبَ منه، وصَبَّ على وجْهِه ورأسِه، وهو يقولُ: زمزمُ شفاءٌ، وهي لِمَا شُرِبَ له ))
    ----------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا وكأنننا نتطلع بماء زمزم وعدنا الله وإياكم شربه في حجه وعمره

    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5188
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    عاشراً : .  الحَلقُ والتَّقصيرُ -  طوافُ الإفاضةِ - التحلُّل الأوَّل - أيَّام التَّشْريق - رَمْيُ الجِمارِ  -                                                                                                                                                   Empty التحلُّل الأوَّل

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين مايو 22, 2023 10:36 am

    ===== التحلُّل الأوَّل =====
    : تعريفُ التحلُّلِ

    التحلُّلُ لغةً: يقال حَلَّ الْمُحْرِمُ يَحِلُّ حَلَالًا وَحِلًّا؛ إذا حلَّ له ما يَحْرُم عليه من محظوراتِ الحجِّ، ورجلٌ حَلالٌ: أي غيرُ مُحْرِمٍ ولا متلبِّسٍ بأسبابِ الحجِّ، وأحلَّ الرَّجُلُ إذا خرَجَ إلى الحِلِّ عن الحَرَمِ

    التحلُّل اصطلاحًا: الخروجُ من الإحرامِ، وحِلُّ ما كان محظورًا عليه وهو مُحْرِمٌ
    : ما يحصُلُ به التحلُّلُ الأوَّلُ
    اختلف أهلُ العِلمِ فيما يحصُلُ به التحلُّلُ الأوَّلُ على أقوالٍ ثلاثةٍ:
    القول الأوّل: أنَّه يحصُلُ بفِعلِ اثنينِ من ثلاثةٍ؛ وهي: الرَّميُ، والحَلْقُ، والطَّوافُ، وهو مذهَبُ الشَّافعيَّة، والحَنابِلةِ،
    وهو اختيار ابن باز
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
    عن عائشةَ رَضِيَ الله عنها قالت: ((طَيَّبْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيدَيَّ هاتينِ حين أحرَمَ، ولِحِلِّه حين أحَلَّ قبل أن يطوفَ، وبَسَطَتْ يَدَيها ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ إخبارَ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها بأنَّها طَيَّبتِ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حين أحَلَّ قبل أن يطوفَ؛ دليلٌ على أنَّ التحلُّلَ الأصغَرَ حصَلَ قبل الطَّوافِ، أي بعدَ الرَّميِ والحَلْقِ
    ثانيًا: أنَّ الرَّميَ والحَلْقَ نُسُكانِ يتعَقَّبُهما الحِلُّ، فكان حاصلًا بهما، كالطَّوافِ والسَّعيِ في العمرةِ
    القول الثاني: أنَّه يحصُلُ برَمْيِ جمرةِ العقبةِ؛ وهو مذهَبُ المالكيَّة، ووجهٌ للشَّافعيَّة، وروايةٌ عن أحمدَ، وبه قال عطاءٌ وأبو ثَورٍ، واختارَه ابنُ قُدامة, والألبانيُّ
    الأدلَّة مِنَ السُّنَّة
    1- حديثُ أمِّ سَلَمةَ رَضِيَ اللهُ عنها، وفيه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ هذا يومٌ رُخِّصَ لكم إذا أنتم رَمَيْتُم الجمرةَ أن تَحِلُّوا- يعني مِن كلِّ ما حُرِمْتُم منه- إلَّا النِّساءَ ))
    2- حديثُ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((طَيَّبْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيَدَيَّ بذريرةٍ لحجَّةِ الوداعِ للحِلِّ والإحرامِ، حين
    أحرَمَ، وحين رمى جمرةَ العَقبةِ يومَ النَّحرِ، قبل أن يطوفَ بالبيتِ ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ تعليقَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الإحلالَ مِنَ الإحرامِ بَرَمْيِ جمرةِ العَقبةِ؛ دليلٌ على أنَّ التحلُّلَ الأصغَرَ يحصُلُ برَمْيِها دون التوقُّفِ على أشياءَ أُخَرَ، وقد أبان عن ذلك فِعْلُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، كما أخبَرَت به عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنه، وأنَّ تَطييبَها إيَّاه كان عَقِبَ جَمرةِ العقبةِ
    القول الثالثُ: يحصُلُ بالحَلْقِ بعد الرَّمْيِ، ولا يحِلُّ له بالرَّمْيِ قبل الحَلْقِ شَيءٌ، وهذا مذهب الحنيفةَ، واختيارُ الشِّنقيطيِّ، وابنِ عُثيمين
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
    عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((كنتُ أُطَيِّبُ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لإحرامِه قبل أن يُحْرِمَ، ولِحِلِّه قبل أن يطوفَ بالبيتِ
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه لا طوافَ بالبيتِ بالنِّسبةِ لفِعْلِ الرَّسولِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ إلَّا بعد الرَّمْيِ والحلْقِ، ولو كان يَتحلَّلُ قبل الحَلْقِ،
    لقالتْ عائشةُ: ولِحِلِّه قبل أن يحلِقَ، فلما قالت: ((قبل أن يطوفَ)) عُلِمَ أنَّه لا يحِلُّ التحلُّلَ الأوَّلَ إلَّا بالحَلْقِ
    ثانيًا: أنَّ الحَلْقَ رُتِّبَ عليه الحِلُّ في مسألةِ الإحصارِ؛ فإنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَمَّا أُحْصِرَ في الحديبِيَةِ أَمَرَهم أن يحلِقُوا ثم يَحِلُّوا، ولا حِلَّ لِمُحْصَرٍ إلَّا بعد الحَلْقِ
    : ما يترتَّبُ على التحلُّلِ الأوَّلِ
    مَن تحلَّلَ التحلُّلَ الأوَّلَ حَلَّ له كلُّ شيءٍ حَرُمَ عليه، إلَّا النِّساءَ, وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة, والشَّافعيَّة, والحَنابِلَة,
    وبه قالَتْ طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ
    الأدلَّة مِنَ السُّنَّة
    1- حديثُ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((طَيَّبْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيدَيَّ هاتينِ حِينَ أحرمَ، ولِحِلِّه حين أحَلَّ، قبل أن يطوفَ، وبَسَطَتْ يَدَيها ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:

    أنَّ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها أخبَرَت أنَّها طَيَّبَتِ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عندما أحلَّ قبل أن يطوفَ؛ وفي هذا دلالةٌ واضحةٌ
    ونَصٌّ صريحٌ في إباحةِ الطِّيبِ بالتحلُّلِ الأوَّلِ
    2- حديثُ أمِّ سَلَمةَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ هذا يومٌ رُخِّصَ لكم إذا أنتم رَمَيْتُم الجمرةَ أن تَحِلُّوا- يعني مِنْ كُلِّ ما حُرِمْتُم منه- إلَّا النِّساءَ ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخبَرَ أنَّ مَن رَمَى الجمرةَ تحلَّلَ إلَّا مِنَ النِّساءِ, وهذا يدلُّ على أنَّ التحلُّلَ الأصغَرَ يَحِلُّ به كلُّ شيءٍ
    إلَّا النِّساءَ
    : متى يكونُ التحلُّلُ الثاني، وما يترتَّبُ عليه:
    إذا طاف الحاجُّ طوافَ الإفاضَةِ بعد إكمالِ أعمالِ الحَجِّ؛ فقد حَلَّ التحلُّلَ الثَّانيَ (الأكبَرَ) وحَلَّ له كلُّ شيءٍ حتَّى النِّساءُ.
    الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ حَزْمٍ، وابنُ حَجَرٍ الهيتمِيُّ، والشربينيُّ
    -----------

    المَبيتُ بمِنًى لياليَ أيَّام التَّشْريق

    : المَبيتُ بمِنًى لياليَ أيَّام التَّشْريق، وما يلزَمُ مِنْ تَرْكِه
    المطلب الأوَّل: حُكْمُ المَبيتِ بمِنًى لياليَ أيَّام التَّشْريق
    الفرع الأول: حُكْمُ المَبيتِ بمِنًى لياليَ أيَّام التَّشْريق
    المبيتُ بمِنًى في ليالي أيَّام التَّشْريق
    واجبٌ، وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ: المالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
    1- أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم باتَ في مِنًى وقد قال: ((لِتَأخُذوا مناسِكَكم ))
    2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((أفاض رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن آخِرِ يَومِه حين صلَّى الظُّهرَ، ثم رجَعَ إلى مِنًى، فمكَثَ بها لياليَ أيَّام التَّشْريق ))
    3- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (استأذن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته، فأذن له)
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ كلمةَ (رخَّصَ) تدلُّ على أنَّ الأصلَ الوُجوبُ؛ لأنَّ الرُّخصةَ لا تقالُ إلَّا في مقابِلِ أمرٍ واجبٍ وعزيمةٍ
    ثانيًا: مِنَ الآثارِ
    عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: قال عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنه: ((لا يَبيتَنَّ أحَدٌ مِنَ الحاجِّ مِنْ وراءِ العَقَبةِ، وكان يُوكِلُ بذلك رجالًا، لا يتركونَ أحدًا مِنَ الحاجِّ يَبيتُ مِن وراءِ العَقَبةِ إلَّا أدخَلُوه))
    الفرع الثاني: ما يلزَمُ مَن تَرَكَ مبيتِ ليلةٍ واحدةٍ بمِنًى
    مَن تَرَكَ بياتَ ليلةٍ واحدةٍ في مِنًى؛ فلا دَمَ عليه، وهو روايةٌ عن الإمامِ أحمَدَ، واختيارُ ابنِ باز، وابنِ عُثيمين؛
    وذلك لأنَّه لم يترُكِ النُّسُكَ كُلَّه، فالليلةُ ليسَتْ نُسُكًا بمفرَدِها
    الفرع الثالث: حُكْمُ التعجُّلِ وما يترتَّبُ عليه
    يجوز التعجُّلُ، ومن تعجَّلَ فليس عليه سوى مَبيتِ ليلتينِ فقط، ويسقُطُ عنه المبيتُ، ورَمْيُ الجمرةِ لليومِ الثَّالثَ عَشَر.
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: من الكتاب
    قولُه تعالى: وَاذْكُرُواْ اللَّهَ فِي أيَّام مَّعْدُودَاتٍفَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى [البقرة: 203]
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
    عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ يَعْمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أيَّام مِنًى ثلاثةٌ: فمَنْ تعجَّلَ في يومينِ فلا إثمَ عليه، ومَنْ تأخَّرَ فلا إثمَ عليه ))
    ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك الماورديُّ، وابنُ قُدامة، والنوويُّ
    مسألة: المُفاضَلةُ بين التعَجُّلِ والتأخُّرِ في المبيتِ بمِنًى
    التأخُّرُ إلى ثالثِ أيَّام التَّشْريق أفضَلُ مِنَ التعَجُّلِ، وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
    عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((أفاض رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن آخِرِ يَومِه حين صلَّى الظُّهرَ، ثم رجَعَ إلى مِنًى، فمكَثَ بها لياليَ أيَّام التَّشْريق يَرمي الجَمرةَ، إذا زالتِ الشَّمْسُ ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم لم يتعجَّلْ، فكان الاقتداءُ بفِعْلِه أَوْلى
    ثانيًا: أنَّ المقامَ مَقامُ كَمالٍ؛ أمَّا التعجيلُ فهو رخصةٌ، وفيه ترَفُّهٌ بتَرْكِ بعضِ الأعمالِ
    المطلب الثاني: حُكْمُ المتعَجِّل إذا غربَتْ عليه الشَّمْسُ ثانيَ أيَّام التَّشْريق
    إذا غَربتِ الشَّمسُ على المتعجِّلِ وهو بمِنًى؛ لَزِمَه المبيتُ والرَّميُ مِنَ الغَدِ، وهذا مذهَبُ الجُمهوِر: المالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو روايةٌ عن أبي حنيفةَ، وهو قَولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    قال اللهُ تعالى: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ [البقرة: 203]
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ اليومَ اسمٌ للنَّهارِ دون الليلِ، فيكون مَن أدرَكَه الليلُ لم يتعجَّلْ في يومينِ، فإنَّ في للظَّرفيَّة، ولا بدَّ أن يكون أوسَعَ مِنَ المظروفِ، وعليه فلا بدَّ أن يكون الخروجُ في نفسِ اليومينِ
    ثانيًا: عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ يَعْمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((أيَّام مِنًى ثلاثةٌ، فمَنْ تعجَّلَ في يومينِ فلا إثمَ عليه، ومن تأخَّرَ فلا إثمَ عليه ))
    ثالثًا: مِنَ الآثارِ
    1- عن عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((من أدرَكَه المساءُ في اليومِ الثَّاني بمِنًى؛ فليُقِمْ إلى الغَدِ حتى ينفِرَ مع النَّاسِ ))
    2- عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّه كان يقول: ((مَن غَرَبَتْ عليه الشَّمسُ في أوسَطِ أيَّام التَّشْريق وهو بمِنًى؛ فلا ينفِرْ حتى يرمِيَ الجِمارَ مِنَ الغَدِ))
    فرع: إذا غربَتِ الشَّمسُ قبل انفصالِه مِن مِنًى:
    إذا غربَتِ الشَّمسُ على المتعجِّلِ مِن مِنًى، وهو سائِرٌ فيها قبل انفصالِه منها؛ فإنَّه يجوزُ له التعجُّلُ؛ نصَّ على هذا فقهاءُ الشَّافعيَّة، واختارَه ابنُ عُثيمينَ إذا حبَسَه المَسيرُ؛ لأنَّ ذلك وقَعَ بغيرِ اختيارِه، ولِمَا في تكليفِه مِن حَلِّ الرَّحْلِ والمتاعِ مِنَ المشقَّةِ عليه
    المطلب الثالث: بِمَ يحصُلُ المَبيتُ بمِنًى؟
    يحصُلُ المبيتُ الواجِبُ في مِنًى بأن يمكُثَ فيها أكثَرَ اللَّيلِ، وهو مذهَبُ المالكيَّة، والشَّافعيَّة في الأصَحِّ، وذلك لأنَّ مسمَّى المبيتِ لا يحصُلُ إلَّا بمعظَمِ اللَّيلِ
    المطلب الرابع: سُقوطُ المَبيتِ عن أصحابِ سِقايةِ الحَجيجِ ورُعاةِ الإبِلِ
    يَسقُطُ المبيتُ بمِنًى عن أصحابِ سِقايةِ الحَجيجِ ورُعاةِ الإبِلِ، وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ المالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة مِنَ السُّنَّة:
    1- عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ العبَّاسَ رَضِيَ اللهُ عنه استأذَنَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يبيتَ بمكَّةَ لياليَ مِنًى؛ من أجلِ سقايَتِه؛ فأذِنَ له
    2- حديث عاصم بن عدي رضي الله عنه: رخَّصَ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِرِعاءِ الإبِلِ في البيتوتةِ: أن يَرْمُوا يومَ النَّحرِ
    المطلب الخامس: حُكْمُ المبيتِ خارِجَ مِنًى بسببِ أعذارٍ أخرى غيرِ سِقايَةِ الحجيجِ ورَعْيِ الإبِلِ
    يجوزُ المبيتُ خارجَ مِنًى، لِمَن كان له عذرٌ آخَرُ غيرُ السِّقايةِ والرَّعيِ، وتسقُطُ عنه الفديةُ، والإثمُ، وذهب إلى ذلك الشَّافعيَّة، وبعضُ
    الحَنابِلَة، وهو اختيارُ ابنِ باز، وابنِ عُثيمين؛ وذلك لأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رخَّصَ لأصحابِ سِقايةِ الحَجيجِ، ورُعاةِ الإبلِ؛ تنبيهًا على غيرِهم، فوجَبَ إلحاقُهم بهم لوجودِ المعنى فيهم
    المطلب السادس: حُكْمُ المبيتِ بمِنًى لِمَن لم يجِدْ مكانًا مناسِبًا فيها
    اختلف أهلُ العِلمِ في حُكْمِ من لم يجِدْ مكانًا مناسِبًا للمبيتِ في مِنًى، على قولينِ:
    القول الأوّل: يجِبُ عليه أن يبيتَ في أقرَبِ مكانٍ يلي مِنًى، وهو قولُ ابنِ عُثيمين
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    1- قوله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة: 286]
    2- قوله سبحانه: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج: 78]
    ثانيًا: قياسًا لامتلاءِ مِنًى على امتلاءِ المسجِدِ؛ فإنَّ المسجِدَ إذا امتلأ وجَبَ على النَّاسِ أن يُصَلُّوا حَولَه لتتَّصِلَ الصُّفوفُ، حتى يكُونوا جماعةً واحدةً، والمبيتُ نظيرُ هذا
    ثالثًا: المقصودُ مِنَ المبيتِ أن يكون النَّاسُ مُجتمعينَ أمَّةً واحدةً، فالواجِبُ أن يكونَ الإنسانُ عند آخِرِ خيمةٍ حتى يكونَ مع الحجيجِ
    القول الثاني: له أن يبيتَ خارِجَ مِنًى في مزدلفةَ أو العزيزيَّةِ أو غيرِهما، ولا شيءَ عليه،
    وهو قولُ ابنِ باز
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    قولُه تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16]
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
    قولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا أمرْتُكم بأمرٍ فأْتُوا منه ما استطَعْتُم ))
    والحاجُّ إذا اجتهَدَ في التماسِ مكانٍ في مِنًى ليبيتَ فيه لياليَ مِنًى فلم يجِدْ شيئًا؛ فلا حَرَجَ عليه أن ينزِلَ في خارِجِها
    : ::::::: ذِكْرُ اللهِ عزَّ وجلَّ في أيَّام مِنًى ::::::::
    يُسنُّ ذِكْرُ اللهِ عزَّ وجلَّ في أيَّام مِنًى.
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن نُبَيشةَ الهُذَليِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أيَّام التَّشْريق أيَّام أكلٍ وشُربٍ وذِكْرٍ للهِ عَزَّ وجَلَّ ))

    ::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
    ***** رَمْيُ الجِمارِ أيَّام التَّشْريق *****

    يَرمي الحاجُّ في أيَّام التَّشْريق: الجمرةَ الصُّغرى، ثمَّ الجَمرةَ الوُسطى، ثمَّ الجمرةَ الكُبرى، كلَّ جمْرةٍ بسبعِ حَصَياتٍ،
    وذلك في اليومِ الحاديَ عَشَرَ، واليومِ الثاني عَشَر، واليومِ الثالثَ عَشَر.
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
    1- عن جابِرِ بنِ عبدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((رمى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الجمرةَ يومَ النَّحرِ ضُحًى،
    وأمَّا بعدُ فإذا زالَتِ الشَّمسُ ))
    2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((أفاضَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن آخِرِ يَومِه حين صلَّى الظُّهرَ، ثمَّ رجعَ إلى مِنًى فمَكَثَ بها لياليَ أيَّام التَّشْريق، يرمي الجَمرةَ إذا زالَتِ الشَّمسُ،كلَّ جمرةٍ بسَبْعِ حَصَياتٍ، يُكَبِّرُ مع كلِّ حَصاةٍ، ويقِفُ عند الأولى والثانية فيُطيلُ القيامَ ويتضَرَّعُ، ويرمي الثالثةَ ولا يقِفُ عِندَها ))
    ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ عَبدِ البَرِّ، وابنُ رُشدٍ
    :::::: وقتُ الرَّميِ في أيَّام التَّشْريق ::::::
    المطلب الأول: أوَّلُ وقْتِ الرَّميِ في أيَّام التَّشْريق
    لا يصِحُّ الرَّميُ في أيَّام التَّشْريق قبل زوالِ الشَّمسِ، وهذا باتفاق المذاهب الفقية الأربعة: الحنفية، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
    1- عن جابرِ بنِ عبدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((رمى رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم الجمرةَ يومَ النَّحرِ ضُحًى، وأمَّا بعدُ فإذا زالت الشَّمسُ ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ في الرميِ قبل الزَّوالِ مخالفةً لفِعْلِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الثَّابتِ عنه، والذي اعتُضِدَ بقوله: ((لِتَأخُذوا مناسِكَكم ))، كما أنَّ فِعلَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في المناسِكِ وقَعَ بيانًا لمُجمَلِ الكتابِ، فيكون واجبًا، فلا يخرُجُ عن ذلك إلَّا بدليلٍ
    2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((أفاض رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن آخِرِ يومِه حين صلَّى الظُّهرَ، ثم رجَعَ إلى مِنًى فمكَثَ بها لياليَ أيَّام التَّشْريق، يرمي الجمرةَ إذا زالتِ الشَّمسُ، كُلَّ جمرةٍ بسَبْعِ حَصَياتٍ، يكَبِّرُ مع كلِّ حصاةٍ، ويقِفُ عند الأولى والثَّانيةِ فيطيلُ القِيامَ ويتَضَرَّعُ، ويرمي الثالثةَ ولا يقِفُ عندها ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ هذا يدلُّ على أنَّ النبيَّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ كان يرتقِبُ الزَّوالَ ارتقابًا تامًّا، فبادَرَ مِن حينِ زالتِ الشَّمسُ قبل أن يصَلِّيَ الظُّهرَ
    3- عن وَبْرةَ، قال: سألتُ ابنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: (متى أرمي الجِمارَ؟ قال: إذا رمى إمامَك، فارْمِهْ، فأعَدْتُ عليه المسألةَ، قال: كنَّا نتحيَّنُ فإذا زالتِ الشَّمسُ رَمَيْنا)
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه أعلَمَ السَّائِلَ بما كانوا يفعلونَه في زمَنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأنَّهم كانوا يتحَيَّنونَ ذلك؛ مِمَّا يدُلُّ على تحتُّمِه ولُزُومِه

    ثانيًا: عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما كان يقول: (لا تُرمَى الجِمارُ في الأيَّام الثَّلاثةِ حتى تزولَ الشَّمسُ)
    ثالثًا: أنَّه لو كان الرَّميُ جائزًا قبل زوالِ الشَّمسِ، لفَعَلَه النبيُّ عليه الصَّلاة والسَّلام؛ لِمَا فيه مِنْ فِعْلِ العبادةِ في أوَّلِ وَقْتِها، ولِمَا فيه من التيسيرِ على العبادِ؛ فإنَّ الرَّميَ في الصَّباحِ أيسَرُ على الأمَّةِ؛ لأنَّه بعدَ الزَّوالِ يشتَدُّ الحَرُّ، ويشُقُّ على النَّاسِ، فلا يمكِنُ أن يختارَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الأشَدَّ ويدَعَ الأخَفَّ؛ فإنَّه ما خُيِّرَ بين شَيئينِ إلَّا اختارَ أيسَرَهما ما لم يكُنْ إثمًا

    رابعًا: أنَّ هذا بابٌ لا يُعرَفُ بالقياسِ، بل بالتوقيتِ مِنَ الشَّارِعِ، فلا يجوزُ العُدولُ عنه
    خامسًا: أنَّه كما لا يُجزِئُ فِعلُ الرَّميِ في غيرِ المكانِ الذي رمى فيه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ؛ فإنَّه لا يُجزِئُ كذلك في غيرِ الوَقتِ الذي فعلَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
    المطلب الثاني: تأخيرُ الرَّميِ
    يصِحُّ تأخيرُ رميِ كُلِّ يومٍ إلى اليومِ الثَّاني، إذا دعَتِ الحاجةُ إلى ذلك، وكذا تأخيرُ الرَّميِ كُلِّه إلى اليومِ الثَّالِثَ عَشَر،
    ويرميه مُرَتَّبًا: رَمْيُ اليومِ الأوَّلِ، ثم رَمْيُ اليومِ الثَّاني، وهكذا، وهذا مَذهَب الشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، واختارَه الشنقيطيُّ، وابنُ باز
    وابنُ عُثيمين
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
    عن عاصِمِ بنِ عَدِيٍّ العجلانيِّ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رخَّصَ لِرِعاءِ الإبِلِ، أن يرموا يومًا، ويَدَعُوا يومًا)) وفي لفظٍ: ((رَخَّصَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِرِعاءِ الإبِلِ في البيتوتةِ خارجين عن مِنًى: يرمونَ يومَ النَّحرِ، ثمَّ يرمونَ الغد، ومِنْ بعدِ الغد ليَومينِ، ثم يرمونَ يومَ النَّفْرِ ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ إذْنَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في فِعْلِها في وقتٍ؛ دليلٌ على أنَّ ذلك الوقتَ مِن أجزاءِ وقتِ تلك العبادةِ الموقَّتةِ; لأنَّه ليس من المعقولِ أن تكونَ هذه العبادةُ مُوقَّتةً بوقتٍ مُعَيَّنٍ ينتهي بالإجماعِ في وقتٍ معروفٍ، ويأذَنَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في فِعْلِها في زمنٍ ليس مِن أجزاءِ وَقْتِها المُعَيَّنِ لها

    ثانيًا: أنَّ أيَّام التَّشْريق كُلَّها وقتٌ للرَّميِ، فإذا أخَّرَه عن أوَّلِ وَقْتِه إلى آخِرِه، أجزَأَه، كتأخيرِ الوقوفِ بعَرَفةَ إلى آخِرِ وقتِه
    ثالثًا: أنَّه لو كانت بقيَّةُ الأيَّام غيرَ صالحةٍ للرَّميِ؛ لم يفتَرِقِ الحالُ فيها بين المعذورِ وغيرِه، كما في الوقوفِ بعَرَفةَ والمبيتِ بمزدلِفةَ
    رابعًا: القياسُ على الصَّلاةِ؛ فإنَّ فِعْلَها في آخِرِ وَقْتِها الضَّروريِّ هو أداءٌ، أمَّا القضاءُ في اصطلاحِ الفُقهاءِ والأصوليِّينَ:
    فإنَّه لا يُطلَقُ إلَّا على ما فات وقتُه بالكلِّيَّةِ
    المطلب الثالث: نهايةُ وقتِ الرَّميِ:
    ينتهي وقتُ الرَّميِ أداءً وقضاءً بغروبِ شَمسِ آخِرِ يومٍ مِن أيَّام التَّشْريق.
    الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ عَبدِ البَرِّ، وابنُ رُشدٍ، والنوويُّ، والقرطبيُّ، وابنُ تيميَّة، وحكاه أبو العبَّاسِ السروجيُّ عن الأئمَّةِ
    ------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا نرتع في رياض مناسك الحج والعمره تابعونا جزاكم الله خيرا

    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5188
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    عاشراً : .  الحَلقُ والتَّقصيرُ -  طوافُ الإفاضةِ - التحلُّل الأوَّل - أيَّام التَّشْريق - رَمْيُ الجِمارِ  -                                                                                                                                                   Empty طوافُ الوَداعِ

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين مايو 22, 2023 10:37 am

    :::::::: طوافُ الوَداعِ ::::::::::

    : أسماؤُه وسببُ تَسمِيَتِه
    أولًا: أسماءُ طَوافِ الوَداعِ
    1- طوافُ الوَداعِ.
    2- طوافُ الصَّدَرِ.
    3- طوافُ آخِرِ العَهدِ
    ثانيا: سببُ التَّسمِيَةِ
    سُمِّيَ طوافَ الوداعِ؛ لأنَّه يُودَّعُ به البيتُ، وسُمِّيَ بطوافِ الصَّدَرِ؛ لأنَّه يُصدَرُ به عن البيتِ

    #cc3399]]حُكْمُ طوافِ الوَداعِ للحاجِّ والمُعتَمرِ

    : حُكْمُ طوافِ الوداعِ للحاجِّ
    طَوافُ الوَداعِ واجِبٌ عند الانتهاءِ مِنَ النُّسُكِ، وقبل الخروجِ مِنْ مَكَّةَ، وهذا مذهَبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة
    ، والشَّافعيَّة في الأظهَرِ، والحَنابِلَة
    الأدلَّة مِنَ السُّنَّة:
    1- عن ابنِ عبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((أُمِرَ النَّاسُ أن يكونَ آخِرُ عَهْدِهم بالبيتِ، إلَّا أنَّه خُفِّفَ عن الحائِضِ ))
    2- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: كان النَّاسُ ينصرفون في كلِّ وجهٍ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا ينفَرِنَّ أحدٌ حتى يكون آخِرُ عهدِه بالبيتِ ))
    : حُكْمُ طوافِ الوداعِ للمُعتَمِر
    طوافُ الوداعِ للمعتَمِرِ ليس بواجبٍ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّة في المشهورِ، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة؛ وذلك لأنَّه لم يُحفَظْ عن النبيِّ عليه الصَّلاة والسَّلام أنَّه طاف طوافَ الوداعِ بعد عُمَرِه

    شُروطُ طَوافِ الوداعِ

    : أن يكونَ مِنْ أهْلِ الآفاقِ
    يُشتَرَط أن يكونَ الحاجُّ مِن أهلِ الآفاقِ، فلا يجِبُ على المكِّيِّ، ومَن نوى الإقامةَ بمكَّةَ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّةِ
    ، والمالكيَّةِ، والشَّافعيَّةِ، والحَنابِلَة
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: لأنَّ الطَّوافَ وجبَ توديعًا للبيتِ، وهذا المعنى لا يُوجَدُ في أهلِ مكَّة؛ لأنَّهم في وطَنِهم
    ثانيًا: ولم يجِبْ على مَن نوى الإقامةَ؛ لأنَّ الوداعَ مِنَ المُفارِقِ، لا مِنَ المُلازِمِ
    : الطَّهارةُ مِنَ الحيضِ والنِّفاسِ
    يُشتَرَط الطَّهارةُ مِنَ الحيضِ والنِّفاسِ؛ فلا يجِبُ طوافُ الوداعِ على الحائِضِ والنُّفَساءِ، ولا يجِبُ عليهما دمٌ بتَرْكِه،
    وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قول عامة أهل العلم
    الأدلَّة مِنَ السُّنَّة:
    1- عَنِ ابنِ عبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((أُمِرَ النَّاسُ أن يكون آخرُ عهدِهم بالبيتِ إلَّا أنَّه خُفِّفَ عن الحائِضِ ))
    2- حديثُ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ صفيَّةَ بنتَ حُيَيٍّ- زوجَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- حاضت في حجَّةِ الوداعِ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أحابِسَتُنا هي؟ فقلتُ: إنَّها قد أفاضَتْ يا رسولَ اللهِ وطافت بالبيتِ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فلْتَنْفِرْ ))
    فرعٌ: طهارةُ الحائِضِ والنُّفَساءِ قبلَ مُفارَقَةِ البُنيانِ
    إذا طَهُرَتِ الحائِضُ أو النُّفَساءُ بعد أن نَفَرَتْ وقبل مفارقةِ بُنيانِ مكَّةَ؛ فإنَّه يلزَمُها الرُّجوعُ، أمَّا إذا تجاوزَتْ مكَّةَ فلا يلزَمُها الرُّجوعُ، وهو مذهَبُ الحَنَفيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
    1- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((أُمِرَ النَّاسُ أن يكونَ آخِرُ عَهْدِهم بالبيتِ، إلَّا أنَّه خُفِّفَ عن الحائِضِ ))
    2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((حاضَتْ صَفِيَّةُ بنتُ حُيَيٍّ بعد ما أفاضَتْ، قالت عائشةُ: فذَكَرْتُ حَيضَتَها لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أحابِسَتُنا هي؟ قالت: فقلْتُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّها قد كانت أفاضَتْ وطافَتْ بالبيتِ، ثم حاضَتْ بعد الإفاضةِ. فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فلْتَنْفِرْ ))
    ثانيًا: أنَّها إذا طهُرَتْ قبل مفارقةِ البُنيانِ، ترجِعُ وتغتَسِلُ وتودِّعُ؛ لأنَّها في حكمِ الإقامةِ، بدليلِ أنَّها لا تَستبيحُ الرُّخَصَ، أمَّا إن فارقَتِ البُنيانَ لم يجِبْ عليها الرُّجوعُ لِخُروجِها عن حُكْمِ الحاضِرِ
    : وقتُ طوافِ الوداعِ:
    وقتُ طوافِ الوداعِ هو بعد فراغِ المرءِ مِنْ جميعِ أمورِه؛ ليكونَ آخِرَ عهدِه بالبيتِ، وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ: المالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا ينفرنَّ أحدٌ حتى يكون آخِرُ عهدِه بالبيتِ ))
    فرعٌ: حُكمُ الانشغالِ بعد طوافِ الوَداعِ
    يُغتَفَرُ له أن يشتَغِلَ بعد طوافِ الوداعِ بأسبابِ السَّفَرِ، كشراءِ الزَّادِ، وحَمْلِ الأمتعةِ، أو انتظارِ رُفقةٍ ونحو ذلك، ولا يُعيده، وهذا مذهَبُ الجُمْهورِ: المالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
    عن أمِّ سَلَمةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((شَكَوتُ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنِّي أشتكِي، قال: طوفِي مِن وراءِ النَّاسِ وأنت راكبةٌ، فطُفْتُ، ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يصلِّي إلى جَنْبِ البيتِ، يقرأُ بالطُّورِ وكتابٍ مسطورٍ ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلامُ صلَّى الفجرَ، وكان قد طاف للوداعِ قبل ذلك، ولم يكُنْ ذلك مُبطِلًا لوداعِه، فدلَّ أنَّ ما كان مثلَ ذلك
    لا يقطَعُ طوافَ الوداعِ
    ثانيًا: أنَّ ما كان مثلَ ذلك، ليس بإقامةٍ حتى يقطَعَ طوافَ الوداعِ
    : إجزاءُ طَوافِ الإفاضةِ عن طوافِ الوَداعِ، إذا كان عند الخروجِ
    يُجْزِئُ طوافُ الإفاضةِ عن طوافِ الوداعِ، إذا جعَلَه الإنسانُ عند خروجِه، وهذا مذهَبُ المالكيَّة، والحَنابِلَة، ونُسِبَ إلى جُمهورِ الفُقهاءِ، واختارَه ابنُ باز وابنُ عُثيمين
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: أنَّ طَوافَ الوَداعِ ليس مقصودًا لِذَاتِه، بل ليكونَ آخِرَ عَهْدِه مِنَ البيتِ الطَّوافُ، وقد حصَلَ بطوافِ الإفاضةِ،
    فيكون مُجْزئًا عن طوافِ الوداعِ
    ثانيًا: أنَّ ما شُرِعَ لتحيَّةِ المسجِدِ أجزأَ عنه الواجِبُ مِن جِنْسِه، كتحيَّةِ المسجِدِ بركعتينِ تُجْزِئُ عنهما المكتوبةُ
    -----------------------

    النِّيابةُ عن الحَيِّ في الحج
    : النيابةُ في الفَرضِ عن القادِرِ
    القادِرُ على الحجِّ لا يجوزُ أن يَستَنيبَ مَن يحُجُّ عنه حجَّةَ الفريضةِ
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    قال اللهُ تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران: 97]
    ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ المُنذِرِ، وابنُ قُدامة، وابنُ حَجَرٍ
    ثالثًا: أنَّ على القادِرِ الحَجَّ ببَدَنِه، فلا يَنتَقِلُ الفَرضُ إلى غيره إلَّا فيما ورَدَتْ فيه الرُّخصةُ، وهو: إذا عجَزَ عنه، أو كان مَيِّتًا،
    وبَقِيَ فيما سواهما على الأصلِ، فلا تجوزُ النِّيابةُ عنه فيه
    : النيابةُ في الفَرْضِ عن غيرِ القادِرِ:
    يجِبُ على من أعجَزَه كِبَرٌ، أو مَرَضٌ لا يُرجى بُرْؤُه أن يُقيمَ من يحُجُّ عنه؛ إن كان له مالٌ، وهذا مَذهَبُ الشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو روايةٌ عن أبي حنيفةَ، وقولُ صاحِبَيه، وقولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ، واختارَه الكمالُ ابنُ الهُمامِ، وابنُ حزمٍ، وابنُ باز، وابنُ عُثيمين
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    قال الله تعالى:وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران: 97]
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    دلَّتِ الآيةُ على أنَّ مَنِ استطاعَ الحَجَّ ببَدَنِه ومالِه؛ فقد وجَبَ الحجُّ في حقِّه، فإن كان عاجزًا عن الحجِّ ببَدَنِه، مستطيعًا بمالِه،
    فإنَّه يلزَمُه أن يقيمَ غيرَه مَقامَه
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
    عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ، أنَّه قال: ((كان الفضلُ بنُ عبَّاسٍ رديفَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم، فجاءتْه امرأةٌ مِن خَثعَم تستَفتيه، فجعل الفَضلُ ينظُرُ إليها وتنظُرُ إليه، فجعل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يصرِفُ وَجهَ الفَضلِ إلى الشِّقِّ الآخَرِ،
    قالت: يا رسولَ اللهِ، إنَّ فريضةَ اللهِ على عبادِه في الحَجِّ، أدرَكَت أبي شيخًا كبيرًا لا يستطيعُ أن يثبُتَ على الرَّاحلةِ، أفأحُجُّ عنه؟ قال: نعم، وذلك في حجَّةِ الوداعِ ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أقرَّ المرأةَ على وَصْفِ الحجِّ عن أبيها بأنَّه فريضةٌ، مع عَجزِه عنه ببَدَنِه، ولو لم يجِبْ عليه لم يُقِرَّها الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لأنَّه لا يُمكِنُ أن يُقِرَّ على خطأٍ، فدلَّ على أنَّ العاجِزَ ببَدَنِه القادِرَ بمالِه؛ يجب عليه أن يُنيبَ
    ثالثًا: أنَّ هذه عبادةٌ تَجِبُ بإفسادِها الكفَّارةُ، فجاز أن يقومَ غيرُ فِعْلِه فيها مَقامَ فِعْلِه، كالصَّومِ إذا عَجَزَ عنه افتدى
    : إذا استنابَ للفريضةِ ثمَّ بَرِئَ:
    مَنِ استناب للحَجِّ ثم بَرِئَ قبل المَوتِ، فلِأهْلِ العِلْمِ فيه قولانِ:
    القول الأوّل: مَنِ استناب للحَجِّ ثم بَرِئَ قبل المَوتِ يُجْزِئُ عنه، ويَسقُطُ عنه الفَرْضُ،
    وهذا مذهَبُ الحَنابِلَة، والظَّاهِريَّة، وبه قال إسحاقُ بنُ رَاهَوَيه
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: أنَّ المُنيبَ أتى بما أُمِرَ به مِن إقامَةِ غيرِه مَقامَه، ومَن أتى بما أُمِرَ به بَرِئَتْ ذِمَّتُه، وخرجَ مِن العُهدةِ، كما لو لم يَبْرَأ
    ثانيًا: أنَّه فَعَلَ عبادةً في وقتِ وُجوبِها يَظُنُّ أنَّها الواجبةُ عليه، فتُجْزِئُه، ولو تبَيَّنَ بعد ذلك أنَّ الواجِبَ كان غيرَها
    ثالثًا: أنَّ إيجابَ الحجِّ عليه يُفضي إلى إيجابِ حَجَّتينِ عليه، ولم يوجِبِ اللهُ عليه إلَّا حجَّةً واحدةً
    رابعًا: القياسُ على المتمَتِّعِ إذا شَرَعَ في الصَّومِ ثم قَدَرَ على الهَديِ؛ فإنَّه يُجْزِئ عنه
    القول الثاني: لا يُجْزِئُه عن حَجِّ الفريضةِ، وعليه الحجُّ بنَفْسِه، وهذا مذهَبُ الحَنَفيَّة، والشَّافعيَّة في الأصَحِّ، واختارَه ابنُ المنذِرِ
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: أنَّ هذا الحجَّ بدَلُ إياسٍ، فإذا بَرَأَ تَبَيَّنَ أنَّه لم يكن مأيوسًا منه، فلَزِمَه الأصلُ
    ثانيًا: قياسًا على الآيِسَةِ من الحيضِ إذا اعتَدَّتْ بالشُّهورِ ثم حاضَتْ، لا يُجْزِئُها تلك العِدَّةُ
    ثالثًا: أنَّ جوازَ الحَجِّ عن الغَيرِ ثَبَتَ بخلافِ القياسِ؛ لضرورةِ العجزِ الذي لا يُرجَى زَوالُه، فيتقيَّدُ الجوازُ به

    :::::::::: النِّيابةُ عَنِ المَيِّتِ ::::::::::
    : من مات وعليه حجٌّ واجِبٌ
    من مات وعليه حجٌّ واجبٌ، بقِيَ الحجُّ في ذِمَّتِه، ووَجَبَ الحجُّ عنه مِن رأسِ مالِه
    ، سواءٌ أوصى به أم لا، وهذا مذهَبُ الشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، والظَّاهِريَّةِ، وقالت به طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ واختارَه الشنقيطيُّ، وابنُ باز
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    قال اللهُ تعالى في المواريثِ: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء: 11]
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه عمَّ في الآيةِ الدُّيونَ كُلَّها، ومن مات وبَقِيَ حجٌّ في ذِمَّتِه؛ فإنَّه دَينٌ عليه، يجِبُ قضاؤُه عنه مِن مالِه قبل قِسمَةِ التَّرِكةِ
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
    1- عن عبدِ اللهِ بنِ بُريدةَ، عن أبيه رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((بَينا أنا جالِسٌ عند رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، إذ أتَتْه امرأةٌ، فقالت: إنِّي تصَدَّقْتُ على أمِّي بجاريةٍ، وإنَّها ماتَتْ، قال: فقال: وجَبَ أجرُكِ، ورَدَّها عليكِ الميراثُ، قالت: يا رسولَ اللهِ، إنَّه كان عليها صَومُ شَهْرٍ، أفأصومُ عنها؟ قال: صُومِي عنها، قالت: إنَّها لم تحُجَّ قَطُّ، أفأحُجُّ عنها؟ قال: حُجِّي عنها ))
    2- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ امرأةً مِن جُهينةَ جاءت إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالت: إنَّ أمِّي نذَرَتْ أن تحُجَّ، فلم تحُجَّ حتى ماتتْ، أفأحُجُّ عنها؟ قال: نعم، حُجِّي عنها، أرأيتِ لو كان على أمِّكِ دَينٌ أكنتِ قاضِيَتَه؟ اقضُوا اللهَ؛ فاللهُ أحقُّ بالوفاءِ
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ هذا الحديثَ وإن كان في نَذرِ الحَجِّ، إلَّا أنَّه يدلُّ على فريضةِ الحَجِّ مِن بابِ أَوْلى؛ لأنَّ وُجوبَ حَجِّ الفريضةِ أعظَمُ مِن وجوبِ الحَجِّ بالنَّذرِ، كما أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شبَّهَها بدَينِ الآدميِّ، والدَّينُ لا يسقُطُ بالموتِ، فوَجَبَ أن يتساوَيَا في الحُكْمِ
    ثالثًا: مِنَ الآثارِ
    عن ابنِ عبَّاسٍ قال: ((جاءت امرأةٌ إلى ابنِ عَبَّاسٍ، فقالت : إنَّ أمِّي ماتت وعليها حَجَّةٌ، فأقضيها عنها؟ فقال ابنُ عبَّاسٍ: هل كان على أمِّكِ دَينٌ؟ قالت: نعم. قال: فكيف صنعْتِ؟ قالت : قضيتُه عنها. قال ابنُ عبَّاسٍ: فاللهُ خَيرُ غُرَمائِك ))
    رابعًا: أنَّه حقٌّ تدخُلُه النِّيابةُ، لَزِمَه في حالِ الحياةِ، فلم يسقُطْ بالموتِ، كدَينِ الآدَميِّ
    : التبرُّعُ بالحَجِّ عن المَيِّتِ
    يجوزُ التبَرُّعُ بالحجِّ عن الميِّتِ، سواءٌ مِنَ الوارِثِ أو مِنَ الأجنبيِّ، وسواءٌ أذِنَ له الوارِثُ أم لا، وهو مذهَبُ الشَّافعيَّة، والحَنابِلَة واختيارُ ابنِ باز
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
    عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((أتى رجلٌ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال له: إنَّ أختي نذَرَتْ أن تحُجَّ، وإنَّها ماتتْ؟ فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لو كان عليها دينٌ أكُنتَ قاضِيَه؟ قال: نعم، قال: فاقْضِ اللهَ؛ فهو أحقُّ بالقَضاءِ ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    تَشبيهُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم له بالدَّينِ، ثمَّ إنَّه لم يستفْصِلْه أهو وارِثُها أم لا؟ فدلَّ على صِحَّةِ الحجِّ عن الميِّتِ، وقد تقَرَّرَ في الأصولِ: أنَّ عدمَ الاستفصالِ مِنَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُنَزَّلُ منزلةَ العُمومِ القوليِّ
    ثانيًا: القياسُ على جوازِ أن يتبَرَّعَ بقضاءِ دَينِه بغيرِ إذْنِ الوارِثِ، ويبرَأ الميِّتُ به
    ثالثًا: القياسُ على صِحَّةِ الصَّدقةِ عنه

    :::::::::: النِّيابةُ في حَجِّ النَّفْلِ ::::::::::

    اختلف أهلُ العِلْمِ في مشروعيَّةِ النِّيابةِ في حَجِّ النَّفلِ على أقوالٍ؛ أقْواها قولانِ:
    القول الأوّل: لا تجوزُ الاستنابةُ في حجِّ النَّفْلِ إلَّا عن المَيِّتِ والحيِّ المعضوبِ
    ، وهذا مَذهَبُ الشَّافعيَّةِ على الأصَحِّ، وهو روايةٌ عن أحمدَ، واختارَه الشنقيطيُّ، وابنُ باز
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
    1- عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ أنه قال: ((كان الفَضلُ بنُ عبَّاسٍ رَديفَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. فجاءته امرأةٌ مِن خَثعَم تَستَفتيه، فجعَلَ الفَضلُ ينظُرُ إليها وتنظُرُ إليه، فجعَلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَصرِفُ وَجهَ الفَضلِ إلى الشِّقِّ الآخَرِ. قالت: يا رسولَ اللهِ، إنَّ فريضةَ اللهِ على عبادِه في الحجِّ أدرَكَت أبي شيخًا كبيرًا لا يستطيعُ أن يثبُتَ على الرَّاحلةِ، أفأحُجُّ عنه؟ قال: نعم. وذلك في حجَّةِ الوداعِ ))
    2- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ امرأةً مِن جُهَينةَ جاءت إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالت: إنَّ أمِّي نذَرَتْ أن تحُجَّ فلم تحجَّ حتى ماتت، أفأحُجُّ عنها؟ قال: نعم، حُجِّي عنها، أرأيتِ لو كان على أمِّكِ دَينٌ أكنتِ قاضِيَتَه؟ اقْضُوا اللهَ؛ فاللهُ أحَقُّ بالوفاءِ
    وَجهُ الدَّلالةِ مِنَ الحَديثينِ:
    أنَّ النِّيابةَ في الحَجِّ إنَّما شُرِعَتْ للمَيِّتِ أو العاجِزِ عن الحَجِّ، فما ثبَتَ في الفرْضِ ثبَتَ في النَّفْلِ
    ثانيًا: أنَّه يُتوسَّعُ في النَّفْلِ ما لا يُتوسَّعُ في الفَرْضِ، فإذا جازت النِّيابةُ في الفَرْضِ، فَلَأنْ تَجوزَ في النَّفْلِ أَوْلى
    ثالثًا: أنَّها حَجَّةٌ لا تلزَمُه بنَفْسِه، فجاز أن يَستنيبَ فيها
    رابعًا: أنَّ حَجَّ النَّفلِ لم يجِبْ عليه ببَدَنِه ولا بمالِه، فإذا كان له تَرْكُهما كان له أن يتحَمَّلَ إحدى المشَقَّتينِ؛ تقربًا إلى رَبِّه عزَّ وجَلَّ
    خامسًا: أنَّ النَّفْلَ كالفَرْضِ، فلم يَجُزْ أن يستنيبَ فيه القادِرُ على الحَجِّ بنَفْسِه
    القول الثاني: عدمُ الجوازِ مُطلقًا، وهذا قولٌ للمالكيَّة، وقولٌ عند الشَّافعيَّة، واختارَه ابنُ عُثيمين؛ وذلك لأنَّه إنما جازَ الاستنابةُ في الفَرْضِ للضَّرورةِ، ولا ضَرورةَ في غيرِه، فلم تَجُزِ الاستنابةُ فيه، كالصَّحيحِ

    :::::::::: ما يُشتَرَط في النَّائِبِ ::::::::::
    : أن يكون النَّائِبُ قد حجَّ عن نَفْسِه حجَّ الفريضةِ
    يُشتَرَط في النَّائِبِ
    أن يكون قد حَجَّ حَجَّةَ الإسلامِ عن نفسه أوَّلًا، وإلَّا كانت الحجَّةُ عن نفسِه، ولم تُجْزِئْ عن الأصيلِ، وهذا مذهَبُ الشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ، واختارَه الشنقيطيُّ، وبه صدرت فتوى اللَّجنةِ الدَّائمةِ
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
    عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَمِعَ رجلًا يقول: لبَّيْكَ عن شُبْرُمةَ. قال: مَن شُبْرُمةُ؟ قال: أخٌ لي، أو قريبٌ لي. قال: حجَجْتَ عن نفسِك؟ قال: لا. قال: حُجَّ عن نَفسِك، ثم حُجَّ عن شُبْرُمةَ))، وفي بعض ألفاظِ الحديثِ: ((هذه عنك، ثم حُجَّ عن شُبْرُمةَ))
    ثانيًا: أنَّ النَّظَر يقتضي أن يُقَدِّمَ الإنسانُ نَفسَه على غيرِه؛ لعمومِ قَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ابدأْ بنَفسِك))، ونفسُك أحقُّ مِن غَيرِك
    مسألة: نيابةُ المرأةِ في الحَجِّ
    تجوز النيابة في الحج سواء كان النائب رجلًا أو امرأة، وذلك باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، وهو قول عامة أهل العلم، وحُكي الإجماع على ذلك
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أنَّه جاءَتْه امرأةٌ مِن خَثْعَم تَسْتَفتيه، قالت: يا رسولَ الله، إنَّ فريضةَ اللهِ على عباده في الحجِّ؛ أدركَتْ أبي شيخًا كبيرًا لا يستطيعُ أن يثبُتَ على الرَّاحلةِ، أفأحُجُّ عنه؟ قال: نعم ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه أذِنَ للمرأةِ أن تحُجَّ عن أبيها، مع أنَّ إحرامَ الرَّجُلِ أكمَلُ مِن إحرامِ المرأةِ

    :::::::::: الاستئجارُ على الحَجِّ ::::::::::

    يجوزُ الاستئجارُ على الحَجِّ، وهو مذهَبُ المالكيَّةِ
    ، والشَّافعيَّةِ، وروايةٌ عن أحمَدَ، واختارَه ابنُ باز وابنُ عُثيمين
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
    1- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أنَّه قال: ((إنَّ أحَقَّ ما أخَذْتُم عليه أجرًا كتابُ اللهِ ))
    2- عن أبي سعيدٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رهطًا من أصحابِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم انطَلَقوا في سَفْرةٍ سافَرُوها، حتى نَزَلوا بحيٍّ مِن أحياءِ العَرَبِ، فاستضافوهم فأبَوْا أن يُضَيِّفوهم، فلُدِغَ سَيِّدُ ذلك الحيِّ، فسَعَوْا له بكلِّ شيءٍ، لا ينفَعُه شيءٌ،
    فقال بعضُهم: لو أتيتُم هؤلاءِ الرَّهْطَ الذين قد نَزَلوا بكم؛ لعَلَّه أن يكون عند بعضِهم شيءٌ، فأتَوْهم،
    فقالوا: يا أيُّها الرَّهْطُ، إنَّ سَيِّدَنا لُدِغَ، فسَعَيْنا له بكلِّ شيءٍ، لا ينفَعُه شيءٌ، فهل عند أحدٍ منكم شيءٌ؟ فقال بعضُهم: نعم،
    واللهِ إنِّي لراقٍ، ولكِنْ، واللهِ لقد استَضَفْناكم فلم تُضَيِّفونا، فما أنا براقٍ لكم حتى تَجْعَلوا لنا جُعْلًا، فصَالَحُوهم على قطيعٍ مِنَ الغَنَمِ، فانطلَقَ فجَعَلَ يتْفِلُ ويقرَأُ: الحَمْدُ للهِ رَبِّ العالَمِينَ، حتَّى لَكأنَّما نُشِطَ مِن عِقالٍ، فانطلَقَ يمشي ما به قَلَبَةٌ،
    قال: فأَوْفَوْهُم جُعْلَهم الذي صالَحُوهم عليه، فقال بعضُهم: اقْسِمُوا، فقال الذي رَقَى: لا تَفْعَلوا حتى نأتيَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فنذكُرَ له الذي كان، فننظُرَ ما يأمُرُنا، فقَدِمُوا على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فذَكَروا له،
    فقال: وما يُدريكَ أنهَّا رُقيةٌ؟ أَصَبْتُم، اقْسِمُوا واضْرِبُوا لي معكم بِسَهْمٍ ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ أصحابَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخَذوا الجُعْلَ على الرُّقيةِ بكتابِ اللهِ، وأخبروا بذلك النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فصَوَّبهم فيه، فدلَّ على جوازِ مِثلِ ذلك، وأَوْلى منه القُرَبُ التي تدخُلُها النيابةُ كالحَجِّ والعُمرةِ
    ثانيًا:أنَّه يجوز أخذُ النَّفَقةِ على النِّيابةِ في الحجِّ، فجاز الاستئجارُ عليه، كبناءِ المساجِدِ والقناطِرِ
    ثالثًا: أنَّ عليه عَمَلَ النَّاسِ، ولا يَسَعُهم إلَّا القَولُ به؛ لأنَّ القَولَ بِمَنْعِه يُفضي إلى سَدِّ بابِ النيابةِ نهائيًّا؛ لندورِ النِّيابةِ على سبيل التبرُّع
    -----------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا تابعون جزاكم الله خيرا
    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5188
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    عاشراً : .  الحَلقُ والتَّقصيرُ -  طوافُ الإفاضةِ - التحلُّل الأوَّل - أيَّام التَّشْريق - رَمْيُ الجِمارِ  -                                                                                                                                                   Empty الفَواتُ

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين مايو 22, 2023 10:39 am

    :::::::::: الفَواتُ ::::::::::
    :: في تعريفِ الفَواتِ
    الفَواتُ لغةً: مَصدَرُ فاتَه يفُوتُه فوَاتًا وفَوْتًا، أي: ذهب عنه، وخرَجَ وقتُ فِعْلِه
    الفَواتُ اصطلاحًا: خروجُ العَمَلِ المطلوبِ شرعًا عن وقتِه المحَدَّدِ له شَرعًا
    :::::: فَواتُ الحجِّ
    مَن فاتَه الوقوفُ بعَرَفةَ حتى طلَعَ الفَجْرُ مِن يومِ النَّحرِ؛ فقد فاته الحجُّ.
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
    عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ يَعْمَرَ الدِّيليِّ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ ناسًا مِن أهْلِ نجدٍ أتَوْا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو بعَرَفةَ، فسألوه، فأمَرَ مناديًا فنادى: الحجُّ عَرَفةُ، من جاء ليلةَ جَمْعٍ قبلَ طُلوعِ الفَجرِ؛ فقد أدرَكَ الحَجَّ ))
    ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ المُنذِر، وابنُ عَبدِ البَرِّ، وابنُ قُدامة، والنوويُّ
    :::::: فَواتُ العُمرةِ
    العُمرةُ لا يُتصَوَّرُ فَواتُها باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة؛ وذلك لأنَّ جميعَ الزَّمانِ وقْتٌ لها
    :::::: كيفيَّةُ تحلُّلُ مَن فاتَه الحَجُّ
    مَن فاتَه الحجُّ لَزِمَه الطَّوافُ والسَّعيُ وحَلْقُ الرَّأسِ أو تقصيرُه، وبذلك يتحلَّلُ مِنَ الحجِّ، وهو باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة وقولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
    الدَّليل مِنَ السُّنَّة:
    عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّه قال:مَن لم يُدرِكْ عَرَفةَ حتى طلَعَ الفجْرُ؛ فقد فاتَه الحجُّ، فليأتِ البَيتَ فلْيَطُفْ به سبعًا، ولْيطَّوَّفْ بين الصَّفا والمروةِ سبعًا، ثمَّ لْيحلِقْ أو يقَصِّرْ إن شاء، وإن كان معه هديٌ فلْيَنْحَرْه قبل أن يحلِقَ، فإذا فرغَ مِن طوافِه وسَعْيِه فلْيَحلِقْ أو يقصِّرْ، ثم لْيَرجِعْ إلى أهله، فإن أدركَه الحجُّ مِن قابلٍ فليَحُجَّ إن استطاعَ، وليُهْدِ في حَجِّه، فإنْ لم يجِدْ هديًا فليَصُمْ ثلاثةَ أيَّامٍ في الحجِّ وسبعةً إذا رجَعَ إلى أهلِه))
    :::::::: حُكْمُ التحلُّلِ ::::::::
    اختلف العلماء في التحلل لمن فاته الحج إلى قولين:
    القول الأول: مَن فاتَه الحجُّ فله الخيارُ: إن شاء بَقِيَ على إحرامِه للعامِ القابِلِ، وإن شاء تحلَّلَ، والتحلُّلُ أفضَلُ، وهو مذهَبُ المالكيَّة، والحَنابِلَة، واختارَه ابنُ عُثيمين؛ وذلك لأنَّ تطاوُلَ المدَّةِ بين الإحرامِ وفِعلِ النُّسُكِ لا يمنَعُ إتمامَه، كالعُمرةِ، والمُحْرِمُ بالحجِّ في غيرِ أشهُرِه
    القول الثاني: أنَّ مَنْ فاتَه الحجُّ لزِمَه التحلُّلُ بعمَل عُمرة، وليس له أنْ يبقي على إحرامِه للعَامِ القابِل، وهو مذهبُ الحنفيَّة، والشَّافعيَّة، واختاره ابنُ المنذر
    الأدلة:

    أولًا: من الآثار
    1- عن ابن عمر أنه قال:من لم يدرك عرفة حتى طلع الفجر فقد فاته الحج فليأت البيت فليطف به سبعا وليطوف بين الصفا والمروة سبعا ثم ليحلق أو يقصر إن شاء وإن كان معه هدي فلينحره قبل أن يحلق فإذا فرغ من طوافه وسعيه فليحلق أو يقصر ثم ليرجع إلى أهله فإن أدركه الحج من قابل فليحجج إن استطاع وليهد في حجه فإن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله)
    2- عن سليمان بن يسار: (أن أبا أيوب الأنصاري خرج حاجا حتى إذا كان بالنازية من طريق مكة ضلت راحلته فقدم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوم النحر فذكر ذلك له فقال له عمر اصنع كما يصنع المعتمر ثم قد حللت فإذا أدركت الحج قابلا فاحجج وأهد ما استيسر من الهدي)
    3- وروى مالك أيضا في الموطأ بإسناده عن سليمان بن يسار: (أن هبار بن الأسود جاء يوم النحر وعمر بن الخطاب ينحر هديه فقال يا أمير المؤمنين أخطأنا العدة كنا نظن أن هذا اليوم يوم عرفة فقال له عمر اذهب إلى مكة فطف بالبيت أنت ومن معك واسعوا بين الصفا والمروة وانحروا هديا إن كان معكم ثم احلقوا أو قصروا ثم ارجعوا فإذا كان عام قابل فحجوا وأهدوا فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع)
    4- وعن الأسود قال (سألت عمر عن رجل فاته الحج قال يهل بعمرة وعليه الحج من قابل ثم سألت في العام المقبل زيد بن ثابت عنه فقال يهل بعمرة وعليه الحج من قابل)
    ثانيًا: لأن إحرام الحج يصير في غير أشهره فصار كالمحرم بالعبادة قبل وقتها
    ثالثًا: لأن استدامة الإحرام كابتدائه, وابتداؤه لا يصح فكذلك الاستدامة
    :::::::: ما يَلزَمُ مَن فاتَه الحَجُّ ::::::::
    المطلب الأوَّل: القَضاءُ
    الفرع الأوَّل: حُكْمُ قضاءِ الحَجِّ الواجِبِ
    مَن فاتَه الحَجُّ الواجِبُ لَزِمَه القضاءُ.
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك الجصَّاصُ، وابنُ رُشدٍ، وبرهانُ الدِّين ابنُ مُفْلِح، وابنُ نجيم
    ثانيًا:أنَّه فَرْضٌ ولم يأتِ به على وَجْهِه، فلم يكُنْ بدٌّ من الإتيانِ به ليخرُجَ عن عُهدَتِه، وتسمِيَتُه قضاءً باعتبارِ الظَّاهِرِ
    مسألةٌ:
    إذا قَضى أجزَأَه القضاءُ عن الحَجَّةِ الواجِبةِ
    الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ قُدامة
    الفرع الثاني:::::::: حُكْمُ قضاءِ الحَجِّ النَّفْلِ ::::::::
    مَن فاتَه الحجُّ النَّفْلُ لَزِمَه القضاءُ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكيَ فيه الإجماعُ
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    1- قال اللهُ تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة: 196]
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ الآيةَ تقتضي إيجابَ النُّسُكِ بالدُّخولِ فيه، فيلزَمُه القضاءُ بالخُروجِ منه قبل إتمامِه
    2- قال اللهُ تعالى: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج: 29]
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه لَمَّا شَرَعَ وأحرَمَ بالنُّسُكِ، صار ذلك واجبًا، كأنَّما نَذَرَه نَذْرًا، وهذا هو معنى قولِه: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ [الحج: 29]
    ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
    نقَلَ إجماعَ الصَّحابةِ على ذلك: الماورديُّ، وابنُ قُدامة
    ثالثًا: مِنَ الآثارِ
    1- عنِ الأسْوَدِ بنِ يَزيدَ: (أنَّ رجُلًا فاته الحجُّ، فأمَرَه عُمَرُ بنُ الخطَّابِ أن يَحِلَّ بعُمرةٍ، وعليه الحجُّ مِن قابلٍ)، وفي روايةٍ: (قال الأسْوَدُ: مكَثْتُ عشرينَ سنةً، ثمَّ سألتُ زيدَ بنَ ثابتٍ عن ذلك؟ فقال مِثلَ قَولِ عُمَرَ)
    2- عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّه قال :مَن لم يُدرِكْ عَرَفةَ حتى طلَعَ الفجْرُ؛ فقد فاتَه الحجُّ، فليأتِ البَيتَ فلْيَطُفْ به سبعًا، ولْيطَّوَّفْ بين الصَّفا والمروةِ سبعًا، ثمَّ لْيحلِقْ أو يقَصِّرْ إن شاء، وإن كان معه هديٌ فلْيَنْحَرْه قبل أن يحلِقَ، فإذا فرغَ مِن طوافِه وسَعْيِه فلْيَحلِقْ أو يقصِّرْ، ثم لْيَرجِعْ إلى أهله، فإن أدركَه الحجُّ مِن قابلٍ فليَحُجَّ إن استطاعَ، وليُهْدِ في حَجِّه، فإنْ لم يجِدْ هديًا فليَصُمْ ثلاثةَ أيَّامٍ في الحجِّ وسبعةً إذا رجَعَ إلى أهلِه)
    وَجهُ الدَّلالةِ مِن هذه الآثارِ:
    أنَّ عُمومَها يشمَلُ الفَرْضَ والنَّفْلَ
    رابعًا: أنَّ الحجَّ يلزَمُ بالشُّروعِ فيه، فيصيرُ كالمنذورِ، بخلافِ سائِرِ التطَوُّعاتِ
    خامسًا: أنَّ المانِعَ من إجزاءِ الحَجِّ شيئان: فواتٌ وفسادٌ، فلمَّا كان الفسادُ موجِبًا للقضاءِ، وجب أن يكون الفَواتُ مُوجبًا للقضاءِ
    سادسًا: أنَّ الوقوفَ له وقتٌ محدودٌ يُمكِنُ في العادةِ ألَّا يتأخَّرَ عنه، فتأخُّرُه يكونُ لجَهلِه بالطَّريقِ، أو بما بَقِيَ من الوقتِ، أو لتَرْكِ السَّيرِ المعتادِ، وكلُّ ذلك تفريطٌ منه، فيجِبُ عليه القضاءُ لتَفريطِه
    المطلب الثاني: الهَدْيُ
    مَن فاتَه الحجُّ يلزَمُه هَدْيٌ، وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ: المالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة مِنَ الآثارِ:
    1- عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّه قال:مَن لم يُدرِكْ عَرَفةَ حتى طلَعَ الفجْرُ؛ فقد فاتَه الحجُّ، فليأتِ البَيتَ فلْيَطُفْ به سبعًا، ولْيطَّوَّفْ بين الصَّفا والمروةِ سبعًا، ثمَّ لْيحلِقْ أو يقَصِّرْ إن شاء، وإن كان معه هديٌ فلْيَنْحَرْه قبل أن يحلِقَ، فإذا فرغَ مِن طوافِه وسَعْيِه فلْيَحلِقْ أو يقصِّرْ، ثم لْيَرجِعْ إلى أهله، فإن أدركَه الحجُّ مِن قابلٍ فليَحُجَّ إن استطاعَ، وليُهْدِ في حَجِّه، فإنْ لم يجِدْ هديًا فليَصُمْ ثلاثةَ أيَّامٍ في الحجِّ وسبعةً إذا رجَعَ إلى أهلِه))
    2- قول عُمَرَ لأبي أيوبَ رَضِيَ اللهُ عنهما لَمَّا فاته الحجُّ: ((اصنَعْ ما يصنَعُ المعتمِرُ، ثمَّ قد حلَلْتَ، فإن أدركْتَ الحجَّ قابلًا فحُجَّ، وأهْدِ ما تيسَّرَ مِنَ الهَدْيِ))

    :::::::: الإحصارُ ::::::::::
    في تعريفِ الإحصارِ:
    الإحصارُ لغةً: المنعُ والحَبسُ
    الإحصارُ اصطلاحًا: هو مَنْعُ المُحْرِمِ مِن إتمامِ أركانِ الحَجِّ أو العُمرةِ
    :::: ما يكونُ به الإحصارُ ::::
    المطلب الأوَّل: الإحصارُ بالعَدُوِّ
    الإحصارُ يحصُلُ بالعَدُوِّ.
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
    قوله تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة: 196]
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ سَببَ نُزولِ الآيةِ هو صدُّ المشركينَ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابِه عن البيتِ، وقد تقرَّرَ في الأصولِ أنَّ صورةَ سَببِ النُّزولِ قطعيَّةُ الدُّخولِ، فلا يُمكِنُ إخراجُها بمخَصِّصٍ.
    كذلك فإنَّ قولَه تعالى بعد هذا: فَإِذَا أَمِنْتُمْ يشيرُ إلى أنَّ المرادَ بالإحصارِ هنا صَدُّ العدُوِّ المُحْرِمَ
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
    أمْرُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أصحابَه حين أُحْصِرُوا في الحُدَيبِيَةِ أن ينحَرُوا ويَحِلُّوا
    ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ قُدامة، وابنُ تيميَّة وابنُ جُزَيٍّ
    المطلب الثاني: الإحصارُ بالمَرَضِ وغَيرِه
    الإحصارُ يكونُ بالمَرَضِ وذَهابِ النَّفَقةِ وغيرِ ذلك، وهو مذهَبُ الحَنَفيَّة، وروايةٌ عن أحمَدَ، وقولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ، وهو قولُ ابنِ حَزمٍ، واختيارُ ابنِ تيميَّة، وابنِ القَيِّم، وابنِ باز, وابنِ عُثيمين

    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
    قولُه تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة: 196]
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ لفظَ الإحصارِ عامٌّ يدخُلُ فيه العدوُّ والمَرَضُ ونحوه
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
    عن عِكرمةَ قال: سمعْتُ الحجَّاجَ بنَ عَمْرٍو الأنصاريَّ، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرَجَ فقد حَلَّ، وعليه الحَجُّ مِن قابلٍ )) قال عِكرمةُ: سألتُ ابنَ عبَّاسٍ وأبا هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنهما عن ذلك، فقالا: صَدَقَ
    ثالثا: أنَّ المعنى الذي لأجلِه ثبَتَ حَقُّ التحلُّلِ للمُحصَرِ بالعدُوّ؛ِ موجودٌ كذلك في المَرَضِ
    :::::::: أنواعُ الإحصارِ ::::::::
    المطلب الأوَّل: الإحصارُ عن الوقوفِ بعَرَفةَ
    اختلف الفقهاءُ فيمن أُحصِرَ عن الوقوفِ بعَرَفة دون البيتِ، على ثلاثةِ أقوالٍ:
    القول الأوّل: أنَّه ليس بمُحصَرٍ، وهو مَذهَب الحَنَفيَّة وروايةٌ عن أحمد؛ لأنَّه إن قدَرَ على الطَّوافِ له أن يتحلَّلَ به، فلا حاجةَ إلى التحلُّلِ بالهَدْيِ، كفائِتِ الحجِّ
    القول الثاني: يُعتَبَرُ مُحصرًا، ويتحلَّلُ بأعمالِ العُمرةِ، وهو مذهَبُ المالكيَّة، والشَّافعيَّة؛ لأنَّه لَمَّا جاز أن يتحلَّلَ عن جميعِ الأركانِ، كان إحلالُه مِن بعضِها أَوْلى
    القول الثالث: يتحلَّلُ بعمرةٍ، ولا شيءَ عليه، إن كان قبل فَواتِ وقتِ الوُقوفِ، وهو مَذهَب الحَنابِلَة، واختارَه ابنُ عُثيمين؛ لأنه يجوزُ لِمَن أحرَمَ بالحجِّ أن يجعَلَه عمرةً، ولو بلا حصرٍ، ما لم يقِفْ بعَرَفةَ
    المطلب الثاني: الإحصارُ عن طوافِ الإفاضةِ
    اختلف الفقهاءُ فيمن وقَفَ بعَرَفةَ ثم أُحصِرَ عن البيتِ؛ على ثلاثةِ أقوالٍ:
    القول الأوّل: لا يكون مُحصَرًا، وعليه التحلُّلُ بالحَلْقِ يومَ النَّحرِ، ويَحِلُّ له كلُّ شيءٍ إلَّا النساءَ، حتى يطوفَ طَوافَ الإفاضةِ في أيِّ وقتٍ قَدَرَ عليه، وهذا مَذهَب الحَنَفيَّة، والمالكيَّة
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
    عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ يَعمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((الحجُّ عَرَفةُ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ المرادَ بكونِ الحَجِّ عَرَفةَ أنَّه الرُّكنُ الذي إذا أدرَكَه، فقد أدرك الرُّكنَ الذي يفوتُ الحجُّ بفَواتِه، ويسقُطُ به الفَرضُ
    ثانيًا: أنَّه لَمَّا وقف بعَرَفةَ فقد فعَلَ ما له حُكْمُ الكُلِّ، وأمكَنَه التحلُّلُ بالحَلْقِ يومَ النَّحرِ عن كلِّ محظورٍ سوى النِّساءِ، فلم يلزَمِ امتدادُ الإحرامِ الموجِبِ للحَرَج، ولم يبقَ عليه إلَّا الإفاضةُ التي يصِحُّ الإتيانُ بها في أيِّ وقتٍ مِنَ الزَّمانِ
    القول الثاني: أنَّه يكونُ مُحصَرًا، ويتحَلَّلُ، وهذا مَذهَب الشَّافعيَّة في الأظهَرِ
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    قال تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة: 196]
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ عُمومَ الآيةِ يشمَلُ مَن أُحصِرَ عن عَرَفةَ أو أُحصِرَ عن البيتِ
    ثانيًا:أنَّه إحرامٌ تامٌّ، فجاز له التحلُّلُ منه؛ قياسًا على ما قَبْلَ الوقوفِ بعَرَفةَ
    ثالثا:أنَّه لَمَّا جاز أن يتحَلَّلَ بالإحصارِ مِن جميعِ الأركانِ، كان تحلُّلُه مِن بعضِها أَوْلى
    القول الثالث: أنَّه إن أُحصِرَ عن البيتِ بعد الوقوفِ بعَرَفة قبل رَميِ الجمرةِ، فله التحلُّلُ، وإن أُحصِرَ عن طوافِ الإفاضةِ بعد رَمْيِ الجمرةِ، فليس له أن يتحَلَّلَ، وهذا مَذهَبُ الحَنابِلَة
    ودليلُهم في التَّفريقِ:
    أنَّ الإحصارَ كما يفيدُ عن جميعِ أعمالِ الحجِّ، فإنَّه يفيدُ عن بعضِ أركانِه، لكِنْ لم يحصُلِ الإحصارُ بعد رميِ الجمرةِ؛ لأنَّ إحرامَه بعد الرَّميِ إنَّما هو عن النِّساءِ، والشَّرعُ إنَّما ورد بالتحلُّلِ مِنَ الإحرامِ التَّامِّ، الذي يحرُمُ جميعُ محظوراتِه، فلا يَثبُتُ بما ليس مثلَه، فمتى ما زالَ الحصْرُ أتى بالطَّوافِ، وقد تم حجُّه
    المطلب الثالث: الإحصارُ عن واجبٍ مِن واجباتِ الحَجِّ
    إذا أُحصِرَ عن واجبٍ فلا يتحَلَّلُ، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: لأنَّه يُمكِنُ جَبرُه بالدَّمِ، فلا حاجةَ إلى التحلُّلِ
    ثانيًا: لأنَّ صِحَّةَ الحَجِّ لا تقِفُ على فِعلِ ذلك الواجِبِ
    المطلب الرابع: الإحصارُ عن العُمرةِ
    يجوزُ للمُحرِمِ بالعمرةِ التحلُّلُ عند الإحصارِ، وهو مَذهَب الحَنَفيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وبعضِ المالكيَّة وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
    - قال تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة: 196] عقيبَ قَولِه عزَّ وجَلَّ وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة: 196] فكان المرادُ منه: فإنْ أُحصِرتُم عن إتمامِهما فما استيسَرَ مِنَ الهَديِ
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
    ثبتَ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابَه رَضِيَ اللهُ عنهم حُصِروا بالحُدَيبيَةِ، فحال كفَّارُ قريشٍ بينهم وبين البَيتِ، وكانوا مُعتمرينَ، فنَحَروا هَدْيَهم وحَلَقوا رُؤوسَهم
    ثالثًا: أنَّ التحلُّلَ بالهَدْيِ في الحجِّ لمعنًى هو موجودٌ في العُمرةِ: وهو التضرُّرُ بامتدادِ الإحرامِ
    :::::::::: زوالُ الحَصرِ ::::::::::
    متَى زالَ الحصرُ قَبلَ تحلُّلِه، فعليه إتمامُ نُسكِه، إلَّا أن يكونَ الحجُّ قد فاتَ، فإنَّه يَتحلَّلُ.
    الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابن المنْذِر، وابن قُدامَة

    ::::::::: التحلُّلُ مِنَ الإحصارِ ::::::::::
    : حِكمةُ مَشروعيَّةِ التحلُّلِ
    شَرَعَ اللهُ التحلُّلَ لحاجةِ المُحصَر إليه، ورفعًا للحَرَج والضَّرَرِ عنه، حتى لا يظَلَّ مُحرِمًا إلى أن يندفِعَ عنه المانِعُ
    من إتمامِ الحَجِّ أو العمرةِ
    :::::::::: كيفيَّةُ تحلُّلِ المُحصَر ::::::::::
    المطلب الأوَّل: نيَّةُ التحلُّلِ
    تُشتَرَطُ نيَّةُ التحلُّلِ عند ذبحِ الهَدْيِ، وهو مَذهَب الشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
    قولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ، وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى ))
    ثانيًا: لأنَّه يريدُ الخُروجَ من العبادةِ قبل إكمالِها، فافتقَرَ إلى قَصْدِه، ولأنَّ الذَّبحَ قد يكون لغيرِ الحِلِّ، فلم يتخَصَّصْ إلَّا بقَصْدِه
    المطلب الثاني: ذَبْحُ هَدْيِ الإحصارِ
    الفرع الأوَّل: مكانُ ذَبْحِ هَدْيِ الإحصارِ وزمانه
    المُحْصَرُ يذبَحُ الهَديَ في المكانِ الذي أُحصِرَ فيه وقت حصره، سواءٌ كان في الحِلِّ، أو في الحَرَمِ، وهو مَذهَب المالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحنابلة، وهو قولُ أكثَرِ أهلِ العِلْمِ
    الأدلَّة:
    أدلة ذبح الهدي في مكان الإحصار
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَحَرَ هَدْيَه بالحُدَيبيَة حيثُ أُحصِرَ، وهي خارجُ الحَرَمِ
    ثانيًا: لأنَّ ذلك يُفضِي إلى تعذُّرِ الحِلِّ، لتعذُّرِ وصولِ الهَدْيِ إلى مَحِلِّه
    ثالثًا: ولأنه موضع تحلله فكان موضع ذبحه
    دليل كون ذبح الهدي وقت الإحصار
    الدَّليل مِنَ الكِتابِ:
    قوله تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة: 196]
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه أطلَقَ عندما ذَكَرَ الهَدْيَ ولم يُوَقِّتْه بزمانٍ
    #cc3366]]الفرع الثاني: العَجْزُ عن الهَدْيِ

    أوَّلًا: لَمَّا سكت اللهُ عزَّ وجلَّ عن الصِّيامِ في الإحصارِ، وأوجَبَه في التمتُّعِ لِمَن عَدِمَ الهديَ؛ دلَّ على أنَّ مَن لم يجِدِ الهَديَ من المُحصَرينَ ليس عليه شيءٌ، فيحِلُّ بدون شيءٍ
    ثانيًا: أنَّ الظَّاهِرَ مِن حالِ كثيرٍ مِنَ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم أنَّهم فقراءُ، ولم يُنقَلْ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَرَهم بالصِّيامِ، والأصلُ بَراءةُ الذِّمَّةِ
    القول الثاني: مَن لم يجِدِ الهَديَ يَلزَمُه أنْ يصومَ عَشَرةَ أيَّامٍ ثمَّ يحِلُّ، وهو مَذهَب الحَنابِلَة، وأشهبَ مِنَ المالكيَّة، وقولٌ عند الشَّافعيَّة، واختارَه ابنُ باز
    وذلك للآتي:
    أولا: لأنَّه دَمٌ واجِبٌ للإحرامِ، فكان له بدَلٌ، كدمِ التمتُّعِ والطِّيبِ واللِّباسِ، ويتعيَّنُ الانتقالُ إلى صيامِ عَشَرةِ أيَّامٍ، كبَدَلِ هَديِ التَّمتُّعِ
    ثانيًا: المُحصَر ليس له أن يتحلَّلَ إلَّا بعد الصِّيامِ، كما لا يتحَلَّلُ واجِدُ الهَديِ إلَّا بنَحْرِه
    الفرع الثالث: ما يجِبُ مِنَ الهَديِ على المُحصَرِ القارِنِ
    اختلف الفقهاءُ فيما يجِبُ على المُحصَر القارِنِ مِنَ الهَديِ على قولين:
    القول الأوّل: يجِبُ على المُحصَر القارِنِ هَدْيٌ واحِدٌ، وهو مَذهَب الشَّافعيَّة، والحَنابِلَة؛
    وذلك لأنَّه مُحْرِمٌ بإحرامٍ واحدٍ، ويدخلُ إحرامُ العمرةِ في الحَجَّةِ، فيكفيه دمٌ واحدٌ
    القول الثاني: المُحصَر القارِنُ عليه هَدْيانِ، وهو مَذهَب الحَنَفيَّة، وذلك لأنَّه مُحرِمٌ بإحرامينِ؛ فلا يحِلُّ إلَّا بهَدْيَينِ
    المطلب الثالث:::::::::: الحَلْقُ أو التَّقصيرُ ::::::::::
    الحَلْقُ أو التَّقصيرُ واجِبٌ لتحَلُّلِ المُحصَر من الإحرامِ، وهو الأظهَرُ عند الشَّافعيَّة، وقولٌ عند الحَنابِلَة، وهو قول مالك وروايةٌ عن أبي يوسف واختارَه الطحاويُّ، والشنقيطيُّ، وابنُ باز، وابنُ عُثيمين
    الدَّليل مِنَ السُّنَّة:
    أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فعَلَه عامَ الحُدَيبِيَةِ؛ فإنَّه حَلَقَ، وأمَرَ أصحابَه أن يحلِقوا.
    فعَن عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لأصْحابِه ((قُومُوا فانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا، قال: فواللَّهِ ما قام منهم رجلٌ حتَّى قال ذلك ثلاثَ مَرَّاتٍ، فلَمَّا لم يَقُمْ منهم أحدٌ، دَخَل عَلَى أُمِّ سَلَمةَ، فَذكَر لها ما لَقِيَ مِنَ النَّاسِ، فقالت أُمُّ سَلَمةَ: يا نَبِيَّ اللهِ، أتُحِبُّ ذلك؟ اخْرُجْ ثمَّ لا تُكَلِّمْ أحدًا منهم كلِمَةً، حتَّى تَنحَرَ بُدُنَك وتَدْعُوَ حالِقَك فيحْلِقَك، فخَرَج فلم يُكَلِّمْ أحدًا منهم حتَّى فَعَل ذلك؛ نَحَر بُدْنَه ودَعا حالِقَه فحَلَقَه، فلمَّا رَأَوْا ذلك قاموا فنَحَروا، وجَعَل بَعْضُهم يحلِقُ بعضًا ))
    :::::::::: اشتراطُ التحلُّلِ مِنَ الإحصارِ ::::::::::
    المطلب الأوَّل: ما يلزَمُ المُحصَرَ إذا اشتَرَط
    مَنِ اشتَرَط قبلَ حَجِّه وعُمْرَتِه؛ فإنْ أُحصِرَ تحلَّلَ ولم يلزَمْه شيءٌ مُطلقًا، وهو مَذهَبُ الحَنابِلَة، والأصَحُّ مِنْ مَذهَبِ الشَّافعيَّة، واختيارُ ابنِ باز، وابنِ عُثيمين
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
    عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((دخل النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على ضُباعةَ بنتِ الزُّبيرِ، فقالت: يا رسولَ اللهِ، إنِّي أريدُ الحَجَّ، وأنا شاكيةٌ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: حُجِّي، واشتَرِطي أنَّ مَحَلِّي حيث حبَسْتَني ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه لَمَّا أمَرَها بالاشتراطِ أفاد شيئينِ؛ أحدُهما: أنَّه إذا عاقها عائقٌ مِن عدُوٍّ، أو مرضٍ، أو ذَهابِ نفقةٍ، ونحو ذلك؛ أنَّ لها التحلُّلَ. والثاني: أنَّه متى حلَّتْ بذلك، فلا دمَ عليها ولا صومَ
    ثانيًا: مِنَ الآثار
    1- عن سُوَيد ِبنِ غَفَلةَ قال: (قال لي عُمَرُ: يا أبا أميَّةَ، حُجَّ واشتَرِطْ؛ فإنَّ لك ما شرَطْتَ، وللهِ عليك ما اشتَرَطْتَ)
    2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت لعُروةَ: (هل تستثني إذا حجَجْتَ؟ فقال: ماذا أقولُ؟ قالت: قُل: اللهُمَّ، الحجَّ أردْتُ، وله عَمَدْتُ، فإنْ يَسَّرْتَه فهو الحَجُّ، وإن حبَسَني حابسٌ فهو عمرةٌ)
    المطلب الثاني: حُكْمُ المُحصَرِ إذا وقع في بعضِ محظوراتِ الإحرامِ قبل التحلُّلِ
    إذا فعَل المحصَرُ قبلَ إحلالِه شيئًا مِن محظوراتِ الإحرامِ، ممَّا يُوجبُ الفديةَ، كالطِّيبِ واللباسِ، وغيرِهما ، فالفديةُ واجبةٌ عليه، كغيرِ المحصَرِ، باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهية الأربعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن كَعْبِ بنِ عُجْرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((أتى عليَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زمَنَ الحُدَيبِيَةِ والقَمْلُ يتناثَرُ على وجهي، فقال: أيُؤْذيكَ هوامُّ رأسِكَ؟ قلتُ: نعم. قال: فاحْلِقْ وصُمْ ثلاثةَ أيَّامٍ، أو أطعِمْ سِتَّةَ مساكينَ، أو انسُكْ نَسيكةً ))، وكان ذلك بعد الإحصارِ
    المطلب الثالث: القضاءُ على من أُحْصِرَ
    مَن تحلَّلَ بالإحصارِ فليس عليه القَضاءُ، وهو مَذهَب المالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
    قوله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لله فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة: 196]
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ الله تعالى ذكَرَ الهَدْيَ والحَلْقَ، ولم يذكُرْ شيئًا سوى ذلك؛ فدلَّ على أنَّه لا قضاءَ على المُحصَرِ
    ثانيًا: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يأمُرِ الذين أُحْصِروا في غزوةِ الحُدَيبِيَةِ أن يقضُوا تلك العمرةَ التي أُحْصِروا عنها
    المطلب الرابع: هلْ يَسقُطُ الفرضُ عنِ المُحصَرِ إذا تَحلَّلَ؟
    المُحصَرُ لا يَسقُطُ عنه الحجُّ الواجبُ إذا تحلَّل، بل يَبقَى في ذِمَّتِه.
    الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابن تيميَّة
    ---------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا الكرام تابعونا جزاكم الله خيرا

    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5188
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    عاشراً : .  الحَلقُ والتَّقصيرُ -  طوافُ الإفاضةِ - التحلُّل الأوَّل - أيَّام التَّشْريق - رَمْيُ الجِمارِ  -                                                                                                                                                   Empty حُكْمُ قتلِ الصَّيدِ للمُحْرِم

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين مايو 22, 2023 10:41 am

    ::::::::: حُكْمُ قتلِ الصَّيدِ للمُحْرِم ::::::::::
    ... قتلُ الصَّيدِ مِن محظوراتِ الإحرامِ...
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
    1- قوله تعالى: يا أيُّهـا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ [المائدة: 95]
    2- قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [المائدة: 96]
    3- قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ [المائدة: 1]
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
    1- عن الصَّعْبِ بنِ جَثَّامةَ اللَّيثيِّ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّه أهدى لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حِمارًا وحشيًّا، فَرَدَّه عليه، فلمَّا رأى ما في وَجْهِه، قال: إنَّا لم نردُّه عليك إلَّا أنَّا حُرُمٌ ))

    2- عن أبي قَتادةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كنَّا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالقاحة ومِنَّا المُحْرِمُ، ومنا غيرُ المُحْرِمِ، فرأيتُ أصحابي يتراءَوْنَ شيئًا، فنظَرْتُ، فإذا حمارُ وحشٍ- يعني وَقَعَ سَوطُه- فقالوا: لا نُعينُكَ عليه بشَيءٍ؛ إنَّا مُحْرمونَ، فتَناوَلْتُه فأخَذْتُه، ثم أتيتُ الحمارَ مِن وراءِ أكَمَةٍ فعَقَرْتُه، فأتيتُ به أصحابي، فقال بعضُهم: كُلُوا، وقال بعضُهم: لا تأكُلُوا، فأتيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو أمامَنا، فسألْتُه، فقال: كُلُوه؛ حلالٌ ))
    ثالثًا: من الإجماعُ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ المنذِرِ، وابنُ رُشدٍ، وابنُ قُدامة، والنوويُّ، وابنُ مُفلِحٍ

    :::::::::: ضابِطُ الصَّيدِ المُحَرَّمِ ::::::::::

    الصَّيدُ الذي يُحظَرُ على المُحْرِم، هو الحيوانُ البَرِّيُّ المتوحِّشُ المأكولُ اللَّحمِ، وهذا مَذهَب الشَّافعيَّة
    ، والحَنابِلَة، وهو قولُ ابنِ عُثيمين
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
    1- قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ [المائدة: 1]
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه لَمَّا أحَلَّ أكلَ بهيمةِ الأنعامِ الوَحشِيَّة إلَّا الصَّيدَ في حالِ الإحرامِ- دلَّ على أنَّ المحظورَ على المُحْرِمِ من الصَّيدِ هو ما كان وحشيًّا مأكولًا
    2- قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ [المائدة: 95]
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ معنى الآية: لا تقتلوا الصَّيدَ، الذي بَيَّنْتُ لكم، وهو صَيدُ البَرِّ دون صيدِ البَحرِ، وأنتم مُحْرمونَ بحجٍّ أو عُمرةٍ
    3- قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [المائدة: 96]


    :::::::: صَيْدُ البَحرِ ::::::::::

    يجوز للمُحْرِمِ اصطيادُ الحَيوانِ البَحْرِيِّ وأكلُه.
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
    قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [المائدة: 96]
    ثانيا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ المُنذِرِ
    ، وابنُ قُدامة
    :::::::::: كفَّارةُ قتلِ المُحْرِمِ للصَّيدِ ::::::::::
    المطلب الأوَّل: حُكْمُ كفَّارةِ قَتلِ الصَّيدِ
    يجب الجزاءُ في قتلِ الصَّيدِ في الجملةِ
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
    قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَا تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ [المائدة: 95]
    ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك في الجملةِ: ابنُ المُنذِر، وابنُ رُشد، وابنُ قُدامة
    المطلب الثاني: كفَّارةُ قَتلِ الصَّيدِ
    يُخيَّر المُحْرِمُ إذا قتَلَ صيدًا بين ذبْحِ مِثلِه، والتصدُّقِ به على المساكينِ، وبينَ أن يقوَّمَ الصَّيدُ، ويَشتري بقيمَتِه طعامًا لهم، وبين أن يصومَ عن إطعامِ كلِّ مُدٍّ يومًا، أمَّا إذا قتل المُحْرِمُ ما لا يُشْبِهُ شيئًا من النَّعم، فإنَّه يُخيَّر بين الإطعامِ والصِّيامِ، وهذا مَذهَبُ الجمهورِ: المالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الدَّليل مِنَ الكِتابِ:
    قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ [المائدة: 95]
    المطلب الثالث: مكانُ ذَبْحِ الهَدْيِ في جزاءِ الصَّيدِ
    يجب أن يكونَ ذَبْحُ الهَدْيِ الواجِبُ في جزاءِ الصَّيدِ، في الحَرَمِ، وهذا مَذهَبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة،
    وهو قَولُ ابنِ حَزْمٍ
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
    قولُه تعالى في جزاءِ الصَّيدِ: هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ [المائدة: 95]
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه لو جاز ذبحُه في غيرِ الحَرَمِ؛ لم يكن لذِكْرِ بُلوغِه الكعبةَ معنًى
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
    1- عن جابرِ بنِ عبدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((نحَرْتُ ها هنا، ومِنًى كلُّها منحَرٌ ))،
    2- وعنه أيضًا مرفوعًا: ((هذا المنحَرُ, وفِجاجُ مكَّةَ كُلُّها مَنحرٌ ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    قوله: ((وفِجاجُ مكَّة كلُّها مَنحرٌ)) فيه أنَّه في أيِّ موضعٍ مِن نواحي مكَّةَ ينحَرُ الهَدْيَ جاز؛ لأنَّها مِن أرضِ الحَرَمِ
    ثالثًا: أنَّ الهَدْيَ اسمٌ لِمَا يُهدى إلى مكانِ الهدايا، ومكانُ الهدايا الحَرَمُ؛ وإضافةُ الهدايا إلى الحرمِ ثابتةٌ بالإجماعِ
    رابعًا: أنَّ هذا دمٌ يجِبُ للنُّسُك؛ فوجَبَ أن يكونَ في مكانِه، وهو الحَرَمُ
    المطلب الرابع: توزيعُ الصَّدقةِ على مساكينِ الحَرَمِ
    يُشتَرَط أن توزَّعَ الصدقةُ على مساكينِ الحَرَمِ، وهو مَذهَب الشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، واختاره الشنقيطيُّ، وابنُ باز، وابنُ عُثيمين
    الدَّليل مِنَ الكِتابِ:
    قولُه تعالى: هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ [المائدة: 95]
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ في حُكْمِ الهديِ ما كان بدلًا عنه من الإطعامِ؛ فيجب أن يكون مِثلَه كذلك، بالِغَ الكعبةِ
    المطلب الخامس: موضِعُ الصِّيامِ
    يجوزُ الصِّيامُ في أيِّ موضعٍ
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
    قوله تعالى: أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا [المائدة: 95]
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه أطلَقَ الصِّيامَ، ولم يقيِّدْه بشيءٍ، والواجِبُ البقاءُ على إطلاقاتِ النُّصوصِ، وعدمُ التَّصرُّفِ بتقييدِها مِن غيرِ دليلٍ
    ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ عَبدِ البَرِّ، وابنُ قُدامة
    ثالثًا: أنَّ الصِّيامَ لا يتعدَّى نفعُه إلى أحدٍ، فلا معنى لتخصيصِه بمكانٍ، بخلافِ الهَدْيِ والإطعامِ؛ فإنَّ نَفعَه يتعدَّى إلى من يُعطَاه
    رابعًا: أنَّ الصَّومَ عبادةٌ تختصُّ بالصَّائِمِ لا حقَّ فيها لمخلوقٍ؛ فله فِعْلُها في أيِّ موضعٍ شاء
    المطلب السادس: اشتراطُ التَّتابُعِ في الصِّيامِ
    لا يُشتَرَطُ التتابُعُ في الصِّيامِ
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
    قوله تعالى: أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا [المائدة: 95]
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه أطلَقَ الصِّيامَ، ولم يقيِّدْه بشيءٍ، والواجِبُ البقاءُ على إطلاقاتِ النُّصوصِ، وعدمُ التَّصرُّفِ بتقييدِها مِن غيرِ دليلٍ
    ثانيًا: من الإجماع
    نقلَ الإجماعَ على ذلك النوويُّ
    :::::::::: الجزاءُ في الصَّيدِ ::::::::::’
    المطلب الأوَّل: تعريفُ المِثْلِيِّ
    المِثْليُّ: ما كان له مِثْلٌ مِنَ النَّعَمِ، أي: مُشابِهٌ في الخِلْقةِ والصورةِ؛ للإبِلِ أو البَقَرِ أو الغَنَمِ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ
    : المالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة: أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ قولُه تعالى: هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ [المائدة: 95]
    وَجهُ الدَّلالةِ: أنَّ الذي يُتصوَّرُ أن يكون هديًا، هو ما كان مِثْلَ المقتولِ مِنَ النَّعَمِ، فأمَّا القيمةُ فلا يُتصَوَّرُ أن تكون هَدْيًا، ولا جَرى لها ذكرٌ في نفْسِ الآيةِ
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّة : عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((جعلَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الضَّبُعِ يُصيبُه المُحْرِمُ كَبْشًا ))
    وَجهُ الدَّلالةِ: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَمَّا حَكَمَ في الضَّبُعِ بكبشٍ, عَلِمْنا من ذلك أنَّ المماثَلةَ إنَّما هي في القَدِّ وهيئةِ الجِسْمِ؛ لأنَّ الكَبشَ أشْبَهُ النَّعَمِ بالضَّبُع
    .. [size=24]المطلب الثاني: ما قَضى به الصَّحابةُ رَضِيَ اللهُ عنهم مِنَ المِثْليِّ ..
    ما قضى به الصَّحابةُ رَضِيَ اللهُ عنهم مِنَ المِثْليِّ؛ فإنَّه يجِبُ الأخذُ به، وما لا نَقْلَ فيه عنهم؛ فإنَّه يَحكُمُ بمِثْلِه عَدْلانِ مِن أهلِ الخِبرةِ، وهذا مَذهَبُ الشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وبه قالَتْ طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ، وهو اختيارُ ابنِ عُثيمين
    الأدلَّة: أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ قوله تعالى: يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ [المائدة: 95]
    وَجهُ الدَّلالةِ: أنَّ ما تقدَّمَ فيه حُكمٌ مِن عَدلَينِ من الصَّحابةِ، أو ممَّنْ بعدهم، فإنَّه يُتَّبَعُ حُكْمُهم، ولا حاجةَ إلى نظَرِ عَدْلينِ وحُكْمِهما; لأنَّ الله تعالى قال: يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ، وقد حكَمَا بأنَّ هذا مِثْلٌ لهذا؛ وعَدالَتُهم أوكَدُ مِن عدالَتِنا؛ فوجَبَ الأخذُ بحُكْمِهم
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّة :عن العِرْباضِ بنِ سارِيَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((عليكم بسُنَّتِي، وسُنَّةِ الخُلفاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عليها بالنَّواجِذِ ))
    ثالثًا: أنَّ الصَّحابة رَضِيَ اللهُ عنهم إذا حَكَمُوا بشيءٍ، أو حَكَمَ بعضُهم به، وسكت باقوهم عليه؛ صار إجماعًا، وما انعقَدَ الإجماعُ عليه فلا يجوزُ الاجتهادُ فيه؛ ولأنَّ العُدولَ عما قَضَوْا به يؤدِّي إلى تخطِئَتِهم
    رابعًا: أنَّ الصَّحابةَ رَضِيَ اللهُ عنهم شاهَدوا الوحيَ، وحَضَروا التَّنزيلَ والتَّأويلَ، وهم أقرَبُ إلى الصَّوابِ، وأبصَرُ بالعِلْمِ، وأعرَفُ بمواقِعِ الخِطابِ؛ فكان حُكْمُهم حُجَّةً على غيرِهم؛ كالعالِمِ مع العامِّيِّ
    .. المطلب الثالث: ما يجِبُ في صيدِ الدَّوابِّ والطُّيورِ مِنَ الجَزاءِ ..
    الفرع الأوَّل: ما يجِبُ في صيدِ الدَّوابِّ
    في النَّعامة بَدَنةٌ، وفي بَقَرِ الوَحْشِ وحمارِ الوَحْشِ بقرةٌ إنسيَّةٌ، وفي الضَّبُعِ كَبشٌ، وفي الغَزالِ عَنْزٌ، وفي الأرنبِ عَناقٌ، وفي اليَرْبوعِ جَفْرةٌ، وفي الضَّبِّ جَدْيٌ، وما لا مِثْلَ له، فإنَّه يحكُمُ بمِثْلِه حَكَمانِ عَدْلانِ، وهذا مَذهَب الشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة: أدلَّة أنَّ في النَّعامةِ بَدَنةً
    أوَّلًا: مِنَ الآثارِ :عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: (أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ، وعليَّ بنَ أبي طالبٍ، وعُثمانَ بنَ عفَّانَ، وزيدَ بنَ ثابتٍ، قالوا في النَّعامةِ قَتَلَها المُحْرِمُ: بَدَنةٌ من الإبِلِ)
    ثانيًا: أنَّه لا شيءَ أشبَهُ بالنَّعامةِ مِنَ النَّاقةِ؛ في طُولِ العُنُقِ, والهيئةِ، والصُّورةِ
    أدلَّةُ أنَّ في بَقَرةِ الوَحشِ وحِمارِ الوَحْشِ بقرةً:
    أوَّلًا: مِنَ الآثارِ:عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: (وفي البَقَرةِ بَقَرةٌ، وفي الحِمارِ بَقَرةٌ)
    ثانيًا: أنَّ حِمارَ الوَحشِ وبَقَرةَ الوَحْشِ أشبَهُ بالبقرة؛ لأنَّهما ذوا شعْرٍ وذَنَبٍ سابغٍ؛ وليس لهما سَنامٌ؛ فوجب الحكمُ بالبَقَرةِ لقوةِ المُماثَلةِ، أمَّا الناقةُ فليست كذلك؛ فهي ذاتُ وَبَرٍ وذَنَبٍ قصيرٍ وسَنامٍ
    أدلَّة أنَّ في الضَّبُعِ كَبشًا:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة :عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((جعَل رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الضَّبُعِ يُصيبُه المُحْرِمُ كَبشًا ))
    ثانيًا: مِنَ الآثارِ: 1- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما: (أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه قضى في الضَّبُعِ بكبشٍ)
    2- عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّه قال: (في الضَّبُعِ كَبشٌ)
    3- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّه قال: (في الضَّبُعِ كَبشٌ)
    4- وبه قضى: ابنُ عمر, وجابر, وقد بلغ ابنَ الزُّبيرِ قولُ عُمَرَ فلم يخالِفْه، رَضِيَ اللهُ عنهم جميعًا
    أدلَّة أنَّ في الظَّبْيِ عَنْزًا:
    1- عن جابرِ بنِ عبدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهما: (أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه قضى في الضَّبُعِ بكبشٍ، وفى الغزالِ بعَنْزٍ)
    2- عن محمَّدِ بنِ سيرينَ: (أنَّ رجلًا جاء إلى عُمَرَ بنِ الخطَّابِ، فقال: إنِّي أَجْرَيتُ أنا وصاحبٌ لي فَرَسينِ نَسْتَبِقُ إلى ثُغْرةِ ثَنِيَّةٍ، فأصَبْنا ظبْيًا ونحن مُحْرمانِ، فماذا ترى؟ فقال عُمَرُ لرجلٍ إلى جَنْبِه: تعالَ حتى أحكُمَ أنا وأنت، قال: فحَكَما عليه بعَنْزٍ، فولَّى الرجلُ وهو يقول: هذا أميرُ المؤمنينَ لا يستطيعُ أن يحكُمَ في ظَبيٍ حتى دعا رجُلًا يحكُمُ معه، فسَمِعَ عُمَرُ قولَ الرَّجُلِ فدعاه،
    فسأله: هل تقرَأُ سُورةَ المائدةِ؟ قال: لا، قال: فهل تعرِفُ هذا الرَّجُلَ الذي حكَمَ معي؟ فقال: لا، فقال: لو أخبَرْتَني أنَّك تقرَأُ سورةَ المائدةِ؛ لأوجَعْتُك ضَرْبًا، ثمَّ قال: إنَّ اللهَ تبارك وتعالى يقولُ في كتابه يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ [المائدة: 95] وهذا عبدُ الرَّحمنِ بنُ عَوْفٍ)، وفي روايةٍ عن عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه: (أنَّه حكَمَ هو وعبدُ الرَّحمنِ بنُ عَوفٍ في ظبيٍ بعَنْزٍ)
    3- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه: (أنَّ عُمَرَ قضى في الضَّبُعِ بكَبْشٍ، وفي الغزالِ بعَنْزٍ)
    أدلَّة أنَّ في الأرنَبِ عَناقًا:
    1- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: (أنَّ عُمَرَ قضى في الضَّبُعِ بكَبشٍ، وفي الغزالِ بعَنزٍ، وفي الأرنبِ بعَناقٍ)
    2- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: (أنَّه قضى في الأرنَبِ بعَناقٍ، وقال: هي تمشي على أربعٍ، والعَناقُ كذلك، وهي تأكُلُ الشَّجَرَ، والعَناقُ كذلك، وهي تجتَرُّ، والعناقُ كذلك)
    3- وجاء أيضًا: عن عبدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العاصِ, وعمرو بن حبشي، وعطاء
    أدلَّةُ أنَّ في اليَربوعِ جَفرةً:
    1- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه: (أنَّ عُمَرَ قضى في الضَّبُعِ بكبشٍ، وفي الغزالِ بعَنْزٍ، وفي الأرنبِ بعَناقٍ، وفي اليَرْبوعِ بجَفْرةٍ)
    2- عن ابنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه: (أنَّه قضى في اليَرْبوع بجَفْرٍ أو جَفْرةٍ)
    3- وجاء ذلك أيضًا: عن ابنِ عمر، وابن عباس رَضِيَ اللهُ عنهم، وبه قال عطاء
    دليلُ أنَّ في الضَّبِّ جَدْيًا:
    عن طارقٍ قال: (خَرَجْنا حُجَّاجًا، فأوطَأَ رجلٌ يُقال له أَربدُ، ضبًّا ففزَرَ ظَهْرَه، فقَدِمْنا على عُمَرَ، فسأله أربدُ، فقال عُمرُ: احكم يا أربَدُ، فقال: أنتَ خيرٌ مني يا أميرَ المؤمنين وأعلَمُ، فقال عمر: إنَّما أمَرْتُك أن تحكُمَ فيه، ولم آمُرْكَ أن تزكِّيَني، فقال أربدُ: أرى فيه جَدْيًا قد جمع الماءَ والشَّجَر، فقال عُمَرُ بذلك فيه)
    الفرع الثاني:::::: ما يجِبُ في صَيدِ الطُّيورِ ::::::
    في أنواعِ الحَمامِ شاةٌ، عند أكثَرِ أهلِ العِلمِ، وما عداه فإنَّه تجِبُ فيه القيمةُ، سواء كان أصغَرَ منه أو أكبَرَ، وهو مَذهَب الشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وقولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ
    أدلَّة أنَّ في أنواعِ الحَمَام شاةٌ:
    الأدلَّة مِنَ الآثارِ:
    1- عن عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه: (أنَّه حكم في الحمامةِ شاة)
    2- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: (في حمامةِ الحَرَمِ شاةٌ)
    أدلَّة أنَّ ما كان أكبَرَ أو أصغَرَ من الحمامِ فإنَّ فيه قيمَتَه:
    أوَّلًا: مِنَ الآثارِ
    1- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: (في كلِّ طيرٍ دون الحمامِ قِيمَتُه)
    2- وعنه قال: (ما كان سِوى حَمامِ الحَرَمِ، ففيه ثَمَنُه إذا أصابَه المُحرِمُ)
    ثانيا: أنَّ ما كان أصغَرَ مِن الحمامِ أو أكبَرَ فيضمَنُ بالقيمةِ؛ لأنَّه لا مِثْلَ له مِنَ النَّعَمِ
    :::::::::: صَيدُ الحَرَمِ ::::::::::
    يحرُمُ الصَّيدُ في الحَرَمِ على المُحْرِمِ، وعلى الحَلالِ.
    الأدلَّة: أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
    عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَ الفتحِ: ((إنَّ هذا البلدَ حَرَّمَه اللهُ يومَ خَلَقَ السَّمواتِ والأرضَ، فهو حرامٌ بحُرمةِ اللهِ إلى يومِ القيامةِ، وإنَّه لم يحِلَّ القتالُ فيه لأحدٍ قبلي، ولم يحِلَّ لي إلَّا ساعةً مِن نهارٍ، فهو حرامٌ بحُرمةِ اللهِ إلى يومِ القيامَةِ، لا يُعضَدُ شَوكُه، ولا يُنَفَّرُ صَيدُه، ولا يَلتَقِطُ إلَّا مَن عَرَّفَها، ولا يُختَلى خَلاها ))
    ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
    نقلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ المنذِرِ، والنَّوويُّ
    :::::::::: ما لا يدخُلُ في الصَّيدِ ::::::::::
    المطلب الأوَّل: الهوامُّ والحَشَراتُ
    لا تدخُلُ الهوامُّ والحَشَراتُ في تحريمِ الصَّيدِ، وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة
    ، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
    وذلك للآتي: أوَّلًا: أنَّه لم يأتِ في تحريمِ صَيْدِها على المُحْرِمِ شيءٌ
    ثانيًا: لأنَّه لا مِثلَ له ولا قيمةَ، والضَّمانُ إنما يكون بأحدِ هَذينِ الشَّيئينِ
    المطلب الثاني: قَتلُ الفَواسِقِ الخَمِسْ
    للمُحْرِمِ قتلُ الفواسِقِ الخَمْسِ: الحِدَأةِ، والغرابِ، والفَأْرةِ، والعَقْربِ، والكَلبِ العَقورِ، وذلك باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، وحُكي الإجماع على ذلك
    الأدلَّة: أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
    1- عن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((خمسُ فواسِقَ يُقتلْنَ في الحَرَمِ: الفأرةُ، والعَقربُ، والحُدَيَّا، والغرابُ، والكلبُ العَقورُ ))
    2- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: قالتْ حفصةُ رَضِيَ اللهُ عنها: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((خمسٌ من الدَّوابِّ لا حَرَجَ على مَن قتَلَهنَّ: الغرابُ، والحِدَأةُ، والفأرةُ، والعَقربُ، والكلبُ العَقورُ ))
    المطلب الثالث: قتلُ المُؤذِياتِ من الحَيَوانات
    للمُحرِمِ قَتلُ كُلِّ ما آذاه، سواءٌ كان مِن طَبْعِه الأذى أو لم يكُنْ.
    الأدلَّة: أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
    عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((خمسُ فواسِقَ، يُقتلنَ في الحَرَمِ: الفأرةُ، والعقربُ، والحُدَيَّا، والغرابُ، والكلبُ العَقورُ ))
    وَجهُ الدَّلالةِ: أنَّ الخَبَرَ نصَّ من كل جنسٍ على صورةٍ مِن أدناه؛ تنبيهًا على ما هو أعلى منها، ودلالةً على ما كان في معناها، فنصُّه على الحِدَأةِ والغرابِ تنبيهٌ على البازيِّ ونحوه، وعلى الفأرةِ تنبيهٌ على ما يؤذي من الحشراتِ، وعلى العقربِ تنبيهٌ على الحيَّة، وعلى الكلبِ العقور تنبيهٌ على السِّباعِ التي هي أعلى منه
    ثانيًا: مِنَ الإجماعِ نقلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ المنذر، وابنُ حزمٍ
    ثالثا: أنَّ كُلَّ مدفوعٍ لأذاه فلا حُرمةَ له
    -------------------
    وما زلنا أحبابنا تابعونا
    جزاكم الله خيرا

    صادق النور و انهار الجنه يعجبهم هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5188
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    عاشراً : .  الحَلقُ والتَّقصيرُ -  طوافُ الإفاضةِ - التحلُّل الأوَّل - أيَّام التَّشْريق - رَمْيُ الجِمارِ  -                                                                                                                                                   Empty أحكامُ الأكْلِ مِنَ الصَّيدِ، والدلالةُ عليه

    مُساهمة من طرف صادق النور الإثنين مايو 22, 2023 10:43 am


    ::::::::::: أحكامُ الأكْلِ مِنَ الصَّيدِ، والدلالةُ عليه::::::::::


    المطلب الأوَّل::::   مَن صِيدَ لأجلِه !   ::::

    مَن صِيدَ لأجلِه فإنَّه يحرُمُ عليه أكلُه، وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ: المالكيَّة
    ، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، واختارَه داودُ الظاهريُّ، وبه قال بعضُ السَّلَفِ
    الأدلَّة مِنَ السُّنَّة:
    1- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما ((عن الصَّعبَ بنَ جثَّامةَ اللَّيثيَّ أنه أهدى لرسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حمارًا وحشيًّا،
    وهو بالأبواءِ أو بودَّانَ، فردَّه عليه رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلمَّا رأى ما في وجْهِه، قال: إنَّا لم نَرُدَّه عليك إلَّا أنَّا حُرُمٌ
    ))

    2- عن عبدِ اللهِ بنِ عامرِ بنِ ربيعةَ قال: ((رأيتُ عُثمانَ بنَ عفَّانَ رَضِيَ اللهُ عنه بالعَرْجِ في يومٍ صائفٍ، وهو مُحرِمٌ وقد غطَّى وجهَه بقطيفةِ أُرجوانٍ، ثم أُتيَ بلَحْمِ صيدٍ، فقال لأصحابه: كلُوا، قالوا: ألا تأكُلُ أنت؟ قال: إنِّي لستُ كهَيأَتِكم، إنمَّا صِيدَ مِن أجلي))

    المطلب الثاني: إذا صاد المُحِلُّ صَيدًا وأطعَمَه المُحْرِمَ، فهل يكون حَلالًا للمُحْرِمِ؟!
    إذا صاد المُحِلُّ صَيدًا، وأطعَمَه المُحْرِمَ دون أن يُعينَه بشيءٍ على صَيدِه، فإنَّه يَحِلُّ للمُحرمِ أكلُه، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وحكاه الكاسانيُّ عن عامَّةِ العُلماءِ
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
    قوله تعالى: وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا[المائدة: 96]
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ كلمةَ: (صَيْد) مصدرٌ، أي: حُرِّم عليكم أن تصيدُوا صَيدَ البَرِّ، وليس بمعنى مَصيدٍ
    ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
    1- عن أبي قَتادةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((كنَّا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومِنَّا المُحْرِمُ، ومنا غيرُ المُحْرِمِ، فرأيتُ أصحابي يتراءَوْنَ شيئًا، فنظَرْتُ، فإذا حمارُ وحشٍ- يعني وَقَعَ سَوطُه- فقالوا: لا نُعينُكَ عليه بشَيءٍ؛ إنَّا مُحْرمونَ، فتَناوَلْتُه فأخَذْتُه، ثم أتيتُ الحمارَ مِن وراءِ أكَمَةٍ فعَقَرْتُه، فأتيتُ به أصحابي، فقال بعضُهم: كُلُوا، وقال بعضُهم: لا تأكُلُوا، فأتيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو أمامَنا، فسألْتُه، فقال: كُلُوه؛ حلالٌ ))

    ثالثًا: أنَّ المُحْرِمَ ليسَ له أثرٌ في هذا الصَّيدِ؛ لا دَلالة، ولا إعانة، ولا مشاركة، ولا استقلالًا، ولا صِيدَ مِن أجْلِه؛ فلم يُمنَعْ منه
    المطلب الثالث::::::    الدَّلالةُ على الصَّيدِ!   ::::::
    الفرع الأوَّل::::  إذا دلَّ المُحْرِمُ حلالًا على صيدٍ فقَتَله!   ::::
    اختلف الفقهاءُ فيما إذا دلَّ المحْرِمُ حلالًا على صيدٍ فقَتَله، على قولينِ:
    القول الأوّل: إذا دلَّ المُحْرِمُ حلالًا على صيدٍ فقَتَله، يلزَمُ المحرِمَ جزاؤُه، وهو مَذهَبُ الحَنَفيَّة، والحَنابِلَة، وبه قالَتْ طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ، وهو اختيارُ ابنِ تيميَّة، والشنقيطيِّ، وحُكيَ فيه الإجماعُ
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
    قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأصحابِ أبي قتادةَ رَضِيَ اللهُ عنهم: ((هل منكم أحدٌ أمَرَه، أو أشارَ إليه بشيء ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنه علَّق الحِلَّ على عَدَمِ الإشارةِ؛ فأحرى ألَّا يَحِلَّ إذا دلَّه باللَّفْظِ، فقال هناك صيدٌ، ونحوَه
    ثانيًا: أنَّه قَولُ عليٍّ وابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، ولا يُعرَفُ لهما مخالِفٌ من الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم
    ثالثًا: أنَّه سببٌ يُتوصَّلُ به إلى إتلافِ الصَّيدِ؛ فتعلَّقَ به الضَّمانُ؛ فإنَّ تحريمَ الشَّيءِ تحريمٌ لأسبابِه
    القول الثاني: إذا دلَّ المحْرِمُ حلالًا على صيدٍ؛ فإنَّه يكون مُسيئًا، ولا جزاءَ عليه، وهو مَذهَبُ المالكيَّة، والشَّافعيَّة
    الأدلَّة:
    أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
    ظاهِرُ قولِه تعالى: فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ [المائدة: 95]
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه علَّقَ الجزاءَ بالقَتلِ؛ فاقتضى ألَّا يجِبَ الجزاءُ بعَدَمِ القَتلِ
    ثانيًا: أنَّها نفسٌ مضمونةٌ بالجِنايةِ؛ فوجب ألَّا تُضمَنَ بالدَّلالة، كالآدميِّ
    ثالثًا: أنَّ الصَّيدَ لا يُضمَنُ إلَّا بأحدِ ثلاثةِ أشياءَ: إمَّا باليدِ، أو بالمباشَرةِ، أو بالتسبُّبِ؛ فاليدُ أن يأخُذَ صيدًا فيموتَ في يَدِه فيَضمَنَ، والمباشَرةُ أن يباشِرَ قتلَه فيَضْمَنَه، والتسبُّبُ أن يحفِرَ بئرًا، فيقَعَ فيها الصَّيدُ فيضمَنَ، والدَّلالةُ ليست يدًا ولا مباشَرةً ولا سَببًا
    رابعًا: أنَّ القاتَلَ انفرد بقَتْلِه باختيارِه، مع انفصالِ الدَّالِّ عنه، فصار كمَنْ دلَّ محْرِمًا أو صائِمًا على امرأةٍ فوَطِئَها؛ فإنَّه يأثمُ بالدَّلالةِ، ولا تلزَمُه كفَّارةٌ، ولا يُفطِرُ بذلك
    خامسًا: ولأنَّه صَيدٌ توالى عنه جنايةٌ ودَلالةٌ، فوجب أن يُضمَنَ بالجِنايةِ ولا يُضمَنَ بالدَّلالةِ كصَيدِ المُحْرِم
    سادسًا: أنَّ الصَّيدَ قد يجتمِعُ فيه حقَّانِ: حقُّ اللهِ تعالى، وهو الجزاءُ، وحقُّ الآدميِّ، وهو القيمةُ إذا كان مملوكًا، فلمَّا لم يجِبْ حقُّ الآدميِّ بالدَّلالةِ، فكذلك لا يجِبُ حَقُّ اللهِ تعالى بالدَّلالةِ
    الفرع الثاني:::::: إذا دلَّ المُحرِمُ مُحْرِمًا على صيدٍ فقَتَلَه !   ::::::
    اختلف الفقهاءُ فيما إذا دلَّ المحْرِمُ محْرِمًا على صيدٍ فقَتَله، على قولينِ:
    القول الأول: إذا دلَّ المُحْرِمُ محْرِمًا على صيدٍ فقَتَلَه؛ فالدَّالُّ مُسيءٌ ولا جزاءَ عليه،
    وهو قَولُ المالكيَّة، والشَّافعيَّة، واختارَه الشنقيطيُّ
    الدَّليل مِنَ الكِتابِ:
    ظاهِرُ قولِه تعالى: وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ [المائدة: 95]
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه تعالى أوجبَ الجزاءَ على القاتِلِ وحْدَه، فلا يجِبُ على غيره، ولا يُلحَقُ به غيرُه؛ لأنَّه ليس في معناه
    القول الثاني: إذا دلَّ المُحْرِمُ محْرِمًا على صيدٍ فقَتَلَه فعليهما الجزاء، وهو مذهب الحنفية، والحنابلة، واختاره ابن تيميَّة
    الأدلة:
    أولًا: من السُّنَّةِ
    قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأصحابِ أبي قتادةَ رَضِيَ اللهُ عنهم: ((هل منكم أحدٌ أمَرَه، أو أشارَ إليه بشيء ٍ))
    وجه الدلالة:
    جعلُ ذلك بمثابةِ الإعانةِ على القَتلِ، ومعلومٌ أنَّ الإعانةَ على القَتلِ توجِبُ الجزاءَ والضَّمانَ، فكذلك الإشارةُ
    ثانيًا: تعليلُ من قال إنَّ الجزاءَ يكونُ واحدًا:
    أنَّ الواجِبَ جزاءُ المُتلَفِ، وهو واحِدٌ؛ فيكونُ الجزاءُ واحدًا
    ثالثًا: تعليلُ من قال على كلِّ واحدٍ منهما جزاءٌ كاملٌ:
    أنَّ كلَّ واحدٍ مِن الفِعلينِ يستقِلُّ بجزاءٍ كاملٍ إذا كان مُنفَردًا، فكذلك إذا انضَمَّ إليه غيرُه
    -----------------------------------------------------------------
    أحبابنا الكرام أحبكم في الله
    الحمد لله رب العالمين أتمننا مناسك الحج والعمره كتابتاً وقراءه ندعوا الله أن نتمها سوياً عملياً في بيت الله الحرام إن شاء الله العام القادم وندعوا الله أن تكونوا قد أستمتعتم بهذه المناسك الطيبه المباركه في رحاب حبيبنا المصطفي صل الله عليه وسلم وصحابته الكرام وأدعوا الله أن أكون قد وفقت وإن من تقصير فمن نفسي فسامحوني وأدعوا لي بصلاح الحال ودوام العافيه وحسن الخاتمه
    وأدعوا المولي سبحانه وتعالي أن يجمعني وإياكم علي حوض الحبيب صل الله عليه وسلم نرتشف بيده الشريفه شربه ماء لا نظمأ بعدها أبدا وأن يأخذ بأيدينا إلي الجنه قائداً لنا إلي الفردوس ألأعلي من الجنه وشفيعاً لنا يوم القيامه
    اللهم آآآمين
    أحبكم في الله

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    avatar
    انهار الجنه


    عدد المساهمات : 220
    تاريخ التسجيل : 07/03/2010

    عاشراً : .  الحَلقُ والتَّقصيرُ -  طوافُ الإفاضةِ - التحلُّل الأوَّل - أيَّام التَّشْريق - رَمْيُ الجِمارِ  -                                                                                                                                                   Empty رحله الحج

    مُساهمة من طرف انهار الجنه الأحد يونيو 04, 2023 8:11 am

    اللهم أرزقنا حج بيتك الحرام وزيارة حبيبك المصطفي صل الله عليه وسلم

    انهار الجنه يعجبه هذا الموضوع


      الوقت/التاريخ الآن هو السبت أبريل 27, 2024 7:51 am